أدب الطف الجزء ٢

أدب الطف0%

أدب الطف مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 335

أدب الطف

مؤلف: العلامة السيد جواد شبر
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف:

الصفحات: 335
المشاهدات: 59011
تحميل: 9075


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 335 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 59011 / تحميل: 9075
الحجم الحجم الحجم
أدب الطف

أدب الطف الجزء 2

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

دنا ليمنع ركنيها بغاربه

فبات يدعم مهدوداً بمهدود

قد كانت الروم محذورا كتائبها

تدني البلاد على شحط وتبعيد

ملك تأخر عهد الدهر من قدم

عنه كأن لم يكن دهرا بمعهود

حل الذي أحكموه في العزائم من

عقد وما جربوه في المكاييد

وشاغبوا اليم ألفي حجة كملا

وهم فوارس قاريّاته السود

فاليوم قد طمست فيه مسالكهم

من كل لاحب نهج الفلك مقصود

لو كنت سألتهم في اليم ما عرفوا

سُفح السفائن من غير الملاحيد

هيهات لو راعهم في كل معترك

ليث الليوث وصنديد الصناديد

من ليس يمسح عن عرنين مضطهد

ولا يبيت على أحناء مفؤود

ذو هيبة تتقى في غير بائقة

وحكمة تُجتنى من غير تعقيد

من معشر تسع الدنيا نفوسهم

والناس ما بين تضييق وتنكيد

لو أصحروا في فضاء من صدورهم

سدّوا عليك فروج البيد بالبيد

اولئك الناس إن عدوا بأجمعهم

ومن سواهم فلغو غير معدود

والفرق بين الورى جمعا وبينهم

كالفرق ما بين معدوم وموجود

إن كان للجود باب مرتج غلق

فأنت تدني اليه كل اقليد

كأن حلمك أرسى الأرض أو عقدت

به نواصي ذرى أعلامها القود

لك المواهب اولاها وآخرها

عطاء رب عطاء غير محدود

فأنت سيّرت ما في الجود من مثل

باق ومن أثر في الناس محمود

لو خلّد الدهر ذا عز لعزته

كنت الأحق بتعمير وتخليد

تُبلى الكرام وآثار الكرام وما

تزداد في كل عصر غير تجديد

١٠١

الناشي الصغير أبو الحسن علي بن عبد الله بن الوصيف

بني احمد قلبي لكم يتقطع

بمثل مصابي فيكم ليس يسمع

فما بقعة في الأرض شرقا ومغربا

وليس لكم فيها قتيل ومصرع

ظلمتم وقتلتم وقُسّم فيئكم

وضاقت بكم أرض فلم يحم موضع

جسوم على البوغاء ترمى وأرؤس

على أرؤوس اللدن الذوابل تُرفع

نوارون لم تأوِ فراشاً جنوبكم

ويسلمني طيب الهجوع فاهجع

  وذكر السيد الأمين في الدر النضيد هذه الأبيات للناشي:

مصائب نسل فاطمة البتول

نكت حسراتها كبد الرسول

ألا بابي البدور لقين خسفاً

وأسلمها الطلوع الى الأفول

الا يا يوم عاشورا رماني

مصابي منك بالداء الدخيل

كأني بابن فاطمة جديلا

يلاقي الترب بالوجه الجميل

وقد قطع العداة الرأس منه

وعلّوه على رمح طويل

وفاطمة الصغيرة بع عز

كساها الحزن أثواب الذليل

تنادي جدها يا جد إنا

طلبنا بعد فقدك بالدخول

١٠٢

وللناشي في أهل البيت عليهم‌السلام :

رجائي بعيد والممات قريب

ويخطئ ظني فيكم ويصيب

متى تأخذون الثأر ممن تالبوا

عليكم وشبوا الحرب وهي ضروب

فذلك قد أدمى ابن ملجم شيبه

فخر على المحراب وهو خضيب

وذاك تولى السم عنه حشاشة

وأنشبن أظفار بها ونيوب

وهذا توزعن الصوارم جسمه

فخرّ بارض الطف وهو تريب

قتيل على نهر الفرات على ظما

تطوف به الاعداء وهو غريب

كأن لم يكن ريحانة لمحمد

وما هو نجل للوصي حبيب

ولم يك من أهل الكساء الاولى بهم

يعاقب جبّار السماء ويتوب

اناس علوا أعلى المعالي من العلى

فليس لهم في العالمين ضريب

اذا انتسبوا جازوا التناهي بجدهم

فما لهم في الأكرمين نسيب

هم البحر أضحى دره وعبابه

فليس له من مبتغيه رسوب

تسير به فلك النجاة وماؤه

لشرّابه عذب المذاق شروب

هم البحر يغدو من غدا في جواره

وساحله سهل المجال رحيب

يمد بلا جزر علوماً ونائلاً

إذا جاء منه المرء وهو كسوب

هم سبب بين العباد وربهم

فراجيهُم في الحشر ليس يخيب

حووا علم ما قد كان أو هو كائن

وكل رشاد يبتغيه طلوب

هم حسنات العالمين بفضلهم

وهو للاعادي في المعاد ذنوب

وقد حفظت غيب العلوم صدورهم

فما الغيب عن تلك الصدور يغيب

فان ظلمت أو قتّلت أو تهضمت

فما ذاك من شأن الزمان عجيب

وسوف يديل الله فيهم بأوبة

وكل إلى ذاك الزمان يؤب

  وفي الأعيان:

قال وحدثني الخالع: قال اجتزت بالناشي يوما وهو جالس في السراجين فقال لي قد عملت قصيدة وقد طلبت وأريد أن تكتبها بخطك حتى اخرجها

١٠٣

فقلت أمضي في حاجة وأعود وقصدت المكان الذي أردته وجلست فيه فحملتني عيني فرأيت في منامي أبا القاسم عبد العزيز الشطرنجي النائح فقال لي أحب أن تقوم فتكتب قصيدة الناشي البائية فانا قد نحنا بها البارحة بالمشهد، وكان هذا الرجل قد توفي وهو عائد من الزيارة فقمت ورجعت اليه وقلت: هات البائية حتى أكتبها، فقال من أين علمت أنها بائية وما ذاكرت بها أحدا فحدثته بالمنام فبكى وقال: لا شك ان الوقت قددنا، فكتبتها فكان أولها:

رجائي بعيد والممات قريب

ويخطئ ظني والمنون نصيب

١٠٤

الناشي الصغير مولده سنة 271 ومات يوم الأثنين لخمس خلون من صفر سنة 365 هو ابو الحسن علي بن عبد الله بن الوصيف الناشي الصغير الاصغر البغدادي:

من باب الطاق، نزيل مصر، المعروف بالحلاء كان ابوه يعمل حلية السيوف فسمّي حلاّء. ويقال له: الناشي لأن الناشي يقال لمن نشأ في فن من فنون الشعر كما قال السمعاني في الانساب.

وفي الطليعة: كان من علماء الشيعة ومتكلميها ومحدثيها وفقهائها وشعرائها له كتب في الامامة ومدائحه في أهل البيت صلوات الله عليهم لا تحصى كثرة روى الحموي في معجم الادباء قال: حدثني الخالع قال: كنت مع والدي في سنة ست وأربعين وثلاثمائة وأنا صبي في مجلس الكبودي في المسجد الذي بين الوارقين والصاغة وهو غاص بالناس واذا رجل قد وافى وعليه مُرقعة وفي يديه سطيحة وركوة (1) ومع عُكاز، وهو شِعث فسلّم على الجماعة بصوت يرفعه، ثم قال أنا رسول فاطمة الزهراء صلوات الله عليها، فقالوا مرحبا بك وأهلا ورفعوه فقال: أتعرّفون لي أحمد المزوق النائح، فقالوا: ها هو جالس، فقال: رأيت مولاتنا عليها‌السلام في النوم فقالت:

امضي الى بغداد واطلبه وقل له: نح على ابني بشعر الناشي الذي يقول فيه:

بني احمد قلبي بكم يتقطع

بمثل مصابي فيكم ليس يُسمع

__________________

1 - المرقعة: الثوب المرقع، والسطيحة، المزادة، والركوة: الدلو الصغير.

١٠٥

وكان الثاني حاضرا فلطم على وجهه وتبعه المزوّق والناس كلهم وكان اشد الناس في ذلك الناشي ثم المزوّق ثم ناحوا بهذه القصيدة في ذلك اليوم الى أن صلى الناس الظهر وتقوض المجلس، وجهدوا بالرجل أن يقبل شيئا منهم، فقال والله لو أعطيت الدنيا ما أخذتها فانني لا أرى أن أكون رسول مولاتي عليها‌السلام ثم آخذ عن ذلك عوضا، وانصرف ولم يقبل شيئا قال: ومن هذه القصيدة وهي بضعة عشر بيتا.

عجب لكم تفنون قتلا بسيفكم‌

ويسطو عليكم من لكم كان يخضع

كأن رسول الله أوصى بقتلكم

وأجسامكم في كل ارض توزع

  وجمع العلامة السماوي شعر الناشي في أهل البيت عليهم‌السلام وهو يزيد على ثلثمائة بيتا وهو اليوم في مكتبة الامام الحكيم العامة بالنجف الأشرف أقول ودفن الناشي في مقابر قريش وقبره هناك معروف. وهو ممن نبش قبره في واقعة سنة 443 وأحرقت تربته.

وقال الشيخ القمي في الكنى والألقاب: الناشي الاصغر هو ابو الحسن علي بن عبد الله بن وصيف البغدادي الحلاء الفاضل المتكلم الشاعر البارع الإمامي المشهور له كتاب في الإمامة وأشعار كثيرة في أهل البيت (ع) لا تحصى حتى عرف بهم ولقب بشاعر أهل البيت (ع)، ولد سنة 271 ويروي عن المبرد وابن المعتز قال ابن خلكان وهو من الشعراء المحسنين وله في أهل البيت (ع) قصائد كثيرة وكان متكلما بارعا اخذ علم الكلام عن أبي سهل اسمعيل بن علي بن نوبخت المتكلم وكان من كبار الشيعة وله تصانيف كثيرة وكان جده وصيف مملوكا وابوه عبد الله عطارا وقيل له الحلاء لأنه كان يعمل حلية من النحاس ومضى إلى الكوفة سنة 325 وأملى شعره بجامعها وكان المتنبي وهو صبي يحضر مجلسه بها وكتب من إملائه لنفسه من قصيدة:

كأن سنان ذابله ضمير‌‏

فليس عن القلوب له ذهاب

وصارمه كبيعته بخم

مقاصدها من الخلق الرقاب

١٠٦

ونظم المتنبي هذا وقال:

كأن الهام في الهيجاعيون‌‏

وقد طبعت سيوفك من رقاد

وقد صغت الاسنة من هموم

فما يخطرن إلا في فؤادي

  وقال النجاشي والشيخ في الفهرست، له كتاب في علم الكلام. وعده ابن النديم في المتكلمين من الشيعة وقال: كان متكلما بارعا.

قال الحموي: وكان الناشي يعتقد الامامة ويناظر عليها باجود عبارة فاستنفد عمره في مديح أهل البيت حتى عرف بهم، واشعاره فيهم لا تحصى كثرة، ومدح مع ذلك الراضي بالله وله معه اخبار، وقصد كافور الأخشيدي بمصر فامتدحه وامتدح ابن حِنزابَةَ وكان ينادمه.

وفي الاعيان: وقيل وفد الناشي على عضد الدولة بن بويه وامتدحه فأمر له بجائزة سنيّة وأحاله على الخازن فقال ما في الخزانة شيء فاعتذر اليه عضد الدولة وقال: ربما تأخر حمل المال الينا وسنضاعف لك الجائزة متى حظر فخرج من عنده فوجد على الباب كلابا لعضد الدولة عليها قلائد الذهب وجلال الخز قد ذبح لها السخال والقيت بين يديها فعاد الى عضد الدولة وأنشأ يقول:

رأيت بباب داركم كلابا

تغذيها وتطعمها السخالا

فهل في الأرض أدبر من أديب

يكون الكلب أحسن منه حالا

  ثم حمل الى عضد الدولة مال على بغال وضاع منها بغل ووقف على باب الناشي فأخذ ما عليه ثم دخل على عضد الدولة وأنشده قصيدته التي يقول فيها:

ومن ظن أن الرزق يأتي بمطلب

فقد كذبته نفسه وهو آثم

يفوت الغنى من لا ينام عن السرى

وآخر يأتي رزقه وهو نائم

  `فقال له هل وصل المال الذي على البغل فقال نعم قال هو لك بارك الله لك فيه

١٠٧

فعجب الحاضرون من فطنته.

وفي الأعيان: قال ياقوت حدث الخالع قال حدثني ابو الحسن الناشي قال كنت بالكوفة سنة 325 وأنا أملى شعري في المسجد الجامع بها والناس يكتبون عني.

قال السيد الأمين في الاعيان: الظاهر أن ذلك الشعر كان في مدح أهل البيت عليهم‌السلام والا فغيره من الشعر لا يقرأ في المسجد الجامع بالكوفة، وكان الناس الذين يكتبون عنه هم الشيعة، لان جل اهل الكوفة كانوا شيعة في ذلك الوقت. انتهى

وللناشي يمدح امير المؤمنين عليه‌السلام :

ألا يا خليفة خير الورى

لقد كفر القوم اذ خالفوكا

خلافهم بعد دعواهم

ونكثهم بعدما بايعوكا

طغوا بالخريبة واستنجدوا

بصفين والنهر إذ صالتوكا

أناس هم حاصروا نعثلا

ونالوه بالقتل ما استأذنوكا

فيا عجبا منهم إذ جنوا

دما وبثاراته طالبوكا

ولو أيقنوا بنبي الهدى

وبالله ذي الطول ما كايدوكا

ولو أيقنوا بمعاد لها

أزالوا النصوص ولا مانعوكا

ولو أنهم آمنوا بالهدى

لما مانعوك ولا زايلوكا

ولكنهم كتموا الشك في

اخيك النبي وأبدوه فيكا

فلم لم يثوروا ببدر وقد

قتلت من القوم من بارزوكا

ولم عردوا إذ ثنيت العدى

بمهراس أُحد ولم نازلوكا

ولم أحجموا يوم سلعٍ وقد

ثبّت لعمرو ولم أسلموكا

ولِم يوم خيبر لم يثبتوا

براية أحمد واستدركوكا

فلاقيت مرحب والعنكبوت

واسداً يحامون إذ وجهوكا

١٠٨

فدكدكت حصنهم قاهرا

ولوّحت بالباب اذا حاجزوكا

ولم يحضروا بحنين وقد

صككت بنفسك جيشا صكوكا

فأنت المقدم في كل ذاك

فيا ليت شعري لم اخرّوكا

فيا ناصر المصطفى أحمد

تعلمت نصرته من أبيكا

وناصبت نصابه عنوة

فلعنة ربي على ناصبيكا

فانت الخليفة دون الأنام

فما بالهم في الورى خلّفوكا

ولا سيما حين وافيته

وقد سار بالجيش ببغي تبوكا

فقال أناس قلاه النبي

فصرت الى الطهر إذ خفضوكا

فقال النبي جوابا لما

يؤدي الى مسمع الطهر فوكا

ألم ترض أنّا على رغمهم

كموسى وهارون إذ وافقوكا

ولو كان بعدي نبيّ كما

جعلت الخليفة كنت الشريكا

ولكنني خاتم المرسلين

وأنت الخليفة إن طاوعوكا

وأنت الخليفة يوم انتجاك

على الكور حينا وقدعاينوكا

يراك نجيا له المسلمون

وكان الإله الذي ينتجيكا

على فم أحمد يوحى اليك

وأهل الضغائن مستشرفوكا

وأنت الخليفة في دعوة

العشيرة إذ كان فيهم أبوكا

ويوم الغدير وما يومه

ليترك عذرا الى غادريكا

فهم خلف نصروا قولهم

ليبغوا عليك ولم ينصروكا

اذا شاهدوا لنص قالوا لنا

توانى عن الحق واستضعفوكا

فقلنا لهم نص خير الورى

يزيل الظنون وينفي الشكوكا

ولو آمنوا بنبيّ الهدى

وبالله ذي الطول ما خالفوكا

١٠٩

( الابيات ) توفي ببغداد سنة 366 أو 360 والناشي كما عن أنساب السمعاني يقال لمن نشأ في فن من فنون الشعر واشتهر به والمشهور بهذه النسبة علي بن عبد الله، وقيل انه توفي يوم الأربعاء لخمس خلون من صفر ومولده في سنة إحدى وسبعين ومائتين.

ومن شعره كما روى ابن خلكان:

إني ليهجرني الصديق تجنُّباً‌‏

فأريه أن لهجره اسبابا

وأخاف إن عاتبته أغريته

فأرى له ترك العتاب عتابا

واذا بليت بجاهل متغافل

يدعو المحال من الامور صوابا

أوليته مني السكوت وربما

كان السكوت عن الجواب جوابا

١١٠

وللناشي في مدح أمير المؤنين عليه‌السلام :

بآل محمد عُرف الصواب

وفي أبياتهم نزل الكتاب

هم الكلمات للأسماء لاحت

لآدم حين عزّ له المتاب

وهم حجج الآله على البرايا

بهم وبحكمهم لا يستراب

بقيّة ذي العلى وفروع أصل

لحسن بيانهم وضح الخطاب

وأنوار يرى في كل عصر

لا رشاد الورى منهم شهاب

ذرارى أحمد وبنو عليّ

خليفته فهم لبّ لباب

تناهوا في نهاية كل مجد

فطهّر خلقهم وزكوا وطابوا

إذا ما أعوز الطلاب علم

ولم يوجد فعندهم يصاب

محبتهم صراط مستقيم

ولكن في مسالكها عقاب

ولا سيما أبو حسن علي

له في الحرب مرتبة تهاب

كأن سنان ذابله ضمير

فليس لها سوى نعم جواب

وصارمه كبيعته بخُمّ

معاقدها من القوم الرقاب

اذا نادت صوارمه نفوسا

فليس لها سوى نعم جواب

فبين سنانه والدرع سلم

وبين البيض والبيض أصطحاب

هو البكاء في المحراب ليلا

هو الضحّاك إن وصل الضراب

ومَن في خفه طرح الأعادي

حُبابا كي يُلسبه الحُباب (1)

__________________

1 - الحباب: الأفعى.

١١١

فحين أراد لبس الخف وافى

يمانعه عن الخف الغراب

وطار به فاكفأه وفيه

حباب في الصعيد له انسياب

ومَن ناجاه ثعبان عظيم

بباب الطهر ألقته السحاب

رآه الناس فانجفلوا برعب

وأغلقت المسالك والرحاب

فلما أن دنا منه عليّ

تداني الناس واستولى العجاب

فكلّمه علي مستطيلا

واقبل لا يخاف ولا يهاب

ورنّ لحاجز وانساب فيه

وقال وقد تغيبه التراب

أنا ملك مسخت وأنت مولى

دعاؤك إن مننت به يجاب

أتيتك تائبا فاشفع الى مَن

اليه في مهاجرتي الإياب

فاقبل داعيا واتى اخوه

يؤمن والعيون لها انسكاب

فلما أن أُجيبا ظل يعلو

كما يعلو لدى الجو العقاب

وانبت ريش طاوس عليه

جواهر زانها التبر المذاب

يقول لقد نجوت بأهل بيت

بهم يصلى لظى وبهم يثاب

هم النبأ العظيم وفلك نوح

وناب الله وانقطع الخطاب

  وللناشي يمدحه سلام الله عليه:

الا إن خير الخلق بعد محمد

علي الذي بالشمس ازرت دلائله

وصي النبي المصطفى ونجيّه

ووارثه علم الغيوب وغاسله

ومَن لم يقل بالنص فيه معاندا

غدا عقله بالرغم منه يجادله

يعرّفه حق الوصي وفضله

على الخلق حتى تضمحل بواطله

هو البحر يغنى من غدا في جواره

ولا سيما إن أظهر الدر ساحله

هو الفخر في اللأوا اذا ما ندبته

ولا عجب أن يندب الفخر ثاكله

حجاب آله الخلق أحكم رتقه

وستر على الاسلام ذو الطول سابله

وباب غدا فينا لخير مدينة

وحبل ينال الفوز في البعث واصله

وعيبة علم الله والصادق الذي

يقول بحر القول إن قال قائله

١١٢

عليم بما لا يعلم الناس مظهر

من العلم من كل البرية جاهله

يجيب بحكم الله من كل شبهة

فيبصر طب الغي منه مسائله

اذا قال قولا صدّق الوحي قوله

وكذّب دعوى كل رجس يناضله

حميد رفيع القول عند مليكه

شفيع وجيه لا ترد وسائله

وخلصان رب العرش نفس محمد

وقد كان من خير الورى مَن يباهله

امام علا من ختم الرسل كاهلا

وليس علي يحمل الطهر كاهله

ولكن رسول الله علاه عامدا

على كتفيه كي تناهى فضائله

أيعجز عنه من دحا باب خيبر

وتحمله أفراسه ورواحله

فشرّفه خير الانام بحمله

فبورك محمول وبورك حامله

ولما دحا الأصنام أومى بكفه

فكادت تنال النجم منه أنامله

وذلك يوم الفتح والبيت قبله

ومن حوله الاصنام والكفر شامله

  وللناشي يمدحه (ع):

يا آل ياسين إن مفخركم

صيّر كل الورى لكم خولا

لو كان بعد النبي يوجد في

الخلق رسولا لكنتم رسلا

لولا موالاتكم وحبكم

ما قبل الله للورى عملا

يا كلمات لولا تلقّنها

آدم يوم المتاب ما قبلا

انتم طريق الى الاله بكم

أوضح رب المعارج السبلا

آمنت فيمن مضى بكم وقضى

وبالذي غاب خائفا وجلا

وهو بعين الله العلي يرى

ما صنع المختفي وما فعلا

ويؤمن الارض من تزلزلها

إذ كان طودا لثبتها جبلا

حتى يشاء الباري فيظهره

للقسط والعدل خير من عدلا

يا غائبا حاظرا بانفسنا

وباطنا ظاهرا لمن عقلا

يابن البدور الذين نورهم

يسطع في الخافقين ما أفلا

وابن الهمام الذي بسطوته

قوّض ظعن الاشراك مرتحلا

١١٣

اقام دين الاله اذ كسرت

يداه في فتح مكة هبلا

علا على كاهل النبي ولو

رام احتمالا لاحمد حملا

ولو أراد النجوم لامسها

بما له ذو الجلال قد كفلا

مَن يغتل فليكن علاه كذا

أولا فقد بآء هابطا سفلا

امسكت منكم حبل الولاء فما

أراه إلا بالله متصلا

  ومن شعره قوله يصف فرسا:

مثل دعاء مستجاب إن علا

أو كقضاء نازل اذا هبط

  وقوله:

لا تعتذر بالشغل عنا إنما‏

ترجى لانك دائما مشغول

واذا فرغت ولا فرغت فغيرك

المرجو والمطلوب والمأمول

  وسمي بالناشي الاصغر في مقابلة الناشي الاكبر وهو:

أبو العباس عبد الله بن محمد الانباري البغدادي المعروف بابن شرشير الشاعر حكي انه كان في طبقة ابن الرومي والبحتري وكان نحويا عروضيا منطقيا متكلما له قصيدة في فنون من العلم تبلغ أربعة آلاف بيت وله عدة تصانيف وأشعار كثيرة في جوارح الصيد والامة والصيود كأنه كان صاحب صيد وقد أستشهد كشاجم بشعره في كتاب المصايد والمطارد في مواضع توفي بمصر سنة 293 انتهى ما قاله القمي في الكنى والالقاب. وقال السيد الامين في الأعيان:

الناشي الاكبر اسمه عبيد الله بن محمد بن شرشر ولا دليل على تشيعه

١١٤

قصائد من شعر الناشي الصغير كما في ديوانه المخطوط وهذه أوائلها:

1 - ألا يا آل ياسين

وأهل الكهف والرعد

2 - استمع ما أتى به جبرئيل

أحمد المصطفى البشير النذيرا

3 - يا آل ياسين مَن يحبكم

بغير شك لنفسه نصحا

4 - ببغداد وإن ملئت قصورا

قبور غشّت الآفاق نورا

5 - اتل آي الكتاب للعلم فيه

وتأمل به بفكر النبيه

6 - زينة الانسان عقل

بضياه يستدل

7 - ألا لا تلمني في ولاي أبا حسن

فما تابع حقاً يلام على الزمن

8 - روى لنا انس فيما راى انس

وكان يروي حديثا في الهدى عجبا

١١٥

الأمير محمد بن عبد الله السوسي

لهفي على السبط وما ناله

قد مات عطشانا بكرب الظما

لهفي لمن نكّس عن سرجه

ليس من الناس له من حمى

لهفي على بدر الهدى إذ علا

في رمحه يحكيه بدر الدجى

لهفي على النسوان إذ أبرزت

تساق سوقا بالعنا الجفا

لهفي على تلك الوجوه التي

أبرزت بعد الصون بين الملا

لهفي على ذاك العذار الذي

علاه بالطف تراب العدا

لهفي على ذاك القوام الذي

أحناه بالطف سيوف العدى (1)

  وله:

كم دموع ممزوجه بدماء‌‏

سكبتها العيون في كربلاء

لست أنساه في الطفوف غريبا

مفردا بين صحبه بالعراء

وكأني به وقد خرّ في التر

ب صريعا مخضبا بالدماء

وكأني به وقد لحظ النسـ

وان يهتكن مثل هتك الإماء

__________________

1 - رواها ابن شهر اشوب في المناقب.

١١٦

وقوله في الحسين:

فيا بضعة من فؤاد النبي‌‏

بالطف أضحت كثيبا مهيلا

قتلتَ فأبكيت عين الرسول

وأبكيت من رحمة جبرئيلا

  وقوله أيضا:

يا قمرا حين لاحا

أورثني فقتدك المناحا

يا نوب الدهر لم يدع لي

صرفك من حادث سلاحا

أبعد يوم الحسين ويحيى

استعذب اللهو والمزاحا

يا سادتي يا بني عليّ

بكى الهدى فقدكم وناحا

أوحشتم الحجر والمساعي

آنستم القفر والبطاحا

  وله وهو وزن غريب:

جودي على الحسين يا عين بانغزار‌

جودي على الغريب اذ الجار لا يجار

جودي على النساء مع الصبية الصغار

جودي على القتيل مطروحا في القفار

ألا يا بني الرسول لقدقل الاصطيار

الا يا بني الرسول أخلت منكم الديار

  الا يا نبي الرسول فلا قرّ لي قرار

وله:

لا عذر للشيعي يرقأ دمعه

ودم الحسين بكربلاء أريقا

يا يوم عاشروا لقد خلّفتني

ما عبشت في بحر الهموم غريقا

فيك استبيح حريم آل محمد

وتمزقت أسبابهم تمزيقا

أأذوق ريّ الماء وابن محمد

لم يروَ حتى للمنون أذيقا

  وله:

وكّل جفني بالسهاد

مذ غرس الحزن في فؤادي

١١٧

ناع نعى بالطفوف بدراً

أكرم به رائحا وغادي

نعى حسينا فدته روحي

لما أحاطت به الاعادي

في فتية ساعدوا وواسوا

وجاهدوا أعظم الجهاد

حتى تفانوا وظلّ فردا

ونكّسوه عن الجواد

وجاء شمر اليه حتى

جرّعه الموت وهو صادي

وركب الرأس في سنان

كالبدر يجلو دجى السواد

واحتملوا أهله سبايا

على مطايا بلا مهاد

  وله:

أأنسى حسينا بالطفوف مجدلا‌

ومن حوله الاطهار كالأنجم الزهر

أأنسى حسينا يوم سير برأسه

على الرمح مثل البدر في ليلة البدر

أأنسى السبايا من بنات محمد

يهتكن من بعد الصيانة والحذر

١١٨

الأمير محمد السوسي

الأمير ابو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن محمد السوسي توفي في حدود سنة 370 ودفن بحلب. كان فاضلا أديبا كاتبا بحلب وسافر الى فارس ثم عاد الى محله.

ذكره ابن شهر اشوب في معالم العلماء في شعراء اهل البيت المجاهرين ويطلق هذا اللقب على أحمد بن يحيى بن مالك الهمداني ذكره الشيخ القمي في ( الكنى والألقاب ) فقال: كان كوفي الأصل، سكن سر من رأى وحدّث بها، أخذ عن جماعة كثيرة من المحدثين وروى عنه جمع منهم أبو حاتم الرازي الذي كتب عنه وسئل عنه فقال: صدوق توفي سنة 263. قال: وهو غير السوسي الذي مدح أهل البيت عليهم‌السلام ورثى الحسين ابن علي عليه‌السلام .

والسوسي نسبة الى السوس كورة باهواز فيها قبر دانيال عليه‌السلام ، معرب شوش، وبلد بالمغرب، وبلد آخر بالروم.

انتهى

١١٩

سعيد بن هاشم الخالدي

وحمائم نبهنني‌‏

والليل داجي المشرقين

شبهتهن وقد بكيـ

ـن وما ذرفن دموع عين

بنساء آل محمد

لما بكين على الحسين (1)

  روها الأمين في أعيان الشيعة عن يتيمة الدهر للثعالبي.

__________________

1 - وفي مقال للدكتور مصطفى جواد كتبه في العدد التاسع من مجلة ( البلاغ ) الكاظمية السنة الأولى. ان هذه الأبيات والتي بعدها لأبي بكر محمد بن أحمد بن حمدان المعروف بـ ( الخباز البلدي ) نسبة الى بلد من بلدان الجزيرة التي فوق الموصل وتسمى ايضا ( بلط ) وتعرف اليوم باسم تركي هو ( أسكي موصل ) اي الموصل العتيقة. كان الخباز البلدي أمّيا إلا أنه حفظ القرآن الكريم، ذكره الثعالبي في يتيمة الدهر والعماد الاصفهاني في خريدة القصر وذكره نصر الله ابن الأثير في المثل السائر، وكان من حسنات بلده، وشعره كله مُلح وتحف وغرر ولا تخلو مقطوعة له من معنى حسن أو مثل سائره ذكره القفطي في كتابه المذكور غير مرة وقال:

وكان يتشيع ويتمثل في شعره بما يدل على مذهبه كقوله:

وحمائم نبهنّني الابيات. وقوله جحدت ولاء مولانا الوصي الأبيات.

أقول وروى له نتفا شعرية عذبة. وقال الشيخ القمي في الكنى والألقاب: محمد بن احمد بن الحسين البلدي الموصلي شيخ عالم فاضل اديب شاعر امامي كان من شعراء الصاحب بن عباد وقد ذكر شيخنا الحر العاملي رحمه الله في أمل الآمل بعض أشعاره.

١٢٠