نصائح للآباء والأمهات‌ (دعوا الأطفال یلعبون دون أن تفسدوهم بالدلال)

إن مراعاة حال الطفل عَبر مراحل حياته العُمرية من أهم الواجبات التي ينبغي ان تلتزم بها الأسرة، حيث أن لكل مرحلةٍ من مراحل نمو الطفل العقلية والنفسية والاجتماعية تأثيراً على سلوكه وتفكيره, وبين أيدينا قاعدة تربوية مهمة في التعامل مع الأبناء مع مراعاة مختلف مراحل حياتهم العُمرية, وهذه القاعدة هي التي وردت في حديث عن النبي الاعظم صلى الله عليه وآله وهي: (لاعب إبنك سبعا، وأدبه سبعا، وصاحبه سبعا).

واللعب عادةً يختلف عن اللهو؛ لأن اللعب يخالطه تعليم إيجابي لمهارات نفسية وعقلية وخُلقية، واكتشافُ مواهب الطفل, وتنمية قدراته ومهاراته المختلفة.

واللعب هي لغة الطفل في أول سنوات حياته ولأنه الطريقة الأسهل والأفضل التي يتعلم الطفل من خلالها، ففي اللعب يستكشف الطفل ذاته وقدراته المتنامية ويستكشف الأشياء, ويستكشف العالم من حوله, وينمو ذكاؤه وتنمو قدراته ومهاراته عن طريق المحاولة والخطأ, وتنمو خبراته عن طريق التجربة, وينمو جسمه وتتقوى عضلاته, ويتعلم أهم المهارات الاجتماعية والحياتية من خلال تقليد أدوار الكبار, وتتحدد ملامح شخصيته, وباللعب ايضاً يفرغ الطاقة الإنفعالية الزائدة، فمن هنا جاء التأكيد عليه في الحديث النبوي الشريف.

ولم تتوقف اهمية اللعب ودوره في تنمية قدرات الطفل الروحية والبدنية على الجانب الديني، فقد توصلت الابحاث العلمية الحديثة الى نفس النتيجة التي اوصى بها النبي الاعظم صلى الله عليه وآله في حديثه الذي استفتحنا به الموضوع.

ففي كثیر‌ من‌ ولایـات‌ أمـیركا المـتحدة عیادات خاصة یدیرها أطباء درسوا علم النفس و فنون تربیة الاطفال یهرع الیها الآباء‌ و الأمهات یـطلبون النصح و الارشاد فی شؤون أطفالهم النفسیة المختلفة.

و أهم دعایة تقوم بها‌ هذه العـیادات هی لفت‌ نظر‌ الأمـهات‌ الی وجـوب أخذ الطفل بالحزم منذ نشأته،و لیس الحزم القسوة أو الارهاق بل عدم التدلیل و«التدلیع»و النزول علی رغبات‌ الطفل الصبیانیة الضارة لمجرد بكائه أو صیاحه،و الاذعان‌ لمشیئته ارضاء له‌ و زیادة فی افساده،و السماح له بـأن یتناول‌ من طعام أبویه الذی لا یقوی علی هضمه امعانا فی تكریمه‌ و اعزازه و الاضرار به في نفس الوقت.

و قد حادث أحد الصحفیین الامریكیین واحدا من‌ مدیري‌ تلك‌ العیادات النفسیة الخاصة بدراسة شئون الاطـفال فـأفضی الیه‌ بنصائح طریفة للأمهات و الآباء ننقلها للقراء لما فیها من فائدة كبری.

 

قال الطبیب

«یجب أن تعلم الامهات و الآباء أیضا ان كثرة‌ الاوامر‌ و النواهي تحیر عقل الطفل و خاصة اذا كانت تلك الاوامر و قـتیة تـمنع عنه شیئا فی حین و تمنحه ایاه حینا آخر،فان ذلك یحول‌ دون تعوید الطفل علی الطاعة و نشوئه علیها‌.

«و یجب‌ أن لا تؤنب الطفل و تعاقبه علی أفعال نحن المخطئون‌ فی تقدیر أهمیتها بالنسبة له.فـاذا رأت ربـة الدار أنها دخلت‌ ذات یوم الی احدی غرف البیت فوجدت الطفل قد‌ بعثر‌ أثاثها‌ و نثره هنا و هناك و أحدث به‌ عطبا‌ و تدمیرا‌،فلا تلومن الا نفسها و لا تتحامل علی الطفل لأن طبیعته هي التي تحمله عـلی اللعـب‌ و الحـركة و التوثب فاذا لم یتیسر له‌ ذلك‌ فـی‌ مـكان خاص یقوم‌ فیه بألعابه تحت اشرافها و مراقبتها‌ اندفع‌ الی افساد نظام الغرف‌ و اتلاف ما تصل الیه یده اشباعا لرغبة اللعب الثائرة فـي نـفسه.

«كونوا حازمین مع أبنائكم‌ و لكن‌ فی‌ حدود التعقل و حـسن‌ التـقدیر،و لیكن الآباء خیر مثل یحذوه الابناء‌،فان الطفل اذا ما شاهد أباه یثور لأوهی سبب و یصخب من حین الی حین و یـسب‌ و یـشتم زوجـته علق‌ بذهنه‌ هذا‌ كله و سارع الی تقلیده و نشأ علیه.

«و حذار مـن أن یحاول الآباء‌ تهدید‌ أبنائهم أو رشوهم أو توبیخهم بعنف أو ارهابهم و تخویفهم اسكاتا لهم عن البكاء، فخیر للطفل أن‌ یبكي‌ مـا‌ شـاء الی أن یـسكت،فیعرف ان كلمة أبویه نهائیة فلا یعارض فیها‌ بعدئذ‌ و لا‌ یتخذ البكاء سـلاحا یـشرعه في وجوههم كلما أراد أن یحصل علی شی‌ء قد یضره‌ فی‌‌ بعض‌ الاحیان.

«و أشد خطرا علی الطفل أن تـنهره و تـمنع عـنه شیئا رغم‌ بكائه و الحاحه فی‌ طلبه‌ ثم تذعن بعد ذلك الی مشیئته و تشتري‌ سـكوته بـاعطائه ذلك الشـي‌ء الممنوع».

و لم‌ تكتف‌ عیادات‌ الاطفال«النفسیة»بالقاء النصائح‌ للوافدین علیها و الراغبات فی استشارة أطـبائها الاخـصائیین، بـل اصطنعت شریطا‌ سینما‌ توغرافیا عبارة عن قصص صغیرة تتلمس الأمهات و الآباء بین حوادثها ضـرورة الاخـذ بهذا‌ المبدأ‌ فی‌ تربیة الاطفال أو الاقلاع عن تلك العادة فی تدلیلهم مثلا، و غـیر ذلك مـن وسـائل الایضاح‌ العملي‌ المنتج السریع المتعلق‌ بالأذهان و الخواطر.

و لعل البلاد العربیة أحوج ما تكون الى‌ مـثل‌ هذه‌ العیادات أو علی‌ الاقل الی نصائح یلقیها الاخصائیون علی الآباء و الأمهات لمعونتهم‌ علی تـربیة الاطـفال‌ التـربیة‌ الصحیحة‌ الراشدة.