الشهادة بالولاية شعار المذهب

بعد أن أثبتنا الجزئيّة الاستحبابيّة للشهادة الثالثة في الاذان، فلا يقولنّ أحد أنّ هذه الشهادة في الاذان إذا كانت مستحبّة، والمستحب يترك، ولا مانع من ترك المستحب، فحينئذ نترك هذا الشيء.
هذا التوهّم في غير محلّه.
لانّ هذا الامر والعمل الاستحبابي، أصبح شعاراً للشيعة، ومن هنا أفتى بعض كبار فقهائنا كالسيد الحكيم رحمة الله عليه في كتاب المستمسك بوجوب الشهادة الثالثة في الاذان، بلحاظ أنّه شعار للمذهب، وتركه يضرّ بالمذهب، وهذا واضح، لانّ كلّ شيء أصبح شعاراً للمذهب فلابدّ وأن يحافظ عليه، لانّ المحافظة عليه محافظة على المذهب، وكلّ شيء أصبح شعاراً لهذا المذهب فقد حاربه المخالفون لهذا المذهب بالقول والفعل.
وكم من نظير لهذا الامر، فكثير من الاُمور يعترفون بكونها من صلب الشريعة المقدّسة، إلاّ أنّهم في نفس الوقت يعترفون بأنّ هذا الشيء لمّا أصبح شعاراً للشيعة فلابدّ وأنْ يترك، لانّه شعار للشيعة، مع اعترافهم بكونه من الشريعة بالذات.
أقرأ لكم بعض الموارد بسرعة:
في كتاب الوجيز للغزّالي في الفقه، وهكذا في شرح الوجيز وهو فتح العزيز في شرح الوجيز في الفقه الشافعي، هناك ينصّون على أنّ تسطيح القبر أفضل من تسنيمه، إلاّ أنّ التسطيح لمّا أصبح شعاراً للشيعة فلابدّ وأن يترك هذا العمل.
ونصّ العبارة: وعن القاسم بن محمّد بن أبي بكر: رأيت قبور النبي وأبي بكر وعمر مسطّحة، وقال ابن أبي هريرة: إنّ الافضل
الان العدول من التسطيح إلى التسنيم، لانّ التسطيح صار شعاراً للروافض، فالاولى مخالفتهم
[فتح العزيز في شرح الوجيز، ط مع المجموع للنووي 5 / 229.]
وأيضاً: عن الزمخشري في تفسيره، بتفسير قوله تعالى: "هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ"[سورة الاحزاب: 43.]، يقول: إنّ مقتضى الاية جواز الصلاة على آحاد المسلمين، هذا تصريح الزمخشري في تفسيره، لكن لمّا اتّخذت الرافضة ذلك في أئمّتهم منعناه.
فنحن نقول: صلّى الله عليك يا أمير المؤمنين، وكذا غير أمير المؤمنين من الائمّة، حينما نقول هذا فهو شيء يدلّ عليه الكتاب يقول: إلاّ أنّ الشيعة لمّا اتّخذت هذا لائمّتهم منعناه.
في مسألة التختم باليمين، ينصّون على أنّ السنّة النبويّة أنْ يتختّم الرجل باليمين، لكنّ الشيعة لمّا اتّخذت التختم باليمين شعاراً لهم، أصبحوا يلتزمون بالتختم باليسار.
نصّ العبارة: أوّل من اتخذ التختم باليسار خلاف السنّة هو معاوية [ربيع الابرار 4 / 24.]
وبالنسبة إلى السلام على غير الانبياء يقول ابن حجر في فتح
الباري ـ لاحظوا هذه العبارة ـ: تنبيه: اختلف في السلام على غير الانبياء بعد الاتفاق على مشروعيته في تحيّة الحي، فقيل يشرع مطلقاً، وقيل: بل تبعاً ولا يفرد لواحد لكونه صار شعاراً للرافضة، ونقله النووي عن الشيخ أبي محمّد الجويني [فتح الباري في شرح البخاري 11 / 142.]
في السنّة في العمامة، في كيفيّة لفّ العمامة، السنّة أن تلف العمامة كما كان يلفّها رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم"، هذا تطبيق السنّة، يقولون: وصار اليوم شعاراً لفقهاء الاماميّة، فينبغي تجنّبه لترك التشبّه بهم[شرح المواهب اللدنيّة 5 / 13.]
ثمّ إنّ الغرض من مخالفة السنّة النبويّة في جميع هذه المواضع هو بغض أمير المؤمنين، المحافظ عليها والمروّج لها، وقد جاء التصريح بهذا في بعض تلك المواضع، كقضيّة ترك التلبية.
لاحظوا نصّ العبارة: فقد أخرج النسائي والبيهقي عن سعيد بن جبير قال: كان ابن عبّاس بعرفة، فقال: يا سعيد مالي لا أسمع الناس يلبّون ؟ فقلت: يخافون، فخرج ابن عباس من فسطاطه فقال: لبّيك اللهمّ لبّيك وإنْ رغم أنف معاوية، اللهمّ العنهم فقد تركوا
السنّة من بغض علي[سنن النسائي 5 / 253، سنن البيهقي 5 / 113.]
قال السندي في تعليق النسائي: أي لاجل بغضه، أي وهو كان يتقيّد بالسنن، فهؤلاء تركوها بغضاً له.
فإذا كان الشيء من السنّة، ثمّ أصبح لكونه من السنّة شعاراً للشيعة، يلتزمون بمخالفة ذلك الشعار لكونه شعاراً للشيعة، مع اعترافهم بكونه من السنّة.
وهكذا يكون إنكار الشهادة الثالثة محاربة للشيعة والتشيّع، لانّ الشهادة الثالثة شعار التشيّع والشيعة، ويكون خدمة لغير الشيعة، ويكون متابعة لما عليه غيرالاماميّة في محاربتهم للشعائر.
وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.