الإمام علي الهادي عليه السلام سيرة وتاريخ

الإمام علي الهادي عليه السلام سيرة وتاريخ21%

الإمام علي الهادي عليه السلام سيرة وتاريخ مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
تصنيف: الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام
الصفحات: 274

الإمام علي الهادي عليه السلام سيرة وتاريخ
  • البداية
  • السابق
  • 274 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 136869 / تحميل: 6072
الحجم الحجم الحجم
الإمام علي الهادي عليه السلام سيرة وتاريخ

الإمام علي الهادي عليه السلام سيرة وتاريخ

مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

الخلَّالي ، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن زيد البجلي ، حدَّثنا أبو كُرَيب. حدَّثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن سعيد بن جُبَيْر ، عن ابن عباس قال :

كان رسول الله ـصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ لا يعرف ختم السورة حتى ينزل عليه( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) .

١٧ ـ أخبرنا عبد القاهر بن طاهر البغدادي ، أخبرنا محمد بن جعفر بن مطر ، أخبرنا إبراهيم بن علي الذُّهلي ، حدثنا يحيى بن يحيى ، أخبرنا عمرو بن الحجاج العبدي ، عن عبد الله بن أبي حسين ، ذكر عن عبد الله بن مسعود قال :

كنا لا نعلم فصل ما بين السورتين حتى تنزل( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) .

١٨ ـ أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن جعفر ، أخبرنا جدي ، أخبرنا أبو عمرو أحمد بن محمد الْحَرشِيّ ، حدَّثنا محمد بن يحيى ، حدَّثنا محمد بن عيسى بن أبي فُدَيْك ، عن عبد الله بن نافع ، عن أبيه ، عن ابن عمر قال :

نزلت( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) في كل سورة.

[٤]

القول في سورة الفاتحة

اختلفوا فيها : فعند الأكثرين : هي مكية من أوائل ما نزل من القرآن.

١٩ ـ أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد بن أحمد الزاهد ، أخبرنا جدي ،

__________________

وأخرجه البزار (٢١٨٧ كشف) وقال الهيثمي في المجمع (٦ / ٣١٠) : رواه البزار بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح.

وعزاه السيوطي في الدر (١ / ٧) لأبي داود والبزار والطبراني والحاكم والبيهقي في الدلائل.

[١٧] في إسناده مجهول حيث إنه قال : ذُكر عن عبد الله بن مسعود.

وعزاه السيوطي في الدر (١ / ٧) للواحدي والبيهقي في شعب الإيمان.

[١٨] إسناده ضعيف : عبد الله بن نافع ضعيف ، تقريب [١ / ٤٥٦] مجروحين [٢ / ٢٠] ـ التاريخ الكبير [٥ / ٢١٤] ـ ميزان [٢ / ٥١٣].

[١٩] مرسل. وعزاه السيوطي في الدر (١ / ٢) لابن أبي شيبة وأبي نعيم والبيهقي في الدلائل والواحدي والثعلبي.

٢١

أخبرنا أبو عمرو الحِيرِي ، حدَّثنا إبراهيم بن الحارث وعلي بن سهل بن المغيرة قالا : حدَّثنا يحيى بن [أبي] بكير ، حدَّثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي مَيْسَرَة :

أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم كان إذا برز سمع منادياً يناديه : يا محمد ، فإذا سمع الصوت انطلق هارباً ، فقال له ورقة بن نوفل : إذا سمعت النداء فاثبت حتى تسمع ما يقول لك. قال : فلما برز سمع النداء : يا محمد ، فقال : لبيك ، قال : قل : أشهد أن لا إله إلَّا الله أشهد وأن محمداً رسول الله ، ثم قال : قل :( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) حتى فرع من فاتحة الكتاب.

وهذا قول علي بن أبي طالب.

٢٠ ـ أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد المفسر ، أخبرنا الحسن بن جعفر المفسر ، قال : أخبرنا أبو الحسن بن محمد بن محمود المَرْوَزِيّ ، حدَّثنا عبد الله بن محمود السعدي ، حدَّثنا أبو يحيى القَصْرِي ، حدَّثنا مروان بن معاوية ، عن العلاء بن المسيب ، عن الفضيل بن عمرو ، عن علي بن أبي طالب قال :

نزلت فاتحة الكتاب بمكة من كنز تحت العرش.

٢١ ـ وبهذا الإسناد عن السعدي : حدَّثنا عمرو بن صالح ، حدثنا أبي ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس قال :

قام النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم بمكة فقال : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين. فقالت قريش : دَقَّ الله فاك أو نحو هذا ، قاله الحسن وقتادة.

وعند مجاهد : أن الفاتحة مدنية. قال الحسين بن الفضل : لكل عالم هفوة ،

__________________

وهو عند ابن أبي شيبة (١٤ / ٢٩٢) ولم أهتد إليه في دلائل البيهقي.

[٢٠] في إسناده انقطاع : الفضيل بن عمرو لم يسمع من علي والحديث أخرجه الديلمي في الفردوس بمأثور الخطاب رقم (٦٨١٦) من طريق فضيل بن عمرو ، وفي كنز العمال (٢٥٢١) وعزاه للديلمي.

وعزاه في الدر (١ / ٥) لإسحاق بن راهويه عن علي مرفوعاً.

[٢١] إسناده ضعيف : في إسناده الكلبي ، وقد مرت ترجمته في رقم (١٠)

٢٢

وهذه بادرة من مجاهد ، لأنه تفرد بهذا القول ، والعلماء على خلافه. ومما يقطع به على أنها مكية قوله تعالى :( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) يعني الفاتحة.

٢٢ ـ أخبرنا محمد بن عبد الرحمن النحوي ، أخبرنا محمد بن أحمد بن علي الحيري ، أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى ، حدَّثنا يحيى بن أيوب ، حدَّثنا إسماعيل بن جعفر ، أخبرني العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال :

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقرأ عليه أبيّ بن كعب أُمَّ القرآن فقال : والذي نفسي بيده ، ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في القرآن مثلَها ، إنها لَهِيَ السبعُ المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته.

وسورة «الحجر» مكية بلا اختلاف ، ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة ثم ينزلها بالمدينة. ولا يسعنا القول : بِأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب. هذا مما لا تقبله العقول.

__________________

[٢٢] أخرجه الترمذي في التفسير (٣١٢٥) والحاكم في المستدرك (٢ / ٢٥٨) وصححه ووافقه الذهبي على شرط مسلم.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (٥ / ١١٤) من طريق عبد الحميد بن جعفر به.

٢٣

سورة البقرة

مدنية بلا خلاف.

٢٣ ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم ، أخبرنا عبد الله بن حامد ، أخبرنا أحمد بن محمد بن يوسف ، حدَّثنا يعقوب بن سفيان الصغير ، حدَّثنا يعقوب بن سفيان الكبير ، حدَّثنا هشام بن عمار ، حدَّثنا الوليد بن مسلم ، حدَّثنا شعيب بن زُرَيق ، عن عطاء الخراساني ، عن عكرمة قال :

أول سورة أنزلت بالمدينة سورة البقرة.

[٥]

قوله تعالى :( الم* ذلِكَ الْكِتابُ ) . [١ ، ٢].

٢٤ ـ أخبرنا أبو عثمان [الثقفي] الزَّعفراني ، أخبرنا أبو عمرو بن مطر ، أخبرنا جعفر بن محمد بن الليث ، حدَّثنا أبو حذيفة ، حدَّثنا شِبْل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال :

__________________

[٢٣] مرسل.

وعزاه السيوطي في الدر (١ / ١٧) لأبي داود في الناسخ والمنسوخ.

[٢٤] الأربع آيات التي نزلت في المؤمنين هي من أول السورة حتى قوله تعالى( وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) في قراءة من لم يعتبر( الم ) آية.

والآيتان بعدها في الكافرين ، والثلاثة عشر آية التي بعدها حتى قوله تعالى ( إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) نزلت في المنافقين.

٢٤

أربع آيات من أول هذه السورة نزلت في المؤمنين ، وآيتان بعدها نزلتا في الكافرين ، وثلاث عشرة بعدها نزلت في المنافقين.

[٦]

قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ ) . [٦].

٢٥ ـ قال الضحاك : نزلت في أبي جهل وخمسة من أهل بيته. وقال الكلبي : يعني اليهود.

[٧] قوله تعالى :( وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا ) . [١٤].

٢٦ ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم ، أخبرنا شيبة بن محمد ، حدَّثنا علي بن محمد بن قرة ، حدَّثنا أحمد بن محمد بن نصر ، حدَّثنا يوسف بن بلال ، حدَّثنا محمد بن مروان عن الكلبي ، عن صالح ، عن ابن عباس :

نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبيّ وأصحابه ، وذلك : أنهم خرجوا ذات يوم فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال عبد الله بن أبي : انظروا كيف أرد هؤلاء السفهاء عنكم ، فذهب فأخذ بيد أبي بكر الصديقرضي‌الله‌عنه فقال : مرحباً بالصِّديق سيد بني تيم ، وشيخ الإسلام ، وثاني رسول الله في الغار ، الباذل نفسه وماله. ثم أخذ بيد عمررضي‌الله‌عنه فقال : مرحباً بسيد بني عَدِيّ بن كعب ، الفاروق القوي في دين الله ، الباذل نفسه وماله لرسول الله. ثم أخذ بيد علي كرم الله وجهه فقال : مرحباً بابن عم رسول الله وخَتِنَه ، سيد بني هاشم ما خلا رسول الله. ثم افترقوا. فقال عبد الله لأصحابه : كيف رأيتموني فعلت؟ فإذا رأيتموهم فافعلوا كما فعلت فأثْنَوْا عليه خيراً. فرجع المسلمون إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأخبروه بذلك. فأنزل الله هذه الآية.

__________________

[٢٥] أثر الضحاك مرسل ، والكلبي ضعيف.

[٢٦] إسناده واه جداً : محمد بن مروان بن السائب عن الكلبي عن أبي صالح ، أطلق العلماء على هذا الإسناد : سلسلة الكذب أ. ه.

والأثر ذكره السيوطي في الدر (١ / ٣١) وعزاه للواحدي والثعلبي بسند واه.

٢٥

[٨]

قوله :( يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ) . [٢١].

٢٧ ـ [أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد الزاهد ، أخبرنا أبو علي بن أحمد الفقيه ، أخبرنا أبو تراب القُهُسْتَاني ، حدَّثنا عبد الرحمن بن بشر ، حدَّثنا رَوْح ، حدَّثنا شعبة ، عن سفيان الثّوري ، عن الأعمش ، عن إبراهيم] ، [عن علقمة قال :

كلّ شيء نزل فيه يا أيها الناس ، فهو مكي ، ويا أيها الذين آمنوا ، فهو مدني.

