أدب الطف الجزء ٢

أدب الطف17%

أدب الطف مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 335

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 335 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 62242 / تحميل: 10366
الحجم الحجم الحجم
أدب الطف

أدب الطف الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

«فإنّ المرء المسلم ما لم يغش دناءة تظهر فيخشع لها إذا ذكرت» قالت ليلى الأخيلية:

لعمرك ما بالموت عار على امرى‏ء

إذا لم تصبه في الحياة المعاير

في (الأغاني): مرّ مالك بن الريب بليلى الأخيلية فجلس إليها يحادثها طويلا و أنشدها، فأقبلت عليه و أعجبت به حتّى طمع في وصلها ثم إذا هو بفتى قد جاء إليها كأنّه نصل سيف فجلس إليها فأعرضت عن مالك و تهاونت حتّى كأنّه عندها عصفور، و أقبلت على صاحبها مليّا من نهارها فغاظه ذلك من فعلها و أقبل على الرجل فقال: من أنت؟ فقال توبة بن الحميّر. فقال: هل لك في المصارعة؟ قال: و ما دعاك إلى ذلك و أنت ضيفنا و جارنا. قال: لا بدّ منه. فظنّ أنّ ذلك يخوفه منه فازداد لجاجا، فقام توبة فصارعه فصرعه، فلمّا سقط إلى الأرض صدرت منه ريح ذات صوت، فضحكت ليلى منه فاستحى مالك فاكتتب بخراسان و قال: لا أقيم ببلد العرب أبدا و قد تحدثت عني بهذا الحديث، فأقام ثمة حتّى مات و قبره هناك معروف( ١) .

و كان المخبّل السعدي خطب كما في (الأغاني) إلى الزبرقان بن بدر أخته خليدة فمنعه ثم زوّجها بآخر فقال المخبّل:

فأنكحته زهوا كأنّ عجانها

مشقّ إهاب أوسع السلخ ناجله

ثم مر المخبل بعد ما أسن و ضعف بصره بخليدة فأنزلته و قرّبته و أكرمته و وهبت له وليدة قالت له: إني آثرتك بها يا أبا يزيد فاحتفظ بها. فقال:

و من أنت حتّى أعرفك و أشكرك. قالت: لا عليك. قال: بلى و اللّه. قالت: أنا بعض من هتكت بشعرك ظلما أنا خليدة بنت بدر. فقال: و اسوأتاه منك فإنّي استغفر اللّه و أستقيلك، ثم قال:

____________________

(١) الأغاني ٢٢: ٢٩٧، دار احياء التراث العربي بيروت.

٦١

لقد ضلّ حلمي في خليدة إنّني

سأعتب نفسي بعدها و أتوب

فأقسم بالرّحمن إنّي ظلمتها

و جرت عليها و الهجاء كذوب( ١)

«و تغرى» من الإغراء أو التغرية أي: تولع.

«به لئام الناس» في (المعجم): اجتاز القاضي التنوخي يوما في بعض الدروب فسمع امرأة تقول لأخرى: كم عمر بنتك يا اختي؟ فقالت لها: رزقتها يوم شهر بالقاضي التنوخي و ضرب بالسياط فرفع رأسه إليها و قال: يا بظراء صار صفعي تاريخك ما وجدت تاريخا غيره.

و في (العيون): دخل اعرابي على المساور الضبّي و هو بندار الريّ فسأله فلم يعطه فقال:

أتيت المساور في حاجة

فما زال يسعل حتّى ضرط

و حكّ قفاه بكرسوعه

و مسّح عثنونه و امتخط

فأمسك عن حاجتي خيفة

لاخرى تقطّع شرخ السفط

فأقسم لو عدت في حاجتي

للطّخ بالسلح و شي النمط

و قال غلطنا حساب الخراج

فقلت من الضرط جاء الغلط

فكان مساور كلّما ركب صاح به الصبيان: «من الضرط جاء الغلط» فهرب من غير عزل إلى بلاد أصبهان( ٢) .

«كان كالفالج الياسر» هكذا في النهج بتقديم «الفالج» في الاول و بتقديم الياسر بلفظ «كالياسر الفالج» في الثاني، و الظاهر أنّه أخذ الأول من رواية (الكافي) و أخذ الثاني من كتب عريب الحديث، بدليل أنّ النهاية أيضا نقله

____________________

(١) الاغاني ١٣: ١٩٦.

(٢) عيون الأخبار لابن قتيبة ٣: ١٥٤.

٦٢

كالثاني( ١ ) و هو الصحيح لأن الفالج صفة الياسر و الصفة لا تتقدم على الموصوف و كذلك نقله اليعقوبي كما مر.

و أما قول ابن أبي الحديد و لم يتفطّن للإختلاف بين لموضعين كغيره: إنّه من باب تقديم الصفة على الموصوف كقوله تعالى: و غرابيب سود( ٢ ) ...( ٣ ) ، ففي غير محله، فإنّ المواضع التي تتقدّم فيها الصفة تجعل مضافة لا موصوفة، كأن يقال في «الليالي السود» «سود الليالي»، و أما «غرابيب سود» فقال الجوهري «سود» بدل من «غرابيب» لأن تواكيد الألوان لا تتقدم( ٤ ) ، مع أنه بعد وجود الرواية الصحيحة لا نحتاج إلى تأويل.

ثم إنّ المصنّف في الأوّل لم يتعرّض لتفسير الكلمتين، و إنّما فسّرهما في الثاني بأنّ الياسرين هم الذين يتضاربون بالقداح على الجزور، و الفالج القاهر الغالب، و اعترض عليه ابن أبي الحديد ثمّة في تفسير الفالج بأنّ الغالب لا ينتظر كما قد وصف به بعد و إنّما يعني بالفالج الميمون النقيبة الّذي له عادة مطّردة أن يغلب، و قلّ أن يكون مقهورا( ٥ ) ، مع أنه نفسه في الأول فسره بما فسّره المصنّف ثمّة فقال: الفالج الظافر الفائز( ٦ ) ، فالاعتراض عليه نفسه، مع أنّه لم يفسّر أحد الفالج بالميمون النقيبة، و كان عليه أن يقول ليس المراد بالغالب الغالب فعلا بل شأنا، و هو الّذي يغلب غالبا. و فسّره ابن ميثم( ٧ ) بأن

____________________

(١) النهاية ٥: ٢٩٦.

(٢) فاطر: ٢٧.

(٣) شرح ابن أبي الحديد ١٨: ٣١٤.

(٤) شرح ابن ميثم ٢: ٣.

(٥) شرح ابن أبي الحديد ١٩: ١١٥.

(٦) شرح ابن أبي الحديد ١: ٣١٤.

(٧) شرح ابن ميثم ٢: ٣.

٦٣

المراد الفائز الذي ينتظر قبل فوزه أول فوزة من قداحه.

«الذي ينتظر أول فوزة من قداحه» بالكسر جمع القدح بالكسر، و أمّا القدح بفتحتين فجمعه أقداح للشرب، و القداح للميسر.

«توجب له المغنم» أي: الغنيمة.

«و يرفع بها عنه» هكذا في (المصرية) و الصواب: (و يرفع عنه بها) كما في (ابن أبي الحديد)( ١ ) و (ابن ميثم)( ٢ ) و (الخطية).

«المغرم» أي: الغرامة، قال ابن دريد في (جمهرته)، أسماء قداح الميسر ممّا اتّفق عليه الأصمعي و غيره من أهل العلم الفائزة منها سبعة و هي الفذ و التوأم و الضريب و هو المصفح و الحلس و النافس و المسبل و المعلّى، فهذه سبعة و منها ما لا نصيب له الفسيح و المنيح و الرقيب و الوغد( ٣) .

و قال ابن ميثم: المنقول أنّ الخشبات المسمّيات قداحا و هي التي كانت لأيسار الجزور سبعة: أولها الفذ و فيه فرض واحد، و الثاني التوأم و فيه فرضان، و ثالثها الضريب و فيه ثلاثة فروض، و رابعها الحلس و فيه أربعة، و الخامس النافس و فيه خمسة، و السادس المسبل و فيه ستة، و السابع المعلّى و له سبعة، و ليس بعده قدح فيه شي‏ء من الفروض إلاّ أنّهم يدخلون مع هذه السبعة أربعة اخرى تسمّى أو غادا لا فروض فيها و إنّما تنقل بها القداح و أسماؤها: المصدر ثم المضعف ثم المنيح ثم السفيح، فإذا اجتمع أيسار الحي أخذ كلّ منهم قدحا و كتب عليه اسمه أو علّمه بعلامة ثم أتوا بجزور فينحرها صاحبها و يقسمها عشرة أجزاء على الوركين و الفخذين و العجز

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١: ٣١٢.

(٢) شرح ابن ميثم ٢: ٣.

(٣) جمهرة اللغة ١: ٥٠٤.

٦٤

و الكاهل و الزور و الملجأ و الكتفين، ثم يعمد إلى الطفاطف و خرز الرقبة فيقسمها على تلك الأجزاء بالسويّة، فإذا استوت و بقي منها عظم أو بضعة لحم انتظر به الجازر من أراده ممن يفوز قدحه، فإذا أخذه عيّر به و إلاّ فهو للجازر. ثم يؤتى برجل معروف أنّه لم يأكل لحما قط بثمن إلاّ ان يصيبه عند غيره و يسمى الحرضة فيجعل على يديه ثوب و يعصب رؤوس أصابعه بعصابة كيلا يجد مس الفروض، ثم يدفع إليه القداح و يقوم خلفه رجل يقال له الرقيب فيدفع إليها قدحا منها من غير أن ينظر إليها، فمن خرج قدحه أخذ من أجزاء الجزور بعدد الفروض التي في قدحه، و من لم يخرج قدحه حتّى استوفيت أجزاء الجزور غرم بعدد فروض قدحه كأجزاء تلك الجزور من جزور اخرى لصاحب الجزور الذي نحرها، فإنّ اتّفق أن خرج المعلّى أوّلا فأخذ صاحبه سبعة أجزاء من أجزاء الجزور، ثم خرج المسبل فلم يجد صاحبه إلاّ ثلاثة أجزاء أخذها و غرم له من لم يفز قدحه ثلاثة أجزاء من جزور اخرى.

و أمّا القداح الأربعة الأوغاد فليس في خروج أحدها غنم و لا من عدم خروجه غرم، و المنقول عن الأيسار أنّهم كانوا يحرّمون ذلك اللحم على أنفسهم و يعدّونه للأضياف( ١) .

«و كذلك المرء المسلم البري‏ء من الخيانة ينتظر من اللّه إحدى الحسنيين إمّا داعي اللّه فما عند اللّه خير له) الذين تتوفّاهم الملائكة طيّبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنّة بما كنتم تعملون( ٢ ) ، إنّ الذين قالوا ربّنا اللّه ثم استقاموا تتنزّل عليهم الملائكة ألاّ تخافوا و لا تحزنوا و أبشروا بالجنة الّتي

____________________

(١) شرح ابن ميثم ٢: ٦.

(٢) النحل: ٣٢.

٦٥

كنتم توعدون. نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا و في الآخرة و لكم فيها ما تشتهي أنفسكم و لكم فيها ما تدّعون. نزلا من غفور رحيم( ١) .

و عنهمعليهم‌السلام : ما بين أحدكم و بين الجنة إلاّ أن تبلغ نفسه حلقه.

و لما انتهى الحسينعليه‌السلام إلى عذيب الهجانات فإذا هم بأربعة قد أقبلوا من الكوفة على رواحلهم و معهم دليلهم الطرمّاح بن عديّ على فرسه و هو يقول:

يا ناقتي لا تذعري من زجري

و شمّري قبل طلوع الفجر

بخير ركبان و خير سفر

حتّى تحلي بكريم النجر

أتى به اللّه لخير أمر

ثمّة أبقاه بقاء الدهر

فقال الحسينعليه‌السلام : و اللّه أرجو أن يكون ما أراد اللّه بنا خيرا قتلنا أم ظفرنا.

«و إمّا رزق اللّه فإذا هو ذو أهل و مال و معه دينه و حسبه» روى (الكافي): أنّ الصادقعليه‌السلام قال لسفيان الثوري و أصحابه الصوفية لما رأى عليه ثيابا بيضا كأنها غرقى‏ء البيض و أنكره فيما ردّ عليه: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: ما عجبت من شي‏ء كعجبي من المؤمن إنّه إن قرض جسده في دار الدنيا بالمقاريض كان خيرا له، و ان ملك ما بين مشارق الأرض و مغاربها كان خيرا له، و كلّ ما يصنع اللّه عز و جل به فهو خير له. و أخبروني أين أنتم عن سليمان بن داودعليه‌السلام حيث سأل اللّه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه اللّه تعالى ذلك و كان يقول الحق و يعمل به، و داود النبي قبله في ملكه و شدّة سلطانه، ثم يوسف النبيّ حيث قال لملك مصر إجعلني على خزائن الأرض إنّي حفيظ

____________________

(١) فصلت: ٣٠ ٣٢.

٦٦

عليم( ١ ) ، ثم ذو القرنين عبد أحبّ اللّه فأحبه و طوى له الأسباب و ملكه مشارق الأرض و مغاربها و كان يقول الحق و يعمل به ثم لم نجد أحدا عاب عليه ذلك...( ٢) .

و روى (روضة الكافي) عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كان عابد في بني اسرائيل و كان محارفا لا يتوجه في شي‏ء فيصيب فيه شيئا فأنفقت عليه امرأته حتّى لم يبق عندها شي‏ء، فجاعوا يوما من الأيام فدفعت إليه فضلا من غزل و قالت له بعه و اشتر شيئا نأكله، فانطلق به فوجد السوق قد أغلقت فقال لو أتيت هذا الماء فتوضأت منه و صببت عليّ منه و انصرفت، فجاء إلى البحر فإذا هو بصيّاد قد ألقى شبكته فأخرجها و ليس فيها إلاّ سمكة ردّية قد مكثت عنده حتّى صارت رخوة منتنة، فقال له بعني هذه السمكة و أعطيك هذا الغزل تنتفع به في شبكتك. قال: نعم، فأخذ السمكة و دفع إليه الغزل و انصرف بالسمكة إلى منزله، فلمّا شقّت امرأته السمكة بدت في جوفها لؤلؤة فأرتها زوجها فانطلق بها إلى السوق فباعها بعشرين ألف درهم و انصرف إلى منزله بالمال، فإذا سائل يدقّ الباب و يقول: يا أهل الدار تصدّقوا على المسكين. فقال له الرجل: ادخل فدخل، فقال له: خذ أحد الكيسين فأخذ أحدهما و انطلق، فقالت له امرأته: بينما نحن مياسير إذ ذهب بنصف يسارنا، فلم يكن ذلك بأسرع من أن دق السائل الباب و وضع الكيس مكانه ثم قال له: كل هنيئا مريئا إنّما أنا ملك أراد ربّك أن يبلوك فوجدك شاكرا( ٣) .

«إن المال و البنين حرث الدنيا» في (العقد الفريد): من قبائل مذحج سعد

____________________

(١) يوسف: ٥٤.

(٢) الكافي ٥: ٦٥ ٧٠.

(٣) الكافي ٨: ٣٨٥ و ٣٨٦ ح ٥٨٥.

٦٧

العشيرة بن مالك بن أدد، و إنّما سمّي سعد العشيرة لأنّه لم يمت حتّى ركب معه من ولده و ولد ولده ثلاثمئة رجل( ١) .

«و العمل الصالح حرث الآخرة» قال تعالى: من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه و من كان يريد حرث الدنيا نؤته منها و ماله في الآخرة من نصيب( ٢) .

«و قد يجمعهما اللّه لأقوام» قال تعالى: و منهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار. أولئك لهم نصيب مما كسبوا( ٣) .

و روى الكشي: إن الصادقعليه‌السلام إذا رأى اسحاق بن عمّار، و إسماعيل بن عمّار قال: قد يجمعهما اللّه لأقوام يعني الدنيا و الآخرة( ٤) .

هذا، و قالوا: دخل أبو ورق على هارون و بين يديه جارية حسناء فقال له: صفها و إنّ اسمها دنيا، فقال:

ان دنيا هي التي

تملك القلب قاهره

ظلموا شطر اسمها

فهي دنيا و آخره

و لما قتل طاهر ذو اليمينين الأمين كتب إلى المأمون: وجّهت إليك بالدنيا و هو رأس المخلوع و بالآخرة و هي البردة و القضيب.

«فاحذروا ما حذركم اللّه من نفسه» لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين و من يفعل ذلك فليس من اللّه في شي‏ء إلاّ أن تتّقوا منهم تقاة

____________________

(١) العقد الفريد ٣: ٣٠٧.

(٢) الشورى: ٢٠.

(٣) البقرة: ٢٠٢.

(٤) رجال الكشي: ٤٠٢ ح ٧٥٢.

٦٨

و يحذّركم اللّه نفسه و إلى اللّه المصير( ١ ) ، يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا و ما عملت من سوء تودّ لو أن بينها و بينه أمدا بعيدا و يحذّركم اللّه نفسه و اللّه رؤوف بالعباد( ٢) .

و في (الارشاد): لما عاد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من تبوك قدم إليه عمرو بن معد يكرب فقال له النبي: أسلم يا عمرو يؤمنك اللّه من الفزع الأكبر. قال: يا محمّد ما الفزع الأكبر؟ فإنّي لا أفزع. فقال: يا عمرو انّه ليس كما تظنّ و تحسب، إنّ الناس يصاح بهم صيحة واحدة فلا يبقى ميّت إلاّ نشر و لا حيّ إلاّ مات إلاّ ما شاء اللّه، ثم يصاح بهم صيحة اخرى فينشر من مات و يصفّون جميعا و تنشقّ السماء و تهدّ الأرض و تخرّ الجبال هدّا، و ترمي النّار بمثل الجبال شرارا فلا يبقى ذو روح إلاّ انخلع قلبه و ذكر ذنبه و شغل بنفسه إلاّ ما شاء اللّه( ٣) .

«و اخشوه خشية» عن الحقيقة.

«ليست بتعذير» أي: بإظهار العذر و ليس له عذر، و لكن قال الجوهري:

كان ابن عباس يقرأ و جاء المعذرون( ٤ ) من أعذر و يقول: و اللّه لهكذا أنزلت، و يقول لعن اللّه المعذرين كان الأمر عنده أنّ المعذر هو المظهر للعذر اعتلالا من غير حقيقة له في العذر، و المعذر من له عذر( ٥) .

في الخبر: ان اللّه تعالى أنزل كتابا من كتبه على نبي من أنبيائه أنّه يكون من خلقي لمحسّنون الدنيا بالدين يلبسون مسوك الضأن على قلوب كقلوب الذئاب أشدّ مرارة من الصبر و ألسنتهم أحلى من العسل و أعمالهم الباطنة

____________________

(١) آل عمران: ٢٨.

(٢) آل عمران: ٣٠.

(٣) إرشاد المفيد: ٨٤.

(٤) التوبة: ٩٠.

(٥) الصحاح للجوهري ٢: ٧٤١١.

٦٩

أنتن من الجيف، بي يغترّون أم إيّاي يخادعون أم عليّ يجترئون؟ فبعزّتي حلفت لأبعثن عليهم فتنة تطأ في خطامها حتّى تبلغ أطراف الأرض، تترك الحليم منها حيران( ١) .

«و اعملوا في غير رياء و لا سمعة فإنّه من يعمل لغير اللّه يكله اللّه» أي: يدعه.

«لمن» هكذا في (المصرية) و الصواب: (إلى من) كما في (ابن أبي الحديد)( ٢ ) و (ابن ميثم)( ٣ ) و (الخطية).

«عمل له» روى (الكافي): أنّ الصادقعليه‌السلام قال لعباد البصري: ويلك يا عباد إيّاك و الرياء فإنّه من عمل لغير اللّه وكله اللّه إلى من عمل له.

و قالعليه‌السلام : قال تعالى: «أنا خير شريك، من أشرك معي غيري في عمل عمله لم أقبله إلاّ ما كان لي خالصا».

و قالعليه‌السلام في قوله تعالى: فمن كان يرجو لقاء ربّه فليعمل عملا صالحا و لا يشرك بعبادة ربّه أحدا( ٤ ) هو الرجل يعمل شيئا من الثواب لا يطلب به وجه اللّه إنّما يطلب تزكية الناس يشتهي أن يسمع به الناس، فهذا الذي أشرك بعبادة ربه. ثم قالعليه‌السلام : ما من عبد ستر خيرا فذهبت الأيام أبدا حتّى يظهر اللّه له خيرا، و ما من عبد يستر شرّا فذهبت الايام حتّى يظهر اللّه له شرّا.

و قالعليه‌السلام في قوله تعالى: بل الإنسان على نفسه بصيرة. و لو ألقى معاذيره( ٥ ) ما يصنع الإنسان أن يتقرب إلى اللّه تعالى بخلاف ما يعلمه اللّه، ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقول: من أسر سريرة رداه اللّه ردائها ان خيرا

____________________

(١) الجوهري ٢: ٧٤١.

(٢) شرح ابن أبي الحديد ١: ٣١٢.

(٣) شرح ابن ميثم ٢: ٣.

(٤) الكهف: ١١٠.

(٥) القيامة: ١٤ ١٥.

٧٠

فخير و ان شرا فشر( ١) .

و روى (عقاب الأعمال) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الرياء الشرك باللّه، و إن المرائي يدعى يوم القيامة بأربعة أسماء: يا كافر، يا فاجر، يا غادر، يا خاسر، حبط عملك، و بطل أجرك، فلا خلاص لك اليوم، فالتمس أجرك ممّن كنت تعمل له( ٢) .

و قال ابن أبي الحديد: قال عليعليه‌السلام : ليست الصلاة قيامك و قعودك، إنّما الصلاة إخلاصك و أن تريد بها اللّه وحده.

و توصّل ابن الزبير إلى امرأة ابن عمر و هي أخت المختار في أن تكلّم بعلها أن يبايعه، فكلّمته في ذلك و ذكرت قيامه و صيامه، فقال لها: أما رأيت البغلات الشهب الّتي كنّا نراها تحت معاوية بالحجر إذا قدم مكة. قالت: بلى.

قال: فإيّاها يطلب ابن الزبير بصومه و صلاته( ٣) .

هذا، و ذكروا أن رجلا من قريش قال لأشعب الطمّاع: ما شكرت معروفي عندك. فقال له: ان معروفك كان من غير محتسب فوقع عند غير شاكر.

«نسأل اللّه منازل الشهداء و معايشة السعداء و مرافقة الأنبياء» إشارة إلى قوله تعالى: و من يطع اللّه و الرسول فأولئك مع الذين أنعم اللّه عليهم من النبيّين و الصدّيقين و الشّهداء و الصّالحين و حسن أولئك رفيقا( ٤) .

«أيها الناس إنّه لا يستغني الرجل و إن كان ذا مال عن عشيرته» و في (القاموس): قال عليعليه‌السلام «من يطل هن أبيه ينتطق به» أي: من كثر بنو أبيه

____________________

(١) الكافي ٢: ٢٩٣ ٢٩٥، ١، ٤، ٦، ٩.

(٢) عقاب الأعمال: ٣٠٣ ح ١.

(٣) شرح ابن أبي الحديد ١: ٣١٥ ٣١٦.

(٤) النساء: ٦٩.

٧١

يتقوّى بهم، و قال غيلان بن سلمة الثقفي:

و إنّ ابن عمّ المرء مثل سلاحه

يقيه إذا لاقى الكميّ المقنّعا

و قال:

لم أر عزا لامرى‏ء كعشيرة

و لم أر ذلا مثل نأي عن الأهل( ١)

«و دفاعهم عنه بأيديهم و ألسنتهم» في (العقد الفريد): كان مهلهل صار إلى قبيلة من اليمن يقال لهم جنب فخطبوا إليه فزوجهم و هو كاره لاغترابه عن قومه، و مهروا ابنته أدما، فقال:

أنكحها فقدها الأراقم في

جنب و كان الحباء من أدم

لو بأبانين جاء يخطبها

رمّل ما أنف خاطب بدم( ٢)

«و هم أعظم النّاس حيطة» أي: رعاية.

«من ورائه» في (كامل المبرد): قال ذو الرمّة لهلال بن أحوز المازني:

رفعت مجد تميم يا هلال لها

رفع الطراف على العلياء بالعمد

حتّى نساء تميم و هي نازحة بقلّة الحزن فالصمّان فالعقد

لو يستطعن إذا ضافتك مجحفة

و قينك الموت بالآباء و الولد( ٣)

و في (الأغاني): قال الشمردل في أخيه حكم لما أتاه نعيه:

و كنت سنان رمحي من قناتي

و ليس الرمح إلاّ بالسّنان

و كنت بنان كفّي من يميني

و كيف صلاحها بعد البنان

و كان يرى فيما يرى النائم كأن سنان رمحه سقط فأتاه نعي أخيه وائل، فقال:

____________________

(١) القاموس ٣: ٣٨٥.

(٢) العقد الفريد ٦: ٧٧.

(٣) الكامل للمبرد ١: ٥٠.

٧٢

و تحقيق رؤيا في المنام رأيتها

فكان أخي رمحا ترقّص عامله( ١)

«و ألمّهم» أي: أجمعهم.

«لشعثه» أي: تفرّقه.

«و أعطفهم» أي: أشفقهم.

«عليه عند نازلة» أي: شديدة نازلة.

«إذا» هكذا في (المصرية و ابن أبي الحديد) و لكن في (ابن ميثم)( ٢ ) و (الخطية) (ان)( ٣ ) و هو أحسن.

«نزلت به» في (العقد): قال عليّعليه‌السلام : عشيرة الرجل خير للرجل من غير العشيرة فإنّ كفّ عنهم يدا واحدة كفّوا عنه أيديا كثيرة مع مودتهم و حفاظهم و نصرتهم، ان الرجل ليغضب للرجل لا يعرفه إلاّ بنسبه. و سأتلوا عليكم من ذلك آيات من كتاب اللّه قال عزّ و جلّ فيما حكاه عن لوط: لو أنّ لي بكم قوّة أو آوي إلى ركن شديد( ٤ ) يعني العشيرة و لم يكن للوط عشيرة، فو الّذي نفسي بيده ما بعث اللّه نبيا من بعده إلاّ في ثروة من قومه و منعة من عشيرته، ثم ذكر شعيبا و قال له قومه إنّا لنراك فينا ضعيفا و لو لا رهطك لرجمناك( ٥ ) و كان مكفوفا و اللّه ما هابوا إلاّ عشيرته( ٦) .

في (الطبري) بعد ذكر قتل أصحاب معاوية لحجر و ستة من أصحابه فقال عبد الرحمن بن حسان العنزي و كريم بن عفيف الخثعمي: إبعثوا بنا إلى

____________________

(١) الأغاني ١٣: ٣٥٣ و ٣٥٦.

(٢) شرح ابن ميثم ٢: ٤.

(٣) شرح ابن أبي الحديد ١: ٣١٣.

(٤) هود: ٨٠.

(٥) هود: ٩١.

(٦) العقد ٢: ٢٠٨.

٧٣

معاوية فنحن نقول في هذا الرجل مثل مقالته، فبعثوا إلى معاوية يخبرونهما بمقالتهما فأجاز، فأدخلا عليه فقال معاوية للخثعمي: ما تقول في عليّ؟ قال:

أقول فيه قولك، أتبرّأ من دين عليّ الذي كان يدين اللّه به، فسكت معاوية و كره أن يجيبه فقال شمر بن عبد اللّه من بني قحافة: هب لي ابن عمي. فقال: هو لك.

قال: فخلى سبيله على أن لا يدخل الكوفة ما كان له سلطان. فقال له: تخيّر بلدا، فاختار الموصل، و كان يقول: لو قد مات معاوية قدمت المصر، فمات قبل معاوية بشهر، ثم أقبل معاوية على العنزيّ فقال له: يا أخا ربيعة ما قولك في عليّ؟ قال: دعني و لا تسألني. قال: لا أدعك. قال: أشهد أنّه كان من الذاكرين اللّه كثيرا و من الآمرين بالحق و القائمين بالقسط. قال: فما قولك في عثمان؟ قال:

هو أوّل من فتح باب الظلم و أرتج أبواب الحقّ. قال: قتلت نفسك. قال: بل إيّاك قتلت «و لا ربيعة بالوادي»، قال ذلك لأن شمر الخثعمي كلّم معاوية في كريم الخثعمي و لم يكن له أحد من قومه يكلّمه فيه، فبعث به إلى زياد و قال له: إنّ هذا شرّهم فاقتله شرّ قتلة، فدفنه زياد حيا بقسّ الناطف( ١) .

و فيه: كان عبد اللّه بن خليفة الطائي شهد مع حجر فطلبه زياد فتوارى، فبعث إليه الشرط فأخذوه فقالت أخته: يا معشر طيّ أ تسلمون سنانكم و لسانكم عبد اللّه بن خليفة؟ فشد الطائيّون عليهم و انتزعوه، فرجعوا إلى زياد فأخبروه فوثب على عدي بن حاتم و هو في المسجد فقال: إئتني بابن خليفة.

فقال: هذا شي‏ء كان في الحيّ لا علم لي به. قال: و اللّه لتأتينّي به. قال: أجيئك بابن عمّي تقتله، و اللّه لو كان تحت قدمي ما رفعتهما عنه، فأمر بعديّ إلى السجن فلم يبق بالكوفة يماني و لا ربعي إلاّ أتاه و كلّمه و قالوا تفعل هذا بعدي بن حاتم صاحب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قال: فإنّي أخرجه على أن يخرج ابن عمه عنّي

____________________

(١) تاريخ الطبري ٥: ٢٧٦.

٧٤

فلا يدخل الكوفة ما دام لي بها سلطان. فقال عديّ لعبد اللّه: إنّ هذا لجّ في أمرك فالحق بالجبلين( ١) .

و مرّ في الفصل في وصيتهعليه‌السلام إلى ابنه قوله: «و أكرم عشيرتك فإنّهم جناحك الذي به تطير و يدك التي بها تصول...»، مع شروح مفيدة.

«و لسان الصدق يجعله اللّه للمرء في الناس خير له من المال يورثه غيره» قال إبراهيمعليه‌السلام : و اجعل لي لسان صدق في الآخرين( ٢ ) أي: ثناء حسنا، و قال تعالى في نوح و إبراهيم و موسى و هارون و إلياس: و تركنا عليه في الآخرين. سلام على نوح في العالمين( ٣ ) ، و تركنا عليه في الآخرين.

سلام على إبراهيم( ٤ ) ، و تركنا عليه في الآخرين. سلام على إلياسين( ٦ ) أي: تركنا قول «سلام عليهم» في الآخرين.

و في (الكافي): قال الصادقعليه‌السلام لأبي كهمس: إقرأ عبد اللّه بن أبي يعفور السلام و قل له: إنّ جعفر بن محمّد يقول لك: أنظر ما بلغ به عليّ عند النبي فالزمه و إنّ عليّا إنّما بلغ ما بلغ به بصدق الحديث و أداء الامانة( ٧) .

و روى: أنّ الرجل ليصدق حتّى يكتبه اللّه صديقا. و في (كامل المبرد):

قال ابن حلزة اليشكري:

____________________

(١) تاريخ الطبري ٥: ٢٦٧.

(٢) الشعراء: ٨٤.

(٣) الصافات: ٧٨ ٧٩.

(٤) الصافات: ١٠٨ ١٠٩.

(٥) الصافات: ١١٩ ١٢٠.

(٦) الصافات: ١٢٩ ١٣٠.

(٧) الكافي ٢: ١٠٤ ح ٥.

٧٥

قلت لعمرو حين ارسلته

و قد خبا من دوننا عالج

لا تكسع الشول بأغبارها

انك لا تدري من الناتج

و أصبب لأضيافك ألبانها

فإنّ شر اللبن الوالج

و فيه: قال معاوية لابن الأشعث بن قيس: ما كان جدّك قيس بن معد يكرب أعطى الأعشى؟ فقال: أعطاه مالا و ظهرا و رقيقا و أشياء أنسيتها. فقال معاوية: لكن ما أعطاكم الأعشى لا ينسى.

هذا، و في (نسب قريش مصعب الزبيري): أتى عمرو بن سعيد الأشدق فتى من قريش يذكر حقا له في كراع من أديم بعشرين ألف درهم على أبيه بخط مولى أبيه و شهادة أبيه بخطه على نفسه، فقال له: و ما سبب مالك؟ قال:

رأيته و هو معزول يمشي وحده، فقمت فمشيت معه حتّى بلغ إلى باب داره ثم وقفت فقال: هل لك من حاجة؟ فقلت: لا إلاّ أنّي رأيتك تمشي وحدك فأحببت أن أصل جناحك. قال: وصلتك رحم يا ابن أخي، فكتب هذا الكتاب و قال: ليس اليوم عندنا شي‏ء فإذا أتانا شي‏ء فأتنا به، فمات قبل أن يصل إليه. فقال له عمرو: لا جرم، لا تأخذها إلاّ وافية.

قول المصنّف: «و منها» هكذا في (المصرية) و نسخة (ابن أبي الحديد) و لكن في (ابن ميثم و الخطية) «منها»( ١ ) و هو الأحسن فلم تتقدمها اخرى.

قوله «ألا لا يعدلنّ» هكذا في (المصرية) و الصواب: «ألا لا يعدلنّ أحدكم» كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٢) .

«عن القرابة يرى بها الخصاصة» أي: الفاقة.

«ان يسدّها بالذي لا يزيده إن أمسكه و لا ينقصه إن أهلكه».

روى (الكافي) عن البزنطي قال: قرأت في كتاب أبي الحسن الرضاعليه‌السلام

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١: ٣١٣.

(٢) شرح ابن أبي الحديد ١: ٣١٣.

٧٦

إلى ابنه أبي جعفر الجواد: بلغني أنّ الموالي إذا ركبت أخرجوك من الباب الصغير، فإنّما ذلك من بخل منهم لئلا ينال منك أحد خيرا، و أسألك بحقي عليك لا يكن مدخلك و مخرجك إلاّ من الباب الكبير، فإذا ركبت فليكن معك ذهب و فضة ثم لا يسألك أحد شيئا إلاّ أعطيته، و من سألك من عمومتك ان تبرّه فلا تعطه أقلّ من خمسين دينارا و الكثير إليك، و من سألك من عمّاتك فلا تعطها أقلّ من خمسة و عشرين دينارا و الكثير إليك، إنّما أنا اريد بذلك أن يرفعك اللّه، فأنفق و لا تخش من ذي العرش إقتارا.

و روى أنّ الباقرعليه‌السلام قال للحسين بن أيمن: أنفق و أيقن بالخلف من اللّه، فإنّه لم يبخل عبد و لا أمة بنفقة فيما يرضي اللّه عزّ و جلّ إلاّ أنفق أضعافها فيما يسخط اللّه.

و روى انّهعليه‌السلام قال: ان الشمس لتطلع و معها أربعة أملاك ملك ينادي يا صاحب الخير أتمّ و أبشر، و ملك ينادي يا صاحب الشرّ إنزع و أقصر، و ملك ينادي أعط منفقا خلفا و ممسكا تلفا، و ملك ينضحها بالماء و لو لا ذلك اشتعلت الأرض.

و روى عن الصادقعليه‌السلام قال: من يضمن أربعة بأربعة أبيات في الجنة:

انفق و لا تخف فقرا، و أنصف الناس من نفسك، و أفش السلام في العالم، و اترك المراء و إن كنت محقّا( ١) .

«و من يقبض يده عن عشيرته فإنّما تقبض منه عنهم يد واحدة و تقبض منهم عنه أيد كثيرة» روى (أمالي المفيد) عن الشعبي قال: قال صعصعة: عادني أمير المؤمنينعليه‌السلام في مرضي ثم قال: أنظر فلا تجعلنّ عيادتي إيّاك فخرا على قومك، و إذا رأيتهم في أمر فلا تخرج منه فإنّه ليس بالرجل غنى عن

____________________

(١) الكافي ٤: ٤٢ ٤٤ ح ١ و ٥ و ٧ و ١٠.

٧٧

قومه، إذا خلع منهم يدا واحدة يخلعون منه أيدي كثيرة، فإذا رأيتهم في خير فأعنهم عليه، و إذا رأيتهم في شر فلا تخذلنهم، و ليكن تعاونكم على طاعة اللّه فإنّكم لن تزالوا بخير ما تعاونتم على طاعة اللّه تعالى و تناهيتم عن معاصيه( ١ ) . و من الشعر في ذلك:

أخاك أخاك إنّ من لا أخا له

كساع إلى الهيجا بغير سلاح

و إنّ ابن عم المرء فاعلم جناحه

و هل ينهض البازي بغير جناح

أيضا:

إن كان ذا عضد يدرك ظلامته

إنّ الذليل الذي ليست له عضد

تنبو يداه إذا ما قلّ ناصره

و يأنف الضيم إن أثرى له عدد

أيضا:

تناس ذنوب الأقربين فإنّه

لكلّ حميم راكب هو راكبه

له هفوات في الرخاء يشوبها

بنصرة يوم لا توارى كواكبه

تراه عدوّا ما أمنت و يتّقي

بجبهته يوم الوغى من يحاربه

لكلّ امرى‏ء اخوان بؤس و نعمة

و أعظمهم في النائبات أقاربه

أيضا:

ألم تر أنّ جمع القوم يخشى

و ان حريم واحدهم مباح

و أنّ القدح حين يكون فردا

فيهصر لا يكون له اقتداح

و إنّك ان قبضت بها جميعا

أبت ما سمت واحدها القداح

كذاك تفرّق الإخوان مما

يذلهم و في الذلّ افتضاح

و عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : حافتا الصّراط يوم القيامة الرحم و الأمانة، فإذا مرّ الوصول للرحم المؤدي للأمانة نفذ إلى الجنّة، و إذا مرّ الخائن للأمانة القطوع

____________________

(١) لم يوجد هذا الحديث في أمالي المفيد، بل رواه الطوسي في أماليه (١ ١٢٥٧ الجزء ١٢.

٧٨

للرحم لم ينفعه معه عمل فتكفى‏ء به الصراط في النار.

هذا، و قال ابن أبي الحديد: قال عثمان: إنّ عمر كان يمنع أقرباءه ابتغاء وجه اللّه، و أنا أعطيتهم ابتغاء وجه اللّه( ١) .

قلت: ما قاله عثمان مغالطة، فإعطاء الأقرباء إن كان من مال المعطي فلا يمكن أن يكون منعه كما فعل عمر ابتغاء وجه اللّه، لأنّه قطع الرحم المذموم الذي فاعله ملوم، و إن كان من مال اللّه و كان المعطي غير مستحقه فأعطاؤه كما فعل عثمان و نهب بيت المال و وهبه لبني الشجرة الملعونة في القرآن كيف يكون ابتغاء وجه اللّه، لقدمني الناس لعمر اللّه من هؤلاء بخبط و شماس.

«و من تلن حاشيته يستدم من قومه المودّة» هو نظير قولهعليه‌السلام : «من لان عوده كثفت أغصانه».

في (الكافي) عن أبي جعفرعليه‌السلام : لما خرج أمير المؤمنينعليه‌السلام يريد البصرة نزل بالرّبذة فأتاه رجل من محارب فقال: إنّي تحمّلت في قومي حمالة و إنّي سألت في طوائف منهم المواساة و المعونة فسبقت إليّ ألسنتهم بالنكد فمرهم بمعونتي. فقال: أين هم؟ فقال: هؤلاء فريق منهم حيث ترى، فنصّعليه‌السلام راحلته فأدلفت كأنّها ظليم فدلف بعض أصحابه في طلبها فلاى بلاى ما لحقت، فانتهى إلى القوم فسلّم عليهم و سألهم ما يمنعهم من مواساة صاحبهم، فشكوه و شكاهم فقالعليه‌السلام «وصل امرؤ عشيرته فانّهم أولى ببره و ذات يده و وصلت العشيرة أخاها إن عثر به دهر و أدبرت عنه دنيا فإنّ المتواصلين المتباذلين مأجورون و ان المتقاطعين المتدابرين موزورون» ثم بعث راحلته( ٢) .

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١: ٣٣٠.

(٢) الكافي ٢: ١٥٣، ١٨.

٧٩

قول المصنف في الأول (قال الشريف أقول) هكذا في (المصرية) و إنّما في (ابن أبي الحديد) قال الرضي، و في (ابن ميثم)( ١ ) قال السّيد( ٢ ) ، و هو دليل على أن أصله من كلام الشّراح و أنّ «أقول» زائدة (الغفير هاهنا) انما قال ههنا لأن الغفيرة تأتي في موضع آخر بمعنى آخر، قال الجوهري يقال «ما فيهم غفيرة» أي: لا يغفرون ذنبا لأحد، قال الراجز:

يا قوم ليست فيهم غفيرة

فامشوا كما تمشي جمال الحيرة( ٣)

و قال ابن دريد: و كلّ شي‏ء غطيته فقد غفرته، و منه المغفرة و الغفيرة( ٤ ) (الزيادة و الكثرة من قولهم للجمع الكثير، الجمّ الغفير و الجماء الغفير) المفهوم من الجوهري انهما يأتيان بالوصفية معرفة و نكرة و بالاضافة، فقال و قولهم «جاءوا جماء غفيرا و الجماء الغفير و جم الغفير و جماء الغفير» أي: جاءوا بجماعتهم: الشريف و الوضيع( ٥) .

(و يروى: عفوة من أهل أو مال) هو رواية اليعقوبي، فقد عرفت أنّ في خبره «فمن أصابه نقص في أهله و ماله و رأى عند أخيه عفوة فلا يكوننّ ذلك عليه فتنة» و الغفيرة رواية (الكافي) كما مر و كذا (النهاية)( ٦) .

(و العفوة الخيار من الشي‏ء، يقال عفوة الطعام أي: خياره) و قال الجوهري و قال بعضهم العفاوة بالكسر أول المرق و أجوده، و العفاوة بالضم آخره يردّها مستعير القدر مع القدر يقال منه «عفوة

____________________

(١) شرح ابن ميثم ٢: ١١.

(٢) شرح ابن أبي الحديد ١: ٣١٣.

(٣) شرح ابن ميثم ٢: ١١.

(٤) الصحاح للجوهري ٢: ٧٧١.

(٥) جمهرة اللغة ٢: ٧٧٨.

(٦) تاريخ اليعقوبي ٢: ٢٠٧، و النهاية ٣: ٣٧٤.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

ابو عثمان سعيد بن هاشم بن وعلة البصري العبدي ابو عثمان الخالدي الاصغر:

توفي سنة ٣٧١ الخالدي نسبة الى الخالدية قرية من قرى الموصل، والعبدي نسبة الى قبيلة عبد القيس المنتهى نسبه اليهم وكأنه ورث التشيع عنهم، وفي معجم الادباء اسماه سعد. والصحيح سعيد كان هو واخوه ابو بكر (١) اديبي البصرة وشاعريها في وقتهما، وكان بينهما وبين السري الرفاء الموصلي ما يكون بين المتعاصر من التغاير والتضاغن فكان يدعى عليهما بسرقة شعره وشعر غيره. في اليتيمة: كان يتشيع ويتمثل في شعره بما يدل على مذهبه كقوله:

انظر إلي بعين الصفح عن زللي

لا تتركنيّ من ذنبي على وجل

موتي وهجرك مقرونان في قرن

فكيف أهجر مَن في هجره أجلي

وليس لي أمل إلا وصالكم

فكيف أقطع مَن في وصله أملي

هذا فوادي لم يملكه غيركم

إلا الوصي أمير المؤمنين علي

  ومن شعره:

جحدت ولاء مولانا علي‌

وقدّمت الدعي على الوصي

متى ما قلّت إن السيف أمضى

من اللحظات في قلب الشجي

لقد فعلت جفونك في البرايا

كفعل يزيد في آل النبي (٢)

__________________

١ - ابو بكر اسمه محمد بن هاشم بن وعلة بن عرام بن يزيد بن عبد الله منبّه بن يتربي بن عبد السلام بن خالد بن عبد منبّه من بني عبد القيس، وتأتي ترجمته في هذا الجزء.

٢ - اعيان الشيعة عن اليتيمة للتعالبي.

١٢١

وله:

أنا ان رمت سُلوّاً

عنك يا قرّة عيني

كنت في الاثم كمن شا

رك في قتل الحسين

لك صولات على قلـ

ـبي بقدٍّ كالرديني

مثل صولات علي

يوم بدر وحنين (١)

  وله:

أنا في قبضة الغرام رهين‌‏

بين سيفين أرهفا ورديني

فكأن الهوى فتى علويّ

ظن أني وليت قتل الحسين

وكأني يزيد بين يديه

فهو يختار أوجع القتلتين

  وله:

تظن بأنني أهوى حبيبا

سواك على القطيعة والبعاد

جحدت اذاً موالاتي عليا

وقلت بأنني مولى زياد

  وترجمه السيد الأمين في الأعيان وذكر له شعرا كثيرا وكله من النوع العالي وذكر له النويري في نهاية الأدب قوله:

يا هذه إن رحتُ في‌‏

خَلَق فما في ذاك عار

هذي المَدام هي الحيا

ة قميصها خَرق وقار

  ومن شعره ما رواه الحموي في معجم الادباء:

هتف الصبح بالدجى فاسقنيها

قهوةً تترك الحليم سفيها

لست تدري لرقةٍ وصفاءٍ

هي في كاسها أم الكاس فيها

  وقال:

أما ترى الغيم يا من قلبه قاسيٍ‌‏

كأنه أنا مقياسا بمقياس

قطرُ كدمعي وبرقُ مثل نار جويً

في القلب مني وريحُ مثل أنفاسي

__________________

١ - أعيان الشيعة عن اليتيمة للثعالبي.

١٢٢

الأمير تميم بن الخليفة

الأمير ابو علي تميم بن الخليفة المعز لدين الله مسعد بن اسماعيل الفاطمي:

نأت بعد ما بان العزاء سعادُ

فحشو جفون المقلتين سهادُ

فليت فؤادي للظعائن مربع

وليت دموعي للخليط مزاد

نأوا بعدما القت مكائدها النوى

وقرّت بهم دار وصحّ وداد

وقد تؤمن الأحداث من حيث تتقى

ويبعد نجح الأمر حسين يُراد

أعاذل لي عن فسحة الصبر مذهب

وللهو غيري مألف ومصاد

ثوت لي أسلاف كرام بكربلا

همُ لثغور المسلمين سِداد

اصابتهم من عبد شمس عداوة

وعاجلهم بالناكثين حصاد

فكيف يلذّ العيش عفوا وقد سطا

وجار على آل النبي زياد (١)

وقتلهم بغيا عُبَيد وكادهم

يزيد بأنواع الشقاق فبادوا

بثارات بدر قاتلوهم ومكةٍ

وكادوهم والحق ليس يكاد

فحكمت الأسياف فيهم وسُلّطت

عليهم رماح للنفاق حداد

فكم كربةٍ في كربلاءَ شديدة

دهاهم بها للناكثين كياد (٢)

__________________

١  يريد به زياد بن ابيه والد عبيد الله بن زياد الذي ارسل الجيوش لمحاربة الحسين عليه‌السلام .

٢ - الكياد: المكايدة مصدر كايد.

١٢٣

تحكّم فيهم كل أنوك جاهل

ويُغزون غزواً ليس فيه محاد

كأنهم ارتدّوا ارتداد امية

وحادوا كما حادت ثمود وعاد

ألم تُعظِموا يا قوم رهط نبيكم

أما لكم يوم النشور معاد

تداس بأقدام العصاة جسومهم

وتدرسهم جُرد هناك جياد (١)

تضيمهم بالقتل أمة جدهم

سفاها وعن ماء الفرات تذاد

فماتوا عطاشى صابرين على الوغى

ولم يجبنوا بل جالدوا فأجادوا

ولم يقبلوا حكم الدعي (٢) لأنهم

تساما وسادوا في المهود وقادوا

ولكنم ماتوا كراما أعزة

وعاش بهم قبل الممات عباد

وكم بأعالي كربلا من حفائر

بها جُثتُ الأبرار ليس تعاد

بها من بني الزهراء كل سَميدعٍ

جواد اذا أعيا الأنام جواد

معفرة في ذلك الترب منهم

وجوه بها كان النجاح يفاد

فلهفي على قتل الحسين ومسلم

وخزي لمن عاداهما وبعاد

ولهفي على زيد وبَثّاً مُرددا

إذا حان من بثّ الكئيب نفاد

الاكبد تفنى عليهم صبابة

فيقطر حزنا أو يذوب فؤاد

ألا مُقلة تهمي ألا أذن تعي

أكل قلوب العالمين جماد

تُقاد دماء المارقين ولا أرى

دماءَ بني بيت النبي تُقاد

أليس هم الهادون والعترة التي

بها انجاب شرك واضمحل فساد

تساق على الارغام قسراً نساؤهم

سبايا الى ارض الشام تقاد

يُسقنَ الى دار اللعين صوغرا

كما سيق في عصف الراح جراد

كأنهم فيء النصارى وإنهم

لأكرم من قد عزّ منه قياد

يعز على الزهراء ذلّة زينب

وقتلُ حسين والقلوب شداد

وقرع يزيد بالقضيب لسنّه

لقد مجسوا (٣) أهل الشام وهادوا

__________________

١ - يعني بذلك رضّ جسد الحسين عليه‌السلام بحوافر الخيول.

٢ - يعنى به ابن زياد الذي لا يعرف لابيه أب.

٣ - مجسوا: دخلوا المجوسية. وهادوا: دخلوا اليهودية.

١٢٤

قتلتم بني الإيمان والوحي والهدى

متى صح منكم في الإله مراد

ولم تقتلوهم بل قتلتم هداكم

بهم ونقصتم عند ذاك وزادوا

أمية ما زلتم لأبناء هاشم

عِدى فاملأوا طرق النفاق وعادوا

إلى كم وقد لاحت براهين فضلهم

عليكم نِفار منهم وعناد

متى قط أضحى عبد شمس كهاشم

لقد قل انصاف وطال شِراد (١)

متى وُزنت صمّ الحجار بجوهر

متى شارفت شم الجبال هاد

متى بعث الرحمن منكم كجدهم

نبيا علت للحق منه زناد

متى كان يوما صخركم كعليهم

إذا عدّ إيمان وعدّ جهاد

متى أصبحت هند كفاطمة الرضى

متى قيس بالصبح المنير سواد

أآل رسول الله سؤتم وكدتم

ستجنى عليكم ذلة وكساد

أليس رسول الله فيهم خصيمكم

إذا اشتد إبعاد وأرمل (٢) زاد

بكم أم بهم جاء القرآن مبشرا

بكم أم بهم دين الإله يشاد

سأبكيكم يا سادتي بمدامع

غزار وحزن ليس عنه رقاد

وإن لم أعاد عبد شمس عليكم

فلا اتسعت بي ما حييتُ بلاد

وأطلبهم حتى يروحوا ومالهم

على الأرض من طول القرار مهاد

سقى حُفرا وارتكم وحوتكم

من المستهلات العذاب عهاد

__________________

١ - الشراد: النفور.

٢ - أرمل: نفد.

١٢٥

الأمير ابو علي تميم بن الخليفة المعز لدين الله معد بن اسماعيل الفاطمي:

قال السيد الأمين في الأعيان ج ١٤ ص ٣٠٨:

اديب شاعر من بيت الملك في ابان عزه ومجده ذكره صاحب اليتيمة ولم يذكر من أحواله شيئا سوى أشعار له أوردها وقالت مجلة الرسالة المصرية عدد ٣٣١ من السنة السابعة هو كما يعرف الأدباء امير شعراء مصر في العصر الفاطمي ويمكننا القول بان تميما هذا كان مبدأ حياة خصيبة عامرة نشأ في وقت واحد مع القاهرة وكان الشعر في مصر بما تعلمه من الضعف والقلة والندرة أقوى وروى له بعض أشعاره التي نظمها سنة ٣٧٤ هـ وشعره الذي يمدح به اخاه الخليفة العزيز بالله الفاطمي اكثره بل جلّه في ديوانه المطبوع بمطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة قال ابن خلكان: وكانت وفاته في ذي القعدة سنة اربع وسبعين وثلثمائة بمصر رحمه الله تعالى ودفن بالحجرة التي فيها قبر ابيه المعز.

وقال في الغزل:

لا والمضرّج ثوبُه

في كربلاء من الدماء

لا والوصي وزوجه

وبنيه اصحاب الكساء

أولا فإني للعُصا

ة الغاصبين الادعياء

ما حُلت ياذات اللَمى

عما عهدتِ من الوفاء

ها فانظريني سابحا

في الدمع من طول البكاء

١٢٦

وضعي يديك على فؤادٍ

قد تهيأ للفناء

قالت: تلطف شاعر

لسنٍ وخدعة ذي ذكاء

امسك عليك فقد تقنّع

منك وجهي بالحياء

واعبث بما في العقد مني،

لا بما تحت الردءا

إن الرجال اذا شكوا

لعبوا باخلاق النساء

  ومن شعره:

اما والذي لا يملك الامر غيره‌‏

ومن هو بالسر المكتم أعلم

لئن كان كتمان المصائب مؤلما

لأعلانها عندي اشدّ وآلم

وبي كل ما يبكي العيون أفلّه

وإن كنت منه دائما اتبسم

  وقال معارضا قصيدة عبد الله بن المعتز التي أولها:

ألا مَن لنفسي وأوصابها

ومن لدموعي وتسكابها

  أقول وقصيدة شاعرنا المترجم له طويلة فمنها:

ألا قل لمن ضل من هاشم

ورام اللحوق بأربابها

أأوساطها مثل أطرافها

أأرؤسها مثل أذنابها

أعباسها كأبي حربها

علي وقاتل نصّابها

وأولها مؤمنا بالإله

وأول هادم أنصابها

بني هاشم قد تعاميتم

فخلّوا المعالي لأصحابها

أعباسكم كان سيف النبي

إذا أبدت الحرب عن نابها

أعباسكم كان في بَدره

يذود الكتائب عن غابها

أعباسكم قاتل المشركين

جهارا ومالك أسلابها

أعباسكم كوصيّ النبي

ومُعطى الرغاب لطلابها

أعباسكم شرح المشكلات

وفَتّح مُقفَل أبوابها

عجبتُ لمرتكب بغيه

غوىً المقالة كذّابها

١٢٧

يقول فينظم زور الكلام

ويحكم تنميقَ إذهابا

( لكم حرمة يا بني بنته

ولكن بنو العم أولى بها )

وكيف يحوز سهامَ البنين

بنو العمّ أُفٍّ لغصّابها

بذا أنزل الله آي القرآن

أتعمَون عن نص إسهابها

لقد جار في القول عبد الإله

وقاس المطايا بركتابها

ونحن لبسنا ثياب النبي

وأنتم جذَبتم بهدّابها

ونحن بنوه ووُرّاثه

وأهل الوراثة اولى بها

وفينا الامامة لا فيكم

ونحن أحقّ بجلبابها

ومن لكم يا بني عمّه

بمثل البتول وأنجابها

وما لكم كوصيّ النبي

أبٌ فتراموا بنشّابها

ألسنا لُباب بني هاشم

وساداتكم عند نُسّابها

ألسنا سبقنا لغاياتها

ألسنا ذهبنا بأحسابها

بنا صُلتم وبنا طُللتم

وليس الولاة ككتّابها

ولا تَسفَهوا أنفساً بالكذاب

فذاك أشد لإتعابها

فأنتم كلحن قوافي الفَخار

ونحن غدونا كإعرابها

  وله قصيدة اخرى يردّ بها على ابن المعتز في تفضيله العباسيين على العلويين أولها:

جادك الغيث من محلّة دارِ

وثوى فيكِ كل غادٍ وسارِ

  ومنها:

يا بني هاشم ولسنا سواء

في صغار من العلا أو كبار

ان نكن ننتمي لجدٍ فإنا

قد سبقناكم لكل فخار

ليس عباسكم كمثل علي

هل تقاس النجوم بالاقمار

مَن له قال انت مني كهارون

وموسى اكرم به من نجار

١٢٨

ثم يوم الغدير ما قد علمتم

خصّة دون سائر الحضّار

مَن له قال: لا فتى كعلي

لا ولا منصل سوى ذي الفقار

وبمن باهل النبي أأنتم

جُهلاء بواضح الاخبار

يا بني عمنا ظلمتم وطرتم

عن سبيل الانصاف كل مطار

كيف تحوون بالاكف مكانا

لم تنالوا رؤياه بالابصار

مَن توطّا الفراش يخلف فيه

احمداً وهو نحوَ يثرب سار

واسألوا يوم خيبر واسألوا

مكة عن كرّه على الفجّار

واسألوا يوم بدرَ مَن فارس

الاسلام فيه وطالبُ الاوتار

اسألوا كل غزوة لرسول

الله عمن أغار كل مُغار

١٢٩

علي بن أحمد الجرجاني الجوهري (١)

وجدي بكوفان ما وجدي بكوفان

تهمي عليه ضلوعي قبل أجفاني

أرض اذا نفحت ريح العراق بها

أتت بشاشتها أقصى خراسان

ومن قتيل بأعلى كربلاء على

جهل الصدى فتراه غير صديان

وذي صفائح يستسقي البقيع به

ريّ الجوانح من روحٍ ورضوان

هذا قسيم رسول الله من آدم

قُدّا معاً مثلما قدّ الشرا كان

وذاك سبطا رسول الله جدهما

وجه الهدى وهما في الوجه عينان

وآخجلتا من أبيهم يوم يشهدهم

مضرجين نشاوى من دم قان

يقول يا أمة حف الضلال بها

فاستبدلت للعمى كفراً بايمان

ماذا جنيت عليكم إذ أتيتكم

بخير ما جاء من آي وفرقان

ألم أجركم وأنتم في ضلالتكم

على شفا حفرة من حر نيران

ألم أؤلف قلوبا منكم فرقا

مثارة بين أحقاد وأضغان

أما تركت كتاب الله بينكم

وآيه الغر في جمع وقرآن

ألم أكن فيكم غوثا لمضطهد

ألم أكن فيكم ماء لظمآن

قتلتم ولدي صبرا على ظمأ

هذا وترجون عند الحوض إحساني

سبيتم ثكلتكم أمهاتكم

بني البتول وهم لحمي وجثماني

__________________

١ - ترجمه صاحب ( رياض العلماء ) ووصف فضله وشعره.

١٣٠

يا رب خَذ لي منهم إذ هم ظلموا

كرام رهطي وراموا هدم بنياني

ماذا تجيبون والزهراء خصمكم

والحاكم الله للمظلوم والراني

أهل الكساء صلاة الله نازلة

عليكم الدهر من مثنى ووحدان

أنتم نجوم بني حواء ما طلعت

شمس النهار وما لاح السماكان

هذي حقائق لفظ كلما برقت

ردّت بلألائها أبصار عميان

هي الحُلى لبنى طه وعترتهم

هي الردى لبنى حرب ومروان

هي الجواهر جاء الجوهري بها

محبة لكم من أرض جرجان (١)

  وقال يرثي الحسين عليه‌السلام :

يا أهل عاشور يا لهفي على الدين

خذوا حدادكم يا آل ياسين

اليوم شقق جيب الدين وانتهبت

بنات أحمد نهب الروم والصين

اليوم قام بأعلى الطف نادبهم

يقول مَن ليتيم أو لمسكين

اليوم خضّب جيب المصطفى بدم

أمسى عبير نحور الحور والعين

اليوم خرّ نجوم الفخر من مصر

وطاح بالخيل ساحات الميادين

اليوم اطفئ نور الله متقدا

وبرقعت عزة الاسلام بالهون

اليوم نال بنو حرب طوائلهم

مما صلوه ببدر ثم صفين

يا أمة ولي الشيطان رايتها

ومكَن الغي منها كل تمكين

ما المرتضى وبنوه من معوبة

ولا الفواطم من هند وميسون

يا عين لا تدعي شيئا لغادية

تهمي ولا تدعي دمعا لمحزون

قومي على جدث بالطف فانتقضي

بكل لؤلؤ دمع فيك مكنون

يا آل أحمد إن الجوهري لكم

سيف يقطّع عنكم كل موصون

  ذكرها الخوارزمي في مقتله، وابن شهر اشوب في مناقبه، والعلامة المجلسي في العاشر من البحار.

__________________

١ - عن أعيان الشيعة ج ٤١ ص ٤١.

١٣١

أبو الحسن علي بن احمد الجرجاني المعروف بالجوهري:

توفي في حدود سنة ٣٨٠. عن رياض العلماء إنه كان شاعراً اديبا مشهورا، وهو صاحب القصائد الفاخرة الكثيرة في مناقب أهل البيت ومصائب شهدائهم.

كان من صنايع الوزير الصاحب بن عباد وندمائه وشعرائه، تعاطى صناعة الشعر في ريعان من عمره جزاه الله خير جزاء المحسنين.

١٣٢

الصاحب اسماعيل بن عباد

عين جودي على الشهيد القتيل

واتركي الخد كالمحل المحيل

كيف يشفي البكاء في قتل مولا

ي امام التنزيل والتأويل

ولو انّ البحار صارت دموعي

ما كفتني لمسلم بن عقيل

قاتلوا الله والنبي ومولا

هم عليا إذ قاتلوا ابن الرسول

صرعوا حوله كواكب دجن

قتلوا حوله ضراغمَ غيل

اخوة كل واحد منهم ليـ

ـث عرين وحدّ سيفٍ صقيل

أو سمعوهم طعنا وضربا ونحرا

وانتهابا ياضلًة متن سبيل

والحسين الممنوع شربة ماء

بين حر الظبى وحر الغليل

مثكل بابنه وقد ضمّه وهـ

ـو غريق من الدماء الهمول

فجمعوه من بعده برضيعٍ

هل سمعتم بمرضعٍ مقتول

ثم لم يشفهم سوى قتل نفس

هي نفس التكبير والتهليل

هي نفس الحسين نفس رسول الـ

ـله نفس الوصي نفس البتول

ذبحوه ذبحَ الأضاحي فيا قلـ

ـب تصدّع على العزيز الذليل

وطأوا جسمه وقد قطّعوه

ويلهم من عقاب يوم وبيل

أخذوا رأسه وقد بضّعوه

إن سميَ الكفار في تضليل

نصبوه على القنا فدمائي

لا دموعي تسيل كلّ مسيل

١٣٣

واستباحوا بنات فاطمة الزهـ

ـراء لمّا صرخن حول القتيل

حملوهن قد كشفن على الاقـ

ـتاب سبياً بالعنف والتهويل

يا لكربٍ بكربلاء عظيم

ولرزء على النبي ثقيل

كم بكى جبرئيل ممّا دهاه

في بنيه صلّوا على جبرئيل

سوف تأتي الزهراء تلتمس الحكـ

ـم اذا حان محشر التعديل

وأبوها وبعلها وبنوها

حولها والخصام غير قليل

وتنادي يا رب ذبّح أولا

دي لماذا وأنت خير مديل

فينادى بمالك ألهب النا

ر وأجّج وخذ بأهل الغلول

( ويجازى كل بما كان منه

من عقاب التخليد والتنكيل )

يا بني المصطفى بكيت وابكيـ

ـت ونفسي لم تأت بعد بسولي

ليت روحي ذابت دموعا فأبكي

للذي نالكم من التذليل

فولائي لكم عتادي وزادي

يوم القاكم على سلسبيل

لي فيكم مدائح ومراث

حفظت حفظ محكم التنزيل

قد كفاني في الشرق والغرب فخرا

أن يقولوا: من قيل اسماعيل

ومتى كادني النواصب فيكم

حسبي الله وهو خير وكيل (١)

  الصاحب بن عباد:

حدق الحسان (٢) رمينني بتململ

وأخذن قلبي في الرعيل الأول

غادرنني والى التفزع مفزعي

وتركنني وعلى العوبل معوّلي

لو أن ما ألقاه حمّل يذبلا

قد كان يذبل منه ركنا يذبل

مازلت أرعى الليل رعي موكل

حتى رأيت نجمه يبكين لي

فحسبتها زهرات روض ضاحك

[ مبتسم ] قد القيت في جدول

__________________

١ - عن ديوان الصاحب بن عباد ص ٢٦١.

٢ - ذكر العلامة المجلسي في المجلد العاشر من ( بحار الأنوار ) بعضها وقال: هي من قصيدة طويلة.

١٣٤

ينقض لامعها فتحسب كاتباً

قد مد سطراً مذهباً بتعجّل

ويغيب طالعها كدر قد وهى

من سلك غانية مشت بتدلل

حتى إذا ما الصبح أنفذ رسله

أبدت شجون تفرّق وترحّل

والفجر من رأد الضياء كأنه

سعدى وقد برزت لنا بتبذل

ومضى الظلام يجر ذيل عبوسه

فأتى الضياء بوجهه المتهلل

وبدا لنا ترس من الذهب الذي

لم ينتزع من معدنٍ بتعمل

مرآة نور لم تُشَن بصياغة

كلا ولا جليت بكف الصيقل

تسمو الى كبد السماء كأنها

تبغي هناك دفاع كرب معضل

حتى اذا بلغت الى حيث انتهت

وقفت كوقفة سائل عن منزلِ

ثم انثنت تبغي الحدورَ كأنها

طير أسفّ مخافةً من أجدلِ

حتى اذا ما الليل كرّ ببأسه

في جحفل قد أتبعوه بجحفل

طرب الصديق الى الصديق وأبرزت

كأس الرحيق ولم يخف من عذّل

فالعود يُصلح والحناجر تجتلى

والدر يُخرز من صراح المبزل

والعين تومئ والحواجب تنتجي

والعتب يظهر عطنه في أنمل

والأذن تقضي ماتريد وتشتهي

من طفلة مع عودها كالمطفل

إن شئت مرّت في طريقة معبدٍ

أو شئت مرت في طريقة زلزل

تغنيك عن إبداع بدعة حسن ما

وصلت طرائقه بفنّ الموصلي

فالروض بين مسهّم ومدبّج

ومفوّفٍ ومجزّعٍ ومهلّل

والطير ألسنة الغصون وقد شدت

ليطيب لي شرب المدام السلسل

من حُمّرٍ أو عندليب مطربٍ

أو زُرزرٍ أو تدرجٍ أو بلبل

فأخذتها عاديّةً غيليّةً

تجلى علَيّ كمثل عين الأشهل

قد كان ذاك وفي الصبا متنفّس

والدهر أعمى ليس يعرف معقلي

حتى اذا خط المشيب بعارضي

خط الانابة رمتها بتبتل

وجعلت تكفير الذنوب مدائحي

في سادة آل النبي المرسل

في سادةٍ حازوا المفاخر قادةٍ

ورقوا الفخار بمقولٍ وبمنصُل

١٣٥

وتشدّد يوم الوغى وتشرُّرٍ

وتفضل يوم الندى وتسهل

وتقدّم في العلم غير محلأٍ

وتحقق بالعلم غير محلحل

وعبادة ما نال عبد مثلها

لأداءِ - فرضٍ أو أداء تنفّل

هل كالوصيّ مقارع في مجمع

هل كالوصي منازع في محفل

شَهَرَ الحسامَ لحسم داءٍ معضل

وحمى الجيوش كمثل ليل أليل

لمّا أتوا بدراً أتاه مبادرا

يسخو بمهجة محربٍ متأصل

كم باسل قدردّه وعليه من

دمه رداء أحمر لم يصقل

كم ضربة من كفّه في قرنه

قد خيل جري دمائها من جدول

كم حملة وآلى على أعدائه

ترمي الجبال بوقعها بتزلزل

هذا الجهاد وما يطيق بجهده

خصم دفاع وضوحه بتأوّل

يا مرحبا اذ ظل يردي مرحباً

والجيش بين مكبّر ومهلّل

واذا انثنيت الى العلوم رأيته

قرم القروم يفوق كل البزّل

ويقوم بالتنزيل والتأويل لا

تعدوه نكتة واضح أو مشكل

لولا فتاويه التي نجّتهم

لتهالكوا بتعسّف وتجهّل

لم يسأل الأقوام عن أمرٍ وكم

سألوه مدرّعين ثوب تذلّل

كان الرسول مدينةً هو بابها

لو أثبت النصّاب قول المرسل

[ قد كان كرّارا فسُمّي غيره

في الوقت فرّارا فهل من معدل ]

