الإمام علي الهادي عليه السلام سيرة وتاريخ

الإمام علي الهادي عليه السلام سيرة وتاريخ21%

الإمام علي الهادي عليه السلام سيرة وتاريخ مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
تصنيف: الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام
الصفحات: 274

الإمام علي الهادي عليه السلام سيرة وتاريخ
  • البداية
  • السابق
  • 274 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 137018 / تحميل: 6097
الحجم الحجم الحجم
الإمام علي الهادي عليه السلام سيرة وتاريخ

الإمام علي الهادي عليه السلام سيرة وتاريخ

مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

وروى هذه الأخبار المفيد في الإختصاص(٣) : وفيه: « وإن ابتلي فاعضده ».

[١٠١٤٨] ٤ - وعنهعليه‌السلام ، قال: « المؤمن أخو المؤمن، يحقّ عليه نصيحته، ومواساته، ومنع عدوّه منه ».

[١٠١٤٩] ٥ - وعنهعليه‌السلام قال: « قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : المسلم أخو المسلم، لا يخونه، ولا يخذله، ولا يعيبه، ولا يحرمه، ولا يغتابه ».

[١٠١٥٠] ٦ - وعنهعليه‌السلام ، قال: « ان من حقّ المسلم إن عطس أن يسمّته، وإن أو لم أتاه، وإن مرض عاده، وإن مات شهد جنازته ».

[١٠١٥١] ٧ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام : « ان نفراً من المسلمين خرجوا في سفر لهم فأضلّوا الطريق، فأصابهم عطش شديد فتيمموا ولزموا أصول الشجر، فجاءهم شيخ عليه ثياب بيض، فقال: قوموا لا بأس عليكم، هذا الماء، قال: فقاموا وشربوا فأرووا، فقالوا [ له ](١) : من أنت يرحمك(٢) الله؟ قال: أنا من الجنّ الذين بايعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أني سمعته يقول: المؤمن أخو

__________________

(٣) الاختصاص ص ٢٨ ح ١ و ٣ فقط الجزء الأول منه.

٤ - المؤمن ص ٤٢ ح ٩٦.

٥ - المؤمن ص ٤٣ ح ٩٨.

٦ - المؤمن ص ٤٣ ح ٩٩.

٧ - المؤمن ص ٤٣ ح ١٠٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: رحمك.

٤١

المؤمن عينه ودليله، فلم تكونوا تضيعوا بحضرتي ».

[١٠١٥٢] ٨ - وعن سماعة قال: سألتهعليه‌السلام عن قوم عندهم فضول، وبإخوانهم حاجة شديدة، تسعهم الزكاة، أيسعهم ان يشبعوا ويجوع إخوانهم، فإن الزمان شديد؟ فقال: « المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحرمه ».

[١٠١٥٣] ٩ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « ان المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يعيبه، ولا يغتابه، ولا يحرمه، ولا يخونه. وقال: للمسلم على أخيه من الحق، أن يسلّم عليه إذا لقيه، ويعوده إذا مرض، وينصح له إذا غاب، ويسمّته إذا عطس، ويجيبه إذا دعاه، ويشيّعه إذا مات ».

[١٠١٥٤] ١٠ - وعنهعليه‌السلام ، قال: « لا والله لا يكون [ المؤمن ](١) مؤمناً أبداً حتى يكون لأخيه المؤمن مثل الجسد، إذا ضرب عليه عرق واحد تداعت له سائر عروقه ».

[١٠١٥٥] ١١ - وعن المعلى بن خنيس قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : ما حقّ المؤمن على المؤمن؟ قال: « إنّي عليك شفيق، إنّي أخاف أن تعلم ولا تعمل، وتضيّع ولا تحفظ، قال فقلت: لا حول ولا قوّة إلّا بالله، قال: للمؤمن على المؤمن سبعة حقوق واجبة، ليس منه حقّ إلّا وهو واجب على أخيه، إن ضيّع منها

__________________

٨ - المؤمن ص ٤٣ ح ١٠١.

٩ - المؤمن ص ٤٥ ح ١٠٥.

١٠ - المؤمن ص ٣٩ ح ٩٠.

(١) أثبتناه من إحدى نسخ المصدر.

١١ - المؤمن ص ٤٠ ح ٩٣.

٤٢

حقّاً خرج من ولاية الله تعالى، وترك طاعته، ولم يكن له فيها نصيب، أيسر حقّ منها: أن تحب له ما تحب لنفسك، وان تكره له ما تكره لنفسك.

والثاني: أن تعينه بنفسك ومالك ولسانك ويديك ورجليك.

والثالث: أن تتبع رضاه، وتجتنب سخطه، وتطيع أمره.

والرابع: أن تكون عينه ودليله ومرآته.

والخامس: أن لا تشبع ويجوع، وتروى ويظمأ، وتكسى ويعرى.

والسادس: أن يكون لك خادم وليس له خادم، ولك امرأة تقوم عليك وليس له امرأة تقوم عليه، ان تبعث خادمك يغسل ثيابه ويصنع طعامه ويهئ(١) فراشه.

والسابع: ان تبرّ قسمه، وتجيب دعوته، وتعود مريضه، وتشهد جنازته، وإن كانت له حاجة تبادر مبادرة إلى قضائها، ولا تكلّفه أن يسألكها، فإذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايته، وولايته بولايتك ».

وعن المعلى: مثله، وقال في حديثه: « فإذا فعلت ذلك، وصلت ولايتك بولايته، وولايته بولاية الله تعالى ».

ورواه المفيد في الإختصاص: عن عبد الأعلى، عن المعلّى: مثله وفيه: « وتلبس ويعرى » وفيه: « ويمهد فراشه »(٢) .

__________________

(١) في المخطوط: يتهيّؤ، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) الاختصاص ص ٢٨.

٤٣

[١٠١٥٦] ١٢ - وعن عيسى بن أبي منصور، قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنا، وعبد الله بن أبي يعفور، وعبد الله بن طلحة، فقالعليه‌السلام ابتداء: « يا ابن أبي يعفور، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ستّ خصال من كنّ فيه كان بين يدي الله عزّوجلّ، وعن يمين الله »، قال ابن أبي يعفور: وما هي جعلت فداك؟ قال: « يحبّ المرء المسلم لأخيه ما يحبّ لأعزّ أهله، ويكره المرء المسلم لأخيه ما يكره لأعزّ أهله، ويناصحه الولاية »، فبكى ابن أبي يعفور وقال: وكيف يناصحه الولاية؟ قال: « يا ابن أبي يعفور، إذا كان منه [ بتلك المنزلة بثّه همّه ففرح ](١) لفرحه إن هو فرح، وحزن لحزنه إن هو حزن، وإن كان عنده ما يفرّج عنه فرّج عنه، وإلّا دعا الله له.

قال: ثم قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ثلاث لكم، وثلاث لنا: أن تعرفوا فضلنا، وأن تطأوا أعقابنا، وتنظروا عاقبتنا، فمن كان هكذا كان بين يدي الله، وعن يمين الله - إلى أن قال - أما بلغك حديث أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقول: إنّ المؤمنين عن يمين الله، وبين يدي الله، وجوههم أبيض من الثلج، وأضوأ من الشمس الضاحية، فيسأل السائل: من(٢) هؤلاء؟ فيقال: هؤلاء الذين تحابّوا في جلال الله ».

[١٠١٥٧] ١٣ - علي بن إبراهيم في تفسيره: عن الصادقعليه‌السلام

__________________

١٢ - المؤمن ص ٤١ ح ٩٤، ورواه الكليني في الكافي ج ٢ ص ١٣٨ ح ٩، وعنه في البحار ٧٤ ص ٢٥١ ح ٤٧.

(١) كان في المخطوط: « بثلث يهم وفرح »، وما أثبتناه من الكافي والبحار.

(٢) كان في المخطوط « عن »، وما أثبتناه من المصدر.

١٣ - تفسير علي بن إبراهيم ج ١ ص ١٥٦.

٤٤

قال: « إن للمؤمن على المؤمن سبعة حقوق، فأوجبها أن يقول الرجل حقاً وإن كان على نفسه، أو على والديه فلا يميل لهم عن(١) الحقّ ».

[١٠١٥٨] ١٤ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله بن محمّد، أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدثني موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : المؤمن مرآة لأخيه المؤمن، ينصحه إذا غاب عنه، ويميط عنه ما يكره إذا شهد، ويوسع له في المجلس ».

[١٠١٥٩] ١٥ - وبهذا الإسناد قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا آخى أحدكم أخاً في الله، فلا يحاده(١) ولا يداره، ولا يماره » يعني لا يخالفه.

[١٠١٦٠] ١٦ - البحار، عن كتاب قضاء حقوق المؤمنين للشيخ سديد الدين أبي علي بن طاهر الصوري(١) : بإسناده، قال: سئل الرضاعليه‌السلام : ما حقّ المؤمن على المؤمن؟ فقال: « إنّ من حقّ المؤمن على المؤمن المودّة له في صدره، والمواساة له في ماله، والنصرة له على من ظلمه، وإن كان فيئ للمسلمين وكان غائباً أخذ له بنصيبه،

__________________

(١) كان في المخطوط « على » وما أثبتناه من الصدر.

١٤ - الجعفريات ص ١٩٧.

١٥ - الجعفريات ص ١٩٨.

(١) حادّه من المحادّة وهي المخالفة (لسان العرب ص ٣ ح ١٤٠).

١٦ - البحار ٧٤ ص ٢٣٢ عن كتاب قضاء الحقوق للصوري ح ٤٤.

(١) كان في المخطوط: السوري، وما أثبتناه من البحار.