يعني أن يا أيها الناس خطاب أهل مكة ، ويا أيها الذين آمنوا خطاب أهل المدينة. فقوله :( يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ) خطاب لمشركي مكة إلى قوله :( وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا ) . وهذه الآية نازلة في المؤمنين ، وذلك : أن الله تعالى لمَّا ذكر جزاء الكافرين بقوله :( النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ ) ذكر جزاء المؤمنين].

[٩]

قوله تعالى : / بقره ٢٦( إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ) . [٢٦].

٢٨ ـ قال ابن عباس في رواية أبي صالح] : لما ضرب الله تعالى هذين المثلين للمنافقين ، يعني قوله :( مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً ) وقوله :( أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ ) ـ قالوا : الله أجل وأعلى من أن يضرب الأمثال. فأنزل الله هذه الآية.]

٢٩ ـ وقال الحسن وقتادة : لما ذكر الله الذباب والعنكبوت في كتابه ، وضرب

__________________

[٢٧] عزاه في الدر (١ / ٣٣) لأبي عبيد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن الضريس وابن المنذر وأبي الشيخ.

[٢٨] أبو صالح لم يسمع ابن عباس فهو منقطع.

وأخرجه ابن جرير (١ / ١٣٨)

[٢٩] مرسل.

٢٦

للمشركين [به] المثل ـ ضحكت اليهود وقالوا : ما يشبه هذا كلام الله ، فأنزل الله هذه الآية.]

٣٠ ـ أخبرنا أحمد بن عبد الله بن إسحاق الحافظ في كتابه ، أخبرنا سليمان بن أيوب الطبراني ، حدَّثنا بكر بن سهل ، حدَّثنا عبد العزيز بن سعيد ، عن موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريج ، عن عطاء ،] [بقره ٢٦ عن ابن عباس في قوله تعالى :( إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ) قال :

وذلك أن الله ذكر آلهة المشركين فقال( وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً ) وذكر كيد الآلهة فجعله كبيت العنكبوت ، فقالوا : أرأيت حيث ذكر الله الذباب والعنكبوت فيما أنزل من القرآن على محمد ، أيّ شيء يصنع بهذا؟ فأنزل الله هذه الآية.

[١٠]

قوله تعالى : / بقره ٤٤( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ ) . [٤٤]

٣١ ـ [قال ابن عباس في رواية الكلبي ، عن أبي صالح بالإسناد الذي ذكر :] نزلت في يهود [أهل] المدينة ، كان الرجل منهم يقول لصهره ولذوي قرابته ولمن بينهم وبينه رضاع من المسلمين : اثبت على الدين الذي أنت عليه ، وما يأمرك به هذا الرجل ـ يعنون محمداًصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فإنَّ أمره حق. فكانوا يأمرون الناس بذلك ولا يفعلونه.]

[١١]

قوله تعالى :( وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ ) . [٤٥].

عند أكثر أهل العلم : أن هذه الآية خطاب لأهل الكتاب ، وهو مع ذلك أدب لجميع العباد. وقال بعضهم : رجع بهذا الخطاب إلى خطاب المسلمين. والقول الأول أظهر.

__________________

[٣٠] إسناده ضعيف : في إسناده ابن جريح وهو مدلس وقد عنعنه.

وعزاه السيوطي في الدر (١ / ٤١) لعبد الغني في تفسيره والواحدي.

[٣١] إسناده ضعيف لضعف الكلبي.

٢٧

[١٢]

قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا ) الآية. [٦٢].

٣٢ ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر الحافظ ، حدَّثنا أبو يحيى الرازي ، حدَّثنا سهل بن عثمان العسكري ، حدَّثنا يحيى بن أبي زائدة قال : قال ابن جريج ، عن عبد الله بن كثير عن مجاهد قال :

لما قص سَلْمَان على النبي ،صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قصة أصحاب الدير ، قال : هم في النار. قال سلمان : فأظلمت عليّ الأرض ، فنزلت :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا ) إلى قوله :( وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) قال : فكأنما كشف عني جبل.

٣٣ ـ أخبرني محمد بن عبد العزيز المَرْوَزِيّ ، أخبرنا محمد بن الحسين الحدّادي ، أخبرنا أبو يزيد ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا عمرو ، عن أسباط عن السُّدِّي :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا ) الآية ، قال : نزلت في أصحاب سلمان الفارسي لما قدم سلمان على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، جعل يخبر عن عبادتهم واجتهادهم ، وقال : يا رسول الله. كانوا يصلون ويصومون ، ويؤمنون بك ، ويشهدون أنك تبعث نبيِّاً. فلما فرغ سلمان من ثنائه عليهم قال رسول الله ـصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : يا سلمان هم من أهل النار ، فأنزل الله :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا ) وتلا إلى قوله :( وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) .

٣٤ ـ أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر ، أخبرنا محمد بن

__________________

[٣٢] مرسل. وأخرجه ابن جرير (١ / ٢٥٦) من طريق ابن جريح عن مجاهد.

وعزاه في الدر (١ / ٧٤) لابن جرير عن مجاهد.

وأخرج الحاكم في المستدرك (٣ / ٥٩٩ ـ ٦٠٢) وصححه ووافقه الذهبي من حديث سلمان وجاء فيه «فأنزل الله على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ( ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ) ....».

انظر قصة إسلام سلمان الفارسي : مسند أحمد (٥ / ٤٤١ ـ ٤٤٤).

حلية الأولياء ١ / ١٩٠ ـ ١٩٥ ، الطبقات الكبرى لابن سعد ٤ / ٥٣ ـ ٥٤.

[٣٣] مرسل. وأخرجه ابن جرير (١ / ٢٥٤) من طريق عمرو عن السدي.

وعزاه في الدر (١ / ٧٣) لابن جرير وابن أبي حاتم.

وقد ثبت في الأثر السابق أن الآية التي نزلت ( ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً ) .

[٣٤] انظر رقم (٣٢) ، (٣٣) ـ وأبو صالح لم يسمع من ابن عباس.

٢٨

عبد الله بن زكرياء ، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدّغولي ، أخبرنا أبو بكر بن أبي خيثمة ، حدثنا عمرو بن حماد ، حدثنا أسباط ، عن السدي ، عن أبي مالك ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مُرَّة ، عن ابن مسعود] ،وعن ناس من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم :

( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا ) الآية ، نزلت هذه الآية في سلمان الفارسي.

وكان من أهل جُنْدَيْسَابُور من أشرافهم ، وما بعد هذه الآية نازلة في اليهود.

[١٣]

قوله تعالى :( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ ) الآية. [٧٩].

نزلت في الذين غيروا صفة النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وبدلوا نعته.

٣٥ ـ بقره ٧٩ قال الكلبي بالإسناد الذي ذكرنا : إنهم غيّروا صفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، في كتابهم ، وجعلوه آدَمَ سَبْطاً طويلاً ، وكان رَبْعَةً أسمرصلى‌الله‌عليه‌وسلم . وقالوا لأصحابهم وأتباعهم : انظروا إلى صفة النبي الذي يُبعث في آخر الزمان ، ليس يشبه نعت هذا. وكانت للأحبار والعلماء مَأكَلة من سائر اليهود ، فخافوا أن تذهب مأكلتهم إن بَيَّنُوا الصفةَ ، فمِنْ ثَمَّ غيّروا.

[١٤]

قوله تعالى :( وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً ) . [٨٠].

٣٦ ـ أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم الصوفي ، أخبرنا أبو الحسين

__________________

[٣٥] في إسناده الكلبي ـ وذكر السيوطي في الدر (١ / ٨٢) عن ابن عباس في قوله( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ) قال : نزلت في أهل الكتاب ، وعزاه لوكيع وابن المنذر والنسائي.

[٣٦] في إسناده محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت : قال الحافظ في تهذيب التهذيب : ذكره ابن حبان في الثقات. وقال الذهبي : لا يعرف.

وقد أخرجه من نفس الطريق ابن جرير (١ / ٣٠٣)

٢٩

[محمد بن أحمد بن حامد] العطار ، أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار ، أخبرنا أبو القاسم ، عبد الله بن سعد الزهري ، حدَّثنا أبي وعمّي قالا : حدَّثنا أبي عن ابن إسحاق ، حدَّثنا محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة ،] [بقره ٨٠ عن ابن عباس ، قال :

قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، المدينة ، واليهود تقول : إنما هذه الدنيا سبعة آلاف سنة ، وإنما يعذَّب الناس في النار لكل ألف سنة من أيام الدنيا يوماً واحداً في النار ، من أيام الآخرة ، وإنما هي سبعة أيام ثم ينقطع العذاب ، فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم :( وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً ) .

(٣٦) م ـ أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد التَّمِيمي ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن حيّان ، حدَّثنا محمد بن عبد الرحمن الرازيّ ، حدَّثنا سهل بن عثمان ، حدَّثنا مروان بن معاوية حدَّثنا جُويبر ، عن الضحاك] عن ابن عباس : في قوله :( وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً ) قال] :

وجد أهل الكتاب ما بين طرفي جهنم مسيرة أربعين [عاماً] فقالوا : لن نعذب في النار إلا ما وجدنا في التوراة. فإذا كان يوم القيامة اقتحموا في النار. فساروا في العذاب حتى انتهوا إلى سقر ، وفيها شجرة الزقوم ، إلى آخر يوم من الأيام المعدودة ، قال : فقال لهم خزنة [أهل] النار : يا أعداء الله ، زعمتم أنكم لن تعذبوا في النار إلَّا أياماً معدودة ، فقد انقضى العدد ، وبقي الأبد.

[١٥]

قوله تعالى :( أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ ) الآية(١) . [٧٥].

__________________

وعزاه السيوطي في الدر (١ / ٨٤) لابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والواحدي.

[٣٦] م في إسناده انقطاع : الضحاك لم يسمع من ابن عباس.

وأخرجه ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس (١ / ٣٠٢) والعوفي هو عطية بن سعد وهو ضعيف.

وعزاه في الدر (١ / ٨٤) لابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر والواحدي.

[١] هكذا بالأصل وهي في غير ترتيبها.

٣٠

٣٧ ـ [بقره ٨٠ قال ابن عباس ومقاتل : نزلت في السبعين الذين اختارهم موسى ليذهبوا معه إلى الله تعالى ، فلما ذهبوا معه [إلى الميقات] وسمعوا كلام الله تعالى وهو يأمره وينهاه رجعوا إلى قومهم. فأما الصادقون فأدَّوْا كما سمعوا. وقالت طائفة منهم : سمعنا الله في آخر كلامه يقول : إن استطعتم أن تفعلوا هذه الأشياء فافعلوا ، وإن شئتم فلا تفعلوا ولا بأس.

