أدب الطف الجزء ٨

أدب الطف11%

أدب الطف مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 355

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 355 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 118373 / تحميل: 9590
الحجم الحجم الحجم
أدب الطف

أدب الطف الجزء ٨

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

شهير، ولد عام ١٢٦٧ في جبل عامل ونشأ هناك وقرأ القرآن وهو ابن خمس سنين بخمسة أشهر ثم درس النحو والصرف فكان موضع اعجاب وتفوق حيث كان حاد الذهن وقاد الفكر وهاجر إلى النجف وهو ابن اثنتي عشرة سنة فدرس على أساطين عصره وحضر درس الشيخ الأخوند والسيد كاظم اليزدي وتلمذ عليه جملة من الفضلاء ذلك مما دعى السيد محمد سعيد الحبوبي أن يخصه بموشحة من موشحاته التي يقول فيها:

قل لمن جاراه يبغى القصبا

حازها موسى فلا تستبق

فإذا ما البزل وافت خببا

قصّرت عن شأوهنّ الحقق

وإذا البرذون جارى سلهبا

ردّ مجراه حضيض زلق

وكان جبل عامل يتطلع اليه وينتظر قدومه اليه فتوجه واستقبله الوجوه والأعيان فكان قرة عين الجميع ذكره البحاثة الطهراني في ( نقباء البشر ) فقال:

العلامة الفقيه الجامع للفنون الإسلامية، أصله من ( بنت جبيل )، أطرى في الثناء عليه سيدنا الصدر في التكملة فقال: انه كتب رسالة في اصول الدين من دون مراجعة كتاب، وكان لا ينسى ما حفظه، كثير الاستحضار للتواريخ وأيام العرب، قرأ على الملا كاظم الخراساني ونظم مطالب الشيخ نظماً جيداً لطيفاً، وكان يحضر بحث الشيخ محمد حسين الكاظمي والشيخ محمد طه نجف حتى فاق أقرانه وعند رجوعه الى لبنان اشتغل بترويج الدين وتعليم المسلمين، وله منظومة في المواريث بديعة في فنها تقع في ٢٤٨ بيتاً، ورسالة في تهذيب النفس، كتب عنه وعن حياته العلمية الكاتب كامل شعيب في مجلة العرفان م ١١ صفحة ٤٥. كانت وفاته في بنت جبيل ليلة الخميس ١١ شعبان عام ١٣٠٤ ه‍ عن عمر ٣٧ سنة ودفن هناك ورثاه جمع من الشعراء منهم السيد نجيب فضل الله بقصيدة أولها:

هل يعلم الدهر مَن أودت فوادحه

أو يعلم الرمس من وارت صفائحه

٤١

ترجم له البحاثة المعاصر علي الخاقاني في ( شعراء الغري ) فأورد جملة من مساجلاته ومراسلاته ومراثيه لاخوانه فمن شعره يعاتب بعض أصدقائه:

كم ذا يقاطعني من لا اقاطعه

وتشرب اللوم جهلاً بي مسامعه

ان مال عني لأوهام ووادعني

فانني وذمامي لا اوادعه

ليس التلوّن من خيمي ومن شيمي

إذا تلون من ساءت صنايعه

ولا اصانع اخوانا صحبتهم

فما خليلك يوماً من تصانعه

ومن مرثية يرثي بها أخاه الشيخ محمد عندما وصل اليه نبأ وفاته في النصف من شعبان سنة ١٣٠٣:

ما لنفسي ذابت وطارت شعاعا

ولقلبي أثر الضعائن ضاعا

ذهب الصبر والأسى يوم بانوا

وتنادوا فيه الوداع الوداعا

وجاء في ترجمته ان السيد محمد سعيد الحبوبي كتب رسالة للمترجم له وكان من جملة عبارات الاطراء: قطب دائرة الفضل المستديرة الأفلاك، وسر الحقيقة المتعالية عن حضيض الادراك، قدوة الفضلاء الذي على أمثلته يحتذون، والاستاذ الذي ترجع اليه المهرة في سائر الفنون وكان في آخر الرسالة قطعة شعرية:

كم يحتذيني الغيث غيث الأدمع

وتشبّ نار البين بين الأضلع

كيف المنام ودون من أنا صبّه

خرط القتاد وشوقه في مضجعي

وأروح يوحشني الأنيس كأنني

وحدي وإن مارست حاشد مجمعي

يا نازحاً عني ومنزله الحشى

القلب معك ونار لاعجه معي

والصبر بعدك شرعة منسوخة

والوجد بعدك شرعة المتشرع

إلى قوله:

لو كنت بعد البين شاهد موقفي

( موسى ) لما شاهدت إلا مصرعي

٤٢

وتأتي ترجمة الشيخ علي شرارة المتوفى ١٣٣٥ وهو من الاسرة نفسها، ولا يفوتنا أن نذكر مؤلفات المترجم له وتراثه العلمي:

١ ـ منظومة في الاصول واسمها ( الدرة المنظمة ) الحاوية لقوانين الاصول المحكمة وقد شرحها ولده الشيخ عبد الكريم.

٢ ـ منظومة في المواريث تقع في ٢٤٨ بيتاً.

٣ ـ رسالة في تهذيب النفس.

٤ ـ ديوانه المخطوط يضم العشرات من القصائد الحكيمة والفلسفية.

وهناك رسائل فقهية وعقائدية لم تتم.

* * *

٤٣

الشيخ حسّون العبد الله

المتوفى ١٣٠٥

في رثاء الحسين:

علمتم بمسراكم أرعتم فؤاديا

وأجريتم دمعي فضاهى الغواديا

ألا يا أحبائي أخذتم حشاشتي

وخلّفتم جسمي من الشوق باليا

فيا ليتني قدمت قبل فراقكم

وذاك لأني خفت أن لا تلاقيا

إذا ما الهوى العذري من نحو ارضكم

سرى فغدا للقلب ريّاً وشافيا

ظللت أبثّ الوجدَ حتى كأنني

لشجوي علّمتُ الحمام بكائيا

تناسيتم عصر الشباب بذي الغضا

وكم قد سررنا بالوصال لياليا

فدع عنك يا سعد الديار وخلّني

أُكابد وجداً في الأضالع ثاويا

لخطب عرا يوم الطفوف وفادح

أمادَ السما شجواً ودك الرواسيا

غداة قضى سبط النبي بكربلا

خميص الحشا دامى الوريدين صاديا

وقته لدى الحرب الزبون عصابة

تخالهم في الحرب اسداً ضواريا

كماة إذا ما الشوس في الحرب شمّرت

أباحوا القنا أحشائهم والتراقيا

اسود إذا ما جرّدوا البيض في الوغى

غدت من دم الأبطال حمراً قوانيا

وقد قارعوا دون ابن بنت نبيهم

إلى أن ثووا في الترب صرعى ظواميا

وعاد ابن خير الخلق بالطف مفرداً

يكابد أهوالاً تشيب النواصيا

يرى آله حرّى القلوب من الظما

وأسرته فوق الرغام دواميا

٤٤

فيدعو ألا، هل من نصير فلم يجد

له ناصراً إلا حساماً يمانيا

هناك انثنى نحو الكفاح بمرهف

أقام على الأعداء فيه النواعيا

وأُقسمُ لولا ما الذي خطّه القضا

لغادر ربع الشرك إذ ذاك عافيا

إلى أن رمي في القلب سهم منيّةٍ

فهدّم أركان الهدى والمعاليا

بنفسي بدراً منه قدغاب نوره

وفرعا ًمن التوحيد أصبح ذاويا

أأنسى حسيناً بالطفوف مجدلاً

على ظمأ والماء يلمع طاميا

ووالله لا أنسى بنات محمد

بقين حيارى قد فقدن المحاميا

إذا نظرت فوق الصعيد حماتها

وأرؤسها فوق الرماح دواميا

هناك انثنت تدعو ومن حرق الجوى

ضرام غدا بين الجوانح واريا

انادى ولا منكم أرى من مجاوب

فما بالكم لا ترحمون صراخيا

ولم أنسَ حول السبط زينب إذ غدت

تنادي بصوت صدع الكون عاليا

أخي لم تذق من بارد الماء شربة

وأشرب ماء المزن بعدك صافيا

أخي لو ترى السجاد أضحى مقيداً

أسيراً يقاسي موجع الضرب عانيا

أخي صرت مرمىً للحوادث والأسى

فليتك حياً تنظر اليوم حاليا

عليّ عزيز أن أراك معفراً

عليك عزيز أن ترى اليوم مابيا

أحاشيك أن ترضى نروح حواسراً

سباياً بنا الأعداء تطوي الفيافيا

بلا كافل بين الأنام نوادباً

خواضع ما بين الطغام بواكيا

عليّ عزيز أن أروح وتغتدي

لقىً فوق رمضاء البسيطة عاريا

أيسترُ قلبي أم تجفّ مدامعي

وانظر ربع المجد بعدك خاليا

فهيهات عيني بعدكم تطعم الكرى

وأن يألف الأفراح يوماً فؤاديا

هو الشيخ حسون ( حسين ) بن عبد الله بن الحاج مهدي الحلي من مشاهير الخطباء في عصره. أديب شاعر معروف.

