أدب الطف الجزء ٢

أدب الطف17%

أدب الطف مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 335

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 335 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 62240 / تحميل: 10366
الحجم الحجم الحجم
أدب الطف

أدب الطف الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

بالله يا دمع السحائب سقّها

ولئن بخلت فأدمعي تسقيها

يا مغريا نفسي بوصف غريرة

أغريت عاصية على مغريها

لا خير في وصف النساء فاعفني

عما تكلفنيه من وصفيها

يا رب قافية حلى امضاؤها

لم يحل ممضاها الى ممضيها

لا تطمعن النفس في إعطائها

شيئا فتطلب فوق ما تعطيها

حب النبي محمد ووصيه

مع حب فاطمة وحب بنيها

أهل الكساء الخمسة الغرر التي

يبني العلا بعلاهم بانيها

كم نعمة أوليت يا مولاهم

في حبهم فالحمد للموليها

إن السفاه بترك مدحي فيهم

فيحق لي أن لا أكون سفيها

هم صفوة الكرم الذي أصفيهم

ودي وأصفيت الذي يصفيها

أرجو شفاعتهم وتلك شفاعة

يلتذ برد رجائها راجيها

صلّوا على بنت النبي محمد

بعد الصلاة على النبي أبيها

وابكوا دماء لو تشاهد سفكها

في كربلاء لما ونت تبكيها

يا هولها بين العمائم واللهى

تجري وأسياف العدى تجريها

تلك الدماء لو انها توقى إذا

كانت دماء العالمين تقيها

لو أن منها قطرة تفدى إذا

كنابنا وبغيرنا نفديها

إن الذين بغوا إراقتها بغوا

ميشومة العقبى على باغيها

قتل ابن من أوصى اليه خير من

أوصى الوصايا قط أو يوصيها

رفع النبي يمينه بيمينه

ليرى ارتفاع يمينه رائيها

في موضع أضحى عليه منبها

فيه وفيه يبدئ التشبيها

آخاه في ضم ونوّه باسمه

لم يأل في خير به تنويها

هو قال ( اقضاكم ) علي إنه

أمضى قضيته التي يمضيها

هو لي كهارون لموسى حبذا

تشبيه هرون به تشبيها

يوماه يوم للعدى يرويهم

جودا ويوم للقنا يرويها

يسع الأنام مثوبة وعقوبة

كلتاهما تمضي لما يمضيها

٢١

بيد لتشييد المعالي شطرها

ولهدم أعمار العدى باقيها

ومضاء صبر ما رأى راء له

فيما رآه من الصدور شبيها

لو تاه فيه قوم موسى مرة

أخرى لأنسى قوم موسى التيها

عوجا بدار الطف بالدار التي

ورث الهدى أهلوه عن اهليها

نبكي قبورا إن بكينا غيرها

بعض البكاء فانما نعنيها

نفدت حياتي في شجى وكآبة

لله مكتئب الحياء شجيها

بأبي عفت منكم معالم أوجه

أضحى بها وجه الفخار وجيها

مالي علمت سوى الصلاة عليكم

آل النبي هدية أهديها

وأسا علي فإن أفأت بمقلتي

يحدي سوابق دمعها حاديها

سقيا لها فئة وددت بأنني

معها فسقاني الردى ساقيها

تلك التي لا أرض تحمل مثلها

لا مثل حاضرها ولا باديها

قلبي يتيه على القلوب بحبها

وكذا لساني ليس يملك تيها

وأنا المدلّه بالمرائي كلما

زادت أريد بقولها تدليها

يرثي نفوسا لو تطيق إبانة

لرئت له من طول ما يرثيها

٢٢

أبو بكر احمد بن محمد بن الحسن بن مراد الضبي الحلبي الانطاكي المعروف بالصنوبري توفي سنة ٣٣٤.

ذكره الامين في اعيان الشيعة فقال: كان شاعراً مجيداً مطبوعاً مكثراً وكان عالي النفس ضنينا بماء وجهه عن ان يبذله في طلب جوائز ممدوح صائنا لشأنه عن الهجاء يقول الشعر تأدبا لا تكسبا، مقتصرا في اكثر شعره على وصف الرياض والأزدهار. وكان يسكن حلب ودمشق قال الشيخ عباس القمي في ( الكنى والألقاب ): ذكره ابن شهر اشوب في شعراء أهل البيت (ع) وله أشعار في مدائح أهل البيت ومراثيهم أقول: ان السيد الامين اسماه احمد بن محمد وكناه بأبي بكر ولكن الشيخ القمي في الكني والالقاب اسماه ابو بكر بن أحمد بن محمد وقول الشيخ الأميني موافق لما رواه السيد في الأعيان.

قال الثعالبي: تشبيهات ابن المعتز، وأوصاف كشاجم، وروضيات الصنوبري متى اجتمعت اجتمع الظرف والطرف وسمع السامع من الاحسان العجب.

وله في وصف حلب ومنتزهاتها قصيدة تنتهي الى مائة واربعة أبيات توجد في معجم البلدان للحموي ج ٣ ص ٣١٧ وقال البستاني في ( دائرة المعارف ) ج ٧ ص ١٣٧ هي اجود ما وصف به حلب، مستهلها.

احبسا العيس احبساها

وسلا الدار سلاها

  قال الشيخ الاميني: واما تشيعه فهو الذي يطفح به شعره الرائق ونص بذلك اليماني في نسمة السحر وعده ابن شهر اشوب من مادحي أهل البيت عليهم‌السلام وأما دعوى صاحب النسمة انه كان زيديا واستظهاره ذلك من شعره فاحسب أنها فتوى مجردة فانه لم يدعمها بدليل، وشعره الذي ذكره هو وغيره خال من اي ظهور ادعاه واليك نبذا مما وقفنا عليه في المذهب. قال في القصيدة يمدح بها عليا أمير المؤمنين عليه‌السلام .

٢٣

اخي حبيبي حبيب الله لا كذب

وابناه للمصطفى المستخلص ابنان

صلى الى القبلتين المقتدى بهما

والناس عن ذاك في صم وعميان

ما مثل زوجته اخرى يقاس بها

ولا يقاس على سبطيه سبطان

فمضمر الحب في نور يخص به

ومضمر البغض مخصوص بنيران

هذا غدا مالك في النار يملكه

وذاك رضوان يلقاه برضوان

رُدّت له الشمس في أفلاكها فقضى

صلاته غير ما ساه ولا وان

أليس من حل منه في أخوّته

محل هارون من موسى بن عمران؟!

وشافع الملك الراجي شفاعته

إذ جاءه ملك في خلق ثعبان

قال النبي له: أشقى البريّة يا

علي إذ ذُكر الأشقى شقيّان

هذا عصى صالحا في عقر ناقته

وذاك فيك سيلقاني بعصيان

ليخضبن هذه من ذا أبا حسن

في حين يخضبها من أحمر قان

  ومن شعر الصنوبري ما رواه النويري في نهاية الارب:

محن الفتى يخبرن عن فضل الفتى

كالنار مخبرة بفضل العنبر

وقال:

رب حال كأنها مُذهَب الـ

ـديباج صارت من رقة كاللاذ (١)

وزمان مثل ابنة الكرم حُسنا

عاد عند العيون مثل الداذي (٢)

أو ما من فساد رأى الليالي

ان شعري هذا وحالي هذي

__________________

١ - اللاذة: ثوب حرير احمر صيني والجمع لاذ.

٢ - الداذي: شراب للفساق.

٢٤

ومن شعره في اهل البيت عليهم‌السلام (١) :

سقى حلب المزن مغنى حلب

فكم وكلت طربا بالطرب

وكم مستطاب من العيش لي

لديها إذا العيش لم يستطب

إذا نشر الزهر أعلامه

بها ومطارده والعذب

غدا وحواشيه من فضة

ترفّ وأوساطه من ذهب

تلاعبه الريح صدر الضحى

فيجلى علينا جلاء اللعب

متى ما تغنّت مهاريه

وانشد دبسيّه أو خطب

ندبت ونُحت بني احمد

ومثلي ناح ومثلى ندب

بني المصطفى المرتضى خاتم

النبيين والمنخب المنتخب

لا سرى مسراه إلا به

وما مسّه في السرى من تعب

أم القمر انشق إلا له

ليقضي ما قد قضى من أرب

ولا يد سبّح فيها الحصى

سوى يده في جميع الحقب

وفي تفلة رد عين الوصي

إلى حال صحتها إذ أحب

اخوه وزوج احب الورى

اليه ومسعده في النوب

له ردت الشمس حتى قضى

الصلاة وقام بما قد وجب

وزكّا بخاتمه راكعا

رجاء المجازاة في المنقلب

ابو حسن والحسين الذَين

كانا سراجي سراج العرب

هما خير ماش مشى جدّةً

وجداً وأزكاه أماً وأب

أنيخا بنا العيس في كربلاء

مناخ البلاء مناخ الكرب

نشم ممسّك ذاك الثرى

ونلثم كافور تلك الترب

ونقضي زيارة قبر بها

فان زيارته تستحب

__________________

١ - عن المجموع الرائق السيد أحمد العطار - مخطوط.

٢٥

سآسي لمن فيه كل الاسى

واسكب دمعي له ما انسكب

لمن مات من ظمأ والفرات

يرمي بامواجه من كثب

يروم اقترابا فيحمونه الـ

وصول اليه اذا ما اقترب

وقد أنصب الفاطميات ما

يعانيه تحت الوغى من نصب

اذا هو ودّعهن انتحبن

من حر توديعه وانتحب

أيابن الرسول ويابن البتول

يا زينة العلم زين الأدب

كأني بشمر مكبّا عليك

ويل لشمر على من أكب

ومهري ماض مخلّى العنان

خضيب اللبان خضيب اللبب

وقد أجلت الحرب عن نسوة

سقتها يد الحرب كاس الحرب

يلاحظن وجهك فوق القناة

ويذهبن باللحظ أنىّ ذهب

فبوركت مرثية حُليت

من الحَلي بالمنتقى المنتخب

الى ضَبّة الكوفة الاكرمين

تنسّب اكرم بهذا النسب

الى القائمين بحق الوصي

عند الرضاء وعند الغضب

٢٦

وقال أيضا فيهم صلوات الله عليهم (١)

حيّ ولا تسأم التحيات

وناج ما اسطعت من مناجاة

حيّ دياراً أضحت معالمها

بالطف معلومة العلامات

وقل لها يا ديار آل رسول

الله يا معدن الرسالات

وقل عليك السلام ما انبرت

الشمس أو البدر للبريات

هم مناخ الهدى ومنتجع

الوحي ومستوطن الهدايات

إن يَتلُ تالي الكتاب فضلهم

يتل صنوفا من التلاوات

خصّوا تلك الآيات تكرمة

اكرم بتلك الآيات آيات

هم خير ماش مشى على قدم

وخير مَن يمتطي المطيّات

هم علّموا العالمين أن عبدوا

الله وألغوا عبادة اللات

عُجت بأبياتهم أسائلها

فعجت منها بخير أبيات

على قبور زكية ضمنت

لحودها أعظما زكيّات

أذكى نسيما لمن ينسّمها

من زهرات الربى الذكيّات

واصلها الغيث بالغدو ولا

صارمها الغيث بالعشيّات

الشافعون المشفعون إذا

ما لم يشفّع ذوو الشفاعات

من حين ماتوا أحيوا، وليس كمن

أحياؤهم في عداد أموات

جلّت رزاياهم فلست أرى

بعد رزياتهم رزيّات

__________________

١ - عن المجموع الرائق تأليف السيد احمد العطار - مخطوط.

٢٧

نوحا على سيدي الحسين نعم

نوحا على سيدي بن سادات

نوحاً تنوحا منه على شرف

مجدّل بين مشرفيات

ذقنا بدوق السيوف من دمه

مرارةً فاقت المرارات

كأنني بالدماء منه على

خير تراق وخير لبّات

ذيد حسين عن الفرات فيا

بليّة أثمرت بليات

لم يستطع شربه وقد شربت

من دمه المرهفات شربات

ما لك ما غُرت يا فرات ولم

تسق الخبيثين والخبيثات

كم فاطميين منك قد فُطموا

من غير جرم وفاطميات

ويل يزيد غداة يقرع بالقـ

ـضيب من سيدي الثنيات

فزد يزيدا لعنا وأسرته

من ناصبيّ وناصبيات

العنه والعن من ليس يلعنه

ثُبت بذا أفضل المثوبات

الجن والانس والملائكة الكرام

تبكي بلا محاشاة

على خضيب الاطراف من دمه

يا هول اطرافه الخضيبات

في لمّة من بني أبيه حوت

طيب الأبوّات والبنوّات

مَن يسل وقتا فان ذكرهم

مجدد لي في كل أوقاتي

بهم أجازي يوما الحساب إذا

ما حوسب الخلق للمجازاة

تجارتي حبهم وحبّهم

ما زال من أربح التجارات

٢٨

وقوله (١)

لوعة ما تزحرح

وجوى ليس يبرح

وشجى ما أزال

افيق منه واصبح

وأسى كلما خَبا

خبوه عاد يقدح

وحسود يحاول

الجد من حيث يمزح

فهو يأسو اذا حضـ

ـرت وإن غبت يقدح

فمداج موارب ومبين

ومبين مصرح

كإبن آوى يعوي ور

أى وكالكلب ينبح

عجبي والخطوب تبـ

لطلابي لراحة العيـ

ـرح فينا وتسنح

ـش والموت أروح

قل لباغي ربح بمدح

اذا ظل يمدح

مدح آل النبي يا

باغي الربح أربح

مَن بهم تمنح النجا

ة غداً حين تمنح

وبهم تصلح الامور

التي ليس تصلح

ما فصبح إلا وهم

بالعلى منه أفصح

سبقوا شرح ذي النهـ

ـهى بنهى ليس تشرح

هم على المعتفين

أوسع أيد وأفسح

__________________

١ - عن المجموع الرائق تأليف السيد احمد العطار مخطوط.

٢٩

كلما وزنوا به

فهم منه أرجح

طيّر النار في الحشا

طاير ظل يصدح

ناح شجواً وما درى

أنني منه أنوح

أنا أشجى منه فوادا

وأضنى وأقرح

لي فواد بناره

كل يوم ملوّح

وحشاً ما المدى مدي

حرقاتي يشرّح

للحسين الذي الشؤن

بذكراه تسفح

لابن مَن قام بالنصيحة

إذ قام يَنصح

الذبيح الذبيح من

عطش وهو يذبح

من رأى ابن النبي

في دمه كيف يسبح

طامحا طرفه الى

اهله حين تطمح

يطبق العين وهو

في كربات ويفتح

بي جوى للحسين

يؤلم قلبي ويقرح

ابطحي ما إن حوى

مثله قط أبطح

تلمح المكرمات من

طرفه حين يلمح

أيّ قبر بالطف أضحى

به الطف يُبجح

بابي الطف مطرحا

للعلى فيه مطرح

ظاهر الارض منه تحزن

والبطن تفرح

مالسفر بالطف امسوا

حلولا وأصبحوا

من صريع على جوانبه

الطير جُنّح

وطريح على محاسنه

الترب يطرح

فلحى الله مستبيحى

حماهم وقد لُحوا

ما قبيح إلا وما ارتكب

القوم أقبح

آل بيت النبي مالي

عنكم تزحزح

أفلح السالكون ظـ

ـل هداكم وانجحوا

٣٠

انا في ذاك لاسوى

ذاك اسعى واكدح

فعسى الله عن

ذنوبي يعفو ويصفح

  وقال كما في المجموع الرائق:

يا حادي الركب أنخ يا حادي

ما غير وادي الطف لي بواد

يعتادني شوقي الى الطف فكن

مشاركي في سومي المعتاد

لله ارض الطف ارضاً انها

ارض الهدى المعبود فيها الهادي

أرض يحار الطرف في حايرها

مهما بدى فالنور منه باد

حيى الحيا الطف وحيّا اهله

من رائح من الحيا أو غاد

حتى ترى أنواره موشية

تزهي على موشية الابراد

زهوي بحب المصطفى وآله

على الأعادي وعلى الحساد

قوم على منهم وابناء أ

فديهم بآبائي وبالأجداد

هم الأولى ليس لهم في فخرهم

ند وحاشاهم من الأنداد

يا دمع اسعدني ولست منصفي

يا دمع ان قصرت في اسعادي

ما انس لا انسى الحسين والاولى

باعوا به الاصلاح بالافساد

لما رآهم أشرعوا صم القنا

وجردوا البيض من الاغماد

نازعهم ارث ابيه قائلا

أليس ارث الاب للا ولاد

أنا الحسين بن علي أسد الروح

الذي يعلو على الاساد

فاضمروا الصدق له واظهروا

قول مصرّين على الاحقاد

ففارق الدنيا فديناه وهل

لذايق كاس المنايا فاد

ولم يرم زادا سوى الماء فما

ان زودوه منه بعض الزاد

اروى التراب ابن علي من دم

أي دم وابن علي صاد

تلك الصفايا من بنات المصطفى

في ملك أوغاد بني أوغاد

قريحة اكبادها يملكها

عصابة غليظة الاكباد

٣١

لذا غدت أيامنا مأتماً

وكنّ كالاعراس والاعياد

  وقوله كما في المجموع الرائق:

سر راشداً يا أيها السائر

ما حار مَن مقصده الحائر

ما حار من زار إمام الهدى

خير مزور زاره الزاير

مَن جده أطهر جد ومَن

أبوه لا شك الاب الطاهر

مقاسم النار، له المسلم المؤ

من منا، ولها الكافر

دان بدين الحق طفلاً وما

ان دان لاباد ولا حاظر

الوارد الكهف على فتية

لا وارد منهم ولا صادر

حتى اذا سلّم ردوا وفي

ردّهم ما يخبر الخابر

اذكر شجوى ببني هاشم

شجوى الذي يشجى به الذاكر

اذكرهم ما ضحك الروض أو

ما ناح فيه وبكى الطائر

يوم الحسين ابتز ضبري فما

منى لا الصبر ولا الصابر

لهفي على مولاي مستنصرا

غيب عن نصرته الناصر

حتى إذا دار بماساءنا

على الحسين القدر الدائر

خرّ يضاهي قمرا زاهرا

واين منه القمر الزاهر

وأم كلثوم ونسوانها

بمنظر يكبره الناظر

يسارق الطرف إليها وقد

انحى على منحره الناحر

فالدمع من مقلته قاطر

والدمع من مقلتها قاطر

يا من هم الصفوة من هاشم

يعرفها الاول والآخر

ذا الشاعر الضبي يلقى بكم

ما ليس يلقى بكم شاعر

٣٢

وقوله فيهم عليهم‌السلام من قصيدة اولها:

عوجا على الطف الحنايا

ما طوره أطر الحنايا

فهناك مثوى الاصفياء

ء المنتمين الى الصفايا

لم ترع لا الموصي ولا

الموصى اليه ولا الوصايا

ابن النبي معفر

وبنات فاطمة سبايا

خير البرايا، رأسه

يهدى الى شر البرايا

لم ادر للصبيان أذرف

ف أدمعي أم للصبايا

تالله لا تخفى شجوني

لا وعلام الخفايا

ويزيد قد وضع القضيب

من الحسين على الثنايا

فهبوه ما استحيى النبي

ولا الوصي أما تحايا

٣٣

بعض الشعراء الكوفيين:

ايها العينان فيضا

واستهلا لا تغيضا

لم أمرّضه فاسلو

لا ولا كان مريضا

  روى المفيد رحمه‌الله في الامالي عن النيسابوري أن ذرة النائحة رأت فاطمة الزهراء عليها‌السلام فيما يرى النائم وأنها وقفت على قبر الحسين عليه‌السلام تبكي وأمرتها أن تنشد:

ايها العينان فيضا

واستهلا لا تغيضا

وابكيا بالطف ميتا

ترك الصدر رضيضا

لم أمرضه قتيلا

لا ولا كان مريضا (١)

__________________

١ - المناقب لابن شهر اشوب ج ٢ ص ١٨٩.

٣٤

قال السيد الامين في ( الاعيان ) ج ١٧ ص ٣٢٠

عليّ بن أصدق الحائري

عصره بين المائة الثالثة والرابعة

عن كتاب المحاضرة وأخبار المذاكرة للتنوخي انه ان بالحائر من كربلاء رجل يدعى ابن اصدق ينوح على الحسين عليه‌السلام فبعث ابو الحسن الكاتب الى هذا المنشد أبا القاسم التنوخي علي بن محمد بن داود والد مؤلف النشوار - لينوح على الحسين بقصيدة لبعض الشعراء الكوفيين وأولها:

ايها العينان فيضا

واستهلا لا تغيضا

لم امرضه فاسلو

لا ولا كان مريضا

  قال ابو القاسم وكان هذا في النصف من شعبان والناس اذ ذاك يلقون جهدا جهيدا من الحنابلة اذا ارادوا الخروج الى الحائر فلم ازل اتلطف حتى خرجت فكنت في الحائر ليلة النصف من شعبان.

وولد ابو القاسم هذا سنة ٢٧٨ ومات سنة ٣٤٢.

٣٥

أبو الحسن السري بن أحمد الرفاء الموصلي

السري الرفاء الموصلي بمدح أهل البيت ويذكر الحسين عليه‌السلام (١):

نطوي الليالي علما أن ستطوينا

فشعشعيها بماء المزن واسقينا

وتوجّي بكؤوس الراح ايدينا

فانما خلقت للراح ايدينا

قامت تهز قواما ناعما سرقت

شمائل البان من اعطافه اللينا

تحث حمراء يلقاها المزاج كما

القيت فوق جنّي الورد نسرينا

فلست أدري اتسقينا وقد نفحت

روائح المسك منها أم تحيينا

قد ملكتنا زمام العيش صافية

لو فاتنا الملك راحت عنه تسلينا

ومخطف القد يرضينا ويسخطنا

حسنا ويقتلنا دلا ويحيينا

لما رأيت عيون الدهر تلحظنا

شزرا تيقّنتُ أن الدهر يردينا

نمضي ونترك من الفاظنا تحفا

تنسي رياحينها الشرب الرياحينا

وما نبالي بذم الاغبياء اذا

كان اللبيب من الاقوام يطرينا

ورب غراء لم تنظم قلائدها

إلا ليُحمد فيها الفاطميونا

الوارثون كتاب الله يمنحهم

ارث النبي على رغم المعادينا

والسابقون الى الخيرات ينجدهم

عتق النجار اذا كل المجارونا

قوم نصلي عليهم حين نذكرهم

حُبّا ونلعن اقواما والعرانينا

اغنتهم عن صفات المادحين لهم

مدائح الله في طاها وياسينا

__________________

١ - القصيدة في ديوانه المطبوع بالقاهرة سنة ١٣٥٥.

٣٦

فلست أمدحهم الا لأرغم في

مديحهم انف شانيهم وشانينا

أقام روح وريحان على جدث

ثوى الحسين به ظمآن آمينا

كأن أحشاءنا من ذكره أبدا

تطوى على الجمر او تحشى السكاكينا

مهلا فما نقضوا آثار والده

وانما نقضوا في قتله الدينا

آل النبي وجدنا حبكم سببا

يرضى الاله به عنا ويرضينا

فما نخاطبكم إلا بسادتنا

ولا نناديكم إلا موالينا

فكم لنا من معاد في مودتكم

يزيدكم في سواد القلب تمكينا

( وكم لنا من فخار في مودتكم

يزيدها في سواد القلب تمكينا )

ومن عدو لكم خف عداوته

الله يرميه عنا وهو يرمينا

إن اجر في مدحكم جري الجواد فقد

أضحت رحاب مساعيكم ميادينا

وكيف يعدوكم شعري وذكركم

يزيد مستحسن الاشعار تحسينا

٣٧

أبو الحسن السري بن أحمد بن السري الكندي الرفاء الموصلي المعروف بالسري الرفاء. والرفاء من الرفو والتطريز، كان في صباه يرفو ويطرز في دكان بالموصل قال السيد الأمين في الاعيان: توفي سنة ٣٤٤ ببغداد ودفن بها كان شاعراً مطبوعا كثير الافتتان في التشبيهات والأوصاف، وعده ابن شهر اشوب من شعراء اهل البيت المتقين وله ديوان مشهور وفيه مدح لسيف الدولة وبني حمدان إذ كان على اتصال به وبهم وكان شاعر سيف الدولة الحمداني وتغنى الركبان بشعره فحسده من حسده من الشعراء كالخالديين الشارعين الموصليين المشهورين، وكان يتهمهما بسرقة شعره واثنى عليه المؤرخون وارباب الأدب.

وقال الشيخ القمي في ( الكنى والالقاب ): وكان مغرى بنسخ ديوان ابي الفتح كشاجم الشاعر وهو اذ ذاك ريحان الأدب، والسري الرفاء في طريقه يذهب وعلى قالبه يضرب، وله ديوان شعر. كانت وفاته في نيف وستين وثلثمائة ببغداد. وقال في مقدمة ديوانه: انه كان في ضنك من العيش فخرج الى حلب واتصل بسيف الدولة واستكثر من المدح له فطلع سعده بعد الافول وحسن موقع شعره عند الأمراء من بني حمدان ورؤساء الشام والعراق.

وفي الديوان قال: وكانت وفاته بعيد سنة ٣٦٠ هـ.

٣٨

فمن شعر السري ابيات يذكر فيها صناعته رواها ابن خلكان:

وكانت الابرة فيما مضى

صائنة وجهي وأشعاري

فأصبح الرزق بها ضيقا

كأنه من ثقبها جاري

  ومن شعره في النسيب:

بنفسي مَن أجود له بنفسي‏

ويبخل بالتحية والسلام

وحتفي كامن في مقلتيه

كمون الموت في حد الحسام

  وجاء في نهاية الارب للنويري من شعره:

اذا العبء الثقيل توزّعته

أكفّ القوم هان على الرقاب

  وقوله:

فانك كلما استودعت سرا

أنمّ من النسيم على الرياض

وقوله:

الى كم احبّر فيك المديح

ويلقى سواي لديك الحبورا

  أقول واكثر شعره في مدح سيف الدولة والوزير المهلبي وآل حمدان وفيه أهاج في الخالديين وغيرهما وقصائد وصفية يصف بها صيد السمك وشبكته والنار وكلاب الصيد.

٣٩

محمود بن الحسين بن السندي كشاجم

الشاعر كشاجم أبو الفتح محمود بن الحسين بن السندي بن شاهك:

اجل هو الرزء جلّ فادحه

باكره فاجع ورائحه

لا ربع دار عفا ولا طل

أوحش لمّا نأت ملاقحه

فجائع لو درى الجنين بها

لعاد مبيضة مسالحه

يا بؤس دهر حين آل رسو

ل الله تجتاحهم جوائحه

إذا تفكّرت في مصابهم

أثقب زند الهموم قادحه

بعضهم قرّبت مصارعه

وبعضهم بوعدت مطارحه

أظلم في كربلاء يومهم

ثمّ تجلّى وهم ذبائحه

لا يبرح الغيث كل شارقة

تحصى غواديه أو روائحه

على ثرى حلّه غريب رسو

ل الله مجروحة جوارحه

ذلّ حماه وقلّ ناصره

ونال أقصى مناه كاشحه

وسيق نسوانه طلائح أحزان

تهادى بهم طلائحه

وهنّ يُمنعن بالوعيد من النـ

ـوح وغرّ العلى نوائحه

عادى الأسى جدّه ووالده

حين استغاثتهما صرائحه

لو لم يُرد ذو الجلال حربهم

به لضاقت بهم فسائحه

وهو الذي اجتاح حين ما عقر

ت ناقته إذ دعاه صالحه

يا شيع الغيّ والضلال ومَن

كلّهم جمّة فضائحه

غششتم الله في أذيّة مَن

إليكم أدّيت نصائحه

عفرتم بالثرى جبين فتّى

جبريل قبل النبي ماسحه

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

الفصل السادس

التوثيقات العامة

1 ـ أصحاب الاجماع.

2 ـ مشايخ الثقات.

3 ـ العصابة التي لا يروون إلا عن ثقة.

4 ـ رجال أسانيد « نوادر الحكمة ».

5 ـ رجال أسانيد « كامل الزيارات ».

6 ـ رجال اسانيد « تفسير القمّي ».

7 ـ أصحاب « الصادق » عليه‌السلام .

8 ـ شيخوخة الإجازة.

9 ـ الوكالة عن الإمام عليه‌السلام .

10 ـ كثرة تخريج الثقة عن شخص.

١٦١
١٦٢

1 ـ أصحاب الاجماع

* ما هو الاصل في ذلك.

* « أصحاب الاجماع » اصطلاح جديد.

* عددهم وما نظمه السيد بحر العلوم.

* كيفية تلقي الاصحاب هذا الاجماع وحجيته.

* مفاد « تصحيح ما يصح عنهم ».

١٦٣
١٦٤

قد وقفت على الطُّرق التي تثبت بها وثاقة راو معيَّن وهناك طرق تثبت بها وثاقة جمع كثير تحت ضابطة خاصة ، وإليك هذه الطرق واحداً بعد واحد. وأهمّها مسألة أصحاب الاجماع المتداولة في الألسن وهم ثمانية عشر رجلاً على المشهور.

إن البحث عن أصحاب الاجماع من أهمّ أبحاث الرجال ، وقد اشار اليه المحدّث النوري وقال : « إنه من مهمّات هذا الفنّ ، إذ على بعض التقادير تدخل آلاف من الاحاديث الخارجة عن حريم الصحة إلى حدودها أو يجري عليها حكمها »(1) .

ولتحقيق الحال يجب البحث عن أمور :

الأول : ما هو الاصل في ذلك؟

الأصل في ذلك ما نقله الكشّي في رجاله في مواضع ثلاثة نأتي بعبارته في تلك المواضع.

1 ـ « تسمية الفقهاء من أصحاب أبي جعفر وأبي عبداللهعليهما‌السلام : اجتمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأولين من أصحاب أبي جعفر

__________________

1 ـ مستدرك الوسائل : 3 / 757.

١٦٥

عليه‌السلام وأصحاب أبي عبداللهعليه‌السلام وانقادوا لهم بالفقه فقالوا : أفقه الأولين ستّة : زرارة ، ومعروف بن خربوذ ، وبريد ، وأبو بصير الاسدي ، والفضيل بن يسار ، ومحمد بن مسلم الطائفي ، قالوا : أفقه الستّة زرارة ، وقال بعضهم مكان أبي بصير الاسدي ، ابو بصير المرادي وهو ليث بن البختري »(1) .

2 ـ « تسمية الفقهاء من أصحاب أبي عبد اللهعليه‌السلام : أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء وتصديقهم لما يقولون ، وأقرّوا لهم بالفقه من دون اُولئك الستّة الذين عددناهم وسمَّيناهم(2) وهم ستّة نفر : جميل بن درّاج ، وعبدالله بن مسكان ، وعبدالله بن بكير ، وحمّاد بن عثمان ، وحمّاد بن عيسى ، وأبان بن عثمان ، قالوا : وزعم أبو اسحاق الفقيه وهو ثعلبة بن ميمون(3) أن أفقه هؤلاء جميل بن درّاج وهم أحداث أصحاب أبي عبد اللهعليه‌السلام »(4) .

3 ـ « تسمية الفقهاء من اصحاب أبي إبراهيم وأبي الحسنعليهما‌السلام : أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء وتصديقهم وأقرّوا لهم بالفقه والعلم ، وهم ستّة نفر أُخر دون ستّة نفر الذين ذكرناهم(5) في أصحاب أبي عبداللهعليه‌السلام منهم : يونس بن عبد الرحمان ، وصفوان بن يحيى بيّاع السابري ، ومحمد بن أبي عمير ، وعبدالله بن مغيرة ، والحسن بن محبوب ، وأحمد بن محمد بن أبي نصر ، وقال بعضهم مكان الحسن بن

____________

1 ـ رجال الكشي : 206.

2 ـ يريد بذلك العبارة المتقدمة التي نقلناها آنفاً.

3 ـ قال النجاشي ( في الرقم 302 ) : « كان وجهاً في أصحابنا قارئاً فقيهاً نحوياً لغوياً راوية وكان حسن العمل ، كثير العبادة والزهد ، روى عن أبي عبدالله وأبي الحسنعليهما‌السلام ».

4 ـ رجال الكشي : 322 ، والمراد من الاحداث : الشبان.

5 ـ يريد العبارة الثانية التي نقلناها عن رجاله.

١٦٦

محبوب ، الحسن بن علي بن فضال ، وفضالة بن أيوّب(1) وقال بعضهم مكان فضالة بن أيوّب ، عثمان بن عيسى ، وأفقه هؤلاء يونس بن عبد الرحمان وصفوان بن يحيى »(2) .

ويظهر من ابن داود في ترجمة « حمدان بن أحمد » أنه من جملة من اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ منهم والاقرار لهم بالفقه(3) ونسخ الكشي خالية منه ، ولعله أخذه من الاُصول ، لا من منتخب الشيخ ، كما احتمله المحدّث النوري ، لكن التأمل يرشدنا إلى خلاف ذلك وأن العبارة كانت متعلقة بـ « حمّاد بن عيسى » المذكور قبل حمدان. وقد سبق قلمه الشريف فخلط هو أو النسّاخ ووجه ذلك أنه عنون أربعة اشخاص بالترتيب الآتي :

1 ـ حمّاد بن عثمان النّاب. 2 ـ حمّاد بن عثمان بن عمرو. 3 ـ حمّاد بن عيسى. 4 ـ حمدان بن أحمد وصرّح في ترجمة حمّاد بن عثمان الناب أنه ممّن اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم وأتى بهذا المضمون في ترجمة حمدان ، مع أن اللازم عليه أن يأتي به في ترجمة ابن عيسى ولعل الجميع كان مكتوباً في صفحة واحدة فزاغ البصر ، فكتب ما يرجع إلى ابن عيسى في حق حمدان(4) .

أضف إلى ذلك أن ابن داود نفسه خصّ الفصل الأول من خاتمة القسم الأول من كتابه بذكر أصحاب الاجماع ـ كما سيوافيك عبارته ـ وذكر أسماءهم

__________________

1 ـ الظاهر أن « الواو بمعنى « أو » أي أحد هذين ، ويحتمل كونها بمعناها فيزداد العدد.

2 ـ رجال الكشي : الرقم 1050.

3 ـ رجال ابن داود : 84 ، الرقم 524.

4 ـ والجدير بالذكر ان تغاير « حمّادين » الاولين محلّ نظر. بل استظهر جمع من أئمة الرجال اتحادهما ولعله الاصح. راجع قاموس الرجال : 3 / 397 ـ 398 ؛ ومعجم رجال الحديث : 6 / 212 ـ 215.

١٦٧

مصّرحاً بكون حمّاد بن عيسى منهم من دون أن يذكر حمدان بن أحمد.

والعجب أنّه ذكر الطبقة الثّالثة بعنوان الطبقة الثانية وقال : إنّهم من أصحاب أبي عبداللهعليه‌السلام مع أنّه صرح في ترجمة كل منهم أنّهم كانوا من أصحاب الرضاعليه‌السلام وبعضهم من أصحاب أبي إبراهيم وأبي جعفر الثانيعليهما‌السلام (1) .

هذا ، مضافاً إلى أنه لا اعتبار بما انفرد به داود مع اشتمال رجاله على كثير من الهفوات.

الثاني : « أصحاب الاجماع » اصطلاح جديد

إن التّعبير عن هذه الجماعة بـ « أصحاب الاجماع » أمر حدث بين المتأخرين ، وجعلوه أحد الموضوعات التّي يبحث عنها في مقدمات الكتب الرجالية أو خواتيهما ، ولكنّ الكشّي عبر عنهم بـ « تسمية الفقهاء من أصحاب الباقرينعليهما‌السلام » أو « تسمية الفقهاء من أصحاب الصادقعليه‌السلام » أو « تسمية الفقهاء من اصحاب الكاظم والرضاعليهما‌السلام » فهورحمه‌الله كان بصدد تسمية الفقهاء من أصحاب هؤلاء الأئمّة ، الذين لهم شأن كذا وكذا ، والهدف من تسميتهم دون غيرهم ، هو تبيين أنّ الأحاديث الفقهية تنتهي إليهم غالباً ، فكأنّ الفقه الإماميّ مأخوذ منهم ، ولو حذف هؤلاء وأحاديثهم من بساط الفقه ، لما قام له عمود ، ولا اخضرّ له عود ، ولتكن على ذكر من هذا المطلب ، فأنّه يفيدك في المستقبل.

الثالث : في عددهم

قد عرفت أنه لا اعتبار بما هو الموجود في رجال ابن داود من عدّ « حمدان بن أحمد » من أصحاب الإجماع ، فلابدّ من الرجوع إلى عبارة

__________________

1 ـ الرجال : طبعة النجف ، الرقم : 118 ، 442 ، 454 ، 782 ، 909 و 1272.

١٦٨

الكشي فقد نقل الكشي اتفاق العصابة على ستة نفر من أصحاب الصادقينعليهما‌السلام وهم : 1 ـ زرارة أعين ، 2 ـ معروف بن خربوذ ، 3 ـ بريد بن معاوية ، 4 ـ أبو بصير الأسدي ، 5 ـ الفضيل بن يسار ، 6 ـ محمد بن مسلم الطائفي.

ونقل أيضاً اتّفاقهم على ستة من أحداث أصحاب أبي عبد اللهعليه‌السلام فقط وهم : 7 ـ جميل بن دراج ، 8 ـ عبد الله بن مسكان ، 9 ـ عبد الله بن بكير ، 10 ـ حماد بن عثمان ، 11 ـ حماد بن عيسى ، 12 ـ أبأن بن عثمان.

كما نقل اتفاقهم على ستة نفر من أصحاب الامامين الكاظم والرضاعليهما‌السلام وهم : 13 ـ يونس بن عبد الرحمان ، 14 ـ صفوان بن يحيى بيّاع السابري ، 15 ـ محمد بن أبي عمير ، 16 ـ عبد الله بن مغيرة ، 17 ـ الحسن بن محبوب ، 18 ـ أحمد بن محمّد بن نصر.

هذا ما اختار الكشي في من اجمعت العصابة عليهم ، ولكن نقل في حق الستة الأولى أن بعضهم قال مكان أبي بصير الأسدي ، أبو بصير المرادي ، فالخمسة من الستة الأولى موضع اتّفاق من الكشي وغيره ، كما أن الستة الثانية موضع اتفاق من الجميع ، وأما الطبقة الثالثة فخمسة منهم مورد اتفاق بينه وبين غيره حيث قال : « ذكر بعضهم مكان الحسن بن محبوب ، الحسن بن علي بن فضال وفضالة بن أيوب ، وذكر بعضهم مكان فضالة بن أيوب ، عثمان بن عيسى » فيكون خمسة من الطبقة الثالثة مورد اتفاق بينه وبين غيره وبالنتيجة يكون ستة عشر شخصاً موضع اتفاق من الكل ، وانفرد الكشي بنقل الإجماع على شخصين وهما أبو بصير الأسدي من الطبقة الأولى ، والحسن بن محبوب من الثالثة ونقل الاخرون ، الاتفاق على أربعة وهم : أبو بصير المرادي من الستة الأولى والحسن بن علي بن فضال ، وفضالة بن أيوب وعثمان بن عيسى من الثالثة ، فيكون المجموع : اثنين وعشرين شخصاً ، بين ما اتفق الكل على

١٦٩

كونهم من أصحاب الاجماع ، أو قال به الكشي وحده أو غيره فالمتيقن هو 16 شخصاً ، والمختلف فيه هو 6 اشخاص.

ثم إن المتتبع النوري قد حاول رفع الاختلاف قائلاً : « إنه لا منافاة بين الإجماعين في محل الانفراد لعدم نفي أحد الناقلين ما أثبته الآخر وعدم وجوب كون العدد في كل طبقة ستة ، وأنما اطلع كل واحد على ما لم يطلع عليه الاخر ، والجمع بينهما ممكن ، فيكون الجميع مورداً للاجماع.

ونقل عن بعض الأجلة الاشكال عليه ، بأنّ الكشّي جعل الستّة الأولى أفقه الأوّليين وقال : « فقالوا أفقه الأوّين ستة » ومعناه هؤلاء أفقه من غيرهم ومنهم أبو بصير المرادي. وعليه فالأسدي الّذي هو جزء من الستة أفقه من أبي بصير المرادي وعلى القول الآخر يكون المرادي من أفراد الستة ويكون أفقه من أبي بصير الاسدي ، فيحصل التكاذب بين النقلين ، فواحد منهم يقول : الأفقه هو الأسدي ، والآخر يقول : الأفقه هو المرادي »(1) .

وفيه أولاً : أنه يتم في القسم الأول من هذه الطّبقات الثلاث ، حيث اشتمل على جملة « أفقه الأولين ستة » دون سائر الطبقات ، فهي خالية عن هذا التعبير.

وثانياً أنه يحتمل أن يكون متعلق الاجماع هو التصديق والانقياد لهم بالفقه ، لا الأفقهيّة من الكلّ ، فلاحظ وتأمّل.

الرابع : فيما نظمه السيد بحر العلوم

إن السيد الجليل بحر العلوم جمع أسماء من ذكره الكشي في المواضع الثلاثة في منظومته وخالفه في أشخاص من الستة الأولى ، قالقدس‌سره :

قد أجمع الكل على تصحيح ما

يصح عن جماعة فليعلما

__________________

1 ـ خاتمة مستدرك الوسائل : 3 / 757 ، الفائدة السابعة.

١٧٠

وهم أولو نجابة ورفعة

أربعة وخمسة وتسعة

فالستة الأولى من الأمجاد

أربعة منهم من الأوتاد

زرارة كذا بريد(1) قد أتى

ثم محمد(2) وليث(3) يافتى

كذا الفضيل(4) بعده معروف(5)

وهو الذي ما بيننا معروف

والستة الوسطى اولو الفضائل

رتبتهم أدنى من الأوائل

جميل الجميل(6) مع أبان(7)

والعبدلان(8) ثم حمّادان(9)

والستة الاخرى هم صفوان(10)

ويونس(11) عليهما الرضوان

ثم ابن محبوب(12) كذا محمد(13)

كذاك عبدالله(14) ثم أحمد(15)

وما ذكرناه الأصحّ عندنا

وشذّ قول من به خالفنا(16)

قوله : « وما ذكرناه الأصح » إشارة إلى الاختلاف الذي حكاه الكشي في عبارته حيث اختار الكشي ان أبا بصير الاسدي منهم ، واختار غيره أن أبا

__________________

1 ـ المراد بريد بن معاوية.

2 ـ المراد محمد بن مسلم.

3 ـ ابو بصير المرادي وهو ليث بن البختري ، وقد خالف فيه مختار الكشي.

4 ـ الفضيل بن يسار.

5 ـ معروف بن خربوذ.

6 ـ جميل بن دراج.

7 ـ أبان بن عثمان.

8 ـ عبد الله بن مسكان وعبد الله بن بكير.

9 ـ حمّاد بن عثمان وحمّاد بن عيسى.

10 ـ صفوان بن يحيى. المتوفّى عام 220 هـ.

11 ـ يونس بن عبد الرحمن.

12 ـ الحسن بن محبوب.

13 ـ محمد بن أبي عمير.

14 ـ عبد الله بن المغيرة.

15 ـ أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي.

16 ـ قد مضى القولان في عبارة الكشي.

١٧١

بصير المرادي منهم واختار السيد بحر العلوم القول الثاني ونسب القول الأول إلى الشذوذ.

الخامس : في كيفية تلقي الأ صحاب هذا الاجماع

إن المتتبع النوري قد قام بتصفح كلمات الأصحاب حتى يستكشف من خلالها كيفية تلقيهم هذا الإجماع بالقبول وإليك الإشارة إلى بعض الكلمات التي نقلها المحدث النوري في الفائدة السابعة من خاتمة المستدرك بتحرير منّا حسب القرون :

1 ـ إن أول من نقله من الأصحاب هو أبو عمرو الكشي وهو من علماء القرن الرابع وكان معاصراً للكليني ( المتوفّى عام 329 هـ ) وتتلمذ للعياشي صاحب التفسير.

2 ـ ويتلوه في النقل ، الشيخ الطوسي ، وهو من علماء القرن الخامس ( المتوفّى عام 460 هـ ) حيث إنه قام باختصار رجال الكشي بحذف أغلاطه وهفواته ، وأملاه على تلاميذه وشرع بالإملاء يوم الثلاثاء السادس والعشرين من صفر سنة 456 هـ ، بالمشهد الشريف الغري ، ونقل سبط الشيخ ، السيد الأجل « علي بن طاووس » في كتاب « فرج المهموم » عن نفس خط الشيخ في أول الكتاب أنه قال : « هذه الأخبار اختصرتها من كتاب الرجال لأبي عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي واخترنا ما فيها »(1) . وظاهر كلامه أن الموجود في الكشي مختاره ومرضيه.

أضف إلى ذلك أنه يقول في العدة : « سوَّت الطائفة بين ما رواه محمد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى وأحمد بن محمد بن أبي نصر وغيرهم من الثقات ، الذين عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون إلا ممَّن يوثق به ، وبين ما

__________________

1 ـ مستدرك الوسائل : 3 / 757 ، نقلاً عن فرج المهموم.

١٧٢

أسنده غيرهم ، ولذلك عملوا بمرسلهم إذا انفرد عن رواية غيرهم »(1) .

فان قوله « وغيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون إلا ممَّن يوثق به » دليل على أن فيهم جماعة معروفين عند الاصحاب بهذه الفضيلة ، ولا تجد في كتب هذا الفنّ من طبقة الثقات ، عصابة مشتركة في هذه الفضيلة غير هؤلاء.

3 ـ وممَّن تلقّاه بالقبول ، رشيد الدين محمد بن علي بن شهرآشوب من علماء القرن السادس ( المتوفّى عام 588 هـ ) فقد أتى بما ذكره الكشّي في أحوال الطبقة الاُولى والثانية ، وترك ذكر الثالثة ، ونقل الطبقتين بتغيير في العبارة كما سيوافيك وجهه(2) .

4 ـ وممَّن تلقّاه بالقبول ، فقيه الشيعة ، العلامة الحلي من علماء القرن الثامن ( المتوفّى عام 726 هـ ) وقد أشار بما ذكره الكشّي في خلاصته في موارد كثيرة كما في ترجمة « عبدالله بن بكير » و « صفوان بن يحيى » و « البزنطي » و « أبان بن عثمان ».

5 ـ وقال ابن داود مؤلّف الرجال وهو من علماء القرن الثامن ، حيث ولد عام 648 وألَّف رجاله عام 707 هـ : « أجمعت العصابة على ثمانية عشر رجلا فلم يختلفوا في تعظيمهم غير أنهم يتفاوتون ثلاث درج »(3) .

6 ـ وقال الشهيد الأول ( المستشهد عام 786 هـ ) في « غاية المراد » عند

__________________

1 ـ عدة الاصول : 1 / 386 ، وسيوافيك حق القول في تفسير كلام العدة ، وتقف على أن كلام العدة غير مستنبط من كلام الكشي ، وانما ذكرناه في المقام تبعاً للمحدث النوري.

2 ـ المناقب : 4 / 211 ، أحوال الإمام الباقر ، والإمام الصادقعليهما‌السلام : 280.

3 ـ رجال ابن داود : 209 ، خاتمة القسم الأول ، الفصل الأول ، طبعة النجف والصفحة : 384 ، طبعة جامعة طهران.

١٧٣

البحث عن بيع الثمرة بعد نقل حديث في سنده الحسن بن محبوب : « وقد قال الكشي : أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عن الحسن بن محبوب ».

نعم ، لم نجد من يذكر هذا الاجماع أو يشير إليه من علماء القرن السّابع كالحسن بن زهرة ( المتوفّى عام 620 هـ ) ونجيب الدين ابن نما ( المتوفّى عام 645 هـ ) ، وأحمد بن طاووس ( المتوفّى عام 673 هـ ) ، والمحقق الحلّي ( المتوفّى عام 676 هـ ) ويحيى بن سعيد ( المتوفّى عام 689 هـ ).

كما لم نجد من يذكره من علماء القرن التّاسع كالفاضل المقداد ( المتوفّى عام 826 هـ ) وابن فهد الحلّي ( المتوفّى عام 841 ).

نعم ذكره الشّهيد الثّاني ( وهو من علماء القرن العاشر وقد استشهد عام 966 هـ ) في شرح الدراية في تعريف الصحيح حيث قال : « نقلوا الاجماع على تصحيح ما يصح عن أبان بن عثمان مع كونه فطحيّاً ، وهذا كلّه خارج عن تعريف الصحيح الّذي ذكروه ».

كما نقل في الروضة البهية ، في كتاب الطلاق عن الشيخ أنه قال : « ان العصابة اجمعت على تصحيح ما يصح عن عبد الله بن بكير وأقرّوا له بالفقه والثقة »(1) .

وأما القرون التالية ، فقد تلقاه عدة من علماء القرن الحادي عشر بالقبول كالشيخ البهائي ( المتوفّى عام 1031 هـ ). والمحقق الداماد ( المتوفّى عام 1041 هـ ) ، والمجلسي الأوّل ، وفخر الدين الطّريحي ( المتوفّى عام 1085 هـ ) والمحقق السبزواري ( المتوفّى عام 1090 هـ ) مؤلّف « ذخيرة المعاد في شرح الإرشاد ».

كما تلقاه بالقبول كثير من علماء القرن الثاني عشر كالمجلسي الثاني

__________________

1 ـ الروضة البهية : 2 / 131 ، كتاب الطلاق.

١٧٤

( المتوفّى عام 1110 هـ ) وعلماء القرون التالية ولا نرى حاجة في ذكر عبائرهم(1) .

اقول : ان الأصحاب وان تلقوه بالقبول ، لكن ذلك التلقّي لا يزيدنا شيئاً ، لأنهم اعتمدوا على نقل الكشي ولولاه لما كان من ذلك الاجماع أثر ، ولأجل ذلك نرى أن الشيخ لم يذكره في كتابي الرجال والفهرست ، ولا نجد منه اثرا في رجال البرقي ورجال النجاشي ، وذكره ابن شهرآشوب تبعاً للكشي وتصرف في عبارته ، على أن ذكر الشيخ في رجال الكشي لا يدل على كونه مختاراً عنده لأنه هذبه عن الأغلاط ، لا عن كل محتمل للصدق والكذب ، وابقاؤه يكشف عن عدم كونه مردوداً عنده ، لا كونه مقبولاً.

السادس : في وجه حجية ذاك الاجماع

عقد الاصوليون في باب حجية الظنون ، فصلاً خاصاً للبحث عن حجية الاجماع المنقول بخبر الواحد وعدمها ، فذهب البعض إلى الحجّية بادعاء شمول أدلة حجية خبر الواحد له ، واختار المحققون وعلى رأسهم الشيخ الأعظم عدمها ، قائلاً بأن أدلة حجّية خبر الواحد تختص بما إذا نقل قول المعصوم عن حس لا عن حدس ، وناقل الإجماع ينقله حدساً لا حسّاً وذلك من ناحيتين :

الأولى : من ناحية السبب ، وهو الاتفاق الملازم عادة لقول الإمامعليه‌السلام ووجه كونه حدسياً ، لا حسياً ، ان الجل ـ لولا الكل ـ يكتفون في احراز السبب ، باتفاق عدة من الفقهاء لا اتفاق الكل ، وينتقلون من اتفاق عدة منهم إلى اتفاق الجميع.

الثانية : من ناحية المسبب ، وهو قول الإمام ، فإنهم يجعلون اتفاق

__________________

1 ـ لاحظ خاتمة المستدرك : 3 / 758 ـ 759 ، بتحرير وتلخيص واضافات منا.

١٧٥

العلماء دليلاً على موافقة قولهم لقول الإمامعليه‌السلام حدساً لا حساً ، مع ان الملازمة بين ذاك الاتفاق ، وقول الامام غير موجودة ، وعلى ذلك فناقل الاجماع ينقل السبب ( اتفاق الكل ) والمسبب ( قول الامام ) حدساً لا حساً ، وهو خارج عن مورد أدلة الحجية.

والاشكال من ناحية السبب ، مشترك بين المقام وسائر الاجماعات المنقولة ، حيث ان المظنون ان ابا عمرو الكشي لم يتفحص في نقل إجماع العصابة على هؤلاء ، وإنما وقف على آراء معدودة واكتفى ، وهي لا تلازم اتفاق الكل.

وهناك اشكال اخر يختص بالمقام ، وهو ان الاجماع المنقول لو قلنا بحجّيته ، انما هو فيما إذا تعلق على الحكم الشرعي ، لا على الموضوع ، ومتعلق الاجماع في المقام موضوع من الموضوعات لا حكم من الأحكام ، كما تفصح منه عبارة الكشي : « أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عن جماعة ».

والاجماع على موضوع ولو كان محصلاً ، ليس بحجة ، فكيف إذا كان منقولاً.

والجواب عن الاشكال الأول مبني على تعيين المفاد من عبارة الكشي في حق هؤلاء الثمانية عشر ، فلو قلنا بأن المراد منها هو تصديق هؤلاء الأعلام في نفس النقل والحكاية الملازم لوثاقتهم ـ كما هو المختار ويظهر من عبارة المناقب أيضاً وغيرها كما ستوافيك ـ فلا يحتاج في إثبات وثاقة هؤلاء إلى اتفاق الكل حتى يقال انه أمر حدسي بل يكفي توثيق شخص أو شخصين أو ثلاثة وقف عليه الكشي عن حس ، ليس الاطلاع على هذا القدر أمراً عسيراً حتى يرمي الكشي فيه إلى الحدس ، بل من المقطوع أنه وقف عليه وعلى أزيد منه.

نعم ، لو كان المراد من عبارة الكشي هو اتفاق العصابة على صحة رواية هؤلاء ، بالمعنى المصطلح عند القدماء اعتماداً على القرائن الخارجية ،

١٧٦

فالإشكال باق بحاله ، لان العلم بالصحة ليس أمراً محسوساً حتى تعمه أدلة حجية خبر الواحد إذا أخبر عنها مخبر ، وليست القرائن الموجبة للعلم بالصحة ، كلها من قبيل عرض الكتاب على الإمامعليه‌السلام وتصديقه إياه ، أو تكرر الحديث في الاصول المعتمدة ، حتى يقال « انها من قبيل الامور الحسية ، وأن المسبب ـ أعني صحة روايات هؤلاء ـ وان كان حدسيّاً ، لكن أسبابه حسّية ، ولا يلزم في حجة قول العادل كون المخبر به أمراً حسياً ، بل يكفي كون مقدمات حسية » ، وذلك لأن القرائن المفيدة لصحة أخبار هؤلاء ليست حسّية دائماً ، وإنما هي على قسمين : محسوس وغير محسوس ، والغالب عليها هو الثاني وقد مر الكلام فيه عند البحث عن شهادة الكليني في ديباجة الكافي على صحة رواياته.

وقد حاول بعض الأجلة الإجابة عنه ( ولو قلنا بأن المراد هو تصحيح روايات هؤلاء ) بأن نقل الكشي ، اتفاق العصابة على تصحيح مرويات هؤلاء بالقرائن الدالة على صدق مفهومها أو صدورها ، وأن لم يكن كافياً في إثبات الاتفاق الحقيقي ، لكنه كاشف عن اتفاق مجموعة كبيرة منهم على تصحيح مرويات هؤلاء ، ومن البعيد أن يكون مصدره ادعاء واحد أو اثنين من علماء الطائفة ، لأن التساهل في دعوى الإجماع شائعاً وأن كان بين المتأخرين ، لكنه بين القدماء ممنوع جداً ، هذا من جانب.

ومن جانب آخر إن اتفاق جماعة على صحة روايات هؤلاء العدة ، يورث الاطمئنان بها ، والقرائن التي تدل على الصحة وإن كانت على قسمين : حسي واستنباطي ، لكن لما كان النظر والاجتهاد في تلك الأيام قليل ، وكان الأساس في المسائل الفقهية وما يتصل بها ، هو الحس والشهود ، يمكن أن يقال باعتمادهم على القرائن العامة التي تورث الاطمئنان لكل من قامت عنده أيضاً ، ككونه من كتاب عرض على الإمام ، أو وجد في أصل معتبر ، أو تكرر في الاصول ، إلى غير ذلك من القرائن المشهورة.

١٧٧

والحاصل ؛ أنه إذا ثبت ببركة نقل الكشي كون صحة روايات هؤلاء ، أمراً مشهوراً بين الطائفة ، يحصل الاطمئنان بها من اتفاق مشاهيرهم ، لكونهم بعداء عن الاعتماد على القرائن الحدسية ، بل كانوا يعتمدون على المحسوسات أو الحدسيات القريبة منها ، لقلة الاجتهاد والنظر في تلك الأعصار.

أقول : لو صحت تلك المحاولة لصحت في ما ادعاه الكليني في ديباجة كتابه ، من صحة رواياته ، ومثله الصدوق في مقدمة « الفقيه » ، بل الشيخ حسب ما حكاه المحدث النوري بالنسبة إلى كتابيه « التهذيب والاستبصار » والاعتماد على هذه التصحيحات ، بحجة ان النظر والاجتهاد يوم ذاك كان قليلاً ، وكان الغالب عليها هو الاعتماد على الامور الحسية مشكل جداً وقد مرَّ اجمال ذلك عند البحث عن أدلة نفاة الحاجة إلى علم الرجال فلاحظ ، على ان احراز القرائن الحسية بالنسبة إلى أحاديث هؤلاء مع كثرتها ، بعيد غايته وسيوافيك بعض الكلام في ذلك عند تبيين مفاد العبارة.

واما الاشكال الثاني فالاجابة عنه واضحة ، لأنه يكفي في شمول الأدلة كون المخبر به مما يترتب على ثبوته اثر شرعي ، ولا يجب ان يكون دائماً نفس الحكم الشرعي ، فلو ثبت بإخبار الكشي ، اتفاق العصابة على وثاقتهم أو صحة اخبارهم ، لكفى ذلك في شمول ادلة الحجية كما لا يخفى.

السابع : في مفاد « تصحيح ما يصح عنهم »

وهذا هو البحث المهم الذي فصل الكلام فيه المتتبع النوري في خاتمة مستدركه ، كما فصل في الامور السابقة ـ شكر الله مساعيه ـ.

والخلاف مبني على ان المقصود من الموصول في « ما يصح » ما هو؟ فهل المراد ، الرواية والحكاية بالمعنى المصدري ، أو ان المراد المروي ونفس الحديث؟

١٧٨

فتعيين أحد المعنيين هو المفتاح لحل مشكلة العبارة ، وأما الاحتمالات الاُخر ، فكلها من شقوق هذين الاحتمالين ، ويتلخص المعنيان في جملتين :

1 ـ المراد تصديق حكاياتهم.

2 ـ المراد تصديق مروياتهم.

وان شئت قلت : هل تعلق الإجماع على تصحيح نفس الحكاية وان ابن ابي عمير صادق في قوله ، بأنّه حدثه ابن اُذينة أو عبدالله بن مسكان أو غيرهما من مشايخه الكثيرة الناهزة إلى أربعمائة شيخ أو تعلق بتصحيح نفس الحديث والمروي ، وان الرواية قد صدرت عنهمعليهم‌السلام .

وبعبارة اخرى ؛ هل تعلق بما يرويه بلا واسطة كروايته عن شيخه « ابن اُذينة » ، أو تعلق بما يرويه مع الواسطة أعني نفس الحديث الذي يرويه عن الإمام بواسطة استاذه.

والمعنى الأول يلازم توثيق هؤلاء ويدل عليه بالدلالة الالتزامية ، فان اتفاق العصابة على تصديق هؤلاء في حكايتهم وتحدثهم ملازم لكونهم ثقات ، فيكون مفاد العبارة هو توثيق هؤلاء لأجل تصديق العصابة حكايتهم ونقولهم عن مشايخهم.

وأما المعنى الثاني فله احتمالات :

1 ـ صحة نفس الحديث والرواية وان كانت مرسلة أو مروية عن مجهول أو ضعيف لأجل كونها محفوفة بالقرائن.

2 ـ صحتها لأجل وثاقة خصوص هؤلاء الجماعة فتكون الصحة نسبية لا مطلقة ، لاحتمال عدم وثاقة من يروون عنه فيتحد مع المعنى الأول.

3 ـ صحتها لأجل وثاقتهم ووثاقة من يروون عنهم حتى يصل إلى الإمامعليه‌السلام فعلى الاحتمال الثالث ، تنسلك مجموعة كبيرة من الرواة ممَّن

١٧٩

لم يوثقوا خصوصاً ، في عداد الثقات ، فإن لمحمد بن ابي عمير مثلا « 645 » حديثاًيرويها عن مشايخ كثيرة(1) .

واليك توضيح هذين المعنيين(2) .

المعنى الأول : وهو ما احتمله صاحب الوافي في المقدمة الثالثة من كتابه : « ان ما يصح عنهم هو الرواية لا المروي »(3) . وعلى هذا تكون العبارة كناية عن الاجماع على عدالتهم وصدقهم بخلاف غيرهم ممن لم ينقل الإجماع على عدالته.

ونقل المحدث النوري عن السيد المحقق الشفتي في رسالته في تحقيق حال « أبان » ان متعلق التصحيح هو الرواية بالمعنى المصدري أي قولهم أخبرني ، أو حدثني ، أو سمعت من فلان ، وعلى هذا فنتيجة العبارة أن أحداً من هؤلاء إذا ثبت أنه قال : حدثني ، فالعصابة أجمعوا على أنه صادق في اعتقاده.

وقد سبقه في اختيار هذا المعنى رشيد الدين ابن شهر آشوب في مناقبه ، حيث اكتفى بنقل المضمون وترك العبارة وقال : « اجتمعت العصابة على تصديق ستة من فقهائه ( الإمام الصادقعليه‌السلام ) وهم جميل بن دراج ، وعبدالله بن مسكان الخ » فقد فهم من عبارة الكشي اتفاق العصابة على تصديق هؤلاء وكونهم صادقين فيما يحكون ، فيدل بالدلالة الالتزامية على وثاقة هؤلاء لا غير ، والتصديق مفاد مطابقي ، والوثاقة مفاد التزامي كما لا يخفى.

__________________

1 ـ لاحظ معجم رجال الحديث : 14 / 303 ـ 304 ، طبعة النجف.

2 ـ وقد ادغمنا الوجه الثاني والثالث من الاحتمال الثاني فبحثنا عنهما بصفقة واحدة ، لان وثاقة هؤلاء ليست مورداً للشك والترديد وانما المهم اثبات وثاقة مشايخهم.

3 ـ الوافي : المقدمة الثالثة ، الصفحة 12 ، وجعل الفيض كونها كناية عن الاجماع على عدالتهم وصدقهم في عرض ذلك الاحتمال ، والظاهر أنه في طوله ، لان تصديق حكايتهم في الموارد المجردة عن القرائن غير منفك عن التصديق بعدالتهم فلاحظ.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335