وعند أكثر المفسرين : نزلت الآية في الذين غيروا آية الرجم وصفة محمدصلى‌الله‌عليه‌وسلم .

[١٦]

قوله تعالى :( وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا ) . [٨٩].

٣٨ ـ قال ابن عباس : كان يهود خيبر تقاتل غطفان ، فكلما التقوا هزمت يهود خيبر ، فعاذت اليهود بهذا الدعاء ، وقالت : اللهم إنا نسألك بحق النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلَّا نصرتنا عليهم. قال : فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء ، فهزَموا غطفان. فلما بعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم كفروا به ، فأنزل الله تعالى :( وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا ) أي بك يا محمد ، إلى قوله :( فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ )

٣٨ م ـ وقال السدي : كانت العرب تمر بيهود فَيَلْقَوْن منهم أذى ، وكانت اليهود تجد نعت محمد في التوراة [ويسألون الله] أن يبعثه ، فيقاتلون معه العرب. فلما جاءهم محمدصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كفروا به حسداً ، وقالوا : إنما كانت الرسل من بني إسرائيل ، فما بال هذا من بني إسماعيل؟!.

__________________

[٣٧] بدون سند.

[٣٨١] بدون إسناد. وعزاه السيوطي في (لباب النقول في أسباب النزول) ص ١٥ وفي الدر (١ / ٨٨) للحاكم والبيهقي في الدلائل.

وقد أخرجه الحاكم (٢ / ٢٦٣) من طريق عبد الملك بن هارون. وقال الحاكم : أدت الضرورة إلى إخراجه في التفسير. وتعقبه الذهبي بقوله : لا ضرورة في ذلك فعبد الملك متروك هالك.

قلت : عبد الملك بن هارون له ترجمة في المجروحين (٢ / ١٣٣) وقال ابن حبان : كان ممن يضع الحديث.

[٣٨] م مرسل. وقد أخرجه ابن جرير عن السدي (١ / ٣٢٦)

٣١

[١٧]

قوله تعالى :( قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ ) الآية. [٩٧].

٣٩ ـ أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد الزاهد ، أخبرنا الحسن بن أحمد الشيباني ، أخبرنا المؤمل بن الحسن [بن عيسى] ، حدَّثنا محمد بن إسماعيل بن سالم ، حدَّثنا أبو نعيم ، حدَّثنا عبد الله بن الوليد ، عن بُكَيْر ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال :

أقبلت اليهود إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالوا : يا أبا القاسم نسألك عن أشياء فإن أجبتنا فيها اتبعناك ، أخبرنا من الذي يأتيك من الملائكة؟ فإنه ليس [من] نبي إلَّا يأتيه ملك من عند ربهعزوجل بالرسالة وبالوحي ، فمن صاحبك؟ قال : جبريل ، قالوا : ذاك الذي ينزل بالحرب وبالقتال ، ذاك عدونا ، لو قلت : ميكائيل الذي ينزل بالقطر والرحمة تابعناك. فأنزل الله تعالى :( قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ ) إلى قوله :( فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ ) .

[١٨]

قوله تعالى :( مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ ) الآية. [٩٨].

٤٠ ـ أخبرنا أبو بكر الأصفهاني ، أخبرنا أبو الشيخ الحافظ ، حدَّثنا أبو يحيى

__________________

[٣٩] إسناده حسن : أخرجه النسائي في عشرة النساء (١٩٠) والترمذي في التفسير (٣١١٧) وقال : حسن غريب.

وأخرجه ابن جرير في تفسيره (١ / ٣٤٢) من طريق عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن ابن عباس.

وعند النسائي وابن جرير : فأنزل الله ( مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ ) وسياق المصنف مختصر جداً.

وأخرجه أحمد في مسنده (١ / ٢٧٤) من طريق عبد الله بن الوليد به.

والبيهقي في الدلائل (٦ / ٢٦٦).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (١ / ٨٩) للطيالسي والفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني وأبي نعيم في الدلائل.

[٤٠] إسناده فيه انقطاع : الشعبي لم يدرك عمر.

ذكره السيوطي في لباب النقول (ص ١٧) وعزاه لإسحاق بن راهويه وابن جرير (٢ / ٣٤٣) وقال :

إسناده صحيح إلى الشعبي ولكنه لم يدرك عمر.

٣٢

الرازي ، حدَّثنا سهل بن عثمان ، حدَّثنا علي بن مُسْهِر ، عن داود ، عن الشعبي ، قال :

قال عمر بن الخطابرضي‌الله‌عنه : كنت آتي اليهود عند دراستهم التوراة ، فَأَعْجَبُ من موافقة القرآن التوراة ، وموافقة التوراة القرآن. فقالوا : يا عمر ما أحدٌ أحبَّ إلينا منك ، قلت : ولم؟ قالوا : لأنك تأتينا وتغشانا ، قلت : إنما أجيء لأعجب من تصديق كتاب الله بعضه بعضاً ، وموافقة التوراة القرآن ، وموافقة القرآن التوراة. فبينا أنا عندهم ذات يوم إذ مرّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، خلف ظهري ، فقالوا : هذا صاحبك فقم إليه. فالتفت إليه فإذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قد دخل خَوْخَة من المدينة ، فأقبلت عليهم فقلت : أنشدكم الله وما أنزل عليكم من كتاب ، أتعلمون أنه رسول الله؟ فقال سيدهم : قد نَشَدَكم باللهِ فأخبروه. فقالوا : أنت سيدنا فأَخْبِرْهُ. فقال سيدهم : إنا نعلم أنه رسول الله ، قال : قلت : فأنت أهلكهم إن كنتم تعلمون أنه رسول الله ، ثم لم تتبعوه. قالوا : إن لنا عدواً من الملائكة ، وسلماً من الملائكة. فقلت : من عدوكم؟ ومن سلمكم؟ قالوا : عدونا جبريل ، وهو ملك الفظاظة والغلظة ، والآصار والتشديد. قلت : ومن سلمكم؟ قال : ميكائيل ، وهو ملك الرأفة واللين والتيسير. قلت : فإني أشهد ما يحل لجبريل أن يعادي سلم ميكائيل ، وما يحل لميكائيل أن يسالم عدو جبريل ، فإنهما جميعاً ومن معهما أعداء لمن عادوا ، وسلم لمن سالموا. ثم قمت فدخلت الخَوْخَة التي دخلها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فاستقبلني فقال : يا ابن الخطاب ، ألا أُقْرِئُكَ آيات أنزلت عليّ قبل؟ قلت : بلى. قال : فقرأ( قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ ) الآية حتى بلغ :( وَما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ ) . قلت : والذي بعثك بالحق نبياً ما جئت إلَّا أخبرك بقول اليهود ، فإذا اللطيف الخبير قد سبقني بالخبر. قال عمر : فقد رأيتني أشدَّ في دين الله من حجر.

٤١ ـ وقال ابن عباس : إن حَبْراً من أحبار اليهود من «فَدَك» يقال له : عبد الله

__________________

وأخرجه ابن أبي شيبة (١٤ / ٢٨٥).

وعزاه السيوطي في الدر (١ / ٩٠) لابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه وابن جرير وابن أبي حاتم.

[٤١] بدون إسناد.

٣٣

ابن صُوْرِيا ، حاجَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فسأله عن أشياء ، فلما اتجهت الحجة عليه قال : أيّ ملك يأتيك من السماء؟ قال : جبريل ، ولم يبعث الله نبياً إلَّا وهو وليّه. قال : ذاك عدونا من الملائكة ، ولو كان ميكائيل [مكانه] لآمنا بك ، إنّ جبريل ينزل بالعذاب والقتال والشدة ، وإنه عادانا مراراً كثيرة ، وكان أشدُّ ذلك علينا أن الله أنزل على نبينا : أن بيت المقدس سيخرب على يدي رجل يقال له : بُخْتُنَّصْر ، وأخبرنا بالحين الذي يخرب فيه ، فلما كان وقته بَعَثْنا رجلاً من أقوياء بني إسرائيل في طلب بخْتُنَصَّر ليقتله ، فانطلق يطلبه حتى لقيه ببابل غلاماً مسكيناً ليست له قوة ، فأخذه صاحبنا ليقتله ، فدفع عنه جبريل ، وقال لصاحبنا : إن كان ربكم الذي أذن في هلاككم فلن تسلط عليه ، وإن لم يكن هذا فعلى أي شيء تقتله؟ فصدّقه صاحبنا ، ورجع إلينا ، وكبر بُخْتُنَصَّرُ وقوي ، وغزانا وخرب بيت المقدس ، فلهذا نتخذه عدواً. فأنزل الله هذه الآية.

٤٢ ـ وقال مقاتل : قالت اليهود : إن جبريل عدونا ، أُمِرَ أن يجعل النبوة فينا ، فجعلها في غيرنا. فأنزل الله هذه الآية.

[١٩]

قوله تعالى :( وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ ) . [٩٩].

٤٣ ـ قال ابن عباس : هذا جواب لابن صُوريا حيث قال لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : يا محمد ما جئتنا بشيء نعرفه ، وما أنزل عليك من آية بينة بها. فأنزل الله هذه الآية.

[٢٠]

قوله تعالى :( وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ ) الآية. [١٠٢].

٤٤ ـ أخبرنا محمد بن عبد العزيز القَنْطَرِي ، أخبرنا أبو الفضل الحدادي ،

__________________

[٤٢] بدون إسناد.

