مسند الرضا عليه السلام

مسند الرضا عليه السلام18%

مسند الرضا عليه السلام مؤلف:
المحقق: السيد محمد جواد الحسيني الجلالي
تصنيف: مكتبة الحديث وعلومه
الصفحات: 220

  • البداية
  • السابق
  • 220 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 42795 / تحميل: 7257
الحجم الحجم الحجم
مسند الرضا عليه السلام

مسند الرضا عليه السلام

مؤلف:
العربية

١

٢

٣

٤

مقدمة المحقق

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد (ص).

وبعد، فقد أتحفنا سماحة العلامة المجاهد السيد محمد حسين الجلالي بدرة فاخرة اخرى من درر أخبار الائمة الاطهار صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين (١) ، وهي «مسند الرضا (ع)» الذي رواه داود بن سليمان بن يوسف الغازي المتوفى بعد سنة ٢٠٣ ه‍.

وهذا المسند هو غير «صحيفة الرضا (ع)» المطبوع مرارا، فهو يختلف عنه متنا واسنادا، وإن كانت بعض الاحاديث الواردة فبه مشابهة لما ورد في صحيفة الرضا (ع).

وهذا المسند قد اعتمد عليه العلماء ونقلوا نصوصا من أحاديثه في كتبهم وإجازاتهم، ألمح السيد العلامة إلى عدد منهم في المقدمة.

__________________

(١) قد اتحفنا سماحة العلامة دام ظله قبل هذا بنسخة (سلسلة الابريز بالسند العزيز) وطبعت مرارا، آخرها سنة ١٤١٤ ه‍ = ١٩٩٤ م.

٥

ونحن نشكر سماحة العلامة المجاهد على تنبيهه لهذه الثغرة وإتحافنا بمقدمة ضافية عن الكتاب والمؤلف، فلله دره وعليه أجره ولكي يكون القارئ على إلمام تام بمعنى المسند وبعض ما يخص هذا الكتاب نقدم لمحة فيما يتعلق بالمسند.

المسند:

المسند هو في اللغة بمعنى الدهر، تقول: لا أفعله آخر المسند أي إلى آخر الدهر وبمعنى: خط حمير، تقول: رأيت مكتوبا بالمسند كذا (١) .

قال ابن منظور: المسند خط لحمير مخالف لخطنا هذا، كانوا يكتبون به أيام ملكهم فيما بينهم، قال أبو حاتم: هو في أيديهم - إلى اليوم - باليمن (٢) .

وهو على معنى المفعول من (أسند) فهو (مسند) ويكون اسما للالة أيضا فهو مسند - بضم الميم وكسرها -.

قال ابن منظور: وكل شئ أسندت إليه شيئا فهو مسند، وما يستند إليه يسمى مسندا ومسندا وجمعه المساند (٣) وذكر مثل ذلك الفيومى في كتابه (٤) وقال الزمخشري: ومن المجاز حديث مسند (٥) .

والمناسبة في هذا المجاز مع الحقيقة اللغوية هي: إن الحديث إذا كان مسندا

__________________

(١) أساس البلاغة، للزمخشري: ٤٦١.

(٢) لسان العرب، طبعة دار لسان العرب، بيروت ٢: ٢١٦.

(٣) المصدر نفسه ٢: ٢١٥.

(٤) المصباح المنير: ٣١١.

(٥) أساس البلاغة: ٤٦١.

٦

- بالمصطلح الحديثي - فهو إنما يستند إليه، أي يعتمد عليه ويعتبر دليلا، فهو بمعنى حديث مستند.

هذا إذا كان بصيغة اسم الالة، وإن كان بصيغة اسم المفعول: فمعني مسند أي مرفوع بذكر سلسلة رجاله إلى أن يصل إلي قائله الاول فلا مجاز فيه.

وأما معناه اصطلاحا فقد قال الازهري: المسند من حديث ما اتصل إسناده حتى يسند إلى النبي (ص) والمرسل والمنقطع: ما لم يتصل (١) .

وقال السيد الصدر: فهو - أي المسند - إن علمت سلسلته بأجمعها: ولم يسقط منها أحد من الرواة، بأن يكون كل واحد أخذه ممن هو فوقه، حتى وصل إلى منتهاه فمسند، ويقال له: الموصول والمتصل.

وأكثر ما يستعمل في ما جاء عن النبي (ص) (٢) .

وقيل وأما الكتاب المسمى بالمسند مضافا إلى مؤلفه أو شيخه الذي يروي عنه فليس بمجاز، بل هو اسم مفعول، من أسند الحديث: إذا رفعه إلى النبي (ص) أو أنه يسمى بالمسند باعتبار أنه يستند إليه في حديث، والاول أولى بالقصد، فهو - إذن - بمعنى الحديث المرفوع إلى النبي (ص) كما هو الملاحظ في عادة المؤلفين لما أسموه بالمسند... (٣) .

والنسبة إلى (المسند) بهذا المعنى هو: المسندي.

وقد لقب به الشيخ العالم أبو جعفر عبد الله بن جعفر بن اليمان المسندي

__________________

(١) لسان العرب ٢: ٢١٥.

(٢) نهاية الدراية: ١٨٦.

(٣) مسند الحبري (مخطوط): ٧.

٧

الجعفي، من أهل بخارى، وإنما قيل له: (المسندي) لانه كان يطلب الاحاديث المسندة، دون المقاطيع والمراسيل.

يروي عن ابن عيينة وأبي محمد بن عمارة، وعنه البخاري وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان، مات سنة ٢٩٩ (١) وله كتاب المسند

والمسند بصيغة اسم الفاعل من (أسند) يطلق على المتناهي في علم الحديث في عصره أو مصره، وقد اطلق على جماعة منهم:

مسند بغداد: نصر بن أحمد بن البطر بن الخطاب، ت / ٤٩٤ ه‍.

مسند اصبهان: القاسم بن الفضيل الثقفي، أبو عبد الله، ت / ٤٨٩ ه‍.

مسند واسط: أبو الحسن علي بن محمد بن الحسن بن حزقة الصيداني ت / ٤٠٦ ه‍.

مسند خراسان: محمد بن إسحاق بن مهران الحافظ النيسابوري السراج ت / ٣١٣ ه‍.

مسند الشام: محمد بن أحمد الغساني الحافظ الصيداني، ابن جميع ت / ٤٠٢ ه‍.

مسند الحجاز: عفيف الدين النشاوي.

مسند القاهرة: أبو اسحاق التنومي، صاحب المائة العشارية.

وقد تطلق كلمة (المسند) ويراد بها الاسناد، أي: نفس السند، فيكون مصدرا، كقولهم: مسند الشهاب، ومسند الفردوس، أي أسانيد أحاديثهما (٢) .

__________________

(١) الانساب: للسمعاني، طبعة مرجليوث: ٥٣٠ / ظهر.

(٢) تدريب الراوي ١: ٤٢.

٨

كتب المسانيد:

الكتب التي يطلق عليها (المسند) إما أن يقتصر فيها على أحاديث معصوم واحد، فيضاف إليه فيقال (مسند أمير المؤمنين عليه السلام) و (مسند الرضا عليه السلام).

وقد تحتوي على أحاديث جماعة يجمعهم عنوان أو وصف واحد فيضاف إلى ذلك العنوان والوصف كمسند أهل البيت ومسند المقلّين.

وقد تضاف إلى راوي الاحاديث وجامعها، سواء كانت تحتوي على أحاديث شخص واحد أو جماعة، كمسند عبد العظيم الحسني ومسند هشام ابن الحكم.

بداية تأليف المسند:

قال ابن حجر - وهو يذكر أوائل المؤلفين -: رأى بعض الائمة أن يفرد حديث النبي (ص) خاصة، وذلك على رأس المائتين، فصنف عبيد الله بن موسى العنسي الكوفي مسندا، وصنف مسدد بن مسرهد مسندا، وصنف أسد بن موسى مسندا، وصنف نعيم بن حماد مسندا... ثم اقتفي الائمة بعد ذلك أثرهم، فقل إمام من الحفاظ إلا وصنف حديثه على المسانيد، كالامام أحمد وابن راهويه وابن أبي شيبة، وغيرهم من النبلاء (١) .

هذا ولكن السيد صادق بحر العلوم يرى أن مسند أبي داود سليمان ابن الجارود، المتوفي سنة ٢٠٤ ه‍ هو اول المسانيد، وأن من ذكرهم ابن حجر

__________________

(١) الرسالة المستطرفة: ٧ وما بعدها

٩

من معاصرية تبعوه في تصنيف المسند (١) .

ويمكن أن يؤيد هذا تاريخ وفياتهم، فإن أسد بن موسي الاموي - مثلا - توفي سنة ٢١٢ ه‍، وهو أول من صنف المسند بمصر، وعبيدالله بن موسى العبسي توفي سنة ٢١٣ ه‍، ومسدد البصري توفي سنة ٢٢٨ ه‍، وكذا نعيم بن حماد الخزاعي المصري فقد توفي سنة ٢٢٨ ه‍، أيضا...

وأما فؤاد سزكين فهو يرى أن المسند ظهر في أواخر القرن الثاني، حيث قال: ظهرت مع أواخر القرن الثاني للهجرة طريقة أخرى لترتيب الاحاديث وفق أسماء صحابة الرسول (ص) في كتب يحمل الواحد منها اسم (المسند) (٢) .

وعند التتبع في كتب الحديث نجد أن تسمية المجموعات الحديثية المسندة إلى الرسول الاعظم (ص) بطريق أحد الائمة عليهم السلام بالمسند، كان حاصلا في زمن الامام الصادق عليه السلام بل الباقر عليه السلام إلى أواسط القرن الثاني للهحرة أو أوائل القرن الثاني الهجري، حيث إن وفاة الامام الباقر عليه السلام كان في سنة ١١٤ ه‍.

ومن هذا الباب ما ألفه كثير من المحدثين حيث ذكروا في كل منها ما رواه أحد الاعلام المتأخرين عن عهد الصحابة، فجمع ما رواه ذلك العلم بطريق مسند إلى النبي (ص) كما ألف للائمة من أهل البيت عليهم السلام مسانيد عرفت بأسمائهم.

فوائد المسانيد:

إن الحديث يعتبر المورد الثاني لمعرفة أحكام الاسلام بعد القران الكريم.

__________________

(١) مقدمة السيد محمد صادق بحر العلوم لمسند علي عليه السلام (مخطوط): ١٤ (٢) تاريخ التراث العربي ١: ٢٢٧

١٠

والمسانيد تبين السنة النبوية وتفيدنا الكثير في تفسير وتفهم القران الكريم وبيان جزئيات الاحكام التي ذكرها القران الكريم بصورة كلية، والترتيب الخاص الذي تتميز به كتب المسانيد تسهل على الباحث الوقوف على ما يروم الاطلاع عليه من سيرة الرسول الاعظم (ص) وسنته، نظرا لما عليه من الضبط والدقة في إيراد الاحاديث الصحيحة، وبذلك تكون قد ساهمت في تطوير وتسريع عملية التفقه الذي يعتمد بالدرجة الاولى على صحة الاحاديث.

ترتيب المسانيد:

كانت أحاديث الرسول الاعظم (ص) ترتب حسب الابواب والفصول عند بداية التدوين، فظهرت اصول ومصنفات عديدة تختلف حسب طريقة الجمع والتأليف.

ثم رتبت الكتب الحديثية ليس على الابواب بل على حسب الرواية عن الرسول الاعظم (ص) فجعلت أحاديث كل صحابي على حدة واضيف (المسند) إليه فقيل مسند فلان.

وهناك كتب مسانيد رتبت الاحاديث فيها على القبائل أو السابقة في الاسلام أو الشرف النسبي أو غير ذلك.

وقال الكتاني: وقد يطلق (المسند) على كتاب مرتب على الابواب أو الحروف أو الكلمات لا على الصحابة، لكون أحاديثه مسندة ومرفوعة إسندت ورفعت عن النبي (ص) (١) .

__________________

(١) الرسالة المستطرفة: ٧٤.

١١

عدد المسانيد:

وكمحاولة لاحصاء المسانيد وتسمية أصحابها أورد الحاجي خليفة صاحب كتاب كشف الطنون في باب (الميم) أسماء جملة من المسانيد التي عثر عليها أثناء تتبعة لكتب الحديث، وذكر أسماء أصحابها، وكان كل ما جمعه ثماني وخمسين مسندا.

وكتب إسماعيل باشا البغدادي بن محمد أمين بن مير سليم المتوفي سنة ١٣٣٩ في إيضاح المكنون، أورد فيه أسماء عشرة مسانيد أخرى.

والشيخ آغا بزرك الطهراني ذكر في كتابه الذريعة إلى تصانيف الشيعة (٢١: ٢٥ - ٢٨) أسماء (٢١) مسندا.

وذكر العلامة السيد محمد صادق بحر العوم تغمده الله برحمته اثنا عشر مسندا آخر مع ذكر أسماء مؤلفيها وتواريخ ولاداتهم ووفياتهم.

فكان مجموع ما أحصوه هؤلاء من أسماء المسانيد ومؤلفيها هي (٩١) مسندا.

وقد تتبعنا كتب الفهارس فوقفنا على أسماء (١٧٢) مسندا، أوردناها مرتبة حسب وفيات رواتها أو مؤلفيها في مقال طبع في مجلة (نور علم) العدد ٤ و ٥، من أراد الاطلاع عليها فليراجعها هناك.

ويظهر مما ذكرناه هناك أن مسند الامام الرضا عليه السلام هو أحد أقدم المسانيد التي وصلت إلينا.

صحة أحاديث المسند:

قد اختلف العلماء في تقييم المسانيد، فالبعض اعتبر الروايات التي ترد

١٢

في المسانيد صحيحة يمكن التعويل عليها.

وآخرون على عدم صحة جميع روايات المسانيد، ولهذا قدموا عليها كتب الصحاح والسنن، وقال العلامة الجزائري: قد جرت عادة مصنفيها (أي المسانيد) على أن يجمعوا في مسند كل صحابي ما يقع لهم من حديثه صحيحا كان أو سقيما. هذا، والذي نذهب إليه أن الجهود التي بذلت في تنظيم المسانيد لا تقل عما بذل في تنظيم الصحاح وكتب السنن.

وأما هذا المسند، فيمكن التعويل على الاحاديث الواردة فيه لاتصال السند فيه إلى المعصوم عليه السلام بنقل الثقاة، إضافة إلى ما هو المعروف من شمول قاعدة التسامح في ادلة السنن لمضامين أحاديثه وشمول أحاديث (من بلغ) لها.

مراسيل الائمة عليهم السلام هي مسانيد:

هذا البحث وإن كنا في غني عنه في هذا المسند لاتصال السند في أحاديثه إلى النبي (ص) إلا أن من المناسب طرحه بالنسبة إلى روايات الائمة عليهم السلام عموما فإن المتبادر من لفظ المسند هو ما ذكر فيه سند الحديث بأجمعه.

قال الشيخ البهائي في شرح الوجيزة: وسلسلة رواة الحديث إلى المعصوم سنده، وإن علمت سلسلته بأجمعها فمسند (١) .

ويقابله (المرسل) وهو ما لم يذكر فيه السند إلى المعصوم، قال والد الشيخ البهائي: وبعض العامة يجعل المسند ما اتصل سنده إلى النبي (ص) وعندنا يكون ما اتصل سنده بالمعصوم (٢) .

__________________

(١) الدرة العزيزة في شرح الوجيزة: ١٥.

(٢) وصول الاخيار إلى اصول الاخبار: ١٠٠.

