بشارة المصطفى (صلى الله عليه وآله) لشيعة المرتضى (عليه السلام)

بشارة المصطفى (صلى الله عليه وآله) لشيعة المرتضى (عليه السلام)13%

بشارة المصطفى (صلى الله عليه وآله) لشيعة المرتضى (عليه السلام) مؤلف:
المحقق: جواد القيّومي الإصفهاني
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 438

  • البداية
  • السابق
  • 438 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 32456 / تحميل: 9280
الحجم الحجم الحجم
بشارة المصطفى (صلى الله عليه وآله) لشيعة المرتضى (عليه السلام)

بشارة المصطفى (صلى الله عليه وآله) لشيعة المرتضى (عليه السلام)

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

فقال: أضحكني عظم بركة هذا العقد، أشبع جائعاً وكسى عرياناً وأغنى فقيراً وأعتق عبداً ورجع إلى ربّه »(١) .

٤٥ - حدّثنا الشيخ العالم أبو إسحاق إسماعيل بن أبي القاسم بن أحمد الديلمي في داره بآمل في محلة مشهد الناصر للحقّ في ربيع الأوّل سنة عشرين وخمسمائة من لفظه، قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن بندار الصيرفي، قال: أخبرنا القاضي أبو جعفر محمّد بن علي الجبلي، قال: أخبرنا السيّد الامام أبو طالب الحسيني، قال: أخبرنا أبو منصور محمّد بن الدينوري، قال: أخبرني علي بن شاكر بن البختري، قال: حدّثنا عبدالله بن محمّد بن العباس الضبي، قال: حدّثنا يحيى بن سعيد القطان، عن عبيدالله بن الوسيم، عن أبي رافع قال:

« كنت اُلاعب الحسن بن علي وهو صبي بالمداحي، فاذا أصبات مدحاتي مدحاته قلت: احملني، فيقول: ويحك أتركب ظهراً حمله رسول الله، فأتركه، فاذا أصاب مدحاته مدحاتي، قلت له: لا أحملك كما لا تحملني(٢) ، فيقول: أو ما ترضى أن تحمل بدناً حمله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأحمله ».

٤٦ - أخبرنا الشيخ الامام أبو علي الحسن بن محمّد بن الحسن الطوسيرضي‌الله‌عنه عنه بقراءتي عليه في شهر رمضان سنة إحدى عشرة وخمسمائة بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: أخبرنا السعيد الوالد أبو جعفر الطوسيرحمه‌الله ، قال: أخبرنا الشيخ أبو محمّد الحسن بن محمّد يحيى الفحام السامري، قال: حدّثني عمّي عمر بن يحيى الفحام، قال: حدّثني عبدالله بن أحمد بن عامر، قال: حدّثني أبي أحمد بن عامر الطائي، قال: حدّثنا علي بن موسى الرضاعليه‌السلام ، قال: حدّثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد، قال: حدثني أبي محمّد بن عليّ، قال: حدّثني أبي عليّ بن الحسين، قال: حدّثني أبي الحسين بن عليّ، عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

__________________

(١) عنه البحار ٤٣: ٥٦ - ٥٨، عنه قطعة ١٠٠ - ١٢٣.

(٢) في « م »: لم تحملني.

٢٢١

« أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة: المحبّ لأهل بيتي، والموالي لهم والمعادي فيهم، والقاضي لهم حوائجهم، والساعي لهم فيما ينوبهم(١) من اُمورهم »(٢) .

٤٧ - أخبرنا الشيخ الامام أبو محمّد الحسن بن الحسين بن بابويهرحمه‌الله فيما أجاز لي أن أرويه عنه وقد نسخته من أصله وقابلت مع ولده، قال: أخبرني عمي أبو جعفر محمّد بن الحسن، عن أبيه الحسن بن الحسين، عن عمّه الشيخ أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه، عن أبيه الشيخ أبي الحسن علي بن الحسين ابن بابويهرحمهم‌الله ، قال: حدّثني علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صالح، عن السري، عن يونس بن عبدالرحمان، عن يحيى الحلبي، عن عبدالحميد بن عواض الطائي، عن عمر بن يحيى بن بسام، قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول:

« ان أحق الناس بالورع آل محمّد وشيعتهم كي تقتدي الرعية بهم ».

قال محمّد بن أبي القاسم: كما أنّ الشيعة أحقّ بالورع والتقوى بعد آل محمّدعليهم‌السلام فهكذا يكونون أحقّ بالثواب والجزاء، فاعملوا يااخوتي ( من )(٣) شيعة آل محمّد المصطفى، ليوم نعمه لا تبيد ولا تفنى(٤) ، أحسن توفيقنا ربّ السماء بحق يس وآل طه.

٤٨ - أخبرنا الشيخ العفيف أبو البقاء إبراهيم بن الحسن(٥) البصريرحمه‌الله قراءة عليه في صفر سنة عشرة(٦) وخمسمائة بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: حدّثني الشيخ أبو طالب محمّد بن الحسين بن عتبة، قال: حدّثني أبو الحسين محمّد بن أحمد بن محمّد بن خالد المداري، قال: حدّثنا أبو المفضل محمّد بن عبدالله بن المطلب الشيباني في شعبان سنة ست وثمانين وثلاثمائة ببغداد في نهر الدجاج في دار الصيداوي المنشد، قال: حدّثنا محمّد بن محمّد بن

__________________

(١) في الأمالي: ينوؤهم.

(٢) رواه الشيخ في أماليه ١: ٢٨٦،أقول: مرّ في ج ١: الرقم ٢٧، وج ٢: الرقم ١ مثله.

(٣) في « ط »: نعمته لا تبيد ولا تضى.

(٤) ليس في « م ».

(٥) في « م »: الحسين.

(٦) في « م »: ست عشرة.

٢٢٢

معقل العجلي القرميسني بشهرزور، قال: حدّثنا محمّد بن أبي الصهبان الباهلي، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان الأحمر، عن أبان بن تغلبرحمه‌الله ، عن عكرمة مولى عبدالله بن عباس، عن عبدالله بن عباسرضي‌الله‌عنه قال:

« عقم النساء أن يأتين بمثل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ما كشفت(١) النساء ذيولهنّ عن مثله، لا والله ما رأيت فارساً محدثاً يوزن به لرأيته يوما ونحن معه بصفّين وعلى رأسه عمامة سوداء وكأنّ عينيه سراجاً سليط تتوقّدان من تحتهما يقف على شرذمة ( شرذمة )(٢) يخطبهم، حتّى انتهى إلى نفر أنا فيهم وطلعت خيل لمعاوية لعنه الله تدعى بالكتيبة الشهباء عشرة آلاف دارع على عشرة آلاف أشهب، فاقشعر النّاس لها لمّا رأوها وانحاز بعضهم إلى بعض.

فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : فيما النخع والخنع ياأهل العراق هل هي إلاّ أشخاص مائلة فيها قلوب طائرة لو مستها سيوف أهل الحق لرأيتموها كجراد بقيعة سفته الريح في يوم عاصف، ألا فاستشعروا الخشية وتجلببوا(٣) السكينة وادرعوا الصبر وغضّوا الأصوات وقلقوا الأسياف في الأغماد قبل السلّة وانظروا الخزر واطعنوا الشزر وكافحوا بالضبا(٤) وصلوا السيوف بالخطى والنبال بالرماح وعاودوا الكر واستحيوا من الفر، فانّه عار في الاعقاب ونار يوم الحساب فطيبوا عن أنفسكم نفساً وامشوا إلى الموت مشية سجحاً فانكم بعين الله عزّ وجلّ ومع أخي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليكم بهذا السرادق الأدلم والرواق المظلم واضربوا بثجة، فانّ الشيطان راقد في كسره ناقش حضينه مفترش ذراعيه قد قدم للوثبة يداً وأخّر للنكوص رجلاً فصمداً صمداً حتى ينجلي لكم عمود الحق وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم ها أنا شادّ فشدّوا، بسم الله الرحمن الرحيم حم لا يبصرون.

ثم حمل عليهم أمير المؤمنين(٥) صلّى الله عليه وعلى ذريته الصلاة والسلام

__________________

(١) في « ط » كشف.

(٢) ليس في « ط ».

(٣) في « م »: تحلوا.

(٤) في « م »: انظروا الشزر واطعنوا الوخز وكافحوا بالظبي.

(٥) في « ط »: بسم الله حم لا ينصرون ثم حمل أمير المؤمنين.

٢٢٣

حملة وتبعته خويلة لم تبلغ المائة فارس فأجالهم فيها جولان الرحى المسرحة بثقالها فارتفعت عجاجة منعتني النظر ثم انجلت، فأثبت النظر فلم نرَ إلاّ رأساً نادراً ويداً طايحة فيما كان بأسرع من أن ولّوا مدبرين كأنهم حُمر مستنفرة فرّت من قسورة فإذا أمير المؤمنين قد أقبل وسيفه ينطف ووجهه كشقة القمر وهو يقول: قاتلوا أئمّة الكفر انهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون.

قال عكرمة: وكان ابن عباسرضي‌الله‌عنه يحدث فيقول(١) : أمر رسول الله علياًعليه‌السلام بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ياعلي أنك لمقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ».

٤٩ - أخبرنا الشيخ أبو علي الحسن بن محمّد بن الحسن الطوسيرحمه‌الله بقراءتي في مشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام في شهر رمضان سنة إحدى عشرة وخمسمائة، عن أبيه، قال: أخبرنا أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى الفحام، قال: حدّثني أبو الطيب أحمد بن محمد بن بويطة - وكان لا يدخل المشهد ويزور من وراء الشباك - فقال لي:

« جئت يوم عاشوراء نصف نهار ظهر(٢) والشمس تغلي والطريق خال من أحد وأنا فزع من الذعار ومن أهل البلد أتخفى، إلى أن بلغت الحائط الذي امضي منه إلى الشباك، فممدت عيني فإذا أنا برجل جالس على الباب ظهره إليّ، كأنه ينظر في دفتر فقال لي: أين ياأبا الطيب، بصوت يشبه صوت حسين بن علي بن محمّد بن الرضا(٣) .

فقلت: هذا حسين قد جاء يزور أخاه، فقلت: ياسيدي امضي أزور من الشباك وأجيئك فاقضي حقك، فقال: ولم لا تدخل يا أبا الطيب [ فقلت له: الدار لها مالك لا أدخلها من غير اذنه، فقال: ياأبا الطيب ](٤) تكون مولى لنا ورقّاً وتوالينا حقاً ونمنعك تدخل الدار ادخل ياأبا الطيب، فقلت: امضي اسلّم عليه ولا أقبل منه.

__________________

(١) في « م »: قال.

(٢) في « ط »: نصف النهار ظهراً.

(٣) في « م »: علي بن جعفر بن الرضا.

(٤) عن الأمالي.

٢٢٤

فجئت إلى الباب وليس عليه أحد فيشعر بي وبادرت إلى عند البصري خادم الموضع، ففتح لي الباب فدخلت فكان يقول: أليس كنت لا تدخل الدار؟ فقال(١) : أما أنا فقد أذنوا لي بقيتم أنتم »(٢) .

قال محمّد بن أبي القاسم: لا شكّ انه كان صاحب الدار القائم بالحق صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه لمّا رأى وليه أبا الطيب انّه يزورهم من وراء الشباك ولا يدخل الدار احتراماً منه لصاحب الأمر فقال له: هذا القول وأذن له بالدخول.

٥٠ - أخبرنا الشيخ أبو محمّد الحسن بن الحسين بن بابويه إجازة، عن عمّه أبي جعفر محمّد بن الحسن، عن أبيه الحسن بن الحسين بن بابويه، عن عمّه أبي جعفر محمّد بن بابويه، قال: حدّثني محمّد بن موسى، قال: حدّثني عبدالله بن جعفر، عن إبراهيم بن هاشم، عن إسماعيل بن مراد، عن يونس بن عبدالرحمان، عن كليب بن معاوية الأسدي قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول:

« أما انكم والله لعلى دين الله ودين ملائكته، فأعينونا على ذلك بورع واجتهاد، عليكم بالصلاة [ والعبادة ](٣) ، عليكم بالورع »(٤) .