ولد في الحلة عام ١٢٥٠ ه‍ ونشأ بها وعرف بالخطابة فكان من أشهر

٤٥

مشاهيرها وذاع صيته في الشعر فكان من أعلام الشعراء فيها وكان مرموق الشخصية نابه الذكر حميد الخصال يحترمه الكبير والصغير ويعظمه العالم والجاهل ويهواه الأعيان والوجوه مستقيم السيرة طيب السريرة كريم الطبع طاهر القلب مرح الروح من اعلام النساك وبارزي الثقاة ولقد اعرب عن منزلته الشاعر الخالد السيد حيدر الحلي عند تقدمته لتقرضيه كتابه ( العقد المفصل ) فقال: هو الذي تقتبس أشعة الفضل من نار قريحته وترتوي حائمة؟ والعقل من ري رويته.

وذكره أيضاً في كتابه ( الاشجان ) عند تقديمه مرثيته للسيد ميرزا جعفر فقال: حسنة العصر وانسان الدهر الكامل الألمعي الشيخ حسين بن عبدالله الحلي.

وذكره الشيخ النقدي في الروض النضير صفحة ٢٤٦ فقال: كان ( ره ) أديباً شاعراً فاضلاً خطيباً له شهرة واسعة بين الذاكرين وسيرة محمودة بين العلماء والمتعلمين لم يتكسب بشعره ولم يتاجر ببنات فكره، أكثر نظمه في آل البيت وقد رأيت له قصائد طوالاً في رثاء الامام الحسين وأولاده المعصومين « ع » اتصل بالسادة الكرام آل المعز فكان في مقدمة أحبائهم وأودائهم.

وذكره الحجة الأميني في الجزء ١٣ من كتابه « الغدير » المخطوط فقال: كان خطيب الفيحاء الفذ على كثرة ما بها من الخطباء جهوري الصوت حلو النبرات وكان يسحر بمنطقة وعذوبة كلمه، ولد عام ١٢٥٠ ه‍ وتوفي عام ١٣٠٥ ه‍ في الحلة ونقل الى النجف فدفن فيها ورثته عامة الشعراء. والشيخ حسون إذا ما قرأناه من شعره فإنه يبدو انساناً حرّ الضمير قوي القلب ذو مبدء واضح وشخصية قوية يعرب لك من خلاله أنه معتمد على نفسه غني عما في أيدي الناس ولعل ما ستقرؤه من شعره كاف لأن يوصلك إلى هذا الرأي فهو ان تحمس أفهمك أنه العربي الذي امتد نجاره الى أبعد حدود العروبة وأن تغزل فهو من اولئك العرب الذين كانت تستعبدهم العيون السود وأن لرقة طبعه أثر بارز في رقة ألفاظه وانسجام اسلوبه.

٤٦

توفيرحمه‌الله بالحلة في العشر الأواخر من شهر رمضان عام ١٣٠٥ ه‍ ونقل جثمانه الى النجف ودفن بها وخلف ولداً اسمه الشيخ علي توفي بعده بثلاثين عاماً. ورثاه فريق من شعراء عصره بقصائد مؤثرة دلّت على سمو مكانته في نفوسهم، منهم الشيخ حسن مصبح والسيد عبد المطلب الحلي والشيخ علي عوض والحاج حسن القيم. وربما رثاه بعضهم بقصيدتين أو ثلاث، ولقد وقفت على مجموع عند أحد أحفاد أخيه اقتطفت منه ما سيجي من شعره وقد عرفني به صديقنا الشاعر عبود بن الحاج مهدي الفلوجي انتهى. أقول وممن تخرّج على يده الخطيب الكبير الشيخ جاسم الملا ابن الشيخ محمد الملا وكلاهما شاعران ناثران، والمترجم له أروي له عدة قصائد في الامام الحسينعليه‌السلام منها قصيدته العامرة المشتملة على الوعظ والتحذير وأولها:

أشاقك من آرام يبرين ربرب

فأصبحت صبّاً في هواه تعذبُ

والمرثية الثانية التي مطلعها:

نشدتك ان جئت خبت النقا

فعرّج به واحبس الاينقا

مضافاً إلى انه طرق جميع أبواب الشعر، واليكم نموذجاً من شعره في الإمام الحسين.

إلى مَ فؤادي كل يوم مروعُ

وفي كل آن لي حبيبٌ مودع

وحتام طرفي يرقب النجم ساهراً

حليف بكاء والخليون هجّع

أزيد التياعا كلما هبّت الصبا

أو البرق من سفح الحمى لاح يلمع

وأطوي ظلوعي فوق نار من الجوى

إذا ما سحيراً راحت الورق تسجع

أكاد لما بي أن أذوب صبابة

متى هي باتت للحنين ترجّع

تنوح ولم تفقد أليفاً وبين مَن

أودّ وبيني مهمه حال هجرع(١)

__________________

١ ـ هو الطويل.

