الشاعر معروف عبد المجيد ينظم في ولادة الرسول(ص)
ذكراكَ باقية مدى الأعوامِ | يا خيرَ مولود لخير أنامِ | |
الأرض حين وُلدْتَ حجّت للسما | والكون منذ وُلِدْت في إحرامِ | |
والكعبة العصماء شعت بالسّنا | من فيض نور الوحي والإلهامِ | |
يا مصطفى والمصطفوْن جميعهم | خُتموا بأفضل مصطفى وختامِ | |
بشرى بمولدك الكريم وفرحة | عمّت ربوع العُرْب والأعجامِ | |
الفارق التقوى فكلّ من اتقى | عند الإله يُخصّ بالإكرامِ | |
يا والدَ الزهراء أنقذتَ الدنَى | من نعرة وجهالة وظلامِ | |
صلّى الإله عليك في عليائه | وصلاته قد أُتبعت بسلامِ | |
الدين قد أكملته ورضيته | ديناً وتمّت نعمة بإمامِ | |
فمن ابتغى ديناً فدينك وحده | لا يُبتغى دين سوى الإسلامِ | |
ناجيت وجهك والضريح لثمته | فارتاح قلبي حين نلتُ مرامي | |
لما أتيتك زائراً وملبياً | بين الحجيج تلفني آثامي | |
ما بين بيتك قد أقمتُ ومنبر | في روضة مفتوحة الأكمامِ | |
ودعوتُ أنْ لبيك فرّج كربتي | باسم اللطيف مطبب الأسقامِ | |
واشفع لمرء غارق في ذنبه | يوم المعاد ودهشة الأقوامِ | |
فمنحتُ سؤلي والدعاء قبلته | وغمرتني بالعفو والأنعامِ | |
وهناك في أُمّ القرى رافقتني | عند الطواف وكنت ثَمّ أمامي | |
حين التزمتُ الركن واستلمت يدي | حجراً حفا بالسعد والأعظام | |
طهّرتني ورويتني من زمزم | فاخضرّ قلبي بعد عمر ظامي | |
ومن الصفا حتّى الوصول لمروة | باركتَ سعيي مثلما إحرامي | |
وعلى الحجون وقفت استجلي مدىً | تلك العهود وسالف الأيّامِ | |
عانقتُ ذاك وذاك أعطاني يداً | فالتَامَ جرحي إذ وَجدت أُوامي | |
ومتى وصلت إلى الجمار وجدتُني | أسترجع التاريخ مذ إبرامِ | |
فرميت إبليس اللعين مجسَّداً | وفديتُ إسماعيل بالأنعامِ | |
أهلاً بمولدك الشريف ومرحباً | بالذكريات وعاطر الأنسامِ | |
يا جامع القوم الذين بحولِه | ألّفت بين قلوبهم بوئامِ | |
ألّفتَ بينهمُ ولولا ربّنا | ما كان لو انفقت كلّ أدامِ | |
هم صدّقوك وآمنوا فعصمتهم | بالحبل حبل الله خير عصامِ | |
هم ناصروك فاصبحوا بك أُمّةً | من بعد غبراء وطعن حسامِ | |
ونسُوا بفضلك داحساً ونوازلاً | شاب الرضيع بهنّ دون فطامِ | |
واليومَ ها نحن الذين جمعتَهم | متفرّقون مقطعو الأرحامِ | |
لولا المذاهب والطوائف والهوى | وتعددُ الأحزابِ والأحزامِ | |
لولا الدناءة والتصاغر والخنا | وسفاهة الآراء والأحلامِ | |
لولا قبائلنا التي في نومها | قنعت ومر الوقت دون قيامِ | |
لتوحّد الشمل الذي من أعصر | قد شتتته دسائس الحكّامِ | |
يا داعياً للهِ ربّاً واحداً | ومحطّمَ الأوثانِ والأصنامِ | |
يا من أقمت حكومة شرعية | أنْعم بها من سلطة ونظامِ | |
العرشُ منبعها ورافدُهها الذي | ممّا يضمّ يجود بالأحكامِ | |
وكتابها القرآن نور ساطع | لا ريبَ فيه هدىً لكلّ مرامِ | |
أنشأْتَها والعدلُ كان عمادَها | أكرم به من قائم ودعامِ | |
ومن الحقيقة صغتها وعلى النُّهى | أسّستها فخلت من الأوهامِ | |
ومن التساوي والآخاء صنعتها | فالكلّ راع دونما أغنامِ | |
ومشيت فيها بالرشاد وبالتقى | لا بالحديد ورهبة الصَّمصامِ | |
يا ليت أُمّتك التي كادوا لها | فَغَدَت مقسمة إلى أقسامِ | |
تدع التعصّب والتشرذم جانباً | وتفرُّقَ الرايات والأعلامِ | |
فالمسلمون وإن تناسوا أُمّة | رغم الجراح وشدّةِ الآلامِ | |
والمسلمون وان تناءوا أخوة | لا فرق بين الفارسي والشامي |