١٣

ولكن حيث إن مراسيل الائمة هي في الواقع متصلة الاسناد إلى النبي (ص) لانهم يعبرون عن رسول الله (ص) ومنه يستمدون علومهم والاحكام التي يفتون بها فهي في الواقع مسندة وإن لم يصرحوا بسندهم، وفي ذلك روي عن الباقر عليه السلام عند ما سئل عن الحديث يرسله ولا يسنده، قال عليه السلام (إذا حدثت الحديث فلم أسنده فسندي فيه: أبي، عن جدي، عن أبيه، عن جده، عن رسول الله (ص) عن جبرئيل عليه السلام عن الله عزوجل) (١) .

وروي عن جابر، قال: (قلت لابي جعفر عليه السلام: إذا حدثتني بحديث فاسنده لي فقال: حدثني أبي، عن جدي، عن رسول الله (ص) عن جبرئيل عليه السلام عن الله عرزوجل، وكل ما احدثك بهذا الاسناد) (٢) .

طبقات الرواة:

قد جرت العادة على تقسيم رواة الاحاديث إلى طبقات، وبالدقة في طبقات الرواة يمكن معرفة الاحاديث المتصلة السند وتمييزها عن الاحاديث المرسلة، وطبقات الرواة هي كالاتي:

الطبقة الاولي: أصحاب رسول الله (ص) الذين يروون عنه بلا واسطة.

الطبقة الثانية: طبقة التابعين الذين يروون الاحاديث عن صحابة النبي (ص) فتكون رواياتهم للاحاديث عن النبي (ص) بواسطة واحدة غالبا.

الطبقة الثالثة: طبقة تابعي التابعين، وهم الذين يروون الحديث عن

__________________

(١) الارشاد للشيخ المفيد ٢: ١٦٧.

(٢) الامالي للشيخ المفيد: ٤٢، المجلس ٥، الحديث ١٠.

١٤

النبي (ص) بواسطتين غالبا، كأصحاب الامام السجاد عليه السلام.

الطبقة الرابعة: أصحاب الامام الباقر عليه السلام وهم يروون عن النبي بثلاث وسائط غالبا.

الطبقة الخامسة: أصحاب الامام الصادق والامام الكاظم عليهما السلام وأغلبهم قد أدركوا الامام الباقر عليه السلام أيضا.

الطبقة السادسة: أصحاب الامام الرضا عليه السلام.

وهكذا تتسلسل الطبقات إلى أن تصل إلى الطبقة السادسة والثلاثين وهم من يروون الروايات في عصرنا الحاضر عن النبي (ص) وغالبا ما تبلغ الوسائط (٣٨) واسطة، وعن الرضا عليه السلام إحدى وثلاثين واسطة.

هذا وقد يكون بعض الرواة في طبقتين أو ثلاثة كما حصل بالنسبة إلى بعض أصحاب الامام الرضا عليه السلام الذين أدركوا الامامين الكاظم والصادق عليهما السلام أيضا، فتقل الوسائط في نقل الحديث.

ويظهر مما ذكرناه أن الراوي لهذا المسند وهو (داود بن سليمان الغازي) يعد في الطبقة السادسة من رواة الحديث.

الرواة عن الامام الرضا عليه السلام

ذكر الشيخ الطوسي في رجاله أسماء ٣٢٠ شخصا ممن روى عن الامام الرضا عليه السلام.

وأعد الشيخ رضا الاستادي قائمة فيها ٣١٢ اسما للطبقة السادسة من الرواة - وهم من روى عن الامام الرضا عليه السلام - معتمدا في ذلك على كتاب مسند الامام الرضا عليه السلام الذي أعده الشيخ عزيز الله العطاردي إلا أن الملاحظ في هذه القائمة

١٥

إيراد إسم الراوي لهذا المسند بثلاثة عناوين، مرة بالكنية (أبو أحمد الغازي) ومرة بالاسم (داود بن سليمان الفراء) وثالثه باسم (داود بن سليمان الغازي) (١) .

وأكد بعض الفضلاء أن الرواة عن الرضا عليه السلام أكثر من ذلك وإن في معجم رجال الحديث رواة عن الامام لم ترد أسماؤهم في هذه القائمة. ونحن بدورنا تتبعنا عبارة (أصحاب الرضا عليه السلام) بالحاسوب الالكتروني فظهر أنها كررت في ٥٠٦ موضعا.

ولسنا هنا بصدد استقصاء ذلك وإحصاء أصحابه والرواة عنه عليه السلام في هذا الكتاب، وإنما أردنا التنبيه على أن ما ذكر في عدد أسماء أصحاب الامام الرضا عليه السلام والرواة عنه يحتاج إلى مزيد تتبع واستقصاء، لا تسمح هذه المقدمة الموجزة بها.

طريقنا إلى هذا المسند:

أروي هذا المسند وسائر كتب الحديث بعدة طرق، أذكر منها:

أ - ما أرويه بالاجازة عن أخي العلامة الكبير السيد محمد حسين الحسيني الجلالي دام ظله الوارف، عن والدي المغفور له سماحة آية الله السيد محسن الحسيني الجلالي قدس سره المولود في سامراء يوم الجمعة الحادي والعشرين من محرم سنة ١٣١٣ ه‍، والمتوفي في كربلاء يوم العشرين من صفر (يوم الاربعين الحسيني) سنة ١٣٩٦ ه‍، بطرقه المتعددة التي ذكر شطرا منها في إجازته المفصلة لي بتاريخ شهر رمضان سنة ١٤٠٢ ه‍، وطبعت تحت عنوان (إجازة الحديث) في دار المنار بالقاهرة في أكثر من مأتي صفحة.

__________________

(١) وللتفصيل راجع مقدمة السيد العلامة في هذا الكتاب: ٢٨.

١٦

ب - ما أرويه عن سماحة العلامة الحجة السيد محمد صادق بحر العلوم قدس سره المولود في النجف الاشرف في ١٠ ذي القعدة سنة ١٣١٥ ه‍، والمتوفي في النجف الاشرف ٢١ رجب سنة ١٣٩٩ ه‍، بطرقه العديدة التي فصل عنها في إجازته لي التي سماها (سلك اللالي في نظم إجازة الجلالي) كتبها في النجف الاشرف ٢٣ شوال سنة ١٣٩٧ ه‍ في ١٢ صفحة.

ج - ما أرويه عن سماحة آية الله السيد شهاب الدين النجفي المرعشي قدس سره المولود في النجف الاشرف في العشرين من صفر سنة ١٣١٥ ه‍، والمتوفي في مدينة قم المقدسة في ٧ صفر ١٤١١ ه‍ بطرقه العديدة المدونة في (الطرق والاسانيد إلى مرويات أهل البيت عليهم السلام) المؤرخة بأصيل يوم الجمعة لعشر مضين من ذي الحجة سنة ١٤٠١ ه‍،. هي في ٢٩ صفحة.

فأقول وبالله التوفيق: أروي إجازة عن أخي العلامة محمد حسين الجلالي، عن أبي سماحة آية الله السيد محسن الجلالي، وعن العلامة السيد محمد صادق بحر العلوم، وعن سماحة آية الله السيد المرعشي قدس سره.

٣ - جميعهم، عن جدي أب امي آية الله العظمي السيد محمد هادي الخراساني، المولود في كربلاء يوم الجمعة غرة ذي الحجة الحرام سنة ١٢٩٧ ه‍ والمتوفي فيها ليلة الاربعاء ثاني عشر ربيع الاول سنة ١٣٦٨ ه‍.

٤ - عن جماعة، منهم: استاذه آية الله الميرزا محمد تقي الشيرازي، المولود في شيراز سنة ١٢٥٦ ه‍، والمتوفي في كربلاء سنة ١٣٣٨ ه‍.

٥ - عن شيخه الميرزا حسين بن الميرزا خليل النجفي الطهراني، المولود سنة ١٢٣٠ ه‍، والمتوفي سنة ١٣٢٦ ه‍.

