حديث المنزلة ق(2)

24/08/2011

المُقدَّم: السلام عليكم مشاهدينا الكرام ورحمة الله وبركاته، تقبل الله أعمالكم وصيامكم في هذا الشهر الفضيل، أحييكم في هذه الحلقة من مطارحات في العقيدة، أرحب بكم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، أهلاً ومرحباً بك سماحة السيد وأبدأ مباشرة بموضوع الحلقة وهو (حديث المنزلة، القسم الثاني). سماحة السيد هناك إشارات في كلمات علماء المسلمين أن لعلي من الفضائل والمناقب لم يبلغها أحد من الصحابة، هل لك أن تبين لنا ما قاله هؤلاء الأعلام في مناقب وفضائل أمير المؤمنين عليه السلام.

سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

في الواقع أعزائي تطبيقاً للأصل الذي بيناه وأشار إليه جملة من أعلام المسلمين ومنهم نفس الشيخ ابن تيمية، قالوا بأن الأحق والأقدر والأكفأ لمقام خلافة رسول الله صلى الله عليه وآله هو الأشبه به من كل الجهات والأقرب إليه في أخلاقه وعلمه وسيرته وسلوكه ونحو ذلك. من باب أن الذكرى تنفع المؤمنين أشير إلى المصدر مرة أخرى في كتاب (منهاج السنة، ج4، ص513) تحقيق محمد رشاد سالم، قال: (فلأن النبي أفضل الخلق وكل من كان به أشبه فهو أفضل ممن لم يكن كذلك، والخلافة كانت خلافة نبوة لم تكن ملكاً فمن خلف النبي وقام مقامه كان أشبه به ومن كان أشبه به كان أفضل) إذن نحن ... طبعاً ليس هذا الرجل فقط بل موارد كثيرة في كلمات أعلام المسلمين هذه الحقيقة اُشير لها.

منهم: الإمام أبو الحسن الأشعري في كتابه (الإبانة عن أصول الديانة، ص616) سلسلة الرسائل الجامعية، رقم 68، دار الفضيلة، الطبعة الأولى سنة 1432هـ السعودية، قال: (وإذا وجبت إمامة أبي بكر بعد رسول الله وجب أنه أفضل المسلمين) يعني من يريد أن يكون خليفة رسول الله لابد أن يكون أفضل المسلمين.

ولذا أشرنا في الحلقات السابقة أن هؤلاء صاروا بصدد خلع هذا الموقع عن علي عليه السلام وأنه أفضل صحابة رسول الله لإعطائها لفلان وفلان حتى يحققوا شرط الخلافة والإمارة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله.

إذن من هنا أنا أدعو أهل التحقيق وأهل القلم وأدعو أولئك الباحثين عن الحقيقة، الله يعلم ليس الغرض أن يتشيع فلان أو يتسنن فلان ليس هذا هو هدف البرنامج، هدف البرنامج هو أن أعزائنا الذين يشاهدون هذا البرنامج ويقفون على الحقائق التي نذكرها فيه أن يتحركوا فكرياً وأن يتحرروا نفسياً. أنا أستغرب أن بعض المداخلات تأتي وتقول لنا لماذا أنه لا يأتي فلان شيخ أو فلان شيخ يجلس معكم. أعزائي أين عقولكم أنتم، يعني أنتم لا تستطيعوا أن تقرروا إلا أن يأتي الشيخ الفلاني والشيخ الفلاني، أنا أذكر لكم الحقائق وأنت بإمكانك ترجع وترى أن هذه الحقائق صحيحة أو لا.

ولذا في هذه الليلة بنحو الإجمال أن أشير إلى بعض كلمات المسلمين وبهذا سوف يتضح كيف يتميز الاتجاه العام عند علماء أهل السنة عن الاتجاه الذي سار عليه النهج الأموي وأسس له ابن تيمية وأتباعه.

انظروا ماذا يقول أعلام المسلمين في هذا المجال.

منهم: ابن حجر العسقلاني في كتابه (الإصابة في تمييز الصحابة، ج7، ص275، رقم الترجمة 5714) تحقيق عبد الله بن عبد المحسن التركي، قال: (علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هشام بن عبد مناف القرشي الهاشمي أبو الحسن، أول الناس إسلاماً في قول الكثير من أهل العلم) وقد قال ابن تيمية بضرس قاطع كما رأيتم في سابق قال بأنه كان صغير وأسلم ولا يعلم أن إسلامه يقبل أو لا يقبل ولكن الحافظ ابن حجر يقول عند كثير من أهل العلم أن علياً كان أول الناس إسلاماً، وهذا معناه أن إسلامه وهو صبي مقبول أو لا؟ نعم، قبل البلوغ إسلامه مقبول.

المُقدَّم: وأهل العلم الذين يذكرهم أغلبهم من أهل السنة.

