الإمام علي الهادي عليه السلام

الإمام علي الهادي عليه السلام12%

الإمام علي الهادي عليه السلام مؤلف:
تصنيف: الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام
الصفحات: 477

الإمام علي الهادي عليه السلام
  • البداية
  • السابق
  • 477 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 158227 / تحميل: 6981
الحجم الحجم الحجم
الإمام علي الهادي عليه السلام

الإمام علي الهادي عليه السلام

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

الفصل الخامس:

خطة المتوكل لإبادة أهل البيت (ع) وشيعتهم

كان المتوكل يبغض أسلافه لحبهم علياً (ع)

قال ابن الأثير في الكامل « ٧ / ٥٦ »: « وقيل إن المتوكل كان يبغض من تقدمه من الخلفاء: المأمون، والمعتصم، والواثق، في محبة علي وأهل بيته!

وإنما كان ينادمه ويجالسه جماعة قد اشتهروا بالنصب والبغض لعلي، منهم علي بن الجهم الشاعر الشامي من بني شامة بن لؤي، وعمر بن فرج الرخجي، وأبوالسمط من ولد مروان بن أبي حفصة من موالي بني أمية، وعبد الله بن محمد بن داود الهاشمي المعروف بابن أترجة.

وكانوا يخوفونه من العلويين، ويشيرون عليه بإبعادهم والإعراض عنهم، والإساءة إليهم. ثم حسنوا له الوقيعة في أسلافهم الذين يعتقد الناس علو منزلتهم في الدين، ولم يبرحوا به حتى ظهر منه ما كان، فغطت هذه السيئة جميع حسناته، وكان من أحسن الناس سيرة، ومنع الناس من القول بخلق القرآن، إلى غير ذلك من المحاسن ».

وهذا وغيره يدل على أن سياسة المتوكل في بغض أهل البيت (ع) لم تكن عابرة، بل كانت عن عمد وإصرار، وتخطيط!

١٠١

أرسل المتوكل الرُّخَّجِي المتوحش والياً على الحجاز!

قال أبوالفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيين / ٣٩٥: « واستعمل على المدينة ومكة عمر بن الفرج الرخجي، فمنع آل أبي طالب من التعرض لمسألة الناس، ومنع الناس من البِرِّ بهم، وكان لا يبلغه أن أحداً أبرَّ أحداً منهم بشئ وإن قلَّ، إلا أنهكه عقوبةً وأثقله غُرْماً! حتى كان القميص يكون بين جماعة من العلويات يصلين فيه واحدة بعد واحدة، ثم يرقعنه ويجلسن على مغازلهن عواري حواسر!

إلى أن قتل المتوكل، فعطف المنتصر عليهم وأحسن إليهم، ووجه بمال فرقه فيهم، وكان يؤثرمخالفة أبيه في جميع أحواله، ومضادة مذهبه ».

أقول: لاحظ الإنحطاط الذي وصل اليه عمر الرخجي غلام المتوكل، حيث حبس آل الرسول (ص) في المدينة، ومنع من يحتاج منهم الى الطعام والشر ـ اب أن يطلب مساعدة أحد، ثم كان يعاقب من يساعده بعقاب شديد وغرامة كبيرة!

وهو بذلك يتعمد إفقارهم وإذلالهم ليموتوا جوعاً!

وقد دفع ذلك عدداً منهم الى الثورة في هذا البلد وذاك، لأن المسلمين يثقون بهم ولا يثقون بالعباسيين، ومنهم من يبذل نصرته ودمه للعلويين.

ومعنى: كان القميص بين عدد من العلويات أنه قد يوجد مجموعة نساء في بيت، ليس عندهن ثياب وافية للصلاة بعددهن، فيتبادلن الثوب للصلاة فتصلي فيه واحدة بعد الأخرى، ثم يجلسن للعمل بثيابهن غير الساترة!

١٠٢

قال البيومي في الإمامة وأهل البيت « ٣ / ١٩٣ »: « وهكذا شرَّع من يسمونه أمير المؤمنين المتوكل على الله، أن تقبع العلويات الطاهرات في بيوتهن عاريات، يتبادلن القميص المرقع عند الصلاة، وأن تختال الفاجرات العاهرات بالحلي وحلل الديباج، بين الإماء والعبيد ».

اضطهد المتوكل الشيعة في مصر

في البيان للمقريزي « ١ / ٣٩ »: « ظلت مصر ملجأً آمناَ لآل علي بن أبي طالب إلى أن جاء زمن المتوكل العباسي، وكان يبغض العلويين، فأمر واليه في مصر بإخراج آل علي بن أبي طالب منها، فأخرجوا من الفسطاط إلى العراق في عام ٢٣٦، ثم نقلوا إلى المدينة في العام نفسه، واستتر من كان بمصر على رأي العلوية ».

وقال البلاذري في أنساب الأشراف: ٣ / ١٣٧، ونحوه الطبري: ٦ / ٤١٦: « كان إدريس بن عبد الله بن حسن في وقعة فخ مع الحسين بن علي، فهرب في خلافة الهادي إلى مصر، وعلى بريدها يومئذ واضح مولى صالح بن منصور، الذي يعرف بالمسكين، وكان واضح يتشيع، فحمله على البريد إلى المغرب ».

وفي المواعظ للمقريزي « ٤ / ١٥٩ »: « ورد كتاب المتوكل على الله إلى مصر يأمر فيه بإخراج آل أبي طالب من مصر إلى العراق، فأخرجهم إسحاق بن يحيى الختلي أمير مصر، وفرق فيهم الأموال ليتجملوا بها، وأعطى كل رجل ثلاثين ديناراً، والمرأة خمسة عشر ديناراً، فخرجوا لعشر خلون من رجب سنة ست وثلاثين ومائتين، وقدموا العراق فأخرجوا إلى المدينة في شوال منها، واستتر من كان

١٠٣

بمصر على رأي العلوية، حتى أن يزيد بن عبد الله أمير مصر ضرب رجلاً من الجند في شئ وجب عليه، فأقسم عليه بحق الحسن والحسين إلا عفا عنه، فزاده ثلاثين درة « ضربة » ورفع ذلك صاحب البريد إلى المتوكل، فورد الكتاب على يزيد بضرب ذلك الجندي مائة سوط، فضربها، وحمل بعد ذلك إلى العراق في شوال سنة ثلاث وأربعين ومائتين!

وتتبع يزيد الروافض فحملهم إلى العراق، ودل في شعبان على رجل يقال له محمد بن علي بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أنه بويع له، فأحرق الموضع الذي كان به وأخذه فأقر على جمع من الناس بايعوه، فضرب بعضهم بالسياط، وأخرج العلوي هو وجمع من آل أبي طالب، إلى العراق في شهر رمضان. ومات المتوكل في شوال ».

وفي النجوم الزاهرة « ٢ / ٣٠٩ »: « يزيد بن عبد الله بن دينار « والي مصرسنة ٢٤٢ » تتبع الروافض بمصر وأبادهم، وعاقبهم، وامتحنهم، وقمع أكابرهم، وحمل منهم جماعة إلى العراق على أقبح وجه. ثم التفت إلى العلويين فجرت عليهم منه شدائد من الضيق عليهم، وأخرجهم من مصر ».

واضطهد والي مصر محمد بن الفَرَج

في تاريخ اليعقوبي « ٢ / ٤٨٥ »: « وسخط على عمر بن فرج الرخجي وعلى أخيه محمد، وكان محمد بن فرج عامل مصر إذ ذاك، فوجه كتاباً في حمله، وقبضت

١٠٤

أموالهما، وكان ذلك في سنة ٢٣٣، وكان عمر محبوساً ببغداد، ومحمد محبوساً بسر من رأى، فأقاما سنتين ».

وقال الطبري « ٧ / ٣٤٧ »: « فدفع إلى إسحاق بن إبراهيم بن مصعب، فحبس عنده وكتب في قبض ضياعه وأمواله وأصيب له بالأهواز أربعون ألف دينار، ولأخيه محمد بن فرج مائة ألف دينار وخمسون ألف دينار، وحمل من داره من المتاع ستة عشر بعيراً فرشاً، ومن الجوهر قيمة أربعين ألف دينار ».

أقول: كان محمد بن الفرج (رحمه الله) عالماً تقياً مؤلفاً، ويظهر أن سبب قبوله ولاية مصر أن المتوكل جعل ولايتها لابنه المنتصر فولاه عليها.

ولا بد أن يكون محمد استأذن الإمام الهادي (ع) لأنه ملتزم بطاعته، ومكانته عنده جليلة، وقد أرسل اليه ينبهه الى الإستعداد لغضب المتوكل!

ففي الكافي « ١ / ٥٠٠ » عن النوفلي قال: « قال لي محمد بن الفرج: إن أبا الحسن (ع) كتب إليه: يا محمد أجمع أمرك وخذ حذرك. قال: فأنا في جمع أمري لست أدري ما كتب إلي حتى ورد عليَّ رسولٌ حملني من مصر مقيداً، وضَرَبَ على كل ما أملك « صادره »! وكنت في السجن ثمان سنين.

ثم ورد عليَّ منه (ع) في السجن كتاب فيه: يا محمد لا تنزل في ناحية الجانب الغربي. فقرأت الكتاب فقلت: يكتب إليَّ بهذا وأنا في السجن، إن هذا لعجب! فما مكثت أن خُلِّيَ عني، والحمد لله ».

١٠٥

وفي الإرشاد « ٢ / ٣٠٤ »: « وروى أحمد بن عيسى قال: أخبرني أبويعقوب قال: رأيت محمد بن الفرج قبل موته بالعسكر في عشية من العشايا، وقد استقبل أبا الحسن (ع) فنظر إليه نظراً شافياً، فاعتل محمد بن الفرج من الغد، فدخلت عليه عائداً بعد أيام من علته، فحدثني أن أبا الحسن (ع) قد أنفذ إليه بثوب وأرانيه مدرجاً تحت رأسه، قال: فكُفِّنَ فيه والله ».

أقول: ترجمنا لمحمد رضي الله عنه في سيرة الجواد (ع) وكان من كبار أصحاب الأئمة (ع). وأخوه عمر من أشد النواصب، وعلاقتهما مع ذلك جيدة!

واضطهد المتوكل قاضي قضاة مصر

روت مصادر التاريخ أن المتوكل أمر بإهانة قاضي قضاة مصر: أبي بكر محمد بن أبي الليث، بحجة أنه أكل أموال الناس، والسبب أمر آخر!

ففي تاريخ الخلفاء للسيوطي « ١ / ٢٥٣ »: « وفي سنة سبع وثلاثين بعث إلى نائب مصر أن يحلق لحية قاضي القضاة بمصر أبي بكر محمد بن أبي الليث، وأن يضربه ويطوف به على حمار! ففعل ونعمَ ما فعل، فإنه كان ظالماً من رؤوس الجهمية، وولي القضاء بدله الحارث بن مسكين من أصحاب مالك وبعد تمنُّع، وأهان القاضي المعزول بضربه كل يوم عشرين سوطاً ليرد المظالم إلى أهلها ».

لكن الظاهر خلافاً للسيوطي أن سبب عزله أنه حكم لخصم وكيل أم المتوكل، وحكم بوراثة أبناء البنات، فنقم عليه المتوكل، لأنه يجب أن يحكم دائماً لوكلاء الخليفة ومن يتعلق به! ويجب أن يحكم بوراثة العم والعصبة، لأن العباسيين

١٠٦

يعتبرون الحكم بوراثة أبناء البنات حكماً بوراثة الحسن والحسين (ع) لخلافة النبي (ص) دون عمه العباس، ولذلك يحكمون بوراثة العشيرة!

قال ابن حجر في كتابه: رفع الإصر عن قضاة مصر « ١ / ١٢١ »: « خوصم إلى الحارث في دار من دور السيدة أم الخليفة فحكم على وكيلها، فأخرج الدار من يده ودفعها للخصم، فكتب بذلك الوكيل إلى العراق، فجاء كتاب الفضل بن مروان إلى أمير مصر ينكر على الحارث ذلك ويقول في كتابه: إن الحارث لم يزل معروفاً بالإنحراف عن السلطان والمباعدة لأسبابه، فتُكلمه أن مقام وكلاء جهة أمير المؤمنين في ضياعها ودورها ومستغلاتها بمصر، مقامُ من يحوطها.