٤٧

فلهفي وهل يجدي الشجي تلهف

لعيش تقضّى بالحمى وهو مسرع

فيا قلب دع عهد الشباب وشرخه

فليس لأيام نأت عنك مرجع

ومن يك مثلي لم تشقه كواعب

ولم يصبه طرف كحيل وأربع

لئن راح غيري بالعذارى مولعاً

فها انا في كسب العلاء مولع

وان يك غيري فخره جمع وفره

فإني لما يبقى لي الفخر أجمع

سموت بفضلي هامة النسر راقياً

سرادق عزّهنّ أعلى وأمنع

ولم أرض بالجوزاء داراً وان سمت

لأن مقامي في الحقيقة أرفع

وكم لائمٍ جهلاً أطال ملامتي

غداة رآني مدنفاً أتفجع

يظن حنيني للعذيب ولعلع

وهيهات يشجيني العذيب ولعلع

فقلت له والوجد يلهب في الحشا

وللهم أفعى في الجوانح تلسع

كأنك ما تدري لدى الطف ما جرى

ومن بثراها ـ لا أباً لكَ صرعوا

غداة بنو حرب لحرب ابن أحمد

أتت من أقاصي الأرض تترى وتهرع

بكثرتها ضاق الفضاء فلا يرى

سوى صارم ينضى وأسمر يشرع

هنالك ثارت للكفاح ضراغم

لها منذ كانت لم تزل تتسرع

تزيد ابتهاجاً كلما الحرب قطّبت

وذلك طبع فيهم لا تطبّع

تعد الفنا في العزّ خير من البقا

وما ضرّها في حومة الحرب ينفع

سطت لا تهاب الموت دون عميدها

ولا من قراع في الكريهة تجزع

تعرّض للسمر اللدان صدورها

وهاماتها شوقاً الى البيض تتلع

إذا ما بنو الهيجاء فيها تسربلت

حديداً تقي الأبدان فيه وتدفع

تراهم اليها حاسرين تواثبوا

عزائمها الأسياف والصبر أدرع

فكم روعوا في حومة الحرب أروعا

وكم فرقاً للأرض يهوى سميدع

وراح الفتى المقدام يطلب مهربا

ولا مهرب يغني هناك ويدفع

مناجيد في الجلّى عجالا الى الندى

ثقالا لدى النادي خفافا إذا دعوا

٤٨

إذا هتف المظلوم يا آل غالب

ولا منجد يلفى لديه ومفزع

أجابوه من بعدٍ بلبّيك وارتقوا

جياداً تجاري الريح بل هي أسرع

ولم يسألوه إذ دعاهم تكرما

إلى أين بل قالوا أمنت وأسرعوا

فما بالهم قرّوا وتلك نساؤهم

لصرختها صمّ الصفا يتصدع

عطاشى قضت بالعلقمي ولم تكن

لغلتها في بارد الماء تنقع

وأبقت لها الذكر الجميل متى جرى

بشرقٍ فمنه غربها يتضوع

يحامون عن خدر لهيبة مَن به

ـ ولا عجب غرّ الملائك تخضع

فأصبح شمر فيه يسلب زينباً

ولم ترَ من عنها يذبّ ويدفع

تدير بعينيها فلم ترَ كافلا

سوى خفرات بالسياط تقنع

فكم ذات صون مارأت ظلّ شخصها

ولا صوتها كانت من الغض تسمع

محجبة بين الصوارم والقنا

عليها من النور الإلهي برقع

فأضحت وعنها قد أماطوا خمارها

وبالقسر عنها بردها راح ينزع

واعظم خطب لو على الشم بعضه

يحط لراحت كالهبا تتصدع

غداة تنادوا للرحيل وأحضرت

نياق لهاتيك العقائل ضلّع

ومرت على مثوى الحماة إذا بهم

ضحايا فمرضوض قرىً ومبضع

فكم من جبين بالرغام مرمل

ومن نوره بدر السما كان يسطع

وكم من أكفٍّ قطعت بشبا الضبا

وكانت على الوفاد بالتبر تهمع

وكم من رؤوس رامت القوم حفظها

فراحت على السمر العواسل ترفع

فحنّت وألقت نفسها فوق صدره

وأحنت عليه والنواظر همّع

تناديه من قلب خفوق ومهجة

لعظم شجاها أوشكت تتقطع

أخي كيف أمشي في السباء مضامة

وأنت بأسياف الأعادي موزع

وكيف اصطباري ان عدانا ترحلت

وجسمك في قفر من الأرض مودع

وحولك صرعى من ذويك أكارمٌ

شباب تسامت للمعالي ورضّع

٤٩

لها نسجت أيدي الرياح مطارفا

من الترب فانصاعت بها تتلفع

لمن منكم أنعى وكل أعزةً

عليَّ ومن عند الرحيل اودّع

أجيل بطرفي لم أجد مَن يجيرني

تحيّرت ما أدري أخي كيف أصنع

أترضى بأني اليوم أهدى ذليلة

ووجهي بادٍ لا يواريه برقع

وحولي صفايا لم تكن تعرف السبا

ولا عرفت يوماً تذل وتضرع

وقال يرثي العباس بن أمير المؤمنين (ع):

لو كنت تعلم ما في القلب من شجن

ما ذاق طرفك يوماً طيّب الوسنِ

ولو رأيت غداة البين وقفتنا

أذلتَ قلبكَ دمعاً كالحيا الهتن

ناديت مذ طوّح الحادي بظعنهم

وراح يطوي فيافي الأرض بالبدن

يا راحلين بصبري والفؤاد معاً

رفقاً بقلب محبٍّ ناحل البدن

كم ليلة بتّ مسروراً بكم طرباً

طرفي قرير وعيشي بالوصال هني

أخفي محبتكم كيلا ينمّ بنا

واشٍ ولكنّ دمع العين يفضحني

ظللت في ربعكم أبكي لبعدكم

كما بكين حماماتٌ على فنن

طوراً أشمّ الثرى شوقاً وآونة

أدعو ولا أحد بالردّ يسعفني

دع عنك يا سعد ذكر الغانيات ودع

عنك البكاء على الاطلال والدمن

واسمع بخطب جرى في كربلاء على

آل النبي ونح في السر والعلن

لم أنسَ سبط رسول الله منفرداً

وفيه أحدق أهل الحقد والاحن

يرنو إلى الصحب فوق الترب تحسبها

بدور تمّ بدت في الحالك الدجن

لهفي له إذ رأى العباس منجدلا

فوق الصعيد سليبا عافر البدن

نادى بصوت يذيب الصخر يا عضدي

ويا معيني ويا كهفي ومؤتمني

عباس قد كنتَ لي عضباً أصول به

وكنتَ لي جنّة من أعظم الجنن

عباس هذي جيوش الكفر قد زحفت

نحوي بثارات يوم الدار تطلبني

٥٠

ومخمد النار إن شبّت لواهبها

ومن بصارمه جيش الضلال فني

بقيت بعدك بين القوم منفرداً

أُقلّب الطرف لا حام فيسعدني

نصبت نفسك دوني للقنا غرضا

حتى مضيتَ نقيّ الثوب من درن

كسرتَ ظهري وقلّت حيلتي وبما

قاسيتُ سرت ذوو الأحقاد والظغن

تموت ظامي الحشا لم ترو غلّتها

في الحرب ريّاً فليت الكون لم يكن

* * *

٥١

الميرزا اسماعيل الشيرازي

المتوفى ١٣٠٥

قال في جده الحسين (ع):

نبا نزار من ضباك الشبا

أم سمرك اليوم غدت أكعبا

أم عقرت خيلك أم جززت

منها نواصيها فلن تركبا

ما كان عهدي بك أن تحملي

الضيم وفي يمناك سيف الإبا

فهذه حرب وقد أنشبت

فيك على رغم العلى المخلبا

فأين عنكم يا ليوث الوغى

مخالب السمر وبيض الظبا

وفي الوغى لم تنشري راية

ولم تجيلي خيلك الشزّبا

فحربك اليوم خبت نارها

ونار حرب لهبت في الخبا

أتدخل الخيل خباء الأولى

خباؤها فوق السما طنبا

نساؤها تسبى جهاراً ولا

من سيفها البتار يدمى شبا

لهفي لآل الله إذ أبرزت

من الخبا ولم تجد مهربا

تؤم هذي ولّها مشرق الشمس

وهذي تقصد المغربا

وزينب تهتف بالمصطفى

والمرتضى والحسن المجتبى

يا غائباً لا يرتجى عوده

ولن تراه أبداً آئبا

ترضى بأن أسلب بين العدى

حاشاك أن ترضى بأن أسلبا

فأيها الموت أرحني فما

أهنأك اليوم وما أطيبا

* * *

٥٢

السيد الميرزا أبو الحسين اسماعيل بن السيد رضا الحسيني الشيرازي: نزيل سامراء ابن عم الميرزا المجدد السيد محمد حسن الشيرازي المشهور وخال أولاده. توفي في ١١ شعبان سنة ١٣٠٥ في الكاظمية وكان قد جاء اليها من سامراء قبل شهرين وحمل الى النجف الأشرف فدفن هناك. كان عالماً فاضلاً جليلاً شاعراً، قرأ على ابن عمه الميرزا الشيرازي في سامراء وكان من أفضل تلامذته وله اشعار في مدح أمير المؤمنين ورثاء الحسينعليهما‌السلام .

أقول وهذه القصيدة مقتبسة من بائية السيد حيدر الحلي:

يا آل فهر اين ذاك الشبا

ليست ضباك اليوم تلك الظبا

وجاء في ترجمته أن الشيخ حمادي نوح الحلي رثاه بقصيدة أثبتها السيد الأمين في الاعيان، ولا بأس بالاشارة الى قصيدته في مولد الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فمنها.

