أدب الطف الجزء ٢

أدب الطف0%

أدب الطف مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 335

أدب الطف

مؤلف: العلامة السيد جواد شبر
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف:

الصفحات: 335
المشاهدات: 59001
تحميل: 9075


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 335 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 59001 / تحميل: 9075
الحجم الحجم الحجم
أدب الطف

أدب الطف الجزء 2

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

وألسنة كأعالي الرماح

رددتُ وقد شرعت ذبلا

ويأبى « لحسناءَ » إن أقبلت

تعرّضها قمراً مقبلا

سقى الله « ليلاتنا بالغويـ

ـر » فيما أعلّ وما أنهلا

حياً كلما أسبلت مقلة

ـ حنينا له - عبرة أسبلا

وخصّ وإن لم تعد ليلةً

خلت فالكرى بعدها ما حلا

وفي الطيف فيها بميعاده

وكان تعوّد أن يمطلا

فما كان أقصر ليلي به

وما كان لو لم يزر أطولا

مساحبُ قصّر عني المشيـ

ـبُ ما كان منها الصّبا ذيّلا

ستصرفني نزوات الهمو

م بالأرَب الجِدّ أن أهزلا

وتنحتُ من طرفي زفرة

مباردها تأكل المنصلا

وأغرى بتأبين آل النبـ

ـيّ إن نسّب الشعر أو غزّلا

بنفسي نجومهم المخمَداتِ

ويأبى الهدى غير أن تشعَلا

وأجسام نور لهم في الصعيـ

ـدِ تملؤه فيضيء الملا

ببطن الثرى حملُ ما لم تطق

على ظهرها الأرض ان تحملا

تفيض فكانت ندىً أبحرا

وتهوي فكانت عُلاً أجبلا

سل المتحدي بهم في الفخا

ر، أين سمت شرفات العلا:

بمن باهل الله أعداءه

فكان الرسول بهم أبهلا؟

وهذا الكتاب وإعجازه

على مَن؟ وفي بيت مَن؟ نزّلا

« وبدر » و « بدر » به الدين تـ

ـمّ مَن كان فيه جميلَ البلا؟

ومَن نام قوم سواه وقام؟

ومَن كان أفقّه أو أعدلا

بمن فصل الحكم يوم « الحنين »

فطبق في ذلك المفصلا؟

مساعٍ أطيل بتفصيلها

كفى معجزاً ذكرها مجملا

يمينا لقد سلّط الملحدون

على الحق أو كاد أن يبطلا

فلولا ضمان لنا في الطهور

قضى جَدلُ القول أن نخجلا

أألله يا قوم يقضي « النبي »

مطاعاً فيعصى وما غسّلا!

٢٤١

ويوصي فنخرُص دعوى عليـ

ـه في تركه دينَه مهمَلا!

وتجتمعون على زعمهم

وينبيك « سعدٌ » بما أشكلا!

فيعقب إجماعهم أن يبيـ

ـت مفضولهم يقدُم الأفضلا

وأن ينزع الأمر من أهله

لأنّ « علياً » له أُهّلا

وساروا يحطّون في آله

بظلمهم كلكلا كلكلا

تدّب عقارب من كيدهم

فتفنيهم أوّلاً أوّلا

أضاليل ساقت صاب ( الحسين )

وما قبل ذاك وما قد تلا

« أميّة » لابسة عارَها

وإن خفى الثأر أو حُصّلا

فيوم « السقيفة » يابن النبـ

ـيّ طرّق يومك في « كربلا »

وغصبُ أبيك على حقّه

وأمّك حَسّنَ أن تُقتَلا

أيا راكباً ظهر مجدولةٍ

تُخالُ اذا انبسطت أجدلا

شأت أربع الريح في أربعٍ

اذا ما انتشرن طوين الفلا

اذا وكلت طرفها بالسما

ء خيل بادراكها وكّلا

فعزّت غزالتها غُرةً

وطالت غزال الفلا أيطلا (1)

كطيتك في منتهى واحد

ـ لتدركَ يثربَ - أو مرقلا

فصل ناجيا وعليّ الأمانُ

لمن كان في حاجة موصلا

تحمّل رسالة صبٍ حملت

فنادِ بها « أحمدَ » المرسلا

وحيّ وقل: يا نبي الهدى

تأشَب نهجُك واستوغلا

قضيتَ فأرمضنا ما قضيت

وشرعك قد تمّ واستكملا

فرام ابن عمّك فيما سننـ

ـتَ أن يتقبّل أو يَمثُلا

فخانك فيه من الغادريـ

ـن مَن غيّر الحق أو بدّلا

الى أن تحلّت بها « تيمها »

وأضحت « بنو هاشم » عُطّلا

ولما سرى امرُ « تيمٍ » أطا

ل بيتُ عديٍّ لها الأحبلا

__________________

1 - الأيطل: الخاصرة.