ويأمرُ برد الدار التي كانت في أيديهم لهم، كما كانت قبل حكمه فيها، وترك النظر في شئ مما في أيدي وكلائها بما يوهن أمرهم!

وتأمره بالتقدم إلى الحارث، بعدم التعرض إلى النظر في شئ يتعلق بأمير المؤمنين وبمنعه من ذلك إن حاوله. وكتب في ربيع الآخر سنة أربعين ومائتين.

ولم يزل الحارث على طريقته حتى حكم في دار الفيل، وهي دار أبي عثيم مولى مسلمة بن مخلد، وكان تحبيسها في سنة ثلاث وتسعين. وأصل ذلك أن جماعة من قضاة مصر منهم توبة والفضل بن فضالة والعمري وهارون الزهري أخرجوا وتاجاً مولى أبي عثيم من الحبس « الوقف » لأن صاحب الحبس لم يسمه في كتاب تحبيسه. ثم آل الاستحقاق إلى محمد بن ناصح مولى أبي عثيم، وإلى عزة بنت عمرو بن رافع مولى ابن عثيم، فتوفيت عزة وتركت ولدها إبراهيم بن عبد

١٠٧

الصمد المعروف بابن السائح، فخاصمهم فيها فأخرجهم الزهري، وحكم بإخراج بني البنات من العقب.

فلما ولي محمد بن أبي الليث فسخ حكم الزهري ودفع نصيبها إلى بني السائح. فلما ولي الحارث بن مسكين فسخ حكم ابن أبي الليث، وأخرج بني السائح فخرج إسحاق بن إبراهيم بن عبد الصمد بن السائح، إلى العراق فتظلم من الحارث ورفع قصته إلى المتوكل، فأمر بإحضار الفقهاء فحضروا، واتفقوا على تخطئة الحارث في الحكم المذكور، وتناولوه بألسنتهم!

وكان الفقهاء الذين نظروا في قضية الحارث على رأي الكوفيين، وحكم الحارث إنما هوعلى رأي المدنيين، وبلغ ذلك الحارث ما جرى هناك من ذكره، فخشي من العزل، فبادر بكتاب إلى العراق يستعفي، فصادف وصول كتابه عقب أمر المتوكل بعزله، فكتب إليه جعفر بن عبد الواحد الهاشمي قاضي العراق: إن كتابك وصل باستعفائكم فأنهيت كتابك إلى أمير المؤمنين وأنك تستعفي مما تقلدته من القضاء، فأمر أيده الله بإجابتك إلى ذلك وإعفائك إسعافاً لك فيما سألت، وتفضلاً بما أدى إلى موافقة فراقك في العمل بحسب ذلك موفقاً. وكتب المتوكل إلى أمير مصر يزيد بن عبد الله بن الأغلب بالنظر في قضية ابن السائح، فجمع أهل البلد من الفقهاء والشيوخ، وكان ورود الكتاب عليه بالصرف في يوم الجمعة لسبع بقين من شهر ربيع الآخر سنة خمس وأربعين ومائتين ».

١٠٨

أقول: العجب من بعض الرواة كالذهبي والسيوطي، حيث ذموا الحارث بن أبي الليث وجعلوه جهمياً، ظالماً آكلاً أموال الناس، وإنما ذنبه أنه خالف هوى المتوكل في بعض أحكامه، فغضب عليه المتوكل، وقلده الرواة!

قال الذهبي في سيره « ٩ / ٤٤٦ » : « وبعث المتوكل إلى نائبه بمصر فحلق لحية قاضي القضاة محمد بن أبي الليث وضربه، وطوف به على حمار في رمضان وسجن، وكان ظلوماً جهمياً، ثم ولي القضاء الحارث بن مسكين، فكان يضربه كل حين عشرين سوطاً ليؤدي ما وجب عليه، فإنا لله ».

وقال ابن حجر: « فكانوا يحضرون محمد بن أبي الليث كل يوم بين يدي الحارث، فيضربه عشرين سوطاً، ليخرج عما يجب عليه من الحقوق، فأقام على ذلك أياماً ثم أشير عليه بتركه. وقيل له إنه لا ينبغي للقاضي فعل ذلك لقبحه، فصرفه ».

وواصل المتوكل اضطهاد ابن أبي الليث، فصادر أمواله وأموال أقاربه، ولو كانت مهمة لذكروها. وحمله الى بغداد ومات فيها سنة ٢٥٥ . « تاريخ بغداد « ٢ / ٢٩١ ».

واضطهد أحد تجار بغداد

وذكر الطبري في تاريخه قصة وجيه في بغداد، قتله المتوكل بتهمة شتم الشيخين، والمرجح أنه كان معارضاً للمتوكل أومحباً لأهل البيت (ع)، فقد كانت قصته بعد غضب أهل بغداد لهدم قبر الحسين (ع) وكتابتهم شتم المتوكل على الجدران، فيظهر أن السلطة دبرت له هذه التهمة، وقتله الخليفة هذه القتلة!

١٠٩

قال الطبري « ٧ / ٣٧٥ »: « وفيها « سنة ٢٤١ » ضُرِب عيسى بن جعفر بن محمد بن عاصم، صاحب خان عاصم ببغداد ضرب فيما قيل ألف سوط. وكان السبب في ذلك أنه شهد عند أبي حسان الزيادي قاضي الشرقية عليه، أنه شتم أبا بكر وعمر وعائشة وحفصة، وسبعة عشر رجلاً، شهاداتهم فيما ذكر مختلفة من هذا النحو، فكتب بذلك صاحب بريد بغداد إلى عبيد الله بن يحيى بن خاقان، فأنهى عبيد الله ذلك إلى المتوكل، فأمر المتوكل أن يكتب إلى محمد بن عبد الله بن طاهر يأمره بضرب عيسى هذا بالسياط، فإذا مات رمى به في دجلة، ولم تدفع جيفته إلى أهله! فكتب عبيد الله إلى الحسن بن عثمان جواب كتابه إليه في عيسى:

بسم الله الرحمن الرحيم، أبقاك الله وحفظك، وأتم نعمته عليك. وصل كتابك في الرجل المسمى عيسى بن جعفر بن محمد بن عاصم صاحب الخانات، وما شهد به الشهود عليه من شتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعنهم وإكفارهم ورميهم بالكبائر، ونسبتهم إلى النفاق وغير ذلك، مما خرج به إلى المعاندة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم. وتثبتك في أمر أولئك الشهود، وما شهدوا به، وما صح عندك من عدالة من عُدِّل منهم، ووضح لك من الأمر فيما شهدوا به، وشرحك ذلك في رقعة درج كتابك، فعرضت على أمير المؤمنين أعزه الله ذلك، فأمر بالكتاب إلى أبي العباس محمد بن عبد الله بن طاهر مولى أمير المؤمنين أبقاه الله، بما قد نفذ إليه مما يشبه ما عنده أبقاه الله من نصرة دين الله وإحياء سنته، والإنتقام ممن ألحد فيه، وأن يضرب الرجل حداً في مجمع الناس

١١٠

حد الشتم، وخمس مائة سوط بعد الحد للأمور العظام التي اجترأ عليها، فإن مات ألقيَ في الماء من غير صلاة، ليكون ذلك ناهياً لكل ملحد في الدين خارج من جماعة المسلمين، وأعلمتك ذلك لتعرفه إن شاء الله تعالى، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته. وذكر أن عيسى بن جعفر بن محمد بن عاصم هذا، قد قال بعضهم: إن اسمه أحمد بن محمد بن عاصم، لما ضُرب تُرك في الشمس حتى مات ثم رُمِيَ به في دجلة ».

أقول: آل عاصم عائلة كوفية من بني ضبة، سكن بعضهم في بغداد، وفيهم من أصحاب الأئمة (ع)، وعرف منهم العاصمي وكيل الإمام المهدي (ع).

وقد يكون منهم هذا الشهيد ابن عاصم، الذي قتله المتوكل بافتراء عليه، فقد ترجم علماؤنا لعدة رجال من آل عاصم.

قال الشيخ في الفهرست / ٧٣: « أحمد بن محمد بن عاصم، أبو عبد الله، وهو ابن أخي علي بن عاصم المحدث، ويقال له العاصمي، ثقة في الحديث سالم الجنبة، أصله الكوفة سكن بغداد، وروى عن شيوخ الكوفيين. وله كتب ».

وروى الحاكم في المستدرك « ٣ / ٣٩٤ »: « حدثني أبو عبد الله محمد بن العباس بن محمد بن عاصم بن بلال الضبي الشهيد، ثنا أحمد بن محمد بن علي بن رزين، ثنا علي بن خشرم، ثنا أبو مخلد عطاء بن مسلم، ثنا الأعمش، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: شهدنا صفين مع علي رضي الله عنه ». لكن وصف الشهيد قد يكون لشخص في السند لا يوافق قتله زمن المتوكل. وكذا قول الحاكم في « ٣ / ٤٦٥ »:

١١١

« فحدثنيه أبو عبد الله، محمد بن العباس بن أحمد بن محمد بن عاصم الشهيد، رضي الله عنه ». ولذلك نتوقف فيه.

نجَّى أهل الدينور أنفسهم من شر المتوكل

قال ابن خلكان في وفيات الأعيان « ١ / ٣٥١ »: « كان بالدينور « غرب إيران من جهة العراق » شيخ يتشيع ويميل إلى مذهب أهل الإمامة، وكان له أصحاب يجتمعون إليه ويأخذون عنه ويدرسون عنده، يقال له: بشر الجعاب، فرفع صاحب الخبر بالدينور الى المتوكل أن بالدينور رجلاً رافضياً يحضره جماعة من الرافضة ويتدارسون الرفض، ويسبون الصحابة ويشتمون السلف.

فلما وقف المتوكل على كتابه أمر وزيره عبيد الله بن يحيى بالكتاب إلى عامله على الدينور بإشخاص بشر هذا، والفرقة التي تجالسه. فكتب عبيد الله بن يحيى بذلك، فلما وصل إلى العامل كتابه، وكان صديقاً لبشر الجعاب حسن المصافاة له شديد الإشفاق عليه، همَّهُ ذلك وشقَّ عليه، فاستدعى بشراً وأقرأه ما كوتب به في أمره، وأمر أصحابه فقال له بشر: عندي في هذا رأيٌ إن استعملته كنت غير مستبطأ فيما أُمرت به، وكنت بمنجاة مما أنت خائف عليَّ منه.

قال: وما هو؟ قال: بالدينور شيخ خفاف إسمه بشر، ومن الممكن المتيسر أن تجعل مكان الجعاب الخفاف، وليس بمحفوظ عنده ما نسبت إليه من الحرفة والصناعة، فَسُرَّ العامل بقوله وعمد إلى العين من الجعاب فغير عينها وغير استواء خطها وانبساطه، ووصل الباء بما صارت به فاء، فكان أخبره عن بشر

١١٢

الخفاف أنه أبله في غاية البله والغفلة، وأنه هزأة عند أهل بلده وضحكة! وذلك أن أهل سواد البلد يأخذون منه الخفاف التامة والمقطوعة بنسيئة، ويعدونه بأثمانها عند حصول الغلة، فإذا حصلت وحازوا ما لهم منها ما طلوه بدينه ولَوَوْهُ بحقه، واعتلوا بأنواع الباطل عليه، فإذا انقضى وقت السادر ودنا الشتاء واحتاجوا إلى الخفاف وما جرى مجراها، وافوا بشراً هذا واعتذروا إليه وخدعوه وابتدروا يعدونه الوفاء، ويؤكدون مواعيدهم بالأيمان الكاذبة والمعاهدة الباطلة ويضمنون له أداء الديون الماضية والمستأنفة، فيحسن ظنه بهم وسكونه ويستسلم إليهم، ويستأنف إعطاءهم من الخفاف وغيرها ما يريدونه، فإذا حضرت الغلة أجروه على العادة، وحملوه على ما تقدم من السنة، ثم لا يزالون على هذه الوتيرة من أخذ سلعه في وقت حاجتهم ودفعه عن حقه في إبان غلاتهم، فلا يتنبه من رقدته ولا يفيق من سكرته!

