أدب الطف الجزء ٩

أدب الطف21%

أدب الطف مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 363

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 363 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 128730 / تحميل: 7954
الحجم الحجم الحجم
أدب الطف

أدب الطف الجزء ٩

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

( الشوقيات ) تعطينا أوضح الصور عن شاعريته فهو صاحب نهج البردة التي مطلعها:

ريم على القاع بين البان والعلم

أحلّ سفك دمي في الأشهر الحرم

وصاحب الهمزية النبوية التي مطلعها:

ولد الهدي فالكائنات ضياء

وفم الزمان تبسم وثناء

وصاحب ذكري المولد التي مطلعها:

سلوا قلبي غداة سلا وتابا

لعل على الجمال له عتابا

وهو الذي يقول في مطلع احدى روائعه:

رمضان ولّى هاتها يا ساقي

مشتاقة تهفو إلى مشتاق

وله:

حفّ كأسها الحبب

فهي فضة ذهب

وهو القائل في مطلع قصيدة تكريم:

قم للمعلم وفّه التبجيلا

كاد المعلم أن يكون رسولا

فنراه محلّقاً بكل ألوان الشعر وضروبه وهو مسلم مقتنع بالإسلام ومتأثر به تأثراً كلياً هتف بأعلى صوته وردد أنغامه وحرك الأحاسيس وأثار الشعور وملك العواطف وهاك قطع ينقد بها المجتمع:

رأيت قومي يذم بعض

بعضاً إذا غابت الوجوه

وان تلاقوا ففي تصاف

كأن هذا لذا أخوه

كريمهم لا يسدّ سمعاً

ووغدهم لا يسدّ فوه

وكلهم عاقل حكيم

وغيره الجاهل السفيه

وذا ابن من مات عن كثير

وذا ابن مَن قد سما أبوه

وذا بإسلامه مدلٌ

وذا بعصيانه يتيه

١٤١

وكلهم قائم بمبدأ

ومبدأ الكل ضيّعوه

فمذ بدا لي أن قد تساوى

في ذلك الغرّ والنبيه

وليس من بينهم نزبه

ولا أنا الواحد النزيه

جعلت هذا مرآة هذا

أنظر فيه ولا أفوه

وشوقي - كما قال مترجموه - عاش في نعمة وترف وسعة في الحال والمال لما كان يغدق عليه الامراء والأثريا فجاء شاعر من شعراء لبنان وهو الشيخ نجيب مروة يقول:

ولو أني جلست مكان شوقي

لفاض الشعر من تحتي وفوقي

وهي أُمنية شاعر والتمني رأس مال المفلس.

وشوقي يجلّ أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، وأي مسلم لا يحبهم وهل تقبل الأعمال بغير حبهم ومودتهم التي هي فريضة من الله ( قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ) فتراه في ثنايا أشعاره يتفجع لما أصابهم ويتفجر ألماً لرزاياهم فتراه في منظومته الرائعة ( دول العرب وعظماء الإسلام ) يقول:

هذا الحسين دمه بكربلا

روّى الثرى لما جرى على ظما

واستشهد الأقمار أهل بيته

يهوون في الترب فرادى وثُنا

ابن زياد ويزيدُ بغيا

والله والأيام حربُ مَن بغى

لولا يزيد بادئاً ما شربت

مروانُ بالكاس التي بها سقى

ويقول في رواية ( مجنون ليلى ): كان الحسين بن علي كعبة القلوب والأبصار في جزيرة العرب بعد أن قتل أبوه علي ومات أخوه الحسن. وكذلك ظل الحسين قائماً في نفوس الناس هناك صورة مقدسة لبداوة الإسلام تستمد أنضر ألوانها من صلته القريبة بجده رسول الله وبنوّته لرجل كان أشدّ الناس زهداً واستصغاراً لدنياه، وكذلك ظهرت بلاد العرب وقلبها يخفق بإسم الحسين.

١٤٢

ويقول أيضاً في مسرحيته ( مجنون ليلى ):

حنانيك قيسُ إلى مَ الذهول

أفق ساعة من غواشي الخبَل

صهيلُ البغال وصوتُ الحداء

ورنة ركب وراء الجبل

وحاد يسوق ركاب الحسين

يهزّ الجبال إذا ما ارتجل

فقم قيسُ واضرع مع الضارعين

وأنزل بجنب الحسين الأمل

ويطيب له أن يربط الحوادث بيوم الحسين الذي لا يغيب عن خاطره فتراه في رثاء الزعيم مصطفى كامل باشا مؤسس الحزب الوطني والمتوفى سنة ١٩٠٨ م. يقول:

المشرقان عليك ينتحبان

قاصيهما في مأتم والداني

ومنها:

يُزجون نعشك في السناء وفي السنا

فكأنما في نعشك القمران

وكأنه نعش الحسين بكربلا

يختال بين بكىً وبين حنان

ويقول في اخرى عنوانها ( الحرية الحمراء ):

في مهرجان الحق أو يوم الدم

مهج من الشهداء لم تتكلم

يبدو عليها نور نور دماتها

كدم الحسين على هلال محرم

يوم الجهاد بها كصدر نهاره

متمايلُ الأعطاف مبتسمُ الفم

وهناك عبارات لا يطلقها إلا المتشيع لأهل البيت تجري على لسانه وقلمه كقوله: رضيع الحسينعليه‌السلام ، فان كلمةعليه‌السلام من متداولات شيعة أهل البيت وقوله:

