احتجاج الإمام علي(ع) بحديث الغدير على أحقية خلافته بعد رسول الله(ص)

الشبهة الأولى :إنّ علي بن أبي طالب لم يستدل أبداً بحديث الغدير على خلافته ، وهذا ما يدل على أنّ هذا الحديث لم يكن نصّاً على خلافته ، لأنّه لو كان نصّاً لادعاه علي بن أبي طالب ، ودعوى ادعائها باطلة بالضرورة (۱) .

الشبهة الثانية : إنّ علي بن أبي طالب لم يحتج بحديث الغدير على خلافته إلاّ بعد أن آلت إليه الخلافة ، فسكوته عن الاحتجاج بذلك ، يدل بوضوح على أنّ هذا الحديث لم يكن نصّاً على خلافته بلا فصل بعد وفاة النبي (۲) .

 

رد الشبهتين :

إنّ الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قد أحتج بحديث الغدير بعد وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ـ كما ورد في مصادر الفريقين ـ واستدل به على أحقية خلافته بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في العديد من المواقف ، منها أيّام أبي بكر ، ويوم الشورى ، وأيّام خلافة عثمان ، إضافة إلى أيّام خلافته ( عليه السلام ) ، وإليك فيما يلي المصادر المبيّنة لهذا الأمر :

 

الموقف الأوّل : احتجاج الإمام علي ( عليه السلام ) بحديث الغدير أيّام خلافة أبي بكر ، ومن المصادر الدالّة على هذا الاحتجاج :

المصادر الشيعية :

۱ـ كتاب سليم بن قيس الهلالي ( المتوفّى في القرن الأوّل ) ، وقد ورد فيه ما نصّه : إقامة الحجّة على أبي بكر في ما ادعاه من ألقاب :

وقال عمر لأبي بكر : أرسل إلى علي فليبايع … فأرسل إليه أبو بكر : أجب خليفة رسول الله ، فأتاه الرسول فقال له.

فقال له علي ( عليه السلام ) : ( سبحان الله ما أسرع ما كذبتم على رسول الله ، إنّه يعلم ويعلم الذين حوله أنّ الله ورسوله لم يستخلفا غيري ) .

وذهب الرسول فأخبره بما قال له .

قال : اذهب فقل له : أجب أمير المؤمنين أبا بكر ، فأتاه ، فأخبره بما قال .

فقال له علي ( عليه السلام ) : ( سبحان الله ، ما والله طال العهد فينسى ، فو الله إنّه ليعلم أنّ هذا الاسم لا يصلح إلاّ لي ، وقد أمره رسول الله وهو سابع سبعة ، فسلّموا عليّ بإمرة المؤمنين ، فاستفهم هو وصاحبه عمر من بين السبعة ، فقالا : أحق من الله ورسوله ؟ فقال لهما رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : نعم ، حقّاً حقّاً من الله ورسوله إنّه أمير المؤمنين ، وسيّد المسلمين ، وصاحب لواء الغر المحجلين … ) (۳) .

۲ـ الاحتجاج ، الشيخ الطبرسي ( المتوفّى ۵۶۰ هـ ) ، وقد ورد فيه ما نصّه :

عن أبي المفضّل محمّد بن عبد الله الشيباني ، بإسناده الصحيح عن رجال ثقة … قالوا : بايعوا أبا بكر فقد بايعه الناس ، وأيم الله لئن أبيتم ذلك لنحاكمنّكم بالسيف .

فلمّا رأى ذلك بني هاشم أقبل رجل رجل ، فجعل يبايع حتّى لم يبق ممّن حضر ، إلاّ علي بن أبي طالب ، فقالوا له بايع أبا بكر .

فقال ( عليه السلام ) : ( أنا أحق بهذا الأمر ، وأنتم أولى بالبيعة لي … ) .

وقالت جماعة من الأنصار : يا أبا الحسن لو كان هذا الأمر سمعته منك الأنصار قبل بيعتها لأبي بكر ما اختلف فيك اثنان .

