تحديد يوم الأربعين

متى يقعُ يوم الأربعين من كلِّ سنة؟ هل هو يوم العشرين من صفر؟ أو هو يوم التاسع عشر من شهر صفر؟ ذهب الشيخ البهائي -قدَّس الله نفسه الزكية- إلى أنَّ الصحيح هو أنَّ يوم الأربعين ليس يوم العشرين من صفر، وإنَّما هو يوم التاسع عشر من شهر صفر من كلِّ سنة؛ وذلك لاحتساب يوم العاشر واحداً من الأيام، فعندئذٍ يكون يوم الأربعين من شهادة الإمام الحسين (ع) هو يوم التاسع عشر وليس هو يوم العشرين من صفر. هذا ما ذهب إليه الشيخ البهائي 1 -قدس الله نفسه الزكية-.

 

الرأي المشهور

إلَّا أنَّ أكثر علمائنا -إنْ لم يكن جميعهم-، خالفوه في ذلك وذهبوا إلى أنَّ يوم الأربعين -الذي تُستحب فيه الزيارة، والذي هو يوم زيارة جابر بن عبدالله الأنصاري رحمه الله- هو يوم العشرين من صفر 2، وليس هو يوم التاسع عشر من صفر. بل يمكن أنْ ندَّعي إجماع الطائفة، وإجماع علمائها على أنَّ يوم الأربعين هو يوم العشرين من صفر.

 

مناقشة رأي الشيخ البهائي

وأمَّا ما أورده من إشكال: من أنَّ الحساب يقتضي أن يكون يوم الأربعين هو يوم التاسع عشر، فهو ليس تامَّاً؛ وذلك لأنَّه:

أولاً: الحساب لو بدأناه من يوم العاشر لكان يوم الأربعين هو يوم التاسع عشر من صفر -كما أفاد الشيخ البهائي-، إلَّا أنَّ الحساب لا يكون كذلك؛ فنحن نقول: قد مضى أربعون يوماً من استشهاد الإمام الحسين (ع). ومعنى ذلك أنَّ يوم استشهاده ليس محتسباً. وهكذا عندما تقول: "هذا أول يومٍ من وفاة زيد"، فإنَّ يوم وفاته غير محتسب، وإنَّما يبدأ الحساب من اليوم الذي يتعقَّبه فهو أولُ يومٍ من وفاته. إذن فيكون الحادي عشر من محرَّم هو أوَّل يوم مضى من وفاة الإمام الحسين (ع)، ويكون يوم العشرين من صفر هو يوم الأربعين.

ثانيا: يمكن أنْ يُقال أنَّ مُحرَّم الذي استُشهد فيه الإمام الحسين (ع) لم يكن تامَّاًّ، بل كان تسعاً وعشرين يوماً، فعليه حتى لو احتسبنا يوم العاشر هو أوَّل يوم، فعندئذٍ سوف يكون يوم الأربعين هو يوم العشرين من صفر؛ وذلك بإعتبار نقصان شهر محرم الذي استُشهد فيه الإمام الحسين (ع) 3. هذا احتمالٌ طبعاً.

ثمَّة جوابٌ ثالث، وهو أنَّه: لا يصحُّ احتساب يوم العاشر؛ وذلك لأنَّ الحسين الشهيد (ع) قد استُشهد في آخر نهار يوم العاشر -تعلمون أنَّ الحسين (ع) قُتل في آخر نهار اليوم العاشر، ولم يُقتل في أوائل نهار يوم العاشر-، لذلك فإنَّ يوم العاشر ليس محتسباً على أيِّ حال 3.

 

خلاصة الرأي الصحيح

العمدة في الجواب هو الجواب الأول الذي ذكرناه، والجوابان الآخران مؤيِّدان لما ذكرناه. وعلى أيِّ حال، يكفينا في ذلك اتفاق الطائفة على أنَّ يوم الزيارة في يوم الأربعين هو يوم العشرين من صفر. فعليه يكون قول الشيخ البهائي -قدِّس سرُّه الشريف- قولاً شاذاًّ، لا يُعوَّلُ عليه في مقابل القول الآخر الذي يُمكن أن يُدَّعى الإجماع على اعتماده 4.

___________

    1. ترضيح المقاصد للبهائي العاملي: 6.
    2. وسائل الشيعة ج14/ 478، تذكرة الفقهاء للعلامة الحلِّي ج8/ 454، الدروس للشهيد الأول ج2/ 10، الحدائق الناضرة للبحراني ج17/ 434.
    3. a. b. إقبال الأعمال لابن طاووس: ج3/ 100.
    4. المصدر: الموقع الرسمي لسماحة الشيخ محمد صنقور حفظه الله.