شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

مقامات فاطمة عليها السلام

0 المشاركات 00.0 / 5

ﺷﻬﺪﺕ ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﺕ الأولى ﻣﻦ ﺭﺣﻴﻞ ﺍﻟﻨﺒﻲ الأكرم ﺻﻠﻰ الله ﻋﻠﻴﻪ ﻭآله صراعاً عنيفاً ﺑﻴﻦ أﺟﻨﺤﺔ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻄﺎﻣﺤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ، ﻭﻟﻢ ﻳﻤﺮ ﻭﻗﺖ ﻗﻠﻴﻞ ﺣﺘﻰ ﺗﻤﺖ ﺗﺼﻔﻴﺔ ﺣﺴﺎﺑﺎﺕ ﺗﻮﺯﻋﺖ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻣﻨﺎﺻﺐ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻟﺘﺘﻔﻖ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ إﻗﺼﺎﺀ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ الإلهية ﺍﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ الإمام ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ السلام، ولم ﺗﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﻘﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺮّﺕ ﻋﻠﻰ الإمام سلام الله عليه ﺑﺎﻟﻴﺴﻴﺮﺓ، ﺑﻞ ﺻﺎﺣﺒﺘﻬﺎ محاولات إﺭﻏﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﻌﺔ ﻋﺎﻧﻰ ﻣﻨﻬﺎ الإمام ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ اﻷﺑﺮﺍﺭ شتّى ﺍﻟﻀﻐﻮﻁ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﺴﻘﻴﻔﺔ ﺃﺧﺬ ﺇﻗﺮﺍﺭ ﻭﻟﻮ ﺷﻜﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻳﻴﺪ محاولات ﺍﻟﺒﻴﻌﺔ المدّعاة ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ممراً ﺗﺤﺖ ﻏﻄﺎﺀ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ.

ﻫﻜﺬﺍ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺍﻟﺴﻘﻴﻔﺔ إﻗﻨﺎﻉ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﺇﻻّ ﺃنّ ﺫﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﺘﻢ ﻣﻊ ﻭﺟﻮﺩ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺍﻟﺰﻫﺮﺍﺀ ﻋﻠﻴﻬﺎ السلام ﻭﻫﻲ ﺗﺘﺼﺪﻯ لمحاولات ﺍﻹﺭﻏﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺘﻲ تطال علياً ﻋﻠﻴﻪ السلام ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻤﺎ ﺗﺘﻤﺘﻊ به ﻋﻠﻴﻬﺎ السلام ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﺤﺠﻴﺔ ﺍﻟﻤﺮﺗﻜﺰ ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺱ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، إﺫ ما ﺯﺍﻟﺖ ﺫﺍﻛﺮﺓ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ تسجّل ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ الله صلى الله عليه وآله يؤكّده في فاطمة ﻋﻠﻴﻬﺎ السلام ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻡ ﺷﺎﻣﺦ ﻭﺫﻛﺮ ﻋﻈﻴﻢ.

فعن ﻛﺘﺎﺏ لأبي إسحاق الثعلبي ﻋﻦ ﻣﺠﺎﻫﺪ ﻗﺎﻝ: (ﺧﺮﺝ ﺭﺳﻮﻝ الله صلى الله عليه وآله وسلم ﻭﻗﺪ ﺃﺧﺬ ﺑﻴﺪ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻭﻗﺎﻝ: «ﻣﻦ ﻋﺮﻑ ﻫﺬﻩ ﻓﻘﺪ ﻋﺮﻓﻬﺎ، ﻭﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ ﻓﻬﻲ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﻨﺖ ﻣﺤﻤﺪ، ﻭﻫﻲ ﺑﻀﻌﺔ منّي، ﻭﻫﻲ ﻗﻠﺒﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻴﻦ ﺟﻨﺒﻲ، ﻓﻤﻦ ﺁﺫﺍﻫﺎ ﻓﻘﺪ ﺁﺫﺍﻧﻲ، ﻭﻣﻦ ﺁﺫﺍﻧﻲ ﻓﻘﺪ ﺁﺫﻯ الله»).(الإصابة في معرفة الصحابة:٢/٥٧)

ﻭﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ عبد الله ﻗﺎﻝ: (ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ الله صلى الله عليه وآله: «إنّ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺷﻌﺮﺓ منّي، ﻓﻤﻦ ﺁﺫﻯ ﺷﻌﺮﺓ منّي ﻓﻘﺪ ﺁﺫﺍﻧﻲ، ﻭﻣﻦ ﺁﺫﺍﻧﻲ ﻓﻘﺪ ﺁﺫﻯ الله، ﻭﻣﻦ ﺁﺫﻯ الله ﻟﻌﻨﻪ الله ﻣﻞﺀ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍلأﺭﺽ»).(كشف الغمة:١/٤٦٧)

ﻭﻗﺪ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺍﻗﺘﺮﺍﻥ أﺫﻯ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ السلام ﺑﺄﺫﻯ ﺭﺳﻮﻝ الله صلى الله عليه وآله وسلم ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻫﻮ ﺃﺫﻯ الله ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﺟﺐ ﺍﻟﻠﻌﻨﺔ ﻭﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﺍﻷﻟﻴﻢ.

إﺫ ﻻ ﻳﺘﻢ ﺫﻟﻚ ﺇﻻ ﻟﻤﻦ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﺤﺠﻴﺔ الإلهية، وإلاّ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﻢ ﻗﻮﻟﻪ صلى الله عليه وآله ﺃﻥ أﺫﻯ ﻓﺎﻃﻤﺔ عليها السلام ﻳﻌﻨﻲ ﺃﺫﺍﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﺫﻯ الله ﺗﻌﺎﻟﻰ، فإنّ ﺫﻟﻚ ﺩﻟﻴﻞ ﺍﻟﺤﺠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ يتمتع بها ﻣﻘﺎﻡ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ.

ﻟﺬﺍ ﻓﻼ ﻳﻜﻮﻥ ﺩﺧﻮﻟﻬﺎ عليها السلام ﻭﺳﻂ الأحداث ﺍﻟﻤﻠﺘﻬﺒﺔ ﺇﻻ إﺧﻤﺎﺩ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﻨﺎﺋﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺟﺠﺘﻬﺎ ﻃﻤﻮﺣﺎﺕ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻭﺃﻣﺎﻧﻴﻬﻢ ﻣﻤﺎ ﺃﺩﻯ إلى ﺇﺭﺑﺎﻙ ﺧﻄﻄﻬﻢ ﻭﺗﺪﺍﻋﻲ ﻛﻞ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺧﺎﺭﺟﺔ ﻋﻦ ﻧﻄﺎﻕ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ.

 

الهجوم على دار الزهراء عليها السلام وصدها عليها السلام للباب

هناك شبهة حول خروج سيدة نساء العالمين من الدار إلى الباب مع وجود أمير المؤمنين علي عليه السلام؟

الجواب: الظاهر أن الخروج كان بعد ندائهم للإمام عليه السلام بالخروج وتهديدهم بحرق البيت ، فخروجها لم يكن لفتح الباب ولكن لردهم وصدهم عن ما قصدوا.

ومن الواضح الجلي أن بيت فاطمة عليها السلام كان يتمتع بحرمة قد شيدها القرآن الكريم لأهل البيت عليهم السلام وتعظيم وحث بالغ على مودتهم، مضافاً إلى تعظيم النبي صلى الله عليه وآله لحرمة بيت فاطمة وعلي عليهما السلام، حيث لم يكن يدخل هو نفسه صلى الله عليه وآله إلا بعد الاستئذان وطرق الباب ويقول: إن الله أمره بذلك.

فلم يرع عمر تلك الحرمة كما لم يرع أبو بكر ذلك حينما أمر بالكشف عن بيت فاطمة عليها السلام.

وموقف الزهراء عليها السلام نظير انتداب الله عز و جل مريم بنت عمران للقيام بمهمة لم ينتدب الله تعالى لها زكريا عليه السلام وهي كشف القناع عن دجل علماء اليهود من بني إسرائيل.

 

وصيتها عليها السلام

روى الشيخ المفيد أعلى الله مقامه بسنده عن علي بن الحسين عن أبيه الحسين عليهما السلام قال: «لما مرضت فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وآله أوصت إلى علي صلوات الله عليه أن يكتم أمرها ويخفي خبرها ولا يؤذن أحداً بمرضها ففعل ذلك وكان يمرضها بنفسه وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس رحمها الله على استسرار بذلك كما أوصت».(أمالي المفيد:٢٨١)

فشهادتها و دفنها ليلاً محطة مفعمة بالظلم والأسى وصارخة بالاعتراف على المتغلبين على أمر الخلافة، فسجلت بنحو بيّن لكل الأجيال الإدانة لحركة السقيفة ومسار الابتعاد عن أهل البيت عليهم السلام تبياناً منها لبطلان الأُسس والبنى التي أرسوا مسارهم عليها كدعوى الشورى وخوف الفتنة ودعوى العلم بالكتاب والسنة كما في قولها: «أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي؟».(السقيفة وفدك:١٤٢)

فرفعت اللوابس والحيرة الساترة على رؤية وبصيرة الأُمة التي أخذتها الفتنة الفكرية والسياسية المحتدمة فسنت بذلك سنة التولي والتبري العقيدي والسياسي في الأُمة الإسلامية.