هذي صدورهم لبغض المصطفى

تغلي على الأهلين غلي المرجل

نصبت حقودهم حروبا أدرجت

آل النبي على الخطوب النزّل

حلّوا وقد عقدوا كما نكثوا وقد

عهدوا فقل في نكث باغ مبطل

وافوا يخبرنا بضعف عقولهم

أن المدبر ثَمّ ربةُ محملِ

هل صيّر الله النساء أئمة

يا أمة مثل النّعام المهمل

دبت عقاربهم لصنو نبيهم

فاغتاله أشقى الورى بتختّل

أجروا دماء أخي النبي محمد

فلتجرِ غرب دموعها ولتهمِل

ولتصدر اللعنات غير مزالةٍ

لعداه من ماض ومن مستقبل

١٣٦

لم تشفهم من أحمد أفعالهم

بوصيّه الطهر الزكي المفضل

فتجرّدوا لبنيه ثم بناته

بعظائم فاسمع حديث المقتل

منعوا حسينَ الماء وهو مجاهد

في كربلاء فنح كنوح المعولِ

منعوه أعذب منهل وكذا غداً

يردون في النيران أوخم منهل

يسقون غسليناً ويحشر جمعهم

حشراً متيناً في العقاب المجمل

أيحزّ رأس ابن الرسول وفي الورى

حيّ أمام ركابه لم يقتل

تسبى بنات محمد حتى كأنّ

محمدا وافى بملّة هرقلِ

وبنوا السفاح تحكموا في أهل حيّ

على الفلاح بفرصة وتعجّل

نكت الدعيّ ابن البغي ضواحكا

هي للنبيّ الخير خيرُ مقبّل

تمضي بنو هند سيوف الهند في

أوداج أولاد النبيّ وتعتلي

ناحت ملائكة السماء عليهم

وبكوا وقد سقّوا كؤوس الذبّل

فأرى البكاء مدى الزمان محللا

والضحك بعد السبط غير محلّل

قد قلت للأحزان: دومي هكذا

وتنزّلي بالقلب لا تترحّلي

يا شيعة الهادينَ لا تتأسّفي

وثقي بحبل الله لا تتعجلي

فعداً ترون الناصبين ودارهم

قعر الجحيم من الطباق الأسفل

وتنعمون مع النبي وآله

في جنة الفردوس أكرم موئل

هذي القلائد كالخرائد تجتلى

في وصف علياء النبي وفي علي

لقريحةٍ عدليّةٍ شيعيةٍ

أزرت بشعر مزرّد ومهلهل

ما شاقها لما أقمت وزانها

أن لم تكن للأعشيين وجرول

رام ابن عبادٍ بها قربًي الى

ساداته فأتت بحسن مكمل

ما ينكر المعنى الذي قصدت له

إلا الذي وافى لعدة أفحل

وعليك يا مكيّ حسنُ نشيدها

حتى تحوزَ كمالَ عيش مقبل (١)

__________________

١ - عن ديوان الصاحب بن عباد ص ٨٥.

١٣٧

وقال رحمه‌الله :

ما بال عَلوى لا ترد جوابي

هذا وما ودعت شرخ شبابي

أتظن أثواب الشباب بلمتي

دَورَ الخضابِ فما عرفت خضابي

أوَ لَمّ ترَ الدنيا تطيع أوامري

والدهر يلزمُ - كيف شئت - جنابي

والعيش غَض والمسارح جمّة

والهمّ اقسم لا يَطور ببابي

وولاء آل محمد قد خيرَ لي

والعدل والتوحيد قد سعدا بي

من بعد ما استدّت مطالب طالب

باب الرشاد الى هدىً وصواب

عاودت عرصة أصبهان وجهلُها

ثبت القواعد محكمُ الأطناب

والجبر والتشبيه قد جثما بها

والدين فيها مذهب النصّاب

فكففتهم دهراً وقد فقّهتهم

الا أراذل من ذوي الأذناب

ورويتُ من فضل النبيّ وآله

ما لا يبقي شبهة المرتاب

وذكرت ما خصّ النبي بفضله

من مفخر الاعمال والانساب

وذر الذي كانت تعرف داءه

انّ الشفاء له استماع خطابي

يا آل احمد انتم حرزي الذي

أمِنَت به نفسي من الأوصاب

أُسعدت بالدنيا وقد واليتكم

وكذا يكون مع السعود مأبي

انتم سراج الله في ظلم الدجى

وحسامه في كل يوم ضراب

ونجومه الزهر التي تهدي الورى

وليوثه إن غابَ ليثُ الغابِ

لا يرتجى دين خلا من حبّكم

هل يرتجى مَطُر بغير سحاب

أنتم يمين الله في أمصاره

لو يعرف النصّاب رجع جواب

تركوا الشراب وقد شكوا غلل الصدى

وتعلّلوا جهلا بلمع سراب

لم يعلموا أن الهوى يهوي بمن

ترك العقيدة ربة الانساب

لم يعلموا أن الوصيّ هو الذي

غَلَبَ الخضارم كلّ يوم غلاب

لم يعلموا أن الوصيّ هو الذي

آخى النبي اخوّة الانجاب

لم يعلموا أن الوصي هو الذي

سبق الجميع بسنّةٍ وكتاب

١٣٨

لم يعلموا أنَّ الوصيَّ هو الذي

لم يرضَ بالاصنام والانصاب

لم يعلموا أن الوصي هو الذي

آتى الزكاة وكان في المحراب

لم يعلموا أن الوصي هو الذي

حَكمَ الغدير له على الأصحاب

لم يعلموا أن الوصي هو الذي

قد سام أهل الشرك سوم عذاب

لم يعلموا أن الوصي هو الذي

أزرى ببدر كل أصيد آبي

لم يعلموا أن الوصي هو الذي

ترك الضلال مغلّل الأنياب

ما لي أقصّ فضائل البحر الذي

علياه تسبقُ عدّ كلّ حساب

لكنّني متروّح بيسير ما

أُبديه أرجو أن يزيدَ ثوابي

وأريد اكمادَ النواصب كلّما

سمعوا كلامي وهو صوت رباب

يحلو اذا الشيعيّ ردّد ذكره

لكن على النصّاب مثل الصاب

مدح كأيام الشباب جعلتها

دأبي وهُنّ عقائد الآداب

حُبّي أمير المؤمنين ديانة

ظهرت عليه سرائري وثيابي

أدّت اليه بصائر أعملتها

اعمال مرضيّ اليقين عقابي

لم يعبث التقليد بي ومحبتي

لعمارة الأسلاف والأحساب

يا كفؤ بنت محمد لولاك ما

زفّت الى بشرٍ مدى الأحقاب

يا أصل عترة احمدٍ لولاك لم

يك أحمد المبعوث ذا أعقاب

وأفئت بالحسنين خير ولادة

قد ضمنت بحقائق الأنجاب

كان النبي مدينة العلم التي

حوت الكمال وكنت أفضل باب

ردّت عليك الشمس وهي فضيلة

بَهَرت فلم تستر بلفّ نقاب

لم أحك إلا ما روته نواصب

عادتك وهي مباحة الأسلاب

عوملتَ يا صنو النبي وتلوه

بأوابد جاءت بكل عجاب

عوهدتَ ثم نكثت وانفرد الألى

نكصوا بحربهم على الأعقاب

حوربتَ ثم قتلتَ ثم لعنت يا

بعداً لأجمعهم وطول تَباب

أيشك في لعني أمية إنها

نفرت على الاصرار والاضباب (١)

__________________

١ - وفي نسخة: جارت على الاحرار والاطياب.

١٣٩

قد لقبوكَ يا أبا ترابٍ بعدما

باعوا شريعتهم بكفّ تراب

قتلوا الحسين فيا لعولي بعده

ولطول نوحي أو أصير لما بي

وهم الألى منعوه بلّة غُلةٍ

والحتف يخطبه مع الخطّاب

أودى به وباخوةٍ غُرّ غدت

أرواحهم شَوراً بكفّ نهاب

وسبوا بنات محمد فكأنهم

طلبوا دخول الفتح والأحزاب

رفقا ففي يوم القيامة غنية

والنار باطشة بسوط عقاب

ومحمد ووصيّه وابناه قد

نهضوا بحكمِ القاهر الغلاب

فهناك عضّ الظالمون أكفّهم

والنار تلقاهم بغير حجاب

ما كفّ طبعي عن إطالة هذه

مَلَل ولا عجز عن الاسهاب

كلا ولا لقصور علياكم عن الا

كثارِ والتطويل والاطناب

لكن خشيت على الرواة سأمةً

فقصدت ايجازاً على اهذاب

كم سامع هذا سليم عقيدة

صدق التشيع من ذوي الألباب

يدعو لقائلها بأخلص نيّة

متخشّعا للواحد الوهّاب

ومناصب فارت مراجل غيظه

حنقاً عليّ ولا يطيق معابي

ومقابل ليَ بالجميل تصنّعا

وفؤاده كره على ظَبظاب

انّ ابن عبّادٍ بآل محمد

يرجو (١) برغم الناصب الكذّاب

فاليك يا كوفيّ أنشِد هذه

مثلَ الشباب وجودَةِ الأحباب (٢)

  وقال:

بلغت نفسي مناها‌‏

بالموالي آل طه

برسول الله من حا

ز المعالي وحواها

وأخيه خير نفس

شرّف الله بناها

__________________

١ - لعله: يزجو او ينجو.

٢ - عن الديوان.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335