الميت ينتفع بثواب الأعمال المهداة إليه

بسم الله الذي هو باعث من فی القبور وصلی الله علی نبیه المحبور وآله الابرار الذین لما یشهدوا قول الزور الذین اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهیرا .

وبعد: قال العلامة الحلي كل ما يفعل من القرب ويجعل ثوابه للميت فإنه يصله نفعه‌، أما الدعاء والاستغفار، والصدقة، وأداء الواجبات التي تدخلها النيابة فإجماع ، قال الله تعالى: يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا ( الحشر:١٠) وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ (محمد: ١٩) وقال رجل للنبيّ صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله‌ وسلم: إن أمي ماتت أفينفعها إن تصدقت عنها؟ قال: نعم) مسند احمد ٥: ٢٨٥ ، مصنف ابن أبي شيبة ٣: ٣٨٦، سنن أبي داود ٣: ١١٨ـ٢٨٨٢، سنن البيهقي ٤: ٦٢

وقال الصادق عليه‌السلام: يدخل على الميت في قبره الصلاة ، والصوم ، والحج ، والصدقة ، والبر ، والدعاء ، ويكتب أجره للذي يفعله وللميت (الفقيه ١: ١١٧ـ ٥٥٧).

قال الرضا عليه‌السلام: من أتى قبر أخيه المؤمن من أيّ ناحية يضع يده ، وقرأ إنا أنزلناه سبع مرات أمن الفزع الأكبر (الكافي ٣: ٢٢٩ـ ٩).

ووقف الباقر عليه‌السلام على قبر رجل من الشيعة ثم قال: اللهم ارحم غربته ، وصل وحدته ، وآنس وحشته ، واسكن إليه من رحمتك رحمة يستغني بها عن رحمة من سواك ، وألحقه بمن كان يتولاه ثم قرأ إنا أنزلناه سبع مرات (الكافي ٣ : ٢٢٩ ـ ٦).

وسأل جراح الصادق عليه‌السلام كيف التسليم على أهل القبور؟ قال: تقول:السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين،رحم الله المتقدمين منا والمستأخرين، و إنا إن شاء الله بكم لاحقون (الكافي ٣: ٢٢٩ـ ٨).(تذكرة الفقهاء ج٢:١٢١ الحسن بن يوسف بن علي المطّهر[العلامة الحلّي]).

الراجح من أقوال علماء المسلمين ما عدا الوهابية ، أن ثواب قراءة القرآن يصل إلى الميت، سواء سورة الفاتحة أو غيرها من سور القرآن الكريم، لأن من عمل عملا ملك ثوابه ومن ملك شيئا فله أن يهبه لمن شاء ما لم يقم بالموهوب له مانع من الانتفاع بالثواب، ولا يمنع منه إلا الكفر والعياذ بالله تعالى فلك أن تقرأ الفاتحة وتهدي ثوابها لروح الميت إذا مررت على قبره أو كنت في بيتك.

أما ما يشرع الدعاء به عند المرور على المقابر فما رواه سليمان بن بريدة عن أبيه أن النبي  صلى الله عليه وآله وسلم كان يعلمه لأصحابه إذا خرجوا إلى المقابر: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله تعالى بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية. رواه مسلم فی کتاب الجنائز الحديث رقم:٥٧ ٩

وما رواه ابن عباس قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المدينة، فأقبل عليهم بوجهه فقال: السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر. رواه الترمذي وحسنه ٣٦٩ ٣
هنا يوجد خلاف بین الوهابیة وعلماء المسلمين

مسالة زیارة القبور تعد من المسائل الاختلافیة بین  الوهابیة و اتباع اهل البيت وجميع علماء المسلمين بحيث ان الوهابية يعدون هذه الزیارة من مصاديق الشرك لانها عبادة للقبور حسب اعتقادهم لهذا نراهم دائما یبلغون فی مجامعهم و قنواتهم الفضائیة ان الشيعة تذهب الی زیارة القبور و تعدها من المستحبات للمراة و الرجل مع ان ذلک بدعة و حرام و من مصاديق عبادة الاموات  و ذلک لان الاموات انقطعوا عن هذا العالم فلا یسمعوا صوت احد و لاعلاقة لهم بعالمنا اصلا.
الرد على الوهابية

قال ابن قتیبية في مختلف تاويل الحدیث: و أما قوله تعالى: إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ المَوْتَى (النمل:٨٠) فليس من هذا في شيء لأنه أراد بالموتى ههنا الجهال و هم أيضا أهل القبور يريد إنك لا تقدر على إفهام من جعله الله تعالى جاهلا و لا تقدر على إسماع من جعله الله تعالى أصم عن الهدى و في صدر هذه الآيات دليل على ما نقول لأنه قال لا يستوي الأعمى و البصير يريد بالأعمى الكافر و بالبصير المؤمن(تأویل مختل الحدیث ج۱ ص۱۵۲)

هذا مع انه یظهر لکل متأمل فی الآیات القرآنیة خلاف ما تعتقده الوهابیة حيث ان القرآن في  قوله تعالى: وَاسْال مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (الزخرف: ۴۵) يأمر النبي صلي الله عليه وآله وسلم ان يسأل الانبياء من قبله، فلنسأل من اتباع ابن تيميه كيف القرآن يامر النبي بسؤال الانبياء من قبله اذا قلنا انهم لا یسمعون شیئا ؟ وایضا قال الله تعالی فی کتابه : وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ …(التوبة:۱۰)، المفهوم من هذه الآیة ان رؤیة النبي صلي الله عليه و آاله و سلم و المؤمنين  لاعمالنا مطلقة في حياتهم و مماتهم.

ايضا نقل الهيثمي من علماء السنة في مجمع الزوائد: عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم قال : إن لله ملائكة سياحين يبلغون عن أمتي السلام، قال : و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : حياتي خير لكم تحدثون و يحدث لكم و وفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم فما رأيت من خير حمدت الله عليه و ما رأيت من شر استغفرت الله لكم؛ رواه البزار ورجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد ومنبع الفوائدج ۹ ص ۲۴).

فی الخاتمة ننقل كلام ابن القيم في كتابه المسمى بالروح حيث انه يقول: والسلف مجمعون على هذا وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف زيارة الحي له ويستبشر به(الروح ص ۹).

فتبین مما ذکرنا انه لا تنفرد الشیعه بجواز زیارة القبور بل ان اهل السنة ايضا يعتقدون بذلك من اجل فهمهم الصحیح للقرآن و کلام النبی صلی الله علیه و آله وسلم فی هذا المجال.

اللهم اهدنا بهداك والهمنا تقواك