هذه فاطمة بنت اسد

أقبلت تحمل لاهوت الأبد

فاسجدوا طراً له فيمن سجد

فله الأملاك خرّت سجدا

مذ تجلّى نوره في آدم

إن تكن تجعل لله البنون

ـ تعالى الله عما يصفون ـ

فوليد البيت أحرى أن يكون

لوليّ البيت طراً ولدا

لا عزير، لا ولا ابن مريم

حبذا آناء أنس أقبلت

أدركت نفسي بها ما أملّت

ولدت أمّ العلى ما حملت

طاب أصلاً وتعالى محتدا

حاملاً ثقل ولاء الامم

٥٣

الشيخ محسن أبو الحب

المتوفى ١٣٠٥

قال في الحسين:

فار تنور مقلتيَّ فسالا

فغطى السهل موجه والجبالا

وطفت فوقه سفينة وجدي

تحمل الهمّ والأسى أشكالا

عصفت في شراعها وهو نار

عاصفات الضنا صباً وشمالا

فهي تجري بمزبد غير ساج

ترسل الحزن والأسى ارسالاً

فسمعت الضوضاء في كل فج

كل لحن يهيج الاعوالا

قلت ماذا عرى ـ اميم ـ فقالت

جاء عاشور واستهل الهلالا

قلت ماذا عليَّ فيه فقالت

ويك جدد لحزنه سربالا

لا أرى كربلا يسكنها اليوم

سوى من يرى السرور محالا

سميت كربلاء كي لا يروم

الكرب منها إلى سواها ارتحالا

فاتخذها للحزن داراً وإلا

فارتحل لا كفيت داء عضالا

من عذيري من معشر تخذوا

اللهو شعاراً ولقبوه كمالا

سمعوا ناعي الحسين فقاموا

مثل من للصلوة قاموا كسالا

أيها الحزن لا عدمتك زدني

حرقة في مصابه واشتعالا

لست ممن تراه يوماً جزوعاً

تشتكي عينه البكاء ملالا

أنا والله لو طحنتُ عظامي

واتخذت العمى لعيني اكتحالا

٥٤

ما كفاني وليس إلا شفائي

هزة تجفل العدى اجفالا

فتكة الدهر بالحسين الى الحشر

علينا شرارها يتوالا

لك يا دهر مثلها لاوربي

انها العثرة التي لن تقالا

سيم فيها عقد الكمال انفصاماً

ذي لئاليه في الثرى تتلالا

سيم فيها دم النبي انسفاكاً

ليت شعري من ذا رآه حلالا

نفر من بنيه أكرم من تحت

السما رفعة وأعلا جلالا

ضاق منها رحب الفضاء ولما

لم تجد للكمال فيه مجالا

ركبت أظهر الحمام وآلت

لا تعد الحيوة إلا وبالا

ما اكتفت بالنفوس بذلاً إلى أن

اتبعتها النساء والأطفالا

ملكوا الماء حين لم يك إلا

من نجوم السماء أقصى منالا

ثم لم يطعموه علماً بأن الله

يسقيهم الرحيق الزلالا

ليتهم بعدما الوغى أكلتهم

أرسلوا نظرة وقاموا عجالا

ليروا بعدهم كرائم عز

زلزل الدهر عزها زلزالا

أصبحت والعدو أصبح يدعو

اسحبي اليوم للسبا أذيالا

ذهب المانعون عنك فقومي

والبسي بعد عزك الاذلالا

كم ترجّين وثبة من رجال

لك كانوا لا يرهبون الرجالا

أنت مهتوكة على كل حال

فانزعي العز والبسي الاغلالا

لك بيت عالي البناء هدمناه

وحُزنا خفافه والثقالا

أين من أنزلوك باحة عز

لا ترا كالعيون إلا خيالا

صوّتي باسم من أردتِ فإنا

قد أبدناهم جميعاً قتالا

وكسوناهم الرمال ثياباً

وسقيناهم المنون سجالا

وهي لا تستطيع مما عراها

من دهى الخطب أن ترد مقالا

غير تردادها الحنين وإلا

زفرة تنسف الرواسي الثقالا

٥٥

وقال في قصيدة متضمناً للرواية التي تقول أن سبايا الحسينعليه‌السلام لما قاربوا دخول الشام دنت أمّ كلثوم بنت عليعليه‌السلام من شمر بن ذي الجوشن وقالت: يا بن ذي الجوشن لي اليك حاجة، قال ما حاجتك قالت إذا دخلت بنا البلد فاحملنا في طريق قليل نظاره وتقدم إلى حاملي الرؤوس أن يخرجوها من بين المحامل فقد خزينا من كثرة النظر الينا، فأمر بعكس سؤالها بأن تجعل الرؤوس في أوساط المحامل ويُسلك بهم بين النظارة:

وأعظم شيء أن ربة خدرها

تمدّ إلى أعدائها كفّ سائل

تقول لشمر والرؤس أمامها

وقد أحدقت بالسبي أهل المنازل

فلو شئت تأخير الرؤوس عن النسا

وإخراجها من بين تلك المحامل

ليشتغل النظّار عنا فإننا

خزينا من النظار بين القبائل

ويقول في مفاداة أبي الفضل العباس لأخيه الحسين (ع) وكأن الحسين يخاطبه:

أبوك كان لجدي مثل كونك لي

كلاهما قصب العلياء حاويها

أبوك ساقي الورى في الحشر كوثره

وأنت أطفالنا بالطف ساقيها

الشيخ محسن خطيب بارع وشاعر واسع الافاق خصب الخيال، ولد سنة ١٢٣٥ ه‍ ونشأ بعناية أبيه وتربيته وتحدر من اسرة عربية تعرف بآل أبي الحب، وتمتُّ بنسبها إلى قبيلة خثعم، وتدرج على نظم الشعر ومحافل الأدب وندوات العلم، ولا سيما ومجالس أبي الشهداء مدارس سيارة وهي من أقوى الوسائل لنشر الأدب وقرض الشعر فلقد جاء في يوم الحسينعليه‌السلام من الشعر والخطب ما يتعذر على الأدباء والمعنين بالأدب جمعه أو الاحاطة به، وشاعرنا الشيخ محسن نظم فاجاد وأكثر من النوح والبكاء على سيد الشهداء (ع) وصوّر بطولة شهداء الطف تصويراً شعرياً لا زالت الادباء ومجالس العلماء تترشفه وتستعيده وتتذوقه.

وفي أيام حداثتي وأول تدرجي على الخطابة استعرتُ ديوان الشاعر المترجم

٥٦

له من حفيده وسميّه الخطيب الشيخ محسن وانتخبت منه عدة قصائد وهي مدونة في الجزء الثاني من مخطوطي ( سوانح الأفكار ) وكتب عنه الشيخ السماوي في ( الطليعة ) فقال: محسن بن محمد الحويزي الحائري المعروف بأبي الحب كان خطيباً ذاكراً بليغاً متصرفاً في فنون الكلام إذا ارتقى الأعواد تنقّل في المناسبات، إلى أن يقول: وله ديوان كبير مخطوط كله في الأئمة. توفي بكربلاء سنة ١٣٠٥ ودفن بها، وترجم له صاحب ( معارف الرجال ) فقال في بعض ما قال:

كان فاضلاً أديباً بحاثة ثقة جليلاً ومن عيون الحفاظ المشهورين والخطباء البارعين، له القوة الواسعة في الرثاء والوعظ والتاريخ وكان راثياً لآل رسول الله (ع) وشاعراً مجيداً، حضرتُ مجلس قراءته فلم أر أفصح منه لساناً ولا أبلغ منه أدباً وشعراً. وكتب عنه صديقنا الأديب السيد سلمان هادي الطعمة في كتابه ( شعراء من كربلاء ) وجاء بنماذج من نظمه وقال: توفي ليلة الاثنين ٢٠ ذي القعدة عام ١٣٠٥ ه‍ ودفن في الروضة الحسينية المقدسة إلى جوار مرقد السيد ابراهيم المجاب.

أقول ويسألني الكثير عن إبراهيم المجاب، فهو إبراهيم بن محمد العابد ابن الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام ، وإنما سمي بالمجاب لأنه سلّم على جدّه الإمام فخرج رد الجواب من داخل القبر، وأبوه محمد العابد مدفون في ( شيراز ) وسمي بالعابد لتقواه وعبادته، وهكذا كل أولاد الإمامعليه‌السلام .

٥٧

فرهاد ميرزا القاجاري

المتوفى ١٣٠٥ ه‍

من شعره في الحسين:

قلب يذوب اسى ووجدٌ مُعنف

وجوانح تذكى وعينٌ تذرفُ(١)

ماكنتُ أحسب قبل طرفك سافحا

حمر الدما أن النواظر ترعف

فكأنما بمذاب قلبك قد جرت

تلك الدموع فبلّ منك الموقف

أفهل ترى أصما فؤادك أهيفٌ

حاشاك أن يصمي فؤادك أهيف

بل قد دهاك مصاب آل محمد

فعلتك منها زفرة وتلهّف

تالله لا أنسى الحسين بكربلا

وعليه أجناد العراق تعطّفوا

يدعو وليس يرى له من ناصر

إلا المثقف والحسام المرهف

والصائبات من السهام كأنها

الاقدار لا تنبو ولا تتخلّف

لهفي على آل الرسول وحرمةٍ

هتكت ورأس قد علاه مثقّف

وعلى الشفاه الذابلات وأضلع

عجف يطير لهنّ نصلُ أعجف

لهفي على جثث تركن تزورها

وحش الفلا وتحوزهنّ الصفصف

تالله لا أنسى الحسين وقد دنا

بين الجحافل راكباً يستعرف

قال انسبوني في أبي ومحمد

جدي وفاطمة البتول وانصِفوا

وكأن معجزة الكليم بكفه

ما تلتقي من قوم موسى تلقف

__________________

١ ـ اخذناها عن كتاب القمقام لمؤلفه المرحوم فرهاد ميرزا.

