شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

أحداث سنة الظهور حسب التسلسل الزمني

0 المشاركات 00.0 / 5

أحداث سنة الظهور حسب التسلسل الزمني

القسم الأول: أحداث عامه مجمله
أولا: علامات قبل الظهور:
في البدء لابدّ من الإشارة إلى أن الأحاديث التي تصف أحداثاً قريبة يمكن بواسطتها أن نحدد عصر الظهور، أو تلك التي تصف أحداث سنوات الظهور، وبالأخص سنة الظهور، كثيرة تبلغ المئات، وهنا لابدّ من تحديد الأتي:
عصر الظهور:
قد حددت الأحاديث الشريفة صفات عامة، وأحداثاً معينة عن عصر الظهور بصورة مجملة، فمن ذلك رواية ابن عباس عن الرسول صلى الله عليه وآله في حجة الوداع، وكيفية استنكار سلمان الفارسي لتلك الأخبار - وقد ذكرنا الرواية بالكامل في بداية الفصل الثاني -.
سنوات الظهور:
ويزداد في أحاديثها تحديد الأحداث والإرهاصات، وأخبارها أكثر تحديداً، فمن ذلك، العلامات التي ذكرها الشيخ المفيد في الإرشاد – وقد ذكرنا الرواية بالكامل في الفصل الثاني ويمكن الرجوع إليها - ومن الروايات كذلك، حديث عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (بينما الناس وقوف بعرفات إذ أتاهم راكب على ناقة ذعلبة – بالكسر وهي الناقة السريعة - يخبرهم بموت خليفة، يكون عند موته فرج آل محمد صلى الله عليه وآله وفرج الناس جميعا) (1).
ومن تلك الروايات أيضا: عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (من يضمن لي موت عبد الله اضمن له القائم، ثم قال: إذا مات عبد الله، لم يجتمع الناس بعده على أحد، ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء الله، ويذهب ملك السنيين ويصير ملك الشهور والأيام، فقلت يطول ذلك؟ قال: كلا) (2).
ومن تلك الروايات أيضا: عن الإمام الباقر عليه السلام قال: (إذا اختلف بنو فلان فيما بينهم، فعند ذلك فانتظروا الفرج، وليس فرجكم إلا في اختلاف بني فلان، فإذا اختلفوا، فتوقعوا الصيحة في شهر رمضان، وخروج القائم، إن الله يفعل ما يشاء، ولن يخرج القائم ولا ترون ما تحبون حتى يختلف بنوا فلان فيما بينهم، فإذا كان، طمع الناس فيهم، واختلفت الكلمة وخرج السفياني، وقال لابد لبني فلان من أن يملكوا فإذا ملكوا ثم اختلفوا تفرق ملكهم وتشتت أمرهم ? الحديث) (3).
3- سنة الظهور:
وتحدد الروايات أحداثاً مفصلة بشكل دقيق، خاصة في النصف الثاني منها، ابتداءً من خروج السفياني في رجب، إلى النداء في رمضان، إلى قتل النفس الزكية في 25 من ذي الحجة، إلى ظهور نور الفجر المقدس {المهدي عليه السلام} يوم السبت العاشر من محرم.. وتتضمن أحاديثها علامات حتمية، ولا بدّ من إيضاح أن العلامات الحتمية التي تزامن ظهور الإمام عليه السلام بفترة زمنية قصيرة جداً، هي من اليقينيات والمسلمات، ولا طريق للبداء فيها.. وعلى المؤمنين أن يعرفوا هذه العلامات ليتضح لهم كذب كل من يدعي المهدوية كذباً.. وعند وقوع هذه العلامات الحتمية يأتي المؤمنين الفرجُ، ويشفي الله صدورهم ويذهب غيظ قلوبهم.
وقد وردت عدة روايات من جميع أئمتنا عليهم السلام عند حديثهم عن المهدي عليه السلام وعلائم ظهوره، وقرب خروجه، ذكرتُ بعض العلامات على أنها من الأمور الحتمية، بحيث لو لم تتحقق فإن المهدي عليه السلام لا يظهر.
4- علامات قيام الساعة:
مثل خروج الدابة من الأرض تكلم الناس، وطلوع الشمس من جهة المغرب، والنار التي تخرج من قعر عدن فتسوق الناس إلى المحشر،.. الخ. فمن ذلك ما جاء عن(أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: عشر قبل الساعة لابدّ منها: السفياني والدجال والدخان والدابة وخروج القائم وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى وخسف بالمشرق وخسف بجزيرة العرب ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر) (4).. وهذا الموضوع ليس ضمن مجال بحثنا أو ضمن موضوع هذا الكتاب.
ثانيا: علامات خاصة في سنة الظهور:
سوف نشير إلى أكثر الأحداث بروزاً في هذه السنة، وهي العام الذي يشارف على قرب ظهور إمامنا المهدي (أرواحنا له الفداء)، وسوف نتطرق إلى أحداث وعلامات هذه السنة، كما جاء في رويات المعصومين عليهم السلام حسب التسلسل الزمني، وذلك للفائدة المرجوة من هذا التسلسل. ليكون هناك تصور عام وشامل للمؤمنين عن هذه الأحداث والعلامات، علماً بأن المحتوم، هي خمس علامات كما جاء في كثير من الروايات.. (عن ميمون ألبان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خمس قبل قيام القائم: اليماني والسفياني والمنادي ينادي من السماء وخسف البيداء، وقتل النفس الزكية) (5).
أما أحداث سنة الظهور، فهي عديدة، نشير إلى أبرزها، ونحاول قدر الإمكان مراعاة التسلسل الزمني، حسب ما توفر لدينا من معلومات من الروايات الشريفة.
ولا بدّ أن نشير، إلى أحداث مجملة ودلالات عامة توضح لنا سنة الظهور:
وتر من السنين:
(عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يخرج القائم إلا في وتر من السنين، سنة إحدى أو ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع) (6) وهذا تحديد عام للسنة التي سيظهر عليه السلام فيها، أما يوم خروجه يوم بزوغ نور الفجر المقدس فهو أكثر تحديداً.. (عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: في الحديث.. ويقوم - القائم – في يوم عاشوراء وهو اليوم الذي قتل فيه الحسين بن علي عليه السلام، لكأني به في يوم السبت العاشر من المحرم، قائماً بين الركن والمقام، جبرائيل بين يديه ينادي بالبيعة له فتصير شيعته من أطراف الأرض تطوى لهم طياً، حتى يبايعوه فيملأ الله به الأرض عدلاً، كما ملئت جوراً وظلماً) (7)... فبعد قراءة هذه الرواية وروايات أخرى، نستطيع أن نحدد بعض معالم السنة التي سيظهر عليه السلام فيها: فهي وتر من السنين (حسب النظام العددي أو الرقمي، وحسب التقويم الإسلامي) وكذلك يوم الفجر المقدس، هو يوم السبت العاشر من محرم الحرام.
سنة غيداقة (كثيرة المطر).
من علامات سنة الظهور (الفجر المقدس) أن تكون كثيرة المطر، ومن كثرته تفسد الثمار والتمر في النخيل فالمطر ربما يكون نقمة، وربما يكون رحمة.. عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (قدام القائم عليه السلام لسنة غيداقة يفسد فيها الثمار والتمر في النخل، فلا تشكوا في ذلك) (8). وعن سعيد بن جبير قال: إن السنة التي يقوم فيها القائم المهدي، تمطر الأرض أربعاً وعشرين مطرة ترى آثارها وبركتها إن شاء الله) (9).. ومن هنا نستطيع أن ندرك دلالة حديث أبي عبد الله عليه السلام حيث قال: (سنة الفتح ينبثق الفرات حتى يدخل في أزقة الكوفة، وفي رواية اخرى: سنة عام الفتح، ينشق الفرات حتى يدخل أزقة الكوفة) (10).
سنة كثيرة الزلازل والخوف والفتن.
من علامات سنة الظهور كما قال الإمام الصادق عليه السلام: (علامتها أن تكون في سنة كثيرة الزلازل والبرد) (11).
(أبشركم بالمهدي يبعث في أمتي على اختلاف من الناس وزلازل) (12). (ويومئذ يكون اختلاف كثير في الأرض وفتن) (13).
(قبل هذا الأمر قتل بيوح.. قيل وما البيوح؟ قال: دائم لا يفتر) (14).
(قدام القائم موتان: موت أحمر، وموت أبيض، حتى يذهب من كل سبعة خمسة) (15).
عن أمير المؤمنين قال: (بين يدي المهدي موت أحمر، وموت أبيض، وجراد في حينه وجراد في غير حينه، كألوان الدم، أما الموت الأحمر فالسيف، وأما الموت الأبيض فالطاعون) (16).
عن عبد الله بن بشار عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: (إذا أراد الله أن يظهر قائم آل محمد بدأ الحرب من صفر إلى صفر وذلك أوان خروج قائمنا)(17) .
(عن جابر الجعفي قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي عليه السلام عن قول الله تعالى (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ) (18) فقال يا جابر ذلك خاص وعام، فأما الخاص من الجوع بالكوفة، ويخص الله به أعداء آل محمد فيهلكهم الله، وأما العام فبالشام، يصيبهم خوف وجوع ما أصابهم مثله قط، وأما الجوع فقبل قيام القائم عليه السلام، وأما الخوف فبعد قيام القائم عليه السلام) (19)
عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام قال: (لا يظهر المهدي إلا على خوف شديد من الناس، وزلازل تصيب الناس، وطاعون وسيف قاطع بين العرب، واختلاف شديد بين الناس وتشتت في دينهم وتغير في حالهم، يتمنى المتمني الموت مساءً وصباحاً.. إلى أن قال: فخروجه يكون عن اليأس والقنوط، فيا طوبى لمن أدركه وكان من أنصاره، والويل كل الويل لمن خالفه وخالف أمره) (20).
عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (لا بدّ أن يكون قدّام القائم فتنة تجوع فيها الناس، ويصيبهم خوف شديد من القتل، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، فان ذلك في كتاب الله لبين، ثم تلا هذه الآيه (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ))(21)
فمن مجمل الأحاديث الشريفة، التي تصف سنة الظهور، بأنها سنة كثيرة الزلازل والفتن، والتي تتصف بفقدان الاستقرار السياسي وكثرة الاختلافات والحروب والتي تنتهي بحرب عالمية، كما تسميها الروايات (معركة قرقيسيا) – وسوف نشير إليها لا حقا - ما تؤدي كثرة الحروب إلى الخوف والجوع والقتل والموت.. وتنتهي أحداث هذه السنة ببزوغ نور الفجر المقدس، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً..
وبهذا الاستعراض البسيط لأحداث سنة الظهور العامة والمجملة، نجد أن الأحاديث الشريفة، تحدد أحداثا مفصلة تحديداً دقيقاً وخاصة في النصف الثاني منها، نوضحه في الأقسام القادمة.
القسم الثاني: أحداث شهر رجب
نشير في هذا الجزء إلى أهم الأحداث، التي تقع في شهر رجب، والمقصود بهذا الشهر أي قبل خمسة شهور فقط من العام الذي سيظهر فيه الإمام عليه السلام في شهر محرم الحرام حسب تأكيد الأدلة.. ونستشرف أحداث هذا الشهر من الروايات التي تؤكد وقوعها فيه:
نهاية المطر الغزير:
إذا كانت السنة التي يظهر فيها قائم آل محمد عليه السلام وقع قحط شديد، فإذا كان العشرون من جمادى الأولى وقع مطر شديد، لم ير الخلائق مثله منذ هبط آدم إلى الأرض، متصلاً إلى عشر أيام من رجب.. (عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا آن قيام القائم عليه السلام أمطر الناس جمادى الآخرة وعشر أيام من رجب لم تر الخلائق مثله) (22).. وذكر المفيد في الإرشاد (ثم يختم ذلك بأربع وعشرين مطرة تتصل فتحي بها الأرض بعد موتها وتعرف بركتها) (23).
فكما دلت الروايات بأن من العلائم المقاربة لظهور الإمام عليه السلام التي تقع قبل الظهور بزمن قليل، نزول الأمطار الغزيرة، والمياه الكثيرة من السماء.. وذلك استعداد للظهور، بإنعاش الأرض إنعاشاً كافياً لتوفير الزراعة.
نزول المطر ليس إعجازيا بطبيعة الحال، إلا أن توقيته وكميته، كما يبدو من سياق الروايات إنها بقصد إعجازي.. ولهذا نعرف مغزى كلمة أمير المؤمنين عليه السلام (العجب كل العجب ما بين جمادى ورجب).
توجد آراء مختلفة في توقيت هذا المطر، يرى الشيخ على الكوراني: (ولا يبعد أن يكون هذا المطر المتواصل في جمادى ورجب بعد ظهوره عليه السلام وأن عدّة من علامات الظهور من باب التوسع في التسمية) (24).. إلا أنني أرجح رأي السيد محمد صادق الصدر الذي يعده علامة من علامات الظهور ويقول: (وهذا التقديم خير من نزول المطر بعد الظهور بغزارة، بحيث قد يعيق عن جملة من الأعمال التي يريد القائد المهدي عليه السلام إنجازها، ففي تقدمه على الظهور جني لفوائد المطر مع تفادي مضاعفاته) (25).
ولا بد أن أشير إلى ملاحظة، ان الروايات لم تدل على مكان وكيفيـة
حدوث هذه الأمطار.. إلا أن اكتساب هذا المطر الأهمية ومن ثم تصدق عليه فكرة العلامية، لابد أن يكون مميزاً سواءً من حيث الكيفية أو الكمية أو المكان.
2- خروج السفياني: (من المحتوم)
يخرج رجل يقال له السفياني: (عثمان بن عنبسة من آل أبي سفيان من نسل يزيد بن معاوية)، يظهر في الوادي اليابس في حدود الشام (عمق دمشق).. يمثل رمزاً للحكام المسلمين المنحرفين المناهضين للحق وآخرهم.. وزمان خروجه - بحسب الروايات المعتبرة (26) - في شهر رجب، ربما في العاشر منه والمحتمل أنه يوم جمعة ويفصل بينه وبين ظهور الامام المهدي عليه السلام، يوم ظهور النور المقدس في مكة المكرمة ستة أشهر فقط.
(عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: السفياني من المحتوم وخروجه في رجب، فإذا ملك الكور الخمس ملك تسعة أشهر ولم يزد عليها يوماً) (27).
(عن الباقر عليه السلام قال: السفياني والقائم في سنة واحدة) (28)
(عن الإمام الباقر عليه السلام قال: خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد، نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً)(29).
(عن أبي جعفر الباقر عليه السلام إنه قال: قال لي علي بن أبي طالب عليه السلام: إذا اختلف رمحان بالشام فهو آيه من آيات الله، قيل: وما هي يا أمير المؤمنين، قال رجفة تكون بالشام – (لعلها إشارة إلى زلزال) - يهلك فيها أكثر من مائة ألف يجعلها الله رحمة للمؤمنين، وعذاباً على الكافرين، فإذا كان ذلك، فانظروا إلى أصحاب البراذين الشهب المحذوفة والرايات الصفر، يقتل من المغرب حتى تحل بالشام، وذلك عند الجزع الأكبر والموت الأحمر، فإذا كان ذلك فانظروا خسف قرية من دمشق يقال لها مرمرسا – (أغلب الروايات حرستا) – فإذا كان ذلك خرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس حتى يستوي على منبر دمشق، فإذا كان ذلك فانتظروا خروج المهدي) (30).. وهذا إشارة واضحة إلى بداية خروج السفياني.
لعل أفضل تصور عن حركة السفياني وما يفعل في المجتمع الإسلامي من مصائب وأهوال ما ذكره السيد الجليل البارع العلامة محمد الصدر في كتابه ما بعد الظهور (ص165-167).. ننقله بتصرف وإضافات:
إن (دمشق) الشام ستكون يومئذ مسرحاً لحروب داخلية، وصِدام مسلح بين فئات ثلاث (الأبقع، والأصهب، والسفياني.. وهي تمثل مراكز الثقل السياسي والعسكري) كلها منحرفة عن الحق، وكل منها يريد الحكم لنفسه – ولا تعبر لنا الروايات اتجاهاتهم العقائدية – فيتقاتل الأبقع وأنصاره مع السفياني، فينتصر السفياني ويقتل الأبقع ومن تبعه، ثم يتقاتل السفياني مع الأصهب فيكون النصر كذلك للسفياني، وهو الذي يفوز في هذه المعمعة.. وهذا مصداق لقول الله تعالى (فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ)(31).. يسيطر السفياني على الموقف في الشام ويتبعه أهلها، إلا عدد قليل ويحكم الكور الخمس: دمشق، وحمص، وفلسطين، والأردن، وقنسرين.
حين يستتب للسفياني الأمر، يطمع بالسيطرة على العراق، ويفكر في غزوها عسكرياً، فيوجه إليها جيشاً (قوامه ثمانون ألفاً) يكون هو قائده. فيلتقي في طريقه جيشاً أرسله حكام العراق من أجل دفعه، فيقتتل الجيشان في منطقة تسمى قرقيسيا (منطقة واقعة في سوريا قريبة من الحدود العراقية) ويشترك في القتال الترك والروم، ويكون قتالهما ضارباً، يقتل فيه من الجبارين حوالي مائة ألف.. والجبارون كناية عن إن كل من يقتل - يومئذ - من المعركة هو من الفاسقين المنحرفين، وبذلك تتخلص المنطقة من أهم القواد العسكريين، الذين يحتمل أن يجابهوا المهدي عليه السلام عند ظهوره.
على أية حال، النصر سوف يكون للسفياني في هذه المعمعة أيضاً، فيدخل العراق ويضطر إلى منازلة (اليماني) في أرض الجزيرة (وهي أرض ما بين النهرين في العراق) فيسيطر عليها أيضاً، ويحوز من جيش اليماني ما كان قد جمعه من المنطقة خلال عملياته العسكرية.
ثم يسير إلى الكوفة، فيمعن فيها قتلاً وصلباً وسبياً.. ويقتل أعوان آل محمد صلى الله عليه وآله ورجلاً من المحسوبين عليهم.. ثم ينادي مناديه في الكوفة: من جاء برأس من شيعة علي عليه السلام، فله ألف درهم، فيثب الجار على جاره، وهما على مذهبين مختلفين في الإسلام، ويقول: هذا منهم، فيضرب عنقه، ويسلم رأسه إلى سلطات السفياني، فيأخذ منها ألف درهم.
لا تستطيع حركة ضعيفة، وتمرد صغير يحدث في الكوفة من قبل أهلها ومؤيديهم التخلص من سلطة السفياني، بل سيتمكن السفياني من قتل قائد الحركة بين الحيرة والكوفة، وحينها تراق دماء كثيرة.
وحين يستتب له الأمر في العراق - أيضا - يطمع في غزو إيران فيصل إلى منطقة شيراز (باب اصطخر) فيلتقي مع الخراساني في معركة.. كذلك يطمع في غزو الأراضي المقدسة في الحجاز، فيرسل جيشاً ضخماً إلى المدينة المنورة لاحتلالها، قوامه إثنا عشر ألف رجل، قائده رجل من بني أمية يقال له خزيمة – أغلب الروايات تؤكد أن السفياني نفسه ليس فيه – فيسير هذا الجيش بعدته وسلاحه متوجهاً نحو مدينة الرسول صلى الله عليه وآله، ويكون الإمام المهدي عليه السلام يومئذ بمكة المكرمة، بداية أيام ظهوره، فيتابع أخباره، فيرسل السفياني جيشاً في أثره متوجهاً نحو مكة، محاولاً قتله والإجهاز عليه وعلى أصحابه، وظاهر سياق الروايات أن الجيش المتوجه إلى مكة هو الجيش الذي كان متوجها إلى المدينة المنورة، بعد أن نهبها لمدة ثلاثة أيام، وخربوا مسجد الرسول صلى الله عليه وآله.
إلا أن مكة المكرمة حرم آمن، لا يمكن أن يخاف فيه المستجير كما إن الإمام المهدي عليه السلام قائد مذخور لليوم الموعود وهداية للعالم، لا يمكن أن يقتل ولا بدّ من حمايته.. ومن هنا تقضي الضرورة والمصلحة إفناء هذا الجيش والقضاء عليه، بفعل إعجازي إلهي، فيخسف به في البيداء ولا ينجوا منه إلا اثنان (بشير ونذير، وهما من قبيلة جهينة – ولذا جاء القول وعند جهينة الخبر اليقين) (32) يخبرون الناس عما حصل لرفاقهم.
بعد الخسف لا يعني ذلك القضاء على السفياني، فبعد أن ملك سوريا والعراق والأردن وفلسطين ومنطقة واسعة من شبه الجزيرة العربية، سيبقى حكمه جاثماً على المنطقة، ريثما يتحرك الإمام المهدي عليه السلام بعد الخسف بقليل، ويرد بجيشه إلى العراق ويناجزه القتال فيسيطر عليه ويقتله - يومئذ - بوادي الرملة.. وتتم سيطرة الإمام المهدي عليه السلام على كل المنطقة التي كانت محكومة للسفياني، ومن هنا تكون الفرصة مؤاتية للإمام عليه السلام للفتح العالمي.
لا بدّ أن نشير إلى بعض الأحاديث الشريفة والروايات التي تؤكد خروج السفياني وأحواله حسب ما توفر لنا من مصادر.. قال: أمير المؤمنين عليه السلام: (يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس، وهو رجل ربعه وحش الوجه ضخم الهامة، بوجهه أثر جدري، إذا رأيته حسبته أعور، اسمه عثمان وأبوه عنبسة، وهو من ولد أبي سفيان، حتى يأتي أرضاً ذات قرار ومعين فيستوي على منبرها) (33) والمقصود بالأرض ذات قرار ومعين هي دمشق.
عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام في حديث طويل يقول فيه: (.. لا بدّ لبني فلان أن يملكوا، فإذا ملكوا ثم اختلفوا تفرق ملكهم وتشتت أمرهم، حتى يخرج عليهم الخراساني والسفياني، هذا من المشرق وهذا من المغرب، يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان، هذا من هنا وهذا من هنا، حتى يكون هلاك بني فلان على أيديهما، أما إنهم لا يبقون منهم أحداً) (34).
(عن جابر بن يزيد الجعفي قال: قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام في حديث طويل.. ومنادٍ ينادي من السماء – إشارة إلى النداءات الثلاثة في رجب – ويجيئكم صوت من ناحية دمشق بالفتح – (الأصوات هي المؤتمرات واللقاءات التي تحدث في دمشق وما يصدر عنها من بيانات) – وتخسف قرية من قرى الشام تسمى الجابية – (الخسف ربما معارك عسكرية داخلية أو دولية والقصف الجوي من أسباب الخسف.. وهذا بحسب ما يظهر في الرواية قبل وصول الترك والروم إلى منطقة وبالتحديد قبل معركة قرقيسيا) – وتسقط طائفة من مسجد دمشق الأيمن – المسجد الأموي – ومارقة تمرق من ناحية الترك ويعقبها مرج الروم، وسيقبل أخوان الترك حتى ينزلوا الجزيرة، وسيقبل مارقة الروم حتى ينزلوا الرملة، فتلك السنة يا جابر، فيها اختلاف كثير في كل أرض من ناحية المغرب، فأول أرض المغرب أرض الشام، يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات، راية الأصهب وراية الأبقع وراية السفياني، فيلتقي السفياني بالأبقع، فيقتتلون فيقتله السفياني ومن تبعه، ويقتل الأصهب، ثم لا يكون له همة إلا الاقتتال نحو العراق، ويمر جيشه بقرقيسيا فيقتتلون بها، فيقتل بها من الجبارين مائة ألف، ويبعث السفياني جيشا إلى الكوفة، وعدتهم سبعون ألفاً فيصيبون من أهل الكوفة قتلاً وصلباً وسبياً فبينما هم كذلك، إذ أقبلت رايات من قبل خراسان، وتطوى المنازل طياً حثيثاً، ومعهم نفر من أصحاب القائم، ثم يخرج رجل من موالي أهل الكوفة في ضعفاء،فيقتله أمير جيش السفياني بين الحيرة والكوفة، ويبعث السفياني بعثاً إلى المدينة، فينفر المهدي منها إلى مكة، فيبلغ أمير جيش السفياني أن المهدي قد خرج إلى مكة، فيبعث جيشاً على أثره فلا يدركه، حتى يدخل مكة خائفاً يترقب على سنة موسى بن عمران، قال وينزل أمير جيش السفياني البيداء، فينادي مناد من السماء يا بيداء بيدي بالقوم، فيخسف بهم فلا يفلت منهم إلا ثلاثة نفر يحول الله وجوههم إلى أقفيتهم، وهم من كلب وفيهم نزلت هذه الآية (يَا اَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا) (35)) (36).
(عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال: إذا استولى السفياني على الكور الخمس فعدوا له تسعة أشهر، وزعم هشام أن الكور الخمس دمشق، وفلسطين، والأردن، وحمص، وحلب) (37).
(عن أمير المؤمنين عليه السلام إنه قال:.. إذا كان ذلك خرج السفياني، فيملك قدر حمل امرأة تسعة أشهر، يخرج بالشام، فينقاد له أهل الشام إلا طوائف من المقيمين على الحق، يعصمهم الله من الخروج معه، ويأتي المدينة بجيش جرار، حتى إذا انتهى إلى بيداء المدينة، خسف الله به، وذلك قول الله عز وجل في كتابه (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ) (38)) (39).
(عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كأني بالسفياني أو بصاحب السفياني قد طرح رحله في رحبتكم بالكوفة، فنادى مناديه، من جاء برأس شيعة علي فله ألف درهم، فيثب الجار على جاره، ويقول هذا منهم فيضرب عنقه ويأخذ ألف درهم، أما إمارتكم يومئذ لا تكون إلا لأولاد البغايا، كأني أنظر إلى صاحب البرقع، قلت ومن صاحب البرقع، قال: رجل منكم يقول بقولكم يلبس البرقع، فيحوشكم – أي يجيئكم – فيعرفكم ولا تعرفونه، فيغمز بكم رجلاً رجلاً، أما أنه لا يكون إلا ابن بغي)(40).
بعد الإيضاح عن حركة السفياني والأدلة المختصرة على ذلك من الروايات الشريفة، وعلى كثرتها في الموضوع، وكذلك بعض آيات القران الكريم.. نؤكد القول (41) بأن: السفياني من أبرز العلامات وأوثقها وأمتنها رواية، وتكاد لا تداني قوتها إلا ظاهرة النداء، وآية خسف البيداء، وهي كما سترى مختصة بالسفياني وخاصة أن الخسف يكون بجيشه.
والقول بحتم السفياني مقبول، وواضح الدلالة.. ولا ريب أن محو صورة السفياني، سيؤدي إلى محو صورة الخسف، وإذا ما جمعت روايات الصيحة والخسف إلى روايات السفياني، أخرجت تواتراً أكيداً.. كما سيؤدي محو السفياني إلى محو الأصهب والأبقع وربما قرقيسيا أو بعض منها، وكذلك فتنة الشام، وفتن بلاد العراق، وحتى جزءٍ من صورة اليماني والخراساني وغير ذلك مما سيمحو أغلب علامات الظهور.. لذا نؤكد حتم السفياني بالجملة، والله العالم.
ولا باس بذكر حديث الشيخ الطوسي في أماليه، وللصدوق في معاني الأخبار.. عن الإمام الصادق عليه السلام: (إنّا وآل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في الله، قلنا صدق الله، وقالوا كذب الله، قاتل أبو سفيان رسول الله صلى الله عليه وآله، وقاتل معاوية علي بن أبي طالب عليه السلام، وقاتل يزيد بن معاوية، الحسين بن علي عليه السلام، والسفياني يقاتل القائم عليه السلام)(42).
3- خروج اليماني: (من المحتوم)
تصف الأحاديث الشريفة اليماني وحركته بأنها راية هدى.. ويظهر في اليمن مقارناً لخروج السفياني في الشام، وأنه يدعو إلى الحق وتجب إجابة دعوته، وأنه يتوجه إلى العراق والشام ويشارك مع الخراساني في قتال السفياني.. وأنه من ولد زيد بن علي بن الحسين عليه السلام.
(عن الإمام الباقر عليه السلام في حديث طويل.. أنه قال: خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد، نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً، فيكون البأس من كل وجه، ويل لمن ناوأهم، وليس في الرايات راية أهدى من اليماني، هي راية هدى، لأنه يدعوا إلى صاحبكم، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على الناس وكل مسلم، وإذا خرج اليماني فانهض إليه، فإنّ رايته راية هدى ولا يحل لمسلم أن يتلوى عليه، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم) (43)..
إن الوضع العالمي سوف يتلخص في صراع حضاري طويل، ساحته (بلاد الشام وفلسطين، العراق وإيران والحجاز)، فهذه المنطقة بالتحديد هي ملتقى الصراع السياسي والعسكري بين اتجاهين هما: أنصار المهدي عليه السلام والممهدون له، وحركة السفياني ومن يناصرها من الغرب (الروم واليهود).. ومركز الثقل ونقطة الهدف في هذا الصراع الحضاري، وفي خضم أحداث سنة الظهور هي (القدس).
إذاً، فحركة الإمام المهدي عليه السلام في الانطلاق من المسجد الحرام بمكة المكرمة والوصول إلى المسجد الأقصى بفلسطين، لا تكون ابتدائية وإنما تأتى تتويجا لحركة الأمة وطلائعها باتجاه القدس.. فهي في إيران تتحرك تجاه القدس (الخراساني)، وفي اليمن يظهر قائد مسلم (اليماني) يتوجه نحو القدس، وتصف الروايات حركته بأنها راية هدى.
4- خروج الخراساني:
رايات خراسان أو الرايات السود.. وفيها بعض أصحاب القائم عليه السلام بقيادة الخراساني.. (عن الإمام الباقر عليه السلام.. في حديث طويل.. يبعث السفياني جيشاً إلى الكوفة وعدتهم سبعون ألفاً، فيصيبون من أهل الكوفة قتلاً وصلباً وسبياً فبينما هم كذلك، إذ أقبلت رايات من قبل خراسان – بقيادة الخراساني – وتطوى المنازل طياً حثيثاً ومعهم نفر من أصحاب القائم) (44).
(قال أمير المؤمنين عليه السلام: انتظروا الفرج من ثلاث: اختلاف أهل الشام فيما بينهم ، والرايات السود من خراسان، والفزعة في شهر رمضان..) (45).. (عن أبي جعفر عليه السلام إنه قال: كأني بقوم قد خرجوا بالمشرق، يطلبون الحق فلا يعطونه، ثم يطلبونه فلا يعطونه فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم، فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه، حتى يقوموا ولا يدفعونها إلاّ إلى صاحبكم، قتلاهم شهداء، أما إني لو أدركت ذلك لا ستبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر) (46).
(عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال في حديث طويل.. إذا خرجت خيل السفياني إلى الكوفة، بعث في طلب أهل خراسان، ويخرج أهل خراسان في طلب المهدي، فيلتقي (أي السفياني) هو والهاشمي (أي الخراساني) برايات سود، على مقدمته شعيب بن صالح، فيلتقي هو والسفياني بباب اصطخر (وهي منطقة شيراز التي تقابلها في الضفة الأخرى من الخليج منطقة القطيف)، فيكون بينهم ملحمة عظيمة، فتظهر (أي تنتصر) الرايات السود وتهرب خيل السفياني، فعند ذلك يتمنى الناس المهدي ويطلبونه، فيخرج من مكة ومعه راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن ييأس الناس من خروجه لما طال عليهم البلاء) (47).
وتسمى أو تذكر الأحاديث الشريفة عدداً من قادة خراسان:
الهاشمي (الخراساني) الزعيم السياسي الذي بكفه اليمنى خال، السيد الأكبر الذي تكون راياتهم مختومة بخاتمه، وشعيب بن صالح الفتى الأسمر الحديدي من أهل الرّي (طهران) قائد قواتهم، كنوز طالقان وهم شبان من منطقة طالقان (شمال طهران) من أصحاب المهدي عليه السلام وصفتهم الأحاديث بأنهم من كنوز الله (48).
تشير الأحاديث إلى أن الإيرانيين يكونون في حرب مع أعدائهم حتى إذا رأوا إن الحرب قد طالت عليهم، بايعوا الهاشمي (الخراساني) الذي يختار شعيب بن صالح قائداً لقواته. وتصف الأحاديث معارك الخراسانيين (الإيرانيين) خارج إيران، أي في العراق وبلاد الشام وفلسطين، مما يدل على استقرار وضعهم السياسي الداخلي، ما عدا حالة خلل واحدة في الوضع الإيراني الداخلي عند معركة قرقيسيا، التي تكون أساسا بين السفياني والأتراك وبعض الروم (الغربيين) وبعض جيوش العراقيين، وتكون قوات الإيرانيين بالقرب من ساحة المعركة ويريدون المشاركة فيها، ولكنهم ينسحبون من قرقيسيا لمعالجة (الوضع الداخلي) فيرجعون إلى بلادهم ثم يستعدون لمواجهة السفياني بعد انتصاره في معركة قرقيسيا.
يتركز تحرك الإيرانيين تجاه القدس عبر العراق، وتشير الأحاديث إلى الزحف الشعبي تجاه منطقة اصطخر، وذلك عندما تتصاعد أحداث الحجاز ويخرج المهدي عليه السلام في مكة، فيخرج أهل المشرق لاستقباله، وهو متجه من مكة إلى العراق، فيوافيهم في اصطخر ويبايعونه هناك، ويقاتلون السفياني معه (49)..