٦ - عن شيخه صاحب الجواهر، المتوفي سنة ١٢٦٦ ه‍،

١٧

٧ - عن شيخه الشيخ جعفر كاشف الغطاء، المتوفي سنة ١٢٢٨ ه‍.

٨ - عن السيد محمد مهدي بحر العلوم، المتوفي سنة ١٢١٢ ه‍.

٩ - عن المؤسس الوحيد البهبهاني، المتوفي سنة ١٢٠٨ ه‍.

١٠ - عن والده محمد أكمل.

١١ - عن المولى محمد باقر المجلسي، المتوفي سنة ١١١١ ه‍.

١٢ - عن والده المولى محمد تقي المجلسي، المولود سنة ١٠٠٢، والمتوفى سنة ١٠٧٠ ه‍.

١٣ - عن الشيخ بهاء الدين محمد (المعروف بالشيخ البهائي)، المولود سنة ٩٥٣ ه‍، والمتوفى سنة ١٠٣١ ه‍.

١٤ - عن والده الشيخ حسين بن عبد الصمد، المتوفى سنة ٩٨٤ ه‍

١٥ - عن الشيخ زين الدين الشهيد الثاني، المستشهد سنة ٩٦٦ ه‍.

١٦ - عن المحقق الميسي، المتوفى سنة ٩٣٨ ه‍.

١٧ - عن شمس الدين محمد بن الجزيني، المعروف بابن المؤذن.

١٨ - عن الشيخين الجليلين محمد وعلى ابني الشهيد الاول محمد بن مكي.

١٩ - عن والدهما محمد بن مكي (الشهيد الاول)، المستشهد سنة ٧٨٦ ه‍.

٢٠ - عن فخر المحققين محمد بن العلامة الحلي، المتوفى سنة ٧٧١ ه‍.

٢١ - عن والده آية الله العلامة الحلي، المتوفى سنة ٧٢٦ ه‍.

٢٢ - عن والده سديد الدين يوسف.

٢٣ - عن المحقق الحلي صاحب الشرائع، المتوفى سنة ٦٧٦ ه‍.

٢٤ - عن السيد فخار بن معد الموسوي، المتوفى سنة ٦٣٠ ه‍.

٢٥ - عن الشيخ أبي طالب عبد الرحمن بن محمد بن عبد السميع الهاشمي

١٨

الواسطي قراءة عليه في سنة ٦١٤ ه‍.

٢٦ - عن أبي الحسن علي بن علي بن أبي سعد محمد بن إبراهيم الخباز الازجي بقرائته عليه في سنة ٥٥٧ ه‍.

٢٧ - عن الشيخ أبي عبد الله الحسين بن عبد الملك بن الحسين الخلال بقراءة غيره عليه وهو يسمع في سنة ٥١٣ ه‍.

٢٨ - عن الشيخ أبي أحمد حمزة بن فضالة بن محمد الهروي بهراة

٢٩ - عن الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن يزداد بن على ابن عبد الله الرازي ثم البخاري ببخاري قراءة عليه في سنة ٣٩٧ ه‍.

٣٠ - عن أبي الحسن علي بن محمد بن مهرويه القزويني (المتوفى سنة ٣٣٥ ه‍) بقزوين

٣١ - عن داود بن سليمان بن يوسف الغازي.

عن الامام علي بن موسي الرضا عليه السلام، المستشهد سنة ٢٠٣ عن أبيه عن آبائه عليهم صلوات الله أجمعين، وحشرنا الله معهم في مستقر رحمته، وتحت ظل عرشه، آمين.

منهج التحقيق:

بعد ترقيم أحاديث المسند وإثبات موارد الاختلاف بين نص الحديث في هذا المسند ومصادر الحديث المعتمدة، عمدنا إلى ما يلي:

١ - إيراد نص نسخة المسند تحت عنوان متن المسند.

٢ - إيراد الاحاديث التي وردت في نسخة العلامة المجلسي ولم ترد في هذه النسخة.

١٩

٣ - تخريج روايات المسند من مصادر الحديث المعتمدة مع ذكر الشواهد والتوابع المؤيدة لمضمون الحديث.

٤ - ذكر ما رواه العامة بطرقهم إن وجدت تحت عنوان (ورواه من العامة).

٥ - بيان أهم ما يستفاد من الحديث تحت عنوان (فقه الحديث).

٦ - لما كانت مصادر حديث (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة). وهكذا حديث الثقلين كثيرة جدا ألحقنا بالكتاب ملحقين بمصادر هذين الحديثين.

آملين أن تكون هذه خطوة في خدمة السنة النبوية، وأن ينتفع بها المؤمنون في بناء مجتمع أفضل تحت ظل توجيهات الرسول الاعظم (ص) والائمة الاطهار من ال بيته صلوات الله عليهم أجمعين.

وختاما نشكر سماحة العلامة المجاهد السيد محمد حسين الجلالي على تفضله بكتابه مقدمة ضافية عن الكتاب والمؤلف، ونسأل الله سبحانه أن ينفع به المؤمنين إنه ولي التوفيق.

قم المقدسة

محمد جواد الحسيني الجلالي

١٠ / جمادي الاولى / ١٤١٧

٢٠

الكتاب والمؤلف

هذا الكتاب يرى النور لاول مرة في عالم المطبوعات، بالرغم من كثرة الروايات عن المؤلف في كتب الحديث، وقدر له أن تحفظ نسخة منه ضمن مجموعة في مكتبة منار الطائفة السيد المرعشي (ت / 1411) قدس الله تربته، وهذه خطوة متواضعة في سبيل إحياء تراث أهل البيت عليهم السلام، الذي كاد أن يضيع بين يقظه الاعداء وغفلة الاصدقاء.

لمحة عن حياة الامام عليه السلام

عاصر الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام - ثامن أئمة أهل البيت عليهم السلام [148 - 203 ه‍] - خلفاء عباسيين اشتهروا بالكيد ضد العلويين بكل ما اوتوا من قوة ومكر ودهاء، وكان الله لهم بالمرصاد، وكان موقف الامام عليه السلام من أصعب المواقف للسير على الاسس الاسلامية القويمة في قيادة حركة التصحيح التي قام بها في حياته إبان حكمهم، والخلفاء هم:

1 - المنصور العباسي (137 ه‍ - 159 ه‍:

أسس أبو جعفر المنصور عاصمته الجديدة ببغداد عام 145 ه‍، وأسماها

٢١

مدينة السلام، وفي نفس العام أخمد ثورة العلويين في خراسان، بعد مقاومة باسلة أبداها العلويون في وجه الطغاة، وجلد مالك بن أنس لتعاطفه مع الثوار من العلويين، وسجن أبا حنيفة لتعاطفه مع الثوار العلويين في البصرة.

وفي عام 147 ه‍ - ولاول مرة في الاسلام - ابتدع وطيفة (الجلاد) في البلاط العباسي، لتنفيذ أوامر الاعدام فور صدورها.

والامام عليه السلام عاش هذه الحوادث وهو ابن أحد عشر عاما.

2 - المهدي بن أبي جعفر المنصور (159 ه‍ - 169 ه‍:

أخمد المهدي ثورة المقنع [162 ه‍ - 164 ه‍] بإحراقه وجميع أتباعه وزوجاته في قلعة سنام.

وفي عام 167 ه‍ - ولاول مرة في تاريخ الاسلام - أظهر علنا وظيفة (العريف) في الخلافة العباسية، ومهمة العريف: محاربة المعارضة وقمع عناصرها في المهد، وهو ما يعرف في عصرنا الحاضر بالمخابرات.

والامام عليه السلام عاش هذه الظروف عشر سنين من عمره الشريف، وانتهت حكومة المهدي وهو ابن إحدى وعشرين سنة.

3 - موسى الهادي بن المهدي بن أبي حعفر المنصور (169 ه‍ - 170 ه‍):

وفي خلال عام واحد اشتد الصراع الداخلي في البلاط العباسي بين موسى هذا، وامه الجارية ((خيزران) التي كانت تتحكم في السلطة إبان حكم زوجها المهدي، وبالتالي خططت لقتل ابنها (موسى) ليخلفه ابنها الاخر (هارون).