٥٨

لما تنزّل نصر رب محمد

صمّت حيارى والملائك وقّف

لم يرضه إلا الوفاء بعهده

ولقاء مَن هو وعده لا يخلف

لهفي لزينب إذ رأته مرملا

وبه جنود الأدعياء تكنّفوا

نادت بأعلى صوتها أمحمدٌ

هذا حسينك بالعراء مدفف

عجباً لهذي الشمس لما أشرقت

تلك الشموس حواسراً لا تكسف

* * *

يا أهل ذي البيت المقدس إنكم

نور العوالم والسنام الأشرف

( فرهاد ) آنس حبكم فبحبكم

لا زال يذكر فضلكم ويؤلف

كم كان عظّم من شعائر فيكم

بمناقب ومأثر لا توصف

وبنى لموسى والجواد شعائراً

تبنى بتلك له القصور ورفرف

اليوم الّف ذا الكتاب بحبكم

يرجو غداً بيمينه يتخطّف

خضعت جبابرة الملوك لأمره

لكنه بولائكم يتشرف

تنسوه أو تردوه أو تقصوه أو

تحموه فهو بحبكم يتعرف

صلى الاله عليكم ما ناحت

الورقاء أو نعب الغراب الأسدف

* * *

معتمد الدولة فرهاد ميرزا ابن ولي العهد عباس ميرزا ابن فتحعلي شاه القاجاري، توفي سنة ١٣٠٥ ه‍ في ايران وحمل إلى الكاظمية ودفن فيها عالم فاضل له كتاب ( زنبيل ) في فوائد متفرقة بالعربية والفارسية جمعه الميرزا محمد حسين المنشي العلي آبادي المازندراني من خطوط المذكور أيام ولايته على فارس سنة ١٢٩٣ « مطبوع » وله ( القمقام الزخار ) و ( الصمصام البتار ) في مقتل الحسين (ع) وأحواله، فارسي في مجلدين « مطبوع » وله ( جام جم ) في الجغرافيا مترجم عن الانكليزية مع زيارات فارسي « مطبوع ».

وفي الكنى والالقاب: الحاج فرهاد ميرزا بن نائب السلطنة عباس بن فتح

٥٩

علي شاه القاجار، كان فاضلاً كاملاً أديباً مؤرخاً جامعاً للفنون له مصنفات كثيرة شهيرة منها ( القمقام ) و ( جام جم ) و ( هداية السبيل ) وغير ذلك. ذكره صاحب الذريعة وقال: من آثاره الخيرية تعمير صحن الكاظمينعليهما‌السلام وتذهيب مناراته في سنة ١٢٩٨ وتوفي سنة ١٣٠٥ وبعد سنة حمل إلى مقبرته المشهورة بالمقبرة الفرهادية في سنة ١٣٠٦ أقول: مقبرته في الباب الشرقي من أبواب صحن الكاظمين (ع) مدفون بجنب الباب المعروف باسمه في حجرة عن يمين الداخل إلى الصحن الشريف.

ذكر الشيخ الطهراني في الذريعة فقال: جام جم في الجغرافية لتمام الكرة الأرضية وتواريخها في ماية واربعين بابا. والقمقام الزخار فارسي في سيرة الإمام الحسينعليه‌السلام وشهادته وفرهنك جغرافياي ايران.

* * *

٦٠

الشيخ احمد الخطّي

المتوفى 1306

هو الشيخ أحمد بن مهدي بن أحمد بن نصر الله آل السعود الخطي البحراني القطيفي عالم أديب. عقد الشيخ علي آل حاجي البحراني في كتابه ( أنوار البدرين ) فصلاً خاصاً لذكره، وترجمه ترجمة مفصلة قال فيها: هو أحد أركان الدهر ونبلاء العصر وفصحاء المصر، أفضل ما يكون في الأدب وأبصر ما يكون بسياسة الملك، كان لأهل بلاده سيفاً وسناناً وظهراً ولساناً من أحسن حسنات زمانه وأفخر أبناء عصره وأوانه له ( السبع العلويات ) التي جارى بها ابن أبي الحديد ففاقه، وله السبع التي جارى بها ( المعلقات السبع ) وله مائة قصيدة في رثاء الحسينعليه‌السلام ، وله مدائح كثيرة في آل الله ومثالب أعداء الله، وديوان شعره يقع في أربعة أجزاء. توفي في ربيع الأول سنة 1306 ه‍ ودفن بالحباكة وهي مقبرة معروفة بالقطب انتهى ملخصاً عن ( التكملة ).

وقال صاحب أنوار البدرين عند ذكره لعلماء الخط والقطيف ما يلي مختصراً: ومن ادبائها الفخام وبلغائها العظام ورؤسائها الحكام الشيخ أحمد بن الشيخ مهدي بن أحمد بن نصر الله أبو السعود الخطي، له من الشعر والأدب الحظ الوافر عاصرناه مدة من الزمان فلم نرَ مثله في الرؤساء والأعيان، إن جلس مع العلماء فهو كأحدهم في اللهجة واللسان أو مع الشعراء المجيدين والادباء الكاملين كانت له التقدمة عليهم، أو مع الرؤساء والحكام فهر المشار اليه بالبنان، قد سلّم الله بسببه كثيراً من المؤمنين من القتل. وإلى الآن لم نقف

٦١

لأحد من الشعراء والأدباء مع كثرة تتبعنا واطلاعنا بمثل ما وقفنا له من كثرة الأدب والشعر البليغ المتين ولا سيما في المدائح والمرائي لمحمد وآله الطاهرين، بالرغم من كثرة النكبات التي لاقاها بعد وفاة والده من حكام الوهابية حتى نهبت أمواله وأملاكه حتى نفي عن البلاد فهاجر للبحرين عن طريق قطر ثم إلى ( أبو شهر ) ثم اتصل بالدولة العثمانية وحرّضها على طرد الوهابية وهكذا كان ثم رجع إلى بلاده بالعز والهيبة والعظمة والسطوة إلى أن أجاب داعي ربه.

وهذه إشارة الى علوياته التي ذكرها صاحب أنوار البدرين. قال من قصيدة طويلة عدّد فيها فضائل الإمام أمير المؤمنين وتخلّص إلى رثاء الإمام الحسينعليه‌السلام :

فلله ظام حيل والماء دونه

وسيق له بالزاخرات الشوادر

قضى ضامئاً ما بلّ بالماء ريقه

ولا علّ إلا بالرماح القواطر

فقل للمعالى أسلسي وتنكبي

هل انكفأت إلا بصفقة خاسر

وللعربيات الجياد تنبّدي

ظلال العوالي واقتحام المغاور

فما للمعالي في علاهنّ باذخ

ولا للعوادي قائد للمضامر

فهذي انوف المجد جذعاً وهذه

أكفّ المعالي داميات الخناصر

تنوء العوالي منهم بأهلّة

من الهام والأجساد رهن المعافر

وتجري عليهم كل جرداء هل درت

بأن وطأت في جريها جسم طاهر

وفي آخرها:

اليك أمير المؤمنين مدائحي

وفيك وإن لجّ اللواحي بضائري

وأنت معاذي في المعاد وإنما

اليك مصير الأمر يوم المصائر

هل المدح إلا في معاليك رائق

وهل راق بالأشعار مثل المأثر

وقال في مطلع قصيدة:

في كل يوم للحشاشة مصدع

أرقٌ يلم وظا عن لا يرجع

٦٢

وإلى أمير المؤمنين تجملّي

وإلى علاه معاذنا والمفزع

ملك تصور كيف شاء إلى الورى

يعطي به هذا وهذا يمنع

وتحلّقت عذباته بمعاقد

يهوي لاخمصها المحل الأرفع

كم تستمد السحب منه سماحة

فتلثّ منها ديمة ما تقشع

ولكم يمرّ به الغمام فينثني

وطفا يسحّ ركامه يتدفع

سل عند يوم الخندقين ومصرع

العمرين ذا عانٍ وذاك مصرّع

والقصيدة تربو على المائة بيتاً.