 

خفاء قبر الزهراء عليها السلام دليل على انحراف الأُمة

مجلة الوارث - العدد 94أرادت الزهراء عليها السلام حتى من إخفاء قبرها أن يكون سنداً ودليلاً على هذا الانحراف الجديد الذي طرأ في الأُمة، بل سيبقى لخفائه على مر العصور شاهداً آخر على مظلوميتها.

والملاحظ أنه حتى الأئمة عليهم السلام من ولدها لم يقوموا بالإفصاح عن موضع قبرها لئلا ينتقض الغرض المهم وراء إخفائه.

ومن قوة هذا الموقف ودلالته لم تستطع المصادر العديدة إخفاءه وطمسه حتى من صحيح البخاري، مما يدل على أنها رحلت عليها السلام من هذا العالم وهي مقاطعة لمشروع السقيفة وغاضبة على رجالها.

 

سؤال وجواب

السؤال: ما المقصود من قول الزهراء عليها السلام في عتابها لأمير المؤمنين عليه السلام: «يا بن أبي طالب اشتملت شملة الجنين وقعدت حجرة الضنين، نقضت قادمة الأجدل فخانك ريش الأعزل، هذا ابن أبي قحافه قد ابتزني…».(أمالي الطوسي:٦٨٣)

الجواب: ﻣﺎ ﻗﺎﻟﺘﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ السلام للإمام أمير المؤمنين عليه السلام هو ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺇﻳﺎﻙ ﺃﻋﻨﻲ ﻭﺍﺳﻤﻌﻲ ﻳﺎ ﺟﺎﺭﺓ كما في ظاهر صورة عتاب الله لعيسى: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ الله‏}.[المائدة:١١٦]

مع أنّ النبي عيسى على نبيّنا وآله وعليه السلام لم يرتكب تقصيراً وإنما هو تعريض بالمحاسبة والعتب على قومه وﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ عتابات الله ﺗﻌﺎﻟﻰ للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله ﻓﻲ ﻇﺎﻫﺮ ﺧﻄﺎﺏ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﻊ ﺃﻧﻪ صلى الله عليه وآله ﻟﻴﺲ ﻣﻘﺼﻮﺩاً ﺑﺎﻟﺨﻄﺎﺏ ﺑﻞ ﺍﻟﻌﺘﺎﺏ للأُمة ﻭﻟﻤﻦ ﻣﻌﻪ ﻭﻟﻜﻨﻪ أﺳﻠﻮﺏ ﻣﻦ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ الكلام التربوية، ﻭﺍﻟﻐﺮﺽ ﻫﻮ ﺗﺒﻴﺎﻥ مظلوميتها ﻭﻏﺼﺐ ﺣﻘﻬﺎ وحرجية ﻣﻮﻗﻒ أمير المؤمنين علي عليه السلام ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺃﻭﺻﻰ إليه ﺍﻟﻨﺒﻲ صلى الله عليه وآله ﺑاﻟﺘﺰﺍﻡ ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﻏﺼﺐ الخلافة ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺪﻡ ﻭﻓﺎﺀ الأُمة ﺑﺎﻟﻌﻬﻮﺩ ﺍﻟﻤﺄﺧﻮﺫﺓ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﺍﻟﺰﻫﺮﺍﺀ عليها السلام ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺎﺿﺮﺓ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ ﻭﺻﻴﺔ ﺍﻟﻨﺒﻲ صلى الله عليه وآله ﺑﺬﻟﻚ ﻟﻌﻠﻲ عليه السلام ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﻔﺎﺟئاً ﻟﻬﺎ ﻛﻲ ﻧﺘﺼﻮﺭﻩ ﻣﻮﻗﻔﺎً ﺍﻧﻔﻌﺎلياً ﻣﻨﻬﺎ عليها السلام، ﺑﻞ ﻫﻮ ﻧﺪﺍءً للأﺟﻴﺎﻝ ﻭﺻﺮﺧﺔ في ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻈﻠﻢ والاﻧﺤﺮﺍﻑ.

