الإمام علي الهادي عليه السلام

الإمام علي الهادي عليه السلام16%

الإمام علي الهادي عليه السلام مؤلف:
تصنيف: الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام
الصفحات: 477

الإمام علي الهادي عليه السلام
  • البداية
  • السابق
  • 477 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 158212 / تحميل: 6981
الحجم الحجم الحجم
الإمام علي الهادي عليه السلام

الإمام علي الهادي عليه السلام

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

وقال: « ذكرت كلام ثلاثة من المؤرخين، الأول منهم وهو إمامهم ابن جرير الطبري ولم يذكر شيئاً من النصب، بل نقل عملاً عظيماً من أعمال جدي الخليفة المتوكل الجليلة في نصرة العقيدة والسنة، وهو هدم ما بني على قبر سيد شباب أهل الجنة الحسين رضي الله عنه، وقد ذكرنا هذا ضمن جهوده في نصرة العقيدة والسنة في كتابنا عقيدة بني العباس »!

يقصد أن الطبري لم يَذكر عنه شيئاً من نصب المتوكل، وكأن الطبري عندما ذكر هدمه لقبر الحسين (ع) كان يمدحه بذلك ويثبت حبه للحسين (ع)!

ثم احتج باضطراب كلام إمامه الذهبي، قال: وقد اضطرب كلامه في هذا، فمرة يقول: وكان في المتوكل نصب. ومرة يقول: وكان معروفاً بالنصب. ومرة قال: ولم يصح عنه النصب. فلذلك كان لابد من الرجوع لما يذكرونه من قصص وحوادث يستدلون بها على نصبه رحمه الله تعالى وحاشاه!

هكذا يتصور هذا الوهابي أنه بجرة قلم يجعل المتوكل تقياً، ويمحو عنه فحشاءه ومنكراته، ونصبه وعداوته لأهل البيت (ع)!

وقد دلس في كلام الذهبي وغيَّبه، فلاحظ ما قاله الذهبي لتعرف أنهم يُغيبون حتى كلام أئمتهم بسبب هواهم وتعصبهم!

قال الذهبي في سيره « ١٨ / ٥٥٢ »: « ويروى أن المتوكل نظر إلى ولديه المعتز والمؤيد فقال لابن السكيت: من أحب إليك، هما، أو الحسن والحسين قال: قنبر، يعني مولى علي، خير منهما. قال: فأمر الأتراك فداسوا بطنه حتى كاد يهلك، فبقي

١٦١

يوما ومات. ومنهم من قال: حمل ميتاً في بساط، وبعث إلى ابنه بديته. وكان في المتوكل نُصب بلا خلاف ».

وقال في سيره « ١٣ / ١٨ »: « ويروى أن المتوكل نظر إلى ابنيه المعتز والمؤيد فقال لابن السكيت: من أحب إليك: هما أو الحسن والحسين؟ فقال: بل قنبر، فأمر الأتراك فداسوا بطنه فمات بعد يوم. وقيل: حمل ميتاً في بساط. وكان في المتوكل نصب، نسأل الله العفو. مات سنة أربع وأربعين ومئتين ».

وقال في سيره « ١٢ / ٢٥ »: « وفي سنة ست وثلاثين هدم المتوكل قبر الحسين رضي الله عنه، فقال البسامي أبياتاً منها:

أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا

في قتله فتتبعوه رميما

وكان المتوكل فيه نصبٌ وانحراف، فهدم هذا المكان وما حوله من الدور، وأمر أن يزرع، ومنع الناس من انتيابه ».

وقال في سيره « ١٢ / ١٣٦ »: « عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني نصر بن علي أخبرني علي بن جعفر بن محمد، حدثني أخي موسى، عن أبيه، عن أبيه، عن علي بن حسين، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم: أخذ بيد حسن وحسين فقال: من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما، كان معي في درجتي يوم القيامة. قلت: هذا حديث منكر جداً.

ثم قال عبد الله بن أحمد: لما حدث نصر بهذا، أمر المتوكل بضربه ألف سوط، فكلمه جعفر بن عبد الواحد وجعل يقول له: الرجل من أهل السنة ولم يزل به

١٦٢

حتى تركه. وكان له أرزاق فوفرها عليه موسى. قال أبو بكر الخطيب عقيبه: إنما أمر المتوكل بضربه، لأنه ظنه رافضياً. قلت: والمتوكل سني لكن فيه نصب، وما في رواة الخبر إلا ثقةٌ ما خلا علي بن جعفر، فلعله لم يضبط لفظ الحديث، وما كان النبي صلى الله عليه وسلم من حبه وبث فضيلة الحسنين ليجعل كل من أحبهما في درجته في الجنة، فلعله قال: فهو معي في الجنة. وقد تواتر قوله (ع): المرء مع من أحب. ونصرُ بن علي، فمن أئمة السنة الأثبات ».

لاحظ أن الذهبي صحح الحديث، لكن مع تخفيف بعض ألفاظه، وحكم بنُصب المتوكل في عدة موارد ونصوص!

وقال الذهبي في تاريخه: ١٧ / ١٨: « أمر المتوكل بهدم قبر السيد الحسين بن علي رضي الله عنهما، وهدم ما حوله من الدور، وأن تعمل مزارع. ومنع الناس من زيارته وحُرث وبقي صحراء! وكان معروفاً بالنصب، فتألم المسلمون لذلك، وكتب أهل بغداد شتمه على الحيطان والمساجد، وهجاه الشعراء، دعبل وغيره ».

وفي سير أعلام النبلاء: ١٢ / ٣٥: « وعفَّى قبر الشهيد الحسين وما حوله من الدور، فكتب الناس شتم المتوكل على الحيطان، وهجته الشعراء كدعبل وغيره ».

أما قوله: ولم يصح عنه النصب، الذي حاول هذا الوهابي أن يتشبث به، فجاء في سيره « ١٢ / ٤١ »: « وقيل: لم يصح عنه النصب، وقد بكى من وعظ علي بن محمد العسكري العلوي، وأعطاه أربعة آلاف دينار. فالله أعلم ».

١٦٣

وقال في سيره « ٩ / ٤٤٨ »: « وبويع المنتصر من الغد بالقصر الجعفري يوم خامس شوال سنة سبع وأربعين ومائتين، وقيل: لم يصح عنه النصب، وقد بكى من وعظ علي بن محمد العسكري العلوي، وأعطاه أربعة آلاف دينار، فالله أعلم ».

فما زال مع مدحه يحكم بأنه ناصبي، ويذكر نفي نصبه بقيلَ، ولا يقبله.

وقال في تاريخه « ١٨ / ١٩٩ »: « ورد أن بعضهم رآه في النوم فقال له: ما فعل الله بك قال: غفر لي بقليل من السنة أحييتها. وقد كان المتوكل منهمكاً في اللذات والشرب، فلعله رُحم بالسنة ولم يَصح عنه النصب ».

فهو يقول: قيل إن المتوكل نجا في الآخرة حسب هذا المنام، فإن صح ذلك فربما كانت نصرته للسنة توجب غفران انهماكه في الشهوات.

ثم يقول: أما قضية نُصبه فلا تغفر بذلك، فإن صح هذا المنام وكان حجة، فلعل أخبار نصبه الثابتة لم تكن صحيحة. فهو احتمال مطلق في مقابل اليقين!

فاعجب لمن يتشبثون باحتمال في مقابل يقين، وبمنام رؤيَ في مقابل حق مبين!

١٦٤

الفصل الثامن:

ثورات العلويين بعد هدم قبر الحسين (ع)

اضطهد المتوكل العلويين فاتجهوا الى الثورة

قال أبوالفرج في مقاتل الطالبيين / ٣٩٥: « لما وليَ المتوكل تفرق آل أبي طالب في النواحي، فغلب الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن زيد علي طبرستان ونواحي الديلم. وخرج بالري: محمد بن جعفر بن الحسن بن عمر بن علي بن الحسين، يدعوإلى الحسن بن زيد، فأخذه عبد الله بن طاهر فحبسه بنيسابور، فلم يزل في حبسه حتى هلك وكان ممن خرج معه عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.

ثم خرج من بعده بالري: أحمد بن عيسى بن علي بن الحسين بن علي بن الحسين

ابن علي بن أبي طالب، يدعوإلى الحسين بن زيد.

وخرج الكوكبي، وهوالحسين بن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن عبد الله الأرقط بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

ولهؤلاء أخبار قد ذكرناها في الكتاب الكبير، لم يحمل هذا الكتاب إعادتها لطولها، ولأنا شرطنا ذكر خبر من قتل منهم، دون من خرج فلم يقتل ».

أقول: المتأمل في تاريخ الإسلام يجد أن الثورات بعد النبي (ص) كلها علوية، وغيرها تقليدٌ لها، أوسرقةٌ منها. فأول الثائرين على القرشيين أهل السقيفة: هو

١٦٥

علي (ع) ثم ولده الحسين (ع) سنة ستين للهجرة، ثم ولده زيد بن علي رضي الله عنه في الكوفة سنة ١٢١للهجرة، ثم واصل ثورته ابنه يحيى بن زيد رضي الله عنه في خراسان، ثم ورثها الحسنيون والعباسيون حتى أسقطوا الدولة الأموية سنة ١٣٢ هجرية. وتواصلت ثورات العلويين ضد ظلم العباسيين، وتوزعت على بلاد مختلفة، كما رأيت في نص أبي الفرج، وقد حفل بها كتابه: مقاتل الطالبيين.

وقد انتشر العلويون في بلاد العالم الإسلامي شرقاً وغرباً، فظهرت ثوراتهم في اليمن ومصر وإفريقيا والمغرب غرباً، وإيران وما وراء النهر شرقاً.

وقد حاول المأمون أن ينهي ثورات العلويين، بإعطاء ولاية عهده شكلياً للإمام الرضا (ع)، فخفت ثوراتهم في زمنه، لكنها لم تنتهِ.

وكانت سياسة المأمون وبعده المعتصم والواثق لينة نسبياً مع أهل البيت (ع) لأنها سمحت برواية فضائلهم في الإسلام، لكنها في نفس الوقت عملت لقتل أئمتهم المعصومين (ع) واستعملت الشدة والقمع مع الثائرين منهم.

ثم جاء المتوكل بسياسة العداء لأهل البيت (ع) فنقم عليه عامة المسلمين لهدمه قبر الحسين (ع)، وكتبوا شتمه على جدران بغداد.

واندفع بعض العلويين الى الثورة في عصره، ولا يتسع المجال لتأريخ الثورات العلوية في عهد المتوكل، لكن نشير الى أن نجاح بعضها كثورة الحسنيين في المغرب والزيديين في شمال إيران، أوجد جواً عاماً في بغداد، مؤيداً لأهل البيت ومستنكراً للظلم العباسي.

١٦٦

وقد تصاعد هذا الجو حتى جاءت قوة آل بُويَه العسكرية الشيعية مقابل القوة التركية العباسية، وسيطرالبويهيون على بغداد سنة ٣٢٠ هجرية، وصار الخليفة العباسي بيدهم. وكان ذلك بعد ثمانين عاماً من هدم قبر الحسين (ع). واستمر حكم البويهيين الشيعة أكثر من قرن حتى نشأت قوة الأتراك السلاجقة، فسيطروا على بغداد سنة ٤٤٧، وعاد الخليفة العباسي الى أيدي الأتراك السنة.

الموجة الشعبية المؤيدة للإمام الهادي (ع)

اتفق المؤرخون على ثلاث ظواهر حدثت في الأمة بسبب هدم المتوكل لقبر الحسين (ع)، وكلها تدل على تعاطف الناس مع العلويين والإمام الهادي (ع)!

أولاها: أن شتم المتوكل كتب على جدران بغداد، وقد ذكرذلك عامة المؤرخين ولم يذكروا نص هذه الشتائم، ولا أن الدولة استطاعت أن تعاقب عليها.

قال السيوطي في تاريخ الخلفاء / ٣٧٤: « أمر بهدم قبر الحسين، وهدم ما حوله من الدور، وأن يعمل مزارع، ومنع الناس من زيارته وخُرِّبَ وبقيَ صحراء. وكان المتوكل معروفاً بالتعصب فتألم المسلمون من ذلك، وكتب أهل بغداد شتمه على الحيطان والمساجد، وهجاه الشعراء، فمما قيل في ذلك ».

وقال الذهبي في تاريخه: ١٧ / ١٨: « أمر المتوكل بهدم قبر السيد الحسين بن علي رضي الله عنهما، وهدم ما حوله من الدور، وأن تعمل مزارع. ومنع الناس من زيارته وحُرث وبقي صحراء! وكان معروفاً بالنصب، فتألم المسلمون لذلك، وكتب أهل بغداد شتمه على الحيطان والمساجد، وهجاه الشعراء، دعبل وغيره ».

١٦٧

وفي سير أعلام النبلاء: ١٢ / ٣٥: « وعفَّى قبر الشهيد الحسين وما حوله من الدور، فكتب الناس شتم المتوكل على الحيطان، وهجته الشعراء كدعبل وغيره ».

وفي طبقات الشافعية: ٢ / ٥٤: « أمر بهدم قبر الحسين رضي الله عنه وهدم ما حوله من الدور، وأن يعمل مزارع، ومنع الناس من زيارته، وحُرث وبقي صحراء فتألم المسلمون لذلك، وكتب أهل بغداد شتمه على الحيطان والمساجد، وهجاه دعبل وغيره من الشعراء ».

وقال التنوخي في نشوار المحاضرة: ٦ / ٣٢١: « كان المتوكل معروفاً بالنصب، أمر في السنة ٢٣٦ بهدم قبر الحسين فكتب أهل بغداد شتمه على الحيطان، وقال البسامي ». ونحوه الصفدي في الوافي: ١١ / ١٠٢، والنجوم الزاهرة: ٢ / ٢٨٣.

والظاهرة الثانية: أن أحمد بن حنبل كان من جماعة المتوكل، لكن لما جاءت الى المتوكل إخبارية بأن أحمد خبَّأَ علوياً في بيته وهو يأخذ له البيعة ليثور، سارع بإرسال قوة وفتشوا بيت أحمد بن حنبل حتى غرف النساء والبئر وغيرها!

وهذا يدل على أن موجة التأييد للعلويين والكره للمتوكل كانت قوية الى حد أن المتوكل احتمل أن يكون صاحبه ابن حنبل وقع تحت تأثيرها ودخل فيها!

والظاهرة الثالثة: التعاطف العلني مع الثوار العلويين، ويكفي مثالاً لذلك أن البغداديين منعوا السلطة من صلب رأس العلوي الثائر يحيى بن عمر (رحمه الله).

١٦٨

قال الطبري « ٧ / ٤٢٨ »: « ثم إن محمد بن عبد الله بن طاهر « والي بغداد » أمر بحمل رأسه إلى المستعين من غد اليوم الذي وافاه فيه، وكتب إليه بالفتح بيده، ونصب رأسه بباب العامة بسامرا، واجتمع الناس لذلك وكثروا وتذمروا!

وتولى إبراهيم الديزج نصبه لأن إبراهيم بن إسحاق خليفة محمد بن عبد الله أمره فنصبه لحظة، ثم حُطَّ ورُدَّ إلى بغداد لينصب بها بباب الجسرفلم يتهيأ ذلك لمحمد بن عبد الله، لكثرة من اجتمع من الناس! وذكر لمحمد بن عبد الله أنهم على أخذه اجتمعوا، فلم ينصبه وجعله في صندوق في بيت السلاح في داره ».

لذلك تعاظم تأييد الناس للإمام الهادي (ع) حتى: « كتب بُرَيْحَة العباسي صاحب الصلاة بالحرمين الى المتوكل: إن كان لك في الحرمين حاجة فأخرج علي بن محمد منهما، فإنه قد دعا الى نفسه واتبعه خلق كثير ». « إثبات الوصية: ١ / ٢٣٢ ».

من الثورات العلوية في زمن المتوكل

ثورة يحيى بن عمر:

قال المسعودي في مروج الذهب: ٤ / ٦٣: « ظهر في هذه السنة وهي سنة ثمان وأربعين ومائتين بالكوفة: أبوالحسن يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين بن عبد الله بن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الطيار، وأمه فاطمة بنت الحسين بن عبد الله بن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الطيار. وقيل إن ظهوره كان بالكوفة سنة خمسين ومائتين، فقُتل وحمُل رأسه إلى بغداد وصُلب، فضج الناس من ذلك لما كان في نفوسهم من المحبة له، لأنه استفتح أموره بالكَفِّ عن

١٦٩

الدماء، والتوَرُّع عن أخذ شئ من أموال الناس، وأظهر العدل والإنصاف، وكان ظهوره لذلٍّ نزل به، وجفوةٍ لحقته، ومحنةٍ نالته من المتوكل وغيره من الأتراك. ودخل الناس الى محمد بن عبد الله بن طاهر « القائد العباسي والي بغداد » يهنئونه بالفتح، ودخل فيهم أبوهاشم الجعفري، وهوداود بن القاسم بن إسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، بينه وبين جعفر الطيار ثلاثة آباء، ولم يكن يعرف في ذلك الوقت أقعد نسباً في آل أبي طالب وسائر بني هاشم وقريش منه، وكان ذا زهد وورع ونسك وعلم، صحيح العقل سليم الحواس منتصب القامة، وقبره مشهور وقد أتينا على خبره وما روي عنه من الرواية عن أبيه ومن شاهد من سلفه في كتاب حدائق الأذهان في أخبار آل النبي (ص)، فقال لابن طاهر: أيها الأمير إنك لتُهَنَّأُ بقتل رجل لوكان رسول الله (ص) حياً لعُزِّيَ به!

فلم يجبه محمد، وخرج من داره وهويقول: يا بني طاهر البيتين.

وقد كان المستعين أمر بنصب الرأس، فأمر ابن طاهر بإنزاله لما رأى من الناس وما هم عليه، وفي ذلك يقول أبوهاشم الجعفري:

يا بني طاهرٍ كُلُوه وبِيًّا

إنَّ لحمَ النبيِّ غَيْرُ مَرِيِّ

إن وتراً يكون طالبُهُ اللهُ

لوِتْرٌ بالفوْتِ غَيْرُ حَرِيِّ

وقد رُثيَ أبوالحسين يحيى بن عمر بأشعار كثيرة، وقد أتينا على خبر مقتله وما رثي به من الشعر في الكتاب الأوسط.