5- ظهور بدن بارز في عين الشمس، ويد مدلاة من السماء تشير:
في شهر رجب تحدث معجزة ربانية تبهر جميع البشر لعظمتها وهي:
خروج صدر رجل ووجهه في عين الشمس:
(عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ) (1) قال: سيفعل الله ذلك بهم، فقلت: من هم؟ قال: بنو أمية وشيعتهم (السفياني وأعوانه)، قلت: وما الآية؟ قال: ركود الشمس ما بين زوال الشمس إلى وقت العصر، وخروج صدر رجل ووجهه في عين الشمس يعرف بحسبه ونسبه، ذلك في زمان السفياني، وعندها يكون بواره وبوار قومه) (2).
ويوضح هذا الحديث إلى أن ظهور هذه العلامة بعد خروج السفيـاني، وكما أكدنا سابقاً بأن السفياني يخرج في رجب، بل أكد أبو عبد الله عليه السلام وقوع هذه العلامة في رجب حيث (أنه قال: العام الذي فيه الصيحة، قبله الآية في رجب، قلت وما هي؟ قال: وجه يطلع في القمر (الشمس على قول آخر) ويد بارزة) (3). وهذا البدن البارز (الوجه والصدر) وهو الذي ينادي النداءات الثلاثة في رجب كما سنرى لاحقاً.
(عن الإمام الرضا عليه السلام: في حديث طويل.. والصوت الثالث يرون بدناً بارزاً نحو عين الشمس هذا) (4). ورأى بعض العلماء، إن هذا البدن هو جسد أمير المؤمنين عليه السلام يعرفه الخلائق ، كما صرح بذلك الحاج الشيخ محمد النجفي في كتابه بيان الأئمة في الجزء الثالث (ص48)، وفسره بعضهم بالمسيح عليه السلام كما صرح بذلك الشيخ علي الكوراني في كتابه الممهدون للمهدي (ص37)،.. والرأي الثاني هو المرجح عندي.
كف يطلع من السماء يشير: هذا ‍، هذا..!!
قد عد بعض الرواة أن هذه من العلامات الحتمية 00(عن الأمام الصادق عليه السلام..في حديث طويل قال: وكف يطلع من السماء من المحتوم) (5)
وعن الأمام الصادق عليه السلام في توضيح علامة اليوم الموعود: (إمارة ذلك اليوم، إن كفاً من السماء مدلاة ينظر إليها الناس) (6).
ما أعظم أئمتنا عليهم السلام حين يخبروننا بذلك منذ مئات السنين. فالبدن والكف معجزه ربانية، ولا عجب أن يكون الله سبحانه وتعالى اقدر من خلقه، الذين استطاعوا في العصر الحديث، أن يثبتوا للناس بإمكان أي إنسان إن يتكلم، وينتقل على سطح القمر بفضل اختراعاتهم وعلومهم.. فسبحان الله العظيم.
6- النداءات الثلاثة:
ثلاثة نداءات سماوية تقع في شهر رجب بحيث يسمعها الجميع وهي:
النداء الأول: ألا لعنة الله على القوم الظالمين.
النداء الثاني: أزفت الآزفة يا معشر المؤمنين.
النداء الثالث: بدن بارز في عين الشمس ينادي ألا إن الله بعث مهدي آل محمد صلى الله عليه وآله للقضاء على الظالمين.
(قال الحسن بن محبوب الزاد عن الأمام الرضا عليه السلام.. في حديث طويل قال: قد نودوا نداء يسمعه من بالبعد كما يسمعه من بالقرب، يكون رحمة على المؤمنين، وعذاباً على الكافرين، فقلت: بأبي وأمي أنت، وما ذلك النداء؟ قال: ثلاثة أصوات في رجب، أولها: إلا لعنة الله على الظالمين، والثاني: أزفة الآزفة يا معشر المؤمنين، والثالث: يرى بدناً بارزاً مع قرن الشمس ينادي ألا إن الله قد بعث فلان بن فلان على هلاك الظالمين، فعند ذلك يأتي المؤمنين الفرج، ويشفي الله صدورهم، ويذهب غيظ قلوبهم) (7).
وورد عن الامام الباقر عليه السلام قريب منه: (وسيبهت الله المنكرين حين حدوث هذه الآيات).. وعن الأمام الصادق عليه السلام أنه قال: (العام الذي فيه الصيحة، قبله الآية في رجب. فقيل له: وما هي؟ قال: وجه يطلع في القمر، ويد بارزة تشير، والنداء الذي من السماء، يسمعه أهل الأرض، كل أهل لغة بلغتهم) (8).
ومن هنا نستطيع أن نفرق بين النداء والصيحة.. فالصيحة تقع في رمضان وهي على شكل نداء لجبرائيل عليه السلام، والنداء يقع في شهر رجب (ثلاثة نداءات)، ونداء آخر في شهر محرم الحرام يوم الفجر المقدس... عدت الصيحة في (رمضان) من المحتوم، ولكن النداءات في رجب وفي محرم، لم تعد من المحتوم.
7- ركود الشمس وخسوف القمر ليلة البدر:
ومن العلامات غير المحتومة... ركود الشمس: أي توقفها عن الحركة من الزوال إلى العصر في شهر رجب، وكذلك خسوف القمر ليلة البدر منه.
(عن أبي جعفر الباقر عليه السلام في قوله تعالى (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ آيَةً) (9)... قلت ما الآية؟ قال: ركود الشمس ما بين زوال الشمس إلى وقت العصر ? ذلك في زمان السفياني وعندها يكون بواره وبوار قومه) (10) وهذه العلامة من أبرز العلامات دلالة على السفياني (خروجه في رجب) لأنها تقع في عهده، ويكون توقف الشمس عن الحركة فترة قليلة تقدر بساعات، آية عجيبة من الله تبارك وتعالى، والناس يحسون بها لزيادة طول النهار فجأة من جهة، ولأن حرارتها تنصب على الأرض أكثر من المألوف، فيشعرون بالفارق شعوراً ملموساً من جهة ثانية.. ووقوع هذه الآية السماوية (في رجب) علامة لبوار السفياني ودماره وهلاك قومه وحزبه.
وتأكيد وقوع هذه العلامة (ركود الشمس) في شهر رجب، هو مرافقتها مع خروج صدر رجل ووجهه في عين الشمس، وكما أثبتنا من قبل وقوع هذا الحدث في رجب.. وكذلك هو وقوعها في زمن السفياني، وكما أوضحنا مسبقا خروجه في رجب.
ومن العلامات الواقعة كذلك في شهر رجب.. خسوف القمر في ليلة البدر منه (عن أم سعيد الأخمسية قالت: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك يا بن رسول الله، اجعل في يدي علامة من خروج القائم عليه السلام قالت: قال لي: يا أم سعيد، إذا انخسف القمر ليلة البدر من رجب، وخرج رجل من تحته فذاك عند خروج القائم عليه السلام) (11).. وقد أوضحنا مسبقاً إن علامة (خروج جسم رجل) تظهر في شهر رجب، وبعدها تقع الصيحة في شهر رمضان.
القسم الثالث: أحداث شهر شعبان
في هذا الشهر تبدأ حالة الذعر والتأهب والخوف تحدث في العالم الإسلامي، نتيجة لظهور التيارات السياسية المتصارعة والمتنافسة على الساحة، فقد بدأت معالم المواجهة تتضح من أحداث شهر رجب.
لقد بدأ يتكون بشكل عام تياران متنافسان: تيار أصحاب المهدي عليه السلام (اليماني من اليمن، والخراساني من إيران)، وتيار السفياني (صراع بين قوى متنافسة، ينتهي بفوز السفياني على الأبقع والأصهب) ومن ثم يشكل تحلفاً مع الروم واليهود (التيار الغربي)، ولذا بدأت تتشعب في شهر شعبان الأمور، وتتفرق فيه الجماعات.. ولهذا نجد بشكل عام أن ساحة الشرق الأوسط في أحاديث علامات وأحداث الظهور ميداناً لمعارك متعددة وهامة.. وإن شعب المنطقة المسلم، يعيش حالة من الإنهماك والتوتر والإرتباك، نتيجة لعوامل عدم الاستقرار السياسي، وقرب اندلاع حرب عالمية ضخمة.
عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجب، قال: (ذلك شهر كانت الجاهلية تعظمه وكانوا يسمونه الشهر الأصم، قلت شعبان، قال: تشعبت فيه الأمور، قلت رمضان، قال: شهر الله تعالى وفيه ينادى باسم صاحبكم واسم أبيه، قلت شوال، قال: فيه يشول أمر القوم، قلت فذو القعدة، قال: يقعدون فيه، قلت فذو الحجة، قال: ذاك شهر الدم، قلت فالمحرم، قال: يحرم فيه الحلال ويحل فيه الحرام، قلت صفر وربيع، قال: فيها خزي فظيع وأمر عظيم، قلت جمادى، قال: فيها الفتح من أولها إلى آخرها) (12).
وفي البحار عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: (إذا سمعتم باختلاف الشام فيما بينهم، فالهرب من الشام، فان القتل بها والفتنة، قلت: إلى أي البلاد؟ فقال: إلى مكة، فإنها خير بلاد يهرب الناس إليها) (13).. وفي رواية في روضة الكافي تصف فيه الأحداث وتوجه المؤمنين الى مايجب عليهم فعله في تلك الظروف.. (إذا كان رجب فاقبلوا على اسم الله عز وجل، وإن أحببتم أن تتأخروا إلى شعبان فلا ضير، وإن أحببتم أن تصوموا في أهاليكم فلعل ذلك يكون أقوى لكم، وكفاكم بالسفياني علامة) (14).
ففيه رخصة تأخير البدار في السفر إلى نهاية شهر رمضان.. وعن الإمام الباقر عليه السلام - توجيه للرجال من شيعته - في حديث طويل، جاء فيه.. (وكفى بالسفياني نقمة لكم من عدوكم، وهو من العلامات لكم، مع أن الفاسق لو قد خرج، لمكثتم شهراً أو شهرين بعد خروجه، لم يكن عليكم بأس حتى يقتل خلقاً كثيراً دونكم (إشارة إلى معركة قرقيسيا)، فقال له بعض أصحابه: فكيف يصنع بالعيال إذا كان ذلك؟ قال: يتغيب الرجل منكم عنه فإن حنقه وشرهه فإنما هو على شيعتنا، وأما النساء، فليس عليهن بأس إن شاء الله تعالى، قيل: فإلى أين يخرج الرجال ويهربون منه؟ من أراد منهم أن يخرج إلى المدينة أو إلى مكة أو إلى بعض البلدان، ثم قال: ما تصنعون بالمدينة، وإنما يقصد جيش الفاسق إليها، ولكن عليكم بمكة فأنها مجمعكم، وإنما فتنته، حمل امرأة تسعة أشهر، ولا يجوزها إن شاء الله) (15).
القسم الرابع: أحداث شهر رمضان
تعيش الأمة الإسلامية حالة من الضعف السياسي الشديد بسبب الحروب والفتن والاقتتال، وتدخل القوى الأجنبية (الروم) في المنطقة. فتحدث آيات (علامات) سماوية تبعث الأمل في قلوب المؤمنين، وتصبح قضية المهدي عليه السلام الشغل الشاغل للناس.. فالآيات والدلائل التي تقع في هذا الشهر، هي بمقدار لا يمكن للبشر أن يتجاهلها مثل:
كسوف الشمس وخسوف القمر في غير وقتهما:
تتدخل القدرة الإلهية (قانون المعجزات) وتعطى إشارة خصيصاً لتنبيه المؤمنين المخلصين على الظهور.. وذلك بأن تنكسف الشمس في شهر رمضان في الثالث عشر أو الرابع عشر منه، وينخسف القمر في نفس الشهر في الخامس والعشرين منه. والمبرر لحدوث هاتين العلامتين قبل الظهور، على عكس المألوف وبشكل لم يسبق له نظير منذ أول البشرية إلى حين حدوثه هو:
ترسيخ فكرة المهدي عليه السلام عند المسلمين عامة.
الإيعاز إلى المؤمنين المخلصين إلى قرب الظهور.
عن ثعلبة الأزدي قال: قال أبو جعفر عليه السلام: (آيتان تكونان قبل قيام القائم: كسوف الشمس في النصف من رمضان وخسوف القمر في آخره، قال: فقلت: يابن رسول الله، تكسف الشمس في آخر الشهر والقمر في النصف، فقال أبو جعفر عليه السلام أنا أعلم بما قلت: إنهما آيتان لم تكونا منذ هبط آدم) (16).
عن وردان أخي الكميت عن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنه قال: (إن بين يدي هذا الأمر انكساف القمر لخمس تبقى - هذه الرواية تحدد الخسوف أول الشهر وليس آخره - والشمس لخمس عشر وذلك في شهر رمضان وعنده يسقط حساب المنجمين، وعن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: علامة خروج المهدي كسوف الشمس في شهر رمضان في ثلاث عشرة أو أربع عشرة منه) (17).
خسوف القمر يكون عادة بتوسط الأرض بين الشمس والقمر، وزمانه وسط الشهر. وكسوف الشمس يكون عادة بتوسط القمر بين الأرض والشمس وموعده أواخر الشهر. أما تصور حدوث الخسوف والكسوف في غير وقتهما من الشهر كما دلّت الروايات، وأن البداء لا يلحق هذا الحدث.. فله عدة احتمالات وتصورات:
أولا: أن يتم ذلك بشكل إعجازي وبسببه (العلمي) الاعتيادي:
لكن مع اختلاف بسيط، هو الفرق في التوقيت.. ولا يدلنا في هذا الإعجاز ولا تصور كيفيته، حسبنا أنه يقع، وهذا ما لم يحدث من قبل منذ هبوط آدم، وعندها يسقط حساب الفلكيين.
ثانيا: أن يتم ذلك بتوسط جرم كبير:
(من الأجرام التي تعتبر علمياً تائهة في الفضاء) يقترب من المجموعة الشمسية، فيحول هذا الجرم بين أشعة الشمس ووصولها إلى الأرض فيكون الكسوف وبعد عشرة أيام، يحجب هذا الجرم أيضا عن وصول نور الشمس إلى القمر في أواخر الشهر، أي حين يكون القمر بحالة الهلال، فيقع خسوف جزئي أو كلي أو مؤلف منهما بحسب حجم الجرم وسرعته.. ومن علامات الظهور التي ذكرت ولها علاقة بالموضوع، هو ذهاب نور الشمس من طلوعها إلى ثلثي النهار (18)، وذلك بأن يتوسط جرم فضائي بين الشمس والأرض، فيمنع وصول أشعة الشمس إلى الأرض لمدة ثلثي النهار، وهذا بالطبع يختلف عن الكسوف الذي يستغرق فقط من ساعة إلى ثلاث ساعات.
ثالثا: أن يتم ذلك بسبب حدوث تغيرات في الشمس:
والتفسير العلمي لذلك، بأن تحدث انفجارات هائلة أو تحولات فيزيائية معينة في الشمس، بحيث إنها لا ترسل أشعتها لمدة معينة من الزمن، أو قد يحدث انفجاران متتاليان في الشمس في الشهر نفسه (رمضان) أحداهما يسبب الكسوف (وسط الشهر)، والآخر يسبب الخسوف (آخر الشهر والقمر هلال)... ولعل هذا السبب هو الأقرب والأشد احتمالاً وهو المتوقع.. خاصة إذا ربطنا ذلك بالآيات والعلامات التي تكون من الشمس - كما أوضحناها سابقاً في أحداث شهر رجب - ركود الشمس في زمن السفياني (ولعل ذلك بسبب انفجار قوي في الشمس، يمنعها عن التحرك أو حركة عكسية بطيئة كردة فعل على الانفجار لمدة ساعتين أو ثلاث)، وظهور بدن بارز في عين الشمس – في أحداث شهر رجب – نتيجة لهذا الانفجار القوي في الشمس، تحدث منطقة كاتمة على سطح الشمس على شكل وجه وصدر إنسان، ولا حظ العلماء مؤخراً حدوث هذا في الشمس وأطلقوا عليه (ظاهرة البقع)، ومما يؤكد ذلك الحديث الشريف (عن أمير المؤمنين عليه السلام: في حديث طويل عند ذكر الصيحة والنداء في رمضان (23منه) ومن الغد عند الظهر تتلون الشمس وتصفر فتصير سوداء مظلمة) (19) وهذا دليل واضح على وقوع الخسوف للقمر يوم (25من شهر رمضان) بسبب ظلمة الشمس.. ولعل هذا أفضل تفسير علمي، وأقرب احتمال توصلنا إليه - لم يشر إليه أحد من قبل- بعد تفكير مضنٍ عميق في علامات الظهور والآيات السماوية بعيداً عن المعجزة.
الصيحة السماوية: (من المحتوم)
هذه العلامة إحدى المحتومات الخمسة.. والصيحة عبارة عن صوت ونداء، يسمع من السماء في الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان وهي ليلة القدر يسمعه أهل الأرض، كل قوم بلغتهم، فيذهلون له، توقظ النائم وتقعد القائم، وتوقف القاعد وتخرج الفتاة من خدرها لشدة مالها من الهيبة، والمنادي بهذا النداء جبرائيل عليه السلام (قرب الصبح)(20) بلسان فصيح: ألا إن الحق مع المهدي عليه السلام وشيعته. ثم ينادي إبليس اللعين بعد ذلك وسط النهار (قرب المغرب) بين الأرض والسماء ليسمعه جميع الناس: ألا إن الحق مع عثمان وشيعته (السفياني: عثمان بن عنبسة).