سماحة السيد كمال الحيدري: كلهم، هو لا يتكلم عن الشيعة، يقول: (ومناقبه كثيرة) من؟ الإمام علي (ومناقبه كثيرة حتى قال الإمام أحمد لم ينقل لأحد من الصحابة ما نقل لعلي). هذا إمام الحنابلة يقول هذا، إمام من يقول ابن تيمية والوهابية أنهم يتبعون الإمام أحمد بن حنبل (لم ينقل لأحد من الصحابة ما نقل لعلي) الآن المشكلة ما هي؟ لماذا هذا؟ يقول: (وكان سبب ذلك ) أنه حاول العلماء والكتاب وأهل العلم وأهل التحقيق أن يؤكدوا على فضائل علي لأنه كان هناك نهج آخر يحاول أن يطفأ نور الله بأفواههم (وكان سبب ذلك تنقص بني أمية له) علماء الإسلام عندما وجدوا ... قلت الآن الكلام ليس في الخلافة حتى تقول أن علماء الإسلام لا يقولون بخلافة علي، الكلام ليس في خلافة علي بل الكلام في فضائله ومناقبه التي يحاول النهج الأموي أن يقضي عليها وأن يطمسها وأن يجعلها في الظل وفي الهامش. وهذا الذي أنتم وجدتم لعله تسع حلقات مرت وجدتم أن كل هم الشيخ ابن تيمية هو التنقص من علي، وهذا ما صرح به ابن حجر وغير ابن حجر وكلهم قالوا أن هذا الرجل كان يتنقص من علي، إذن نهجه نهج من يكون؟ نهج بني أمية، ولذا نحن عندما ننسب الشيخ ابن تيمية إلى أنه منظر النهج الأموي لا يتبادر إلى ذهن أحد أننا نريد أن نتهمه وإنما نريد أن نوصف حال الرجل ولعله يفتخر وأصحابه يفتخرون.

يقول: (وكان سبب ذلك تنقص بني أمية له فكان كل من كان عنده علم من شيء من مناقبه من الصحابة يبثه وكلما أرادوا إخماده) إخماد فضل علي ونور علي، إذن كان هناك ... التفت ليس أنا من أقول بل ابن حجر يقول ... يقول كان الهم الأصلي للنهج الأموي هو إخماد نور علي (يريدوا ليطفئوا نور الله بأفواههم) (وكلما أرادوا إخماده وهددوا من حدث بمناقبه) بل قتلوا وأبعدوا وفعلوا ما فعلوا حتى يقضوا على مناقب علي (وهددوا من حدث بمناقبه لا يزداد إلا انتشارا) وهذه هي العناية الإلهية، هذه هي اليد الإلهية، أن بني أمية لعشرات ولعقود أصروا وهيئوا وجعلوا كل إمكاناتهم في خدمة القضاء على علي وذكر علي وفضائل ومناقب علي وجاء بعد ذلك بقرون ابن تيمية ونظر في منهاج السنة ووجدتم ما من آية أو رواية إلا ويقول أنها كذب موضوع ضعيف لم يرد ... وما ثبت سنداً يحاول إسقاط مضمونه.

المُقدَّم: هذا النقل ينطوي على أمر وهو أن الصحابة كانوا يقفون في ذلك بوجه بني أمية، وهذا يفند القول بأن هناك ندية ما بين الآل والأصحاب.

سماحة السيد كمال الحيدري: أبداً، ولكن لا كل الأصحاب، يعني لابد أن نميز في الأصحاب النهج الأموي في الأصحاب. يقول: (وتتبع النسائي) صحاب السنن (ما خص به من دون الصحابة) يعني أنه لعلي من الخصائص والفضائل والمناقب يشاركه فيها غيره أو لا يشاركه؟ هذا الذي قلتم على خلاف نهج بني أمية وعلى خلاف الاستراتيجية التي وضعها ابن تيمية وأتباعه الأمويون الجدد من الوهابية، طبعاً عندما أقول الوهابية أقصد أهل العلم منهم أهل التحقيق منهم الذي يعرفون جيداً هذه الحقائق، أما عموم الوهابية فهم كعموم المسلمين يحبون أهل البيت.

ولا أنا من هنا أنص أن يقرءوا كتاب (خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب) للإمام الحافظ عبد الرحمن النسائي، تحقيق الدني من منير آل زهوي، المكتبة العصرية، ليعرفوا ما هي الخصوصيات والفضائل والمناقب التي اختصت بعلي، ومما ذكره هنا حديث المنزلة، قال هذه من مختصات علي. بينكم وبين الله إذا كانت هذه لا تدل على منقبة وفضيلة فكيف تكون من مختصات علي، بل تكون مما ذم به علي لا مما مدح به. هذا هو المورد الأول.

المورد الثاني: ما ورد في (الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ج3، ص1115) لأبي عمر بن يوسف بن عبد البر، تحقيق علي محمد الفجاوي، دار الجيل، بيروت، الطبعة الأولى سنة 1412هـ بعد أن يشير إلى مجموعة الفضائل يقول: (وفضائله) فضائل علي عليه السلام (وفضائله لا يحيط بها كتاب) طبعاً أقول للمشاهد الكريم هذه الفضائل المتفق عليها أما الفضائل المختلف عليها فلا أتكلم فيها الآن. فالكثير من الفضائل نحن نذكرها في كتبنا أتباع مدرسة أهل البيت وشيعة أهل البيت لعل الطرف الآخر لا يقبلها، لا، نحن لا نتكلم في تلك الفضائل، بل أتكلم في الفضائل المتفق عليها والمجمع عليها بين علماء السنة والشيعة.

قال: (وقد أكثر الناس من جمعها فرأيت الاختصار منها ...).

وكذلك بنحو الإجمال والتفصيل يراجعه الأعزاء ما ورد في (شذرات الذهب في أخبار من ذهب، ج1، ص224) لابن العماد الحنبلي، دار ابن كثير، دمشق، بعد أن يبين بعض شمائل أمير المؤمنين يقول: (وكان علي ربعة إلى القصر أدعج العينين حسن الوجه ضخم البطن عريض المنكبين لها ... كالسبع أصلع ليس له شعر إلا من خلفه، عظيم اللحية، وهو أول من أسلم عند كثيرين ... ومناقبه لا تعد) إذن القضية كانت من المسلمات عند علماء المسلمين أن الفضائل التي اختص بها علي بن ابي طالب يمكن أن يشار إليها واحد واثنين وثلاثة؟ لا يمكن.