٥١ - أخبرنا الشيخ أبو عليّ الحسن بن محمّد بن الحسن الطوسي بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، بقراءتي عليه في شهر رمضان سنة إحدى عشرة وخمسمائة، عن أبيه أبي جعفر الطوسيرضي‌الله‌عنه ، قال: أخبرنا أبو محمّد الحسن بن محمد بن يحيى الفحام، قال: حدّثني عمّي عمر بن يحيى، قال: حدّثني إسحاق بن عبدوس، قال: حدّثنا محمّد بن بهار بن عمّار، قال: حدّثنا زكريا بن يحيى، عن جابر بن إسحاق بن عبدالله بن الحارث، عن أبيه، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال:

« أتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعنده أبو بكر وعمر، فجلست بينه وبين عائشة فقالت

__________________

(١) في « ط »: فدخلت فكنا نقول له: أليس كنت لا تدخل، فقال.

(٢) رواه الشيخ في أماليه ١: ٢٩٤.

(٣) من الأمالي.

(٤) رواه الشيخ في أماليه ١: ٣١، والمفيد في أماليه: ٢٧٠،أقول: مرّ مثله في ج ٢: الرقم ٢٥.

٢٢٥

عائشة: ما وجدت إلاّ فخذي أو فخذ رسول الله(١) ، فقال: مه ياعائشة لا تؤذيني في علي فانه أخي في الدنيا وأخي في الآخرة وهو أمير المؤمنين، يجلسه(٢) الله يوم القيامة على الصراط، فيدخل أولياءه الجنّة وأعداءه النار »(٣) .

٥٢ - أخبرني الشيخ أبو محمّد الحسن بن الحسين بن بابويه إجازة وقراءة على ولده بعد أن نسخته من أصله سنة عشرة وخمسمائة عن محمد بن ( الحسن، عن أبيه )(٤) الحسن بن الحسين عن عمه أبي جعفر محمّد بن علي بن بابويه الفقيه القمّي، قال: حدّثني أحمد(٥) بن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس بن عبدالرحمان، عن يحيى الحلبي، عن أبي المعزى، عن يزيد بن خليفة قال:

« قال لنا(٦) أبو عبداللهعليه‌السلام ونحن عنده: ( نظرتم حيث )(٧) نظر الله واخترتم من اختار الله، أخذ النّاس يميناً وشمالاً وقصدتم محمّداً، أما انكم لعلى المحجة البيضاء فأعينونا على ذلك بورع، ثم قال: حيث أردنا أن نخرج وما على أحدكم إذا عرّفه الله هذا الأمر ان لا يعرفه النّاس أنه من عمل للناس كان ثوابه على الناس، ومن عمل لله كان ثوابه على الله »(٨) .

٥٣ - أخبرنا الشيخ أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي بقراءتي عليه في شهر رمضان سنة إحدى عشرة وخمسمائة بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، عن أبيه برّد الله مضجعهما، قال: أخبرنا أبو محمّد الحسن بن يحيى الفحام، قال: حدّثني أبو الطيب محمد بن الفرحان الدوري، قال:

__________________

(١) في « ط »: غير فخذي وفخذ رسول الله.

(٢) في « ط »: يجعله.

(٣) رواه الشيخ في أماليه ١: ٢٩٦،أقول: يأتي في ج ٤: الرقم ١٥ مثله.

(٤) ليس في « ط ».

(٥) في « ط »: محمّد.

(٦) في « ط »: لي.

(٧) ليس في « ط »، وفي نوادر السرائر: نظرتم والله.

(٨) رواه ابن إدريس في مستطرفات السرائر: ١٦٣، أخرجه في العيون ٢: ١٢٢، وصدره في المحاسن: ١٤٨ والبحار ٦٨: ٨٩،أقول: يأتي في ضمن ج ٧: الرقم ٣٥.

٢٢٦

حدثنا محمد [ بن علي ](١) بن فرات الدهان، قال: حدثنا سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن الأعمش، عن ابن المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« يقول الله تعالى يوم القيامة لي ولعلي بن أبي طالب: ادخلا الجنة من أحبّكما وادخلا النار من أبغضكما، وذلك قوله تعالى:( أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ) (٢) »(٣) .

٥٤ - وبهذا الاسناد عن أبي محمّد الفحام، قال: حدّثنا أبو الفضل محمّد بن هاشم الهاشمي صاحب الصلاة بسامراء، قال: حدّثنا أبي هاشم الهاشمي، قال: حدّثنا محمّد بن زكريا بن عبدالله الجوهري البصري، عن عبدالله بن المثنى، عن تمامة بن عبدالله بن أنس بن مالك، عن أبيه، عن جدّه، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال:

« إذا كان يوم القيامة ونصب الصراط على جهنم لم يجز عليه إلاّ من معه(٤) جواز فيه بولاية(٥) علي بن أبي طالب، وذلك قوله تعالى:( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ ) (٦) ، يعني عن ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب »(٧) .

__________________

(١) عن الامالي.

(٢) سورة ق: ٢٤.

(٣) رواه الشيخ في أماليه ١: ٢٩٦،أقول: مرّ في ج ٢: الرقم ٢١ مثله.

(٤) في « ط »: من كان معه.

(٥) في الأمالي: ولاية.

(٦) الصافات: ٢٤.

(٧) رواه الشيخ في أماليه ١: ٢٩٦، البحار ٣٩: ٢٠٢ عن مناقب آل أبي طالب ٢: ٣٤٦،أقول: يأتي مثله في ج ٥: الرقم ٧، ومختصراً في ج ٨: الرقم ١٢.

٢٢٧

٢٢٨

٢٢٩

٢٣٠

بِسْمِ الله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

١ - حدثنا الشيخ العالم محمّد بن علي بن عبدالصمد التميمي بنيشابور في شوال سنة أربع عشرة وخمسمائة، عن أبيه علي بن عبدالصمد عن أبيه عبدالصمد بن محمد التميمي قال: حدّثنا أبو الحسن محمد بن القاسم الفارسي، قال: حدثنا أبو القاسم عبدالله بن أحمد بن محمد بن عمر بن حفص الزاهد، أخبرنا إبراهيم بن محمد المروزي، أخبرنا محمد بن عمير، أخبرنا عمر بن هارون التستري، حدّثنا الهيثم بن أحمد المصري، أخبرنا ذو النون، أخبرنا مالك بن أنس، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده عليعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« إذا كان يوم القيامة نصب الصراط على شفير جهنم، فلا يجاوزه إلاّ من كان معه براءة بولاية علي بن أبي طالبعليه‌السلام »(١) .

٢ - حدّثنا الشيخ محمّد بن علي، عن أبيه، عن جدّه عبدالصمد، قال: حدّثنا محمد بن القاسم الفارسي، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل العلوي إملاء، وحدثنا محمّد بن عبدالله الانصاري، وحدثنا محمّد بن الحسين النهاوندي، حدثنا صدقة بن موسى، حدثنا موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، عن أبيه جعفر بن محمد الصادق، عن أبيهعليهم‌السلام ، عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

__________________

(١) عنه البحار ٣٩: ٢٠٨ مرّ في ج ٣: الرقم ١٣، ويأتي ما يشابهه في ج ٦: الرقم ٩ و ١٨ وج ٧: الرقم ٤٩.

٢٣١

« اني لأرجو لاُمّتي في حبّ علي كما أرجو في قول لا إله إلاّ الله »(١) .

٣ - وعنه، عن أبيه، عن جده، قال: حدثنا محمد بن القاسم الفارسي، قال: حدّثنا محمد بن ( أبي بكر )(٢) يحيى بن زكريا الديورزني، حدّثنا أحمد بن يعقوب بن عبدالجبار، حدّثنا يعقوب بن يوسف بن عاصم، حدّثنا عبدالله بن الحسن(٣) بن الحكم، وحدثنا الحسين ( بن الحسن )(٤) الأنصاري، حدّثنا علي بن الحسن، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة والأسود قال:

« أتينا أبا أيّوب الأنصاري فقلنا: ياأبا أيّوب! ان الله عزّ وجلّ أكرمك بنبيّك حيث كان ضيفاً لك، فضيلة من الله عزّ وجلّ فضّلك بها، فأخبرنا عن مخرجك مع علي تقاتل أهل لا إله إلاّ الله.

فقال أبو أيّوب: فانّي اُقسم لكم بالله عزّ وجلّ، لقد كان رسول الله معي في البيت الّذي أنتم معي فيه، وما في البيت غير رسول الله معي، وعلي جالس عن يمينه وأنا جالس عن يساره، وأنس بن مالك قائم بين يديه، إذ حرّك الباب، فقال رسول الله: ياأنس! انظر من بالباب؟ فخرج أنس فنظر، فإذا هو عمّار بن ياسر، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : افتح لعمّار الطيب، فدخل عمّار فسلّم على رسول الله فرحب به.

ثم قال له: ياعمّار! سيكون بعدي في اُمّتي هنات(٥) ، حتى يختلف السيف فيما بينهم، وحتى يقتل بعضهم بعضاً وحتّى يتبرأ بعضهم من بعض، فاذا رأيت ذلك فعليك بهذا الأصلع عن يميني - يعني علي بن أبي طالب - فان سلك الناس كلّهم وادياً وسلك علي وادياً، فاسلك وادي علي وخلّ عن النّاس، ياعمّار! انّ علياً لا يردك عن هدى ولا يدلّك على ردى، ياعمّار! طاعة علي طاعتي وطاعتي

__________________

(١) عنه البحار ٣٩: ٢٤٩.

(٢) ليس في البحار.

(٣) في البحار: الحسين.

(٤) ليس في « ط »: وفي البحار: الحسين بن الحسين.

(٥) الهناة: الداهية.

٢٣٢

طاعة الله عزّ وجلّ »(١) .

٤ - وبهذا الإسناد(٢) عن محمّد بن القاسم الفارسي، قال: حدّثنا أبو عمر محمد بن الحسن الاسدي القاضي الاصفهاني، أخبرنا محمد بن أحمد بن علي الاسفرايني، حدثنا محمد بن يوسف بن راشد الكوفي، حدثنا أبي، حدثنا علي بن قادم، حدثنا عطاء بن مسلم، عن يحيى بن كثير قال:

« رأيت زيد الايامي في المنام، فقلت: الى ما صرت ياأبا عبدالرحمان قال: إلى رحمة الله عزّ وجلّ، قال: قلت فأي عمل وجدت أفضل؟ قال: الصلاة وحب علي بن أبي طالبعليه‌السلام »(٣) .

٥ - وبهذا الاسناد عن محمد الفارسي، قال: حدّثنا أبو زكريا يحيى بن زكريا الدبيري بها، أخبرنا أبو تراب، أخبرنا أبو الأزهر أحمد بن الأزهر، أخبرنا عبدالرزاق، عن البربري، عن عبيدالله بن عبدالله، عن ابن عباس:

« ان النبي نظر الى علي فقال: ياعلي أنت سيّد في الدنيا وسيّد في الآخرة، طوبى لمن أحبك وويل لمن أبغضك من بعدي.

قال أبو زكريا: قال لي أبو تراب الأعمش: سمعت أحمد بن يوسف السلمي يقول: رأيت هذا في كتاب عبدالرزاق وكان يمتنع لا يحدّث به، فحدّث أبو الأزهر بهذا الحديث فعرضوه على يحيى بن معن فصاح يحيى وكان أبو الأزهر حاضراً، فقال: من الكذاب الّذي يحدث بهذا الكذب على عبدالرزاق، فقام أبو الأزهر فقال: أنا ياسيدي بسلامة صدري »(٤) .

