زيارة وتوسّل

زيارة وتوسّل37%

زيارة وتوسّل مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 155

زيارة وتوسّل
  • البداية
  • السابق
  • 155 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 52626 / تحميل: 7635
الحجم الحجم الحجم
زيارة وتوسّل

زيارة وتوسّل

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

« من زارني بعد موتي فكأنّما زارني في حياتي » .

رواه الدارقطني عن أبي عبيد، والقاضي أبي عبدالله، وابن مخلّد، قالوا: ثنا محمد بن الوليد البسري، ثنا وكيع، ثنا خالد بن أبي خالد وأبو عون، عن الشعبي والأسود بن ميمون، عن هارون بن قزعة، عن رجل من آل حاطب، عن حاطب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من زارني بعد موتي فكأنّما زارني في حياتي، ومن مات بأحد الحرمين بُعثَ من الآمنين يوم القيامة » (١) .

وهكذا رواه البيهقي في ( السنن ) و ( شعب الإيمان ) والشوكاني في ( نيل الأوطار ) (٢) .

وقد جاء الحديث بهذا الإسناد المضاعف في كثير من مراتبه، معرّفاً بالرجل من آل حاطب، أخرجه ابن عساكر بالإسناد نفسه: ثنا وكيع بن الجراح، عن خالد وابن عون، عن هارون بن قزعة مولىٰ حاطب، عن حاطب (٣) .

وعن هذا الحديث قال الذهبي: إنّه أجود أحاديث الزيارة إسناداً. وأقرّه السخاوي في « المقاصد الحسنة » والسيوطي في « الدرر المُنتثرة » (٤) .

والثاني: حديث الإمام علي عليه‌السلام أيضاً: أخرجه أبو الحسين يحيىٰ بن الحسن ابن جعفر الحسيني في كتاب « أخبار المدينة » قال: ثنا محمد بن إسماعيل، حدَّثني أبو أحمد الهمداني، ثنا النعمان بن شبل، ثنا محمد بن الفضل سنة ست وسبعين، عن جابر، عن محمد بن علي، عن علي عليه‌السلام ، قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من زار

_________________________________

(١) سنن الدارقطني ٢: ٢٨٧ / ١٩٣.

(٢) السنن الكبرىٰ ٥: ٢٤٥، شعب الإيمان ٣: ٤٨٨، نيل الأوطار ٥: ١٠٨.

(٣) مختصر تاريخ دمشق / ابن منظور ٢: ٤٠٦.

(٤) المقاصد الحسنة: ٤١٣، الدرر المُنتثرة: ١٧٣، شفاء السقام الطبعة الرابعة المحقّقة: ١٠٣ هامش ٣.

٤١

قبري بعد موتي فكأنّما زارني في حياتي، ومن لم يزرني فكأنّما جفاني » (١) .

فالحديث شاهد قوي للأول، وإنّما جاءه ضعف الإسناد من النعمان ابن شبل.

الثالث: حديث أبي هريرة: عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال: « من زارني بعد موتي فكأنّما زارني وأنا حي، ومن زارني كنت له شهيداً وشفيعاً يوم القيامة » (٢) .

وفي الباب ما أخرجه أبو داود بإسناده عن سوار بن ميمون، عن رجل من آل عمر، عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: « من زار قبري » أو قال: « من زارني كنت له شفيعاً » أو قال: « شهيداً » الحديث (٣) .

وأخرجه الدارقطني والبيهقي أيضاً (٤) .

وسوار بن ميمون روىٰ عنه شعبة، ورواية شعبة عنه دليل علىٰ وثاقته عنده، كما هو الأصل عند شعبة.

بقي الكلام في جهالة « رجل من آل عمر » والأمر فيه - كما يقول السبكي - قريب، لا سيما في هذه الطبقة التي هي طبقة التابعين (٥) .

ومن طريق آخر: ثنا هارون بن قزعة، عن رجل من آل الخطاب، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: « من زارني متعمداً كان في جواري يوم القيامة » .

أخرجه البيهقي في « شعب الإيمان » والعقيلي في « الضعفاء الكبير ».

_________________________________

(١) عن شفاء السقام: ٣٩ الحديث الرابع عشر، وأخرجه عبدالملك النيسابوري الخركوشي في شرف المصطفىٰ: ٤٢١ و ٤٦٦.

(٢) شفاء السقام: ٣٥ - ٣٦ الحديث العاشر.

(٣) سنن أبي داود ١: ١٢.

(٤) سنن الدارقطني ٢: ٢٧٨ / ١٩٣، السنن الكبرىٰ / البيهقي ٥: ٢٤٥.

(٥) شفاء السقام: ٣٠.

٤٢

وهارون بن قزعة ذكره ابن حبان في الثقات (١) . وحين ذكره العقيلي في الضعفاء لم يزد عن أن نقل فيه قول البخاري: لا يتابع عليه (٢) .

وقد قيل إنّ في هذا الإسناد تصحيفاً، فهو « رجل من آل حاطب » (٣) . كالذي أوردناه أولاً عن الدارقطني من رواية هارون بن قزعة نفسه عن رجل من آل حاطب، عن حاطب.

الحديث الثالث:

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من زارني بالمدينة محتسباً كنت له شفيعاً وشهيداً » .

من حديث أنس بن مالك، أخرجه ابن أبي الدنيا والبيهقي وابن الجوزي والشوكاني وغيرهم.

قال ابن أبي الدنيا: حدّثني سعيد بن عثمان الجرجاني، ثنا محمد بن إسماعيل ابن أبي فديك، أخبرني أبو المثنىٰ سليمان بن يزيد الكعبي، عن أنس بن مالك، أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: « من زارني بالمدينة محتسباً كنت له شفيعاً وشهيداً يوم القيامة » وفي رواية: « كنت له شهيداً » أو قال: « شفيعاً » .

نقل ابن الجوزي حديث ابن أبي الدنيا هذا في كتابه « مثير العزم الساكن إلىٰ أشرف الأماكن » ومن خطه نقله السبكي (٤) .

_________________________________

(١) الثقات / ابن حبان ٧: ٥٨٠.

(٢) الضعفاء الكبير ٤: ٣٦١ رقم ١٩٧٣.

(٣) انظر: شفاء السقام: ٣٢.

(٤) شفاء السقام: ٣٦ - ٣٧ - الحديث الحادي عشر.

٤٣

وأخرجه البيهقي بإسناده ويلتقي مع الأول في إسماعيل بن أبي فديك، عن سليمان بن يزيد الكعبي، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من مات في أحد الحرمين بُعثَ من الآمنين يوم القيامة، ومن زارني محتسباً إلىٰ المدينة كان في جواري يوم القيامة » (١) .

وللحديث إسناد آخر، فيه: أبو عوانة موسىٰ بن يوسف القطّان، ثنا عباد بن موسىٰ الختلي، ثنا ابن أبي فديك، عن سليمان بن يزيد الكعبي عن أنس بن مالك، مطابقاً للنصّ الأول.

فدارت الطرق الثلاثة علىٰ ابن أبي فديك، وسليمان بن يزيد الكعبي، فأمّا سليمان الكعبي، وهو التابعي الراوي عن أنس، فقد طعن عليه أبو حاتم الرازي، فقال: منكر الحديث، ليس بقويّ، غير أن ابن حبان ذكره في الثقات (٢) .

وأمّا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك فهو مجمع علىٰ وثاقته (٣) .

ومن هنا فإنّ هذا الحديث لا يهبط عن درجة الحسن الغريب.

وله بعد ذلك شواهد، منها:

١ - حديث الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام بإسناده، قال: قال رسول الله عليه‌السلام : « من أتاني زائراً كنت شفيعه يوم القيامة » (٤) .

٢ - حديث ابن عبّاس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: « من زارني في مماتي كان كمن زارني

_________________________________

(١) شعب الإيمان ٣: ٤٩٠ / ٤١٥٨. ونيل الأوطار / الشوكاني ٥: ١٠٩، والتاج الجامع للاَصول ٢: ١٩٠.

(٢) الثقات / ابن حبّان ٦ / ٣٩٥.

(٣) روىٰ عنه الشافعي وأحمد والحميدي وغيرهم من هذه الطبقة، وأخرج حديثه الستة. ( تهذيب التهذيب ٩: ٥٢ / ٦٢ ).

(٤) الكافي / الكليني ٤: ٥٤٨ / ٣ كتاب الحج، أبواب الزيارات، باب زيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٤٤

في حياتي، ومن زارني حتىٰ ينتهي إلىٰ قبري كنت له يوم القيامة شهيداً - أو قال - شفيعاً » ، أخرجه العقيلي (١) .

٣ - حديث ابن عمر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: « من زارني إلىٰ المدينة كنت له شهيداً - أو - شفيعاً » . أخرجه الدارقطني في السنن (٢) .

الحديث الرابع:

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من حجّ فزار قبري بعد وفاتي، فكأنّما زارني في حياتي » . أخرجه الدارقطني في « السنن » من حديث مجاهد عن ابن عمر (٣) ، وبالإسناد نفسه أخرجه: البيهقي والطبراني، وأبو يعلىٰ، وابن عساكر، والشوكاني (٤) ، كلُّهم بالإسناد عن: أبي الربيع الزهراني، عن حفص بن أبي داود، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وليس في أحد من رجال إسناد هذا الحديث من كلام، فأمّا حفص بن أبي داود، وهو حفص بن سليمان القارىء صاحب القراءة المعتمدة عند سائر المسلمين، والمعروفة بـ « قراءة حفص عن عاصم » فهو أخص الناس بعاصم بن أبي النجود شيخ أصحاب القراءات.

وقد مال بعض أهل الجرح والتعديل إلىٰ تضعيف عاصم في الرواية، وهو أمر

_________________________________

(١) الضعفاء الكبير / العقيلي ٣: ٤٥٧.

(٢) سنن الدارقطني ٢: ٢٧٨ / ١٩٤.

(٣) سنن الدارقطني ٢: ٢٧٨ / ١٩٢.

(٤) السنن الكبرىٰ / البيهقي ٥: ٢٤٦، المعجم الكبير ١٢: ٣١٠ / ١٣٤٩٧، مختصر تاريخ دمشق ٢: ٤٠٦، نيل الأوطار ٥: ١٠٨.

٤٥

مستغرب، إذ كيف اعتمدوا بكل اطمئنان وبالإجماع، راويته لقراءة القرآن كلّه عن عاصم، ثمَّ يعدّونه في الضعفاء في رواية الحديث؟!

فقد ذكره ابن عدي في الضعفاء، قال البيهقي بعد أن أخرج الحديث: تفرّد به عاصم، وهو ضعيف.

وضعّفه ابن حبّان أيضاً (١) .

وهنا مسألتان:

الأولىٰ: إنّ الضعف المنسوب إلىٰ حفص بن سليمان لا يتجاوز حدود الضبط، أو الرواية عن الضعفاء، لكنه قد أسند هذا الحديث إلىٰ ثقات مجمع علىٰ وثاقتهم عند أهل الجرح والتعديل: ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عمر. وبه تزول الشبهة الثانية، أمّا الأولىٰ فإنّها مهما بلغت فلا تصل إلىٰ درجة الكذب والوضع، كيف وقد أجمعوا علىٰ قبول روايته قراءة عاصم وأطبقت عليه الأمّة؟

والمسألة الثانية: إنّ ابن حبّان ذكر رجلين باسم حفص بن سليمان، أحدهما المقرىء وهو هذا، والآخر حفص بن سليمان، وهو ابن أبي داود المذكور في الأسناد، وهو ثقة ثبت.

قال السبكي: فإن صحّ مقتضىٰ كلام ابن حبّان زال الضعف المذكور (٢) .

ثمَّ إنّ هذا التضعيف الوارد في حفص المقرىء مردود مرّةً أخرىٰ، بغير الإجماع علىٰ أخذ قراءته، فقد دفع عنه الضعف أحمد بن حنبل في روايتين عنه:

- قال عبدالله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي عن حفص بن سليمان المنقري - وهو

_________________________________

(١) الكامل في الضعفاء ٣: ٧٨٩ - ٧٩٠، السنن الكبرىٰ ٥: ٢٤٦، المجروحين / ابن حبّان ٢: ٢٥٠.

(٢) شفاء السقام: ٢٤ - ٢٥.

٤٦

المقرىء - فقال: هو صالح.

- وقال حنبل بن إسحاق: قال أبو عبدالله ( أحمد بن حنبل ): ما كان بحفص بن سليمان المنقري بأس (١) .

وللحديث متابعات:

لم يتفرّد حفص بهذا الحديث كما وهمه البيهقي، فقد ورد الحديث عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد عن ابن عمر من طريق آخر عن سبط ليث بن أبي سليم وزوجته: قال سبطه الليث ابن بنت الليث بن أبي سليم: حدّثتني جدّتي عائشة بنت يونس امرأة الليث، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من زار قبري بعد موتي كان كمن زارني في حياتي » (٢) .

وبهذه الرواية يزول كل ضعف ينسب إلىٰ الحديث، والاختلاف الوارد في اللفظ بين: « من حجّ فزار قبري » كما في رواية حفص، وبين « من زار قبري » لا تمس في دلالة الحديث علىٰ استحباب زيارة قبره الشريف وفضيلتها، والنص بعدها متطابق تماماً.

وللحديث شواهد، منها:

١ - حديث النعمان بن شبل، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من حجّ البيت ولم يزرني فقد جفاني » ، ذكره ابن عدي وقال: لا

_________________________________

(١) شفاء السقام: ٢٥.

(٢) أخرجه: الطبراني في المعجم الكبير ١٢: ٤٠٦ / ١٣٤٩٦، وفي حاشية أخرجه المحقق عن المعجم الأوسط أيضاً: ١: ٢٠١ / ١٥٧.

٤٧

أعلم رواه عن مالك غير النعمان بن شبل، ولم أرَ في أحاديثه ( يعني عن مالك ) حديثاً غريباً قد جاوز الحد فأذكره (١) .

وأخرجه الدارقطني في ( أحاديث مالك بن أنس الغرائب التي ليست في الموطّأ ) وهو كتاب ضخم (٢) .

وهكذا تتعاضد الأحاديث، وفيها صحاح وحسان بملاحظة المتابعات والشواهد، في الدلالة علىٰ استحباب زيارة قبر سيد المرسلين صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلىٰ ما فيها من فضل كبير.

٢ - حديث الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام : رواه الكليني، عن علي بن محمد بن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبي حجر الأسلمي، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من أتىٰ مكة حاجّاً ولم يزرني إلىٰ المدينة جفوته يوم القيامة، ومن أتاني زائراً وجبت له شفاعتي، ومن وجبت له شفاعتي وجبت له الجنّة، ومن مات في أحد الحرمين، مكة والمدينة (٣) ، لم يعرض ولم يحاسَب، ومن مات مهاجراً إلىٰ الله عزّوجل حُشر يوم القيامة مع أصحاب بدر » (٤) .

وعنه روىٰ الشيخ الطوسي في ( التهذيب ) شطر الحديث، بالإسناد نفسه عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من أتىٰ مكة حاجّاً ولم يزرني في المدينة جفوته يوم القيامة، ومن أتاني زائراً وجبت له شفاعتي، ومن وجبت

_________________________________

(١) الكامل لابن عدي: ٧ رقم ٢٤٨٠ ترجمة النعمان بن شبل.

(٢) شفاء السقام: ٢٧ - ٢٨ الحديث الخامس.

(٣) أي وهو يؤدّي مناسك الحجّ قربة إلىٰ الله تعالىٰ.

(٤) الكافي / الكليني ٤: ٣٤٨ / ٥.

٤٨

له شفاعتي وجبت له الجنّة » (١) .

وروىٰ الطوسي متابعاً له: عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبان، عن السندي، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال: قال رسول الله عليه‌السلام : « من أتاني زائراً كنت شفيعه يوم القيامة » (٢) .

في حديث أهل البيت عليهم‌السلام

بعد أن قرأنا جملةً من الحديث النبوي الشريف في زيارة القبر الشريف، نقرأ في حديث أهل البيت عليهم‌السلام بعض ما جاء في زيارته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمّ بعض ما جاء في زيارتهم عليهم‌السلام .

أوّلاً: في زيارة قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاصة:

١ - حديث الإمام عليٍّ عليه‌السلام :

قال الإمام علي عليه‌السلام : « من زار قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان في جواره » (٣) .

- وفي حديث مرفوع إلىٰ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما يشهد لهذا الحديث ويوافقه:

رواه الشيخ الطوسي، عن محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيىٰ، عن سلمة، عن علي بن سيف بن عميرة، عن طفيل بن مالك النخعي، عن إبراهيم بن أبي يحيىٰ، عن صفوان بن سليمان، عن أبيه، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: « من زارني في حياتي

_________________________________

(١) تهذيب الأحكام ٦: ٤ / ٥.

(٢) تهذيب الأحكام ٦: ٤ / ٤.

(٣) نيل الأوطار / الشوكاني ٥: ١٠٩، مختصر تاريخ دمشق / ابن منظور ٢: ٤٠٦.

٤٩

وبعد موتي، كان في جواري يوم القيامة » (١) .

٢ - حديث الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام :

رواه الشيخ الطوسي بالإسناد عن الحسن بن الجهم، عن الإمام أبي الحسن الكاظم عليه‌السلام قال: « جاء الإمام الصادق عليه‌السلام يوم عيد الفطر إلىٰ قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فسلم عليه، ثمَّ قال: قد فَضَلْنا الناس اليوم بسلامنا علىٰ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (٢) .

٣ - وحديثه عليه‌السلام : « مرّوا بالمدينة فسلِّموا علىٰ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قريب، وإن كانت الصلاة تبلغه من بعيد » (٣) .

٤ - وحديثه عليه‌السلام : « صلّوا إلىٰ جانب قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإن كانت صلاة المؤمنين تبلغه أينما كانوا » (٤) .

وقوله عليه‌السلام في أول الحديث: « صلّوا » يريد الصلاة علىٰ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بقرينة ما بعدها.

٥ - حديث الإمام الكاظم عليه‌السلام :

رواه الشيخ الطوسي مسنداً، قال: أتىٰ هارون المدينة المنورة ومعه عيسى بن

_________________________________

(١) تهذيب الأحكام ٦: ٣ / ٢.

(٢) تهذيب الأحكام ٦: ١٧ - ١٨ / ١٩.

(٣) الكافي ٤: ٥٥٣ / ٧، تهذيب الأحكام ٦: ٧ / ٤.

(٤) الكافي ٤: ٥٥٢ / ٥.

٥٠

جعفر، فاستدعىٰ الإمام موسىٰ الكاظم لصحبته، فقصدوا قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتقدم هارون فسلّم عليه وقال: « السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا ابن عمّ » فتقدم الإمام الكاظم فقال: « السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبه، أسأل الله الذي اصطفاك واجتباك وهداك وهدى ٰ بك أن يصلّي عليك » فقال هارون لعيسىٰ: سمعتَ ما قال! قال: نعم، قال هارون: أشهد أنّه أبوه حقّاً (١) .

٦ - حديث الإمام الجواد عليه‌السلام :

قال الشيخ الطوسي: محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن يحيىٰ العطار، عن محمد بن أحمد بن يحيىٰ، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نجران، قال: سألت أبا جعفر الثاني عليه‌السلام عمن زار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قاصداً، قال: « له الجنّة » (٢) .

وسيأتي في « آداب الزيارة » عنهم عليهم‌السلام ما يستدل به أيضاً علىٰ استحباب زيارة قبره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحثهم عليها وتذكيرهم بفضيلتها.

ثانياً: في زيارة مراقدهم عليهم‌السلام :

في حديث أهل البيت عليهم‌السلام من الحث علىٰ زيارة مراقدهم والترغيب فيها والتذكير بحكمتها وعوائدها ما يغني المحتاج، وهذه طائفة منتخبة منها:

١ - من حديث الإمام علي عليه‌السلام : رواه الشيخ الطوسي عن محمد بن أحمد بن داود،

_________________________________

(١) تهذيب الأحكام ٦: ٦ / ٣، تاريخ بغداد ١٣: ٣١، وفيات الأعيان ٥: ٣٠٩، سير أعلام النبلاء ٦: ٢٧٣.

(٢) تهذيب الأحكام ٦: ١٤ / ٩.

٥١

عن محمد بن علي بن الفضل، قال: أخبرني الحسين بن محمد الفرزدق، قال: حدَّثنا علي بن موسىٰ بن الأحول، قال: حدَّثنا محمد بن أبي السري إملاءً، قال: حدَّثني عبدالله بن محمد البلوي، قال: حدَّثني عمارة بن زيد، عن أبي عامر الساجي واعظ أهل الحجاز، قال: أتيت أبا عبدالله جعفر بن محمد عليه‌السلام فقلت له: يا ابن رسول الله ما لمن زار قبر أمير المؤمنين وعمَّر تربته؟

قال: « يا أبا عامر، حدّثني أبي عن أبيه عن جدّه الحسين بن علي عليه‌السلام : انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال له: والله لتقتلنّ بأرض العراق وتدفن بها، فقلت: يا رسول الله، ما لمن زار قبورنا وعمرها وتعاهدها؟ فقال لي: يا أبا الحسن، إنّ الله جعل قبرك وقبر وُلدِك بقاعاً من بقاع الجنّة، وعرصة من عرصاتها، وانّ الله جعل قلوب نجباء من خلقه وصفوته من عباده تحنّ إليكم، وتحتمل المذلّة والأذى ٰ فيكم، فيعمرون قبوركم ويكثرون زيارتها تقرّباً منهم إلىٰ الله، [ و ] مودّةً منهم لرسوله، أولئك - يا علي - المخصوصون بشفاعتي، والواردون حوضي، وهم زواري غداً في الجنّة... » الحديث (١) .

ولعل في هذا الإسناد ضعف من جهة البلوي وعمارة بن زيد، ولكن في الأحاديث التالية ما يعضده ويقويه..

٢ - من حديث الإمام الحسن السبط عليه‌السلام : عن سعد بن عبدالله الأشعري، عن أحمد ابن محمد بن عيسىٰ، عن محمد بن خالد البرقي، عن القاسم بن يحيىٰ، عن جدّه الحسن بن راشد، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله الصادق عليه‌السلام ، قال: « بينا الحسن بن علي عليه‌السلام في حجر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ رفع رأسه فقال: يا

_________________________________

(١) تهذيب الأحكام ٦: ٢٢ / ٧.

٥٢

أبه، ما لمن زارك بعد موتك؟ فقال: يا بني، من أتاني زائراً بعد موتي فله الجنّة، ومن أتىٰ أباك زائراً بعد موته فله الجنّة، ومن أتىٰ أخاك زائراً بعد موته فله الجنّة، ومن أتاك زائراً بعد موتك فله الجنّة » (١) .

وفي إسناد هذا الحديث ثلاثة هم من كبار أئمة الحديث وحفاظه ونقاده: الأول طرف الإسناد الأقصى، عبدالله بن سنان، والثاني والثالث، هما طرفه الأدنى، سعد ابن عبدالله الأشعري، وأحمد بن محمد بن عيسىٰ.

وأمّا ما جاء في تضعيف محمد بن خالد البرقي، فليس بقادح فيه بعد العلم بما أقرّوا به من منزلة البرقي في العلم والأدب والمعرفة بالأخبار وعلوم العرب (٢) ، هذا أولاً، وثانياً بعد معرفة أنّ أحمد بن محمد بن عيسىٰ لا يروي عن رجل متهم، ولا يتساهل في الرواية عن الضعفاء والمتهمين، فكان لا يروي إلّا عمّن يعتقد وثاقته. وهو يعدّ شيخ القميين ووجههم وفقيههم، غير مدافع (٣) .

ومن أجل هذا أيضاً يشفع الضعف المروي في الحسن بن راشد (٤) .

وبعد هذا فالحديث مشفوع بالحديث الآتي أيضاً، وهو مطابق له متناً.

٣ - من حديث الإمام الحسين السبط عليه‌السلام : محمد بن أحمد بن داود، عن محمد بن الحسن الكوفي، قال: حدَّثنا محمد بن علي بن معمر، قال: حدّثنا محمد بن مسعدة، قال: حدّثني عبدالرحمن بن أبي نجران، عن علي بن شعيب، عن أبي عبدالله الصادق عليه‌السلام ، قال: « بينا الحسين عليه‌السلام قاعدٌ في حجر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

_________________________________

(١) تهذيب الأحكام ٦: ٢٠ / ١، و ٤٠ / ١.

(٢) انظر: رجال النجاشي: ٣٣٥ / رقم ٨٩٨.

(٣) انظر: رجال النجاشي: ٨١ - ٨٢ رقم ١٩٨.

(٤) رجال النجاشي: ٣٨ رقم ٧٦.

٥٣

ذات يوم، إذ رفع رأسه إليه فقال: يا أبه، قال: لبيك يا بني، قال: ما لمن أتاك بعد وفاتك زائراً لا يريد إلّا زيارتك؟ قال: يا بني، من أتاني بعد وفاتي زائراً لا يريد إلّا زيارتي فله الجنّة، ومن أتىٰ أباك بعد وفاته زائراً لا يريد إلّا زيارته فله الجنّة، ومن أتىٰ أخاك بعد وفاته زائراً لا يريد إلّا زيارته فله الجنّة، ومن أتاك بعد وفاتك زائراً لا يريد إلّا زيارتك فله الجنّة » (١) .

٤ - من حديث الإمام الباقر عليه‌السلام : محمد بن أحمد بن داود، عن الحسن بن محمد بن أحمد بن الوليد، قال: حدّثنا الحسن بن متيل الدقاق وغيره من الشيوخ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، قال: حدّثني الحسن بن علي بن فضّال، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال: « مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين عليه‌السلام ، فإنّ إتيانه يزيد في الرزق، ويمد في العمر، ويدفع مدافع السوء. وإتيانه مفترض علىٰ كل مؤمن يقرّ له بالإمامة من الله » (٢) .

٥ - من حديث الإمام الصادق عليه‌السلام : محمد بن أحمد بن داود، عن الحسن بن محمد ابن علان، عن حميد بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يزيد، عن علي ابن الحسن، عن عبدالرحمن بن كثير، قال: قال أبو عبدالله عليه‌السلام : « لو أن أحدكم حجّ دهره ثمَّ لم يزر الحسين بن علي عليهما‌السلام لكان تاركاً حقّاً من حقوق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأنّ حق الحسين عليه‌السلام فريضة من الله تعالىٰ واجبة علىٰ

_________________________________

(١) تهذيب الأحكام ٦: ٢١ / ٥، و ٤٠ / ٢.

(٢) تهذيب الأحكام ٦: ٤٢ / ١.

٥٤

كل مسلم » (١) .

ولا ريب في أن تكون لزيارة الإمام الحسين عليه‌السلام مثل هذه المزية، ذلك أنّ للحسين عليه‌السلام خصوصية فريدة، في دوره الفريد في تاريخ الإسلام، فلقد كان في حركته العظمىٰ من أجل إحياء الدين وكشف أسطورة السلاطين العابثين، تجسيداً حياً للفاروق الأعظم الذي لم يدع برزخاً بين الولاء الحق لرسالة السماء الصافية، وبين التحايل علىٰ الدين لدىٰ طائفة الحكام وحواشيهم، والذل والخنوع والرضا بالدون لدى سائر الناس.. لذا فإنّ زيارته التي تستحضر هذا البعد الأساس، هي مصداق الولاء لله ولرسوله ولأوليائه ولدينه الحنيف، من ناحية، ومصداق البراءة من سلاطين الجور وشياطين الأنس من ناحية أخرىٰ.

ومن هنا أكثر أئمة أهل البيت عليهم‌السلام من الحث علىٰ زيارته، وافرادها بفضائل خاصة قد لا نجد نظيرها في ما ورد في زيارة غيره من الأئمة عليهم‌السلام (٢) .

ونجد البعد الأساس في الزيارة المتمثل في الاعتراف بالحق وتجديد العهد وأداء الأمانة، صريحاً في حديث الإمام الرضا عليه‌السلام الآتي:

٦ - من حديث الإمام علي بن موسىٰ الرضا عليه‌السلام : محمد بن أحمد بن داود، عن أبيه، قال: حدّثنا محمد بن السندي، عن أحمد بن إدريس، عن علي بن الحسين النيسابوري، عن عبدالله بن موسىٰ، عن الحسن بن علي الوشاء، قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام يقول: « إنّ لكل إمام عهداً في عنق أوليائهم وشيعتهم، وإنّ من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء، زيارة قبورهم، فمن زارهم رغبة

_________________________________

(١) تهذيب الأحكام ٦: ٤٢ / ٢.

(٢) انظر: تهذيب الأحكام ٦: ٤٢ - ٥٢ باب ١٦.

٥٥

في زيارتهم وتصديقاً لما رغبوا فيه، كان أئمتهم شفعاءهم يوم القيامة » (١) .

هذه هي فلسفة الزيارة في أوجز عبارة.

_________________________________

(١) تهذيب الأحكام ٦: ٧٨ - ٧٩.

٥٦

الفصل الثالث

الزيارة في تراث السلف

إذا كانت مفردة « السلف » تتسع لأجيال عديدة، بل هي لغوياً تمتد منذ جيل الآباء صعوداً حتىٰ عهد الرسالة، فإنّنا نقتصر منها هنا علىٰ الطبقات العليا، وتحديداً حتىٰ منتصف القرن الثالث، لتشمل عهد الرسالة وعهود الصحابة وأئمة أهل البيت عليهم‌السلام والتابعين وأئمة الحديث والفقه انتهاءً بأئمة المذاهب الأربعة. هذه الطبقات التي عاصرت السنن رواية وتدويناً وأسست للفقه وسائر علوم الدين، وإليها ينتهي احتجاج المسلمين بطوائفهم كافة، لنرىٰ كيف كانت زيارة قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقبور الأولياء والصالحين تمثل جزءاً من ثقافة الأمّة الأصيلة علىٰ امتداد تلك الطبقات. وليس غرضنا فيه الاستقصاء، بل الاكتفاء بما فيه إثبات المطلوب.

وقبر حمزة كان مزاراً للصالحين من الصحابة والتابعين.. وقبر الكاظم موسىٰ مقصداً لمن أدرك وفاته وعاش بعده.. وقبر الرضا علي بن موسىٰ كان ملاذاً لأهل العلم والصالحين مذ كان القبر.. كل ذلك سنقرأه لاحقاً.. ونقرأ أنّ قبر أبي حنيفة كان ملاذاً للشافعي، يأتيه كل يوم، داعياً ومستشفعاً ومتوسّلاً.. وأنّ

٥٧

قبر معروف الكرخي ( المتوفى ٢٠٠ هـ ) كان عندهم ( الترياق المجرّب ) يقصده المحتاج والمكروب من كل مكان.

ونقرأ عند الغزالي والنووي والفاخوري وآخرين: أنّ الزائر حين يودّع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويفرغ من زيارته، يستحب له أن يخرج كل يوم إلىٰ البقيع، ويخصّ يوم الجمعة، يأتي المشاهد والمزارات، فيزور العباس، ومعه الحسن بن علي، وزين العابدين، وابنه محمد الباقر، وابنه جعفر الصادق، ويزور أمير المؤمنين عثمان، وقبر إبراهيم ابن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وجماعة من أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعمته صفية، وكثيراً من الصحابة والتابعين..

ويقول: سلام عليكم بما صبرتم، فنعمىٰ عقبىٰ الدار، سلام عليكم، دار قوم مؤمنين، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون.

ويقرأ آية الكرسي وسورة الإخلاص.

أو يقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، أنتم السابقون، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون.. اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنَّا بعدهم، واغفر لنا ولهم (١) .

والآن إلىٰ نماذج من فعل السلف في طبقاتهم الأولىٰ:

أولاً - في عهد الصحابة:

١ - الزهراء البتول عليها‌السلام تزور قبر أبيها المصطفىٰ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

من حديث الإمام علي عليه‌السلام : « لمّا رُمِس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، جاءت فاطمة،

_________________________________

(١) الغدير / الأميني ٥: ٢٣٣ - ٢٣٤ - تحقيق مركز الغدير - عن ( وفاء الوفاء ) للسمهودي ٤: ١٤١٠.

٥٨

فوقفت علىٰ قبره، وأخذت قبضة من تراب القبر ووضعته علىٰ عينيها، وبكت، وأنشأت تقول:

ماذا علىٰ مَن شمَّ تربةَ أحمـدٍ

أن لا يشُمَّ مـدىٰ الزمان غواليا

صُبَّت عليَّ مصائـب لو أنّها

صُبَّت علىٰ الأيـام عُدنَ لياليا (١)

٢ - أعرابي يزور قبر المصطفىٰ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

من حديث علي عليه‌السلام : قدم علينا أعرابي بعد ما دفنّا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بثلاثة أيام، فرمىٰ بنفسه علىٰ قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحثا من ترابه علىٰ رأسه، وقال: يا رسول الله، قلتَ فسمعنا قولك، ووعيت عن الله سبحانه فوعينا عنك، وكان في ما أُنزل عليك: ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ) وقد ظلمت نفسي، وجئتك تستغفر لي، فنودي من القبر « قد غُفر لك » (٢) .

٣ - عمر يزور قبر غريمه

أخرج المحب الطبري حديثاً طويلاً في ما اتفق بالأبواء بين عمر وقد خرج حاجاً في نفر من أصحابه، وبين شيخ استغاث به هناك، فلما انصرف عمر من حجّه ونزل ذلك المنزل، استخبر عن الشيخ، فقيل له إنّه قد مات. فوثب عمر

_________________________________

(١) السيرة النبوية / ابن سيد الناس ٢: ٤٣٢، السيرة النبوية / زيني دحلان ٢: ٣١٠، إرشاد الساري / القسطلاني ٣: ٣٥٢، أعلام النساء / عمر رضا كحّالة ٤: ١١٣.

(٢) وفاء الوفا / السمهودي ٤: ١٣٩٩، المواهب اللدنية / القسطلاني ٤: ٥٨٣.

٥٩

مسرعاً، مباعداً بين خطاه، حتىٰ وقف علىٰ قبره، فصلّىٰ عليه، ثمَّ اعتنقه وبكىٰ (١) .

فقد هبَّ عمر مسرعاً لزيارة قبر شخص بعينه، ثمَّ اعتنقه وبكىٰ، أما الصلاة المذكورة فالمراد بها الدعاء، وهو الظاهر، وقد يُراد بها الصلاة علىٰ الميت.

٤ - بلال يزور قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أيام عمر

سأل بلالُ عمرَ أن يقرّه بالشام، قال: وأخي أبو رويحة الذي آخىٰ بيني وبينه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ففعل ذلك عمر. ثمَّ إنّ بلالاً وهو بالشام رأىٰ في منامه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يقول له: « ما هذه الجفوة يا بلال! أما آن لك أن تزورني يا بلال؟ » فانتبه حزيناً وجلاً، فركب راحلته وقصد المدينة، فأتىٰ قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجعل يبكي عنده ويمرّغ وجهه عليه. فأقبل الحسن والحسين عليهما‌السلام فجعل يضمّهما ويقبّلهما. فقالا له: نشتهي نسمع أذانك الذي كنت تؤذن به لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكان بلال قد ترك الأذان بعد وفاة رسول الله، فاستجاب لهما، فعلا سطح المسجد، فوقف موقفه الذي كان يقف فيه. فلما أن قال: « الله أكبر، الله أكبر » ارتجت المدينة.. فلما قال: « أشهد أن لا إله إلّا الله »، ازدادت رجّتها بأهلها، فلما أن قال: « أشهد أنّ محمّداً رسول الله » خرجت حتىٰ العواتق من خدورهن، وقالوا: أبُعِثَ رسول الله؟! فما رئي يوم أكثر باكياً وباكيةً بالمدينة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ذلك اليوم (٢) .

ولهذا الخبر إسناد جيد، نذكره لتشكيك منكري شد الرحال للزيارة فيه، اتّباعاً

_________________________________

(١) الرياض النضرة ٢: ٣٣٠.

(٢) اُسد الغابة ١: ٣٠٧ - ٣٠٨، ترجمة بلال بن رباح، وأخرجه ابن عساكر في ترجمة بلال أيضاً، وفي ترجمة إبراهيم بن محمد الأنصاري، انظر: مختصر تاريخ دمشق ٤: ١١٨ و ٥: ٢٦٥، وتهذيب الكمال ٤: ٢٨٩ / ٧٨٢.