وكذلك ما ذكره الإمام القرطبي في (المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ج6، ص270) دار ابن كثير، قال: (وكان قد خص من العلم والشجاعة والحلم والزهد والورع ومكارم الأخلاق ما لا يسعه كتاب ولا يحويه حصر حساب) والتعليق للمشاهد الكريم.

وأيضاً ممن أشار إلى هذه الحقيقة الذهبي في كتابه (تذكرة الحفاظ، ج1، ص10) قال: (ومناقب هذا الإمام جمة أفردتها في مجلد ... ).

وألخص حديثي في كلام صدر ممن لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، هذا الحديث جزء منه حجة علينا وكله حجة على جميع المسلمين. تقول لي: كيف يمكن؟ أقول باعتبار أن جزء منه مختص بهم، نحن لا نوافق عليه، والجزء الآخر متفق عليه، وقد ذكرنا منهج هذه الأطروحة في العقائد وقلنا أن المتفق عليه يكون حجة على الجميع.

في (المسند لأحمد بن حنبل، ج1، ص537، رقم الحديث859) تحقيق أحمد محمد شاكر، دار الحديث، القاهرة، قبل أن أقرأ الحديث تعالوا معي إلى الحاشية وفيها 859 (إسناده صحيح). ما هو الحديث؟

الحديث (عن علي قال قيل يا رسول الله من يؤمر بعدك) أو من يكون أميراً بعدك أو من نأمره بعدك على اختلاف القراءات (قال إن تؤمروا أبا بكر تجدوه أميناً زاهداً في الدنيا راغباً في الآخرة) هذا المقطع من الحديث ليس حجة علينا، لماذا؟ لأنه مما اختص به الطرف الآخر كما أنه ليس الأحاديث عندنا في أصول الكافي ليست حجة عليهم كذلك ما ورد في مسند أحمد ليس بحجة علينا. (وإن تؤمروا عمر تجدوه قوياً أميناً لا يخاف في الله لومة لائم) هذا أيضاً ليس حجة علينا. محل الشاهد هذا (وإن تؤمروا علياً) هذه من معاجزه ومن إخباراته بالغيب (ولا أراكم فاعلين) إذن رسول الله كان يعلم أنه تحاك المؤامرات وهذا في مسند أحمد، أنا لا أنقل لكم من كتاب أصول الكافي او من البحار أو من نهج البلاغة ولا يعلم السند ما هو، والخطب التي تلاعبوا بها في نهج البلاغة، وما أدخلوا فيه وما أخرجوا وهذا الدعوى التي يطبل لها البعض ويزمر ويحاول أن يوهم الناس أن علماء الشيعة يقبلون بصحة كل ما ورد في نهج البلاغة، كلام لا أساس له، كلام إعلامي، كلام للتسويق، كلام واقعاً لا أريد أن أعبر عنه تعبيرات أخرى، لا قيمة لهذا الكلام، فهو للدعائية وللإيهام، وإلا نحن أصول الكافي لا نقول أن كل ما فيه صحيح فما بالك بكتاب نهج البلاغة.

أما ما هو الصحيح وغير الصحيح؟ إن شاء الله أعد المشاهد الكريم بالوقوف عند هذا.

قال: (ولا أراكم فاعلين) يا رسول الله لماذا؟ ما هي مشكلة علي؟ فعلي مثل هؤلاء. يقول: لا، في النفس منه شيء. هذا هو الذي قتل صناديدهم وهو الذي فعل وفعل فكيف يسمحون له. ومحل الشاهد ليس هذه العبارة (ولا أراكم فاعلين). قال عن أبي بكر أمين وزاهد وقال عن عمر قوي وأمين، التفتوا ماذا قال عن علي؟ قال: (تجدوه هادياً مهدياً) هذه اشتركوا فيها ثلاثة، وأضاف رسول الله (يأخذ بكم الطريق المستقيم) هذه غير موجودة لا في أبي بكر ولا في عمر. إذن علي إذا قلنا هو الصراط المستقيم فلا يقول لنا قائل: من أين تقولون، هذه روايات لم يأتِ بها سلطان. هذا مسند أحمد رسول الله في سند صحيح كما يقول أحمد محمد شاكر، يقول (يأخذ بكم الطريق المستقيم) يعني أيها الناس أيها المسلمون في كل العالم عندما تقرءون يومياً مرات ومرات (إهدنا الصراط المستقيم) من يأخذ بكم إلى الصراط المستقيم؟ يأخذ بكم علي عليه أفضل الصلاة والسلام، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.

قد يقول قائل: سيدنا المعركة انتهت، الإمارة انتهت. أقول: لا، القضية ليست الآن في الإمارة، بل القضية في المرجعية الدينية وأنه الهداية والدين والطريق، أصل الدين، الصراط المستقيم، عدم الضلال، هذا بيد من نأخذ؟ هذا أمامكم حديث صحيح واضح من مسند الإمام أحمد وصححه أحمد محمد شاكر.

قد تقول: قد ضعفه فلان.

أقول: جيد، اختلاف في الرأي، ولكنه جملة من المحققين الكبار أيضاً صححوه.

المُقدَّم: والهداية صفة القرآن.