٦ - وبه: قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى، أخبرنا محمد بن علي، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن خالد بن حمّاد الاسدي، عن أبي الحسن العبدي، عن الأعمش،

__________________

(١) عنه البحار ٣٨: ٣٧، رواه الشيخ منتجب الدين في أربعينه: ٦٠، والخوارزمي في مناقبه: ١٢٤.

(٢) في « م »: وبالاسناد.

(٣) عنه البحار ٣٩: ٢٨٢.

(٤) عنه البحار ٣٩: ٢٨٣،أقول: يأتي في ج ٤: الرقم ٥٠ وج ٧: الرقم ٥ مثله.

٢٣٣

عن عباية بن ربعي، عن عبدالله بن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

« ان الله تعالى فضّلني بالنبوة وفضّل علياً بالامامة، وأمرني ان ازوجه ابنتي، فهو أبو ولدي وغاسل جثتي وقاضي ديني ووليه وليي وعدوه عدوي »(١) .

٧ - وبه: عن أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد، عن محمّد بن علي بن يحيى، حدّثنا أبو بكر بن نافع، حدّثنا اُميّة بن خالد، حدّثنا حمّاد بن سلمة، حدّثنا علي بن زيد، عن علي بن الحسين، قال: سمعت أبي يحدّث عن أبيه عليعليه‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال:

« ياعلي والذي فلق الحبة وبرأ النسمة انّك لأفضل الخليقة بعدي، ياعلي أنت وصيّي وإمام اُمّتي، من أطاعك أطاعني ومن عصاك عصاني »(٢) .

٨ - وبه: عن محمّد بن القاسم الفارسي، قال: حدّثنا أبو سعيد محمّد بن الفضل المذكور، حدّثنا عبدالعزيز بن عبدالله البغدادي، حدّثنا أبو سعيد العدوي، حدّثنا سلمة بن شبيب(٣) ، حدّثنا عبدالرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبدالله بن عباس قال:

« رأيت حسان واقفاً بمنى والنبي وأصحابه مجتمعين فقال النبي: معاشر المسلمين(٤) هذا علي بن أبي طالبعليه‌السلام سيد العرب والوصي الأكبر، منزلته منّي منزلة هارون من موسى إلاّ انه لا نبي بعدي، لا تقبل التوبة من تائب إلاّ بحبه، ياحسان قل فيه(٥) شيئاً، فأنشأ ( حسان بن ثابت )(٦) يقول:

لا تقبل التوبة من تائب

إلاّ بحب ابن أبي طالب

أخو رسول الله بل صهره

والصهر لا يعدل بالصاحب

ومن يكن مثل علي وقد

ردّت له الشمس من المغرب

ردّت عليه الشمس في ضوئها

بيضاً كأن الشمس لم تغرب »(٧)

__________________

(١) عنه البحار ٣٨: ١٤٠.

(٢) رواه الصدوق في الأمالي: ٢٠.

(٣) في « ط »: شعيب.

(٤) في « ط »: معاشر الناس.

(٥) في « ط »: فينا.

(٦) ليس في « ط ».

(٧) عنه البحار ٣٧: ٢٦٠.

٢٣٤

٩ - وعنه، عن أبيه علي، عن أبيه عبدالصمد، قال: حدّثنا محمّد الفارسي، قال: حدّثنا أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي السميدع، حدّثنا علي بن سلمة، حدثنا الحسين بن الحسن القرشي، حدثنا معاذ الحماني، عن جابر الجعفي، عن إسحاق ابن عبدالله بن الحرث بن نوفل، عن أبيه، عن علي قال:

« دخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعنده أبو بكر وعمر وعائشة فقعدت بينهما فقالت عائشة ما وجدت مكاناً غير هذا، فضرب رسول الله فخذها وقال: لا تؤذيني في أخي، فانه سيّد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغرّ المحجلين يقعده الله يوم القيامة على الصراط فيدخل أولياءه الجنة وأعداءه النار »(١) .

١٠ - وبهذا الاسناد عن محمّد الفارسي، قال: حدّثنا أبو بكر محمّد بن يوسف الديورزني، حدّثنا أبو العبّاس محمد بن أحمد بن حمّاد، حدّثنا محمّد بن محمد بن سليمان الواسطي، حدّثنا أحمد بن يزيد بن سليم، حدّثنا إسماعيل بن أبان، حدّثنا أبو مريم، عن عطا، عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« ( من كنت مولاه فعلي مولاه، و )(٢) علي ولي من كنت وليه »(٣) .

١١ - وبهذا الاسناد عن محمد الفارسي قال: حدّثنا أبو العباس محمّد بن أحمد(٤) بن حماد قال: حدّثنا القاسم بن جعفر بن أحمد بن عمران الشيباني بالكوفة، حدّثنا حسين بن الحكم، حدّثنا أبو غسان، حدّثنا جعفر الأحمر، عن الأعمش، عن عدي بن ثابت، عن زر بن حبيش قال: قال عليعليه‌السلام :

« ان فيما عهد إلي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يحبك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق »(٥) .

١٢ - وبه: حدّثنا أبو الحسين بن أبي الطيب بن شعيب، أخبرنا أحمد بن

__________________

(١) مرّ في ج ٣: الرقم ٥١ مثله عن الشيخ في أماليه ١: ٢٩٦.

(٢) ليس في « م ».

(٣) مرّ حديث الولاية في ج ٢: الرقم ١٣٢ وج ٣: الرقم ١٩، ويأتي في ج ٤: الرقم ٦٣.

(٤) في « ط »: محمّد بن محمّد.

(٥) عنه البحار ٣٩: ٢٨٣، مرّ في ج ٢: الرقم ١٣٢ وج ٣: الرقم ١٩، ويأتي في ج ٤: الرقم ٢٣ مثله.

٢٣٥

القاسم(١) الهاشمي، أخبرنا عيسى، حدثنا فروخ(٢) بن فروة، أخبرنا مسعدة بن صدقة، عن صالح بن ميثم، عن أبيه قال:

« بينما أنا في السوق إذ أتاني الأصبغ بن نباتة فقال [ لي ](٣) : ويحك ياميثم لقد سمعت من أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام حديثاً صعباً شديداً فاما(٤) يكون كذلك؟ قلت: وما هو؟ قال: سمعتهعليه‌السلام يقول:

ان حديثنا أهل البيت صعب مستصعب لا يحتمله إلاّ ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للايمان.

فقمت من فورتي، فأتيت علياًعليه‌السلام فقلت: ياأمير المؤمنين حديث أخبرني به الأصبغ بن نباتة عنك فقد ضقت به ذرعاً، قال: وما هو؟ فأخبرته(٥) ، قال: فتبسم ثم قال: اجلس ياميثم أو كل علم يحتمله عامل، ان الله تعالى قال للملائكة: انّي جاعل في الأرض خليفة، قالوا: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، قال: انّي أعلم ما لا تعلمون، فهل رأيت الملائكة احتملوا العلم؟

قال: قلت: هذه والله أعظم من ذلك، قال: والاُخرى: ان موسىعليه‌السلام أنزل الله عزّ وجلّ عليه التوراة فظنّ أن لا أحد أعلم منه، فأخبره الله عزّ وجلّ ان في خلقي من هو أعلم منك وذاك إذ خاف على نبيه العجب، قال فدعا ربّه ان يرشده إلى العالم، قال: فجمع الله بينه وبين الخضر فخرق السفينة فلم يحتمل ذاك موسى، وقتل الغلام فلم يحتمله وأقام الجدار فلم يحتمله، وأمّا المؤمنون فان نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخذ يوم غدير خم بيدي فقال:

اللّهم من كنت مولاه فعلي مولاه(٦) ، فهل رأيت احتملوا ذلك إلاّ من عصمه الله منهم، فابشروا ثم ابشروا فان الله تعالى قد خصّكم بما لم يخص به الملائكة

__________________

(١) في « ط »: أبي القاسم.

(٢) في « ط »: فرح، وفي تفسير فرات: فرج.

(٣) من تفسير فرات.

(٤) في « ط »: فاما، وفي فرات: ان.

(٥) في « ط »: قال: فأخبرته.

(٦) في « ط »: فان علياً مولاه.

٢٣٦

والنبيين والمرسلين فيما احتملتم من أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلمه »(١) .

١٣ - وبه: عن محمّد الفارسي قال: حدّثنا أبو الحسين أحمد بن محمد الحبرمي، عن عتيق بن محمد المدني، عن اسحاق بن بشر، عن عبدالرحمان بن قصبة بن ذؤيب، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« أقضى امّتي بكتاب الله عزّ وجلّ علي بن أبي طالب ألا من أحبني فليحبه فان العبد لا ينال ولايتي إلاّ بحب علي بن أبي طالبعليه‌السلام »(٢) .

١٤ - وبه: قال: حدّثنا أبو الحسين أحمد بن محمّد الغطريفي، أخبرنا الحسين بن محمد بن هارون، أخبرنا محمّد بن حمدان بن مهران، حدّثنا عيدان، حدّثنا حبيب بن المغيرة جندل بن واثق(٣) ، حدّثنا محمّد بن عمر المازني [ عن عباد الكلبي ](٤) ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن فاطمة الصغرى، عن الحسين بن علي، عن اُمّه فاطمةعليها‌السلام قالت:

« خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عشية عرفة قال: ان الله تعالى باهى بكم الملائكة فغفر لكم عامة وغفر لعليّ خاصة، واني رسول الله اليكم غير محاب(٥) ( لقومي ولأصحابي و )(٦) لقرابتي، هذا جبرئيل أخبرني(٧) ان السعيد كل السعيد حق السعيد من أحب علياً في حياتي وبعد موتي، [ وانّ الشقي كل الشقي حقّ الشقي من ابغض علياً في حياته وبعد وفاته ](٨) »(٩) .

__________________

(١) رواه فرات في تفسيره: ٦، عنه البحار ٣٧: ٢٣٣، روى صدره الصدوق في الخصال: ٢٠٨، معاني الأخبار: ١٨٩.

(٢) عنه البحار ٣٩: ٢٨١.

(٣) في الأمالي: والق.

(٤) من الأمالي.

(٥) في « ط »: غير هايب.

(٦) ليس في الأمالي.

(٧) في الأمالي: يخبرني.

(٨) أضفناه من الامالي، وفيه: أحب عليّاً في حياته وبعد موته، وفي أربعين منتجب الدين: ابغض علياً في حياتي وبعد وفاتي.

(٩) عنه البحار ٣٩: ٢٨٤، رواه الصدوق في أماليه: ١٥٣، والمفيد في أماليه: ١٦١، والخوارزمي في مناقبه: ٣٧.

٢٣٧

١٥ - وبه: قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى، حدّثني محمّد بن سعيد، أخبرنا محمّد بن ( أبي )(١) عبدالله الكوفي، أخبرنا موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن ثابت ابن أبي صفية، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« من سرّه أن يجمع الله له الخير كلّه فليوال علياً بعدي وليوال أولياءه وليعاد أعداءه »(٢) .

١٦ - وبه: قال: أخبرنا أبو عبدالله الحسين بن علي بن جعفر الرازي، أخبرنا عبدالله بن محمّد بن حيان، أخبرنا بشار بن أحمد القطان، أخبرنا عبدالله بن عمر بن أبان، أخبرنا شعيب بن إبراهيم التميمي، أخبرنا سيف بن عميرة، أخبرنا أبان بن إسحاق الأسدي، عن الصباح بن محمّد، عن أبي حازم، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« اُوصيكم بهذين خيراً، وأشار الى علي والعباس، لا يكف عنهما أحد ولا يحفظهما لي إلاّ اعطاه الله نوراً يرد به عليّ يوم القيامة ».