وكان يحيى دَيِّناً كثير التعطف والمعروف على عوام الناس، باراً بخواصهم، واصلًا لأهل بيته، مؤثراً لهم على نفسه، مُثقَلَ الظهر بالطالبيات، يجهد نفسه

١٧٠

ببرّهن والتحنن عليهن، لم تظهر له زلة، ولا عرفت له خِزْيَة. ومما رثي به ما قاله فيه أحمد بن طاهر الشاعر، من قصيدة طويلة:

سلامٌ على الإسلام فهومودِّعٌ

إذا ما مضى آلُ النبيِّ فودَّعُوا

فَقَدْنا العُلا والمجدَ عند افتقادهم

وأضحت عروشُ المكرمات تَضعضع

أتجمع عَيْنٌ بين نومٍ ومضجعٍ

ولابن رسول الله في التربِ مضجع

فقد أقفَرَتْ دار النبيِّ محمدٍ

من الدين والإسلام فالدارُ بلْقَعُ

وقُتِّل آلُ المصطفى في خلالها

وبُدِّدَ شملٌ منهمُ ليس يجمع

ألم ترَ آلَ المصطفى كيف تصطفي

نفوسَهُمُ أمُّ المنون فتتبع

بني طاهر واللؤم منكم سجيةٌ

وللغدر منكم حاسرٌ ومُقنَّعُ

قواطعكم في الترك غير قواطعٍ

ولكنها في آل أحمد تقطع

لكم كل يوم مشربٌ من دمائهم

وغُلَّتها من شربها ليس تُنْقَعُ

رماحُكُمُ للطالبيينَ شُرَّعٌ

وفيكم رماحُ الترك بالقتل شُرَّع

لكم مرتعٌ في دار آل محمَّدٍ

وداركمُ للترك والجيش مرتع

أخِلْتم بأن الله يرعى حقوقكم

وحقُّ رسول الله فيكم مضيع

وأضحوا يُرَجُّون الشفاعة عنده

وليس لمن يرميه بالوِتْرِ يَشفع

ولما قُتل يحيى جزعت عليه نفوس الناس جزعاً كثيراً، ورثاه القريب والبعيد، وحزن عليه الصغير والكبير، وجزع لقتله الملئ والدنئ، وفي ذلك يقول بعض شعراء عصره ومن جزع على فقده:

بكت الخيلُ شَجْوَها بعد يحيى

وبَكاهُ المهنَّدُ المصقولُ

وبكتهُ العراقُ شرقاً وغرباً

وبكاهُ الكتابُ والتنزيلُ

والمصلَّى والبيتُ والركنُ والحِجْرُ

جميعاً لهم عليه عويل

١٧١

كيف لم تسقط السماء علينا

يوم قالوا: أبوالحسين قتيلُ

وبنات النبيِّ يندبن شَجْواً

مُوجَعاتٍ دموعُهُنَّ تسيل

ويؤبِّنَّ للرزية بدراً

فقدُهُ مفظعٌ عزيزٌ جليل

قَطَّعت وجهه سيوف الأعادي

بأبي وجههُ الوسيمُ الجميل

وليحيى الفتى بقلبي غليلٌ

كيف يؤذى بالجسم ذاك الغليل

قَتْلُه مُذْكِرٌ لقتل عليٍّ

وحسينٍ ويومَ أودى الرسول

فصلاة الإله وقفاً عليهم

ما بكى مُوجَعٌ وحَنَّ ثَكُول

وكان ممن رثاه علي بن محمد بن جعفر العلوي الِحمَّاني الشاعر، وكان ينزل بالكوفة في حِمَّان، فأضيف اليهم، فقال:

يا بقايا السَّلَف الصا

لح وَالتَّجْرِ الرَّبِيحْ

نحنُ للأيامِ من

بينِ قَتيلٍ وجريحْ

خاب وجهُ الأرضِ كَمْ

غَيَّبَ من وَجْهٍ صبيحْ

آهِ من يومك ما أَوْ

دَاهُ للقلبِ القَريحْ

وفيه يقول:

تضَوَّع مسكاً جانب القبر إذ ثوى

وما كان لولا شِلوُه يَتَضَوَّعُ

مصارعُ فتيانٍ كرامٍ أعزةٍ

أتيحَ ليحيى الخيرِ منهنَّ مَصْرَعُ

ومما رثى به علي بن محمد أيضاً أبا الحسين يحيى بن عمر فأجاد فيه، وافتخر على غيرهم من قريش، قوله:

لعمري لئن سُرَّتْ قريشٌ بِهَلْكِهِ

لما كانَ وقَّافاً غداةَ التَّوَقُّفِ

فإن ماتَ تلقاءَ الرماح فإنهُ

لمن معشرٍ يَشْنَوْنَ موتَ التترف

فلا تشمتوا فالقوم من يبقَ منهم

على سنن منهم مقام المخلف

١٧٢

لهم معكم إما جدعتم أنوفكم

مقامات ما بين الصَّفا والمعرَّف

تراثٌ لهم من آدمٍ ومحمدٍ

الى الثقلين من وصاياً ومِصحف »

وروى الطبري ثورة يحيى بن عمر بنحوما رواها المسعودي، وجاء فيها « ٧ / ٤٢٥ »: « ظهور يحيى بن عمر بن يحيى بن حسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، المكنى بأبي الحسين بالكوفة، وفيها كان مقتله ..

نالته ضيقة شديدة ولزمه دين ضاق به ذرعاً فلقى عمر بن فرج وهويتولى أمر الطالبيين عند مقدمه من خراسان، أيام المتوكل فكلمه في صلته فأغلظ عليه عمر القول، فقذفه يحيى بن عمر في مجلسه فحُبس، فلم يزل محبوساً إلى أن كفل به أهله، فأطلق بشخص إلى مدينة السلام « بشرط السكن في بغداد » فأقام بها بحال سيئة، ثم صار إلى سامرا فلقي وصيفاً في رزقٍ يُجرى له، فأغلظ له وصيف في القول وقال: لأي شئ يجرى على مثلك! فانصرف عنه، فذكر ابن أبي طاهر أن ابن الصوفي الطالبي حدثه أنه أتاه في الليلة التي كان خروجه في صبيحتها، فبات عنده ولم يعلمه بشئ مما عزم عليه، وأنه عرض عليه الطعام وتبين فيه أنه جائع، فأبى أن يأكل وقال: إن عشنا أكلنا!

قال: فتبينت أنه قد عزم على فتكةٍ. وخرج من عندي فجعل وجهه إلى الكوفة وبها أيوب بن الحسن بن موسى بن جعفر بن سليمان عاملاً عليها، من قبل محمد بن عبد الله بن طاهر، فجمع يحيى بن عمر جمعاً كثيراً من الأعراب وضوى إليه جماعة من أهل الكوفة، فأتى الفلوجة فصار إلى قرية تعرف بالعمد ...

فمضى يحيى بن عمر في سبعة نفر من الفرسان إلى الكوفة فدخلها وصار إلى بيت مالها فأخذ ما فيه، والذي وجد فيه ألفا دينار وزيادة شئ، ومن الورق

١٧٣

سبعون ألف درهم، وأظهر أمره بالكوفة وفتح السجنين، وأخرج جميع من كان فيهما وأخرج عمالها عنها، فلقيه عبد الله بن محمود السرخسي، وكان في عداد الشاكرية، فضربه يحيى بن عمر ضربة على قصاص شعره في وجهه أثخنته فانهزم ابن محمود مع أصحابه، وحوى يحيى ما كان مع ابن محمود من الدواب والمال. ثم خرج يحيى بن عمر من الكوفة إلى سوادها وتبعته جماعة من الزيدية ثم أقام بالبستان فكثر جمعه.

فوجه محمد بن عبد الله لمحاربته الحسين بن إسماعيل بن إبراهيم بن مصعب، وضم إليه من ذوي البأس والنجدة من قواده جماعة وجماعة من خاصة الخراسانية ومضى يحيى بن عمر نحوالكوفة فلقيه عبد الرحمن بن الخطاب فقاتله بقرب جسر الكوفة قتالاً شديداً، فانهزم عبد الرحمن بن الخطاب ..

ودخل يحيى بن عمر الكوفة واجتمعت إليه الزيدية، ودعا إلى الرضا من آل محمد، وكثف أمره واجتمعت إليه جماعة من الناس وأحبوه، وتولاه العامة من أهل بغداد، ولا يعلم أنهم تولوا من أهل بيته غيره.

وبايعه بالكوفة جماعة لهم بصائر وتدبير في تشيعهم، ودخل فيهم أخلاط لاديانة لهم فانهزم رجالة أهل الكوفة وأكثرهم عُزَّلٌ بغير سلاح ضعيفي القوى خلقان الثياب، فداستهم الخيل، وانكشف العسكر عن يحيى بن عمر وعليه جوشن تَبَّتِي، وقد تقطر به البرذون فنزل إليه فذبحه وأخذ رأسه وجعله في

١٧٤

قوصرة، ووجهه مع عمر بن الخطاب أخي عبد الرحمن بن الخطاب، إلى محمد بن عبد الله بن طاهر، وادعى قتله غير واحد ...

ثم إن محمد بن عبد الله بن طاهر أمر بحمل رأسه إلى المستعين من غد ونصب رأسه بباب العامة بسامرا ثم حُطَّ ورُدَّ إلى بغداد ليُنصب بها بباب الجسر، فلم يتهيأ ذلك لمحمد بن عبد الله، لكثرة من اجتمع من الناس ».

قصيدة ابن الرومي في رثاء يحيى العلوي

روى أبوالفرج في مقاتل الطالبيين / ٤٢٠، ثورة يحيى بن عمر بشئ من التفصيل، ومما جاء فيه: « كان خرج في أيام المتوكل إلى خراسان فرده عبد الله بن طاهر، فأمر المتوكل بتسليمه إلى عمر بن الفرج الرخجي فسُلم إليه، فكلمه بكلام فيه بعض الغلظة فرد عليه يحيى وشتمه، فشكى ذلك إلى المتوكل، فأمر به فضُرب درراً، ثم حبسه في دار الفتح بن خاقان، فمكث على ذلك مدة، ثم أطلق فمضى إلى بغداد فلم يزل بها حيناً حتى خرج إلى الكوفة فدعا إلى الرضا من آل محمد (ص).

وكان رضي الله عنه رجلاً فارساً شجاعاً، شديد البدن مجتمع القلب، بعيداً من رهق الشباب وما يعاب به مثله. كان مقيماً ببغداد، وكان له عمود حديد ثقيل يكون معه في منزله، وكان ربما سخط على العبد أوالأمة من حشمه، فيلوي العمود في عنقه، فلا يقدر أحد أن يحله عنه حتى يحله يحيى رضي الله عنه.

قال أبوالفرج: حدثني أحمد بن عبيد الله قال: حدثني أبوعبدالله بن أبي الحصين: أن يحيى بن عمر بما أراد الخروج بدأ فزار قبر الحسين (ع) وأظهر لمن حضره من

١٧٥

الزوار ما أراده، فاجتمعت إليه جماعة من الأعراب، ومضى فقصد شاهي فأقام بها إلى الليل، ثم دخل الكوفة ليلاً، وجعل أصحابه ينادون: أيها الناس أجيبوا داعي الله، حتى اجتمع إليه خلق كثير ..

ثم وصف معاركه وشهادته وقال: ولم يتحقق أهل الكوفة قتل يحيى، فوجه إليهم الحسين بن إسماعيل أبا جعفر الحسني يعلمهم أنه قد قتل، فشتموه وأسمعوه ما يكره وهموا به وقتلوا غلاماً له، فوجه إليهم أخاً كان لأبي الحسن يحيى بن عمر من أمه يعرف بعلي بن محمد الصوفي من ولد عمر بن علي بن أبي طالب، وكان رجلاً رفيقاً مقبولاً، فعرف الناس قتل أخيه فضجوا بالبكاء والصراخ والعويل وانصرفوا، وانكفأ الحسين بن إسماعيل إلى بغداد ومعه رأس يحيى بن عمر. فلما دخل بغداد جعل أهلها يصيحون من ذلك إنكاراً له ويقولون: إن يحيى لم يقتل، ميلاً منهم إليه، وشاع ذلك حتى كان الغوغاء والصبيان يصيحون في الطرقات: ما قتل وما فر، ولكن دخل البر!

وقد كان خرج مع يحيى بن عمر جماعة من وجوه أهل الكوفة وأولى الفضل منهم، فسمعت بعض مشايخنا من الكوفيين يذكر وهومحمد بن الحسين، أن أبا محمد عبد الله بن زيدان البجلي خرج معه معلماً، وكان أحد فرسان أصحابه.

وقد لقيته أنا وكتبت عنه، وكنت أرى فيه من الحذر والتوقى من كثير من الناس ما يدل على صدق ما ذكر عنه. وما بلغني أن أحداً ممن قتل في الدولة العباسية من آل أبي طالب، رُثِيَ بأكثر مما رثيَ به يحيى، واتفق في وقت مقتله

١٧٦

عدة شعراء مجيدون للقول، أولوا هوى في هذا المذهب، إلا أنني ذكرت بعض ذلك، كراهية الإطالة.

فمنه قول علي بن العباس الرومي يرثيه، وهي من مختار ما رُثيَ به، بل إن قلت إنها عين ذلك والمنظور إليه، لم أكن مبعداً، لولا أنه أفسدها بأن جاوز الحد وأغرق في النزع، تعدى المقدار بسب مواليه من بني العباس، وقوله فيهم من الباطل مالا يجوز ثم أوردها أبو الفرج وهي مئة وعشرة أبيات، نختار منها:

أمامك فانظر أيَّ نهيجك تنهج

طريقان شتى مستقيمٌ وأعوجُ

ألا أيهذا الناسُ طالَ ضريرُكم

بآل رسول الله فاخشوا أوارتجوا

أكلُّ أوانٍ للنبيِّ محمدٍ

قتيل زكي بالدماء مضرَّج

تبيعون فيه الدين شر أئمة

فلله دين الله قد كاد يُمْرَج

بني المصطفى كم يأكلُ الناس شِلوَكم

لبلواكمُ عما قليلٍ مُفَرِّجُ

أما فيهمُ راعٍ لحق نبيهِ

ولا خائفٌ من ربه يتحرجُ

أبَعْدَ المكَنَّى بالحسين شهيدكم

تضاءُ مصابيحُ السماء فتُسرج

لنا وعلينا لا عليه ولا لهُ

تسجسجُ أسرابُ الدموع وتَنْشُجُ

وكيف نبكِّي فائزاً عند ربه

له في جنان الخلد عيشٌ مخرفج

فإلا يكن حياٌ لدينا فإنه

لدى الله حيٌّ في الجنان مزوج

وقد نال في الدنيا سناءً وصيةً

وقام مقاماً لم يقمه مزلَّج

أبيتُ إذا نام الخليُّ كأنما

تبطَّنَ أجفاني سيالٌ وعوسج

أيحيى العلا لهفي لذكراك لهفهُ

يباشر مكواها الفؤاد فينضج

أحين تراءتك العيون جلاءها

وأقذاءها أضحت مراثيك تنسج

١٧٧

بنفسي وإن فات الفداء بك الردى

محاسنك اللاتي تمخُّ فتنهج

لمن تستجد الأرض بعدك زينةً

فتصبحُ في أثوابها تتبرج

سلامٌ وريحانٌ وروحٌ ورحمةٌ

عليك وممدودٌ من الظل سجسجُ

ولا بَرِحَ القاعُ الذي أنت جارُه

يرفُّ عليه الأقحوانُ المفلج

ألا أيها المستبشرون بيومه

أظلت عليكم غمةٌ لا تُفَرَّجُ

أكلكم أمسى اطمأن مهاده

بأن رسول الله في القبر مزعج

فلا تشمتوا وليخسأ المرء منكم

بوجه كأن اللون منه اليرندج

كدأب علي في المواطن قبله

أبي حسن والغصن من حيث يخرج

كأني به كالليث يحمي عرينه

وأشباله لا يزدهيه المهجهج

كأني أراهُ والرماح تنوشُهُ

شوارعُ كالأشطان تُدلى وتُخلج

كأني أراهُ إذ هوى عن جواده

وعُفر بالترب الجبين المشجج

أجنوا بني العباس من شنآنكم

وشدوا على ما في العياب واشرجوا

وخلوا ولاة السوء منكم وغيهم

فأحر بهم أن يغرقوا حيث لججوا

نظارٌ لكم إن يرجع الحق راجع

إلى أهله يوماً فتشجوا كما شجوا

على حين لا عذري لمعتذريكم

ولا لكم من حجة الله مخرج

فلا تلقحوا الآن الضغائن بينكم

وبينهم إن اللواقح تنتج

غررتم إذا صدقتم أن حالةً

تدوم لكم والدهر لونان أخرج

لعل لهم في منطوى الغيث ثائراً

سيسمو لكم والصبح في الليل مولج

بمجر تضيق الأرض من زفراته

له زجل ينفي الوحوش وهزمج

يؤيده ركنان ثبتان: رجلة

وخيل كإرسال الجراد وأوثج

عليها رجال كالليوث بسالة

بأمثالهم بثنى الأبي فيعنج

١٧٨

تدانوا فما للنفع فيهم خصاصة

تنفسه عن خيلهم حين ترهج

محضتكم نصحي وإني بعدها

لأعنق فيما ساءكم وأهملج

مهْ لا تعادوا غرة البغي بينكم

كما يتعادى شعلة النار عرفج

أفي الحق أن يمسوا خماصاً وأنتم

يكاد أخوكم بطنه يتبعج

تمشون مختالين في حجراتكم

ثقال الخطا أكفالكم تترجرج

وليدهم بادي الطوى ووليدكم

من الريف ريان العظام خدلج

تذودونهم عن حوضهم بسيوفكم

ويشرع فيه أرتبيل وأبلج

فقد ألجمتهم خيفة القتل عنكم

وبالقوم جاج في الحيازم حوج

بنفسي الأولى كظتهم حسراتكم

فقد علزوا قبل الممات وحشرجوا

ولم تقنعوا حتى استثارت قبورهم

كلابكم منها بهيم وديزج

وعيرتموهم بالسواد ولم يزل

من العرب المحاص أخضر أدعج

ولكنكم زرق يزين وجوهكم

بني الروم ألوان من الروم نعج

لئن لم تكن بالهاشميين عاهة

لما شكلكم تالله إلا المعلهج

بآية ألا يبرح المرء منكم

يكب على حر الجبين فيعفج

يبيت إذا الصهباء روت مشاشه

يساوره علج من الروم أعلج

فيطعنه في سبة السوء طعنة

يقوم لها من تحته وهو أفحج

لذاك بني العباس يصبر مثلكم

ويصبر للموت الكمي المدجج

فهل عاهة إلا كهذي وإنكم

لأكذب مسؤول عن الحق يلهج

أبى الله إلا أن يطيبوا وتخبثوا

وأن يسبقوا بالصالحات ويفلجوا

وإن كنتم منهم وكان أبوكم

أباهم فإن الصفو بالرنق يمزج

أروني امرأ منهم يزن بأبنة

ولا تنطقوا البهتان والحق أبلج

لعمري لقد أغرى القلوب ابن طاهر

ببغضائكم ما دامت الريح تنأج

١٧٩

وإني على الاسلام منكم لخائف

بوائق شتى بابها الآن مرتج

وفي الحزم أن يستدرك الناس أمركم

وحبلهم مستحكم العقد مدمج

نظارٌ فإن الله طالب وتره

بني مصعب لن يسبق الله مدلج

لعل قلوباً قد أطلتم غليلها

ستظفر منكم بالشفاء فتثلج

« وهي في ديوان ابن الرومي: ١ / ٥٦ »

ملاحظات

١. من فوائد انتقال الخليفة الى سامراء وغيابه عن بغداد أن أهل بغداد تنفسوا الحرية، فكانوا يجهرون بتأييدهم للثائر العلوي، وإذا أمر الخليفة بصلب رأسه في بغداد، اعترضوا عليه وتجمهروا، فاضطر الوالي أن يخالف أمر الخليفة!

٢. من الطبيعي في هذا الجو الموالي لأهل البيت (ع) أن يخاف المتوكل إذا وصل اليه خبرٌ بأن شخصية من العلويين موجودٌ في بغداد، وأنه يأخذ البيعة ليثور، وأنه مختبئ في بيت أحمد بن حنبل!

قال الذهبي في تاريخه « ١٨ / ٨٤ »: « رفع إلى المتوكل أن أحمد بن حنبل ربَّصَ « خبأ » علوياً في منزله، وأنه يريد أن يُخرجه ويُبايع عليه ولم يكن عندنا علم وقال ابن الكلبي « آمر السر ـ ية »: قد أمرني أمير المؤمنين أن أحُلِّفَكَ. قال: فأحْلفه بالطلاق ثلاثاً أن ما عنده طَلِبَةُ أمير المؤمنين. قال: وفتشوا منزل أبي عبد الله والسرب والغرف والسطوح، وفتشوا تابوت الكتب، وفتشوا النساء والمنازل، فلم يروا شيئاً ولم يحسوا بشئ: ورد الله الذين كفروا بغيظهم . فكتب بذلك إلى المتوكل فوقع منه موقعاً حسناً، وعلم أن أبا عبد الله مكذوب عليه ».

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

الحسين بن محمد بن عامر، قال: حدثني خيران الخادم القراطيسي قال: حججت أيام أبي جعفر محمد بن علي بن موسى (ع) وسألته عن بعض الخدم، وكانت له منزلة من أبي جعفر (ع) فسألته أن يوصلني إليه، فلما صرنا إلى المدينة، قال لي: تهيأ فإني أريد أن أمضي إلى أبي جعفر (ع)، فمضيت معه ولخيران، هذا: مسائل يرويها عنه وعن أبي الحسن (ع). أقول: بعدما ثبتت وثاقة الرجل، فلا بد من تصديقه فيما أخبر به، وفيه دلالة على جلالته وعظم منزلته عند الإمام (ع) ».

وعده النجاشي / 155 ، في مصنفي الشيعة. وقال في منتهى المقال « 3 / 189 » : « وفي الكشي ما يدل على جلالته. وفي آخره قال (ع): إعمل في ذلك برأيك، فإن رأيك رأيي ومن أطاعك أطاعني. قال أبو عمرو: هذا يدل على أنه كان وكيله ».

أقول: وذكروا لخيران ابناً بإسم الخيراني، روى عن أبيه، وروى عنه في الكافي « 1 / 322 » عن الإمام الرضا، النص على إمامة ولده الجواد (ع).

5. عبد العظيم بن عبد الله الحسني:

1. تقدم في فصل نقض الإمام الهادي (ع) لعقيدة المتوكل وابن حنبل، أن عبد العظيم الحسني عرض دينه على الإمام (ع) فقال له: « يا أبا القاسم، هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده، فاثبت عليه، ثبتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ».

2. قال في النور الهادي إلى أصحاب إمام الهادي (ع) « 1 / 154 »: « عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الإمام الحسن المجتبى أبو القاسم،

٤٢١

المعروف بالشاه عبد العظيم. من كبار علماء الشيعة الإمامية كان مؤمناً عابداً زاهداً تقياً ورعاً، صحب الإمامين الجواد والهادي (ع) وروى عنهما.

هرب من ظلم وجور السلطة العباسية الى بلاد فارس، فدخل الري مستتراً وأقام بها في دار أحد الشيعة بساربانان، ولم يزل بها مدة طويلة من دون أن يُعَرف الناس بنفسه وسلالته الشريفة، حتى توفي بها في النصف من شهر شوال سنة 252 هـ ودفن بها، وأصبح ضريحه من المشاهد المتبركة ومن المزارات المقدسة لدى المسلمين عامة، والشيعة خاصة. روى عنه سهل بن زياد الآدمي، وأحمد بن أبي عبد الله البرقي، وعبيد الله بن موسى الروياني وغيرهم. من آثاره كتاب: خطب أمير المؤمنين (ع)، وكتاب: اليوم والليلة ».

3. ورد الحث على زيارة قبره (رحمه الله)، ففي جواهر الكلام « 20 / 103 »: « قال الكاظم (ع): من لم يقدر أن يزورنا فليزر صالحي إخوانه، يكتب له ثواب زيارتنا، ومن لم يقدر أن يصلنا فليصل صالحي إخوانه يكتب له ثواب صلتنا.

وكذا يستحب زيارة عبد العظيم بالري فإنها كزيارة الحسين (ع)، وقبر فاطمة بنت موسى بن جعفر (ع) بقم، فإن من زارها له الجنة. وجميع قبور العلماء والصلحاء والأولياء، وكافة إخوانه أحياءً وأمواتاً.

ولكل ذلك آداب ووظائف، قد تكفلت بها الكتب المعدة لذلك، والرجاء بالله تعالى شأنه أن يوفقنا بعد إتمام هذا الكتاب إلى تأليف كتاب يجمع جميع ما ورد عنهم (ع) في ذلك، والله الموفق والمؤيد والمسدد ».

٤٢٢

ولعبد العظيم الحسني (رحمه الله) مشهد في الري هو أكبر معالمها، ويقصده الشيعة للزيارة.

4 . أهم نص في سيرة عبد العظيم (رحمه الله) ما قاله النجاشي / 247: « عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) أبو القاسم. له كتاب خطب أمير المؤمنين (ع) قال أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله: حدثنا جعفر بن محمد أبو القاسم قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد البرقي قال: كان عبد العظيم ورد الري هارباً من السلطان، وسكن سرباً في دار رجل من الشيعة في سكة الموالي، فكان يعبد الله في ذلك السرب ويصوم نهاره ويقوم ليله، وكان يخرج مستتراً فيزور القبر المقابل قبره وبينهما الطريق، ويقول: هو قبر رجل من ولد موسى بن جعفر (ع).

فلم يزل يأوي إلى ذلك السرب، ويقع خبره إلى الواحد بعد الواحد من شيعة آل محمد (ع) حتى عرفه أكثرهم. فرأى رجل من الشيعة في المنام رسول الله (ص) قال له: إن رجلاً من وُلدي يحمل من سكة الموالي، ويدفن عند شجرة التفاح، في باغ « بستان » عبد الجبار بن عبد الوهاب، وأشار إلى المكان الذي دفن فيه، فذهب الرجل ليشترى الشجرة ومكانها من صاحبها فقال له: لأي شئ تطلب الشجرة ومكانها. فأخبر بالرؤيا، فذكر صاحب الشجرة أنه كان رأى مثل هذه الرؤيا، وأنه قد جعل موضع الشجرة مع جميع الباغ وقفاً على الشريف والشيعة يدفنون فيه. فمرض عبد العظيم ومات (رحمه الله)، فلما جرد ليغسل وجد في جيبه

٤٢٣

رقعة فيها ذكر نسبه، فإذا فيها: أنا أبو القاسم عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع).

أخبرنا أحمد بن علي بن نوح قال: حدثنا الحسن بن حمزة بن علي قال: حدثنا علي بن الفضل قال: حدثنا عبيد الله بن موسى الروياني أبو تراب قال: حدثنا عبد العظيم بن عبد الله، بجميع رواياته ».

5. لم يذكر الرواة لماذا طلبه السلطان، ومتى قدم الى الري، وقد ورد في رواية الشجري أن منزله كان بالري، قال في أماليه « 1 / 177 »: « أخبرنا أبو أحمد عبيد الله بن الحسين بن إبراهيم العلوي، قال حدثني أبي، قال حدثنا عبد العظيم بن عبد الله الرازي في منزله بالري، عن أبي جعفر محمد بن علي الرضي عن أبيه وفي رواية أخرى: حدثنا عبد العظيم بن عبد الله الحسني بالري ».

وهذا يدل على أنه كان يسكن الري وله بيت يقصده الناس ويحدثهم! ومن المرجح عندي أنه اضطر للإختفاء بعد فشل ثورة أحد العلويين في الري.

ففي مقاتل الطالبيين / 406: « لما وليَ المتوكل تفرق آل أبي طالب في النواحي، فغلب الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن زيد على طبرستان، ونواحي الديلم. وخرج بالري محمد بن جعفر بن الحسن بن عمر بن علي بن الحسين يدعو إلى الحسن بن زيد، فأخذه عبد الله بن طاهر فحبسه بنيسابور، فلم يزل في حبسه حتى هلك. حدثني بذلك أحمد بن سعيد، قال: حدثني يحيى بن الحسن وأم محمد ابن جعفر رقية بنت عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي: وكان

٤٢٤

ممن خرج معه عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. ثم خرج من بعده بالري أحمد بن عيسى بن علي بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، يدعو إلى الحسين بن زيد.