فقال ( عليه السلام ) : ( يا هؤلاء ، كنت أدع رسول الله مسجّى لا أواريه ، وأخرج أنازع سلطانه ، والله ما خفت أحداً يسمو له ، وينازعنا أهل البيت فيه ، ويستحل ما استحللتموه ، ولا علمت أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ترك يوم غدير خم لأحد حجّة ، ولا لقائل مقالاً ، فأنشد الله رجلاً سمع النبي يوم غدير خم يقول : ( من كنت مولاه فعلي مولاه … أن يشهد الآن بما يسمع ؟ ) (۴) .

۳ـ إرشاد القلوب ، الديلمي ( من أعلام القرن الثامن ) ، وقد ورد فيه ما نصّه :

روي عن الصادق ( عليه السلام ) : أنّ أبا بكر لقي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في سكّة من سكك بني النجّار ، فسلّم عليه وصافحه ، وقال له : يا أبا الحسن أفي نفسك شيء من استخلاف الناس إيّاي ؟ وما كان من يوم السقفية وكراهيتك للبيعة ؟ … .

فقال له أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( يا أبا بكر هل تعلم أحد أوثق من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وأخذ بيعتي عليك في أربعة مواطن ، وعلى جماعة منكم ـ فيهم عمر وعثمان ـ في يوم الدار ، وبيعة الرضوان تحت الشجرة ، ويوم جلوسه في بيت أم سلمة ، ويوم الغدير بعد رجوعه من حجّة الوداع ، فقلتم بأجمعكم : سمعنا وأطعنا لله ولرسوله … ) (۵) .

۴ـ الخصال ، الشيخ الصدوق ( المتوفّى ۳۸۱ هـ ) ، ورد فيه ما نصّه :

عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه ( عليهم السلام ) ، قال : ( لمّا كان من أمر أبي بكر وبيعة الناس له ، … فقال علي ( عليه السلام ) : أنشدك بالله يا أبا بكر أفي نفسك تجد هذه الخصال أو فيّ ؟ …

قال : أنشدك بالله أنا المولى لك ولكل مسلم بحديث النبي ( صلى الله عليه وآله ) يوم الغدير أم أنت ؟ ) .

قال : بل أنت … (۶) .

۵ـ الكافي ، الشيخ الكليني ( المتوفّى ۳۲۹ هـ ) ، ورد فيه ما نصّه :

عن جابر بن يزيد قال : دخلت على أبي جعفر ( عليه السلام ) ، فقلت : يا ابن رسول الله … قال : ( يا جابر … اسمع وع وبلّغ حيث انتهت بك راحلتك ، إنّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) خطب الناس بالمدينة ، بعد سبعة أيّام من وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وذلك حين فرغ من جمع القرآن وتأليفه ، فقال : الحمد لله … فخرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى حجّة الوداع ، ثمّ صار إلى غدير خم ، فأمر فأصلح له شبه المنبر ، ثمّ علاه وأخذ بعضدي ، حتّى رئي بياض إبطيه ، رافعاً صوته قائلاً : من كنت مولاه فعلي مولاه … فكانت ولايتي كمال الدين ، ورضا الرب جل ذكره … ) (۷) .

ولو أنّ أهل السنّة أبو عن قبول هذه الروايات فإنّا نورد استدلال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بالنص على إمامته في أيّام أبي بكر من رواياتهم :

فقد روى أسعد بن إبراهيم بن الحسن بن علي الحنبلي في أربعينه ، عن أستاذه عمر بن الحسن المعروف بابن دحية ، ما نصّه :

الحديث الثالث : يرويه الثوري عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد ، قال : حضرت أنس بن مالك وهو مكفوف البصر وفيه وضح ، فقام إليه رجل وقال : يا صاحب رسول الله ما هذه السمة التي أراها بك ؟ وقد قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ( إنّ البرص والجذام ما يبتلي بها مؤمن ) .

فأطرق أنس وعيناه تذرفان ، وقال : أمّا الوضح فإنّه دعوة دعاها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب .

فسأله جماعة أن يحدّثهم بالحديث .

فقال : لمّا نزلت سورة الكهف ، سأل بعض الصحابة أن يريهم أهل الكهف فوعدهم ذلك ، فأهدي بساط له وذكّره الصحابة وعده ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ( أحضروا عليّاً ) .