١٧ - وبه: قال: أخبرنا أبو سهل محمّد بن محمد، أخبرنا علي بن أحمد بن منصور، أخبرنا محمّد بن دينار، أخبرنا حميد بن هلال الخلال الكوفي، أخبرني الحسين بن علي بن عبدالله، أخبرنا عبدالرزاق، عن أبيه، عن ( مينا )(٣) مولى عبدالرحمان بن عوف أنه قال: ألا اُحدّثك حديثاً قبل أن تشاب(٤) الأحاديث بأباطيل، انّه قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« أنا شجرة، وفاطمة وعلي فرعها، والحسن والحسين ثمرها، ومحبّهم من اُمّتي ورقها، وحيث نبت أصل الشجرة نبت فرعها في جنة عدن والّذي بعثني بالحقّ »(٥) .

__________________

(١) ليس في « ط ».

(٢) رواه الصدوق في أماليه: ٣٨٢، يأتي في ج ٤: الرقم ٨١ مثله.

(٣) ليس في « م » والبحار.

(٤) أي قبل ان تخلط.

(٥) عنه البحار ٢٧: ١٠٧،أقول: مرّ في ج ٢: الرقم ٧ مثله عن الشيخ في أماليه ١: ١٨،

٢٣٨

١٨ - وبه: قال أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى: أخبرنا الحسين بن موسى، أخبرنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانه، أخبرنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم(١) ، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن ابن زياد(٢) ، عن عبيدالله بن صالح، عن زيد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي ابن أبي طالبعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« ياعلي من أحبّني وأحبّك وأحبّ الأئمّة من ولدك فليحمد الله على طيب مولده فانّه لا يحبنا إلاّ من طابت ولادته ولا يبغضنا إلاّ من خبثت ولادته »(٣) .

١٩ - وبه: قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى، أخبرنا علي بن عبدالله الوراق، أخبرنا سعد بن عبدالله بن أبي خلف، حدّثنا الهيثم بن أبي مسروق، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد(٤) عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة قال: قال علي بن أبي طالبعليه‌السلام : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول:

« أنا سيد ولد آدم وأنت ياعلي والأئمّة من بعدك سادة اُمّتي من أحبنا فقد أحب الله، ومن أبغضنا فقد أبغض الله عزّ وجلّ، ومن والانا فقد والى الله، ومن عادانا فقد عادى الله، ومن أطاعنا فقد أطاع الله، ومن عصانا فقد عصى الله »(٥) .

٢٠ - وبه: قال: حدّثنا أبو سعيد محمّد بن الفضل الواعظ، أخبرنا أبو جعفر الهاشمي ببغداد، أخبرنا محمّد بن يونس الكريمي، أخبرنا عبدالعزيز بن الخطاب، أخبرنا علي بن هاشم، أخبرنا محمّد بن رافع، عن أبي عبيدة بن محمّد بن عمّار بن ياسر، حدّثني أبي، عن جدّي عمّار قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

__________________

وفي البحار: « لعل المراد بنبات الشجرة في جنّة عدن أخذ طينتهم منها وهو كناية عن وصولهم إليها أو عن أحسن الشجرة المشبه بها ورفعتها وطراوتها، ويحتمل أن يكون فيها شجرة فيها من الأغصان والأوراق بعددهم كما هو الظاهر من بعض الأخبار ».

(١) في « ط »: همام.

(٢) في الأمالي: أبي زياد.

(٣) رواه الصدوق في أماليه: ٣٨٤ والعلل: ١٤١،أقول: يأتي في ج ٤: الرقم ٨٧ مثله.

(٤) في « ط »: عمران بن خالد.

(٥) رواه الصدوق في أماليه: ٣٨٤، والمفيد في أماليه: ٤٤.

٢٣٩

« اُوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، من تولاه ( فقد تولاني ومن تولاني )(١) فقد تولى الله، ومن أحبه فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أبغضه فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله تعالى »(٢) .

٢١ - وبه: قال الشيخ أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه الفقيه: حدّثنا محمّد بن عمر الحافظ بمدينة السلام، حدّثنا محمّد بن القاسم بن زكريا، أخبرنا الحسين بن علي السلولي(٣) ، أخبرنا محمّد بن الحسن السلولي، قال: أخبرنا صالح بن أبي الأسود، عن أبي المطهر، عن سلام الجعفي، عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام ، عن أبي برزة، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال:

« انّ الله تعالى عهد إلي عهداً في عليعليه‌السلام ، فقلت: يانبي الله بيّنه لي، قال: قال جلّ جلاله لي: اسمع، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قلت: قد سمعت، قال: انّ علياً راية الهدى وإمام أوليائي ونور من أطاعني وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين، من أحبه أحبني ومن أطاعه أطاعني »(٤) .

٢٢ - وبهذا الاسناد: قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى، حدثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، حدثنا محمّد بن الحسن الصفار، حدثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، حدّثنا محمّد بن سنان، عن أبي مالك الحضرمي، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام قال:

« ان الله تعالى لما أسرى بنبيه قال له: يامحمّد انه قد انقضت نبوتك وانقطع أجلك فمن لاُمتك من بعدك؟ فقلت: يارب [ اني ](٥) قد بلوت خلقك فلم أجد أحداً أشدّ حبّاً لي(٦) من علي بن أبي طالب، قال: يامحمّد فأبلغه انه راية الهدى(٧) ، وإمام

__________________

(١) ليس في « ط ».

(٢) عنه البحار ٣٨: ٣١،أقول: مرّ في ج ٢: الرقم ١٤٠، وج ٣: الرقم ١٠، ويأتي في ج ٤: الرقم ٣٩ مثله.

(٣) في الأمالي: والحسين بن علي السكوني، قالا.

(٤) رواه الصدوق في أماليه: ٣٨٦،أقول: مرّ في ج ٣: الرقم ١١ مثله، ويأتي أيضاً تحت الرقم: ٣٩٧ مثله.

(٥) من الأمالي.

(٦) في « ط »: فلم أجد أشدّ حبك لي.

(٧) في الامالي: غاية الهدى.

٢٤٠

٢٣٨ ـ البكاء على الحسينعليه‌السلام :

(ثورة الحسين في الوجدان الشعبي لمحمد مهدي شمس الدين ص ٣١٩)

روى أبو حمزة الثّمالي عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنه قال : إن البكاء والجزع مكروه للعبد في كل ما جزع ، ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن عليعليه‌السلام فإنه فيه مأجور.

ويبدو أن السرّ في مشروعية هذا البكاء وهذا الجزع ، مع كراهة ما عداه وتحريم بعض أفراده ، هو أن هذا البكاء والجزع ليس أمرا شخصيا يتعلق بعاطفة بشرية تتفجر بالأسف على ما فات ، وإنما هو حزن على قضية دينية عامة ، تتمثل بالإمام الحسينعليه‌السلام وثورته. فالحزن هنا ليس موقفا عاطفيا ، وإنما هو موقف مبدئي يعبّر المؤمن فيه عن التحامه به واعتناقه له ، بهذا التعبير العاطفي.

ولنعم من قال :

تبكيك عيني لا لأجل مثوبة

لكنما عيني لأجلك باكيه

تبتلّ منكم كربلا بدم ولا

تبتلّ مني بالدموع الجاريه

أنست رزيّتكم رزايانا التي

سلفت وهوّنت الرزايا الآتيه

وفجائع الأيام تبقى مدة

وتزول ، وهي إلى القيامة باقيه

٣ ـ إقامة ذكرى الحسينعليه‌السلام ومراسم الحزن

يوم عاشوراء

٢٣٩ ـ إقامة ذكرى الحسينعليه‌السلام والحزن عليه :

(المجالس السنيّة للسيد محسن الأمين ، ج ١ ص ٣ و ٤ ط ٣)

يقول العلامة المجتهد السيد محسن الأمين عليه الرحمة والرضوان :

لا يخفى أنه قد قضى العقل والدين باحترام عظماء الرجال أحياء وأمواتا ، وتجديد الذكرى لمن بذل نفسه في أسمى المقاصد وأنفع الغايات. وجرت على ذلك جميع الأمم في كل عصر وزمان.

وإن سيدنا ومولانا الإمام ابن الإمام أخا الإمام أبا الأئمة ، الحسين الشيهد ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، أحد ريحانتي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسبطيه وخليفته في أمته ، من أعاظم رجال الإسلام ، بل من أعاظم رجال الكون. فقد جمع

٢٤١

إلى شريف نسبه وكريم عنصره ، وبنوّته لسيد الأنبياء ولسيد الأوصياء وللبضعة الزهراء سيدة النساء صلوات الله عليهم ، أكرم الصفات وأحسن الأخلاق وأعظم الأفعال وأجلّ الفضائل والمناقب ، وقام بما لم يسمع بمثله قبله ولا بعده ، من بذل نفسه وماله وآله في سبيل إحياء الدين وإظهار فضائح المنافقين. وأظهر من إباء الضيم وعزة النفس والشجاعة والبسالة والصبر والثبات ما بهر العقول.

ومصيبته وكيفية شهادتهعليه‌السلام من أفظع ما صدر في الكون ، مع أنه ابن بنت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الّذي لم يكن على وجه الأرض ابن بنت غيره.

وقد حزن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبكى لتلك المصيبة قبل وقوعها ، وكذلك آله الأئمة الأطهارعليهم‌السلام كانت سيرتهم تجديد الأحزان لذكرى تلك الفاجعة الأليمة ، حتّى قال الإمام الرضاعليه‌السلام : كان أبي إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا ، وكانت الكآبة تغلب عليه ، حتّى تمضي عشرة أيام منه ، فإذا كان اليوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه.

وقد ندبواعليهم‌السلام إلى ما ندب إليه العقل ، في حق كل محبّ مع حبيبه ، من الفرح لفرحهم والحزن لحزنهم. واقتدى بهم في ذلك شيعتهم وأولياؤهم ، فجدّدوا ذكرى مصيبة الحسينعليه‌السلام وكيفية شهادته ، التي تكاد أن تفتّت الصخور ، فضلا عن الأكباد والقلوب ، لا سيما في عشرة المحرم التي وقعت فيها تلك المصائب الفادحة.

٢٤٠ ـ حرمة الجرح واللطم المؤذي :

(المصدر السابق)

إلى أن يقولرحمه‌الله : كما أن ما يفعله جملة من الناس ، من جرح أنفسهم بالسيوف أو اللطم المؤدي إلى إيذاء البدن ، إنما هو من تسويلات الشيطان وتزيينه بسوء الأفعال ، فذلك مما يغضب الحسينعليه‌السلام ويبعد عنه ، لا

مما يقرّب إليه. فهوعليه‌السلام قد قتل في سبيل الإحياء لدين جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهذه الأعمال مما نهى عنها دين جده ، فكيف يرضى بها ، وتكون مقرّبة إليه تعالى ، والله تعالى لا يطاع من حيث يعصى

وهكذا ما يجري من التمثيل والتشبيه للوقعة ، فإنه في نفسه مشتمل على كثير من المحرّمات ، وموجب لهتك الحرمة ، وفتح باب القدح للذين يحاولونه بما استطاعوا ، فيكون منهيّا عنه بقوله : ولا تكونوا شينا علينا.

٢٤٢

٢٤١ ـ إظهار الحزن والمصيبة يوم العاشر من المحرم :

(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٣٩)

عن المفيد في (مسارّ الشيعة) قال : وفي العاشر من المحرم قتل الحسينعليه‌السلام ، وجاءت الرواية عن الإمام الصادقعليه‌السلام باجتناب الملاذّ فيه ، وإقامة سنن المصائب ، والإمساك عن الطعام والشراب إلى أن تزول الشمس ، والتغدّي بعد ذلك بما يتغدّى به أصحاب المصائب كالألبان وما أشبهها ، دون اللذيذ من الطعام والشراب.