له ما يقرب من مائة قصيدة في رثاء الحسين (ع) وله شعر في أغراض أُخر وله ديوان يقع في مجلدين كبيرين كله في المدائح والمراثي ذكر جملة من شعره في أعيان الشيعة. توفيرحمه‌الله في شهر ربيع الأول سنة 1306 ه‍ وصلّينا عليه مع شيخنا الوالد الروحاني، وجاء في جملة أحواله أنه كان ينظم في عشر محرم الحرام كل ليلة قصيدة ويعطيها فتنشد في المأتم.

* * *

٦٣

السيد صالح القزويني النجفي

المتوفى 1306

قال من قصيدة مطوّلة في رثاء الحسين (ع):

لله آل الله تسرع بالسرى

وإلى الجنان بها المنايا تسرع

منعوا الفرات وقد طما متدفعا

يا ليت غاض عبابه المتدفع

أترى يسوغ به الورود ودونه

آل الهدى كاس المنون يجرعوا

أم كيف تنقع غلة بنميره

والسبط غلته به لا تنقع

ترحا لنهر العلقمي فانه

نهر بأمواج النوائب مترع

وردوا على الظماء الفرات ودونه

البيض القواطع والرماح الشرع

أسد تدافع عن حقايق أحمد

والحرب من لجج الدما تتدفع

حفظوا وصية أحمد في آله

طوبى لهم حفظوا به ما استودعوا

واستقبلوا بيض الصفاح وعانقوا

سمر الرماح وبالقلوب تدرعوا

فكأنما لهم الرماح عرائس

تجلى وهم فيها هيام ولع

يمشون في ظلل القنا لم تثنهم

وقع القنا والبيض حتى صرعوا

تنقض من أُفق القتام كأنها

فوق الرغام نجوم افق وقع

أجسادهم للسمهرية منهل

ونحورهم للمشرفية مرتع

وجسومهم بالغاضرية جثم

ورؤسهم فوق الأسنّة ترفع

لله سبط محمد ظامى الحشا

فرداً يحوم على الفرات ويمنع

٦٤

ما انقض كوكب سيفه إلا انطوى

للنقع ثوب بالسيوف مجزع

يرتاح ان ثار القتام وللقنا

مرح وورقاء الحمام ترجع

ما أحدث الحدثان خطبا فاضعا

إلا وخطب السبط منه أفضع

دمه يباح ورأسه فوق الرماح

وشلوه بشبا الصفاح موزع

بالمائدات مرضض بالمائسا

ت مظلل بنجيعه متلفع

يا كوكب العرش الذي من نوره

الكرسي والسبع العلى تتشعشع

كيف اتخذت الغاضرية مضجعا

والعرش ودّ بأنه لك مضجع

لهفي لآلك كلما دمعت لها

عين بأطراف الأسنة تقرع

تدمى جوانبها وتضرم فوقها

أبياتها ويماط عنها البرقع

وإلى يزيد حواسراً تهدى على

الأقتاب تحملها النياق الضلع

* * *

السيد صالح القزويني النجفي البغدادي ولد في النجف الأشرف 17 رجب سنة 1208 ه‍ وتوفي 5 ربيع الأول سنة 1306 ه‍ وبها نشأ وترعرع ودرس العلوم الدينية على جماعة من العلماء أكبرهم وأعمقهم أثراً في نفسه استاذه الشيخ محمد حسن صاحب جواهر الكلام. وشاعرنا من أعلام العلماء والشعراء نشأ على حبّ العلم إلا أنه اشتهر بمقارضة الشعر، وكان وقوراً جميل الهيئة قوي العارضة حسن المعاشرة لطيف المحاظرة ولاجتماع الفضائل فيه صاهره مرجع الشيعة واستاذه صاحب جواهر الكلام وانتقل إلى بغداد سنة 1259 وتوفي بها ونقل جثمانه للنجف الأشرف فدفن في المقبرة المعدة لهم في وادي السلام وأعقب خمسة بنين وست بنات اشتهر من أولاده بالشعر اثنان: السيد راضي والسيد حسين المشهور بالسيد حسون، كما اشتهر بالفضل والعلم ولده السيد مهدي. ولشاعرنا ديوان مخطوط في شتى المقاصد من مدح ورثاء وتهنئة ووصف وله كتاب ( تاريخ أحوال سيد الوصيين ). وهذه الاسرة عريقة في العراق نبغ فيها العلماء الأعلام والشعراء العظام واليكم سلسلة النسب: السيد صالح بن المهدي

٦٥

ابن الرضا بن مير محمد علي بن أبي القاسم محمد بن محمد علي بن مير قبا بن أبي القاسم محمد بن عبد الله بن الحسين بن علي بن الحسن بن ابي الحسن علي بن أبي الحسين بن علي بن زيد بن أبي الحسن علي الغراب بن يحيى المدعو عنبر بن أبي القاسم علي بن ابي البركات محمد بن أبي جعفر احمد بن محمد صاحب دار الصخرة في الكوفة بن زيد بن علي الحماني الشاعر بن محمد الخطيب بن جعفر الملقب بالشاعر ابن محمد بن زيد الشهيد بن الإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع).

وشاعرنا المترجم له هو ناظم ( الدرر الغروية في مدح ورثاء العترة المصطفوية ) تحتوي على أربعة عشر قصيدة مطولة في المعصومين الأربعة عشر، أما ديوانه الكبير فقد جمعه العالم الشاعر الشيخ ابراهيم صادق العاملي وكتبه بخطه وترجم للشاعر ترجمة مُفصلة، وهذه النسخة اشتراها الأب انستاس الكرملي ثم انتقلت بعد موته إلى مكتبة دار الاثار العامة ببغداد مع الف وخمسمائة ونيف من مخطوطات كتب انستاس، رأيته في مكتبة دار الاثار برقم 1220 لعله يحتوي على عشرة آلاف بيت، هذا وقد جمع ديوانه البحاثة الشيخ محمد السماوي أيضاً، كما جمع ديوان السيد راضي ابن السيد صالح المتوفى في حياة أبيه سنة 1281 في جملة ما جمع من عشرات الدواوين.

وأخيراً طبعت خمس قصائد من شعره وهي التي تخص الخمسة أهل الكساء صلوات الله عليهم.

٦٦

السيد حسين بحر العلوم

المتوفى 1306

قال في الحسين:

حيّ أطلالا بنعمان رماما

واستلم فيه مقاما فمقاما

وإلى سلع، سقى سلع الحيا

عج وبلّغ لأحبائي السلاما

عرب من يعرب لكنها

لشجاها كاد لم تعرب كلاما

هل درت تلك الدرارى أنني

أجرع الصاب لها جاما فجاما

وغدت بعد نواهم أدمعي

كغوادي المزن تنهلّ سجاما

ساهر الأجفان من شجو فما

ذاق عيني، لا وعينيها المناما

دام وجدي أمد العمر لها

وإذا ما جلّ وجد المرء داما

كيف أردتهم يد الدهر وقد

ملكت أيديهم منه الزماما

هل همت عبرتها من نوب

نابت الغرّ الميامين الكراما

يوم أضحى سبطها بين العدى

مفرداً لم يلف حام عنه حامى

ما عدى آحاد قوم ان عدت

هدمت في بأسها الجيش اللهاما

بذلت أنفسها حتى لقت

دون حامي حومة الدين الحماما

من كرام لم تلد امّ العلا

مثلها في سرمد الدهر كراما

كم بذاك اليوم من أعدائها

جدّلت بالرغم أقواما طغاما

وشفت أحشاءها حتى قضت

في سبيل الله يا لهفي هياما

فثوت في الأرض صرعى بعدما

وزعتها أسهم البغي سهاما

٦٧

كم عليها الدهر قد جار فلم

يبق منها الدهر شيخا وغلاما

وغدا السبط فريداً بعدها

بأبي ذاك الفريد المستظاما

فأجال الطرف في أطرافها

فرآها ملئت جيشا ركاما

فأبت منعته الضيم ومن

كان للكرار شبلا لن يضاما

ودعاه بأرئى الخلق إلى

جنبه الأسنى محلا ومقاما

خرّ للموت وترعى عينه

خفرات عينها تهمى انسجاما

عجبا يقضي سليلُ المرتضى

وهو من حر الظما يشكو الأواما

أجرو الخيل على جثمانه

ويح خيل رضضت منه العظاما

رجّت الأرض له بل ملئت

بعد ذاك الظلم أرجاها ظلاما

واكتست امّ العلى ثوب الأسى

وغدت أبناؤها الغر يتامى

فلعمرُ الله لولا شبله

علة الكون لما الكون استقاما

لست أنسى خفرات المصطفى

تشتكي في الطف أقواما لئاما

ساكبات الدمع ثكلى اتخذت

دمعها الجاري شرابا وطعاما

* * *

السيد حسين بحر العلوم هو ابن السيد رضا ابن آية الله بحر العلوم. ولد في النجف سنة 1221 ه‍ ونشأ فيها وكان آية في العلم وروعة في الأدب ومثالاً في الزهد والتقوى. قال عنه الشيخ علي كاشف الغطاءرحمه‌الله في ( الحصون المنيعة ): كان علامة زمانه وفهّامة أوانه، محققاً مدققاً فقيهاً اصولياً لغوياً، أديباً لبيباً، شاعراً ماهراً حسن النظم والنثر.