فلمّا حضر قال لي : يا أنس أبسط البساط ، فبسطته ، فأمر الصحابة أن يجلسوا عليه ، فلمّا جلسوا رفع البساط ، وسار في الهواء إلى الظهر ، فوقف البساط ، ثمّ قمنا نمشي على الأرض حتّى شاهدنا الكهف ، … فتقدّم أمير المؤمنين وقال : ( السلام عليكم ) ، فردّوا عليه السلام ، وتقدّم القوم وسلّموا ، فلم يردّوا عليهم السلام ، … وسار بنا البساط إلى العصر ، وإذا نحن على باب المسجد ، فلمّا رآنا قال : تحدّثوني أو أحدّثكم ؟

وجعل يحدّثنا كأنّه كان معنا ، فقال له علي : لم ردّوا عليّ السلام ، ولم يردّوا على أصحابي ؟ فقال : ( إنّهم لا يردّون السلام إلاّ على نبي أو وصي نبي ، ثمّ قال : اشهد لعلي يا أنس ) .

فلمّا كان بعد يوم السقيفة استشهدني علي بيوم البساط ، فقلت : نسيت .

قال : إن كنت كتمتها بعد وصية رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فرماك الله ببياض في وجهك … (۸) .

 

الموقف الثاني : احتجاج الإمام علي ( عليه السلام ) بحديث الغدير يوم الشورى ، ومن المصادر الدالّة على هذا الاحتجاج :

المصادر السنّية :

۱ـ نهاية العقول ( مخطوط ) ، الفخر الرازي ( المتوفّى ۶۰۶ هـ ) ، وقد ورد فيه ما نصّه :

الثاني : إنّ علياً ذكره في الشورى ، عندما حاول ذكر فضائله ، ولم ينكره أحد ، فعدم إنكارهم لذلك مع توفّر الدواعي على القدح ، فيما يفتخر به الإنسان على غيره دليل صحّته (۹) .

۲ـ المناقب ، الخوارزمي الحنفي ( المتوفّى ۵۶۸ هـ ) ، وقد ورد فيه ما نصّه :

عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، قال : كنت على الباب يوم الشورى مع علي ( عليه السلام ) ، وسمعته يقول لهم : ( … فأنشدكم الله : هل فيكم أحد قال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : من كنت مولاه فعلي مولاه … ) (۱۰) .

نقل هذا العلاّمة الأميني في الغدير ، وقال : وأخرجه الإمام الحمّوئي في فرائد السمطين في الباب الثامن والخمسين (۱۱) .

۳ـ الدر النظيم ، أبو حاتم الشامي ، وقد ورد فيه ما نصّه :

عن عامر بن واثلة ، قال : كنت على الباب يوم الشورى وعلي في البيت ، فسمعته يقول : ( … أنشدكم بالله أمنكم من نصّبه رسول الله يوم غدير خم للولاية غيري ؟ … ) (۱۲) .

۴ـ شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد ( المتوفّى ۶۵۶ هـ ) ، وقد ورد فيه ما نصّه :

ونحن نذكر في هذا الموضع ما استفاض في الروايات من مناشدته أصحاب الشورى … ولكنّه قال لهم : ( … أفيكم أحد قال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : من كنت مولاه فهذا مولاه ، غيري ؟ ) (۱۳) .

المصادر الشيعية :

شرح الأخبار ، القاضي النعمان المغربي ( المتوفّى ۳۶۳ هـ ) ، ورد فيه ما نصّه :

عن عامر بن واثلة ، قال : كنت على الباب يوم الشورى ، فارتفعت الأصوات بينهم ، فسمعت علياً ( عليه السلام ) يقول : ( … فأناشدكم بالله الذي لا إله إلاّ هو أيها النفر الخمسة ، هل فيكم أحد أقامه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في حجّة الوداع ، عندما أحتج إليه عامّة الأمّة ؟ ) .

فقال لهم : ( ألستم تعلمون أنّي أولى بكم منكم بأنفسكم ؟ ) .