٢٤٢ ـ إقامة الذكرى والحزن على الحسينعليه‌السلام :

(الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري ، ج ٢ ص ٢٣٨)

روى الصدوق مسندا إلى الرضاعليه‌السلام قال : كان أبي صلوات الله عليه وآله ، إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا ، وكانت الكآبة تغلبه حتّى تمضي منه عشرة أيام.فإذا كان يوم العاشر ، كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ، وكان يقول هذا اليوم الّذي قتل فيه الحسينعليه‌السلام .

يقول السيد نعمة الله الجزائري : يظهر من هذا الخبر ومما روي بمعناه ، أن ما يفعله عوامنا في عشرة أيام المحرم ، من اجتناب أكثر الملاذّ والتشبه بأهل المصيبة ، في المأكل والملبس ودخول الحمام ، وترك حلق الرأس وغير ذلك ، ليس هو بدعة ، بل هو ثواب جزيل ، واشتراك لأهل البيتعليه‌السلام في مصابهم.

٢٤٣ ـ حديث الإمام الرضاعليه‌السلام لابن شبيب عن يوم العاشر من المحرّم :

(أمالي الصدوق ، ص ١١٢ ط بيروت)

عن الريان بن شبيب ، قال : دخلت على الإمام الرضاعليه‌السلام في أول يوم من المحرم ، فقال لي : يابن شبيب أصائم أنت؟. فقلت : لا. فقال : إن هذا اليوم هو اليوم الّذي دعا فيه زكرياعليه‌السلام ربهعزوجل ، فقال :( رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ ) (٣٨) [آل عمران : ٣٨] فاستجاب الله له ، وأمر الملائكة فنادت زكريا وهو قائم يصلي في المحراب( أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى ) [آل عمران : ٣٩]. فمن صام هذا اليوم ، ثم دعا اللهعزوجل ، استجاب الله له كما استجاب لزكرياعليه‌السلام .

ـ حرمة شهر المحرم :

ثم قالعليه‌السلام : يابن شبيب ، إن المحرّم هو الشّهر الّذي كان أهل الجاهلية فيما

٢٤٣

مضى يحرّمون فيه الظلم والقتال لحرمته ، فما عرفت هذه الأمة حرمة شهرها ، ولا حرمة نبيّهاصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . لقد قتلوا في هذا الشّهر ذريته ، وسبوا نساءه ، وانتهبوا ثقله ، فلا غفر الله لهم ذلك أبدا.

يابن شبيب ، إن كنت باكيا لشيء فابك للحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فإنه ذبح كما يذبح الكبش ، وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا ، ما لهم في الأرض شبيهون. ولقد بكت السموات السبع والأرضون لقتله. ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصره ، فوجدوه قد قتل ، فهم عند قبره شعث غبر إلى أن يقوم القائم ، فيكونون من أنصاره ، وشعارهم : يا لثارات الحسينعليه‌السلام .

يابن شبيب ، لقد حدثني أبي عن أبيه عن جدهعليه‌السلام أنه لما قتل جدي الحسينعليه‌السلام مطرت السماء دما وترابا أحمر.

يابن شبيب ، إن بكيت على الحسينعليه‌السلام حتّى تصير دموعك على خديك ، غفر الله كل ذنب أذنبته ، صغيرا كان أو كبيرا ، قليلا كان أو كثيرا.

يابن شبيب ، إن سرّك أن تلقى اللهعزوجل ولا ذنب عليك ، فزر الحسينعليه‌السلام .

يابن شبيب ، إن سرّك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وآله ، فالعن قتلة الحسينعليه‌السلام .

يابن شبيب ، إن سرّك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسينعليه‌السلام فقل متى ما ذكرته : يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما.

يابن شبيب ، إن سرّك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان ، فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا ، وعليك بولايتنا ، فلو أن رجلا تولّى حجرا لحشره الله معه يوم القيامة.

٢٤٤ ـ حرمة الشهر الحرام ، واستحلال دماء أهل البيتعليهم‌السلام فيه :

(مناقب ابن شهراشوب ، ج ٣ ص ٢٣٨ ط نجف)

عن الإمام علي الرضاعليه‌السلام قال : إن المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرّمون القتال فيه ، فاستحلت فيه دماؤنا ، وهتكت فيه حرمتنا ، وسبيت فيه ذرارينا ونساؤنا ، وأضرمت النيران في مضاربنا ، وانتهب ما فيها من ثقلنا ، ولم ترع لرسول الله حرمة في أمرنا إن يوم الحسين أقرح جفوننا وأسبل دموعنا وأذلّ عزيزنا. أرض كرب

٢٤٤

وبلاء ، أورثتنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء فعلى مثل الحسين فليبك الباكون ، فإن البكاء عليه يحطّ الذنوب العظام.

٢٤٥ ـ الحزن يوم عاشوراء سنّة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(أعيان الشيعة للسيد الأمين ، ج ٤ ص ١٥٠)

من السنّة النبوية إظهار الحزن يوم عاشوراء والبكاء فيه لمصرع أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ، وذلك لأمرين :

أولا : لأن في ذلك مواساة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الّذي لو كان حيا لتقبّل من المؤمنين التعازي لمقتل سبطه وريحانته من الدنيا الحسين بن فاطمةعليه‌السلام . وكما قال الشريف الرضي :

لو رسول الله يحيا بعده

جلس اليوم لديه للعزا

بل لو بعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي وفاطمة والحسنعليهم‌السلام ، لقعدوا لعزائه والحزن عليه ، وبكوه باللوعة والأسى والدموع والحسرات :

ميّت تبكي له فاطمة

وأبوها وعليّ ذو العلا

ولقد ثبت أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما أخبره جبرئيل بمقتل الحسينعليه‌السلام حزن عليه وجزع ، وأقام المأتم من أجله في مجمع أصحابه ، وبكى عليه الصحابة.

ثانيا : وقد ثبت عن أئمة أهل البيت النبوي ، وهم قدوة المسلمين وأسوتهم ، أنهم أقاموا المآتم في مثل هذا اليوم ، بل في كل وقت. وحزنوا وبكوا لهذه الفاجعة ، وحثّوا أتباعهم على ذلك.

فحري بنا الاقتداء بهم والسير على منوالهم ، لأنهم سفينة نوح من ركبها نجا ، وباب حطّة من دخله كان آمنا ، وأحد الثّقلين من تمسّك بهم لم يضل أبدا.

وكيف لا يحزن المؤمن على إمام الدين وعلم اليقين وقدوة المسلمين ، الّذي قدّم نفسه قربانا للدين ، ودفاعا عن الإسلام والمسلمين ، وحفاظا على الفضيلة واليقين.إذ لو لا تضحية الحسينعليه‌السلام لا نمحت آثار الدين ، وتقوّضت أعمدة اليقين ، واندثرت معالم الإسلام المبين. فكل مسلم اليوم مدين له بالحق والإكرام ، إذ لولاه ما بقي مسلم ولا إسلام.

٢٤٥

اتخاذ بني أميّة يوم عاشوراء يوم عيد وفرح

٢٤٦ ـ اتخاذ يوم عاشوراء يوم عيد وفرح سنّة أموية :

(المصدر السابق ، ص ١٥١)

يقول العلامة الأكبر السيد محسن الأمين :

أما اتخاذ يوم عاشوراء يوم عيد وفرح وسرور ، وإجراء مراسم الأعياد فيه ، من طبخ الحبوب وشراء الألبان ، والاكتحال والزينة ، والتوسعة على العيال ، فهي سنّة أموية حجّاجية ، لا يرضاها الله ولا رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وهي من أقبح البدع وأشنعها.

وقد اختلق بعض علماء السوء وأعوان الظلمة شيئا من الأحاديث في فضل يوم عاشوراء ، وذلك في عهد الملك العضوض ، عداوة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته ، ومراغمة لشيعتهم ومحبيهم ، وتبعهم من تبعهم غفلة عن حقيقة الحال. وكيف يرضى المسلم لنفسه أن يفرح في يوم قتل فيه ابن بنت نبيه ، وفي يوم يحزن فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته.

ولم يكن جعل يوم عاشوراء عيدا معروفا في الديار المصرية إلا بدعة باطلة ، أول من أدخلها صلاح الدين الأيوبي ، كما حكاه المقريزي في خططه. والظاهر أن الباعث عليه كان أمرا سياسيا ، وهو مراغمة العلويين الذين سلبهم صلاح الدين ملكهم ، فقصد إلى محو كل أثر لهم.

٢٤٧ ـ احتفال بني أمية بالأفراح يوم عاشوراء :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١٢٦)

في (نفس المهموم) عن أبي الريحان البيروني في (الآثار الباقية) قال : وكانوا يعظّمون هذا اليوم (أي يوم عاشوراء) إلى أن اتفق فيه قتل الحسين بن عليعليه‌السلام وفعل به وبهم ما لم يفعل في جميع الأمم بأشرار الخلق ؛ من القتل بالعطش والسيف والاحراق وصلب الرؤوس وإجراء الخيول على الأجساد ، فتشاءموا به. فأما بنو أمية فقد لبسوا فيه ما تجددوا وتزينوا واكتحلوا وعيّدوا ، وأقاموا الولائم والضيافات وطعموا الحلاوات. وجرى الرسم في العامة على ذلك ، في أيام ملكهم ، وبقي فيهم بعد زواله عنهم.

٢٤٦

وأما الشيعة فإنهم ينوحون ويبكون أسفا لقتل سيد الشهداءعليه‌السلام فيه ، ويظهرون ذلك بمدينة السلام (أي بغداد) وأمثالها من المدن والبلاد ، ويزورون فيه التربة المسعودة بكربلاء. ولذلك كره فيه الشيعة تجديد الأواني والأثاث.

٢٤٨ ـ المحبة الزائفة والتناقض العجيب ، صفة متعصّبي السنة :

(كتاب «التعجب» بذيل كنز الفوائد للكراجكي ، ص ٣٤٨)

يقول الكراجكي : ومن عجيب أمرهم دعواهم محبة أهل البيتعليهم‌السلام مع ما يفعلون يوم المصاب بالحسينعليه‌السلام من المواظبة على البر والصدقة والمحافظة على البذل والنفقة ، والتبرك بشراء ملح السنة ، والتفاخر بالملابس المنتخبة ، والمظاهرة بتطيّب الأبدان ، والمجاهرة بمصافحة الإخوان ، والتوفر على المزاورة والدعوات. واعتذارهم بأنه يوم ليس كالأيام ، وأنه مخصوص بالمناقب العظام.ويدّعون أن اللهعزوجل تاب فيه على آدمعليه‌السلام ، فكيف وجب أن يقضى فيه حق آدم فيتخذ عيدا ، ولم يجز أن يقضى حق سيد الأولين والآخرين محمّد خاتم النبيينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مصابه بسبطه وولده وريحانته وقرة عينه ، وبأهله الذين أصيبوا ، وحريمه الذين سبوا وهتكوا!.

ويحكى أن رجلا قال للإمام زين العابدينعليه‌السلام : إنا لنحبّكم أهل البيت.فقالعليه‌السلام : أنتم تحبّون حبّ السّنّورة (أي القطة) ، من شدة حبّها لولدها تأكله!.

٢٤٩ ـ أهل الشام يطبخون الحبوب ويتخذون يوم عاشوراء عيدا لهم :

(البداية والنهاية لابن كثير ، ج ٨ ص ٢١٩)

يقول ابن كثير : وقد عاكس الرافضة والشيعة يوم عاشوراء ، النواصب من أهل الشام ، فكانوا إلى يوم عاشوراء يطبخون الحبوب ، ويغتسلون ويتطيّبون ويلبسون أفخر ثيابهم ، ويتخذون ذلك اليوم عيدا ، يصنعون فيه أنواع الأطعمة ، ويظهرون السرور والفرح ، يريدون بذلك عناد الروافض ومعاكستهم.

