مع الطفل في سنواته الأولى

بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِيمِ

مع الطفل في سنواته الأولى

محسن محمد

 

تتميز السنوات الأولى من عمر الطفل بكونها مرحلة حضانة ورعاية, فيعتني فيها بحاجات الوليد الجسدية والصحية بنحو يصعب قيام المربي بدور توجيهي معنوي يتجاوز تلك الحاجات, اللهم إلا إذا عممنا مفهوم التربية ليشمل تبعات مرحلة الحضانة وأعمالها اللازمة لنمو الطفل وإشباع حاجاته الطبيعية, ولكننا مع هذه الصعوبة يمكننا أن نلمح بعض الأمور المهمة والأساسية التي ينبغي مراعتها, سيما من قبل الأم التي هي أكثر ملازمة للطفل في هذه السنوات الأولى, حيث يبدو هنا أن ترك التأديب والتوجيه يعني عدم قابلية الطفل لاستيعاب أي توجيه تعليمي يجعله قادراً على فعله بانتظام لإدراكه فوائده أو لخوفه من العقاب. فإذا استجاب الطفل لنمط تربوي معين فليس ذلك إلا لأنه تكرر منه كثيراً فأصبح مألوفاً وجزءاً من فعله اليومي, أو لأن عنده ميولاً واستعدادات فطرية ووراثية ساعدته على أن يصبح نمطاً مستمراً له.

حتى أن السنوات الثلاثة أو الأربعة التي تلي مرحلة الحضانة فيها كثير من روح مرحلة الحضانة وخصائصها, من حيث عدم قابلية الطفل لاستيعاب قيم الأفعال والتصرفات, ومن ثم صعوبة انفعاله المميز بالتوجيه وتأثره به, ولكنه في الحقيقية ـ مع ذلك ـ يصبح أكثر رغبة في التقليد ومحاكاة الآخرين, وميالاً لإظهار قدراته وإثبات حضوره, ومصرّاً على اكتشاف الأشياء والمفاهيم والتعرف عليها, مضافاً إلى ولعه الشديد باللعب والصراخ وكثرة الحركة, وهذا من شانه أن يرتّب تبعة هامة ودقيقة على المربّي في كيفية التعاطي مع ولده في غير إطار التعليم والتأديب, فيفرض عليه مرتبة عالية من الصبر والحنكة ليحسن استيعاب هذه المرحلة.

وفي هذا الإطار نحب أن نسوق جملة وصايا ترسم ملامح المنهج وأُصوله لهذه المرحلة الهامة.

وذلك على النحو التالي:

1ـ المندوبات المرغوبة:

لقد رغّبت الشريعة الأبوين في القيام بالعديد من الأُمور التي نعتقد أنّ لها انعكاساً مباشراً على مستقبل الولد وحسن تربته , لأن المدى الذي سوف يستجيب فيه الطفل للتأديب محكوم ـ في عمقه وحقيقته ـ لتكوين النفس والجسد عندما يكون نطفة أو جنيناً, الأمر الذي يحتّم عناية الأبوين بهذه القابليات منذ بداية تكوينها, فلا بد من إلفات النظر إلى جملة منها. . . وهي:

أـ حسن اختيار الأبوين, نسباً وديناً وجمالاً وصحة, لبداهة تأثير ذلك على ما يرثه الولد من أُمه وأبيه.

ب ـ إحاطة وضع النطفة والولادة بالذكر والدعاء المأثور أن يجعله الله ولداً صالحاً, وأن لا يكون للشيطان نصيب فيه, ونحو ذلك من مأثور الدعاء والأذكار وآداب الجماع الواردة في الأخبار(1).

ج ـ حسن التغذية للحامل كبديهة طبية تثبت تأثيرها المتنوع على جسد الطفل ونفسه, والالتزام بما ورد عن ذلك في المأثور من الأحاديث المرغبة في تناول أطعمة معينة حال الحمل(2).

دـ تجنب الانفعالات الحادة خلال فترة الحمل, والحرص على أن تبقى المرأة طبيعية هادئة قدر الإمكان, ولا شك أن التزام المرأة بأوراد معينة وعبادات خاصة وسلوكها طريق التقوى. . يساعدها على الطمأنينة وصفاء القلب الذي يؤمّل أن يكون له أثر إيجابي على إيمان الجنين وروحه.