قالوا : اللهم نعم .

قال : ( فمن كنت مولاه فهذا مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عالاه ، غيري ؟ ) .

قالوا : اللهم ، لا (۱۴) .

 

الموقف الثالث : احتجاج الإمام علي ( عليه السلام ) بحديث الغدير أيّام خلافة عثمان ، ومن المصادر الدالّة على هذا الاحتجاج :

المصادر السنّية :

فرائد السمطين ، الحمّوئي : ۱ / ۳۱۲ ح ۲۵۰ .

المصادر الشيعية :

كتاب سليم بن قيس الهلالي ( المتوفّى في القرن الأوّل ) ، وقد ورد فيه ما نصّه :

أبان عن سليم قال : رأيت علياً في مسجد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في خلافة عثمان … قال : ( أفتقرّون أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) دعاني يوم غدير خم ، فنادى لي بالولاية ، ثمّ قال : ليبلّغ الشاهد منكم الغائب ) ، قالوا : اللهم نعم … (۱۵) .

 

الموقف الرابع : احتجاج الإمام علي ( عليه السلام ) بحديث الغدير أيّام خلافته ( عليه السلام ) ومن المصادر الدالّة على هذا الاحتجاج :

المصادر السنّية :

إنّ من المصادر السنّية التي أشارت إلى احتجاجه ( عليه السلام ) بحديث الغدير في الرحبة :

مسند أحمد ( المتوفّى ۲۴۱ هـ ) ، وقد ورد فيه ما نصّه :

عن زاذان بن عمر ، قال : سمعت علياً في الرحبة ، وهو ينشد الناس : ( من شهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يوم غدير خم وهو يقول ما قام ) .

فقام : ثلاثة عشر رجلاً ، فشهدوا أنّهم سمعوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وهو يقول : ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) (۱۶) .

إنّ من المصادر السنّية التي أشارت إلى احتجاجه ( عليه السلام ) بحديث الغدير في مسجد الكوفة :

السنن الكبرى ، النسائي ( المتوفّى ۳۰۳ هـ ) ، وقد ورد فيه ما نصّه :

عن زيد بن يثيع ، قال : سمعت علي بن أبي طالب ، يقول على منبر الكوفة : ( إنّي منشد الله رجلاً ، ولا أنشد إلاّ أصحاب محمّد ( صلى الله عليه وآله ) : من سمع رسول الله يقول يوم غدير خم : من كنت مولاه فعلي مولاه … ؟ ) (۱۷) .

إنّ من المصادر السنّية التي أشارت إلى احتجاجه ( عليه السلام ) بحديث الغدير في واقعة الجمل :

المستدرك على الصحيحين ، الحاكم النيسابوري ( المتوفّى ۴۰۵ هـ ) ، وقد ورد فيه ما نصّه :

حدّثنا رفاعة بن أياس الضبّي عن أبيه عن جدّه ، قال : كنا مع علي يوم الجمل ، فبعث إلى طلحة بن عبيد الله : ( أن القنا ) ، فأتاه طلحة ، فقال : ( نشدك الله هل سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه … ) (۱۸) .

المصادر الشيعية :

إنّ من المصادر الشيعية التي أشارت إلى احتجاجه ( عليه السلام ) بحديث الغدير في واقعة الجمل :

الخصال ، الشيخ الصدوق ( المتوفّى ۳۸۱ هـ ) ، وقد ورد فيه ما نصّه :

عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : خطبنا علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : ( … يا أنس إن كنت سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، ثمّ لم تشهد لي اليوم بالولاية … ) (۱۹) .

إنّ من المصادر الشيعية التي أشارت إلى احتجاجه ( عليه السلام ) بحديث الغدير في الرحبة :

مناقب أمير المؤمنين ، محمّد بن سليمان الكوفي ( كان حيّاً ۳۰۰ هـ ) ، وقد ورد فيه ما نصّه :

عن زيد بن يثيع وسعيد بن وهب وعمرو ذي مر وحبة قالوا : نشد علي في الرحبة : ( أنشد الله من سمع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول يوم غدير خم ، ما قال إلاّ قام يشهد ) .

فقام اثنا عشر ، فشهدوا أنّهم سمعوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول لعلي يوم غدير خم : ( من كنت مولاه فعلي مولاه … ) (۲۰) .

 

النتيجة :

إنّ المصادر التي ذكرناها في هذا المقام ، ولاسيّما المصادر السنّية التي بيّنت احتجاج الإمام علي ( عليه السلام ) بحديث الغدير في يوم الشورى ، وأيّام وقوع الخلافة بيد عثمان ، وبعد أن آلت الخلافة إليه ( عليه السلام ) ، تثبت بوضوح أنّ الإمام علي ( عليه السلام ) بخلاف ما ورد في الشبهة الأولى استدل بحديث الغدير على خلافته .

كما أنّ تعدّد مواقف استدلال الإمام بهذا الحديث قبل أن آلت إليه الخلافة تثبت بطلان الشبهة الثانية التي أوردناها في بداية البحث ، والتي جاء فيها بأنّ الإمام علي ( عليه السلام ) لم يحتج بحديث الغدير إلاّ بعد أن آلت إليه الخلافة .

ولو سلّمنا بأنّ الإمام علي ( عليه السلام ) لم يحتج بحديث الغدير على أحقية خلافته إلاّ بعد أن آلت إليه الخلافة ، فإنّ هذا الاحتجاج يثبت لوحده أحقية خلافته من دون فصل بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، لأنّ هذا الحديث لا يمكنه الإشارة إلى خلافة الإمام علي ( عليه السلام ) بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتّى تنتهي خلافة الثلاثة .

وقد أجاد العلاّمة الشيخ حسن المظفر في الرد على هذه الشبهة قائلاً :

كيف يترك النبي ( صلى الله عليه وآله ) ـ في حال نصب إمام للمسلمين لحضور أجله ـ ذكر ثلاثة وينص على من بعدهم ، الذي يكون إماماً بعد خمس وعشرين سنة من وفاته ؟!

ولو جاز ذلك ، لكان جميع ولاة العهد محل كلام ، إذ لا يقول السلطان : هذا ولي عهدي بلا فصل ، بل على احتمالات القوم لو قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : من كنت مولاه فعلي مولاه بعدي ، لقالوا : لا منافاة بين البعدية والفصل بغيره ، كما صنع القوشجي في قوله ( صلى الله عليه وآله ) : ( أنت وصيّي وخليفتي من بعدي ) (۲۱) .

بل لو قال : فعلي مولاه بعدي بلا فصل ، لقالوا : يحتمل أن يكون المعنى بلا فصل من غير الثلاثة .