(أقول) : وبعد أن يعترف ابن كثير بما سبق ، يردّ ردّا شديدا على الذين يقيمون ذكرى مقتل الحسينعليه‌السلام ، وذلك لتعصبه الشديد الّذي فاق تعصّب أهل الشام.ويحضرني في هذا المقام أن أذكر أبيات مهذب الدين أحمد بن منير الطرابلسي في قصيدته (التترية) حيث يقول :

٢٤٧

وحلقت في عشر المحرّ

م ما استطال من الشّعر

ونويت صوم نهاره

وصيام أيام أخر

ولبست فيه أجلّ ثو

ب للملابس يدّخر

وسهرت في طبخ الحبو

ب من العشاء إلى السّحر

وغدوت مكتحلا أصا

فح من لقيت من البشر

ووقفت في وسط الطري

ق أقصّ شارب من عبر

٢٤٩ ـ الاكتحال على الحسينعليه‌السلام :(ذيل الروضتين لابي شامة ، ص ١١)

في سنة ٥٩٣ ه‍ توفي أحمد بن عيسى الهاشمي والد الواثق بالله ، ويعرف بابن الغريق. وكان شاعرا فاضلا ، فمن شعره ما اعتذر به عن الاكتحال يوم عاشوراء ، قال :

لم أكتحل في صباح يوم

أريق فيه دم الحسين

إلا لحزني وذاك أني

سوّدت حتّى بياض عيني

٢٥٠ ـ تحويل بني أمية يوم عاشوراء إلى يوم بركة :

(علل الشرائع للشيخ الصدوق ، ج ١ ص ٢٢٦)

قال عبد الله بن الفضل الهاشمي : فقلت للصادقعليه‌السلام : يابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكيف سمّت العامة يوم عاشوراء يوم بركة؟. فبكىعليه‌السلام ثم قال : لما قتل الحسينعليه‌السلام تقرّب الناس بالشام إلى يزيد ، فوضعوا له الأخبار وأخذوا عليه الجوائز من الأموال. فكان مما وضعوا له أمر هذا اليوم ، وأنه يوم بركة ، ليعدل الناس فيه من الجزع والبكاء والمصيبة والحزن إلى الفرح والسرور والتبرك والاستعداد فيه. حكم الله فيما بيننا وبينهم.

أحاديث موضوعة في فضل يوم عاشوراء

٢٥١ ـ جملة من الأحاديث الموضوعة في فضل يوم عاشوراء :

روى الخوارزمي في مقتله (ج ٢ ص ١ ـ ٤ ط نجف) جملة من الأحاديث التي لا يبعد أن يكون الأمويون قد وضعوها حسب مخططهم في تزييف الحقائق وصرف الناس عن جريمتهم المنكرة في كربلاء. ونحن نسوقها مع تعليق الرواة عليها.

٢٤٨

ـ فضائل يوم عاشوراء :(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١ و ٢ ط نجف)

روى شيخ السنّة أبوبكر أحمد بن الحسين البيهقي ، عن ابن عباس (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من صام يوم عاشوراء كتبت له عبادة ستين سنة بصيامها وقيامها.ومن صام يوم عاشوراء كتب له أجر سبع سموات ، ومن أفطر عنده مؤمنا يوم عاشوراء فكأنما أفطر عنده جميع أمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومن أشبع جائعا يوم عاشوراء رفعت له بكل شعرة من رأسه درجة في الجنة. فقال عمر : يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لقد فضّلنا اللهعزوجل في يوم عاشوراء؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نعم ، خلق الله السموات في يوم عاشوراء ، وخلق الكرسي فيه ، وخلق الجبال فيه ، والنجوم كمثله ، وخلق القلم فيه ، واللوح كمثله ، وخلق جبرئيلعليه‌السلام فيه ، وخلق الملائكة كمثله ، وخلق آدم فيه ، وحواء كمثله ، وخلق الجنة فيه ، وأسكن آدم الجنة فيه ، وولد إبراهيم خليل الرحمن في يوم عاشوراء ، ونجّاه الله من النار فيه ، وفداه فيه ، وأغرق فرعون فيه ، ورفع إدريس فيه ، وكشف الله الكرب عن أيوب فيه ، ورفع عيسى بن مريم فيه ، وولد فيه ، وتاب الله على آدم فيه ، وغفر ذنب داود فيه ، وأعطي سليمان ملكه فيه ، وولد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه ، واستوى الرب على العرش فيه ، وتقومالقيامة في يوم عاشوراء.

قال شيخ السنة أبوبكر البيهقي : هذا حديث منكر ، وإسناده ضعيف ، وفي متنه ما لا يستقيم ، وهو ما روي فيه من خلق السموات والأرضين والجبال كلها في يوم عاشوراء ، والله يقول :( اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ) [الأعراف : ٥٤]. ومن المحال أن تكون هذه الستة كلها في يوم عاشوراء. فدل ذلك على ضعف هذا الخبر ، والله أعلم.

(أقول) : وقد روي فيه ولادة نبينا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم عاشوراء ، وهذا لم يثبت أبدا ، إذ المجمع عليه ولادتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ربيع الأول.

ولا يبعد أن يكون بنو أمية قد وضعوا مثل هذه الأحاديث ، ليصرفوا الناس عن الحزن في يوم عاشوراء لمصاب الحسينعليه‌السلام . أما ما جاء في أول الحديث من استحباب الصوم فيه ، فإن الصوم عندنا في يوم العاشر غير مستحب ، لكن يستحب الإمساك فيه إلى الظهر تأسّيا بجوع الحسينعليه‌السلام وعطشه ، ثم الإفطار على زاد الحسينعليه‌السلام كما سترى.

٢٤٩

ـ عدم صحة أحاديث فضل يوم عاشوراء :

(أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب لحوت البيروتي ، ص ٢٧٧)

وأما غير ذلك مما اشتهر فعله في يوم عاشوراء ، كالاكتحال والتزيّن باللباس وغيره ، وزيارة العلماء والإخوان ونحو ذلك من الأمور الحسنة ، فلم يصحّ منها شيء ، بل هي من وضع قتلة الحسينعليه‌السلام اتخذوه عيدا ، كما اتخذه الروافض يوم حزن.

وكذا ما يذكر في كتب الترغيب ، أن آدم تاب الله عليه يوم عاشوراء ، ونوحا نجّاه الله يوم عاشوراء ، وإبراهيم نجاه الله من النار يوم عاشوراء ، وأيوب عافاه الله يوم عاشوراء ، ويونس أخرجه الله من بطن الحوت يوم عاشوراء ، ويعقوب اجتمع بيوسف يوم عاشوراء ، والتوراة نزلت يوم عاشوراء ، وما أشبه ذلك من الأخلاط ؛ فكله كذب لا أصل له.

٢٥٢ ـ إخبار ميثم التمّار بشهادة الحسينعليه‌السلام في عشر المحرم ، ومن يتخذه يوم بركة :

(أمالي الصدوق ، ص ١١٠ ط بيروت)

حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر الصدوق ، قال : حدثنا عن جبلة المكية ، قالت : سمعت الميثم التمار يقول : والله لتقتلنّ هذه الأمة ابن نبيّها في المحرم ، لعشر مضين منه ، وليتخذنّ أعداء الله ذلك اليوم يوم بركة. وإن ذلك لكائن ، قد سبق في علم الله تعالى ذكره. أعلم ذلك بعهد عهده إليّ مولاي أمير المؤمنينعليه‌السلام .ولقد أخبرني أنه يبكي عليه كل شيء ، حتّى الوحوش في الفلوات ، والحيتان في البحار ، والطير في جوّ السماء. وتبكي عليه الشمس والقمر والنجوم والسماء والأرض ، ومؤمنو الإنس والجن ، وجميع ملائكة السموات ، ورضوان ومالك وحملة العرش. وتمطر السماء دما ورمادا.

ثم قالعليه‌السلام : وجبت لعنة الله على قتلة الحسينعليه‌السلام كما وجبت على المشركين الذين يجعلون مع الله إلها آخر ، وكما وجبت على اليهود والنصارى والمجوس.

ـ أخبار مكذوبة :

قالت جبلة : فقلت له : يا ميثم ، وكيف يتخذ الناس ذلك اليوم الّذي يقتل فيه

٢٥٠

الحسين بن عليعليهما‌السلام يوم بركة؟. فبكى ميثم ، ثم قال : سيزعمون بحديث يضعونه أنه اليوم الذي تاب الله فيه على آدمعليه‌السلام ، وإنما تاب الله على آدم في ذي الحجة. ويزعمون أنه اليوم الّذي قبل الله فيه توبة داودعليه‌السلام ، وإنما قبل الله توبته في ذي الحجة. ويزعمون أنه اليوم الّذي أخرج الله فيه يونس من بطن الحوت ، وإنما أخرجه الله من بطن الحوت في ذي القعدة. ويزعمون أنه اليوم الّذي استوت فيه سفينة نوحعليه‌السلام على الجوديّ ، وإنما استوت على الجودي يوم الثامن عشر من ذي الحجة. ويزعمون أنه اليوم الّذي فلق الله فيه البحر لبني إسرائيل ، وإنما كان ذلك في شهر ربيع الأول.

ثم قال ميثم : يا جبلة ، اعلمي أن الحسين بن عليعليهما‌السلام سيد الشهداء يوم القيامة ، ولأصحابه على سائر الشهداء درجة.

يا جبلة ، إذا نظرت إلى الشمس حمراء كأنها دم عبيط ، فاعلمي أن سيدك الحسينعليه‌السلام قد قتل.

قالت جبلة : فخرجت ذات يوم فرأيت الشمس على الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة ، فصحت حينئذ وبكيت ، وقلت : قد والله قتل سيدنا الحسين بن عليعليهما‌السلام .

صيام يوم عاشوراء

٢٥٣ ـ هل يجوز صيام يوم عاشوراء؟ :

(البحار ، ج ٤٥ ص ٩٤ ط ٣)

في (الكافي) للكليني حدثنا جعفر بن عيسى ، قال : سألت الرضاعليه‌السلام عن صوم عاشورا ، وما يقول الناس فيه؟ فقال : عن صوم ابن مرجانة تسألني؟ ذلك يوم صامه الأدعياء من آل زياد لقتل الحسينعليه‌السلام . وهو يوم يتشاءم به آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويتشاءم به أهل الإسلام. واليوم الّذي يتشاءم به أهل الإسلام لا يصام ولا يتبرك به.

٢٥٤ ـ هل يصام يوم تاسوعاء ويوم عاشوراء؟ :

(الكافي للكليني : باب صوم عرفة وعاشوراء)

عن أبان عن عبد الملك ، قال : سألت الإمام الصادقعليه‌السلام عن صوم تاسوعا

٢٥١

وعاشورا من شهر المحرم؟ فقال : تاسوعا يوم حوصر فيه الحسينعليه‌السلام وأصحابه بكربلا

ثم قالعليه‌السلام : وأما يوم عاشورا فيوم أصيب فيه الحسينعليه‌السلام صريعا بين أصحابه ، وأصحابه حوله صرعى عراة. أفصوم يكون في ذلك اليوم؟. كلا ورب البيت ما هو يوم صوم ، وما هو إلا يوم حزن ومصيبة ، دخلت على أهل السماء وأهل الأرض وجميع المؤمنين. ويوم فرح وسرور لابن مرجانة وآل زياد وأهل الشام ، غضب الله عليهم وعلى ذرياتهم (يقصد الذين يقلدونهم في ذلك الفرح أو يوافقونهم على عملهم ولا يستنكرونه). وذلك يوم بكت [فيه] جميع بقاع الأرض خلا بقعة الشام. فمن صامه أو تبرك به حشره الله مع آل زياد ، ممسوخ القلب مسخوطا عليه. ومن ادّخر إلى منزله ذخيرة أعقبه الله تعالى نفاقا في قلبه إلى يوم يلقاه ، وانتزع البركة عنه وعن أهل بيته وولده ، وشاركه الشيطان في جميع ذلك.

٢٥٥ ـ الصيام والتبرك في يوم عاشوراء سنّة باطلة :

(أمالي الشيخ الطوسي ، ص ٦١)

عن صفوان ، عن الحسين بن أبي غندر ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال : سألته عن صوم يوم عاشورا؟. فقالعليه‌السلام : ذاك يوم قتل الحسينعليه‌السلام ، فإن كنت شامتا فصم.

ثم قالعليه‌السلام : إن آل أمية ومن أعانهم على قتل الحسينعليه‌السلام من أهل الشام ، نذروا نذرا إن قتل الحسينعليه‌السلام وسلم من خرج إلى الحسينعليه‌السلام وصارت الخلافة في آل أبي سفيان ، أن يتخذوا ذلك اليوم عيدا لهم ، يصومون فيه شكرا.فصارت في آل سفيان سنّة إلى اليوم في الناس ، واقتدى بهم الناس جميعا لذلك.فلذلك يصومونه ، ويدخلون على عيالاتهم وأهاليهم الفرح في ذلك اليوم.

٢٥٦ ـ صوم يوم عاشوراء :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ١ ص ٨٧)

قال ابن وهب للصادقعليه‌السلام : فما قولك في صومه من غير تبييت؟.فقالعليه‌السلام : لا تجعله صوم يوم كامل ، وليكن إفطارك بعد العصر بساعة على شربة من الماء ، فإنه في ذلك الوقت انجلت الهيجاء عن آل الرسولعليهم‌السلام وانكشفت الغمة عنهم. ومنهم ثلاثون قتيلا ، من مواليهم ومن أهل البيتعليهم‌السلام .

٢٥٢

يقول السيد محمّد حسين الطباطبائي في (تفسير الميزان) ج ٢ ص ٩ :

على أن لحوق يوم عاشوراء في وجوب الصوم أو استحبابه ، ككونه عيدا من الأعياد الإسلامية ، مما ابتدعه بنو أمية ، حيث أبادوا فيه ذرية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيتهعليهم‌السلام ، بقتل رجالهم وسبي نسائهم وذراريهم ونهب أموالهم في وقعة الطف ، ثم تبرّكوا باليوم فاتخذوه عيدا وشرّعوا صومه تبركا به ، ووضعوا له فضائل وبركات ، ودسّوا أحاديث تدل على أنه كان عيدا إسلاميا ، بل من الأعياد العامة التي كانت تعرفه عرب الجاهلية واليهود والنصارى منذ بعث موسى وعيسىعليهما‌السلام ؛ وكل ذلك لم يكن.

٢٥٧ ـ ما يستحب يوم عاشوراء :(أعيان الشيعة ، ج ٤ ص ١٥٢)

يقول السيد محسن الأمينرحمه‌الله :

ومن السّنّة يوم عاشوراء ترك السعي في الحوائج ، وترك ادخار شيء فيه.

روى الصدوق في (الأمالي) بسنده عن الإمام الرضاعليه‌السلام قال : من ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء ، قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة. ومن كان يوم عاشوراء يوم مصيبته وحزنه وبكائه ، جعل اللهعزوجل يوم القيامة يوم فرحه وسروره ، وقرّت بنا في الجنان عينه. ومن سمّى يوم عاشورا يوم بركة ، وادّخر فيه لمنزله شيئا ، لم يبارك له فيما ادخر ، وحشر يوم القيامة مع يزيد وعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد ، إلى أسفل درك من النار.

٤ ـ فلسفة المآتم الحسينية

٢٥٨ ـ فلسفة المآتم الحسينية للفيلسوف الألماني [ماربين] في كتابه (السياسة الإسلامية):

(المجالس الفاخرة للسيد عبد الحسين شرف الدين ، ص ٣٧)

هذا مقتطف من الكلمة المترجمة للمسيو ماربين الألماني ، وقد نشرتها جريدة (حبل المتين) الفارسية في العدد ٨٢ من أعداد سنة ١٧ ، وعرّبها السيد صدر الدين بن السيد إسماعيل الصدر الموسوي ، وقد أخذناها من كتاب السيد عبد الحسين شرف الدين : (المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة) طبع مطبعة العرفان بصيدا ، عام ١٣٣٢ ه‍ :

٢٥٣

(قال) : إن عدم معرفة بعض مؤرخينا بحقيقة الحال ، أوجب أن ينسبوا في كتبهم طريقة إقامة الشيعة لعزاء الحسين إلى الجنون. ولكن جهلوا مقدار تغيير هذه المسألة وتبديلها في الإسلام ، فإنا لم نر في سائر الأقوام ما نراه في شيعة الحسين من الحسّيات السياسية والثورات المذهبية ، بسبب إقامة عزاء الحسين. وكل من أمعن النظر في رقي شيعة علي الذين جعلوا إقامة عزاء الحسين شعارهم في مدة مئة سنة ، يذعن أنهم فازوا بأعظم الرقي ، فإنه لم يكن قبل مئة سنة من شيعة علي والحسين في الهند إلا ما يعدّ على الأصابع ، واليوم هم في الدرجة الثالثة من حيث الجمعية إذا قيسوا بغيرهم ، وكذلك هم في سائر نقاط الأرض. وإذا قسنا دعاتنا مع تلك المصاريف الباهظة والقوة الهائلة ، والشيعة ترى دعاتنا لم يحظوا بعشر ترقّيات هذه الفرقة ، وإن كان قسسنا يحزّنون القلوب بذكر مصائب المسيح ، ولكن لا بذلك الشكل والأسلوب المتداول بين شيعة الحسين ، ويغلب على الظن أن سبب ذلك هو أن مصائب الحسين أشد حزنا وأعظم تأثيرا من مصائب المسيح. فعلى مؤرخينا أن يعرفوا حقيقة رسوم الأغيار وعاداتهم ولا ينسبوها إلى الجنون. وإني أعتقد بأن بقاء القانون الإسلامي وظهور الديانة الإسلامية وترقي المسلمين هو مسبّب عن قتل الحسين ، وحدوث تلك الوقائع المحزنة. وهكذا ما تراه اليوم بين المسلمين من حسن السياسة وإباء الضيم ، ما هو إلا بواسطة عزاء الحسين. وما دامت في المسلمين هذه الملكة والصفة ، لا يقبلون ذلا ولا يدخلون في أسر أحد.

ينبغي لنا أن ندقق النظر فيما يذكر من النكات الدقيقة الحيوية في مجالس إقامة عزاء الحسين ، ولقد حضرت دفعات في المجالس التي يذكر فيها عزاء الحسين في (إسلامبول) مع مترجم ، وسمعتهم يقولون : الحسين الّذي كان إمامنا ومقتدانا ومن تجب طاعته ومتابعته علينا ، لم يتحمل الضيم ولم يدخل في طاعة يزيد ، وجاد بنفسه وعياله وأولاده وأمواله في سبيل حفظ شرفه وعلو حسبه ومقامه ، وفاز في مقابل ذلك بحسن الذكر والصيت في الدنيا والشفاعة يوم القيامة والقرب من الله ، وأعداؤه قد خسروا الدنيا والآخرة. فرأيت بعد ذلك وعلمت أنهم في الحقيقة يدرّس بعضهم علنا ، بأنكم إن كنتم من شيعة الحسين وأصحاب شرف ، إن كنتم تطلبون السيادة والفخر ، فلا تدخلوا في طاعة أمثال يزيد ، ولا تتحملوا الذل ، بل اختاروا الموت بعزّة على الحياة بذلة ، حتّى تفوزوا بحسن الذكر في الدنيا والآخرة وتحظوا بالفلاح.

٢٥٤

من المعلوم حال الأمة التي تلقى عليها أمثال هذه التعاليم من المهد إلى اللحد ، في أي درجة تكون في الملكات العظيمة والسجايا العالية. إنها تحوي كل نوع من أنواع السعادة والشرف ، ويكون جميع أفرادها جندا مدافعين عن عزهم وشرفهم.هذا هو التمدن الحقيقي اليوم هذا هو طريق تعليم الحقوق هذا هو معنى تدريس أصول السياسة.

٢٥٩ ـ الخواطر التي تبعثها فينا ذكرى الحسينعليه‌السلام وشهادته :

(الحسين إمام الشاهدين للدكتور علي شلق ، ص ٧٣)

يقول الدكتور علي الشلق : خلافة الحسين بن عليعليهما‌السلام التي دخلت في التاريخ العربي الاسلامي ، وأصبحت نقطة هامة في مجرى التاريخ الانساني العام ، تثير في ذهن المطّلع احتداما من نوع خاص ، مشوبا بالألم واليأس والاشمئزاز والكبرياء والثورة.

الألم : مشاركة لأولئك الذين يذكرونه ، ويألمون من أعماق الوجدان لألمه ، وألم ذويه.

واليأس : من هذا الانسان في خداعه وزوره وخيانته وهمجيته ، كائنا من كان ، والوصول إلى درجة الانهيار ، قنوطا من أمل في صلاح البشرية.

والاشمئزاز : من إنسان تافه حقير ، يؤازره فريق من صنفه ، فيلطخ جبين الانسانية والشرف ، بالخزي والعار.

والكبرياء : تلك الصفة التي تشمخ على أنوف الأعزاء الأبطال من الناس ، فيتعالون فوق الجرائم ، ويهدفون إلى الأسمى.

والثورة : هذه الوسيلة النبيلة البطولية والطريقة الانسانية الإلهية ، للاندفاع كالبراكين في وجه كل ظالم مهين ، وتحطيم كل حاجز يمنع الإنسان الفرد ، من أن يعيش بكرامة وحرية ، ونظام شريف ، ويمنع الانسانية من أن تتقدم وتستعلي.

٢٦٠ ـ إقامة الذكرى لمقتل الحسينعليه‌السلام والبكاء عليه كل عام :

(أعيان الشيعة للسيد الأمين ، ج ٤ ص ١٢٧ ـ ١٣٠)

يقول العلامة الأكبر السيد محسن الأمين الحسيني العامليرحمه‌الله :

٢٥٥

قد قضى العقل والدين باحترام عظماء الرجال أحياء وأمواتا ، وتجديد الذكرى لوفاتهم وشهادتهم ، وإظهار الحزن عليهم ، لا سيما من بذل نفسه وجاهد حتّى قتل ، لمقصد سام وغاية نبيلة. وقد جرت على ذلك الأمم في كل عصر وزمان ، وجعلته من أفضل أعمالها وأسنى مفاخرها.

فحقيق بالمسلمين بل جميع الأمم ، أن يقيموا الذكرى في كل عام للحسين ابن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، فإنه من عظماء الرجال وأعاظمهم في نفسه ، ومن الطراز الأول. جمع أكرم الصفات وأحسن الأخلاق وأعظم الأفعال وأجلّ الفضائل والمناقب ؛ علما وفضلا ، وزهادة وعبادة ، وشجاعة وسخاء ، وسماحة وفصاحة ، ومكارم أخلاق ، وإباء للضيم ، ومقاومة للظلم. وقد جمع إلى كرم الحسب شرف العنصر والنسب ، فهو أشرف الناس أبا وأمّا وجدا وجدة وعمّا وعمة وخالا وخالة وقد جاهد لنيل أسمى المقاصد وأنبل الغايات ، وقام بما لم يقم بمثله أحد قبله ولا بعده ، فبذل نفسه وماله وآله في سبيل إحياء الدين ، وإظهار فضائح المنافقين ، واختار المنية على الدنيّة ، وميتة العزّ على حياة الذل ، ومصارع الكرام على طاعة اللئام. وأظهر من إباء الضيم وعزّة النفس ، والشجاعة والبسالة ، والصبر والثبات ، ما بهر العقول وحيّر الألباب. واقتدى به في ذلك كل من جاء بعده ، حتّى قال القائل :

وإن الألى بالطف من آل هاشم

تأسّوا فسنّوا للكرام التأسّيا

وحقيق بمن كان كذلك ، أن تقام له الذكرى في كل عام ، وتبكي له العيون دما بدل الدموع. وأي رجل في الكون قام بما قام به الحسينعليه‌السلام ؟.