هـ ـ أداء المندوبات المطلوبة حين الولادة . . . من قبيل حسن التسمية والتصدّق عنه, والأذان في الأُذن اليمنى والإقامة في اليسرى, ختانه, والعقيقة عنه خاصة, فإنّه قد ورد فيها الكثير من الأخبار واعتنى بها التشريع عناية مميزة(3). وكذلك مراعاة الآداب والمندوبات التي رغب فيها الشرع في فترة الرضاع. . لما للحليب من تأثير جسدي وروحي على الولد(4).

2ـ رعاية الجسد:

ونعني بها ضرورة العناية التامة ـ في هذه المرحلة ـ بغذاء الطفل وسلامة جسده, وهي وإن كانت بديهية من جهة, ولا تدخل في العملية التربوية بمعناها المصطلح الذي نعالجه من جهة أُخرى, ولكنها لصيقة بعرضنا من حيث انعكاس هذه الأُمور الثلاثة على نفسية الطفل ونوع سلوكه الفردي والاجتماعي, وصحيح أنها شاملة لجميع المراحل ولكنها في هذه المرحلة أساس لما عداها وأولى بالعناية, لأن الطفل فيما بعد السادسة أو السابعة من عمره يمكنه الاستقلال بهذه الأمور عن أهله. . عدا علاقة يسيرة.

وهنا نلاحظ أن من المستحسن للأهل الالتزام التام بالقواعد الغذائية والصحية المعروفة, لأن سلامة الجسد وصحته موجبتان لسلامة النفس واطمئنانها وانطلاقها لمباشرة مهامها بكفاءة وقوة, هي مسؤولية مهمة يقع عبؤها على الأبوين, وبالأخص على الأم.

ومضافاً إلى ذلك فإنه لا بدّ من مراعاة القواعد الشرعية ومنع الطفل في سنوات الأولى ـ قدر الإمكان ـ من تناول الغذاء المحرّم أو النجس, والطفل وإن لم يكن مكلّفاً بذلك. . ولكنه لا يعني انعدام آثاره السيئة عليه صحياً ونفسياً.

وأما النظافة فإن من الجيد أخذ الطفل بها وتعويده عليها, ولكن من الصعب النجاح في ذلك بنحو تام. . والى مدى خمس سنين تقريباً, بسبب ميل الطفل إلى اللعب والعبث ورغبته في اكتشاف الأشياء , لذا فإنه لا ينبغي مطلقاً ضربه والقسوة عليه من أجل ذلك, سيما عند الإفراط في مراعاة مقتضيات النظافة التي يفرضها هذا العصر وأعرافه , وبنحو قد يخلخل طمأنينة النفس الغضة ورغبتها في الاسترسال والانسياق مع دوافع فطرية ضرورية لنموه.

3ـ التخويف:

وهو أن يلجأ المربي ـ خلال هذه المرحلة ـ إلى تخويف الولد بشيء ما من أجل أن يقنعه بفعل شيء أو تركه, وقد جرت العادة على تخويفه من الغول أو الظلام أو (البع) أو زرق الإبرة أو تركه وحيدا أو حرق بعض جسده بالنار. . أو غير ذلك من أسباب الخوف, ومن يلجأ إلى ذلك قد يكون مضطراً وقد لا يكون مضطراً أبداً. . ولكنه ألف استخدام هذا الأُسلوب لما رآه من فوائده السريعة.

ولهذا الأُسلوب مخاطره الشديدة على نفس الطفل, فهو من جهة قد يرفض التعاطي مع موضوع التخويف عندما يحتاج إليه. . . كمثل تخويفه من رزق الإبرة أو من الطبيب. . فيوقع الأهل في مشكلة جديدة , ومن جهة أخرى سوف يزرع في قلبه الجبن الذي يؤثر عليه في المستقبل, هذا إذا لم يؤثر على جهازه العصبي أو عقله عندما تكون درجة التخويف شديدة,الأمر الذي يهدد حياة هذا الطفل بالعقد النفسية والعصبية والجنون.