ما الذي نفرّ عني الضبيات العامرية

ألأني أنا شيعيٌ وليلى أموية

اختلاف الرأي لا يفسد للود قضيّه

وعندما يخاطب الرسول الأعظم يطيب له أن يقول:

ابا الزهراء قد جاوزت قدري

بمدحك بيد أن لي انتسابا

وعندما يمرّ بالخلفاء الراشدين ويأتي الدور للامام علي يقول:

العمران يرويان عنه

والحسنان نسختان منه

١٤٣

الشيخ محمد حسين الحُلّي

المتوفى ١٣٥٢

خليلي هل من وقفة لكما معي

على جدث أسقيه صيّب أدمعي

ليروى الثرى منه بفيض مدامعي

لأن الحيا الوكاف لم يك مقنعي

لأن الحيا يهمي ويقلع تارة

وإني لعظم الخطب ما جفّ مدمعي

خليليّ هبّا فالرقاد محرم

على كل ذي قلب من الوجد موجع

هلُما معي نعقر هناك قلوبنا

إذا الحزن أبقاها ولم تتقطع

هلما نقم بالغاضرية مأتما

لخير كريم بالسيوف موزع

فتىً أدركت فيه علوج امية

مراماً فألقته ببيداء بلقع

وكيف يسام الضيم مَن جده ارتقى

إلى العرش حتى حل أشرف موضع

فتى حلّقت فيه قوادم عزه

لاعلى ذرى المجد الأثيل وأرفع

ولما دعته للكفاح أجابها

بأبيض مشحوذ وأسمر مشرع

وآساد حرب غابها أجم القنا

وكل كميٍ رابط الجأش أروع

يصول بماضي الحدّ غير مكهّمٍ

وفي غير درع الصبر لم يتدرع

إذا ألقح الهيجاء حتفاً برمحه

فماضي الشبا منه يقول لها ضعي

وإن أبطأت عنه النفوس إجابة

فحدّ سنان الرمح قال لها اسرعي

إلى أن دعاهم ربهم للقائه

فكانوا إلى لقياه أسرعَ مَن دُعي

وخروا لوجه الله تلقا وجوههم

فمن سجّد فوق الصعيد وركع

وكم ذات خدر سجفتها حماتها

بسمر قنا خطية وبلمّع

١٤٤

أماطت يد الأعداء عنها سجافها

فاضحت بلا سجف لديها ممنّع

لقد نهبت كفّ المصاب فؤادها

وأيدي عداها كل برد وبرقع

فلم تستطع عن ناظريها تستراً

بغير أكفٍّ قاصرات وأذرع

وقد فزعت مذ راعها الخطب دهشة

وأوهى القوى منها إلى خير مفزع

فلما رأته بالعراء مجدلاً

عفيراً على البوغاء غير مشيّع

دنت منه والأحزان تمضغ قلبها

وحتّت حنين الواله المتفجع

عليّ عزيز أن تموت على ظمأ

وتشرب في كأس من الحتف مترع

تلاكُ بأشداق الرماح وتغتدي

لواردة الأسياف أعذب مكرع

وفي آخرها:

بني غالب هبّوا لأخذ تراثكم

فلم يُجدكم قرع لناب بأصبع

امثل حسين حجة الله في الورى

ثلاث ليال بالعرا لم يشيّع

ومثل بنات الوحي تسرى بها العدى

إلى الشام من دعي إلى دعي

الشيخ محمد حسين ابن الشيخ حمد الحلي وربما يعرف ب‍ ( الجباوي ) احدى محلات الحلة، عالم معروف يشهد عارفوه له بالفضل والتضلّع. ولد في الحلة سنة ١٢٨٥ ه‍ ودرس على جملة من أفاضلها منهم الشيخ محمدبن نظر علي وفي سنة ١٣٠٣ غادر الحلة مهاجراً إلى النجف لاكمال الدراسة وأقام فيها أكثر من ثلاثين سنة فحضر عند الشيخ آية الله الشيخ حسن المامقاني والفاضل الشربياني ثم لازم العالم الشهير الشيخ علي رفيش فكان من أول أنصاره والملازمين له أثناء مرجعيته ثم بعد انكفاف بصره، وفي خلال ذلك تخرّج على يده جملة من الطلاب الروحيين إلى أن كانت سنة ١٣٣٧ ه‍. عاد إلى مسقط رأسه الحلة بطلب من وجهائها وأقام فيها مرجعاً دينياً محترم الجانب تستفيد الناس من

١٤٥

معارفه وكمالاته وفي آخر أيامه مرض ولازم الفراش حتى الوفاة، ذكره الشيخ النقدي في ( الروض النضير ) فقال: عالم مشهور في الفضل والكمال والمعرفة وله اليد الطولى في صناعتي النظم والنثر والنصيب الوافر في علمي الفصاحة والبلاغة. توفي في الحلة عام ١٣٥٢ ه‍. ونقل جثمانه إلى النجف ودفن في الصحن الشريف ورثاه جمع من العشراء منهم الشيخ ناجي خميّس.