فأنفذ صاحب الخبر كتابه وأشار بتقديم الخفاف أمام القوم، والإقبال عليه بالمخاطبة وتخصيصه بالمسألة، ساكناً إلى أنه من ركاكته وفهاهته بما يضحك الحاضرين، ويحسم الإشتغال بالبحث عن هذه القصة ويتخلص من هذه الثلاثة.

فلما ورد كتاب صاحب الخبر أعلم عبيد الله بن يحيى المتوكل به وبحضور القوم فأمر أن يجَلس ويستحضرهم ويخاطبهم فيما حكي عنهم، وأمر فعلق بينه وبينهم سلبية، ليقف على ما يجري ويسمعه ويشاهده، ففعل ذلك.

١١٣

وجلس عبيد الله واستدعى المحضرين فقُدِّموا إليه يَقْدَمُهم بشر الخفاف، فلما جلسوا أقبل عبيد الله على بشر فقال له: أنت بشر الخفاف؟ فقال: نعم. فسكنت نفوس الحاضرين معه إلى تمام هذه الحيلة وإتمام هذه المدالسة، وجواز هذه المغالطة، فقال له: إنه رفع إلى أمير المؤمنين من أمركم شئ أنكره، فأمر بالكشف عنه وسؤالكم بعد إحضاركم عن حقيقته، فقال له بشر: نحن حاضرون فما الذي تأمرنا به؟ قال: بلغ أمير المؤمنين أنه يجتمع إليك قوم فيخوضون معك في الترفض وشتم الصحابة، فقال بشر: ما أعرف من هذا شيئاً. قال: قد أمرت بامتحانكم والفحص عن مذاهبكم، فقال: ما تقول في السلف؟ فقال: لعن الله السلف. فقال له عبيد الله: ويلك أتدري ما تقول! قال: نعم، لعن الله السلف! فخرج خادم من بين يدي المتوكل فقال لعبيد الله: يقول لك أمير المؤمنين سله الثالثة، فإن أقام على هذا فاضرب عنقه، فقال له: إني سائلك هذه المرة فإن لم تتب وترجع عما قلت أمرت بقتلك، فما تقول الآن في السلف؟ فقال: لعن الله السلف قد خَرَّبَ بيتي وأبطل معيشتي، وأتلف مالي، وأفقرني، وأهلك عيالي!

قال: وكيف؟ قال: أنا رجل أسلف الأَكَرة وأهل الدستان الخفاف والتمسكات على أن يوفوني الثمن مما يحصل من غلاتهم، فأصير إليهم عند حصول الغلة في بيادرهم، فإذا أحرزوا الغلات دفعوني عن حقي، وامتنعوا من توفيتي مالي.

ثم يعودون عند دخول الشتاء فيعتذرون إلي ويحلفون بالله لا يعاودون مطلي وظلمي، فإنهم يؤدون إلي المتقدم والمتأخر من مالي، فأجيبهم إلى ما يلتمسونه

١١٤

وأعطيهم ما يطلبونه، فإذا جاء وقت الغلة عادوا إلى مثل ما كانوا عليه من ظلمي وكسر مالي، فقد اختلَّت حالي، وافتقرت عيالي!

قال: فسمع ضحك عال من وراء السبيبة، وخرج الخادم فقال: إستحلل هؤلاء القوم وخل سبيلهم! فقالوا: يا أمير المؤمنين في حل وسعة، فصرفهم، فلما توسطوا صحن الدار قال بعض الحاضرين: هؤلاء قوم مجانٌّ محتالون، وصاحب الخبر مسقط لا يكتب إلا بما يعلمه ويثق بصحته، وينبغي أن يستقصي الفحص عن هذا والنظر فيه، فأمر بردهم فلما أمروا بالرجوع قال بعض الجماعة التابعة لبعض: ليس هذا من ذلك الذي تقدم، فينبغي أن نتولى الكلام نحن ونسلك طريق الجد والديانة، فرجعوا فأمروا بالجلوس، ثم أقبل عبيد الله على القوم فقال: إن الذي كتب في أمركم ليس ممن تقدم على الكتب بما لا يقبله علماً ويحيط به خبراً، وقد أخذ أمير المؤمنين باستئناف امتحانكم وإنعام التفتيش عن أمركم.

فقالوا: إفعل ما أمرت به، فقال: من خير الناس بعد رسول الله؟ قلنا: علي بن أبي طالب، فقال الخادم بين يديه: قد سمعت ما قالوا، فأخبر أمير المؤمنين به، فمضى ثم عاد فقال: يقول لكم أمير المؤمنين هذا مذهبي. فقلنا: الحمد لله الذي وفق أمير المؤمنين في دينه، ووفقنا لاتباعه وموافقته على مذهبه.

ثم قال لهم: ما تقولون في أبي بكر رضي الله عنه؟ فقالوا رحمة الله على أبي بكر نقول فيه خيراً، قال فما تقولون في عمر؟ قلنا: رحمة الله عليه ولا نحبه. قال: ولمَ؟ قلنا: لأنه أخرج مولانا العباس من الشورى. قال فسمعنا من وراء السبيبة

١١٥

ضحكاً أعلى من الضحك الأول، ثم أتى الخادم فقال لعبيد الله عن المتوكل أتبعهم صلة، فقد لزمتهم في طريقهم مؤونة واصرفهم، فقالوا: نحن في غنى وفي المسلمين من هوأحق بهذه الصلة وإليها أحوج. وانصرفوا ».

أقول: هذا يدل على نهاية نصب المتوكل، بحيث إذا جاءه خبر عن شيخ له جماعة يدرسون عنده ويتبعون مذهب أهل البيت (ع)، يبادر الى البطش بهم!

كان مسجد براثا مركزاً للشيعة قبل بغداد!

ذكرنا في سيرة الإمام الكاظم (ع) أن مسجد براثا أسسه أمير المؤمنين (ع) في عودته من حرب الخوارج سنة ٣٨، وأنه كان مركزاً للشيعة قبل تأسيس بغداد، وكانت الكرخ بلدة فيها شيعة. ثم أسس المنصور بغداد بين براثا والكرخ.

قال في معجم البلدان: ١ / ٣٦٢: « بُرَاثا: بالثاء المثلثة والقصر: محلةٌ كانت في طرف بغداد في قِبْلة الكرخ وجنوبي باب مُحَوِّل وكان لها جامع مفرد تصلي فيه الشيعة ».

وفي أمالي الطوسي / ١٩٩، عن الإمام الباقر (ص) قال: « إن أمير المؤمنين (ص) لما رجع من وقعة الخوارج اجتاز بالزوراء فقال للناس: إنها الزوراء، فسيروا وجَنِّبوا عنها فإن الخسف أسرع إليها من الوتد في النخالة، فلما أتى موضعاً من أرضها قال: ما هذه الأرض؟ قيل أرض بحرا، فقال: أرض سباخ، جنبوا ويَمِّنوا. فلما أتى يمنة السواد فإذا هو براهب في صومعة له فقال له: يا راهب، أَنْزِلُ هاهنا؟ فقال له الراهب: لا تنزل هذه الأرض بجيشك. قال: ولمَ؟ قال: لأنه لا ينزلها إلا نبي أووصي نبي بجيشه يقاتل في سبيل الله، هكذا نجد في كتبنا.

١١٦

فقال له أمير المؤمنين: فأنا وصي سيد الأنبياء (ص) وسيدُ الأوصياء. فقال له الراهب: فأنت إذن أصلع قريش ووصي محمد؟ قال له أمير المؤمنين: أنا ذلك. فنزل الراهب إليه فقال: خذ عليَّ شرائع الإسلام، إني وجدت في الإنجيل نعتك وأنك تنزل أرض براثا بيت مريم وأرض عيسى (ص)! فقال أمير المؤمنين (ص): قف ولا تخبرنا بشئ ثم أتى موضعاً فقال: إلكزوا هذه، فلكزه برجله (ص) فانبجست عين خرارة، فقال: هذه عين مريم التي انبعثت لها!

ثم قال: إكشفوا هاهنا على سبعة عشر ذراعاً، فكشف فإذا بصخرة بيضاء فقال علي (ص): على هذه وضعت مريم عيسى من عاتقها وصلت هاهنا! فنصب أمير المؤمنين (ص) الصخرة وصلى إليها، وأقام هناك أربعة أيام يتم الصلاة، وجعل الحرم في خيمة من الموضع على دَعْوِة « مسافة قريبة » ثم قال: أرض براثا، هذا بيت مريم (ع) هذا الموضع المقدس صلى فيه الأنبياء (ع) »!

وفي مناقب آل أبي طالب: ٢ / ١٠٠: « قال أمير المؤمنين: فاجلس يا حُبَاب، قال: وهذه دلالةٌ أخرى، ثم قال: فانزل يا حباب من هذه الصومعة وابن هذا الدير مسجداً، فبنى حباب الدير مسجداً، ولحق أمير المؤمنين (ص) إلى الكوفة، فلم يزل بها مقيماً حتى قتل أمير المؤمنين (ص)، فعاد حباب إلى مسجده ببراثا ».

ومن ذلك اليوم والى عصرنا الحاضر، صار مسجد براثا مركزاً علمياً وعبادياً واجتماعياً للشيعة، ومَعْلَماً من معالم بغداد.

١١٧

وقد شهد في العصور المختلفة حملات وحشية من السلطة، ومن الحنابلة المتطرفين الذين أسس حزبهم المتوكل.

وتقدم أن ابن عقدة (رحمه الله) كان يأتي من الكوفة الى بغداد، فيملي أحاديثه على المسلمين في مسجد براثا. وأن النواصب أتباع المتوكل اعتدوا عليه وحبسوه!

وقد شهدت بغداد ومسجد براثا خاصة أنواعاً من اضطهاد السلطة للشيعة.

قال ابن طاووس في الملاحم والفتن / ٢٦٠: « قال السليلي مصنف الكتاب: فرأيت مسجد براثا وقد هدمه الحنبليون، وحفروا قبوراً فيه، وأخذوا أقواماً قد حفر لهم قبور فغلبوا أهل البيت ودفنوهم فيه، إرادةَ تعطيل المسجد وتصييره مقبرة، وكان فيه نخل فقطع، وأحرق جذوعه وسقوفه! وذلك في سنة اثنتي عشرة وثلاث مائة , فعطل من سنته الحج، وقد كان خرج سليمان بن الحسن يعني القرمطي في أول هذه السنة، فقطع على الحاج وقتلهم وعطل الحاج، ووقع الثلج ببغداد فاحترق نخلهم من البرد فهلك. فأخبرني مولاي ناقد أن أبا عمرو قاضي بغداد قال له: احترق لي بقرية على ثلاث فراسخ ببغداد يقال لها صرصر مائة ألف نخلة. قال السليلي: فأي شأن أحسن، وأي أمر أوضح من هذا ».

أقول: ما تقدم إنما هو نماذج من ظلم المتوكل للشيعة في البلاد، فتصور!

١١٨

الفصل السادس:

هدم المتوكل قبر الإمام الحسين (ع)

عقدة المتوكل من الإمام الحسين (ع) وزواره

١. في مقاتل الطالبيين / ٣٩٥: « وكان المتوكل شديد الوطأة على آل أبي طالب، غليظاً على جماعتهم، مهتماً بأمورهم، شديد الغيظ والحقد عليهم، وسوء الظن والتهمة لهم، واتفق له أن عبيد الله بن يحيى بن خاقان وزيره، يسئ الرأي فيهم، فحسَّن له القبيح في معاملتهم، فبلغ فيهم ما لم يبلغه أحد من خلفاء بني العباس قبله. وكان من ذلك أن كَرَبَ قبر الحسين (ع) وعَفَّى آثاره، ووضع على سائر الطرق مسالح له، لا يجدون أحداً زاره إلا أتوه به، فقتله، أوأنهكه عقوبة!

فحدثني أحمد بن الجعد الوشاء وقد شاهد ذلك، قال: كان السبب في كرب قبر الحسين أن بعض المغنيات كانت تبعث بجواريها إليه قبل الخلافة يغنين له إذا شرب، فلما وليها بعث إلى تلك المغنية فعرف أنها غائبة، وكانت قد زارت قبر الحسين (ع) وبلغها خبره، فأسرعت الرجوع، وبعثت إليه بجارية من جواريها كان يألفها فقال لها: أين كنتم؟

قالت: خرجت مولاتي إلى الحج وأخرجتنا معها وكان ذلك في شعبان، فقال: إلى أين حججتم في شعبان؟ قالت: إلى قبر الحسين. فاستطير غضباً وأمر بمولاتها فحبست، واستصفى أملاكها.

١١٩

وبعث برجل من أصحابه يقال له: الديزج وكان يهودياً فأسلم، إلى قبر الحسين وأمره بكرب قبره ومحوه، وإخراب كل ما حوله، فمضى ذلك وخرب ما حوله وهدم البناء وكرب ما حوله، نحومائتي جريب، فلما بلغ إلى قبره لم يتقدم إليه أحد، فأحضر قوماً من اليهود فكربوه! وأجرى الماء حوله، ووكل به مسالح بين كل مسلحتين ميل، لا يزوره زائر إلا أخذوه ووجهوا به إليه.

فحدثني محمد بن الحسين الأشناني، قال: بَعُدَ عهدي بالزيارة في تلك الأيام خوفاً، ثم عملت على المخاطرة بنفسي فيها، وساعدني رجل من العطارين على ذلك، فخرجنا زائرين نكمن النهار ونسير الليل، حتى أتينا نواحي الغاضرية، وخرجنا منها نصف الليل فسرنا بين مسلحتين وقد ناموا، حتى أتينا القبر فخفي علينا، فجعلنا نشمه ونتحرى جهته حتى أتيناه وقد قلع الصندوق الذي كان حواليه وأحرق، وأجري الماء عليه فانخسف موضع اللبن وصار كالخندق، فزرناه وأكببنا عليه، فشممنا منه رائحة ما شممت مثلها قط شيئاً من الطيب!

فقلت للعطار الذي كان معي: أي رائحة هذه؟ فقال: لا والله ما شممت مثلها كشئ من العطر، فودعناه وجعلنا حول القبر علامات في عدة مواضع.

فلما قتل المتوكل اجتمعنا مع جماعة من الطالبيين والشيعة، حتى صرنا إلى القبر فأخرجنا تلك العلامات، وأعدناه إلى ما كان عليه ».

أقول: الأشناني المذكور من أعلام العامة، فهو يدل على التأثير الواسع لهدم قبر الحسين (ع) على السنة أيضاً، وقد كان عمر الأشناني يومها خمس عشرة سنة.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

فكذلك في أجود المذهبين، وأجاز قوم أن تكون غير محضة على حكاية الحال، و (رسلا) مفعول ثان، و (أولى) بدل من رسل أو نعت له ويجوز أن يكون جاعل بمعنى خالق، فيكون رسلا حالا مقدرة، و (مثنى) نعت لاجنحة، وقد ذكر الكلام في هذه الصفات المعدولة في أول النساء، و (يزيد في الخلق) مستأنف.

قوله تعالى (مايفتح الله) " ما " شرطية في موضع نصب بيفتح، و (من رحمة) تبيين لما.

قوله تعالى (من خالق غير الله) يقرأ بالرفع، وفيه وجهان: أحدهما هو صفة لخالق على الموضع، وخالق مبتدأ، والخبر محذوف تقديره لكم أو للاشياء. والثانى أن يكون فاعل خالق: أى هل يخلق غير الله شيئا، ويقرأ بالجر على الصفة لفظا (يرزقكم) يجوز أن يكون مستأنفا، ويجوز أن يكون صفة لخالق.

قوله تعالى (الذين كفروا) يجوز أن يكون مبتدأ ومابعده الخبر، وأن يكون صفة لحزبه أو بدلا منه، وأن يكون في موضع جر صفة لاصحاب السعير أو بدل منه، والله أعلم.

قوله تعالى (حسرات) يجوز أن يكون حالا: أى متلهفة، وأن يكون مفعولا له.

قوله تعالى (يرفعه) الفاعل ضمير العمل والهاء للكلم: أى أى العمل الصالح يرفع الكلم، وقيل الفاعل اسم الله فتعود الهاء على العمل.

قوله تعالى (ومكر أولئك) مبتدأ، والخبر (يبور) وهو فصل أو توكيد، ويجوز أن يكون مبتدأ ويبور الخبر، والجملة خبر مكر.

قوله تعالى (سائغ شرابه) سائع على فاعل، وبه يرتفع شرابه لاعتماده على ماقبله، ويقرأ " أسيغ " بالتشديد وهو فعيل مثل سيد، ويقرأ بالتخفيف مثل ميت وقد ذكر.

قوله تعالى (ولو كان ذا قربى) أى لو كان المدعو ذا قربى، ويجوز أن يكون حالا، وكان تامة.

قوله تعالى (ولاالنور - ولا الحرور) لافيها زائدة، لان المعنى الظلمات لاتساوى النور، وليس المراد أن النور في نفسه لايستوى، وكذلك " لا " في (ولا الاموات).

قوله تعالى (جاء‌تهم رسلهم) حال، وقد مقدرة: أى كذب الذين من قبلهم وقد جاء‌تهم رسلهم.

قوله تعالى (ألوانها) مرفوع بمختلف، و (جدد) بفتح الدال جمع جدة وهى الطريقة، ويقرأ بضمها وهو جمع جديد (وغرابيب سود) الاصل وسود غرابيب، لان الغربيب تابع

٢٠١

للاسود، يقال أسود غربيب كما تقول أسود حالك، و (كذلك) في موضع نصب: أى اختلافا مثل ذلك، و (العلماء) بالرفع وهو الوجه، ويقرأ برفع اسم الله ونصب العلماء على معنى إنما يعظم الله من عباده العلماء.

قوله تعالى (يرجون تجارة) هو خبر إن، و (ليوفيهم) تتعلق بيرجون وهى لام الصيرورة، ويجوز أن يتعلق بمحذوف: أى فعلوا ذلك ليوفيهم.

قوله تعالى (هو الحق) يجوز أن يكون هو فصلا، وأن يكون مبتدأ. و (مصدقا) حال مؤكدة.

قوله تعالى (جنات عدن) يجوز أن يكون خبرا ثانيا لذلك، أو خبر مبتدأ محذوف، أو مبتدأ والخبر (يدخلونها) وتمام الآية قد ذكر في الحج.

قوله تعالى (دار المقامة) مفعول أحلنا، وليس بظرف لانها محدودة (لايمسنا) هو حال من المفعول الاول.

قوله تعالى (فيموتوا) هو منصوب على جواب النفى، و (عنهم) يجوز أن يقوم مقام الفاعل، و (من عذابها) في موضع نصب، ويجوز العكس، ويجوز أن تكون " من " زائدة فيتعين له الرفع، و (كذلك) في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف: أى نجزى جزاء مثل ذلك.

قوله تعالى (صالحا غير الذى) يجوز أن يكونا صفتين لمصدر محذوف، أو لمفعول محذوف، ويجوز أن يكون صالحا نعتا للمصدر، وغير الذى مفعول، و (مايتذكر) أى زمن مايتذكر، ويجوز أن تكون نكرة موصوفة: أى تعميرا يتذكر فيه.

قوله تعالى (أن تزولا) يجوزأن يكون مفعولا له: أى مخافة أن تزولا، أو عن ويمسك أى يحبس، و (إن أمسكهما) أى مايمسكهما فإن بمعنى ما، وأمسك بمعنى يمسك، وفاعل (زادهم) ضمير النذير، و (استكبارا) مفعول له، وكذلك (مكر السيئ) والجمهور على تحريك الهمزة، وقرئ بإسكانها، وهو عند الجمهور لحن، وقيل أجرى الوصل مجرى الوقف، وقيل شبه المنفصل بالمتصل لان الياء والهمزة من كلمة، ولاكلمة أخرى فأسكن كما سكن إبل، والله أعلم.

٢٠٢

سورة يس

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الجمهور على إسكان النون وقد ذكر نظيره، ومنهم من يظهر النون لانه حقق بذلك إسكانها، وفي الغنة مايقربها من الحركة من أجل الوصل المحض، وفى الاظهار تقريب للحرف من الوقف عليه، ومنهم من يكسر النون على أصل التقاء الساكنين، ومنهم من يفتحها كما يفتح أين، وقيل الفتحة إعراب، ويس اسم للسورة كهابيل، والتقدير: اتل يس (والقرآن) قسم على كل وجه.

قوله تعالى (على صراط) هو خبر ثان لان، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في الجار (تنزيل العزيز) أى هو تنزيل العزيز، والمصدر بمعنى المفعول: أى منزل العزيز، ويقرأ بالنصب على أنه مصدر: أى نزل تنزيلا، وبالجر أيضا صفة للقرآن (لتنذر) يجوز أن تتعلق اللام بتنزيل، وأن تتعلق بمعنى قوله من المرسلين: أى مرسل لتنذر، و (ما) نافية، وقيل هى بمعنى الذى: أى تنذرهم العذاب الذى أنذره آباؤهم، وقيل هى نكرة موصوفة، وقيل هى زائدة.

قوله تعالى (فأغشيناهم) بالغين: أى غطينا أعين بصائرهم، فالمضاف محذوف ويقرأ بالعين: أى أضعفنا بصائرهم عن إدراك الهدى كما تضعف عين الاعشى.

قوله تعالى (وكل شئ) مثل " وكل إنسان ألزمناه " وقد ذكر.

قوله تعالى (واضرب لهم مثلا أصحاب القرية) اضرب هنا بمعنى اجعل، وأصحاب مفعول أول، ومثلا مفعول ثان، وقيل هو بمعنى اذكر، والتقدير: مثلا مثل أصحاب، فالثانى بدل من الاول، و (إذ جاء‌ها) مثل إذ انتبذت، وقد ذكر، و (إذ) الثانية بدل من الاولى (فعززنا) بالتشديد والتخفيف، والمفعول محذوف أى قويناهما.

قوله تعالى (أئن ذكرتم) على لفظ الشرط، وجوابه محذوف: أى إن ذكرتم كفرتم ونحوه، ويقرأ بفتح الهمزة: أى لاذكرتم، ويقرأ شاذا " أين ذكرتم " أى عملكم السيئ لازم لكم أين ذكرتم، والكاف مخففة في هذا الوجه.

قوله تعالى (ومالى) الجمهور على فتح الياء، لان مابعدها في حكم المتصل بها إذا كان لايحسن الوقف عليها والابتداء بما بعدها و " مالى لاأرى الهدهد " بعكس ذلك.

قوله تعالى (لاتغن عنى) هو جواب الشرط، ولايجوز أن تقع " ما " مكان " لا " هنا،

٢٠٣

لان " ما " تنفى مافى الحال، وجواب الشرط مستقبل لاغير.

قوله تعالى (بما غفر لى) في " ما " ثلاثة أوجه: أحدها مصدرية: أى بغفرانه والثانى بمعنى الذى: أى بالذنب الذى غفره. والثالث استفهام على التعظيم ذكره بعض الناس، وهو بعيد لان " ما " في الاستفهام إذا دخل عليه حرف الجر حذفت ألفها، وقد جاء في الشعر بغير حذف.

قوله تعالى (وماأنزلنا) " ما " نافية، وهكذا (وماكنا) ويجوز أن تكون " ما " الثانية زائدة: أى وقد كنا، وقيل هى اسم معطوف على جند.

