السيدة تكتم أُم الإمام الرضا(ع)

قرابتها بالمعصوم

زوجة الإمام الكاظم، وأُمّ الإمام الرضا، وجدّة الإمام الجواد(عليهم السلام).

 

اسمها وكنيتها

هي جارية، يقال لها: أُمّ البنين، واسمها تَكتُم، وقيل: نجمة، وقيل: سكن النوبية، وقيل: خيزران المرسية، وقيل: قليم، وقيل: أروى، وقيل: سمان، وقيل: شهدة، وقيل: صقر، وهي من بلاد المغرب.

«قال محمّد بن يحيى الصولي: والدليل على أنّ اسمها تكتم قول الشاعر:

ألا إنّ خيرَ الناسِ نفساً ووالداً   ورهطاً وأجداداً عليُّ المُعظَّمُ
أتتنا به للعلمِ والحلمِ ثامناً   إماماً يُؤدّي حُجّةَ الله تَكتُمُ»(۱)

 

ملكيّتها

هناك روايتان: الأُولى: تُثبت أنّها(رضي الله عنها) كانت ملكاً للسيّدة حميدة المصفّاة(رضي الله عنها) ـ أُمّ الإمام الكاظم(عليه السلام) ـ ثمّ وهبتها لابنها الإمام الكاظم(عليه السلام)، قائلة له: «يا بني، إنّ تكتم جارية، ما رأيت جارية قط أفضل منها، ولست أشكّ أنّ الله تعالى سيظهر نسلها إن كان لها نسل، وقد وهبتها لك فاستوص خيراً بها»(۲).

وروى الشيخ الصدوق(قدس سره) بسنده عن علي بن ميثم عن أبيه، أنّ السيّدة حميدة رأت في المنام رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول لها: «يا حميدة، هبي نجمة لابنك موسى، فإنّه سيولد له منها خير أهل الأرض. فوهبتها له»(۳).

والرواية الثانية: تُثبت ملكيّتها للإمام الكاظم(عليه السلام) حيث هو اشتراها، فقد روى الشيخ الكليني(قدس سره) بسنده عن هشام بن أحمر أنّه قال: «قال لي أبو الحسن الأوّل: هل علمت أحداً من أهل المغرب قدم؟ قلت: لا، قال: بلى، قد قدم رجل فانطلق بنا، فركب وركبت معه حتّى انتهينا إلى الرجل، فإذا رجل من أهل المدينة معه رقيق، فقلت له: اعرض علينا، فعرض علينا سبع جوار، كلّ ذلك يقول أبو الحسن(عليه السلام): لا حاجة لي فيها.

ثمّ قال: اعرض علينا، فقال: ما عندي إلّا جارية مريضة، فقال له: ما عليك أن تعرضها، فأبى عليه فانصرف، ثمّ أرسلني من الغد، فقال: قل له: كم كان غايتك فيها؟ فإذا قال كذا وكذا، فقل: قد أخذتها، فأتيته فقال: ما كنت أُريد أن أنقصها من كذا وكذا، فقلت: قد أخذتها. فقال: هي لك، ولكن أخبرني مَن الرجل الذي كان معك بالأمس؟ فقلت: رجل من بني هاشم، قال: من أيّ بني هاشم؟ فقلت: ما عندي أكثر من هذا.

فقال: أخبرك عن هذه الوصيفة، أنّي اشتريتها من أقصى المغرب، فلقيتني امرأة من أهل الكتاب، فقالت: ما هذه الوصيفة معك؟ قلت: اشتريتها لنفسي. فقالت: ما يكون ينبغي أن تكون هذه عند مثلك، إنّ هذه الجارية أن تكون عند خير أهل الأرض، فلا تلبث عنده إلّا قليلاً حتّى تلد منه غلاماً، ما يولد بشرق الأرض ولا غربها مثله، قال: فأتيته بها، فلم تلبث عنده إلّا قليلاً حتّى ولدت الرضا(عليه السلام)»(۴).

ويمكن الجمع بين الروايتين، بأن يقال: أنّ الإمام الكاظم(عليه السلام) اشتراها جارية لأُمّه، فمكثت عند أُمّه مدّة، ثمّ وهبتها أُمّه إليه، وبذلك يرتفع التنافي بين الروايتين.

وروي: أنّ الإمام الكاظم(عليه السلام) قال لأصحابه: «والله ما اشتريت هذه الجارية إلّا بأمر من الله ووحيه، وسئل عن ذلك، فقال: بينما أنا نائم إذ أتاني جدّي وأبي، ومعهما قطعة حرير، فنشراها، فإذا قميص فيه صورة هذه الجارية، فقالا: يا موسى، ليكونن لك من هذه الجارية خير أهل الأرض بعدك، ثمّ أمرني أبي إذا ولد لي ولد أن أُسمّيه عليّاً، وقالا: إنّ الله عزّ وجل سيظهر به العدل والرحمة، طوبى لمن صدّقه، وويل لمن عاداه وجحده»(۵).

 

ولادتها للإمام الرضا(عليه السلام)

«قال علي بن ميثم: سمعت أبي يقول: سمعت أُمّي تقول: كانت نجمة بكراً لمّا اشترتها حميدة»(۶).

ثمّ أنّ السيّدة حميدة وهبتها للإمام الكاظم(عليه السلام)، فأنجبت له الإمام الرضا والسيّدة فاطمة المعصومة(عليهما السلام)، ورأت(رضي الله عنها) في حملها بالإمام كرامات، منها: ما رواها الشيخ الصدوق+ بسنده عن علي بن ميثم عن أبيه قال: «سمعت أُمّي تقول: سمعت نجمة أُمّ الرضا(عليه السلام) تقول: لمّا حملت بابني علي لم أشعر بثقل الحمل، وكنت اسمع [في] منامي تسبيحاً وتهليلاً وتمجيداً من بطني فيفزعني ويهولني، فإذا انتبهت لم اسمع شيئاً، فلمّا وضعته وقع واضعاً يديه على الأرض، رافعاً رأسه [إلى] السماء، يحرّك شفتيه كأنّه يتكلّم، فدخل إليّ أبوه موسى بن جعفر(عليهما السلام) فقال لي: هنيئاً لك يا نجمة كرامة ربّك. فناولته إيّاه في خرقة بيضاء، فأذّن في أُذنه الأيمن، وأقام في الأيسر، ودعا بماء الفرات فحنّكه به، ثمّ ردّه إليّ فقال: خذيه، فإنّه بقيّة الله تعالى في أرضه»(۷).

وحدّث علي بن ميثم عن أبيه أنّه قال: «فلمّا ولدت له الرضا(عليه السلام) سمّاها الطاهرة»(۸).

وقال أيضاً: «والرضا(عليه السلام) يرتضع كثيراً، وكان تام الخلق، فقالت: أعينوني بمرضع. فقيل لها: انقص الدر؟ فقالت: ما أكذب، والله نقص الدر، ولكن عليَّ ورد من صلواتي وتسبيحي، وقد نقص منذ ولدت»(۹).

 

خُلقها

كانت(رضوان الله عليها) قمّة في الأخلاق الفاضلة، حيث تولّت السيّدة حميدة تربيتها وتعليمها، فقد روى الشيخ الصدوق+ بسنده عن علي بن ميثم أنّها: «كانت من أفضل النساء في عقلها ودينها، وإعظامها لمولاتها حميدة المصفّاة، حتّى أنّها ما جلست بين يديها منذ ملكتها إجلالاً لها»(۱۰).

 

وفاتها

لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاتها ومكانها، إلّا أنّها كانت من أعلام القرن الثاني الهجري.

________________________
۱- عيون أخبار الرضا ۱ /۲۵ ح۲.
۲- المصدر السابق.
۳- المصدر السابق ۱ /۲۵ ح۳.
۴- الكافي ۱ /۴۸۶ ح۱.
۵- حياة الإمام الرضا ۱ /۲۱. نقلاً عن الدر النظيم في مناقب الأئمّة، ليوسف بن حاتم الشافعي، من مصوّرات مكتبة الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام)، تسلسل ۲۸۷۹. ورقة ۲۱۰.
۶- عيون أخبار الرضا ۱ /۲۵ ح۳.
۷- المصدر السابق ۱ /۳۰ ح۲.
۸- المصدر السابق ۱ /۲۵ ح۳.
۹- المصدر السابق ۱ /۲۵ ح۲.
۱۰- المصدر السابق ۱ /۲۴ ح۲.