أدب الطف الجزء ٨

أدب الطف16%

أدب الطف مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 355

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 355 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 118417 / تحميل: 9598
الحجم الحجم الحجم
أدب الطف

أدب الطف الجزء ٨

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

حكي انه كان في خدمة العزيز بن المعز العبيدي صاحب مصر، وصنف له كتبا، وكان له شعر مطبوع، وكانت وفاته بالحضرة-أي القيروان-سنة ٤ ١٢ (تيب).

و القزاز بالزاءين، كشداد، نسبة الى عمل القز وبيعه، والقيرواني يأتي في القيرواني.

(و قد يطلق القزاز) على أبى القاسم حبيب بن الحسن بن داود، سمع جماعة كثيرة من المشايخ، وروى عنه الدار قطني وابن شاهين، قال الخطيب وحبيب: عندنا من الثقات، وكان يؤثر عنه الصلاح

و قد سألت أبا نعيم عنه فقال: ثقة، توفى سنة ٣ ٥ ٩، وكان ثقة مستورا دفن في الشونيزية، ذكر ان قوما من الرافضة أخرجوه من قبره ليلا، وسلبوه كفنه الى ان اعاد له ابنه كفنا وأعاد دفنه، انتهى ملخصا

(القزوينى)

زكريا بن محمد بن محمود القزويني، ينتهي نسبه الى مالك بن انس خادم رسول اللّه (ص).

كان عالما فاضلا، ولد في قزوين، ورحل الى دمشق، وتولى قضاء واسط والحلة في زمن المستعصم، فسقطت بغداد وهو في ذلك المنصب.

له مؤلفات، اعجبها: عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات وآثار البلاد وأخبار العباد، جمع فيه ما عرف وسمع وشاهد من خصائص البلاد والعباد، ولكن فيه الغث والسمين كما يوجد في امثاله، توفى سنة ٦ ٨٣.

(و القزويني) نسبة الى قزوين، كتقويم وبكسر القاف ايضا مدينة كبيرة في عراق العجم عند قلاع الاسماعيلية، وهى من بلاد الجبل ثغر الديلم وبلاد الجبل مدن بين اذربيجان وعراق العرب وخوزستان وفارس وبلاد الديلم،

٦١

و القزويني زكريا بن محمد كما علمت. وأما القزويني في هذا الشعر:

يا نصير الدين يا جفر

ألف قزويني ولا عمر

لو رماه اللّه في سقر

لاشتكت من ظلمه سقر

هو رجل ظالم ولاّه نصير الدين ابو سعيد جقر بن يعقوب صاحب الجزيرة والموصل بالموصل، فسار سيرة قبيحة، وكثر شكوى الناس منه فعزله وجعل مكانه عمر بن شكلة فأساء في السيرة ايضا، فعمل ابو عبد اللّه الحسين الموصلي هذا الشعر.

و ورد مدح قزوين في النبوي صلّى اللّه عليه وآله الذى وجد في اصل عتيق من اصول اصحابنا بأنه باب من ابواب الجنة، وللرافعي القزوينى كتاب في تاريخ علماء قزوين.

(ثم اعلم): انه ينسب الى قزوين جماعة كثيرة من علمائنا الربانيين لا مجال لذكر بعضهم، فضلا عن كثير منهم، نعم ينبغي لنا الاشارة الى قليل منهم:

(١) السيد الأجل السيد مهدي القزوينى الحلي، ذكره شيخنا صاحب المستدرك في مشايخ إجازته بالتعظيم والتبجيل بعبارات رائقة.

ثم قال: وهو من العصابة الذين فازوا بلقاء من إلى لقائه تمد الأعناق صلوات اللّه عليه ثلاث مرات، وشاهد الآيات البينات والمعجزات الباهرات.

ثم ذكر انه ورث العلم والعمل عن عمه الأجل الأكمل السيد باقر القزويني صاحب سرّ خاله بحر العلوم، وكان عمه أدبه ورباه واطلعه على أسراره، وذكر انه لما هاجر الى الحلة صار ببركة دعوته من داخل الحلة وأطرافها من طوائف الأعراب قريبا من مائة ألف نفس شيعيا إماميا مخلصا مواليا لأولياء اللّه معاديا لأعداء اللّه.

٦٢

ثم ذكر كمالاته النفسانية ومجاهداته وتصانيفه في الدين وغير ذلك، وقال: كنت معه في طريق الحج ذهابا وايابا، وصلينا معه في مسجد الغدير والجحفة، وتوفي (ره) في ١٢ ع ١ سنة ١٣٠٠ (غش) قبل الوصول الى السماوة بخمس فراسخ تقريبا، وظهر منه حينئذ كرامة باهرة بمحضر جماعة من الموافق والمخالف، انتهى ملخصا.

(٢) سلالة الفقهاء وسلافة الادباء ابو المعز السيد محمد بن السيد مهدي بن السيد حسن بن السيد احمد، الذي هو أول من انتقل من قزوين الى العراق وقطن النجف الأشرف ابن محمد بن الحسين بن الأمير ابى القاسم امير الحاج في الدولة الصفوية، ينتهي نسبه الى محمد بن زيد الشهيد بن علي بن الحسين بن ابى طالب عليه السلام.

ولد في الحلة سنة ١٢ ٦ ٢، وأخذ في التعلم الى ان راهق البلوغ، فهاجر هو وأخويه الاعلام وهم الميرزا جعفر والسيد حسين المتوفى سنة ١٣٢ ٥ الى النجف مقر العلم والعلماء، ومنتدى الأدب والأدباء، فأتقن العلوم العقلية والنقلية على كثير من الأساتذة العظام والفضلاء الفخام.

و كان بعكس أبيه قليل التأليف والتصنيف، لا يكاد يرتضى ما صنفه حتى يغيره بعد الملاحظة والمراجعة، فظهرت له منظومة في المواريث، ورسالة في علم التجويد، ومنسك في الحج، وديوان شعره.

و له آثار إصلاحية كاصلاح نهر الحلة، وتعمير قبور علماء الحلة، كقبر المحقق، وآل طاوس، وابن ادريس، والشيخ ورّام وغيرهم، ومقام الغيبة وتجديد مقام مشهد الشمس.

و لما خلت الحلة من اعلام هذه الأسرة، واستأصل الموت شأفتهم كتب إليه الحليون وحثّوه على المجيئي فلبى دعوتهم، فهاجر الى الحلة سنة ١٣١٣، فاستقبله جمهورهم على مسافة ميلين، وكان يوما مشهودا كيوم وفاته، وأخذت

٦٣

العلماء والشعراء يفدون عليه ليهنئوه، وكان في الحلة الى ان باغتته المنية وأنشبت فيه اظفارها وذلك في أول سنة ١٣٣ ٥ ، ونقل الى النجف الاشرف ودفن في مقبرة آل قزوين قدس اللّه سره.

(٣) السيد حسين بن ابراهيم بن العالم الكامل الأمير محمد معصوم الحسيني القزويني، وهو كما في المستدرك العالم الجليل والسيد النبيل صاحب الكرامات الباهرة، وصاحب كتاب معارج الاحكام في شرح مسالك الافهام، وشرايع الاسلام، وهو كتاب كبير شريف، له مقدمات حسنة نافعة وغير ذلك، وقبره الشريف بقزوين مزار معروف يتبرك به وتظهر منه الخوارق، ويروي عنه العلامة الطباطبائي بحر العلوم، وهو عن والده، وقد تقدم ذكره في جمال الدين عن جماعة أولهم العلامة المجلسي (ره).

( ٤) قال (ضا) في ذيل احوال السيد الأجل المير السيد علي صاحب الشرح الكبير فيمن روى عنه.

و منهم الاخوان الفاضلان الكاملان الفقيهان الباذلان الحاج مولانا محمد تقي والحاج مولانا محمد صالح البرغيان القزوينيان المعاصران المتوفيان بالشهادة وحتف الأنف مع رعاية الترتيب في اللف والنشر في حدود السبعين والمائتين بعد الألف بفاصلة غير كثير اعني صاحبي المجالس ومخزن البكاء في الموعظة ومقاتل الشهداء، وكتب كثيرة في الفقه والاصول: مثل شرحيهما الكبيرين المعروفين في البلاد على الشرائع والارشاد وغير ذلك من المصنفات الجياد انتهى.

(القسطلانى)

ابو العباس شهاب الدين احمد بن محمد بن ابى بكر بن عبد الملك المصري الفاضل المحدث.

٦٤

اخذ عن خالد الأزهري، والفخر المقسمي، والجلال البكري وغيرهم، كان يعظ بالجامع العمري وغيره.

و كان قليل النظير في الوعظ، صنف التصانيف المقبولة، وشرحه على صحيح البخاري معروف اسمه إرشاد الساري، وله المواهب اللدنية بالمنح المحمدية صلّى اللّه عليه وآله.

يحكى ان السيوطي كان يغض منه، ويزعم انه يأخذ من كتبه ويستمد منها ولا ينسب النقل اليها، وانه ادعى عليه بذلك بين يدي شيخ الاسلام زكريا الانصاري، توفى سنة ٩٢٣ (ظكج).

و قد يطلق القسطلاني على قطب الدين أبي بكر محمد بن احمد المالكي صاحب كتاب عروة الوثيق في النار والحريق، صنف في حريق المسجد النبوي صلّى اللّه عليه وآله والنار الظاهرة في الحجاز.

و القسطلاني: نسبة الى قسطلة بلد بالأندلس.

(القشاشى)

صفي الدين احمد بن محمد بن يونس الحسيني المدني، لزم الشيخ الكبير احمد بن علي الشناوي، وتمذهب بمذهبه، وسلك طريقته، وأخذ عنه الحديث وغيره.