ولا عجب ممّن نشأ على التعصّب وحب العاجلة ، وقال : إنّا وجدنا آباءنا على ملّة ! (۲۲) .
ــــــــــــــ
(۱) رسالة في الرد على الرافضة : ۷ .
(۲) الصواعق المحرقة ۱ / ۱۱۱ ، رسالة في الرد على الرافضة : ۷ ، السيرة الحلبية ۳ / ۳۳۸ ، عقيدة إمامت لمحمّد أشرف عثماني : ۹۱ و ۹۶ .
(۳) سليم بن قيس الهلالي : ۱۴۶ ، ونفس هذا الاحتجاج موجود في كتاب الاحتجاج ۱ / ۱۰۷ ، وفي كتاب اليقين في إمرة أمير المؤمنين : ۲۸ .
(۴) الاحتجاج ۱ / ۹۶ .
(۵) إرشاد القلوب ۲ / ۹۴ .
(۶) الخصال : ۵۵۰ ، ونفس هذا الاحتجاج موجود في كتاب الاحتجاج ۱ / ۱۶۰
(۷) الكافي ۸ / ۲۷ .
(۸) نفحات الأزهار ۹ / ۳۵ عن نهاية العقول ـ مخطوط .
(۹) نفحات الأزهار ۹ / ۳۶ .
(۱۰) المناقب : ۳۱۳ ح ۳۱۴ ، ونفس هذا الاحتجاج موجود في كتاب مناقب الإمام علي للمغازلي : ۱۳۶ ح ۱۵۵ .
(۱۱) الغدير ۱ / ۳۲۸ ، عن فرائد السمطين للحموئي ۱ / ۳۱۹ ح ۲۵۰ و ۲۵۱ .
(۱۲) الدر النظيم ۱ / ۱۱۶ ، نقله العلاّمة الأميني في كتابه الغدير ۱ / ۳۲۹ ، وقال : وحديث الشورى هذا أخرجه الحافظ الكبير الدارقطني ، ينقل عنه بعض فصوله ابن حجر في الصواعق المحرقة : ۱۲۶ .
ونقل هذا الاحتجاج أيضاً ابن عقدة ، نقله عنه الشيخ الطوسي في الأمالي : ۳۳۲ ح ۶۶۷ و ۵۴۴ ح ۱۱۶۹ ، والناقل عنهما العلاّمة الأميني في الغدير ۱ / ۳۳۰ ، وأخرجه الحافظ العقيلي في الضعفاء الكبير ۱ / ۲۱۱ ح ۲۵۸ ، وحكاه عن العقيلي الذهبي في ميزان الاعتدال ۱ / ۴۴۱ ح ۱۶۴۳ ، وابن حجر في لسان الميزان ۲ / ۱۹۸ ح ۲۲۱۲ .
(۱۳) شرح نهج البلاغة ۶ / ۱۶۷ .
وقال المحقق الطباطبائي : حديث المناشدة أخرجه عدّة من الحفّاظ بطرق شتّى تنتهي إلى أبي ذر وأبي الطفيل ، إلاّ أنّ منهم من أوعز إليه إيعازاً كالبخاري في التاريخ الكبير ۲ / ۳۸۲ ، ومنهم من اقتطع منه محل حاجته كالذهبي في كتاب الغدير ، روى من ما يخص حديث الغدير كما يأتي ، ومنهم من رواه بطوله على اختلاف يسير في اللفظ ، شأن سائر الأحاديث .
وممّن يخرجه ـ عدا من تقدّموا ـ ابن جرير الطبري في الغدير ، رواه عنه الذهبي كما يأتي ، ورواه الحافظ الطبراني بطوله ، وعنه الخوارزمي في المناقب : ح ۳۱۴ ، ورواه الحافظ الدارقطني ، ومن طريقه أخرجه الحافظ ابن عساكر في تاريخه : رقم ۱۱۴۰ .
وأخرجه بطوله القاضي أبو عبد الله الحسين بن هارون الضبّي ، المتوفّى سنة ۳۹۸ ، في المجلس ۶۱ من أماليه : ق ۱۴۰ ، الموجود بطوله في المجموع ۲۲ في المكتبة الظاهرية .
وممّن رواه الحاكم النيسابوري في كتابه حديث الطير ، ومن طريقه أخرجه الكنجي في الباب المائة من كفاية الطالب ص ۳۸۶ ، ورواه الحافظ ابن مردويه ، ومن طريقه أخرجه الخوارزمي في المناقب : ح ۳۱۴ .
وأخرجه أبو الحسن علي بن عمر القزويني في أماليه ، الموجود في مجاميع الظاهرية ، وأخرجه بطوله ابن المغازلي في كتاب المناقب : ح ۱۵۵ .