4ـ التدليل:

وهو ينتج عن المحبة الزائدة والعاطفة الجياشة, وهو يحدث كثيراً ممن جاءه الولد بعد حرمان, وفي حال مرض الولد, في حال جهل الأبوين مخاطر ذلك.

وفي كل حال فإن (التدليل) موجب لإرباك الأبوين وإزعاجهما بكثرة المطالب التي تصدر عن الولد المدلل. . والتي يرى الولي ضرورة تلبيتها للتخلّص من إلحاح ولده, كذلك فإنه موجب لتكريس حالة من الضعف والاعتماد على الآخرين لدى الولد, بنحو يؤدي إلى تعطيل العديد من قواه الأساسية, وتحوله إلى شخصية مائعة خاملة كسولة, ومثيرة للتقزز والاشمئزاز لدى من يريد أن ينشئ علاقة معه, دون أن يشفع لهذا الولد المدلل صغر سنه.

والظاهر أن آثار(التدليل) سوف تتجاوز سن الطفولة فتبقى إلى ما بعد ذلك متسترة خلف مظاهر سيئة . . من قبيل (الاتكالية) وقلة الذكاء والطيش ونحوها. فعلى المربي أن يكون حريصاً على التوازن في عواطفه فلا يفرط فيها حباً ولا قسوة , بل لا بدّ من تقدير ذلك حسب الظروف والمناسبات.

5ـ دعه يلعب:

يعتبر اللعب من أهم مظاهر هذه المرحلة وخصائصها , ويتميز بشيء من الفوضى والضجيج والعبث وكثرة الحركة, وهو ضروري جدّاً لنضج الإنسان واكتمال نموه الجسدي والنفسي, بسبب ما يظهر فيه من تنشيط العضلات الجسد. . توازي ـ إن لم تفق ـ الحركات الرياضية المنظّمة التي يفعلها الكبير, والتي هي ضرورية لنمو الجسد واكتمال قوته, وبسبب ما يحدثه اللعب من إطلاق لمختلف الغرائز والقوى. . الهجوم والدفاع والاختباء والمكر والفرح والألم والنجاح والفشل والاكتشاف .. وغيرها، وهو بمثابة الإخراج التدريجي لهذه القوى تمرينها ووضعها أمام المربي ليهذّب منها الخطر وينمّي الجيد الصالح, واللعب هو العالم الطفولي المسترسل الذي ينسجم تماماً مع المرحلة ويخدمها ويبقي نكهتها وذكراها على مدى العمر.

من أجل ذلك ينبغي أن يعطى الطفل حرية واسعة ليمارس مختلف الألعاب الشائعة أو التي يبتكرها هو , مع الإشراف عليه من بعيد كي لا يقع في مشكلة خطيرة مع غيره أو مع نفسه, بل أن على الولي أن يشارك الولد في ألعابه ويتصابى له, حيث تغمره الفرحة الكبيرة وهو يرى أباه على وقاره وضخامة جسده يلعب معه مثلما هو يلعب, وحيث في ذلك مباركة لعالمه وتأكيد لتأييد الولي لما يفعله الصبي , وقد حثت بعض الأحاديث الشريفة على ذلك, فعن النبي صلى الله عليه وآله قال: (من كان عنده صبي فليتصابَ له), وورد نحوه عن الإمام علي (ع)(5).

6ـ البكاء المفيد:

تعتبر كثرة البكاء لدى الأطفال في سنيهم الأولى إحدى مظاهر هذه المرحلة التي ينبغي التوقف عندها , والملاحظ أنه يكون كثيراً في السنتين الأوليين ثم يقل تدريجاً إلى أن يصبح عاديّاً بعد ذلك, وكما الأطباء كذلك الشرع لا يعتبرون البكاء خطراً على الأطفال وموجباً للمعالجة, فإذا كانت صحة الطفل جيدة فإن بكاء الطفل بسبب أو من دون سبب يعتبر مفيداً للجسد وللنفس, فهو ينفّس القلق والاضطراب اللذين يستشعرهما الطفل فيريحه ويشيع الطمأنينة والاستقرار في نفسه, فهو مفيد لعينيه بما يستدرّه من دمع يخرج معه الأدران المتراكمة فيهما, وقد يرى الأطباء فيه منافع أخرى.

