باب وجوب طاعة العقل ومخالفة الجهل

۱ – (۱) محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا – منهم محمد بن يحيى العطار – عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لما خلق الله العقل استنطقه، ثم قال له: أقبل فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر، ثم قال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو أحب الي منك، ولا اكملتك الا فيمن أحب أما اني اياك آمر واياك أنهى واياك اعاقب واياك اثيب.

ورواه البرقي في (المحاسن) عن الحسن بن محبوب مثله (۲).

۲ – (۳) وعن علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن مفضل بن صالح، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، عن علي (عليه السلام) قال: هبط جبرئيل (عليه السلام) على آدم (عليه السلام) فقال: يا آدم اني اُمرت ان اخيرك واحدة من ثلاث فاخترها

ودع اثنتين، فقال له آدم: يا جبرئيل وما الثلاث؟ فقال: العقل والحياء والدين، فقال آدم: اني قد اخترت العقل، فقال جبرئيل للحياء والدين: انصرفا ودعاه، فقالا: يا جبرئيل انا أمرنا ان نكون مع العقل حيث كان، قال: فشأنكما، وعرج.

ورواه البرقي في (المحاسن) عن عمرو بن عثمان (۴)..

ورواه الصدوق بإسناده عن أبي جميلة المفضل بن صالح مثله (۵).

۳ – (۶) وعن أحمد بن ادريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قلت له: ما العقل؟ قال: ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان، قال: قلت: فالذي كان في معاوية؟ قال: تلك النكراء، تلك الشيطنة، وهي شبيهة بالعقل، وليست بالعقل.

ورواه البرقي في (المحاسن) عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن عبد الجبار مثله (۷).

۴ – (۸) وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن الحسن بن الجهم قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: صديق كل امرئ عقله، وعدوه جهله.

ورواه البرقي في (المحاسن) عن الحسن بن علي بن فضال (۹).

ورواه الصدوق في (العلل) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمد بن عيسى (۱۰)..

ورواه في (عيون الاخبار) عن أبيه ومحمد بن الحسن، عن سعد والحميري، عن إبراهيم بن هام، عن الحسن بن الجهم..

ورواه أيضا عن علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق، عن محمد بن أبي عبدالله الكوفي، عن أحمد بن محمد بن صالح، عن حمدان الديواني، عن الرضا (عليه السلام) مثله (۱۱).

۵ – (۱۲) وعن أحمد بن إدريس، عن محمد بن حسان، عن أبي محمد الرازي، عن سيف بن عميرة عن إسحاق بن عمار، قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): من كان عاقلا كان له دين، ومن كان له دين دخل الجنة.

ورواه الصدوق في (ثواب الاعمال) عن أبيه، عن أحمد بن إدريس مثله (۱۳).

۶ – (۱۴) وعن أبي عبدالله الاشعري، عن بعض أصحابنا رفعه، عن هشام بن الحكم قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) يا هشام إن الله بشر أهل العقل والفهم في كتابه فقال: (فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم اولوا الالباب) (۱۵) – إلى أن قال: – يا هشام إن لقمان قال لابنه: تواضع للحق تكن أعقل الناس، يا بني إن الدنيا بحر عميق قد غرق فيها عالم كثير فلتكن سفينتك فيها تقوى الله، وحشوها الايمان، وشراعها التوكل، وقيمها العقل، ودليلها العلم، وسكانها الصبر، يا هشام إن لكل شيء دليلا، ودليل العقل التفكر، ودليل التفكر الصمت ولكل شيء مطية ومطية العقل التواضع، وكفى بك جهلا أن تركب ما نهيت عنه – إلى أن قال: – يا هشام إن لله على الناس حجتين حجة ظاهرة وحجة باطنة، فأما الظاهرة فالرسل والانبياء والائمة، وأما الباطنة فالعقول – إلى أن قال: – يا هشام كيف يزكو عند الله عملك وأنت قد شغلت قلبك عن أمر ربك وأطعت هواك على غلبة عقلك؟ يا هشام إن العاقل رضى بالدون من الدنيا مع الحكمة ولم يرض بالدون من الحكمة مع الدنيا، فلذلك ربحت تجارتهم، إنّ العقلاء تركوا فضول الدنيا فكيف الذنوب؟ وترك الدنيا من الفضل، وترك الذنوب من الفرض، يا هشام إن العاقل نظر إلى الدنيا وإلى أهلها فعلم أنها لا تنال إلا بالمشقة، ونظر إلى الاخرة فعلم أنها لا تنال إلا بالمشقة، فطلب بالمشقة أبقاهما… الحديث.