كتب وألّف في الفقه والأصول وكتب رحلته إلى الحج ورسالة في التجويد والقراءات وجملة من تقريرات أستاذته العلماء الأعلام ولم ينشر له سوى ( الرحلة الحسينية ) وهي التي روى فيها رحلته مع جماعة من الفضلاء إلى زيارة الإمام الحسينعليه‌السلام سنة ١٣٢١ ه‍. ومنها يظهر ذوقه الأدبي ورقة طبعه وأريحيته، طبعت هذه الرحلة بمطبعة ( الحبل المتين ) بالنجف سنة ١٣٢٩ ه‍. وختمها بالقصيدة التي هي في صدر الترجمة.

١٤٦

الشيخ جواد البلاغي

المتوفى ١٣٥٢

شعبان كم نعمت عين الهدى فيه

لولا المحرم يأتي في دواهيه

وأشرق الدين من أنوار ثالثه

لولا تغشاه عاشور بداجيه

وارتاح بالسبط قلب المصطفى فرحاً

لو لم يرعه بذكر الطف ناعيه

رآه خير وليد يستجار به

وخير مستشهد في الدين يحميه

قرت به عين خير الرسل ثم بكت

فهل نهنيه فيه أو نعزيه

ان تبتهج فاطم في يوم مولده

فليلة الطف أمست من بواكيه

أو ينتعش قلبها من نور طلعته

فقد اديل بقاني الدمع جاريه

فقلبها لم تطل فيه مسرّته

حتى تنازع تبريح الجوى فيه

بشرىً أبا حسن في يوم مولده

ويوم أرعب قلب الموت ماضيه

ويوم دارت على حرب دوائره

لولا القضاء وما أوحاه داعيه

ويوم أضرم جو الطف نار وغىً

لو لم يخر صريعاً في محانيه

يا شمس أوج العلى ما خلت عن كثب

تمسى وأنت عفير الجسم ثاويه

فيا لجسم على صدر النبي ربي

توزعته المواضي من أعاديه

ويا لرأس جلال الله توجّه

به ينوء من المياد عاليه

وصدر قدس حوى أسرار بارئه

يكون للرجس شمرمن مراقيه

١٤٧

ومنحر كان للهادي مقبله

أضحى يقبله شمر بماضيه

يا ثائراً للهدى والدين منتصراً

هذي أُمية نالت ثارها فيه

أنى وشيخك ساقي الحوض حيدرة

تقضي وأنت لهيف القلب ضاميه

ويا إماماً له الدين الحنيف لجا

لوذاً فقمت فدتك النفس تفديه

أعظم بيومك هذا في مسرته

ويوم عاشور فيما نالكم فيه

يا من به تفخر السبع العلى وله

إمامة الحق من إحدى معاليه

أعظم بمثواك في وادي الطفوف علاً

يا حبذا ذلك المثوى وواديه

له حنيني ومنه لوعتي وإلى

مغناه شوقي واعلاق الهوى فيه

الشيخ جواد أو الشيخ محمد جواد ابن الشيخ حسن ابن الشيخ طالب البلاغي النجفي ينتهي نسبه إلى ربيعة. مولده ووفاته في النجف ولد سنة ١٢٨٥ ه‍. وتوفي سنة ١٣٥٢ ه‍. ليلة الاثنين الثاني والعشرين من شعبان في النجف الأشرف ودفن فيها في المقبرة المقابلة لباب المراد.

وآل البلاغي بيت علم وفضل وأدب، كان المترجم له نابغة من نوابغ العصور وجهاده بقلمه ولسانه يذكر فيشكر، له عشرات المؤلفات وكلها قيّمة ذات فائدة لا زالت تتلاقفها الأيدي ويعتز بها أهل العلم اذكره يحضر مجالس العلم فاذا اشتد الجدال حول مسألة من مسائل العلم كان يقول: عندي بيان أرجو أن تسمحوا لي باستماعه فإني مريض وإذا رفعت صوتي أخاف أن أقذف من صدري دماً.

كانت تأتيه المسائل من بلاد الغرب فيجيب عنها. وبين أيدينا من مؤلفاته: الرحلة المدرسية، الهدى إلى دين المصطفى جزآن، تفسير القرآن، أنوار الهدى، رسالة التوحيد والتثليث، البلاغ المبين رسالة في الرد على الوهابية.

تعلم العبرية وأتقنها خطاً وقراءة ونطقاً حتى تمكن من المقارنة بين اصولها وبين المترجم إلى اللغة العربية فأظهر كثيراً من مواقع الاختلاف في الترجمة

١٤٨

التي قصد بها التضليل. كانت ترد عليه الرسائل والأسئلة باللغة الانجليزية فشرع يتعلمها لولا أن يفاجأه الأجل المحتوم. كان تحصيله ودراسته على أعلام عصره أمثال الملا كاظم الخراساني والشيخ اغا رضا الهمداني ومن تراثه الأدبي قصيدته التي عارض بها الرئيس ابن سينا في النفس.

نعُمت بأن جاءت بخلق المبدع

ثم السعادة أن يقول لها ارجعي

خلقت لأنفع غاية يا ليتها

تبعت سبيل الرشد نحو الأنفع

الله ( سواها وألهمها ) فهل

تنحو السبيل إلى المحلّ الأرفع

ورائعته التي شارك بها في الحلبة الأدبية عن الحجة المهدي صاحب العصر والزمان التي أثبتها في كتابه الفقهي(١) وأثبتها السيد الأمين في ترجمته في الأعيان. ترجم له صاحب الحصون المنيعة والشيخ اغا بزرك الطهراني في ( نقباء البشر ) والشيخ السماوي في ( الطليعة ) وله مراسلات شعرية مع الشيخ توفيق البلاغيرحمه‌الله ورثاء للسيد محمد سعيد الحبوبي والكثير من شعره يخص أهل البيت ومنه نوحيته الشهيرة التي يرددها الخطباء في شهر المحرم ومطلعها:

يا تريب الخد في رمضا الطفوف

ليتني دونك نهباً للسيوف

وله من الشعر في ميلاد الحجة المهدي المولود ليلة النصف من شعبان سنة ١٢٥٦ ه‍. وأولها:

حي شعبان فهو شهر سعودي

وعد وصلي فيه وليلة عيدي

ترجم له الزركلي في ( الاعلام ) وعدد بعض مؤلفاته وقال: وله مشاركة في حركة العراق الاستقلالية وثورة عام ١٩٢٠ م، انتهى. أقول وآل البلاغي من أقدم بيوت النجف وأعرقها في العلم والفضل والأدب، أنجبت هذه الأسرة عدة من رجال العلم والدين وسبق أن ترجمنا في هذه الموسوعة للشيخ محمد علي البلاغي المتوفى سنة ١٠٠٠ ه‍. ويقول الشيخ اغا بزرك الطهراني في نقباء البشر أن المترجم له ولد سنة ١٢٨٢ كما أخبره صاحب الترجمة نفسه بمولده

__________________

١ - وهو تعليقة على مباحث البيع من مكاسب الشيخ الانصاري.

١٤٩

وحيث أن الشيخ الطهراني من أخدانه واخوانه وكانت تجمعهما وحدة البلد في سامراء أولاً عند استاذهما المغفور له الميرزا محمد تقي الشيرازي ثم النجف ثانياً فقد ألّم بترجمته إلمامة كافية وافية كما كتب عنه الكثير من الباحثين ونشرت المجلات والصحف عن جهاده ومؤلفاته وأكبروا منتوجه العلمي ودفاعه عن الإسلام ومواقفه الصلبة بوجه المادية ودعاتها والطبيعيين وآرائهم.

وشيخنا البلاغي كان على جانب من عظيم من الخلق الاسلامي الصحيح فهو لا يماري ولا يداهن ولا تلين له قناة في سبيل الحق، وكان مع علوّ نفسه متواضعاً يكره السمعة ويشنأ الرفعة، وفي أغلب مؤلفاته يغفل اسمه الصريح فكانت الرسائل تأتيه باسم ( كاتب الهدى النجفي ) ومن العجيب أنه نشر جملة من الرسائل والمقالات باسم غيره، ومؤلفاته تزيد على الثلاثين، ترجم بعضها إلى الفارسية والانجليزية، وقد ذكر الشيخ اغا بزرك في ( الذريعة إلى تصانيف الشيعة ) أكثر هذه الكتب.

ولا زالت أندية النجف تتحدث عن قوة إيمانه وصلابة دينه وشدة ورعه ومنها موقفه في مجلس عقد في النجف ويقتصر على القادة أمثال الشيخ محمد جواد الجواهري والشيخ عبد الكريم الجزائري وفي مقدمتهم الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاءقدس‌سره كما حضر المرحوم السيد محمد علي بحر العلوم والشيخ عبد الرضا آل الشيخ راضي قدس الله أرواحهم وذلك حول الدخول في وظائف الدولة ونظام المدارس الرسمية فكان صوته المجلّي ينبعث عن قلب مكلوم مطالباً باصلاح المدارس والاشراف عليها والتركيز على الأخلاق قبل العلم. انطفأ ذلك المصباح ليلة الاثنين ٢٢ شعبان سنة ١٣٥٢ ه‍. وكان لنعيه أثر عظيم في العالم الإسلامي وعقدت له مجالس التأبين في البلاد الاسلامية وفي النجف خاصة في جامع الهندي وأنشدت القصائد الرنانة وقد دفن في احدى غرف الصحن الحيدري من الجهة الجنوبية وفي مقدمة القصائد قصيدة المرحوم السيد رضا الهندي وأولها:

إن تمس في ظلم اللحود موسدا

فلقد أضأت بهن ( أنوار الهدى )

١٥٠

السيد حسن بحر العلوم

المتوفى ١٣٥٥

شطر بيتين في مدح الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقال:

( قل لمن والى علي المرتضى )

نلت في الخلد رفيع الدرجات

أيها المذنب إن لذت به

( لا تخافنّ عظيم السيئات )

( حبه الاكسير لو ذرّ على )

رمم حلّت بها روح الحياة

وإذا ما شملت ألطافه

( سيئات الخلق صارت حسنات )

ثم ذيلها برثاء الحسينعليه‌السلام ومدح الإمام علي بن أبي طالب (ع):

حبّه فرض على كل الورى

وهو في الحشر أمان ونجاة

كل من والاه ينجو في غد

من لظى النار وهول العقبات

فهو الغيث عطاءً وهبات

وهو الليث وثوباً وثبات

وهو نور الشمس في رأد الضحى

وهو نبراس الهدى في الظلمات

كم بوحي الذكر في تفضيله

صدعت آيات فضل بيّنات

آية التصديق من آياته

حين أعطى في الركوع الصدقات

فهو بالنص وصي المصطفى

وأبو الغر الميامين الهداة

ثم يذكر مصاب الحسين (ع) بقوله:

لهف نفسي حينما استسقاهم

جرعوه من أنابيب القناة

خرّ للموت على وجه الثرى

عينه ترعى النساء الخفرات

١٥١

ثم رضّوا حنقاً صدر الذي

فيه أسرار الهدى منطويات

بأبي ملقى ثلاثاً بالعرى

عارياً تسقي عليه الذاريات

ورضيع يتلظى عطشا

قد رَمى منحره أشقى الرماة

لهف نفسي لربيبات الابا

أصبحت بعد حماها ثاكلات

هجم القوم عليهن الخبا

فغدت بين الأعادي حاسرات

السيد حسن ابن السيد ابراهيم بن الحسين بن الرضا ابن السيد مهدي الشهير ببحر العلوم أديب معروف وعالم جليل ولد في النجف عام ١٢٨٢ ونشأ على والده المشهور بأدبه وفضله وعلمه وكماله، ومن يشابه أبه فما ظلم، لقد ورت أكثر سجايا أبيه من عزة وإباء وعفة وورع حضر على علماء النجف أمثال شيخ الشريعة الأصفهاني والسيد محمد كاظم اليزدي ذلك إلى جنب براعته الأدبية وديوانه يعطينا صورة عن نبله وفضله وبراعته في التاريخ مشهود بها. ترجم له الخاقاني في شعراء الغري وذكر ألواناً من شعره من مديح ورثاء وتهان وتواريخ. توفي بالنجف ١٩ جمادى الاولى سنة ١٣٥٥ ه‍. ودفن بمقبرة الاسرة وهو والد العلامة التقي الورع السيد محمد تقي بحر العلوم والعلامة الجليل البحاثة السيد محمد صادق بحر العلوم.

١٥٢

الحاج محمد الخليلي

المتوفى ١٣٥٥

يا رب عوّضتَ الحسين

بكربلا عما أصابه

إن الذي من تحت قبته

دعاك له استجابه

يممت مرقده لما

أيقنت باب الله بابه

صُبّت على قلبي الهموم

وناظري أبدى انسكابه

وتمثّلت لي كربلا

وحسين ما بين الصحابه

مثل الأضاحي في الثرى

سلب العدى حتى ثيابه

مالي دعوتُ بها فلم

أرَ منك يا رب الإجابه

والقلب مني لاهب

هلا تسكّن لي التهابه

الحاج محمد ابن الحاج ميرزا حسين الخليلي، عالم ورع وأديب شاعر ولد في النجف ونشأ بها على أبيه ودرس المقدمات على اساتذة مشهورين فنال حظوة كبيرة من العلم واتصل بحلقة الامام الخراساني مضافاً إلى دراسته عند والده العالم الجليل حتى حصل على إجازة اجتهاد من جملة من اعلام عصره واشتهر بالزهد والورع حتى خلف أباه في إمامة الصلاة بالناس واءتمّ به الأتقياء والأولياء والصلحاء ثم انصرف عن ذلك لأنه خاف الرياء والزهو وعكف على الطاعة في زوايا المساجد وحرم الامام أمير المؤمنين (ع) وحفظ القرآن من كثرة

١٥٣

تلاوته له، وإلى جنب ذلك فهو مرح إلى أبعد حدود المرح ولا يكاد جليسه يملّ مجلسه ألّف في الفقه كتاب الطهارة، والخمس، وغريب القرآن رتّبه على حروف المعجم وبناه على ثلاثة أعمدة: الأول اسماء السور، الثاني الكلمات العربية، الثالث التفسير المستقى من أشهر التفاسير.

نظم الشعر في صباه وتطرق إلى فنونه وأغراضه وأكثر من النظم في أهل البيتعليهم‌السلام فمن قوله في الإمام الحسينعليه‌السلام :

هل بعد ما طرد المشيب شبابي

أصبو لذكر كواعب أتراب

وأروح مرتاحاً بأندية الهوى

ثملاً كأبناء الهوى متصابي

وتئنّ نفسي للربوع وقد غدا

بيت النبوة مقفر الأطناب

بيت لآل محمد في كربلا

قد قام بين أباطح وروابي

وقال متوسلاً بالعباس بن عليعليهما‌السلام :

أبا الفضل هل للفضل غيرك يرتجى

وهل لذوي الحاجات غيرك ملتجى

قصدتك من أهلي وأهلي لك الفدا

وهل يقصد المحتاج إلا ذوي الحجى

وقال يعاتب بعض أصدقائه في رسالة أرسلها إلى النجف:

لي بالغري أحبّةٌ

ما أنصفوني بالمحبه

أخذوا الفؤاد وخلّفوا

جثمانه في دار غربه

يا دهر ما أنصفتني

كلفتني الأهوال صعبه

حملتني بُعد الديار

وبُعد من أشتاق قربه

قسماً بأيام مضت

في وصل مَن أهواه عذبه

لم يحلُ لي غير الغري

وغير أندية الاحبه

أوّاه هل لي للحمى

من بعد بُعد الدار أويه

لأقبّل الأعتاب من

مولى الورى وأشمّ تربه

١٥٤

حرمٌ ملائكة السما

لطوافها اتخذته كعبه

وبه نشاوى العارفون

قد احتسوا كأس المحبه

وله مستنهضاً أبناء يعرب:

بني يعرب أنتم أقمتم بعزكم

قواعد دين المصطفى أول الأمر

وشيدتم منه مبانيه بالضبا

وسجفتموه بالمثقفة السمر

يهون عليكم ما اشدتم بناءه

تهدده بالهدم رغما يد الكفر

وله راثيا ولده

فمن مخبري عن نبعة قد غرستها

بقلبي حتي اينعت جذها القضا

ومن مخبري عن فلذة من حشاشتي

برغمي قد حزت وما لي سوي الرضا

اريحانه الروح التي ان شممتها

وبي نزل الهم المبرح قوضا

ومصباح انسي ان علي تراكمت

حطوب بعيني سودت سعة الفضا

رحلت وقد خلفت بين جوانحي

لهيب جوي من دونه لهب الغضا

ورحت ولي قلب يقطعه الاسي

وطرف علي اقذي من الشوك غمضا

تمثلك الذكرى كأنك حاظرٌ

فانظر بدراً في الدياجر قد أضا

وقال من قصيدة:

شاقها الراح فجدّت في سراها

أملا تبلغ بالسير مناها

قرّبت كل بعيد شاسع

مذ غدت تذرع في البيد خطاها

قطعت قلب الفلا مذ واصلت

بالسرى سهل الفيافي برباها

يعملات ما جرت في حلبة

والصبا إلا الصبا ظلّ وراها

يا رعاها الله من سارية

كم رعت في سيرها من قد علاها

١٥٥

ويتخلص إلى ركب الإمام الحسينعليه‌السلام :

سادة كادت مصابيح الدجى

يهتدي فيها الذي في الغيّ تاها

وولاة الأمر في الخلق ومن

فرض الله على الخلق ولاها

غدرت فيهم بنو حرب وهم

أقرب الناس إلى المختار طاها

أخرجتهم عن مباني عزّهم

وبيوت طهّر الله فِناها

بالفيافي شتت شملهم

وعليهم ضيقت رحب فضاها

أنزلوهم كربلا حتى إذا

نزلوها منعوهم عذب ماها

بينهم والماء حالت ظلمة

من جموع عدّها لا يتناهى

توفي بالنجف ليلة الخميس ١٣ ذي الحجة سنة ١٣٥٥ ه‍. ودفن بمقبرة والده رحمهما الله.

١٥٦

ملا علي الزاهر العوّامي

المتوفى ١٣٥٥

قال يصف حالة الإمام الحسين (ع) عند فجيعته بأخيه العباس يوم عاشوراء:

أنست رزيتك الأطفال لهفتها

بعد الرجاء بأن تأتي وترويها

أراك يا بن أبي في الترب مُنجدلاً

عليك عين العلى تهمي أماقيها

هذا حسامك يشكو فقد حامله

إذ كنت فيه الردى للقوم تسقيها

وذا جوادك ينعى في الخيام وقد

أبكى بنات الهدى مَن ذا يسليها

شلّت يمين برت يمناك يا عضدي

وذي يسارك شل الله باريها

نامت عيون بني سفيان وافتقدت

طيب الكرى اعين كانت تراعيها(١)

الخطيب علي بن حسن بن محمد بن أحمد بن محسن الزاهر المتولد سنة ١٢٩٨ ه‍. والمتوفى سنة ١٣٥٥ ه‍. نائحة أهل البيت وداعيتهم وجاذب القلوب نحو واعيتهم فقد اشاد مؤسسة باسم ( الحسينية ) ولم تزل تعرف باسمه في ( العوامية ) نظم باللغتين: الفصحى والدارجة ومن قصائد قوله في مطلع حسينية نظمها من قلب قريح:

يا ليوث الحروب من آل طاها

أسرجوا الخيل يا ليوث وغاها

وديوانه المخطوط يضم جملة من أشعاره ..

__________________

١ - اعلام العوامية في القطيف.

١٥٧

الشيخ موسى العِصامي

المتوفى ١٣٥٥

قال في قصيدة حسينية:

أحاطت به وبست الجهات

أحاط بها الخطر المرعبُ

فخيرها قبل حكم الضيا

ونقط الاسنة ما استصوبوا

فإما يعود إلى يثرب

ومن حيث جاء لها يطلب

واما الجبال وشعب الرمال

وظهر الفيافي لها يركب

واما يسير لبعض الثغور

يقيم بها مع من يصحب

فما رغبت منه في واحد

ولو أنصفت لم تكن ترغب

رأت منه قلّة أنصاره

فظنت بكثرتها ترعب

وسامته يخضع وهو الأبي

وأنى يقاد لها المصعب

فناجزها الحرب في فتية

لهم باللقا شهدت يعرب

بها ليل تحسب ان الردى

إذا جدّ ما بينها ملعب

لها الموت يحلو خلال الصفوف

وما مرّ من طعمه يعذب

سواء عليها الفنا والحياة

إذا استرجع التاج والمنصب

لهم دون مركزهم موقف

إلى الحشر ناديه يندب

أشادوا الهدى فوق تاج الأثير

ومبنى الضلال به خرّبوا

١٥٨

فما حزب طالوت ذو البيعتين

ولا أهل بدر وإن أنجبوا

ولا يوم احزابها يومهم

واحدٍ وما بعدها يعقب

ولا الجاهلية ذات الحروب

بحربهم حربها يحسب

بسبعين ألفاً خلال الوغى

تجول وأمدادها تلعب

رسوا كالجبال وهم واحد

وستين لكنهم ذرّب

أجالوا الوغى جولان الرحى

وللحشر نيرانها تلهب

سل الشام عنها وأهل العراق

فهل سلمت منه إذ تهرب

الشيخ موسى بن محسن بن علي بن حسين بن محمد بن علي بن حماد الشهير بالعصامي نسبة إلى بني عصام بطن من هوازن، لامعاً في عصره خطيب وشاعر، ولد في النجف الأشرف سنة ١٣٠٥ ه‍. ونشأ بها يتعاهد تربيته أعمامه فدرس العربية والمنطق على أساتذة معروفين منهم السيد جواد القزويني كما درس البلاغة على العالم الجليل الشيخ يوسف الفقيه والشيخ عبد الرسول الحلبي والسيد حسين ابن السيد راضي القزويني.

ودرس الفقه والاصول على الشيخ عبد الكريم شرارة والشيخ صادق الحاج مسعود والشيخ المصلح الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء، وحضر عند الشيخ حسين الدشتي فأخذ عنه علم الحساب والهندسة والكلام والحكمة واشتهر بين أخدانه بالفضل وعرفه جمهور الناس من مواقفه الخطابية إذ كان خطيباً جماهيرياً ومرشداً مصلحاً يخطب ويكتب ويعظ ويرشد أينما حل، ولكن مجتمعه مصاب بداء الأنانية وأمة كما قيل فيها: لا تعمل ولا تحب أن يعمل أحد، لذاك ناوأه الكثير ووقفوا في طريق اصلاحه حتى ودع الحياة بكربلاء في آخر يوم من شهر رمضان عام ١٣٥٥ ه‍. ونقل جثمانه للنجف حيث دفن رحمه الله.

١٥٩

آثاره العلمية:

١ - منظومة في الإمامة تناهز الثمانمائة بيتاً.

٢ - البراءة والولاية، بحث دقيق.

٣ - تاريخ الثورة العراقية.

٤ - الدعوة الحسينية وأثرها.

٥ - الضالة المنشودة في الحياة.

٦ - الهدى والاتحاد، أهداه إلى أبطال الدستور في الاستانة بتوسط الصدر الأعظم طلعت باشا.

٧ - الدراية في تصحيح الرواية.

٨ - بحث في الحجاب، وغيرها مما يزيد على العشرين مؤلفاً، وديوانه الحافل بمختلف المواضيع وطرق سائر الأبواب ومن مراسلاته قصيدته التي أرسلها للشيخ خزعل خان أمير المحمرة ومطلعها:

لك الهنا ولي الأفراح والطرب

مذ ساعفتني بك الأيام والأرب

فقل لساقي الطلى نحيّ الكؤوس وإن

انيط عني في راحاتها التعب

هذا لماك وهذا ثغرك الشنب

فما الحميا وما الأقداح والحبب

أعطاف قدك تصمي لا القنا السلب

وسهم عينيك لا نبعٌ ولا غرب

ووجهك الصبح لكن فاته وضحاً

وثغرك البرق لكن فاته الشنب

ويلاي لا منك يا ريم العذيب فمن

عينيّ جاء لقلبي في الهوى العطب

وكلها بهذه القوة والمتانة والرقة والسلاسة، ومن مشهور غرامياته قوله:

طاف بكاس المدام أغيد

من فضة والسلاف عسجد

وزفّها في الدجى عروساً

توجّها اللؤلؤ المنضد

تلهبت في يديه لكن

بوجنتيه السنا توقد

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

في أحدها وهو(١) تفسير الإمامية وبراهينهم(٢) الدالة على ذلك(٣) هي مذكورة في مباحثهم.

قال ولو كان هذا الحديث مجتمعا على أصله ولكنه غامض التأويل(٤) كان العذر في جهل إمامته(٥) واسعا(٦) لأكثر المسلمين وجل الناقلين ولكبراء المتكلمين(٧) .

واعلم أن الخصم يقول إنه ليس بغامض بل هو مقترن بقرائن عدة دالة على مراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منه(٨) ذكرت في مواضعها وإنما عاند من عاند ومن أعندهم صاحب الكلام لما تضمنت مطاوي هذه الأوراق من التنبيه عليه.

قال ما حاصله إنه إذا كان الغرض بالنص تخفيف المئونة على المكلفين وكون ذلك لا يحصل في الاختيار فليكن بينا(٩) .