ـ هل يوم عاشوراء يوم فرح أم يوم ترح؟ :(المصدر السابق ص ١٣٩)

وليس أعجب ممن يتخذ يوم عاشوراء يوم فرح وسرور واكتحال ، وتوسعة على العيال ، لأخبار وضعت في زمن الملك العضوض ، اعترف بوضعها النقّاد ، وسنّة سنّها الحجاج بن يوسف ، عدوّ الله وعدو رسوله. وأي مسلم تطاوعه نفسه أو يساعده قلبه على الفرح في يوم قتل ابن بنت نبيّه؟!. وريحانته وابن وصيه؟. وبما ذا يواجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبماذا يعتذر إليه؟. وهو مع ذلك يدّعي محبة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وآله!. ومن شروط المحبة ، الفرح لفرح المحبوب ، والحزن لحزنه!.

٢٥٦

أضف إلى ذلك ما يرجوه المسلم الموحّد المقتدي بنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الأجر والثواب يوم الحساب ، على الحزن والبكاء لقتل الحسينعليه‌السلام . فقد نعاه جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أصحابه ، وبكى لقتله قبل وقوعه ، وبكى له أصحابه رضوان الله عليهم وفيهم أبو بكر وعمر ، فيما رواه الماوردي الشافعي في (أعلام النبوة) ، وروته أئمة أهل البيتعليهم‌السلام ، وروي عنهم بالأسانيد الصحيحة. وأخبر بذلك أمير المؤمنينعليه‌السلام في خروجه إلى صفين ، وبكى وأبكى. وبكى زين العابدينعليه‌السلام على مصيبة أبيه الحسينعليه‌السلام أربعين سنة.

وكان الإمام الصادقعليه‌السلام يبكي لتذكّر مصيبة الحسينعليه‌السلام ويستنشد الشعر في رثائه ويبكي. وكانعليه‌السلام إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا ، وكانت الكآبة تغلب عليه حتّى تمضي عشرة أيام منه ، فإذا كان اليوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه.

وقال الإمام الرضاعليه‌السلام : إن يوم الحسينعليه‌السلام أقرح جفوننا وأسال دموعنا ، وأورثنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء.

وقد حثّواعليهم‌السلام شيعتهم وأتباعهم على البكاء وإقامة الذكرى لهذه الفاجعة الأليمة في كل عام. وهم نعم القدوة وخير من اتّبع ، وأفضل من اقتفي أثره ، وأخذت منه سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فهم أحد الثّقلين اللذين أمرنا باتباعهما والتمسك بهما ، ومثل باب حطّة الّذي من دخله كان آمنا ، ومفاتيح باب مدينة العلم الّذي لا تؤتى إلا منه.

٢٦١ ـ كلام السيد علي جلال الحسيني المصري :

(المصدر السابق ، ص ١٣٠)

وقال السيد علي جلال الحسيني المصري المعاصر ، في كلام له في مقدمة (كتاب الحسين) التقطنا منه هذه الكلمات ، وفيها جملة من صفات الحسينعليه‌السلام واستحسان إقامة الذكرى له ، قال :

إن الأمة التي تعنى بسير عظمائها ، ومن امتاز منها بأمر في الدين ، أو تفرّد بعمل من أعمال الدنيا ، وتعرف أخبارهم ؛ تحفظ تاريخ حياتها وتستفيد منه. والسيد الإمام أبو عبد الله الحسينعليه‌السلام ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وريحانته ، وابن أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، ونشأة بيت النبوة ، له أشرف نسب وأكمل نفس ، جمع

٢٥٧

الفضائل ومكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ؛ من علوّ الهمة ومنتهى الشجاعة وأقصى غاية الجود ، وأسرار العلم وفصاحة اللسان ، ونصرة الحق والنهي عن المنكر وجهاد الظلم ، والتواضع عن عزّ ، والعدل والصبر والحلم ، والعفاف والمروءة والورع وغيرها. واختصّ بسلامة الفطرة وجمال الخلقة ، ورجاحة العقل وقوة الجسم. وأضاف إلى هذه المحامد ، كثرة العبادة وأفعال الخير ، كالصلاة والصوم والحج والجهاد في سبيل الله والإحسان. وكان إذا أقام بالمدينة أو غيرها ، مفيدا بعلمه ، مرشدا بعمله ، مهذّبا بكريم أخلاقه ، مؤدّبا ببليغ بيانه ، سخيّا بماله ، متواضعا للفقراء ، معظّما عند الخلفاء ، مواصلا للصدقة على الأيتام والمساكين ، منتصفا للمظلومين ، مستقلا بعبادته.

مشى من المدينة على قدميه إلى مكة حاجّا خمسا وعشرين مرة [المسافة نحو ٥٠٠ كم]. وعاش مدة يقاتل مع أبيه أصحاب الجمل ، فجنود معاوية ، فالخوارج.فكان الحسينعليه‌السلام في وقته علم المهتدين ونور الأرض ، فأخبار حياته فيها هدى للمسترشدين بأنوار محاسنه ، المقتفين آثار فضله.

ولا شك أن الأمة تنفعها ذكرى ما أصابها من الشدائد في زمن بؤسها ، كما يفيدها تذكّر ما كسبته من المآثر أيام عزها. ومقتل الحسينعليه‌السلام من الحوادث العظيمة ، وذكراه نافعة ، وإن كان حديثه يحزن كل مسلم ، ويسخط كل عاقل.

٢٦٢ ـ من الّذي قتل الحسينعليه‌السلام ؟ :(المصدر السابق ، ص ١٣٢)

ثم قال السيد علي جلال الحسيني غفر الله له :

ومن عجيب أمرهعليه‌السلام أن يقتله شيعته ، ثم يجدّدون الحزن عليه في كل بلاد المسلمين كل عام ، من يوم قتله إلى الآن.

فيردّ عليه العلامة الأمين ردّا ساحقا ، فيقول :

حاش لله أن يكون الذين قتلوا الحسينعليه‌السلام هم شيعته ، بل الذين قتلوه ؛ بعضهم خوارج ، وبعضهم أهل طمع لا يرجعون إلى دين ، وبعضهم أجلاف أشرار ، وبعضهم اتّبعوا رؤساءهم ، الذين قادهم حبّ الدنيا إلى قتاله. ولم يكن فيهم من شيعته ومحبيه أحد.

أما شيعته المخلصون ، فكانوا له أنصارا ، وما برحوا حتّى قتلوا دونه ، ونصروه بكل ما في جهدهم إلى آخر ساعة من حياتهم. وكثير منهم لم يتمكن من نصره ، أو لم

٢٥٨

يكن عالما بأن الأمر سينتهي إلى ما انتهى إليه. أما أن أحدا من شيعته ومحبيه قاتله ، فذلك لم يكن.

وهذه هفوة من هذا السيد الّذي أجاد في أكثر ما كتبه عن الحسينعليه‌السلام في كتابه المذكور ، لكنه تبع في هذا الكلام عن سلامة نيّة ، من يريد عيب الشيعة بكل وسيلة ، ويستنكر تجديد الحزن على الحسينعليه‌السلام في كل عام.

٢٦٣ ـ مصرع الحسينعليه‌السلام عظة وقدوة :(المصدر السابق)

ثم قال السيد علي جلال الحسيني ، ولنعم ما قال :

وكما أن حياة الحسينعليه‌السلام منار المهتدين ، فمصرعه عظة المعتبرين وقدوة المستبسلين. ألم تر كيف اضطره نكد الدنيا إلى إيثار الموت على الحياة ، وهو أعظم رجل في وقته ، ولا نظير له في شرقها ولا في غربها. وأبت نفسه الكريمة الضيم ، واختار السّلّة على الذلة ، فكان كما قال فيه أبو نصر بن نباتة :

والحسين الّذي رأى الموت في العزّ

حياة ، والعيش في الذل قتلا

ومع التفاوت الّذي بلغ أقصى ما يتصور بين فئته القليلة وجيش ابن زياد ، في العدد والعدد والمدد ، فقد كان ثباته ورباطة جأشه وشجاعته ، تحيّر الألباب ، ولا عهد للبشر بمثلها. كما كانت دناءة أخصامه لا شبيه لها.

وما سمع منذ خلق الله العالم ولن يسمع حتّى يفنى ، أفظع من ضرب ابن مرجانة من ابن سميّة ، بقضيب ثغر ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورأسه بين يديه ، بعد أن كان سيد الخلقصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يلثمه.

٢٦٤ ـ العدل الإلهي في مصير الحسينعليه‌السلام ومصير أعدائه :

(المصدر السابق ، ص ١٣٣)

ومن آثار العدل الإلهي ، قتل عبيد الله بن زياد يوم عاشوراء ، كما قتل الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء ، وأن يبعث برأسه إلى علي بن الحسينعليه‌السلام ، كما بعث برأس الحسينعليه‌السلام إلى ابن زياد.

وهل أمهل يزيد بن معاوية بعد الحسينعليه‌السلام إلا ثلاث سنين أو أقل؟. وأي موعظة أبلغ من أن كل من اشترك في دم الحسينعليه‌السلام اقتصّ الله تعالى منه ، فقتل أو نكب؟. وأي عبرة لأولي الأبصار أعظم من كون ضريح الحسينعليه‌السلام حرما معظما ، وقبر يزيد بن معاوية مزبلة؟!.

٢٥٩

٢٦٥ ـ العناية الإلهية بأهل البيتعليهم‌السلام :(المصدر السابق ، ص ١٣٤)

وتأمّل عناية الله في البيت النبوي الكريم ، يقتل أبناء الحسينعليهم‌السلام ولا يترك منهم إلا صبي مريض ، أشفى على الهلاك ؛ فيبارك الله في أولاده ، فيكثر عددهم ويعظم شأنهم. والذين قتلوا مع الحسينعليه‌السلام من أهل بيته رجال ما على وجه الأرض يومئذ لهم شبه.

٢٦٦ ـ شتان ما بين الذهب والرغام! :(المصدر السابق)

ثم يقول : وشتان ما السبط الزكي ، والظالم السكّير ، يزيد القرود والطنابير!.وهل يستوي الفاسق الفاجر والعادل الإمام ، وأين الذهب من الرغام؟. لكن اقتضت الحكمة الإلهية سير الحوادث بخلاف ذلك ، وإذا أراد الله أمرا فلا مردّ له.واقتضت أيضا أن يبقى أثر جهاد الحسينعليه‌السلام على مرّ الدهور ، كلما أرهق الناس الظلم ، تذكّره من ندب نفسه لخدمة الأمة ، فلم يحجم عن بذل حياته متى كانت فيه مصلحة لها.

٢٦٧ ـ من الّذي خذل الحسينعليه‌السلام حيّا وميّتا؟ :

(المصدر السابق ، ص ١٣٥)

ثم قال السيد علي جلال الحسيني :

ومن غريب أمر شيعة الحسينعليه‌السلام أنهم خذلوه حيا ونصروه ميّتا ، فإنهم بعد قتله ندموا على ما فرّطوا في حقه ، وسمّوا أنفسهم (التوابين) ، وقاموا لأخذ ثأره ، فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد!.

فردّ عليه العلامة الأمينرحمه‌الله ، قائلا :

وأعجب منهم عموم أمة جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذين خذلوه حيا وميّتا ، ولم ينصروه ، ولم يستبينوا الرشد ، لا في ضحى الغد ، ولا في غيره!. فمن خذله حيا ثم ندم وتاب وطلب بثأره ، أحسن حالا ممن خذله وبقي مصرّا على ذنبه ، ولم يتب ولم يندم ، وأقام على طاعة أعداء الله. على أن هؤلاء التوابين أكثرهم لم يكن مخلىّ السّرب (أي حرا طليقا) لينصره ، بل كان محجورا عليه من قبل ابن زياد وأتباعه ، وكان لا يمكنه الوصول إليه إلا بشدة.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438