قوله تعالى (إن كانت إلا صيحة) اسم كان مضمر: أى ماكانت الصيحة إلا صيحة، والغرض وصفها بالاتحاد. وإذا للمفاجأة، والله أعلم.

قوله تعالى (ياحسرة) فيه وجهان: أحدهما أن حسرة منادى: أى ياحسرة احضرى فهذا وقتك، و (على) تتعلق بحسرة فلذلك نصبت كقولك: ياضاربا رجلا. والثانى المنادى محذوف، وحسرة مصدر: أى أتحسر حسرة، ويقرأ في الشاذ " ياحسرة العباد " أى ياتحسيرهم، فالمصدر مضاف إلى الفاعل، ويجوز أن يكون مضافا إلى المفعول: أى أتحسر على العباد.

قوله تعالى (مايأتيهم من رسول) الجملة تفسير سبب الحسرة (وكم أهلكنا) قد ذكر، و (أنهم إليهم) بفتح الهمزة وهى مصدرية، وموضع الجملة بدل من موضع كم أهلكنا، والتقدير: ألم يروا أنهم إليهم، ويقرأ بكسر الهمزة على الاستئناف.

قوله تعالى (وإن كل) قد ذكر في آخر هود.

قوله تعالى (وآية لهم) مبتدأ ولهم الخبر، و (الارض) مبتدأ، و (أحييناها) الخبر، والجملة تفسير للآية، وقيل الارض مبتدأ، وآية خبر مقدم، وأحييناها تفسير الآية، ولهم صفة آية.

قوله تعالى (من العيون) من على قول الاخفش زائدة، وعلى قول غيره المفعول محذوف: أى من العيون ماينتفعون به (وماعملته) في " ما " ثلاثة أوجه أحدها هى بمعنى الذى، والثانى نكرة موصوفة، وعلى كلا الوجهين هى في موضع جر عطفا على ثمرة، ويجوز أن يكون نصبا على موضع من ثمره.

والثالث هى نافية، ويقرأ بغير هاء ويحتمل الاوجه الثلاثة إلا أنها نافية بضعف لان عملت لم يذكر لها مفعول.

قوله تعالى (والقمر) بالرفع مبتدأ، و (قدرناه) الخبر: وبالنصب على فعل مضمر: أى

٢٠٤

وقدرنا القمر لانه معطوف على اسم قد عمل فيه الفعل فحمل على ذلك، ومن رفع قال: هو محمول على: وآية لهم في الموضعين، وعلى: والشمس، وهى أسماء لم يعمل فيها فعل، و (منازل) أى ذا منازل، فهو حال أو مفعول ثان، لان قدرنا بمعنى صيرنا، وقيل التقدير: قدرنا له منازل، و (العرجون) فعول، والنون أصل، وقيل هى زائدة لانه من الانعراج وهذا صحيح المعنى، ولكن شاذ في الاستعمال وقرأ بعضهم (سابق النهار) بالنصب وهو ضعيف، وجوازه على أن يكون حذف التنوين لالتقاء الساكنين، وحمل (يسبحون) على من يعقل لوصفها بالجريان والسباحة والادراك والسبق.

قوله تعالى، و (أنا) يجوز أن تكون خبر مبتدأ محذوف: أى هى أنا، وقيل هى مبتدأ، وآية لهم الخبر، وجاز ذلك لما كان لانا تعلق بما قبلها، والهاء والميم في (ذريتهم) لقوم نوح، وقيل لاهل مكة (فلا صريخ) الجمهور على الفتح ويكون مابعده مستأنفا، وقرئ بالرفع والتنوين ووجهه ماذكرنا في قوله " ولا خوف عليهم ".

قوله تعالى (إلا رحمة) هو مفعول له أو مصدر، وقيل التقدير: إلا برحمة، وقيل هو استثناء منقطع (يخصمون) مثل قوله يهد، وقد ذكر في يونس.

قوله تعالى (ياويلنا) هو مثل قوله " ياحسرة " وقال الكوفيون: وى كلمة، ولنا جار ومجرور، والجمهور على (من بعثنا) أنه استفهام، وقرئ شاذا من بعثنا على أنه جار ومجرور يتعلق بويل، و (هذا) مبتدأ، و (ماوعد) الخبر و " ما " بمعنى الذى، أو نكرة موصوفة أو مصدر، وقيل هذا نعت لمرقدنا فيوقف عليه، وما وعد مبتدأ والخبر محذوف: أى حق ونحوه، أو خبر والمبتدأ محذوف: أى هذا أو بعثنا.

قوله تعالى (في شغل) هو خبر إن، و (فاكهون) خبر ثان، أو هو الخبر وفى شغل يتعلق به، ويقرأ " فاكهين " على الحال من الضمير في الجار، والشغل بضمتين، وبضم بعده سكون، وبفتحتين، وبفتحة بعدها سكون لغات قد قرئ بهن.

قوله تعالى (في ظلال) يجوز أن يكون خبرهم (على الارائك) مستأنف، وأن يكون الخبر (متكئون) وفي ظلال حال، وعلى الارائك منصوب بمتكئون وظلال جمع ظل مثل ذيب وذياب، أو ظلة مثل قبة، وقباب، والظلل جمع ظلة لاغير (مايدعون) في " ما " ثلاثة أوجه: هى بمعنى الذى ونكرة، ومصدرية وموضعها مبتدأ والخبر لهم، وقيل الخبر (سلام) وقيل سلام صفة ثانية لما، وقيل سلام خبر مبتدأ محذوف: أى هو سلام، وقيل هو بدل من

٢٠٥

" ما " ويقرأ بالنصب على المصدر، ويجوز أن يكون حالا من " ما " أو من الهاء المحذوفة: أى ذا سلامة أو مسلما، و (قولا) مصدر: أى يقول الله ذلك لهم قولا، أو يقولون قولا، و (من) صفة لقول.

قوله تعالى (جبلا) فيه قراء‌ات كثيرة، كلها لغات بمعنى واحد.

قوله تعالى. (إن هو) الضمير للمعلم: أى أن ماعلمه ذكر، ودل عليه " وما علمناه " (لتنذر) بالتاء على الخطاب، وبالياء على الغيبة، أو على أنه للقرآن.

قوله تعالى (ركوبهم) بفتح الراء: أى مركوبهم كما قالوا حلوب بمعنى محلوب وقيل هو النسب: أى ذو ركوب، وقرئ " ركوبتهم " بالتاء مثل حلوبتهم، ويقرأ بضم الراء: أى ذو ركوبهم، أو يكون المصدر بمعنى المفعول مثل الخلق.

و (رميم) بمعنى رامم أو مرموم، و (كن فيكون) قد ذكر في سورة النحل، والله أعلم.

سورة الصافات

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الواو للقسم، وجواب القسم إن إلهكم، و (صفا) مصدرمؤكد وكذلك (زجرا) وقيل صفا مفعول به، لان الصف قد يقع على المصفوف، و (رب السموات) بدل من واحد، أو خبر مبتدأ محذوف: أى هو رب.

قوله تعالى (بزينة الكواكب) يقرأ بالاضافة.

وفيه وجهان: أحدهما أن يكون من إضافة النوع إلى الجنس كقولك باب حديد فالزينة كواكب.

والثانى أن تكون الزينة مصدرا أضيف إلى الفاعل، وقيل إلى المفعول: أى زينا السماء بتزييننا الكواكب، ويقرأ بتنوين الاول ونصب الكواكب، وفيه وجهان: أحدهما إعمال المصدر منونا في المفعول.

والثانى بتقدير أعنى، ويقرأ بتنوين الاول، وجر الثانى على البدل.

وبرفع الثانى بالمصدر: أى بأن زينتها الكواكب أو بأن زينت الكواكب أو على تقدير هى الكواكب.

قوله تعالى (وحفظا) أى وحفظناها حفظا، و (من) يتعلق بالفعل المحذوف.

قوله تعالى (لايسمعون) جمع على معنى كل، وموضع الجملة جر على الصفة أو نصب

٢٠٦

على الحال أو مستأنف، ويقرأ بتخفيف السين وعداه بإلى حملا على معنى يصفون. وبتشديدها والمعنى واحد، و (دحورا) يجوز أو يكون مصدرا من معنى يقذفون، أو مصدرا في موضع الحال، أو مفعولا له، ويجوز أن يكون جمع داحر مثل قاعد وقعود، فيكون حالا (إلا من) استثناء من الجنس: أى لايستمعون الملائكة إلا مخالسة، ثم يتبعون بالشهب، وفي (خطف) كلام قد ذكر في أوائل البقرة، و (الخطفة) مصدر، والالف واللام فيه للجنس أو للمعهود منهم.

قوله تعالى (بل عجبت) بفتح التاء على الخطاب، وبضمها، قيل الخبر عن النبى صلى الله عليه وسلم، وقيل هو عن الله تعالى، والمعنى عجب عباده، وقيل المعنى أنه بلغ حدا يقول القائل في مثله عجبت.

قوله تعالى (وأزواجهم) الجمهور على النصب: أى واحشروا أزواجهم، أو هو بمعنى مع، وهو في المعنى أقوى، وقرئ شاذا بالرفع عطفا على الضمير في ظلموا (لاتناصرون) في موضع الحال، وقيل التقدير: في أن لاتناصرون، و (يتساء‌لون) حال.

قوله تعالى (لذائقوا العذاب) الوجه الجر بالاضافة، وقرئ شاذا بالنصب وهو سهو من قارئه، لان اسم الفاعل تحذف منه النون، وينصب إذا كان فيه الالف واللام.

قوله تعالى (فواكه) هو بدل من رزق أو على تقدير هو، و (مكرمون) بالتخفيف والتشديد للتكثير، و (في جنات) يجوز أن يكون ظرفا وأن يكون حالا وأن يكون خبرا ثانيا، وكذلك (على سرر) ويجوز أن تتعلق على ب‍ (متقابلين) ويكون متقابلين حالا من مكرمون أو من الضمير في الجار و (يطاف عليهم) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون كالذى قبله وأن يكون صفة لمكرمون، و (من معين) نعت لكأس وكذلك (بيضاء) و (عنها) يتعلق ب‍ (ينزفون).

قوله تعالى (مطلعون) يقرأ بالتشديد على مفتعلون، ويقرأ بالتخفيف: أى مطلعون أصحابكم، ويقرأ بكسر النون وهو بعيد جدا، لان النون إن كانت للوقاية فلا تلحق الاسماء، وإن كانت نون الجمع فلا تثبت في الاضافة.

قوله تعالى (إلا موتتنا) هو مصدر من اسم الفاعل، وقيل هو استثناء و (نزلا) تمييز، و (شوبا) يجوز أن يكون بمعنى مشوب، وأن يكون مصدرا على بابه.

قوله تعالى (كيف كان عاقبة) قد ذكر في النمل (فلنعم الميجيبون) المخصوص بالمدح محذوف: أى نحن، و (هم) فصل و (سلام على نوح) مبتدأ وخبر في موضع نصب بتركنا،

٢٠٧

وقيل هو تفسير مفعول محذوف: أى تركنا عليه ثناء هو سلام، وقيل معنى تركنا قلنا، وقيل القول مقدر، وقرئ شاذا بالنصب وهو وهو مفعول تركنا، وهكذا مافي هذه السورة من الآى، و (كذلك) نعت لمصدر محذوف: أى جزاء كذلك.

قوله تعالى (إذ جاء) أى اذكر إذ جاء، ويجوز أن يكون ظرفا لعامل فيه من شيعته، و (إذ قال) بدل من إذا الاولى، ويجوز أن يكون ظرفا لسليم أو لجاء.

قوله تعالى (ماذا تعبدون) هو مثل " ماذا تنفقون " وقد ذكر في البقرة (أئفكا) هو منصوب ب‍ (تريدون) وآلهة بدل منه، والتقدير: وعبادة آلهة لان الافك مصدر فيقدر البدل منه كذلك والمعنى عليه، وقيل إفكا مفعول له، وآلهة مفعول تريدون

و (ضربا) مصدر من فراغ لان معناه ضرب، ويجوز أن يكون في موضع الحال، و (يزفون) بالتشديد والكسر مع فتح الياء ويقرأ بضمها وهما لغتان، ويقرأ بفتح الياء وكسر الزاى والتخفيف وماضيه وزف مثل وعد، ومعنى المشدد والمخفف والاسراع.

قوله تعالى (وماتعملون) هى مصدرية، وقيل بمعنى الذى، وقيل نكرة موصوفة، وقيل استفهامية على التحقير لعملهم، ومامنصوبة بتعملون، و (بنيانا) مفعول به.

قوله تعالى (ماذا ترى) يجوز أن يكون ماذا اسما واحدا ينصب بترى: أى أى شئ ترى، وترى من الرأى لا من رؤية العين ولا المتعدية إلى مفعولين، بل كقولك هو يرى رأى الخوارج، فهو متعد إلى واحد، وقرئ ترى بضم التاء وكسر الراء، وهو من الرأى أيضا إلا أنه نقل بالهمزة فتعدى إلى اثنين فماذا أحدهما والثانى محذوف أى ترينى، ويجوز أن تكون ما استفهاما وذا بمعنى الذى، فيكون مبتدأ وخبر: أى أى شئ الذى تراه أو الذى ترينيه.

قوله تعالى (فلما) جوابها محذوف تقديره نادته الملائكة أو ظهر فضلها. وقال الكوفيون الواو زائدة أى تله أو ناديناه، و (نبيا) حال من إسحق.

قوله تعالى (إذ قال) هو ظرف لمرسلين، وقيل بإضمار أعنى.

قوله تعالى (الله ربكم ورب) يقرأ الثلاثة بالنصب بدلا من أحسن أو على إضمار أعنى.

قوله تعالى (الياسين) يقرأ آل بالمد: أى أهله، وقرئ بالقصر وسكون اللام وكسر الهمزة، والتقدير: الياسين واحدهم الياسى ثم خفف الجمع كما قالوا الاشعرون، ويقرأ شاذا إدراسين منسوبون إلى إدريس.

قوله تعالى (وبالليل) الوقف عليه تام.

٢٠٨

قوله تعالى (في بطنه) حال أو ظرف (إلى يوم يبعثون) متعلق بلبث أو نعت لمصدر محذوف: أى لبثا إلى يوم.

قوله تعالى (أو يزيدون) أى يقول الرائى لهم هم مائة ألف أو يزيدون، وقيل بعضهم يقول: مائة ألف، وبعضهم يقول أكثر، وقد ذكرنا في قوله " أو كصيب " وفى مواضع وجوها أخر.

قوله تعالى (أصطفى) بفتح الهمزة، وهى للاستفهام، وحذفت همزة الوصل استغناء بهمزة الاستفهام، ويقرأ بالمد وهو بعيد جدا، وقرئ بكسر الهمزة على لفظ الخبر، والاستفهام مراد كما قال عمر بن أبى ربيعة: ثم قالوا تحبها قلت بهرا * عدد الرمل والحصى والتراب أى أتحبها، وهو شاذ في الاستعمال والقياس، فلا ينبغى أن يقرأ به (مالكم كيف) استفهام بعد استفهام (إلا عباد الله) يجوز أن يكون مستثنى من جعلوا، ومن محضرون، وأن يكون منفصلا.

قوله تعالى (وماتعبدون) الواو عاطفة، ويضعف أن يكون بمعنى مع، إذ لافعل هنا، و (ماأنتم) نفى، و (من) في موضع نصب بفاتنين، وهى بمعنى الذى، أو نكرة موصوفة، و (صال) يقرأ شاذا بضم اللام، فيجوز أن يكون جمعا على معنى " من " وأن يكون قلب فصار صايلا ثم حذفت الياء فبقى صال، ويجوز أن يكون غير مقلوب على فعل كما قالوا يوم راح، وكبش صاف: أى روح وصوف (ومامنا إلا له) أى أحد إلا وقيل إلا من له، وقد ذكر في النساء.

سورة ص

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الجمهور على إسكان الدال، وقد ذكر وجهه، وقرئ بكسرها.

وفيه وجهان: أحدهما هى كسرها التقاء الساكنين، والثانى هى أمر من صادى، وصادى الشئ قابله وعارضه: أى عارض بعملك القرآن، ويقرأ بالفتح: أى اتل صاد، وقيل حرك لالتقاء الساكنين (والقرآن) قسم، وقيل معطوف على القسم وهو صاد، وأما جواب القسم فمحذوف: أى لقد جاء‌كم الحق ونحو ذلك، وقيل هو معنى (بل الذين كفروا) أى وحق القرآن لقد خالف الكفار وتكبروا عن الايمان، وقيل الجواب (كم أهلكنا) واللام محذوفة: أى لكم أهلكنا، وهو بعيد لان كم في موضع نصب بأهلكنا،

٢٠٩

وقيل هو معنى هذه الجملة: أى لقد أهلكنا كثيرا من القرون، أو قيل هو قوله تعالى " إن كل إلا كذب الرسل " وقيل هو قوله تعالى " إن ذلك لحق " وبينهما كلام طويل يمنع من كونه جوابا.

قوله تعالى (ولات حين مناص) الاصل " لا " زيدت عليها التاء، كما زيدت على رب وثم فقيل ربت وثمت، وأكثر العرب يحرك هذه التاء بالفتح، فأما في الوقف فبعضهم يقف بالتاء لان الحروف ليست موضع تغيير، وبعضهم يقف بالهاء كما يقف على قائمة، فأما حين فمذهب سيبويه أنه خبر لات، واسمها محذوف لانها عملت عمل ليس: أى ليس الحين حين هرب، ولايقال هو مضمر لان الحروف لايضمر فيها.

وقال الاخفش: هى العاملة في باب النفى، فحين اسمها، وخبرها محذوف: أى لاحين مناظر لهم أو حينهم، ومنهم من يرفع مابعدها، ويقدر الخبر المنصوب كما قال بعضهم: * فأنا ابن قيس لابراح * وقال أبوعبيدة التاء موصولة بحين لابلا، وحكى أنهم يقولون تحين وثلاث، وأجاز قوم جرما بعد لات، وأنشدوا عليه أبياتا، وقد استوفيت ذلك في علل الاعراب الكبير.

قوله تعالى (أن امشوا) أى امشوا، لان المعنى انطلقوا في القول، وقيل هو الانطلاق حقيقة، والتقدير: وانطلقوا قائلين امشوا.

قوله تعالى (فليرتقوا) هذا كلام محمول على المعنى: أى إن زعموا ذلك فليرتقوا.

قوله تعالى (جند) مبتدأ، و (ما) زائدة، و (هنالك) نعت، و (مهزوم) الخبر، ويجوز أن يكون هنالك ظرفا لمهزوم، و (من الاحزاب) يجوز أن يكون نعتا لجند: وأن يتعلق بمهزوم، وأن يكون نعتا لمهزوم.

قوله تعالى (أولئك الاحزاب) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون خبرا والمبتدأ من قوله وعاد، وأن يكون من ثمود، وأن يكون من قوله تعالى " وقوم لوط " والفواق بالضم والفتح لغتان قد قرئ بها، و (داود) بدل، و (سخرنا) قد ذكر في الانبياء.

قوله تعالى (الخصم) هو مصدر في الاصل وصف به، فلذلك لايثنى ولايجمع و (إذ) الاولى ظرف لنبأ، والثانية بدل منها أو ظرف ل‍ (تسوروا) وجمع الضمير وهو في الحقيقة لاثنين، وتجوز لان الاثنين جمع، ويدل على ذلك قوله تعالى (خصمان) والتقدير: نحن خصمان.

٢١٠

قوله تعالى (وعزتى) بالتشديد: أى غلبنى، وقرئ شاذا بالتخفيف، والمعنى واحد، وقيل هو من وعز بكذا إذا أمر به، وهذا بعيد لان قبله فعلا يكون هذا معطوفا عليه، كذا ذكر بعضهم، ويجوز أن يكون حذف القول: أى فقال أكفلنيها،

وقال: وعزنى في الخطاب. أى الخطابة، و (سؤال نعجتك) مصدر مضاف إلى المفعول به.

قوله تعالى (إلا الذين آمنوا) استثناء من الجنس، والمستثنى منه بعضهم، وما زائدة وهم مبتدأ وقليل خبره، وقيل التقدير: وهم قليل منهم.

قوله تعالى (فتناه) بتشديد النون على إضافة الفعل إلى الله عزوجل، وبالتخفيف على إضافته إلى الملكين (راكعا) حال مقدرة، و (ذلك) مفعول " غفرنا " وقيل خبر مبتدإ: أى الامر ذلك (فيضلك) منصوب على الجواب، وقيل مجزوم عطفا على النهى، وفتحت اللام لالتقاء الساكنين، و (باطلا) قد ذكر في آل عمران وأم في الموضعين منقطعة، و (كتاب) أى هذا كتاب، و (مبارك) صفة أخرى (نعم العبد) أى سليمان، وقيل داود فحذف المخصوص بالمدح، وكذا في قصة أيوب.

قوله تعالى (إذ عرض) يجوز أن يكون ظرفا لاواب، وأن يكون العامل فيه نعم، وأنه يكون التقدير: اذكر، و (الجياد) جمع جواد، وقيل جيد.

قوله تعالى (حب الخير) هو مفعول أحببت، لان معنى أحببت آثرت، لان مصدر أحببت الاحباب، ويجوز أن يكون مصدرا محذوف الزيادة.

وقال أبوعلى. أحببت بمعنى جلست من إحباب البعير وهو بروكه، وحب الخير مفعول له مضاف إلى المفعول و (ذكر ربى) مضاف إلى المفعول أيضا، وقيل إلى الفاعل: أى عن أن يذكرنى ربى، وفاعل (توارت) الشمس، ولم يجر لها ذكر، ولكن دلت الحال عليها، وقيل دل عليها ذكر الاشراق في قصة داود عليه السلام، و (ردوها) الضمير للجياد، و (مسحا) مصدر في موضع الحال، وقيل التقدير: يمسح مسحا.

قوله تعالى (جسدا) هو مفعول ألقينا، وقيل هو حال من مفعول محذوف: أى ألقيناه، قيل سليمان، وقيل ولده على ما جاء في التفسير، و (تجرى) حال من الريح، و (رخاء) حال من الضمير في تجرى؟؟: أى لينة، و (حيث) ظرف لتجرى وقيل لسخرنا، و (الشياطين) عطف على الريح، و (كل) بدل منهم.

٢١١

قوله تعالى (بغير حساب) قيل هو حال من الضمير في امنن أو في أمسك، والمعنى غير محاسب، وقيل هو متعلق بعطاؤنا، وقيل هو حال منه: أى هذا عطاؤنا واسعا، لان الحساب بمعنى الكافى.

قوله تعالى (وإن له عندنا لزلفى) اسم إن والخبر له، والعامل في عند الخبر.

قوله تعالى (بنصب) فيه قراء‌ات متقاربة المعنى، و (رحمة) مفعول له.

قوله تعالى (عبادنا) يقرأ على الجمع، والاسماء التى بعده بدل منه، وعلى الافراد فيكون (إبراهيم) بدلا منه، وما بعده معطوف على عبدنا، ويجوز أن يكون جنسا في معنى الجمع، فيكون كالقراء‌ة الاولى.

قوله تعالى (بخالصة) يقرأ بالاضافة، وهى هاهنا من باب إضافة الشئ إلى ما يبينه لان الخالصة قد تكون ذكرى وغير ذكرى، وذكرى مصدر، وخالصة مصدر أيضا بمعنى الاخلاص كالعافية، وقيل خالصة مصدر مضاف إلى المفعول: أى بإخلاصهم ذكرى الدار: وقيل خالصة بمعنى خلوص، فيكون مضافا إلى الفاعل: أى بأن خلصت لهم ذكرى الدار، وقيل خالصة اسم فاعل تقديره: بخالص ذكرى الدار: أى خالص من أن يشاب بغيره، وقرئ بتنوين خالصة فيجوز أن يكون ذكرى بدلا منها، وأن يكون في موضع نصب مفعول خالصة، أو على إضمار أعنى، وأن يكون في موضع رفع فاعل خالصة، أو على تقديره هى ذكرى، وأما إضافة ذكرى إلى الدار فمن إضافة المصدر إلى المفعول: أى بذكرهم الدار الآخرة، وقيل هى في المعنى ظرف: أى ذكرهم في الدار الدنيا، فهو إما مفعول به على السعة مثل ياسارق الليلة، أو على حذف حرف الجر مثل ذهبت الشام.

