أدب الطف الجزء ٧

أدب الطف17%

أدب الطف مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 328

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 328 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 118331 / تحميل: 8948
الحجم الحجم الحجم
أدب الطف

أدب الطف الجزء ٧

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

ذات سمت فحوت مناقب جمة

أعيت عن الاحصاء والتعداد

قس البلاغة في الورى بل لم يقس

كلا بسحبان وقس أياد

ومهذب مزج القلوب بوده

مزج الاله الروح بالاجساد

ذاك الذي شرك الانام بماله

لكن تفرد في هدى ورشاد

فقضى وأنفس زاده التقوى وهل

للمتقين سوى التقى من زاد

لو يفتدى لفديته طوعا بما

ملكت يدي من طارف وتلاد

لكن اذا نفذ القضا فلا ترى

تجدي هنالك فدية من فاد

خنت الذمام وحدت عن نهج الوفا

ان ذقت بعد نواه طعم رقاد

وسلوت مجدي ان سلوت مصابه

حتى ألاقيه بيوم معادي

هل كيف تسكن لوعتي فيه وقد

أمسى رهين جنادل الالحاد

لي كانت الايام أعيادا به

واليوم عاد مراثيا انشادي

أصفيته دون الانام الود اذ

كان الحري ومجده بودادي

لمحته عيني فابتلت كبدي به

ان العيون بلية الاكباد

وعرفت قدر علاه من حساده

اذ تعرف الاشياء بالاضداد

ذخرى ومن حذري عليه كنزته

تحت الثرى عن أعين الاشهاد

أتبعته عند الرحيل مدامعا

تحكي الغوادي أو سيول الوادي

فقضى برغمي قبل أن اقضي به

وطري وأبلغ من علاه مرادي

يرتاح في روض الجنان فؤاده

ومعذب بلظى الجحيم فؤادي

يا ليتما لاقيت حيني قبل ما

ألقاه محمولا على الاعواد

فدى بقية عمره نفسي التي

هي نفسه ففدى المفدى الفادي

من بعد فقدك لا أرى في الدهر لي

عونا على صرف الزمان العادي

لله نعشك مذ سرى ووراءه

أم المعالي بالثبور تنادي

لله قبرك كيف وارى لحده

طودا يفوق علا على الاطواد

٨١

لله رمسك كيف غشى طلعة

سطعت سنا كالكوكب الوقاد

ولقد صفا بك عيشنا زمنا فهل

ذاك الزمان الغض لي بمعاد

كم ذا أقاسي فيك من وجد ومن

نوب تهد الراسيات شداد

أتقلب الليل الطويل كأنني

متوسد وعلاك شوك قتاد

أبكيك يا جم المكارم ما شدت

ورقاء فوق المايس المياد

أبكي ولم أعبأ بلومة عاذل

( اني بواد والعذول بواد )

أفهل ترى لي سلوة في فقد من

هو فاقد الامثال والانداد

هيهات لا أسلو وان طال المدى

من كان في الكرب الشداد عتادي

يا منهل الوراد بل يا روضة

الرواد بل يا كعبة الوفاد

بك كان نادينا يضيء وقد محت

أيدي الزمان ضياء ذاك النادي

كم ذا دهتني الحادثات بفادح

لكن ذا أدهى شجى لفؤادي

وحشدت يا دهر الضغائن لي فما

لك كم تجور على بني الامجاد

أوريت نيران الآسي في مهجة

الصادي أجل فالله بالمرصاد

وسقى ضريحا ضم خير معظم

أبدا مدى الازمان صوب عهاد

ذكر الشيخ آغا بزرك ان الشيخ اليعقوبي الخطيب كان قد ظفر بديوان المترجم له وقد استنسخ منه نسخة كاملة بـ ٣٣٠ صفحة وان النسخة فقدت في جملة ما فقد في سنة ١٣٣٥.

وهكذا انطوت حياة هذا العبقري ولا تزال قصة غرامه أحدوثه السمر في أندية الادب.

ومن شعره يمدح الامام أمير المؤمنين علياعليه‌السلام ويستجير به من الوباء:

أيها الخائف المروع قلبا

من وباء أولى فؤادك رعبا

٨٢

لذ بأمن المخوف صنو رسول

الله خير الانام عجما وعربا

واحبس الركب في حمى خير حام

حبست عنده بنو الدهر ركبا

وتمسك بقبره والثم الترب

خضوعا له فبورك تربا

واذا ما خشيت يوما مضيقا

فامتحن حبه تشاهده رحبا

واستثره على الزمان تجده

لك سلما من بعد ما كان حربا

فهو كهف اللاجي ومنتجع الآ

مل والملتجي لمن خاف خطبا

من به تخصب البلاد اذا ما

أمحل العام واشتكى الناس جدبا

وبه تفرج الكروب وهل من

أحد غيره يفرج كربا

يا غياثا لكل داع وغوثا

ما دعاه الصريخ الا ولبى

وغماما سحت غوادي أياد

يه فأزرت بواكف الغيث سكبا

وأبيا يأبى لشيعته الضيم

وأنى والليث للضيم يأبى

كيف تغضي وذي مواليك أضحت

للردى مغنما وللموت نهبا

أو ترضى مولاي حاشاك ترضى

أن يروع الردى لحزبك سربا

أو ينال الزمان بالسوء قوما

أخلصتك الولا وأصفتك حبا

حاش لله أن ترى الخطب يفني

ـ يا أمانا من الردى - لك حزبا

ثم تغضي ولا تجير أناسا

عودتهم كفاك في الجدب خصبا

لست أنحو سواه لا وعلاه

ولو أني قطعت اربا فاربا

في حماه أنخت رحلي علما

أن من حل جنبه عز جنبا

لا ولا أختشي هوانا وضيما

وبه قد وثقت بعدا وقربا

وبه أنتضي على الدهر عضبا

ان سطا صرفه وجرد عضبا

وبه أرتجي النجاة من الذنب

وان كنت أعظم الناس ذنبا

وهو حسبي من كل سوء وحسبي

أن أراه ان مسني الدهر حسبا

لست أعبا بالحادثات ومن لا

ذ بآل العبا غدا ليس يعبا

٨٣

وله البيتان المكتوبان في الايوان الذهبي الكاظمي يمدح الامامين موسى الكاظم وحفيده محمد الجوادعليهما‌السلام :

لذ ان دهتك الرزايا

والدهر عيشك نكد

بكاظم الغيظ موسى

وبالجواد محمد

وقال موريا في مدح استاذه السيد حسين بحر العلوم:

نفسي فداء سيد وده

أعددته ذخري لدى النشأتين

لا غرو ان كنت فداء له

فانني ( العباس ) وهو ( الحسين )

وقال وهو من أروع ما قال في الغزل:

عديني وامطلي وعدي عديني

وديني بالصبابة فهي ديني

ومني قبل بينك بالأماني

فان منيتي في أن تبيني

سلي شهب الكواكب عن سهادي

وعن عد الكواكب فاسأليني

صلي دنفا بحبك أوقفته

نواك على شفا جرف المنون

أما وهوى ملكت به قيادي

وليس وراء ذلك من يمين

لأنت أعز من نفسي عليها

ولست أرى لنفسي من قرين

أما لنواكم أمد فيقضى

اذا لم تقض عندكم ديوني

وكنت أظن أن لكم وفاء

لقد خابت لعمر أبي ظنوني

هبوني أن لي ذنبا وما لي

سوى كلفي بكم ذنب هبوني

ألست بكم أكابد كل هول

وأحمل في هواكم كل هون

أصون هواكم والدمع يهمي

دما فيبوح بالسر المصون

وتعذلني العواذل اذ تراني

أكفكف عارض الدمع الهتون

يمينا لا سلوتهم يمينا

وشلت ان سلوتهم يميني

٨٤

جفوني بعد وصلهم وبانوا

فسحي الدمع ويحك يا جفوني

لقد ظعنوا بقلبي يوم راحوا

فها هو بين هاتيك الظعون

فمن لمتيم أصمت حشاه

سهام حواجب وعيون عين

اذا ما عن ذكركم عليه

يكاد يغص بالماء المعين

رهين في يد الاشواق عان

فيالله للعاني الرهين

اذا ما الليل جن بكيت شجوا

وطارحت الحمائم في الغصون

ولو أبقت لي الزفرات صوتا

لأسكت السواجع في الحنين

بنفسي من وفيت لها وخانت

وأين أخو الوفاء من الخؤون

أضن على النسيم يهب وهنا

برياها وما أنا بالضنين

فان أك دونها شرفا فاني

لأحسب هامة العيوق دوني

ومن مثلي بيوم وغى وجود

وأي فتى له حسبي وديني

ومن ذا بالمكارم لي يداني

وهل لي في الاكارم من قرين

وكم لي من مآثر كالدراري

وكم فضل - خصصت به - مبين

فمن عزم غداة الروع ماض

كحد السيف تحمله يميني

وحلم لا توازنه الرواسي

اذا ما خف ذو الحلم الرزين

وبأس عند معترك المنايا

تقاعس دونه أسد العرين

وجود تخصب الايام منه

اذا ما أمحلت شهب السنين

وعز شامخ الهضبات سام

له الاعيان شاخصة العيون

ولي أدب به الركبان سارت

تزمزم بين زمزم والحجون

أحطت من العلوم بكل فن

بديع والعلوم على فنون

وكم قوم تعاطوها فكانوا

على ظن وكنت على يقين

فها أنا محرز قصب المعالي

وما جاوزت شطر الاربعين

وقال في الغرام:

حبذا العيش بجرعاء الحمى

فلقد كان بها العيش رغيدا

٨٥

لا عدا الغيث رباها فلكم

أنجز الدهر لنا فيها وعودا

ولكم فيها قضينا وطرا

وسحبنا للهوى فيها برودا

يا رعى الله الدمى كم غادرت

من عميد واله القلب عميدا

ولكم قاد هواها سيدا

فغدا يسعى على الرغم مسودا

وبنفسي غادة مهما رنت

أخجلت عين المها عينا وجيدا

ليس بدعا ان أكن عبدا لها

فلها الاحرار تنصاع عهيدا

جرحت ألحاظها الاحشاء مذ

جرحت ألحاظنا منها الخدودا

رصدت كنز لئالي ثغرها

بأفاع أرسلتهن جعودا

وحمت ورد لماها بظبى

من لحاظ تورد الحتف الاسودا

يا مهاة بين سلع والنقى

سلبت رشدي وقد كنت رشيدا

ولقتلي عقدت تيها على

قدها اللدن من الشعر بنودا

ما طبتني البيض لولاها وان

كن عينا قاصرات الطرف غيدا(١)

يا رعاها الله من غادرة

جحدت ودي ولم ترع العهودا

منعت طرفي الكرى من بعد ما

كان من وجنتها يجني الورودا

لو ترى يوم تناءت أدمعي

لرأيت الدر في الخد نضيدا

ما الذي ضرك لو عدت فتى

عد أيام اللقا يا مي عيدا

وتعطفت على ذي أرق

لم تذق بعدك عيناه الهجودا

كم حسود فيك قد أرغمته

فلماذا في أشمت الحسودا

نظمت ما نثرته أدمعي

من لئال كثناياها عقودا

جدت بالنفس وضنت باللقا

فبفيض الدمع يا عيني جودا

يا نزولا بزرود وهم

بحمى القلب وان حلوا زرودا

قد مضت بيضا ليالينا بكم

فغدت بعدكم الايام سودا

__________________

١ - أطباه بالتشديد حرفه ودعاه.