وأخرجه بطوله الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق في ترجمة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بعدّة طرق بالأرقام ۱۱۴۰ و ۱۱۴۱ و ۱۱۴۲ تنتهي إلى أبي الطفيل ، كما أخرجه بطوله في تاريخه أيضاً في ترجمة عثمان ص ۱۸۷ ـ ۱۹۲ طبعة المجمع السوري ـ وأخرجه الكنجي في كفاية الطالب : ص ۳۸۶ .
وأخرجه الذهبي في كتابه في الغدير برقم ۳۷ من طريق الطبري في كتاب الغدير ( طرق حديث من كنت مولاه ) ، مقتصراً منه على ما يخص حديث الغدير ، فقال : حدّثنا ابن جرير في كتاب غدير خم ، حدّثني عيسى بن عبد الرحمن ، أنبأنا عمرو بن حمّاد بن طلحة ، حدّثنا إسحاق بن إبراهيم الأزدي ، عن معروف بن خربوذ ، وزياد بن المنذر ، وسعيد بن محمّد الأسدي ، عن أبي الطفيل ، قال : قال علي لعثمان وطلحة والزبير وسعد ، وعبد الرحمن ، وابن عمر : ( أنشدكم بالله : هل فيكم أحد قال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يوم الغدير : اللهم وال من والاه وعاد من عاداه غيري ؟ ) قالوا : اللهم لا .
وأورده السيوطي بطوله عن أبي ذر في جمع الجوامع ۲ / ۱۶۵ ، وعن أبي الطفيل ۲ / ۱۶۶ ، وفي مسند فاطمة ص ۲۱ ، والهندي في كنز العمّال ۵ / ۷۱۷ ـ ۷۲۶ ح ۱۴۲۴۱ و ۱۴۲۴۳ ( الغدير ۱ / ۳۳۱ ) .
(۱۴) شرح الأخبار ۲ / ۱۹۱ ، وبنفس السند في كتاب الأمالي للشيخ الطوسي : ۳۳۳ ، وكشف اليقين : ۴۲۳ ، والاحتجاج ۱ / ۱۹۰ ، وعن ابن عباس في بشارة المصطفى : ۳۶۳ ، وعن أبي الطفيل : ۳۷۴ ، وعن أبي ذر في إرشاد القلوب ۲ / ۸۶ ، وعن جابر الجعفي في الاحتجاج ۱ / ۱۹۶ .
(۱۵) كتاب سليم بن قيس الهلالي : ۱۹۵ .
(۱۶) مسند أحمد ۱ / ۸۴ ، وعن سعيد بن وهب وعن زيد بن يثيع ۱ / ۱۸۸ ، وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى ۱ / ۱۱۹ ، وعن سعيد بن وهب ۵ / ۳۶۶ ، وعن زيد بن أرقم ۵ / ۳۷۰ .
وعن رباح الحارث في مجمع الزوائد ۹ / ۱۰۳ ، وعن سعيد بن وهب ۹ / ۱۰۴ ، وعن عمرو بن ذي مر ، وسعيد بن وهب ، وعن زيد بن بثيع ، وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى ۹ / ۱۰۵ ، وعن زيد بن أرقم ۹ / ۱۰۶ ، وعن زيد بن بثيغ ، وزيد بن أرقم ، وعن زادان أبي عمر ۹ / ۱۰۷ ، وعن عميرة بنت سعد ، وعن عمير بن سعد ۹ / ۱۰۸ .
وعن زيد بن يثبع في المصنّف لابن أبي شيبة ۷ / ۴۹۹ ، وعن عميرة بن سعد ، وسعيد بن وهب .
وزيد بن يثيغ في خصائص أمير المؤمنين : ۹۶ ، وعن عامر بن وائلة : ۱۰۰ ، وعن سعيد بن وهب : ۱۰۳ و ۱۳۲ ، وعن عمرو ذي مر : ۱۰۴ .
وعن زيد بن أرقم في المعجم الكبير ۵ / ۱۷۱ و ۱۷۴ .
وعن زاذان أبي عمر ، وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى في كنز العمّال ۱۳ / ۱۷۰ .
وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى في تاريخ بغداد ۱۴ / ۲۳۹ .