وخرج الكوكبي وهو الحسين بن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن عبد الله الأرقط بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

ولهؤلاء أخبار قد ذكرناها في الكتاب الكبير، لم يحتمل هذا الكتاب إعادتها لطولها، ولأنا شرطنا ذكر خبر من قتل منهم دون من خرج فلم يقتل ».

وفي مقاتل الطالبيين / 434: « وقُتل بالري: جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين، في وقعة كانت بين أحمد بن عيسى بن علي بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وبين عبد الله بن عزيز، عامل محمد بن طاهر بالري. وقتل إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن عبيد الله بن الحسن بن عبد الله بن العباس بن علي. وأمه أم ولد. قتله طاهر بن عبد الله في وقعة كانت بينه وبين الكوكبي بقزوين ».

فلعل منزل عبد العظيم كان مركزاً لبعض هذه الثورات، أو موجهاً لها، وبعد فشل قائدها صار عبد العظيم مطلوباً للسلطة، فاختفى عند أحد من يثق بهم من الشيعة.

6. ذكر بعضهم أنه لم يكن لعبد العظيم الحسني عقب، وذكر بعضهم له بنات، قال ابن عنبة في عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب / 94: « وأولد عبد العظيم محمد بن عبد العظيم كان زاهداً كبيراً. وانقرض محمد بن عبد العظيم ولا عقب له ».

٤٢٥

وذكرابن عنبة ذرية من بنته سلمة، قال في / 91: « أمهم سلمة بنت عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد ».

وذكر له العمري أخاً إسمه أحمد، قال في المجدي في أنساب الطالبين / 35: « وأما أحمد فمن ولد السبيعي، وهو أبو محمد القاسم وأمه أم ولد يقال لها مونس، وأبوه الحسين نقيب الكوفة بن القاسم بن أحمد بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ». والذي تحته خط هو نسب عبد العظيم .

6. أبوهاشم داود بن القاسم الجعفري:

قال السيد الخوئي في معجمه « 8 / 122 »: « قال النجاشي: داود بن القاسم بن إسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، أبوهاشم الجعفري (رحمه الله): كان عظيم المنزلة عند الأئمة (ع)، شريف القدر، ثقة، روى أبوه عن أبي عبد الله (ع).

وقال الشيخ: داود بن القاسم الجعفري، يكنى أبا هاشم، من أهل بغداد، جليل القدر عظيم المنزلة عند الأئمة (ع)، وقد شاهد جماعة منهم: الرضا والجواد والهادي والعسكري وصاحب الأمر، وقد روى عنهم كلهم (ع).

وله أخبار ومسائل، وله شعر جيد فيهم، وكان مقدماً عند السلطان، وله كتاب أخبرنا به عدة من أصحابنا عن أبي المفضل، عن ابن بطة، عن أحمد بن أبي عبد الله عنه روى عن أبي الحسن (ع) وروى عنه سهل بن زياد، كامل الزيارات: الباب90، في أن الحائر من المواضع التي يحب الله أن يدعى فيها ..

٤٢٦

وعن ربيع الشيعة أنه من السفراء والأبواب المعروفين الذين لايختلف الشيعة القائلون بإمامة الحسن بن علي (ع) فيهم.

روى الكليني في الكافي عن داود بن القاسم الجعفري قال: دخلت على أبي جعفر (ع) ومعي ثلاث رقاع غير معنونة واشتبهت عليَّ فاغتممت، فتناول إحداها وقال: هذه رقعة زياد بن شبيب، ثم تناول الثانية فقال: هذه رقعة فلان فبهتُّ أنا، فنظر إليَّ فتبسم، فقلت: جعلت فداك إني لمولع بأكل الطين، فادع الله لي. فسكت، ثم قال لي بعد ثلاثة أيام ابتداءً منه: يا أبا هاشم قد أذهب الله عنك أكل الطين. قال أبوهاشم: فما شئ أبغض إلي منه اليوم وكيف كان فلا إشكال في وثاقة الرجل وجلالته ».

أقول: ترجمنا له في سيرة الإمام الجواد (ع)، وذكرنا هنا في فصل الثوار العلويين مواجهته لحاكم بغداد ابن طاهر في سنة 250 ، عندما أراد صَلْبَ رأس الثائر يحيى بن عمر الزيدي، فانتقده أبو هاشم وخرج مغضباً، وهو يهددهم بانتقام الله:

يا بني طاهرٍ كُلُوه وبِيًّا

إنَّ لحم النبيِّ غَيْرُ مَرِيِّ

إن وتراً يكون طالبه الله

لوِتْرٌ بالفوْتِ غَيْرُ حَرِيِّ

فخاف ابن طاهر: « وأمر محمد بن عبد الله حينئذ أخته ونسوة من حرمه بالشخوص إلى خراسان، وقال: إن هذه الرؤس من قتلى أهل هذا البيت لم تدخل بيت قوم قط إلا خرجت منه النعمة وزالت عنه الدولة، فتجهزن للخروج »! « مقاتل الطالبيين / 423، والتفصيل في الطبري: 7 / 425، ومروج الذهب « 4 / 63 ».

٤٢٧

وكان أبوهاشم الجعفري رضي الله عنه من أصحاب الأئمة الإثني عشر (ع) ولم يكن خطهم الثورة كالعلويين الثائرين من الزيديين وغيرهم، ولكنهم كانوا يتضامنون مع الثائرين إذا فشلوا أونُكبوا، ويدافعون عنهم.

هذا وقد ذكرنا في معجزات الإمام الهادي (ع) أن بيت أبي هاشم كان في بغداد وكان الإمام (ع) في سامراء، فشكا اليه طول الطريق وطلب منه أن يدعو له أن يقويه على زيارته، فقال الإمام (ع): « قَوَّاكَ الله يا أبا هاشم وقَوَّى بِرْذَوْنَك. قال: فكان أبوهاشم يصلي الفجر ببغداد ويسير على البرذون، فيدرك الزوال من يومه ذلك في عسكر سر من رأى، ويعود من يومه إلى بغداد إذا سار على ذلك البرذون، وكان هذا من أعجب الدلائل التي شوهدت ».

أقول: المسافة من بغداد الى سامراء مئة وعشرون كيلو متراً، فهي تحتاج الى نحو عشر ساعات على البغل السريع. وكان أبو هاشم بعد دعاء الإمام (ع) يقطعها في نحو خمس ساعات. وهذا ليس غريباً على دعاء الإمام (ع) وليس غريباً أن تطوى الأرض بدعائه (ع)!

وفي مستدرك سفينة البحار « 5 / 228 » أن أبا هاشم الجعفري توفي سنة 261، بعد أن تشرف برؤية الإمام المهدي صلوات الله عليه.

7. العالم اللغوي يعقوب بن السٍّكِّيت:

كان من أصحاب الإمام الكاظم الرضا والجواد والهادي (ع) وترجمنا له في أصحاب الإمام الجواد (ع) ونكتفي هنا ببعض النصوص:

قال أبوالفدا في تاريخه « 2 / 40 »: « وفيها « سنة 245 » قَتَلَ المتوكل أبا يوسف يعقوب بن إِسحاق المعروف بابن السكيت، صاحب كتاب إصلاح المنطق في اللغة

٤٢٨

وغيره، وكان إماماً في اللغة والأدب، قتله المتوكل لأنه قال له: أيمُّا أحب إليك: ابناي المعتز والمؤيد أم الحسن والحسين؟ فغض ابن السكّيت من ابنيه وذكر عن الحسن والحسين ما هما أهله، فأمر مماليكه فداسوا بطنه، فحمل إلى داره فمات بعد غد ذلك اليوم. وقيل إن المتوكل لما سأل ابن السكيت عن ولديه وعن الحسن والحسين قال له ابن السكيت: والله إن قنبراً خادم علي خير منك ومن ولديك! فقال المتوكل: سُلُّوا لسانه من قفاه، ففعلوا به ذلك فمات لساعته، في رجب في هذه السنة المذكورة، وكان عمره ثمانياً وخمسين سنة ».

ولايصح قوله عن عمر ابن السكيت، لأنه كان شاباً سنة 183، عند شهادة الإمام الكاظم (ع) فلا بد أن يكون عمره عندما قتل في السبعينات أوالثمانينات.

وقد أجمع المؤرخون على ذم المتوكل العباسي لقتله هذا العالم ظلماً، وبغضاً لعلي وأهل البيت (ع). وترجموا لابن السكيت ومدحوه، وذكروا أن مؤلفاته بلغت نحوثلاثين مؤلفاً، والذي وصلنا منها كتاب إصلاح المنطق فقط. راجع: مقدمة المعارف لابن قتيبة، ووفيات الأعيان: 6 / 395، والنجوم الزاهرة 2 / 285. وغيرها من المصادر.

وقال ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب: 2 / 106: « فأمر بسلِّ لسانه من قفاه رحمه الله ورضي عنه، ويقال أنه حمل ديته إلى أولاده »!

وقال النجاشي في رجاله / 449: « يعقوب بن إسحاق السكيت، أبو يوسف كان متقدماً عند أبي جعفر الثاني وأبي الحسن (ع)، وله عن أبي جعفر رواية ومسائل، وقتله المتوكل لأجل التشيع، وأمره مشهور، وكان وجهاً في علم العربية واللغة ثقة صدوقاً لا يطعن عليه ».

٤٢٩

8. عبد الله بن جعفر الحميري:

اتفق علماؤنا على توثيقه، وأشهر مؤلفاته قرب الإسناد، وأشهر مروياته التواقيع عن الإمام المهدي ( عجل الله تعالى فرجه )، ووثقه الطوسي في الفهرست / 168، وابن شهراشوب في معالم العلماء / 108، وذكرا بعض كتبه.

وقال النجاشي في الرجال / 220: « عبد الله بن جعفر بن الحسين بن مالك بن جامع الحميري شيخ القميين ووجههم، قدم الكوفة سنة نيف وتسعين ومائتين، وسمع أهلها منه فأكثروا، وصنف كتباً كثيرة، يعرف منها: كتاب الإمامة، كتاب الدلائل، كتاب العظمة والتوحيد، كتاب الغيبة والحيرة، كتاب فضل العرب، كتاب التوحيد والبداء، والإرادة والاستطاعة والمعرفة، كتاب قرب الإسناد إلى الرضا (ع)، وكتاب قرب الإسناد إلى أبي جعفر الجواد بن الرضا (ع)، وكتاب ما بين هشام بن الحكم وهشام بن سالم، والقياس، والأرواح، والجنة والنار، وكتاب الحديثين المختلفين، ومسائل الرجال ومكاتباتهم أبا الحسن الثالث (ع)، ومسائل لأبي محمد الحسن (ع) على يد محمد بن عثمان العمري، وكتاب قرب الإسناد إلى صاحب الأمر (ع)، ومسائل أبي محمد وتوقيعاته، وكتاب الطب ».

قال الشبستري في أصحاب الإمام الهادي (ع) / 157: « محدث إمامي ثقة، مشارك في كثير من العلوم، وله فيها تآليف نافعة، كان من وجوه أهل قم وشيوخهم، قدم الكوفة سنة نيف وتسعين ومائتين. صحب الإمامين الهادي والعسكري (ع)

٤٣٠

جاء إسمه في75 مورداً في أسناد الروايات. روى عنه أحمد بن محمد بن يحيى العطار، ومحمد بن علي بن محبوب، ومحمد بن الحسن بن الوليد وغيرهم ».

وللحميري أولاد وأحفادٌ، ساروا على خطه (رحمه الله).

9. الفضل بن شاذان:

يوجد عدة أشخاص باسم الفضل بن شاذان، بعضهم جده جبرئيل، أوعيسى، أوصيفي الخ. ومقصودنا الذي جده الخليل الفراهيدي (رحمه الله).

قال الزركلي في الأعلام « 5 / 149 »: « الفضل بن شاذان بن الخليل، أبومحمد الأزدي النيسابوري: عالمٌ بالكلام، من فقهاء الإمامية. له نحو 180 كتاباً، منها الرد على ابن كرام، والإيمان، ومحنة الإسلام، والرد على الدامغة الثنوية، والرد على الغلاة، والتوحيد، والرد على الباطنية والقرامطة ».

وفي معالم العلماء / 125: « لقي علي بن محمد التقي (ع). دخل الفضل على أبي محمد (ع) فلما أراد أن يخرج سقط منه كتاب من تصنيفه، فتناوله أبومحمد (ع) ونظر فيه، وترحم عليه، وذُكر أنه قال: أغبطُ أهل خراسان مكانَ الفضل بن شاذان، وكونه بين أظهرهم ».

وقال الكشي « 2 / 818 »: « ذكر أبو الحسن محمد بن إسماعيل البندقي النيسابوري: أن الفضل بن شاذان بن الخليل، نفاه عبد الله بن طاهر عن نيسابور، بعد أن دعا به واستعلم كتبه وأمره أن يكتبها، قال فكتب تحته: الإسلام الشهادتان وما يتلوهما. فذكر أنه يحب أن يقف على قوله في السلف. فقال أبومحمد: أتولى أبا بكر وأتبرؤ

٤٣١

من عمر! فقال له: ولم تتبرأ من عمر؟فقال: لإخراجه العباس من الشورى. فتخلص منه بذلك ».

وفي معجم السيد الخوئي « 14 / 311 »: « سمعت الفضل بن شاذان آخر عهدي به يقول: أنا خلفٌ لمن مضى، أدركتُ محمد بن أبي عمير، وصفوان بن يحيى وغيرهما، وحملت عنهم منذ خمسين سنة. ومضى هشام بن الحكم (رحمه الله)، وكان يونس بن عبد الرحمن (رحمه الله) خلفه، كان يرد على المخالفين، ثم مضى يونس بن عبد الرحمان ولم يخلف خلفاً غير السكاك، فرد على المخالفين حتى مضى (ع)، وأنا خلف لهم من بعدهم، رحمهم الله ...

قال أبو علي: والفضل بن شاذان كان برستاق بيهق، فورد خبر الخوارج فهرب منهم، فأصابه التعب من خشونة السفر، فاعتل ومات منه، فصليتُ عليه ».

وقال الجلالي في فهرس التراث « 1 / 281 »: « زرتُ مرقده الشريف خارج مدينة نيشابور، على مقربة من قبر خَيَّام، وله سورٌ ولوحٌ فيه إسمه، وتبركتُ بقراءة الفاتحة على روحه الطاهرة، وقد قصدتُ مرقده لثواب الآخرة، والناس يقصدون خيَّام للدنيا! وما أقربهما مرقداً وأبعدهما روحاً!

من آثاره: إثبات الرجعة: نسخة محفوظة في مكتبة السيد الحكيم (قدس سره) في النجف وعليها بخط الحر العاملي ».

أقول: ذكر في الذريعة نسخ كتبه. وأعجبها كتابه الرجعة والغيبة، فقد ألفه قبل ولادة الإمام المهدي (ع) من أحاديث أجداده عن غيبته وظهوره والرجعة بعده!

٤٣٢

10. أحمد بن إسحاق الأشعري:

قال الشيخ الطوسي في الفهرست / 70: « أحمد بن إسحاق بن عبد الله بن سعد بن مالك بن الأحوص، الأشعري، أبو علي، كبير القدر، وكان من خواص أبي محمد (ع)، ورأى صاحب الزمان (ع) وهو شيخ القميين ووافدهم.

وله كتب، منها كتاب علل الصلاة، كبير، ومسائل الرجال لأبي الحسن الثالث (ع). أخبرنا بهما الحسين بن عبيد الله، وابن أبي جيد، عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار، عن سعد بن عبد الله، عنه ».

أقول: هاجر جده الأحوص مع أخيه عبد الله، وجماعة من عشيرتهم من الكوفة في زمن الإمام زين العابدين (ع)، وأسسوا قماً، وسرعان ما صارت مركزاً علمياً، وحاضرةً مواليةً لأهل البيت (ع). وقد مدح الأئمة (ع) الأشعريين القميين، ونبغ منهم رواة كبار وعلماء أبرار.

وعده النجاشي وأباه في مصنفي الشيعة، قال / 73 و 91: « إسحاق بن عبد الله بن سعد بن مالك الأشعري، قمي ثقة، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن (ع). وابنه أحمد بن إسحاق مشهور وكان وافد القميين، وروى عن أبي جعفر الثاني وأبي الحسن (ع) وكان خاصة أبي محمد (ع) ».

قال السيد الخوئي في رجاله « 2 / 54، و 48 »: « أحمد بن إسحاق بن عبد الله بن سعد= أحمد بن إسحاق بن سعد = أحمد بن إسحاق القمي.

٤٣٣

عده الشيخ في أصحاب الجواد (ع)، وفي أصحاب أبي محمد العسكري (ع) قائلاً: أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري، قمي ثقة.

وقع بهذا العنوان، في إسناد عدة من الروايات، تبلغ سبعة وستين مورداً، فقد روى عن أبي الحسن، وأبي الحسن الثالث، وأبي محمد (ع)، وأبي هاشم الجعفري، وبكر بن محمد الأزدي، وسعدان بن مسلم، وسعدان عبد الرحمان، وياسر الخادم. وروى عنه: أبو علي الأشعري، وأحمد بن إدريس، وأحمد بن علي، وأحمد بن محمد بن عيسى، والحسين بن محمد الأشعري، وعبد الله بن عامر ».

في الغيبة للطوسي / 354: « أحمد بن إسحاق بن سعد القمي قال: دخلت على أبي الحسن علي بن محمد صلوات الله عليه في يوم من الأيام فقلت: يا سيدي أنا أغيب وأشهد، ولا يتهيأ لي الوصول إليك إذا شهدت في كل وقت، فقولَ من نقبل، وأمر من نمتثل؟ فقال لي صلوات الله عليه: هذا أبو عمرو الثقة الأمين ما قاله لكم فعني يقوله وما أداه إليكم فعني يؤديه. فلما مضى أبو الحسن (ع) وصلت إلى أبي محمد ابنه الحسن العسكري (ع) ذات يوم فقلت له (ع) مثل قولي لأبيه، فقال لي: هذا أبو عمرو الثقة الأمين، ثقة الماضي وثقتي في المحيا والممات فما قاله لكم فعني يقوله، وما أدى إليكم فعني يؤديه.

قال أبو محمد هارون: قال أبو علي: قال أبو العباس الحميري: فكنا كثيراً ما نتذاكر هذا القول، ونتواصف جلالة محل أبي عمرو ».

٤٣٤

وروى الكشي « 2 / 831 »: « كتب محمد بن أحمد بن الصلت القمي الآبي أبو علي إلى الدار كتاباً ذكر فيه قصة أحمد بن إسحاق القمي وصحبته، وأنه يريد الحج واحتاج إلى ألف دينار، فإن رأى سيدي أن يأمر باقراضه إياه، ويُسترجع منه في البلد إذا انصر فنا فافعل. فوقع (ع): هي له منا صلة، وإذا رجع فله عندنا سواها، وكان أحمد لضعفه لايطمع نفسه في أن يبلغ الكوفة، وفي هذه من الدلالة ». أي دلالةٌ على أنه يرجع من الحج سالماً، وكان تقدم به العمر (رحمه الله).