٦٠

ورواه الكلينيُّ والشيخ كما يأتي(١) .

[ ٣٥١٥٢ ] ٦ - وبإسناده عن محمّد بن الفضيل، عن الرضا( عليه‌السلام ) قال: سألته عن لصّ دخل على امرأة وهي حبلى فقتل ما في بطنها، فعمدت المرأة إلى سكّين فوجأته بها فقتلته، فقال: هدر دم اللصّ.

[ ٣٥١٥٣ ] ٧ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر، عن آبائه، قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من شهر سيفاً فدمه هدر.

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك في الدفاع(٢) والجهاد(٣) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٤) .

٢٣ - باب أن من أراد الزنا بامرأة فدفعته عن نفسها فقتلته فلا شيء عليها من قصاص ولا دية

[ ٣٥١٥٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد. وعن عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعاً، عن الحسن بن محبوب، عن عبدالله بن سنان، قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول في رجل أراد امرأة على نفسها حراماً فرمته بحجر فأصابت منه مقتلاً، قال: ليس عليها شيء فيما بينها وبين الله عزَّ وجلَّ وإن قدمت إلى إمام عادل أهدر دمه.

____________________

(١) يأتي في الحديثين ٢ و ٣ من الباب ٢٣ من هذه الابواب.

٦ - الفقيه ٤: ١٢٢ / ٤٢٣.

٧ - التهذيب ١٠: ٣١٥ / ١١٧٤.

(٢) تقدم في الابواب ١ و ٢ و ٣ و ٥ و ٦ من أبواب الدفاع.

(٣) تقدم في الباب ٤٦ من أبواب جهاد العدو.

(٤) يأتي في الباب ٦ من أبواب موجبات الضمان.

الباب ٢٣

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٧: ٢٩١ / ٢، والتهذيب ١٠: ٢٠٦ / ٨١٤.

٦١

ورواه الصدوق بإسناده عن صفوان بن يحيى، عن عبدالله بن سنان(١) .

وبإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عبدالله ابن سنان مثله(٢) .

[ ٣٥١٥٥ ] ٢ - وعن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن حفص، عن عبدالله بن طلحة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن رجل سارق دخل على امرأة ليسرق متاعها فلما جمع الثياب تابعته نفسه فكابرها على نفسها فواقعها، فتحرك ابنها فقام فقتله بفأس كان معه فلمّا فرغ حمل الثياب وذهب ليخرج حملت عليه بالفأس فقتلته، فجاء أهله يطلبون بدمه من الغد، فقال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : اقض على هذا كما وصفت لك فقال: يضمن مواليه الّذين طلبوا بدمه دية الغلام، ويضمن السارق فيما ترك أربعة آلاف درهم بمكابرتها على فرجها إنّه زان وهو في ماله عزيمة(٣) ، وليس عليها في قتلها إيّاه شيء(٤) ، قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من كابر امرأة ليفجر بها فقتلته فلا دية له ولا قود.

[ ٣٥١٥٦ ] ٣ - وعنه، قال: قلت له: رجل تزوّج امرأة، فلما كان ليلة البناء عمدت المرأة إلى رجل صديق لها فأدخله الحجلة(٥) ، فلمّا دخل الرجل يباضع أهله ثار الصديق فاقتتلا في البيت، فقتل الزوج الصديق، وقامت المرأة فضربت الزوج ضربة فقتلته بالصديق، فقال: تضمن(٦) دية الصديق، وتقتل

____________________

(١) الفقيه ٤: ٧٥ / ٢٣٢.

(٢) الفقيه ٤: ١٢٢ / ٤.

٢ - الكافي ٧: ٢٩٣ / ١٢، والتهذيب ١٠: ٢٠٨ / ٨٢٣، وأورده عن الفقيه في الحديث ٥ من الباب ٢٢ من هذه الابواب.

(٣) في الكافي: غريمة، وفي التهذيب: غرامة.

(٤) في التهذيب زيادة: لانه سارق. « هامش المخطوط ».

٣ - الكافي ٧: ٢٩٣ / ١٣، وأورده في الحديث ١ من الباب ٢١ من أبواب موجبات الضمان.

(٥) الحجلة: قبّة تزين بالثياب والستور للعروس. « القاموس المحيط ( حجل ) ٣: ٣٥٥ ».

(٦) في المصدر زيادة: المرأة.

٦٢

بالزوج.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم نحوه(١) ، وكذا الّذي قبله، والّذي قبلهما بإسناده عن الحسن بن محبوب.

أقول: وتقدَّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٣) .

٢٤ - باب ان من قتل قصاصا فلا دية له ولا قصاص، وكذا من قتل في حد من حدود الله، ومن قتل في حدود الناس فديته من بيت المال

[ ٣٥١٥٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصبّاح الكناني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: سألته عن رجل قتله القصاص، له دية؟ فقال: لو كان ذلك لم يقتص(٤) من أحد، وقال: من قتله الحدّ فلا دية له.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد مثله(٥) .

وعن عليِّ بن إبراهيم( عن أبيه) (٦) ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس،

____________________

(١) التهذيب ١٠: ٢٠٨ / ٨٢٤.

(٢) تقدم في الحديثين ٥ و ٦ من الباب ٢٢ من هذه الابواب وفي الباب ٢١ من موجبات الضمان.

(٣) يأتي في الباب ٢٧ من هذه الابواب.

الباب ٢٤

فيه ٩ أحاديث

١ - الكافي ٧: ٢٩٢ / ٧.

(٤) في المصدر زيادة: أحدٌ.

(٥) التهذيب ١٠: ٢٠٧ / ٨١٩، والاستبصار ٤: ٢٧٩ / ١٠٥٦.

(٦) ليس في التهذيب.

٦٣

عن مفضل بن صالح، عن زيد الشحّام، قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) وذكر نحوه(١) .

[ ٣٥١٥٨ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من اقتصَّ منه فهو قتيل القرآن.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم(٢) ، وكذا الّذي قبله، إلّا أنّه قال: من اقتصّ منه فمات.

[ ٣٥١٥٩ ] ٣ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن الحسن بن صالح الثوري، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: من ضربناه حدّاً من حدود الله فمات فلا دية له علينا، ومن ضربناه حدّاً من حدود(٣) الناس فمات فانَّ ديته علينا.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسن بن محبوب مثله(٤) .

[ ٣٥١٦٠ ] ٤ - محمّد بن عليِّ بن الحسين، قال: قال أبو جعفر وأبو عبدالله (عليهما‌السلام ) : من قتله القصاص فلا دية له.

[ ٣٥١٦١ ] ٥ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن عليِّ بن محبوب، عن الحسين، عن صفوان بن يحيى(٥) ، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما( عليهما‌السلام ) - في حديث - قال: ومن قتله القصاص فلا دية له.

____________________

(١) الكافي ٧: ٢٩١ / ٣، والتهذيب ١٠: ٢٠٧ / ٨١٥.

٢ - الكافي ٧: ٣٧٧ / ١٩.

(٢) التهذيب ١٠: ٢٧٩ / ١٠٩٠.

٣ - الكافي ٧: ٢٩٢ / ١٠، وأورده عن الفقيه في الحديث ٤ من الباب ٣ من أبواب مقدمات الحدود.

(٣) في المصدر: حقوق.

(٤) التهذيب ١٠: ٢٠٨ / ٨٢٢.

٤ - الفقيه ٤: ٧٤ / ٢٢٨.

٥ - التهذيب ١٠: ٢١٢ / ٨٣٨.

(٥) في المصدر زيادة: وفضالة.

٦٤

[ ٣٥١٦٢ ] ٦ - وبإسناده عن جعفر بن بشير، عن معلْى بن عثمان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: من قتله القصاص، أو الحدّ لم يكن له دية.

[ ٣٥١٦٣ ] ٧ - وبإسناده عن أحمد بن محمد، (عن محمّد بن عيسى، عن داود بن الحصين)(١) ، عن أبي العبّاس، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) : قال: سألته عمّن اقيم عليه الحدّ(٢) ، أيقاد منه؟ أو تؤدّى ديته؟ قال: لا، إلّا أن يزاد على القود.

[ ٣٥١٦٤ ] ٨ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبدالله بن هلال، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: من قتله القصاص بأمر الإمام فلا دية له في قتل ولا جراحة.

[ ٣٥١٦٥ ] ٩ - وبإسناده عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: أيّما رجل قتله الحدّ أو القصاص فلا دية له الحديث.

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك(٣) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٤) .

____________________

٦ - التهذيب ١٠: ١٩١ / ٧٥٥.

٧ - التهذيب ١٠: ٢٧٨ / ١٠٨٦.

(١) في المصدر: عن محمّد بن داود بن الحصين.

(٢) في المصدر زيادة: فمات.

٨ - التهذيب ١٠: ٢٧٩ / ١٠٩١.

٩ - التهذيب ١٠: ٢٠٦ / ٨١٣.

(٣) تقدم في الحديث ١ و ٤ من الباب ٢٢ من هذه الابواب.

(٤) يأتي في الحديث ٧ من الباب ٢٥ من هذه الابواب.