4 - هارون الرشيد (170 ه‍ - 194 هـ):

بلغت الخلافة العباسية في عصره عصرها الذهبي بعد القضاء على كل من حلم بالمعارضة.

٢٢

ففي عام 183 ه‍: أمر ابراهيم بن الاغلب بإخماد الثورة في شمال أفريقيا.

وفي عام 188 ه‍: أمر بقتل جعفر بن يحيى البرمكي والتمثيل بجسده، وسجن أهله وصادر أموالهم.

وفي عام 193 ه‍: منح امتيازات خاصة للافرنج في البلاد الاسلامية، وخصوصا الاماكن المقدسة.

وفي النهاية خرج لقتال رافع بن ليث عام 194 ه‍، ومات في طريقه إلى خراسان، واستشهد الامام موسى بن جعفر الكاظم مسموما في سجنه ببغداد.

5 - المأمون (194 ه‍ - 218 ه‍):

وفي عام 195 ه‍: قاتل أخاه (محمد الامين) الذي تزعم خلافة أبيه.

وفي عام 198 ه‍: استسلم الامين، ولكن المأمون أو عز إلى قائد قواته (طاهر) وجنده باغتيال الامين.

وفي عام 200 ه‍: أرسل هرثمة لقتل محمد بن إبراهيم طباطبا، وبعد ذلك بعام - أي 201 ه‍ - قتل هرثمة خشية افتتان الناس به.

وفي عام 202 ه‍: عقد ولاية العهد للامام الرضا عليه السلام، وعقد قران ابنته على ابنه الامام الجواد عليه السلام، ولكن العراقيين من العباسيين رفضوا ذلك، واستخلفوا ابراهيم المهدي، ثم إنه في نفس العام سم الامام الرضا عليه السلام وتوفى عليه السلام مسموما بخراسان، ودخل المأمون بغداد فبايعه كل من عارضه من العباسيين.

وليس من الغريب الصلة بين عقد الولاية للامام الرضا عليه السلام وبين إخماد ثورات العلويين المتعاقبة، والصلة بين وفاة الامام وبين مبايعة المعارضة العباسة له ببغداد.

وهنا سؤال يطرح نفسه، وهو: هل خفي ذلك على الامام الرضا عليه السلام؟

٢٣

نكتفي في الاجابة على ذلك بكلام الامام نفسه، الذي رواه عبد الكريم الرافعي في كتابه (التدوين). فإن هذا النص يلقي الضوء على مدى وعي الامام عليه السلام للظروف السائدة والاسلوب الذي اتخذه لموقفه الحكيم، قال الرافعي (لما جعل المأمون العهد إلى الرضا عليه السلام، كتب:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الفعال لما يشاء، لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه، يعلم خائنه الاعين وما تخفي الصدور. وصلاته على نبيه محمد في الاولين والاخرين وآله الطيبين.

أقول - وأنا علي بن موسى بن جعفر ين محمد بن علي ابن الحسين -: إن امير المؤمنين - عضده الله بالسداد، ووقفه للرشاد - عرف من حقنا ما جهله غيره، فوصل أرحاما قطعت، وأمن أنفسا فزعت، بل أحياها وقد تلفت، وأغناها إذا صفرت، مبتغيا رضا رب العالمين، لا يريد جزاء إلا من عنده، وسيجزي الله الشاكرين، ولا يضيع أجر المحسنين.

إنه جعل إلى عهده والامرة الكبري إن بقيت بعده، فمن (1) حل عقدة أمر الله بشدها، وفصم عروة أحب الله إثباتها، فقد أباح حريمة وأحل محرمة، أذ كان بذلك زاريا على الامام، منتهكا حرمة الاسلام.

وقد جعلت لله على نفسي إن استرعاني أمر المسلمين

__________________

(1) في التدوين: (ممن).

٢٤

وقلدني خلافته، العمل فيهم بطاعته وسنة نبيه (ص) [و] (1) أن لا أسفك دما حراما، ولا ابيح فرجا، ألا ما سفكه حدوده وأباحته فرائضه، وأن أتخير الكفاة جهدي وطاقتي، وجعلت بذلك على نفسي عهدا مؤكدا يسألني عنه، فإنه يقول (وأفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا)، فإن حدت أو غيرت أو بدلت كنت للعن مستحقا، وللنكال متعرضا.

أعوذ بالله من سخطه، وإليه أرغب في تسهيل سبيلي إلى طاعته، والحول بيني وبين معصيته، في عافية لي وللمسلمين، إن الله على كل شئ قدير، والجفر يدل على الضد من ذلك، وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ( إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين ) (2) ، لكني امتثلت [أمر] (3) أمير المؤمنين وآثرت رضاه، والله يعصمني وإياه وهو حسبي وحسبه ونعم الوكيل.

وكتبت بخطي في محرم سنة اثنتين ومائتين) (4) .

وفي هذا النص نجد أن الامام يجدد ما اشترط جده الامام امير المؤمنين علي عليه السلام من العمل بطاعة الله وسنة نبيه فقط، من دون أن يجعل للتشريع أي مصدر ثالث ثم أشار إلي الظروف التي فرضت عليه بقوله: (عافية لي

__________________

(1) و (3) الزيادة اقتضاها السياق.

(2) الانعام: 6 / 57.

(4) التدوين 3: 425 - 426.

٢٥

وللمسلمين) وصرح ب‍ (لا أدري ما يفعل بي)، وهذه ليست عبارات من يرغب في خلافة أو ولاية، بل هي تشير إلى الظروف، وكأني به عليه السلام يقول للمأمون: إن الله يعلم ما تخفي في صدورك، إنك جعلت ولاية عهدك إلي إن بقيت بعدك والله يعلم أنك لا تريد أن أبقى بعدك، إذ لو كنت صادقا في استحقاقي الخلافة فلماذا لا تتنازل عنها وتوليها من هو أحق بك، وما هذا التناقض بين استبقاء الخلافة لنفسك وولاية العهد لغيرك؟

وأشار إلى أنها ولاية مفروضة بقوله عليه السلام: « ولكني امتثلت [أمر] أمير المومنين وآثرت رضاه ».

ويصدق كل ذلك: الاحداث اللاحقة، فإنه لم يكن بين تأريخ ولاية العهد في محرم سنة 202 ه‍ وبين وفاة الامام عليه السلام بالسم في 21 رمضان سنة 203 إلا عام وثمانية أشهر، وأستنفذ المأمون طاقاته في ضرب العلويين الثائرين بفرض الولاية على الامام، ورفع شعار الخضرة، لاغفال الجمهور، وبعد ذلك لعب دوره في استرضاء العباسيين الناقمين، بقتل الامام عليه السلام.

ونكتفي في حياة الامام عليه السلام بما حكاه الرافعي عن الحسن بن هاني أبو نؤاس الشاعر:

قيل لي: أنت واحد الناس في

كل كلام من المقال بديه

لك في جوهر الكلام بديع

يثمر الدر في يدي مجتنيه

فعلى م تركت مدح ابن موسى

بالخصال التي تجمعن فيه

قلت: لا أهتدي لمدح إمام

كان جبرئيل خادما لابيه (1)

__________________

(1) سير أعلام النبلاء 9: 389.

٢٦

ترجمة المؤلف

كل ما نعرف عن حياة المؤلف أنه كان قزويني الاصل، وإنه باشر الغزو في سبيل الله، ويعني ذلك أنه كان فارس ميدان الحرب، وأنه استضاف الامام الرضا عليه السلام، وروى هذه الاحاديث مسندة إلى الرسول الله (ص).