وقال السيد الصدر في ( تكملة أمل الأمل ): كان من أكبر فقهاء عصره وأعلمهم، وأحد أركان الطائفة تفقه على صاحب الجواهر وصار من صدور تلامذته مرشحاً للتدريس العام، وترجم له كثير من الباحثين وذكروا تلامذته من فطاحل العلماء.

٦٨

وفي مقدمة الجزء الأول من ( رجال السيد بحر العلوم ) قال: وقد أصيب بعد وفاة استاذه ـ صاحب الجواهر ـ بوجع في عينيه أدى بهما الى ( الكفاف ) فأيس من معالجة أطباء العراق وذكر له أطباء ايران فسافر الى طهران سنة 1284 ه‍ وآيسه أيضاً أطباء طهران فعرّج إلى خراسان للاستشفاء ببركة الإمام الرضا (ع)، فمنذ أن وصل إلى خراسان انطلق بدوره إلى الحرم الشريف ووقف قبالة القبر المطهر وأنشأ قصيدته المشهورة ـ وهو في حالة حزن وانكسار ـ وهي طويلة مثبتة في ديوانه المخطوط، ومطلعها:

كم أنحلتك ـ على رغم ـ يد الغير

فلم تدع لك من رسم ولا أثر

إلى قوله:

يا نيّراً فاق كل النيرات سنى

فمن سناه ضياء الشمس والقمر

قصدت قبرك من أقصى البلاد ولا

يخيب ـ تالله ـ راجي قبرك العطر

رجوتُ منك شفا عيني وصحتها

فأمنن عليّ بها واكشف قذى بصري

حتى م أشكو ـ سليل الأكرمين ـ أذىً

أذاب جسمي وأوهى ركن مصطبري

صلى الاله عليك الدهر متصلا

ما إن يسح سحاب المزن بالمطر

وما ان أنهى انشاء القصيدة حتى انجلى بصره وأخذ بالشفاء قليلاً قليلاً فخرج من الحرم الشريف إلى بيت اعدّ لاستقراره وصار يبصر الأشياء الدقيقة بشكل يستعصي على كثير من المبصرين وذلك ببركة ثامن الأئمة الإمام الرضاعليه‌السلام . وبقي مدة في خراسان ثم قفل راجعاً إلى العراق ـ مسقط رأسه وجعل طريقه على بلاد ( بروجرد ) وبقي هناك ينتهل أرباب العلم من فيوضاته مدة لا تقل عن السنتين وخرج منها الى العراق فوصل النجف الاشرف سنة 1287 ه‍ وظل مواظبا على التدريس وإقامة الجماعة حتى ودّع الحياة يوم الجمعة 25 ذي الحجة الحرام 1306 ودفن بمقبرة جده السيد بحر العلوم. له من المؤلفات رسائل في الفقه والاصول، وشرح منظومة جده بحر العلوم وديوان

٦٩

شعر كبير أكثره في مدح ورثاء أهل البيت(1) .

مدحه شعراء عصره كعبد الباقي العمري، والشيخ عباس الملا علي، والشيخ موسى شريف آل محي الدين، والسيد صالح القزويني البغدادي، والشيخ حسن قفطان، والشيخ أحمد قفطان وغيرهم. كما رثاه جملة من الشعراء كالشيخ كاظم الهر، والسيد محمد سعيد الحبوبي، ورثاه ولده السيد ابراهيم الطباطبائي وحفيده السيد حسن بحر العلوم.

ترجم له البحاثة علي الخاقاني في شعراء الغرى وذكر جملة من أشعاره.

* * *

__________________

1 ـ رأيت ديوانه بمكتبة الإمام أمير المؤمنين في النجف الأشرف ـ قسم المخطوطات تسلسل 1088 خزانة 4 وقد كتب بأجمل خط على أحسن ورق.

٧٠

الأمير حامد حسين الهندي

المتوفى 1306 ه‍

السيد الأمير حامد حسين ابن الأمير المفتي السيد محمد قلي بن محمد حسين ابن حامد بن زين العابدين الموسوي النيسابوري الكنتوري الهندي اللكهنوئي. توفي في 18 صفر 1306 في لكهنوء من بلاد الهند ودفن بها في حسينية غفران مآب. قال السيد الأمين في الاعيان. كان من أكابر المتكلمين الباحثين عن أسرار الديانة والذابين عن بيضة الشريعة وحوزة الدين الحنيف علامة نحريراً ماهراً بصناعة الكلام والجدل محيطاً بالأخبار والآثار واسع الاطلاع كثير التتبع دائم المطالعة لم يرَ مثله في صناعة الكلام والإحاطة بالأخبار والآثار في عصره بل وقبل عصره بزمان طويل وبعد عصره حتى اليوم، ولو قلنا أنه لم ينبغ مثله في ذلك بين الإمامية بعد عصر المفيد والمرتضى لم نكن مبالغين يعلم ذلك من مطالعة كتابه العبقات، وساعده على ذلك ما في بلاده من حرية الفكر والقول والتأليف والنشر وقد طار صيته في الشرق والغرب وأذعن لفضله عظماء العلماء، وكان جامعاً لكثير من فنون العلم متكلماً محدثاً رجالياً أديباً قضى عمره في الدرس والتصنيف والتأليف والمطالعة، ومكتبته في لكهنؤ وحيدة في كثرة العدد من صنوف الكتب ولا سيما كتب غير الشيعة، وكل من طالع كتابه عبقات الأنوار يعلم أنه لم يكتب مثله في الإمامة، انتهى.

أقول وكتاب العبقات في إمامة الأئمة الأطهار بالفارسية في الرد على باب الإمامة من التحفة الاثنى عشرية للشاه عبد العزيز الدهلوي، أثبت من طريق

٧١

أبناء السنة والجماعة إمامة أمير المؤمنين على ترتيب القرون والطبقات فكان المجلد الأول في حديث الطائر ومجلدان في الغدير ومجلد في الولاية ومجلد في مدينة العلم ومجلد في حديث التشبيه ـ حديث المنزلة ـ ومجلد في حديث الثقلين ومجلدات أُخر، طبعت كلها ببلاد الهند.

وله موسوعة ( استقصاء الافحام واستيفاء الانتقام ) عشر مجلدات بالفارسية استقصى للبحث عن تحريف الكتاب وفي اثبات وجود المهديعليه‌السلام .

وله شمع المجالس، قصائد عربية وفارسية في مراثي الحسينعليه‌السلام من إنشائه مطبوع، أما خزائن كتبه فهي من المكتبات المعدودة في الشرق مخطوطة ومطبوعة تحتوي على النفائس القديمة ولم تزل اليوم بيد أولاده.