٨٦

كنت قبل البين أشكو صدكم

ثم بنتم فتمنيت الصدودا

هل لايام النوى أن تنقضي

ولايام تقضت أن تعودا

أوقد البين بقلبي جذوة

كلما هبت صبا زادت وقودا

عللونا بلقاكم فالحشا

أوشكت بعد نواكم أن تبيدا

واذا عن لقلبي ذكركم

خدد الدمع بخدي خدودا

ناشدوا ريح الصبا عن كلفي

انها كانت لاشواقي بريدا

شد ما كابدت من يوم النوى

انه كان على القلب شديدا

أنا ذاك الصب والعاني الذي

بهواكم لم يزل صبا عميدا

حدت عن نهج الوفا يا مي ان

أنا حاولت عن الحب محيدا

واذا ما أخلق النأي الهوى

فغرامي ليس ينفك جديدا

لم يدع بينكم لي جلدا

ولقد كنت على الدهر جليدا

من عذيري من هوى طل دمي

وصدود جرع القلب صديدا

بي من الاشجان ما لو أنه

بالجبال الشم كادت أن تميدا

لو طلبتم لي مزيدا في الهوى

ما وجدتم فوق ما في مزيدا

ومن غرامياته قوله:

الى م تسر وجدك وهو باد

وتلهج بالسلو وأنت صب

وتخفي فرط حبك خوف واش

وهل يخفى لاهل الحب حب

ولولا الحب لم تك مستهاما

على خديك للعبرات سكب

وان ناحت على الاغصان ورق

يحن الى الرصافة منك قلب

تحن لها وان لحت اللواحي

وتذكرها وان غضبوا فتصبو

وتصبو للغوير وشعب نجد

وغير الصب لا يصبيه شعب

نعم شب الهوى بحشاك نارا

وكم للشوق من نار تشب

تشب ومنزل الاحباب دادن

فهل هي بعد بعد الدار تخبو

أجل بان التجلد يوم بانوا

وأظلم بعدهم شرق وغرب

٨٧

كبا دون السلو جواد عزمي

وعهدي فيه لم يك قط يكبو

فلي من لاعج الزفرات زاد

ولي من ساكب العبرات شرب

وبين القلب والاشجان سلم

وبين النوم والاجفان حرب

وليس هوى المها الا عذاب

ولكن العذاب بهن عذب

لحى الله الحوادث كم رمتني

بقاصمة لها ظهري أجب

كذاك الدهر بالاحرار مزر

كأن للحر عند الدهر ذنب

ولو يجدي العتاب لطال عتبي

ولكن ما على الايام عتب

٨٨

محمد بن عبد الله حرز

المتوفى ١٢٧٧

عج بالطفوف وقل يا ليث غابتها

واذر الدموع وناجي الرسم والتزم

وانح الفرات وسل عن فتية نزلوا

يوم الطفوف على الرمضاء والضرم

ونسوة بعد فقد الصون بارزة

بين الطفوف بفرط الحزن لم تنم

ما بين باكية عبرى ونادبة

تدعو أباها ربيب البيت والحرم

تحنو على السبط شوقا كي تقبله

فلم تجد ملثما فيه لملتثم

والقصيدة تحتوي على ٦٥ بيتا ومطلعها:

قف بالديار وسل عن جيرة الحرم

أهل أقاموا برضوى أم بذي سلم

أم يمموا الصعب قودوا نحو قارعة

ومحنة رسمت في اللوح والقلم

أم قد غدى في لظى الرمضاء ركبهم

نحو الردى والهدى لله من حكم

* * *

جاء في معارف الرجال: الشيخ أبو المكارم محمد بن الشيخ عبدالله بن الشيخ حمد الله بن الشيخ محمود حرز الدين المسلمى النجفي ولد في النجف حدود سنة ١١٩٣ هـ ونشأ وقرأ

٨٩

مقدمات العلوم فيها. هو عالم علامة محقق له المآثر الجليلة والخصال الحميدة وكان فقيها أصوليا منطقيا أديبا شاعرا، ومن مهرة العلماء في العربية والعروض، حدثنا الفقيه الشيخ ابراهيم الغراوي المتوفى سنة ١٣٠٦ ان المترجم له من أصحاب الفقيه الاجل الشيخ محمد الزريجاوي النجفي والسيد أسد الله الاصفهاني، سافر الشيخ الى ايران لزيارة الامام الرضا (ع) وفي رجوعه صير طريقه على اصفهان لملاقاة صديقه العالم السيد أسد الله الاصفهاني صاحب الكري في النجف المتوفي سنة ١٢٩٠ وحل ضيفا على السيد فأفضل في اكرامه وتبجيله ونوه باسمه واظهار فضيلته علانية في محافل أصفهان والتمس منه الاقامة في اصفهان على أن يكون مدرسا فلم يؤثر على النجف شيئا وأراه الجامع الذي أحدثه السيد والده بعد قدومه من الحج سنة ١٢٣٠ هـ.

تتلمذ في الفقه على الشيخ علي صاحب الخيارات المتوفى سنة ١٢٥٣ والشيخ محمد حسن صاحب الجواهر الفقه والاصول. والسيد مهدي القزويني المتوفى سنة ١٣٠٠ وحضر يسيرا درس الشيخ محمد حسين الكاظمي.

مؤلفاته:

كتاب الحج فقه استدلالي مبسوط جدا يوجد في مكتبتنا بخطه، وكتاب الحاشية في المنطق على شرح الشمسية بخطه، والمصباح وهو كتاب جامع في أعمال المساجد الاربعة المعظمة والاوراد والادعية المأثورة وكتاب في الحديث ومقتل يتضمن

٩٠

شهادة الامام الحسين (ع) وأصحابه في واقعة الطف وفيه بعض مرثياته، ومجموع يشتمل على جملة من مراثيه ومراثي بعض معاصريه كالشيخ عبدالحسين محي الدين والشيخ عبد الحسين الاعسم وفيه عدة قصائد في الغزل والنسيب وكتاب شرح الحديث - هو شرح لكتاب أستاذه السيد القزويني شارحا ما نظمه خاله العلامة السيد بحر العلوم من مضمون الحديث - قال في المقدمة الحمد لله الذي هدانا الى السبيل بمعرفة البرهان الدليل أما بعد فيقول العبد الجاني طالب العفو من الكريم الودود محمد ابن عبدالله بن حمد الله بن محمود حرز الدين المسلمى، قال في نظم الحديث:

ومشي خير الخلق بابن طاب

يفتح منه أكثر الابواب

وذكر الشيخ في شرحه أربعين بابه بخطه، وتتلمذ عليه جماعة منهم الشيخ ابراهيم السوداني كما حدثنا عنه السوداني.

توفي في النجف سنة ١٢٧٧ هـ بداره بمحلة المسيل قرب مقبرة الصفا غربي البلد ودفن في وادي السلام بمقبرة آل حرز الدين ولم يخلف سوى بنتين.

وله في رثاء مسلم بن عقيل (ع):

اللدار أبكي اذ تحمل أهلها

أم السيد السجاد أم أبكي مسلما

همام عليه الكون ألوى عنانه

وخانت به الاقدار لما تقدما

تجمعت الاحزاب تطلب ذحلها

عليه وفيها العلج عدوا تحكما

كأنى به بين الجماهير مفردا

يحطم في الحامين لدنا ولهذما

وقال في تخميس أبيات الجزيني الكناني في مدح زيد بن علي (ع):

٩١

أبي يرى ان المصاليت والقنا

لديها المعالي في الكريهة تجتنى

تولت حيارى القوم تطلب مأمنا

ولما تردى بالحمائل وانثنى

يصول بأطراف القنا والذوابل

فتى كان لا يهفو حذارا جنانه

وقوع العوالي في الكريهة شانه

ولما انثنى للشوس يعدو حصانه

تبينت الاعداء ان سنانه

يطيل حنين الامهات الثواكل

همام اذا ما القعضبية في اللقا

تحوم تراه في الكتيبة فيلقا

ولما علا ظهر المطهم وارتقى

تبين منه مبسم العز والتقى

وليدا يفدى بين أيدي القوابل

وقال يرثي ولده جعفر وكان شابا بعدة قصائد منها:

علي الدهر بالنكبات صالا

وفاجئني بنكبته اغتيالا

وأوهى جانبي فصار جسمي

لما ألقاه من زمني خلالا

وألم ما لقيت من الرزايا

فراق أحبة خفوا ارتحالا

ومن شأن القروح لها اندمال

وقرحة جعفر تأبى اندمالا

أروم سلوه فتقول نفسي

رويدك لا تسل مني محالا

أراني كلما أبصرت شيئا

تخيل مقلتي منه خيالا

وقد أثبتنا له عدة قصائد في الجزء الثاني من النوادر. انتهى أقول وأورد صاحب ( شعراء الغري ) ترجمته وذكر مراثيه لولده، أما تتمة هذه القصيدة:

أري أقرانه فتجود عيني

فازجرها فتزداد انهمالا

لو أن الدهر يقنع في فداء

لكان فداؤه نفسا ومالا

فلا والله لا أنساك حتي

أوسد نحو مضجعك الرمالا

٩٢

درويش علي البغدادي

المتوفى ١٢٧٧

عين سحي دما على الاطلال

بربوع عفت لصرف الليالي

قد تولى سعود أنسي بنحس

بعد خسف البدور بعد الكمال

ما لهذا الزمان يطلب بالثارات

ما للزمان عندي ومالي

أين أهل التقى مهابط وحي الله

أين الهداة أهل المعالي

آل بيت الاله خير البرايا

خيرة العالمين هم خير آل

جرعوا من كؤوس حتف المنايا

ورد بيض الضبا وسمر العوالي

ليت شعري وما أرى الدهر يوفي

بذمام لسادة وموالي

غير مجد في ملتي نوح باك

لطلول بمدمع ذي انهمال

بل شجاني ناع أصاب فؤادي

بابن بنت النبي شمس المعالي

كوكب النيرين ريحانة الهادي

النبي الرسول فرع الكمال

بأبي سبط خاتم الرسل اذ صار

يقاسي عظائم الاهوال

لست أنساه وهو فرد ينادي

هل نصير لنا وهل من موالي

لم تجبه عصابة الكفر الا

بقنا الخط أو برشق النبال

وغدى يظهر الدلائل حتى

لم يدع حجة لقيل وقال

وأتته تشن غارة غدر

فسقاها من المواضي الصقال

وهو فرد وهم الوف ولكن

آية السيف يوم وقع النزال

٩٣

بطل يرهب الاسود اذا ما

حكم البيض من رقاب الرجال

وقضى بالطفوف غوث البرايا

فبكائي لفقد غيث النوال

فالسماوات أعولت بنحيب

فهي تبكي بمدمع هطال

وبكى البدر في السماء وحق

أن يرى باكيا لبدر الكمال

فعزيز على البتولة تلقى الراس

منه يسري على العسال

وبنات النبي تهدى الى الشام

أسارى من فوق عجف الجمال

* * *

الشيخ درويش بن علي البغدادي المولود سنة ١٢٢٠ والمتوفى ١٢٧٧ هو الاديب الماهر درويش علي بن حسين بن علي بن احمد البغدادي الحائري كان عالما فاضلا أديبا مطبوعا أحد شعراء القرن الثالث عشر المتفوقين بسائر العلوم الغريبة وكانت له اليد الطولى في تتبع اللغة والتفسير وعلوم الادب والدين وصنف كتبا كثيرة. ذكره جمع من المؤرخين وأرباب السير والتراجم منهم العلامة شيخنا آغا بزرك الطهراني حيث قال: ولد في بغداد حدود سنة ١٢٢٠ ونشأ وترعرع بها وأخذ عن علمائها حتى توفي أبوه وأمه وسائر حماته في الطاعون سنة ١٢٤٦ فسافر الى كربلاء وجالس بها وأخذ عن علمائها حتى صارت الافاضل تشير اليه بالانامل وبرزت له تصانيف مفيدة الخ وظهر خلاف واضح في تاريخ مولده وتاريخ نزوحه اذ ذكر صاحب معارف الرجال: انه ولد في الزوراء سنة ١٢٣٠ هـ ونشأ فيها وحضر مقدمات العلوم ومبادئ الفقه فيها وجد في تحصيله حتى صار يحضر عند المدرسين المقدمين وحصل الادب والعلم والكمال وملكة الشعر في الزوراء وفي سنة ١٢٤٨ الذي وقع الطاعون فيها وعم

٩٤

أغلب مدن العراق فقد المترجم أهله كلهم فيه على المعروف بين المعاصرين ثم بعد ذلك هاجر الى كربلاء وأقام فيها وهو ضابط لمقدماته العلمية باتقان فحضر على علمائها الاعلام الفقه والاصول والكلام حتى صار عالما فقيها محققا بارعا. اما البحاثة عباس العزاوي فيؤيد المحقق الشيخ آغا بزرك في تاريخ مولد الشاعر اذ قال: هو ابن حسين البغدادي كان عالما أديبا شاعرا وله: ( غنية الاديب في شرح مغني اللبيب ) لابن هشام في ثلاث مجلدات ولد ببغداد سنة ١٢٢٠ هـ - ١٨١٥ م وتوفي في كربلاء سنة ١٢٧٧ هـ - ١٨٦٠ م. ورثاه ابنه الشيخ احمد بقصيدتين نشرهما في كتابه كنز الاديب وقد ورد له ذكر في ( شهداء الفضيلة ) وهذا نصه:

كان عالما فقيها متكلما شاعرا طويل الباع في التفسير واللغة وعلوم الادب ولد في حدود ١٢٢٠ وتوفي حدود ١٢٧٧ وله تأليف ممتعة وشعره حسن.

توفي الشاعر بكربلاء عام ١٢٧٧ هـ وقيل سنة ١٢٨٧ هـ ودفن بباب الزينبية عند مشهد الامام الحسين (ع).

وأعقب ولدا فاضلا شاعرا هو الشيخ احمد بن درويش ترك آثارا قيمة أشهرها: الشهاب الثاقب والجوهر الثمين، وغنية الاديب الذي يقع في ثلاثة أجزاء وقبسات الاشجان في مقتل الحسين (ع) يقع في جزئين مخطوط بمكتبة الامام أمير المؤمنين بالنجف تسلسل ٣٧٦ / ٢ ومعين الواعظين وبعض الرسائل وأخيرا كتاب ( المزار ) الذي ختمه ببيت شعر قال فيه:

٩٥

سيبقى الخط مني في الكتاب

ويبلى الكف مني في التراب

واضافة الى ما تقدم فان له مجموعة شعرية حوت عدة قصائد قيلت في شتى فنون الشعر وأغراضه.

قال مخمسا قصيدة الفرزدق الميمية في مدح الامام علي بن الحسين زين العابدين (ع) وأولها:

هذا الذي طيب الباري أرومته

فخرا وأعلا على الجوزاء رتبته

هذا الذي تلت الآيات مدحته

هذا الذي تعرف البطحاء وطاته

والبيت يعرفه والحل والحرم

هذا ابن من تعرف التقوى بقربهم

والعلم والدين مقرون بعلمهم

وما السعادة الا قيل حسبهم

هذا ابن خير عباد الله كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم

وله راثيا العلامة المولى محمد تقي البرغاني القزويني المعروف بالشهيد الثالث المتوفى سنة ١٢٦٤ هـ:

فلا غرو في قتل التقي اذا قضى

قضى وهو محمود النقيبة والاصل

له اسوة بالطهر ( حيدرة ) الرضا

وقاتله ضاهى ابن ملجم بالفعل

وقال راثيا الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر المتوفى غرة شعبان سنة ١٢٦٦ هـ بقصيدة مطلعها:

هوت من قبات الفخر أعمدة المجد

فأضحت يمين المكرمات بلا زند

٩٦

وغارت بحيرات العلوم وغيبت

شموس النهى والبدر والكوكب السعد

فلا غرو أن تبكي جواهر شخصه

فقد ضيعت في الترب واسطة العقد

ويتضح من المعلومات التي نقبنا عنها ان الشاعر كان مقلا في نظمه وأغراض شعره لا تتعدى الاغراض المألوفة.

وللشيخ درويش علي من قصيدة:

عج بالطفوف وقبل تربة الحرم

ودع تذكر جيران بذي سلم

يا عج وعجل الى أرض الطفوف فقد

أرست على بقع في السهل والأكم

راقت وجاوزت الجوزاء منزلة

كما بمدح حسين راق منتظمي

اخلاقه وعطاياه وطلعته

قد استنارت كضوء النار في الظلم

يكفي حسينا مديح الله حيث أتى

في هل أتى وسبا والنون والقلم

كان الزمان به غضا شبيبته

فعاد ينذرنا من بعد بالهرم

ورأيت في كتابه ( قبسات الاشجان ) كثيرا من شعره في رثاء الامام الحسين (ع) فمن قصيدة يقول في أولها:

هل المحرم لا طالت لياليه

طول المدى حيث قد قامت نواعيه

ما للسرور قد انسدت مذاهبه

وأظلم الكون واسودت نواحيه

فمطلق الدمع لا ينفك مطلقه

جار يروي ثرى البوغاء جاريه

يعزز عليك رسول الله مصرع من

جبريل في المهد قد أضحى يناغيه

وله من قصيدة حسينية:

صروف الدهر شبت في غليلي

وجسمي ذاب من فرط النحول

٩٧

عبد الله الذهبة

المتوفى ١٢٧٧

أين الابا هاشم أين الابا

ما للعلى لم تلف منكم نبا

هذا لوى العليا بلا حامل

أكلكم عن حمله قد أبى

بعد مقام في ذرى يذبل

كيف رضيتم بمقام الربى

ولم تزل ترفع فيكم الى

أن جازت الجوزا بكم منصبا

فما جنت اذ هجرت فيكم

حاشا على العلياء أن تذنبا

قد أصبحت غضبى لما نابكم

وحق يا هاشم ان تغضبا

فالجد الجد لمرضاتها

فكم أنال الطلب المطلبا

القتل القتل فان العلى

لم ترض أو ترضى القنا والضبا

وأضرموا نار وغى لم تقل

لمبعث الناس لظاها خبا

وواصلوا حتى تبيدوا العدى

منكم بأثر المقنب المقنبا

الله يا هاشم في مجدكم

لا يغتدي بين البرايا هبا

الله يا هاشم في شملكم

فقد غدا في الناس ايدي سبا

اين الفخار المشمخر الذي

ناطح منه الاخمص الكوكبا

أين الاغارات التي أرغمت

شانئكم شرق أو غربا

اين غمام لم يكن قلبا

قبل وبرق لم يكن خلبا

كيف وهت عزائم منكم

كادت على الافلاك أن تركبا

وكم غدت أسادكم هاشم

تعدو عليها في شراها الظبا

٩٨

أما أتاكم ما على كربلا

من نبأ منه شباكم نبا

ما جاءكم ان العظيم الذي

على الثريا مجدكم طنبا

وكاشف الارزاء عنكم اذا

دهر بأجناد البلا اجلبا

وذي الايادي الهامرات التي

أضحى بها مجدكم مخصبا

أضحى فريدا في خميس ملا

رحب البسيط الشرق والمغربا

لم يلف منكم من ظهير له

اذ جاوز الخطب بلاغ الزبا

يخوض تيار الوغى ذا حشى

فيه الظما ساعره الهبا

مجاهدا عن شرعة الله من

الى الغوى عن نهجها نكبا

حتى قضى لم يلف من ناصر

بعد لمن عن نصره قد أبى

مقطرا تعدو بأشلائه

برغمكم خيل العدى شزبا

ما أعجب الاقدار فيما أتت

لصفوة الرحمن ما أعجبا

كيف قضت لغالب الموت من

عن نابه كشر أن يغلبا

فما بقى الاكوان والموت في

روح البرايا أنشب المخلبا

مضى الى الرحمن في عصبة

لنصره الرحمن قبل اجتبى

قضوا كراما بعد ما ان قضوا

ما الله لابن المصطفى أوجبا

على العرى عارين قد شاركت

في سترها هامي النحور الظبا

وخلفوا عزائز الله من

دون محام للعدى منهبا

غرائبا في هتك أستارها

وخفضها صرف القضى أعربا

تذري على فقدان ساداتها

دمعا كوكاف الحيا صيبا

تحملها العيس على وخدها

تطوي بأثر السبسب السبسبا

تقرعهن الاصبحيات ان

نضو من الاعيا بها قد كبا

يا غضبة الاقدار هبي فقد

أن الى الاقدار أن تغضبا

ان التي يسدف أستارها

جبريل حسرى في وثاق السبا

٩٩

ومن على أعتابها تخضع الا

ملاك يقفو الموكب الموكبا

خواضع بين العدى لم تجد

من ذلة الاسر لها مهربا

عز على الاملاك والرسل ان

تمسي لابناء الخنا منهبا

تود لو أن الدجى سرمدا

لما عن الرائي لها غيبا

وان بدا الصبح دعت من أسى

يا صبح لا أهلا ولا مرحبا

أبديت يا صبح لنا أوجها

لها جلال الله قد حجبا

تراك قد هانت عليك التي

عن شأنها القرآن قد أعربا

فما جنى يا شمس جان كما

جنيت في حرات آل العبا

الليل يكسوها حذارا على

أوجهها من دجنة الغيهبا

وأنـ تبديها لنظارها

فمن جنى مثلك أو أذنبا

لم لا تواريت بحجب الخفا

للبعث لما آن أن تسلبا

يا هاشم العليا ولا هاشما

الخطب قد أعضل واعصوصبا

ما آن لا بعدا لاسيافكم

من هامر الاوداج ان تشربا

لا عذر أو تجتاح أعداءكم

أراقم المران أو تعطبا

أو تنعل الافراس من هم من

رام على علياك أن يشغبا

جافي عن الاسياف اغمادها

وواصلي بين الطلا والشبا

حتى تبيدي أو تبيدي العدى

الله في ثارك أن يذهبا

ولا تملي من قراع الردى

أو يجمع الشمل الذي شعبا

ما صد أسماعكم عن ندى

زينب والهفا على زينبا

وقد درت أن لا ملب لها

لكن حداها الثكل أن تندبا

تندب واقوماه من هاشم

لنسوة لها السبا اذهبا

هذي بنات الوحي لم تلف من

كل الورى ملجا ولا مهربا

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

من الشهر ، ثم أخذها في النقصان يوماً فيوماً في النصف الأخير منه ، وزيادة أدمغة الحيوانات وألبانها بزيادة النور ، ونقصانها بنقصانه.

و كذلك زيادة البقول والثمار نمواً ونضجاً عند زيادة نوره ، حتى أنّ المزاولين لها يسمعون صوتاً من القثاء والقرع والبطيخ عند تمدده وقت زيادة النور ، وكإبلاء نور القمر الكتان ، وصبغه بعض الثمار ، إلى غيرذلك من الأمور التي تشهد بها التجربة(١) .

قالوا : وإنّما اختص القمر بزيادة ما نيط به من أمثال هذه الأمور بين سائر الكواكب لأنه أقرب [٣٤ / ب] إلى عالم العناصر منها ؛ ولأنه مع قربه أسرع حركة فيمتزج نوره بأنوار جميع الكواكب ، ونوره أقوى من نورها ، فيشاركها شركة غالب عليها فيما نيط بنورها من المصالح بإذن خالقها ومبدعها جلّ شأنه.

ا لثالث : ما يتعلق به من السعادة والنحوسة ، وما يرتبط به من الأمور التي هو علامة على حصولها في هذا العالم ، كما ذكره الديانيون من المنجمين ، ووردت به الشريعة المطهرة على الصادع بها أفضل التسليمات.

كما رواه الشيخ الجليل عماد الإِسلام ، محمد بن يعقوب الكليني قدس الله روحه ، في الكافي عن الصادقعليه‌السلام  ، قال : « من سافر أو تزوج والقمر في العقرب لم ير الحسنى »(٢) .

وكما رواه أيضا في الكتاب المذكور عن الكاظمعليه‌السلام  : « من تزوج في محاق الشهر فليسلّم لسقط الولد »(٣) .

وكما رواه شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي طاب ثراه في تهذيب الأخبار عن الباقرعليه‌السلام  : « أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بات ليلة

________________________

(١) لمعرفة المزيد من ذلك انظر : كتاب الدلاثل : ٨٢ وما بعدها ، وغيره من الكتب المختصّة بهذا العلم.

(٢) الكافي ٨ : ٢٧٥ ، الحديث ٤١٦ / وأنظر علل الشرائع : ٥١٤.

(٣) الكافي ٥ : ٤٩٩ ، الحديث ٢ / وانظر من لا يحضره الفقيه ٣ : ٢٥٤ ، الحديث ١٢٠٦ / تهذيب الأحكام ٧ : ٤١١ ، الحديث ١٦٤٣ / علل الشرائع : ٥١٤.

١٤١

عند بعض نسائه فانكسف القمرفي تلك الليلة فلم يكن منه فيها شيء.

فقالت له زوجته : يا رسول الله بابي أنت وأمي كل(١) هذا البُغْض؟

فقال : لها : ( ويحك هذا الحادث في السماء فكرهت أن [٣٥ / أ]

وفي آخر الحديث ما يدل على أن المجامع في تلك الليلة إن رزق من جماعه ولداً وقد سمع بهذا الحديث لا يرى ما يحب(٢) .

هداية :

ما يدعيه المنجمون من ارتباط بعض الحوادث السفليّة بالأجرام العلوية إن زعموا أنّ تلك الأجرام هي العلة المؤثرة في تلك الحوادث بالاستقلال ، أو أنّها شريكة في التاثير ، فهذا لا يحل للمسلم اعتقاده.

و علم النجوم المبتني على هذا كفر والعياذ بالله ، وعلى هذا حمل ما ورد في الحديث من التحذير من علم النجوم والنهي عن اعتقاد صحته.

وإن قالوا : إنّ اتصالات تلك الأجرام وما يعرض لها من الأوضاع علامات على بعض حوادث هذا العالم مما يوجده الله سبحانه بقدرته وإرادته ؛ كما أنّ

________________________

(١) لفظة « كل » يمكن أن تقرأ بالنصب على المفعولية المطلقة ، أي : تبغضي كلّ هذا البعض ؛ ويمكن أن تكونة مرفوعة بالإبتداء بحذف الخبر ، أي : كلُّ هذا البغض حاصل منك لي ، منه قدس سره ، هامش المخطوط.

ثم أن هذا المقطع من الحديث ـ قول الزوجة ـ ورد بالفاظ مختلفة انظر مصادر ألحديث الآتية.

والفيض الكاشاني ـ قدس سره ـ في كتابه الوافي ١٢ : ١٠٥ ، أو المجلد ألثالث كتاب النكاح الباب ١٠٦ ، بعد أن أثبت أن بين الفقيه والتهذيب والكافي اختلاف في هذه العبارة قال : قولها : أكل هذا البغض ، تقديره اتبغضني بغضا يبلغ كل هذا ، فحذف واقيم مقام المحذوف ، وقد صحف بتصحيفات باردة ، وفسر تفسيرات كاسدة ، وليس إلّا كما ذكرناه فانه كلمة شائعة لها نظيرات.

(٢) التهذيب ٧ : ٤١١ قطعة من الحديث ١٦٤٢ وفيه « كل هذا للبغض ». وفيه ما لا يخفى حيث إنّ اللام فيه للعهد ، وهو بعيد / وفي الطبعة الحجرية منه ٢ : ٢٢٩ نحوه ، وفي هامشه : أكل هذا للبغض ، وفي ترتيب التهذيب ٣ : ١٢٧ هكذا : أكلّ هذا البغض / وفي الكافي ٥ : ٤٩٨ / حديث ١ / من لا يحضره الفقيه ٣ : ٢٥٥ حديث ١٢٠٧ / المحاسن : ٣١١ حديث ٢٦ من كتاب العلل / وانظر روضة المتقين ٨ : ١٩٧. وفي الجميع كما تقدم قطعة من حديث.

١٤٢

حركات النبض واختلافات أوضاعه علامات يستدل بها الطبيب على ما يعرض للبدن من قرب الصحّة واشتداد المرض ونحوه وكما يستدلّ باختلاج بعض الأعضاء على بعض الأحوال المستقبلة ؛ فهذا لا مانع منه ولا حرج في اعتقاده.

وما روي من صحة علم النجوم ، وجواز تعلمه محمول على هذا المعنى ، كما رواه الشيخ الجليل عماد الاسلام محمد بن يعقوب الكليني ، في كتاب الروضة من الكافي ، عن عبد الرحمن بن سيابة(١) ، قال ، قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام  : جعلت فداك إنّ الناس يقولون : إن النجوم لا يحل [٣٥ / ب] النظر فيها ، وهي تعجبني ، فإن كانت تضر بديني فلا حاجة لي في شيء يضر بديني ، وإن كانت لا تضر بديني فوالله إني لأشتهيها ، وأشتهي النظر فيها.

فقالعليه‌السلام  : « ليس كما يقولون ، لا تضرّ بدينك ».

ثم قال : « إنكم تبصرون في شيء منها كثيره لا يدرك ، وقليله لا ينتفع به ، تحسبون على طالع القمر ».

ثم قال : « أتدري كم بين المشتري والزهرة من دقيقة »؟ فقلت : لا والله.

قال : « أتدري كم بين الزهرة والقمر من دقيقة »؟ قلت : لا والله.

قال : « أفتدري كم بين الشمس وبين السكينة(٢) من دقيقة »؟ قلت : لا والله ما سمعته من أحد من المنجمين قط.

فقال : « أفتدري كم بين السكينة واللوح المحفوظ من دقيقة »؟ قلت :

________________________

(١) عبد الرحمن بن سيابة الكوفي البجلي البزار ، من أصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام . وروى عنه. وعنه روى أبان بن عثمان الأحمر ، والحسن بن محبوب ، وأحمد بن محمد بن عيسى عن البرقي عنه ، ويونس بن عبد الرحمن وغيرهم. اعتمده الإمام الصادقعليه‌السلام  في توزيع المال على عيالات من قتل مع زيد بن علي بن الحسينعليهما‌السلام .