٦٥

٢٥ - باب أن من اطلع إلى دار لينظر عورة لأهلها فلهم منعه، فان أصرّ فلهم قلع عينه ان خفى ذلك، وان لم يندفع بدون القتل جاز

[ ٣٥١٦٦ ] ١ - محمّد بن عليِّ بن الحسين بإسناده، عن حمّاد بن عيسى، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: بينما رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) في بعض حجراته إذا اطّلع رجل في شق الباب وبيد رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) مدارة(١) ، فقال: لو كنت قريباً منك لفقأت به عينك.

وبإسناده عن القاسم بن محمّد الجوهري، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) نحوه(٢) .

ورواه الحميريُّ في( قرب الأسناد) عن محمّد بن عيسى، والحسن بن ظريف، وعليِّ بن إسماعيل كلّهم، عن حمّاد بن عيسى مثله (٣) .

[ ٣٥١٦٧ ] ٢ - وبإسناده عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: عورة المؤمن على المؤمن حرام، وقال: من اطّلع على مؤمن في منزله، فعيناه مباحة للمؤمن في تلك الحال،

____________________

الباب ٢٥

فيه ٧ أحاديث

١ - الفقيه ٤: ٧٤ / ٢٢٦.

(١) في قرب الإسناد: مداراة « هامش المخطوط » وفي المصدر: مذراة.

المدراة: المشط. « القاموس المحيط ( دري ) ٤: ٣٢٧ ».

(٢) الفقيه ٤: ٧٤ / ٢٢٧.

(٣) قرب الإسناد: ١٠.

٢ - الفقيه ٤: ٧٦ / ٢٣٦.

٦٦

ومن دمر(١) على مؤمن(٢) بغير إذنه، فدمه مباح للمؤمن في تلك الحالة الحديث.

[ ٣٥١٦٨ ] ٣ - وبإسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق، عن آبائه، عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) - في حديث المناهي - أنه نهى أن يطلع الرجل في بيت جاره، وقال: من نظر إلى عورة أخيه المسلم أو عورة غير أهله متعمداً أدخله الله مع المنافقين الّذين كانوا يبحثون عن عورات الناس، ولم يخرج من الدنيا حتّى يفضحه الله، إلّا أن يتوب.

[ ٣٥١٦٩ ] ٤ - محمّد بن يعقوب، عن أبي علي الاشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: اطلع رجل على النبيُّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) من الجريد فقال له النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : لو أعلم أنك تثبت لي لقمت إليك بالمشقص(٣) حتّى أفقأُ به عينيك، قال: فقلت له: وذاك لنا؟ فقال: ويحك - أو ويلك - أقول لك: إن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فعل، وتقول: ذاك لنا؟!

ورواه الشيخ بإسناده عن صفوان بن يحيى مثله(٤) .

[ ٣٥١٧٠ ] ٥ - وعن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن عبيد بن زرارة، قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: بينما رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) في حجراته مع بعض أزواجه ومعه مغازل يقبلها إذ بصر بعينين تطلعان، فقال: لو أعلم أنك

____________________

(١) دَمَرَ: دَخَل بغير إذن. « الصحاح ( دمر ) ٢: ٦٥٩ ».

(٢) في المصدر زيادة: في منزله.

٣ - الفقيه ٤: ٦ / ١.

٤ - الكافي ٧: ٢٩٢ / ٨.

(٣) المشقص: نصل أو سهم. « القاموس المحيط ( شقص ) ٢: ٣٠٦ ».

(٤) التهذيب ١٠: ٢٠٨ / ٨٢٠.

٥ - الكافي ٧: ٢٩٢ / ١١.

٦٧

تثبت لي لقمت حتّى أنخسك(١) ، فقلت: نفعل نحن مثل هذا إن فعل مثله؟ فقال: إن خفى لك فافعله.

[ ٣٥١٧١ ] ٦ - وعنه، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن سنان، عن العلاء بن الفضيل، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إذا اطلع رجل على قوم يشرف عليهم، أو ينظر من خلل شيء لهم فرموه فأصابوه فقتلوه أو فقؤوا عينيه فليس عليهم غرم، وقال: إنَّ رجلاً اطلع من خلل حجرة رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فجاء رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) بمشقص ليفقأ عينه فوجده قد انطلق، فقال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : أي خبيث أما والله لو ثبتَّ لي لفقأت عينك.

[ ٣٥١٧٢ ] ٧ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - أيّما رجل اطلع على قوم في دارهم لينظر إلى عوراتهم(٢) ففقؤوا عينه أو جرحوه فلا دية عليهم(٣) ، وقال: من اعتدى(٤) فاعتدي عليه فلا قود له.

ورواه الشيخ بإسناده عن عليِّ بن إبراهيم(٥) ، والّذي قبله بإسناده عن يونس.

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك(٦) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٧) .

____________________

(١) النخس: الطعن والطرد. « القاموس المحيط ( نخس ) ٢: ٢٥٣ ».

٦ - الكافي ٧: ٢٩٠ / ٥، والتهذيب ١٠: ٢٠٧ / ٨١٨.

٧ - الكافي ٧: ٢٩٠ / ١، وأورده قطعة منه في الحديث ١ من الباب ٢٢ من هذه الأبواب.

(٢) في المصدر زيادة: فرموه.

(٣) في المصدر زيادة: له.

(٤) في المصدر: بدأ.

(٥) التهذيب ١٠: ٢٠٦ / ٨١٣.

(٦) تقدم في الحديث ٢ من الباب ١ من أبواب أحكام الخلوة، وفي الحديث ١٦ من الباب ٤ من أبواب مقدمات النكاح.

(٧) يأتي ما يدل عليه بعمومه في الحديث ٢ من الباب ٢٧ من هذه الأبواب.

٦٨

٢٦ - باب أن من قال: حذار، ثمَّ رمى لم يضمن

[ ٣٥١٧٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصبّاح الكناني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: كان صبيان في زمان علي( عليه‌السلام ) يلعبون بأخطار(١) لهم، فرمى أحدهم بخطره فدقّ رباعية صاحبه، فرفع ذلك إلى أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) فأقام الرامي البيّنة بأنه قال: حذار(٢) ، فدرأ عنه القصاص ثم قال: قد أعذر من حذر الحديث.

ورواه الصدوق بإسناده عن محمّد بن الفضيل(٣) .

ورواه في( العلل) عن محمّد بن الحسن، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن الفضيل (٤) .

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد(٥) .

٢٧ - باب حكم من أتى راقداً فلما صار على ظهره انتبه فقتله، أو دخل دار غيره بغير اذن فقتله

[ ٣٥١٧٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن

____________________

الباب ٢٦

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٧: ٢٩٢ / ٧.

(١) أخطار: جمع خطر، وهو السبق الذي يتراهن عليه، « الصحاح ( خطر ) ٢: ٦٤٨ ».

(٢) في المصدر زيادة: حذار.

(٣) الفقيه ٤: ٧٥ / ٢٣١.

(٤) علل الشرائع: ٤٦٢ / ٥.

(٥) التهذيب ١٠: ٢٠٧ / ٨١٩.

الباب ٢٧

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٧: ٢٩٣ / ١٤، التهذيب ١٠: ٢٠٩ / ٨٢٦.

٦٩

عمرو بن عثمان، عن الحسين بن خالد، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سئل عن رجل أتى رجلاً وهو راقد فلما صار على ظهره( أيقن به) (١) فبعجه بعجة(٢) فقتله، فقال: لا دية له ولا قود.

ورواه الصدوق بإسناده عن الحسين(٣) بن خالد مثله(٤) .

[ ٣٥١٧٥ ] ٢ - وعنه، عن المختار بن محمّد بن المختار، وعن محمّد بن الحسن، عن عبدالله بن الحسن العلوي جميعاً، عن الفتح بن يزيد الجرجاني، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) ، في رجل دخل دار آخر للتلصّص أو الفجور فقتله صاحب الدار، أيقتل به؟ أم لا؟ فقال: أعلم أنَّ من دخل دار غيره فقد أهدر دمه ولا يجب عليه شيء.

ورواه الشيخ بإسناده عن عليِّ بن إبراهيم(٥) ، وكذا الّذي قبله.

[ ٣٥١٧٦ ] ٣ - وزاد: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من كابر امرأة ليفجر بها فقتلته فلا دية له ولا قود.

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك وعلى تفصيل الحكمين هنا(٦) وفي الدفاع(٧) .

____________________

(١) في التهذيب: ليقربه ( هامش المخطوط )، وفي الفقيه: أنتبه ( هامش المخطوط ).

(٢) بعجه، كمنعه: شقه. ( القاموس المحيط - بعج - ١: ١٧٩ ) ( هامش المخطوط )

(٣) في نسخة: الحسن ( هامش المخطوط ).

(٤) الفقيه ٤: ١١٨ / ٤٠٩.

٢ - الكافي ٧: ٢٩٤ / ١٦.

(٥) التهذيب ١٠: ٢٠٩ / ٨٢٥.

٣ - التهذيب ١٠: ٢٠٩ / ٨٢٦.

(٦) تقدم في الباب ٢٢ و ٢٣ من هذه الابواب.

(٧) تقدم في الابواب ١ و ٢ و ٣ و ٥ و ٦ من أبواب الدفاع، وفي الباب ٤٦ من أبواب جهاد العدو.