قوله تعالى (جنات عدن) هى بدل من حسن مآب، و (مفتحة) حال من جنات في قول من جعلها معرفة لاضافتها إلى عدن، وهو علم كما قالوا جنة الخلد وجنة المأوى.

وقال آخرون: هى نكرة، والمعنى جنات إقامة فتكون مفتحة وصفا وأما ارتفاع (الابواب) ففيه ثلاثة أوجه: أحدها هو فاعل مفتحة، والعائد محذوف أى مفتحة لهم الابواب منها، فحذف كما حذف في قوله " فإن الجحيم هى المأوى " أى لهم.

والثانى هى بدل من الضمير في مفتحة، وهو ضمير الجنات، والابواب غير أجنبى منها لانها من الجنة، تقول: فتحت الجنة وأنت تريد أبوابها، ومنه " وفتحت السماء فكانت أبوابا " والثالث كالاول، إلا أن الالف واللام عوضا من الهاء العائدة وهو قول الكوفيون وفيه بعد.

٢١٢

قوله تعالى (متكئين) هو حال من المجرور في لهم، والعامل مفتحة، ويجوز أن يكون حالا من المتقين لانه قد أخبر عنهم قبل الحال، وقيل هو حال من الضمير في يدعون، وقد تقدم على العامل فيه.

قوله تعالى (مايوعدون) بالياء على الغيبة، والضمير للمتقين وبالتاء، والتقدير وقيل لهم هذا ما توعدون، والمعنى هذا ما وعدتم.

قوله تعالى (ماله من نفاد) الجملة حال من الرزق، والعامل الاشارة، أى إن هذا لرزقنا باقيا.

قوله تعالى (هذا) أى الامر هذا. ثم استأنف فقال (وإن للطاغين) و (جهنم) بدل من شر، و (يصلونها) حال العامل فيه الاستقرار في قوله تعالى " للطاغين " وقيل التقدير: يصلون جهنم، فحذف الفعل لدلالة مابعده عليه.

قوله تعالى (هذا) هو مبتدأ. وفي الخبر وجهان: أحدهما (فليذوقوه) مثل قولك زيدا ضربه.

وقال قوم: هذا ضعيف من أجل الفاء، وليست في معنى الجواب كالتى في قوله " والسارقة فاقطعوا " فأما (حميم) على هذا الوجه فيجوز أن يكون بدلا من هذا، وأن يكون خبر مبتدإ محذوف: أى هو حميم، وأن يكون خبرا ثانيا.

والوجه الثانى أن يكون حميم خبر هذا، وفليذوقوه معترض بينهما، وقيل هذا في موضع نصب، أى فليذوقوه هذا، ثم استأنف فقال حميم: أى هو حميم، وأما (غساق) فيقرأ بالتشديد مثل كفار وصبار، وبالتخفيف اسم للمصدر: أى ذو غسق أو يكون فعال بمعنى فاعل.

قوله تعالى (وآخر) يقرأ على الجمع. وفيه وجهان: أحدهما هو مبتدأ، و (من شكله) نعت له: أى من شكل الحميم، و (أزواج) خبره. والثانى أن يكون الخبر محذوفا: أى ولهم أخر. ومن شكله وأزواج صفتان، ويجوز أن يكون من شكله صفة، وأزواج يرتفع بالجار، وذكر الضمير لان المعنى من شكل ما ذكرنا. ويقرأ على الافراد وهو معطوف على حميم، ومن شكله نعت له، وأزواج يرتفع بالجار ويجوز أن يرتفع على تقدير هى: أى الحميم والنوع الآخر.

قوله تعالى (مقتحم) أى النار، و (معكم) يجوز أن يكون حالا من الضمير في مقتحم،

٢١٣

أو من فوج لانه قد وصف، ولايجوز أن يكون ظرفا لفساد المعنى، ويجوز أن يكون نعتا ثانيا، و (لامرحبا) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا: أى هذا فوج مقولا له لا مرحبا، ومرحبا منصوب على المصدر، أو على المفعول به أى لا يسمعون مرحبا.

قوله تعالى (من قدم) هى بمعنى الذى، و (فزده) الخبر، ويجوز أن يكون من نصبا: أى فرد من قدم، وقيل هى استفهام بمعنى التعظيم، فيكون مبتدأ، وقدم

الخبر، ثم استأنف وفيه ضعف: و (ضعفا) نعت لعذاب: أى مضاعفا، و (في النار) ظرف لزد، ويجوز أن يكون حالا من الهاء والميم: أى زده كائنا في النار، وأن يكون نعتا ثانيا لعذاب، أو حالا لانه قد وصف.

قوله تعالى (أتخذناهم) يقرأ بقطع الهمزة لانها للاستفهام، وبالوصف على حذف حرف الاستفهام لدلالة أم عليه، وقيل الاول خبر، وهو وصف في المعنى لرجال، وأم استفهام: أى أهم مفقودون أم زاغت، و (سخريا) قد ذكر في المؤمنون.

قوله تعالى (تخاصم أهل النار) هو بدل من حق، أو خبر مبتدإ محذوف: أى هو تخاصم، ولو قيل هومرفوع لحق لكان بعيدا لانه يصير جملة ولا ضمير فيها يعود على اسم " إن ".

قوله تعالى (رب السموات) يجوز أن يكون خبر مبتدإ محذوف، وأن يكون صفة، وأن يكون بدلا، وأن يكون مبتدأ والخبر (العزيز).

قوله تعالى (إذ يختصمون) هو ظرف لعلم، و (أنما) مرفوع بيوحى إلى، وقيل قائم مقام الفاعل، وإنما في موضع نصب: أى أوحى إلى الانذار، أو يأتى نذير.

قوله تعالى (إذ قال) أى اذكر إذ قال (من طين) يجوز أن يكون نعتا لبشر، وأن يتعلق بخالق.

قوله تعالى (فالحق) في نصبه وجهان: أحدهما مفعول لفعل محذوف: أى فأحق الحق، أو فاذكر الحق.

والثانى على تقدير حذف القسم: أى فبالحق لاملان (والحق أقول) معترض بينهما، وسيبويه يدفع ذلك لانه لايجوز حذفه إلا مع اسم الله عزوجل، ويقرأ بالرفع: أى فأنا الحق أو فالحق منى، وأما الحق الثانى فنصبه بأقول، فيقرأ بالرفع على تقدير تكرير المرفوع قبله، أو على إضمار مبتدإ: أى قولى الحق، ويكون أقول على هذا مستأنفا موصولا بما بعده: أى أقول لاملان، وقيل يكون أقول خبرا عنه والهاء محذوفة: أى أقوله وفيه بعد.

قوله تعالى (ولتعلمن) أى لتعرفن، وله مفعول واحد، وهو (نبأه) ويجوز أن يكون

٢١٤

متعديا إلى اثنين والثانى (بعد حين).

سورة الزمر

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (تنزيل الكتاب) هو مبتدأ، و (من الله) الخبر، ويجوز أن يكون خبر مبتدإ محذوف: أى هذا تنزيل، و (من) متعلقة بالمصدر، أو حال من الكتاب، و (الدين) منصوب بمخلص، ومخلصا حال، وأجاز الفراء له الدين بالرفع على أنه مستأنف (والذين اتخذوا) مبتدأ، والخبر محذوف: أى يقولون مانعبدهم، و (زلفى) مصدر أو حال مؤكدة (يكور) حال أو مستأنف، و (يخلقكم) مستأنف، و (خلقا) مصدر منه، و (في) يتعلق به أو بخلق الثانى لان الاول مؤكد فلا يعمل، و (ربكم) نعت أو بدل، وأما الخبر فالله، و (له الملك) خبر ثان أو مستأنف، ويجوز أن يكون الله بدلا من ذلك، والخبر له الملك، و (لاإله إلا هو) مستأنف أو خبر آخر، و (يرضه لكم) بضم الهاء واختلاسها وإسكانها، وقد ذكر مثله في " يؤده إليك " و (منيبا) حال، و (منه) يتعلق بخول أو صفة لنعمة.

قوله تعالى (أمن هو قانت) يقرأ بالتشديد، والاصل أم من، فأم للاستفهام منقطعة: أى بل أم من هو قانت، وقيل هى متصلة تقديره: أم من يعصى، أم من هو مطيع مستويان، وحذف الخبر لدلالة قوله تعالى " هل يستوى الذين " ويقرأ بالتخفيف، وفيه الاستفهام، والمعادل، والخبر محذوفان، وقيل هى همزة النداء، و (ساجدا وقائما) حالان من الضمير في قانت، أو من الضمير في (يحذر) و (بغير حساب) حال من الاجر: أى موفرا، أو من الصابرين: أى غير محاسبين (قل الله) هو منصوب ب‍ (أعبد).

قوله تعالى (ظلل) هو مبتدأ، و(لهم) الخبر.............( فيه) الجار، وأن يكون حالا من ظلل، والتقدير............. (النار) نعت لظلل، و (الطاغوت) مؤنث.............. قوله تعالى (أفمن) مبتدأ، والخبر محذوف........... دل على العامل فيه قوله " لهم غرف " لانه كقول‍.................... قوله تعالى (ثم يجعله) الجمهور على الر..........

أن يضمر معه " إن " والمعطوف عليه أن الله أنزل في أول الآية، تقديره: ألم تر إنزال الله، أو إلى إنزال ثم جعله، ويجوز أن يكون منصوبا بتقدير ترى: أى ثم ترى جعله حطاما.

قوله تعالى (أفمن شرح الله)، و (أفمن يتقى بوجهه) الحكم فيهما كالحكم في قوله تعالى " أفمن حق عليه " وقد ذكر.

٢١٥

قوله تعالى (كتابا) هو بدل من أحسن، و (تقشعر) نعت ثالث.

قوله تعالى (قرآنا) هو حال من القرآن موطئة، والحال في المعنى.

قوله تعالى (عربيا) وقيل انتصب بيتذكرون.

قوله تعالى (مثلا رجلا) رجلا بدل من مثل، وقد ذكر في قوله " مثلا قرية " في النحل، و (فيه شركاء) الجملة صفة لرجل، وفي يتعلق ب‍ (متشاكسون) وفيه دلالة على جواز تقديم خبر المبتدإ عليه، ومثلا تمييز.

قوله تعالى (والذى بالصدق) المعنى على الجمع، وقد ذكر مثله في قوله " مثلهم كمثل الذى ".

قوله تعالى (كاشفات ضره) يقرأ بالتنوين وبالاضافة وهو ظاهر.

قوله تعالى (قل اللهم فاطر السموات) مثل " قل اللهم مالك الملك ".

قوله تعالى (بل هى) هى ضمير البلوى أو الحال.

قوله تعالى (أن تقول) هو مفعول له: أى أنذرناكم مخافة أن تقول: ياحسرتا الالف مبدلة من ياء المتكلم، وقرئ " حسرتاى " وهو بعيد، وقد وجهت على أن الباء زيدت بعد الالف المنقلبة.

وقال آخرون: بل الالف زائدة، وهذا أبعد لما فيه من الفصل بين المضاف والمضاف إليه، وفتحت الكاف في (جاء‌تك) حملا على المخاطب وهو إنسان، ومن كسر حمله على تأنيث النفس.

قوله تعالى (وجوههم مسودة) الجملة حال من الذين كفروا، لان ترى من رؤية العين، وقيل هى بمعنى العلم، فتكون الجملة مفعولا ثانيا، ولو قرئ وجوههم مسودة بالنصب لكان على بدل الاشتمال، و (مفازتهم) على الافراد لانه مصدر، وعلى الجمع لاختلاف المصدر كالحلوم والاشغال، وقيل المفازة هنا الطريق، والمعنى في مفازتهم (لايمسهم السوء) حال.

قوله تعالى (أفغير الله) في إعرابها أوجه: أحدها أن غير منصوب ب‍ (أعبد) مقدما عليه، وقد ضعف هذا الوجه من حيث كان التقدير أن اعبد، فعند ذلك يفضى إلى تقديم الصلة على الموصول وليس بشئ لان أن ليست في اللفظ، فلا يبقى عملها فلو قدرنا بقاء حكمها لافضى إلى حذف الموصول وبقاء صلته، وذلك لا يجوز إلا في ضرورة الشعر.

٢١٦

والوجه الثانى أن يكون منصوبا بتأمرونى وأعبد بدل منه، والتقدير قل أفتأمرونى بعبادة غير الله عزوجل، وهذا من بدل الاشتمال ومن باب أمرتك الخير.

والثالث أن غير منصوب بفعل محذوف: أى أفتلزمونى غير الله، وفسره مابعده، وقيل لاموضع لاعبد من الاعراب، وقيل هو حال، والعمل على الوجهين الاوثين؟؟؟، وأما النون فمشددة على الاصل، وقد خففت بحذف الثانية وقد ذكر نظائره.

قوله (والارض) مبتدأ، و (قبضته) الخبر، وجميعا حال من الارض والتقدير: إذا كانت مجتمعة قبضته: أى مقبوضة، فالعامل في إذا المصدر، لانه بمعنى المفعول، وقد ذكر أبوعلى في الحجة التقدير: ذات قبضته، وقد رد عليه ذلك بأن المضاف إليه لايعمل فيما قبله، وهذا لايصح لانه الآن غير مضاف إليه، وبعد حذف المضاف لايبقى حكمه، ويقرأ قبضته بالنصب على معنى في قبضته، وهو ضعيف لان هذا الظرف محدود، فهو كقولك زيد الدار (والسموات مطويات) مبتدأ والخبر، و (بيمينه) متعلق بالخبر، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في الخبر، وأن يكون خبرا ثانيا، وقرئ " مطويات " بالكسر على الحال، وبيمينه الخبر، وقيل الخبر محذوف: أى والسموات قبضته، و (زمرا) الموضعين حال (وفتحت) الواو زائدة عند قوم، لان الكلام جواب حتى وليست زائدة عند المحققين، والجواب محذوف تقديره: اطمأنوا ونحو ذلك، و (نتبوأ) حال من الفاعل أو المفعول، و (حيث) هنا مفعول به كما ذكرنا في قوله تعالى " وكلا منها رغدا حيث شئتما " في أحد الوجوه، و (حافين) حال من الملائكة، و (يسبحون) حال من الضمير في حافين، والله أعلم.

سورة المؤمن

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (حم تنزيل الكتاب) هو مثل " الم تنزيل ".

قوله تعالى (غافر الذنب وقابل التوب) كلتاهما صفة لما قبله، والاضافة محضة، وأما (شديد العقاب) فنكرة، لان التقدير: شديد عقابه، فيكون بدلا، ولايجوز أن يكون شديد بمعنى مشدد كما جاء أذين بمعنى مؤذن، فتكون الاضافة محضة فيتعرف فيكون وصفا أيضا، وأما (ذى الطول) فصفة أيضا (لاإله إلا هو) يجوز أن يكون صفة، وأن يكون مستأنفا.

٢١٧

قوله تعالى (أنهم) هو مثل الذى في يونس.

قوله تعالى (الذين يحملون) مبتدأ، و (يسبحون) خبره (ربنا) أى يقولون، وهذا المحذوف حال، و (رحمة وعلما) تمييز، والاصل وسع كل شئ علمك.

قوله تعالى (ومن صلح) في موضع نصب عطفا على الضمير في أدخلهم: أى وأدخل من صلح، وقيل هو عطف على الضمير في وعدتهم.

قوله تعالى (من مقتكم) هو مصدر مضاف إلى الفاعل، و (أنفسكم) منصوب به، و (إذ) ظرف لفعل محذوف تقديره: مقتكم إذ تدعون، ولايجوز أن يعمل فيه مقت الله لانه مصدر قد أخبر عنه، وهو قوله: أكبر من ولا مقتكم لانهم لم يمقتوا أنفسهم حين دعوا إلى الايمان، وإنما مقتوها في النار، وعند ذلك لايدعون إلى الايمان.

قوله تعالى (وحده) هو مصدر في موضع الحال من الله: أى دعى مفردا وقال يونس: ينتصب على الظرف تقديره: دعى على حياله وحده، وهو مصدر محذوف الزيادة، والفعل منه أوحدته إيحادا.

قوله تعالى (رفيع الدرجات) يجوز أن يكون التقدير: هو رفيع الدرجات، فيكون (ذو) صفة، و (يلقى) مستأنفا، وأن يكون مبتدأ، والخبر ذو العرش أو يلقى، و (من أمره) يجوز أن يكون حالا من الروح، وأن يكون متعلقا بيلقى

قوله تعالى (يوم هم) يوم بدل من يوم التلاق، ويجوز أن يكون التقدير. اذكر يوم، وأن يكون ظرفا للتلاق، وهم مبتدأ، و (بارزون) خبره والجملة في موضع جر بإضافة يوم إليها، و (لايخفى) يجوز أن يكون خبرا آخر، وأن يكون حالا من الضمير في بارزون، وأن يكون مستأنفا، (اليوم) ظرف، والعامل فيه لمن، أو مايتعلق به الجار، وقيل هو ظرف للملك (لله) أى هو لله، وقيل الوقف على الملك، ثم استأنف فقال: هو اليوم لله الواحد: أى استقر اليوم لله، و (اليوم) الآخر ظرف ل‍ (تجزى) و (اليوم) الاخير خبر " لا " أى ظلم كائن اليوم، و (إذ) بدل من يوم الآزفة، و (كاظمين) حال من القلوب، لان المراد أصحابها، وقيل هى حال من الضمير في لدى، وقيل هى حال من الضمير في أنذرهم (ولاشفيع يطاع) يطاع في موضع جر صفة لشفيع على اللفظ، أو في موضع رفع على الموضع.

قوله تعالى (وأن يظهر) هو في موضع نصب: أى أخاف الامرين، ويقرأ " أو أن يظهر " أى أخاف أحدهما وأيهما وقع كان مخوفا.

٢١٨

قوله تعالى (من آل فرعون) هو في موضع رفع نعتا لمؤمن، وقيل يتعلق ب‍ (يكتم) أى يكتمه من آل فرعون (أن يقول) أى لان يقول (وقد جاء‌كم) الجملة حال، و (ظاهرين) حال من ضمير الجمع في لكم، و (أريكم) متعد إلى مفعولين، الثانى (ماأرى) وهو من الرأى الذى بمعنى الاعتقاد.

قوله تعالى (سبيل الرشاد) الجمهور على التخفيف وهو اسم للمصدر، إما الرشد أو الارشاد، وقرئ بتشديد الشين، وهو الذى يكثر منه الارشاد أو الرشد.

قوله تعالى (يوم التناد) الجمهور على التخفيف، وقرأ ابن عباس رضى الله عنه بتشديد الدال، وهو مصدر تناد القوم إذا تفرقوا: أى يوم اختلاف مذاهب الناس، و (يوم تولون) بدل من اليوم الذى قبله، و (مالكم من الله) في موضع الحال.

قوله تعالى (الذين يجادلون) فيه أوجه: أحدها أن يكون خبر مبتدإ محذوف أى هم الذين، وهم يرجع على قوله " من هو مسرف " لانه في معنى الجمع.

والثانى أن يكون مبتدأ والخبر يطبع الله، والعائد محذوف: أى على كل قلب متكبر منهم، و (كذلك) خبر مبتدإ محذوف أى الامر كذلك، ومابينهما معترض مسدد.

والثالث أن يكون الخبر " كبر مقتا " أى كبر قولهم مقتا.

والرابع أن يكون الخبر محذوفا أى معاندون ونحو ذلك.

والخامس أن يكون منصوبا بإضمار أعنى.

قوله تعالى (على كل قلب) يقرأ بالتنوين، و (متكبر) صفة له، والمراد صاحب القلب ويقرأ بالاضافة وإضافة كل إلى القلب يراد بها عموم القلب لاستيعاب كل قلب بالطبع، وهو في المعنى كقراء‌ة من قرأ على قلب كل متكبر.

قوله تعالى (أسباب السموات) هو بدل مما قبله (فأطلع) بالرفع عطفا على أبلغ، وبالنصب على جواب الامر: أى إن تبن لى أطلع، وقال قوم: هو جواب لعلى إذ كان في معنى التمنى.

قوله تعالى (تدعوننى) الجملة ومايتصل بها بدل، أو تبيين لتدعوننى الاول.

قوله تعالى (وأفوض أمرى إلى الله) الجملة حال من الضمير في أقول.

قوله تعالى (النار يعرضون عليها) فيه وجهان: أحدهما هو مبتدأ، ويعرضون خبره. والثانى أن يكون بدلا من سوء العذاب، ويقرأ بالنصب بفعل مضمر يفسره يعرضون عليها تقديره: يصلون النار ونحو ذلك، ولا موضع ليعرضون على هذا، وعلى البدل موضعه

٢١٩

حال إما من النار أو من آل فرعون (أدخلوا) يقرأ بوصل الهمزة: أى يقال لآل فرعون، فعلى هذا التقدير: ياآل فرعون، ويقرأ بقطع الهمزة وكسر الخاء: أى يقول الله تعالى للملائكة.

قوله تعالى (وإذ يتحاجون) يجوز أن يكون معطوفا على عدوا، وأن يكون التقدير: واذكر، و (تبعا) مصدر في موضع اسم الفاعل، و (نصيبا) منصوب بفعل دل عليه مغنون تقديره: هل أنتم دافعون عنا أو مانعون، ويجوزأن يكون في موضع المصدر كما كان شئ كذلك، ألا ترى إلى قوله تعالى " لن تغنى عنهم أموالهم ولاأولادهم من الله شيئا " فشيئا في موضع عنا، فكذلك نصيبا.

قوله تعالى (يخفف عنا يوما) يجوز أن يكون ظرفا: أى يخفف عنا في يوم شيئا من العذاب، فالمفعول محذوف، وعلى قول الاخفش يجوز أن تكون " من " زائدة، ويجوز أن يكون مفعولا: أى عذاب يوم كقوله تعالى " واتقوا يوما " أى عذاب يوم.

قوله تعالى (لاينفع) هو بدل من يوم يقوم.

قوله تعالى (ولاالمسئ) " لا " زائدة.

قوله تعالى (إذ الاغلال) " إذ " ظرف زمان ماض، والمراد بها الاستقبال هنا لقوله تعالى " فسوف يعلمون " وقد ذكرت في قوله " ولو ترى الذين ظلموا إذ يرون العذاب " (والسلاسل) بالرفع يجوز أن يكون معطوفا على الاغلال، والخبر في أعناقهم، وأن يكون مبتدأ والخبر محذوف: أى السلاسل في أعناقهم، وحذف لدلالة الاول عليه، و (يسحبون) على هذا حال من الضمير في الجار أو مستأنفا وأن يكون الخبر يسحبون، والعائد محذوف: أى يسحبون بها، وقرئ بالنصب، ويسحبون بفتح الياء، والمفعول هنا مقدم على الفعل.

قوله تعالى (منهم من قصصنا) يجوز أن يكون منهم رافعا لمن، لانه قد وصف به رسلا، وأن يكون مبتدأ وخبرا، والجملة نعت لرسل، وأن يكون مستأنفا (فأى) منصوب ب‍ (تنكرون).

قوله تعالى (بما عندهم من العلم) من هنا بمعنى البدل: أى بدلا من العلم وتكون حالا من " ما " أو من الضمير في الظرف.

قوله تعالى (سنة الله) هو نصب على المصدر: أى سننا بهم سنة الله، والله أعلم.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477