سماحة السيد كمال الحيدري: اساساً قلتم لكم جنابك في سورة الحمد في اليوم والليلة مرات ومرات تقول إهدنا الصراط المستقيم ورسول الله يقول ماذا؟ (يأخذ بكم إلى الطريق المستقيم). هذا من قبيل (فأتوا البيوت من أبوابها) أنا مدينة العلم وعلي بابها، يعني باب رسول الله من أين يؤتى إليه؟ حتى في حديث (ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى) إن شاء الله بعد ذلك، وهذا أصل أسسه بعد ذلك للأعزاء أن الأحاديث تبين مصاديق الآيات القرآنية، لابد أن نرجع إلى القرآن لنرى أن هارون وموسى ما كان واقعها، بعد ذلك سيتضح أن هذا الحديث المبارك ما هو.

المُقدَّم: تكلمنا الآن عن فضائل ومناقب أمير المؤمنين في كتب علماء المسلمين من أهل السنة.

سماحة السيد كمال الحيدري: وأنه الأفضل. فتنطبق قاعدة ابن تيمية.

المُقدَّم: أين يقع حديث المنزلة من هذه المناقب.

سماحة السيد كمال الحيدري: أحسنتم سؤال وجيه جداً، انظروا أعزائي الأحاديث الواردة في بيان فضائل ومناقب ومقامات درجات الإمام علي لابد أن تصنف درجاتها، بعضها يمكن أن نعبر عنها فضيلة من الدرجة الأولى، بعضها فضائل من الدرجة الثانية، وبعضها فضائل من الدرجة الثالثة.

قد يقول قائل: ما معنى فضيلة من الدرجة الأولى؟ الجواب: لأنها تشير إلى مقامات عالية جداً، من قبيل الآية المباركة أن يكون الإنسان نفس رسول الله، أنا استغرب عندما يصل الأمر إلى الخليفة الأول إذ يقول لصحابه لا تحزن على فرض أننا قبلنا أن المراد من صاحبه في الآية الكريمة هو أبو بكر، تقومون الدنيا ولا تقعدونها تقولون أن القرآن أشار إليه بعنوان صاحب رسول الله، بيني وبين الله أمن المنطق عندما يشير القرآن إلى أن علي نفس رسول الله تبعدون هذا، أي منطق هذا. سلمنا معكم لا نذهب إلى الروايات من هو الأقرب إلى الإنسان من هو نفسه أو من هو صاحبه، الصحبة تعني الاثنينية والنفس تعني الوحدة، إلا ما خرج بالدليل.

هذه آية تستدلون بها على فضيلة للخليفة الأول، وهذه نفس الآية موجودة.

المُقدَّم: ولا إشكال في ذلك.

سماحة السيد كمال الحيدري: ذاك يحتاج إلى بحث أن نعرف من هو المراد من صاحبه، مع أنه في الآية لم يذكر اسم أبي بكر، ولكن يطالبونا لماذا هنا لم يذكر اسم علي، إذا كان عدم ذكر الاسم دليل على عدم الفضيلة أيضاً أبو بكر لم يأتِ اسمه في القرآن الكريم، لماذا الكيل بمكيالين؟

المُقدَّم: هذه علي.

سماحة السيد كمال الحيدري: أعزائي الفضائل من الدرجة الأولى هي تلك الفضائل التي أولاً التفتوا إلى هذه الخصوصية أولاً أنها مما اختص بها علي عليه السلام، هذه الفضيلة لا توجد في غيره، ولذا قلنا أن النسائي قال خصائص أمير المؤمنين عليه بن أبي طالب، يعني هذه له وليست لغيره، وهذه من قبيل عندما نأتي إلى النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ونقيسه إلى أخوانه من الأنبياء، نقول أن هناك مشتركات بينه وبين باقي الأنبياء ولكن هنا خصوصيات للنبي الخاتم ومنه أنه خاتم الأنبياء والمرسلين. هذه الخصوصية لا توجد في غيره من الأنبياء.

الفضائل من الدرجة الأولى هي المختصة به أولاً، لا فقط هذه، قد تكون هناك فضائل مختصة ولكن ليست لها قيمة. وثانياً أنها عالية جداً تشير إلى منقبة عالية جداً.

أما القسم الثاني والثالث فله حديث آخر ولا أريد الإطالة فيها.

السؤال: أن حديث المنزلة هل يعد من الفضائل من الدرجة الأولى أو لا؟

أنا في اعتقادي وفي اعتقاد مدرسة أهل البيت جميعاً وفي اعتقاد كثير من علماء أهل السنة من حيث المنقبة والفضيلة لا من حيث الخلافة والإمارة، وبالأمس أشرنا، أن هذا الحديث وهو حديث المنزلة يعد من أهم مناقب علي وأوضحها وأصرحها وأعمقها وأدقها الذي جاء على لسان رسول الله.

تقول: سيدنا إذن ماذا تفعل بالإشكالات التي ذكرها ابن تيمية.

أقول: سنأتي عليها واحدة بعد الأخرى.

انظروا إلى (الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ج3، ص1097) لابن عبد البر، دار الجيل، بعد أن ينقل هذا الحديث يقول: (وقال له أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. وروى قوله: أنت مني ... جماعة من الصحابة) التفتوا جيداً هذا الذي قلت فضائل من الدرجة الأولى (وهو من أثبت الآثار وأصحها) لا يوجد كلام في هذا الأثر وصحة هذا الأثر. (رواه فلان وفلان ... وطرق حديث سعد فيه كثيرة جداً قد ذكرها ابن أبي خيثمة وغيره ورواه ابن عباس وأبو سعيد الخدري وأم سلمة وأسماء بنت عميس وجابر بن عبد الله وجماعة يطول ذكرهم).