٧٠

٢٨ - باب حكم العاقل يقتل المجنون دفاعاً وغيره وبالعكس وعدم ثبوت القصاص فيهما

[ ٣٥١٧٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، وعن عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعاً، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي بصير - يعني: المرادي - قال: سألت أبا جعفر( عليه‌السلام ) عن رجل قتل رجلاً مجنوناً، فقال: إن كان المجنون أراده فدفعه عن نفسه(١) فلا شيء عليه من قود ولا دية، ويعطي ورثته ديته من بيت مال المسلمين، قال: وإن كان قتله من غير أن يكون المجنون أراده فلا قود لمن لا يقاد منه، وأرى أنَّ على قاتله الدية في(٢) ماله يدفعها إلى ورثة المجنون ويستغفر الله ويتوب إليه.

ورواه الصدوق بإسناده عن الحسن بن محبوب(٣) .

ورواه في( العلل) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب مثله (٤) .

[ ٣٥١٧٨ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن( ابن رئاب) (٥) ، عن أبي الورد، قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) أو لابي جعفر( عليه‌السلام ) : أصلحك الله، رجل حمل عليه رجل مجنون فضربه

____________________

الباب ٢٨

فيه حديثان

١ - الكافي ٧: ٢٩٤ / ١، التهذيب ١٠: ٢٣١ / ٩١٣.

(١) في التهذيب زيادة: فقتله ( هامش المخطوط )، والمصدر.

(٢) في الكافي: من.

(٣) الفقيه ٤: ٧٥ / ٢٣٤.

(٤) علل الشرائع: ٥٤٣ / ١.

٢ - الكافي ٧: ٢٩٤ / ٢.

(٥) ليس في التهذيب.

٧١

المجنون ضربة فتناول الرجل السيف من المجنون فضربه فقتله، فقال: أرى أن لا يقتل به ولا يغرم ديته، وتكون ديته على الامام، ولا يبطل دمه.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن أبي الورد(١) ، وكذا الذي قبله.

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على بعض المقصود(٢) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٣) .

٢٩ - باب حكم من قتل أحداً وهو عاقل ثمَّ خولط، أو قتل في حال الجنون

[ ٣٥١٧٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، وعن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن ابن محبوب، عن خضر الصيرفي، عن بريد بن معاوية العجلي، قال: سئل أبو جعفر( عليه‌السلام ) عن رجل قتل رجلاً عمداً فلم يقم عليه الحدّ ولم تصح الشهادة عليه حتّى خولط وذهب عقله، ثمَّ إنَّ قوماً آخرين شهدوا عليه بعدما، خولط أنّه قتله؟ فقال: إن شهدوا عليه أنه قتله حين قتله وهو صحيح ليس به علّة من فساد عقل قتل به، وإن لم يشهدوا عليه بذلك وكان له مال يعرف دفع إلى ورثة المقتول الدية من مال القاتل، وإن لم يكن له مال اعطى الدية من بيت المال، ولا يبطل دم امرئ مسلم.

ورواه الصدوق بإسناده عن الحسن بن محبوب مثله(٤) .

____________________

(١) التهذيب ١٠: ٢٣١ / ٩١٤.

(٢) تقدم في الباب ٢٢ من هذه الابواب.

(٣) يأتي في الباب ٢٩ من هذه الابواب.

الباب ٢٩

فيه حديثان

١ - الكافي ٧: ٢٩٥ / ١.

(٤) الفقيه ٤: ٧٨ / ٢٤٢.

٧٢

محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب مثله(١) .

[ ٣٥١٨٠ ] ٢ - وبإسناده عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) أن محمّد بن أبي بكر كتب إلى أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) يسأله عن رجل مجنون قتل رجلاً عمداً؟ فجعل( عليه‌السلام ) الدية على قومه وجعل عمده وخطأه سواء.

ورواه بإسناده عن اسماعيل بن أبي زياد(٢) .

أقول: وتقدم مايدل على ذلك(٣) .

٣٠ - باب حكم القاتل اذا لم يقدر على دفع الدية أو لم يقبل منه

[ ٣٥١٨١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، وابن بكير، وغير واحد - في حديث - أنَّ عليّ بن الحسين( عليهما‌السلام ) قيل له: إنَّ(٤) محمّد بن شهاب الزهري اختلط عقله فليس يتكلم، فخرج حتّى دنا منه فلمّا رآه محمّد بن شهاب عرفه، فقال له عليُّ بن الحسين (عليهما‌السلام ) : مالك؟ قال: وليت ولاية فأصبت دماً قتلت رجلاً فدخلني ما ترى، فقال له عليُّ بن الحسين (عليهما‌السلام ) : لانا عليك من يأسك من رحمة الله أشدّ خوفاً منّي عليك مما أتيت، ثمَّ قال له: اعطهم الدية، قال: قد فعلت فأبوا، قال: اجعلها صرراً ثمَّ انظر مواقيت الصلاة فألقها في دارهم.

____________________

(١) التهذيب ١٠: ٢٣٢ / ٩١٥.

٢ - التهذيب ١٠: ٢٣٢ / ٩١٦.

(٢) الفقيه ٤: ٨٥ / ٢٧٢.

(٣) تقدم في الحديث ١ من الباب ٢٨ من هذه الابواب.

الباب ٣٠

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٧: ٢٩٦ / ٣.

(٤) في المصدر: هذا.

٧٣

ورواه الشيخ بإسناده عن عليِّ بن إبراهيم مثله(١) .

[ ٣٥١٨٢ ] ٢ - وعن عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أبي الخزرج، عن فضيل بن عثمان، عن الزهري، قال: كنت عاملاً لبني أميّة فقتلت رجلاً، فسألت عليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) بعد ذلك ما أصنع به؟ فقال: الدية اعرضها على قومه، قال: فأعرضت فأبوا، وجهدت فأبوا، فأخبرت عليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) بذلك فقال: اذهب معك بنفر من قومك فاشهد عليهم، قال: ففعلت به فأبوا، فاشهدت(٢) عليهم، فرجعت إلى عليِّ بن الحسين( عليه‌السلام ) فأخبرته، فقال: خذ الدية وصرها متفرقة ثمَّ ائت الباب في وقت الظهر والفجر فألقها في الدار فمن أخذ شيئاً فهو يحسب لك في الدية؟ فانَّ وقت الظهر والفجر ساعة تخرج فيها أهل الدار - إلى أن قال: - وكان الزهريُّ ضرب رجلاً به قروح فمات من ضربه.

[ ٣٥١٨٣ ] ٣ - محمّد بن عليِّ بن الحسين بإسناده عن وهب بن وهب، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، قال: قال عليُّ( عليه‌السلام ) : من قتل حميم قوم فليصالحهم على(٣) ما قدر عليه فإنّه أخفّ لحسابه.

[ ٣٥١٨٤ ] ٤ - وبإسناده عن ابن أبي عمير، عن محسن بن أحمد، عن عيسى الضّعيف، قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : رجل قتل رجلاً، ما توبته؟ قال: يمكّن من نفسه، قلت: يخاف أن يقتلوه، قال: فليعطهم الدية، قلت: يخاف أن يعلموا بذلك، قال: فليتزوّج إليهم امرأة، قلت: يخاف

____________________

(١) التهذيب ١٠: ١٦٣ / ٦٥٣.

٢ - الكافي ٧: ٢٩٥ / ٢.

(٢) في المصدر: فشهدوا.

٣ - الفقيه ٤: ١٢٦ / ٤٤٠.

(٣) ليس في المصدر.

٤ - الفقيه ٤: ٦٩ / ٢٠٦، أورده عن الكافي والتهذيب في الحديث ١ من الباب ١٠، وفي الحديث ٢ من الباب ١٠ من هذه الابواب.

٧٤

أن تطلعهم على ذلك، قال: فلينظر إلى الدية فيجعلها صرراً ثمّ لينظر مواقيت الصلاة فليلقها في دارهم.

أقول: وتقدم ما يدل على ذلك(١) .

٣١ - باب ثبوت القصاص اذا قتل الكبير الصغير، أو الشريف الوضيع

[ ٣٥١٨٥ ] ١ - محمّد بن عليِّ بن الحسين في( الأمالي) عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن عليِّ بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان، عن عبدالله بن أبي يعفور، عن الصادق( عليه‌السلام ) قال: خطب رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) بمنى - إلى أن قال: - المسلمون اخوة تتكافا دماؤهم، ويسعى بذمّتهم أدناهم، هم يد على من سواهم.

وفي (الخصال) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد ابن محمّد بن خالد مثله(٢) .

ورواه الرضيُّ في( المجازات النبويّة) مرسلاً (٣) .

ورواه عليُّ بن ابراهيم في( تفسيره) مرسلاً (٤) .

[ ٣٥١٨٦ ] ٢ - محمّد بن يعقوب، عن عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) أنَّ رسول الله (صلى الله عليه

____________________

(١) تقدم في الاحاديث ١ و ٢ و ٥ من الباب ١٠ من هذه الابواب.

الباب ٣١

فيه ٤ أحاديث

١ - أمالي الصدوق: ٢٨٧ / ٣.

(٢) الخصال: ١٤٩ / ١٨٢.

(٣) المجازات النبوية: ١٧ / ٣.

(٤) تفسير القمي ١: ١٧٣.

٢ - الكافي ١: ٣٣٢ / ١.