له السمط المجيد في تلقين الذكر، وسلاسل أهل التوحيد، توفى سنة ١٠٧١، (قيل) القشاشي نسبة الى القشاشة، وهي سفط المتاع، كان يبيع ذلك بالمدينة.

(القشيرى)

أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك النيسابوري الفقيه الشافعي الصوفي المحدث الفاضل الاديب، جمع بين الشريعة والحقيقة، أصله من ناحية

٦٥

أستوا(١) من العرب الذين قدموا خراسان.

توفى أبوه وهو صغير، فقرأ الادب في صباه، وكانت له قرية مثقلة الخراج، فسافر الى نيسابور ليتعلم طرفا من الحساب ليتولى الاستيفاء ويحمي قريته من مثقلة الخراج، فاتفق حضوره مجلس الشيخ ابى علي الدقاق، فلما سمع كلامه اعجبه ووقع في قلبه، فرجع عن ذلك العزم وسلك طريق الارادة، فقبله الدقاق وأشار عليه بالاشتغال بالعلم، فأخذ عن ابى بكر محمد بن ابي بكر الطوسي وأبى بكر بن فورك، والحاكم بن البيع والاستاذ ابى اسحاق الاسفرايني، ويحضر مجلس أبى علي الدقاق، فزوجه الدقاق ابنته.

و بعد وفاة الدقاق سلك القشيري مسلك المجاهدة والتجريد وصنف التيسير في علم التفسير والرسالة القشيرية في رجال الطريقة.

حكي عن هذه الرسالة انه كتب في باب الجود والسخاء ان عبد اللّه بن جعفر خرج الى ضيعة فنزل على نخيل قوم وفيهم غلام اسود يعمل عليها إذ أتى الغلام بغذائه وهو ثلاثة اقراص، فرمى بقرص منها الى كلب كان هناك فأكله ثم رمى إليه الثانى والثالث فأكلهما وعبد اللّه بن جعفر ينظر، فقال: يا غلام كم قوتك كل يوم؟ قال: ما رأيت، قال: فلم آثرت هذا الكلب؟ قال ان هذه الارض ليست بأرض كلاب، وانه جاء من مسافة بعيدة جائعا فكرهت ردّه، فقال عبد اللّه بن جعفر: فما انت صانع اليوم؟ قال: اطوي يومي هذا، فقال عبد اللّه بن جعفر لأصحابه: ألام على السخاء وهذا اسخى مني، ثم اشترى الغلام فأعتقه، واشترى الحائط وما فيه ووهب ذلك له انتهى.

و له مجالس الوعظ والتذكير، قال الباخرزي في الثناء عليه: لو قرع الصخر بصوت تحذيره لذاب، ولو ربط ابليس في مجلسه لتاب.

و ذكره الخطيب في تاريخه وقال: قدم علينا-يعني الى بغداد-في سنة

____________________

(١) استوا: بضم أوله وسكون ثانيه ناحية بنيسابور كثيرة القرى.

٦٦

٤٤ ٨، وحدث ببغداد وكتبنا عنه.

و كان ثقة حسن الموعظة مليح الاشارة، وكان يعرف الاصول على مذهب الأشعرى والفروع على مذهب الشافعي انتهى، وحكى عن القشيري انه كان كثيرا ما ينشد لبعضهم:

لو كنت ساعة بيننا ما بيننا

و شهدت كيف تكرر التوديعا

أيقنت ان من الدموع محدثا

و علمت ان من الحديث دموعا

ولد سنة ٣٧ ٦ ، وتوفى بنيسابور سنة ٤٦٥ ، ودفن بالمدرسة تحت شيخه أبى علي الدقاق.

(و ابنه) أبو نصر عبد الرحيم كان إماما كبيرا، اشبه أباه في علومه ومجالسه خرج الى بغداد وعقد بها مجلس وعظ، وحصل له قبول عظيم، وكان يعظ في المدرسة النظامية ورباط شيخ الشيوخ، وحضر الشيخ أبو اسحاق الشيرازى مجلسه، توفى بنيسابور سنة ٥ ١ ٤.

(و سبط القشيري) أبو الحسن عبد الغافر بن اسماعيل بن عبد الغافر الفارسي كان إماما في الحديث والعربية، اخذ عن إمام الحرمين، وسمع على جده القشيري وجدته فاطمة بنت ابى الدقاق، وخاليه أبى علي سعد وأبى سعيد ولدي القشيرى ووالده اسماعيل، ووالدته امة الرحيم بنت القشيرى.

و صنف كتبا منها: المفهم لشرح غريب صحيح مسلم، والسياقى لتاريخ نيسابور، ومجمع الغرائب في غريب الحديث وغير ذلك، توفى بنيسابور سنة ٥ ٢٩ (ثكط).

(و القشيري) بضم القاف وفتح الشين المعجمة نسبة الى قشير بن كعب وهى قبيلة كبيرة.

(القضاعى)

انظر القاضي القضاعي

٦٧

(القطامى)

عمير بن شييم-مصغرا-ابن عمرو التغلبي، شاعر نصراني، كان معاصرا للأخطل، له ديوان يعد من الطبقة الاولى.

حكى انه قدم دمشق في خلافة الوليد بن عبد الملك ليمدحه، فقيل له: انه بخيل لا يعطي الشعراء، والشعر الا ينفق عنده، وهذا عبد الواحد بن سليمان فامدحه، فمدحه، فقال: كم أملت من امير المؤمنين؟ قال: املت ان يعطيني ثلاثين ناقة، فقال: قد امرت لك الخمسين ناقة موقرة برا وتمرا وثيابا، ثم امر بدفع ذلك اليه، توفى سنة ٧١٠ الميلادية.

(و القطامي): بالفتح ويضم الصقر أو اللحم منه، قاله الفيروزابادي، ثم قال: وشاعر كلبي اسمه الحصين بن جمال أبو الشرقي وآخر تغلبي واسمه عمير بن شييم.

(القطان)

يطلق على جماعة كثيرة لا يحصى، (منهم) ابو سعيد يحيى بن سعيد البصري محدث زمانه، عده الشيخ من اصحاب الصادق عليه السلام وقال: كان من أئمة الحديث، وظاهره كونه إماميا.

و عده ابن قتيبة من رجال الشيعة واحتج به اصحاب الصحاح الستة وغيرهم توفى سنة ١٩٨ (قصح).

(و قد يطلق) على ابن ابنه احمد بن محمد بن يحيى بن سعيد البصرى، سكن بغداد، وحدث بها عن جده يحيى بن سعيد وغيره.

روى الخطيب عنه باسناده عن زيد بن اسلم عن ابيه قال: ما رجل ضل بعيره بأرض فلاة بأشد اتباعا لأثر بعده من ابن عمر لعمر، توفى سنة ٢ ٥ ٨.

(و قد يطلق) على احمد بن الحسن القطان المعدل، يروي عنه الشيخ الصدوق

٦٨

(رحمه اللّه) وقال: كان شيخا لأصحاب الحديث ببلد الري، ويعرف بأبي علي بن عبد ربه.

(و قد يطلق) على ابى احمد بن ابى منصور بن علي القطيفي صاحب القصيدة اللامية:

يا أيها المنزل المحيل

عادتك مستحفر هطول

ازرى عليك الزمان لما

شجاك من اهلك الرحيل

لا تغترر بالزمان واعلم

ان يد الدهر تستطيل

فان آجالنا قصار

فيه وآمالنا طويل

تفني الليالي وليس يفني

شوقى ولا حسرتي تزول

لا صاحب منصف فأسلو

به ولا حافظ وصول

(الأبيات)

(و قد يطلق) على ابى بكر محمد بن عبد اللّه بن محمد بن احمد بن ايوب القطان، سمع من محمد بن جرير الطبري وجماعة كثيرة ذكرهم الخطيب في تاريخه وقال سمعت الازهري ذكره فقال: كان سماعه صحيحا من ابى جعفر الطبرى إلا انه كان رافضيا خبيث المذهب، سألت القاضى ابا بكر محمد بن عمر الداودى عن ابن ايوب فقال: كان ثقة صحيح السماع، قلت: ذكر انه كان سيّئ المذهب في الرفض فقال ما سمعت منه في هذا المعنى شيئا انكره لكني احسبه كان يذهب الى تفضيل علي حسب، توفى سنة ٣٧٨.

(و قد يطلق) على احمد بن محمد بن عبد اللّه بن زياد ابي سهل القطان سكن دار القطن ببغداد، وحدث عن خلق كثير.

ذكره الخطيب في تاريخ بغداد وقال: كان صدوقا اديبا شاعرا راوية للأدب عن ابى العباس ثعلب والمبرد وأبى سعيد السكري، وكان يميل الى التشيع.

٦٩

و روى عنه الدار قطني والمرزباني وغيرهما من المتقدمين، ثم روى عن ابى عبد اللّه ابن بشر القطان قال: ما رأيت رجلا احسن انتزاعا لما اراد من آي القرآن من ابى سهل بن زياد، فقيل له: ما السبب في ذلك؟ فقال: كان جارنا وكان يديم صلاة الليل وتلاوة القرآن، فلكثرة درسه صار كأن القرآن نصب عينيه ينتزع منه ما شاء من غير تعب.

قال الخطيب: وكان في ابى سهل مزاح ودعابة، وقال: سئل ابو بكر البرقاني عن ابى سهل بن زياد فقال صدوق.

و قد روى عنه الدار قطني في الصحيح وإنما كرهوه لمزاح كان فيه، توفى سنة ٣ ٥ ٠ (شن) ودفن بقرب قبر المعروف الكرخي.

(و قد يطلق) على شمس الدين محمد بن شجاع القطان مؤلف كتاب معالم الدين في فقه آل يس، وقد تقدم في ابن القطان، والقطان كشداد بياع القطن.