٤٥

وإذا مات فالزيارة إلى قبره، ولا يظلمه، ولا يغشه، ولا يخونه، ولا يخذله، ولا يغتابه، ولا يكذبه، ولا يقول له: أفّ، فإذا قال له: أفّ، فليس بينهما ولاية، وإذا قال له: أنت عدوي، فقد كفّر أحدهما صاحبه، وإذا اتهمه انماث الإيمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء - إلى أن قال - وأن أبا جعفر الباقرعليه‌السلام ، أقبل إلى الكعبة وقال: الحمد لله الذي كرّمك وشرّفك وعظمك، وجعلك مثابة للناس وأمناً، والله لحرمة المؤمن أعظم حرمة منك، ولقد دخل عليه رجل من أهل الجبل فسلّم عليه، فقال له عند الوداع: أوصني، فقال له:

أوصيك بتقوى الله، وبرّ أخيك المؤمن، فأحبب له ما تحبّ لنفسك، وإن سألك فاعطه، وإن كفّ عنك فأعرض عليه(٢) ، لا تمله فإنه لا يملك، وكن له عضداً، فإن وجد عليك فلا تفارقه حتى تسلّ سخيمته، فإن غاب فاحفظه في غيبته، وإن شهد فاكنفه(٣) واعضده وزره وأكرمه، والطف به، فإنه منك وأنت منه، ونظرك لأخيك المؤمن وإدخال السرور عليه، أفضل من الصيام وأعظم أجراً ».

[١٠١٦١] ١٧ - فقه الرضاعليه‌السلام : « اعلم - يرحمك الله - إن حق الإخوان واجب فرض لازم، أن تفدونهم بأنفسكم، وأسماعكم، وأبصاركم، وأيديكم، وأرجلكم، وجميع جوارحكم، وهم حصونكم التي(١) تلجؤون إليها في الشدائد في الدنيا والآخرة، لا تماظوهم(٢) ،

__________________

(٢) كذا في البحار، وفي المخطوط: عنه.

(٣) كفنه: حفظه وأعانه (لسان العرب ج ٩ ح ٣٠٨).

١٧ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٥.

(١) كذا في المصدر، وفي المخطوط: الذين.

(٢) في المصدر: تباطوهم (تماطوهم خ ل)، وتماظّوهم: تخاصموهم وتنازعوهم (لسان العرب ص ٧ ح ٤٦٣).

٤٦

ولا تخالفوهم ولا تغتابوهم، ولا تدعوا نصرتهم ولا معاونتهم، وابذلوا النفوس والأموال دونهم، والإقبال على الله عزّوجلّ بالدعاء لهم، ومواساتهم في كلّ ما يجوز فيه المساواة والمواساة، ونصرتهم ظالمين ومظلومين بالدفع(٣) عنهم - إلى أن قال - فبالله نستعين على حقوق الإخوان، والأخ الذي يجب له هذه الحقوق، الذي لا فرق بينك وبينه في جملة الدين وتفصيله، ثم مما يجب له بالحقوق على حسب قرب [ ما ](٤) بين الإخوان وبعده بحسب ذلك. أروي عن العالمعليه‌السلام ، أنه وقف بحيال الكعبة ثم قال: ما أعظم حقّك [ يا كعبة ](٥) والله أنّ حق المؤمن لأعظم من حقّك ».

[١٠١٦٢] ١٨ - تفسير الإمامعليه‌السلام : « وما من عبد أخذ نفسه بحقوق إخوانه، فوفاهم حقوقهم جهده، وأعطاهم ممكنه، ورضي منهم بعفوهم، وترك الاستقصاء عليهم فيما يكون من زللهم [ و ](١) غفرها لهم، إلّا قال الله عزّوجلّ يوم القيامة: يا عبدي قضيت حقوق إخوانك ولم تستقص عليهم(٢) فيما لك عليهم، فأنا أجود وأكرم وأولى بمثل ما فعلته من المسامحة والتكّرم، فأنا أقضيك اليوم على حقّ وعدتك(٣) به، وأزيدك من فضلي(٤) الواسع، ولا استقصي عليك في

__________________

(٣) كذا في المصدر، وفي المخطوط: بالرفع.

(٤) أثبتناه من المصدر.

(٥) أثبتناه من المصدر.

١٨ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ١٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) عليهم: ليست في المصدر.

(٣) كذا في المصدر، وفي المخطوط: وعذرتك.

(٤) في المصدر: الفضل.

٤٧

تقصيرك في بعض حقوقي، قال فيلحقه بمحمّد وآل محمّد (صلوات الله عليهم)(٥) ويجعله من خيار شيعتهم ».

[١٠١٦٣] ١٩ - وفيه: قالعليه‌السلام : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : مثل مؤمن لا تقيّة له، كمثل جسد لا رأس له، ومثل مؤمن لا يرى(١) حقوق إخوانه المؤمنين كمثل من حواسّه كلّها صحيحة وهو لا يتأمّل بعقله، ولا يبصر بعينه، ولا يسمع بأذنه، ولا يعبّر بلسانه عن حاجة، ولا يدفع المكاره عن نفسه (بالإدلاء بحججه)(٢) ولا يبطش بشئ بيديه، ولا ينهض إلى شئ برجليه، فذلك قطعة لحم قد فاتته المنافع، فصار غرضا لكلّ المكاره، فكذلك المؤمن إذا جهل حقوق إخوانه » إلى آخر ما ذكره في الأصل في باب ٢٨ من كتاب الأمر بالمعروف.

[١٠١٦٤] ٢٠ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن الحارث الهمداني، عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : للمسلم على المسلم ست: يسلّم عليه إذا لقيه، ويسمّته(١) إذا عطس، ويعوده إذا مرض، ويجيبه إذا دعاه، ويشهده إذا توفي، ويحب له ما يحبّ لنفسه، وينصح له إذا غاب ».

[١٠١٦٥] ٢١ - عماد الدين الطبري في بشارة المصطفى: عن إبراهيم بن

__________________

(٥) وفيه زيادة: وأصحابه.

١٩ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ١٢٩.

(١) في المصدر: يرعى.

(٢) جاء في هامش الطبعة الحجرية: بأداء الحجة خ ل، وفي المصدر: بأداء حججه.

٢٠ - الاختصاص ص ٢٣٣.

(١) في المصدر: ويشمته.

٢١ - بشارة المصطفى ص ٢٦.

٤٨

الحسين البصري، عن محمّد بن الحسن بن عتبة، عن محمّد بن الحسين بن أحمد، عن محمّد بن وهبان، عن علي بن أحمد بن كثير، عن أحمد بن المفضّل، عن راشد بن علي، عن عبد الله بن جهض(١) المدني، عن محمّد بن إسحاق، عن سعيد بن زيد، عن كميل، قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « يا كميل، المؤمن مرآة المؤمن، لأنّه يتأمّله، ويسدّ فاقته، ويجمل(٢) حالته.

يا كميل، المؤمنون أخوة، ولا شئ آثر عند كلّ أخ من أخيه.

يا كميل، إن لم تحب أخاك فلست أخاه ».

[١٠١٦٦] ٢٢ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « المؤمنون كأسنان المشط، يتساوون في الحقوق بينهم ».

[١٠١٦٧] ٢٣ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « المؤمنان كاليدين يغسل إحداهما بالأخرى، فإذا رزقك الله ودّ أخيك فاستمسك بمودّته ».

[١٠١٦٨] ٢٤ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « عليكم بالتواصل والتباذل، وإيّاكم والتقاطع والتحاسد والتدابر، وكونوا عباد الله إخواناً، فإن المؤمن أخو المؤمن، لا يخونه، ولا يخذله، ويحقره، ولا يقبل عليه قول مخالف له ».

[١٠١٦٩] ٢٥ - الطبرسي في المشكاة: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه

__________________

(١) في المصدر: حفص. وهو الصواب راجع (تهذيب التهذيب ٥: ١٨٨ ولسان الميزان ٤: ٣٠٠).

(٢) كذا في المصدر، وفي المخطوط: يحمل.

٢٢ - ٢٤ - الأخلاق: مخطوط.

٢٥ - مشكاة الأنوار ص ١٨٦.

٤٩

قال: « من عظّم دين الله عظّم حقّ إخوانه، ومن استخف بدينه استخف بإخوانه ».

قال(١) : وجاء رجل إلى سلمان الفارسي فدعاه فقال: إن فلاناً صنع لك طعاماً، فقال: إقرأه مني السلام، وقل [ له ](٢) : أنا ومن معي؟ فرجع الرسول فقال: أنت ومن معك، قال: فقمنا وكنّا ثلاثة عشر رجلاً، فأتينا الباب فاستأذن سلمان(٣) ، فخرج ربّ البيت، فأخذ بيد سلمان فأدخله البيت، فأمر رفقتنا عن يمينه وشماله، فأجلسه وحل زر قميصه وكان أيام حر ففرّج عنه(٤) فضحك سلمان ففرحنا بضحكه، فقلنا: يا أبا عبد الله ما الذي أضحك؟ قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقول: « ما من رجل مسلم أكرم أخاه المسلم بتكرمة، يريد به وجه الله، إلّا نظر الله إليه، وما نظر الله إلى عبد إلّا(٥) فلا يعذّبه أبداً ».

[١٠١٧٠] ٢٦ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن أبي عبد الله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال لعبد الله بن جندب: « يا ابن جندب، الماشي في حاجة أخيه كالساعي بين الصفا والمروة، وقاضي حاجته كالمتشحط بدمه في سبيل الله يوم بدر وأحد، وما عذّب الله أمّة إلّا عند استهانتهم بحقوق فقراء إخوانهم » الخبر.

__________________

(١) المصدر السابق ص ١٨٨.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) ليس في المصدر.

(٤) وفيه: منه.

(٥) إلّا: ليست في المصدر.

٢٦ - تحف العقول ص ٢٢٣.

٥٠

١٠٦ -( باب ما يتأكد استحبابه من حقّ العالم)

[١٠١٧١] ١ - أحمد بن محمّد البرقي في المحاسن: عن أبيه، عن سليمان الجعفري، عن رجل، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « كان عليعليه‌السلام يقول: إنّ من حق العالم أن لا تكثر عليه السؤال، ولا تجرّ بثوبه، وإذا دخلت عليه وعنده قوم فسلّم عليهم جميعاً، وخصّه بالتحيّة دونهم، واجلس بين يديه، ولا تجلس خلفه، ولا تغمز بعينيك، ولا تشر بيدك، ولا تكثر من قول: قال فلان وقال فلان، خلافاً لقوله، ولا تضجر بطول صحبته، فإنّما مثل العالم مثل النخلة تنتظر بها متى يسقط عليك منها شئ، والعالم أعظم أجراً من الصائم القائم الغازي في سبيل الله، وإذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شئ إلى يوم القيامة ».

[١٠١٧٢] ٢ - وعن أبيه، عن سعدان بن عبد الرحيم بن مسلم، عن إسحاق بن عمار، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : من قام من مجلسه تعظيماً لرجل، قال: « مكروه، إلّا لرجل في الدين ».

[١٠١٧٣] ٣ - وعن بعض أصحابنا، رفعه قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « إذا جلست إلى العالم، فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول، وتعلّم حسن الاستماع كما تعلّم حسن القول، ولا تقطع على [ أحد ](١) حديثه ».

[١٠١٧٤] ٤ - الشيخ المفيد في الإرشاد قال: تروى الحارث الأعور، قال:

__________________

الباب ١٠٦

١ ، ٢ - المحاسن ص ٢٣٣.

٣ - المحاسن ص ٢٣٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

٤ - الإرشاد ص ١٢٣.

٥١

سمعت أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول: « من حقّ العالم أن لا يكثر عليه السؤال، ولا يعنت في الجواب، ولا يلح عليه إذا كسل، ولا يؤخذ بثوبه إذا نهض، ولا يشار إليه بيد في حاجة، ولا يفشى له سرّ، ولا يغتاب عنده أحد، ويعظم كما حفظ أمر الله، و [ لا ](١) يجلس المتعلّم [ إلّا ](٢) أمامه، ولا يعرض من طول صحبته، وإذا جاءه طالب علم وغيره فوجده في جماعة عمّهم بالسلام، وخصّه بالتحيّة، وليحفظ شاهداً وغائباً، وليعرف له حقّه، فإن العالم أعظم أجراً من الصائم القائم المجاهد في سبيل الله، فإذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها إلّا خلف منه، وطالب العلم تستغفر له كلّ الملائكة، ويدعو له من في السماء والأرض ».

[١٠١٧٥] ٥ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من علّم شخصاً مسألة فقد ملك رقبته »، فقيل له: يا رسول الله، أيبيعه؟ فقال: « لا ولكن يأمره وينهاه ».

[١٠١٧٦] ٦ - نهج البلاغة: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « لا تجعلن ذرب(١) لسانك على من أنطقك، وبلاغة قولك على من سدّدك ».

[١٠١٧٧] ٧ - تفسير الإمامعليه‌السلام : قال الراوي: أنه اتصل بهعليه‌السلام ، أن رجلاً من فقهاء شيعته، كلّم بعض النصاب فأفحمه بحجّته، حتى أبان عن فضيحته، فدخل على علي بن محمّدعليهما‌السلام ، وفي صدر مجلسه دست عظيم منصوب وهو قاعد

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٥ - عوالي اللآلي ج ٤ ص ٧١ ح ٤٣.

٦ - نهج البلاغة ج ٣ ص ٢٥١ ح ٤١١.

(١) لسان ذرب: فاحش (مجمع البحرين ج ٢ ص ٥٩).

٧ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ١٤٠.

٥٢

خارج الدست، وبحضرته خلق [ كثير ](١) من العلويين وبني هاشم، فما زال يرفعه حتى أجلسه في ذلك الدست، وأقبل عليه، فاشتدّ ذلك على أولئك الأشراف، فأمّا العلويّة فأجلّوه عن العتاب، وأمّا الهاشميون فقال له شيخهم يا ابن رسول الله، هكذا تؤثر عامياً على سادات بني هاشم من الطالبيين والعباسيين؟

فقالعليه‌السلام : « إيّاكم وأن تكونوا من الذين قال الله تعالى [ فيهم ](٢) :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ اللَّـهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ ) (٣) أترضون بكتاب الله حكماً »؟ قالوا: بلى، قال: « أليس الله يقول:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا - إلى قوله -وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ) (٤) فلم يرض للعالم المؤمن إلّا أن يرفع على المؤمن غير العالم، كما لم يرض للمؤمن إلّا أن يرفع على من ليس بمؤمن » الخبر.

[١٠١٧٨] ٨ - كتاب التعريف لأبي عبد الله بن أحمد الصفواني: مرسلاً: إن أول من يغسل يده من الغمر(١) ، أشرف من يحضر عندك وأعلمهم.

[١٠١٧٩] ٩ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا تخاصم العلماء، ولا تلاعبهم، ولا تحاربهم، ولا تواضعهم ».

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) آل عمران ٣: ٢٣.

(٤) المجادلة ٥٨: ١١.

٨ - التعريف ص ١.

(١) الغَمَر، بالتحريك: الدسم والزهومة (النهاية ج ٣ ص ٣٨٥).

٩ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٨.

٥٣

١٠٧ -( باب استحباب التراحم والتعاطف، والتزاور والألفة)

[١٠١٨٠] ١ - الحسين بن سعيد في كتاب إبتلاء المؤمن: عن سماعة، عنهعليه‌السلام - في حديث - أنّه قال: « ويحقّ على المسلمين الاجتهاد(١) والتواصل على التعطف، والمواساة لأهل الحاجة، والتعطف منكم يكونون على أمر الله، رحماء بينهم متراحمين، مهمّين لمّا غاب عنهم(٢) من أمرهم، على ما مضى عليه الأنصار، على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

[١٠١٨١] ٢ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « تواصلوا وتباذلوا وتبارّوا وتراحموا، وكونوا إخواناً بررة كما أمركم الله تعالى ».

[١٠١٨٢] ٣ - العلامة الحلي في الرسالة السعدية: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « والذي نفسي بيده لا يضع الله الرحمة إلّا على رحيم »، قالوا: يا رسول الله، كلّنا رحيم، قال: « ليس الذي يرحم نفسه وأهله خاصّة، ولكن الذي يرحم المسلمين، وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال تعالى: إن كنتم تريدون رحمتي فارحموا ».

__________________

الباب ١٠٧

١ - المؤمن ص ٤٤ ح ١٠١.

(١) في المصدر زيادة: له.

(٢) في المصدر: عنكم، وفي هامش المخطوط: في نسخة « عنكم ».

٢ - الأخلاق: مخطوط، أخرجه في البحار ج ٧٤ ص ٣٩٩ ح ٣٩ عن كتاب الزهد: ص ٢٢ ح ٤٨.

٣ - الرسالة السعدية:

٥٤

[١٠١٨٣] ٤ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من لا يرحم الناس، لا يرحمه الله ».

[١٠١٨٤] ٥ - الآمدي في الغرر: عن عليعليه‌السلام أنه قال: « إذا عجز عن الضعفاء نيلك، فلتسعهم رحمتك ».

[١٠١٨٥] ٦ - الصدوق في الأمالي: عن الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن [ محمّد بن ](١) الحسين بن أبي الخطاب، عن المغيرة بن محمّد، عن بكر بن خنيس، عن أبي عبد الله الشامي، عن نوف البكالي، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام - في حديث - أنه قال له: « يا نوف، ارحم ترحم ».

[١٠١٨٦] ٧ - عوالي اللآلي: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لا يرحم الله من لا يرحم الناس ».

[١٠١٨٧] ٨ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « الراحمون يرحمهم

__________________

٤ - الجعفريات ص ١٦٧ بسند آخر: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمّد بن الأشعث، حدثنا مؤمل بن وهاب بن عبد العزيز بن سعير، حدثنا الأعمش عن أبي ظبيان عن جرير بن عبد الله.

٥ - غرر الحكم ودرر الكلم ص ٣٢٠ ح ١٤٧.

٦ - أمالي الصدوق ص ١٧٤.

(١) أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال، لأنّ أحمد بن إدريس لا يروي عن الحسين بن أبي الخطاب بل عنه إبنه محمّد، أنظر معجم رجال الحديث ج ١٥ ص ٢٩٦.

٧ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٣٦١ ح ٤١.

٨ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٣٦١ ح ٤٢.

٥٥

الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ».

١٠٨ -( باب استحباب قبول العذر)

[١٠١٨٨] ١ - الطبرسي في المشكاة: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من اعتذر إلى أخيه المسلم فلم يقبل منه، جعل الله عليه إصر صاحب مكس ».

[١٠١٨٩] ٢ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: إقبل أعذار الناس، تستمتع بإخائهم.

[١٠١٩٠] ٣ - علي بن عيسى في كشف الغمة، روي أن موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، أحضر ولده يوماً فقال لهم: « يا بني، إنّي موصيكم بوصيّة، فمن حفظها لم يضع معها: إن أتاكم آت فأسمعكم في الأذن اليمنى مكروهاً، ثم تحول إلى الأذن اليسرى فاعتذر، وقال لم أقل شيئاً، فاقبلوا(١) عذره ».

[١٠١٩١] ٤ - الصدوق في كتاب الإخوان: عن الحسن بن علي - رفع الحديث إلى أبي بصير - قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « إن بلغك عن أخيك شئ، وشهد أربعون أنّهم سمعوه منه، فقال: لم أقل، فاقبل منه ».

__________________

الباب ١٠٨

١ - مشكاة الأنوار ص ٢٢٩.

٢ - غرر الحكم ودرر الكلم ج ١ ص ١٢٣ ح ١٩٥.

٣ - كشف الغمة ج ٢ ص ٢١٨.

(١) في المخطوط: فاقبل، وما أثبتناه من المصدر.

٤ - مصادقة الإخوان ص ٨٢ ح ٩.

٥٦

[١٠١٩٢] ٥ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال للحسن بن راشد: « إذا سألت مؤمناً حاجة، فهيّئ له المعاذير قبل أن يعتذر، فإن اعتذر فاقبل عذره، وإن ظننت أنّ الأمور على خلاف ما قال ».

[١٠١٩٣] ٦ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال: « التمسوا لإخوانكم العذر في زلّاتهم وهفوات تقصيراتهم، فإن لم تجدوا العذر لهم في ذلك، فاعتقدوا أن ذلك منكم لقصوركم عن معرفة وجوه العذر ».

[١٠١٩٤] ٧ - ثقة الإسلام في الكافي وغيره: عن عليعليه‌السلام - في خبر همّام في صفات المؤمنين - قال: « ويقبل العذر ».

[١٠١٩٥] ٨ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « ألا أُخبركم بشراركم؟ » قالوا: بلى، يا رسول الله، قال: « الذين لا يقيلون العثرة، ولا يقبلون المعذرة، ولا يغفرون الزلّة ».

١٠٩ -( باب استحباب التسليم والمصافحة، عند الملاقاة ولو على الجنابة، والاستغفار عند التفرّق)

[١٠١٩٦] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين،

__________________

٥ - مصادقة الإخوان ص ٦٢ ح ١.

٦ - الأخلاق: مخطوط.

٧ - الكافي ج ٢ ص ١٨٠.

٨ - الغايات ص ٩٠.

الباب ١٠٩

١ - الجعفريات ص ١٥٣.

٥٧

عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : تصافحوا، فإن المصافحة تزيد في المودّة ».

[١٠١٩٧] ٢ - الطبرسي في المشكاة: نقلاً من المحاسن، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه وليصافحه، فإنّ الله عزّوجلّ أكرم بذلك الملائكة، فاصنعوا صنيع الملائكة ».

[١٠١٩٨] ٣ - وعن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال: « إنّ في تصافحكم مثل أجور المهاجرين ».

[١٠١٩٩] ٤ - وعنهعليه‌السلام : « إذا صافح الرجل صاحبه، فالذي يلزم التصافح أعظم أجراً من الذي يدع أولاً(١) ، وأن الذنوب لتتحات فيما بينهما حتى لا يبقى ذنب ».

[١٠٢٠٠] ٥ - وعن رزيق، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « مصافحة المؤمن بألف حسنة ».

[١٠٢٠١] ٦ - وعنهعليه‌السلام ، قال: « إن لكم نوراً تعرفون به، حتى إن أحدكم إذا صافح أخاه يرى(١) بشاشة عند تسليمه عليه ».

__________________

٢ مشكاة الأنوار ص ١٩٨، ٢٠٠.

٣ - مشكاة الأنوار ص ٢٠٠.

٤ - مشكاة الأنوار ص ٢٠٠.

(١) في المصدر: ألا.

٥ - مشكاة الأنوار ص ٢٠٣.

٦ - مشكاة الأنوار ص ٢٠٢.

(١) كذا في المصدر، وفي المخطوط: يراه.

٥٨

[١٠٢٠٢] ٧ - وعنهعليه‌السلام قال: « بينا إبراهيم خليل الرحمن في جبل بيت المقدس، يطلب المرعى لغنمه إذ سمع صوتاً، فإذا هو برجل قائم يصلّي طوله اثنا عشر شبراً، فقال [ إبراهيم ](١) له: يا عبد الله لمن تصلي؟ قال: لإله السماء، فقال إبراهيمعليه‌السلام : هل بقي من قومك أحد غيرك؟ قال: لا، قال: فمن أين تأكل؟ قال أجني من الشجر في الصيف، وآكله في الشتاء، قال: فأين منزلك؟ قال: فأومأ بيده إلى جبل، فقال له إبراهيمعليه‌السلام : هل لك أن تذهب بي معك: فأبيت عندك الليلة؟ فقال: إن قدامي ماء يخاض، قال: كيف تصنع؟ قال: أمشي عليه، قال: فاذهب بي معك، فلعل الله يرزقني ما رزقك.

قال: فأخذ العابد بيده فمضيا جميعاً حتى انتهيا [ إلى الماء فمشى ومشى عليه إبراهيم معه حتى انتهيا ](٢) إلى منزله، فقال إبراهيمعليه‌السلام : أي الأيام أعظم؟ فقال له العابد: يوم يدان الناس بعضهم من بعض، قال: فهل لك أن ترفع يدك وأرفع يدي، فندعو الله عزّوجلّ أن يؤمننا شرّ ذلك اليوم؟ فقال له: وما تصنع بدعوتي؟ فوالله إن لي لدعوة منذ ثلاث سنين ما أجبت فيها بشئ، فقال له إبراهيمعليه‌السلام : أولا أخبرك لأيّ شئ احتبست دعوتك؟ قال: بلى، قال [ له ](٣) : إنّ الله عزّوجلّ إذا أحبّ عبداً أحتبس دعوته ليناجيه، ويسأله، ويطلب إليه، وإذا أبغض عبداً عجل له دعوته، أو ألقى في قلبه اليأس منها، ثم قال له: وما كانت(٤) دعوتك؟

__________________

٧ - مشكاة الأنوار ص ٢٠٢.

(١) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

(٢) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

(٣) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

(٤) كذا في المصدر، وفي المخطوط: كان.

٥٩

قال: مرّ بي غنم ومعها غلام له ذؤابة، فقلت: يا غلام لمن هذا الغنم؟ قال: لإبراهيم خليل الرحمن، فقلت: اللّهم إن كان لك في الأرض خليل فأرنيه.

فقال [ له ](٥) إبراهيمعليه‌السلام : فقد استحباب لك، أنا إبراهيم خليل الرحمن فعانقه، فلمّا بعث الله محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله ، جاءت المصافحة ».

[١٠٢٠٣] ٨ - الشيخ جعفر بن أحمد القمي في كتاب المسلسلات: حدثنا الحسين بن جعفر، قال: قال محمّد بن عيسى بن عبد الكريم الطرطوسي بدمشق، قال: قال عمر بن سعيد بن يسار المنيجي(١) ، قال: قال أحمد بن دهقان، قال: قال خلف بن تميم، قال: دخلنا على أبي هرمز نعوده، فقال: دخلنا على أنس بن مالك نعوده، فقال: صافحت بكفّي هذه كفّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فما مسست خزاً ولا حريراً ألين من كفّهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

قال أبو هرمز: قلنا لأنس بن مالك: صافحنا بالكف التي صافحت بها كفّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فصافحنا وقال: السلام عليكم.

قال خلف بن تميم: قلت لأبي هرمز: صافحنا بالكفّ التي صافحت بها أنس بن مالك، فصافحنا وقال: السلام عليكم)(٢) .

__________________

(٥) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

٨ - المسلسلات ص ١٠٣.

(١) في المخطوط: « المنجي »، وما أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال « كتاب الأنساب للسمعاني ص ٥٤٣ ».

(٢) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

الفصل الرّابع

إمامته عليه السلام

قال الشيخ المفيد: كان الامام بعد أبي جعفر عليه‌السلام ابنه أبا الحسن علي بن محمد عليهما‌السلام ، لاجتماع خصال الامامة فيه، وتكامل فضله، وأنه لا وارث لمقام أبيه سواه، وثبوت النص عليه بالامامة، والاشارة إليه من أبيه بالخلافة (١) .

وقال المسعودي: لما حضرت الامام الجواد عليه‌السلام الوفاة نص على أبي الحسن وأوصى إليه، وكان سلم المواريث والسلاح إليه بالمدينة، ومضى في سنة عشرين ومئتين من الهجرة في يوم الثلاثاء لخمس خلون من ذي الحجة (٢) .

وفيما يلي نذكر أهم الأدلة الواردة في إمامته عليه‌السلام وكما يلي:

أولاً - نص آبائه عليه عليه‌السلام :

وردت المزيد من النصوص عن النبي والآل المعصومين عليهم‌السلام تصرح بتعيين أوصياء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخلفائه من عترته واحدا بعد واحد باسمائهم وأوصافهم، بشكل يجلو العمى عن البصائر وينفي الشك عن القلوب، وسنذكر هنا ثلاثة أحاديث عن آبائه المعصومين عليهم‌السلام كنموذج على تلك النصوص، ونحيل القارئ

__________________

(١) الإرشاد ٢: ٢٩٧.

(٢) اثبات الوصية: ١٩٢.

١٤١

إلى مظانّ بقيتها (١) .

١ - عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: سمعت جابر بن عبداللّه الأنصاري يقول: قال لي رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « يا جابر، إن أوصيائي وأئمة المسلمين من بعدي أوّلهم عليّ، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمد ابن علي المعروف بالباقر، ستدركه يا جابر فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام، ثم جعفر بن محمد، ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى، ثم محمد بن علي، ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي، ثم القائم، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، محمد بن الحسن بن علي... » (٢) .

٢ - وروى ابن شاذان بالاسناد عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر، عن سلامة عن أبي سلمى راعي أبل رسول اللّه، قال: سمعت رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: « ليلة أُسري بي إلى السماء قال لي الجليل جلّ وعلا: « آمن الرسول بما اُنزل إليه من ربّه ». قلت: والمؤمنون؟ قال: صدقت يا محمد، من خلفت في أمتك؟ قلت: خيرها. قال: علي بن أبي طالب؟ قلت: نعم يا رب. قال: يا محمد، إنّي اطّلعت إلى الأرض اطلاّعة فاخترتك منها، فشققت لك اسما من أسمائي، فلا اذكر في موضع إلاّ ذكرت معي، فأنا المحمود وأنت محمد، ثم اطّلعت الثانية فاخترت عليّا، وشققت له اسما من أسمائي، فأنا الأعلى وهو علي.

__________________

(١) راجع: اُصول الكافي ١: ٢٨٦ - ٢٩٢ - باب ما نص اللّه ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الأئمّة عليهم‌السلام واحدا فواحدا، إكمال الدين: ٢٥٠ - ٣٧٨ - الأبواب ٢٣ - ٣٦، بحار الأنوار ٣٦: ١٩٢ - ٤١٨ - باب ٤٠ - ٤٨.

(٢) ينابيع المودة ٣: ٣٩٨ الباب ٩٤، كشف الغمة / الإربلي ٣: ٣١٤.

١٤٢

يا محمد، اني خلقتك وخلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة من ولده من سنخ نور من نوري وعرضت ولايتكم على أهل السماوات وأهل الأرض، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين، ومن جحدها كان عندي من الكافرين.

يا محمد، لو أن عبدا من عبيدي عبدني حتى ينقطع أو يصير كالشن البالي، ثم أتاني جاحدا لولايتكم ما غفرت له حتى يقرّ بولايتكم.

يا محمد، أتحبّ أن تراهم؟ قلت: نعم يارب. فقال لي: التفت عن يمين العرش، فالتفت فإذا أنا بعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والمهدي، في ضحضاح من نور قياما يصلّون وهو في وسطهم - يعني المهدي - كأنّه كوكب دري.

قال: يا محمد، هؤلاء الحجج، وهو الثائر من عترتك، وعزتي وجلالي انه الحجة الواجبة لأوليائي، والمنتقم من أعدائي » (١) .

٣ - عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: « سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول: أنشدت مولاي الرضا علي بن موسى عليه‌السلام قصيدتي التي أولها:

مدارس آيات خلت من تلاوة

ومنزل وحي مقفر العرصات

فلما انتهيت إلى قولي:

خروج إمام لا محالة خارج

يقوم على اسم اللّه والبركات

يميز فينا كل حقّ وباطل

ويجزي على النعماء والنقمات

__________________

(١) مقتل الحسين / الخوارزمي ١: ٩٥ - ٩٦، فرائد السمطين ٢: ٣١٩ / ٥٧١.

١٤٣

بكى الرضا عليه‌السلام بكاءً شديدا، ثم رفع رأسه إليّ فقال لي: يا خزاعي، نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين، فهل تدري من هذا الإمام، ومتى يقوم؟ فقلت: لا يا مولاي، إلاّ أني سمعت بخروج إمام منكم يطهر الأرض من الفساد، ويملأها عدلاً كما ملئت جورا.

فقال: يا دعبل، الإمام بعدي محمد ابني، وبعد محمد ابنه علي، وبعد علي ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره... » (١) .

ثانيا - نص أبيه عليه عليه‌السلام :

فيما يلي نعرض أهم النصوص الواردة عن أبيه عليه‌السلام في النص عليه والإشارة إليه بالإمامة من بعده.

١ - عن إسماعيل بن مهران، قال « لما خرج أبو جعفر عليه‌السلام من المدينة إلى بغداد في الدفعة الاولى من خرجتيه، قلت له عند خروجه: جعلت فداك، إني أخاف عليك في هذا الوجه، فإلى من الأمر بعدك؟ فكر بوجهه إلى ضاحكاً وقال: ليس الغيبة حيث ظننت في هذه السنة. فلما اخرج به الثانية إلى المعتصم صرت إليه فقلت له: جعلت فداك، أنت خارج فإلى من هذا الأمر من بعدك؟ فبكى حتى اخضلت لحيته، ثم التفت إلي فقال: عند هذه يخاف علي، الأمر من بعدي إلى ابني علي » (٢) .

__________________

(١) إكمال الدين: ٣٧٢ / ٦ باب ٣٥، عيون أخبار الرضا ٢: ٢٩٦ / ٣٥ الباب ٦٦، ينابيع المودة ٣: ٣٤٨ الباب ٨٦، فرائد السمطين ٢: ٣٣٧ / ٥٩١.

(٢) اُصول الكافي ١: ٣٢٣ / ١ باب الاشارة والنص على أبي الحسن الثالث عليه‌السلام ، الارشاد ٢: ٢٩٨.

١٤٤

٢ - وعن الحسين بن محمد، عن الخيراني، عن أبيه، أنه قال: « كان يلزم باب أبي جعفر عليه‌السلام للخدمة التي كان وكل بها، وكان أحمد بن محمد بن عيسى يجيئ في السحر في كل ليلة، ليعرف خبر علّة أبي جعفر عليه‌السلام ، وكان الرسول الذي يختلف بين أبي جعفر عليه‌السلام وبين أبي إذا حضر قام أحمد وخلا به أبي، فخرج ذات ليله وقام أحمد عن المجلس وخلا أبي بالرسول، واستدار أحمد فوقف حيث يسمع الكلام، فقال الرسول لأبي: إن مولاك يقرأ عليك السلام ويقول لك: إني ماضٍ والأمر صائر إلى ابني علي، وله عليكم بعدي ما كان لي عليكم بعد أبي.

ثم مضى الرسول ورجع أحمد إلى موضعه، وقال لأبي: ما الذي قد قال لك؟ قال: خيراً. قال: قد سمعت ما قال، فلم تكتمه؟ وأعاد ما سمع فقال له أبي: قد حرم الله عليك ما فعلت، لأنّ الله تعالى يقول: ( وَلَا تَجَسَّسُوا ) (١) فاحفظ الشهادة لعلنا نحتاج إليها يوماً ما، وإياك أن تظهرها إلى وقتها.

فلما أصبح أبي كتب نسخة الرسالة في عشر رقاع، وختمها ودفعها إلى عشرة من وجوه العصابة، وقال: إن حدث بي حدث الموت قبل أن اطالبكم بها فافتحوها واعملوا بما فيها.

فلما مضى أبو جعفر عليه‌السلام ذكر أبي أنه لم يخرج من منزله حتى قطع على يديه نحو من أربعمائة إنسان، واجتمع رؤساء العصابة عند محمد بن الفرج يتفاوضون هذا الأمر، فكتب محمد بن الفرج إلى أبي يعلمه باجتماعهم عنده، وأنه لولا مخافة الشهرة لصار معهم إليه، ويسأله أن يأتيه، فركب أبي وصار إليه، فوجد القوم مجتمعين عنده، فقالوا لأبي: ما تقول في هذا الأمر؟ فقال أبي لمن عنده الرقاع:

__________________

(١) سورة الحجرات ٤٩: ١٢.

١٤٥

احضروا الرقاع، فأحضروها، فقال لهم: هذا ما أُمرت به.

فقال بعضهم: قد كنا نحب أن يكون معك في هذا الأمر شاهد آخر؟ فقال لهم: قد آتاكم الله عزوجل به، هذا أبو جعفر الأشعري يشهد لي بسماع هذه الرسالة، وسأله أن يشهد بما عنده، فأنكر أحمد أن يكون سمع من هذا شيئاً، فدعاه أبي إلى المباهلة، فقال لما حقق عليه: قد سمعت ذلك، وهذه مكرمة كنت أحب أن تكون لرجل من العرب لا لرجل من العجم، فلم يبرح القوم حتى قالوا بالحق جميعاً » (١) .

٣ - وعن محمد بن الحسين الواسطي: أنه سمع أحمد بن أبي خالد مولى أبي جعفر يحكي أنه أشهده على هذه الوصية المنسوخة: « شهد أحمد بن أبي خالد مولى أبي جعفر أن أبا جعفر محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام أشهده أنه أوصى إلى علي ابنه بنفسه وأخواته، وجعل أمر موسى إذا بلغ إليه، وجعل عبد الله بن المساور قائماً على تركته من الضياع والأموال والنفقات والرقيق وغير ذلك إلى أن يبلغ علي بن محمد (٢)، صير عبد الله بن المساور ذلك اليوم إليه، يقوم بأمر نفسه واخوانه،

__________________

(١) اُصول الكافي ١: ٣٢٣ / ٢ باب الاشارة والنص على أبي الحسن الثالث عليه‌السلام ، الارشاد ٢: ٣٠٠.

(٢) في بيان للعلامة المجلسي قال: لعله للتقية من المخالفين الجاهلين بقدر الامام عليه‌السلام ومنزلته وكماله في صغره وكبره، اعتبر بلوغه في كونه وصياً، وفوض الأمر ظاهراً قبل بلوغه إلى عبد الله، لئلا يكون لقضاتهم مدخلاً في ذلك، فقوله عليه‌السلام : (إذا بلغ) يعني أبا الحسن عليه‌السلام . وقوله عليه‌السلام : (صير) أي بعد بلوغ الامام عليه‌السلام صيره عبد الله مستقلاً في امور نفسه ووكل امور أخواته إليه عليه‌السلام . قوله: (ويصيّر) بتشديد الياء، أي عبد الله أو الامام عليه‌السلام (أمر موسى إليه) أي إلى موسى (بعدهما) أي بعد فوت

١٤٦

ويصير أمر موسى إليه، يقوم لنفسه بعدهما على شرط أبيهما في صدقاته التي تصدق بها، وذلك يوم الأحد لثلاث ليال خلون من ذي الحجة سنة عشرين ومائتين.

وكتب أحمد بن أبي خالد شهادته بخطه، وشهد الحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام - وهو الجواني - على مثل شهادة أحمد بن أبي خالد في صدر هذا الكتاب، وكتب شهادته بيده، وشهد نصر الخادم وكتب شهادته بيده » (١) .

٤ - وعن الصقر ابن أبي دلف قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الرضا عليهما‌السلام يقول: « إن الامام بعدي إبني علي، أمره أمري، وقوله قولي، وطاعته طاعتي، والامام بعده ابنه الحسن، أمره أمر أبيه، وقوله قول أبيه، وطاعته طاعة أبيه، ثم سكت، فقلت له: يا ابن رسول الله، فمن الامام بعد الحسن؟ فبكى عليه‌السلام بكاءً شديداً، ثم قال: إن من بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنتظر. فقلت له: يا ابن رسول الله، لم سمي القائم؟ قال: لأنه يقوم بعد موت ذكره وارتداد أكثر القائلين بإمامته. فقلت له: ولم سمي المنتظر؟ قال: لأن له غيبة يكثر أيامها ويطول أمدها، فينتظر خروجه المخلصون، وينكره المرتابون، ويستهزئ بذكره الجاحدون، ويكذب فيها الوقاتون، ويهلك فيها

__________________

عبد الله والامام عليه‌السلام ، ويحتمل التخفيف أيضاً. وقوله: (على شرط أبيهما) متعلق بيقوم في الموضعين. بحار الأنوار ٥٠: ١٢٣.

(١) أصول الكافي ١: ٣٢٥ / ٣ باب الاشارة والنص على أبي الحسن الثالث عليه‌السلام .

١٤٧

المستعجلون، وينجو فيها المسلّمون » (١) .

٥ - وعن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه: « أن أبا جعفر عليه‌السلام لما أراد الخروج من المدينة إلى العراق ومعاودتها، أجلس أبا الحسن عليه‌السلام في حجره بعد النص عليه، وقال له: ما الذي تحب أن أهدي إليك من طرائف العراق؟ فقال عليه‌السلام : سيفاً كأنه شعلة نار. ثم التفت إلى موسى ابنه وقال له: ما تحب أنت؟ فقال: فرساً. فقال عليه‌السلام : أشبهني أبو الحسن، وأشبه هذا أمه » (٢) .

٦ - وعن أحمد بن هلال، عن أمية بن علي القيسي، قال: « قلت لأبي جعفر الثاني عليه‌السلام : من الخلف من بعدك؟ قال: ابني علي » (٣) .

وعنه، قال: « أخبرني محمد بن إسماعيل بن بزيع أنه حضر أمية بن علي وهو يسأل أبا جعفر الثاني عليه‌السلام عن ذلك، فأجاب بمثل ذلك الجواب » (٤) .

ثالثاً - اجماع الامامية:

نقل الاجماع على امامة أبي الحسن الهادي عليه‌السلام جملة من أعلام الامامية المعروفين ومنهم:

١ - قال الشيخ المفيد بعد ايراده النص على أبي الحسن عليه‌السلام من أبيه: والأخبار في هذه الباب كثيرة جداً، إن عملنا على إثباتها طال بها الكتاب، وفي إجماع العصابة على إمامة أبي الحسن عليه‌السلام وعدم من يدعيها سواه في وقته ممن

__________________

(١) إكمال الدين: ٣٧٨ / ٣ باب ٣٦.

(٢) عيون المعجزات: ١١٩، بحار الأنوار ٥٠: ١٢٣ / ٥.

(٣) كفاية الأثر: ٢٨٠.

(٤) كفاية الأثر: ٢٨٠.

١٤٨

يلتبس الأمر فيه، غنىً عن إيراد الأخبار بالنصوص على التفصيل (١) .

وقال في موضع آخر: ثم ثبتت الامامية القائلون بإمامة أبي جعفر عليه‌السلام بأسرها على القول بامامة أبي الحسن علي بن محمد من بعد أبيه عليهما‌السلام ونقل النص عليه إلا فرقة قليلة العدد شذوا عن جماعتهم، فقالوا بإمامة موسى بن محمد أخي أبي الحسن علي بن محمد عليهما‌السلام ، ثم إنهم لم يثبتوا على هذا القول إلا قليلاً حتى رجعوا إلى الحق ودانوا بإمامة علي بن محمد عليهما‌السلام ورفضوا القول بإمامة موسى بن محمد، وأقاموا جميعاً على إمامة أبي الحسن عليه‌السلام (٢) .

٢ - وقال ابن شهرآشوب: رواة النص على إمامة أبي الحسن علي بن محمد النقي عليه‌السلام جماعة منهم: إسماعيل بن مهران، وأبو جعفر الأشعري، والخيراني، والدليل على إمامته إجماع الامامية على ذلك وطريق النصوص والعصمة، والطريقان المختلفان من العامة والخاصة من نص النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على إمامة الاثني عشر، وطريق الشيعة النصوص على إمامته عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام (٣) .

رابعاً - شواهد اخرى:

وهناك شهادات نوردها وان كنا في غنى عنها، لكون أغلبها وارد عن مخالفي مذهب أهل البيت عليهم‌السلام ، ولكننا نعتقد أنها تؤكد شهرة النص حتى عند المخالفين، سيما وأنها توكد امامته عليه‌السلام وكونه أحد الأئمة أو عاشرهم. وفيما يلي نذكر بعضها.

١ - قال الذهبي: علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن

__________________

(١) الارشاد ٢: ٣٠٠.

(٢) الفصول المختارة: ٣١٧.

(٣) المناقب / ابن شهرآشوب ٤: ٤٠٢.

١٤٩

زين العابدين، السيد الشريف، أبو الحسن العلوي الحسيني الفقيه، أحد الاثني عشر، وتلقبه الامامية الهادي (١) .

٢ - وقال ابن حجر الهيتمي: علي العسكري، سمي بذلك لأنه لما وجه المتوكل لاشخاصه من المدينة المنورة إلى سر من رأى، أسكنه بها، وكانت تسمى العسكر، فعرف بالعسكري، وكان وارث أبيه علماً وسخاء... (٢) .

٣ - ويقول ابن العماد الحنبلي: أبو الحسن علي بن الجواد محمد بن الرضا علي بن الكاظم موسى بن جعفر الصادق العلوي الحسيني المعروف بالهادي، كان فقيهاً إماماً متعبداً، وهو أحد الأئمّة الاثني عشر (٣) .

٤ - وقال اليافعي: أبو الحسن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا ابن موسى الكاظم بن جعفر الصادق العلوي الحسيني، عاش أربعين سنة، وكان متعبداً فقيهاً إماماً (٤) .

٥ - وقال الخطيب البغدادي: علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو الحسن الهاشمي، أشخصه جعفر المتوكل على الله من مدينة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى بغداد ثم إلى سر من رأى، فقدمها وأقام بها عشرين سنة وتسعة اشهر إلى ان توفي ودفن بها في أيام المعتز بالله، وهو أحد من يعتقد الشيعة والامامية فيه (٥)، ويعرف بأبي الحسن العسكري (٦) .

__________________

(١) تاريخ الاسلام / الذهبي: ٢١٨ وفيات سنة ٢٥١ - ٢٦٠.

(٢) الصواعق المحرقة: ٢٠٧.

(٣) شذرات الذهب ٢: ١٢٨.

(٤) مرآة الجنان ٢: ١١٩.

(٥) الظاهر: الامامة فيه، بلا حرف العطف.

(٦) تاريخ بغداد ١٢: ٥٦ / ٦٤٤٠.

١٥٠

٦ - وقال السمعاني: أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي المعروف بالعسكري، من عسكر سر من رأى، أشخصه جعفر المتوكل على الله من مدينة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى بغداد، ثم إلى سر من رأى، فقدمها وأقام بها عشرين سنة وتسعة أشهر، إلى أن توفي بها في أيام المعتز بالله، وهو أحد من يعتقد الشيعة فيه الامامية (١)، ويعرف بأبي الحسن العسكري (٢) .

٧ - وقال خير الدين الزركلي: أبو الحسن العسكري، علي الملقب بالهادي ابن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى بن جعفر الحسيني الطالبي، عاشر الأئمّة الاثني عشر عند الامامية، وأحد الأتقياء الصلحاء (٣) .

٨ - وأذعن أبو عبد الله الجنيدي بأن الامام الهادي عليه‌السلام أعلم منه، وأنه تعلم منه ضروباً من العلم، وأنه خير أهل الأرض، وأنه يحفظ القرآن من أوله إلى آخره ويعلم تأويله وتنزيله، والجنيدي هو الذي عهد إليه عمر بن الفرج الرخجي أن يعلم الامام عليه‌السلام بأمر المعتصم، وكان معروفاً بعداء أهل البيت عليهم‌السلام ، فذهل من حدّة ذكاء الامام عليه‌السلام وغزارة علمه مع كون الامام عليه‌السلام صبياً لم يبلغ الثامنة، الأمر الذي جعل الجنيدي ينتهي عن النصب والعداء لأهل البيت عليهم‌السلام ، ويدين بالولاء لهم ويعتقد بالامامة ويهتدي إلى سواء السبيل (٤) .

* * *

__________________

(١) الظاهر: الامامة.

(٢) الأنساب ٤: ١٩٤.

(٣) الأعلام ٥: ١٤٠.

(٤) إثبات الوصية / المسعودي: ٢٢٢.

١٥١

الفصل الخامس

مكارم أخلاقه ومنزلته عليه السلام

يتحلّى أئمة أهل البيت عليهم‌السلام بصفات الكمال ومعالي الأخلاق التي ميزت شخصياتهم العظيمة عن سائر من عاصرهم في العبادة والعلم والحلم والزهد والكرم والشجاعة وغيرها من مظاهر العظمة، ذلك لأنّهم استوحوا من جدهم المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله رساليته وروحانيته وأخلاقيته، وتجسدت فيهم شخصيته، فكانوا اختصارا لجميع عناصرها الأخلاقية والروحية والانسانية، وصاروا رمزا للفضيلة والمروءة وقدوةً صالحة للانسانية.

ولقد أوتي الامام الهادي عليه‌السلام كسائر آبائه الطاهرين من الفضائل ومكارم الأخلاق مالم يؤت أحد من معاصريه، فلم ير مثله في عبادته وتهجّده وطاعته لربه، فضلاً عن زهده وتقواه وحسن سيرته وعلمه الجم وحكمته وبلاغته.

قال الشاعر:

ولست أحصي مكرمات الهادي

فإنها في العدّ كالأعداد (١)

من هنا نال الامام عليه‌السلام إعجاب كبار العلماء والمؤرخين ممن عاصره وغيرهم، على اختلاف نزعاتهم وميولهم، فأشادوا بشخصيته الفذة وصفاته الرفيعة وسجاياه الحميدة ومعالي أخلاقه وتفوقه على سائر المعاصرين له.

__________________

(١) الأنوار القدسية / الشيخ محمد حسين الأصفهاني: ١٠١.

١٥٢

وشهد له عليه‌السلام من رجال البلاط وزير المعتمد عبيداللّه بن يحيى بن خاقان ت ٢٦٣ هـ الذي وصفه بالفضل والنبل والجزالة لابنه أحمد بن عبيداللّه، وكان قد سأله عن الامام العسكري عليه‌السلام ، فقال له: « يا أبه من الرجل الذي رأيتك بالغداة فعلت به ما فعلت من الاجلال والكرامة والتبجيل وفديته بنفسك وأبيك؟ فقال عبيداللّه بن خاقان: يابني ذاك إمام الرافضة، ذاك الحسن بن علي المعروف بابن الرضا. فسكت ساعة، ثم قال:... ولو رأيت أباه رأيت رجلاً جزلاً نبيلاً فاضلاً » (١) .

وذكر ابن أبي الحديد عن أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ت ٢٥٥ هـ في تعداد صفاته وصفات آبائه المعصومين عليهم‌السلام قوله: من الذي يعدّ من قريش أو من غيرهم ما يعدّه الطالبيون عشرة في نسق، كل واحد منهم عالم زاهد ناسك شجاع جواد طاهر زاكٍ؟ فمنهم خلفاء، ومنهم مرشّحون: ابن ابن ابن ابن، هكذا إلى عشرة، وهم الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين بن علي عليهم‌السلام ، وهذا لم يتّفق لبيتٍ من بيوت العرب ولا من بيوت العجم » (٢) .

وقال ابن شهرآشوب: كان عليه‌السلام أطيب الناس مهجة، وأصدقهم لهجة، وأملحهم من قريب، وأكملهم من بعيد، إذا صمت عليه هيبة الوقار، وإذا تكلم عليه سيماء البهاء، وهو من بيت الرسالة والامامة، ومقر الوصية والخلافة، شعبة من دوحة النبوة منتضاة مرتضاة، وثمرة من شجرة الرسالة مجتناة

__________________

(١) اصول الكافي١: ٥٠٤ / ١ باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليه‌السلام من كتاب الحجة، إكمال الدين: ٤٢ مقدمة المؤلف، الارشاد٢: ٣٢٢، روضة الواعظين: ٢٥٠، إعلام الورى ٢: ١٤٧.

(٢) شرح نهج البلاغة ١٥: ٢٧٨.

١٥٣

مجتباة (١) .

وقال الشيخ علي بن عيسى الاربلي: إذا قال بذّ الفصحاء، وحير البلغاء، وأسكت العلماء، إن جاد بخل الغيث، وإن صال جبن الليث، وإن فخر أذعن كل مساجل، وسلم إليه كل مناضل، وأقر لشرفه كل شريف،... وإن ذكرت العلوم فهو موضح إشكالها، وفارس جلادها وجدالها، وابن نجدتها وصاحب أقوالها، واطلاع نجادها وناصب أعلام عقالها (٢) .

ولسنا نريد من خلال كلمات هؤلاء الأعلام أن ندخل في تقييم الإمام عليه‌السلام لمجرد أنهم شهدوا له، لأنّه عليه‌السلام يختصّ من موقع إمامته بالدرجة الرفيعة عند اللّه، ويتمتّع بملكات قدسية في جميع جوانب المعرفة والروحانية والصلاح والخلق الرفيع، وهي التي جعلت هؤلاء العلماء وآخرين غيرهم يذعنون لعظم شخصيته ويظهرون له الإكبار والاحترام والثناء.

من هنا نأتي إلى ذكر نبذة من معالي الفضيلة وعناصر العظمة والملكات القدسية والخصال الروحانية التي تحلى بها الامام الهادي عليه‌السلام من العلم والعبادة والزهد والكرم والشجاعة وغيرها من مناقبه الفذّة وخصاله الفريدة التي ورثها عن آبائه المعصومين وكما يلي:

أولاً - العلم:

بدت على الامام الهادي عليه‌السلام مظاهر العلم والمعرفة منذ حداثة سنه، فقد تميز كأبيه بالإمامة المبكرة، لأنه أسند إليه منصب الامامة بكل ما تتطلبه من علم كامل بالشريعة وأحكامها وهو في سن الثامنة من عمره الشريف، وتلك

__________________

(١) المناقب ٤: ٤٠١.

(٢) كشف الغمة ٣: ١٦٤.

١٥٤

ظاهرة نلاحظها لأول مرّة في تاريخ أهل البيت عليهم‌السلام متمثلة بالامام الجواد وثانياً بولده الامام الهادي عليهما‌السلام ، وهو أمر لا يصدق على سائر الناس، ولا يقع في دائرة الإمكان الا أن يكون المعني محاطاً بالعناية الالهية وواقعاً ضمن دائرة الاصطفاء الالهي الذي جعل عيسى بن مريم عليهما‌السلام يتكلم في المهد ويتولى مهام النبوة وهو في السابعة من عمره، وجعلت يحيى بن زكريا عليهما‌السلام نبياً وهو في بواكير الصبا.

روى الصفار بالاسناد عن علي بن محمد النوفلي، قال: « سمعت أبا الحسن العسكري عليه‌السلام يقول: اسم الله الأعظم ثلاثة وسبعون حرفاً، وإنما كان عند آصف حرف واحد فتكلم به فانخرقت له الأرض فيما بينه وبين سبأ، فتناول عرش بلقيس حتى صيره إلى سليمان عليه‌السلام ، ثم انبسطت له الأرض في أقل من طرفة عين، وعندنا منه اثنان وسبعون حرفاً، وحرف واحد عند الله تعالى مستأثر به في علم الغيب » (١) .

وكان الامام الهادي عليه‌السلام أبرز المعاصرين له في العلم والمعرفة والتقوى والعبادة والوجاهة والقيادة والريادة، ولقد تسالم العلماء والفقهاء على الرجوع إلى رأيه المشرق في المسائل المعقدة والغامضة من أحكام الشريعة الاسلامية ومسائل العقائد المختلفة، حتى ان المتوكل العباسي وهو ألدّ أعدائه كان يرجع إلى رأي الامام عليه‌السلام في المسائل التي اختلف فيها علماء عصره، مقدماً رأيه عليه‌السلام على آرائهم، وكانوا يرجعون إليه في كل معضلة، ويلجأون إليه في كل مأزق، وأمرهم في ذلك مشتهر حتى أذعن سائر العلماء المعاصرين له ممن ناظرهم بتفوقه العلمي، ولو رأوا أدنى قصور في ذلك لأظهروه سيما وان من حوله يحاولون الكيد له ويتربّصون به وبأصحابه، ولذلك شواهد كثيرة تدل

__________________

(١) بصائر الدرجات: ٢٣١ / ٣.

١٥٥

بمجموعها على أنه عليه‌السلام كان أعلم أهل زمانه وأرجحهم كفة بلا خلاف.

نبوغه المبكر:

ذكر الرواة بوادر كثيرة من ذكائه، كان منها أن المعتصم بعد شهادة الامام الجواد عليه‌السلام عهد إلى عمر بن الفرج الرخجي أن يشخص إلى يثرب ليختار معلماً لأبي الحسن الهادي عليه‌السلام ، وقد عهد إليه أن يكون المعلم معروفاً بالنصب والانحراف عن أهل البيت عليهم‌السلام ليميل به عن نهجهم حسب اعتقاده، فاختار أبا عبد الله الجنيدي الذي وقف ذاهلاً أمام نبوغه وتفوقه، حيث كان يملي على المعلم بما فيه استفاده له، وأذعن المعلم بأنه يتعلم منه ولا يعلمه كما يظن الناس، وانه عليه‌السلام خير أهل الأرض وأفضل من خلق الله تعالى، وأخيراً قال بإمامته وعرف الحق وقال به.

روى المسعودي بإسناده عن الحميري، عن محمد بن سعيد مولى لولد جعفر بن محمد، قال: « قدم عمر بن الفرج الرخجي المدينة حاجاً بعد مضي أبي جعفر الجواد عليه‌السلام فأحضر جماعة من أهل المدينة والمخالفين المعادين لأهل بيت رسول الله عليهم‌السلام ، فقال لهم: ابغوا لي رجلاً من أهل الأدب والقرآن والعلم، لا يوالي أهل هذا البيت، لأضمّه إلى هذا الغلام وأوكله بتعليمه، وأتقدم إليه بأن يمنع منه الرافضة الذين يقصدونه. فأسموا له رجلاً من أهل الأدب يكنى أبا عبد الله، ويعرف بالجنيدي، وكان متقدماً عند أهل المدينة في الأدب والفهم، ظاهر الغضب والعداوة.

فأحضره عمر بن الفرج وأسنى له الجاري من مال السلطان، وتقدم إليه بما أراد، وعرفه أن السلطان أمره باختيار مثله وتوكيله بهذا الغلام، قال: فكان الجنيدي يلزم أبا الحسن عليه‌السلام في القصر بصريا، فإذا كان الليل أغلق الباب

١٥٦

وأقفله، وأخذ المفاتيح إليه، فمكث على هذا مدة، وانقطعت الشيعة عنه وعن الاستماع منه والقراءة عليه.

ثم إني لقيته في يوم جمعة فسلمت عليه، وقلت له: ما حال هذا الغلام الهاشمي الذي تؤدبه؟ فقال منكراً علي: تقول الغلام ولا تقول الشيخ الهاشمي! أنشدك الله هل تعلم بالمدينة أعلم مني؟ قلت: لا. قال: فإني والله أذكر له الحزب من الأدب أظن أني قد بالغت فيه، فيملي علي بما فيه أستفيده منه، ويظن الناس أني أعلمه وأنا والله أتعلم منه.

قال: فتجاوزت عن كلامه هذا كأني ما سمعته منه، ثم لقيته بعد ذلك، فسلمت عليه، وسألته عن خبره وحاله، ثم قلت: ما حال الفتى الهاشمي؟ فقال لي: دع هذا القول عنك، هذا والله خير أهل الأرض، وأفضل من خلق الله تعالى، وإنه لربما همّ بالدخول فأقول له: تنظر حتى تقرأ عشرك. فيقول لي: أي السور تحب أن أقرأها ؟ وأنا أذكر له من السور الطوال ما لم يبلغ إليه، فيهذّها بقراءة لم أسمع أصح منها من أحد قط، بأطيب من مزامير داود النبي التي بها من قراءته يضرب المثل.

قال: ثم قال: هذا مات أبوه بالعراق وهو صغير بالمدينة، ونشأ بين هذه الجواري السود، فمن أين علم هذا؟ قال: ثم ما مرت به الأيام والليالي حتى لقيته فوجدته قد قال بإمامته وعرف الحق وقال به » (١) .

قال الشاعر:

حار فيه فكر الجنيدي مذ

شاهد فيه ما حير الأفكارا

جاء يملي له العلوم صغيراً

فإذا بالصغار تهدي الكبارا (٢)

__________________

(١) إثبات الوصية / المسعودي: ٢٢٢.

(٢) الذخائر / اليعقوبي: ٦٣.

١٥٧

روايات عن مقامه العلمي:

ان أهم صفات الامامة بعد ثبوت النص على الامام، هي السبق في العلم والحكمة، لكونها ضرورة لازمة في الامام لأجل أن يكون أهلاً لهذه المنزلة، وكفؤاً لهذه المسؤولية، وقطباً تلتف حوله الناس، وتطمئن إلى سبقه في العلم والحكمة والمعرفة، وقدرته الفائقة في مواجهة ما تبتلى به الاُمّة والدولة، فلا يحتاج إلى غيره ممن هم محتاجون إلى إمام يهديهم ويرشدهم، اذ لا يصح أن يلتف الناس حول رجل ويسلمون إليه قيادهم، وهم يجدون من هو أعلم منه أو أرجح فهماً وحكمةً ومعرفةً في شؤون الدين والدنيا، وهذه الناحية تكاد تكون بديهية لازمت جميع الأنبياء والأوصياء بين أقوامهم، وهي أشد ما تكون بروزاً وظهوراً في حياة خاتم الأنبياء وأوصيائه عليهم‌السلام .

روى الشيخ الصدوق بالاسناد عن أحمد بن علي الأنصاري، عن الحسن ابن الجهم، قال: « حضرت مجلس المأمون يوماً وعنده علي بن موسى الرضا عليه‌السلام ، وقد اجتمع الفقهاء وأهل الكلام من الفرق المختلفة، فسأله بعضهم فقال له: يا بن رسول الله، بأي شيء تصحّ الامامة لمدعيها؟ قال: بالنص والدليل. قال له: فدلالة الامام فيما هي؟ قال: في العلم واستجابة الدعوة.... » (١) .

وهكذا كان أئمة الهدى عليهم‌السلام ، فلم يعرف عن أحدهم أنه تلكأ يوماً في مسألة، أو أفحمه أحد في حجة، بل كان سبقهم نوعاً من الاعجاز، وأظهر ما يكون ذلك مع الامام محمد الجواد وولده الامام الهادي عليهما‌السلام ، فقد أوتيا العلم والحكمة وفصل الخطاب ولما يبلغا الحلم، وسبقا علماء ومتكلمي عصرهما،

__________________

(١) عيون أخبار الرضا / الشيخ الصدوق ١: ٢١٦.

١٥٨

وشهدوا لهما بالفضل والتقدم والسبق.

وللامام الهادي جملة احتجاجات ومناظرات وأجوبة على مسائل شتى ناظر وأجاب خلالها كثيراً من المناوئين وغيرهم، باسلوب هادئ متين مدعم بالحجة والمنطق والبرهان الساطع، ولم يجتمع إليه أحد من أولئك المناظرين إلا وأذعن بتفوقه العلمي وسبقه المعرفي، وفيما يلي نورد بعض الروايات الدالة على غزارة علمه وتفوقه ورجحان كفته.

١ - سورة تخلو من سبعة أحرف:

في شرح شافية أبي فراس، قال: ومما نقل أن قيصر ملك الروم كتب إلى خليفة من خلفاء بني العباس كتاباً يذكر فيه: إنا وجدنا في الانجيل أنه من قرأ سورة خالية من سبعة أحرف حرّم الله تعالى جسده على النار. وهي: الثاء والجيم والخاء والزاي والشين والظاء والفاء، فإنا طلبنا هذه السورة في التوراة فلم نجدها، وطلبناها في الزبور فلم نجدها، فهل تجدونها في كتبكم؟

فجمع الخليفة العلماء وسألهم في ذلك، فلم يجب منهم أحد عن ذلك إلا النقي علي بن محمد بن الرضا عليه‌السلام ، فقال: إنها سورة الحمد، فإنها خالية من هذه السبعة أحرف. فقيل: الحكمة في ذلك أن الثاء من الثبور، والجيم من الجحيم، والخاء من الخيبة، والزاي من الزقوم، والشين من الشقاوة، والظاء من الظلمة، والفاء من الفرقة أو من الآفة. فلما وصل إلى قيصر وقرأه فرح بذلك فرحاً شديداً، وأسلم لوقته، ومات على الاسلام، والحمد لله رب العالمين (١) .

٢ - معنى المال الكثير:

روى السمعاني والخطيب البغدادي بالاسناد عن الحسين بن يحيى، قال:

__________________

(١) شرح شافية أبي فراس / ابن أمير الحاج: ٥٦٣.

١٥٩

« اعتل المتوكل في أول خلافته، فقال: لئن برئت لأتصدقن بدنانير كثيرة، فلما برئ جمع الفقهاء فسألهم عن ذلك فاختلفوا، فبعث إلى علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر، فسأله فقال: يتصدق بثلاث وثمانين ديناراً. فعجب قوم من ذلك، وتعصب قوم عليه وقالوا: تسأله يا أمير المؤمنين من أين له هذا؟ فرد الرسول إليه، فقال له: قل لأمير المؤمنين: في هذا الوفاء بالنذر، لأن الله تعالى قال: « لقد نصركم الله في مواطن كثيرة » (١) . فروى أهلنا جميعاً أن المواطن في الوقائع والسرايا والغزوات كانت ثلاثة وثمانين موطناً، وأن يوم حنين كان الرابع والثمانين، وكلما زاد أمير المؤمنين في فعل الخير كان أنفع له وأجرى (٢) عليه في الدنيا والآخرة » (٣) .

٣ - جواز تكنية الكافر:

عن كتاب الاستدراك: « نادى المتوكل يوماً كاتباً نصرانياً: أبا نوح، فأنكروا كنى الكتابيين، فاستفتى فاختلف عليه، فبعث إلى أبي الحسن عليه‌السلام ، فوقع عليه‌السلام : ( بِسْمِ اللَّـهِ الرَّ‌حْمَـٰنِ الرَّ‌حِيمِ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ) (٤)، فعلم المتوكل أنه يحل ذلك، لأن الله قد كنى الكافر » (٥) .

٤ - من حلق رأس آدم؟:

روى الخطيب البغدادي بالاسناد عن محمد بن يحيى المعاذي، قال: « قال

__________________

(١) سورة التوبة: ٩ / ٢٤.

(٢) في تاريخ بغداد: وآجر.

(٣) تاريخ بغداد ١٢: ٥٧ / ٦٤٤٠، الأنساب / السمعاني ٤: ١٩٤.

(٤) سورة المسد: ١١١ / ١.

(٥) بحار الأنوار ١٠: ٣٩١ / ٤.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274