ففي حديث عن الإمام الصادق (ع) عن النبي صلى الله عليه وآله عن جبرائيل.. أنه قال له: ((.. إذا بكى أحدهم فبكاؤه لا إله إلا الله إلى أن يأتي عليه سبع سنين, فإذا جاز السبع فبكاؤه استغفار لوالديه. . .))(6).

وجملة القول إنه ينبغي للمربي أن لا يحرم ولده من فوائد البكاء, فلا يبادر إلى إسكاته باللين أو بالعنف, إلا إذا تجاوز الحد المعقول تماماً.. فيلجأ إلى استرضائه بطريقة طيبة , مع ملاحظة أن فوائد البكاء لا تنحصر في السنتين الأوليين ـ وإن كان الولد أكثر حاجة فيهما ـ بل تتعداهما إلى سنوات متعددة قادمة.

7ـ الأُمور الجنسية وألفاظ الفحش:

لابدّ للولد أن يكتسب شيئاً من محيطه. . من الشارع والمدرسة فضلاً عمّا يكتسبه من البيت, وحتى لو كان جو البيت جيداً ومحافظاً فإن الولد لا بد أن يصطحب معه من رفاقه في الشارع أوفي المدرسة كلمة نابية فاحشة أو تصرفاً جنسياً قبيحاً, بل إن الأمر الأخير قد يصدر عن الولدـ في هذه المرحلة ـ عفواً.

ومن دون أن يفقه له أي معنى, كذلك فإن بعض الأُسر تستحسن من أطفالها الصغار صدور كلمات نابيه فيعلمونهم قولها ويتظرفون بطلب إعادة نطقها.

وفي كل حال فإنه ليس حميداً صدور ذلك من الطفل. . والأخص بعد الخامسة من عمره, ولكن يصعب منعه من التأثر بذلك, لإمكان أن يسمع الكلام الفاحش من الشارع وهو في منزله, وهو ليس في مستوى عقلي يسمح له باستيعاب التوجيه المقنع له بتركه, فلا خيار أمام الأهل إلا الخطوات التالية:

أـ عدم اعتبار ذلك خطيراً وهائلاً. . حتى في إطار مدلوله الاجتماعي وانعكاسه السلبي على نظرة الناس إلى المربي.

ب ـ اختيار أنقى وسط ممكن, ليعيش فيه الولد.

ج ـ عدم إظهار الاهتمام البالغ. . وترك التهويل عليه, لأن ذلك يلفت انتباهه إلى أهميته ويقربه من باب التحدي. . أو من باب إلفات النظر إليه.

دـ عدم الضحك والانشراح والمديح له عندما يفعل ذلك. فإن التوجيه الذي سوف يعقب ذلك لن يكون له معنى, بل إنه سوف يتشجع بذلك ويكرر الفعل.

هـ ـ فإذا عبس الأهل في وجهه وحدّثه المربي بلهجة خفيفة من العتاب والترغيب بعدم فعلها مرة ثانية , أمكن النجاح في معالجة مثل هذه الظواهر.

8ـ العقاب والتأنيب:

وهنا لابد من الشجب البات القطعي للطريقة التي يعامل بها بعض الآباء أبناهم الصغار. . ويساوونهم بالكبار في كثير من الحالات, حتى أن بعضهم يغلظ ويقسو عليهم بنحو قبيح, لأن لهذا النحو من العقاب مخاطره الكبيرة على نفس الطفل, فمن جهة يوضع بينه وبين آماله حاجز عندما توضع له الحدود المانعة من استرساله الضروري لسلامة نموه في هذه المرحلة, ومن جهة أُخرى سوف يستشعر الصغير الظلم ويبطن الحقد. . عندما لا يفهم سبب العقاب .. ولا يقدّر الغاية منه, وهذا جدير بأن يؤثر تأثيراً خطيراً على مستقبل الطفل.

إن العقاب في السنوات الست الأولى من عمر الطفل ليس له معنى إلا تنفيس الغيظ الذي يكنه المربي من تصرفات الولد الطفولية المزعجة جدّاً في كثير من الأحيان, وهذا ينزع عن المربي قيمة دوره في خدمة الطفل وإسعاده, ليخدم نفسه ويمارس أنانيته ومن ثم يخون دوره.