تنقيح المقال ٢ : ١٤٤ رقم ٦٣٧٨ / رجال الشيخ الطوسي : ٢٣٠ رقم ١٢٠ / جامع الرواة ١ : ٤٥١ / مجمع الرجال ٤ : ٧٩ / اختيار معرفة الرجال ، الأرقام : ٦٢٢ ، ٧٣٤ ، ١٤٧ ، وغيرها / معجم رجال الحديث ٩ : ٣٣٢ / ٦٣٨٥.

(٢) في المصدر عوضها « السنبلة » ، والمثبت أفضل للمجهولية.

١٤٣

لا ، ماسمعته من منجم قط.

قال : « ما بين كلّ منهما إلى صاحبه ستون دقيقة ».

ثم قال : « يا عبد الرحمن هذا حساب إذا حسبه الرجل ووقع عليه علم القصبة التي في وسط الأجمة ، وعدد ما عن يمينها ، وعدد ما عن يسارها ، وعددما خلفها ، وعدد ما أمامها ، حتى لا يخفى عليه من قصب الأجمة واحدة(١) ».

إكمال :

ا لأمور التي يحكم بها المنجمون ، من الحوادث الاستقبالية ، اُصول بعضها مأخوذ من أصحاب الوحي سلام الله عليهم ، وبعض الاصول يدعون فيها التجربة ؛ وبعضها مبتنٍ على اُمور متشعبة لا تفي القوة البشرية بضبطها والإحاطة بها ، كما يؤمي إليه قول الصادقعليه‌السلام  : « كثيره لا يدرك ، وقليله لاينتج »(٢) ، فلذلك وجد الاختلاف في كلامهم ، وتطرق الخطأ إلى بعض أحكامهم.

ومن اتفق له الجري على الأصول الصحيحة صح كلامه ، وصدّقت أحكامه لا محالة ، كما نطق به كلام الصادقعليه‌السلام  في الرواية المذكورة قبيل هذا الفصل(٣) ، ولكن هذا أمر عزيز المنال ، لا يظفر به إلّا القليل ، والله الهادي إلى سواء السبيل.

ولابن سينا كلام في هذا الباب ، قال في فصل المبدأ والمعاد ، من إلهيات الشفاء : لو أمكن انساناً من الناس أن يعرف الحوادث التي في الأرض والسماء جميعا ، وطبائعها لفهم كيفية [جميع] ما يحدث في المستقبل.

وهذا المنجّم القائل بالأحكام ـ مع أن أوضاعه الأولى ، ومقدماته ، ليست مستندة(٤)

__________________

(١) الكافي( الروضة ) ٨ : ١٩٥ رقم ٢٣٣.

(٢) الكافي( الروضة ) ٨ : ١٩٥ حديث ٢٣٣ وفيه : « وقليله لا ينتفع ».

(٣) انظر صفحة ٥٩ هامش ٣.

(٤) في المصدر : تستند.

١٤٤

إلى برهان ، بل عسى أن يدّعي فيها التجربة أو الوحي ، وربما حاول قياسات شعرية أوخطابية في إثباتها ـ فإنه إنما يعول على دلائل جنس واحد من أسباب الكائنات ، وهي التي في السماء ، على أنّه لا يضمن من عنده الإحاطة بجميع الأحوال التي في السماء ، ولو ضمن لنا ذلك ووفّى به لم يمكنه أن يجعلنا [ونفسه] بحيث تقف على وجود جميعها في كل وقت. وإن كان جميعها ـ من حيث فعله وطبعه ـ معلوماً عنده.

ثم قال في آخر كلامه : فليس لنا اذن إعتماد على أقوالهم ، وأن سلّمنا [متبرعين] أن جميع ما يعطونا من مقدماتهم الحكمية صادقة(١) .

خاتمة :

قد ألف السيد الجليل الطاهر ، ذو المناقب والمفاخر ، رضي الدين علي بن طاووس قدس الله روحه ، كتاباً ضخماً ، سماه « فرج الهموم في معرفة الحلال والحرام من علم النجوم »(٢) ، يتضمن الدلالة على كون النجوم علامات ودلالات على ما يحدث في هذا العالم ، وأنّ الأحاديث عن الأنبياء من لدن إدريس على نبينا وعليه السلام إلى عهد أئمتنا الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين ناطقة بذلك(٣) [٣٦ / ].

و ذكر أن إدريس أول من نظر في علم النجوم(٤) ، وأن نبوة موسىعليه‌السلام  عُلمت بالنجوم(٥) .

ونقل أن نبوة نبينا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضاً مما علمه بعض المنجمين ،

________________________

(١) الشفاء ، قسم الاهيات ، المقالة العاشرة ، الفصل الأول : ٤٤٠. وما بين المعقوفات من المصدر.

(٢) ضبط المؤلفقدس‌سره الاسم هكذا : ( فرج المهموم في معرفة نهج الحلال من علم النجوم ) ، أنظر صحيفة : ٩ منه.

(٣) أنظر : الباب الثالث فيما نذكره من أخبار من قوله حُجة : ٨٥.

(٤) أنظر ، صحيفة : ٢١ ، ٢٢ ، منه.

(٥) راجع ، صحيفة : ٢٧ ، منه.

١٤٥

وصدّق به بالدلائل النجومية(١) .

وأنّ بعض أحوال مولانا وإمامنا صاحب الأمرعليه‌السلام  مما أخبر به بعض المنجمين من اليهود بقم ، وذكر أنّ بعض أكابر قم واسمه أحمد بن إسحاق(٢) أحضر ذلك المنجم اليهودي وأراه زايجة طالع ولادة صاحب الأمرعليه‌السلام  ، فلمّا أمعن النظر فيها قال : لا يكون مثل هذا المولود إلّا نبياً ، أو وصيّ نبيّ ، وأنّ النظر يدل على أنه يملك الدنيا شرقاً وغرباً وبراً وبحراً حتى لا يبقى على وجه الأرض أحد إلأ دان بدينه وقال بولايته(٣) .

وروى عطر الله مرقده في الكتاب المذكورعن يونس بن عبد الرحمن(٤) ، قال ، قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام  : أخبرني عن علم النجوم ما

________________________

(١) راجع ، صحيفة : ٢٩ ـ ٣٥ ، منه.

(٢) لعله أحمد بن إسحاق بن عبد الله بن سعد بن مالك الأحوص الأشعري أبو علي القمي ، ثقة عين جليل القدر ، شيخ القميين ووافدهم على الأئمةعليه‌السلام  عدّ من أصحاب الإمام الجواد والهادي والعسكريعليه‌السلام  ومن الاثبات الثقات السفراء الذين ترد عليهم التوقيعات عن الناحية المقدسة. ولم اجد ما ذكره السيد ابن طاووس عنه في شيء من كتب التراجم المشار اليها. له كتب منها علل الصلاة وعلل الصوم ومسائل الرجال وغيرها.

له ترجمة في : تنقيح المقال ١ : ٥٠ ت ٢٩٤ / رجال النجاشي : ٩١ ت ٢٢٥ / رجال الشيخ الطوسي : ٣٩٨ ت ١٣ ، ٤٢٧ ت ١ / الفهرست للشيخ : ٢٦ ت ٧٨ / الخلاصة ١٥ ت ٨ من القسم الأول / مجمع الرجال ١ : ٩٥ ـ ٩٧ / رجال ابن داود : ٣٦ ت ٥٩.

(٣) فرج المهموم : ٣٦ ـ ٣٧.

(٤) يونس بن عبد الرحمن ، أبو محمد ، مولى علي بن يقطين ، من أصحاب الإمام الكاظم والإمام الرضاعليهما‌السلام ، وثقه كل من ترجم له ، وصفه النديم بقوله : « علآمة زمانه ، كثير التصنيف والتاليف » ولم لا؟‍‍‍‍‍‍‍‍! وهو أحد وجوه الطائفة ، عظيم المنزلة. وكان الإمام الرضاعليه‌السلام  يشير اليه في الفقه والفتيا ، منها قوله : ـ عندما سأله عبد العزيز القمي وكيلهعليه‌السلام  عمن ياخذ معالم دينه ـ خذ عن يونس بن عبد الرحمن. مات سنة ٢٠٨ هـ = ٨٢٣ م.

ترجم له في : تنقيح المقال ٣ : ٣٣٨ ت ١٣٣٥٧ / جامع الرواة ٦ : ٢٩٣ الرجال للنجاشي : ٤٤٦ ت ١٢٠٨ / رجال بن داود : ٣٨٠ ت ١٧٠٨ الفهرست للطوسي : ١٨١ ت ٧٨٩ / مجمعالرجال ٦ : ٢٩٣ / الفهرست للنديم : ٢٧٦ / اختيار معرفة الرجال الأرقام : ٣٥٧ ، ٤٠١ ، ٤٧٧ ، ٤٧٩ ، ٥٠٣ ، والفهرست من ٣١٨ ـ ٣٢٢ / الخلاصة : ١٨٤ ت ١ / معجم رجال الحديث ٢٠ : ١٩٨ ت ١٣٨٣٤ / رجال الشيخ الطوسي : ٣٦٤ ت ١١ و ٣٩٤ ت ٢.

١٤٦

هو؟

قال : « علم من علم الأنبياء ».

قال « قلت : كان علي بن أبي طالب [عليه‌السلام ] يعلمه؟.

فقال : « كان أعلم الناس به »(١) .

و أورد قدس الله روحه أحاديث متكثرة من هذا القبيل طوينا الكشح عن ذكرها خوفاً من التطويل(٢) .

و ذكر طاب ثراه ما أورده السيد الجليل ، جمال العترة ، الرضيرضي‌الله‌عنه ، في نهج البلاغة من كلام أمير المؤمنينعليه‌السلام  ، للمنجم الذي نهاه عن المسير إلى النهروان(٣) (٤) ؛ ثم إنهرحمه‌الله  أطنب في تضعيف تلك الرواية وتزييفها ، بالطعن في سندها [٣٧ / ] تارة ، وفي متنها اُخرى.

أمّا السند ، فقال : إن في طريقها عمر بن سعد بن أبي وقاص(٥) ،

________________________

(١) فرج المهموم : ٢.

(٢) فرج المهموم : ٨٥.

(٣) نهج البلاغة ١ : ١٢٤ خطبة رقم ٧٦ اولها : « أتزعم أنك تهدي ألى الساعة ».

(٤) النهروان : ـ بفتح النون وكسرها أغلب ـ ثلاثة مدن عليا ووسطى وسفلى ، بلدة واسعة تقع بين بغداد وواسط ، كانت بها وقعت لأمير المؤمينعليه‌السلام  مع الخوارج مشهورة سنة ٣٧ ـ ٣٨ اثبت فيهاعليه‌السلام  عدة اُمور غيبية ، منها موضوع ذو الثدية ، ومنها عدد ألقتلى منالفريقين ، ومنها موضع الخوراج عندما أخبره المخبر عن ارتحالهم ، وغير ذلك مما كان سبباً لوضوح الحق لجمع من الشاكين.

أنظر : معجم البلدان ٥ : ٣٢٥ / مراصد الإطلاع ٣ : ١٤٠٧ / الكامل في التاريخ ٣ : ١٦٩ و ١٧٥ / البداية والنهاية ٥ : ٣١٢.

(٥) عمر بن سعد بن أبي وقاص الزهري ، أبو حفص ، قاتل الإمام الحسينعليه‌السلام  في وقعة كربلاء الشهيرة. قتله وأولاده المختار بن عبيدة الثقفيرحمه‌الله  ، في وقعة الجارز قرب الموصل سنة ٦٦ ، ٦٧ وقيل ٦٥= ٦٨٤ ـ ٦٨٦.

إنظر : سيرأعلام النبلاء ٤ : ٣٤٩ ت ١٢٣ / الجرح والتعديل ٦ : ١١١ ت ٥٩٢ / مراة الجنان١ : ١٤١ / ميزان الإعتدال ٣ : ١٩٨ ت ٦١١٦ وغيرها كثير.

١٤٧

مقاتل(١) الحسينعليه‌السلام  (٢) .

________________________

(١) كذا في الأصل المخطوط وبعض النسخ ألناقلة عن المصدر ، ولعله من باب انه لم يباشر القتل بيده وانما كان الآمر ، إذ الصحيح كما في المصدر « قاتل ».

(٢) الظاهر أن السيد ابن طاووس قدس الله سره يناقش سند الرواية ألتي روأها الشيخ ألصدوق فان سندهقدس‌سره في اماليه هكذا « حدثنا محمد بن علي ماجيلويه ، قال : حدثني عمي محمد بن أبي القاسم ، عن محمد بن علي القرشي ، عن نصر بن مزاحم ، عن عمر بن سعد ، عن يوسف بن يزيد ، عن عبدالله بن عوف بن أم الأحمر ، قال : « ».

١٤٨

فانه توهم أن عمر بن سعد هذا هو بن أبي وقاص وهذا منه عجيب لاُمور هي :

أولاً : أن عمر بن سعد بن أبي وقاص قتل سنة ٦٥ أو ٦٦ أو ٦٧ كما تقدم.

ثانياً : أن نصر بن مزاحم المنقري ألراوي عنه هو صاحب وقعة صفين.

ثالثاً : أن نصر هذا توفي سنة ٢١٢ هـ ويعد من أصحاب الإمام الباقر عليه السلام.

رابعاً : أن عمر بن سعد لم يكن معروفاً بروأيته للأخبار حتى أنه لم يرو عنه العامة في صحاحهم شيئاً إلا النسائي.

خامساً : عند مراجعة كتاب وقعة صفين نراه يشخصه هكذا « عمر بن سعد بن أبي ألصيد الأسدي » ويحيل عليه في باقي الموارد بقوله عن « عمر بن سعد » أو « عمرو » ولا بد أن يكون هو هذا لا ذاك.

سادساً : قال في تنقيح المقال في مقام الرد على النجاشي ما لفظه : « ولذا أعترض بعضهم على النجاشي في اطلاقه روايته عن الضعفاء بانه قد روى عن عمرو بن سعيد وزرارة الثقتين ».

اذن مما يمكن الجزم بان السيد ابن طاووس قد وهم في ذلك.

ثم إن كان في هذا السند خدشة فما بال الطرق الباقية والأسانيد الاُخرى فانه لدى التتبع وجدنا لها عدة طرق هي :

أ ـ رواية الشيخ الصدوق ، وهي التي وقعت مورد الكلام والبحث من قبل السيد ابن طاووس.

ب ـ رواية الإحتجاج ، رواها الشيخ الطوسي وفيها أن المنجم من أصحابه ، وهي نحو رواية الأمالى.

جـ ـ رواية الاحتجاج ، وهي مفصلة غير الاولى رواها بسنده إلى سعيد بن جبير.

د ـ رواية نهج البلاعة ، رواها ألسيد ألرضي قدس سره بسنده وفيها أن المنجم من أصحابه وهي نحو رواية الشيخ الصدوق وألاحتجاج الاولى.

هـ ـ رواية فرج المهموم ، روى السيد ابن طاووس هذه بسنده الى محمد بن جرير الطبري الى قيس بن سعد وهي رواية مفصلة وفيها اسئلة واجوبة

و ـ رواية فرج المهموم ، وهي الثانية رواها السيد بسنده الى الأصبغ بن نباته وهي قريبة من حيث اللفظ بالأولى.

١٤٩

و أما المتن ، فقال طاب ثراه : إني رأيت فيما وقفت عليه أنّ المنجم الذي قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام  هذه المقالة هو عفيف بن قيس(١) ، أخو الأشعث ابن قيس(٢) ، ولو كانت هذه الرواية صحيحة على ظاهرها لكان مولانا علي عليه

ز ـ رواية إبن الأثير ، حكى الواقعة إبن ألأثير في كامله من دون الإشارة الى تفصيلها.

هذا ونحن في مقام تعريف هذا الراوي وقفنا حيارى إذ هو تارة يرد « عمر بن سعد » ، واُخرى « عمرو بن سعد » ، وثالثة هما ولكن أبني « سعيد » ، ورابعة هو « عمر بن سعد بن أبي الصيد الأسدي » ، ومعه لم نتمكن من ترجمته ترجمة وافية.

١٥٠

نعم اشار الأستاذ عبد السلام هارون ألى ان له ترجمة في الميزان وذلك في هامش كتاب وقعة صفين : ٣. ولم نعرف الدليل الذي استند اليه في تطبيق المترجم في ميزان الإعتدال على المذكورفي وقعة صفين ، اللهم إلا لقول الذهبي « شيعي بغيض ».

ولدى مراجعة هذه الروايات وما كتب حول الواقعة نرى أيضاً أن ألمنجم تارة لم يصرح به ، وثانية : أنه من أصحابه ، وثالثة : أنه عفيف بن قيس أخ الأشعث بن قيس ، ورابعة : أنه دهقان من دهاقنة المدائن الفرس ، وخامسة : أن الدهقان هو سر سفيل ، وسادسه : أنّه سر سقيل بن سوار ، وسابعة : أنه مسافر بن عفيف ألأزدي. وثامنة : أنه عفيف ولكن في وقعة النخيلة مع أصحاب المستورد من بني سعد بعد وقعة النهروان.

ولزيادة الإطلاع انظر : الاحتجاج : ٢٣٩ ، ٢٤٠ / أمالي ألشيخ الصدوق : ٣٣٨ ت ١٦ من المجلس ٦٤ / الكامل في التاريخ ٣ : ١٧٣ والكامل في الادب ٢ : ١٩٣ / فرج ألمهموم : ٥٦ ، وغيرها / وبحار الأنوار٥٥ : ٢٦٦ ـ ٢٦٨ / منهاج البراعة ٥ : ٢٧٠ ، مصادر نهج البلاغة واسانيده ٢ : ٨١ ـ ٨٥.

________________________

(١) أجمع ، المؤرخون أنه ابن عم ألأشعث ، واخيه لأُمه ، روى عن النبي ، وعنه أبناه اياس ويحيى وقد اختلف أرباب التراجم في أنّه بن معدى كرب والذي وفد على ألنبي ، أو هو غيره ، ينقل عنه تمنيه أن لو كان أسلم يوم وفد فكان ثاني أمير المؤمنينعليه‌السلام  وذلك في قصة مسطورة.له ترجمة في : تهذيب التهذيب ٧ : ٢١٠ رقم ٤٢٧ / الإصابة ٢ : ٤٨٧ / الجرح والتعديل ٧ : ٢٩ / الإستيعاب ٣ : ١٦٣ / اسد الغابة ٣ : ٤١٤.

(٢) الأشعث بن قيس بن معدي كرب بن معاوية الكندي ، أبو محمد ، قيل أسمه معدي كرب ، غلب عليه الأشعث لشعث رأسه ، له صحبة ، كان من قواد أمير المؤمنينعليه‌السلام  يوم صفين ، تزوج أم فروة أخت أبي بكر ، روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعنه روى أبو وائل ، والشعبي ، وقيس بن أبي حازم ، وعبد الرحمن بن مسعود ، والسبيعي ، غلب عليه سوء العاقبة حتى اعان على قتل أمير المؤمنين. ونهيهعليه‌السلام  من الصلاة في مسجده وقد عده الإمام الباقر من المساجد الملعونة مات سنة ٤٠ هـ = ٦٦٠ م.

له ترجمة في : سير اعلام النبلاء ٢ : ٣٧ رقم ٨ / تهذيب التهذيب ١ : ٣١٣ رقم ٦٥٣ / اإستيعاب ١ : ١٠٩ / أسد ألغابة ١ : ٩٧ / الإصابة ١ : ٥١ رقم ٢٥٥ / خلاصة تذهيب

١٥١

السلام قد حكم في صاحبه هذا ـ الذي قد شهد مصنف نهج البلاغة أنّه من أصحابه أيضاً ـ بأحكام الكفار إما بكونه مرتداً عن الفطرة فيقتله في الحال ، أوبردّة عن غير الفطرة فيتوّبه ، أو يمتنع من التوبة فيقتله ، لأنّ الرواية قد تضمنت أنّ « المنجم كالكافر »(١) ، أو كان يجري عليه أحكام الكهنة أو السحرة ، لأنّ الرواية تضمنت أن « المنجم كالكاهن أو الساحر ».

وما عرفنا إلى وقتنا هذا أنّهعليه‌السلام  حكم على هذا المنجم الذي هوصاحبه بأحكام الكفار ولا السحرة ، ولا الكهنة ، ولا أبعده ، ولا عزره ، بلقال : « سيروا على اسم الله » ، والمنجم من جملتهم لأنه صاحبه ، وهذا يدل على تباعد الرواية من صحة النقل ، أو يكون لها تأويل غيرظاهرها موافق للعقل.

ومما ينبه على بطلان ظاهر هذه الرواية قول الراوي فيها : إنّ من صدّقك فقد كذّب القرآن ، واستغنى عن الاستعانة بالله.

ونعلم أنّ الطلائع للحروب يدلّون على السلامة من هجوم الجيوش ، وكثيرمن النحوس ، ويبشرون بالسلامة ، وما لزم من ذلك أن نوليهم الحمد دون ربهم ، ومثال ذلك [٣٨ / أ] كثير فتكون لدلالات النجوم اُسوة بما ذكرناه من الدلالات على كل معلوم(٢) . هذا كلامه أعلى الله مقامه. فتأمل مبانيه بعين البصيرة ، وتناول معانيه بيد غير قصيرة ، والله الهادي.

* * *

________________________

الكمال : ٣٩ / تنقيح المقال ١ : ١٤٩ رقم ٩٧٤.

(١) نهج البلاغة ١ : ١٢٤ خطبة ٧٦. وكذا ما بعدها.

(٢) فرج المهموم : ٥٦ ـ ٥٩.

١٥٢

قال مولانا وإمامناعليه‌السلام  :

« اللهم ، اجعلنا من أرضى من طلع عليه ، وأزكى من نظر إليه ، وأسعد من تعبد لك فيه ، ووفقنا فيه للتوبة ، واعصمنا فيه من الحَوْبة ، واحفظنا من مباشرة معصيتك ، وأوزعنا فيه شكر نعمتك ، وألبسنا فيه جنن العافية ، وأتمم علينا باستكمال طاعتك فيه المنة ، إنك المنان الحميد ، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين ».

أ صل « اللّهمّ » عند الخليل(١) وسيبويه(٢) يا الله ، فحذف حرف المندا ،

________________________

(١) الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي ، الأزدي ، اليحمدي ، ألأديب ألنحوي ، العروضي ، نسبة ألى علم العروض الذي اخترعه ، سأل يوماً عن ما يقوله في أمير المؤمنينعليه‌السلام  ، فقال : ما أقول في حق أمرىء كتمت مناقبه أوليائه خوفاً ، واعدائه حسداً ، ثم ظهرمن بين الكمتين ما ملأ الخافقين. وسأل أيضاً ما ألدليل على أن علياً إمام الكل في الكل؟ فقال : أحتياج ألكل إليه ، واستغنائه عن كل ، كان من كبار أصحابنا المجتهدين ، وفضله وعلمه أشهرمن أن يذكر ، شيخ الناس في علوم الأدب ، والبلاغة ، زهده وقناعته مشهوران ، له العين في اللغة وكفى ، ومعاني الحروف ، وتفسير حروف اللغة ، وكتاب العروض ، وغيرها.

مات سنة ١٧٠ هـ =٧٨٦ م.

له ترجمة في : تنقيح المقال ١ : ٤٠٢ / م ٣٧٦٩ / الخلاصة : ٦٧ ت ١٠ رجال ابن داود : ١٤١ت ٥٦٤ / اعيان الشيعة ٦ : ٣٣٧ / تأسيس الشيعة : ١٥٠ ، ١٧٨ / سير أعلام النبلاء ٧ : ٤٢٩ت ١٦١ / الفهرست للنديم : ٤٨ / طبقات القراء ١ : ٢٧٥ ت ١٢٤٢ / خلاصة تذهيب الكمال : ١٠٦ / البداية والنهاية ١٠ : ١٦١ / الجرح والتعديل ٣ : ٣٨٠ ت ١٧٣٤ الأنساب : ٤٢١ ، ب / شذرات ألذهب ١ : ٢٧٥ / روضات الجنات ٣ : ٢٨٩ ت ٢٩٤.

(٢) سيبويه ، عمرو بن عثمان بن قنبر أبو بشر ، أصله من فارس ، نشأ في البصرة ، أخذ العربية عن جمع من فطاحلها الى أن عدّ من أبناء بجدتها ، بل أصبح علامة الدنيا فيها ، أمثال الخليل ،

١٥٣

وعوض عنه الميم المشددة(١) .

وقال ، الفرّاء(٢) وأتباعه : أصلها يا الله أُمّنا بالخير ، فخففت بالحذف لكثرة الدوران على الألسن ،(٣) .

واُورد عليه : أنّه لو كان كذلك لقيل في نحو اللّهمّ اغفر لنا ، اللهم واغفرلنا بالعطف ، كما يقال : اُمنا بالخير واغفر لنا ، ورفضهم ذلك رأساً بحيث لم

________________________

ويونس ، والأخفش ، وعيسى ، وغيرهم له : الكتاب وكفى به ، حتى أنه أصبح يهدى ( اهداه الجاحظ الى محمد بن عبد الملك ) ، وقال في حقه ـ الجاحظ ـ : إن جميع كتب الناس عيال عليه مات سنة ١٨٠ هـ = ٧٩٦ م وقيل غيرذلك.

له ترجمة في : تاريخ بغداد ١٢ : ١٩٥ ت ٦٦٥٨ / بغية الوعاة ٢ : ٢٢٩ ت ١٨٦٣ / وفيات الأعيان ٣ : ٤٦٣ ت ٥٠٤ / البداية والنهاية ١٠ : ١٧٦ شذرات الذهب ١ : ٢٥٢ / الفهرست للنديم : ٥٧ / معجم الأدباء ١٦ : ١١٤ ت ١٣ سير أعلام النبلاء ٨ : ٣٥١ ت ٩٧ / روضات الجنات ٥ : ٣١٩ / ٥٣١ / الكامل ٥ : ١٤٢ / انباه الرواة ٢ : ٤٣٦ رقم ٥١٥ / مرآة الجنان ١ : ٤٤٥.

(١) لرأي سيبويه أنظر : الكتاب ١ : ٣٦١ ، باب ما ينصب على المدح والتعظيم وفيه حكى قول الخليل / ولسان العرب ١٣ : ٤٧٠ / تاج العروس ٩ : ٣٧٤ / مادة « اله » فيهما.

(٢) الفراء يحيى بن زياد الأقطع الديلمي النحوي ، أبو زكريا. إمام أهل اللغة من الكوفيين وأعلمهم بالنحو والأدب. له في الفقه والكلام وكذا النجوم والطب يد تذكر ، قال ثعلب : لولا الفرّاء لماكانت عربية ولسقطت.

له مؤلفات كثيرة أملاها كلها حفظاً ، منها : معاني القرآن ، المذكر والمؤنث ، اللغات ، ألفاخر ، مشكل اللغة.

والأقطع عرف به أبوه زياد ؛ لقطع يده في معركة فخ حيث شهدها مع الحسين بن علي بن الحسن المثلّث ، وكان من الشيعة الإمامية ، وكان الفرّاء يظهر الاعتزال مستتراً به.

أخذ عن أبي بكر بن عياش ، والكسائي ، ومحمد بن حفص. وروى القراءة عن عاصم وإبنالجهم ، مات سنة ٢٠٧ هـ = ٨٢٣ م.

له ترجمة في : هدية الأحباب : ٢٣٠ / وفيات الأعيان ٦ : ١٧٦ ت ٨٩٨ / روضات الجنّات ٨ : ٢٠٩ ت ٧٥١ / البداية والنهاية ١٠ : ٢٦١ / رياض ألعلماء ٥ : ٣٤٧ / معجم الأدباء ٢٠ : ٩ ت ٢ / تذكرة الحفّاظ ١ : ٣٧٢ ت ٣٦٨ / غاية النهاية ٢ : ٣٧١ ت ٣٨٤٢ / تهذيب التهذيب١١ : ١٨٦ت ٣٥٤ / تاريخ بغداد ١٤ : ١٤٩ ت ٧٤٦٧ / شذرات الذهب ٢ : ١٩ / تأسيس الشيعة : ٦٩ ، ٣٢١ / سير أعلام النبلاء ١٠ : ١١٨ت ١٢.

(٣) اُنظر معاني القرآن ١ : ٢٠٣.

١٥٤

يسمع منهم أصلاً يدل على أنّ الأصل خلافه.

وقد يذبّ عنها بأنها لما خففت صارت كالكلمة الواحدة ، فلم يعامل ما يدل على الطلب ـ أعني لفظة « اُمّ » ـ معاملة الجملة ، بل جعلت بمنزلة دال زيد مثلاً ، فلم يعطف عليها شيء كما لا يعطف على جزء الكلمة الواحدة [٣٨ / ب].

« والطلوع » : يمكن أن يراد به الخروج من تحت الشعاع ، وأن يراد به ظهوره للحس كما هو الظاهر ، وكذلك يمكن أن يراد به الطلوع الخاص في هذه الليلة ، وأن يراد به الطلوع في الزمان الماضي مطلقاً.

و كذلك قولهعليه‌السلام  : « وأزكى من نظر إليه » وتزكية النفس تطهيرها عن الرذائل والأدناس ، وجعلها متصفة بما يُعدها لسعادة الدارين ، وفلاحالنشأتين.

« والعبادة » أقس الذل والخضوع ، ولذلك لا تليق إلا لله.

« والتوبة » لغة : الرجوع(١) ، وتضاف إلى العبد ، وإلى الرب تعالى ، ومعناها على الأول : الرجوع عن المعصية إلى الطاعة ، وعلى الثاني : الرجوع عن العقوبة إلى العفو والرحمة.

وفي الاصطلاح : الندم على الذنب ، لكونه ذنباً.

وقد تقدم الكلام فيما يتعلق بها من المباحث ، في الحديقة الحادية والثلاثين(٢) في شرح دعائهعليه‌السلام  في طلب التوبة.

وقد أوردنا فيها أيضاً كلاماً مبسوطاً في شرح الأربعين حديثاً(٣) الذي ألفناه

________________________

(١) الصحاح ١ : ٩١ / القاموس : ٧٩ ، مادة « توب » فيهما.

(٢) أنظر صحيفة ١٣١ هامش ١.

(٣) الأربعين : ٢٣٢ ، عند شرحه للحديث الثامن والثلاثون الذي رواه بسنده عن الإمام الصادقعليه‌السلام     عن رسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قال :

مَن تاب قبل موته بسنة قبل الله توبته.

ثم قال : إن السنة لكثير ،

١٥٥

بعون الله تعالى.

تتمة :

لعل المراد من العصمة في قولهعليه‌السلام  : « واعصمنا فيه من الحوبة » ، معناها اللّغوي ، أي الحفظ عن السوء ، فإن ارادة معناها الاصطلاحي المذكور في الكلام ـ أعني لطف يفعله الله بالمكلّف ، بحيث لا يكون له معه داع إلى فعل المعصية مع قدرته عليها ـ لا يساعد عليه قولهعليه‌السلام  « من الحوبة » ، لأنّ العصمة بهذا المعنى لم يعهد [٣٩ / ] تعديتها بلفظة من.