عن أبي حمزة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: (خروج السفياني من المحتوم؟ قال: نعم، والنداء من المحتوم.. قلت له: وكيف يكون النداء؟ فقال: ينادي مناد من السماء أول النهار ألا إن الحق مع آل علي وشيعته، ثم ينادي إبليس في آخر النهار ألا إن الحق مع عثمان وشيعته، فعند ذلك يرتاب المبطلون) (21).
فالمبرر لحدوث هذه الصيحة السماوية هو:
أ – التنبيه على قرب الظهور.
ب- إيجاد الإستعداد النفسي لدى المؤمنين المخلصين.
خاصة وان توقيت حدوث هذه العلامة، في أفضل ليالي السنة، وفي أفضل الشهور، والتوجه الديني في هذا الوقت يبلغ ذروته لدى المسلمين.. وستكون ردة الفعل وأهميته متلائمة مع مضمونه، كونه يشير إلى القائد (المهدي عليه السلام) الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، فعند ذلك يظهر المهدي على أفواه الناس، ويشرأبون حبه، ولا يكون لهم ذكر غيره.
عن أبي بصير عن أبي جعفر الباقر عليه السلام إنه قال: (الصيحة لا تكون إلا في شهر رمضان، لأن شهر رمضان شهرُ الله وهي صيحة جبرائيل إلى هذا الخلق، ثم قال ينادي مناد من السماء بإسم القائم، فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب، لا يبقى راقد إلا استيقظ، ولا قائم إلا قعد ولا قاعد إلا قام على رجليه، فزعاً من ذلك الصوت، فرحم الله من اعتبر بذلك الصوت، فأجاب: فإن الصوت صوت جبرائيل الروح الأمين، وقال عليه السلام الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث وعشرين، فلا تشكوا في ذلك وأسمعوا وأطيعوا، وفي آخر النهار صوت إبليس اللعين ينادي ألا إن فلاناً قتل مظلوماً ليشكك الناس ويفتنهم، فكم في ذلك اليوم من شاك متحير، قد هوى في النار، فإذا سمعتم الصوت في شهر رمضان، فلا تشكوا فيه إنه صوت جبرائيل، وعلامة ذلك أنه ينادي باسم القائم واسم أبيه عليهما السلام، حنى تسمعه العذراء في خدرها فتحرض أباها وأخاها على الخروج، وقال لا بدّ من هذين الصوتين قبل خروج القائم، صوت من السماء وهو صوت جبرائيل باسم صاحب هذا الأمر واسم أبيه، والصوت الذي من الأرض هو صوت إبليس اللعين، ينادي باسم فلان أنه قتل مظلوماً يريد بذلك الفتنة، فاتبعوا الصوت الأول وإياكم والأخير إن تفتتنوا به.. ثم قال عليه السلام بعد حديث طويل.. إذا اختلف بنو فلان فيما بينهم، فعند ذلك فانتظروا الفرج، وليس فرجكم إلا في اختلاف بني فلان، فإذا اختلفوا فتوقعوا الصيحة في شهر رمضان وخروج القائم إن الله يفعل ما يشاء) (22).
عن عبد الله بن سنان قال: (كنت عند أبي عبد الله عليه السلام سمعت رجلاً من همدان يقول له: إن هؤلاء العامة، يعيرونا ويقولون لنا: إنكم تزعمون أن منادياً ينادي من السماء باسم صاحب هذا الأمر، وكان متكئاً فغضب وجلس ثم قال: لا ترووه عني وأرووه عن أبي ولا حرج عليكم في ذلك، أشهد أني قد سمعت أبي عليه السلام يقول: والله إن ذلك في كتاب الله عز وجل لبيّن حيث يقول: (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ) (23) فلا يبقى في الأرض يومئذ أحد إلا خضع، وذلت رقبته لها، فيؤمن أهل الأرض، إذا سمعوا الصوت من السماء، ألا إن الحق في علي بن أبي طالب عليه السلام وشيعته قال: فإذا كان من الغد صعد إبليس في الهوى حتى يتوارى عن الأرض ثم ينادي، ألا إن الحق في عثمان بن عفان وشيعته، فانه قتل مظلوماً فاطلبوا بدمه، قال: فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت على الحق، وهو النداء الأول ويرتاب يومئذ الذين في قلوبهم مرض، والمرض والله عداوتنا، فعند ذلك يتبرؤون منا، ويتناولونا فيقولون إن المنادي الأول سحر من سحر أهل هذا البيت، ثم تلا أبو عبد الله عليه السلام قول الله عز وجل: (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) (24)) (25).
عن زرارة بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (ينادي مناد من السماء إن فلانا هو الأمير، وينادي مناد إن علياً وشيعته هم الفائزون، قلت: فمن يقاتل المهدي بعد هذا، فقال: رجل من بني أمية، وإن الشيطان ينادي إن فلاناً وشيعته هم الفائزون، قلت: فمن يعرف الصادق من الكاذب، قال: يعرفه الذين كانوا يروون حديثنا، ويقولون انه يكون قبل أن يكون، ويعلمون أنهم هم المحقون الصادقون) (26).
وهذا النداء مصداق لقوله تعالى (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُون)(27).
إذاً، هذا النداء والصيحة السماوية (صوت جبرائيل) كحدث كوني كبير غير معهود، فيه عنصر إعجازي، يسبب فزعاً ورعباً في قلوب أعداء الله، ويكون بشارة كبرى للمؤمنين عن قرب الفرج.. وهذا مصداق لقوله تعالى (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ) (28). وقوله تعالى (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِي مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) (29).
ماذا يجب على المؤمنين أن يفعلوا أثناء حدوث الصيحة أو الفزعة؟
إن تعاليم أهل البيت تؤكد الآتي:
فإذا صليتم الفجر من يوم الجمعة المذكور، فادخلوا بيوتكم،
واغلقوا أبوابكم، وسدوا الكوى، ودثروا أنفسكم، وسُدّوا آذانكم - ففي الخبر: إن من آثار هذه الصيحة أن يصعق له سبعون ألفاً، ويصم له سبعون ألفاً، من شدة وقوة هذا الصوت)(30) - فإذا أحسستم بالصيحة فخروا سجداً وقولوا: سبحان ربنا القدوس، فإنه من فعل ذلك نجا، ومن برز لها هلك. (31)
هذا، إلى جانب ما ينبغي من الشكر الواجب لله تعالى على كل من وفقه الله سبحانه وتعالى لبلوغ نعمة إدراك العهد الميمون بظهور القائم المنتظر (عجل الله تعالى فرجه).
تخزين الطعام ما يكفي الفرد وأهله مدة عام:
عن الإمام الباقر عليه السلام: (آية الحوادث في رمضان: علامة في السماء من بعدها اختلاف الناس، فإذا أدركتها فاكثر من الطعام) (32).
عند حدوث الصيحة السماوية يقع بعدها اختلاف الناس وحروب وفتن (وهي إشارة إلى معركة قرقيسيا) ويقع بعده قحط وغلاء في الأطعمة.. فمن التعاليم القيِّمة التي أخبر بها الأئمة عليهم السلام تحفظاً على المسلمين والمؤمنين من شيعتهم لئلا يقعوا في الضيق عند وقوع الحوادث، الإكثار من تخزين الطعام والإستعداد للمؤنة، والمراد منه مقدار سنة بحسب ما يكفي الفرد ومن يعول - سيأتي ذكر الموضوع لا حقا -.. لله در هؤلاء الأئمة العظام عليهم السلام ما أروعهم وما أعظم رأفتهم بشيعتهم ومحبيهم، حقاً إنهم فخر لمن يواليهم ويرتبط بهم.
مبايعة ثلاثين ألفاً من كَلَب للسفياني:
يخرج السفياني في شهر رجب، ويحقق انتصارات عسكرية وميدانية وسياسية، وتتوسع رقعة نفوذه، وحينها تنضم إليه وتواليه الجماعات والقبائل غير المتدنية.. (عن النبي صلى الله عليه وآله قال: يخرج السفياني في ستين وثلاثمائة راكب، حتى يأتي دمشق فلا يأتي عليهم شهر رمضان حتى يبايعه من كَلَب ثلاثون ألفا) (33) فقبيلة كَلَب هم أخوال السفياني، وهم قبائل الدروز، وسوف يثورون معه، وهذه القبيلة كانت في أيام معاوية تعتنق النصرانية، وقد تزوج معاوية منهم أم يزيد قاتل الإمام الحسين عليه السلام، فالسفياني من أولاد يزيد بن معاوية بن أبي سفيان.. وتسكن عائلته بلدة الرملة من منطقة الوادي اليابس في شرقي فلسطين، وغربي الاردن، وجنوب غربي سوريا، وجنوب غربي دمشق بالتحديد، على بعد أميال معدودة عنها.
القسم الخامس: أحداث شهر شوال
الأحداث التي ابتدأت مسبقاً، تتواصل وتفاعل أحداثها وتبرز معالمها بشكل واضح على السطح، علماً بأن حركة السفياني تحقق انتصارات سريعة في شهور معدودة.. فعبرت الروايات عن الأحداث التي تقع في هذا الشهر:
مثل: تظهر عصابة في شوال (34) (السفياني وأتباعه).
مثل: في شوال يشول أمر القوم (35) (أي يثور ثائرهم، ويكثر تنكيلهم، ويشتد غضبهم، وتتفرق كلمة الناس).
مثل: وفي شوال البلاء (36) (وقوع البلاء على الناس بسبب الحروب والفتن).
مثل: وفي شوال مهمهة (37) (أي تكون البلاد قفراء خالية من الرجال والشباب لفقدهم في الحروب والفتن).
مثل: وفي شوال معمعة
عن سهل بن حوشب قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (سيكون في رمضان صوت وفي شوال معمعة) (38).. عن ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إذا كانت الصيحة في رمضان، فأنها تكون معمعة في شوال، وتمير القبائل وتتحارب في ذي القعدة) (39).
فمعظم الروايات الشريفة تدل على وقوع معمعة في شهر شوال، والمعمعة في اللغة: صوت الحريق في القصب، وصوت الأبطال في الحرب، وهي كناية عن وقوع حرب نارية بشعة، ويؤكد ذلك أنه قال: وتمير القبائل في ذي القعدة (أي تشتري القبائل الطعام وتخزنه لما أصابه من تلوث الغازات السامة).. ومعمعة شوال إشارة واضحة إلى معركة قرقيسيا.
معركة قرقيسيا:
قرقيسيا: بلدة في شمالي سوريا تقع بين الفرات ومصب نهر الخابور فيـه،
على أطراف بادية الشام، تبعد حوالي مائة كلم عن الحدود العراقية، وحوالي مائتي كلم عن الحدود التركية، وتقع بقرب مدينة دير الزور.. سيُكتشف فيها كنز من ذهب أو فضة أو غيرهما (بترول) كما عبرت عن ذلك الروايات: (ينحسر الفرات عن جبل من ذهب وفضة فيقتل عليه من كل تسعة سبعه) (40) فتختلف عليه فئات متعددة هي:
الترك: الذين نزلوا الجزيرة (أرض ما بين النهرين) من تركيا.
الروم: اليهود والدول الغربية الذين نزلوا فلسطين.
السفياني: المسيطر على بلاد الشام.
عبد الله: لم تدل الروايات عليه (الظاهر انه صاحب المغرب).
قيس: مركز راياتها مصر.
ولد العباس: لمن يأتي من العراق.
فتقع بين أطراف النزاع ملحمة كبرى ومعمعة عظيمة وقتال شديد، لا ينتهي حتى يقتل مائة ألف (وفي رواية أخرى أربعمائة ألف) (41) في مده قصيره، وهذا إشارة إلى استعمال أسلحة ذات دمار شامل (نووية - ذرية - غازات كيمياوية سامة أو جرثومية أو اليكترونية) في هذه الحرب، مما سيؤثر على الحيوانات والنباتات (الأطعمة) بسبب الأسلحة المستعملة في المعركة.. هذه الواقعة إحدى معارك الحرب العالمية لم يكن مثلها ولا يكون.. وفي نهاية مطاف المعركة يكون النصر حليفاً للسفياني.
جاءت الروايات الشريفة بدلالة واضحة على ذلك:
ففي خبر عمار بن ياسر أنه قال: (ويخرج أهل الغرب إلى مصر، فإذا دخلوا فتلك إمارة السفياني، ويخرج قبل ذلك من يدعو لآل محمد عليهم السلام، وينزل الترك الحيرة وتنزل الروم فلسطين، ويسبق عبدالله حتى يلتقي جنودهما بقرقيسيا على النهر، ويكون قتال عظيم، ويسير صاحب المغرب، فيقتل الرجال ويسبي النساء، ثم يرجع في قيس، حتى ينزل الحيرة السفياني، فيسبق اليماني ويحوز السفياني ما جمعوا ثم يسير إلى الكوفة) (42).
(وعن جابر بن يزيد الجعفي قال: قال أبو جعفر الباقر عليه السلام:.. في حديث طويل.. ومارقة تمرق من ناحية الترك، ويعقبها مرج الروم، وسيقبل أخوان الترك حتى ينزلوا الجزيرة، وسيقبل مارقة الروم حتى ينزلوا الرمله، فتلك السنة ياجابر فيها اختلاف كثير في كل أرض من ناحية المغرب، فأول أرض المغرب أرض الشام، يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات: راية الأصهب، وراية الأبقع، وراية السفياني، فيلتقي السفياني بالأبقع فيقتتلون فيقتله السفياني ومن تبعه، ويقتل الأصهب، ثم لا يكون له همة إلا الاقتتال نحو العراق، ويمر جيشه بقرقيسيا فيقتتلون بها، فيقتل
بها من الجبارين مائه ألف، ويبعث السفياني جيشاً إلى الكوفة) (1).
عن عبد الله بن أبي يعفور قال: حدثنا الباقر عليه السلام: (أن لولد العباس والمرواني لوقعة بقرقيسيا يشيب فيها الغلام الحزور (أي الشديد القوي) ويرفع الله عنهم النصر، ويوحي إلى طير السماء وسباع الأرض اشبعي من لحوم الجبارين، ثم يخرج السفياني) (2).
عن حذيفة ابن منصور عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: (إن لله مائدة - وفي غير هذه الرواية مأدبة - بقرقيسيا، يطلع مطلع من السماء، فينادي يا طير السماء ويا سباع الأرض هلموا إلى الشبع من لحوم الجبارين) (3).
عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر الباقر عليه السلام يقول: (.. في حديث طويل.. ألستم ترون أعداءكم يقتلون في معاصي الله ويقتل بعضهم بعضا على الدنيا دونكم، وأنتم في بيوتكم آمنون في عزلة عنهم، وكفى بالسفياني نقمة لكم من عدوكم وهو من العلامات لكم، مع أن الفاسق لو قد خرج (في رجب) لمكثتم شهراً أو شهرين (رمضان) بعد خروجه لم يكن عليكم بأس حتى يقتل خلقاً كثيراً دونكم) (4).
وعلى أية حال، فبعد معركة قرقيسيا، يتم التدمير والأضعاف والقضاء على كل القوى السياسية والعسكرية في المنطقة، الذين يحتمل إن يجابهوا المهدي عليه السلام عند ظهوره، ولا يبقى إلا السفياني منتصراً متغطرساً.
القسم السادس: أحداث شهر ذي القعدة
من نتائج معركة قرقيسيا الدمار الشاسع الذي ستحدثه في الحرث والنسل، فمن جهة مقتل الرجال (مائة ألف على أقل تقدير)، وفساد الطعام (الحيوانات والنباتات) من جهة أخرى، هذا كله بسبب الأسلحة الفتاكة التي استخدمت في المعركة والحرب - غازات سامة وأسلحة نووية وقنابل ذرية - فحدث القحط والشح في الطعام، فبدأت القبائل في هذا الشهر، تبحث عن الطعام (وبالخصوص التمر) لأفرادها وتتقاتل لأجله.
(عن رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كانت الصيحة في رمضان، فإنها تكون معمعة (معركة قرقيسيا) في شوال، وتمير القبائل وتتحارب في ذي القعدة، ويسلب الحاج وتسفك الدماء في ذي الحجة) (5).
تمير القبائل:
تمير القبائل: أي إذا حمل الطعام إليهم من بلد آخر، والميرة هو الطعام الذي تمتاره العشائر من بلد إلى آخر، فالمعنى أن القبائل يذهبون إلى البلاد الأخرى لشراء الطعام لأهاليهم، ويمتارون الأطعمة لتمام السنة، ويحرزونه خوفاً من حدوث الشح والقحط والغلاء وتلوث الأغذية بسبب الحروب والقتال والأسلحة المدمرة.
عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (إن قدَّام القائم علامات تكون من الله تعالى للمؤمنين (إختبارلهم)، قلت: فما هي جعلني الله فداك؟ قال: قول الله عز وجل (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ (يعني المؤمنين قبل خروج القائم) بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ) (6)) (7).