[٤٣] ذكره السيوطي في لباب النقول (ص ١٨) وعزاه في الدر (١ / ٩٤) لابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم. وأخرجه ابن جرير (١ / ٣٥٠)

[٤٤] إسناده صحيح : أخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٢٦٥) وصححه ووافقه الذهبي على شرط مسلم. وأخرجه ابن جرير (١ / ٣٥٧)

٣٤

أخبرنا أبو يزيد الخالدي ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، حدَّثنا جرير ، أخبرنا حُصين بن عبد الرحمن ، عن عمران بن الحارث قال :

بينما نحن عند ابن عباس إذ قال : إن الشياطين كانوا يسترقون السمع من السماء ، فيجيء أحدهم بكلمة حق ، فإذا جُرِّب من أحدهم الصدق كذَب معها سبعين كذبة ، فيشربها قلوبَ الناس. فاطلع على ذلك سليمان فأخذها فدفنها تحت الكرسي ، فلما مات سليمان قام شيطان بالطريق فقال : ألا أدلكم على كنز سليمان الممنع الذي لا كنز له مثله؟ قالوا : نعم ، قال : تحت الكرسي ، فأخرجوه فقالوا : هذا سحر. فتناسخته الأمم ، فأنزل الله تعالى عذر سليمان( وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ )

٤٤ م ـ وقال الكلبي : إن الشياطين كتبوا السحر والنَيْرَنْجِيَّات على لسان آصف : هذا ما علَّم آصفُ بن برخيا سليمانَ الملك ، ثم دفنوها تحت مصلاه حين نزع الله ملكه ، ولم يشعر بذلك سليمان ، فلما مات سليمان استخرجوه من تحت مصلاه ، وقالوا للناس : إنما ملككم سليمان بهذا فتعلموه. فأما علماء بني إسرائيل فقالوا : معاذ الله أن يكون هذا علم سليمان. وأما السفلة فقالوا : هذا علم سليمان ، وأقبلوا على تعلّمه ، ورفضوا كتب أنبيائهم. ففشت الملامة لسليمان ، فلم تزل هذه حالهم حتى بعث الله محمداًصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأنزل الله عذر سليمان على لسانه ، وأظهر براءته مما رمي به ، فقال :( وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ ) الآية.

٤٥ ـ أخبرنا سعيد بن العباس القرشي كتابة : أن الفضل بن زكرياء ، حدثهم عن أحمد بن نجدة ، أخبرنا سعيد بن منصور ، حدَّثنا عتاب بن بشير ، أخبرنا خُصَيف قال :

كان سليمان إذا نبتت الشجرة قال : لأي داء أنت؟ فتقول : لكذا وكذا. فلما

__________________

وعزاه السيوطي في الدر (١ / ٩٥) لسفيان بن عيينة وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم.

[٤٤] م الكلبي ضعيف.

[٤٥] عزاه في الدر (١ / ٩٥) لسعيد بن منصور.

٣٥

نبتت شجرة الخُرْنُوبَة قال : لأي شيء أنت؟ قالت : لمسجدك أخربه قال : تخربينه؟! قالت : نعم ، قال : بئس الشجرة أنت. فلم يلبث أن توفي ، فجعل الناس يقولون في مرضاهم : لو كان [لنا] مثل سليمان. فأخذت الشياطين فكتبوا كتاباً فجعلوه في مصلى سليمان وقالوا : نحن ندلكم على ما كان سليمان يداوي به. فانطلقوا فاستخرجوا ذلك [الكتاب] فإذا فيه سحر ورقى. فأنزل الله تعالى :( وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ ) إلى قوله :( فَلا تَكْفُرْ ) .

٤٦ ـ قال السّدي : إن الناس في زمن سليمان اكتتبوا السحر فاشتغلوا بتعلمه ، فأخذ سليمان تلك الكتب [وجعلها في صندوق] ودفنها تحت كرسيه ، ونهاهم عن ذلك. فلما مات سليمان وذهب [الذين] كانوا يعرفون دفنه الكتب ، تمثل شيطان على صورة إنسان ، فأتى نفراً من بني إسرائيل فقال : هل أدلكم على كنز لا تأكلونه أبداً؟ قالوا : نعم ، قال : فاحفروا تحت الكرسي ، فحفروا فوجدوا تلك الكتب ، فلما أخرجوها قال الشيطان : إن سليمان كان يضبط الجن والإنس والشياطين والطير بهذا. فاتخذ بنو إسرائيل تلك الكتب ، فلذلك أكثر ما يوجد السحر في اليهود. فبرّأ اللهعزوجل سليمان من ذلك ، وأنزل هذه الآية.

[٢١]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا ) الآية. [١٠٤].

٤٧ ـ قال ابن عباس في رواية عطاء : وذلك أن العرب كانوا يتكلمون بها ، فلما سمعتهم اليهود يقولونها للنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أعجبهم ذلك. وكان راعنا في كلام اليهود السب القبيح فقالوا : إنا كنا نسب محمداً سراً ، فالآن أعلنوا السب لمحمد لأنه من كلامهم. فكانوا يأتون نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فيقولون : يا محمد ، راعنا ويضحكون ، ففطن بها رجل من الأنصار ، وهو سعد بن عبادة ، وكان عارفاً بلغة اليهود ، فقال : يا أعداء الله ، عليكم لعنة الله ، والذي نفس محمد بيده ، لئن

__________________

[٤٦] مرسل.

[٤٧] عزاه السيوطي في (لباب النقول) ص ١٩ والدر (١ / ١٠٣) لأبي نعيم في الدلائل من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وقال : هذا السند واه.

٣٦

سمعتها من رجل منكم لأضربنّ عنقه. فقالوا : ألستم تقولونها [له؟] فأنزل الله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا ) الآية.

[٢٢]

قوله تعالى :( ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ) الآية. [١٠٥].

٤٨ ـ قال المفسرون : إن المسلمين كانوا إذا قالوا لحلفائهم من اليهود : آمنوا بمحمد ، قالوا : هذا الذي تدعوننا إليه ليس بخير مما نحن عليه ، ولَوَددنا لو كان خيراً. فأنزل الله تعالى تكذيباً لهم [هذه الآية].

[٢٣]

قوله تعالى :( ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها ) . [١٠٦].

٤٩ ـ قال المفسرون : إن المشركين قالوا : ألا ترون إلى محمد يأمر أصحابه بأمر ثم ينهاهم عنه ويأمرهم بخلافه ، ويقول اليوم قولاً ويرجع عنه غداً؟ ما هذا القرآن إلَّا كلام محمد يقوله من تلقاء نفسه ، وهو كلام يناقض بعضه بعضاً. فأنزل الله تعالى :( وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ ) الآية. وأنزل أيضاً :( ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها ) الآية.

[٢٤]

قوله تعالى :( أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ ) الآية. [١٠٨].

٥٠ ـ قال ابن عباس : نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبي أمية ورهط من قريش ، قالوا : يا محمد اجعل لنا الصفا ذهباً ، ووسع لنا أرض مكة ، وفَجَّر الأنهارَ خلالها تفجيراً ـ نُؤْمِنْ بك. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

وقال المفسرون : إن اليهود وغيرهم من المشركين تمنوا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فمن قائل يقول : ايتنا بكتاب من السماء جملة كما أتى موسى بالتوراة ،

__________________

[٤٨] بدون سند.

[٤٩] بدون سند.

[٥٠] بدون إسناد.

٣٧

ومن قائل يقول ـ وهو عبد الله بن أبي أمية المخزومي ـ : ايتنا بكتاب من السماء فيه : «من رب العالمين إلى ابن أبي أمية ، اعلم أنني قد أرسلت محمداً إلى الناس». ومن قائل يقول : لن نؤمن لك أو تأتي بالله والملائكة قبيلاً. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٢٥]

قوله تعالى :( وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ) الآية. [١٠٩].

٥١ ـ قال ابن عباس : نزلت في نفر من اليهود قالوا للمسلمين بعد وقعة أحد : ألم تروا إلى ما أصابكم؟ ولو كنتم على الحق ما هزمتم ، فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم.

أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن الفضل.

٥٢ ـ أخبرنا أحمد بن محمد [بن الحسن] ، حدَّثنا محمد بن يحيى ، حدَّثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، عن الزهري ، أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ، عن أبيه :

أَن كعب بن الأشرف اليهودي كان شاعراً ، وكان يهجو النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ويحرض عليه كفار قريش في شعره ، وكان المشركون واليهود من [أهل] المدينة حين قدمها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يؤذون النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه أشد الأذى ، فأمر الله تعالى نبيه بالصبر على ذلك والعفو عنهم ، وفيهم أنزلت :( وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ) إلى قوله :( فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا ) .

[٢٦]

قوله تعالى :( وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ ) [١١٣].

__________________

[٥١] بدون إسناد.

[٥٢] أخرجه أبو داود في كتاب الخراج والإمارة (٣٠٠٠).

وعزاه السيوطي في الدر (١ / ١٠٧) لأبي داود وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل.

٣٨

٥٣ ـ نزلت في يهود أهل المدينة ونصارى أهل نجران ، وذلك أن وفد نَجْرَان لما قدموا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أتاهم أحبار اليهود فتناظروا حتى ارتفعت أصواتهم ، فقالت اليهود : ما أنتم على شيء من الدين ، وكفروا بعيسى والإنجيل ، وقالت لهم النصارى : ما أنتم على شيء من الدين ، وكفروا بموسى والتوراة. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٢٧]

قوله تعالى :( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ) الآية. [١١٤].

٥٤ ـ نزلت في طَطُوس الرومي وأصحابه من النصارى ، وذلك أنهم غزوا بني إسرائيل فقتلوا مقاتِلَتَهم ، وسَبَوْا ذراريهم ، وحرّقوا التوراة وخرّبوا بيت المقدس ، وقذفوا فيه الجيف. وهذا [معنى] قول ابن عباس في رواية الكلبي.

٥٥ ـ وقال قتادة [والسُّدّي] : هو بُخْتُنَصَّر وأصحابه ، غزوا اليهود وخربوا بيت المقدس ، وأعانتهم على ذلك النصارى من أهل الروم.

٥٦ ـ وقال ابن عباس في رواية عطاء : نزلت في مشركي أهل مكة ومَنْعِهم المسلمين من ذكر الله تعالى في المسجد الحرام.

[٢٨]

قوله تعالى :( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ) [١١٥].

٥٧ ـ اختلفوا في سبب نزولها.

__________________

[٥٣] عزاه السيوطي في لباب النقول (ص ٢١) لابن أبي حاتم عن ابن عباس وزاد نسبته في الدر (١ / ١٠٨) لابن إسحاق وابن جرير.

[٥٤] الكلبي ضعيف ، وقد مرت ترجمته في رقم (١٠)

[٥٥] مرسل.

[٥٦] بدون إسناد. وعزاه السيوطي في الدر (١ / ١٠٨) لابن إسحاق وابن أبي حاتم عن ابن عباس.

[٥٧] أخرجه الدارقطني (١ / ٢٧١) والبيهقي في السنن (٢ / ١٢) وقال البيهقي : الطريق إلى عبد الملك العرزمي غير واضح لما فيه من الوجادة وغيرها وصحيح عن عبد الملك بن أبي سليمان

٣٩

فأخبرنا أبو منصور المنصوري ، أخبرنا علي بن عمر الحافظ ، حدَّثنا أبو محمد إسماعيل بن علي ، حدَّثنا الحسن بن علي بن شبيب العمري ، حدَّثنا أحمد بن عبيد الله بن الحسن العنبري ، قال : وجدت في كتاب أبي : حدَّثنا عبد الملك العَرْزَمِيّ ، حدَّثنا عطاء بن أبي رَبَاح ، عن جابر بن عبد الله ، قال :

بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، سَرِيَّة كنتُ فيها ، فأصابتنا ظلمة فلم نعرف القبلة ، فقالت طائفة منا : قد عرفنا القبلة ، هي هاهنا قِبَلَ الشمال. فصلّوا وخطّوا خطوطاً. وقال بعضنا : القبلة هاهنا قِبَلَ الجنوب ، [فصلوا] وخطوا خطوطاً. فلما أصبحوا وطلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة. فلما قَفَلْنَا من سفرنا سألنا النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عن ذلك فسكت ، فأنزل الله تعالى :( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) الآية.

٥٨ ـ وأخبرنا أبو منصور ، أخبرنا علي ، حدَّثنا يحيى بن صاعد ، حدَّثنا

__________________

العرزمي عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عمر بن الخطاب أن الآية إنما نزلت في التطوع [حديث ٥٩] أ. ه.

وأخرجه الحاكم (١ / ٢٠٦) والدارقطني (١ / ٢٧١) والبيهقي (٢ / ١٠) من طريق محمد بن سالم أبي سهل وهو ضعيف [تقريب ٢ / ١٦٣].

والحديث عزاه السيوطي في لباب النقول (ص ٢٢) للدارقطني وابن مردويه.

[٥٨] إسناده ضعيف : في إسناده أشعث بن سعيد السمان : قال الحافظ في التقريب : متروك [تقريب ١ / ٧٩] وفي إسناده : عاصم بن عبيد الله قال الحافظ في التقريب : ضعيف [تقريب ١ / ٣٨٤].

وأخرجه الترمذي في الصلاة (٣٤٥) وفي التفسير (٢٩٥٧).

وأخرجه ابن ماجة في الصلاة (١٠٢٠) والدارقطني (١ / ٢٧٢).

والبيهقي في السنن (٢ / ١١) والعقيلي في الضعفاء (١ / ٣١).

وقد حَسَّن إسناده المرحوم أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي. ولكنه استدرك ذلك في تعليقه على نفس الحديث في تفسير الطبري في تفسير هذه الآية حيث قال : وقد ذهبت في شرحي للترمذي رقم ٣٤٥ إلى تحسين إسناده ولكني أستدرك الآن وأرى أنه حديث ضعيف.

وزاد السيوطي نسبته في الدر (١ / ١٠٩) لأبي داود الطيالسي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبي نعيم في الحلية.

وأخرجه ابن جرير (١ / ٤٠١)

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

الفصل الرّابع

إمامته عليه السلام

قال الشيخ المفيد: كان الامام بعد أبي جعفر عليه‌السلام ابنه أبا الحسن علي بن محمد عليهما‌السلام ، لاجتماع خصال الامامة فيه، وتكامل فضله، وأنه لا وارث لمقام أبيه سواه، وثبوت النص عليه بالامامة، والاشارة إليه من أبيه بالخلافة (١) .

وقال المسعودي: لما حضرت الامام الجواد عليه‌السلام الوفاة نص على أبي الحسن وأوصى إليه، وكان سلم المواريث والسلاح إليه بالمدينة، ومضى في سنة عشرين ومئتين من الهجرة في يوم الثلاثاء لخمس خلون من ذي الحجة (٢) .

وفيما يلي نذكر أهم الأدلة الواردة في إمامته عليه‌السلام وكما يلي:

أولاً - نص آبائه عليه عليه‌السلام :

وردت المزيد من النصوص عن النبي والآل المعصومين عليهم‌السلام تصرح بتعيين أوصياء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخلفائه من عترته واحدا بعد واحد باسمائهم وأوصافهم، بشكل يجلو العمى عن البصائر وينفي الشك عن القلوب، وسنذكر هنا ثلاثة أحاديث عن آبائه المعصومين عليهم‌السلام كنموذج على تلك النصوص، ونحيل القارئ

__________________

(١) الإرشاد ٢: ٢٩٧.

(٢) اثبات الوصية: ١٩٢.

١٤١

إلى مظانّ بقيتها (١) .

١ - عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: سمعت جابر بن عبداللّه الأنصاري يقول: قال لي رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « يا جابر، إن أوصيائي وأئمة المسلمين من بعدي أوّلهم عليّ، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمد ابن علي المعروف بالباقر، ستدركه يا جابر فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام، ثم جعفر بن محمد، ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى، ثم محمد بن علي، ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي، ثم القائم، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، محمد بن الحسن بن علي... » (٢) .

٢ - وروى ابن شاذان بالاسناد عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر، عن سلامة عن أبي سلمى راعي أبل رسول اللّه، قال: سمعت رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: « ليلة أُسري بي إلى السماء قال لي الجليل جلّ وعلا: « آمن الرسول بما اُنزل إليه من ربّه ». قلت: والمؤمنون؟ قال: صدقت يا محمد، من خلفت في أمتك؟ قلت: خيرها. قال: علي بن أبي طالب؟ قلت: نعم يا رب. قال: يا محمد، إنّي اطّلعت إلى الأرض اطلاّعة فاخترتك منها، فشققت لك اسما من أسمائي، فلا اذكر في موضع إلاّ ذكرت معي، فأنا المحمود وأنت محمد، ثم اطّلعت الثانية فاخترت عليّا، وشققت له اسما من أسمائي، فأنا الأعلى وهو علي.

__________________

(١) راجع: اُصول الكافي ١: ٢٨٦ - ٢٩٢ - باب ما نص اللّه ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الأئمّة عليهم‌السلام واحدا فواحدا، إكمال الدين: ٢٥٠ - ٣٧٨ - الأبواب ٢٣ - ٣٦، بحار الأنوار ٣٦: ١٩٢ - ٤١٨ - باب ٤٠ - ٤٨.

(٢) ينابيع المودة ٣: ٣٩٨ الباب ٩٤، كشف الغمة / الإربلي ٣: ٣١٤.

١٤٢

يا محمد، اني خلقتك وخلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة من ولده من سنخ نور من نوري وعرضت ولايتكم على أهل السماوات وأهل الأرض، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين، ومن جحدها كان عندي من الكافرين.

يا محمد، لو أن عبدا من عبيدي عبدني حتى ينقطع أو يصير كالشن البالي، ثم أتاني جاحدا لولايتكم ما غفرت له حتى يقرّ بولايتكم.

يا محمد، أتحبّ أن تراهم؟ قلت: نعم يارب. فقال لي: التفت عن يمين العرش، فالتفت فإذا أنا بعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والمهدي، في ضحضاح من نور قياما يصلّون وهو في وسطهم - يعني المهدي - كأنّه كوكب دري.

قال: يا محمد، هؤلاء الحجج، وهو الثائر من عترتك، وعزتي وجلالي انه الحجة الواجبة لأوليائي، والمنتقم من أعدائي » (١) .

٣ - عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: « سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول: أنشدت مولاي الرضا علي بن موسى عليه‌السلام قصيدتي التي أولها:

مدارس آيات خلت من تلاوة

ومنزل وحي مقفر العرصات

فلما انتهيت إلى قولي:

خروج إمام لا محالة خارج

يقوم على اسم اللّه والبركات

يميز فينا كل حقّ وباطل

ويجزي على النعماء والنقمات

__________________

(١) مقتل الحسين / الخوارزمي ١: ٩٥ - ٩٦، فرائد السمطين ٢: ٣١٩ / ٥٧١.

١٤٣

بكى الرضا عليه‌السلام بكاءً شديدا، ثم رفع رأسه إليّ فقال لي: يا خزاعي، نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين، فهل تدري من هذا الإمام، ومتى يقوم؟ فقلت: لا يا مولاي، إلاّ أني سمعت بخروج إمام منكم يطهر الأرض من الفساد، ويملأها عدلاً كما ملئت جورا.

فقال: يا دعبل، الإمام بعدي محمد ابني، وبعد محمد ابنه علي، وبعد علي ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره... » (١) .

ثانيا - نص أبيه عليه عليه‌السلام :

فيما يلي نعرض أهم النصوص الواردة عن أبيه عليه‌السلام في النص عليه والإشارة إليه بالإمامة من بعده.

١ - عن إسماعيل بن مهران، قال « لما خرج أبو جعفر عليه‌السلام من المدينة إلى بغداد في الدفعة الاولى من خرجتيه، قلت له عند خروجه: جعلت فداك، إني أخاف عليك في هذا الوجه، فإلى من الأمر بعدك؟ فكر بوجهه إلى ضاحكاً وقال: ليس الغيبة حيث ظننت في هذه السنة. فلما اخرج به الثانية إلى المعتصم صرت إليه فقلت له: جعلت فداك، أنت خارج فإلى من هذا الأمر من بعدك؟ فبكى حتى اخضلت لحيته، ثم التفت إلي فقال: عند هذه يخاف علي، الأمر من بعدي إلى ابني علي » (٢) .

__________________

(١) إكمال الدين: ٣٧٢ / ٦ باب ٣٥، عيون أخبار الرضا ٢: ٢٩٦ / ٣٥ الباب ٦٦، ينابيع المودة ٣: ٣٤٨ الباب ٨٦، فرائد السمطين ٢: ٣٣٧ / ٥٩١.

(٢) اُصول الكافي ١: ٣٢٣ / ١ باب الاشارة والنص على أبي الحسن الثالث عليه‌السلام ، الارشاد ٢: ٢٩٨.

١٤٤

٢ - وعن الحسين بن محمد، عن الخيراني، عن أبيه، أنه قال: « كان يلزم باب أبي جعفر عليه‌السلام للخدمة التي كان وكل بها، وكان أحمد بن محمد بن عيسى يجيئ في السحر في كل ليلة، ليعرف خبر علّة أبي جعفر عليه‌السلام ، وكان الرسول الذي يختلف بين أبي جعفر عليه‌السلام وبين أبي إذا حضر قام أحمد وخلا به أبي، فخرج ذات ليله وقام أحمد عن المجلس وخلا أبي بالرسول، واستدار أحمد فوقف حيث يسمع الكلام، فقال الرسول لأبي: إن مولاك يقرأ عليك السلام ويقول لك: إني ماضٍ والأمر صائر إلى ابني علي، وله عليكم بعدي ما كان لي عليكم بعد أبي.

ثم مضى الرسول ورجع أحمد إلى موضعه، وقال لأبي: ما الذي قد قال لك؟ قال: خيراً. قال: قد سمعت ما قال، فلم تكتمه؟ وأعاد ما سمع فقال له أبي: قد حرم الله عليك ما فعلت، لأنّ الله تعالى يقول: ( وَلَا تَجَسَّسُوا ) (١) فاحفظ الشهادة لعلنا نحتاج إليها يوماً ما، وإياك أن تظهرها إلى وقتها.

فلما أصبح أبي كتب نسخة الرسالة في عشر رقاع، وختمها ودفعها إلى عشرة من وجوه العصابة، وقال: إن حدث بي حدث الموت قبل أن اطالبكم بها فافتحوها واعملوا بما فيها.

فلما مضى أبو جعفر عليه‌السلام ذكر أبي أنه لم يخرج من منزله حتى قطع على يديه نحو من أربعمائة إنسان، واجتمع رؤساء العصابة عند محمد بن الفرج يتفاوضون هذا الأمر، فكتب محمد بن الفرج إلى أبي يعلمه باجتماعهم عنده، وأنه لولا مخافة الشهرة لصار معهم إليه، ويسأله أن يأتيه، فركب أبي وصار إليه، فوجد القوم مجتمعين عنده، فقالوا لأبي: ما تقول في هذا الأمر؟ فقال أبي لمن عنده الرقاع:

__________________

(١) سورة الحجرات ٤٩: ١٢.

١٤٥

احضروا الرقاع، فأحضروها، فقال لهم: هذا ما أُمرت به.

فقال بعضهم: قد كنا نحب أن يكون معك في هذا الأمر شاهد آخر؟ فقال لهم: قد آتاكم الله عزوجل به، هذا أبو جعفر الأشعري يشهد لي بسماع هذه الرسالة، وسأله أن يشهد بما عنده، فأنكر أحمد أن يكون سمع من هذا شيئاً، فدعاه أبي إلى المباهلة، فقال لما حقق عليه: قد سمعت ذلك، وهذه مكرمة كنت أحب أن تكون لرجل من العرب لا لرجل من العجم، فلم يبرح القوم حتى قالوا بالحق جميعاً » (١) .

٣ - وعن محمد بن الحسين الواسطي: أنه سمع أحمد بن أبي خالد مولى أبي جعفر يحكي أنه أشهده على هذه الوصية المنسوخة: « شهد أحمد بن أبي خالد مولى أبي جعفر أن أبا جعفر محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام أشهده أنه أوصى إلى علي ابنه بنفسه وأخواته، وجعل أمر موسى إذا بلغ إليه، وجعل عبد الله بن المساور قائماً على تركته من الضياع والأموال والنفقات والرقيق وغير ذلك إلى أن يبلغ علي بن محمد (٢)، صير عبد الله بن المساور ذلك اليوم إليه، يقوم بأمر نفسه واخوانه،

__________________

(١) اُصول الكافي ١: ٣٢٣ / ٢ باب الاشارة والنص على أبي الحسن الثالث عليه‌السلام ، الارشاد ٢: ٣٠٠.

(٢) في بيان للعلامة المجلسي قال: لعله للتقية من المخالفين الجاهلين بقدر الامام عليه‌السلام ومنزلته وكماله في صغره وكبره، اعتبر بلوغه في كونه وصياً، وفوض الأمر ظاهراً قبل بلوغه إلى عبد الله، لئلا يكون لقضاتهم مدخلاً في ذلك، فقوله عليه‌السلام : (إذا بلغ) يعني أبا الحسن عليه‌السلام . وقوله عليه‌السلام : (صير) أي بعد بلوغ الامام عليه‌السلام صيره عبد الله مستقلاً في امور نفسه ووكل امور أخواته إليه عليه‌السلام . قوله: (ويصيّر) بتشديد الياء، أي عبد الله أو الامام عليه‌السلام (أمر موسى إليه) أي إلى موسى (بعدهما) أي بعد فوت

١٤٦

ويصير أمر موسى إليه، يقوم لنفسه بعدهما على شرط أبيهما في صدقاته التي تصدق بها، وذلك يوم الأحد لثلاث ليال خلون من ذي الحجة سنة عشرين ومائتين.

وكتب أحمد بن أبي خالد شهادته بخطه، وشهد الحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام - وهو الجواني - على مثل شهادة أحمد بن أبي خالد في صدر هذا الكتاب، وكتب شهادته بيده، وشهد نصر الخادم وكتب شهادته بيده » (١) .

٤ - وعن الصقر ابن أبي دلف قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الرضا عليهما‌السلام يقول: « إن الامام بعدي إبني علي، أمره أمري، وقوله قولي، وطاعته طاعتي، والامام بعده ابنه الحسن، أمره أمر أبيه، وقوله قول أبيه، وطاعته طاعة أبيه، ثم سكت، فقلت له: يا ابن رسول الله، فمن الامام بعد الحسن؟ فبكى عليه‌السلام بكاءً شديداً، ثم قال: إن من بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنتظر. فقلت له: يا ابن رسول الله، لم سمي القائم؟ قال: لأنه يقوم بعد موت ذكره وارتداد أكثر القائلين بإمامته. فقلت له: ولم سمي المنتظر؟ قال: لأن له غيبة يكثر أيامها ويطول أمدها، فينتظر خروجه المخلصون، وينكره المرتابون، ويستهزئ بذكره الجاحدون، ويكذب فيها الوقاتون، ويهلك فيها

__________________

عبد الله والامام عليه‌السلام ، ويحتمل التخفيف أيضاً. وقوله: (على شرط أبيهما) متعلق بيقوم في الموضعين. بحار الأنوار ٥٠: ١٢٣.

(١) أصول الكافي ١: ٣٢٥ / ٣ باب الاشارة والنص على أبي الحسن الثالث عليه‌السلام .

١٤٧

المستعجلون، وينجو فيها المسلّمون » (١) .

٥ - وعن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه: « أن أبا جعفر عليه‌السلام لما أراد الخروج من المدينة إلى العراق ومعاودتها، أجلس أبا الحسن عليه‌السلام في حجره بعد النص عليه، وقال له: ما الذي تحب أن أهدي إليك من طرائف العراق؟ فقال عليه‌السلام : سيفاً كأنه شعلة نار. ثم التفت إلى موسى ابنه وقال له: ما تحب أنت؟ فقال: فرساً. فقال عليه‌السلام : أشبهني أبو الحسن، وأشبه هذا أمه » (٢) .

٦ - وعن أحمد بن هلال، عن أمية بن علي القيسي، قال: « قلت لأبي جعفر الثاني عليه‌السلام : من الخلف من بعدك؟ قال: ابني علي » (٣) .

وعنه، قال: « أخبرني محمد بن إسماعيل بن بزيع أنه حضر أمية بن علي وهو يسأل أبا جعفر الثاني عليه‌السلام عن ذلك، فأجاب بمثل ذلك الجواب » (٤) .

ثالثاً - اجماع الامامية:

نقل الاجماع على امامة أبي الحسن الهادي عليه‌السلام جملة من أعلام الامامية المعروفين ومنهم:

١ - قال الشيخ المفيد بعد ايراده النص على أبي الحسن عليه‌السلام من أبيه: والأخبار في هذه الباب كثيرة جداً، إن عملنا على إثباتها طال بها الكتاب، وفي إجماع العصابة على إمامة أبي الحسن عليه‌السلام وعدم من يدعيها سواه في وقته ممن

__________________

(١) إكمال الدين: ٣٧٨ / ٣ باب ٣٦.

(٢) عيون المعجزات: ١١٩، بحار الأنوار ٥٠: ١٢٣ / ٥.

(٣) كفاية الأثر: ٢٨٠.

(٤) كفاية الأثر: ٢٨٠.

١٤٨

يلتبس الأمر فيه، غنىً عن إيراد الأخبار بالنصوص على التفصيل (١) .

وقال في موضع آخر: ثم ثبتت الامامية القائلون بإمامة أبي جعفر عليه‌السلام بأسرها على القول بامامة أبي الحسن علي بن محمد من بعد أبيه عليهما‌السلام ونقل النص عليه إلا فرقة قليلة العدد شذوا عن جماعتهم، فقالوا بإمامة موسى بن محمد أخي أبي الحسن علي بن محمد عليهما‌السلام ، ثم إنهم لم يثبتوا على هذا القول إلا قليلاً حتى رجعوا إلى الحق ودانوا بإمامة علي بن محمد عليهما‌السلام ورفضوا القول بإمامة موسى بن محمد، وأقاموا جميعاً على إمامة أبي الحسن عليه‌السلام (٢) .

٢ - وقال ابن شهرآشوب: رواة النص على إمامة أبي الحسن علي بن محمد النقي عليه‌السلام جماعة منهم: إسماعيل بن مهران، وأبو جعفر الأشعري، والخيراني، والدليل على إمامته إجماع الامامية على ذلك وطريق النصوص والعصمة، والطريقان المختلفان من العامة والخاصة من نص النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على إمامة الاثني عشر، وطريق الشيعة النصوص على إمامته عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام (٣) .

رابعاً - شواهد اخرى:

وهناك شهادات نوردها وان كنا في غنى عنها، لكون أغلبها وارد عن مخالفي مذهب أهل البيت عليهم‌السلام ، ولكننا نعتقد أنها تؤكد شهرة النص حتى عند المخالفين، سيما وأنها توكد امامته عليه‌السلام وكونه أحد الأئمة أو عاشرهم. وفيما يلي نذكر بعضها.

١ - قال الذهبي: علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن

__________________

(١) الارشاد ٢: ٣٠٠.

(٢) الفصول المختارة: ٣١٧.

(٣) المناقب / ابن شهرآشوب ٤: ٤٠٢.

١٤٩

زين العابدين، السيد الشريف، أبو الحسن العلوي الحسيني الفقيه، أحد الاثني عشر، وتلقبه الامامية الهادي (١) .

٢ - وقال ابن حجر الهيتمي: علي العسكري، سمي بذلك لأنه لما وجه المتوكل لاشخاصه من المدينة المنورة إلى سر من رأى، أسكنه بها، وكانت تسمى العسكر، فعرف بالعسكري، وكان وارث أبيه علماً وسخاء... (٢) .

٣ - ويقول ابن العماد الحنبلي: أبو الحسن علي بن الجواد محمد بن الرضا علي بن الكاظم موسى بن جعفر الصادق العلوي الحسيني المعروف بالهادي، كان فقيهاً إماماً متعبداً، وهو أحد الأئمّة الاثني عشر (٣) .

٤ - وقال اليافعي: أبو الحسن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا ابن موسى الكاظم بن جعفر الصادق العلوي الحسيني، عاش أربعين سنة، وكان متعبداً فقيهاً إماماً (٤) .

٥ - وقال الخطيب البغدادي: علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو الحسن الهاشمي، أشخصه جعفر المتوكل على الله من مدينة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى بغداد ثم إلى سر من رأى، فقدمها وأقام بها عشرين سنة وتسعة اشهر إلى ان توفي ودفن بها في أيام المعتز بالله، وهو أحد من يعتقد الشيعة والامامية فيه (٥)، ويعرف بأبي الحسن العسكري (٦) .