وفي دلائل الإمامة / 503: « وكان أحمد بن إسحاق القمي الأشعري رضي الله عنه الشيخ الصدوق، وكيل أبي محمد (ع)، فلما مضى أبو محمد (ع) إلى كرامة الله عز وجل أقام على وكالته مع مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه، تخرج إليه توقيعاته، ويحمل إليه الأموال من سائر النواحي التي فيها موالي مولانا فيتسلمها، إلى أن استأذن في المصير إلى قم فخرج الإذن بالمضي، وذكر أنه لايبلغ إلى قم، وأنه يمرض ويموت في الطريق، فمرض بحلوان ومات ودفن بها، رضي الله عنه ».

وقال الكشي « 2 / 831 »: « كتب أبو عبد الله البلخي إليَّ يذكر عن الحسين بن روح القمي أن أحمد بن إسحاق كتب إليه يستأذنه في الحج: فأذن له، وبعث إليه بثوب فقال أحمد بن إسحاق: نعى إلي نفسي، فانصرف من الحج فمات بحلوان.

أحمد بن إسحاق بن سعد القمي عاش بعد وفاة أبي محمد (ع)، وأتيت بهذا الخبر ليكون أصح لصلاحه وما ختم له به ».

٤٣٥

أقول: روى أحمد بن إسحاق الأشعري (رحمه الله) عن الإمام الرضا (ع) وتوفي بعد الإمام العسكري (ع)، ورأى من الأئمة خمسة: الرضا والجواد والهادي والعسكري والمهدي (ع). وأكبر دوره (رحمه الله) مع الإمام العسكري والمهدي (ع)، فستأتي ترجمته هناك.

٤٣٦

الفصل السادس عشر:

شهادة الإمام الهادي (ع)

شهادته (ع) بيد المعتز وليس المعتمد

كانت شهادة الإمام الهادي (ع) بيد الخليفة العباسي المعتز. وقد نسبت روايةٌ سُمَّهُ الى المعتمد، ولعل ذلك بسبب أن المعتمد نَفَّذَ أمر أخيه المعتز، أو جاء إسمه تصحيفاً. والمعتز هو الزبير بن المتوكل، ويعرف بابن قبيحة. والمعتمد أخوه أحمد بن المتوكل، ويعرف بابن فتيان، إسم أمه أيضاً.

قال المسعودي في مروج الذهب « 4 / 84 »: « كانت وفاة أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد في خلافة المعتز بالله، وذلك في يوم الإثنين لأربع بقين من جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين ومائتين، وهوابن أربعين سنة، وقيل ابن اثنتين وأربعين سنة، وقيل أكثر من ذلك، وسمع في جنازته جارية تقول: ما ذا لقينا في يوم الإثنين قديماً وحديثاً! وصلى عليه أحمد بن المتوكل « المعتمد » على الله، في شارع أبي أحمد، وفي داره بسامرا، ودفن هناك ».

وفي تاريخ اليعقوبي « 2 / 500 »: « وتوفي علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، بسر من رأى، يوم الأربعاء لثلاث بقين من جمادى الآخرة سنة 254 ، وبعث المعتز بأخيه أحمد بن المتوكل، فصلى عليه في الشارع المعروف بشارع أبي أحمد، فلما كثر الناس واجتمعوا كثر

٤٣٧

بكاؤهم وضجتهم، فرُدَّ النعشُ إلى داره فدفن فيها، وسنهُ أربعون سنة، وخلَّفَ من الولد الذكور اثنين: الحسن، وجعفر ».

وفي دلائل الإمامة / 409: « كانت سِنُوُّ إمامته بقية ملك الواثق، ثم ملك المتوكل، ثم أحمد المستعين، ثم ملك المعتز، وفي آخر ملكه استشهد ولي الله، وقد كمل عمره أربعون سنة، وذلك في يوم الإثنين لثلاث خلون من رجب سنة خمسين ومائتين من الهجرة، مسموماً، ويقال إنه قبض الإثنين لثلاث خلون من شهر رجب سنة أربع وخمسين ومائتين من الهجرة. ويقال يوم الإثنين لخمس ليال خلون من جمادى سنة أربع وخمسين ومائتين. ودفن بسر من رأى في داره ».

وفي إعلام الورى « 2 / 109 »: « وكانت في أيام إمامته (ع) بقية ملك المعتصم، ثم ملك الواثق خمس سنين وسبعة أشهر، ثم ملك المتوكل أربع عشرة سنة، ثم ملك ابنه المنتصر ستة أشهر، ثم ملك المستعين وهوأحمد بن محمد بن المعتصم، سنتين وتسعة أشهر، ثم ملك المعتز وهوالزبير بن المتوكل ثماني سنين وستة أشهر وفي آخر ملكه استشهد ولي الله علي بن محمد (ع) ودفن في داره بسر من رأى ».

وقال ابن الجوزي في تذكرة الخواص « 1 / 324 »: « وكان سنه يوم مات أربعين سنة. وكانت وفاته في أيام المعتز بالله، ودفن بسر من رأى، وقيل إنه مات مسموماً ».

وقال الخطيب في تاريخ بغداد « 12 / 56 »: « أشخصه جعفر المتوكل على الله من مدينة رسول الله (ص) الى بغداد، ثم الى سر من رأى، فقدمها وأقام بها عشرين سنة وتسعة أشهر، الى أن توفي ودفن بها في أيام المعتز بالله ».

٤٣٨

وقال ابن شهر آشوب « 3 / 505 »: « وألقابه: النجيب، المرتضى، الهادي، النقي، العالم، الفقيه، الأمين، المؤتمن، الطيب، المتوكل، العسكري.

ويقال له: أبوالحسن الثالث، والفقيه العسكري. وكان أطيب الناس بهجة، وأصدقهم لهجة، وأملحهم من قريب، وأكملهم من بعيد، إذا صمت علته هيبة الوقار، وإذا تكلم سماه البهاء، وهومن بيت الرسالة والإمامة، ومقر الوصية والخلافة، شعبة من دوحة النبوة منتضاةٌ مرتضاهْ. وثمرةٌ من شجرة الرسالة مجتناةٌ مجتباهْ. ولد بصرياء من المدينة للنصف من ذي الحجة سنة اثنتي عشرة ومائتين وقبض بسر من رأى الثالث من رجب سنة أربع وخمسين ومائتين وليس عنده إلا ابنه أبومحمد، وله يومئذ أربعون سنة، وقيل واحد وأربعون وسبعة أشهر. ومدة مقامه بسر من رأى عشرون سنة، وتوفي فيها. وقبره في داره. وكان في سني إمامته بقية ملك المعتصم، ثم الواثق، والمتوكل، والمنتصر، والمستعين، والمعتز. وفي آخر ملك المعتز استشهد مسموماً ..

وأولاده: الحسن الإمام، والحسين، ومحمد، وجعفر الكذاب، وابنته علية. بوابه: محمد بن عثمان العمري. ومن ثقاته: أحمد بن حمزة بن اليسع، وصالح بن محمد الهمداني، ومحمد بن جزك الجمال، ويعقوب بن يزيد الكاتب، وأبوالحسين بن هلال، وإبراهيم بن إسحاق، وخيران الخادم، والنضر بن محمد الهمداني. ومن وكلائه: جعفر بن سهيل الصيقل. ومن أصحابه: داود بن زيد، وأبوسليم زنكان، والحسين بن محمد المدائني، وأحمد بن إسماعيل بن يقطين، وبشر بن

٤٣٩

بشار النيسابوري الشاذاني، وسليمان بن جعفر المروزي، والفتح بن يزيد الجرجاني، ومحمد بن سعيد بن كلثوم وكان متكلماً، ومعاوية بن حكيم الكوفي، وعلي بن معد بن محمد البغدادي، وأبوالحسن بن رجا العبرتائي.

ورواة النص عليه جماعة منهم: إسماعيل بن مهران، وأبوجعفر الأشعري، والخيراني. والدليل على إمامته: إجماع الإمامية على ذلك، وطريق النصوص والعصمة، والطريقان المختلفان من العامة والخاصة، من نص النبي (ص) على إمامة الاثني عشر، وطريق الشيعة النصوص على إمامته عن آبائه (ع) ».

مراسم جنازة الإمام (ع)

في الهداية الكبرى / 248: « الحسين بن حمدان قال: حدثني أبوالحسين بن يحيى الخرقي، وأبومحمد جعفر بن إسماعيل الحسني، والعباس بن أحمد، وأحمد بن سندولا، وأحمد بن صالح، ومحمد بن منصور الخراساني، والحسن بن مسعود الفزاري، وعيسى بن مهدي الجوهري الجنبلاني، والحسين بن غياث الجنبلاني، وأحمد بن حسان العجلي الفزاري، وعبد الحميد بن محمد السراج، جميعاً في مجالس شتى: أنهم حضروا وقت وفاة أبي الحسن بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر الصادق صلوات الله عليهم، والصلاة بسر من رأى، فإن السلطان لما عرف خبر وفاته أمر سائر أهل المدينة بالركوب إلى جنازته، وأن يحمل إلى دار السلطان حتى يصلي عليه، وحضرت الشيعة وتكلموا وقال علماؤهم: اليوم يَبِينُ فضل سيدنا أبي محمد الحسن بن علي على أخيه جعفر، ونرى خروجهما مع

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477