تمير القبائل وتتقاتل على الطعام في ذي القعدة.. وتستمر على ذلك حتى الأشهر القادمة، ومما يؤكد ذلك إنه قال: ويسلب الحاج في ذي الحجة (أي يسرقون وينهبون أمتعة الحجاج وأموالهم).
عن فيروز الديلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (في حديث
طويل- فالصوت في شهر رمضان، والمعمعة في شوال، وتمير القبائل في ذي القعدة، ويغار على الحاج في ذي الحجة، والمحرم، وما المحرم؟ أوله بلاء على أمتي، وآخره فرج لأمتي، الرّاحلة يقتبها، ينجو عليها المؤمن خير له من دسكرة تغل مائة ألف) (8).. فالدسكرة (مخزن للطعام ولوضع الغلاة فيها)، فيكون المعنى أن الذهاب والنفر للجهاد مع الإمام بقية الله عليه السلام أفضل من جمع الطعام في دسكرة تكفي غلة لمائة ألف رجل، لأن الدسكرة لا تنفعه ولا تفيده، بل التوفيق للجهاد مع الإمام عليه السلام هو الذي ينفعه في الدنيا والآخرة، وفيه خير الدنيا والآخرة.
قبل هذا نجد إن تعاليم أئمة آهل البيت عليهم السلام، التي علموها لشيعتهم ومحبيهم ومواليهم، بعد سماع الصيحة في رمضان أن يكثروا من تخزين الطعام.. أي قبل أن تحدث الواقعة (معركة قرقيسيا) والحروب والفتن، وحينئذ يكون شيعة آل البيت عليهم السلام قد احتاطوا لتخزين الطعام، وكانت لهم فرصه قبل غيرهم بشهرين على الأقل، وقبل أن يتلوث الطعام، بفضل وبركة تعاليم الأئمة عليهم السلام، وهذا من العلم المسطور في الكتب والأسرار الغيبية التي تفضل بها علينا سادتنا وقادتنا عليهم أفضل الصلاة والسلام.
مجازر العراق: مذبحة بغداد
بعد معركة قرقيسيا، يستغل السفياني حالة الضعف السياسي في العراق، فيقوم بحملة عسكرية تدخل قواته العراق وترتكب مجاز فادحة في بغداد (تبدأ في 21 أو 22 من شهر ذي القعدة) ومذابح في الكوفة (يوم الزينة يوم عيد الأضحى المبارك في شهر ذي الحجة) وغيرها من المدن، حتى تدخل قوات الخراساني (الإيرانيين).
عن الإمام الصادق عليه السلام: (- في حديث طويل - ويعم العراق خوف شديد لا يكون معه قرار، ويقع الموت الذريع بعد أن يدخل جيشه إلى بغداد فيبيحها ثلاثة أيام ويقتل من أهلها ستين ألفاً (وقيل سبعون) ويخرب دورها، ثم يقيم بها ثماني عشرة ليلة فيقسم أموالها، ويكون أسلم مكان فيها الكرخ) (9).. (عن أبن وهب قال تمثل أبو عبد الله عليه السلام ببيت من شعر لابن أبي عقيب:
وينحر بالزوراء منهم لدى الضحى ثمانون ألفاً مثل ما تنحر البدن
حتى قال.. يقتل في الزوراء ثمانون ألفاً، منهم ثمانون رجلاً من ولد فلان، كلهم يصلح للخلافة) (10).
عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: (- في حديث طويل - فيخرج من المدينة الزوراء واليهم، أمير في خمسة آلاف من الكهنة ويُقتل على جسرها سبعين ألفاً، حتى تحمى الناس من الفرات ثلاثة أيام من دماء نتن الأجساد) (11).
عن الإمام الصادق عليه السلام: (يكون إحراق رجل عظيم القدر من شيعة بني العباس، عند الجسر مما يلي الكرخ بمدينة بغداد) (12).
عن الإمام الحسين عليه السلام قال: (- في حديث طويل - ويبعث جيشه إلى الزوراء (بغداد) مائة وثلاثون ألفاً، ويقتل على جسرها إلى مدة ثلاثة أيام سبعون ألف نفس، ويفتض إثنا عشر ألف بكر، وترى ماء الدجلة محمراً من الدم ومن نتن الأجساد) (13).
الزوراء هي بغداد، والذي بناها هو المنصور الدوانيقي، وقد تكرر ذكر الجسر في روايات كثيرة، وهو الجسر المنعقد في طرف الكرخ ببغداد من محلة الجعيفر، مقابل مدينة الطب الواقعة في الطرف الآخر من نهر دجلة، وإنما تكرر ذكره فالظاهر إن هذا الجسر هو الذي تقع عليه الواقعة لجيش السفياني مع الجيش العراقي فيقتل عليه سبعون ألف جندي وتسيل دماؤهم في نهر دجلة حتى يحمر ماء النهر من الدم وينتن الماء من الدم وجيف الأجساد حتى يمتنع الناس من شرب ماء النهر ثلاثة أيام.
عن الإمام الصادق عليه السلام قال: (ويل للزوراء من الرايات الصفر ورايات المغرب وراية السفياني) (14).
عن المفضل بن عمر عن الإمام الصادق عليه السلام قال المفضل: (يا سيدي فالزوراء التي تكون في بغداد ما يكون حالها في ذلك الزمان؟ فقال: تكون محل عذاب الله وغضبه والويل لها من الرايات الصفر ومن الرايات التي تسير إليها في كل قريب وبعيد، والله لينزلن من صنوف العذاب ما نزل بسائر الأمم المتمردة من أول الدهر إلى آخره، ولينزلن بها من العذاب ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، وسيأتيها طوفان بالسيول فالويل لمن أتخذها مسكناً، والله إن بغداد تعمر في بعض الأوقات حتى إن الرائي يقول هذه الدنيا لا غيرها، ويظن أن بناتها الحور العين وأولادها أولاد الجنة، ويظن أن لا يرزق الله إلا فيها، ويظهر الكذب على الله، والحكم بغير الحق وشهادة الزور وشرب الخمر والزنا وأكل مال الحرام وسفك الدماء، بعد ذلك يخرجها الله تعالى بالفتن، وعلى يد هذه العساكر حتى إن المار عليها لا يرى منها إلا السور بل يقول هذه أرض بغداد، ثم يخرج الفتى الصبيح الحسني من نحو الديلم وقزوين فيصيح بصوت له يا آل محمد أجيبوا الملهوف فتجيبه كنوز الطالقان، كنوز ولا كنوز من ذهب ولا فضة، بل هي رجال كزبر الحديد لكأني أنظر إليهم على البراذين الشهب بأيديهم الحراب تتعاوى شوقاً إلى الحرب كما تتعاوى الذئاب، أميرهم رجل من بني تميم يقال له شعيب بن صالح فيقبل الحسني فيهم ووجهه كدائرة القمر، فيأتي على الظلمة فيقتلهم حتى يرد الكوفة) (15).
يواصل جيش السفياني في ارتكاب المجازر الفظيعة في بغداد، ثم يرسل جيشه إلى الكوفة (النجف) وتكون بها وقعة شديدة، تذهل منها العقول، ولا تتوقف هذه المجازر إلا بدخول القوات الإيرانية للعراق بقيادة الخراساني.
القسم السابع: أحداث شهر ذي الحجة
كلما أقتربنا من زمن الفجر المقدس أو من منطقة بزوغه، كثرت في الروايات والأحاديث التفاصيل، حتى تتناول الأمكنة والأيام والساعات.. وبالتالي، نستطيع أن نحدد يوم وقوع الحدث حسب معطيات الروايات.
كثير من الروايات الشريفة، عبرت عن شهر ذي الحجة بأنه شهر الدم، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (- في حديث طويل - قلت فذو الحجة، قال: ذاك شهر الدم) (16).. قال رسول صلى الله عليه وآله: (ويسلب الحاج وتسفك الدماء في ذي الحجة) (17).
فمن الأحداث المهمة التي تقع في هذا الشهر (حدث مهم وهو من المحتومات الخمسة)، فضلاً عن أحداث كثيرة تطرقت إليها الروايات وهي:
مذبحة الكوفة:
يوم الزينة أي يوم عيد الأضحى المبارك (العاشر من ذي الحجة): بعد المجازر التي ارتكبها جيش السفياني في بغداد وبقائه فيها ثماني عشرة ليلة، يتوجه جنوده إلى الكوفة (النجف) ويرتكبون مذابح ومجازر لا عد لها ولا حصر.
يبعث السفياني جيشاً لغزو الكوفة والنجف قوامه (مائة وثلاثون ألفاً) فينزلون بالروحاء والفاروق وموضع مريم وعيسى بالقادسية (أي ينزلون على طريق بابل إلى الكوفة، والروحاء موضع قريب من الفرات وقيل أنه نهر عيسى عليه السلام، والفاروق هو موضع لتشعب الطرق، وهو مفرق لعدة طرق: طريق منه يذهب إلى القادسية - أي الديوانية - وطريق منه يذهب إلى بابل وبغداد، وطريق منه يذهب إلى ذي الكفل والكوفة والنجف وغيرها.
يسير من جيش السفياني الذي يغزو النجف ثمانون ألفاً، حتى ينزلوا موضع قبر هود عليه السلام بالنخيلة (أي رحبة وادي السلام: مقبرة النجف الأشرف الكبرى) فيجيؤون إليهم يوم الزينة (أي يوم عيد الأضحى) عن طريق بابل الكوفة، ثم يتجهون إلى النجف، فيسبي الجيش من الكوفة والنجف سبعين ألف بنت بكر - أي غير متزوجات - ويوضعن في المحامل – أي في السيارات - ويُذهب بهن إلى الثوية موضع قبر كميل بن زياد، وبعض أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، وقد بني لكميل صحن وحرم كبير، وقد بنيت الأحياء والبيوت من حوله، فتجمع السبايا من البنات والنساء في صحنه وتوضع الغنائم فيه.
وبعد أن يمعن جيش السفياني في الكوفة قتلاً وصلباً وسبياً.. يقتل أعوان آل محمد صلى الله عليه وآله ورجلاً من المحسوبين عليهم، وينادي مناديه في الكوفة: من جاء برأس من شيعة علي، فله ألف درهم، فيثب الجار على جاره، وهما على مذهبين مختلفين في الاسلام، ويقول: هذا منهم فيضرب عنقه، ويسلم رأسه إلى سلطات السفياني، فيأخذ منها ألف درهم.
ولا تستطيع حركة ضعيفة وتمرد صغير، يحدث في الكوفة من قبل أهلها.. التخلص من سلطة السفياني، بل سوف تفشل وسيتمكن السفياني من قتل قائد الحركة بين الحيرة والكوفة.
وكأنه يكون قد انهزم بعد فشل حركته، فيتمكن السفياني من إلقاء القبض عليه في الطريق فيقتله، ويقتل أيضاً سبعين من الصالحين (أي علماء الدين)، وعلى رأسهم رجل عظيم القدر، يحرقه (أي السفياني) ويذر رماده في الهواء بين جالولاء وخانقين، بعد أن يقتل في الكوفة أربعة آلاف شخص.
تخبر الروايات أنه توجد في النجف والكوفة جماعة أو حزب غير متدين يخرج في مظاهرات ومسيرات مؤيدة للسفياني عددهم مائة ألف بين مشرك ومنافق حتى يصلون دمشق.
وبعد أن فتك جيش السفياني بالنجف، وقتل العلماء والصلحاء والمؤمنين، وهدم قبر أمير المؤمنين عليه السلام وسبي نساء النجف ونهب أموالهم.. يبدأ بالزحف نحو إيران، فيصل إلى منطقة اصطخر (منطقة شيراز).
يقوم السيد الخراساني، ويستصرخ المؤمنين من أهل إيران، ويطلب منهم نصره أهل العراق، فيجتمع له جيش عظيم مع القوة والاستعداد، على مقدمته شعيب بن صالح، فيلتقي الخراساني (الرايات السود) مع السفياني بباب اصطخر، فيكون بينهم ملحمة عظيمة، فتنتصر الرايات السود، وتهرب خيل السفياني (وهذه أول هزيمة للسفياني بعد انتصاراته المتكررة والسريعة السابقة) ويقوم السيد اليماني من اليمن (واسمه حسن أو حسين) وقد سمع بهذه الحوادث وعلته الكوارث، فيصل في أسرع وقت إلى الكوفة، فيلتقي مع جيش السيد الخراساني مؤيداً وناصراً له على جيش السفياني، فيوجهون أسلحتهم على جيش السفياني ويخرجونهم من النجف، ويرجعون السبايا والغنائم إلى أهلها.. فعند ذلك يتمنى الناس المهدي ويطلبونه.
جاءت الروايات الشريفة بدلالات صريحة لإيضاح معالم الأحداث التي تقع في الكوفة والنجف.
فعن الاصبغ بن نباته قال سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: (.. ويبعث مائة وثلاثين ألفاً إلى الكوفة وينزلون الروحاء والفاروق فيسير منهم ستون ألفاً حتى ينزلوا الكوفة موضع قبر هود عليه السلام بالنخيلة فيهجمون عليهم يوم الزينة وأمير الناس جبار عنيد يقال له الكاهن الساحر.. وفي مقطع آخر من الحديث.. ويسبي من الكوفة سبعون ألف بكر لا يكشف عنها كف ولا قناع حتى يوضعن في المحامل يذهب بهن إلى الثوية وهي الغري، ثم يخرج من الكوفة في مائة ألف ما بين مشرك ومنافق حتى يقدموا دمشق لا يصدهم عنها صاد إرم ذات العماد، وتقبل رايات من الأرض غير معلمة ليست بقطن ولا كتان ولا حرير مختوم في رأس القنا بخاتم السيد الأكبر، يسوقها رجل من آل محمد تظهر بالمشرق، يوجد ريحها بالمغرب كالمسك الأذفر يسير الرعب أمامها شهراً، حتى ينزلوا الكوفة طالبين بدماء آبائهم فبينما هم على ذلك إذ أقبلت خيل اليماني والخراساني يستبقان كأنهما فرسا رهان شعث غبر جرد أصلاب نواصي وأقداح إذا نظرت إلى أحدهم برجل باطنه فيقول لا خير في مجلسنا بعد يومنا هذا، اللهم فانا التائبون وهم الأبدال الذين وصفهم الله في كتابه العزيز (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (18) ونظرائهم من آل محمد) (19). عن جابر بن يزيد الجعفي قال: قال: أبو جعفر الباقر عليه السلام: (.. في حديث طويل.. ويبعث السفياني جيشاً إلى الكوفة وعدتهم سبعون ألفاً فيصيبون من أهل الكوفة قتلاً وصلباً وسبياً فبينما هم كذلك إذ أقبلت رايات من قبل خراسان وتطوى المنازل طياً حثيثاً ومعهم نفر من أصحاب القائم ثم يخرج رجل من موالي أهل الكوفة في ضعفاء فيقتله أمير جيش السفياني بين الحيرة والكوفة) (20).
عن أبي عبد الله عليه السلام:.. في خبر طويل أنه قال: (لا يكون ذلك حتى يخرج خارج من آل أبي سفيان يملك تسعة أشهر كحمل المرأة، ولا يكون حتى يخرج من ولد الشيخ فيسير حتى يقتل ببطن النجف فو الله كأني أنظر إلى رماحهم وسيوفهم وأمتعتهم إلى حائط من حيطان النجف يوم الإثنين ويستشهد يوم الأربعاء) (21).
عن الإصبغ بن نباته قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام: (.. في حديث طويل.. حصار الكوفة بالرصد والخندق وتخريق الزوايا في سكك الكوفة وتعطيل المساجد أربعين ليلة وكشف الهيكل وخفق رايات ثلاثة حول المسجد الأكبر تهتز القاتل والمقتول في النار وقتل سريع وموت ذريع وقتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين) (22).
عن أمير المؤمنين عليه السلام: (ويكون قتل سبعين من الصالحين (علماء دين)، وعلى رأسهم رجل عظيم القدر، يحرقه (أي السفياني) ويذر رماده في الهواء بين جلولاء وخانقين، بعد أن يقتل في الكوفة أربعة آلاف) (23).
عن عمر بن إبان الكلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (كأني بالسفياني قد طرح رحله في رحبتكم بالكوفة فينادي مناديه: من جاء برأس شيعة علي فله ألف درهم، فيثب الجار على جاره ويقول هذا منهم فيضرب عنقه ويأخذ ألف درهم، أما إمارتكم يومئذ لا تكون إلا لأولاد البغايا كأني أنظر إلى صاحب البرقع، قلت ومن صاحب البرقع، قال: رجل منكم يقول بقولكم يلبس البرقع فيحوشكم فيعرفكم ولا تعرفونه فيغمز بكم رجلاً رجلاً أما أنه لا يكون إلا ابن بغي) (24).