(قطب الدين الاشكورى)

محمد بن شيخ علي الشريف الديلمي اللاهجي الحكيم العارف المتأله الفاضل صاحب كتاب محبوب القلوب ورسالة في العالم المثالي، تلميذ المحقق الداماد (ره)

(قطب الدين الرازى)

الشيخ الأجل ابو جعفر محمد بن محمد البويهي الحكيم الفقيه المتأله المحقق المدقق صاحب شرح الشمسية، وشرح المطالع، وشرح القواعد والمحاكمات وحاشيتين للكشاف: الأصغر بحر الأصداف، والأكبر تحفة الاشراف وغير ذلك أصله من ورامين الري من جهة المولد والبلد، ينتهي نسبه الى آل بويه سلاطين الديالمة، كما عن الشيخ علي بن عبد العالي، أو إلى بابويه القمي، كما عن بعض إجازات الشهيد الثانى.

٧٠

و نقل عن كتاب محبوب القلوب انه قال: المولى العلامة البهي الألمعى قطب الدين الرازى شمس فضله عن مطلع شرح المطالع طالع ومحكمات حكمة من افق كتاب المحاكمات ساطع.

مولده ومنشأه في الورامين من الري، وبعد استفادته عندجم من الاعلام قد فاز بالتلمذية عند العلامة العلم جمال الملة والدين الحلي طاب ثراه، وقد انتسخ كتاب قواعد الاحكام من مصنفات العلامة بخطه وقرأه عنده.

وقد اجازه العلامة في ظهر كتابه بخطه، وعبر عنه بالشيخ الفقيه العالم الفاضل المحقق المدقق زبدة العلماء والافضل قطب الملة والدين محمد بن الرازى وأرخ الاجازة بثالث شعبان سنة ٧١٣ (ذيج) إنتهى.

ونقل شيخناعن الشهيد محمد بن مكى قدس الله روحه قال: اتفق اجتماعي به بدمشق آخريات شعبان سنة ٧٧٦ (ذعو) فاذابحر لاينزف، وأجازني جميع مايجوزعنه روايته.

ثم توفى في (يب) (قع) من السنة المذكورة بدمشق ودفن بالصالحية، قال: وكان إمامى المذهب بغيرشك وريبة صرح بذلك وسمعته منه، وانقطاعه إلى بقية اهل البيت عليهم السلام معلوم.

وقال الشهيد ايضافي إجازته لابن الخازن: ومنهم الامام العلامة سلطان العلماء وملك الفضلاء الحبر البحرقطب الدين محمد بن محمد الرازى البويهي، فاني حضرت في خدمته قدس الله لطيفته بدمشق عام ثمانية وستين وسبعمائة، واستفدت من انفاسه، وأجازلي جميع مصنقاته في المعقول والمنقول ان أرويها عنه وجميع مروياته، وكان تلميذا خاصا للشيخ الامام جمال الدين المشار إليه إنتهى.

وذكره المحقق الثاني " ره " وقال انه من اجل تلامذه العلامة، ومن اعيان اصحابنا الامامية قدس الله تعالى ارواحهم ورضى عنهم اجمعين.

٧١

(قطب الدين الراوندى)

ابو الحسن سعيدبن هبة الله بن الحسن، العالم المتبحر الفقيه المحدث المفسر المحقق الثقة الجليل صاحب الخرائج والجرائح وقصص الانبياء ولب اللباب وشرح النهج وغيره.

كان من اعاظم محدثي الشيعة، قال شيخنا في المستدرك: فضائل القطب ومناقبه وترويجه للمذهب بأنواع المؤلفات المتعلقة به اظهروأشهر من ان يذكر وكان له ايضا طبع لطيف، ولكن اغفل عن ذكر بعض اشعاره المترجمون له، إنتهى.

وهو احد مشايخ ابن شهراشوب، يروى جماعة كثيرة من المشايخ كأمين الاسلام والسيد المرتضى والرازى وأخيه السيد مجتبى وعماد الدين الطبرى وابن الشجري والآمدى، ووالد المحقق الطوسي، وغيرهم رضوان الله عليهم اجمعين.

ويروي عن الشيخ عبد الرحيم البغدادى المعروف بابن الاخوة، عن الفاضلة الجليلة السيدة النقية بنت السيد المرتضى علم الهدى عن عمها الشريف الرضي (ره) وكان والد القطب الراواندى وجده وأولاده كلهم علماء.

وصرح الشيخ منتجب الدين بأن اباالفضل محمد بن القطب الراوندى وأخاه عماد الدين عليا كانا فقيهين ثقتين.

توفى القطب ٤ شوال سنة ٥٧٣ (ثعج) كمافي البحارنقلا عن خط الشهيد (ره)، وقبره ببلدة قم جوار الحضرة الفاطمية عليها السلام، مزار معروف.

ولا يخفى انه غير سعيد بن هبة الله بن محمد بن الحسين الفاضل المشتهرفي العلوم الحكمية، فانه كان من الاطباء المتميزين في صناعة الطب، خدم المقتدى

٧٢

بأمرالله، والمستظهر بالله بصناعة الطب، وكان يتولى مداواة المرضى في البيمارستان العضدي.

له كتاب المغني في الطب، صنفه للمقتدى، وكتاب خلق الانسان، توفى سنة ٤٩٥.

(قطب الدين الشيرازى)

محمودبن مسعودبن مصلح الكازروني الفارسي الشافعي الفاضل الفهامة الملقب بالعلامة، تلميذ الخواجة نصير الدين الطوسي (ره).

قيل: كان وحيد عصره في المعقول، وكان في غاية الذكاء، وله تلاميذ كثيرة وتصانيف شهيرة، منها: شروحه على القسم الثالث من المفتاح وعلى المختصر الحاجبي، وعلى كليات ابن سينا، كان مولده بشيراز، ودخل بغداد ودمشق واستوطن بالآخرة تبريز.

حكي عن شدة ذكائه انه سئل في مجمع من الشيعة والسنة عن افضل الناس بعد النبي صلى الله عليه وآله هل هو أمير المؤمنين عليه السلام أو ابوبكر؟ فأجاب:

خير الورى من بعدالنبي من بنته في بيته

من في دجى ليل العمى ضوء‌الهدى في زيته

(قلت): تقدم في ابن الجوزي مايشبه ذلك، حكي انه كان مواظبا على الجماعة، لا يصلي فرائضه إلا بالجماعة.

توفى بتبريزسنة ٧١٠ (ذي)، ودفن بقرب البيضاوي، ورثاه ابن الوردي بقوله:

لقد عدم الاعلام حبرا مبرزا

كريم السجايا فيه من بعده قرب

عجيب وقد دارت رحى العلم بعده

وهل للرحى دوروقد عدم القطب

٧٣

(قطب الدين الكوشكنارى)

محمد المعروف بالقطب المحيي، استاذ المولى جلال الدواني، المتوفى في اوائل المائة العاشرة.

وهو أحد مشايخ الصوفية السنية، صاحب المكاتبات المعروفة بمكاتبات القطب المحيي بالفارسية.

(قطب الدين الكيدرى)

ابو الحسن محمد بن الحسين بن الحسن البيهقي النيسابورى الامامى، الشيخ الفقيه، الفاضل الماهر، والاديب الاريب، البحر الزاخر، صاحب الاصباح في الفقه، وأنوار العقول في جمع اشعار أمير المؤمنين عليه السلام، وشرح النهج، وغيرذلك.

وله اشعار لطيفة، وكان معاصرا للقطب الراوندي، وتلميذا لابن حمزة الطوسي، فرع من شرحه على النهج سنة ٥٧٦ (ثعو).

والكيدر قرية من قرى بيهق، وعن طراز اللغة للسيد عليخان انه ضبطه بالذال المعجمة، وعدل بعض الاعلام (أي كاشف اللثام) عن ذلك، وضبطه بالنون نسبة إلى كندر قرية بنيسابور وقرية قرب قزوين.

(قطران)

إمام الشعراء أبومنصور التبريزي الترمذي، قيل: كان في أول أمره دهقانا، فاشتغل بنظم الشعرفصار شاعرا معروفا. وقد اشار الى ذلك بقوله:

يكى دهقان بدم شاها شدم شاعر بناداني

مرا از شاعري كردن توكردى باز دهقاني

له اشعار كثيرة في مدح الاميرابى منصور وهسودان الذى كانت له السلطنة

٧٤

في تبريز إلى حدود ٤٥٠، ومن شعره في الشكر:

گر هزار ستم دهان در هر يكى سيصد زبان

شكر نيكيهات نتوانم يكى گفت از هزار

قيل انه توفي سنة ٤٦٥.

(قطرب)

ابوعلي محمد بن المستنير بن احمد البصرى النحوى اللغوى الاديب البارع اخذ الادب عن سيبويه، فصارمن أئمة عصره.

يروى عن الصادق " ع " روى الشيخ في (يب) في باب (النفرمن منى) عن الحسن بن محبوب عنه عن ابى عبد الله " ع " له مصنفات منها كتاب معاني القرآن وكتاب الرد على الملحدين في متشابه القرآن، وكتاب العلل في النحو وغير ذلك، وهو اول من وضع المثلث في اللغة، وكان معلم اولاد ابى دلف العجلى، وينسب إليه هذان البيتان:

إن كنت لست معى فالذ كرمنك معي

يراك قلبي اذا ما غبت عن بصرى

والعين تبصرمن تهوى وتفقده

وباطن القلب لا يخلو من النظر

قال الدميرى في حياة الحيوان: قطرب طائر يجول الليل كله لا ينام وقالوا: اجول من قطرب واسهر من قطرب.