وعن زيد بن أرقم في تاريخ مدينة دمشق ۴۲ / ۲۰۴ ، وعن أبي الطفيل ۴۲ / ۲۰۵ ، وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وعمير بن سعد ۴۲ / ۲۰۶ ، وعن عميرة بن سعد ۴۲ / ۲۰۹ ، وعن سعيد بن وهب وعمرو وذي مر وزيد بن يثيع ۴۲ / ۲۰۹ .
وعن الأصبغ بن نباته في أسد الغابة ۳ / ۳۰۷ و ۵ / ۲۰۵ ، وعن أبي إسحاق ۳ / ۳۲۱ .
وعن أبي وائل شقيق بن سلمة في انساب الأشراف : ۱۵۶ .
وعن عميرة بن سعد في ذكر أخبار إصبهان ۱ / ۱۰۷ ، وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى ۲ / ۲۲۸ .
وعن سعيد بن وهب ، وعن عمرو ذي مر ، وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وعن عميرة بن سعد في البداية والنهاية ۵ / ۲۳۰ ، وعن أبي الطفيل ، وعن زيد بن أرقم ، وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى ۷ / ۳۸۳ ، وعن عميرة بن سعد ، وعمرو بن مرّة ، وسعيد بن وهب وعن زيد بن نتيع ۷ / ۳۸۴ .
(۱۷) السنن الكبرى ۵ / ۱۳۲ ، وعن عامر بن واثلة ۵ / ۱۳۴ ، وعن سعيد بن وهب ۵ / ۱۳۶ ، وعن عمرو ذي مر ۵ / ۱۳۶ ، وعن سعيد بن وهب ۵ / ۱۵۵ .
وعن زيد بن يثيغ في خصائص أمير المؤمنين : ۹۶ .
وعن عميرة بن سعيد في المعجم الصغير ۱ / ۶۴ .
وعن زيد بن أرقم في المعجم الأوسط ۲ / ۲۷۵ ، وعن عمر ذي مر ۲ / ۳۲۴ ، وعن عميرة بن سعد ۲ / ۳۲۴ و ۲ / ۳۶۸ .
وعن شريك بن عبد الله في شرح نهج البلاغة ۲ / ۲۸۸ و ۱۹ / ۲۱۷ .
وعن زيد بن أرقم ، وعن عمير بن سعد في كنز العمّال ۱۳ / ۱۵۷ ، وعن عمرو وذي مر وسعيد بن وهب وزيد ابن يثيع ۱۳ / ۱۵۸ .
وعن عميرة بن سعد في تهذيب الكمال ۲۲ / ۳۹۸ ، وعن زيد بن أرقم ۳۳ / ۳۶۸ .
وعن أبي الطفيل في جواهر المطالب ۱ / ۸۴ .
وعن زيد بن أرقم ۱ / ۸۵ ، وعن زيد بن أرقم في ذخائر العقبى : ۶۷ .
وعن أبي الطفيل في صحيح بن حبّان ۱۵ / ۳۷۶ .
(۱۸) المستدرك على الصحيحين ۳ / ۳۷۱ ، وبنفس السند في تاريخ دمشق ۲۵ / ۱۰۸ .
(۱۹) الخصال : ۲۱۹ ، وبنفس السند في كتاب الأمالي ، للشيخ الصدوق : ۱۸۴ ، والمناقب للخوارزمي : ۱۸۲ .
(۲۰) مناقب أمير المؤمنين ۲ / ۳۶۷ ، وعن حبة العرني ۲ / ۳۸۰ ، وعن زيد بن يثيع ۲ / ۳۸۷ ، وعن زاذان ۲ / ۴۰۸ ، وعن أبي الطفيل ۲ / ۴۴۵ ، وعن سعيد بن وهب ۲ / ۴۵۲ .
وعن زيد ابن أرقم في الإرشاد ۱ / ۳۵۲ ، ونقله أيضاً الراوندي في الخرائج والجرائح ۱ / ۲۰۸ .
وعن عميرة بن سعد في الأمالي للشيخ الطوسي : ۲۷۲ و ۳۳۴ ، ونقله أيضاً ابن بطريق مع اختلاف يسير في كتابه العمدة : ۱۰۸ .
وعن حبة العرني ، وعبد خير ، وذي مر ، وعمر في العمدة : ۱۰۹ ، وعن زيد ابن أرقم : ۱۱۰ .
وعن عمرو ذي مر وسعيد بن وهب ويزيد بن نقيع في بشارة المصطفى : ۲۰۰ ، وعن عميرة بن سعد : ۲۰۵ ، وعن زاذان : ۲۹۳ ، وعن سعيد بن وهب : ۴۱۴ .
(۲۱) أنظر : شرح تجريد الاعتقاد : ۴۷۸ .
(۲۲) دلائل الصدق ۴ / ۳۴۸ .