عن أمير المؤمنين عليه السلام: (إذا خرجت خيل السفياني إلى الكوفة، بعث في طلب أهل خراسان، ويخرج أهل خراسان في طلب المهدي، فيلتقي (أي السفياني) هو والهاشمي (أي الخراساني) برايات سود، على مقدمته شعيب بن صالح، فيلتقي هو والسفياني بباب أصطخر، فيكون بينهم ملحمة عظيمة، فتظهر (أي تنتصر) الرايات السود وتهرب خيل السفياني، فعند ذلك يتمنى الناس المهدي ويطلبونه) (25).
2- اضطرابات منى:
تصف الأحاديث الشريفة اضطرابا يقع بين الحجاج في منى أثناء موسم الحج، ويبدو أنه امتداد للخلاف بين أهل الحجاز حول السلطة.
عن الإمام الصادق عليه السلام: (يحج الناس معاً، ويعرفون (أي يقفون بعرفات) معاً على غير إمام، فبينا هم نزول بمنى يأخذهم مثل الكَلَبِ، فتثور القبائل فيما بينها حتى تسيل (جمرة) العقبة بالدماء، فيفزعون، ويلوذون بالكعبة) (26).
ويفهم من الحديث الشريف، أن الناس يعيشون حالة التوتر إلى حد أنهم بمجرد أن يكملوا أداء مناسكهم، أو قبل إكمالها، يشتبكون في منى فتحدث الإضطرابات، أثناء أداء منسك رمي الجمار في منى، ويسلب الحجاج، وينهبون أموالهم ويقتلون وتنتهك المحارم.
عن سهل بن حوشب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (سيكون في رمضان صوت، وفي شوال معمعة، وفي ذي القعدة تحارب القبائل، وعلامته نهب الحج وتكون ملحمة بمنى ويكثر فيها القتل وتسيل فيها الدماء حتى تسيل دماؤهم على الجزيرة (الجمرة)) (27).
عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (يشمل الناس موت وقتل حتى يلجأ الناس عند ذلك إلى الحرم فينادي مناد صادق من شدة القتال، فيم القتل والقتال صاحبكم فلان) (28).
3- قتل ذي النفس الزكية: (من المحتوم)
بعد وقوع كثير من الأحداث والأخبار السابقة، تبدأ معالم يوم الفجر المقدس تظهر للناس بجلاء، ويبدأ الإمام المهدي عليه السلام بإرسال نائبه (رسوله) للناس في مكة المكرمة في عملية اختبار وتهيئة للثورة المباركة، فيقوم الفتى الهاشمي (محمد بن الحسن - ذو النفس الزكية) فيدخل المسجد الحرام في اليوم الخامس والعشرين من ذي الحجة ويقف بين الركن والمقام ويبلغ أهل مكة رسالة شفوية من الإمام المهدي عليه السلام، وهذه الرسالة لا تشتمل على شيء من السب والشتم أو التهديد، إنما تشتمل على الاستنصار والاستنجاد بأهل مكة.. فيقوم بقايا النظام في الحجاز بارتكاب جريمة شنعاء ويقتلونه في الحال بين الركن والمقام، فتكون هذه الجريمة إيذاناً بنهاية حكمهم، وليس بين قتله وظهور الإمام عليه السلام إلا خمس عشرة ليلة.
وكذلك نفس الحال في مدينة المصطفى صلى الله عليه وآله يقوم بقايا النظام بارتكاب جريمة بشعة أخرى، لا تقل عن سابقتها وهي قتل ابن عم ذي النفس الزكية واسمه محمد وشقيقته فاطمة، ويصلبونهما على باب مسجد النبي صلى الله عليه وآله.
عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: (.. وقتل النفس الزكية من المحتوم) (1).
عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام:..في حديث طويل.. إلى أن قال: (يقول القائم عليه السلام لأصحابه: ياقوم، إن أهل مكة لا يريدونني ولكنني مرسل إليهم لأحتج عليهم بما ينبغي لمثلي أن يحتج عليهم، فيدعو رجلاً من أصحابه فيقول له: إمضِ إلى أهل مكة فقل: يا أهل مكة، أنا رسول فلان (الإمام المهدي عليه السلام) إليكم، وهو يقول لكم: إنا أهل بيت الرحمة ومعدن الرسالة والخلافة، ونحن ذرية محمد صلى الله عليه وآله وسلالة النبيين، وإنا قد ظلمنا واضطهدنا وقهرنا وابتز منا حقنا منذ قبض نبينا إلى يومنا هذا، ونحن نستنصركم فانصرونا، فإذا تكلم هذا الفتى بهذا الكلام أتو إليه فذبحوه بين الركن والمقام وهو النفس الزكية) (2).
عن عبابة بن ربعي الأسدي عن أمير المؤمنين عليه السلام: (.. ألا أخبركم بآخر ملك بني فلان؟ قتل نفس حرام، في يوم حرام، في بلد حرام، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما لهم من ملك بعده غير خمس عشرة ليلة) (3).
عن أبي صالح مولى بني العذار قال: (سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ليس بين قائم آل محمد وبين قتل النفس الزكية إلا خمس عشر ليلة) (4).
عن زرارة بن اعين قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول: (...لا بد من قتل غلام بالمدينة (مدينة الرسول صلى الله عليه وآله) قلت: جعلت فداك أليس يقتله جيش السفياني؟ قال: لا، ولكنه يقتله جيش بني فلان، يخرج حتى يدخل المدينة فلا يدري الناس أي شيء دخل، فيأخذ الغلام فيقتله، فإذا قتله بغياً وعدواناً وظلماً، لم يمهلهم الله عز وجل فعند ذلك توقعوا الفرج) (5).
عن الامام الباقر عليه السلام: (وعند ذلك تقتل النفس الزكية في مكة، وأخوة في المدينة ضيعة) (6).
إن الذي يقتل في المدينة المنورة ويصلب هو وأخته فاطمة، هما من أبناء عم ذي النفس الزكية، وقد قال الإمام الصادق عليه السلام: (يقتل المظلوم بيثرب، ويقتل ابن عمه في الحرم) (7).
إن من المؤكد أن (النفس الزكية) الذي يعتبر قتله من العلائم المحتومة، هو (محمد بن الحسن) الذي يذبح بين الركن والمقام، قبل ظهور الإمام بخمس عشرة ليلة.. وقد عبرت عنه الروايات الشريفة بعدة أسماء مثل:
(ذو النفس الزكية) لأنه يقتل بلا أي ذنب، وقد قال تعالى على لسان موسى عليه السلام للخضر: (أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً)(8) أي بريئة من الذنوب.
(المستنصر) لأنه يبدأ كلمته قبل قتله بالاستنصار لآل محمد.
أو (رجل هاشمي)، (غلام من آل محمد)، (الحسنى) مما يثبت انه من نسل رسول الله صلى الله عليه وآله ومن السادة.
القسم الثامن: أحداث شهر محرم
نصل إلى آخر جزء من المخطط الذي سرنا عليه في هذا الفصل، حيث تبدأ في هذا الشهر خاتمة كل تلك الأحداث والعلامات وذلك ببزوغ نور الفجر المقدس في اليوم العاشر منه، ومن ثم تبدأ عملية التحرير والدعوة للإسلام من جديد ونشر العدل والقسط في أرجاء المعمورة، ووضع خاتمة لكل جهود الأنبياء والأولياء والصالحين والشهداء وذلك بتحقيق أهدافهم التي ضحوا من أجلها.
نصل إلى بداية مرحلة العهد الميمون، وبداية تحقق الوعد الإلهي في كتابه الكريم وبشارة رسول الله صلى الله عليه وآله:
قال تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ) (9).
وقوله تعالى: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ) (10).
وقوله تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ) (11).
وقوله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)(12).
وبشارة رسول الله صلى الله عليه وآله التي قالها في خطبة يوم الغدير وبحضور(120) ألف مسلم: (.. معاشر الناس: النور من الله عز وجل في مسلوك، ثم في علي، ثم في النسل منه إلى القائم المهدي عليه السلام، الذي يأخذ بحق الله وبكل حق هو لنا..) (13).
هذا اليوم الذي عبر عنه الإمام الباقر :عليه السلام (أما إني لو أدركت ذلك لا ستبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر) (14).
هذا اليوم الذي ينتظره أهل السماء قبل أهل الأرض.. هذا اليوم العظيم المدخر لتحقيق أكبر الأهداف وأسمى الغايات بنشر الإسلام الصحيح وتطبيقه على العالم.
أولا: يوم الفجر المقدس: (وعد إلهي)
تدل الأحاديث على أن مبعوثين من بلاد العالم الإسلامي يفدون إلى الحجاز ويبحثون عن المهدي عليه السلام سراً ليبايعوه (سبعة من علماء الدين وأعوانهم) (15) في هذه الأثناء يكون المهدي عليه السلام قد خرج من المدينة المنورة متوجهاً إلى مكة المكرمة خائفاً يترقب على سنّة موسى بن عمران عليه السلام في حين يبدأ وزراؤه وأصحابه (313 رجلا) بالتوافد إلى مكة، فيجتمعون من أفق شتى على غير ميعاد في ليلة واحدة.
في يوم السبت (عاشوراء - العاشر من المحرم) صباحاً (قبيل طلوع الشمس) وبعد أن يصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السلام في الحرم المكي يقف بين الركن والمقام ويعلن خطابه الأول بأن يعرف الناس بنفسه الشريفة، ويدعوا الناس إلى بيعته، وأول من يبايعه (الطائر الأبيض الواقف على ميزاب الكعبة) جبرائيل عليه السلام، ثم أصحابه الكرام (313) ثم المؤمنون والصالحون، الذين أتوا لنصرته وتوفقوا للجهاد معه، فيبقى في مكة المكرمة حتى يجتمع عنده عشرة آلاف مناصر (العقد - الحلقة).
عن يونس بن ظبيان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا كان ليلة الجمعة أهبط الرب تعالى ملكاً إلى سماء الدنيا فإذا طلع الفجر جلس ذلك الملك على العرش فوق البيت المعمور، ونصب لمحمد وعلي والحسن والحسين عليهم السلام منابر من نور، فيصعدون عليها، وتجمع لهم الملائكة والنبيون والمؤمنون، وتفتح أبواب السماء، فإذا زالت الشمس، قال رسول الله صلى الله عليه وآله يارب ميعادك الذي وعدت به في كتابك وهو هذه الاية (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا) (16) ثم يقول الملائكة والنبيون مثل ذلك ثم يخر محمد وعلي والحسن والحسين سجداً، ثم يقول يارب اغضب فانه قد هتك حريمك وقتل أصفياوءك وأذل عبادك الصالحون فيفعل الله ما يشاء وذلك يوم معلوم) (17).
يوم الخروج:
يوم السبت (عاشوراء) العاشر من محرم الحرام:
عن أبي بصير قال:قال ابو عبد الله عليه السلام (.. يقوم (القائم) في يوم عاشوراء، وهو اليوم الذي قتل فيه الحسين بن عليعليه السلام لكأني به في يوم السبت العاشر من المحرم قائماً بين الركن والمقام، جبرئيل بين يديه ينادي بالبيعة له فتصير شيعته من أطراف الأرض تطوى لهم طياً حتى يبايعوه فيملأ الله به الأرض عدلاً، كما ملئت جوراً وظلماً) (18).
عن علي بن مهزيار عن ابي جعفر الباقرعليه السلام قال: (كأني بالقائم يوم عاشوراء،يوم السبت قائماً بين الركن والمقام) (19).
2- قبيل الخروج بساعات: (تجميع أنصاره)
عن المفضل بن عمر عن الإمام الصادق عليه السلام: (.. يظهر وحـده ويأتي
البيت وحده ويلج الكعبة وحده ويجن عليه الليل وحده، فإذا نامت العيون وغسق الليل نزل اليه جبرئيل وميكائيل والملائكة صفوفاً فيقول له جبرئيل: ياسيدي قولك مقبول، وأمرك جائز فمسح يده على وجهه ويقول الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء، فنعم أجر العاملين، ويقف بين الركن والمقام فيصرخ صرخة فيقول: يا معاشر نقبائي وأهل خاصتي ومن ذخرهم الله لنصرتي قبل ظهوري على وجه الأرض، ائتوني طائعين فيرد صيحته عليهم وهم في محاريبهم وعلى فرشهم في شرق الأرض وغربها، فيسمعونه في صيحة واحدة في أذن كل رجل فيجيبون نحوها ولا يمضي لهم إلا كلمحة بصر، حتى يكون كلهم بين يديه بين الركن والمقام فيأمر الله عز وجل النور فيصير عموداً من السماء إلى الأرض فيستضيء به كل مؤمن على وجه الأرض ويدخل عليه نور من جوف بيته فتفرح نفوس المؤمنين بذلك النور، وهم لا يعلمون بظهور قائمنا أهل البيت عليهم السلام، ثم يصبحون وقوفاً بين يديه وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً بعدة أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله يوم بدر) (20).
عن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (إذا أذن الإمام دعى الله باسمه العبراني فاتحيت له صحابته الثلاثمائة والثلاثة عشر قزع كقزع الخريف، فهم أصحاب الأولوية، منهم من يفقد عن فراشه ليلاً فيصبح بمكة، ومنهم من يرى يسير في السحاب نهاراً يعرف باسمه واسم أبيه وحليته ونسبه، قلت: جعلت فداك أيهم أعظم إيماناً، قال: الذي يسير في السحاب نهاراً وهم المفقودون وفيهم نزلت هذه الآية (أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللَّهُ جَمِيعًا) (21)) (22).
عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام: (.. فهؤلاء ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، بعدد أهل بدر يجمعهم الله عز وجل بمكة في ليلة واحدة وهي ليلة الجمعة فيوافوه في صبيحتها إلى المسجد الحرام ولا يتخلف منهم رجل واحد وينتشرون بمكة في أزقتها فيلتمسون منازل يسكنونها فينكرهم أهل مكة، وذلك أنهم لم يعلموا بقافلة قد دخلت من البلدان لحج ولا لعمرة ولا لتجارة، فيقول بعضهم لبعض إنا لنرى في يومنا هذا قوماً لم نكن رأيناهم قبل يومنا، ليسوا من بلد واحد ولا أهل بدو ولا معهم إبل ولا دواب فبينما هم كذلك، وقد دنوا أبوابهم إذ يقبل رجل من بني مخزوم يتخطى رقاب الناس حتى ياتي رئيسهم، فيقول: لقد رأيت في ليلتي هذه رؤيا عجيبة وإني منها خائف وقلبي منها وجل، فيقول له أقصص رؤياك فيقول رأيت كورة نار انقضت من عنان السماء، فلم تزل تهوى، حتى انحطت إلى الكعبة فدارت فيها فإذا هي جراد ذات أجنحة خضر كالملاحف فطافت بالكعبة ما شاء الله، ثم تطايرت شرقاً وغرباً ولا تمر ببلد إلا أحرقته ولا بخضرة إلا حطمته، فاستيقظت وأنا مذعور القلب وجل، فيقولون لقد رأيت هؤلاء فانطلق بنا إلى الثقفي ليعبرها (يفسرها) وهو رجل من ثقيف فيقص عليه الرؤيا فيقول: لقد رأيت عجباً وقد طرقكم في ليلتكم جند من جنود الله لا قوة لكم بهم، فيقولون لقد رأينا في يومنا هذا عجباً، ويحدثونه بأمر القوم ثم ينهضون من عنده، ويهمون بالوثوب عليهم ولقد ملأ الله قلوبهم منهم رعباً وخوفاً فيقول بعضهم لبعض وهم يتآمرون بذلك، لا تعجلوا على القوم إنهم لم يأتوكم بعد بمنكر، ولا ظهروا خلافاً ولعل الرجل منهم يكون في القبيلة من قبائلكم، فإن بدا لكم منهم شيء فأنتم وهم. أما القوم فإنا نراهم متنسكين، وسيماهم حسنة وهم في حرم الله الذي لا يباح من دخله حتى يحدث به حدثا، ولم يحدث القوم حدثاً يجب محاربتهم! فيقول - المخزومي وهو رئيس القوم وعمدتهم - إنا لا نأمن أن يكون ورائهم مادة لهم (أي أعوان وذخيرة) فإذا التأمت إليهم كشف أمرهم وعظم شأنهم فانهضوهم وهم في قلة من عدد وقبضة يد قبل أن تأتيهم المادة، فإن هؤلاء لم يأتوكم مكة وسيكون لهم شأن، وما أحسب تأويل رؤيا صاحبكم إلا حقاً فأحلوهم بلدكم وأجلسوا للرأي والأمر الممكن، فيقول قائلهم: إن من كان يأتيكم أمثالهم فلا خوف منهم فإنه لا سلاح للقوم ولا كراع ولا حصن يلجأون إليه وهم غرباء محلون، فإن أتى جيش لهم نهضتم إلى هؤلاء أولاً وكانوا كشربة ماء الظمآن، فلا يزالون في هذا الكلام ونحوه حتى يحجز الليل بين الناس، ثم يضرب الله آذانهم وعيونهم بالنوم فلا يجنمعوا بعد غداتهم إلى أن يقوم القائم عليه السلام يلقي بعضهم بعضاً كأنهم بنو أب وأم وإذا اقتربوا، افترقوا عشاء والتقوا غدوة) (23).