وقطرب لقب محمد بن المستنير النحوى صاحب المثلث وغيره، وكان من اهل العربية، وكان حريصا على الاشتغال والتعلم، فكان يبكرالى سيبوية قبل حضوراحد من التلامذة، فقال له يوما: ماانت إلا قطرب ليل، فبقى عليه هذا اللقلب توفي سنة ست ومائتين.

٧٥

(القطونى)

خالد بن مخلد أبوالهيثم الكوفي، شيخ البخارى في صحيحه، ذكره ابن سعد في محكي طبقاته من الجزء السادس ص ٢٨٣ فقال: وكان متشيعا توفى بالكوفة في النصف من المحرم سنة ٢١٣ في خلافة المأمون، وكان في التشيع مفرطا وكتبواعنه إنتهى.

وعن ابى داودانه ذكره فقال: صدوق لكنه يتشيع، ونقل البخارى ومسلم في مواضع من صحيحيهما، بل اصحاب السنن كلهم يحتجون بحديثه وهم يعلمون بمذهبه.

(القطيفى)

الشيخ ابراهيم بن سليمان البحراني، المجاورحيا وميتا بالغري السريكان عالما فاضلا ورعاصالحا من كبار المجتهدين، وأعلام الفقهاء والمحدثين، كان في غاية الفضل، معاصرا للشيخ نور الدين المحقق الكركي، ويروي عنه بالاجازة ايضا، وكانت بينهما مناظرات.

نقل ان الامام الحجة القائم صلوات الله عليه دخل عليه في صورة رجل كان يعرفه وسأله عن ابلغ آية في الموعظة، فقرأ الشيخ قوله تعالى:(إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا) الآية فقال له الامام عليه السلام: صدقت ياشيخ ثم خرج فسأل عنه اهل بيته فقالوا: مارأينا داخلا ولاخارجا إنتهى.

(وله) مصهفات كثيرة منها: السراج الوهاج، والهادي إلى سبيل الرشاد وكتاب تعيين الفرقة الناجية من اخبار المعصومين (ع) ونفحات الفوائد ورسالة في احكام الرضاع، ورسالة في الصوم، ورسالة في ادعية سعة الرزق وقضاء الدين، وشرح ألفية الشهيد، وشرح اسماء الله الحسنى، فرغ منه سنة ٩٣٤.

٧٦

وكان عندي رسالة منه الموسومة بالنجفية، وكان في آخرها خطه الشريف وتاريخ كتابته سنة ٩٢٧.

قال (ضا): وله اجازة لتلميذه معز الدين محمد بن تقي الدين الاصفهاني يظهر منها ان الشيخ علي بن هلال الجزائري عمه، وتاريخ الاجازة سنة ٩٢٨ وفيها: انه اجازه عدة من المشايخ أوثقهم الشيخ ابراهيم بن حسن الوزاق عن الشيخ علي بن هلال وتاريخها سنة عشرين وتسعمائة إنتهى.

(والقطيفى) نسبة إلى قطيف، كشريف بلد بالبحرين.

(القعبى)

أبوعبد الرحمن عبد الله بن مسلمة بن قعنب الحارثي المدني، اخذ العلم والحديث عن الامام مالك، وهو من جملة اصحابه وأحد رواة الموطأعنه، وكان يسمى الراهب لعبادته وفضله، وكان يسكن البصرة، وتوفى بها أوبمكة سنة ٢٢١ (ركا).

(القفال الشاشي)

ابوبكر محمد بن علي بن اسماعيل الفقيه الشافعي المحدث اللفوي، الشاعر الاصولي.

رحل إلى خراسان والعراق والحجاز والشام، وأخذعن ابن سريج، وروى عن ابن جرير الطبرى، وروى عنه الحاكم وابن مندة وجماعة كثيرة، وكان من اعيان تلامذته أبوعبد الله محمد بن احمد الخضرى المروزى الفقيه الشافعي الذى يضرب به المثل في قوة الحفظ، وتوفى في عشر الثمانين والثلثمائة وتوفي الفقال المذكور بالشاش في سنة ٣٣٦ وقيل ٣٦٥ وكان والد القاسم صاحب كتاب التقريب (والشاشي) نسبة إلى الشاش مدينة وراء نهر سيحون.

٧٧

(القفال المروزى)

أبوبكر عبد الله بن احمد بن عبد الله الفقيه الشافعي، كان وحيد زمانه، وله في مذهب الامام الشافعي من الآثار ماليس لغيره من ابناء عصره، كان ابتداء إشتغاله بالعلم على كبر السن بعد ماافنى شبيبته في عمل الاقفال، ولذلك قيل له القفال، وكان ماهرا في عملها.

ويقال: انه لماشرع في الفقه كان عمره ثلاثين سنة، توفى سنة ٤١٧ (تيز) ودفن بسجستان، وهو الذى صلى بين يدى السلطان محمود سبكتكين ركعتين على مذهب الشافعي وركعتين على مذهب ابى حنيفة، فاختار السلطان محمود مذهب الشافعي لذلك، وقصته مشهورة ذكرها الدميري وابن خلكان، ونحن ننقلها هاهنا من ابن خلكان: قال في ترجمة يمين الدولة السلطان ناصر الدولة محمود بن سبكتكين المتوفى سنة ٤٣٣ بغزنة نقلا من كتاب مغيث الخلق في اختيار الاحق لامام الحرمين الجويني ان السلطان محمود المذكور كان على مذهب ابى حنيفة.

وكان مولعا بعلم الحديث، وكانوا يسمعون الحديث من الشيوخ بين يديه وهو يسمع.

وكان يستفسر الاحاديث فوجد اكثرها موافقا لمذهب الشافعي فوقع في خلده حكة فجمع الفقهاء من الفريقين في مرو والتمس منهم ماالكلام في ترجيح احد المذهبين على الآخر، فوقع الاتفاق على ان يصلوا بين يديه ركعتين على مذهب الامام الشافعي وعلى مذهب ابى جنيفة لينظر فيه السلطان ويتفكر ويختار ماهو أحسنهما، فصلى القفال المروزى بطهارة مسبغة وشرائط معتبرة من الطهارة والسترة واستقبال القبلة، وأتى بالاركان والهيئات والسنن والآداب والفرائض على وجوه الكمال والتمام، وقال: هذه صلاة لايجوز الامام الشافعي

٧٨

دونها، ثم صلى ركعتين على مايجوز ابوحنيفة رضي الله عنه فلبس جلد كلب مدبوغا ثم لطخ ربعه بالنجاسة وتوضأ بنبيذ التمر، وكان في صميم الصيف في المفازة واجتمع عليه الذباب والبعوض، وكان وضوء‌ه منكسا منعكسا، ثم استقبل القبلة وأحرم بالصلاة من غير نية في الوضوء، وكبر بالفارسية ثم قرأ آية بالفارسية (دوبرك سبز) ثم نقر نقرتين كنقرات الديك من غير فصل ومن غيرركوع وتشهد، وضرط في آخره من غير نية السلام وقال: أيها السلطان هذه صلاة ابى حنيفة.

فقال السلطان: لولم يكن هذه الصلاة ابى حنيفة لقتلتك لان مثل هذه الصلاة لايجوزها ذو دين، فأنكرت الحنفية ان تكون هذه صلاة ابى حنيفة فأمر القفال باخضار كتب ابى حنيفة، وأمر السلطان نصرانيا كاتبا يقرأ المذهبين جميعا فوجدت الصلاة على مذهب ابى حنيفة على ماحكاه القفال، فأعرض السلطان عن مذهب ابى حنيفة، وتمسك بمذهب الشافعي " رضي الله عنهما " إنتهى.

(قفطان)

كقربان، لقب لجماعة، منهم الشيخ احمد بن الشيخ حسن بن الشيخ علي النجفى، الفاضل الاديب الشاعر، له اشعار وقصائد كثيرة، اشار اليها في اعيان الشيعة، وفيه وروى شيخنا الشيخ محمد طه نجف النجفي عنه انه رأى الامام المنتظر عليه السلام فيما يرى النائم وعاتبه، فأجابه بهذين البيتين:

لنا أوبة من بعد غيبتنا العظمى

فنملاها عدلا كماملئت ظلما

سينجز وعدي قل لمن يكفرون لي

لقد كان ذاحقا على ربنا حتما

توفي بالنجف سنة ١٢٩٣ (غرصج) وأخوه الشيخ ابراهيم من الفضلاء المعروفين.

٧٩

(القفطى)

جمال الدين ابو الحسن علي بن يوسف بن ابراهيم الشيبانى الوزير احد الكتاب المشهورين، كان أبوه القاضي الاشرف كاتبا ايضا بمصر.

ولد بقفط سنة ٥٦٣، وسمع الحديث من ابى طاهر بن بنان بمصر وبحلب من جماعة، فصار مشاركا لارباب كل علم من النحو واللغة والفقه والحديث وعلم القرآن والاصول والمنطق والنجوم والهندسة والتاريخ.

أسكنه أبوه القاهرة طفلا ثم خرج إلى الشام فأقام بحلب، وصحب بها الامير الميمون القيصري، وبعد وفاة الامير لزم منزله فألزم بالخدمة في امور الديوان في ايام الملك الظاهر، ولمامات الملك انقطع في منزله فقلده الملك العزيز وزارته سنة ٦٣٣.

حكي انه اجتمع لديه من الكتب مالا يوصف، وكان لا يحب من الدنيا سواها، ولم يكن له دار ولازوجة، وأوصى بكتبه للناصر صاحب حلب وكانت تساوي خمسين ألف دينار، له تاريخ مصر، وأخبا ر العلماء بأخبار الحكماء، توفى سنة ٦٤٦.

(القلقشندى)

شهاب الدين احمد بن علي بن احمد المصري الشافعي، كان اديبا منشيا قوي الحافظة.

له صبح الاعشى في صناعة الانشاء، ونهاية الارب في معرفة قبائل العرب وضوء الصبح المسفر وجني الدوح المثمز، وهو مختصر صبح الاعشى، قال في أوائل الجزء الثاني من صبح الاعشى ماهذا لفظه: ومن غريب مايحكى ان رجلا اخذ خطرا من قوم على ان يغضب معاوية ابن ابى سفيان مع غلبة حلمه، فعمدالى معاوية وهو ساجد في الصلاة فوضع

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

لعمري لقد كلّفتُ وجداً بأحمد

وأحببته حب الحبيب المواصل

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه

ثمال اليتامى عصمة للأرامل

تطوف به الهلاك من آل هاشم

فهم عنده في نعمة وفواضل

ويقول:

إصدع بأمرك ما عليك غضاضة

وافرح وقرّ بذاك منك عيونا

والله لن يصلوا اليك بجمعهم

حتى أُوسدّ في التراب دفينا

ولقد علمت بأن دين محمد

من خير أديان البرية دينا

ودعوتني، وعلمت أنك صادق

فيما تقول، وكنتَ ثمّ أمينا

ويقول ـ كما رواه البخاري في تاريخه الصغير:

لقد أكرم الله النبي محمداً

فاكرم خلق الله في الناس احمد

وشقّ له من اسمه ليجلّه

فذو العرش محمود وهذا محمد

ثم يخاطب أخاه الحمزة بن عبد المطلب ويقول:

صبوراً أبا يعلى على دين احمد

وكن مظهراً للدين وفّقتَ صابرا

فقد سرني إذ قيل أنك مؤمن

فكن لرسول الله في الله ناصرا

ثم يخاطب ولديه، علي وجعفر:

إن عليا وجعفراً ثقتي

عند ملمّ الخطوب والنوب

والله لا أخذل النبي ولا

يخذله من بنيّ ذو حسبِ

لا تخذلا وانصرا ابن عمكما

أخي لامي من بينهم وأبي

تتمة ترجمة الشاعر:

الظاهر من شعره ـ والشعر مرآة قاله ـ انه كان قوي الشخصية صارم الارادة يقول الخاقاني في شعراء الغري: وله قصص تعرب عن ذلك، ومن العجيب صلته بالعلامة السيد حسين ابن السيد مهدي القزويني فان أكثر بنوده

٢٢١

ورسائله وشعره ومراسلاته هي في السيد حسين ولكن يخفف العجب أن هذه الاسرة الكريمة أعني آل القزويني تتحلى بالظرف والأدب وسماحة النفس وطيب السريرة وحسن السيرة. مضافاً إلى أن المترجم له كان تلميذاً للسيد العلامة السيد حسين فهو يحفظ له هذا الحق وهو حق التلمذة. ذكر الخاقاني للمترجم له ثمانية بنود وجملة من الرسائل وعشرات من التواريخ والمراسلات ولنستمع اليه يؤرخ حبيبه وأليفه العلامة السيد حسين القزويني بقوله:

مررت على قبر الحسين وإنني

لفي عجب كيف التراب يواريه

ومَن وسع الدنيا علوما ونائلا

فكيف استطاعت هذه الأرض تحويه

تضمن هذا القبر بحرين: من ندى

وعلم وكل منهما مدّه فيه

فما إن تغشاه التراب وإنما

بأنواره باريه أرخ ( يغشيه )

وأورد نماذج من رجزه ومنظومته في ( الشطرنج ) ومدح ورثاء وغزل يتكون منها ديوان قائم بنفسه، ومن ثنائياته قوله في مقام الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بمسجد الكوفة، وهو المكان الذي استشهد فيهعليه‌السلام :

وعجبت من قوم قد ادعت الولا

للمرتضى صنو النبي محمد

أن لا تسيل نفوسهم في موضع

سالت عليه دماء أكرم سيد

أو لم تكن تدري بأن إمامها

لاقى الحمام هنا بسيف الملحد

٢٢٢

السيد باقر الهندي

المتوفى ١٣٢٩

قال يرثي مسلم بن عقيل بن أبي طالب:

بكتك دماً يابن عمّ الحسين

مدامع شيعتك السفاحه

ولا برحت هاطلات العيون

تحييك غادية رائحه

لأنك لم ترو من شربة

ثناياك فيها غدت طائحة

رموك من القصر إذ أوثقوك

فهل سلمت فيك من جارحه

وسحبا تجرّ بأسواقهم

ألستَ أميرهم البارحه

قُتلتَ ولم تبكك الباكيات

أمالك في المصر من نائحه

قُتلتَ ولم تدرِ كم في زرود

عليك العشية من صائحه

وصدرها الخطيب الأديب الشيخ قاسم ابن الشيخ محمد الملا ب‍ ١٤ بيتاً، وذيّلها ب‍ ٤ أبيات، وأتمها الشاعر الشيخ محمد رضا الخزاعي ب‍ ٩ أبيات على الوزن وهذا تصدير الشيخ قاسم:

لحيّكم مهجتي جانحه

ونحوكم مقلتي طامحه

واستنشق الريح إن نسّمت

فبالأنف من نشركم فائحه

وكم لي على حيكم وقفة

وعينيَ في دمعها سابحه

تعاين أشباح تلك الوجوه

فلا برحت نحوكم شابحه

وكم ضبيات بها قد رعت

بقيصوم قلبي غدت سارحه

٢٢٣

وكم ليلة بسمار الحبيب

شؤون الغرام لها شارحه

تقضّت ومن لي بها لو تعود

فكيف وقد ذهبت رائحه

وعدت غريباً بتلك الديار

أرى صفقتي لم تكن رابحه

كما عاد مسلم بين العدا

غريباً وكابدها جائحه

رسول حسين ونعم الرسول

اليهم من العترة الصالحه

لقد بايعوا رغبة منهم

فيا بؤس للبيعة الكاشحه

وقد خذلوه وقد أسلموه

وغدرتهم لم تزل واضحه

فيا بن عقيل فدتك النفوس

لعظم رزيتك الفادحه

لنبك لها بمذاب القلوب

فما قدر أدمعنا المالحه

والتذييل:

وكم طفلة لك قد أعولت

وجمرتها في الحشى قادحه

يعززها السبط في حجره

لتغدو في قربه فارحه

فأوجعها قلبها لوعة

وحست بنكبتها القارحه

تقول مضى عمّ مني أبي

فمن ليتيمته النائحه

* * *

السيد باقر ابن السيد محمد ابن السيد هاشم الهندي الموسوي النقوي الرضوي النجفي، عالم فاضل وأديب شاعر ظريف لطيف حسن الأخلاق حلو المعاشرة ذكي لامع نظم فأبدع وسابق فحلّق وله مراثي كثيرة في أهل البيت لا زالت تقرأ وتعاد في مجالس العزاء ويحفظها الجمّ الكثير من رواد المجالس حتى العوام، سمعت من علماء النجف أنه كان إذا حدّث لا يملّ حديثه وينظم الشعر باللغتين الفصحى والدارجة، فمن شعره قوله:

بزغت فلاح البشر من طلعاتها

والسعد مكتوب على جبهاتها

بيض كواعب في شتيت ثغورها

قد كان للعشاق جمع شتاتها

٢٢٤

وافت كأمثال الظباء وبينها

ذات الدلال دلالها من ذاتها

نجدية بدوية أجفانها

سرقت من ألارام لحظ مهاتها

نشرت على أكتافها وفراتها

شمسِ سمات الحس دون سماتها

كالبيض في سطواتها والسحر في

وخزاتها والريم في لفتاتها

سلّت صحيفة مقلة وسنانة

حتى رأينا الحتف في صفحاتها

وترجم له الخاقاني في شعراء الغري فقال: هو أبو صادق ينتهي نسبه إلى الإمام علي الهاديعليه‌السلام ، شاعر شهير وأديب كبير وعالم مرموق. ولد في النجف الأشرف ١٢٨٤ ونشأ بها على أبيه وفي عام ١٢٩٨ سافر بصحبة والده إلى سامراء لتلقى العلم من الإمام الشيرازي ثم رجع مع أبيه سنة ١٣١١ وعندما حلّ في سامراء أخذ الفقه والاصول من بعض الأساتذة.

ذكره فريق من الباحثين منهم صاحب الحصون المنيعة ونعته بالعالم الفاضل الأديب الكامل، المنشيء الشاعر وذكر جملة من أساتذته، أقول وأعطاني المرحوم السيد حسين ولد المترجم له ورقة فيها ترجمة شاعرنا وقال لي: إني كتبتها بخطي وحسب ما أعرف عن المترجم له وفيها: العلامة الفقيه الحكيم المتكلم السيد باقر نجل آية الله السيد محمد الهندي. ولد في غرة شعبان ١٢٨٤ ونشأ منشأ طيباً في زمن صالح وتعلّم القرآن والكتابة في مدة يسيرة وكان مولعاً بالامور الاصلاحية وله في ذلك مواقف مشهودة وله مؤلفات لم تزل مخطوطة نحتفظ بها، منها رسالة في ( حوادث المشروطة ) فيها ما يهم رجال الاصلاح والدعاة المصلحين كما كتب في الأخلاق. وكان شديد الولاء لأهل البيتعليهم‌السلام عظيم التعلّق بمودتهم، وفي الليلة الثالثة من جمادى الثانية في سني إقامتنا بسر من رأي، رأى في المنام كأنه جالس بحضرة وليّ الأمر وصاحب العصر وهو في قصر مشيد فجعل يخاطبه قائلاً: سيدي هل يغيب عنك ما حلّ باسرتك الطاهرة ولو لم يكن إلا ما جرى على امك الزهراء، فحنّ الإمامعليه‌السلام والتفت اليه قائلاً:

٢٢٥

لا تراني اتخذتُ لا وعلاها

بعد بيت الأحزان بيت سرور

ثم بكيا معاً حتى انتبهنا من النوم بصوت بكائه ونبهناه فقص علينا الرؤيا فاستشعر الوالد من ذلك صحة هذه الرواية ( يعني وفاة الصديقة في الثالث من جمادى الثانية ) لذا نظم على وزن هذا البيت قصيدته الشهيرة والتي أولها:

كل غدر وقول إفك وزور

هو فرع عن جحد نص الغدير

واشار الى ذلك بقوله:

أفصبراً يا صاحب الأمر والخطب

جليل يذيب قلب الصبور

كيف من بعد حمرة العين منها

يا بن طه تهنأ بطرف قرير

فكأني به يقول ويبكي

بسلوٍّ نزر ودمع غزير

لا تراني اتخذت لا وعلاها

بعد بيت الاحزان بيت سرور

واليك المقطع الأول من القصيدة:

كل غدر، وقول إفك وزور

هو فرع عن جحد نصّ الغدير

فتبصّر تُبصر هداك إلى الحق

فليس الأعمى به كالبصير

ليس تعمى العيون لكنما تعمى

القلوب التي انطوت في الصدور

يوم أوحى الجليل يأمر طه

وهو سار أن مُر بترك المسير

حطّ رحل السرى على غير ماء

وكلا في الفلى بحرّ الهجير

ثم بلّغهم وإلا فما بلّغتَ

وحياً عن اللطيف الخبير

أقم المرتضى إماماً على الخلق

ونوراً يجلو دجى الديجور

فرقى آخذاً بكفّ علي

منبراً كان من حدوج وكور

ودعا والملا حضور جميعاً

غيّب الله رشدهم من حضور

إن هذا أميركم ووليّ الأ

مر بعدي ووارثي ووزيري

هو مولىً لكل مَن كنت مولاه

من الله في جميع الامور

٢٢٦

فأجابوا بألسن تظهر الطاعة

والغدر مضمر في الصدور

بايعوه وبعدها طلبوا البيعة

منه، لله ريب الدهور

وقوله في مدح الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام من رائعة تتكون من ٩٠ بيتاً وهذا المقطع الأول:

ليس يدري بكنه ذاتك ما هو

يا بن عمّ النبي إلا الله

ممكن واجب حديث قديم

عنك تنفى الأنداد والأشباه

لك معنى أجلى من الشمس لكن

خبط العارفون فيه فتاهوا

أنت في منتهى الظهور خفيّ

جلّ معنى علاك ما أخفاه

قلت للقائلين في أنك الله

أفيقوا فالله قد سوّاه

هو مشكاة نوره والتجلّي

سرّ قدس جهلتم معناه

قد براه من نوره قبل خلق

الخلق طراً وباسمه سماه

وحباه بكل فضل عظيم

وبمقدار ما حباه ابتلاه

أظهر الله دينه بعلي

أين لا أين دينه لولاه

كانت الناس قبله تعبد الطاغوت

رباً، والجبتُ فيهم اله

ونبيّ الهدى إلى الله يدعو

هم ولا يسمعون منه دعاه

سله لما هاجت طغاة قريش

مَن وقاه بنفسه وفداه

مَن جلا كربه ومَن ردّ عنه

يوم فرّ الأصحاب عنه عَداه

مَن سواه لكل وجه شديد

عنه مَن ردّ ناكلا أعداه

لو رأى مثله النبي لما

وآخاه حياً وبعده وصّاه

قام يوم الغدير يدعو، ألا من

كنت مولى له فذا مولاه

ما ارتضاه النبي من قِبلِ النفس

ولكنما الاله ارتضاه

غير أن النفوس مرضى ويأبى

ذو السقام الدوا وفيه شفاه

٢٢٧

وقوله مفتخراً من قصيدة ضاع أكثرها وهذا مطلعها:

لو لم تكن جُمّعت كل العلى فينا

لكان ما كان يوم الطف يكفينا

يوم نهضنا كأمثال الأسود به

وأقبلت كالدبى زحفاً أعادينا

جاؤا بسبعين ألف سل بقيتهم

هل قاومونا وقد جئنا بسبعينا

وقال في إحدى روائعه رائياً آية الله العظمى الميرزا حسن الشيرازي وأولها:

خلا العصر ممن كان يصدع بالأمر

فدونك دين الله يا صاحب العصر

أيحسن أن يبقى كذا شرع أحمد

بلا نهي ذي نهيٍ مطاع ولا أمر

عَفاً لكِ سامراء كم فيك غيبة

تغضّ جفون الدين منها على جمر

ففي الغيبة الاولى ذعرنا ولم نقم

وفي الغيبة الاخرى أقمنا على الذعر

مرض في أواخر شهر ذي الحجة الحرام من سنة ثمان وعشرون بعد الثلثمائة والألف من الهجرة وانتقل إلى جوار ربه أول يوم من المحرم من السنة التاسعة والعشرين بعد الثلثمائة والألف ودفن بجوار والده في دارنا التي نحن فيها الآن(١) وإلى ذلك أشرتُ بقولي في رثائه:

نفسي فداؤك من قريب نازح

أوحشتني إذ صرتَ من جيراني

أعقب من الأولاد: العلامة السيد صادق والعلامة السيد حسين وهذان السيدان عاصرتهما وزاملتهما وهما من أطيب الناس سيرة وأسلمهم سريرة سألتهما عن عمر أبيهما فقالا: قضى وعمره ٤٥ عاماً ورثاه الشيخ محمد رضا الشبيبي بقصيدة أولها:

أتى الافق مبرياً فقيل هلاله

ولو قيل قوس صدّقته نباله

ورثاه شقيقه العلامة الكبير شيخ الأدب السيد رضا الهندي بقصيدة أولها:

ما كا ضرّ طوارق الحدثان

لو كان قبلك سهمهن رماني

يا ليت أخطاك الردى أو أنه

لما أصابك لم يكن أخطاني

__________________

١ ـ أقول وتقع بمحلة الحويش إحدى محالّ النجف الأشرف.

٢٢٨

ومنها:

يا أولاً في المكرمات فما له

فيها وعنها في البرية ثاني

يا واحداً فيه اتفقن مكارم

لم يختلف في نقلهن اثنان

يا لهجة المداح بل يا بهجة

الارواح بل يا مهجة الايمان

بمَ يشمت الأعداء بعدك لا غفوا

إلا على حسك من السعدان

ببقاء ذكرك في الزمان مخلّداً

أم بالفناء، وكل حيٍ فان

فليشمتوا فمصاب آل محمد

مما يسرّ به بنو مروان

فارقتنا في شهر عاشوراء

فاتصلت به الأحزان بالأحزان

نبكي المغسّل بالقراح وتارة

نبكي المغسلَ بالنجيع القاني

وننوح للمطويّ في أكفانه

أو للطريح لقىً بلا أكفان

ترجم له الشيخ السماوي في الطليعة قال: كان فاضلاً في جملة من العلوم حسن المعاشرة مع طبقات الناس فمن قوله:

أُحدّث نفسي إنني إن لقيته

أبثّ اليه ما أُلاقي من الضرّ

فلما تلاقينا دهشت فلم أجد

عتاباً فأبدلت المعاتيب بالعذر

وأرخ وفاة والده الحجة السيد محمد بقوله:

يا زائراً خير مرقد

له الكواكب حُسّد

سلم وصلّ وأرخ

وزر ضريح محمد ١٣٢٣

٢٢٩

الشيخ يعقوب النجفي

المتوفى ١٣٢٩

من شعره في الحسين:

لقد ضربت فوق السماء قبابها

بنو مَن سما فخراً لقوسين قابها

فكانت لعلياها الثريا هي الثرى

غداة أناخت بالطفوف ركابها

وثارت لنيل العز والمجد وامتطت

من العاديات الضابحات عرابها

لقد أفرغت فوق الجسوم دلاصها

كأن المنايا ألبستها إهابها

وقد جردت بيض الصفاح أكفها

وهزت من السمر الصعاد كعابها

أعدت صدور الشوس مركز سمرها

طعاناً وأجفان السيوف رقابها

سطت وبها ارتجت بأطباقها الثرى

وكادت رواسي الأرض تبدي انقلابها

ولما طمت في الحرب للموت أبحرٌ

غدت خيلها منها تخوض عبابها

وحين عدت منقضة في عداتها

تولّت كطير حين لاقى عُقابها

فكم أطعمت أرماحها مهج العدا

فما كان أقرى طعنها وضرابها

إلى أن بقرع الهام فلّت شبا الظبا

ودقت من الأرماح طعناً حرابها

هوت وبرغم الدين راحت نحورها

تعدّ الأسياف الظلال قرابها

قضت عطشاً ما بلّ حرّ غليلها

شراب وفيض النحر كان شرابها

ألا يا برغم الدين تنشب ظفرها

أمية في أحشاء طه ونابها

فما عذرها عند النبي وآله

وقد صرعتهم شيبها وشبابها

فيا بأبي أشلاء آل محمد

عوار نسجن الذاريات ثيابها

٢٣٠

فتلك بأرض الطف صرعى جسومها

وارؤسها بالميد تتلو كتابها

ورأس ابن بنت الوحي سار أمامها

وشيبته صار النجيع خضابها

يميل به المياد يمنى ويسرة

فقل للويّ فيه تلوي رقابها

وأعظم خطب للعيون أسالها

كما سال يمٌ، والقلوب أذابها

ركوب النساء الفاطميات حسراً

على النيب إذ ركبن منها صعابها

إذا هتفت تدعو بفتيان قومها

فبالضرب زجر بالسياط أجابها

تعاتبهم والعين تهمي دموعها

فيا ليت كانوا يسمعون عتابها

بني غالب هلا ترون نساءكم

وقد هتكت آل الدعي حجابها

فيا ليتكم كنتم ترون خدورها

غداة أباح الظالمون انتهابها

أترضون بعد الخدر تسبى كأنكم

بتلك المواضي لم تحوطوا قبابها

وهاتيكم من آل أحمد صبية

رأت من عداها بعدكم ما أشابها

مصائبكم جذت سواعد هاشم

وقد دكدكت لما أطلّت هضابها

فهل يصبرن قلب على حمل بعضها

ولو أنه مسّ الصفا لأذابها

بني أحمد يا من بهم شرعة الهدى

أقيمت وأوتوا فصلها وخطابها

وما الناس يوم الحشر إلا بأمركم

تنال ثواباً أو تنال عقابها

ألا فأغيثوني هناك فانكم

غياث البرايا كلما الدهر نابها

* * *

الشيخ يعقوب ابن الحاج جعفر ابن الشيخ حسين ابن الحاج ابراهيم النجفي الأصل والمولد والنشأة. ولد في النجف سنة ١٢٧٠ ه‍ وكان سادس اخوته وأصغرهم سناً وأقربهم إلى أبيه مكانة، توسم أبوه فيه الذكاء والرغبة بطلب العلم فسهر على تربيته، ويرجع الفضل للعلامة الحجة السيد مهدي القزويني في تنمية ملكاته العلمية والأدبية ثم لازم حضور منبر الواعظ الشهير والعلامة الكبير الشيخ جعفر الشوشتري فقد كان من النفر الذين دونوا الكثير من إملاته

٢٣١

وارشاداته ومن المنتفعين بفوائده وفرائده وهو الذي شجعه على تعاطي الخطابة وممارسة الوعظ لما لمسه فيه من تضلعه في علمي الحديث والفقه وأخبار أهل البيت. ترجم له ولده الخطيب الأديب الشيخ محمد علي في مؤلفه ( البابليات ) وذكر مراحل حياته كما ترجم له صاحب الحصون وقال: هو من خيار الوعاظ في العراق ومن شيوخ قرائها وادبائها، نجفي المولد والنشأة والمدفن. كان شاعراً بليغاً وأديباً لبيباً، تخرج في الوعظ على يد العلامة الشهير الشيخ جعفر الشوشتري، وفي الأخلاق على الملا حسين قلي الهمداني. وترجم له العلامة السماوي في ( الطليعة ) وقال فيما قال: رأيته واجتمعت به وطارحته، ونظم في الإمام الحسينعليه‌السلام ( روضة ) مرتبة على الحروف تناهز كل قصيدة منها مائتي بيتاً وتنيف. وفي ( البابليات ) أن للمترجم له ثلاث روضات الاولى في اللغة الفصحى وهي التي أشار اليها السماوي والثانية باللغة الدارجة والثالثة في النوحيات وهي أيضا باللغة الدارجة، وقد عنيت بنشرهما مطابع النجف، وأشار شاعرنا للروضة الاولى بقوله من أبيات:

إن تسمو بالمال رجال فقد

سمت لأوج الفخر بي همتي

نشأت في حجر المعالي إلى

أن لاح وخط الشيب في لمتي

حسبي نظمي فهو لي شاهد

عدلٌ وقد قامت به حجتي

إني تنبأت بشعري فما

من شاعر لم يك من امتي

فليغرفوا من أبحري كلهم

وليقطفوا الأزهار من ( روضتي )

قام بجمع ديوانه ولده الخطيب الشهير الشيخ محمد علي ورتبه على الحروف حتى إذا ما وقف على حرف الدال حدثت وقعة عاكف وذلك في الحلة أوائل محرم من سنة ١٣٣٥ فتلف ما جمع وما لم يجمع. توفي المترجم له بالنجف الأشرف عشية الأربعاء ليلة الخميس رابع عشر ربيع الثاني من سنة ١٣٢٩ ودفن في وادي السلام، وهذه طائفة من أشعاره. قال في الموعظة وذم الدنيا.

٢٣٢

من بات في غفلة والموت طالبه

فهل يفوت وينجو منه هاربه

جانب هواك لتحضى بالنعيم فهل

يصلى الجحيم سوى مَن لا يجانبه

إن رمتَ مَنّاً فإن الله منزله

أو رمت صفحاً جميلاً فهو واهبه

أو شئت تأمن من يوم المعاد فبت

والجفن كالغيث إذ ينهل ساكبه

ففي غد ليس ينجو غير من صحب

التقوى ومن غدت التقوى تصاحبه

فكيف يلهو امرءٌ عما يراد به

وللمنية قد سارت ركائبه

هل يؤمن الدهر من مكر ومن خدع

وتلك طبقت الدنيا مصائبه

وليس يصرفه عما يحاوله

عذل ويثنيه عنه من يعاتبه

فكن من الله في خوف وفي حذر

إذ لم ينل عفوه إلا مراقبه

وأرخ جملة من الحوادث المهمة فأجاد وأُبدع منها تاريخه لانتصار الجيوش العثمانية على ليونان بقيادة المشير أدهم باشا في عهد السلطان عبد الحميد سنة ١٣١٤، قال:

سلطاننا عبد الحميد الذي

صان حمى الاسلام والمسلمين

أعزّ دين الله في موقف

أذل فيه الشرك والمشركين

حرب بها اليونان قد شاهدت

عاقبة الطغيان عين اليقين

فيها أعان الله أجناده

على العدا والله نعم المعين

أوحى له الذكر بتاريخها

لقد فتحنا لك فتحاً مبين

وقال في صورة للامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام وجدت في متحف من متاحف اليونان، أهديت للعلامة السيد محمد القزويني:

ملأ العوالم منه حيدر هيبة

وبوصفه حارت عقول الناس

عجباً لمن ملأ البسيطة نوره

وتراه في التصوير في قرطاس(١)

__________________

١ ـ لقد نظم جماعة من الشعراء في هذه الصورة تجدون بعضها في ترجمة السيد باقر القزويني المتوفى ١٣٣٣ في ترجمته الآتية في هذا الكتاب.

٢٣٣

وقال مؤرخاً وفاة استاذ العلامة الكبير الشيخ جعفر الشوشتري سنة ١٣٠٣:

قضى جعفر فالعلم يبكيه والتقى

ويرثيه محراب ويندب منبر

بكت رزءه شهب السما فتناثرت

وحق على أمثاله الشهب تنثر

إلى الواحد الفرد التجأنا فجعفرٌ

قضى شرعه أرخت مذ راح جعفر(١)

وله:

تجود عيوني بالدموع فتغرقُ

ونار جوى قلبي تشب فتحرقُ

لركب سروا والقلب قد سار إثرهم

فيا ركبهم مهلاً عسى القلب يلحق

وظل فؤادي من نواهم كأنه

جناح حمام إذ يرفّ ويخفق

وقد راح يهفو حيث يستاقه الهوى

اليهم وشوقاً كادت النفس تزهق

وسيان وجدي في الأحبة إن مضوا

بهم شحطت عين الديار وإن بقوا

لئن عاد شمل الهمّ مجتمعاً بهم

فقد راح شمل الصبر وهو مفرق

فبتّ ولي قلبٌ يقطّع بالنوى

وطرف على الأحباب دام مؤرق

__________________

١ ـ الشيخ جعفر الشوشتري عالم كبير وواعظ شهير، طبق العلم على العمل وهو أول من لقب ب‍ ( العالم الرباني ) كان يعظ في صحن الامام أمير المؤمنينعليه‌السلام فتحضر لاستماع مواعظه مختلف الطبقات حتى الحكام والولاة والقضاء في العهد العثماني وما زال العلماء والوعاظ والخطباء يستشهدون بأقواله، وله جملة من المؤلفات أشهرها ( الخصائص الحسينية ) يذكر فيه مميزات الامام الحسين وأثر نهضته وفيه من الفلسفة حول ذلك ما لا يوجد في غيره من الكتب التي أُلّفت في الحسين.

ولقد تخرج على منبره جماعات من فطاحل العلماء وأكابر الوعاظ وكتبوا مؤلفات واسعة عن منابره وتأثيرها على المجتمع ولا عجب فما خرج من القلب دخل في القلب وما خرج من اللسان لم يتجاوز الآذان، وقد قيل: ما أحسن الدر ولكن على نحر الفتاة أحسن وما أحسن الموعظة ولكن من المتعظ أحسن وفي الآية الشريفة « وما اريد أن اخالفكم إلى ما أنهاكم عنه » وفي الآية الاخرى « يا أيها الذين آمنوا لمَ تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ».

٢٣٤

وطلّق جفني النوم من غير رجعة

فبان ولو عادوا يعود المطلق

ووارق عودي يوم فرقتنا ذوى

فما هو من بعد التفرق مورق

ومدّ دموعي عن دم ذوب مهجتي

وكيف يمدّ العين ما هو يحرق

لذا احمرّ مني الدمع وابيض مفرقي

أسى وبعيني اسودّ غربٌ ومشرق

أحنّ وإن بانوا وأحنوا وإن جفوا

وأبكي وإن ناموا وللصب أرقوا

وأهوى الحمى إذ كان معهدهم به

وأقلوا النقا إذا منه ساروا وأعنقوا

فإن أشأموا وخداً فاني مشئم

وإن أعرقوا شوقاً بهم أنا معرق

فلا الماء يحلو بعدهم ويلذّ لي

ولا العيش مهما عشت وهو منمق

أقول لدهري يوم فرّق بيننا

أيا دهر للاحباب أنت المفرق

فهل لخليط أسهر الجفن إذ نأى

إياب وهل للنوم في العين مخفق

فقال ألا للناس طول زمانهم

لكل اجتماع بعد حين تفرق

فقلت لعينيّ اسكبا أدمعاً دماً

على جيرة مني صفا العيش رنقوا

ومَن لي بصحب كم هنا لي سائغاً

بهم مصبح قبل الثنائي ومغبق

فيا عاذلي فيهم ألم تدرِ أنني

بهم واليهم مستهام وشيق

* * *

٢٣٥

الشيخ احمد درويش

المتوفى ١٣٢٩

الشيخ أحمد درويش علي. برع في مختلف الفنون الأدبية وألّف وصنّف وأصبح أحد أقطاب الأدب في الأوساط العلمية ترجم له السيد الأمين في الأعيان والأديب سلمان هادي الطعمة قال عنه أنه بغدادي الأصل وكان أديباً فاضلاً له كتاب ( كنز الأديب في كل فن عجيب )(١) وله ارشاد الطالبين في معرفة النبي والأئمة الطاهرين، وأثنى عليه الشيخ اغا بزرك الطهراني فقال: هو الشيخ أحمد بن الشيخ درويش علي بن الحسين بن علي بن محمد البغدادي الحائري، عالم متبحر وخبير ضليع، ولد في كربلاء عصر عاشوراء ١٢٦٢ كما رأيته بخطه نقلاً عن خط والده. نشأ محبا للعلم والأدب فجدّ في طلبهما حتى حصل على الشيء الكثير وكان الغالب عليه حبّ العزلة والانزواء وأصبح على أثرهما مصنفاً مكثراً في أبواب المنقول من السير والتواريخ والأحاديث والمواعظ مما يبهج النفوس ويبهر العقول فمن تصانيفه كتابه الكبير ( كنز الأديب في كل فنٍّ عجيب ) سبع مجلدات ضخام ذكر أنه ألّفه في مدة ثلاثين سنة رأيته بخطه الجيد عند ابن اخته وله الدرة البهية في هداية البرية جزئين أحدهما في المواعظ والثاني في الأخلاق وهما بخطه أيضاً عند ابن اخته أيضاً. وكتب عنه البحاثة خير الدين الزركلي في الاعلام. وجاء له من الشعر سواء في رثاء أهل البيت أو في أغراض أُخر أعرضنا عن ذكره أما قصيدته في الإمام الحسين (ع) التي رواها الكثير فنكتفي بذكر مطلعها وهي تزيد على الثلاثين بيتاً:

عجباً لعين فيكم لا تدمع

عجباً لقلب كيف لا يتصدع

__________________

١ ـ أقول ورأيت من هذا الكتاب في مكتبة الآثار ببغداد عدة مجلدات ضخام، وفي الجزء الأول منه ـ ترجمة لجدنا الأكبر السيد عبد الله شبر صاحب المؤلفات الكثيرة.

٢٣٦

الشيخ كاظم الهر

المتوفى ١٣٣٠

لكن يوم الطف أشجى فادح

وأمضّ يوم بالأسى مشحون

لم أنسَ في أرض الطفوف مصائبا

بقيت وأفنت سالفات قرون

تفنى الليالي وهي باق ذكرها

في كل وقت لا تزال وحين

يوم به سبط النبي محمد

تبكي له حزناً عيون الدين

يوم به نادى الحسين ولم يجد

بين العدا من ناصر ومعين

يوم به شمر الخنا يرقى على

صدر إلى علم النبي مكين

يوم به قد زلزلت زلزالها

سبق الطباق ودك كل رصين

لا غرو إن مطرت سحائب مقلتي

بدم كمنهل السحاب هتون

وبقية الله الذي ينمى الى

جدٍّ لأسرار الكتاب مبين

يبقى ثلاثاً بالتراب معفراً

دام بحدّ حسامها المسنون

ملقى ولكن نسج أنفاس الصبا

أضحى له بدلاً من التكفين

آل الهر اسرة ادبية علمية لها شهرتها ومكانتها(١) ولعل أشهرهم هو الشيخ كاظم المولود في كربلاء عام ١٢٥٧ ه‍ شب وترعرع على حب العلم والكمال فقد درس المقدمات وسهر على علمي الفقه والاصول بالدراسة على أفذاذ عصره فكان مثالاً صالحاً ومفخرة تعتز به كربلاء، يقول الشيخ السماوي في إرجوزته:

__________________

١ ـ تنحدر من اسرة عربية عريقة بعروبتها تعرف ب‍ ( آل عيسى ).

٢٣٧

وكالأديب الكاظم بن الصادق

ظريف آل الهر في الحقائق

فشعره كان لأهل البيت

مشتهر كغرّة الكميت

كان عالماً فقيهاً وكانت له حوزة للتدريس في مدرسة حسن خان، وله ديوان شعر جلّه في مدح آل البيت صلوات الله عليهم، لم يزل مخطوطاً، كتب عنه الشيخ محمد السماوي في ( الطليعة ) والسيد الأمين في ( الأعيان ) وترجم له أخيراً الأديب سلمان هادي الطعمة في مؤلفه ( شعراء من كربلاء ) واستشهد بشيء من غزله ورثائه ومراسلاته وقال: توفي سنة ١٣٣٠ عن عمر يقدّر بالستين ودفن بكربلاء.

أقول رأيت له قصائد مطولة ومنها مرثية في الإمام الحسن السبط، وثانية في الامام السجاد علي بن الحسين، وثالثة في رثاء الامام جعفر بن محمد الصادق، ورابعة في الامام باب الحوائج موسى بن جعفر، وخامسة في الامام محمد الجوادعليه‌السلام مما جعلني أعتقد أنه رثى جميع أئمة أهل البيت صلوات الله عليهم. وهذه قطعة غزلية من شعره:

وسيتك من خود الغواني غادة

فيها دماء العاشقين تباح

تختال من مرح الدلال بقدّها

ويروق في ذات الدلال وشاح

نشوانة الأعطاف من خمر الصبا

رجراجة الأرداف فهي رداح

للكاعب النهدين شوقي وافر

ومديد طرفي نحوها طماح

ريحان الصب المشوق وروحه

سيان عذب رضابها والراح

رقّت شمايلها وراقت منظراً

وزها بروض خدودها التفاح

مالت كغصن البان رنحه الصبا

قلبي عليه طائر صداح

نشرت ذوائب جعدها وكأنما

نشر العبير بنشرها فياح

٢٣٨

الشيخ محمد رضا الخزاعي

المتوفى ١٣٣١

يا منزل الأحباب والمعهدا

حيّاك وكافّ الحيا مرعدا

وانهلّ منك الروض عن ناظر

إن ظلّ يبكي يُضحك المعهدا

وافترّ ثغر الروض واسترجعت

فيك ليالي الملتقى عوّدا

أنى وسلمى قرّبت للنوى

عيساً وللتوديع مدّت يدا

ما بالها لا رُوّعت روعت

قلبي لدى المسرى برجع الحدا

بانت فما ألفيت في عهدها

إلا فتيت المسك والمرودا

هلا رعت عهد الصبا وارعوت

كيلا تجوب البيد والفد فدا

صدّت وظني أنها أنكرت

منى بياض الشيب لما بدا

لم تدر أن الشيب في مفرقي

قد بان مذ بانت بنو أحمدا

بانوا ولي قلب أقام الجوى

فيه وجنبي جانب المرقدا

كم أعقبوا لي يوم ترحالهم

وجداً بأكناف الحشا موقدا

إن لم أمت حزناً فلي مدمع

يحي الثرى لو لم أكن مكمدا

يهمي رباباً في ربا زينب

يروي شعاب الطف أو يجمدا

كم صبية حامت بها لا ترى

إلا مقاماة الظما موردا

يا قلب هلا ذبت في لوعة

قد كابدوها تقرح الأكبدا

فاجزع لما لاقت بنو أحمد

بالطف إن الصبر لن يحمدا

٢٣٩

حيث ابن هند أمّ أن تنثني

للموت أو تلقي له مقودا

فاستأثرت بالعز في نخوة

كم أوقدت نار الوغى والندا

قامت لدفع الضيم في موقف

كادت له الأبطال أن تقعدا

شبوا لظى الهيجاء في قضبهم

لما تداعوا أصيداً أصيدا

يمشون في ظل القنا للوغى

تيهاً متى طير الفنا غرد

من كل غطريف له نجدة

يدعو بمن يلقاه لا منجدا

يختال نشواناً كأن القنا

هيف تعاطيه الدما صرخدا

سلوا الضبا بيضاً وقد راودوا

فيها المنايا السود لا الخرّدا

حتى قضوا نهب القنا والضبا

ما بين كهل أو فتى امردا

أفدي جسوماً بالفلا وزعت

تحكي نجوماً في الثرى ركّدا

أفديهم صرعى وأشلاؤهم

للسمر والبيض غدت مسجدا

هذي عليها تنحني ركعاً

وتلك تهوى فوقها سجدا

وانصاع فرد الدين من بعدهم

يسطو على جمع العدى مفردا

يستقبل الأقران في مرهف

ماض بغير الهام لن يغمدا

أضحت رجال الحرب من بعده

تروي حديثاً في الطلا مسندا

ما كلّ من ضرب ولا سيفه

ينبو ولو كان اللقا سرمدا

يهنيك ياغوث الورى أروع

غيران يوم الروع فيك اقتدى

لا يرهب الأبطال في موقف

كلا ولا يعبأ بصرف الردى

ما بارح الهيجاء حتى قضى

فيها نقيّ الثوب غمر الردى

ولو تراه حاملاً طفله

رأيت بدراً يحمل الفرقدا

مخضباً من فيض أوداجه

ألبسه سهم الردى مجسدا

تحسب أن السهم في نحره

طوق يحلّي جيده عسجدا

ومذ رنت ليلى اليه غدت

تدعو بصوت يصدع الجلمدا

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355