__________________

(١) تاريخ الاسلام / الذهبي: ٢١٨ وفيات سنة ٢٥١ - ٢٦٠.

(٢) الصواعق المحرقة: ٢٠٧.

(٣) شذرات الذهب ٢: ١٢٨.

(٤) مرآة الجنان ٢: ١١٩.

(٥) الظاهر: الامامة فيه، بلا حرف العطف.

(٦) تاريخ بغداد ١٢: ٥٦ / ٦٤٤٠.

١٥٠

٦ - وقال السمعاني: أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي المعروف بالعسكري، من عسكر سر من رأى، أشخصه جعفر المتوكل على الله من مدينة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى بغداد، ثم إلى سر من رأى، فقدمها وأقام بها عشرين سنة وتسعة أشهر، إلى أن توفي بها في أيام المعتز بالله، وهو أحد من يعتقد الشيعة فيه الامامية (١)، ويعرف بأبي الحسن العسكري (٢) .

٧ - وقال خير الدين الزركلي: أبو الحسن العسكري، علي الملقب بالهادي ابن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى بن جعفر الحسيني الطالبي، عاشر الأئمّة الاثني عشر عند الامامية، وأحد الأتقياء الصلحاء (٣) .

٨ - وأذعن أبو عبد الله الجنيدي بأن الامام الهادي عليه‌السلام أعلم منه، وأنه تعلم منه ضروباً من العلم، وأنه خير أهل الأرض، وأنه يحفظ القرآن من أوله إلى آخره ويعلم تأويله وتنزيله، والجنيدي هو الذي عهد إليه عمر بن الفرج الرخجي أن يعلم الامام عليه‌السلام بأمر المعتصم، وكان معروفاً بعداء أهل البيت عليهم‌السلام ، فذهل من حدّة ذكاء الامام عليه‌السلام وغزارة علمه مع كون الامام عليه‌السلام صبياً لم يبلغ الثامنة، الأمر الذي جعل الجنيدي ينتهي عن النصب والعداء لأهل البيت عليهم‌السلام ، ويدين بالولاء لهم ويعتقد بالامامة ويهتدي إلى سواء السبيل (٤) .

* * *

__________________

(١) الظاهر: الامامة.

(٢) الأنساب ٤: ١٩٤.

(٣) الأعلام ٥: ١٤٠.

(٤) إثبات الوصية / المسعودي: ٢٢٢.

١٥١

الفصل الخامس

مكارم أخلاقه ومنزلته عليه السلام

يتحلّى أئمة أهل البيت عليهم‌السلام بصفات الكمال ومعالي الأخلاق التي ميزت شخصياتهم العظيمة عن سائر من عاصرهم في العبادة والعلم والحلم والزهد والكرم والشجاعة وغيرها من مظاهر العظمة، ذلك لأنّهم استوحوا من جدهم المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله رساليته وروحانيته وأخلاقيته، وتجسدت فيهم شخصيته، فكانوا اختصارا لجميع عناصرها الأخلاقية والروحية والانسانية، وصاروا رمزا للفضيلة والمروءة وقدوةً صالحة للانسانية.

ولقد أوتي الامام الهادي عليه‌السلام كسائر آبائه الطاهرين من الفضائل ومكارم الأخلاق مالم يؤت أحد من معاصريه، فلم ير مثله في عبادته وتهجّده وطاعته لربه، فضلاً عن زهده وتقواه وحسن سيرته وعلمه الجم وحكمته وبلاغته.

قال الشاعر:

ولست أحصي مكرمات الهادي

فإنها في العدّ كالأعداد (١)

من هنا نال الامام عليه‌السلام إعجاب كبار العلماء والمؤرخين ممن عاصره وغيرهم، على اختلاف نزعاتهم وميولهم، فأشادوا بشخصيته الفذة وصفاته الرفيعة وسجاياه الحميدة ومعالي أخلاقه وتفوقه على سائر المعاصرين له.

__________________

(١) الأنوار القدسية / الشيخ محمد حسين الأصفهاني: ١٠١.

١٥٢

وشهد له عليه‌السلام من رجال البلاط وزير المعتمد عبيداللّه بن يحيى بن خاقان ت ٢٦٣ هـ الذي وصفه بالفضل والنبل والجزالة لابنه أحمد بن عبيداللّه، وكان قد سأله عن الامام العسكري عليه‌السلام ، فقال له: « يا أبه من الرجل الذي رأيتك بالغداة فعلت به ما فعلت من الاجلال والكرامة والتبجيل وفديته بنفسك وأبيك؟ فقال عبيداللّه بن خاقان: يابني ذاك إمام الرافضة، ذاك الحسن بن علي المعروف بابن الرضا. فسكت ساعة، ثم قال:... ولو رأيت أباه رأيت رجلاً جزلاً نبيلاً فاضلاً » (١) .

وذكر ابن أبي الحديد عن أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ت ٢٥٥ هـ في تعداد صفاته وصفات آبائه المعصومين عليهم‌السلام قوله: من الذي يعدّ من قريش أو من غيرهم ما يعدّه الطالبيون عشرة في نسق، كل واحد منهم عالم زاهد ناسك شجاع جواد طاهر زاكٍ؟ فمنهم خلفاء، ومنهم مرشّحون: ابن ابن ابن ابن، هكذا إلى عشرة، وهم الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين بن علي عليهم‌السلام ، وهذا لم يتّفق لبيتٍ من بيوت العرب ولا من بيوت العجم » (٢) .

وقال ابن شهرآشوب: كان عليه‌السلام أطيب الناس مهجة، وأصدقهم لهجة، وأملحهم من قريب، وأكملهم من بعيد، إذا صمت عليه هيبة الوقار، وإذا تكلم عليه سيماء البهاء، وهو من بيت الرسالة والامامة، ومقر الوصية والخلافة، شعبة من دوحة النبوة منتضاة مرتضاة، وثمرة من شجرة الرسالة مجتناة

__________________

(١) اصول الكافي١: ٥٠٤ / ١ باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليه‌السلام من كتاب الحجة، إكمال الدين: ٤٢ مقدمة المؤلف، الارشاد٢: ٣٢٢، روضة الواعظين: ٢٥٠، إعلام الورى ٢: ١٤٧.

(٢) شرح نهج البلاغة ١٥: ٢٧٨.

١٥٣

مجتباة (١) .

وقال الشيخ علي بن عيسى الاربلي: إذا قال بذّ الفصحاء، وحير البلغاء، وأسكت العلماء، إن جاد بخل الغيث، وإن صال جبن الليث، وإن فخر أذعن كل مساجل، وسلم إليه كل مناضل، وأقر لشرفه كل شريف،... وإن ذكرت العلوم فهو موضح إشكالها، وفارس جلادها وجدالها، وابن نجدتها وصاحب أقوالها، واطلاع نجادها وناصب أعلام عقالها (٢) .

ولسنا نريد من خلال كلمات هؤلاء الأعلام أن ندخل في تقييم الإمام عليه‌السلام لمجرد أنهم شهدوا له، لأنّه عليه‌السلام يختصّ من موقع إمامته بالدرجة الرفيعة عند اللّه، ويتمتّع بملكات قدسية في جميع جوانب المعرفة والروحانية والصلاح والخلق الرفيع، وهي التي جعلت هؤلاء العلماء وآخرين غيرهم يذعنون لعظم شخصيته ويظهرون له الإكبار والاحترام والثناء.

من هنا نأتي إلى ذكر نبذة من معالي الفضيلة وعناصر العظمة والملكات القدسية والخصال الروحانية التي تحلى بها الامام الهادي عليه‌السلام من العلم والعبادة والزهد والكرم والشجاعة وغيرها من مناقبه الفذّة وخصاله الفريدة التي ورثها عن آبائه المعصومين وكما يلي:

أولاً - العلم:

بدت على الامام الهادي عليه‌السلام مظاهر العلم والمعرفة منذ حداثة سنه، فقد تميز كأبيه بالإمامة المبكرة، لأنه أسند إليه منصب الامامة بكل ما تتطلبه من علم كامل بالشريعة وأحكامها وهو في سن الثامنة من عمره الشريف، وتلك

__________________

(١) المناقب ٤: ٤٠١.

(٢) كشف الغمة ٣: ١٦٤.

١٥٤

ظاهرة نلاحظها لأول مرّة في تاريخ أهل البيت عليهم‌السلام متمثلة بالامام الجواد وثانياً بولده الامام الهادي عليهما‌السلام ، وهو أمر لا يصدق على سائر الناس، ولا يقع في دائرة الإمكان الا أن يكون المعني محاطاً بالعناية الالهية وواقعاً ضمن دائرة الاصطفاء الالهي الذي جعل عيسى بن مريم عليهما‌السلام يتكلم في المهد ويتولى مهام النبوة وهو في السابعة من عمره، وجعلت يحيى بن زكريا عليهما‌السلام نبياً وهو في بواكير الصبا.

روى الصفار بالاسناد عن علي بن محمد النوفلي، قال: « سمعت أبا الحسن العسكري عليه‌السلام يقول: اسم الله الأعظم ثلاثة وسبعون حرفاً، وإنما كان عند آصف حرف واحد فتكلم به فانخرقت له الأرض فيما بينه وبين سبأ، فتناول عرش بلقيس حتى صيره إلى سليمان عليه‌السلام ، ثم انبسطت له الأرض في أقل من طرفة عين، وعندنا منه اثنان وسبعون حرفاً، وحرف واحد عند الله تعالى مستأثر به في علم الغيب » (١) .

وكان الامام الهادي عليه‌السلام أبرز المعاصرين له في العلم والمعرفة والتقوى والعبادة والوجاهة والقيادة والريادة، ولقد تسالم العلماء والفقهاء على الرجوع إلى رأيه المشرق في المسائل المعقدة والغامضة من أحكام الشريعة الاسلامية ومسائل العقائد المختلفة، حتى ان المتوكل العباسي وهو ألدّ أعدائه كان يرجع إلى رأي الامام عليه‌السلام في المسائل التي اختلف فيها علماء عصره، مقدماً رأيه عليه‌السلام على آرائهم، وكانوا يرجعون إليه في كل معضلة، ويلجأون إليه في كل مأزق، وأمرهم في ذلك مشتهر حتى أذعن سائر العلماء المعاصرين له ممن ناظرهم بتفوقه العلمي، ولو رأوا أدنى قصور في ذلك لأظهروه سيما وان من حوله يحاولون الكيد له ويتربّصون به وبأصحابه، ولذلك شواهد كثيرة تدل

__________________

(١) بصائر الدرجات: ٢٣١ / ٣.

١٥٥

بمجموعها على أنه عليه‌السلام كان أعلم أهل زمانه وأرجحهم كفة بلا خلاف.

نبوغه المبكر:

ذكر الرواة بوادر كثيرة من ذكائه، كان منها أن المعتصم بعد شهادة الامام الجواد عليه‌السلام عهد إلى عمر بن الفرج الرخجي أن يشخص إلى يثرب ليختار معلماً لأبي الحسن الهادي عليه‌السلام ، وقد عهد إليه أن يكون المعلم معروفاً بالنصب والانحراف عن أهل البيت عليهم‌السلام ليميل به عن نهجهم حسب اعتقاده، فاختار أبا عبد الله الجنيدي الذي وقف ذاهلاً أمام نبوغه وتفوقه، حيث كان يملي على المعلم بما فيه استفاده له، وأذعن المعلم بأنه يتعلم منه ولا يعلمه كما يظن الناس، وانه عليه‌السلام خير أهل الأرض وأفضل من خلق الله تعالى، وأخيراً قال بإمامته وعرف الحق وقال به.

روى المسعودي بإسناده عن الحميري، عن محمد بن سعيد مولى لولد جعفر بن محمد، قال: « قدم عمر بن الفرج الرخجي المدينة حاجاً بعد مضي أبي جعفر الجواد عليه‌السلام فأحضر جماعة من أهل المدينة والمخالفين المعادين لأهل بيت رسول الله عليهم‌السلام ، فقال لهم: ابغوا لي رجلاً من أهل الأدب والقرآن والعلم، لا يوالي أهل هذا البيت، لأضمّه إلى هذا الغلام وأوكله بتعليمه، وأتقدم إليه بأن يمنع منه الرافضة الذين يقصدونه. فأسموا له رجلاً من أهل الأدب يكنى أبا عبد الله، ويعرف بالجنيدي، وكان متقدماً عند أهل المدينة في الأدب والفهم، ظاهر الغضب والعداوة.

فأحضره عمر بن الفرج وأسنى له الجاري من مال السلطان، وتقدم إليه بما أراد، وعرفه أن السلطان أمره باختيار مثله وتوكيله بهذا الغلام، قال: فكان الجنيدي يلزم أبا الحسن عليه‌السلام في القصر بصريا، فإذا كان الليل أغلق الباب

١٥٦

وأقفله، وأخذ المفاتيح إليه، فمكث على هذا مدة، وانقطعت الشيعة عنه وعن الاستماع منه والقراءة عليه.

ثم إني لقيته في يوم جمعة فسلمت عليه، وقلت له: ما حال هذا الغلام الهاشمي الذي تؤدبه؟ فقال منكراً علي: تقول الغلام ولا تقول الشيخ الهاشمي! أنشدك الله هل تعلم بالمدينة أعلم مني؟ قلت: لا. قال: فإني والله أذكر له الحزب من الأدب أظن أني قد بالغت فيه، فيملي علي بما فيه أستفيده منه، ويظن الناس أني أعلمه وأنا والله أتعلم منه.

قال: فتجاوزت عن كلامه هذا كأني ما سمعته منه، ثم لقيته بعد ذلك، فسلمت عليه، وسألته عن خبره وحاله، ثم قلت: ما حال الفتى الهاشمي؟ فقال لي: دع هذا القول عنك، هذا والله خير أهل الأرض، وأفضل من خلق الله تعالى، وإنه لربما همّ بالدخول فأقول له: تنظر حتى تقرأ عشرك. فيقول لي: أي السور تحب أن أقرأها ؟ وأنا أذكر له من السور الطوال ما لم يبلغ إليه، فيهذّها بقراءة لم أسمع أصح منها من أحد قط، بأطيب من مزامير داود النبي التي بها من قراءته يضرب المثل.

قال: ثم قال: هذا مات أبوه بالعراق وهو صغير بالمدينة، ونشأ بين هذه الجواري السود، فمن أين علم هذا؟ قال: ثم ما مرت به الأيام والليالي حتى لقيته فوجدته قد قال بإمامته وعرف الحق وقال به » (١) .

قال الشاعر:

حار فيه فكر الجنيدي مذ

شاهد فيه ما حير الأفكارا

جاء يملي له العلوم صغيراً

فإذا بالصغار تهدي الكبارا (٢)

__________________

(١) إثبات الوصية / المسعودي: ٢٢٢.

(٢) الذخائر / اليعقوبي: ٦٣.

١٥٧

روايات عن مقامه العلمي:

ان أهم صفات الامامة بعد ثبوت النص على الامام، هي السبق في العلم والحكمة، لكونها ضرورة لازمة في الامام لأجل أن يكون أهلاً لهذه المنزلة، وكفؤاً لهذه المسؤولية، وقطباً تلتف حوله الناس، وتطمئن إلى سبقه في العلم والحكمة والمعرفة، وقدرته الفائقة في مواجهة ما تبتلى به الاُمّة والدولة، فلا يحتاج إلى غيره ممن هم محتاجون إلى إمام يهديهم ويرشدهم، اذ لا يصح أن يلتف الناس حول رجل ويسلمون إليه قيادهم، وهم يجدون من هو أعلم منه أو أرجح فهماً وحكمةً ومعرفةً في شؤون الدين والدنيا، وهذه الناحية تكاد تكون بديهية لازمت جميع الأنبياء والأوصياء بين أقوامهم، وهي أشد ما تكون بروزاً وظهوراً في حياة خاتم الأنبياء وأوصيائه عليهم‌السلام .

روى الشيخ الصدوق بالاسناد عن أحمد بن علي الأنصاري، عن الحسن ابن الجهم، قال: « حضرت مجلس المأمون يوماً وعنده علي بن موسى الرضا عليه‌السلام ، وقد اجتمع الفقهاء وأهل الكلام من الفرق المختلفة، فسأله بعضهم فقال له: يا بن رسول الله، بأي شيء تصحّ الامامة لمدعيها؟ قال: بالنص والدليل. قال له: فدلالة الامام فيما هي؟ قال: في العلم واستجابة الدعوة.... » (١) .

وهكذا كان أئمة الهدى عليهم‌السلام ، فلم يعرف عن أحدهم أنه تلكأ يوماً في مسألة، أو أفحمه أحد في حجة، بل كان سبقهم نوعاً من الاعجاز، وأظهر ما يكون ذلك مع الامام محمد الجواد وولده الامام الهادي عليهما‌السلام ، فقد أوتيا العلم والحكمة وفصل الخطاب ولما يبلغا الحلم، وسبقا علماء ومتكلمي عصرهما،

__________________

(١) عيون أخبار الرضا / الشيخ الصدوق ١: ٢١٦.

١٥٨

وشهدوا لهما بالفضل والتقدم والسبق.

وللامام الهادي جملة احتجاجات ومناظرات وأجوبة على مسائل شتى ناظر وأجاب خلالها كثيراً من المناوئين وغيرهم، باسلوب هادئ متين مدعم بالحجة والمنطق والبرهان الساطع، ولم يجتمع إليه أحد من أولئك المناظرين إلا وأذعن بتفوقه العلمي وسبقه المعرفي، وفيما يلي نورد بعض الروايات الدالة على غزارة علمه وتفوقه ورجحان كفته.

١ - سورة تخلو من سبعة أحرف:

في شرح شافية أبي فراس، قال: ومما نقل أن قيصر ملك الروم كتب إلى خليفة من خلفاء بني العباس كتاباً يذكر فيه: إنا وجدنا في الانجيل أنه من قرأ سورة خالية من سبعة أحرف حرّم الله تعالى جسده على النار. وهي: الثاء والجيم والخاء والزاي والشين والظاء والفاء، فإنا طلبنا هذه السورة في التوراة فلم نجدها، وطلبناها في الزبور فلم نجدها، فهل تجدونها في كتبكم؟

فجمع الخليفة العلماء وسألهم في ذلك، فلم يجب منهم أحد عن ذلك إلا النقي علي بن محمد بن الرضا عليه‌السلام ، فقال: إنها سورة الحمد، فإنها خالية من هذه السبعة أحرف. فقيل: الحكمة في ذلك أن الثاء من الثبور، والجيم من الجحيم، والخاء من الخيبة، والزاي من الزقوم، والشين من الشقاوة، والظاء من الظلمة، والفاء من الفرقة أو من الآفة. فلما وصل إلى قيصر وقرأه فرح بذلك فرحاً شديداً، وأسلم لوقته، ومات على الاسلام، والحمد لله رب العالمين (١) .

٢ - معنى المال الكثير:

روى السمعاني والخطيب البغدادي بالاسناد عن الحسين بن يحيى، قال:

__________________

(١) شرح شافية أبي فراس / ابن أمير الحاج: ٥٦٣.

١٥٩

« اعتل المتوكل في أول خلافته، فقال: لئن برئت لأتصدقن بدنانير كثيرة، فلما برئ جمع الفقهاء فسألهم عن ذلك فاختلفوا، فبعث إلى علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر، فسأله فقال: يتصدق بثلاث وثمانين ديناراً. فعجب قوم من ذلك، وتعصب قوم عليه وقالوا: تسأله يا أمير المؤمنين من أين له هذا؟ فرد الرسول إليه، فقال له: قل لأمير المؤمنين: في هذا الوفاء بالنذر، لأن الله تعالى قال: « لقد نصركم الله في مواطن كثيرة » (١) . فروى أهلنا جميعاً أن المواطن في الوقائع والسرايا والغزوات كانت ثلاثة وثمانين موطناً، وأن يوم حنين كان الرابع والثمانين، وكلما زاد أمير المؤمنين في فعل الخير كان أنفع له وأجرى (٢) عليه في الدنيا والآخرة » (٣) .

٣ - جواز تكنية الكافر:

عن كتاب الاستدراك: « نادى المتوكل يوماً كاتباً نصرانياً: أبا نوح، فأنكروا كنى الكتابيين، فاستفتى فاختلف عليه، فبعث إلى أبي الحسن عليه‌السلام ، فوقع عليه‌السلام : ( بِسْمِ اللَّـهِ الرَّ‌حْمَـٰنِ الرَّ‌حِيمِ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ) (٤)، فعلم المتوكل أنه يحل ذلك، لأن الله قد كنى الكافر » (٥) .

٤ - من حلق رأس آدم؟:

روى الخطيب البغدادي بالاسناد عن محمد بن يحيى المعاذي، قال: « قال

__________________

(١) سورة التوبة: ٩ / ٢٤.

(٢) في تاريخ بغداد: وآجر.

(٣) تاريخ بغداد ١٢: ٥٧ / ٦٤٤٠، الأنساب / السمعاني ٤: ١٩٤.

(٤) سورة المسد: ١١١ / ١.

(٥) بحار الأنوار ١٠: ٣٩١ / ٤.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274