إن الجزاء الذي يمكن استخدامه في هذه المرحلة ينبغي أن يقتصر في معظمه على التأنيب على الخطأ, وهذا التأنيب ينبغي أن يكون مدروساً ودقيقاً, بحيث يعطي كل فعل ما يناسبه من التأنيب الذي يتراوح بين العبوس أو إدارة الوجه أو الكلام المتدرّج في شدّته.. والذي قد يترافق مع حركة اليد والتهويل بها. وإن كان لا بد من العقاب فليكن بمثل عدم إعطائه مالاً في الوقت المعتاد, أو تهديده بعدم أخذه في نزهة, أو نحوها من الأُمور المشابهة. وهنا لا بدّ من التحذير من الأُمور التالية:

أـ لا تتراجع عن موقفك بنحو يبدو أنه تراجع أمام عناده وضغوطه, إلا إذا صدر منه موقف إيجابي يمكن تخريج تراجعك به.

ب ـ على الأم خاصة ترك الصراخ والإكثار منه, فإنه يفقد أثره ويجعل موقفها موجباً لضحك الأولاد بدل إشفاقهم.

ج ـ لا تهدد الولد بحبسه في غرفة مظلمة, أو بأن تترك محبّته, فإن ذلك يؤذيه جدّاً, فضلاً عن أن تفعل ذلك.

دـ لا تلجأ مطلقاً إلى ضربه, فإن ضربه سوف يجعله ـ فضلاً عن مخاطره أعلاه ـ معتاداً على الألم فلن يؤثر فيه الضرب عندما يصبح مناسباً له.

وهكذا أخي المربي فأن الطفل عندما يعتاد على هذه الدرجة من المجازاة يصبح العبوس أكثر فاعلية من الصراخ, والكلمة القوية أشد من الضرب, وجوهرة النجاح في استخدام ذلك هو الصبر وضبط الانفعال , هو لا يتأتى إلا من القلة من المؤمنين. وإن كان لا بدّ من وصايا أخيرة فإن على المربي أن لا يبخل على ولده بالمديح على الأُمور الحسنة التي يقوم بها, مع معرفته أن فعلها قد يكون بطريق الصدفة.

وعليه أن لا يبخل عليه بشيء من وقته يجالسه ويصغي إليه ويحادثه ويلاعبه, فإن ذلك يشعره بالأهمية ويرتاح إلى الاهتمام الذي يبديه الآخرون نحوه.

وعليه أن يوفّر له الفرص والمبادرات التي يظهر فيها كفاءته ويثبت حضوره.

وقد لا تكون هذه الوصايا مهمة جداً خلال السنوات الأربعة الأولى, ولكنها تزداد أهمية بعد ذلك.. وحتى العشرين من عمره.

وهكذا نلاحظ من خلال ما مرّ ضخامة المسؤولية المترتبة على المربي في هذه المرحلة من عمر الطفل, هذه المرحلة التي قد يظن الكثيرون أنها قليلة التبعات ضئيلة المؤونة بسبب صغر سن الوليد وصعوبة توجيهه, في وقت تعتبر هي الأساس لغيرها من المراحل والمحك لقدرة المربي وكفاءته, وصحيح أن المنهج الإسلامي يحبذ (ترك) الولد في سنواته السبع الأولى, ولكنه (الترك) الإيجابي المسؤول المتضمن لنمط تربوي مميز لا بد من النهوض به, والخروج من عهدته .. ونيل رضا الله تعالى من خلاله.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أنظر : بحار الأنوار/ج100/ ص280 وما بعدها , ففي وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي (ع) ذكر للآثار المترتبة على مكروهات الجماع. . والتي تؤثر على النطفة عقلياً وروحياً وجسدياً وأخلاقياً.

(2) أنظر: بحار الأنوار / ج101/ ص 77 وما بعدها.

(3) أنظر : وسائل الشيعة/ ج 15 / أبواب أحكام الأولاد.

(4) العقيقة : ص 143 فما بعدها.

(5) وسائل الشيعة /ج15/ ص203.

(6) المصدر نفسه/ص/211.