شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

احتجاج أمير المؤمنين علي عليه السلام بإمرة المسلمين

0 المشاركات 00.0 / 5

نقل العلامة الطبرسي رحمه الله في الاحتجاج: قال وبايع جماعة الأنصار ومن حضر من غيرهم، وعلي بن أبي طالب مشغول بجهاز رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما فرغ من ذلك وصلى على النبي صلى الله عليه وآله والناس يصلون عليه من بايع أبا بكر ومن لم يبايع جلس في المسجد، فاجتمع عليه بنو هاشم ومعهم الزبير بن العوام، واجتمعت بنو أمية إلى عثمان بن عفان وبنو زهرة إلى عبد الرحمن بن عوف، فكانوا في المسجد كلهم مجتمعين إذ أقبل أبو بكر ومعه عمر وأبو عبيدة بن الجراح فقالوا: ما لنا نراكم خلقا شتى قوموا فبايعوا أبا بكر فقد بايعته الأنصار والناس، فقام عثمان وعبد الرحمن بن عوف ومن معهما فبايعوا،وانصرف علي وبنو هاشم إلى منزل علي عليه السلام ومعهم الزبير. قال: فذهب إليهم عمر في جماعة ممن بايع فيهم أسيد بن حصين وسلمة بن سلامة فألفوهم مجتمعين، فقالوا لهم: بايعوا أبا بكر فقد بايعه الناس، فوثب الزبير إلى سيفه فقال عمر: عليكم بالكلب العقور فاكفونا شره، فبادر سلمة بن سلامة فانتزع السيف من يده فأخذه عمر فضرب به الأرض فكسره، وأحدقوا بمن كان هناك من بني هاشم ومضوا بجماعتهم إلى أبي بكر، فلما حضروا قالوا: بايعوا أبا بكر فقد بايعه الناس، وأيم الله لئن أبيتم ذلك لنحاكمنكم بالسيف.

فلما رأى ذلك بنو هاشم أقبل رجل رجل فجعل يبايع حتى لم يبق ممن حضر إلا علي بن أبي طالب، فقالوا له بايع أبا بكر. فقال علي عليه السلام: أنا أحق بهذا الأمر منه وأنتم أولى بالبيعة لي، أخذتم هذا الأمر من الأنصار واحتججتم عليهم بالقرابة من الرسول وتأخذونه منا أهل البيت غصبا، ألستم زعمتم للأنصار إنكم أولى بهذا الأمر منهم لمكانكم من رسول الله صلى الله عليه وآله فأعطوكم المقادة وسلموا لكم الإمارة، وأنا احتج عليكم بمثل ما احتججتم على الأنصار، أنا أولى برسول الله حيا وميتا، وأنا وصيه ووزيره ومستودع سره وعلمه، وأنا الصديق الأكبر والفاروق الأعظم أول من آمن به وصدقه، وأحسنكم بلاءا في جهاد المشركين وأعرفكم بالكتاب والسنة وأفقهكم في الدين وأعلمكم بعواقب الأمور، واذر بكم لسانا (1) وأثبتكم جنانا، فعلام تنازعونا هذا الأمر؟ أنصفونا إن كنتم تخافون الله من أنفسكم، واعرفوا لنا الأمر مثل ما عرفته لكم الأنصار، وإلا فبوؤا بالظلم والعدوان وأنتم تعلمون.

فقال عمر: يا علي أما لك بأهل بيتك أسوة؟ فقال علي عليه السلام: سلوهم عن ذلك، فابتدر القوم الذين بايعوا من بني هاشم فقالوا: والله ما بيعتنا لكم بحجة على علي، ومعاذ الله أن نقول إنا نوازيه في الهجرة وحسن الجهاد والمحل من رسول الله صلى الله عليه وآله.

فقال عمر: إنك لست متروكا حتى تبايع طوعا أو كرها. فقال علي عليه السلام احلب حلبا لك شطره، اشدد له اليوم ليرد عليك غدا، إذا والله لا أقبل قولك ولا أحفل بمقامك ولا أبايع. فقال أبو بكر: مهلا يا أبا الحسن ما نشك فيك ولا نكرهك فقال أبو عبيدة إلى علي عليه السلام فقال: يا بن عم لسنا ندفع قرابتك ولا سابقتك ولا علمك ولا نصرتك، ولكنك حدث السن – وكان لعلي عليه السلام يومئذ ثلاث وثلاثون سنة – وأبو بكر شيخ من مشايخ قومك، وهو أحمل لثقل هذا الأمر، وقد مضى الأمر بما فيه فسلم له، فإن عمرك الله يسلموا هذا الأمر إليك، ولا يختلف فيك اثنان بعد هذا إلا وأنت به خليق وله حقيق، ولا تبعث الفتنة في أوان الفتنة فقد عرفت ما في قلوب العرب وغيرهم عليك.

فقال أمير المؤمنين عليه السلام: يا معاشر المهاجرين والأنصار الله الله لا تنسوا عهد نبيكم إليكم في أمري، ولا تخرجوا سلطان محمد من داره وقعر بيته إلى دوركم وقعر بيوتكم، ولا تدفعوا أهله عن حقه ومقامه في الناس.

فوالله معاشر الجمع إن الله قضى وحكم ونبيه أعلم وأنتم تعلمون بأنا أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم، أما كان القارئ منكم لكتاب الله الفقيه في دين الله المضطلع بأمر الرعية، والله إنه لفينا لا فيكم فلا تتبعوا الهوى فتزدادوا من الحق بعدا وتفسدوا قديمكم بشر من حديثكم.

فقال بشير بن سعد الأنصاري الذي وطأ الأرض لأبي بكر وقالت جماعة من الأنصار: يا أبا الحسن لو كان هذا الأمر سمعته منك الأنصار قبل بيعتها لأبي بكر ما اختلف فيك اثنان. فقال علي عليه السلام: يا هؤلاء كنت أدع رسول الله مسجى لا أواريه وأخرج أنازع في سلطانه، والله ما خفت أحدا يسمو له وينازعنا أهل البيت فيه ويستحل ما استحللتموه، ولا علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله ترك يوم غدير خم لأحد حجة ولا لقائل مقالا، فأنشد الله رجلا سمع النبي يوم غدير خم يقول: (( من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره وخذل من خذله)) أن يشهد الآن بما سمع. قال زيد بن أرقم: فشهد اثنا عشر رجلا بدريا بذلك وكنت ممن سمع القول من رسول الله صلى الله عليه وآله فكتمت الشهادة يومئذ، فدعا علي علي فذهب بصري.

قال: وكثر الكلام في هذا المعنى وارتفع الصوت وخشي عمر أن يصغي الناس إلى قول علي عليه السلام، ففسح المجلس وقال: إن الله يقلب القلوب، ولا تزال يا أبا الحسن ترغب عن قول الجماعة، فانصرفوا يومهم ذلك.

 

 

 

 

 

 

 

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية