أدب الطف الجزء ٤

أدب الطف0%

أدب الطف مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 342

أدب الطف

مؤلف: العلامة السيد جواد شبر
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف:

الصفحات: 342
المشاهدات: 12810
تحميل: 8875


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 342 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 12810 / تحميل: 8875
الحجم الحجم الحجم
أدب الطف

أدب الطف الجزء 4

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

وكل من يدعي الامامة بالبا

طل عندي كعابد الوثن

يا محنة الله في العباد ومن

رميت فيه بسائر المحن

يا نافذ الأمر في السماء وفي

الأرض ويا من اليه مرتكني

وردك الشمس بعدما غربت

يدهش غيري وليس يدهشني

أوردت قلبي ماء الحياة ولم

تزل بكأس اليقين تنهلني

وكلما ازددت فيك معرفه

ينكرني حاسدي ويجحدني

ولست آسي بالقرب منك على

مُقصّرٍ في هواك يبعدني

بك الخليعي يستجير فكن

عوناً له من طوارق الفتن

وله من قصيدة في آل البيت « ع » قوله:

يا سادتي يا بني الهادي النبي ومن

أخلصت ودي لهم في السر والعلن

عرفتكم بدليل العقل والنظر الـ

ـمهدي ولم أخش كيد الجاهل اللكن

ولست آسى على من ظل يبعدني

بالقرب منكم ومن بالغيب يرحمني

ظفرت بالكنز من علم اليقين ولم

اخش اعتراض اخي شك ينازعني

فاز « الخليعي » كل الفوز واتضحت

فيكم له سبل الارشاد والسنن

٢٢١

علي بن عبد الحميد بن فخار

غز صبري وعزّ يوم التلافي

آه واحسرتاه مما ألاقي

وفؤادي أضحى غريم غرام

واصطباري ناء ووجدي باقي

يا عذولي إني لسيع فراق

ما له بعد لسعه من راقِ

حقّ أن أسكب الدما لا دموعي

وأشق الفؤاد لا أخلاقي

وأزيد الحزن الشديد لرزء السبط

سبط الراقي بظهر البراق

قتلوه ظلماً ولم يرقبوا فيه

لعمري وصيّه الخلاقِ

يا بن بنت الرسول يا غاية المأ

مول يا عدتي غداة التلاقي

ابن عبد الحميد عبدك ما زا

ل محباً لكم بغير نفاق

حبكم عدّتي وأنتم ملاذي

يوم حشري ومنكموا أعراقي

وصلاة الرب الرحيم عليكم

ما تغنى الحداة خلف النياق (1)

__________________

1 - عن أعيان الشيعة ج 41 ص 293.

٢٢٢

جاء في أعيان الشيعة ج 41 ص 292.

السيد علي بن عبد الحميد بن فخار بن معد الموسوي الحلي المعروف بالمرتضى استاذ ابن معيّة (1) . توفي حدود سنة 760 كان فقيهاً نسابة يروي عن والده عن أبيه عن جده فخار عن شيخه النسابة جلال الدين أبي علي عبد الحميد بن التقي الحسيني عن السيد ضياء الدين فضل الله بن علي الحسني الراوندي عن أبي الصمصام ذي الفقار ابن محمد بن سعيد الحسيني المروزي عن الشيخ أبي العباس أحمد بن علي بن أحمد بن العباس النجاشي الكوفي بطرقه المعلومة، ويروي عنه ابن معيّة.

له كتاب الأنوار المضيئة في أحوال المهدي. ومن ذرية المترجم بنو نزار ينتهون الى نزار بن السيد هذا وآل أبي محمد وهم ينتهون الى الحسين ابن صاحب الترجمة، وللمترجم كتاب في مرائي الشهيد، وله في علم الكلام وغيره تصانيف.

__________________

1 - يرجع نسبه الى ابراهيم المجاب بن محمد العابد بن الامام موسى الكاظم عليه‌السلام ، وكان أبوه عبد الحميد نقيب المشهد والكوفة.

٢٢٣

حسن المخزومي

فروع قريضي في البديع أصول

لها في المعاني والبيان أصول

وصارم فكري لا يفلّ غراره

ومن دونه العضب الصقيل كليل

سجية نفسي انها لي سجيّة

تميل الى العلياء حيث أميل

فلا تعدلي يا نفس عن طلب العلا

ويا قلب لا يثنيك عنه عذول

ففي ذروة العلياء فخر وسؤددٌ

وعزٌ ومجدٌ في الأنام وسول

خليلي ظهر المجد صعب ركوبه

ولكنه للعارفين ذلول

جميل صفات المرء زهد وعفة

وأجمل منها أن يقال فضيل

فلا رتبة إلا وللفضل فوقها

مقام منيف في الفخار أثيل

فلله عمرٌ ينقضي وقرينه

علوم وذكرٌ في الزمان جميل

تزول بنو الدنيا وان طال مكثها

وحسن ثناء الذكر ليس يزول

فلا تتركنّ النفس تتّبع الهوى

تميل وعن سبل الرشاد تميل

ويقول فيها في مدح الني والوصي ورثاء الحسين صلوات الله عليهم:

فيا خير مبعوث بأعظم منّة

وأكرم منعوت نمته أصول

تقاصر عنك المدح من كل مادح

فماذا عسى فيما أقول أقول

٢٢٤

لقد قال فيك الله جل جلاله

من المدح مدحا لم ينله رسول

لأنت على خلق عظيم كفى بها

فماذا عسى بعد الاله نقول

مدينة علم بابها الصنوِ حيدر

ومن غير ذاك الباب ليس دخول

امام برى زند الضلال وقد وَرى

زناد الهدى والمشركون خمول

ومولى له من فوق غارب أحمد

صعود به للحاسدين نزول

فكسّر اصنام الطغاة بصارم

بدت للمنايا في شباه نحول

تصدّق بالقرص الشعير لسائل

وردّ عليه القرص وهو أفول

وقائعه في يوم أحد وخيبر

لها في حدود الحادثات فلول

وبيعة خمٍ والنبي خطيبها

لها في قلوب المبغضين نصول

فيا رافع الاسلام من بعد خفضه

وناصب دين الله حيث يميل

أعزيك بالسبط الشهيد فرزؤه

ثقيل على أهل السماء جليل

دعته الى كوفان شرّ عصابة

عصاة وعن نهج الصواب عدول

فلمّا أتاهم واثقاً بعهودهم

أمالوا وطبع الغادرين يميل

الى أن قال في الحسين عليه‌السلام :

له النسب الوضاح كالشمس في الضحى

ومجد على هام السماء يطول

لقد صدق الشيخ السعيد أبو العلا

علي ونال الفخر حيث يقول

( فما كل جد في الرجال محمد

ولا كل أمٍّ في النساء بتول )

يعني الشفهيني فإن هذا البيت له من قصيدة سبق ذكرها.

ثم قال المترجم له:

فيا آل طه الطاهرين رجوتكم

ليوم به فصل الخطاب طويل

٢٢٥

مدحتكم أرجو النجاة بمدحكم

لعلمي بكم أن الجزاء جزيل

فدونكم من عبدكم ووليكم

عروساً ولكن في الزمان نكول

أتت فوق أعواد المنابر نادباً

لها رنّة محزونة وعويل

لسبع مئين بعد سبعين حجة

وثنتين إيضاح لها ودليل

لها حسن المخزوم عبدكم أب

لآل أبي عبد الكريم سليل (1)

__________________

1 - والقصيدة بمجموعها 177 بيتاً اكتفينا بهذا المقدار منها.

٢٢٦

الحسن من آل عبد الكريم المخزومي:

قال السيد الأمين ج 22 ص 89.

كان حياً سنة 772 ولا يبعد كونه حلياً لمعارضته قصيدة الشفهيني الحلي من قصيدة له يمدح بها النبي والوصي ويرثي الحسين صلوات الله عليهم. وظن صاحب الطليعة إنها للحسن بن راشد الحلي فأوردها في ترجمته وقال: إنه عارض بها الشفهيني والذي رأيناه في مجموعة الفاضل الشيخ محمد رضا الشبيبي أنها للحسن المخزومي من آل عبد الكريم وأنه نظمها سنة 772.

قال الشيخ الأميني: الشيخ حسن آل أبي عبد الكريم المخزومي أحد شعراء الشيعة في القرن الثامن جارى قصيدته المذكورة معاصره العلامة الشيخ علي الشفهيني.

وقد رأى الشيخ السماوي في الطليعة إنه هو الشيخ الحسن بن راشد الحلي العلامة المتضلع من العلوم صاحب التآليف القيمة والأراجيز الممتعة وحسب سيدنا الأمين العاملي في الأعيان انه غيره وله هناك نظرات لا يخلو بعضها عن النظر فعلى الباحث الوقوف على الجزء الحادي والعشرين من الأعيان والجزء الثاني والعشرين.

وعمدة ما يستأنس منه الاتحاد أن اللامية هذه مذكورة في غير واحد من المجاميع في خلال قصائد الشيخ حسن بن راشد الحلي منسوبة إليه مع بعد شاسع في خطة النظم وتفاوت في النفس بحيث يكاد بمفرده أن يميزها عن شعر ابن راشد الحلي الفحل فإنه عالي الطبقة بادي السلاسة ظاهر الإنسجام متحد بالقوة، واللامية دونه في كل ذلك.

٢٢٧

وعلى أيّ فناظمها من شعراء القرن الثامن نظمها في سنة 772 كما نصّ عليه في أخريات القصيدة ولما لم يُعلم تاريخ وفاته واحتملنا الإتحاد بينه وبين ابن راشد المتوفى في القرن التاسع بعد سنة 830 أرجأنا ترجمته الى القرن التاسع والله العالم.

٢٢٨

شعراء القرن التاسع

1 - رجب البرسي

كان حياً سنة 813

2 - محمد بن الحسن العليف

المتوفي 815

3 - ابن المتوج البحراني

المتوفي 820

4 - الحسن بن راشد

كان حياً سنة 830

5 - ابن العرندس

توفي حدود 900

6 - الشيخ مغامس بن داغر

توفي حدود 850

7 - محمد بن حماد الحلي

أواخر القرن التاسع

8 - عبد الله بن داود الدرمكي

حدود 900

9 - الشيخ إبراهيم الكفعمي العاملي

حدود 900

10 - محمد بن عمر النصيبي الشافعي

القرن التاسع

٢٢٩

٢٣٠

الشيخ رجب البرسي

قال من قصيدة في رثاء الحسين عليه‌السلام

فيا لك مقتولا بكته السما دما

وثلّ سرير العز وانهدم المجد

شهيداً غريباً نازح الدار ظامياً

ذبيحا ومن سافي الوريد له ورد

بروحي قتيلا غسله من دمائه

سليبا ومن سافي الرياح له برد

وزينب حسرى تندب الندب عندها

من الحزن أو صاب يضيق بها العدّ

تجاذبنا أيدي العدى بعد فضلنا

كأن لم يكن خير الأنام لنا جد

وتمسي كريمات الحسين حواسراً

يلاحظها في سيرها الحر والعبد

٢٣١

الشيخ رضي الدين رجب بن محمد بن رجب البرسي الحلي المعروف بالحافظ كان حياً سنة 813 وتوفي قريباً من هذا التاريخ.

والبرسي نسبة الى برس، في الرياض بضم الباء وسكون الراء ثم السين المهملة، قرية بين الكوفة والحلة فأصبحت اليوم خرابا ولعل اشتهاره بالحافظ لكثرة حفظه فقد كان فقيهاً حافظاً محدثاً أديباً شاعراً مصنفاً في الاخبار وغيرها له كتاب ( مشارق أنوار اليقين في حقائق أسرار أمير المؤمنين ) وله رسائل في التوحيد وكان ماهراً في أكثر العلوم وله يد طولى في اسرار علم الحروف والاعداد ونحوها كما يظهر من تتبع مصنفاته.

أقول ذكر السيد الأمين في الاعيان 13 مؤلفا كلها آية في الابداع. قال:

ولم يعرف له شعر إلا في أهل البيت.

وفي البابليات:

الشيخ رضي الدين رجب بن محمد بن رجب المعروف بالحافظ « لكثرة حفظه » والبرسي نسبة الى قرية « برس » (1) ومنها أصل المترجم وفيها مولده

__________________

1 - هو على ما ضبطه ياقوت في معجمه بالضم - وقال غيره بالكسر - موضع بأرض بابل به آثار لبخت نصر وتل مفرط العلو يسمى صرح البرس - قلت ولا يزال هذا التل يرى للناظرين من مسافة أميال. وفي القاموس: برس قرية بين الكوفة والحلة. ويقع تلّها اليوم على يمين الذاهب من النجف إلى كربلاء وبينه وبين طريقيهما فرات الهندية. وعلى يسار الذاهب من الكوفة وذي الكفل الى الحة.

٢٣٢

ثم سكن الحلة وهو من أشهر علمائها في أواخر القرن الثامن طويل الباع واسع الاطلاع في الحديث والتفسير والأدب وعلم الحروف. قال صاحب الروضات عند ذكره: كان معاصراً لأمثال صاحب المطول والسيد الشريف والشيخ مقداد السيوري وابن المتوج البحراني.

وهو يروي في بعض مصنفاته عن شاذان بن جبرئيل بن اسماعيل القمي وقال عنه صاحب رياض العلماء: انه البرسي مولداً والحلي محتداً، الفقيه المحدث الصوفي صاحب كتاب مشارق الانوار المشهور وغيره، كان من متأخري علماء الامامية لكنه متقدم على الكفعمي صاحب المصباح وكان ماهراً بأكثر العلوم وله يدٌ طولى في علم اسرار الحروف والاعداد ونحوها كما يظهر من تتبع مصنفاته ثم عدّ له أكثر من أحد عشر مصنفاً.

في مقدمة كتاب « البحار » في تعداد كتب الاخبار التي نقل منها:

وكتاب مشارق الانوار وكتاب الالفين للحافظ رجب البرسي ولا أعتمد على ما يتفرد بنقله لاشتمال كتابيه على ما يوهم الخبط والخلط وانما اخرجنا منهما ما يوافق الاخبار المأخوذة من الاصول المعتبرة، وروى أيضا عن كتابي المترجم في الـ ج 8 من البحار ص 762 خبرين فيما يختص بوفاة امير المؤمنين (ع) ومدفنه فقال بعد نقله لهما: ولم ار هذين الخبرين إلا عن طريق البرسي ولا اعتمد على ما يتفرد بنقله ولا أردهما لورود الاخبار الكثيرة. الخ.

وقال صاحب « الأمل » في ترجمته: كان فاضلاً محدثاً شاعراً منشئاً اديباً له كتاب مشارق انوار اليقين في حقائق اسرار امير المؤمنين وله رسائل في التوحيد وغيره وفي كتابه افراط وربما نسب الى الغلو واورد فيه لنفسه اشعاراً جيدة. ا هـ.

٢٣٣

فمن شعره في مدح النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله:

أضاء بك الأفق المشرق

ودان لمنطقك المنطق

وكنت ولا آدم كائناً

لأنك من كونه أسبق

ولولاك لم تخلق الكائنات

ولا بان غرب ولا مشرق

تجليت يا خاتم المرسلين

بشأوٍ من الفضل لا يلحق

فأنت لنا أول آخر

وباطن ظاهرك الأسبق

تعاليت عن صفة المادحين

وان اطنبوا فيك أو أعمقوا

فمعناك حول الورى دارة

على غيب أسرارها تحدق

وروحك من ملكوت السماء

تنزل بالأمر ما يخلق

ونشرك يسري على الكائنات

فكلٌ على قدره يعبق

اليك قلوب جميع الانام

تحنّ واعناقها تعنق

وفيض أياديك في العالمين

بأنهار أسرارها يدفق

وآثار آياتك البينات

على جبهات الورى تشرق

فموسى الكليم وتوراته

يدلان عنك اذا استنطقوا

وعيسى وانجيله بشّرا

بأنك احمد من يخلق

فيا رحمة الله في العالمين

ومن كان لولاه لم يخلقوا

لأنك وجه الجلال المنير

ووجه الجمال الذي يشرق

وانت الأمين وانت الأمان

وانت ترتّقُ ما يفتق

اتى رجبٌ لك في عاتق

ثقيل الذنوب فهل يعتق

ولم يعرف له شعر إلا في أهل البيت ومن شعره الذي أورده في مشارق الأنوار قوله في أهل البيت (ع) كما في أمل الآمل:

٢٣٤

فرضي ونفلي وحديثي انتم

وكل كُلّي منكم وعنكم

وأنتم عند الصلاة قبلتي

اذا وقفت نحوكم أُيمّم

خيالكم نصبٌ لعيني ابداً

وحبكم في خاطري مخيم

يا سادتي وقادتي اعتابكم

بجفن عيني لثراها الثم

وقفاً على حديثكم ومدحكم

جعلت عمري فاقبلوه وارحموا

منوا على ( الحافظ ) من فضلكم

واستنقذوه في غد وأنعموا

وقوله:

أيها اللائم دعني

واستمع من وصف حالي

أنا عبد لعلي

المرتضى مولى الموالي

كلما ازددت مديحاً

فيه قالوا لا تغال

واذا أبصرت في

الحق يقيناً لا أبالي

آية الله التي في

وصفها القول حلالي

كم الى كم أيها

العاذل أكثرت جدالي

يا عذولي في غرامي

خلّني عنك وحالي

رح إذا ما كنت ناج

واطرّحني وضلالي

إن حُبّي لعلي

المرتضى عين الكمال

وهو زادي في معادي

ومعاذي في مآلي

وبه اكملت ديني

وبه ختم مقالي

وله من أبيات في مدح امير المؤمنين (ع):

ابا حسن لو كان حبّك مدخلي

جهنم كان الفوز عندي جحيمها

٢٣٥

وكيف يخاف النار من كان موقناً

بأنك مولاه وانت قسيمها

فوا عجباً من أمّة كيف ترتجي

من الله غفراناً وانت خصيمها

وواعجباً اذ اخرتك وقدّمت

سواك بلا جرم وانت زعيمها

وله في معنى قول من قال في حق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع): ما أقول في رجل اخفت أولياؤه فضائله خوفاً، وأخفت أعداؤه فضائله حسداً وشاع من بين ذين ما ملأ الخافقين:

روى فضله الحساد من عظم شأنه

وأعظم فضل راح يرويه حاسد

محبوه أخفوا فضله خيفة العدى

وأخفاه بغضاً حاسد ومعاند

وشاع له من بين ذين مناقب

تجلّ بأن تحصى وان عدّ قاصد

إمام له في جبهة المجد أنجم

تعالت فلا يدنو إليهن راصد

فضائله تسمو على هامة السما

وفي عنق الجوزاء منها قلائد

وأفعاله الغر المحجّلة التي

تضوّع مسكاً من شذاها المشاهد

ومما اورده له السيد نعمة الله الجزائري قوله في أمير المؤمنين (ع):

العقل نور وأنت معناه

والكون سر وأنت مبداه

والخلق في جمعهم إذا جمعوا

الكل عبد وأنت مولاه

انت الولي الذي مناقبه

ما لعلاها في الخلق اشباه

يا آية الله في العباد ويا

سرّ الذي لا إله إلا هو

تناقض العالمون فيك وقد

حاروا عن المهتدى وقد تاهوا

فقال قوم بأنه بشرٌ

وقال قوم لا بل هو الله

يا صاحب الحشر والمعاد ومَن

مولاه حكم العباد ولاه

٢٣٦

يا قاسم النار والجنان غداً

أنت ملاذ الراجي وملجاه

كيف يخاف ( البرسي ) حرّ لظى

وأنت عند الحساب منجاه

لا يختشي النار عبد حيدرة

إذ ليس في النار مَن تولاه

وله:

هو الشمس أم نور الضريح يلوح

هو المسك أم طيب الوصي يفوحُ

له النص في يوم الغدير ومدحه

من الله في الذكر المبين صريح

امام اذا ما المرء جاء بحبّه

فميزانه يوم المعاد رجيح

ونكتفي بما أوردناه من الشواهد الوجيزة من شعره عن الاسهاب وفي الـ ج 7 من الغدير من اشعاره اضعاف ما ذكر ما في الـ ج 31 من اعيان الشيعة وجلها مستخرجة من كتاب المترجم « مشارق الانوار ».

قلت ولا يخفى على القارئ البصير ان هذا الشعر وما أشبهه من مدح النبي وآله الطاهرين (ع) والتوسل بهم الى الله تعالى لا يجوز التسرع في الحكم على صاحبه بالغلو مهما كان فيه من المبالغة في المدح والثناء فإن من تصفح دواوين الشعراء الاقدمين وجد فيها ما هو أعظم في حق الملوك والخلفاء والعظماء الذين يتشرفون بالانتماء الى آل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نسبا او سببا ألا ترى قول البرسي في مقطوعته المتقدمة في مدح امير المؤمنين (ع)

والخلق في جمعهم اذا جمعوا

فالكل عبدٌ وانت مولاه

سبقه الى معناه ابو الطيب المتنبي بمدح عضد الدولة بن بويه الديلمي فقال

وقد رأيت الملوك قاطبة

وسرت حتى رأيت مولاها

٢٣٧

ومن مناياهم براحته

يأمرها فيهم وينهاها

وما اكثر هذا النوع في شعر متنبي الغرب محمد بن هاني الاندلسي في مدح الفاطميين « خلفاء مصر » كقوله في المعز:

ما شئت لا ماشاءت الاقدار

فاحكم فأنت الواحد القهار

وقوله من قصيدة

قد قال فيك الله ما أنا قائل

فكأن كل قصيدة تضمين

وكقول الشريف الرضي في الطايع العباسي:

لله ثمّ لك المحل الاعظم

واليك ينتسب العلاء الاقدم

الى كثير من امثال ذلك ونظائره مما كان الاحرى بالشاعر العدول عنها فأن في ميادين المدح متسعاً بما دون ذلك.

ومن شعره في الحسين عليه‌السلام .

يميناً بنا حادى السرى إن بدت نجدُ

يميناً فللعاني العليل بها نجدُ

وعج فعَسى من لاعج الشوق يشتفي

غريم غرام حشو أحشائه وقد

وسربي بسرب فيه سرب جآذر

لسربي من جهد العهاد بهم عهد

ومر بي بليل في بليل عراصه

لأ روى بريّا تربة تربها ندّ

وقف بي أنادي وادي الايك علني

بذاك أرى ذاك المساعد يا سعد

فبالربع لي من عهد جيرون جيرة

يجيرون ان جار الزمان إذا عدّوا

عزيزون ربع العمر في ربع عزهم

تقضى ولا روع عراني ولا جهد

وربعي مخضرٌ وعيشي مخضل

ووجهي مبيضٌ وفودي مسود

٢٣٨

وشملي مشمول وبرد شبيبتي

قشيبٌ وبرد العيش ما شابه نكد

معالم كالاعلام معلمة الربى

فأنهارها تزهو وأطيارها تشدو

طوت حادثات الدهر منشور حسنها

كما رسمت في رسمها شمأل تغدو

واضحت تجّر الحادثات ذيولها

عليه ولا دعدٌ هناك ولا هند

وقد غدرت قدما بآل محمد

وطاف عليهم بالطفوف لها جند

فيا أمة قد ادبرت حين أقبلت

فوافقها نحس وفارقها سعد

ابت إذ اتت تنأى وتنهى عن النهى

وولّت وألوت حين مال بها الجد

كأني بمولاي الحسين ورهطه

حيارى ولا عون هناك ولا عضد

وما عذر ليث يرهب الموت باسه

يذلُ ويضحى السيد يرهبه الاسد

وتأبى نفوس طاهرات وسادة

مواضيهم هام الكماة لها غمد

ليوث وفي ظل الرماح مقيلها

مغاوير طعم الموت عندهم شهد

لها الدم وردٌ والنفوس قنائص

لها القَدم قِدمٌ والنفوس لها جند

حماة عن الاشبال يوم كريهة

بدور دجى سادوا الكهول وهم مرد

أيادي عطاهم لا تطاول في الندى

وأيدي علاهم لا يطاق لها رد

مطاعيم للعافي مطاعين في الوغى

مطاعين إن قالوا لهم حجج لدّ

مفاتيح للداعي مساميح للندى

مصابيح للساري بها يهتدي النجد

زكوا في الورى أماً وجداً ووالداً

وطابوا فطاب الام والاب والجد

باسمائهم يستجلب البر والرضا

بذكرهم يستدفع الضر والجهد

اذا طلبوا راموا وان طلبوا رموا

وان ضوربوا جدوا وان ضربوا قدّوا

وجوههم بيض وخضر ربوعهم

وبيضهم حمر إذ النقع مسود

كأنهم نبت الربى في سروجهم

لشدة حزم لا بحزم لها شدوا

يخوضون تيار الحمام ضوامياً

وبحر المنايا بالمنايا لهم مد

تخال بريق البيض برقاً سحاله الـ

ـدماء وأصوات الكماة لها رعد

٢٣٩

أحلّوا جسوماً للمواضي وأحرموا

فحلوا جنان الخلد فيها لهم خلد

أمام الامامِ السبطِ جادوا بأنفسٍ

بها دونه جادوا وفي نصره جدوا

فلما رآى المولى الحسين رجاله

وفتيانه صرعى وشادي الردى يشدو

فيحمل فيهم حملة علوية

بها للعوالي في أعالي العدى قصد

كفعل أبيه حيدر يوم خيبر

كذلك في بدر ومن بعدها أحد

تزلزلت السبع الطباق لفقده

وكادت له شمّ الشماريخ تنهد

وناحت عليه الطير والوحش وحشة

وللجن إذ جن الظلام به وجد

وشمس الضحى اضحت عليه عليلة

علاها اصفرار إذ تروح وإذ تغدو

فيالك مقتولاً بكته السما دما

وثلّ سرير العز وانهدم المجد

شهيداً غريباً نازح الدار ظاميا

ذبيحا ومن سافي الوريد له ورد

بروحي قتيلاً غسله من دمائه

سليباً ومن سافي الرياح له برد

ترض خيول الشرك بالحقد صدره

وترضخ منه الجسم في ركضها الجرد

وزينب حسرى تندب الندب عندها

من الحزن أو صاب يضيق بها العد

تجاذبنا أيدي العدى بعد فضلنا

كأن لم يكن خير الانام لنا جدّ

وتضحى كريمات الحسين حواسرا

يلاحظها في سيرها الحر والعبد

وليس لأخذ الثأر إلا خليفة

هو الخلف المأمول والعلم الفرد

هو القائم المهدي والسيد الذي

إذا سار أملاك السماء له جند

لعل العيون الرمد تحضى بنظرة

إليه فتجلى عندها الاعين الرمد

اليك انتهى سرّ النبيين كلهم

وانت ختام الأوصياء إذا عدوا

إليكم عروس زفها الحسن ثاكلا

تنوح إذا الصب الحزين بها يشدو

رجا رجب رحب اليقين بها غدا

إذا ما اتى والحشر ضاق به الحشد

ولي فيكم نظم ونثر غذاؤه

نقير وهذا جهد مَن لا له جهد

لتذكرني يا ابن النبي غداً إذا

غدا كل مولى يستجير به العبد

٢٤٠