۷ – (۱۶) وعن علي بن محمد، عن سهل بن زياد رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): العقل غطاء ستير والفضل جمال ظاهر، فاستر خلل خلقك بفضلك، وقاتل هواك بعقلك، تسلم لك المودة، وتظهر لك المحبة.

۸ – (۱۷) وعنه، عن سهل، عن إسماعيل بن مهران، عن بعض رجاله، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: العقل دليل المؤمن.

۹ – (۱۸) وعن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن حماد بن عثمان، عن السري بن خالد، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي لا فقر أشد من الجهل، ولا مال أعود من العقل.

۱۰ – (۱۹) أحمد بن محمد البرقي في (المحاسن) عن علي بن الحكم، عن هشام، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: لما خلق الله العقل استنطقه، ثم قال له: أقبل، فأقبل، فقال له: أدبر فأدبر، فقال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو أحب إلي منك بك آخذ، وبك اعطي وعليك أثيب.

۱۱ – (۲۰) وعن إسماعيل بن قتيبة، عن أبي عمر العجمي (۲۱)، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: خمس من لم يكن فيه لم يكن فيه كثير مستمتع، قلت: وما هي؟ قال: العقل والادب والدين والجود وحسن الخلق.

أقول: العقل يطلق في كلام العلماء والحكماء على معان كثيرة، وبالتتبع يعلم أنه يطلق في الاحاديث على ثلاثة معان:

أحدها: قوة إدراك الخير والشر والتمييز بينهما ومعرفة أسباب الامور ونحو ذلك، وهذا هو مناط التكليف.

وثانيها: حالة وملكة تدعو إلى اختيار الخير والمنافع واجتناب الشر والمضار.

وثالثها: التعقل بمعنى العلم، ولذا يقابل بالجهل لا بالجنون،

وأحاديث هذا الباب وغيره أكثرها محمول على المعنى الثاني والثالث والله اعلم (۲۲).

_________________________
۱- الكافي ۱: ۸ / ۱، واورده في الحديث ۱ من الباب ۳ من ابواب مقدمة العبادات.
۲- المحاسن: ۱۹۲ / ۶٫
۳- الكافي ۱: ۸ / ۲٫
۴- المحاسن ۱۹۱ / ۲٫
۵- الفقيه ۴: ۲۹۸ / ۹۰۲٫
۶- الكافي ۱: ۸ / ۳٫
۷- المحاسن: ۱۹۵ / ۱۵٫
۸- الكافي ۱: ۸ / ۴٫
۹- المحاسن: ۱۹۴ / ۱۲٫
۱۰- علل الشرائع: ۱۰۱ / ۲٫
۱۱- عيون اخبار الرضا (عليه السلام) ۲: ۲۴ / ۱ و ۱: ۲۵۸ / ۱۵٫
۱۲- الكافي ۱: ۹ / ۶٫
۱۳- ثواب الاعمال: ۲۹ / ۲٫
۱۴- الكافي ۱: ۱۰ / ۱۲٫
۱۵- الزمر ۳۹: ۱۷، ۱۸٫
۱۶- الكافي ۱: ۱۵ / ۱۳٫
۱۷- الكافي ۱: ۱۹ / ۲۴٫
۱۸- الكافي ۱: ۲۰ / ۲۵٫
۱۹- المحاسن: ۱۹۲ / ۷، واورده في الحديث ۶ من الباب ۳ من ابواب مقدمة العبادات.
۲۰- المحاسن: ۱۹۱ / ۱٫
۲۱- في المصدر: عن يعقوب بن يزيد، عن اسماعيل بن قتيبة، عن ابي خالد العجمي.
۲۲- تقدم ما يدل عليه في الحديثين ۹ و ۱۳ من الباب ۴ من هذه الابواب، وفي الباب ۳ من ابواب مقدمة العبادات.