٧٥

وآله) خطب الناس في مسجد الخيف، فقال: نضر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها(١) ، وبلغها من لم يسمعها - إلى أن قال: المسلمون اخوة تتكافا دماؤهم ويسعى بذمّتهم أدناهم.

قال الكلينيُّ: ورواه أيضاً عن حمّاد بن عثمان، عن أبان، عن ابن أبي يعفور مثله(٢) .

[ ٣٥١٨٧ ] ٣ - وعن محمّد بن الحسن، عن بعض أصحابنا، عن عليِّ بن الحكم، عن الحكم بن مسكين، عن رجل من قريش، عن جعفر بن محمّد( عليه‌السلام ) أنّه قال لسفيان الثوري: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، خطبة رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) في مسجد الخيف: نضرّ الله عبداً سمع مقالتي فوعاها، وبلّغها من لم تبلغه - إلى أن قال: - المؤمنون اخوة تتكافا دماؤهم وهم يد على من سواهم، يسعى بذمّتهم أدناهم الحديث.

[ ٣٥١٨٨ ] ٤ - محمّد بن الحسن بإسناده عن ابن فضّال، عن بعض أصحابه(٣) ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كلُّ من قتل شيئاً صغيراً أو كبيراً بعد أن يتعمّد فعليه القود.

ورواه الصدوق بإسناده عن ابن بكير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) إلّا أنّه قال: كلّ من قتل بشيء(٤) .

أقول: وتقدم ما يدلُّ على ذلك هنا(٥) ، وفي النكاح في أحاديث تزويج

____________________

(١) في المصدر زيادة: وحفظها.

(٢) الكافي ١: ٣٣٣ / ذيل ١.

٣ - الكافي ١: ٣٣٣ / ٢.

٤ - التهذيب ١٠: ١٦٢ / ٦٤٨، أورده في الحديث ٥ من الباب ١٩ من هذه الابواب.

(٣) في المصدر: عن بعض أصحابنا.

(٤) الفقيه ٤: ٨٣ / ٢٦٥.

(٥) تقدم ما يدل عليه بعمومه في الابواب ١٠ - ١٣ من هذه الابواب.

٧٦

غير الهاشمي الهاشميّة وغير ذلك(١) ، ويأتي ما يدلَّ عليه(٢) .

٣٢ - باب ثبوت القصاص على الولد اذا قتل أباه أو أُمه، وعدم ثبوت القصاص على الاب اذا قتل الولد أو جرحه

[ ٣٥١٨٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، وعن عليّ ابن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن حمران، عن أحدهما( عليهما‌السلام ) قال: لا يقاد والد بولده، ويقتل الولد إذا قتل والده عمداً.

[ ٣٥١٩٠ ] ٢ - وعن عليّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الرجل يقتل ابنه، أيقتل به؟ قال: لا.

ورواه الشيخ بإسناده عن عليِّ بن إبراهيم(٣) ، والّذي قبله بإسناده عن الحسن بن محبوب مثله.

[ ٣٥١٩١ ] ٣ - وعن الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمّد، عن بعض أصحابنا(٤) ، عن حمّاد بن عثمان، عن فضيل بن يسار، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لا يقتل الرجل بولده إذا قتله، ويقتل الولد بوالده إذا قتل والده الحديث.

____________________

(١) تقدم في الحديث ٣ من الباب ٢٦ من أبواب مقدمات النكاح.

(٢) يأتي ما يدل عليه بعمومه في الباب ٣٣ من هذه الأبواب.

الباب ٣٢

فيه ١١ حديث

١ - الكافي ٧: ٢٩٧ / ١، التهذيب ١٠: ٢٣٦ / ٩٤١.

٢ - الكافي ٧: ٢٩٨ / ٤.

(٣) التهذيب ١٠: ٢٣٧ / ٩٤٣.

٣ - الكافي ٧: ١٤١ / ٧.

(٤) في المصدر: أصحابه.

٧٧

ورواه الشيخ كما مرّ في المواريث(١) .

[ ٣٥١٩٢ ] ٤ - وعن عليِّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن سنان، عن العلاء بن الفضيل، قال قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : لا يقتل الوالد بولده، ويقتل الولد بوالده، ولا يرث الرجل الرجل إذا قتله وإن كان خطأ.

أقول: تقدَّم في المواريث أنَّ حكم الميراث محمول على التقية(٢) .

[ ٣٥١٩٣ ] ٥ - وعن عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة، قال: سألت أبا جعفر( عليه‌السلام ) عن رجل قتل أُمّه، قال: يقتل بها صاغراً ولا أظنّ قتله بها(٣) كفّارة له، ولا يرثها.

ورواه الصدوق بإسناده عن ابن محبوب(٤) ، وبإسناده عن عليِّ بن رئاب مثله(٥) .

[ ٣٥١٩٤ ] ٦ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لا يقتل الاب بابنه إذا قتله، ويقتل الابن بأبيه إذا قتل أباه.

____________________

(١) مرّ في الحديث ٣ من الباب ٩ من أبواب موانع الارث.

٤ - الكافي ٧: ٢٩٨ / ٥، التهذيب ١٠: ٢٣٧ / ٩٤٦، أورد قطعة منه في الحديث ٤ من الباب ٩ من أبواب موانع الإِرث.

(٢) تقدم في ذيل الحديث ٣ من الباب ٩ من أبواب موانع الإِرث.

٥ - الكافي ٧: ٢٩٨ / ٢، التهذيب ١٠: ٢٣٧ / ٩٤٤.

(٣) ليس في المصدر.

(٤) الفقيه ٤: ٨١ / ٢٥٥.

(٥) الفقيه ٤: ٩٠ / ٢٩١.

٦ - الكافي ٧: ٢٩٨ / ٣.

٧٨

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد(١) ، والّذي قبله بإسناده عن الحسن بن محبوب، والّذي قبلهما بإسناده عن يونس.

ورواه الصدوق بإسناده عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة مثله(٢) .

[ ٣٥١٩٥ ] ٧ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن ابي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الرجل يقتل ابنه، أيقتل به؟ قال: لا، ولا يرث أحدهما الاخر إذا قتله.

[ ٣٥١٩٦ ] ٨ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن غياث بن كلوب، عن إسحاق بن عمار، عن جعفر، عن أبيه أنَّ عليّاً( عليه‌السلام ) كان يقول: لا يقتل والد بولده إذا قتله، ويقتل الولد بالوالد إذا قتله، ولا يحدّ الوالد للولد إذا قذفه، ويحدّ الولد للوالد إذا قذفه.

[ ٣٥١٩٧ ] ٩ - وعنه، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أبيه، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) في الرجل يقتل ابنه أو عبده، قال: لا يقتل به، ولكن يضرب ضرباً شديداً، وينفى عن مسقط رأسه.

ورواه الصدوق بإسناده عن عمرو بن شمر مثله(٣) .

[ ٣٥١٩٨ ] ١٠ - وبإسناده إلى كتاب ظريف عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام )

____________________

(١) التهذيب ١٠: ٢٣٧ / ٩٤٢.

(٢) الفقيه ٤: ٨٩ / ٢٨٨.

٧ - التهذيب ١٠: ٢٣٨ / ٩٤٨، أورده عن الكافي في الحديث ٧ من الباب ٧ من أبواب مواقع الإِرث.

٨ - التهذيب ١٠: ٢٣٨ / ٩٥٠.

٩ - التهذيب ١٠: ٢٣٦ / ٩٣٩.

(٣) الفقيه ٤: ٩٠ / ٢٩٠.

١٠ - التهذيب ١٠: ٣٠٨ / ١١٤٨.

٧٩

قال: وقضى أنّه لا قود لرجل أصابه والده في أمر يعيب عليه فيه فأصابه عيب من قطع وغيره ويكون له الدية، ولا يقاد.

ورواه الصدوق والشيخ كما يأتي(١) .

[ ٣٥١٩٩ ] ١١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن حمّاد بن عمرو، وأنس بن محمّد، عن أبيه، عن الصادق، عن آبائه (عليهم‌السلام ) : في وصيّة النبيِّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) لعليّ( عليه‌السلام ) قال: يا عليّ لا يقتل والد بولده.

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك في القذف(٢) .

٣٣ - باب حكم الرجل يقتل المرأة، والمرأة تقتل الرجل

[ ٣٥٢٠٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، وعن علي ابن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن ابن محبوب، عن عبدالله بن سنان، قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: في رجل قتل امرأته(٣) متعمّداً، قال: إن شاء أهلها أن يقتلوه قتلوه، ويؤدُّوا إلى أهله نصف الدية، وإن شاؤوا أخذوا نصف الدية خمسة آلاف درهم.

وقال: في امرأة قتلت زوجها متعمّدة، قال: إن شاء أهله أن يقتلوها قتلوها وليس يجنى أحد أكثر من جنايته على نفسه.

____________________

(١) تأتي أسانيده في الحديث ٤ من الباب ٢ من أبواب ديات الاعضاء.

١١ - الفقيه ٤: ٢٦٥ / ٨٢٤.

(٢) تقدم في الباب ١٤ من أبواب حدّ القذف.

الباب ٣٣

فيه ٢١ حديث

١ - الكافي ٧: ٢٩٩ / ٤، أورد صدره في الحديث ٢ من الباب ٥ من أبواب ديات النفس.

(٣) في المصدر: أمرأة.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155