السلام عليك يا رسول الله

تأكيد الميثاق

العبادة صلة بين العبد والمعبود، وهي تتحقّق من خلال أساليب عديدة وحالاتٍ متعدّدة ووسائل مختلفة.. مرّةً من خلال الصلاة والصيام والحجّ، ومرّةً أخرى من خلال الأخلاق الطيّبة، ومرّةً ثالثة من خلال الاعتقادات المترجَمة إلى مواقف وحالاتٍ روحيّة قلبيّة: كحُسن الظنّ بالله تبارك وتعالى، والرضى بقضائه، وشكره على نعمائه بل وعلى حسن بلائه، والتعظيم لأوليائه، من الأنبياء والمرسلين، والأوصياء والأئمّة الهادين، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

وتعظيم الأولياء يتحقّق من خلال إجلال مقامهم في القلوب، وتشييد قبورهم الطاهرة ومراقدهم النيّرة، وزيارتهم والتوسّل إلى الله عزّوجلّ بهم، وصلتهم بالسلام والإكرام، ففي ذلك صلّة مع الله عزّ شأنه.

ومن هنا ـ أيّها الإخوة الأحبّة ـ جاء التأكيد على الزيارة، زيارة النبيّ وآله صلواتُ الله عليه وعليهم، كذا زيارة الأنبياء والرسل والأولياء، حتّى يتأكّد الميثاق العقائدي على التوحيد وطاعة الله عزّوجلّ، والمُضيّ على نهج الدين القويم، والارتقاء في مجال الروح والنفس، وإحكام التمسّك بالولاية الإلهيّة مِن خلال ولاية محمّدٍ وآل محمّد صلواتُ الله عليه وعليهم.

 

شذرات نورانيّة

عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: « قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: مَن زارني بعد موتي كان كمَن هاجَرَ إليّ في حياتي، فإن لم تستطيعوا فابعثوا إليَّ بالسلام فإنّه يَبلغُني » ( كامل الزيارات لابن قُولويه:14 / ح 71، المزار للشيخ المفيد:146، تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي 3:6 / ح 1 ).

وقال صلّى الله عليه وآله: « مَن أتاني زائراً كنتُ شفيعَه يومَ القيامة » ( الكافي للكليني 548:4 / ح 3، المقنعة للشيخ المفيد: / 7، جامع الأخبار لمحمّد بن محمّد السبزواري:69 / ح 86 ـ الفصل الثامن ).

وقال صلّى الله عليه وآله: « مَن أتى مكّةَ حاجّاً ولم يَزُرْني بالمدينة فقد جفاني، ومَن جفاني جَفَوتُه يومَ القيامة! » ( مَن لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق 565:2 / ح 3157، علل الشرائع للشيخ الصدوق:460 / ح 7، المزار للشيخ المفيد:148 / ح 4 ).

وقال صلّى الله عليه وآله: « مَن زارني بعدَ مماتي كان كمن زارني في حياتي، ومَن زارني في حياتي كان في جواري يوم القيامة » ( كامل الزيارات:13 / ح 12، تهذيب الأحكام 3:6 / ح 2، مصباح الزائر للسيّد ابن طاووس:12 ).

وسُئل الإمام جعفر الصادق عليه السلام: ما لِمَن زار رسولَ الله صلّى الله عليه وآله ؟ فقال: « مَن زاره كمَنَ زار اللهَ عزّوجلّ في عرشه » ( الكافي 585:4 / ح 5، المقنعة:72، جامع الأخبار: 70 / ح 89 ـ الفصل الثامن ـ أورده السبزواريّ ـ من أعلام القرن السابع الهجري ـ ثمّ علّق ببيانه قائلاً: إنّ معنى هذا التمثيل هو: أنّ لزائر النبيّ صلّى الله عليه وآله مِن المثوبة والأجر العظيم والتبجيل يوم القيامة كان كمَن رفعه الله تعالى إلى سمائه، وأدناه من عرشه الذي تحمله الملائكة، وأدّاه من خاصّة ما يكون به توكيد الكرامة، وليس هو على ما تظنّه مِن مقتضى التشبيه. [ وقد ذكر الشيخ المفيد قبله في المقنعة ص 71 قريباً مِن ذلك ]. ثمّ قال الشيخ السبزواري: وقُبِض النبي صلّى الله عليه وآله بالمدينة مسموماً يوم الإثنين لِلَيلتَينِ بَقِيتا من صفر سنة إحدى وعشر من هجرته وهو ابن ثلاثٍ وستّين سنة. وقبره بالمدينة في حُجرته التي تُوفّي فيها، وكان سُمّ في غزوة خيبر، فما زالت هذه الأُكلة تعاوده حتّى قطعت أبهرَه فمات منها. ينظر: مجمع البيان في تفسير القرآن الطبرسي 122:5 ).

فسلامٌ عليك يا رسول الله مُهدى من القلوب المواليه لك ولآل بيتك الأطياب، وسلامٌ عليك شوقاً إليك، واعتقاداً بنبوّتك الخاتمة، وتوثّقاً على التمسّك بما جئتَ به من عند الله تبارك وتعالى من الوحي المبين، وبما صدر منك من السنن الشريفة، وبما أمرتَ من ولاية أوصيائك الأئمّة الهداه الميامين صلَواتُ الله عليك وعَليهم أجمعين.