ويكون بذلك قد تم في مكة المكرمة لقاء الإمام عليه السلام بأصحابه وحوارييه ووزرائه، بعد أن التقى قبل ذلك بنقبائهم وأفضلهم (اثنى عشـر مـن الأصحاب).
3- بيانه الأول: (الخطبة)
إن القائم عليه السلام إذا حان موعد خروجه يوم عاشوراء صبيحة يوم السبت دخل المسجد الحرام، فيستقبل القبلة ويجعل ظهره إلى المقام ثم يصلي ركعتين.. ثم يقف الإمام المهدي عليه السلام في أول ظهوره المقدس قريباً من الكعبة المشرفة مستدبراً لها بين الركن والمقام، ومواجهاً للجماهير ليقول لهم كلمته الأولى، ويبتدئ خطبته التاريخية:
بعد حمد الله والثناء عليه، والصلاة على محمد وآله الطاهرين.. فينادي: يا أيها الناس إنا نستنصر الله ومن أجابنا من الناس، فإنا أهل بيت نبيكم محمد صلى الله عليه وآله ونحن أولى الناس بالله وبمحمد صلى الله وآله فمن حاجني في آدم فأنا أولى الناس بآدم، ومن حاجني في نوح فأنا أولى الناس بنوح، ومن حاجني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم، ومن حاجني في محمد فأنا أولى الناس بمحمد صلى الله عليه وآله، ومن حاجني في النبيين فأنا أولى الناس بالنبيين، ومن حاجني في كتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله، أليس الله يقول في محكم كتابه (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (24) فأنا بقية من آدم، وذخيرة من نوح، ومصطفى من إبراهيم، وصفوة من محمد صلى الله عليه وآله.. ألا ومن حاجني في سنة رسول الله فأنا أولى الناس بسنة رسول الله، فأنشدُ الله من سمع كلامي اليوم، لما بلغ الشاهد منكم الغائب، وأسالكم بحق الله ورسوله وبحقي فإن لي عليكم حق القربى من رسول الله، إلا أعنتمونا ومنعتمونا ممن يظلمنا، فقد أخفنا وظلمنا، وطردنا من ديارنا وأبنائنا، وبغي علينا ودفعنا عن حقنا، فافترى أهل الباطل علينا.. فالله الله فينا لا تخذلونا، وانصرونا ينصركم الله) (25).
ثم يرفع الإمام يديه إلى السماء، ويدعو ويتضرع ويقول (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ) (26).
4- البيعة والأنصار:
ما إن يكمل الإمام روحي فداه كلامه حتى يحاول شرطة الحرم أن يعتقلوه أو يقتلوه كما فعلوا قبل خمسة عشر يوماً بقتل ذي النفس الزكية بنفس المكان، فيتقدم أصحاب الإمام عليه السلام ويدفعونهم عنه ويحيطون به وينزل جبرائيل عليه السلام من على ظهر الكعبة فيكون أول المبايعين، ثم يبايعه أصحابه الثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً وأنصاره المتواجدون حينها.
عن المفضل بن عمر عن الصادقعليه السلام : (.. يا مفضل يسند القائم ظهره إلى الحرم ويمد يده فتُرى بيضاء من غير سوء ويقول هذه يد الله وعن الله وبأمر الله ثم يتلو هذه الآية: (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ) (27) فيكون أول من يقبل يده جبرائيل، ثم يبايعه وتبايعه الملائكة ونجباء الجن ثم النقباء، ويصبح الناس بمكة فيقولون من هذا الرجل الذي بجانب الكعبة، وما هذا الخلق الذي معه وما هذه الآية التي رأيناها الليلة ولم نر مثلها) (28). ويكون هذا قبيل طلوع الشمس.
عن علي بن مهزيار قال: قال الإمام الباقرعليه السلام: (كأني بالقائم يوم عاشوراء يوم السبت قائماً بين الركن والمقام بين يديه جبرائيل ينادي البيعة لله فيملؤها عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً) (29).
عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام..كأن جبرائيل ليزاب في صورة طير أبيض فيكون أول خلق الله مبايعة له أعني جبرائيل، ويبايعه الناس الثلاثمائة والثلاثة عشر، فمن كان أبتلى بالمسير وافى في تلك الساعة، ومن افتقد من فراشه وهو قول أمير المؤمنين علي عليه السلام (المفقودون من فرشهم) وهو قول الله عز وجل (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللَّهُ جَمِيعًا) (30)، قال: الخيرات الولاية لنا أهل البيت) (31).
عن المفضل بن عمر عن الإمام الصادق عليه السلام: (.. يبعث الله جل جلاله جبرئيل عليه السلامحتى يأتيه فينزل على الحطيم يقول: إلى أي شيء تدعو؟ فيخبره القائم، فيقول جبرائيل: أنا أول من يبايعك ابسط يدك فيمسح على يده، وقد وافاه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً فيبايعونه، ويقيم بمكة حتى يتم أصحابه عشر آلاف نفس ثم يسير منها إلى المدينة) (32).
عن جابر الجعفي قال: قال أبو جعفر عليه السلام: (يبايع القائم بين الركن والمقام ثلاثمائة ونيف، عدة أهل بدر فيهم النجباء من أهل مصر، والأبدال من أهل الشام، والأخيار من أهل العراق) (33).
عن أمير المؤمنين عليه السلام: (أنه يأخذ البيعة عن أصحابه على أن لا يسرقوا ولا يزنوا، ولا يسبوا مسلماً، ولا يقتلوا محرماً، ولا يهتكوا حريماً محرماً، ولا يهجموا منزلاً، ولا يضربوا أحداً إلا بالحق، ولا يكنزوا ذهباً ولا فضة ولا براً ولا شعيراً، ولا يأكلوا مال اليتيم، ولا يشهدوا بما لا يعلمون، ولا يخربوا مسجداً، ولا يشربوا مسكراً، ولا يلبسوا الخزّ ولا الحرير، ولا يتمنطقوا بالذهب، ولا يقطعوا طريقاً، ولا يخيفوا سبيلاً، ولا يفسقوا بغلام، ولا يحبسوا طعاماً من بّر أو شعير، ويرضون بالقليل، ويشتمون على الطيب، ويكرهون النجاسة، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويلبسون الخشن من الثياب، ويتوسدون التراب على الخدود، ويجاهدون في الله حق جهاده، ويشترط على نفسه لهم، أن يمشي حيث يمشون ويلبس كما يلبسون، ويركب كما يركبون، ويكون من حيث يريدون، ويرضى بالقليل، ويملأ الأرض بعون الله عدلاً كما ملئت جوراً، يعبد الله حق عبادته، ولا يتخذ حاجباً ولا بواباً) (34).
5- النداء باسم القائم عليه السلام:
بعد أن تتم البيعة للإمام عليه السلام، يقوم جبرائيلعليه السلام فينادي باسمه:
عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (أول من يبايع القائم جبرائيل، ينزل في صورة طير أبيض فيبايعه ثم يضع رجلاً على بيت الله الحرام ورجلاً على بيت المقدس ثم ينادي بصوت ذلق تسمعه الخلايق، أتى أمر الله فلا تستعجلوه) (35).
في قوله تعالى (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ المنَادِي مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) (36) عن الصادق عليه السلام قال: (ينادي مناد باسم القائم واسم أبيه عليهما السلام، والصيحة في هذه الآية صيحة من السماء، وذلك يوم خروج القائم عليه السلام). (37)
عن شهر بن حوشب قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (يكون في رمضان صوت، وفي شوال مهمهة، وفي ذي القعدة تتحارب القبائل، وفي ذي الحجة ينتهب الحاج، وفي المحرم ينادي مناد من السماء: ألا إن صفوة الله من خلقه فلان فاسمعوا له وأطيعوا) (38).
عن المفضل بن عمر عن الإمام الصادق عليه السلام.. في ذلك اليوم (عاشوراء) فإذا طلعت الشمس وأضاءت، صاح صائح بالخلائق من عين الشمس بلسان عربي مبين، يسمع من في السماوات والأرضين: يا معشر الخلائق هذا مهدي آل محمد، ويسميه باسم جده رسول الله صلى الله عليه وآله ويكنيه وينسبه، ولا تبقى أذن من الخلائق الحية إلا سمع ذلك النداء، وتقبل الخلائق من البدو والحضر والبر والبحر، يحدث بعضهم بعضاً، ويستفهم بعضهم بعضاً ما سمعوا بآذانهم) (39).
عن الإمام الرضا عليه السلام.. وهو الذي ينادي مناد من السماء يسمعه جميع أهل الأرض بالدعاء إليه ألا إن حجة الله قد ظهر عند بيت الله فاتبعوه فإن الحق معه وفيه) (40).
على القارىء الكريم أن يستفيد من مجموع الأحاديث السابقة في هذا الفصل، إن هناك عدة نداءات:
أ- النداء الاول: يكون في شهر رجب (على شكل ثلاثة نداءات).
ب- النداء الثاني: يكون في شهر رمضان (ليلة القدر23 - الصيحة).
ج- النداء الثالث: يكون في شهر محرم (عاشوراء - يوم الخروج).
بعد هذا النداء والبيعة، يتم للإمام المهدي عليه السلام السيطرة على مكة المكرمة ويبقى فيها حتى يتشكل نواة جيشه (عشرة آلاف رجل) وفي هذه الأثناء يوجه الإمام عليه السلام بعض الخطب إلى الجماهير المتواجدة في مكة وتبث للعالم، ويضع الخطوط العامة لجيشه ويقوم بإنجاز عدة أمور في مكة المكرمة نشير إليها باختصار:
أ- إعادة المسجد الحرام إلى ما كان عليه أيام النبي إبراهيم عليه السلام.
ب- إعادة مقام إبراهيم إلى موضعه الأول، كما كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله بجوار الكعبة.
ج- النهي عن الطواف المستحب، وذلك بأن يسلم صاحب النافلة لصاحب الفريضة.
د- قطع أيدي بني شيبة.. إقامة حدود الله باعتبارهم سراق بيت الله الحرام.
متى ما اكتمل قوام جيش الإمام عليه السلام عشرة الآف رجل يبدأ المسير إلى المدينة المنورة، ومن ثم إلى إيران (منطقة اصطخر) ومن ثم نحو العراق (وتكون الكوفة عاصمة حكمه) ومن ثم يتوجه نحو بيت المقدس.
ثانيا: خسف البيداء: (من المحتوم)
بعد أن يسمع السفياني خبر ظهور الإمام المهدي عليه السلام يبعث بجيش إلى الأماكن المقدسة في الحجاز، فيصل جيش السفياني إلى المدينة المنورة في (12محرم)، أي بعد خروج الإمام عليه السلام بيومين، وأمير جيش الغزو رجل من بني كلب يقال له (خزيمة) أطمس العين الشمال وعلى عينه ظفرة غليظة، وينزل المدينة في دار أبي الحسن الأموي.. ويبقى الجيش الأموي في مدينة الرسول عليه السلام مدة ثلاثة أيام، ينهبونها ويرتكبون فيها المجازر ويفتكون بأهلها ويقتلون رجالها ويسبون بناتها ونساءها، ويكسرون منبر الرسول صلى الله عليه وآله ويهدمون القبر الشريف وتروث خيلهم في مسجد المصطفى صلى الله عليه وآله.. ثم يخرج جيش السفياني من المدينة قاصداً غزو مكة المكرمة والقضاء على حركة المهدي عليه السلام في بدايات ظهورها، ولأهمية هذا الجيش يسمى بجيش الهملات (41)، فإذا توسط الجيش البيداء الواقعة بين مكة والمدينة بعد إنتهاء الجبال على بعد إثنى عشر ميلاً من منطقة (ذات الجيش)، وهي أرض بيضاء مسطحة قرب بدر الكبرى، يصل الجيش المنطقة وقت الليل فيبيت الجيش فيها (ليلة مقمرة -15محرم) فيأمر الله تعالى جبرائيل عليه السلام فيصرخ فيهم صرخة الغضب وينادي: يا بيداء أبيدي القوم الظالمين، فتنخسف الأرض بهم وبقواتهم المسلحة، لا يفلت منهم إلا (بشير ونذير) رجلان من جهينة، يضرب الملك على وجهيهما فتحول الى القفاء، فيذهب أحدهما بشيراً للقائم عليه السلام بأمر الملك، حيث يأمره أن يذهب للحجة عليه السلام ويتوب على يده ويبشره بهلاك جيش السفياني بالخسف، والآخر يبعثه نذيراً للسفياني بالشام لينذره، ويخبره بهلاك جيشه فيصل إليه ويخبره بذلك ويموت النذير.
وتصبح مكة بعد هذا الخسف منطقة الأمان، لا يجرأ أحد أن يذهب إليها من الملوك والحكام، فكل قائد أو ظالم يطلب منه ويكلف بالذهاب إلى مكة وغزوها، يستقيل ويتراجع ولا يقبل خوفاً من وقوع الخسف به، فيبقى حرم الله محفوظاً لا يقربه ظالم أو غاشم، فيستقر الأمر للإمام - روحي فداه - فيرتب جيشه فيها ويجتمع إليه المؤمنون.
وبعد إن تكمل العدة من الجند (عشرة الآف) يسير من مكة متوجهاً إلى المدينة المنورة فيمر جيش الإمام عليه السلام على موضع الخسف، فيخبرهم الإمام عليه السلام بمكان الخسف.. وبعد هلاك قوات السفياني في الحجاز (الخسف بالبيداء) والهزيمة التي منى بها على يد الخراساني واليماني في العراق، تنتقل المعركة إلى ساحته، ويقوم بتجميع قواته في الشام إستعداداً لأكبر معارك المنطقة في أحداث الظهور، معركة تحرير القدس التي يمتد محورها من دمشق إلى طبرية فالقدس.
جاءت الأحاديث بدلالات صريحة توضح بمن يكون الخسف وزمانه ومكانه وكيفيته والناجي منه:
عن عمر بن حنظلة عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: (للقائم خمس علامات السفياني واليماني والصيحة من السماء وقتل النفس الزكية والخسف بالبيداء) (42).
عن أبي عبد الله عليه السلام: (.. وخسف البيداء من المحتوم) (43).
عن الاصبغ بن نباته قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: (.. وخروج السفياني براية حمراء، أميرها رجل من بني كَلَب، وإثني عشر ألف عنان من خيل السفياني تتوجه إلى مكة والمدينة، أميرها رجل من بني أمية يقال له خزيمة، أطمس العين الشمال، على عينه ظفرة غليظة يتمثل بالرجال، لا ترد له راية حتى ينزل بالمدينة في دار يقال لها: دار أبي الحسن الأموي، ويبعث خيلاً في طلب رجل من آل محمد قد اجتمع اليه ناس من الشيعة، ثم يعود إلى مكة في جيش أميره من غطفان، إذا توسط القاع الأبيض خسف به فلا ينجو إلا رجلان يحول الله وجهيهما إلى قفاهما ليكونا آية لمن خلفهما) (44).
ويومئذ تأويل هذه الآية (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمْ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ * وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ * وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ) (1).
وقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً) (2).
عن الإمام الصادق عليه السلام: (.. ويبعث السفياني عسكراً إلى المدينة، فيخربونها، ويهدمون القبر الشريف، وتروث بغالهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله) (3).
عن حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وآله: (.. ويحل الجيش الثاني بالمدينة فينهبونها ثلاثة أيام بلياليها ثم يخرجون متوجهين إلى مكة حتى إذا كانوا بالبيداء، بعث الله جبرائيل فيقول يا جبرائيل إذهب فأبدهم فيضربها برجله ضربة يخسف الله بهم عندها، ولا يفلت منها إلا رجلان من جهينة. فلذلك جاء القول (وعند جهينة الخبر اليقين) ولذلك قوله تعالى (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا)) (4).
عن جابر بن يزيد الجعفي عن الإمام الباقر عليه السلام: (.. ويبعث السفياني بعثاً إلى المدينة فينفي المهدي منها إلى مكة، فيبلغ أمير الجيش السفياني أن المهدي قد خرج إلى مكة، فيبعث جيشاً على أثره، فلا يدركه حتى يدخل مكة خائفاً يترقب على سنة موسى بن عمران، قال: وينزل أمير جيش السفياني البيداء، فينادي مناد من السماء: يا بيداء أبيدي القوم، فيخسف بهم) (5).
عن الإمام الباقر عليه السلام: (.. السفياني من ذرية أبي سفيان بن حرب، فيرسل إليهم بعثاً فينزلون بالبيداء في ليلة مقمرة فيقول راع ناظر إليهم يا ويح أهل مكة ما جاء، فيذهب ثم يرجع فلا يراهم فيقول سبحان الله ارتحلوا في ساعة واحدة فياتي منزلهم فيجد قطيعه قد خسف بعضها وبعضها على ظهر الأرض فيعالجها فلا يطيقها فيعلم أنهم قد خسف بهم) (6).
عن أمير المؤمنين عليه السلام: (.. وأما جيش المدينة فإنه إذا توسط البيداء صاح به جبرائيل صيحة عظيمة، فلا يبقى منهم أحد وخسف الله به الأرض، ويكون آخر الجيش رجلان أحدهما بشير والآخر نذير، فيصيح بهما جبرئيل فيحول الله وجهيهما إلى القفا، ويرجع نذير إلى السفياني ويخبره بما أصاب الجيش) (7).
عن المفضل بن عمر عن الإمام الصادق عليه السلام..ثم يقبل على القائم رجل وجهه إلى قفاه، وقفاه الى صدره، ويقف بين يديه فيقول:يا سيدي أنا بشير، أمرني ملك من الملائكة أن ألحق بك، وأبشرك بهلاك جيش السفياني بالبيداء، فيقول له القائم: بين قصتك وقصة أخيك؟ فيقول الرجل: كنت وأخي في جيش السفياني، وخربنا الدنيا من دمشق إلى الزوراء وتركناها جماء، وخربنا الكوفة وخربنا المدينة، وكسرنا المنبر، وراثت بغالنا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وخرجنا منها.. نريد إخراب البيت وقتل أهله، فلما صرنا في البيداء عرسنا فيها (نزلنا) فصاح بنا صائح: يا بيداء أبيدي القوم الظالمين، فانفجرت الأرض وابتلعت كل الجيش، فو الله ما بقي على وجه الأرض عقال ناقة فما سواه غيري وغير أخي، فإذا نحن بملك قد ضرب وجوهنا فصارت إلى ورائنا كما ترى، فقال لأخي: ويلك يا نذير إمض إلى الملعون السفياني بدمشق فانذره بظهور المهدي من آل محمد صلى الله عليه وآله وعرفه أن الله قد أهلك جيشه بالبيداء. وقال لي: يا بشير الحق بالمهدي بمكة وبشره بهلاك الظالمين، وتب على يده فإنه يقبل توبتك، فيمر القائم يده على وجهه فيرده سوياً كما كان ويبايعه ويكون معه) (8).
عن الإمام الباقر عليه السلام: يخرج (القائم) عائداً إلى المدينة حتى يمر بالبيداء، فيقول هذا مكان القوم الذين خسف بهم، وهي الآية التي قال الله تعالى: (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمْ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ) (9)) (10).
 

الهوامش
(1) غيبة النعماني ص179، بحار الأنوار ج52 ص240، بشارة الإسلام ص122
(2) بحار الأنوار ج52 ص210، بشارة الإسلام ص123
(3) غيبة النعماني ص171، بحار الأنوار ج52 ص232
(4) غيبة الشيخ الطوسي ص267، بحار الأنوار ج52 ص209، بشارة الإسلام ص14
(5) الإرشاد للمفيد ج2 ص379، كمال الدين ص649، غيبة الطوسي ص267، إعلام الورى ص426
(6) إعلام الورى ص430، بحار الأنوار ج2 ص291، منتخب الأثر ص464
(7) الإرشاد للمفيد ج2 ص379، إعلام الورى ص 430
(8) إعلام الورى ص428، بشارة الإسلام ص125، الإرشاد للمفيد ج2 ص377، غيبة الطوسي ص272
(9) إعلام الورى ص429، غيبة الطوسي ص269
(10) إعلام الورى ص429، بشارة الإسلام 125، الإرشاد للمفيد ج2 ص377، غيبة الطوسي ص274
(11) يوم الخلاص ص543، بيان الإئمة ج2 ص431
(12) الممهدون للمهدي ص49، كمال الدين ص655، بحار الأنوارج52 ص182
(13) الممهدون للمهدي ص49، كمال الدين ص655، بحار الأنوارج52 ص182
(14) الممهدون للمهدي ص49، كمال الدين ص655، بحار الأنوارج52 ص182
(15) الممهدون للمهدي ص49، كمال الدين ص655، بحار الأنوارج52 ص182
(16) غيبة النعماني ص185، الإرشاد للمفيدج2 ص372، غيبة الطوسي ص267
(17) بيان الأئمة ج1 ص335
(18) سورة البقرة (155)
(19) غيبة النعماني ص168، بحار الأنوار ج52 ص 229
(20) بحار الأنوار ج52 ص231، إلزام الناصب ج2 ص162، المهدي الصدر ص198
(21) غيبة النعماني ص168، بحار الأنوار ج52 ص229
(22) بحار الأنوار ج52 ص337، إلزام الناصب ج2 ص159، تاريخ ما بعد الظهور ص137
(23) الإرشاد للمفيد ج2 ص370، تاريخ ما بعد الظهور ص137
(24) الممهدون للمهدي ص40
(25) تاريخ ما بعد الظهور ص137
(26) السفياني � محمد فقيه ص118
(27) غيبة النعماني ص202
(28) غيبة النعماني ص178
(29) غيبة النعماني ص171، إعلام الورى ص429، بحار الأنوار ج52 ص232
(30) غيبة النعماني ص206، غيبة الشيخ الطوسي ص277، بحار الأنوار ج52 ص253
(31) سورة مريم (37)
(32) بشارة الإسلام ص21، يوم الخلاص ص293
(33) كمال الدين ص651، بشارة الإسلام ص46
(34) غيبة النعماني ص171، بحار الأنوار ج52 ص234، إلزام الناصب ج2 ص130
(35) سورة النساء (47)
(36) غيبة النعماني ص187، بحار الأنوار ج52 ص238
(37) غيبة النعماني ص205، إلزام الناصب ج2 ص116
(38) سورة سبأ (51)
(39) غيبة النعماني ص206، بحار الأنوار ج52 ص252
(40) غيبة الطوسي ص273، بحار الأنوار ج52 ص215، بشارة الإسلام ص124
(41) السفياني: محمد فقيه ص106
(42) بحار الأنوار ج52 ص190، إلزام الناصب ج2 ص131، السفياني � فقيه ص125، يوم الخلاص ص694
(43) غيبة النعماني ص171، بحار الأنوار ج52 ص232
(44) غيبة النعماني ص187
(45) بحار الأنوار ج52 ص229، يوم الخلاص ص645
(46) غيبة النعماني ص182
(47) بشارة الإسلام ص184، يوم الخلاص ص651، السفياني � فقيه ص77
(48) الممهدون للمهدي ص54
(49) ولمزيد من التفاصيل والروايات والأحاديث حول حركة الخراساني، ارجع إلى كتاب (الممهدون للمهدي) للشيخ علي الكوراني، الفصل الثالث
(1) سورة الشعراء (4)
(2) الإرشاد للمفيد ج2 ص373، إعلام الورى ص428، بحار الأنوار ج52 ص221، المهدي الموعود ص53، يوم الخلاص ص517، السفياني � فقيه ص121
(3) غيبة النعماني ص169، بحار الأنوار ج52 ص233، بشارة الإسلام ص120
(4) غيبة النعماني ص120، بشارة الإسلام ص160
(5) غيبة النعماني ص172، بشارة الإسلام ص120
(6) يوم الخلاص ص519، بحار الأنوار ج52 ص233 بلفظ آخر
(7) غيبة النعماني ص120، غيبة الطوسي ص268، بحار الأنوار ج52 ص289، بشارة الإسلام ص16
(8) غيبة النعماني ص169، يوم الخلاص ص541
(9) سورة الشعراء (4)
(10) بحار الأنوار ج52 ص221
(11) بيان الأئمة ج2 ص695
(12) بحار الأنوار ج52 ص272، بشارة الإسلام ص142، بيان الأئمة ج2 ص686
(13) بحار الأنوار ج52 ص271، السفياني فقيه ص123
(14) بحار الأنوار ج52 ص302، السفياني فقيه ص122
(15) غيبة النعماني ص203، السفياني فقيه ص122
(16) الإرشاد للمفيد ج2 ص374، غيبة النعماني ص181، إعلام الورى ص429، غيبة الطوسي ص270، بشارة الإسلام ص 96، يوم الخلاص ص516، تاريخ ما بعد الظهور ص118
(17) غيبة النعماني ص182، بشارة الإسلام ص97، تاريخ الغيبة الكبرى ص479، يوم الخلاص ص517
(18) الممهدون للمهدي ص37
(19) بحار الأنوار ج52 ص275، بشارة الإسلام ص59 و70
(20) بحار الأنوار ج52 ص274
(21) الإرشاد للمفيد ج2 ص371، غيبة الطوسي ص266، إعلام الورى ص429
(22) غيبة النعماني ص170، بحار الأنوار ج52 ص231، النجم الثاقب ج1 ص126، تاريخ ما بعد الظهور ص125
(23) سورة الشعراء (4)
(24) سورة القمر (2)
(25) غيبة النعماني ص173، بحار الأنوار ج52 ص292
(26) غيبة النعماني ص176، بحار الأنوار ج52 ص295
(27) سورة يونس (35)
(28) سورة الشعراء (4)
(29) سورة ق (41-42)
(30) بيان الأئمة ج1 ص434
(31) يوم الخلاص ص542
(32) يوم الخلاص ص513، بيان الأئمة ج2 ص361
(33) يوم الخلاص ص671، بيان الأئمة ج2 ص586
(34) منتخب الأثر ص451، يوم الخلاص ص557، بيان الإئمة ج2 ص354
(35) بحار الأنوار ج52 ص272، بشارة الإسلام ص142، يوم الخلاص ص705
(36) منتخب الأثر ص451، يوم الخلاص ص 557، بيان الائمة ج2 ص 354
(37) منتخب الأثر ص 451، يوم الخلاص ص 557، بيان الائمة ج2 ص 354
(38) بشارة الاسلام ص 34، منتخب الاثر ص 451، يوم الخلاص ص 532
(39) بيان الائمة ج2 ص 431، منتخب الأثر ص 451، يوم الخلاص ص 280
(40) السفياني � فقيه ص31
(41) يوم الخلاص ص698
(42) غيبة الطوسي ص279، بحار الأنوار ج52 ص208، بشارة الإسلام ص177، السفياني � فقيه ص128
(1) غيبة النعماني ص187، بشارة الإسلام ص102، السفياني � فقيه ص108، يوم الخلاص ص698، الممهدون للمهدي ص112
(2) غيبة النعماني ص205، بحار الإنوار ج52 ص251، يوم الخلاص ص690، السفياني � فقيه ص127
(3) غيبة النعماني ص186، يوم الخلاص ص699، الممهدون للمهدي ص113، السفياني � فقيه ص127
(4) غيبة النعماني ص203
(5) بشارة الإسلام ص34، منتخب الأثر ص451، بيان الأئمة ج1 ص431 وج2 ص354، يوم الخلاص ص280
(6) سورة البقرة (155)
(7) إعلام الورى ص427
(8) بيان الأئمة ج1 ص432
(9) يوم الخلاص ص703، إعلام الورى ص429
(10) بشارة الإسلام ص153، يوم الخلاص ص657
(11) إلزام الناصب ج2 ص119، بشارة الإسلام ص58
(12) إلزام الناصب ج2 ص149، يوم الخلاص ص657
(13) يوم الخلاص ص658، بيان الأئمة ج2 ص365
(14) بشارة الإسلام ص143، يوم الخلاص ص701
(15) بحار الأنوار ج53 ص14 و15، بشارة الإسلام ص143، يوم الخلاص ص701
(16) بحار الأنوار ج52 ص272، بشارة الإسلام ص142
(17) منتخب الأثر ص451، يوم الخلاص ص280
(18) سورة البقرة (222)
(19) بحار الأنوار ج52 ص274، إلزام الناصب ج2 ص120، بشارة الإسلام ص58 و69
(20) غيبة النعماني ص187، بشارة الإسلام ص102، يوم الخلاص ص637
(21) بشارة الإسلام ص155
(22) بحار الأنوار ج52 ص273، بشارة الإسلام ص67، يوم الخلاص ص635
(23) بحار الأنوار ج52 ص220، يوم الخلاص ص635
(24) غيبة الطوسي ص273، بشارة الإسلام ص124، يوم الخلاص ص703، بيان الأئمة ج2 ص612
(25) بشارة الإسلام ص184، يوم الخلاص ص651
(26) الممهدون للمهدي ص60، يوم الخلاص ص570
(27) منتخب الأثر ص451، بشارة الإسلام ص34، يوم ا لخلاص ص532، بيان الأئمة ج1 ص433 وج2 ص355
(28) غيبة النعماني ص178
(1) غيبة النعماني ص169، بشارة الإسلام ص119، يوم الخلاص ص667
(2) بحار الأنوار ج52 ص307، بشارة الإسلام ص224، المهدي من المهد إلى الظهور ص368، يوم الخلاص ص662، بيان الأئمة ج3 ص20
(3) غيبة النعماني ص173، بحار الأنوار ج52 ص234، الممهدون للمهدي ص61
(4) الإرشاد للمفيد ج2 ص374، غيبة الطوسي ص271، كمال الدين ص649، إعلام الورى ص427، بشارة الإسلام ص128، المهدي من المهد إلى الظهور ص368
(5) بحار الأنوار ج52 ص147، بشارة الإسلام ص117، يوم الخلاص ص666
(6) بشارة الإسلام ص177، يوم الخلاص ص665
(7) بشارة الإسلام ص187، يوم الخلاص ص666
(8) سورة الكهف (74)
(9) سورة النور (55)
(10) سورة القصص (5-6)
(11) سورة الأنبياء (105)
(12) سورة التوبة (33)
(13) الإمام المهدي من المهد إلى الظهور ص57
(14) غيبة النعماني ص182، يوم الخلاص ص267
(15) الممهدون للمهدي ص60
(16) سورة النور (55)
(17) غيبة النعماني ص 184، بحار الانوار ج52 ص 297
(18) الارشاد للمفيد ج2 ص379، غيبة النعماني ص 189، اعلام الورى ص 430، منتخب الاثر ص448، يوم الخلاص ص 317
(19) غيبة الطوسي ص 274، تاريخ مابعد الظهور ص 222
(20) الزام الناصب ج2ص256، بشارة الاسلام ص268، يوم الخلاص ص 318
(21) سورة البقرة (148)
(22) غيبة النعماني ص 213، بشارة الاسلام ص 203، يوم الخلاص ص 256
(23) بشارة الإسلام ص210، يوم الخلاص ص271، تاريخ ما بعد الظهور ص288
(24) سورة آل عمران (33-34)
(25) غيبة النعماني ص121، بحار الأنوار ج52 ص223، بشارة الإسلام ص102، منتخب الأثر ص422، المهدي من المهد إلى الظهور ص412، تاريخ ما بعد الظهور ص228، يوم الخلاص ص303
(26) سورة النمل (62)
(27) سورة الفتح (10)
(28) بشارة الاسلام ص 268، الزام الناصب ج 2 ص 257، يوم الخلاص ص 320
(29) بشارة الاسلام ص 97، المهدي من المهد الى الظهور ص 426، تاريخ مابعد الظهور ص 243
(30) سورة البقرة (148)
(31) غيبة النعماني ص 214، منتخب الاثر ص 422، تاريخ مابعد الظهور ص 265
(32) بشارة الاسلام ص 227، منتخب الاثر ص 468
(33) غيبة الطوسي ص 284، منتخب الاثر ص 268، بشارة الاسلام ص 204، تاريخ مابعد الظهور ص 275
(34) منتخب الاثر ص 469، الزام الناصب ج2 ص205، يوم الخلاص ص292، تاريخ مابعد الظهور ص 244
(35) بحار الأنوار ج52 ص286، بشارة الإسلام ص259، يوم الخلاص ص319، المهدي من المهد إلى الظهور ص340، السفياني فقيه ص145
(36) سورة ق (41-42)
(37) منتخب الأثر ص447، يوم الخلاص ص535
(38) منتخب الأثر ص451
(39) بشارة الإسلام ص269، يوم الخلاص ص543، المهدي من المهد إلى الظهور ص341
(40) إعلام الورى ص408، يوم الخلاص ص545، بشارة الإسلام ص161
(41) بحار الأنوار ج52 ص223
(42) غيبة النعماني ص169، إعلام الورى ص426، منتخب الأثر ص458، بشارة الإسلام ص119
(43) غيبة النعماني ص172، منتخب الأثر ص455، تاريخ الغيبة الكبرى ص500
(44) بحار الأنوار ج52 ص273، إلزام الناصب ج2 ص119، بشارة الإسلام ص58، يوم الخلاص ص677
(1) سورة سبأ (51-54)
(2) سورة النساء (47)
(3) إلزام الناصب ج2 ص166، يوم الخلاص ص701
(4) بحار الأنوار ج52 ص187، منتخب الأثر ص456، بشارة الإسلام ص21، يوم الخلاص ص673
(5) غيبة النعماني ص188، بشارة الإسلام ص102، تاريخ الغيبة الكبرى ص521
(6) بشارة الاسلام ص 184، يوم الخلاص ص 692
(7) إلزام الناصب ج 2ص198، يوم الخلاص ص 679
(8) بشارة الإسلام ص270، إلزام الناصب ج2 ص259، المهدي من المهد إلى الظهور ص364، يوم الخلاص ص293
(9) سورة النحل (45-46)
(10) بحار الأنوار ج52 ص224، إلزام الناصب ج2 ص117، يوم الخلاص ص307

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية