الإمام علي الهادي عليه السلام سيرة وتاريخ

الإمام علي الهادي عليه السلام سيرة وتاريخ21%

الإمام علي الهادي عليه السلام سيرة وتاريخ مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
تصنيف: الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام
الصفحات: 274

الإمام علي الهادي عليه السلام سيرة وتاريخ
  • البداية
  • السابق
  • 274 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 137336 / تحميل: 6141
الحجم الحجم الحجم
الإمام علي الهادي عليه السلام سيرة وتاريخ

الإمام علي الهادي عليه السلام سيرة وتاريخ

مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

قال الشاعر:

أنزله في أشنع المنازل

وفخر كل منزل بالنازل

من هو عند ربه مكين

فلا عليه أينما يكون

له رياض القدس مأوى ومقر

خان الصعاليك غطاء للبصر (١)

وقال آخر:

ما رعت للنبي فيه بنو العم

ذماماً ولم يحوطوا ذمارا

أشخصوه مع البريد لسامرا

فلم يلق في سواها قرارا

أنزلوه خان الصعاليك عمداً

مذ أرادوا ذلاً به واحتقارا

ما دروا أنه بدار عليها الله

أرخى دون العيون ستارا (٢)

ثمّ تقدّم المتوكل بافراد دارٍ للامام عليه‌السلام فانتقل إليها، والظاهر أن المتوكل أمر أولاً بحجز الإمام عليه‌السلام وفرض الاقامة عليه في مكان غير لائق، ثمّ أنه لما سمع الاطراء من قادة الجند الموكلين به والذين فتشوا داره، صار مضطرا إلى إكرامه. نقل سبط ابن الجوزي عن علماء السير عن يحيى بن هرثمة أنه قال: « لمّا دخلت على المتوكل سألني عنه فأخبرته بحسن سيرته وسلامة طريقته وورعه وزهادته، وأني فتّشت داره فلم أجد فيها غير المصاحف وكتب العلم، وأن أهل المدينة خافوا عليه، فأكرمه المتوكل وأحسن جائزته وأجزل برّه، وأنزله معه

__________________

كتاب الحجة، بصائر الدرجات / الصفار: ٤٢٦ / ٧ و ٤٢٧ / ١١، الارشاد / الشيخ المفيد ٢: ٣١١، مناقب ابن شهر آشوب ٤: ٤١١، الخرائج والجرائح / القطب الراوندي ٢: ٦٨٠ / ١٠، عيون المعجزات: ١٣٧، الثاقب في المناقب: ٥٤٢

(١) الأنوار القدسية / الشيخ محمد حسين الاصفهاني: ١٠١. (٢) الذخائر / الشيخ محمد علي اليعقوبي: ٦٣.

٨١

سر من رأى » (١) .

ثم أن المؤرخون ذكروا أن أبا الحسن عليه‌السلام أقام مدة مقامه بسرّ من رأى مكرما معظما مبجلاً في ظاهر حاله، والمتوكل يبغي له الغوائل في باطن الأمر، ويجتهد في ايقاع حيلة به، ويعمل على الوضع من قدره في عيون الناس، فلا يتمكن من ذلك ولم يقدره اللّه عليه (٢) .

قال الشاعر:

يا بن النبي المصطفى ووصيه

وابن الهداة السادة الامناء

أناؤوك بغياً عن مرابع طيبة

وقلوبهم ملأى من الشحناء

براً وتعظيماً أروك وفي الخف

يسعون في التحقير والايذاء

كم حاولوا إنقاص قدرك فاعتلى

رغماً لأعلى قنة العلياء

فقضيت بينهم غريباً نائياً

بأبي فديتك من غريب نائي

قاسيت ما قاسيت فيهم صابراً

لعظيم داهية وطول بلاء

__________________

(١) تذكرة الخواص: ٣٢٢، ونحوه في مروج الذهب ٤: ٤٢٢.

(٢) الإرشاد ٢: ٣١١، الفصول المهمة ٢: ١٠٧٠، إعلام الورى ٢: ١٢٦.

٨٢

فلابكينك ما تطاول بي المدى

ولامزجن مدامعي بدمائي (١)

٢ - تفتيش دار الامام:

يصدر المتوكل بين فترة وأخرى أوامره بالتفتيش المفاجئ لدار الإمام عليه‌السلام في سامراء بسبب الخوف والشك والحقد الذي اشتمل على كيانه وأحاط جوانبه، ويتخذ من الوشايات التي ترتفع إليه من النواصب المحيطين به ذريعة لاصدار تلك الأوامر، وقد انتهت جميع محاولات الدهم بالخيبة والفشل الذريع، لأنّهم لم يجدوا شيئا سوى الإمام عليه‌السلام وهو يتلو القرآن أو يتهجد والناس نيام.

عن إبراهيم بن محمد الطاهري - في حديث طويل - قال: « سعى البطحاني (٢) بأبي الحسن عليه‌السلام إلى المتوكل، وقال: عنده سلاح وأموال، فتقدم المتوكل إلى سعيد الحاجب أن يهجم ليلاً عليه، ويأخذ ما يجده عنده من الأموال والسلاح ويحمله إليه. قال إبراهيم: فقال لي سعيد الحاجب: صرت إلى دار أبي الحسن بالليل، ومعي سُلّم، فصعدت منه إلى السطح، ونزلت من الدرجة إلى بعضها في الظلمة، فلم أدر كيف أصل إلى الدار، فناداني أبو الحسن من الدار: يا سعيد، مكانك حتى يأتوك بشمعة، فلم ألبث أن أتوني بشمعة، فنزلت فوجدت عليه جبّة صوف وقلنسوة منها، وسجادته على حصير بين يديه، وهو مقبل على القبلة. فقال لي: دونك البيوت، فدخلتها وفتشتها فلم

__________________

(١) المجالس السنية / السيد محسن الأمين العاملي ٥: ٦٥٥.

(٢) في الكافي: البطحائي العلوي.

٨٣

أجد فيها شيئا... » (١) .

وبالنظر لكثرة اجراءات الكبس والدهم لبيت الامام اضطر عليه‌السلام في أحد المرات الى طرد المأمور الذي قال بامامته تأثراً بشخصيته وهيبته وصدقه.

عن الحسن بن محمد بن جمهور العمي، قال: « سمعت من سعيد الصغير الحاجب قال: بعثني المتوكل وأمرني أن أكبس على علي بن محمد بن الرضا فأنظر ما فعل، ففعلت ذلك، فوجدته يصلي، فبقيت قائماً حتى فرغ، فلما انفتل من صلاته أقبل علي وقال: يا سعيد، لا يكف عني جعفر - أي المتوكل - حتى يقطع إرباً! اذهب واعزب، وأشار بيده الشريفة، فخرجت مرعوباً، ودخلني من هيبته ما لا أحسن أن أصفه، فلما رجعت إلى المتوكل سمعت الصيحة والواعية، فسألت عنه فقيل: قتل المتوكل... » (٢) .

٣ - موارد من الاساءة:

تعرض الامام الهادي عليه‌السلام طيلة مقامه في سرمن رأى لموارد من الاساءة الموجهة اليه من قبل رجال البلاط سيما في زمان المتوكل وأزلام دولته.

وكان أول ذلك أن منعه المتوكل من الخروج ومن لقاء أصحابه، وفرض عليه ملازمة بيته، كما في حديث يوسف بن يعقوب النصراني الذي صار إلى سر من رأى، ليوصل مئة دينار كان نذرها إلى الامام عليه‌السلام قال: عرفت أن المتوكل قد منعه من الركوب وأنه ملازم لداره (٣) .

__________________

(١) اصول الكافي ١: ٤٩٩ / ٤ باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليه‌السلام من كتاب الحجة، الارشاد ٢: ٣٠٣، الخرائج والجرائح ١: ٦٧٦ / ٨.

(٢) الثاقب في المناقب: ٥٣٩.

(٣) راجع: الخرائج والجرائح ١: ٣٩٦ / ٣، بحار الأنوار ٥٠: ١٤٤ / ٢٨.

٨٤

وتعرض أيضاً للحبس، فبقي رهن الاعتقال عند علي بن كركر كما في رواية الحسن بن محمد بن جمهور (١)، وسجنه المتوكل عند حاجبه، وزاره في سجنه هذا الصقر بن أبي دلف لتعاطف حاجب المتوكل معه (٢) .

يقول الشاعر:

قاسى الامام من بني العباس

ما ليس في الوهم وفي القياس

كم مرة من بعد مرة حبس

وهو بما يراه منهم محتبس (٣)

ومن ذلك تجد الامام المعصوم حجة الله في الأرض يتهم بالرياء في صلاته في دار المتوكل (٤) . وينازع من قبل ابن الخصيب على داره التي كان يسكنها، ويطالبه بالانتقال منها وتسليمها إليه (٥) مع أن تلك الدار كان الامام عليه‌السلام قد ابتاعها من دليل بن يعقوب النصراني كاتب بغا الشرابي، ودفن فيها عليه‌السلام (٦) .

ويصرح المتوكل بأنه يريد أن يخجل الامام عليه‌السلام في مواقف عدة منها حادثة الرجل الهندي الذي وقع من ناحية الهند إلى المتوكل وكان يلعب لعبة

__________________

(١) راجع: المناقب لابن شهرآشوب ٤: ٤٣٩، الثاقب في المناقب: ٥٣٦، اعلام الورى ٢: ١٢٣.

(٢) راجع: معاني الأخبار: ١٢٣، الخصال: ٣٩٤ / ١٠٢، إكمال الدين: ٣٨٢ / ٩، كفاية الأثر: ٢٨٥.

(٣) الأنوار القدسية / الشيخ محمد حسين الاصفهاني: ١٠١.

(٤) اثبات الوصية: ٢٣٠.

(٥) الارشاد / الشيخ المفيد١: ٣٠٦، الخرائج والجرائح / القطب الراوندي ٢: ٦٨١ / ١١، ونحوه في أصول الكافي١: ٥٠١ / ذيل الحديث ٦ - باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهما‌السلام من كتاب الحجة.

(٦) راجع: تاريخ بغداد ١٢: ٥٧ / ٦٤٤٠.

٨٥

الحقّة (١) . واقترح أحد الأشرار يوماً على المتوكل أن لا يُخدم الامام عليه‌السلام عند دخوله في دار الملك المأمور بالركوب اليها مرتين في الاسبوع، وأن لا يتبع برفع ستر ولا فتح باب ولا شيء من هذا القبيل، وقال له: ان هذا إذا علمه الناس قالوا: لو لم يعلم استحقاقه للأمر ما فعل به هذا، دعه إذا دخل يشيل لنفسه ويمشي كما يمشي غيره، فتمسه بعض الجفوة، فتقدم المتوكل أن لا يخدم ولا يشال بين يديه ستر (٢) . وفي كل هذه الموارد وغيرها يتخلص الامام عليه‌السلام منها بفضل كرامته عند الله سبحانه.

ومن محاولات المتوكل الرامية الى الاستخفاف بالامام عليه‌السلام ، هو أنه أمره بالترجل والمشي بين يديه يوم الفطر من السنة التي قتل فيها المتوكل ٢٤٧، فمشى الامام عليه‌السلام مع عامة الناس حتى تفصد وجهه عرقاً وكان الجو صيفاً والامام عليه‌السلام لا يستطيع السير إلا متكأ لمرض ألمّ به (٣) .

ويصرح المتوكل أن الأمر الذي أعياه هو أن الامام لم يجالسه على مائدة الشراب التي لم يفارقها المتوكّل، فقد روي بالاسناد عن أبي الطيب يعقوب بن ياسر، قال، كان المتوكل يقول، ويحكم قد أعياني أمر ابن الرضا، وجهدت أن يشرب معي وأن ينادمني فامتنع، وجهدت أن أجد منه فرصة في هذا فلم أجدها (٤) . وهذا يكشف عن سقوط الحاكم على المستوى الأخلاقي، وسعيه الى

__________________

(١) الثاقب في المناقب: ٥٥٥، كشف الغمة ٣: ١٨٣.

(٢) مناقب ابن شهرآشوب ٤: ٤٠٦، بحار الانوار ٥٠: ١٢٨ / ٦.

(٣) إثبات الوصية: ٢٤٠، الخرائج والجرائح ١: ٤٠٢ / ٨، مهج الدعوات: ٣٣٠.

(٤) أصول الكافي١: ٥٠١ / ٨ - باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهما‌السلام من كتاب الحجة، الارشاد / الشيخ المفيد ٢: ٣٠٧، المناقب / ابن شهر آشوب ٤: ٤٠٩.

٨٦

جرّ أشراف الناس الى الرذيلة التي يعيشها.

من هنا كان المتوكل يشهر بالامام عليه‌السلام ويتهمه ويتهم بعض محبيه، فقد روى شيخ الطائفة الطوسيبالاسناد عن المنصوري، عن عم أبيه أبي موسى، قال: دخلت يوماً على المتوكل وهو يشرب فدعاني إلى الشرب، فقلت: يا سيدي، ما شربته قط، قال: أنت تشرب مع علي بن محمد. قال: فقلت له: ليس تعرف من في يدك، إنما يضرك ولا يضره... الحديث (١) .

ومرة اُخرى عزم المتوكل على الاستخفاف بالإمام عليه‌السلام أمام ندمائه عن طريق تقديم الشراب اليه واستنشاده الشعر، فأرسل الأتراك على حين غرّة إلى دار الإمام، وقد أمرهم بحمله عليه‌السلام إليه حتى وإن لم يجدوا مايثير الريبة والاستغراب.

روى المسعودي وغيره بالاسناد عن محمد بن يزيد المبرد، قال: « قد كان سعي بأبي الحسن علي بن محمد إلى المتوكل، وقيل له: إن في منزله سلاحا وكتبا وغيرها من شيعته، فوجّه إليه ليلاً من الاتراك وغيرهم من هجم عليه في منزله على غفلة ممن في داره، فوجده في بيت وحده مغلق عليه، وعليه مدرعة من شعر، ولابساط في البيت إلا الرمل والحصى، وعلى رأسه ملحفة من الصوف متوجها إلى ربه، يترنّم بآيات من القرآن في الوعد والوعيد، فأخذ على ما هو عليه، وحمل إلى المتوكل في جوف الليل، فمثل بين يديه والمتوكل يشرب وفي يده كأس، فلمّا رآه أعظمه وأجلسه إلى جنبه، ولم يكن في منزله شيء ممّا قيل

__________________

(١) مناقب ابن شهر آشوب ٤: ٤١٣ و ٤١٧.

٨٧

فيه ولا حالة يتعلل عليه بها، فناوله المتوكل الكأس الذي في يده، فأبى واعتذر قائلاً: ما خامر لحمي ودمي قطّ فاعفني منه، فعفاه، وقال: أنشدني شعرا أستحسنه، فقال: إني قليل الرواية للأشعار. فقال: لابد أن تنشدني. فأنشده:

باتوا على قُلل الأجبال تحرسهم

غلب الرجال فما أغنتهم القللُ

واستنزلوا بعد عزّ من معاقلهم

وأسكنوا حفرا يا بئس ما نزلوا

ناداهم صارخ من بعد ما قبروا

أين الأسرةُ والتيجانُ والحللُ

أين الوجوه التي كانت منعّمة

من دونها تضرب الأستار والكللُ

فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم

تلك الوجوه عليها الدود يقتتلُ

قد طالما أكلوا دهرا وما شربوا

فأصبحوا بعد طول الإكل قد اُكلوا

وطالما عمّروا دورا لتحصنهم

ففارقوا الدور والأهلين وانتقلوا

وطالما كنزوا الأموال وادّخروا

فخلّفوها على الأعداء وارتحلوا

أضحت منازلهم قفرا معطّلة

وساكنوها إلى الأجداث قد نزلوا

قال: فأشفق كلّ من حضر على عليّ، وظن أن بادرة تبدر منه إليه، قال: واللّه لقد بكى المتوكل بكاءً طويلاً حتى بلّت دموعه لحيته، وبكى من حضره، ثمّ أمر برفع الشراب، ثم قال له: يا أبا الحسن، أعليك دين؟ قال: نعم، أربعة آلاف دينار، فأمر بدفعها إليه وردّه إلى منزله من ساعته مكرما » (١) .

وهكذا لم يكن المتوكل وبطانته يتوقعون أن الإمام عليه‌السلام سوف يصفعهم بمثل

__________________

(١) مروج الذهب ٤: ٣٦٧ - ٣٦٨، وراجع أيضا: تذكرة الخواص / سبط ابن الجوزي ٣٢٢، البداية والنهاية ١١: ١٥، وفيات الأعيان / ابن خلكان ٣: ٢٧٢، الأئمّة الاثنا عشر / ابن طولون: ١٠٧ - منشورات الرضي - قم.

٨٨

هذه العظات التي نزلت كالصاعقة على أسماعه وأسماع ندمائه، لأنها تصور ما سيؤول إليه أمره وأمر أمثاله من الطغاة عبيد الأهواء والشهوات.

قال الشاعر:

وكم أساء المتوكل الأدب

أحضره عند الشراب والطرب

وهو من السنة والكتاب

منزلة اللب من اللباب

أهذه القبائح الشنيعه

بمحضر من صاحب الشريعه

أيطلب الشرب من الامام

وهو ولي عصمة الأحكام

أيطلب الغناء بالأشعار

من معدن الحكمة والأنوار (١)

ولم يكن ذلك اول مواجهة بالشعر من قبل الامام عليه‌السلام امام جبروت المتوكل، فقد روى ابن شهرآشوب عن أبي محمد الفحام، قال: « سأل المتوكل ابن الجهم: من أشعر الناس؟ فذكر شعراء الجاهلية والاسلام، ثم إنه سأل أبا الحسن عليه‌السلام ، فقال عليه‌السلام : الحمّاني حيث يقول:

لقد فاخرتنا من قريش عصابة

بمد خدود وامتداد أصابع

فلما تنازعنا المقال قضى لنا

عليهم بما نهوى نداء الصوامع

ترانا سكوتاً والشهيد بفضلنا

عليهم جهير الصوت في كل جامع

فإن رسول الله أحمد جدنا

ونحن بنوه كالنجوم الطوالع

قال: وما نداء الصوامع، يا أبا الحسن؟ قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، جدي أم جدك؟ فضحك المتوكل ثم قال: هو جدك لا ندفعك عنه » (٢) .

__________________

(١) الأنوار القدسية / الشيخ محمد حسين الاصفهاني: ١٠٠.

(٢) المناقب ٤: ٤٠٦.

٨٩

٤ - امتحانه بمسائل عويصة:

كان المتوكل يعمد الى الطلب من بعض الفقهاء والعلماء أن يمتحنوا أبا الحسن عليه‌السلام بمسائل غامضة صعبة لعلّه لا يهتدي الى جوابها، فيكون ذلك ذريعة للتشهير به وسبباً في الحط من شأنه أمام أولئك العلماء.

ذكر ابن شهرآشوب أن المتوكل قال لابن السكيت: اسأل ابن الرضا مسألة عوصاء بحضرتي، فسأله ابن السكيت وأملى الامام عليه‌السلام عليه جواب تلك المسائل جواباً شافياً فوت به الفرصة على المتوكل من أن ينال منه، وأظهر طاقاته العلمية الهائلة التي هي إحدى العناصر البارزة في معالم شخصيته العظيمة.

ثم أن يحيى بن أكثم ندد بابن السكيت وبإمكانيته في المناظرة، قائلاً: ما لابن السكيت ومناظراته، وإنما هو صاحب نحو وشعر ولغة، ورفع قرطاساً فيه مسائل عديدة، فأملى أبا الحسن عليه‌السلام على ابن أكثم جوابها جميعاً.

وصرح الامام عليه‌السلام في أول الجواب بغرض ابن أكثم من تلك المسائل قائلاً: « بسم الله الرحمن الرحيم، وأنت - فألهمك الله الرشد - أتاني كتابك، فامتحنتنا به من تعنتك لتجد إلى الطعن سبيلاً إن قصرنا فيها، والله يكافيك على نيتك، وقد شرحنا مسائلك، فأصغ إليها سمعك، وذلل لها فهمك، واشغل بها قلبك، فقد لزمتك الحجة والسلام » (١) . فهو عليه‌السلام على احاطة تامة بمحاولات رجال السلطة وفقهاء البلاط وأغراضهم المبيتة.

__________________

(١) الاختصاص / الشيخ المفيد: ٩١، تحف العقول / الحراني: ٤٧٦، المناقب / ابن شهر آشوب ٤: ٤٠٤.

٩٠

٥ - محاولة تصفية الامام عليه‌السلام :

يبدو من بعض الأخبار التي أرخت لسيرة الامام عليه‌السلام أن المتوكل ذهب إلى أبعد مما ذكرنا حيث أراد الاعتداء على حياة الامام عليه‌السلام في أكثر من محاولة، ولكن باءت محاولاته بالخيبة وبقي الامام عليه‌السلام محاطاً بعناية الله وحفظه.

ومن تلك المحاولات ما كان قبل مقتل المتوكل بيومين، كما رواه ابن أرومة حيث قال: « خرجت إلى سر من رأى أيام المتوكل فدخلت إلى سعيد الحاجب، ودفع المتوكل أبا الحسن عليه‌السلام إليه ليقتله فقال لي: أتحب أن تنظر إلى إلهك! فقلت: سبحان الله، إلهي لا تدركه الأبصار! فقال: الذي تزعمون أنه إمامكم؟ قلت: ما أكره ذلك. قال: قد أُمرت بقتله، وأنا فاعله غداً، فإذا خرج صاحب البريد فادخل عليه، فخرج ودخلت وهو جالس وهناك قبر يحفر، فسلمت عليه وبكيت بكاء شديداً، فقال: ما يبكيك؟ قلت: ما أرى. قال: لا تبك إنه لا يتم لهم ذلك، وإنه لا يلبث أكثر من يومين حتى يسفك الله دمه ودم صاحبه ، فوالله ما مضى غير يومين حتى قتل » (١) .

ومنها ما روي عن الصقر بن أبي دلف، قال « لما حمل المتوكل سيدنا أبا الحسن عليه‌السلام جئت أسأل عن خبره، قال: فنظر إلي حاجب المتوكل، فأمر أن أدخل عليه فقال: يا صقر، ما شأنك؟ فقلت: خير أيها الاستاذ. فقال: اقعد. قال الصقر: فأخذني ما تقدم وما تأخر، فقلت: أخطأت في المجيء. قال: فوحّى الناس (٢) عنه، ثم قال: ما شأنك وفيم جئت؟ قلت: لخبر ما. فقال: لعلك جئت تسأل عن خبر مولاك؟ فقلت له: ومن مولاي؟ مولاي أمير المؤمنين. فقال: اسكت مولاك هو الحق فلا تحتشمني فإني على مذهبك. فقلت: الحمد لله.

__________________

(١) كشف الغمة ٣: ١٨٤.

(٢) أي عجلوا الخروج.

٩١

فقال: تحب أن تراه؟ قلت: نعم. قال: اجلس حتى يخرج صاحب البريد. قال: فجلست فلما خرج قال لغلامه: خذ بيد الصقر فأدخله إلى الحجرة التي فيها العلوي المحبوس وخلّ بينه وبينه. قال: فأدخلني إلى الحجرة، وأومأ إلى بيت، فدخلت فإذا هو عليه‌السلام جالس على صدر حصير وبحذاه قبر محفور. قال: فسلمت فرد علي السلام ثم أمرني بالجلوس فجلست، ثم قال: يا صقر، ما أتى بك؟ قلت: سيدي جئت أتعرف خبرك. قال: ثم نظرت إلى القبر فبكيت، فنظر إلي فقال: يا صقر لا عليك، لن يصلوا إلينا بسوء. فقلت: الحمد لله » (١) .

ومنها ما رواه أبو العباس الفضل بن أحمد بن إسرائيل الكاتب، وكان أبوه كاتباً للمعتز، في حديث ذكر فيه أن المتوكل أمر الفتح بن خاقان أن يأتيه بأربعة من الخزر أجلاف لا يفقهون ويدفع إليهم أربعة أسياف، وأمرهم أن يرطنوا بألسنتهم إذا دخل أبو الحسن عليه‌السلام ، وأن يقبلوا عليه بأسيافهم فيخبطوه ويقتلوه، وأرسل الى أبي الحسن عليه‌السلام وهو يقول: والله لأحرقنه بعد القتل. ودخل أبو الحسن عليه‌السلام غير مكترث ولا جازع، فلما بصر به الخزر خروا سجداً مذعنين، ورمى المتوكل بنفسه من السرير إليه، وانكب عليه يقبّل بين عينيه، وهو يقول: ما جاء بك يا سيدي في هذا الوقت؟ قال: جاءني رسولك. فقال المتوكل: كذب ابن الفاعلة، ارجع يا سيدي من حيث جئت. فلما خرج أبو الحسن عليه‌السلام دعا المتوكل الخزر، ثم أمر الترجمان أن يخبره بما يقولون، ثم قال لهم: لِمَ لا تفعلوا ما أمرتكم به؟ قالوا: لشدة هيبته، ورأينا حوله أكثر من مائة سيف

__________________

(١) معاني الأخبار: ١٢٣، الخصال: ٣٩٤ / ١٠٢، إكمال الدين: ٣٨٢ / ٩، كفاية الأثر: ٢٨٥.

٩٢

لم نقدر أن ننالهم، فمنعنا ذلك عما أمرنا به، وامتلات قلوبنا رعباً من ذلك (١) .

دعاء المظلوم على الظالم:

كل مواقف المتوكل المتقدمة دعت الامام عليه‌السلام في آخر المطاف الى التوسل بسهام السحر وسلاح الأنبياء، فتوجه الى قاصم الجبارين منقطعاً إليه متضرعاً داعياً على رأس السلطة وأزلامه، بالدعاء المعروف بدعاء المظلوم على الظالم، وهو من الكنوز التي توارثها أهل البيت عليهم‌السلام ، ولم يلبث المتوكل بعد هذا الدعاء سوى ثلاثة أيام حتى أهلكه اللّه تعالى، لأن دلالة الامام من آل البيت عليهم‌السلام العلم واستجابة الدعوة فضلاً عن النص عليه من آبائه.

روى المسعودي والقطب الراوندي والسيد ابن طاوس في أكثر من طريق بالاسناد عن أبي القاسم البغدادي، عن زرافة، قال: « أنه لما كان يوم الفطر في السنة التي قُتل فيها المتوكل، أمر بني هاشم بالترجّل والمشي بين يديه، وإنّما أراد بذلك أن يترجّل له أبوالحسن عليه‌السلام ، فترجّل بنوهاشم، وترجّل عليه‌السلام فاتكأ على رجلٍ من مواليه، فأقبل عليه الهاشميون، فقالوا له: يا سيدنا، ما في هذا العالم أحد يستجاب دعاؤه فيكفينا اللّه! فقال لهم أبو الحسن عليه‌السلام : في هذا العالم مَن قلامة ظفره أكرم على اللّه من ناقة ثمود، لمّا عقرت وضجّ الفصيل إلى اللّه، فقال اللّه: ( تَمَتَّعُوا فِي دَارِ‌كُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ‌ مَكْذُوبٍ ) (٢)، فقتل المتوكل في اليوم الثالث.

وروي أنه عليه‌السلام قال وقد أجهده المشي: أما إنه قد قطع رحمي، قطع اللّه

__________________

(١) الثاقب في المناقب: ٥٥٦، الخرائج والجرائح ١: ٤١٧ / ٢١، كشف الغمة ٣: ١٨٥.

(٢) سورة هود: ١١ / ٦٥.

٩٣

أجله » (١)، وهذا يوافق ماجاء في التاريخ، فقد كان ترجّل الامام يوم الفطر ومقتل المتوكل في الرابع من شوال سنة ٢٤٧ هـ.

وتضمنت رواية قطب الدين الراوندي والسيد ابن طاوس الدعاء الطويل الذي سمّـاه الإمام عليه‌السلام (دعاء المظلوم على الظالم) قال عليه‌السلام في أوله: « لمّا بلغ مني الجهد رجعت إلى كنوزٍ نتوارثها من آبائنا، وهي أعزّ من الحصون والسلاح والجنن، وهو دعاء المظلوم على الظالم، فدعوت به عليه فأهلكه اللّه ».

والدعاء طويل يكشف عمّا يعانيه الامام عليه‌السلام وشيعته من ظلم المتوكل وعدوانه وطغيانه، وعن عمق إحساسه عليه‌السلام بمعاناة الاُمّة من الحيرة والضياع والحدود المعطلة والأحكام المهملة وغيرها من مظاهر التردّي.

وفيما يلي مقطع منه قال عليه‌السلام : «... اللّهم إنّه قد كان في سابق علمك وقضائك، وماضي حكمك ونافذ مشيئتك في خلقك أجمعين، سعيدهم وشقيهم، وفاجرهم وبرّهم، أن جعلت لفلان بن فلان عليَّ قدرة فظلمني بها، وبغى عليّ لمكانها، وتعزّز عليّ بسلطانه الذي خوّلته إياه، وتجبّر عليّ بعلوّ حاله التي جعلتها له، وغرّه إملاؤك له، وأطغاه حلمك عنه، فقصدني بمكروهٍ عجزتُ عن الصبر عليه، وتعمدني بشرّ ضعفت على احتماله، ولم أقدر على الانتصار لضعفي، والانتصاف منه لذلّي، فوكلته إليك، وتوكّلت في أمره عليك، وتواعدته بعقوبتك، وحذرته سطوتك، وخوفته نقمتك، فظنّ أن حلمك عنه من ضعف، وحسب أن إملاءك له من عجز، ولم تنهه واحدة عن اُخرى، ولا انزجر عن ثانية باُولى، ولكنه تمادى في غيّه، وتتابع

__________________

(١) إثبات الوصية: ٢٤٠، الخرائج ١: ٤٠٢ / ٨، ونحوه مهج الدعوات: ٣٣٠.

٩٤

في ظلمه، ولجّ في عدوانه، واستشرى في طغيانه، جرأةً عليك ياسيدي، وتعرضا لسخطك الذي لاتردّه عن القوم الظالمين، وقلّة اكتراث ببأسك الذي لاتحبسه عن الباغين.

فها أنا يا سيدي مستضعف في يديه، مستضام تحت سلطانه، مستذلّ بعقابه، مغلوب مبغيّ عليّ، مقصود وجلٌ خائف مروّع مقهور، قد قلّ صبري، وضاقت حيلتي، وانغلقت عليّ المذاهب إلاّ إليك، وانسدّت عليّ الجهات إلاّ جهتك، والتبست علي اُموري في رفع مكروهه عني، واشتبهت عليّ الآراء في إزالة ظلمه، وخذلني من استنصرته من عبادك، وأسلمني من تعلّقت به من خلقك طرّا، واستشرت نصيحي فأشار عليّ بالرغبة إليك، واسترشدت دليلي فلم يدلّني إلا عليك، فرجعت إليك يا مولاي صاغراً راغماً مستكيناً عالماً أنه لا فرج لي إلا عندك، ولا خلاص لي إلا بك، أنتجز وعدك في نصرتي، وإجابة دعائي، فانك قلت وقولك الحق الذي لا يردّ ولا يبدل: « ثم بغي عليه لينصرنه الله » (١) وقلت جل جلالك وتقدست أسماؤك: « ادعوني أستجب لكم » (٢) وأنا فاعل ما أمرتني فاستجب لي كما وعدتني، وإني لأعلم يا سيدي أن لك يوماً تنتقم فيه من الظالم للمظلوم، وأتيقن أن لك وقتاً تأخذ فيه من الغاضب للمغضوب، لأنك لا يسبقك معاند ولا يخرج عن قبضتك منابذ، ولا تخاف فوت فائت، ولكن جزعي وهلعي لا يبلغان بي الصبر على أناتك، وانتظار حلمك، فقدرتك يا مولاي فوق كل قدرة، وسلطانك غالب كل سلطان، ومعاد كل أحد إليك وإن

__________________

(١) سورة الحج: ٢٢ / ٦٠.

(٢) غافر: ٤٠ / ٦٠.

٩٥

أمهلته، ورجوع كل ظالم إليك وإن أنظرته، وقد أضرني يا رب حلمك عن فلان بن فلان، وطول أناتك له وإمهالك إياه، وكاد القنوط يستولي علي لولا الثقة بك، واليقين بوعدك.

فان كان في قضائك النافذ وقدرتك الماضية أن ينيب أو يتوب، أو يرجع عن ظلمي أو يكف مكروهه عني، وينتقل عن عظيم ما ركب مني، فصل على محمد وآل محمد، وأوقع ذلك في قلبه الساعة الساعة قبل إزالته نعمتك التي أنعمت بها علي، وتكديره معروفك الذي صنعته عندي.

وإن كان في علمك به غير ذلك، من مقامٍ على ظلمي، فأسألك يا ناصر المظلوم المبغى عليه إجابة دعوتي، فصل على محمد وآل محمد وخذه من مأمنه أخذ عزيز مقتدر، وأفجئه في غفلته مفاجاة مليك منتصر، واسلبه نعمته وسلطانه، وافضض عنه جموعه وأعوانه (١)، ومزق ملكه كل ممزق، وفرق أنصاره كل مفرق، وأعره من نعمتك التي لم يقابلها بالشكر، وانزع عنه سربال عزه الذي لم يجازه بالاحسان، واقصمه يا قاصم الجبابرة، وأهلكه يا مهلك القرون الخالية، وأبره يا مبير الامم الظالمة، واخذله يا خاذل الفئات الباغية، وابتره عمره وابتزه ملكه، وعفّ أثره، واقطع خبره، وأطفئ ناره، وأظلم نهاره، وكور شمسه، وأهشم سوقه، وجذّ سنامه، وأرغم أنفه، ولا تدع له جنة إلا هتكتها، ولا دعامة إلا قصمتها، ولا كلمة مجتمعة إلا فرقتها، ولا قائمة علوّ إلا وضعتها، ولا ركناً إلا وهنته، ولا سبباً إلا قطعته، وأره أنصاره وجنده عباديد بعد الالفة، وشتى بعد اجتماع الكلمة، ومقنعي الرؤوس بعد الظهور على الاُمّة.

__________________

(١) في البحار: وفلّ عنه جنوده وأعوانه.

٩٦

واشف بزوال أمره القلوب المنقلبة الوجلة والافئدة اللهفة، والاُمّة المتحيرة، والبرية الضائعة، وأدل ببواره الحدود المعطلة، والأحكام المهملة، والسنن الدائرة، والمعالم المغيرة، والآيات المحرفة، والمدارس المهجورة، والمحاريب المجفوة، والمساجد المهدومة، وأشبع به الخماص الساغبة، وأرو به اللهوات اللاغبة، والأكباد الظامئة، وأرح به الأقدام المتعبة، واطرقه بليلة لا اخت لها، وساعة لا شفاء منها، وبنكبة لا انتعاش معها، وبعثرة لا إقالة منها، وأبح حريمه، ونغص نعمته، وأره بطشتك الكبرى، ونقمتك المثلى، وقدرتك التي هي فوق كلّ قدرة، وسلطانك الذي هو أعزّ من سلطانه، واغلبه لي بقوتك القوية، ومحالك الشديد، وامنعني بمنعتك التي كل خلق فيها ذليل، وابتله بفقر لا تجبره، وبسوء لا تستره، وكله إلى نفسه فيما يريد، إنك فعال لما تريد... » (١) .

مقتل المتوكل:

كان المتوكل قد بايع بولاية العهد لابنه المنتصر ثمّ المعتز ثمّ المؤيد، ثمّ انه أراد تقديم المعتز لمحبته لاُمه قبيحة، فسأل المنتصر أن ينزل عن العهد فأبى، فكان يُحضره مجلس العامة ويحطّ من منزلته ويهدده ويشتمه ويتوعده، واتفق أن انحرف الترك عن المتوكل لاُمور، فاتفق الأتراك مع المنتصر على قتل أبيه، فدخل عليه خمسة في جوف الليل وهو سكران ثمل في مجلس لهوه، فقتلوه هو ووزيره الفتح بن خاقان، ثم بايعوا المنتصر بالخلافة، وأشاعوا أن الفتح قد قتل المتوكل فقتلناه به، ثم أخذوا البيعة من سائر بني العباس وسائر أمراء الجيش وذلك لأربع خلون من شوال سنة ٢٤٧ هـ.

__________________

(١) مهج الدعوات: ٣٣٠، بحار الأنوار ٩٥: ٢٣٤ / ٣٠.

٩٧

وجاء في رواية ابن الأثير: أن المتوكل شرب في تلك الليلة أربعة عشر رطلاً، وهو مستمر في لهوه وسروره إلى الليل بين الندماء والمغنين والجواري (١)، وانتهت بمقتل المتوكل صفحة سوادء من تاريخ الظلم والجور، وكان قتله خزيا له في الدنيا « ولعذاب الآخرة أشقُّ وما لهم من اللّه من واق » (٢) .

قال الشاعر:

فانتصر الله له بالمنتصر

وهكذا أخذ عزيز مقتدر

عاجله المنتقم القهار

بضربة تقدح منها النار

فانهار في نار الجحيم الموصده

مخلداً في عمد ممدده (٣)

٤ - المنتصر:

هو محمد بن المتوكل بن المعتصم، بويع له بعد قتل أبيه في شوال سنة ٢٤٧ هـ، واعدّ كتابا قرأه أحمد بن الخصيب أن الفتح بن خاقان قد قتل المتوكل فقتلته به، فبايعه الناس، واستمرت خلافته ستة أشهر ويومين، ولم تشر هذه الفترة القليلة إلى أي بادرة سوء من المنتصر تجاه الإمام عليه‌السلام وشيعته.

كان المنتصر يخالف أباه في الموقف من أهل البيت عليهم‌السلام ، ومن جملة مخالفاته أنه حينما كان عبادة المخنث ينتقص أمير المؤمنين عليه‌السلام بحضور المتوكل وجملة من النواصب كعلي بن الجهم الشاسي وأبي السمط الشاعر، قال له المنتصر يوماً: يا

__________________

(١) الكامل في التاريخ ٦: ١٣٦، تاريخ الخلفاء / للسيوطي: ٢٧١، البداية والنهاية ١٠: ٣٤٩.

(٢) سورة الرعد: ١٣ / ٣٤.

(٣) الأنوار القدسية: ١٠١.

٩٨

أمير المؤمنين، إن علياً ابن عمك، فكل أنت لحمه إذا شئت، ولا تخل مثل هذا الكلب وأمثاله يطمع فيه، فقال المتوكل للمغنين: غنّوا:

غار الفتى لابن عمه

رأس الفتى في حرّ أمّه (١)

وحينما تغير عليه أبوه بتقديم المعتز عليه في ولاية العهد، والانتقاص منه والحط من منزلته بمحضر العامة، بدأ المنتصر يخالفه في كلّ شيء، فقد قتل أباه وخلع أخويه المعتز والمؤيد من ولاية العهد الذي عقده لهما المتوكل بعده (٢)، كما أحسن إلى الطالبيين بشكل عام والعلويين بشكل خاص، وكان أبوه قد أفرط في الاساءة اليهم.

قال أبو الفرج: كان المنتصر يظهر الميل إلى أهل هذا البيت، ويخالف أباه في أفعاله، فلم يجرِ منه على أحد منهم قتل أو حبس ولا مكروه فيما بلغنا، واللّه أعلم (٣) .

وقال في موضع آخر ذكر فيه حصار المتوكل للطالبيين، ثم قال: إلى أن قُتل المتوكل، فعطف المنتصر على العلويين ووجه بمال فرّقه فيهم، وكان يؤثر مخالفة أبيه في جميع أحواله ومضادة مذهبه طعنا عليه، ونصرة لفعله (٤) .

وذكر المؤرخون كثيرا من إجراءاته المخالفة لأبيه في الموقف من الطالبيين والعلويين؛ قال ابن الأثير: أمر الناس بزيارة قبر علي والحسين عليهما‌السلام ، وآمن

__________________

(١) تاريخ ابن الوردي١: ٣٠٩.

(٢) راجع: الكامل في التاريخ ٦: ١٤٦ حوادث سنة ٢٤٨، تاريخ الخلفاء / السيوطي: ٢٧٧.

(٣) مقاتل الطالبيين: ٤١٩.

(٤) مقاتل الطالبيين: ٣٩٦.

٩٩

العلويين وكانوا خائفين أيام أبيه، وأطلق وقوفهم، وأمر بردّ فدك إلى ولد الحسن والحسين ابني علي بن أبيطالب عليه‌السلام .

وذكر أن المنتصر لمّا ولي الخلافة كان أول ما أحدث أن عزل والي المدينة صالح بن علي، واستعمل عليها علي بن الحسن (١) بن إسماعيل بن العباس بن محمد، قال علي: فلما دخلت أودّعه قال لي: يا علي، إنّي اُوجّهك إلى لحمي، ودمي - ومدّ جلد ساعده - وقال: إلى هذا اُوجهك، فانظر كيف تكون للقوم، وكيف تعاملهم - يعني آل أبي طالب - فقال: أرجو أن أمتثل أمر أمير المؤمنين إن شاء اللّه، فقال: إذن تسعد عندي (٢) .

ومات المنتصر رحمه‌الله في ربيع الآخر سنة ٢٤٨ لعلّة لم تمهله طويلاً، وقيل: بل فصده الطبيب بمبضع مسموم فمات منه (٣) .

٥ - المستعين:

وهو أحمد بن المعتصم، أخو الواثق والمتوكل، بويع سنة ٢٤٨ هـ، وقتل سنة ٢٥٢ هـ، وكان مستضعفا في رأيه وعقله وتدبيره، وكانت أيامه كثيرة الفتن، ودولته شديدة الاضطراب حتى خلع ثمّ قتل (٤) .

وكانت البيعة له بعد أن خلع المنتصر أخويه المؤيد والمعتز من ولاية العهد، بتدبير من أحمد بن الخصيب والاتراك، خوفاً من أن يلي أحدهما فيقتلهم

__________________

(١) في تاريخ الطبري ٩: ٢٥٤ (علي بن الحسين).

(٢) الكامل في التاريخ ٦: ١٤٩ حوادث سنة ٢٤٨، وراجع أيضا: تاريخ ابن الوردي ١: ٣١٥، سير أعلام النبلاء ١٢: ٤٢، تاريخ الخلفاء للسيوطي: ٢٧٦.

(٣) الكامل في التاريخ ٦: ١٤٨.

(٤) الفخري في الآداب السلطانية: ٢٤١.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

منها الغلول(١) .

( دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنه جمع أهل الكوفة ليقسم بينهم متاعا اجتمع عنده، فقام رجل فاشتمل على مغفر فاخذه، فرفع إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقال: « ليس عليه قطع، لأنه شريك في المتاع فليس بسارق، ولكنه خائن ».

وعنهعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « ولا قطع في الغلول ».

٢٤ -( باب أنه لا يقطع السراق في عام المجاعة في شئ مما يؤكل)

[ ٢٢٣٢٧ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « لا يقطع السارق في عام سنة » يعني مجاعة.

[ ٢٢٣٢٨ ] ٢ - الشيخ الطوسي في النهاية: روي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « لا قطع على من سرق شيئا من المأكول في عام مجاعة ».

٢٥ -( باب حكم من أخذ شيئا من بيت المال عارية أو غير عارية)

[ ٢٢٣٢٩ ] ١ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن عبد الله، عن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان، عن أبي الحسين محمد بن علي بن الفضل بن عامر

__________________

(١) تقدم في الحديث ١ من الباب ١٤ من أبواب حد السرقة.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٧٢ ح ١٦٨٤.

الباب ٢٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٧٣ ح ١٦٩٣.

٢ - النهاية ص ٧١٩.

الباب ٢٥

١ - الاختصاص ص ١٥١.

١٤١

الكوفي، عن أبي عبد الله الحسين بن محمد بن الفرزدق الفزاري البزاز، عن أبي عيسى محمد بن علي بن عمرو الطحان، وهو الوراق، عن أبي محمد الحسن بن موسى، عن علي بن أسباط، عن غير واحد من أصحاب ابن دأب، عنه، في كلام طويل له في فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام ، إلى أن قال: وبعث إليه من البصرة من غوص البحر مخنقة(١) لا تدرى قيمته، فقالت له ابنته أم كلثوم: يا أمير المؤمنين، أتجمل به ويكون في عنقي، فقال: « يا أبا رافع، ادخله إلى بيت المال، ليس إلى ذلك سبيل حتى لا تبقى امرأة من المسلمين إلا ولها مثل مالك ».

٢٦ -( باب حكم الصبيان إذا سرقوا)

[ ٢٢٣٣٠ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده: « أن علياعليهم‌السلام رفع إليه غلام قد سرق قبل أن يبلغ، فحك إبهامه، ثم قال: لئن عدت لأقطعن يدك ».

[ ٢٢٣٣١ ] ٢ - وبهذا الاسناد: عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده: « أن علياعليهم‌السلام رفع إليه غلام قد سرق لم يحتلم، فقطع أنملة إصبعه الخنصر، ثم قال: ما فعل ذلك أحد، غير رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وغيري ».

[ ٢٢٣٣٢ ] ٣ - وبهذا الاسناد: عن عليعليه‌السلام قال: « الغلام لا يقطع، حتى تصلب يداه، وحتى يسطع ريح إبطيه ».

__________________

(١) المخنقة: القلادة، ( مجمع البحرين ج ٥ ص ١٦٠ ) وما في المصدر: بتحفة لا يدرى ما قيمتها.

الباب ٢٦

١ - الجعفريات ص ١٤١.

٢ - الجعفريات ص ١٤١.

٣ - الجعفريات ص ١٤١.

١٤٢

[ ٢٢٣٣٣ ] ٤ - وبهذا الاسناد: عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، قال: « كان عليعليه‌السلام إذا شك في احتلام الغلام وقد سرق، حك أصابعه ولم يقطعه، فإذا سرق ربع دينار قطع أصابعه، ولا يقطع الكف في أقل من عشرة دراهم فصاعدا ».

[ ٢٢٣٣٤ ] ٥ - أخبرنا أبو محمد، وهو عبد الله المذكور في أول السند، قال: كتب إلي محمد بن محمد بن الأشعث: ( حدثنا ابن وهو محمد بن عبد الله بن يزيد )(١) حدثنا الرازي، عن عنبسة، عن علي بن عبد الأعلى، عن أبيه، عن عامر بن معمر، عن ابن الحنفية، قال: أتي عليعليه‌السلام بغلام قد سرق بيضة(٢) هي من حديد، فشك في احتلامه، فقطع بطون أنامله، ثم قال: « إن عدت لأقطعنك ».

[ ٢٢٣٣٥ ] ٦ - وبالاسناد الأول: عن جعفر بن محمد، عن أبيه: « ان علياعليهم‌السلام أتي بلص جارية سرقت ولم تحض، فضربها أسواطا ولم يقطعها ».

[ ٢٢٣٣٦ ] ٧ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في حديث قال: « والصبي متى سرق، عفي عنه مرتين أو مرة، فان عاد قطع أسفل من ذلك ».

__________________

٤ - الجعفريات ص ١٤٠.

٥ - الجعفريات ص ١٤١.

(١) كذا في المخطوط، وفي المصدر زيادة: حكام بن مسلم، والظاهر أن الصواب محمد بن عبد الله بن نمير، عن حكم بن سلم الرازي، عن عنبسة ( راجع تهذيب التهذيب ج ٢ ص ٤٢٢، وتقريب التهذيب ج ١ ص ١٩٠ ).

(٢) بيضة الحديد: الخوذة، ولباس الرأس في الحرب ( لسان العرب ج ٧ ص ١٢٧ ).

٦ - الجعفريات ص ١٣٨.

٧ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٧.