« والحوبة » ـ بفتح الحاء المهملة والباء الموحدة ـ : الخطيئة.

و « الإيزاع » : الإلهام ، والمشهور في تعريفه أنه إلقاء الخبر في القلب مندون استفاضة فكرية ، وينتقض طرده بالقضايا البديهية ، وعكسه بالانشائيات بعامة التصورات ، ولو قيل : إنّه إلقاء المعنى النظري في القلب من دون استفاضة فكرية لكان أحسن ، مع أن فيه ما فيه.

و المراد بايقاع « الشكر » في القلب ليس الشكر الجناني فقط بل ما يعم الأنواع الثلاثة ، والغرض صرف القلب إلى أداء الشكر اللساني والجناني والأركاني بأجمعها.

و قد تقدم الكلام في الشكر مبسوطاً في الحديقة التحميدية ـ وهي شرح الدعاء الأول من هذا الكتاب الشريف ، الذي أرجو من الله سبحانه التوفيق لإكماله ـ وذكرنا هناك نبذة من مباحث الحمد والشكر ، وما قيل من الطرفين في

________________________

من تاب قبل موته بشهر قبل الله توبته.

ثم قال : إن الشهر لكثير ،

من تاب قبل موته بجمعة قل الله توبته.

ثم قال : إن الجمعة لكثير ،

من تاب قبل موته بيوم قبل الله توبته.

ثم قال : إن يوما لكثير ،

من تاب قبأ ، أن يعاين قبل الله توبته.

١٥٦

وجوب شكر المنعم عقلاً وسمعاً ، وما سنح لنا من الكلام في دفع شبه القائلين بانحصار وجوبه في السمع ، وبيان فساد معارضتهم خوف العقاب على ترك الشكر بخوف العقاب على فعله(١) .

و « الجنن » بضم الجيم وفتح النون : جمع جُنّة ـ بالضم ـ وهي الستر.

و « العافية » دفع الله سبحانه عن العبد ما هو شرّ له ، ويستعمل في الصحة البدنية والنفسية معاً ، وقد تقدم الكلام فيها في الحديقة الثالثة والعشرين وهي شرح دعائهعليه‌السلام  في طلب العافية(٢) .

تبصرة :

الضمائر الراجعة إليه سبحانه من أول هذا الدعاء إلى هنا بأجمعها ضمائرغيبة ، ثم إنّهعليه‌السلام  عدل عن ذلك الأسلوب وجعلها من هنا إلى آخر الدعاء ضمائر خطاب ، ففي كلامهعليه‌السلام  التفات من الغيبة إلى الخطاب.

ولا يخفي أن بعض اللطائف والنكت التي أوردها المفسرون فيما يختص بالالتفات في سورة الفاتحة يمكن جريانه هنا(٣) .

وأنا قد تفردت ـ بعون الله وحسن توفيقه ـ باستنباط نكت لطيفة في ذلك الالتفات ، مما لم يسبقني إليها سابق ، وقد أوردت جملة منها فيما علّقته من الحواشي على تفسير البيضاوي(٤) ، وشرذمة منها في تفسيري الموسوم بالعروة الوثقى(٥) ، وبعض تلك النكت يمكن اجراؤها فيما نحن فيه ، فعليك بمراجعتها ، وملاحظة ما يناسب المقام منها.

________________________

(١) و (٢) انظر صحيفة : ١٥٠ هامش : ٢.

(٣) على نحو المثال أنظر : انوار التنزيل ١ : ٣١ / الكشاف ١ : ١٣ / الفخر الرازي ١ : ٢٥٣. وما يتعلق من التفاسير في الآية ٥ من سورة الفاتحة.

(٤) المطبوع على الحجر في هامش التفسير أنظر صحيفة : ٢ منه.

(٥) المعروة الوثقى : ٣٣ ، ضمن الحبل المتين ، وعدّ فيه نحواً من ١٤ نكتة.

١٥٧

والضمائر المجرورة في قولهعليه‌السلام  : « وأسعد من تعبد لك فيه » إلى آخر الدعاء راجعة إلى الهلال بمعنى الشهر ، وليس كذلك المرفوع في طلع عليه ، والمجرور في نظر إليه ، ففي الكلام استخدام من قبيل قول البحتري(١) [٤٠ / ] :

فسقى الغضا والساكنيه وإن هم

شبّوه بين جوانحي وضلوعي(٢)

ولعلّه لا يقدح في تحقق الاستخدام كون إطلاق الهلال على الشهر مجازاً لتصريح بعض المحققين من أهل الفن بعدم الفرق بين كون المعنيين في الاستخدام حقيقيين أو مجازيين أو مختلفين ، وأن قصره بعضهم على الحقيقيين ، على أن كون الاطلاق المذكور مجازاً محل كلام.

وتعبيرهعليه‌السلام  عن اقتراف المعصية بالمباشرة استعارة مصرّحة ، فإن حقيقة المباشرة إلصاق البشرة بالبشرة.

والاضافة في « جنن العافية » من قبيل لجين الماء ، ويجوز جعله استعارة بالكناية مع الترشيح.

________________________

(١) أبو عبادة البحتري ، الوليد بن عتبة وقيل عبيد الطائي ، شاعر كبير ، أحد أشعر أبناء زمانه وهم : المتنبي ، وأبو تمام ، والبحتري ، ولد في منبج بالقرب من حلب رحل الى العراق زمن المتوكل العباسي له ديوان شعر مطبوع يوصف شعره لسلاسته وقوته بسلاسل الذهب والحماسة ـ. مات سنة ٢٤٨ هـ = ٨٩٨ م.

له ترجمة في : هدية الأحباب : ١١٧ / وفيات الاعيان ٦ : ٢١ رقم ٧٧٠ / تاريخ بغداد ١٣ : ٤٧٦ رقم ٧٣٢١ / دائرة المعارف الإسلامية ٣ : ٣٦٥ / الاعلام ٨ : ١٢١ / معجم الادباء ١٩ : ٢٤٨ / ٩٣ / مرآة الجنان ٢ : ٢٠٢ / الاغاني ٢١ : ٣٧ / شذرات الذهب ٢ : ١٨٦. وغيرهاكثير.

(٢) الديوان ١ : ١٧٠ من قصيدة يمدح فيها ابن نيبخت وفيه :

فسقى الغضا والنازليه وان هم

شبوه بين جوانح وقلوب

وانظر معاهد التنصيص ٢ : ٢٦٩ ت ١٢٣ وجامع الشواهد ٢ : ١٦٩

استشهد به كل من صاحب المطول والمختصر في بحث الاستخدام من علم البديع باعتبار كلمة ( الغضا وان لها معنيان )

١٥٨

خاتمة :

اسم التفضيل في قولهعليه‌السلام  : « اللّهم اجعلنا من أرضى من طلع عليه » ، كما يجوز أنْ يكون للفاعل على ما هو القياس ، يجوز أن يكون للمفعول أيضاً ، كما في نحو : أعذر ، وأشهر ، وأشغل ، أي اجعلنا من أعظم المرضيين عندك.

فإن قلت : مجيء اسم التفضيل بمعنى المفعول غير قياسيّ ، بل هومقصورعلى السماع.

قلت : لمّا وقع في كلامهعليه‌السلام  كفى ذلك في تجويز هذا الاحتمال ، ولا يحتاج فيه إلى السماع من غيره قطعاً ، فإنهعليه‌السلام  أفصح العرب في زمانه.

هذا ، وفي كلام بعض أصحاب القلوب ، أنّ علامة رضى الله سبحانه عن العبد رضا العبد بقضائه تعالى ، وهذا يشعر بنوع من اللزوم بين الأمرين.

ولو اُريد باسم التفضيل هنا ما يشملهما ، من قبيل استعمال المشترك في معنييه معاً لم يكن فيه كثير بعد ، ومثله في كلام البلغاء غير قليل [٤١ / أ].

وتعدية الرضاء بالقضاء ، على بقية المطالب التسعة ـ التي ختم بهاعليه‌السلام  هذا الدعاء ـ للاعتناء به ، والاهتمام بشأنه ، فإنّ الرضا بالقضاء من أجلّ المقامات ، وَمَنْ حازه فقد حاز أكمل السعادات ، وصحت منه دعوى المحبة ، التي بها يرتقي إلى أرفع الدرجات ، ولم يتشعب خاطره بورود الحادثات ، واعتوار المصيبات ، ولم يزل مطمئنّ البال ، منشرح الصدر ، متفرغ القلب للاشتغال بمايعنيه من الطاعات والعبادات ، ومن لم يرض القضاء دخل في وعيد « من لم يرض بقضائي »(١) الحديث.

________________________

(١) الظاهر انه اشارة للحديث الشريف الذي رواه الشيخ الصدوققدس‌سره بسنده الى الإمام علي بن موسى الرضاعليهما‌السلام عن آبائه عن جده امير المؤمنين قال : « سمعت رسول الله

١٥٩

ومع ذلك لا يزال محزوناً مهموماً ، ملازماً للتلهف والتأسف ، على أنّه لمكان كذا؟ ولِمَ لا يكون كذا؟ ، فلا يستقر خاطره أصلاً ، ولا يتفرغ لما يَعنيه أبداً.

ونعم ما قال بعض العارفين : « إنّ حسرتك على الأمور الفانية ، وتدبيرك للأمور الاتية قد أذهبا بركة ساعتك التي أنت فيها ».

* * *

________________________

صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ( من لم يرض بقضائي ولم يؤمن بقدري فليلتمس إلهاً غيري ). وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( في كل قضاء الله خيرة المؤمن ) ».

انظر : عيون اخبار الرضا ١ : ١٤١ ت ٤٢ / التوحيد : ٣٧١ ت ١١ / وعنهما في البحار ٦٨ : ١٣٨ ت ٢٥ / دعوات الراوندي : ١٦٩ رقم ٤٧١ / وعنه في البحار ٧٩ : ١٣٢ ت ١٦ / وهكذاكنز العمال ١ : ١٠٦ ت ٤٨٢ ، ٤٨٣ ، عن الطبراني في معجمه الكبير والبيهقي في شعب الايمان / والجامع الصغير ٢ : ٦٤٦ ت ٩٠٢٧ / فيض القدير ٦ : ٢٢٤ ت ٩٠٢٧.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328