وأوسع من ترجم له هو عبد الكريم الرافعي، حيث قال (داود بن سليمان ابن يوسف الغازي، أبو أحمد القزويني، شيخ اشتهر بالرواية عن علي بن موسى الرضا عليه السلام، ويقال: إن عليا كان مستخفيا في داره مدة مكثه بقزوين، وله نسخة عنه يرويه أهل قزوين عن داود، كإسحاق بن محمد، وعلي بن محمد مهرويه وغيرهما، أنبأنا غير واحد عن أبي القاسم الشحامي، أنبأنا أبو القاسم عبد الرحمن ابن محمد بن أحمد بن فوران الامام، حدثنا أبو الحسن علي ابن عبد الله الطيسفوني، حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن بن عبد الرحيم، حدثنا علي ابن محمد بن مهرويه القزويني بنهاوند، حدثنا أبو أحمد داود بن سليمان القزويني) (1) .

وقال في ترجمة الامام عليه السلام: (قد اشتهر اجتياز علي بن موسى الرضا عليه السلام بقزوين، ويقال إنه كان متخفيا في دار داود بن سليمان الغازي، روي عنه النسخة المعروفة، روى عنه إسحاق بن محمد، وعلي بن محمد بن مهروية وغيرهما، قال الخليل: وابنه المدفون في مقبرة قزوين، يقال: إنه كان ابن ستين أو أصغر وتوفي الرضا رضي الله عنه سنة ثلاث ومائتين) (2) .

__________________

(1) التدوين 3: 3.

(2) التدوين 3: 428.

٢٧

والنسخة المخطوطة من التدوين (الصحفة 188 / ب - السطر 9) يمكن قراءة الكلمة فيها (مستخبئا) أي حط رحله في خباء له، وهو ما يعمل من وبر أو صوف أو شعر للسكن المؤقت دون الدائم، ولا يبعد أن يكون الامام عليه السلام قد مر في مسيره بأرض الغازي المذكور، وضرب الخباء فيه لفترة مؤقتة، واستضاف الامام فيها، ويظهر أن الامام عليه السلام كان شديد الحذر من خطط الاعداء فلم ينزل في دار مغلقة تفصله عن الجمهور، بل سكن في خباء ليتيسر للعامة اللقاء به ويظهر ما تخططه السلطة لاكثر عدد من الشهود.

وهل هذه الارض كانت من خطط قزوين، أو كانت مملوكة لصاحبها القزويني، فهو أمر يحتاج إلى مزيد تحقيق جغرافي لمسير الامام عليه السلام.

لقب المؤلف:

لا يصح في لقب المؤلف سوى (الغازي) ولكن أسانيد أحاديثه تشتمل على ألقاب يظهر أنها تصحيفات وهي:

1 - (القزاز)، كذا جاء في سند الحافظ أبي نعيم الاصبهاني (ت / 430) (1) .

2 - (الرازي)، كذا جاء في سند الحافظ أبي القاسم علي بن عساكر (ت / 571) (2) .

3 - (القاري)، كذا جاء في سند الشهيد الاول محمد بن مكي العاملي (ت / 786) (3) .

__________________

(1) حلية الاولياء 3: 192.

(2) الاكتفاء: 417.

(3) الاربعين: 2، وتهذيب التهذيب 7: 387.

٢٨

4 - (المغازي)، كذا جاء في سند العلامة المجلسي (ت / 111) (1) .

5 - (الفراء)، كذا جاء في أسانيد أحد عشر حديثا في بحار الانوار نقلا عن مصادر مختلفة (2) .

6 - (الغزاء)، كذا جاء في سند الشيخ الصدوق (ت / 381) (3) .

هذا وأصر محقق كتاب التوحيد على صحة هذا اللقب قائلا: (الغزاء - بالغين المعجمة والزاي المعجمة، مبالغة (الغازي) -، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا عليه السلام... الخ، وهذا هو الصحيح، وهذا الرجل هو أبو أحمد الغازي المذكور في الحديث التاسع، ولا يبعد أن يكون ملقبا بالغزاء والغازي معا، ولا يخفى أن الرجل مذكور في الحديث الرابع والعشرين من الباب الثاني، والحديث السابع عشر من الباب الثامن والعشرين بلقب الفراء - بالفاء والراء المهملة - ولا شبهة أنه تصحيف: الغزاء، ونحن أبقيناه عليه لاتفاق النسخ عليه، وقال في قاموس الرجال: داود بن سليمان بن وهب الغازي، روى عن الرضا عليه السلام حديث الايمان كما يظهر من لالي السيوطي، وروى الخصال عنه حديث رواية أربعين حديثا، إلا أن النساخ صحفوا الغازي فيه بالغزاء، أقول: الاقرب أنهم صحفوا الغزاء به كما قلنا) (4) .

__________________

(1) بحار الانوار 107: 166

(2) البحار 3: 240، 10: 11، 13: 347 و 92، 66: 36 و 147، 69: 63، 80: 176 و 303، 92: 211 و 308.

(3) التوحيد: 377

(4) هامش التوحيد: 377.

٢٩

وإذا جاز الترجيح في الالقاب بمجرد الاحتمال لاحتمال التصحيف في الكتابة، فهناك احتمال ثالث لم يذكر، وهو ضبط (القراء) بقاف مضمومة، فقد عد الذهبي (ت / 748) جماعة بهذا العنوان، منهم: أبو منصور علي القزويني (ت / 516) يعرف بابن القراء (1) .

وأسانيد رواياته الاخرى، إما مطلقة أو بلقب الغازي، ومن موارد ذلك في البحار 2: 29 و 48، 5: 29، 10: 369، 14: 68 و 79 و 92، 107: 190 108: 47.

7 - (الجرجاني) كذا لقبة محمد بن أحمد الذهبي (ت / 748) في ميزان الاعتدال 1: 8: وفي المغني في الضعفاء 1: 218، وتبعه أحمد بن حجر العسقلاني (ت / 852) في لسان الميزان 2: 417.

وقد عرفت تلقيب الرافعي القزويني إياه بالغازي، وأهل البيت أدرى بما في البيت، ومن الواضح أن النسبة إلى الغزو والجهاد، فاستساغ بعض النساخ صيغة المبالغة فيه: فلقبه بالغزاء، وفيه دلالة واضحة على صلته بالحكام بحكم عمله وربما بحكم وظيفته.

وتكاد مصادر الشيعة تتفق على أن المؤلف كان شيعيا إماميا، وأقدم هذه المصادر: كتاب الارشاد للشيخ محمد بن محمد النعمان المفيد (ت / 413) حيث عد المؤلف - حسب لفظه -: (ممن روى النص على الرضا عليه السلام من أبيه عليه السلام من خاصته وثقاته وأهل العلم والورع والفقه من شيعته) (2) .

__________________

(1) تبصير المتنبه 3: 1098.

(2) الارشاد: 304.

٣٠

وأورد الشيخ أبو العباس النجاشي (ت / 455) ترجمة، هذا نصها: (داود ابن سليمان بن جعفر أبو أحمد القزويني، ذكره ابن نوح في رجاله، له كتاب عن الرضا عليه السلام، أخبرني محمد بن جعفر النحوي، قال: حدثنا الحسين بن محمد الفرزدق القطعي، قال: حدثنا أبو حمزة بن سليمان، قال: نزل أخي داود بن سليمان وذكر النسخة...) (1) .

ومنها يظهر أن للمؤلف أخ يكني بأبي حمزة، وابن نوح هو أبو العباس أحمد ابن محمد السيرافي (ت / بعد 408).

واكتفى زكى الدين عناية الله القهپاني (ت / 1016) بترجمة النجاشي له.

وترجمة الشيخ الطوسي (ت / 460) في أصحاب الرضا عليه السلام قائلا: (داود بن سليمان بن يوسف، أبو أحمد القاري، أسند عنه، روى عنه ابن مهرويه) (2) .

وذكره ابن داود الحلي (ت / بعد 707) في القسم الاول من كتابه في الممدوحين (3) .

ولم يزد محمد علي الاردبيلي (ت / 1101) شيئا على كلام النجاشي (4) .

ونقل التفريشي (ت / بعد 1015) كلام النجاشز أيضا (5) والشيخ طه نجف (ت / 1323) ترجمة كذلك في الثقات من كتابه إتقان

__________________

(1) رجال النجاشي: 116.

(2) رجال الطوسي: 375.

(3) رجال ابن داود: 90.

(4) انظر جامع الرواة 1: 304.

(5) انظر نقد الرجال: 128.

٣١

المقال (1) .

وقال المامقاني (ت / 1351): (داود بن سليمان بن جعفر أبو أحمد القزويني، إمامي لا يبعد حسنه)، ونقل كلام النجاشي وعقبه بقوله: (وظاهره كونه إماميا) واستظهر الوحيد من عبارة الجنابذي كونه عاميا، واستشهد لذلك بكون عادته وصل سنده إلى رسول الله (ص)، يعني أنه يروي عن الرضا عليه السلام عن آبائه عن علي، عن رسول الله (ص)، وأنت خبير بأن مجرد نقل الجنابذي كونه ممن يروي عن الرضا عليه السلام، لا يدل على كونه عاميا، مع أن الموجود في عبارة الجنابذي - كما تسمعها في ترجمة عبد الله بن العباس القزويني - إنما هو سليمان ابن داود، لا داود بن سليمان، فسهى قلم الوحيد رحمه الله في النسبة.

وأما صلة السند إلى رسول الله (ص) فلا يدل على كونه عاميا، إذ لعله لالقاء الحجة على الخصم، وإلا فالعامي الذي لا يقول بإمامتهم، لا يعتمد غالبا على رواياتهم أيضا.

وبالجملة، فلا يرفع اليد عن ظاهر كلام النجاشي - الذي أصلناه في الفائدة التاسعة عشر - دلالة عنوانه للرجل من دون غمز في مذهبه، على كونه إماميا مثل هذه الاوهام، نعم لم يرد في الرجل ما يلحقه بالحسان، نعم في المشتركات: أنه ممدوح) (2) .

وقال التستري في قاموسه - بعد نقل كلام النجاشي -: (إن عدم عنوان

__________________

(1) إتقان المقال: 59.

(2) تنقيح المقال 1: 410.

٣٢

رجال الشيخ والفهرست لصاحب الترجمة غفلة) (1) ، وهذا غريب منه دام فضله، فإن المترجم مذكور في رجال الشيخ وخاصة النسخة المطبوعة كما تقدم.

وعنون سيدنا الاستاذ الخوئي رحمه الله (داود بن سليمان) مطلقا وقال: (من خاصة أبي الحسن [الامام الرضا] عليه السلام وثقاته وأهل الورع والعلم من شيعته، ذكره الشيخ المفيد في إرشاده في فصل من روى النص على الرضا علي ابن موسى عليه السلام بالامامة من الله، والاشارة إليه منه بذلك. أقول: لم يظهر لنا تعيين هذا الرجل فيحتمل: انطباقه على كل من المذكورين بعد ذلك ممن له كتاب والله العالم) (2) .

وأسانيد رواياته تعين طبقته وطبقة الرواة عنه كما سيأتي، كما إن رواياته التي تتجاوز الخمسين تدل على صلته الوثيقة بالامام، ولولاها لما تيسرت له هذه الروايات مهما كانت أسباب هذه الصلة.

وفي عد الشيخ المفيد إياه من خاصة الامام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام أو ابنه الرضا عليهما السلام وثقاته، ومن أهل العلم والورع والفقه من شيعته، ما يكفي دلالة على جلاله قدره.

هل المؤلف ثقة؟

ما أكثر الاتهامات بالتضعيف والتسفيق وحتى التكفير في تراثنا الاسلامي، لا لشئ سوى الاختلاف في العقيدة، وقلما نجد روايا في سلسلة الاحاديث يسلم

__________________

(1) قاموس الرجال 4: 53

(2) معجم رجال الحديث 7: 110.

٣٣

من التضعيف ممن لا يوافقه في العقيدة أو ينافسه في الحياة، وهذا يدعونا إلى تأصيل قاعدة بعيدة عن التعصب في قدح الرواة من دون دليل.

وإني أرى - والله العالم - أن الحكم بالتوثيق والتضعيف يجب أن يستنبط ويستخرج من روايات الرجل، فإن كان للروايات التي يرويها متابعات ومؤيدات فيحكم بوثاقته، وإن لم يكن كذلك فلا ينفعه ألف توثيق، وقد شرحت ذلك في الدراية، فليراجع.

ولم يسلم المؤلف من القدح في مصادر العامة، فقد عنون عبد الرحمن الرازي (ت / 327 ه‍) داود بن سليمان الجرجاني، وقال (هو مجهول) (1) وإنما ترجم لداود بن سليمان أو سليمان الاستر ابادي الصوفي، ولعله هو.

وعنون ابن الجوزي (ت / 597 ه‍) داود بن سلمان أو سليمان الجرجاني وقال: (قال يحيى بن معين: كذاب: وقال الرازي: مجهول) (2) .

وذكره الذهبي (ت / 748 ه‍) قائلا: (داود بن سليمان الجرجاني معاصر لابن المديني، قال ابن معين: كذاب وله عن علي بن موسى الرضا عليه السلام... إلى أن قال: داود بن سليمان الغازي عن علي بن موسى الرضا عليه السلام لا شئ) (3) .

وعليه، فإن الذهبي يرى تعدد الرجلين، هذا وزاد الذهبي في ميزان الاعتدال قوله: (داود بن سليمان الجرجاني الغازي عن علي بن موسى الرضا عليه السلام وغيره، كذبه يحيى بن معين، ولم يعرفه أبو حاتم، وبكل حال فهو شيخ كذاب، له نسخة

__________________

(1) تأريخ جرجان: 613.

(2) كتاب الضعفاء: 262.

(3) المغني في الضعفاء: 218.

٣٤

موضوعة عن علي بن موسى الرضا عليه السلام، رواها علي بن محمد بن مهرويه القزويني الصدوق عنه) (1) .

وقال السيوطي (ت / 911 ه‍): (داود بن سليمان بن وهب الغازي وهو مجهول) (2) .

وما أقرب كلام تاج الدين السبكي (ت / 771 ه‍) في التعصب المستولي على اقلام هؤلاء، إلى الواقع الذي تعيشه الامة ولا تزال تعاني منه، حيث قال: (... قل أن أرايت تأريخا خاليا من ذلك، وأما تاريخ شيخنا الذهبي غفر الله له، فإنه - على حسنه وجمعه - مشحون بالتعصب المفرط، لا يؤاخذه الله عليه فلقد أكثر الوقيعة في أهل الدين...) (3) .

وما أحسن السيد الامين (ت / 1371 ه‍) حيث قال: (إن تكذيب الذهبي - المعلوم حاله - له إنما هو لروايته من الفضائل ما لا يقبله عقولهم، مع أنه ليس فيما نقلوه من الروايات عنه نكارة، ولا ما يوجب الجزم بكذبه، وقول ابن حجر عن بعضها: أنه ركيك اللفظ، لعله من هذا القبيل، والاحاديث لم تنقل لبيان الفصاحة والبلاغة ولو جاءت هذه الاحاديث لبيان ما يوافق الهوى لم يلتفت إلى أنها ركيكة أو قوية) (4) .

__________________

(1) ميزان الاعتدال: 8، ولسان الميزان 2: 417 وانظر الحديث 35 في المستدرك.

(2) اللالي المصنوعة: 34

(3) قاعدة في الجرح والتعديل: 69.

(4) أعيان الشيعة 6: 273.

٣٥

الكتاب وأسانيده:

ذكر شهاب الدين بن حجر العسقلاني (ت / 852) جملة من الرواة عن الامام الرضا عليه السلام وخص أربعة منهم بأن لهم نسخة عنه، قال (علي بن مهدي ابن صدقة، له عنه نسخة، وأبو أحمد داود بن سليمان بن يوسف القاري القزويني، له عنه نسخة، وعامر بن سليمان الطائي له عنه نسخة كبيرة) (1) .

وذكر هذا الكتاب بالذات الشيخ أبو العباس النجاشي (ت / 450) بسنده قائلا: (له كتاب عن الرضا عليه السلام، أخبرني محمد بن جعفر النحوي - ثم ذكر سنده - قال: حدثنا الحسين بن محمد الفرزدق القطعي، قال: حدثنا أبو حمزة بن سليمان، قال: نزل أخي داود بن سليمان وذكر النسخة) (2) .

فإن مراد النجاشي هو هذا الكتاب، إذ لا يعهد للغازي كتاب آخر.

وذكر الشيخ الطوسي (ت / 460 ه‍) ناسبا إياه لراوي الكتاب حيث قال: (علي بن مهرويه القزويني له كتاب رواه أبو نعيم عنه) (3) .

فإن مراد الطوسي هو هذا الكتاب، إذ لا يعهد لابن مهرويه الراوي للكتاب كتابا آخر، بل وحيث إنه قد تجاوزت رواية ابن مهروية عنه الخمسين رواية ظنه الطوسي تأليفا له، مع إنه ليس كذلك، والعصمة لاهلها.

وقل رواية غير ابن مهرويه عن المؤلف، ومن هؤلاء القلة:

__________________

(1) تهذيب التهذيب 7: 387.

(2) رجال النجاشي: 161

(3) الفهرست: 124.

٣٦

1 - إبراهيم بن هاشم القمي (1) .

2 - جعفر ابن إدريس القزويني (2) .

3 - علي بن عبد الله (3) .

4 - أبو حمزة [بن سليمان] (4) .

5 - جعفر بن سليمان (5) .

6 - مسلمة بن عبد الملك (6) .

7 - أحمد بن عبدون (7) .

8 - علي بن محمد [بن مهرويه] (8) .

ودراسة أسانيد الروايات للمؤلف تفيد أن للكتاب - على الاقل - أربعة نسخ بأسانيد مختلفة، كلها تلتقي بعلي بن محمد بن مهرويه القزويني الراوي عن المؤلف، وقد تناقلها كبار المحدثين، والنسخ هي:

1 - نسخة بلخ:

يعتمد عليها الشيخ الصدوق (ت / 381)، حيث يكثر رواياته قائلا: (حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد الاشناني الرازي العدل ببلخ، قال: حدثنا علي بن محمد مهرويه القزويني، عن داود بن سليمان، عن علي بن موسى

__________________

(1) البحار 14: 35 و 75: 16.

(2) البحار 69: 68.

(3) البحار 27: 77.

(4) و (5) و (6) البحار 5: 118.

(7) و (8) البحار 38: 128.

٣٧

الرضا عليه السلام. (1)

ولكثرة تكرر هذا الاسناد في الروايات جمع العلامة المجلسي (ت / 1111) بين هذا الاسناد وإسناد الطائي والشيباني، وعبر عنها ب‍ (الاسانيد الثلاثة) رعاية للاختصار. (2)

__________________

(1) أورد الشيخ الصدوق رحمه الله سند هذا المسند بطرق ثلاثة وتبلغ أحاديث ما أورده بهذه الطرق 187 حديثا، أوردها في عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 25 - 49.

وقد ذكر في أولها الاسانيد الثلاثة هكذا:

حدثنا أبو الحسن محمد بن علي بن الشاه الفقيه المروزي (المرورودي - خ ل) بمرو الرود في داره، قال: حدثنا أبو بكر بن محمد بن عبد الله النيشابوري، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله ابن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي بالبصرة، قال: حدثنا أبي في سنة ستين ومأتين، قال: حدثني علي بن موسى الرضا عليه السلام سنة أربع وتسعين ومائة.

وحدثنا أبو منصور أحمد بن محمد الخوري، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن زياد الفقيه الخوري بنيسابور، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن هارون بن محمد الخوري، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن زياد الفقيه الخوري بنيسابور، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله الهروي الشيباني، عن علي بن موسى عليهم السلام.

وحدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد الاشناني الرازي العدل ببلخ، قال: حدثنا علي ابن مهرويه القزويني، عن داود بن سليمان الفرا، عن علي بن موسى الرضا عليه السلام، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد ابن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب عليهم السلام عن رسول الله (ص).

(2) راجع البحار 1: 51.

٣٨

2 - نسخة بغداد

نقل الرافعي عن الخطيب: (إن مهرويه حدث ببغداد سنة 322، وروى عنه أبو حفص عمر بن أحمد بن شاهين، وانتخب عنه ابن عقدة ثلاثة أجزاء) (1) .

وإلى هذه النسخة البغدادية ينتهي روايات الشيخ المفيد البغدادي (ت / 413) حيث يرويها غالبا عن عمر بن محمد المعروف بابن الزيات [الصيرفي] عن ابن مهرويه (2) والطبقة تساعده هذه الرواية.

كما أن المفيد يروي أيضا عن ابن الصلت عن ابن عقدة عن ابن مهرويه، فيظهر أنه اعتمد أحيانا منتخب ابن عقدة التي كانت في ثلاثة أجزاء (3) .

وللشيخ النجاشي البغدادي (ت / 450) نسخة يظهر أنها عائلية، حيث قال في سندها: (أخبرني محمد بن جعفر النحوي، قال: حدثنا الحسين بن محمد الفرزدق القطعي، قال: حدثنا أبو حمزة بن سليمان، قال: نزل أخي داود بن سليمان... وذكر النسخة) (4) .

3 - نسخ بخارى:

قال الحافظ عبد الغافر الفارسي (ت / 529) في المنتخب من السياق، (علي بن محمد بن أبي الاسود بن أبي منصور الوراق البخاري، أبو الحسن،

__________________

(1) التدوين 3: 417.

(2) يراجع موارد: منها 1: 49 و 165 و 76 و 125 و 125 و...

(3) يراجع البحار 7: 126 و 234، 37: 126.

(4) رجال النجاشي: 161.

٣٩

قدم نيسابور حاجا في شهر رمضان سنة 405، فحدث بصحيفة الرضا عليه السلام، عن ابراهيم البخاري، عن ابن مهرويه) (1) .

وأورد العلامة المجلسي (ت / 1111) نسخة بخارية في 23 حديثا، وجدها بخط الشيخ محمد بن علي الجياني [تصحيف الجباعي، جد الشيخ البهائي] وصورة سندها:

(يروي السيد الفقيه الاديب النسابة شمس الدين أبو علي فخار بن معد جزءا فيه أحاديث مسندة عن علي بن موسى الرضا عليه السلام الامام المعصوم عليه الصلاة والسلام، قراءة على الشيخ أبي طالب عبد الرحمن بن محمد بن عبد السميع الهاشمي الواسطي، وأنهاه في ذي الحجة سنة أربع عشر وستمائة في منزل الشيخ بقرى واسط، ورأيت خطه له بالاجازة وإسناد الشيخ عن أبي الحسن علي بن علي بن أبي سعد محمد بن إبراهيم الخباز الازجي (2) بقرائته عليه عاشر صفر سنة سبع وخمسين وخمسمائة، عن الشيخ أبي عبد الله الحسين بن عبد الملك بن الحسين الخلال بقراءة غيره عليه وهو يسمع في يوم الجمعة رابع صفر سنة ثلاث عشرة وخمس مائة، عن الشيخ أبي أحمد حمزة بن فضالة بن محمد الهروي بهرات، عن الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن يزداد بن علي بن عبد الله الرازي ثم البخاري ببخارى، قرئ عليه في داره في صفر سنة سبع وتسعين وثلاثمائة. قال: حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن مهرويه القزويني بقزوين، قال: حدثنا داود بن سليمان بن يوسف بن أحمد الغازي، قال: حدثني علي بن موسى عليه السلام،

__________________

(1) تاريخ نيسابور: 570.

(2) منسوب إلى باب الازج ببغداد. (هامش البحار).

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220