١٤٣

[ ٢٢٣٣٧ ] ٨ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنه أتي بغلام سرق، فحك بطون أنملتيه(١) الابهام والمسبحة حتى أدماهما، وقال: « لئن عدت لأقطعنهما وقال: ما عمل به أحد بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله غيري ».

وقال: « الغلام لا يجب عليه الحد، حتى يحتلم وتسطع رائحة إبطه ».

وقد جاء عنهعليه‌السلام ، أنه قطع من أنامله، ويقع اسم القطع على الحك، وليس هذا بحد وإنما هو أدب، ويجب على الغلام إذا فعل فعلا يجب فيه الحد(٢) على الكبير أن يؤدب، وفي حكه أنامل الغلام مع ما تواعده به تغليظ مع الأدب، وإيهام أنه إن عاد قطعت يده، ويكون قد أضمرعليه‌السلام بقوله: « إن عدت لأقطعنها »، يعني إن عدت بعد أن تبلغ، فأجمل ذلك الوعيد له وأبهمه تغليظا عليه وتشديدا، لئلا يعود، وليس في هذا ومثله(٣) من الأدب شئ محدود.

[ ٢٢٣٣٨ ] ٩ - فقه الرضاعليه‌السلام : « أتي أمير المؤمنينعليه‌السلام بصبي قد سرق، فأمر بحك أصابعه على الحجر حتى خرج الدم، ثم أتي به ثانية وقد سرق، فأمر بأصابعه فشرطت، ثم أتي به ثالثة وقد سرق، فقطع أنامله ».

[ ٢٢٣٣٩ ] ١٠ - عوالي اللآلي: عن ابن مسعود: ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أتي بجارية سرقت، فوجدها لم تحض، فلم يقطعها.

__________________

٨ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٧٥ ح ١٧٠٥.

(١) في المخطوط: أنملته، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في نسخة القطع ( منه قده ).

(٣) في نسخة مثل هذا ( منه قده ).

٩ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٢.

١٠ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٥٦٦ ح ٨١.

١٤٤

٢٧ -( باب حكم سرقة العبد)

[ ٢٢٣٤٠ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، ( عن عليعليهم‌السلام (١) « أنه أتي بعبد قد سرق وزنى، فضربه وقطعه جميعا في مكان واحد ».

[ ٢٢٣٤١ ] ٢ - وبهذا الاسناد: عن عليعليه‌السلام : أنه قطع عبدا سرق من النفل(١) .

[ ٢٢٣٤٢ ] ٣ - وبهذا الاسناد: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام : أنه قال: « عبد الامارة إذا سرق لم اقطعه، لأنه فئ ».

[ ٢٢٣٤٣ ] ٤ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا سرق العبد من مال مولاه لم يقطع، وإذا سرق من مال ( غير مولاه قطع )(١) ».

[ ٢٢٣٤٤ ] ٥ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « عبيد الامارة، إذا سرقوا من مال الامارة لم يقطعوا، وإذا سرقوا من غيره(١) قطعوا ».

__________________

الباب ٢٧

١ - الجعفريات ص ١٣٩.

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٢ - الجعفريات ص ١٣٩.

(١) الأنفال الغنائم، واحدها: نفل ( مجمع البحرين ج ٦ ص ٤٨٥ ). وفي المصدر: القتل.

٣ - الجعفريات ص ١٣٩.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٧١ ح ١٦٨٢.

(١) في المصدر: غيره يقطع.

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٧٢ ح ١٦٨٣.

(١) في المصدر: غير مال الامارة.

١٤٥

[ ٢٢٣٤٥ ] ٦ - الصدوق في المقنع: وليس على العبد إذا سرق من مال مولاه قطع.

[ ٢٢٣٤٦ ] ٧ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإذا سرق يعني المملوك فعلى مولاه إما يسلمه للحد، وإما يغرمه عما قام عليه الحد ».

٢٨ -( باب أنه لا بد من العلم بتحريم السرقة في لزوم القطع، ولا بد من حسم يد السارق إذا قطعت وعلاجها، والانفاق عليه حتى تبرأ، وأمره بالتوبة، واستحباب تولية الشاهدين القطع)

[ ٢٢٣٤٧ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنه كان إذا قطع السارق، حسمه بالنار، كي لا ينزف دمه فيموت.

[ ٢٢٣٤٨ ] ٢ - وعنهعليه‌السلام : أنه أمر بقطع سراق، فلما قطعوا، أمر ( بحسمهم فحسموا )(١) ، ثم قال: « يا قنبر، خذهم إليك فداو كلومهم(٢) ، وأحسن القيام عليهم، فإذا برؤوا فأعلمني » فلما برؤوا أتاه، فقال: يا أمير المؤمنين، قد برئت جراحتهم، قال: « اذهب فاكس كل رجل منهم ثوبين، وائتني بهم » ففعل وأتاه بهم(٣) كأنهم قوم ( محرمون )(٤) ، قد اتزر كل واحد منهم بثوب وارتدى بآخر، فمثلوا بين يديه، فاقبل على الأرض ينكتها بإصبعه مليا، ثم رفع رأسه فقال: « اكشفوا أيديكم »

__________________

٦ - المقنع ص ١٥١.

٧ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٢.

الباب ٢٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٧٠ ح ١٦٧٥. ٢ دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٧٠ ح ١٦٧٨.

(١) في المخطوط: بحبسهم وما أثبتناه من المصدر وحسم العرق: قطعه.

(٢) كلومهم: الكلوم: جمع كلم، وهو الجرح ( القاموس المحيط كلم ج ٤ ص ١٧٢ ).

(٣) في نسخة فأتى بهم إليه.

(٤) في المخطوط: محرومون، وما أثبتناه من المصدر.

١٤٦

فكشفوها، فقال: « ارفعوها إلى السماء، ثم قولوا: اللهم إن عليا قطعنا » ففعلوا، فقال: « اللهم على كتابك وسنة نبيك، ثم قال لهم: يا هؤلاء، إن أيديكم سبقتكم إلى النار، فان أنتم تبتم انتزعتم أيديكم من النار، وإلا لحقتم بها ».

[ ٢٢٣٤٩ ] ٣ - عوالي اللآلي: روي: أن امرأة سرقت حليا فأتي بها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالت: يا رسول الله، هل لي من توبة؟ فانزل الله تعالى: ( فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فان الله يتوب عليه )(١) .

[ ٢٢٣٥٠ ] ٤ - وروي أنه أتي برجل قد سرق، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « اذهبوا به فاقطعوا يده، ثم احسموه ».

[ ٢٢٣٥١ ] ٥ - وروي: ان علياعليه‌السلام ، كان إذا قطع سارقا حسمه بالزيت.

٢٩ -( باب أن السارق إذا تاب سقط عنه القطع دون الغرم، وحكم العفو عن السارق)

[ ٢٢٣٥٢ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « من أخذ لصا يسرق متاعه فعفا عنه فلا بأس، وإن رفعه إلى السلطان ( قطع يده )(١) وإن عفا عنه، أو قال: وهبت له ما سرق، بعد أن رفعه إلى السلطان، لم يجز ذلك ويقطع ».

__________________

٣ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٥٦٥ ح ٧٥.

(١) المائدة ٥: ٣٩.

٤ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٥٦٥ ح ٧٧.

٥ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٥٦٥ ح ٧٨.

الباب ٢٩

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٦٨ ح ١٦٦٨.

(١) في المصدر: قطعه.

١٤٧

[ ٢٢٣٥٣ ] ٢ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده: « أن علياعليهم‌السلام ، قضى في رجل سرق ناقة أو بقرة أو شاة، فنتجت عنده ثم ندم، قال: توبته أن يردها وما معها من ولدها » قال: جعفر بن محمدعليهما‌السلام : « ذلك السارق مباح أن يرد ما لم يعلم به، فأما ان علم به قبل أن يرد، قطع السارق، وأخذت منه وأولادها ».

٣٠ -( باب حكم سرقة الآبق والمرتد)

[ ٢٢٣٥٤ ] ١ - الصدوق في المقنع: والعبد إذا أبق من مواليه ثم سرق، لم يقطع وهو آبق، لأنه مرتد عن الاسلام، ولكن يدعى إلى الرجوع إلى مواليه، والدخول في الاسلام، فإن أبى أن يرجع إلى مواليه، قطعت يداه بالسرقة ثم قتل(١) ، والمرتد إذا سرق بمنزلته.

٣١ -( باب أنه إذا اشترك جماعة في نحر بعير قد سرقوه وأكلوه، قطعت أيمانهم مع الشرائط)

[ ٢٢٣٥٥ ] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا اشترك النفر في السرقة، قطعوا جميعا ».

__________________

٢ - الجعفريات ص ١٤٠.

الباب ٣٠

١ - المقنع ص ١٥٢.

(١) في المصدر: يقتل.

الباب ٣١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٧٦ ح ١٧٠٩.

١٤٨

٣٢ -( باب أن المملوك إذا أقر بالسرقة لم يقطع، وإذا قامت عليه بينة قطع)

[ ٢٢٣٥٦ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فان أقر العبد على نفسه بالسرقة، لم يقطع ولم يغرم مولاه، لأنه أقر في مال غيره ».

٣٣ -( باب في نوادر ما يتعلق بأبواب حد السرقة)

[ ٢٢٣٥٧ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنه أتي بمجنون قد سرق، فأرسله وقال: « لا قطع على مجنون ».

[ ٢٢٣٥٨ ] ٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « من قطعت يده أو رجله على سرقة، فمات فلا دية له، والحق قتله ».

[ ٢٢٣٥٩ ] ٣ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد،، عن جده: « أن رجلا أتى علياعليهم‌السلام ، فقال: يا أمير المؤمنين، إن لصا دخل على امرأتي فسرق حليها، فقال عليعليه‌السلام : أما انه لو دخل على ابن صفية، ما رضي بذلك حتى تعمد بالسيف ».

[ ٢٢٣٦٠ ] ٤ - وبهذا الاسناد: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام : أنه قال: « من أسرق السراق من سرق من لسان الأمير، ومن أعظم الخطايا اقتطاع مال امرئ مسلم بغير حق ». الخبر.

__________________

الباب ٣٢

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٢.

الباب ٣٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٧٣ ح ١٦٩٢.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٧٠ ح ١٦٧٦.

٣ - الجعفريات ص ١٤٠.

٤ - الجعفريات ص ٢٤٠.

١٤٩

[ ٢٢٣٦١ ] ٥ - وبهذا الاسناد: عن عليعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في حديث: ولا سرق سارق إلا حسب من رزقه ».

[ ٢٢٣٦٢ ] ٦ - عوالي اللآلي: روي في الحديث: أن أول من قطع بالسرقة في الاسلام من الرجال: الجبار بن عدي بن نوفل بن عبد مناف، ومن النساء: مرة بنت سفيان بن عبد الأسد من بني مخزوم.

[ ٢٢٣٦٣ ] ٧ - وروي: أن آية السرقة نزلت في أبي طعيمة بن أبيرق الظفري سارق الدرع، وروى الزهري، عن صفوان بن أمية، أنه قيل له: من لم يهاجر يهلك، فقدم صفوان المدينة، فنام في المسجد وتوسد رداءه فجاء سارق فأخذ رداءه من تحت رأسه، فأخذ صفوان السارق فجاء به إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأمر به أن تقطع يده، فقال صفوان: لم أرد هذا، هو عليه صدقة، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « فألا قبل أن تأتيني به ».

[ ٢٢٣٦٤ ] ٨ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: عن عليعليه‌السلام ، قال: « أسرق السراق من سرق من لسان الأمير » الخبر.

[ ٢٢٣٦٥ ] ٩ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أن أسرق السراق من سرق من صلاته » قيل: يا رسول الله، كيف يسرق صلاته؟ قال: « لا يتم ركوعها ولا سجودها ».

[ ٢٢٣٦٦ ] ١٠ - العياشي في تفسيره: عن الحسن بن علي الوشاء قال:

__________________

٥ - الجعفريات ص ٥٤.

٦ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٥٦٤ ح ٧٢.

٧ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٥٦٤ ح ٧٣.

٨ - كتاب الغايات ص ٨٦.

٩ - كتاب الغايات ص ٨٦.

١٠ - تفسير العياشي ج ٢ ص ١٨٦ ح ٥٤.

١٥٠

سمعت الرضاعليه‌السلام ، يقول: « كانت الحكومة في بني إسرائيل، إذا سرق أحد شيئا استرق به، وكان يوسف عند عمته وهو صغير، وكانت تحبه، وكانت لإسحاق منطقة ألبسها يعقوب، وكانت عند أخته، وأن يعقوب طلب يوسف من عمته فاغتمت لذلك، وقالت له: دعه حتى أرسله إليك، فأرسلته وأخذت المنطقة فشدتها في وسطه تحت الثياب، فلما أتى يوسف أباه جاءت فقالت: سرقت المنطقة؟ ففتشته فوجدتها في وسطه، فلذلك قال اخوة يوسف حيث جعل الصاع في وعاء أخيه، فقال لهم يوسف: ما جزاء من وجدناه في رحلة؟ قالوا: جزاؤه باجزاء السنة التي تجري فيهم، فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه، ثم استخرجها من وعاء أخيه، فلذلك قال اخوة يوسفعليه‌السلام :( إِن يَسْرِ‌قْ فَقَدْ سَرَ‌قَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ) (١) يعنون المنطقة، فأسرها يوسف في نفسه، ولم يبدها لهم ».

وروي ما يقرب منه عن إسماعيل بن همام(٢) ، عنهعليه‌السلام ، وفيه: « وكان إذا سرق أحد في ذلك الزمان، دفع إلى صاحب السرقة »(٣) .

[ ٢٢٣٦٧ ] ١١ - القطب الراوندي في الخرائج: روي عن الأصبغ بن نباتة، قال: دخلت في بعض الأيام على أمير المؤمنينعليه‌السلام في جامع الكوفة، وإذا بجم غفير ومعهم عبد أسود، فقالوا: يا أمير المؤمنين، هذا العبد سارق، فقال له الامام: « أسارق أنت يا غلام؟ » فقال له: نعم، فقال له مرة ثانية: « أسارق أنت يا غلام؟ » فقال: نعم يا مولاي، فقال له الامام: « إن قلتها ثالثة قطعت يمينك، فقال: أسارق أنت يا غلام؟ »

__________________

(١) يوسف ١٢: ٧٧.

(٢) في المخطوط: « إسماعيل بن هانئ »وما أثبتناه من المصدر هو الصواب ( راجع معجم رجال الحديث ج ٣ ص ١٩٦ ).

(٣) نفس المصدر ج ٢ ص ١٨٥ ح ٥٣.

١١ - الخراج والجرائح: والبحار ج ٤٠ ص ٢٨١ عن الروضة والفضائل لابن شاذان ص ١٨١.

١٥١

قال: نعم يا مولاي، فأمر الامام بقطع يمينه، فقطعت فأخذها بشماله وهي تقطر دما، فلقيه ابن الكوا وكان يشنأ أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال له: من قطع يمينك؟ قال: قطع يميني الأنزع البطين، وباب اليقين، وحبل الله المتين، والشافع يوم الدين، المصلي إحدى وخمسين، وذكر مناقب كثيرة إلى أن قال: فلما فرغ الغلام من الثناء ومضى لسبيله، دخل عبد الله ابن الكوا على الامام فقال له: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : « السلام على من اتبع الهدى، وخشي عواقب الردى ». فقال له: يا أبا الحسنين، قطعت يمين غلام اسود، وسمعته يثني عليك بكل جميل، قال: « وما سمعته يقول »؟ قال: قال كذا، وأعاد عليه جميع ما قال الغلام، فقال الامام لوليده الحسن والحسينعليهما‌السلام : « أمضيا وائتياني بالعبد » فمضيا في طلبه في كندة، فقالا له: « أجب أمير المؤمنين، يا غلام » قال: فلما مثل بين يدي أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال له: « قطعت يمينك، وأنت تثني علي بما قد بلغني » فقال: يا أمير المؤمنين، ما قطعتها إلا بحق واجب، أوجبه الله ورسوله، فقال الإمامعليه‌السلام : « أعطني الكف » فأخذ الامام الكف وغطاه بالرداء، وكبر وصلى ركعتين، وتكلم بكلمات سمعته يقول في آخر دعائه: « آمين رب العالمين » وركبه على الزند، وقال لأصحابه: « اكشفوا الرداء عن الكف » فكشفوا الرداء عن الكف، وإذا الكف على الزند بإذن الله تعالى.

[ ٢٢٣٦٨ ] ١٢ - الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة: بإسناده عن الفضل بن شاذان، عن عبد الرحمان، عن ابن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « القائمعليه‌السلام يهدم المسجد الحرام إلى أن قال وقطع أيدي بني شيبة السراق، وعلقها على الكعبة ».

[ ٢٢٣٦٩ ] ١٣ - الصدوق في العلل: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن

__________________

١٢ - الغيبة للطوسي ص ١٨٢.

١٣ - علل الشرائع ص ٤١٠ ح ٥ وعنه في البحار ج ٥٢ ص ٣١٧ ح ١٤.

١٥٢

أحمد بن محمد، عن علي بن الحسن التيمي، عن أخويه محمد واحمد، عن علي بن يعقوب الهاشمي، عن مروان بن مسلم، عن سعيد بن عمرو الجعفي، عن رجل من أهل مصر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « أما إن قائمنا لو قد قام، لقد أخذ بني شيبة، وقطع أيديهم وطاف بهم، وقال: هؤلاء سراق الله » الخبر.

[ ٢٢٣٧٠ ] ١٤ - عوالي اللآلي: وروي في حديث: أن امرأة كانت تستعير حليا من أقوام فتبيعه، فأخبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بحالها، فأمر بقطع يدها.

[ ٢٢٣٧١ ] ١٥ - وفيه: وفي الحديث: أنه كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده، فأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بها، فقطعت يدها.

[ ٢٢٣٧٢ ] ١٦ - أبو الحسن القطب الكيدري في شرح النهج: في الخطبة الشقشقية قال: قال صاحب المعارج: وجدت في الكتب القديمة: أن الكتاب الذي دفعه إليهعليه‌السلام رجل من أهل السواد، كان فيه مسائل منها: قطع واحد يد انسان، والدم يسيل منه، فحضر أربعة شهود عند الامام وشهدوا على من قطع يده، أنه محصن زان، فأراد الامام أن يرجمه فمات قبل الرجم، فقال الإمامعليه‌السلام : « على من قطع يده دية يده فحسب، ولو شهدوا عليه بأنه سرق نصابا، لا تجب دية يده على قاطعها ».

__________________

١٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٣١ ح ٥.

١٥ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٥٥ ح ١٣٠.

١٦ - شرح النهج ج ١ ص ١٩٩.

١٥٣

١٥٤

أبواب حد المحارب

١ -( باب أقسام حدودها وأحكامها)

[ ٢٢٣٧٣ ] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام ، أنه قال: « قدم على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قوم من بني ضبة مرضى، فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أقيموا عندي، فإذا بئتم بعثتكم في سرية، فاستوخموا المدينة، فأخرجهم إلى إبل الصدقة، وأمرهم أن يشربوا من ألبانها وأبوالها يتداوون بذلك، فلما برئوا واشتدوا قتلوا ثلاثة نفر كانوا في الإبل يرعونها، واستاقوا الإبل وذهبوا بها يريدون مواضعهم، فبلغ ذلك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأرسلني في طلبهم فلحقت بهم(١) قريبا من ارض اليمن، وهم في واد قد وحلوا(٢) فيه ليس يقدرون على الخروج منه فأخذتهم وجئت بهم إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فتلا عليهم هذه الآية( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِ‌بُونَ اللَّـهَ وَرَ‌سُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْ‌ضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا ) (٣) ، الآية، ثم قال: القطع، فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ».