ولهذا وجدتم بأنه ابن تيمية لم يستطع أن يناقش السند، لأنه عند ذلك سيكون كذاباً أشر، يعني كان تسقط مصداقيته، وإلا أقسم لكم لو كان بيده أن ينكر هذا الحديث لأنكر لأنه أنكر حديث (من كنت مولاه فهذا علي مولاه) وقال لم يرد في المصادر.

إذن من حيث السند لم يستطع أن يفعل شيئاً، ماذا فعل؟ وصل إلى المرحلة الثانية وهي مرحلة المضمون والدلالة وفقه الحديث. ماذا قال؟ بالأمس أشرنا قلنا أنه استعمل إستراتيجية ذات خطوات ثلاثة، وبالأمس اشرنا إلى الخطوة الأولى والخطوة الثانية وبقيت الخطوة الثالثة. ما هي الخطوة الثالثة؟ قال لو سلمنا أن هذا النص فيه منقبة وفضيلة لعلي عليه السلام فلا محذور في ذلك فأنه يوجد في أبي بكر وعمر ما هو أفضل من هذه.

لماذا هذا الإصرار؟ لأنه بمجرد إذا ثبت أنه الأفضل إذن يكون الأحق والأكفأ والأقدر والأشبه برسول الله. إذن لابد أن يبعدوه عن هذا المواقع بأي طريق أمكن.

انظروا ماذا قال ابن تيمية في (مجموعة فتاوى الشيخ الإسلام ابن تيمية، ج4، ص455) الطبعة التي طبعت بأمر خادم الحرمين الشريفين، قال: (وقد ثبت في الصحيح) يعني أن النص الوارد في هذا الأمر الذي يريد أن ينقله صحيح السند، لا يوجد فيه إشكال (أن النبي صلى الله عليه وآله لما استشار أصحابه في أسارى بدر وأشار عليه أبو بكر أن يأخذ الفدية منهم وإطلاقهم، وأشار عليهم عمر بضرب أعناقهم، قال النبي صلى الله عليه وآله) الآن اختلف أبو بكر وعمر كيف يمكن أن يفرض أنهما اختلفا!! انظر ماذا يقول؟ يقول: (قال النبي أن الله يلين قلوب رجال فيه حتى تكون ألين من البز ويشدد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الصخر) إذن أبو بكر لين وعمر شديد. ومحل الشاهد (وأن مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم الخليل). هناك أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إذن مثل علي مثل هارون ولكن أبو بكر مثله مثل شيخ الموحدين إبراهيم (فمن تبعني فأنه مني، ومثل عيسى من مريم) لا يكفي نبي واحد من أنبياء أولي العزم لابد من اثنين (ومثل عيسى بن مريم، ومثلك يا عمر مثل نوح عليهم السلام إذ قال ربي لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً، ومثل موسى بن عمران ...).

هذا في مجموع فتاوى ابن تيمية، ولكن عندما نأتي إلى (ج4) من منهاج السنة يكمل هذا الحديث (منهاج السنة، ج4) الكتاب المؤلف من أربعة مجلدات، نشر دار الفضيلة، ماذا يقول هناك؟ (ألا ترى إلى ما ثبت في الصحيحين) وهناك قال (ثبت في الصحيح) يعني الرواية صحيحة، أما هنا فاصطلاح الصحيحين يعني البخاري ومسلم. إذن يدعي أن هذه الرواية وردت في البخاري ومسلم، ينقل الرواية وبعد ذلك يقول: (فقوله لهذا) يعني لأبي بكر (مثلك كمثل إبراهيم وعيسى ... ولهذا) يعني لعمر (مثل نوح وموسى أعظم من قوله أنت مني بمنزلة هارون من موسى فإن نوحاً وإبراهيم) بالنسبة لأبي بكر (وموسى وعيسى أعظم من هارون وقد جعل هذين ...).

إذن على هذا الأساس حتى لو سلمنا أن هذه منقبة علي فإذن قال يوجد في الصحابة في أبي بكر وعمر ما هو أعلى من علي بمراتب، لأنه أين النسبة بين نبي من أنبياء أولي العزم بين شيخ الأنبياء وبين هارون الذي ليس هو من أنبياء أولي العزم.

هذه هي الخطوات الثلاث التي استعملها، وأنا هنا أريد أن أصير لسان حال الشيخ ابن تيمية، وبهذا اتضح أن هذه الرواية التي يستدل بها الروافض بتعبيرهم لإثبات أن هناك منقبة أساسية لعلي بن أبي طالب أتضح بطلانها وعدم صحتها.

المُقدَّم: كمستمع أنا أجد أن ابن تيمية لم يصل إلى نتيجة في هذا الحديث، فهو قد عدد الاحتمالات ونقض كل احتمال وكل تفسير لكنه لم يعطي المشاهد يعني جعله في حالة غموض.

سماحة السيد كمال الحيدري: وهذا يكفي عنده، بأن يقول أن الرواية ليس في وضوح وصراحة في أنها تعطي خصوصية، ولو يكفي الإجمال، قصده أصلاً من تكثير الاحتمالات هو أن يجعل الرواية ضبابية.

المُقدَّم: هل ما ذكره ابن تيمية في أن الخطوات الثلاثة في مناقشة دلالة حديث المنزلة تام أن غير تام.

سماحة السيد كمال الحيدري: في الواقع أنا استبعد في هذه الليلة أن نستطيع أن نجيب على كل هذه القضايا. أنا أحاول أن أبدأ بالخطوة الأخيرة، ماذا قال؟ قال: لو ثبت أن علياً ثبتت له هذه المنقبة وهو أنه بمنزلة هارون من موسى، يعني إذا أردنا أن نقايس كيف أن هارون له منزلة خاصة. وبعبارة واضحة لا إشكال أن هارون كان أفضل قوم موسى، هذا لا شك فيه ولا بحث فيه، يعني هل يوجد أفضل من هارون في قوم موسى.

المُقدَّم: وهو نبي.

سماحة السيد كمال الحيدري: لا لا، لا أقول نبي، هارون وصي موسى، وهو أفضل من هو موجود في قوم موسى، إذن أول ما يثبت أن علياً أفضل أصحاب رسول الله، فهذه لا تحتاج كما يقال إلى رياضيات 2+2= 4 حتى لو لم نقل الإمارة والخلافة والعلم ...

سؤال: هو ماذا فعل؟ نعم إذا كانت نسبته نسبة هارون إلى موسى، فإبراهيم أعظم بكثير من هارون.

تعالوا لنرى يوجد ادعاءان عند الشيخ ابن تيمية:

الادعاء الأول يدعي أنه ورد في الصحيحين، يعني في البخاري ومسلم، أعزائي هذه يدي ممدودة لكل محقق ولكل متابع ولكل مراجع أن يجد في صحيح البخاري ومسلم هذا الحديث. ولكن من يثق بالشيخ ابن تيمية لا يعقل أنه يقول في الصحيحين وهو غير موجود، وعندي شاهد على ما أقول. شاهدي في نفس هذا الكتاب وهو (منهاج السنة، ج3، ص597) المحقق الدكتور محمد رشاد سالم، بعد أن ينقل هذا الحديث يقول: (الحديث مع اختلاف في الألفاظ عن عبد الله بن مسعود في المستدرك للحاكم، والحديث في المسند والحديث أورده الترمذي وأورده ...) ولا يشير إلى البخاري ومسلم.

إذن الأمر الأول التدليس الأول الذي دلسه هذا الرجل ... ما يرتبط بعلي يضعف ويسقط الصحيح، أما ما يرتبط بغيره يصحح الضعيف. يصحح غير الموجود ويدلس أنه موجود وهو غير موجود. يجعله من الصحاح وهو غير موجود.

قد يقول قائل: سيدنا لماذا تقولون ... فقد قال في مجموع الفتاوى فقد ثبت في الصحيح، فمقصوده أن هذه الرواية صحيحة من حيث السند من هذه الجهة، ولا يريد أن يقول شيئاً آخر.

السؤال المطروح هنا: هل أن الرواية صحيحة أو لا؟

قد يقول قائل: هذه ليست في الصحيحين ولكنها صحيحة.

تعالوا لنرى أن هذه الرواية صحيحة أو لا؟

أذكر هذا المعنى من أربعة أو خمسة من المحققين المعاصرين لنرى أن الرواية صحيحة أو غير صحيحة، تنزلنا أنها غير موجودة في الصحيحين.

هذا كتاب (فضائل الصحابة، ج1، ص221، رقم الحديث 186) لأحمد بن حنبل، تحقيق وصي الله بن محمد عباس، دار ابن الجوزي، قال: (ما تقول في هؤلاء الأسارى ... إسناده ضعيف) إذن المحقق الأول قال الرواية ضعيفة.

ومحقق آخر في كتاب (السنن الكبرى، ج6، ص610، الحديث رقم 12844) للإمام البيهقي تحقيق إسلام منصور عبد الحميد، دار الحديث، القاهرة، بعد أن ينقل الحديث يقول: (ضعيف). هذا هو المورد الثاني.

المورد الثالث ما ورد في كتاب (مسند الإمام أحمد، ج6، الرواية برقم 3632) تحقيق شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة،. يقول: (إسناده ضعيف لانقطاعه) هذا هو العلامة شعيب الأرنؤوط.

وكذلك محقق كتاب (البداية والنهاية، ج5، ص163) لابن كثير، تحقيق عبد الله بن عبد المحسن التركي، في الحاشية يقول: (إسناده ضعيف).

إذن لا هو في الصحيحين، هذا هو التدليس الأول، ولا ثبت في الصحيح.

نعم، يوجد عندهم قول واحد وادعاء واحد، وهو أنه لماذا تستبعدون تصحيح الحاكم النيسابوري لهذه الرواية، الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين صحح هذه الرواية، ولذا اضطر الدكتور محمد رشاد سالم محقق كتاب منهاج السنة النبوية أن يستند إلى الحاكم النيسابوري، قال في (ص597) من الكتاب قال: (وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد, ولم يخرجاه) حتى يوهم القارئ أن ابن تيمية عندما قال صحيح فكلامه مستند إلى الحاكم النيسابوري. بيني وبين الله إذا كان شيخ الإسلام يقبل بتوثيقات الحاكم والله كنا نقبل منه ولا مشكلة عندنا، ولكن هذا (مجموع فتاوى ابن تيمية، ج22، ص426) يقول: (وأما حديث المعتمر بن سليمان عن أبيه فيعلم أولاً أن تصحيح الحاكم وحده وتوثيقه وحده لا يوثق به). إذن هذا التصحيح لا يمكن الاستناد إليه.

إذن فتحصل الخطوة الثالثة وهي أنه استند إلى روايات لإثبات أنه يوجد عند أبي بكر وعمر ما هو أعلى مرتبة مما علي، لم يثبت عند أصحابه، لم يثبت صحته عند علماء أهل السنة فما بالك بثبوته عند علماء أهل البيت.

المُقدَّم: هذا ربما هو الذي قلناه أنكم لا تكتفوا بالشيخ الفلاني الذي يقول كذا، ما يقول ابن تيمية اذهبوا أنتم إلى مصادركم وابحثوا فيها، توسعوا قليلاً في مصادر المسلمين عامة وانظروا ماذا قيل في هذا الشخص، وماذا قيل في هذه الرواية، طبعاً الكلام لأهل البحث والتحقيق. والعامة إذا أرادوا أن يقوموا بهذا فهو جيد.

سماحة السيد كمال الحيدري: هذا طبعاً غير مختص فقط بعموم المسلمين، حتى أتباع شيعة أهل البيت الذين هم أهل تحقيق ومراجعة، واقعاً لابد أن لا يقبلوا أن فلان قال وفلان قال. أبداً، لابد أن نتحقق إذا كنا من أهل التحقيق.

المُقدَّم: الأخ إبراهيم من السعودية.

الأخ إبراهيم: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ إبراهيم: سألت عن الخطب الواردة في نهج البلاغة عن علي بن أبي طالب عليه السلام، وذكرت أنها قد ثبت صحة كثير منها.

سماحة السيد كمال الحيدري: لا لم أقل كثير منها. أنا قلت أنا لا أقول أن كله صحيح. هذا تدليس لكلامي.

الأخ إبراهيم: لم تقل بصحة الكثير منها، ولكن أقر بعدم صحة جزء منها. ما دام أنك متأكد من هذا الشيء، وأنت تتهم ابن تيمية بالتدليس، هل تتهم العلماء الذين رووا عن علي عليه السلام بالتدليس والكذب على علي عليه السلام.

المُقدَّم: حسام من السويد.

الأخ حسام: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ حسام: سؤال الأول: هل يوجد أن الرسول الله يقول للإمام علي ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى وبين أنه يقول النبي لأبي بكر وعمر أن مثلكما مثل إبراهيم وعيسى. نعم، اعتقد أنه يمثل، ولكن عندما قال للإمام علي أعطى للإمام منقبة فقد نصبه وقال له أنت وصيي. السؤال الثاني: في ولادة الإمام علي ابن تيمية ينكر أن يكون الإمام علي وليد الكعبة.

المُقدَّم: الأخ نديم من الأمارات.

الأخ نديم: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ نديم: السيد قال أن الرسول عين الإمام علي خليفة من بعده، السؤال المطروح من قبل المخالفين هل كيف يتنازل أمير المؤمنين عن حقه وهو يعلم أنه خليفة رسول الله.

المُقدَّم: الأخ محمد من العراق.

الأخ محمد: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ محمد: الرواية التي وردت عن النبي في تشابه إبراهيم مع أبي بكر، هذه مثلية، عندما تصدر من المعصوم، ما هي مساحة التطابق هل هي كلية أو جزئية حتى نعرف واقع هذا التشابه في هذا الجانب، وسماحة السيد أشار في الحلقة الماضية أن حديث الأشباه الذي هو صحيح السند بشرط مسلم والبخاري بحق علي وما يترتب على ذلك أن علماء الأصول كالتفتزاني يعلموا الناس حقيقة أفضلية علي على كثير من الأنبياء في هذا المجال.

المُقدَّم: الأخ فهد من الكويت.

الأخ فهد: السلام عليكم.

المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ فهد: أتمنى أن لا يتعصب كثيراً على أساس أنه يتحفنا بهذه الاطروحات.

المُقدَّم: نعود إلى الإشكالات التي طرحت والتساؤلات، فيما يتعلق بالشيخ إبراهيم من السعودية.

سماحة السيد كمال الحيدري: الشيخ إبراهيم يقول -أنا أقرر إشكاله حتى يكون إشكالاً واضحاً وعند ذلك أجيب- أنت عندما قبلت أن الشريف الرضي نقل مجموعة من النصوص عن علي وقبلت أنها ليست صحيحة، فهل أن الشريف الرضي أيضاً مدلس كما أن ابن تيمية مدلس.

الجواب: التدليس متى يكون؟ عندما تكون الرواية عند العلماء صحيحة ويأتي واحد ويكذبها. أو عندما تكون رواية عند العلماء ضعيفة ويأتي واحد يصححها، والشريف الرضي أين فعل ذلك، دلني على خطبة واحدة ثبتت بطريق صحيح ونحن كذبناها أو كذبها الشريف الرضي، أو دلني على رواية هي ضعيفة والشريف الرضي قال أنها صحيحة ثبت في الصحيح، لو كان يقول هكذا لكنت أقول نعم أن الشريف الرضي أيضاً لم يلتزم الأصول العلمية كما لم يلتزم الشيخ ابن تيمية.

المُقدَّم: أساساً لم يعمل الشريف الرضي على السند.

سماحة السيد كمال الحيدري: على السند أبداً.

المُقدَّم: هو جمعه.

سماحة السيد كمال الحيدري: جمعه كما تقولون في مسند الإمام أحمد كما تقولون في المسانيد كما تقولون ...

المُقدَّم: جوامع حديثية.

سماحة السيد كمال الحيدري: نعم، تلتزمون أن كل ما في صحيح البخاري ومسلم صحيح، وقد اتضح أنه البخاري ومسلم ليس كله صحيح. أما نهج البلاغة، هذا كلامي موجه لجميع المسلمين في العالم وبالخصوص شيعة أهل البيت، أعزائي الكرام التفتوا إلى هذه الحقيقة أن نهج البلاغة لا يرتقي حتى إلى كتاب أصول الكافي، وعلى فرض أنه بمستوى أصول الكافي نحن لا يوجد عندنا كل ما في أصول الكافي صحيح، لابد أن ننظر إلى السند وإلى المتن، قد يكون السند صحيح ولكنا لا نوافق على متنه، لأنه هناك معارضات لهذا، هذا أولاً.

وثانياً: صرح الشريف الرضي وهذه قلت لكم هذه القضية الإعلامية التي يحاول أن يسوقها البعض ويوهم أن علي بن أبي طالب يتلخص في نهج البلاغة، هذه مختارات من خطب علي، ما معنى مختارات؟ يعني ليست كلها. فمن يريد أن يعرف نظرية علي بن أبي طالب في الخليفة الأول وفي الخليفة الثاني وفي الصحابة وفي حروب الردة وفي خلافته، في إمامته، لابد أن يجمع كل ما قاله الإمام علي، لا أنه ينتقي، هذه نظرية الانتقاء الفاشلة البائسة المخذولة وهو أن ينتقي الخطب التي يريدها ويقول انظروا ماذا قال علي. فنفس علي هذا علي فيخطب أخرى قال شيئاً، أخرى نفس هذا علي في كتاب آخر قال شيئاً آخر، نفس هذا علي في كتاب الاحتجاج عندنا للطبرسي قال شيئاً آخر.

إذن المغالطة انظروا القرآن عندما يأتي إلى بعض الناس يقول (الذين جعلوا القرآن عضين) يعني بعضوا القرآن أخذوا ببعض وتركوا البعض الآخر. في نهج البلاغة أيضاً كذلك يأخذ سطراً واحداً من خطبة ويقول هذا رأي علي بن أبي طالب. هذا من أسوء وأردئ وأضعف طرق الاستدلال، أن تستند إلى جملة واحدة وتترك نهج البلاغة، بل وتترك كل ما قاله علي، بل وتترك كل ما قاله أئمة أهل البيت.

المُقدَّم: لأنهم شيء واحد.

سماحة السيد كمال الحيدري: لأن هؤلاء جملة واحدة، بل وتترك ما قاله القرآن الكريم، افترضوا أن علياً قال شيئاً ولكن عرضنا على كتاب الله وأئمتنا قالوا اعرضوا كلامنا على كتاب ربنا، فإن وافق فخذوه وإن لم يوافق فهو زخرف. افترضوا أن علياً بن أبي طالب قال شيئاً عن شخص أو جماعة أو فئة وعندما عرضناه على القرآن الكريم وجدنا أن القرآن يقول هذه صفات المنافقين وفي الخطبة يبين أنها صفات المؤمنين فهذه ليست بحجة علينا.

إذن هذه القضية ولذا أنا إن شاء الله أن أوفق في مناسبة أخرى أن أقف عند نهج البلاغة وعند موقف علي من الخلفاء وعند موقف الخليفة الأول والثاني والثالث.

المُقدَّم: لو سلمنا بما قاله النبي للخليفة الأول والثاني. ما هو الفرق.

سماحة السيد كمال الحيدري: الجواب: يقول القائل ثبت العرش ثم انقش، الرواية لا قيمة لها، فلماذا نتعب أنفسنا في فهم مضمونها، إنما نذهب لفهم مضمون إذا تم سند الرواية وهم صرحوا بأنها منقطعة ضعيفة لا قيمة لها. فإذن لا حاجة لنا أن نقف. أنتم تصوروا لو أن رسول الله كان يريد أن يعطي هذا المقام لأبي بكر وعمر كان تكلم بنفس هذا المنطق الذي قاله لعلي أنت مني بمنزلتك وصي إبراهيم لإبراهيم وصي موسى ... ولكن وضع هذا مثل هذه، هذا الذي عبر عن نفسه قال: أوتيت بجوامع الكلم ... لا يتكلم بمثل هذا الكلام لأنه لا ينسجم مع كل كلمات رسول الله صلى الله عليه وآله.

المُقدَّم: قضية إنكاره لقضية ولادة الإمام علي في الكعبة.

سماحة السيد كمال الحيدري: أقول ليست هذه واحدة، أعزائي كونوا على ثقة أني على استعداد أن أعيش مع الأعزاء سنة كاملة كل الفضائل يقول لا يوجد نقل واحد صحيح أن آية نزلت في شأن علي. مع أنه إجماع المسلمين أن هناك عشرات الآيات نزلت في علي. آية المودة أعزائي ينكر أنها نازلة في علي وآل بيته، هذا المعنى الثابت عند كل علماء المسلمين أن آية المودة شاملة لعلي وفاطمة والحسن والحسين ... أو لا أقل إما مختصة بهم أو لا أقل شاملة لهم، يقول هذه السورة أو هذه الآية مكية ولا علاقة لها بعلي وغير ذلك . أساساً يا أخي قد قرأنا من ابن حجر قلنا أن كان يتنقص ... بني أمية كان همهم تنقيص علي والذي نظر وأسس لذلك هو ابن تيمية ويسوقه الآن الوهابية الأمويون الجدد.

المُقدَّم: إذن هي إستراتيجية.

سماحة السيد كمال الحيدري: إستراتيجية واضحة المعالم.

المُقدَّم: شكراً لكم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، شكراً لكم أعزائي المشاهدين إلى اللقاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.