الطيبات للطيبين والخبيثات للخبيثين

قال الله تعالى في سوءة (النور/۲۶)

(الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ). قد تتساءلون ما الذي يجمع قلبين في محبة دائمة ووئام وصفاء رغم الخلافات والمشاحنات الظاهرة، في حين ينفر قلبين رغم توافق السلوك في الظاهر وهدوء العلاقة؟ هناك علم يسمى علم (النوايا) وما يقصد به البواطن أو الدخائل المغلفة بسلوكنا الخارجي والذي أحياناً يعبر عن مكنوننا بشكل واضح وأحياناً أخرى يسيء التعبير. فالله عز وجل يجزم أن الخبيثة لا تجتمع مع الرجل الطيب في زواج مستقر وسعيد ومنسجم، فإن حدث وبرزت في الظاهر بعض معالم الاستقرار في البداية إلا أن السرائر تنكشف والنوايا تنفضح فلن تلتحم العُلقة العاطفية والنفسية بين كيانين مختلفين في الباطن، لأن الله عز وجل سيفرق بينهما في طلاق أو موت، فجواهر النفوس تتجلى في السلوك الحسن النية المشفوع بحب نقي وغرض صافي صادق، فقد تدخل زوجة بيت زوجها الطيب وهي تضمر في باطنها أنها ارتبطت به لغرض ثروته وجاهه ومنصبه أو لأي هدف آخر، وتتظاهر في سلوكها أنها محبة وخاضعة ومطيعة، تسمعه ناعم الكلام وبأرق المشاعر لتغرقه في حبها لغرض خبيث في نفسها وهو ابتزازه وفتح جيبه، في حقيقتها الباطنية نافرة منه، هذه العلاقة يراها الناس في الظاهر مستقرة وناجحة لكنها ستصل يوماً إلى طريق مسدود وذلك بعد أن تنكشف الأقنعة فيحدث الفراق. وزوجة طيبة تعطي لزوجها كل ما تملك من حب ومال ومودة وإخلاص بينما هو كالثعبان يلتف حولها بنية خبيثة يطلبها بتودد متكلف وتحبب مفتعل حتى تكشف المواقف باطنه، وحينما تقع الزوجة الطيبة على حقيقته تجد أنه كان يستغلها ويستغفلها بينما ظنت فيه الظن الحسن لهذا فهما لن يجتمعا على حب وود بل سيقترقان إما بطلاق أو موت أحدهما وبمشيئة الله عز وجل وقدره. اقرأوا الواقع باستبصار ووعي لتجدوا هذه الحقيقة جليّة وواضحة، فالعلاقات الزوجية المستقرة والهانئة أطرافها في الغالب زوجات طيبات وأزواج طيبون حتى وإن تشاحنوا واختلفوا وتشاجروا فإنهم يعودون لبعض بمحبة وصفاء، وهناك زيجات تعيسة تعيش الهم والغم والنكد الدائم، أطرافها زوجات خبيثات وأزواج خبيثون.. لا يعرفون الصلح والوئام إطلاقاً إنهم يعيشون في حروب دائمة تحت سقف واحد، النوايا الشريرة تلغم قلوبهم الصدئة وتحفز دوافعهم المصلحية لبعض، ولهذا تجد في مشروعهم الزواجي مصطلحات عدائية كالأنتقام، الخيانة، المؤامرة، المخافر، الضرب، الشتائم، ….. الخ . فالطيبات والطيبون يستمرون بسعادة وأمان.. والخبيثات والخبيثون يستمرون بتعاسة ونكد.. فلن يجمع الله الأسود والأبيض إطلاقاً إنه يرحم الطيب النية والطيبة النية بتخليصهما من شريكهما الخبيثان.