* * *

٧٢

السيد مير محمّد

المتوفى 1306

قال يرثي الحسين:

أتى شهر تسكاب الدموع محرم

وان لذيذ العيش فيه محرم

تنعّم فيه آل مروان فرحة

وآل رسول الله لم يتنعموا

لآل أبي سفيان دور مسرّة

وفي بيت أهل البيت قد قام مأتم

وسبط نبيّ الله يُنكت ثغره

وأولاد حرب ثغرها يتبسم

وكان له آيات فضل وسؤدد

رأوها عيانا ثم من بعدها عموا

* * *

هذه الأبيات من قصيدة في الإمام الحسينعليه‌السلام ، تشتمل على 110 بيتاً من نظم السيد المفتى المير محمد عباس التستري الكهنوئي المتوفى 1306 ه‍ له ديوان مطبوع بالهند بمطبعة الجعفري مرتباً على الحروف الهجائية يشتمل على النصائح والمواعظ ومدح الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأبنائه المعصومين وفيه كثير من مدح العلماء والصلحاء يحتوي 430 صفحة وقد أسماه ( رطب العرب ) يشتمل على ثلاثة أبواب أطلق على كل مجموعة من الشعر اسم ( نخلة ) فكانت النخلة الثالثة ارجوزة في الإمام الحسين يعدد فيها مناقبه ومقتله وسماها ب‍ ( شمع المجالس ) والشاعر يسكن ( كلكته ).

٧٣

الشيخ محمد شرع الاسلام

المتوفى حدود 1307

يرثى الحسين:

أما ومَن نوّر الأكوان في الظلم

وأخرج الزهر من سفح ومن أكم

إني وان بكيت عيني بعبرتها

دمعاً جرى شبه سيل سال من عرم

أو سال منحدراً في الخد يجرحه

حتى غدى لونه المبيض لون دم

فلم أكن لحسين قد وفيت ولم

أكن كمن بايعوه عند مصطدم

لحرب أهل عنادٍ كان شأنهم

بغض الذي كان أوفى الخلق بالذمم

ولست أنسى حسينا حين راسله

أهل النفاق وأهل الغدر والنمم

ان سر الينا وعجّل يابن بجدتها

ويا بن حيدرة المخصوص بالعصم

فسوف تلحض منا حال متبع

وسوف تنظرنا من أطوع الخدم

نوالي كل فتى والي وليّكم

ومن أبى حبكم أو كان عنه عمي

نريد بالبيض ضربا ليس يحسبه

إلا زلازل قد صيغت من النقم

واستمر ينظم الوقعة كما جاءت بها كتب المقاتل وفي آخرها قال:

ومنشيِ الشعر راثيكم له أمل

بأن تزيدوه من علم ومن حكم

هو الملقب بالإسلام عبدكم

( محمد ) فهبوه أرفع الهمم

٧٤

فإن قبلتم فيا طوبى لمنشئها

وإن رددتم فقل يا زلة القدم(1)

قال الشيخ محمد حرز الدين في كتابه ( معارف الرجال ): الشيخ محمد ابن الشيخ جعفر ابن الشيخ أحمد ابن الشيخ محسن الحلفي الحويزي النجفي المعاصر، ولد ونشأ في النجف وكان من العلماء والفقهاء الأجلاء، اشتهر بالأدب الواسع والظرافة وحسن الأخلاق والسيرة الجميلة بين الاخوان، وكان شاعراً فقد رثى العلماء والوجوه وهنأهم، وأرخ كثيراً من الحوادث والوقائع بشعره، ويروى أنه أرخ باب الصحن الغروي ـ المعروف بباب الفرج ـ باسم السلطان ناصر الدين شاه بقوله:

قد فتح السلطان من يمنه

لدى البرايا باب حصن أمين

باب حمى حامي الجوار الذي

من حلّه كان من الآمنين

أن تدخلوها فادخلوا سجداً

فتلك باب حطة المذنبين

أكمل نظمي الفرد تاريخها

ذا باب سلطان الورى أجمعين

اساتذته، مؤلفاته:

تتلمذ على علماء منهم اليشخ مهدي ابن الشيخ علي نجل كاشف الغطاء كما حضر على صاحب التأليف والتصنيف السيد مهدي القزويني المتوفى سنة 1300 ألّف في الفقه والأصول كتباً، وله الرحلة المحمدية والنقلة الإسلامية ابتدأ بها عام 1275 وفرغ منها 14 محرم الحرام 1276، ومن مؤلفاته مجموع أدبي علمي يشبه الكشكول بجزئين حدود 800 صفحة وقد اشتمل على نظمه وحكاياته في الحويزة والنجف في التهاني والمديح والرثاء والتواريخ والطرائف. هذه

__________________

1 ـ عن الرحلة من مخطوطات الشاعر نفسه توجد بمكتبة كاشف الغطاء العامة رقم 875 قسم المخطوطات.

٧٥

الرحلة أهدها للسلطان ناصر الدين شاه القاجاري.

وفاته: توفي في النجف حدود عام 1307 وأعقب الشيخ عبد الحسين يقيم في بلد ( قم ) المشرفة.

ترجم له في ( شعراء الغري ) فقال: وآل شرع الإسلام اسرة كريمة لها شهرة في العلم والأدب وقد لحق اللقب جدها الأعلى وهو الشيخ جعفر وكان من مشاهير الفقهاء ومن كتبه شرح شرايع الإسلام في عشرة مجلدات ولمقامه العلمي سافر إلى ايران واتصل بالسلطان القاجاري وتحدث معه فلقبه ب‍ ( شرع الإسلام ).

كما ترجم له السيد الأمين في ( الأعيان ) وذكره الشيخ الجليل الشيخ هادي كاشف الغطاء في كشكوله قال: رأيناه آخر عمره وكان من أهل الكمال والضرف ومن شعره في المدفئة التي يصنعها الايرانيون المسماة ب‍ ( الكرسي ) و ( البخاري ):

صح عندي يا بن ودي

باختيار واختبار

آية الكرسي خير

من أحاديث ( البخارى )

* * *

٧٦

شعراء

القرن الرابع عشر

٧٧

٧٨

الميرزا أبو الحسن الرضوي

المتوفى 1311

وديار آل محمد من أهلها

بين الديار كما تراها بلقع

وبنات سيدة النساء ثواكل

أسرى حيارى في البرية ضيّع

ماذا تقول اميّة لنبيها

يوماً به خصمأوه تستجمع

* * *

الميرزا السيد أبو الحسن ابن الميرزا محمد ابن الميرزا حسين الملقب بالقدسي. كتب له السيد الأمين في الأعيان ترجمة وافية وقال: كان في الاصول والفقه والوثاقة والزهد والورع وطيب الأخلاق ما لا يمكن الإحاطة به، درس في النجف على الشيخ مهدي ابن الشيخ جعفر كاشف الغطاء وعلى الشيخ مرتضى الانصاري وأجازه الشيخ مهدي، وكان شغوفاً بمطالعة الكتب وعلّق حواشي على كتب كثيرة جيد الخط شاعراً أديباً، عارض قصيدة ابن سينا التي أولها:

هبطت اليك من المحل الأرفع

ورقاء ذات تعزز وتمنّع

بقصيدة نحو مائة بيت، وفي آخر أمره اشتغل بعلم الصنعة والجفر، توفي بمشهد الإمام الرضاعليه‌السلام سنة 1311 ه‍ ودفن في دار الضيافة.

٧٩

الشيخ عبد الله القاري

المتوفي 1312

خلّها تقطع البسيط وخيدا

وتجوب القفار بيداً فبيدا

فهي حرف متى سرت لا تبالي

أحزونا تجوبها أو نجودا

ما تراها لدى السرى تترامى

طرباً كالنزيف تشأو وخيدا

ولعت بالسرى وبالسير حتى

أمنت أن ترى اليها نديدا

بل ولولا الزمام يمسكها لم

يعيها مفرق السماك صعودا

شفّها كثرة الوجيف فعادت

مثل سنّ المزاد مرّاً زهيدا

وعلى رامة وأكناف حزوى

لا تعرّج بها وجانب زرودا

وإلى كربلا فأمَ بها إذ

ما سواها غدى لها المقصودا

وأنخها بها فثمّ مقام

يحتذي النيرات فخراً مشيدا

وابتدر تربها بلثمك وأخضع

وعلى عفره فعفّر خدودا

واسع رسلاً به لدارة قدس

قد حوت نيّر الوجود الشهيدا

الحسين القتيل نجل عليٍّ

خير من ساد سيداً ومسودا

واستلم قبره الشريف وسلّم

وأبك شجوا حتى تروّي الصعيدا

يوم جاشت عليه فيها جيوش

تخجل الرمل والعداد عديدا

حيث أن تسخط الاله وترضي

ابن زياد بقتله ويزيدا

فانتضى همة لاحمد تُنمى

وانتضى للوصي بأساً شديدا

غير ما أنه يزور صحابا

أحرزوا المجد طارفا وتليدا

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355