قال تعالى: {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى‏ إِلى‏ قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الأَلْواحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأَعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}.[الأعراف:١٥٠]

ﻓﻘﺪ ﺷﺎﺑﻬﺖ ﻣﺤﻨﺔ ﻋﻠﻲ عليه السلام ﻣﺤﻨﺔ ﻫﺎﺭﻭﻥ على نبيّنا وآله وعليه السلام ﻭﺧﺬﻻﻥ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻭاستخلاف ﺍﻟﻨﺒﻲ صلى الله عليه وآله ﻟﻌﻠﻲ عليه السلام واستخلاف ﻣﻮﺳﻰ ﻟﻬﺎﺭﻭﻥ على نبيّنا وآله وعليهما السلام ﻛﻤﺎ ﺷﺎﺑﻪ ﻋﺘﺎﺏ ﻣﻮﺳﻰ على نبيّنا وآله وعليه السلام ﻟﻬﺎﺭﻭﻥ عتاﺏ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻟﻌﻠﻲ عليهما السلام ﻓﻲ ﻇﺎﻫﺮ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﻣﻊ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻫﻮ ﺇﺑﺮﺍﺯ النفرة ﻣﻦ ﺿﻼﻝ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻭﺧﺬﻻﻧﻬﻢ ﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﻨﺒﻲ صلى الله عليه وآله.

 

تحسس علماء أهل سنة الجماعة من أي سؤال حول ما تعرضت له الزهراء عليها السلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه و آله

وهذا التحسس والقلق الزائد البالغ ذروته كاشف عن مدى خطورة مواقفها عليها السلام وموقعيتها في رسم المنهاج للأُمة وإضاءة طريق الحق في نظام دلائل الدين ومدى تأثير خطاها ومسارها في بناء مسار الدين للأُمة إلى يوم القيامة وأن رعيل الصحابة مهما كثر عدده وعدته لا ينهض أمام حجية موقفها.

ونظير هذا التحسس تجده حول تفاصيل مقاطعتها لجماعة السقيفة المعبر عن إدانتها لما قاموا به من غصب الخلافة ومصادرة مناصب النبي صلى الله عليه وآله والذي تمثل في عدة أساليب من وصيتها بإخفاء مرضها وتجهيزها والصلاة عليها ودفنها وإخفاء قبرها كعلامة أبدية مستمرة تصرخ بالأُمة لتوقظها من غفوتها لتصحو بعد ذلك وتعود إلى وعيها ورشدها حول حقيقة الحدث وما دار من وقائع.

 

معنى حديث «فاطمة حوراء إنسية»

يثار تساؤل حول معنى الحديث: هل أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان في صدد بيان حقيقة وذات فاطمة عليها السلام من بعض جوانبها وهل هذا البعد الذي بينه يختلف عن الخلقة البشرية مع وجود اشتراك بينها وبين سائر نساء العالمين؟

والجواب: في الحقيقة إن التساؤل المثار في معنى الحديث يشابه التساؤل الذي يثار في حقيقة ذات النبي صلى الله عليه وآله في قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ}.[الكهف:١١٠]

من أن القرآن لم يقتصر على تصوير الجانب البشري من ذاته وشخصيته صلى الله عليه وآله بل ذكر الجوانب العلوية المعنوية أيضاً وهي مقام تلقي الوحي وهو جانب غيبي.

فالحديث في صدد بيان إحدى درجات ذات الزهراء عليها السلام وهي كونها ذاتاً حورية متصلة بذاتها البشرية ومن ثم كان يظهر لها جملة من الآثار والصفات المتميزة عن الذات البشرية كتحديث الملائكة لها ونزول جبرئيل عليها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وإن لم يكن بوحي نبوي بل بعلم لدني نظير ما وقع لمريم بل بدرجة تفوق ذلك وغيرها.

 

شبهة وجواب

روي عن الرسول صلى الله عليه وآله قوله: «من آذى ذمياً ففد آذاني»، كما روي عنه صلى الله عليه و آله: «فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني»، فما هو وجه الفضيلة والشرف في الحديث الثاني؟

الجواب:

على تقدير صحة الحديث الأول الفرق بينهما واضح، حيث أنه في الحديث الأول قد أخذ عنوان الذمي بما هو معاهد أي أن انتهاك العهد الذي عقده النبي صلى الله عليه وآله وشرعه معهم انتهاك لذمته وعهده صلى الله عليه وآله، وهذا الأمر ثابت للذمي بهذه الحيثية لا مطلقاً، فلو خفر الذمي الذمة والعهد لما بقي له ذلك من لزوم الوفاء والعهد.

وهذا بخلاف الحديث الثاني فإنه قد أخذ عنوان فاطمة لذاتها من دون التقييد بحيثية معينة أو قيد خاص مما يدل على لزوم الحرمة والاحترام لها لذاتها مطلقاً وليس ذلك إلا لعصمتها وكونها ميزاناً مستقيماً في طريق الهدى وإلا لما ثبت ذلك لها بما هي هي لذاتها.

هذا مضافاً إلى ورود أحاديث في نفس المضمون ترتقي في أذيتها إلى أنها أذية الله تعالى وأن رضاها رضا الله تعالى وغضبها غضب الله تعالى مما يدلل على عصمة ذاتها ومن ثم يلازم موقفها موقف الرب تعالى.

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية