الإمام علي الهادي عليه السلام سيرة وتاريخ

الإمام علي الهادي عليه السلام سيرة وتاريخ21%

الإمام علي الهادي عليه السلام سيرة وتاريخ مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
تصنيف: الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام
الصفحات: 274

الإمام علي الهادي عليه السلام سيرة وتاريخ
  • البداية
  • السابق
  • 274 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 137040 / تحميل: 6099
الحجم الحجم الحجم
الإمام علي الهادي عليه السلام سيرة وتاريخ

الإمام علي الهادي عليه السلام سيرة وتاريخ

مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

١٠٩ ـ أخبرنا محمد بن إبراهيم المزكي ، حدَّثنا أبو عمرو بن مطر ، إملاء ، أخبرنا أبو خليفة ، حدَّثنا مسدد ، عن بشر ، حدَّثنا ابن عون ، عن مجاهد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال :

قال كعب بن عجزة : فيّ أنزلت هذه الآية ، أتيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : ادنه ، فدنوت مرتين أو ثلاثاً ، فقال : أيؤذيك هَوَامُّك؟ قال ابن عون وأحسبه قال : نعم ، فأمرني بصيام أو صدقه أو نسك ما تيسر ، رواه مسلم عن أبي موسى ، عن ابن عدي ، [ورواه البخاري عن أحمد بن يونس عن ابن شهاب] ، كلاهما عن ابن عون.

١١٠ ـ أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبد الله المخلدي ، أخبرنا أبو الحسن السراج ، أخبرنا محمد بن يحيى بن سليمان المروزي ، حدَّثنا عاصم بن علي ، حدَّثنا شعبة ، أخبرني عبد الرحمن [بن] الأصفهاني ، سمعت عبد الله بن معقل قال :

قعدت إلى كعب بن عُجْرَة في هذا المسجد ـ مسجد الكوفة ـ فسألته عن هذه الآية :( فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) قال : حُملت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والقمل يتناثر على وجهي ، فقال : ما كنت أرى أن الجهد بلغ منك هذا ، ما تجد شاة؟ قلت : لا فنزلت هذه الآية :( فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) . قال : صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين ، لكل مسكين نصف صاع من طعام ، فنزلت فيّ خاصة

__________________

[١٠٩] أخرجه البخاري في الحج (١٨١٤ ، ١٨١٥ ، ١٨١٧ ، ١٨١٨) ، وفي المغازي (٤١٥٩ ، ٤١٩٠ ، ٤١٩١) ، وفي الطب (٥٦٦٥ ، ٥٧٠٣) ، وفي كفارات الأيمان (٦٧٠٨).

وأخرجه مسلم في الحج (٨٠ ، ٨١ ، ٨٢ ، ٨٣ / ١٢٠١) ، ص ٨٥٩ ، ٨٦٠ وأبو داود في المناسك (١٨٥٦ ، ١٨٥٧ ، ١٨٥٩ ، ١٨٦٠ ، ١٨٦١) ، والترمذي في الحج (٩٥٣) وقال حسن صحيح.

وفي التفسير (٢٩٧٣ م) ، (٢٩٧٤) والنسائي في الحج (في الكبرى).

وفي التفسير (٥٠) وانظر تحفة الأشراف (١١١١٤) وابن جرير (٢ / ١٣٥)

[١١٠] سبق برقم (١٠٨) ـ وعزاه السيوطي في الدر (١ / ٢١٤) لوكيع وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حيان والبيهقي.

٦١

ولكم عامة. رواه البخاري عن آدم بن أبي إياس وأبي الوليد ورواه مسلم عن بندار عن غندر ، كلهم عن شعبة.

١١١ ـ أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الصوفي ، أخبرنا محمد بن علي الغفاري ، أخبرنا إسحاق بن محمد [الرسعني] ، حدَّثنا جدي ، حدَّثنا المغيرة الصقلاني ، حدَّثنا عمر بن بشر المكي ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال :

لما نزلنا الحديبية جاء كعب بن عجرة ينتثر هَوَامُّ رأسه على جبهته ، فقال يا رسول الله ، هذا القمل قد أكلني قال : احلق وافده. قال : فحلق كعب فنحر بقرة ، فأنزل اللهعزوجل في ذلك الموقف :( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ ) الآية.

قال ابن عباس : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : الصيام ثلاثة أيام ، والنسك شاة ، والصدقة الفَرْقُ بين ستة مساكين ، لكل مسكين مدان.

١١٢ ـ أخبرنا محمد بن محمد المنصوري ، أخبرنا علي بن عمر الحافظ ، أخبرنا عبد الله بن المهتدي ، حدَّثنا طاهر بن عيسى بن إسحاق التميمي ، حدَّثنا زهير بن عباد ، حدَّثنا مصعب بن ماهان ، عن سفيان الثوري ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة قال :

مرّ به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو يوقد تحت قدر له بالحديبية فقال : أيؤذيك هَوَامُّ رأسك؟ قال : نعم ، قال : احلق. فأنزل الله هذه الآية :( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) . قال : فالصيام ثلاثة أيام ، والصدقة فرق بين ستة مساكين ، والنسك شاة.

[أخبرنا عبد الله بن عباس الهروي فيما كتب إليَّ : أن العباس بن الفضل بن زكريا حدثهم عن أحمد بن نجدة ، حدَّثنا سعيد بن منصور ، حدَّثنا أبو عوانة ، عن عبد الرحمن بن الأصفهاني ، عن عبد الله بن معقل قال :

__________________

[١١١] في إسناده : عمر بن قيس المكي وهو متروك.

[١١٢] سبق برقم (١٠٩) وأخرجه ابن جرير (٢ / ١٣٥) من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

٦٢

كنا جلوساً في المسجد ، فجلس إلينا كعب بن عجرة فقال : فيّ أنزلت هذه الآية :( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ ) قال : قلت : كيف كان شأنك؟ قال : خرجنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، محرمين ، فوقع القمل في رأسي ولحيتي وشاربي حتى وقع في حاجبي ، فذكرت ذلك للنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : ما كنت أرى أن الجهد بلغ منك هذا ، ادعوا الحالق ، فجاء الحالق فحلق رأسي ، فقال : هل تجد نَسِيكَة؟ قلت : لا ، وهي شاة ، قال : فصم ثلاثة أيام أو أطعم ثلاثة آصُع بين ستة مساكين. قال فأنزلت فيّ خاصة ، وهي للناس عامة].

[٥٦]

قوله تعالى :( وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى ) الآية. [١٩٧].

١١٣ ـ أخبرنا عمرو بن عمرو المُزَكَّي ، أخبرنا محمد بن المكي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، حدَّثنا يحيى بن بشير ، حدَّثنا شبابة ، عن ورقاء ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال :

كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ، يقولون : نحن المتوكلون ، فإذا قدموا مكة سألوا الناس ، فأنزل اللهعزوجل :( وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى ) .

١١٤ ـ وقال عطاء بن أبي رباح : كان الرجل يخرج فيحمل كَلَّهُ على غيره ، فأنزل الله تعالى :( وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى ) .

[٥٧]

قوله تعالى :( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ ) الآية. [١٩٨].

__________________

[١١٣] أخرجه البخاري في الحج (١٥٢٣) وأبو داود في المناسك (١٧٣٠) والنسائي في التفسير (٥٣) وفي السير في الكبرى.

وذكره ابن كثير في تفسيره وزاد نسبته لابن أبي حاتم.

وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٣٦).

وزاد نسبته في الدر (١ / ٢٢٠) لعبد بن حميد وابن المنذر وابن حبان والبيهقي في سننه.

[١١٤] مرسل ، ويتفق مع السابق.

٦٣

١١٥ ـ أخبرنا منصور بن عبد الوهاب البزار ، أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري ، عن شعيب بن [علي] الزَّرّاع ، حدَّثنا عيسى بن مساور ، حدَّثنا مروان بن معاوية الفزاري ، حدَّثنا العلاء بن المسيب ، عن أبي أمامة التيمي قال :

سألت ابن عمر فقلت : إِنا قوم نُكْرى في هذا الوجه ، وإن قوماً يزعمون أنه لا حج لنا. قال : ألستم تلبون ، ألستم تطوفون [أ لستم تسعون] بين الصفا والمروة؟ ألستم ألستم؟ قال [قلت] : بلى ، قال : إِن رجلاً سأل النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم عما سألت عنه فلم [يدر ما] يرد عليه حتى نزلت :( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ ) فدعاه فتلا عليه حين نزلت ، فقال : أنتم الحجاج.

١١٦ ـ أخبرنا أبو بكر التميمي ، حدَّثنا عبد الله بن محمد بن خشنام حدثنا أبو يحيى الرازي ، حدَّثنا سهل بن عثمان ، حدَّثنا يحيى بن أبي زائدة ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس قال :

كان ذو المجاز وعكاظ متجراً للناس في الجاهلية ، فلما جاء الإسلام كأنهم كرهوا ذلك حتى نزلت :( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ ) في مواسم الحج.

١١٦١ م ـ وروى مجاهد عن ابن عباس قال :

كانوا يتقون البيوع والتجارة في الحج يقولون : أيام ذكر اللهعزوجل : فأنزل

__________________

[١١٥] أخرجه أبو داود في الحج (١٧٣٣) والحاكم في المستدرك (١ / ٤٤٩) وصححه ووافقه الذهبي وأخرجه ابن جرير (٢ / ١٦٤).

وأخرجه أحمد في مسنده (٢ / ١٥٥).

وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٣٧) وزاد نسبته في الدر (١ / ٢٢٢) لسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي.

[١١٦] أخرجه البخاري في الحج (١٧٧٠) وفي البيوع (٢٠٥٠) و (٢٠٩٨) وفي كتاب التفسير (٤٥١٩) ، وابن جرير (٢ / ١١٦) وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٣٧) وفي الدر (١ / ٢٢٢) وزاد نسبته لسفيان وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه.

[١١٦١] م ذكره المصنف بدون إسناد. وأخرجه أبو داود (١٧٣١) من طريق مجاهد عن ابن عباس وابن جرير (٢ / ١٦٥)

٦٤

الله تعالى :( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ ) فاتجروا.

[٥٨]

قوله تعالى :( ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ ) الآية. [١٩٩].

١١٧ ـ أخبرنا التميمي بالإسناد [المتقدم] الذي ذكرنا ، عن يحيى بن هشام بن عروة ، عن أبيه عن عائشة قالت :

كانت العرب تفيض من عرفات ، وقريش ومن دان بدينها تفيض من جَمْع من المشعر الحرام ، فأنزل الله تعالى :( ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ ) .

١١٨ ـ أخبرنا محمد بن أحمد بن جعفر المزكي ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن زكريا ، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السَّرْخَسِي ، حدَّثنا أبو بكر بن أبي خَيْثَمةَ ، حدَّثنا حامد بن يحيى ، حدَّثنا سفيان بن عيينة ، أخبرني عمرو بن دينار ، أخبرني محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال :

أضللتُ بعيراً لي يوم عرفة ، فخرجت أطلبه بعرفة فرأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، واقفاً مع الناس بعرفة ، فقلت : هذا من الحمس ما له هاهنا.

قال سفيان : والأحْمس : الشديد الشحيح على دينه.

وكانت قريش تسمى الحُمْسَ فجاءهم الشيطان فاستهواهم ، فقال لهم :

__________________

وأخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٢٧٧) من طريق عبيد بن عمير عن ابن عباس وصححه ووافقه الذهبي.

وعزاه في الدر (١ / ٢٢٢) لأبي داود.

[١١٧] أخرجه البخاري في التفسير (٤٥٢٠) ومسلم في الحج (١٥١ / ١٢١٩) ص ٨٩٣ وأخرجه أبو داود في المناسك (١٩١٠).

والنسائي في الحج (٥ / ٢٥٤) وفي التفسير (٥٤) وابن جرير (٢ / ١٦٩) وزاد السيوطي نسبته في الدر (١ / ٢٢٦) لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي نعيم في الدلائل والبيهقي في سننه.

[١١٨] أخرجه البخاري في الحج (١٦٦٤).

وأخرجه مسلم في الحج (١٥٣ / ١٢٢٠) ص ٨٩٤ والنسائي في الحج (٥ / ٢٥٥).

وذكره ابن كثير في تفسير هذه الآية وعزاه للإمام أحمد.

وزاد نسبته في الدر (١ / ٢٢٧) للطبراني.

٦٥

إنكم إن عظمتم غير حَرَمِكُم استخف الناسُ بحرمكم ، فكانوا لا يخرجون من الحرم ، ويقفون بالمزدلفة ، فلما جاء الإسلام أنزل اللهعزوجل :( ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ ) يعني عرفة. رواه مسلم عن عمرو الناقد ، عن ابن عيينة.

[٥٩]

قوله تعالى :( فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ ) الآية. [٢٠٠]

١١٩ ـ قال مجاهد : كان أهل الجاهلية إذا اجتمعوا بالموسم ذكروا فعل آبائهم في الجاهلية ، وأيامهم وأنسابهم فتفاخروا ، فأنزل الله تعالى :( فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً ) .

١٢٠ ـ وقال الحسن : كانت الأعراب إذا حدثوا أو تكلموا يقولون : وأبيك إنهم لفعلوا كذا وكذا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٦٠]

قوله تعالى :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ) الآية. [٢٠٤]

١٢١ ـ قال السدي : نزلت في الأَخَنْس بن شريق الثقفي ، وهو حليف بني زهرة أقبل إلى النبي ، ص ، إلى المدينة فأظهر له الإسلام وأعجب النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ذلك منه ، وقال إنما جئت أريد الإسلام ، والله يعلم إني لصادق ، وذلك قوله :( وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ ) ثم خرج من عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فمرّ بزرع لقوم من المسلمين وحمر ، فأحرق الزرع وعَقَرَ الحمر ، فأنزل الله تعالى فيه :( وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ) .

__________________

[١١٩] مرسل ، وأخرجه ابن جرير (٢ / ١٧٢) وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٣٨) وفي الدر (١ / ٢٣٢) وزاد نسبته لابن المنذر.

[١٢٠] مرسل.

[١٢١] أخرجه ابن جرير (٢ / ١٨١) بسنده عن السدي.

وذكره ابن كثير في تفسير هذه الآية ـ والسيوطي في لباب النقول (ص ٣٨) وفي الدر (١ / ٢٣٨) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم.

٦٦

[٦١]

قوله تعالى :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ ) الآية. [٢٠٧].

١٢٢ ـ قال سعيد بن المسيب : أقبل صُهَيْب مهاجراً نحو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فاتبعه نفر من قريش من المشركين ، فنزل عن راحلته ونثر ما في كنانته وأخذ قوسه ثم قال : يا معشر قريش ، لقد علمتم أني من أَرْمَاكم رجلاً ، وأيم الله لا تَصِلُون إلي حتى أرمي بما في كنانتي ، ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي منه شيء ، ثم افعلوا ما شئتم ، فقالوا : دلنا على بيتك ومالك بمكة ونخلي عنك ، وعَاهَدُوه إنْ دلهم أن يَدَعُوه ، ففعل. فلما قدم على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : أبا يحيى ربح البيع ، ربح البيع ، وأنزل الله :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ ) .

١٢٣ ـ وقال المفسرون : أخذ المشركون صهيباً فَعذبوه ، فقال لهم صهيب : إني شيخ كبير لا يضركم أمِنْكُمْ كنت أم من غيركم ، فهل لكم أن تأخذوا مالي وتَذَرُوني وديني؟ ففعلوا ذلك ، وكان قد شرط عليهم راحلة ونفقة ، فخرج إلى المدينة فتلقاه أبو بكر وعمر في رجال ، فقال له أبو بكر : ربح بيعك أبا يحيى ، فقال صهيب : وبيعك فلا يَخسر ما ذاك؟ فقال : أنزل الله فيك كذا ، وقرأ عليه هذه الآية.

١٢٤ ـ وقال الحسن : أتدرون فيمن نزلت هذه الآية في أن المسلم يلقى الكافر فيقول له : قل لا إله إلَّا الله ، فإذا قلتها عصمت مالك ودمك ، فأبى أن يقولها ، فقال المسلم : والله لأشرين نفسي لله ، فتقدم فقاتل حتى قتل.

__________________

[١٢٢] ذكره ابن كثير في تفسير هذه الآية. وأخرجه الحاكم (٣ / ٤٠٠) من طريق سعيد بن المسيب عن صهيب وصححه ووافقه الذهبي ولكن ليس فيه نزول الآية ، وذكره السيوطي في اللباب (ص ٣٩) وفي الدر (١ / ٢٤٠) للحارث بن أبي أسامة في مسنده وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب.

[١٢٣] أخرج الحاكم في المستدرك (٣ / ٣٩٨) من حديث أنس قصة إسلام صهيب وفيها سبب نزول الآية وقال : صحيح على شرط مسلم.

[١٢٤] مرسل ، أخرجه ابن جرير (٢ / ١٨٧)

٦٧

١٢٥ ـ وقيل : نزلت فيمن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر.

قال أبو الخليل : سمع عمر بن الخطاب إنساناً يقرأ هذه الآية فقال عمر : إنا لله قام رجل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فقتل.

[٦٢]

قولهعزوجل :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ) . [٢٠٨].

١٢٦ ـ [أخبرني أبو نعيم الأصفهاني فيما أذن في روايته عنه : أخبرنا سليمان بن أحمد ، حدَّثنا بكر بن سهل ، حدَّثنا عبد الغني بن سعيد ، عن موسى بن عبد الرحمن الصنعاني عن ابن جريج عن عطاء] عن ابن عباس [قال] :

نزلت هذه الآية في عبد الله بن سلام وأصحابه ، وذلك أنهم حين آمنوا بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قاموا بشرائعه وشرائع موسى ، فعظموا السبت ، وكرهوا لُحْمانَ الإبل وألبانها بعد ما أسلموا ، فأنكر ذلك عليهم المسلمون فقالوا : إنا نَقْوَى على هذا وهذا ، وقالوا للنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : إن التوراة كتاب الله فدعنا فلنعمل بها فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٦٣]

قوله تعالى :( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ ) الآية. [٢١٤].

١٢٧ ـ قال قتادة والسُّدِّي : نزلت هذه الآية في غزوة الخندق حين أصاب المسلمين ما أصابهم من الجهد والشدة والحر [والخوف] والبرد وضيق العيش وأنواع الأذى ، وكان كما قال الله تعالى :( وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ ) .

١٢٨ ـ وقال عطاء : لما دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأصحابه المدينة اشتد الضر

__________________

[١٢٥] أخرجه ابن جرير بإسناده (٢ / ١٨٧)

[١٢٦] في إسناده : ابن جريح مدلس ، وقد عنعنه.

وأخرجه ابن جرير (٢ / ١٨٩) من قول عكرمة ، وكذا ذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٣٩) وفي الدر (١ / ٢٤١) عن عكرمة.

[١٢٧] ذكره السيوطي في اللباب (ص ٣٩) وفي الدر (١ / ٢٤٣) وزاد نسبته لابن المنذر وابن جرير. وهو عند ابن جرير (٢ / ١٩٨)

[١٢٨] مرسل.

٦٨

عليهم لأنهم خرجوا بلا مال وتركوا ديارهم وأموالهم بأيدي المشركين ، وآثروا رضا الله ورسوله ، وأظهرت اليهود العداوة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأَسَرَّ قومٌ من الأغنياء النفاق ، فأنزل الله تعالى تطييباً لقلوبهم( أَمْ حَسِبْتُمْ ) الآية.

[٦٤]

قوله تعالى :( يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ ) الآية. [٢١٥].

١٢٨ م ـ قال ابن عباس في رواية أبي صالح : نزلت في عَمْرو بن الجموح الأنصاري ، وكان شيخاً كبيراً ذا مال كثير فقال : يا رسول الله ، بما ذا نتصدق؟وعلى من ننفق؟ فنزلت هذه الآية.

١٢٩ ـ وقال في رواية عطاء : نزلت [هذه] الآية في رجل أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : إن لي ديناراً ، فقال : أنفقه على نفسك ، فقال : إن لي دينارين ، فقال : أنفقهما على أهلك ، فقال : إن لي ثلاثة ، فقال : أنفقها على خادمك ، فقال : إن لي أربعة ، فقال : أنفقها على والديك ، فقال : إن لي خمسة ، فقال : أنفقها على قرابتك ، فقال : إن لي ستة ، فقال : أنفقها في سبيل الله ، وهو أحسنها.

[٦٥]

قوله تعالى :( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ ) الآية. [٢١٧].

١٢٩١ م ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الشيرازي ، حدَّثنا أبو الفضل محمد بن عبد الله بن خِمَيْرُوَيْهِ الهروي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخزاعي ، حدَّثنا أبو اليمان : الحكم بن نافع ، أخبرني شعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري ، قال :

أخبرني عروة بن الزبير أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بعث سرّية من المسلمين وأمرَ

__________________

[١٢٨] م إسناده ضعيف : أبو صالح لم يسمع من ابن عباس.

[١٢٩] بدون إسناد.

[١٢٩١] م ذكره ابن كثير في تفسير هذه الآية. وهو مرسل. وله شاهد موصول من حديث جندب بن عبد الله أخرجه الطبراني (٢ / ١٦٢ رقم ١٦٧٠) وفيه : فأنزل الله( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ ) الآية. وأخرجه أبو يعلى (٣ / ١٠٢) وأخرجه البيهقي في السنن (٩ / ١١ ـ ١٢)

٦٩

عليهم عبد الله بن جَحْش الأَسدي ، فانطلقوا حتى هبطوا نَخْلَة فوجدوا بها عمرو بن الحضرمي في عير تجارة لقريش ، في يوم بقي من الشهر الحرام ، فاختصم المسلمون فقال قائل منهم : لا نعلم هذا اليوم إلَّا من الشهر الحرام ، ولا نرى أن تستحلوه لطمع أَشْفَيْتُم عليه. فغلب عَلَى الأمْر الذين يريدون عرض الدنيا ، فشدوا على ابن الحضرمي فقتلوه وغنموا عيره ، فبلغ ذلك كفار قريش ، وكان ابن الحضرمي أول قتيل قتل بين المسلمين وبين المشركين ، فركب وفد من كفار قريش حتى قدموا على النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالوا : أَتُحِلُّ القتال في الشهر الحرام؟ فأنزل الله تعالى :( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ ) إلى آخر الآية.

١٣٠ ـ أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الحارثي ، أخبرني عبد الله بن محمد بن جعفر ، حدَّثنا عبد الرحمن بن محمد الرازيّ ، حدَّثنا سهل بن عثمان ، حدَّثنا يحيى بن أبي زائدة عن محمد بن إسحاق ، عن الزّهري قال.

بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عبد الله بن جحش ومعه نفر من المهاجرين ، فقتل عبد الله بن وَاقِد الليثي عمرو بن الحضرمي ، في آخر يوم من رجب وأسروا رجلين ، واستاقوا العير ، فوقف على ذلك النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقال : لم آمركم بالقتال في الشهر الحرام. فقالت قريش : استحل محمد الشهر الحرام ، فنزلت( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ ) إلى قوله :( وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ) . أي قد كانوا يفتنونكم وأنتم في حرم الله بعد إيمانكم ، وهذا أكبر عند الله من أن تقتلوهم في الشهر الحرام مع كفرهم بالله.

قال الزهري : لما نزل هذا قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم العير وفَادَى الأسيرين. ولما فرّج الله تعالى عن أهل تلك السرية ما كانوا فيه من غم ، طمعوا فيما عند الله من ثوابه ، فقالوا : يا نبي الله أنطمع أن تكون غزوة ولا نعطى فيها أجر المجاهدين في سبيل الله ، فأنزل الله تعالى فيها :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا ) الآية.

__________________

[١٣٠] مرسل. وقد ذكرت في الحديث السابق شاهد مسند صحيح.

٧٠

١٣١ ـ قال المفسرون : بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عبد الله بن جحش ، وهو ابن عمة النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، في جمادى الآخرة ، قبل قتال بدر بشهرين ، على رأس سبعة عشر شهراً من مقدمه المدينة ، وبعث معه ثمانية رهط من المهاجرين : سعد بن أبي وقّاص الزهري ، وعُكَّاشَة بن محْصَن الأسدي ، وعُتْبة بن غَزْوان السلمي ، وأبا حُذَيْفَة بن عتبة بن ربيعة ، وسُهَيْل بن بيضاء ، وعامر بن ربيعة ، ووَاقِد بن عبد الله ، وخالد بن بُكَيْر ، وكتب لأميرهم عبد الله بن جحش كتاباً وقال : سر على اسم الله ، ولا تنظر في الكتاب حتى تسير يومين ، فإذا نزلت منزلين فافتح الكتاب واقرأه على أصحابك ، ثم امض لما أمرتك ، ولا تستكرهن أحداً من أصحابك على المسير معك ، فسار عبد الله يومين ، ثم نزل وفتح الكتاب فإذا فيه : «بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد ، فسر على بركة الله بمن تبعك من أصحابك حتى تنزل بطن نَخْلَةَ ، فترصَّد بها عير قريش لعلّك أن تأتينا منه بخبر» فلما نظر عبد الله في الكتاب قال : سمعاً وطاعة ، ثم قال لأصحابه ذلك وقال : إنه قد نهاني أن أستكره أحداً منكم ، حتى إذا كان بِمَعْدِن فوق الفُرُع ، وقد أضل سعد بن أبي وقّاص وعُتْبة بن غَزْوان بعيراً لهما كانا يَعْتَقِبَانِه ، فاستأذنا أن يتخلفا في طلب بعيرهما ، فأذن لهما ، فتخلفا في طلبه ، ومضى عبد الله ببقية أصحابه حتى وصلوا بَطْنَ نَخْلة بين مكة والطائف ، فبيناهم كذلك إذ مرت بهم عير لقريش تحمل زبيباً وأَدَماً وتجارة من تجارة الطائف ، فيهم عمرو بن الحَضْرَمِيّ ، والحكم بن كَيْسَان ، وعثمان بن عبد الله بن المغيرة ، ونَوْفل بن عبد الله ، المَخْزُومِيَّان. فلما رأوا أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، هابوهم ، فقال عبد الله بن جحش : إن القوم قد ذعروا منكم ، فاحلقوا رأس رجل منكم فليتعرض لهم ، فإذا رأوه محلوقاً أمنوا وقالوا : قوم عُمَّار ، فحلقوا رأس عُكَّاشَة ، ثم أشرف عليهم فقالوا : قوم عُمَّار لا بأس عليكم. فأمنوهم ، وكان ذلك في آخر يوم من جمادى الآخرة ، وكانوا يرون أنه من جمادى أو هو رجب ، فتشاور القوم فيهم وقالوا : لئن تركتموهم هذه الليلة ليَدخلُن الحَرَم فليمتنعن منكم ، فأجمعوا أمرهم في مُوَاقَعَة القوم ، فرمى وَاقِد بن عبد الله التَّمِيمِي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله ، فكان أول قتيل من المشركين ، واستأسر الحكم

__________________

[١٣١] يتفق مع الحديث السابق.

٧١

وعثمان ، فكانا أول أسيرين في الإسلام. وأفلت نوفل وأعجزهم. واستاق المؤمنون العير والأسيرين حتى قدموا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بالمدينة فقالت قريش : قد استحل محمد الشهر الحرام ، شهراً يأمن فيه الخائف ويَبْذَعِرُّ الناس لمعاشهم ، فسفكَ فيه الدماء وأخذ فيه الحَرَائب ، وعير بذلك أهلُ مكة من كان بها من المسلمين فقالوا : يا معشر الصُّبَاة ، استحللتم الشهر الحرام فقاتلتم فيه. وتفاءلت اليهود بذلك وقالوا وَاقِد : وقَدَت الحرب وعمْرو : عَمَرَت الحرب والحَضْرَمي : حَضَرَت الحرب ، وبلغ ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال لابن جحش وأصحابه : ما أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام ، ووقَّفَ العير والأسيرين ، وأبى أن يأخذ من ذلك شيئاً ، فعظم ذلك على أصحاب السرية ، وظنوا أن قد هلكوا ، وسُقِطَ في أيديهم ، وقالوا : يا رسول الله ، إنا قتلنا ابن الحضرمي ثم أمسينا فنظرنا إلى هلال رجب ، فلا ندري أفي رجب أصبناه أو في جمادى؟ وأكثر الناس في ذلك ، فأنزل الله تعالى :( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ ) الآية. فأخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم العير فعزل منها الخمس ، فكان أول خمس في الإسلام ، وقسم الباقي بين أصحاب السَّرِيَّة فكان أول غنيمة في الإسلام. وبعث أهل مكة في فداء أسيريهم فقال : بل نَقِفُهما حتى يقدم سعد وعتبة ، فإن لم يقدما قتلناهما بهما. فلما قدما فاداهما.

وأما الحكم بن كَيْسَان فأسلم وأقام مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بالمدينة فقتل يوم بئر معونة شهيداً.

وأما عثمان بن عبد الله فرجع إلى مكة فمات بها كافراً.

وأما نَوْفَل فَضَرَب بطنَ فرسه يوم الأحزاب ليدخل الخندق على المسلمين فوقع في الخندق مع فرسه فتحطما جميعاً. فقتله الله تعالى وطلب المشركون جيفته بالثمن ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : خذوه فإنه خبيث الجيفة ، خبيث الدية.

فهذا سبب نزول قوله تعالى :( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ ) والآية التي بعدها.

[٦٦]

قوله تعالى :( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ) الآية (٢١٩].

٧٢

١٣٢ ـ نزلت في عمر بن الخطاب ، ومُعَاذ بن جبل ، ونفر من الأنصار أتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالوا : أفتنا في الخمر والميسر فإنهما مَذْهَبَةٌ للعقل مَسْلَبَةٌ للمال ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٦٧]

قوله تعالى :( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى ) الآية. [٢٢٠].

١٣٣ ـ أخبرنا أبو منصور عبد القاهر بن طاهر ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسن السراج ، حدثنا الحسن بن المُثَنَّى بن معاذ ، حدثنا أبو حُذَيْفَة موسى بن مسعود ، حدثنا سفيان الثَّورِي ، عن سالم الأَفْطَس ، عن سعيد بن جُبَيْر قال :

لما نزلت :( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً ) عزلوا أموالهم [عن أموالهم] فنزلت :( قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ ) فخلطوا أموالهم بأموالهم.

١٣٤ ـ أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد الزاهد ، أخبرنا أبو علي الفقيه ،

__________________

[١٣٢] أخرج الترمذي في التفسير (٣٠٤٩ ـ ٣٠٤٩ مكرر) وأبو داود في الأشربة (٣٦٧٠) والنسائي في الأشربة (٨ / ٢٨٦) من طريق عمرو بن شرحبيل عن عمر أنه قال : اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء فنزلت التي في البقرة( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ) الآية فدعي عمر فقرئت عليه فقال : اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء فنزلت التي في النساء( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى ) فدعي فقرئت عليه ثم قال : اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء فنزلت التي في المائدة( إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ) ( فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ) فدعي فقرئت عليه فقال : انتهينا انتهينا هذا لفظ الترمذي.

وأخرجه الحاكم (٢ / ٢٧٨) وعزاه في الدر (١ / ٢٥٢) لابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي والضياء في المختارة.

وانظر رقم (٤١٣)

[١٣٣] مرسل ، وسيأتي موصولاً برقم (١٣٤)

[١٣٤] أخرجه أبو داود في الوصايا (٢٨٧١).

والنسائي في الوصايا (٦ / ٢٥٦).

والحاكم في المستدرك (٢ / ٢٧٨) وصححه ووافقه الذهبي. وابن جرير (٢ / ٢١٧).

وذكره السيوطي (ص ٤١) في لباب النقول.

٧٣

أخبرنا عبد الله بن محمد البَغوي ، حدثنا عثمان بن أبي شَيْبَة ، حدثنا جرير ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال :

لما أنزل اللهعزوجل :( وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) و( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً ) انطلق من كان عنده مال يتيم فعزل طعامه من طعامه ، وشرابه من شرابه ، وجعل يَفْضُلُ الشيء مِنْ طعامه فَيُحْبَسُ له حتى يأكله أو يَفْسُد ، واشتد ذلك عليهم ، فذكروا ذلك لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأنزل اللهعزوجل :( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ ) فَتَخْلِطُوا طعامهم بطعامكم وشرابهم بشرابكم.

[٦٨]

قوله تعالى :( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ ) الآية. [٢٢١].

١٣٥ ـ أخبرنا أبو عثمان بن أبي عمرو الحافظ ، أخبرنا جدي [أخبرنا] أبو عمرو أحمد بن محمد الجُرَشي ، حدَّثنا إسماعيل بن قُتْيَبة ، حدَّثنا أبو خالد ، حدَّثنا بُكَيْر بن معروف ، عن مقاتل بن حيان قال :

نزلت في أبي مَرْثَد الغَنَوِي : استأذن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، في عَنَاق أن يتزوجها ، وهي امرأة مسكينة من قريش ، وكانت ذات حظ من جمال ، وهي مشركة ، وأبو مرثد مسلم ، فقال : يا نبي الله ، إنها لتعجبني ، فأنزل اللهعزوجل ( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ ) .

١٣٦ ـ أخبرنا أبو عثمان ، أخبرنا جدي ، أخبرنا أبو عمرو ، حدَّثنا محمد بن

__________________

وزاد نسبته في الدر (١ / ٢٥٥) لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه والبيهقي في سننه.

[١٣٥] مرسل ، وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٤١) وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم والواحدي وذكره في الدر (١ / ٢٥٦)

[١٣٦] إسناده حسن ، عمرو بن حماد : قال الحافظ في التقريب : صدوق رُمي بالرفض ، أسباط بن نصر : صدوق كثير الخطأ ، السدي : هو إسماعيل بن عبد الرحمن السدي : صدوق يهم ورمي بالتشيع ، أبو مالك اسمه غزوان : ثقة.

٧٤

يحيى ، حدَّثنا عمرو بن حماد(١) ، حدَّثنا أَسْبَاط ، عن السُّدِّي ، عن أبي مالك ، عن ابن عباس في هذه الآية قال :

نزلت في عبد الله بن رَوَاحَة ، وكانت له أمة سوداء ، وإنه غضب عليها فلطمها ، ثم إنه فَزَعَ فأتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأخبره خبرها ، فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما هي يا عبد الله؟ فقال : يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، هي تصوم وتصلّي وتحسن الوضوء وتشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسوله. فقال : يا عبد الله هذه مؤمنة. فقال عبد الله : فو الذي بعثك بالحق [نبياً] لأُعْتِقَنَّها ولأتزوجنها ففعل ، فطعن عليه ناسٌ من المسلمين فقالوا : نكح أمَةً! وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين وينكحوهم رغبة في أحسابهم ، فأنزل الله تعالى فيهم :( وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ) الآية.

١٣٧ ـ وقال الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس :

إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بعث رجلاً من غَنِيّ يقال له : مرثد بن أبي مرثد ، حليفاً لبني هاشم ، إلى مكة ليخرج نَاساً من المسلمين بها أُسَرَاء ، فلما قَدِمَها سمعت به امرأة يقال لها : عَنَاق ، وكانت خليلة له في الجاهلية ، فلما أسلم أعرض عنها ، فأتته فقالت : ويحك يا مرثد ألا نخلو؟ فقال لها : إن الإسلام قد حال بيني وبينك وحرمه علينا ، ولكن إن شئت تزوجتك ، إذا رجعت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، استأذنته في ذلك ثم تزوجتك. فقالت له أبي تتبرم؟ ثم استغاثت عليه فضربوه ضرباً شديداً ، ثم خلوا سبيله. فلما قضى حاجته بمكة انصرف إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، راجعاً وأعلمه الذي كان من أمره وأمر عناق وما لقي في سببها ، فقال : يا رسول الله أيحل لي أن أتزوجها؟ فأنزل الله ينهاه عن ذلك قوله :( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ ) .

[٦٩]

قوله تعالى :( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ) الآية. [٢٢٢].

__________________

وقد أخرجه بن جرير (٢ / ٢٢٣) عن السدي مرسلاً.

[١] هكذا بالأصل والصواب : عمرو بن حماد والتصويب من ابن جرير (٢ / ٢٢٣)

[١٣٧] إسناده ضعيف لضعف الكلبي.

٧٥

١٣٨ ـ أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن أحمد بن جعفر ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا ، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدَّغُولي ، حدَّثنا محمد بن مِسْكَان ، حدَّثنا حيان ، حدَّثنا حماد ، أخبرنا ثابت ، عن أنس :

أن اليهود كانت إذا حاضت منهم امرأة أخرجوها من البيت ، فلم يُؤَاكِلُوهَا ولم يشاربوها ولم يجامعوها في البيوت ، فسئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم عن ذلك ، فأنزل اللهعزوجل :( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ ) إلى آخر الآية.

رواه مسلم عن زهير بن حرب ، عن عبد الرحمن بن مَهْدِي ، عن حماد.

١٣٩ ـ أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الخَشَّاب ، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان ، حدَّثنا أبو عِمْرَان موسى بن العباس الجُوَيْنِي ، حدَّثنا محمد بن عبيد الله بن يزيد القَرْدُواني الحَرَّاني ، حدَّثني أبي ، عن سَابق بن عبد الله الرّقِّي ، عن خُصَيْف ، عن محمد بن المُنْكَدِر ، عن جابر [بن عبد الله] ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في قوله تعالى :( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً ) قال :

إن اليهود قالت : من أتى امرأته من دبرها كان ولده أَحْوَل ، فكان نساء الأنصار لا يدعن أزواجهن يأتونهن من أدبارهم ، فجاءوا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فسألوه عن إتيان الرجل امرأته وهي حائض ، وعما قالت اليهود ، فأنزل اللهعزوجل :( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ

__________________

[١٣٨] أخرجه مسلم في كتاب الحيض (١٦ / ٣٠٢) ص ٢٤٦ ، وأخرجه أبو داود في الطهارة (٢٥٨) وفي النكاح (٢١٦٥) وأخرجه الترمذي في التفسير (٢٩٧٧ ـ ٢٩٧٧ م) وقال : حسن صحيح وأخرجه النسائي في الطهارة (١ / ١٨٧).

وفي التفسير (٥٧).

وفي عشرة النساء (٢١٥).

وابن ماجة في الطهارة (٦٤٤) ـ تحفة الأشراف (٣٠٨) ـ وذكره ابن كثير في تفسير هذه الآية.

وزاد السيوطي نسبته في الدر (١ / ٢٥٨) لأحمد وعبد بن حميد والدارمي وأبي يعلى وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه وابن حبان والبيهقي في سننه.

[١٣٩] سيأتي برقم (١٤١)

٧٦

حَتَّى يَطْهُرْنَ ) يعني الاغتسال( فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ) يعني القُبُل( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ* نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) فإنما الحرث حيث ينبت الولد ويخرج منه.

١٤٠ ـ وقال المفسرون : كانت العرب في الجاهلية إذا حاضت المرأة [منهم] لم يُؤاكلوها ولم يشاربوها ، ولم يساكنوها في بيت ، كفعل المجوس ، فسأل أبو الدَّحْدَاح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عن ذلك فقال : يا رسول الله ما نصنع بالنساء إذا حضن. فأنزل الله هذه الآية.

[٧٠]

قوله تعالى :( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ) الآية. [٢٢٣].

١٤١ ـ أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي ، أخبرنا حاجب بن أحمد ، حدَّثنا عبد الرحيم بن مُنِيب ، حدَّثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن المنكدر ، أنه سمعَ جابرَ بن عبد الله يقول :

كانت اليهود تقول في الذي يأتي امرأته من دبرها في قبلها : إن الولد يكون أحول ، فنزل :( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) .

رواه البخاري عن أبي نعيم.

ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة ، كلاهما عن سفيان.

١٤٢ ـ أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى ، أخبرنا أبو سعيد

__________________

[١٤٠] يتفق مع حديث أنس السابق برقم (١٣٨)

[١٤١] أخرجه البخاري في التفسير (٤٥٢٨) وأخرجه مسلم في النكاح (١١٧ / ١٤٣٥) ص ١٠٥٨ والترمذي في التفسير (٢٩٧٨) والنسائي في عشرة النساء (٩٣) ، وابن ماجة في النكاح (١٩٢٥) ، وأخرجه ابن جرير (٢ / ٢٣٥) من طريق الثوري وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٤٢).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (١ / ٢٦١) لابن أبي شيبة وعبد بن حميد ووكيع وأبي داود وأبي نعيم في الحلية والبيهقي في سننه.

[١٤٢] إسناده صحيح : أخرجه أبو داود في النكاح (٢١٦٤) والحاكم في المستدرك (٢ / ٢٧٩) وصححه ووافقه الذهبي.

وأخرجه ابن جرير (٢ / ٢٣٤) ، وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٤٣) وزاد نسبته في الدر (١ / ٢٦٣) ، لابن راهويه والدارمي وابن المنذر والطبراني والبيهقي في سننه.

٧٧

إسماعيل بن أحمد الخَلالي ، أخبرنا عبد الله بن زيد البجلي ، حدَّثنا أبو كُرَيب ، حدَّثنا المُحَارِبي ، عن محمد بن إسحاق ، عن أبان بن مسلم ، عن مجاهد قال :

عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عَرْضات من فاتحة الكتاب إلى خاتمته ، أُوقِفُه عند كل آية منه فأسأله عنها حتى انتهى إلى هذه الآية :( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) فقال ابن عباس : إنّ هذا الحيّ من قريش كانوا يَشْرَحُون النساء [بمكة] ، ويتلذذون بهن مقبلات ومدبرات ، فلما قدموا المدينة تزوجوا من الأنصار ، فذهبوا ليفعلوا بهن كما كانوا يفعلون بمكة ، فأنكرن ذلك وقلن : هذا شيء لم نكن نُؤَتى عليه. فانتشر الحديث حتى انتهى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأنزل الله تعالى في ذلك :( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) قال : إن شئت مقبلة ، وإن شئت مدبرة ، وإن شئت باركة ، وإنما يعني بذلك موضع الولد للحرث. يقول : ائت الحرث حيث شئت.

رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه ، عن أبي زكريا الْعَنْبَرِي ، عن محمد بن عبد السلام ، عن إسحاق بن إبراهيم ، عن المُحَارِبي.

١٤٣ ـ أخبرنا سعيد بن محمد الحيّاني ، أخبرنا أبو علي بن أبي بكر الفقيه ، أخبرنا أبو القاسم البَغَوي ، حدَّثنا علي بن جَعْد ، حدَّثنا شعْبَة ، عن محمد بن المُنْكِدر ، سمعت جابراً قال :

قالت اليهود : إن الرجل إذا أتى امرأته باركة كان الولد أحول ، فأنزل اللهعزوجل :( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ) الآية.

١٤٤ ـ أخبرنا سعيد بن محمد الحيّاني ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن

__________________

وأخرجه ابن جرير (٢ / ٢٣٤) ، وكذره السيوطي في لباب النقول (ص ٤٣) وزاد نسبته في الدر (١ / ٢٦٣) ، لابن راهويه والدارمي وابن المنذر والطبراني والبيهقي في سنته.

[١٤٣] أخرجه مسلم في النكاح (١١٩ / ١٤٣٥) ص ١٠٥٩.

وانظر الحديث رقم (١٤١)

[١٤٤] أخرجه مسلم في النكاح (١١٩ / ١٤٣٥) ص ١٠٥٩.

وقد سقط الزهري من إسناد المصنف ، فالإسناد عند مسلم : النعمان بن راشد عن الزهري عن محمد به.

وانظر الحديث رقم (١٤١)

٧٨

حمدون ، أخبرنا أحمد بن الحسن بن الشَّرَقي ، حدَّثنا أبو الأزْهَر ، حدّثنا وهب بن جرير ، حدَّثنا أبو كريب ، قال : سمعت النعمان بن راشد [يحدث عن الزُّهْرِي] عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال :

قالت اليهود : إذا نكح الرجل امرأته مُجَبِّيَةً جاء ولدها أحول ، فنزلت( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) إن شاء مُجَبِّيَة وإن شاء غير مُجَبِّيَة ، غير أن ذلك في صمام واحد.

رواه مسلم عن هارون بن معروف ، عن وهب بن جرير.

قال الشيخ أبو حامد بن الشرقي : هذا حديث جليل يساوي مائة حديث ، لم يروه عن الزهري إلَّا النعمان بن راشد.

١٤٥ ـ أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الْمُطَوِّعِيُّ ، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان ، أخبرنا أبو علي ، حدَّثنا زهير ، حدَّثنا يونس بن محمد ، حدَّثنا يعقوب القُمِّي ، حدَّثنا جعفر ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس قال :

جاء عمر بن الخطاب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : هلكت. فقال : وما الذي أهلكك؟ قال : حوّلت رَحْلِي الليلة ، قال : فلم يرد عليه شيئاً ، فأوحي إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، هذه الآية :( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) يقول : أقبل وأدبر ، واتق الدبر والحيضة.

١٤٦ ـ أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الأصفهاني ، أخبرنا عبد الله بن محمد

__________________

[١٤٥] أخرجه الترمذي في كتاب التفسير (٢٩٨٠) وقال حسن غريب.

والنسائي في عشرة النساء (٩٤).

وأخرجه النسائي في التفسير (٦٠).

وأحمد في مسنده (١ / ٢٩٧).

وابن جرير (٢ / ٢٣٥).

والبيهقي في السنن (٧ / ١٩٨) والطبراني في الكبير (١٢ / ١٠ ـ ١١) والخرائطي في مساوئ الأخلاق (٤٦٥) وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٤٢) ، وزاد نسبته في الدر (١ / ٢٦٢) لعبد بن حميد وأبي يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والضياء في المختارة.

[١٤٦] مرسل ، وأخرجه ابن جرير (٢ / ٢٣٤) ، وزاد السيوطي نسبته من الدر (١ / ٢٦٧) لابن أبي شيبة.

وأخرج الحاكم في المستدرك (٢ / ٢٧٩) مثله من قول ابن عباس وصححه ووافقه الذهبي.

٧٩

الحافظ ، حدَّثنا أبو يحيى الرازي ، حدَّثنا سهل بن عثمان ، حدَّثنا المحاربي عن ليث ، عن أبي صالح ، عن سعيد بن المسيب ، أنه سئل عن قوله :( فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) قال : نزلت في العزل.

١٤٧ ـ وقال ابن عباس في رواية الكلبي :

نزلت في المهاجرين لما قدموا المدينة ذكروا إتيان النساء فيما بينهم ، والأنصار واليهود من بين أيديهن ومن خلفهن ، إذا كان المأتي واحداً في الفرج ، فعابت اليهود ذلك إلا من بين أيديهن خاصة ، وقالوا : إنا لنجد في كتاب الله في التوراة أنّ كل إتيان يؤتي النساء غير مستلقيات دَنَسٌ عند الله ومنه يكون الحول والخبل. فذكر المسلمون ذلك لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقالوا : إنا كنا في الجاهلية وبعد ما أسلمنا نأتي النساء كيف شئنا. وإن اليهود عابت علينا ذلك وزعمت لنا كذا وكذا. فأكذب الله تعالى اليهود ونزل عليه يرخص لهم( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ) يقول : الفرج مزرعة للولد( فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) يقول : كيف شئتم من بين يديها ومن خلفها في الفرج.

[٧١]

قوله تعالى :( وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ ) . [٢٢٤].

١٤٨ ـ قال الكلبي : نزلت في عبد الله بن رَوَاحَة ينهاه عن قطيعة خَتِنَه بشير بن النعمان ، وذلك أن ابن رَوَاحَة حلَف أن لا يدخل عليه أبداً ، ولا يكلمه ، ولا يصلح بينه وبين امرأته ، ويقول : قد حلفت بالله أن لا أفعل ولا يحل [لي] إلا أن أبَرَّ في يميني فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٧٢]

قوله تعالى :( لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ) الآية. [٢٢٦].

١٤٩ ـ أخبرنا محمد بن موسى بن الفضل ، حدَّثنا محمد بن يعقوب ، حدَّثنا

__________________

[١٤٧] انظر الأحاديث السابقة.

[١٤٨] الكلبي ضعيف.

[١٤٩] أخرجه الطبراني في الكبير (١١ / ١٥٨) والبيهقي في السنن (٧ / ٣٨١) وأخرجه سعيد بن منصور

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

ورجل آخر من البلاط هو يزداد النصراني تلميذ بختيشوع طبيب البلاط، أسلم عند موته حينما شاهد احدى معاجز الامام عليه‌السلام ، روى ذلك الطبري بالاسناد عن أبي الحسين محمد بن إسماعيل بن أحمد الفهقلي الكاتب بسر من رأى، عن أبيه قال: لما اعتل يزداد بعث إلي فحضرت عنده، فقال: إن قلبي قد ابيض بعد سواده، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأن علي ابن محمد حجة الله على خلقه وناموسه الأعلم، ثم مات في مرضه ذلك (١) .

وأبو عبد الله الجنيدي الذي عهد إليه عمر بن الفرج الرخجي أن يعلم الامام عليه‌السلام بأمر المعتصم، وكان معروفاً بعداء أهل البيت عليهم‌السلام ، وقد ذهل من حدّة ذكاء الامام عليه‌السلام وغزارة علمه، الأمر الذي جعله ينزع نفسه عن النصب والعداء لأهل البيت عليهم‌السلام ، ويدين بالولاء لهم ويعتقد بالامامة ويهتدي إلى سواء السبيل (٢) .

ورجل آخر من ديار ربيعة، وكان نصرانياً، من أهل كفرتوثا، يسمى يوسف بن يعقوب، أسلم ابنه ببركة الامام الهادي عليه‌السلام وحسن اسلامه بعد أن لاحظ بعض دلائل الامام عليه‌السلام (٣) .

وكان الامام عليه‌السلام سبباً في هداية أحد القياصرة الذي أعجب بتفوقه

__________________

(١) دلائل الإمامة / الطبري: ٤١٩ / ٣٨٢ - مؤسسة البعثة - قم - ١٤١٣ هـ، نوادر المعجزات / الطبري: ١٨٨ / ٧ - مؤسسة الإمام المهدي عليه‌السلام - قم - ١٤١٠ هـ، فرج المهموم: ٢٣٣.

(٢) إثبات الوصية / المسعودي: ٢٢٢.

(٣) الخرائج والجرائح ١: ٣٩٦ / ٣.

١٢١

العلمي، كما جاء عن ابن أمير الحاج في شرح شافية أبي فراس، قال: ومما نقل أن قيصراً ملك الروم كتب إلى خليفة من خلفاء بني العباس كتاباً يذكر فيه: إنا وجدنا في الانجيل أنه من قرأ سورة خالية من سبعة أحرف حرم الله تعالى جسده على النار، وهي: الثاء والجيم والخاء والزاي والشين والظاء والفاء، فإنا طلبنا هذه السورة في التوراة فلم نجدها، وطلبناها في الزبور فلم نجدها، فهل تجدونها في كتبكم؟

فجمع العلماء وسألهم في ذلك، فلم يجب منهم أحد عن ذلك إلا النقي علي ابن محمد بن الرضا عليهم‌السلام ، فقال: « إنها سورة الحمد، فإنها خالية من هذه السبعة أحرف ».... فلما وصل الجواب إلى قيصر وقرأه فرح بذلك فرحاً شديداً وأسلم لوقته ومات على الاسلام (١) .

هذه هي بعض آثار الإمام الهادي عليه‌السلام في مخالفيه ومناوئيه، فعلينا أن ننفتح عليها لنزداد هديا من هديه، وعلما من علمه، ووعيا ممّا يعطينا من عناصر الوعي.

* * *

__________________

(١) شرح شافية أبي فراس / ابن أمير الحاج: ٥٦٣ - مؤسسة الطباعة والنشرـ وزارة الثقافة والارشاد - ايران.

١٢٢

الفصل الثّالث

الهوية الشخصية للإمام الهادي عليه السلام

نسبه الشريف:

هو أبو الحسن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق بن محمد باقر العلم بن علي زين العابدين بن الحسين السبط الشهيد بن علي أمير المؤمنين وسيد الوصيين صلوات اللّه عليهم أجمعين.

ألقابه:

أشهر ألقاب الإمام أبي الحسن عليه‌السلام هو النقي والهادي، وقيل: بل أشهرها المتوكل، لكنه عليه‌السلام كان يخفي ذلك ويأمر أصحابه أن يعرضوا عن هذا اللقب، لكونه يومئذ لقباً لجعفر المتوكل بن المعتصم العباسي.

وعرف عليه‌السلام بالعسكري، وكذلك ابنه الحسن عليه‌السلام الامام بعده، نسبة إلى محلة العسكر التي كان يسكنها عليه‌السلام في سامراء، وهو عسكر المعتصم الذي بناه لجيشه (١) .

قال الشيخ الصدوق: سمعت مشايخنا رضي اللّه عنهم يقولون: إنّ المحلّة التي

__________________

(١) راجع: الانساب / للسمعاني ٤: ١٩٤، معجم البلدان - المجلد الثالث: ٣٢٨، الأئمّة الاثناعشر / لابن طولون: ١١٣.

١٢٣

يسكنها الإمامان علي بن محمد والحسن بن علي عليهما‌السلام بسرّ من رأى كانت تسمّى عسكر، فلذلك قيل لكلّ واحدٍ منهما العسكري (١) .

وقيل: هو اسم سرّ من رأى، قال الفيروزآبادي: وعسكر اسم سر من رأى، وإليه نسب العسكريان أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر، وولده الحسن، وماتا بها (٢) .

وكان هو وولده العسكري وجده الجواد عليهم‌السلام يعرف كلّ منهم في زمانه بابن الرضا (٣) .

وهناك ألقاب اُخرى تطلق على الإمام الهادي عليه‌السلام وفي كلّ منها دلالة على كمال من كمالاته أو مظهر من مظاهر شخصيته، منها: المرتضى، والعالم، والدليل، والموضح، والرشيد، والشهيد، والوفي، والنجيب، والمتقي، والخالص، والناصح، والفتاح، والفقيه، والأمين، والطيب (٤) .

قال الشاعر:

هو النقي لم يزل نقيا

وكان عند ربه مرضيا

وسره بكل معناه نقي

فإنه سر الوجود المطلق

__________________

(١) علل الشرائع / الشيخ الصدوق ١: ٢٣٠ - باب ١٧٦، معاني الأخبار / الشيخ الصدوق: ٦٥ / ١٧ باب معاني أسماء محمد وعلي وفاطمة والأئمّة عليهم‌السلام ، بحار الأنوار ٥٠: ١١٣ / ١ و ٢٣٥ / ١.

(٢) القاموس المحيط / الفيروزآبادي - عسكر - ٢: ٩٢ - دار الجيل - بيروت.

(٣) المناقب لابن شهرآشوب ٤: ٤٥٥، الفصول المهمة ٢: ١٠٨٠، إعلام الورى ٢: ١٣١.

(٤) الهداية الكبرى / الخصيبي: ٣١٣، المناقب / ابن شهرآشوب ٤: ٤٠١، الفصول المهمة ٢: ١٠٨٠، دلائل الامامة: ٤١١، إعلام الورى ٢: ١٠٩ و ١٣١.

١٢٤

فهو نقي السر والسريره

وسر جده بحكم السيره

وكيف لا وهو ابن من تدلى

في قربه من العلي الأعلى

ما كذب الفؤاد ما رآه

مذ بلغ الشهود منتهاه

مرآته نقية من الكدر

فما طغى قط وما زاغ البصر (١)

كنيته:

اشتهر الإمام الهادي عليه‌السلام بكنية واحدة عرف بها عند المؤرخين والمحدثين، هي أبو الحسن، وقد يخصص فيقال له عليه‌السلام أبو الحسن الثالث، اذ أن المشهور بين المحدثين في التعبير عنهم بأبي الحسن ثلاثة: موسى الكاظم، وعلي الرضا، وعلي الهادي عليهم‌السلام ، وإن شاركهم بعض باقي الأئمّة عليهم‌السلام في هذه الكنية، فإذا ورد حديث عن أبي الحسن وأطلق أو خصص بالماضي فهو موسى الكاظم عليه‌السلام ، وإذا قيد بالثاني فهو علي الرضا عليه‌السلام ، وإذا قيد بالثالث فهو علي الهادي عليه‌السلام (٢) .

ولادته:

ولد الامام علي الهادي عليه‌السلام في بصريا (٣) من أعمال المدينة، للنصف من ذي الحجة سنة ٢١٢ هـ (٤)، وعن شيخ الطائفة الطوسيفي المصباح، قال: وروي أنه

__________________

(١) الأنوار القدسية / محمد حسين الأصفهاني: ٩٦.

(٢) التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام / السيد تاج الدين العاملي: ١٣٧.

(٣) وهي قرية بناها الامام موسى بن جعفر عليه‌السلام على ثلاثة أميال من المدينة. مناقب ابن شهر آشوب ٤: ٣٢٨.

(٤) الارشاد ٢: ٢٩٧، أصول الكافي١: ٤٩٧، كشف الغمة ٣: ١٦٦.

١٢٥

ولد عليه‌السلام يوم ٢٧ من ذي الحجة (١)، وقيل: في رجب سنة ٢١٤ في ملك المأمون (٢)، واختلف في اليوم من شهر رجب فقيل: انه ولد في الثاني منه (٣)، وقيل: في الثالث منه (٤)، وقيل: في الخامس منه (٥) .

حليته:

وصف الامام الهادي عليه‌السلام بأنه شديد السمرة، أدعج العينين، شثن الكفين، عريض الصدر، أقنى الأنف، أفلج الأسنان، حسن الوجه، طيب الريح، جسيم البدن، ولم يكن بالقصير المتردد ولا بالطويل الممغط، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس (٦)، معتدل القامة (٧) .

قال الشاعر:

ووجهه في مصحف الامكان

فاتحة الكتاب في القرآن

__________________

(١) في رحاب أئمة أهل البيت عليهم‌السلام / السيد محسن الأمين ٤: ١٧٣.

(٢) تذكرة الخواص: ٣٦٢، التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام : ١٣٥، تاريخ بغداد ١٢: ٥٧ / ٦٤٤٠ عن سهل بن زياد، الأنساب / السمعاني ٤: ١٩٤ دون ذكر الشهر.

(٣) مصباح الكفعمي: ٥٢٣.

(٤) دلائل الامامة: ٤٠٩ برواية عن الامام الحسن العسكري عليه‌السلام .

(٥) إعلام الورى ٢: ١٣١.

(٦) الدعج: شدة سواد العين مع سعتها. الشثن: الغليظ الخشن. القصير المتردد: المفرط في القصر. الطويل الممغط: المفرط في الطول.

(٧) راجع: المناقب / ابن شهر آشوب ٤: ٤٠٢، حياة الامام الهادي عليه‌السلام / جعفر شريف القرشي: ٢١ عن مآثر الكبراء في تاريخ سامراء ٣: ٢٠ وجوهرة الكلام في مدح السادة الأعلام: ١٥١.

١٢٦

بل وجهه عنوان حسن الذات

ديباجة الأسماء والصفات

طلعته مطلع نور النور

ومشرق الشموس والبدور

غرته في أفق الامامه

بارقة العزة والكرامه

نور الهدى والرشد في جبينه

بحر الندى والجود في يمينه

بل هي بيضاء سماء المعرفه

بها أضاء كل اسم وصفه

كلتا يديه مبدأ الأيادي

وفيهما آية المراد

ففي اليمين قلم العنايه

وفي الشمال علم الهدايه

واليمن والأمان في يمناه

واليسر واليسار في يسراه

وعينه باصرة البصائر

ونورها النافذ في الضمائر

بل عينه في النور والشعاع

إنسان عين عالم الابداع

بل هي في الضياء والبهاء

قرة عين عالم الأسماء (١)

نقش خاتمه:

كان له عليه‌السلام خاتم نقش فصه ثلاثة أسطر: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، أستغفر الله. وروي أن نقش خاتمه عليه‌السلام : هو الله ربي وهو عصمني من خلقه.

وفي مصباح الكفعمي: أن نقش خاتمه: حفظ العهود من أخلاق المعبود. وقيل في معناه: أن حفظ الامور التي عهد الله بها إلينا من فعل أو ترك من الأخلاق التي يحبها الله (٢) .

__________________

(١) الأنوار القدسية / الشيخ محمد حسين الاصفهاني: ٩٦.

(٢) دلائل الامامة ٤: ٤١١، الفصول المهمة ٢: ١٠٨٠، نور الأبصار: ٣٣٤، مصباح الكفعمي: ٣٢٥، التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام : ١٣٦.

١٢٧

بوابه:

بوابه عليه‌السلام : عثمان بن سعيد العمري. وعن ابن شهرآشوب: بوابه محمد بن عثمان العمري (١) .

وكلاؤه:

أهم وكلاؤه عليه‌السلام المذكورين في مصادر الرجال: إبراهيم بن عبدة النيسابوري، أيوب بن نوح بن دراج النخعي، جعفر بن سهيل الصيقل، الحسن ابن راشد، زنكان أبو سليم، علي بن جعفر الهمداني، علي بن الريان بن الصلت الأشعري.

شاعره:

شعراؤه عليه‌السلام : العوفي والديلمي ومحمد بن إسماعيل بن صالح الصيمري (٢) .

عمره ومدة إمامته:

عمره يوم وافاه الأجل احدى وأربعون سنة وستة أشهر أو أربعون سنة، بحسب الاختلاف الذي مضى في ولادته عليه‌السلام ، فقد ولد في ذى الحجة سنة ٢١٢ هـ، أو رجب سنة ٢١٤ هـ، واستشهد عليه‌السلام في رجب أو جمادى الآخرة سنة ٢٥٤ هـ، وعاش نحو ثمانية أعوام في ظلّ أبيه الإمام الجواد عليه‌السلام الذي استشهد سنة ٢٢٠ هـ، ومدّة إمامته بعد أبيه نحو أربع وثلاثين سنة (٣) .

__________________

(١) تأريخ الأئمّة / ابن أبي الثلج: ٣٣، الفصول المهمة ٢: ١٠٨٠، نور الأبصار: ٣٣٤، المناقب / ابن شهر آشوب ٤: ٤٠٣، دلائل الامامة: ٤١١.

(٢) الفصول المهمة ٢: ١٠٨٠، في رحاب أئمة أهل البيت عليهم‌السلام ٤: ١٧٤.

(٣) راجع: أصول الكافي١: ٤٩٧ - باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليه‌السلام من

١٢٨

أمه:

أمه عليه‌السلام أم ولد اسمها سُمانة، ويقال لها أيضاً: سُمانة المغربية، وقيل: متفرشة المغربية، ومن أسمائها الأخرى: سوسن، وجمانة. وكنيتها: أُم الفضل. ولقبها: السيدة (١) .

وقد ورد في حقها ما يستفاد منه أنها كانت على درجة كبيرة من الفضائل والصفات الحميدة، فضلاً عن معرفة حق الامام عليه‌السلام والتسليم بامامته وغير ذلك من المزايا التي بوأتها درجات أمهات الصديقين والصالحين.

روى أبو جعفر الطبري الامامي وغيره بالاسناد عن محمد بن الفرج بن إبراهيم بن عبد الله بن جعفر، قال: دعاني أبو جعفر محمد بن علي بن موسى عليهم‌السلام ، فأعلمني أن قافلة قد قدمت وفيها نخاس معه جوارٍ، ودفع إلي سبعين ديناراً، وأمرني بابتياع جارية وصفها لي، فمضيت وعملت بما أمرني به،

__________________

كتاب الحجة، الارشاد ٢: ٢٩٧ و ٣١٣، تاج المواليد / الطبرسي: ١٣٤، المناقب / ابن شهرآشوب ٤: ٤٠١، دلائل الإمامة: ٤٠٩، كشف الغمة ٣: ١٧٤ و ١٩٥، إعلام الورى ٢: ١٣١، التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام : ١٤٢، بحار الأنوار ٥٠: ٢٣٦ و ٢٣٨.

(١) أصول الكافي١: ٤٩٨ - باب مولد أبي الحسن علي بن محمّد عليهما‌السلام من كتاب الحجّة، إكمال الدين ١: ٣٠٧ - باب ٢٧ - خبر اللوح، الإرشاد ٢: ٢٩٧، إثبات الوصية: ٢٢٠، دلائل الإمامة: ٤١١، المناقب / ابن شهرآشوب ٤: ٤٠١، كشف الغمة ٣: ١٦٤، الهداية الكبرى / الخصيبي: ٣١٣، روضة الواعظين: ٢٤٦، إعلام الورى ٢: ١٣١ و ١٠٩، نور الأبصار: ١٨١، الفصول المهمة: ٢: ١٠٨٠، بحار الأنوار ٥٠: ١١٤.

١٢٩

فكانت تلك الجارية أم أبي الحسن عليه‌السلام (١) .

وعن محمد بن الفرج وعلي بن مهزيار، عن الامام الهادي عليه‌السلام ، أنه قال: « أمي عارفة بحقي، وهي من أهل الجنة، لا يقربها شيطان مارد، ولا ينالها كيد جبار عنيد، وهي مكلوءة بعين الله التي لا تنام، ولا تتخلف عن أمهات الصديقين والصالحين » (٢) .

زوجته:

نقل عن بعض التواريخ أنه عليه‌السلام كانت له سرية لا غير (٣) . وجاء في أغلب التواريخ أن زوجته عليه‌السلام اُمّ ولد، يقال لها سوسن، وتكنى اُمّ الحسن، وأُم أبي محمّد، وتعرف بالجدّة، أي جدّة الإمام صاحب الزمان عليه‌السلام .

ولها أسماء اُخرى، فيقال لها: حُديث، وحُديثة، وسليل، وسمانة، وشكل النوبية، وعسفان، وقيل: ان سبب تعدد أسمائها لأنه قد جرت العادة على تغيير اسم الجواري عند شرائها. غير أن أشهر أسمائها: سوسن، وحديث (٤) .

__________________

(١) دلائل الإمامة: ٤١٠ / ٣٦٨.

(٢) دلائل الامامة: ٤١٠ / ٣٦٩، إثبات الوصية: ١٩٣.

(٣) مصباح الكفعمي: ٥٢٣، التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام : ١٣٨.

(٤) راجع: أصول الكافي١: ٥٠٣ - باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليه‌السلام من كتاب الحجة، التهذيب / الشيخ الطوسي ٦: ٩٢ - باب ٤٢ من كتاب المزار، الإرشاد ٢: ٣١٣، إكمال الدين: ٣٠٧ آخر الباب ٢٧ خبر اللوح، إثبات الوصية: ٢٤٤، دلائل الإمامة: ٤٢٤، المناقب / ابن شهرآشوب ٤: ٤٥٥، روضة الواعظين: ٢٥١، تاريخ مواليد الأئمة عليهم‌السلام / ابن الخشاب: ١٩٩ - مطبوع ضمن مجموعة نفيسة - مكتبة السيد المرعشي - قم، الفصول المهمة ٢: ١٠٨٠، تذكرة

١٣٠

ورجح صاحب عيون المعجزات أن اسمها سليل حيث قال: ان اسمها على ما رواه أصحاب الحديث سليل، وقيل: حديث، والصحيح سليل، وكانت من العارفات الصالحات (١) .

ولعلّ ذلك مبني على الحديث الوارد عن المعصوم، وهو يشيد بفضلها وعفتها وصلاحها، رواه المسعودي عن العالم عليه‌السلام أنه قال: « لمّا اُدخلت سليل اُمّ أبي محمد على أبي الحسن عليه‌السلام ، قال: سليل مسلولة من الآفات والعاهات والأرجاس والأنجاس » (٢) .

وبعثها ولدها الإمام العسكري عليه‌السلام إلى الديار المقدسة سنة ٢٥٩ هـ، وأخبرها عما يناله سنة ٦٠، فأظهرت الجزع وبكت، فقال عليه‌السلام : « لابد من وقوع أمر اللّه فلا تجزعي » (٣) .

وفي صفر سنة ٢٦٠ هـ كانت في المدينة المنورة، فجعلت تخرج إلى خارجها تتجسّس الأخبار وقد أخذها الحزن والقلق (٤)، وحينما اتصل بها خبر شهادة الإمام عليه‌السلام عادت إلى سامراء، فكانت لها أقاصيص يطول شرحها مع ولدها جعفر المعروف بالكذاب لمطالبته إياها بالميراث، وسعايته بها إلى السلطان، وكشف ما أمر اللّه ستره، فضلاً عن أن بني العباس هجموا على دار الامام

__________________

الخواص: ٣٢٤، كشف الغمة ٣: ٢٧١، إعلام الورى ٢: ١٣١، تاج المواليد: ١٣٣، بحار الأنوار ٥٠: ٢٣٥ و ٢٣٦ و ٢٣٨.

(١) بحار الأنوار ٥٠: ٢٣٨ / ١١.

(٢) إثبات الوصية: ٢٤٤.

(٣) إثبات الوصية: ٢١٧.

(٤) إثبات الوصية: ٢٥٣، مهج الدعوات: ٣٤٣، بحار الأنوار ٥٠: ٣١٣ و ٣٣٠.

١٣١

وفتّشوها وعرّضوا أهل بيته ومنهم السيدة سوسن الى أشدّ المضايقات والتنكيل (١) .

وتوفيت السيدة سوسن في سامراء وكانت قد أوصت أن تدفن في الدار إلى جنب زوجها وولدها الإمامين العسكريين عليهما‌السلام ، فنازعهم جعفر وقال: الدار داري لا تدفن فيها (٢) .

روى الشيخ الصدوق بالاسناد عن محمّد بن صالح قال: لمّا ماتت الجدَّة - أم الحسن العسكري - أمرت أن تُدفن في الدار؟ فنازعهم جعفر وقال: لي الدار لا تُدفن فيها. فخرج الحجّة المنتظر عليه‌السلام فقال: « يا جعفر أدارك هي؟ » ثمّ غاب عنه ولم يره بعد ذلك (٣) . ودفنت بجنب ولدها العسكري عليه‌السلام (٤) .

وجاء في رواية أحمد بن عبيد اللّه بن يحيى بن خاقان: أنّ أمّ العسكري عليه‌السلام ادّعت وصيته، فقسم ميراثه بينها وبين أخيه جعفر، وثبت ذلك عند القاضي (٥) .

ولده:

ذكر المؤرخون أن له أربعة اولاد، وهم: الحسن عليه‌السلام ، وهو الامام بعده، ومحمد المتوفّى في حياة أبيه عليه‌السلام ، والحسين، وجعفر المعروف بالكذاب. وقيل: إن له من الأولاد ثلاثة وهم: الحسن عليه‌السلام ، وجعفر، وإبراهيم. وله بنت واحدة

__________________

(١) إكمال الدين: ٤٧٤ / ٢٥، بحار الأنوار ٥٠: ٣٣١ / ٣.

(٢) إكمال الدين: ٤٤٢ / ١٥.

(٣) إكمال الدين وإتمام النعمة / الشيخ الصدوق ٢: ٤٤٢ / ١٥.

(٤) إثبات الوصية: ٢١٧.

(٥) إكمال الدين وإتمام النعمة / الشيخ الصدوق ١: ٤٣ المقدّمة.

١٣٢

مختلف في اسمها، فقيل: حكيمة، أو عائشة، أو علية، أو عالية.

وعن الطبري: له بنتان وهما: عائشة، ودلالة (١) .

وفيما يلي نترجم لسيرة بعض أولاده عليه‌السلام .

١ - السيد محمد:

وهو أبوجعفر محمد بن الإمام أبي الحسن الهادي، المتوفى نحو سنة ٢٥٢ هـ (٢)، وكان من سادات أهل البيت عليهم‌السلام ، جليل القدر، عظيم المنزلة، قال السيد محسن الأمين: جليل القدر، عظيم الشأن، كانت الشيعة تظنّ أنه الإمام بعد أبيه عليه‌السلام ، فلمّا توفي نصّ أبوه على أخيه أبي محمد الحسن الزكي عليه‌السلام ، وكان أبوه خلّفه بالمدينة طفلاً لما اُتي به إلى العراق، ثم قدم عليه في سامراء، ثمّ أراد الرجوع إلى الحجاز، فلمّا بلغ القرية التي يقال لها (بلد) على تسعة فراسخ من سامراء، مرض وتوفّي ودفن قريبا منها، ومشهده هناك معروف مزور، ولمّا توفي شقّ أخوه أبو محمد عليه‌السلام ثوبه، وقال في جواب من لامه على ذلك: « قد شق موسى على أخيه هارون ». وسعى المحدث العلامة الشيخ ميرزا حسين النوري

__________________

(١) راجع: الارشاد ٢: ٣١٢، المناقب لابن شهرآشوب ٤: ٤٣٣، دلائل الإمامة: ٤١٢، اعلام الورى ٢: ١٢٧، الفصول المهمة ٢: ١٠٧٦، التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام : ١٣٨.

(٢) ورد في حديث أن عمر الإمام العسكري عليه‌السلام يوم وفاة أخيه السيد محمد نحو عشرين سنة، وبما أن الامام العسكري عليه‌السلام ولد سنة ٢٣٢، فتكون وفاة السيد محمد نحو سنة ٢٥٢ هـ. راجع: اصول الكافي ١: ٣٢٧ / ٨ - باب الاشارة والنص على أبي محمد عليه‌السلام من كتاب الحجة.

١٣٣

في تشييد مشهده وتعميره، وكان له فيه اعتقاد عظيم (١) .

وجاء في الرواية: « أن أبا الحسن عليه‌السلام قد بسط له في صحن دار، يوم توفي محمد ابنه، والناس جلوس حوله يعزّونه، من آل أبي طالب وبني هاشم وقريش ومواليه ومن سائر الناس » (٢) .

٢ - الحسين:

نُقل عن كتاب شجرة الأولياء: أن الحسين كان زاهداً عابداً معترفاً بإمامة أخيه أبي محمد الحسن العسكري عليه‌السلام ، وكان صوت الامام المهدي عليه‌السلام يشبه صوت عمه الحسين. وكان الناس يعبرون عنه وعن أخيه الامام الحسن العسكري بالسبطين تشبيهاً لهما بالامامين الحسن والحسين عليهما‌السلام . وكان له من الأولاد أربعة، وقد رحلوا بعد وفاة أبيهم عن سامراء إلى مدينة لار من بلاد فارس في إيران، فقتلوا بعد وصولهم إليها (٣) .

٣ - جعفر الكذاب:

وكان صاحب فتنة وضلالة، وقد أخبر أئمة أهل البيت عليهم‌السلام عنه قبل ولادته، وحذّروا شيعتهم من فتنته، ففي حديث عن أبي خالد الكابلي: « أنه سأل الإمام علي بن الحسين صلوات اللّه عليه: من الحجة والإمام بعدك؟ فقال:

__________________

(١) أعيان الشيعة ١٤: ٢٩١ - دار التعارف للمطبوعات.

(٢) أصول الكافي١: ٣٢٦ / ٨ باب الاشارة والنص على أبي محمد عليه‌السلام من كتاب الحجة.

(٣) الامام الهادي من المهد إلى اللحد / محمد كاظم القزويني: ١٣٩ - مركز نشر آثار الشيعة - قم.

١٣٤

« ابني محمد، واسمه في التوراة الباقر يبقر العلم بقرا، وهو الحجة والإمام بعدي، ومن بعد محمد ابنه جعفر، واسمه عند أهل السماء الصادق.

فقلت له: يا سيدي، كيف صار اسمه الصادق وكلكم صادقون؟ فقال: حدّثني أبي عن أبيه عليه‌السلام أن رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبيطالب، فسمّوه الصادق، فإنّ للخامس من ولده ولدا اسمه جعفر يدّعي الامامة اجتراءً على اللّه وكذبا عليه، فهو عند اللّه جعفر الكذاب المفتري على اللّه والمدّعي لما ليس له بأهل، المخالف على أبيه، والحاسد لأخيه، ذلك الذي يروم كشف ستر اللّه عند غيبة ولي اللّه عز وجلّ...

ثمّ قال: كاني بجعفر الكذاب وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر ولي اللّه، والمغيب في حفظ اللّه، والتوكيل بحرم أبيه جهلاً منه بولادته، وحرصا على قتله إن ظفر به، طمعا في ميراث أبيه حتى يأخذه بغير حقّه... » (١) .

وحينما ولد جعفر فرح أهل الدار بولادته، ولم يروا أثرا للسرور على أبي الحسن عليه‌السلام ، روى الشيخ الصدوق بالاسناد عن صالح بن محمد بن عبد الله، عن أمه فاطمة بنت محمد بن الهيثم، قالت: كنت في دار أبي الحسن علي بن محمد العسكري عليه‌السلام في الوقت الذي ولد فيه جعفر، فرأيت أهل الدار قد سروا به، فصرت إلى أبي الحسن عليه‌السلام ، فلم أره مسروراً بذلك. فقلت له: يا سيدي، ما لي

__________________

(١) علل الشرائع / الشيخ الصدوق ١: ٢٣٤ / ١ - المطبعة الحيدرية - النجف - ١٣٨٥ هـ، إكمال الدين: ٣١٩ / ٢ باب ٣١.

١٣٥

أراك غير مسرور بهذا المولود؟ فقال عليه‌السلام : « هون عليك أمره، فإنّه سيضلّ خلقا كثيرا » (١) .

وقد تحقق ما قاله أهل البيت عليهم‌السلام عن فتنته وضلالته، حيث كانت له بعد شهادة أخيه الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام ثلاثة أدوار سيئة:

١ - الايعاز إلى الدولة باحتمال وجود الإمام المهدي عليه‌السلام ، فبدأت سلسلة من المطاردات والاعتقالات لعيال الإمام عليه‌السلام ، ولم يتمكنوا من العثور على الإمام المهدي عليه‌السلام ، وبذلك يكون جعفر قد كشف ما أوجب اللّه تعالى ستره وكتمانه.

وقد أجمل الشيخ المفيد رحمه‌الله جملة هذه الأدوار المشينة وغيرها التي قام بها جعفر الكذاب بعد شهادة أخيه الحسن عليه‌السلام بقوله: « تولّى جعفر بن علي أخو أبي محمد عليه‌السلام أخذ تركته، وسعى في حبس جواري أبي محمد عليه‌السلام واعتقال حلائله، وشنّع على أصحابه بانتظارهم ولده وقطعهم بوجوده والقول بامامته، وأغرى بالقوم حتى أخافهم وشرّدهم، وجرى على مخلّفي أبي محمد عليه‌السلام بسبب ذلك كلّ عظيمة، من اعتقال وحبس وتهديد وتصغير واستخفاف وذلّ، ولم يظفر السلطان منهم بطائل.

وحاز جعفر ظاهر تركة أخيه أبي محمد عليه‌السلام ، واجتهد في القيام عند الشيعة مقامه، فلم يقبل أحد منهم ذلك، ولا اعتقده فيه، فصار إلى سلطان الوقت يلتمس مرتبة أخيه، وبذل مالاً جليلاً، وتقرّب بكلّ ما ظنّ أنه يتقرّب به، فلم

__________________

(١) إكمال الدين: ٣٢١ / آخر الحديث ٢ باب ٣١، الغيبة / الشيخ الطوسي: ٢٢٦ / ١٩٣.

١٣٦

ينتفع بشيءٍ من ذلك » (١) .

٢ - ادعاء الإمامة بعد أخيه الحسن عليه‌السلام كذبا وزورا، فأضلّ خلقا كثيرا، فخرجت عن الإمام المهدي عليه‌السلام عدّة تواقيع تنبّه الشيعة على بطلان ادعائه وكذبه وعصيانه وظلمه، وجهله بالأحكام وتركه الواجبات، منها على يد أحمد ابن إسحاق الأشعري، وعلى يد محمد بن عثمان العمري (٢)، فجفته الشيعة بعد أن بان كذبه وافتراؤه، ممّا اضطره إلى التوسل برجال الدولة ومنهم الوزير عبيداللّه ابن يحيى بن خاقان في أن يجعلوا له مرتبة أخيه فزبره بالقول: يا أحمق، السلطان جرّد سيفه في الذين زعموا أن أباك وأخاك أئمة ليردّهم عن ذلك فلم يتهيأ له ذلك، فإن كنت عند شيعة أبيك وأخيك إماما فلا حاجة لك إلى السلطان ليرتّبك مراتبهم ولا غير السلطان، وإن لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بنا... (٣) .

وحمل جعفر عشرين ألف دينار إلى المعتمد، طالبا منه أن يجعل له مرتبة أخيه ومنزلته. فأجابه بنحو جواب ابن خاقان (٤) .

٣ - ادعاؤه استحاق التركة وبالتالي حيازته إياها مناصفة مع اُم

__________________

(١) الارشاد ٢: ٣٣٦ - ٣٣٧، ونحوه في المناقب لابن شهرآشوب ٤: ٤٥٥، إعلام الورى ٢: ١٥١ - ١٥٢، الفصول المهمة ٢: ١٠٩٣.

(٢) راجع: إكمال الدين: ٤٨٣ / ٤ - باب ٤٥، الغيبة / للشيخ الطوسي: ٢٩٠ / ٢٤٧.

(٣) اُصول الكافي ١: ٥٠٥ / ١ باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليه‌السلام من كتاب الحجة، الإرشاد ٢: ٣٢٤.

(٤) إكمال الدين: ٤٧٩، الخرائج والجرائح ٣: ١١٠٩.

١٣٧

العسكري عليه‌السلام بإذن من السلطات الحاكمة.

اخوته:

للامام الهادي عليه‌السلام أخ واحد هو موسى المبرقع، وقيل اثنان: موسى والحسن. وله من الأخوات ست: زينب، وأم محمد، وميمونة، وخديجة، وحكيمة، وأم كلثوم.

وقيل خمس: فاطمة، وأمامة، وحكيمة، وخديجة، وأم كلثوم.

وقيل أربع: حكيمة، وبريهة، وأُمامة، وفاطمة.

وقيل ثلاث: زينب، وأم محمد، وميمونة. وقيل: خديجة، وحكيمة، وأم كلثوم.

وقيل اثنان: فاطمة، وأُمامة (١) .

موسى المبرقع:

ولد موسى المبرقع ونشأ في المدينة مع أبيه الجواد عليه‌السلام ، وبعد شهادة أبيه انتقل إلى الكوفة فتوطن فيها مدة، ثم هاجر إلى قم، فوردها سنة ٢٥٦ هـ فتوطن فيها، وكان من أهل الحديث والدراية، وإليه ينتهي نسب السادة الرضويين، توفي في ربيع الآخر سنة ٢٩٦ هـ ودفن في بيته.

قال أبو علي الحسين بن محمد بن نصر بن سالم: إن أول من ورد قماً من السادات الرضوية هو موسى بن الامام محمد الجواد عليه‌السلام ، جاء إليها من الكوفة،

__________________

(١) الإرشاد ٢: ٢٩٥، دلائل الامامة: ٣٩٧، مناقب ابن شهر آشوب ٤: ٣٨٠، إعلام الورى ٢: ١٠٦، تاج المواليد: ١٣٠، تذكرة الخواص: ٣٥٩، الفصول المهمة ٢: ١٠٨٠، عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب: ١٩٩.

١٣٨

ثم أخرجه أهلها لأمور صدرت منه، فذهب إلى كاشان، فأكرمه أحمد ابن عبد العزيز بن أبي دلف العجلي، وخلع عليه، وقرر له في كل سنة ألف دينار، فلما ورد الحسين بن علي بن آدم وشخص آخر من الكوفة إلى قم وبّخا أهلها على إخراجه، فأرسلوا وراءه وأرجعوه إلى قم مكرماً، ثم قصد عبد العزيز ابن أبي دلف فأكرمه، وعين له وظيفة سنوية، ثم طلب أخواته: زينب وأم محمد وميمونة بنات الامام محمد بن علي الجواد عليه‌السلام من الكوفة إلى قم، فأقمن عنده حتى توفين في قم، ودفن بقرب قبر السيدة فاطمة بنت موسى بن جعفر عليهم‌السلام ، وأقام موسى المبرقع في قم حتى توفى بها، فصلى عليه أميرها عباس بن عمرو الغنوي.

وكان موسى يلقي على وجهه برقعاً، ولذلك قيل له المبرقع لجمال وجهه الباهر، ولعل ذلك هو السبب في إخراجه من قم، لأنّ أهلها لم يعرفوه، فكانوا في شك وريبة من أمره، لكن عندما عرفوه أكرموه، وقبره اليوم معروف يزوره الكثيرون، ولموسى المبرقع ولدان: محمد وأحمد، واختلف النسابون في بقاء عقب لمحمد، فاختار الدينوري أن بني الخشاب من أولاد محمد، وأكثر النسابين على خلافه، أي إنه لا عقب له، وأما بقية ذرية الامام محمد الجواد عليه‌السلام فهم جميعاً بإجماع النسابين من أحمد بن موسى المبرقع (١) .

السيدة حكيمة:

وكانت جليلة القدر، عالية الشأن، أوكل إليها أخوها الإمام الهادي عليه‌السلام جاريته نرجس كي تعلمها معالم الدين وأحكام الشريعة وتؤدّبها بالآداب

__________________

(١) أعيان الشيعة ١٠: ١٩٤.

١٣٩

الإلهية. ثم ان الإمام الهادي عليه‌السلام زوج نرجس من ولده الإمام العسكري عليه‌السلام فكانت أم الإمام المهدي المنتظر لاقامة دولة الحق عليه‌السلام ، وقامت حكيمة بمهمّة القابلة لاُمّه ليلة ولادته، واضطلعت بدور مهم بعد شهادة أخيها الحسن العسكري عليه‌السلام حيث كانت تستلم الكتب والرسائل وتوصلها إلى الإمام عليه‌السلام ، ثم تستلم منه الأجوبة والتوقيعات وتوصلها إلى شيعته.

توفيت السيدة حكيمة في مدينة سامراء، ودفنت عند رجلي الإمامين العسكريين عليهما‌السلام ، وقبرها مشهور مزور (١) .

* * *

__________________

(١) أصول الكافي١: ٣٣٠ / ٣، اكمال الدين ٢: ٤٢٤ و ٤٣٣، الإرشاد ٢: ٣٥١، الغيبة / الشيخ الطوسي: ٢٣٤ / ٢٠٤، بحار الأنوار ١٠٢: ٧٩.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274