__________________

أبواب حد المحارب

الباب ١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٧٦ ح ١٧١١.

(١) في نسخة: فلحقتهم ( منه قده ).

(٢) في المصدر: ولجوا.

(٣) المائدة: ٥: ٣٣.

١٥٥

[ ٢٢٣٧٤ ] ٢ - ورواه العياشي في تفسيره: عن أبي صالح، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مثله بأدنى تغيير.

[ ٢٢٣٧٥ ] ٣ - قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « وأمر المحارب، وهو الذي يقطع الطريق، ويسلب الناس، ويغير على أموالهم، ومن كان في مثل هذه الحال إلى الامام، فإن شاء قتل وإن شاء صلب، وإن شاء قطع، وإن شاء نفى، ويعاقبه الامام على قدر ما يرى من جرمه ».

[ ٢٢٣٧٦ ] ٤ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن بريد بن معاوية العجلي، قال: سأل رجل أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن قول الله:( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِ‌بُونَ اللَّـهَ وَرَ‌سُولَهُ إلى قوله فَسَادًا ) (١) قال: « ذلك إلى الامام يعمل فيه بما شاء » قلت: ذلك مفوض إلى الامام، قال: « لا يحق(٢) الجناية ».

[ ٢٢٣٧٧ ] ٥ - وعن سماعة بن مهران، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في قول الله:( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِ‌بُونَ اللَّـهَ وَرَ‌سُولَهُ ) (١) قال: « الامام في الحكم فيهم بالخيار: ان شاء قتل، وإن شاء صلب، وإن شاء قطع، وإن شاء نفى من الأرض ».

[ ٢٢٣٧٨ ] ٦ - وعن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « من شهر السلاح في مصر من الأمصار فعقر، اقتص منه ونفي من تلك

__________________

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣١٤ ح ٩٠.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٧٦ ح ١٧١٢.

٤ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣١٥ ح ٩٢.

(١) المائدة: ٥: ٣٣.

(٢) في الكافي ج ٧ ص ٢٤٩ ح ٥: « لا ولكن بنحو ».

٥ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣١٥ ح ٩٣.

(١) المائدة: ٥: ٣٣. ٦ تفسير العياشي ج ١ ص ٣١٤ ح ٨٩.

١٥٦

البلدة، ومن شهر السلاح في غير الأمصار وضرب وعقر واخذ المال ولم يقتل، فهو محارب جزاؤه جزاء المحارب، وأمره إلى الامام إن شاء قتله وصلبه، وإن شاء قطع يده ورجله قال: وإن حارب وقتل واخذ المال، فعلى الامام أن يقطع يده اليمني بالسرقة، ثم يدفعه إلى أولياء المقتول فيتبعونه بالمال ثم يقتلونه » فقال أبو عبيدة: أصلحك الله، أرأيت ان عفا عنه أولياء المقتول؟ فقال أبو جعفرعليه‌السلام : « إن عفوا عنه فعلى الامام أن يقتله، لأنه قد حارب وقتل وسرق » فقال له أبو عبيدة: فان أراد أولياء المقتول أن يأخذوا منه الدية ويدعونه، ألهم ذلك؟ قال: « لا، عليه القتل ».

[ ٢٢٣٧٩ ] ٧ - وعن إسحاق المدائني(١) قال: كنت عند أبي الحسنعليه‌السلام ، إذ دخل عليه رجل، فقال له: جعلت فداك، إن الله يقول:( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِ‌بُونَ اللَّـهَ وَرَ‌سُولَهُ ) (٢) الآية، إلى ( أو ينفوا )، فقال: « هكذا قال الله » فقال له: جعلت فداك، فأي شئ إذا فعله استحق واحدة من هذه الأربع؟ قال، فقال له أبو الحسنعليه‌السلام : « أربع فخذ أربعا بأربع: إذا حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا فقتل قتل، فان قتل واخذ المال قتل وصلب، وإن اخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف، وإن حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا ولم يقتل ولم يأخذ المال نفي من الأرض ». الخبر.

[ ٢٢٣٨٠ ] ٨ - وعن جميل بن دراج قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن قول الله:( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِ‌بُونَ اللَّـهَ وَرَ‌سُولَهُ ) (١) ، الآية إلى آخرها، أي شئ عليهم من هذا الحد الذي سمى؟ قال:

__________________

٧ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣١٧ ح ٩٨، وعنه في البرهان ج ١ ص ٤٦٨.

(١) في المصدر: عن أبي إسحاق المدائني.

(٢) المائدة ٥: ٣٣.

٨ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣١٦ ح ٩٥.

(١) المائدة ٥: ٣٣.

١٥٧

« ذلك إلى الامام إن شاء قطع، وإن شاء صلب، وإن شاء قتل، وإن شاء نفى »، قلت: النفي إلى أين؟ قال: « من مصر إلى مصر آخر، وقالعليه‌السلام : إن علياعليه‌السلام ، قد نفى رجلين من الكوفة إلى البصرة ».

[ ٢٢٣٨١ ] ٩ - عوالي اللآلي: وفي الحديث: أن أناسا استاقوا إبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وارتدوا عن الاسلام، وقتلوا راعي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان مؤمنا، فبعث في آثارهم، فأخذوا فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم.

٢ -( باب أن كل من شهر السلاح لإخافة الناس فهو محارب لا للعب سواء كان في مصر أو غيره، من بلاد الاسلام أو الشرك)

[ ٢٢٣٨٢ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من شهر سيفه، فدمه هدر ».

[ ٢٢٣٨٣ ] ٢ - العياشي في تفسيره: عن سورة بن كليب، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: قلت: الرجل يخرج من منزله إلى المسجد يريد الصلاة ليلا، فيستقبله رجل فيضربه بعصا ويأخذ ثوبه، قال: « فما يقول فيه من قبلكم؟ » قال: يقولون: إن هذا ليس بمحارب، وإنما المحارب في

__________________

٩ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٥٧٤ ح ١٠٦.

الباب ٢

١ - الجعفريات ص ٨٣.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣١٩ ح ٩٦.

١٥٨

القرى المشركة، وإنما هي الدغارة(١) ، فقالعليه‌السلام : « أيهما أعظم حرمة، دار الاسلام، أو دار الشرك؟! » قال: قلت: لا، بل دار الاسلام، فقال: « هؤلاء من الذين قال الله:( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِ‌بُونَ اللَّـهَ وَرَ‌سُولَهُ ) »(٢) إلى آخر الآية.

٣ -( باب حكم نفي المحارب، وحكم الناصب)

[ ٢٢٣٨٤ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : أنه سئل عن نفي المحارب، قال: « ينفى من مصر(١) ، إن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، نفى رجلين من الكوفة إلى غيرها ».

[ ٢٢٣٨٥ ] ٢ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن أبي بصير، عنهعليه‌السلام ، قال: سألته عن قول الله تعالى:( أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْ‌جُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْ‌ضِ ) (١) قال: « ذلك إلى الامام أيما شاء فعل » وسألتهعليه‌السلام عن النفي، قال: « ينفى من أرض الاسلام كلها، فان وجد في شئ من ارض الاسلام قتل، ولا أمان له حتى يلحق بأرض الشرك ».

__________________

(١) الدغارة: الاختلاس الظاهر، والداغر، السالب المختلس ( لسان العرب ج ٤ ص ٢٨٨ ومجمع البحرين ج ٣ ص ٣٠٣ ).

(٢) المائدة ٥: ٣٣.

الباب ٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٧٧ ح ١٧١٤.

(١) في المصدر زيادة: إلى المصر.

٢ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٦.

(١) المائدة ٥: ٣٣.

١٥٩

٤ -( باب أنه لا يجوز الصلب أكثر من ثلاثة أيام، وينزل في الرابع، ويصلى عليه، ويدفن)

[ ٢٢٣٨٦ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنه أتي بمحارب، فأمر بصلبه حيا، وجعل خشبة قائمة مما يلي القبلة، وجعل قفاه وظهره مما يلي الخشبة، ووجهه مما يلي الناس مستقبل القبلة، فلما مات، تركه ثلاثة أيام ثم أمر به فانزل، وصلى عليه ودفن.

[ ٢٢٣٨٧ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإن كان الميت مصلوبا، أنزل من خشبته بعد ثلاثة أيام، وغسل ودفن، ولا يجوز صلبه أكثر من ثلاثة أيام ».

[ ٢٢٣٨٨ ] ٣ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله بن محمد: قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثني موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تقروا المصلوب فوق ثلاثة أيام »(١) .

[ ٢٢٣٨٩ ] ٤ - وبهذا الاسناد: عن جعفر بن محمد، عن أبيه: « ان علياعليهم‌السلام ، أتي بمحارب استوجب الصلب، فجعل خشبة قائمة مما يلي الناس، فلما صلب ومات صلى عليه ».

[ ٢٢٣٩٠ ] ٥ - وبهذا الاسناد: عن علي بن الحسين، عن أبيه: « ان علي بن

__________________

الباب ٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٧٧ ح ١٧١٣.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ١٩.

٣ - الجعفريات ص ٢٠٩.

(١) في المصدر زيادة: حتى ينزل فيدفن.

٤ - الجعفريات ص ٢٠٩.

٥ - الجعفريات ص ٢٠٩.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274