٢٤٢

ومدّت « أميةُ » أعناقها

وقد هوّن الخطبُ واستسهلا

فنال « ابن عفّان » ما لم يكن

يظنّ وما نال بل نُوّلا

فقرّ وأنعم عيش يكو

ن من قبله خشناً قلقلا

وقلّبها « أرد شيريةً »

فحرّق فيها بما أشعلا

وساروا فساقوه أو أوردوه

حياض الردّى منهلاً منهلا

ولما امتطاها « عليّ » أخو

ك ردّ الى الحق فاستُثقلا

وجاؤا يسومونه القاتلين

وهم قد ولوا ذلك المقتلا

وكانت هَناةٌ وأنت الخصيم

غداً والمعاجَلُ من أُمهِلا

لكم آل « ياسين » مدحي صفا

وودي حلا وفؤادي خلا

وعندي لأعدائكم نافذا

تُ قولي [ ما ] صاحبَ المقولا

اذا ضاق بالسير ذرع الرفيق

ملأتُ بهنّ فروجَ الملا

فواقرُ من كل سهمٍ تكون

له كلّ جارحةٍ مقتلا

وهلا ونهج طريق النجاة

بكم لاح لي بعد ما أشكلا؟

ركبتُ لكم لقمي فاستننتُ

وكنتُ أخابطه مجهلا (1)

وفُكّ من الشرك أسري وكا

ن غلاً على منكبي مقفَلا

أواليكم ما جرت مزنةٌ

وما اصطخب الرعد أوجلجلا

وأبرأُ ممن يعاديكم

فإن البراءة اصل الولا

ومولاكم لا يخاف العقاب

فكونوا له في غدٍ موئلا

  وقال يرثي أمير المؤمنين علياً وولده الحسين عليهما‌السلام ويذكر مناقبهما في المحرم سنة اثنتين وتسعين وثلثمائة:

يزور عن « حَسناء » زورة خائفِ

تعرّضُ طيفِ آخرَ الليل طائف (2)

فأشبهها لم تغدُ مسكاً لناشقٍ

كما عوّدت ولا رحيقاً لراشفِ

__________________

1 - استننت: ذهبت في واضح الطريق. والمجهل: القفر.

2 - عن الديوان.

٢٤٣

قصيةُ دارٍ قرّبَ النومُ شخصها

ومانعة أهدت سلام مساعف

ألينُ وتغري بالإناء كأنما

تبرّ بهجراني أليه حالفِ

و « بالغور » للناسين عهدي منزل

حنانيك من شاتِ لديه وصائفِ

أغالط فيه سائلاً لا جهالة

فأسال عنه وهو بادي المعارف

ويعذلني في الدار صحبي كأنني

على عَرَصات الحب أولُ واقفِ

خليليّ إن حالت - ولم أرض - بيننا

طوالُ الفيافي أو عِراض التنائفِ

فلا زرّ ذاك السجفُ إلا لكاشفٍ

ولا تمّ ذاك البدر إلا لكاسف

فإن خفتما شوقي فقد تأمنانِه

بخاتلةٍ بين القنا والمخاوف

بصفراء لو حلت قديماً لشارب

لضنّت فما حلّت فتاةً لقاطف

يطوف بها من آل « كسرى » مقرطق

يحدّث عنها من ملوك الطوائف

سقى الحسن حمراء السلافة خدّه

فأنبع نبتاً أخضراً في السوائف

وأحلف أنى شُعشعت لي بكفّه

سلوتُ سوى همٍّ لقلبي محالفِ

عصيت على الأيام أن ينتزعنه

بنهي عذولٍ أو خداعِ ملاطفِ

جوى كلما استخفى ليخمد هاجه

سنا بارقٍ من أرض « كوفان » خاطف

يذكّرني مثوى « عليّ » كأنني

سمعت بذاك الرزء صيحة هاتف

ركبت القوافي ردف شوقي مطيّةً

تخبّ بجاري دمعي المترادف

الى غايةٍ من مدحه إن بلغتها

هزأتُ بأذيال الرياح العواصف

وما أنا من تلك المفازة مدرك

بنفسي ولو عرّضتها للمتالف

ولكن تؤدّي الشهد إصبع ذائقٍ

وتعلقُ ريح المسك راحةُ دائف (1)

بنفسي مَن كانت مع الله نفسه

اذا قلّ يوم الحق مَن لم يجازف

إذا ما عزوا ديناً فآخر عابدٍ

وإن قسموا دنياً فأول عائفِ

كفى « يوم بدر » شاهد « وهوازن »

لمستأخرين عنها ومزاحف

« وخيبر » ذات الباب وهي ثقيلة الـ

ـمرام على أيدي الخطوب الخفائف

__________________

1 - الدائف: الخالط الذي يخلط المسك بغيره من الطيب.

٢٤٤

أبا « حسنٍ » إن أنكروا الحق [ واضحاً ]

على أنه والله إنكارُ عارف

فإلا سعى للبين أخمص بازلٍ

وإلا سمت للنعل إصبع خاصف

وإلا كما كنتَ ابنَ عمٍّ ووالياً

وصهراً وصفوا كان مَن لم يقارف

أخصّك بالتفضيل إلا لعلمه

بعجزهم عن بعض تلك المواقف

نوى الغدر أقوام فخانوك بعده

وما آنف في الغدر إلا كسالف

وهبهم سفاها صححوا فيك قوله

فهل دفعوا ما عنده في المصاحف

سلام على الاسلام بعدك إنهم

يسومونه بالجور خطة خاسف

وجدّدها « بالطف » بابنك عصبة

أباحوا لذاك القرف حكّة قارف

يعزّ على « محمد » بابن بنته

صبيب دمٍ من بين جنبيك واكفِ

أجازَوك حقاً في الخلافة غادروا

جوامع منه في رقاب الخلائف

أيا عاطشاً في مصرعٍ لو شهدتُه

سقيتك فيه من دموعي الذوارف

سقى غلّتي بحر بقبرك إنني

على غير إلمامٍ به غير آسف

وأهدى اليه الزائرون تحيّتي

لأشرف إن عيني له لم تشارف

وعادوا فذرّوا بين جنبيّ تربةً

شفائي مما استحقبوا في المخاوف

أُسرّ لمن والاك حب موافق

وأبدي لمن عاداك سبّ مخالف

دعيّ سعى سعي الأسود وقد مشى

سواه اليها أمس مشيَ الخوالف (1)

وأغرى بك الحساد أنك لم تكن

على صنم فيما روَوه بعاكف

وكنت حصان الجيب من يد غامرٍ

كذاك حصان العرض من فم قاذف

وما نسب ما بين جنبيّ تالدٌ

بغالب ودٍّ بين جنبيّ طارف

وكم حاسد لي ودّ لو لم يعش ولم

أنابله (2) في تأبينكم وأسايف

تصرّفت في مدحيكم فتركته

يعضّ عليّ الكفّ عضّ الصوارف

هواكم هو الدنيا وأعلم أنه

يبيّضُ يومَ الحشر سودَ الصحائف

__________________

1 - الخوالف: النساء.

2 - انابله: أراميه بالنبل. أسايف: أجالده بالسيف.

٢٤٥

وقال يفتخر بابائه ويذكر سبقهم بالملك والسياسة ثم يذكر أهل البيت عليهم‌السلام وهي أول قوله في سنة سبع وثمانين وثلاثمائة:

أتعلمين يا بنة الأعاجمِ

كم لأخيكِ في الهوى من لائمِ

يهبّ يلحاه بوجهٍ طلقٍ

ينطق عن قلبٍ حسودٍ راغم

وهو مع المجد على سبيله

ماض مضاء المشرفيّ الصارم

ممتثلا ما سنّه آباؤه

إن الشبول شبه الضراغم

من أيكةٍ مذ غرستها « فارس »

ما لان غمزاً فرعها لعاجم

لمن على الارض - وكانت غيضة ـ

أبنيةُ لا تُبتغى لهادم؟

مَن فرس الباطل بالحق ومَن

أرغم للمظلوم أنف الظالم

إلا « بنو ساسان » أو جدودهم

طِر بخوافيهم وبالقوادم

أيهم أبكى دما فكلّهم

يجلّ عن دموعي السواجم

كم جذبت ذكراهم من جلدي

جذب الفريق من فؤاد الهائم

لا غرو والدنيا بهم طابت اذا

لم تحل يوماً بعدهم لطاعم

[ ما ] اختصمتني فيهم قبيلة

إلا وكنت غصّة المخاصم

ولا نشرت في يدي فضلهم

إلا نثرتُ ملء عقد الناظم

إن يجحد الناس علاهم فبما

أنكر روض نعم الغمائم!!

أو قلّد الصارم غير ربه

فليس غير كفه للقائم

أحق بالأرض اذا أنصفتم

عامرها بشرف العزائم

ياناحلى مجدهم أنفسهم

هُبوا فللأضغاث عينُ الحالم

شتان رأس يفخر التاج به

وأرؤسُ تفخر بالعمائم

كم قصّرت [ سيوفهم ] عن جارهم

خطى الزمان قايماً بقائم

ودفعت حماتهم عن نوبٍ

عظائمٍ تكشف بالعظائم

وخوّلوا من [ نعمةٍ ] واغتنموا

جُلّ السماح عن يمين غارم

مناقب تفتق ما رقّعتم

من بأس « عمرو » وسماح « حاتم »

٢٤٦

ما برحت مظلمةَ ديناكم

حتى أضاء كوكب في « هاشم »

بنتم به وكنتم من قبله

سراً يموت في ضلوع كاتم

حللتم بهديه ويمنه

بعد الوهاد في ذرى العواصم

وعاد، هل من مالكٍ مسامحٍ

تدعون هل من مالكٍ مقاوم؟

تخفق راياتكم منصورة

إذا ادرعتم باسمه في جاحم (1)

عُمّر منكم في أذى تفضحكم

أخباره في سير الملاحم

بين قتيل منكم محاربٍ

يكفُر أو منافقٍ مسالم

ثم قضى مسلّما من ريبةٍ

فلم يكن من غدركم بسالم

نقضتم عهوده في أهله

وحلتم عن سنن المراسم

وقد شهدتم مقتل ابن عمّه

خير مصلٍّ بعده وصائم

وما استحل باغياً إمامكم

« يزيد » « بالطف » من « ابن قاطم »

وها إلى اليوم الظبا خاضبةُ

من دمه مناسر القشاعم

« والفرس » لما علقوا بدينه

لم تنل العُروة كفّ فاصم

فمن إذاً أجدر أن يملكها

موقوفةً على النعيم الدائم؟

لا بدّ يوماً أن تقال عثرة

من سابقٍ أو هفوةُ من حازم

لو هبّت الريح نسيما أبدا

لم يتعوذ من أذى السمائم

أو أمنت حسناء طول عمرها ـ

عيناً لما احتاجت الى التمائم

خذ يا حسودي بين جنبيك جوىً

يرمى الى قلبك بالضرائم

واقنع فقد فتّك غير خاملٍ

بالصغر أن تقرعَ سنّ نادم

لا زلت منحوس الجزاء قلقاً

بوادعٍ وسِهراً لنائم

__________________

1 - الجاحم: الحرب وشدة القتل فيها.

٢٤٧

وقال يمدح أهل البيت عليهم‌السلام :

بكى النار ستراً على الموقد

وغار يغالط في المُنجد

أحبّ وصان فورّى هوىً

أضلّ وخاف فلم ينشد؟

بعيد الإصاخة عن عاذلٍ

غنى التفرّد عن مًسعد

حمول على القلب وهو الضعيف

صبور عن الماء وهو الصّدي

وقورٌ وما الخرقُ من حازمٍ

متى ما يَرح شيبه يغتدي

ويا قلب إن قادك الغانيات

فكم رسنٍ فيك لم ينقد

أفق فكأني بها قد أُمِرّ

بأفواهها العذب من موردي

وسُوّد ما ابيضّ من ودها

بما بيّض الدهر من أسودي

وما الشيب أول غدر الزمان

بلى من عوائده العوّد

لحا الله حظي كما لا يجود

بما استحق وكم أجتدي

وكم أتعلل عيش السقيم

أذمّم يومي وأرجو غدي

لئن نام دهري دون المنى

وأصبح عن نَيلها مُقعدي

ولم أك أحمد أفعاله

فلي أسوة ببني « أحمد »

بخير الورى وبني خيرهم

اذا وَلَد الخير لم يولد

وأكرم حيّ على الأرض قام

وميتٍ توسّد في ملحد

وبيتٍ تقاصر عنه البيوت

وطال عليّاً على الفرقد

تحوم الملائك من حوله

ويصبح للوحى دار الندي

ألا سَل « قريشاً » ولُم منهم

مَن استوجب اللوم أو فنّد

وقل: ما لكم بعد طول الضلا

ل لم تشكروا نعمة المرشد؟

أتاكم على فترةٍ فاستقام

بكم جائرين عن المقصد

وولّى حميداً الى ربّه

ومن سَنّ ما سنّه يُحمَد

وقد جعل الأمر من بعده

« لحيدر » بالخبر المسند

وسمّاه مولىً بإقرار مَن

لو اتبع الحق لم يجحد

٢٤٨

فملتم بها - حسد الفضل - عنه

ومن يكُ خير الورى يُحسدِ

وقلتم: بذاك قضى الاجتماع

ألا إنما الحق للمفرد

يعزّ على « هاشم » و « النبي »

تلاعبُ « تيمٍ » بها أو « عَدي »

وإرثُ « عليِّ » لأولاده

اذا آيةُ الإرث لم تفسد

فمن قاعدٍ منهم خائف

ومِن ثائر قام لم يُسعد

تسلّط بغياً أكفُ النفا

ق منهم على سيّدٍ سيّد

وما صرفوا عن مقام الصلاة

ولا عُنّفوا في بُنى المسجد

أبوهم وأمهم من علمـ

ـتَ فانقص مفاخرهم أو زِد

أرى الدين من بعد يوم « الحسين »

عليلاً له الموتُ بالمرصد

وما الشرك لله من قبله

اذا انت قستَ بمستبعد

وما آل « حربٍ » جنوا إنما

أعادوا الضلال على من بُدي

سيعلم مَن « فاطم » خصمُه

بأيّ نكالٍ غداً يرتدي

ومَن ساء « أحمد » يا سبطه

فباء بقتلك ماذا يدي؟

فداؤك نفسي ومَن لي بدا

ك لو أن مولىً بعبدٍ فُدي

وليتَ دمي ما سقى الأرض منك

يقوت الرّدى وأكون الرّدي

وليت سبقتُ فكنتُ الشهيد

أمامك يا صاحب المشهد

عسى الدهر يشفى غداً من عِدا

ك قلب مغيظٍ بهم مكمد

عسى سطوة الحق تعلو المحال

عسى يغلبُ النقص بالسؤدد

وقد فعل الله لكنني

أرى كبدي بعدُ لم تبرد

بسمعي لقائمكم دعوة

يلبي لها كل مستنجد

أنا العبد وآلاكم عُقده

اذا القول بالقلب لم يعقد

وفيكم ودادي وديني معاً

وإن كان في « فارس » مولدي

خصمت ضلالي بكم فاهتديت

ولولاكم لم أكن اهتدي

وجردتموني وقد كنت في

يد الشرك كالصارم المغمد

ولا زال شعري من نائحٍ

ينقّل فيكم الى منشد

٢٤٩

وما فاتني نصركم باللسان

اذا فاتني نصركم باليد (1)

  وقال يذكر مناقب امير المؤمنين علي بن ابي طالب صلوات الله عليه وسلامه، وما مني به من أعدائه:

إن كنتَ ممن يلجُ « الوادي » فسل

بين البيوت عن فؤادي: ما فعل

وهل رأيت - والغريب ما ترى ـ

واجد جسمٍ قلبه منه يضل؟

وقل لغزلان « النقا »: مات الهوى

وطلقت بعدكم بنت الغزل

وعاد عنكنّ يخيبُ قانصٌ

مَدّ الحبالات لكنّ فاحتبل

يا من يرى قتلى السيوف حظرت

دماؤهم، الله في قتلى المقل

ما عند سكان « مِنىً » في رجلِ

سباه ظبيٌ وهو في ألف رجل

دافع عن صفحته شوك القنا

وجرحته أعين السرب النُجل

دمٌ حرام للأخ المسلم في

أرض حرامٍ، يال « نعم » كيف حلّ؟!

قلت: شكا، فأين دعوى صبره

كُرّي اللحاظ واسئلى عن الخبَل

عنّ هواك فأذل جلدي

والحب ما رقّ له الجلد وذل

مَن دلّ مسراكِ عليّ في الدجي

هيهات في وجهك بدرٌ لا يدلّ

رُمتِ الجمال فملكت عنوةً

أعناق ما دقّ من الحسن وجل

لواحظاً علّمت الضرب الظبا

على قوامٍ علّم الطعن الأسل

يا من رأى « بحاجر » مجاليا

من حيث ما استقبلها فهي قِبل

اذا مررت بالقباب من « قبا »

مرفوعةً وقد هوت شمس الأصل (2)

فقل لأقمار السماء: اختمري

فحلبة الحسن لأقمار الكِلل

أين ليالينا على « الخيف » وهل

يردّ عيشاً بالحمى قولك: هَل؟

ما كنّ إلا حُلًماً روّعه

الصبحُ وظِلاً كالشباب فانتقل

ما جمعت قط الشباب والغنى

يدُ امرئٍ ولا المشيبَ والجذل

__________________

1 - عن الديوان.

2 - الاصل جمع اصيل وهو وقت ما بعد العصر الى المغرب.

٢٥٠

يا ليت ما سوّد أيام الصبا

أعدى بياضاً في العذارين نزل

ما خلتُ سوداء بياضي نصَلت

حتى ذوى أسود رأسي فنصل (1)

طارقة من الزمان أخذت

أواخر العيش بفرطات الأول

قد أنذرت مبيضة ان حذّرت

ونطقَ الشيب بنصحٍ لو قُبِل

ودلّ ما حط عليك من سنى

عمرك أن الحظ فيما قد رحل

كم عِبرةٍ وأنت من عظاتها

ملتفتٌ تتبع شيطان الامل

ما بين يمناك وبين أختها

إلا كما بين مناك والأجل

فاعمل من اليوم لما تلقى غدا

أو لا فقل خيراً توفّق للعمل

ورِد خفيف الظهر حول اسرةٍ

إن ثقّلوا الميزان في الخير ثَقل

اشدد يداً بحب آل « أحمد »

فإنه عقدة فوزٍ لا تُحل

وابعث لهم مراثياً ومدحاً

صفوة ما راض الضمير ونخل

عقائلا تصان بابتذالها

وشاردات وهي للسارى عُقُل

تحمل من فضلهم ما نهضت

بحمله أقوى المصاعيب الذّلل

موسومةً في جبهات الخيل أو

معلّقات فوق أعجاز الإبل

تنثو (2) العلاء سيّدا فسيداً

عنهم وتنعى بطلا بعد بطل

الطيبون أزراً تحت الدجى

الكائنون وَزرا (3) يوم الوجل

والمنعمون والثرى مقطّب

[ من جدبه ] والعام غضبان أزِل

خير مصلّ ملكا وبشرا

وحافيا داس الثرى ومنتعِل

هم وأبوهم شرفاً وأمهم

أكرم مَن تحوي السماء وتُظِل

لا طلقاء منَعمٌ عليهم

ولا يجارون اذا الناصر قل (4)

__________________

1 - نصل: خرج من خضابه.

2 - تنثو تذيع.

3 - الوزر الملجأ.

4 - يشير الى فتح مكة لما منّ رسول الله على أهل مكة وقال اذهبوا فانتم الطلقاء.

٢٥١

يستشعرون « الله أعلى في الورى »

وغيرهم شعاره « أعلُ هُبل » (1)

لم يتزخرف وثنُ لعابدٍ

منهم يُزيغ قلبه ولا يضل

ولا سرى عرق الإماء فيهم

خبائث ليست مريئات الأكل

يا راكباً تحمله « عيدية »

مهوية الظهر بعضّات الرحل

ليس لها من الوجا (2) منتصر

إذا شكا غاربها حيف الإطل (3)

تشرب خمسا وتجر رعيها

والماء عدّ (4) والبنات مكتهل

اذا اقتضت راكبها تعريسة (5)

سوّفها الفجر ومنّاها الطفل (6)

عرّج بروضات « الغرى » سائفا (7)

أزكى ثرى وواطئا أعلى محل

وأدّ عني مُبلغا تحيتي

خير « الوصيين » أخا خير الرسل

سمعا « امير المؤمنين » إنها

كناية لم تك فيها منتحل

ما « لقريش » ما ذقتك عهدها

ودا مجتك ودها على دخل (8)

وطالبتك عن قديم غِلّها

بعد أخيك بالترات والذحل

وكيف ضموا أمرهم واجتمعوا

فاستوزروا الرأي وانت منعزل

وليس فيهم قادح بريبة

فيك ولا قاضٍ عليك بوهل

ولا تُعدّ بينهم منقبة

إلا لك التفصيل منها والجُمل

وما لقومٍ نافقوا « محمدا »

عمر الحياة وبغوا فيه الغيل!

وتابعوه بقلوبٍ نزل « الـ

ـفرقان » فيها ناطقاً بما نزل

__________________

1 - هبل صنم كان في الكعبة، ويشير بذلك الى قول أبي سفيان في يوم أحد أعل هبل. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أجيبوه وقولوا: الله أعلى وأجل.

2 - الوجا: الحفا.

3 - الاطل: الخاصرة.

4 - العد: الغزير الذي لا ينقطع.

5 - التعريسية: نزول القوم آخر الليل للاستراحة.

6 - الطفل: قبيل غروب الشمس.

7 - سائفا: ساماً.

8 - الدخل: الخداع والغش.

٢٥٢

مات فلم تنعق على صاحبه

ناعقة منهم ولم يرغِ جمل

ولا شكا القائم في مكانه

منهم ولا عنفهم ولا عذل

فهل ترى مات النفاق معه

أم خلصت أديانهم لما نُقل

لا والذي أيّده بوحيه

وشده منك بركن لم يزل

ما ذاك إلا ان نياتُهُم

في الكفر كانت تلتوى وتعتدل

وأن وَدّاً بينهم دل على

صفائه رضاهم بما فعل

وهبهم تخرصا قد ادعوا

أن النفاق كان فيهم وبطل

فما لهم عادوا وقد وليتهم

فذكروا تلك الحزازات الأول!

وبايعوك عن خداع، كلهم

باسط كفٍ تحتها قلبٌ نغِل

ضرورة ذاك كما عاهد مَن

عاهد منهم « أحمدا » ثم نكل

وصاحب الشورى لما ذاك ترى

عنك - وقد ضايقه الموت - عدل

« والأمويُ » ما له أخرّكم

وخص قوماً بالعطاء والنفل

وردها عجماء « كسرويّةً »

يضاع فيها الدين حفظا للدول

كذاك حتى أنكروا مكانه

وهم عليك قدّموه فقبل

ثم قسمتَ بالسواء بينهم

فعظم الخطب عليهم وثقل

فشحذت تلك الظبا وحفرت

تلك الزبى وأضرمت تلك الشعل

مواقف في الغدر يكفي سُبةً

منها وعاراً لهم « يوم الجمل »

( وإن تكن ذات الغبيط أقلعت

بزعم من اكدّ ذاك ونقل )

( فما لها تمنع من دفن ابنه

لولا هناة جرحها لم يندمل )

يا ليت شعري عن أكف أرهفت

لك المواضي وانتحتك بالذبُل

واحتطبت تبغيك بالشر، على

أي اعتذار في المعاد تتكل؟!

أنسيت صفقتها أمسِ على

يديك ألا غيرٌ ولا بدل؟

وعن حصان أبرزت يكشف باسـ

ـتخراجها ستر النبي المنسدل

تطلب امراً لم يكن ينصره

بمثلها في الحرب إلا من خذل

__________________

البيتان المقوسان في الديوان المخطوط.

٢٥٣

يا للرجال و « لتيم » تدّعي

ثأر « بني امية » وتنتحل

وللقتيل يلزمون دمه

ـ وفيهم القاتل - غير مَن قتل

حتى اذا دارت رحى بغيهم

عليهم وسبق السيف العذل

وانجز النكث العذاب (1) فيهم

بعد اعتزال منهم بما مطل

عاذوا بعفو ماجدٍ معوّدٍ

للصبر حمالٍ لهم على العلل

فنحت البقيا عليهم مَن نجا

وأكل الحديد منهم مَن أكل

فاحتجّ قومٌ بعد ذاك لهم

بفاضحات ربها يوم الجدَل

فقلّ منهم من لوى ندامة

عنانه عن المصاع فاعتزل

وانتزع العامل (2) من قناته

فردّ بالكره فشد فحمل

والحال تُنبي أن ذاك لم يكن

عن توبةٍ وإنما كان فشل

ومنهم مَن تاب بعد موته

وليس بعد الموت للمرء عمل

وما الخبيثين « ابن هندٍ » وابنه

وإن طغى خطبهما بعد وجل

بمبدعين في الذي جاءا به

وإنما تقفيا تلك السبل

إن يحسدوك فلفرط عجزهم

في المشكلات ولما فيك كمل

الصنو أنت والوصي دونهم

ووارث العلم وصاحب الرسل

وآكل الطائر والطارد

للصلّ ومن كلّمه قبلك صِلّ؟!

وخاصف النعل وذو الخاتم والـ

ـمنهل في يوم القليب والمُعِل

وفاصل القضية العسراء في

« يوم الحنين » وهو حكم ما فَصَل

ورجعة الشمس عليك نبأ

تشعب الالباب فيه وتضل

فما ألوم حاسداً عنك انزوى

غيظا ولاذا قَدَمٍ فيك تزل

ياصاحب الحوض غداً لا حُلّئت

نفس تواليك عن العذب النهل

ولا تسلّط قبضة النار على

عنقٍ اليك بالوداد ينفتل

عاديت فيك الناس لم احفل بهم

حتى رموني عن يدٍ إلا الأقل

__________________

1 - وفي الاصل « العِدات ».

2 - العامل: صدر الرمح وهو ما يلي السنان.

٢٥٤

تفرّغوا يعترقون (1) غيبةً

لحمي وفي مدحك عنهم لي شغل

عدلتُ أن ترضى بأن يسخط مَن

تقلّه الارضُ عليّ فاعتدل

ولو يشقّ البحر ثم يلتقي

فلقاه فوقي في هواك لم أبَل

علاقة بي لكم سابقة

لمجد « سلمان » اليكم تتصل

ضاربة في حبكم عروقها

ضرب فحول الشول في النوق البزل

تضمني من طرفي في حبلكم

مودّةٌ شاخت ودينٌ مقتبل

فضلت آبائي الملوك بكم

فضيلة الاسلام أسلافَ الملل

لذاكم أرسلها نوافذاً

لأمّ مَن لا يتقيهن الهبل

يمرقن زُرقاً من يهدي حدائدا

تنحى أعاديكم بها وتنتبل (2)

صوائبا إما رميت عنكم

وربما أخطأ رامٍ من « ثعل » (3)

__________________

1 - يعترقون: ينزعون ما على العظم من لحم.

2 - تنتبل ترمى بالنبل.

3 - ثعل: اسم قبيلة مشهورة بالرمي.

٢٥٥

الشريف المرتضى

قال يذكر مصرع جده الحسين عليه‌السلام :

أأُسقى نميرّ الماء ثم يلذّ لي

ودوركم آل الرسول خَلاء؟

وأنتم كما شاء الشتات ولستم

كما شئتم في عيشةٍ وأشاء

تذادون عن ماء الفرات وكارع

به إبلٌ للغادرين وشاء

تنشرّ منكم في القَواءِ معاشر

كأنهم للمبصرين مُلاء

ألا إن يوم الطف أدمى محاجراً

وأدوى قلوباً ما لهنّ دواء

وإن مصيبات الزمان كثيرة

ورب مصابٍ ليس فيه عزاء

أرى طخيةً فينا فأين صباحها

وداء على داءِ فأين شفاء؟

وبين تراقينا قلوب صديئة

يراد لها لو أعطيته جلاءُ

فيما لائماً في دمعتي أو « مفنداً »

علي لوعتي واللوم منه عناء؟

وهل لي سلوان وآل محمد

شريدهم ما حان منه ثواء

تصدّ عن الروحات أيدي مطيهم

ويزوى عطاء دونهم وحُباء

كأنهم نسل لغير محمدٍ

ومن شعبه أو حزبه بعداءُ

فيا أنجماً يهدى الى الله نورها

وإن حال عنها بالغبي غباءُ

فإن يك قوم وصلة لجهنم

فأنتم الى خُلد الجنان رشاءُ

٢٥٦

دعوا قلبي المحزون فيكم يهيجه

صباح على أُخراكم ومساء

فليس دموعي من جفوني وإنما

تقاطرن من قلبي فهنّ دماء

اذا لم تكونوا فالحياة منية

ولا خير فيها والبقاء فناء

وإما شقيتم في الزمان فإنما

نعيمي اذا لم تلبسوه شقاء

لحا الله قوماً لم يجازوا جميلكم

لأنكم أحسنتم وأساؤا

ولا انتاشهم عند المكاره منهض

ولا مسهم يوم البلاء جزاء

سقى الله أجداثاً طوين عليكم

ولا زال منهلاً بهن رواء

يسير إليهن الغمام وخلفه

رماجر من قعقاعِه وحُداء

كأن بواديه العشار تروحت

لهنّ حنينٌ دائمٌ ورغاء

ومَن كان يسقى في الجنان كرامة

فلا مسّه من [ ذي ] السحائب ماء (1)

  وقال يرثي جده الحسين عليه‌السلام ويستنهض المهدي عليه‌السلام لثاره في الأنام:

قف بالديار المقفرات

لعبت بها أدي الشتات

فكأنهن هشائم

بمرور هوج العاصفات

فإذا سألت فليس تسـ

ـأل غير صمٍ صامتات

خرسٍ يخلن من السكو

تِ بهن هام المصغيات

عج بالمطايا الناحلا

تِ على الرسوم الماحلات

الدارسات الفانيا

ت شبيهة بالباقيات

واسأل عن القتلى الألى

طرحوا على شطّ الفرات

شُعثٌ لهم جُممٌ عصيـ

ـن على أكف الماشطات

وعهودهن بعيدة

بدهان ايدٍ داهنات

__________________

1 - عن الديوان.

٢٥٧

نسج الزمان بهم سرا

بيلاً بحوك الرامسات (1)

تطوى وتُمحى عنهم

محواً بهطل المعصرات

فهم لأيدٍ كاسيا

ت تارة أو معريات

ولهم أكفّ ناضرا

تٌ بين صمٍ يابسات

ما كن إلا بالعطا

يا والمنايا جاريات

كم ثَمّ من مهجٍ سقيـ

ـن الحتف للقوم السرات

والى عصائب ساريا

ت في الدآدي عاشيات (2)

غرثان إلا من جوّى

عريانَ إلا من أذاةِ

وإذا استمد فمن

أكف بالعطايا باخلات

واذا استعان على خطو

بٍ أو كروب كارثات

فبكلّ مغلولِ اليديـ

ـن هناكَ مفلول الشّباة

قل للألى حادوا وقد

ضلوا الطريق عن الهداة

وسروا على شعب الركا

ئب في الفلاة بلا حداة

نامت عيونكم ولـ

ـكن عن عيون ساهرات

وظننتم طول المدى

يمحو القلوب من التِرات

هيهات إن الضغن

توقده الليالي بالغداة

لا تأمنوا غض النوا

ظر من قلوب مرصدات

إن السيوف المُعريا

ت من السيوف المغمدات

والمثقلات المعييا

ت من الأمور الهيّنات

والمصميات من المقا

تل هنّ نفس المخطئات

وكأنني بالكمت تردى

في البسيطة بالكماة (3)

وبكل مقدام على الأ

هوال مرهوب الشذاة

__________________

1 - الرامسات: الرياح الدوافن للآثار الطامسة لرسوم الديار.

2 - الدآدي: جمع الدأدأة وهي آخر ليالي الشهر المظلمة.

3 - الكمت جمع الكميت وهو من الخيل أو الابل بين الاشقر والأدهم.

٢٥٨

ومثقفٍ مثل القنا

ة أتى المنية بالقناة

أو مرهف ساقت إليـ

ـه ردىً « شفارُ » المرهفات

كرهوا الفرار وهم على

« أقتادِ نُجبٍ » ناجيات

يطوينَ طيّ الأتحميّ

لهنّ أجواز الفلات

وتيقّنوا أن الحيا

ة مع المذلّة كالممات

ورزية للدين ليـ

ـست كالرزايا الماضيات

تركت لنا منها الشوى

ومضت بما تحت الشواة

يا آل أحمد والذيـ

ـنَ غدا بحبّهم نجاتي

ومنيتي في نصرهم

أشهى غليّ من الحياة

حتى متى أنتم على

صهوات حُدبٍ شامصات؟ (1)

وحقوقكم دون البريـ

ـة في أكفٍّ عاصيات

وسروبكم مذعورة

وأديمكم للفاريات (2)

ووليّكم يضحى ويمـ

ـسي في أمور معضلات

يلوى وقد خبط الظلا

مَ على الليالي المقمرات

فإذا اشتكى فالى قلو

بٍ لاهيات ساهيات

قرمٍ فلا شبِعٌ له

إلا بأرواح العداةِ

وكأنه متنمراً

صقرٌ تشرف من عَلاة

والرمح يفتق كلّ نجلاء

كأردان الفتاة

تهمي نجيعاً كاللغا

مِ على شدوق اليعملات (3)

تؤسى ولكن كلها

أبداً يبرّح بالأساةِ

حتى يعود الحقّ يقـ

ـظاناً لنا بعد السِنات

ولكم أتى من فرجةٍ

قد كان يحسب غير آتٍ

__________________

1 - الشامصات: النافرات.

2 - الأديم: الجلد، الفاريات: الشاقات، من فرى الاديم أي شقه.

3 - اللغام: زبد افواه الابل، والشدوق: الأفواه.

٢٥٩

يا صاحبي في يوم عا

شوراء والحِدب المواتي

لا تسقِني بالله فيه

سوى دموعِ الباكيات

ما ذاك يوماً صيّباً

فأسمح لنا بالصيبات

وإذا ثكلت فلا تزر

إلا ديار الثاكلات

وتنحّ في يوم المصيبة

عن قلوبٍ ساليات

ومتى سمعت فمن عويل

للنساء المعولات

وتداوَ من حزنٍ بقلبك

بالمراثي المحزنات

لا عطلت تلك الحفائر

من سلامٍ أو صلاةٍ

وسقين من وكفِ التحية

عن وكيف السارياتِ

ونفحن من عبق الجنا

أريجه بالذاكيات

فلقد طوَين شموسنا

وبدرونا في المشكلات (1)

  وقال يرثي الحسين عليه‌السلام في عاشوراء سنة 429 هـ:

من عذيرى من سَقامٍ

لم أجد منه طبيبا

وهمومٍ كأوار

النّار يسكنّ القلوبا

وكروبٍ ليتهنّ

اليوم أشبهن الكروبا

وخطوبٍ معضلاتٍ

بتن ينسين الخطوبا

شيبت مني فود

ى ولم آتِ المشيبا

ورمت في غصني

إليبس وقد كان رطيبا

بان عني وتناءى

كل مَن كان قريبا

وتعرّيتُ من

الاحباب في الدنيا عزوبا

وسقاني الدهر من فر

قة من أهوى ذَنوبا (2)

إن يوم الطف يوم

كان للدين عصيبا

__________________

1 - عن الديوان.

2 - الذنوب بالفتح الدار الكبير.

٢٦٠