قلنا للنص أسوة بغير ذلك من التكاليف التي لم تنقل إلينا ضرورية كالعلم بمكة ونحوها مع أن الإمامية يدعون العلم يقينا وأن من خالف ذلك حائد عن الطريق الحق.

__________________

(١) لا توجد في: ن.

(٢) ن: ببراهينهم.

(٣) ن بزيادة: و.

(٤) في المصدر بزيادة: وعويص المعنى لا يكاد يدركه الا الراسخ في العلم، البارع في حسن الاستخراج.

(٥) في المصدر بزيادة: وفضيلته على غيره.

(٦) في المصدر بزيادة: مبسوطا.

(٧) العثمانية: ١٤٩.

(٨) ن بزيادة: قد.

(٩) العثمانية: ١٤٩.

٣٢١

وأيضا فإنا لا نقول العلة في النص التخفيف بخلاف(١) الاختيار إذ فيه نوع كلفة بل نقول الاختيار محال بما قررناه ونقرره وتقرر بيننا وبين الخصم أنه لا بد من إمام فتعين النص حسب ما تقوم به الحجة وقد روي ذلك من طرقنا وطرق القوم.

وذكر لأرباب الإمامة بعد هذا تعلقهم بحديث الطائر قال المشار إليه قيل لهم أما واحدة فإن هذا الحديث ساقط عند أهل الحديث وبعد فإنه لم يأت(٢) إلا من قبل أنس(٣) وأنس وحده ليس بحجة وبعد فأنتم تكفرون أنسا فلا يكون قوله مبنيا عليه(٤) .

والذي يقال على هذا أن المشار إليه كذب في تضعيف الرواية بما نقلناه قبل من صواب طرقها ووضوح أسانيدها من طريق أرباب الحديث من غيرنا فالمشار إليه دائر بين الجهل المفرط والإقدام على القول بالهوى في الآثار النبوية أو معاند لأمير المؤمنين فهو إذن منافق بالحديث الصحيح أو(٥) الأحاديث الصحاح من طرق القوم.

وأما قوله إنه جاء من قبل أنس وحده فليس بحجة(٦) فإنه يرد عليه أن خبر الواحد حجة عند المسلمين إلا من شذ منهم وقوله واه متروك ويعارض هذا الشيخ بما يرويه معتمدا عليه من طريق لا يذكرها أصلا بل يروي مرسلا وهو يريد بذلك الحجة(٧) والحديث الواحد عن

__________________

(١) ق: خلاف.

(٢) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر وبدله: ولو كان صحيحا عندهم فلم يجيء.

(٣) المصدر بزيادة: فقط.

(٤) العثمانية: ١٥٠.

(٥) ن: و.

(٦) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ق.

(٧) ق: حجة.

٣٢٢

الثقة خير من المرسل خاصة في موضع مصادمة الخصم وأما قوله أنس عندكم كافر(١) فإنها دعوى سلمنا ذلك جدلا(٢) لكن قد أسلفنا القاعدة في أن إيراد هذا وأمثاله حسن في باب الإلزام قال وأخرى إنه إن كان هذا الحديث كما تقولون وقد صدقتم على أنس فقد زعم أنس(٣) بزعمكم أنه كذب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في موقف(٤) ثلاث مرات وقد أمسك النبي عن الطعام وهو يشتهيه وكل ذلك رواه أنس ويكذب(٥) له وقال إن الحديث أضعف حديث عند أصحاب الأثر(٦) .

أقول إنا قد بينا الكذب في ضعف الخبر فضلا عن كونه أضعف حديث.

وإذا اعتبرت قول ملقح الفتن عدو أمير المؤمنين وبغضه(٧) رأيت الخوارج بالنسبة إليه على سبيل المبالغة غلاة في حب أمير المؤمنين إذ كانوا إنما نقموا عليه التحكيم وهو شيء جنوه.

وهذا الناصب ملقح الفتن ذو فنون في القول ساقطة بليغة وإنما قلت ذلك وهذا أمر يعقله من له أدنى فطنة إذ كيف ضبط جميع الأحاديث النبوية وعرف أن هذا أضعفها ونحن عيانا نعرف أن فيها الضعيف الساقط جدا يأتي في الجبر والتشبيه وغير ذلك من سقطات يثبتها ضعفاء الحديث لا يشتبه حالها على ناقد فكيف وقد روى هذا الحديث المحدثون المعتبرون في الصحيح عندهم.

__________________

(١) العثمانية: ١٥٠.

(٢) لا توجد في: ق.

(٣) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٤) المصدر بزيادة: واحد.

(٥) ق: مكذب.

(٦) العثمانية: ١٥١.

(٧) ق ون: مبغضه.

٣٢٣

وأما إن أنسا كذب ثلاث مرات فلا أدري ما وجهه أما إنه كتم فلا نزاع فيه ويكفي في براءته من الحوب عدم إنكار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإقامة العذر له بأنه يحب قومه.

قال وأما قولكم أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال أنت مني بمنزلة هارون(١) من موسى إلا أنه لا نبي بعدي وأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أراد بهذا أن يعلم الناس أن عليا وصيه وخليفته(٢) .

فإنا نقول(٣) في ذلك وبالله وحده نستعين.

قال كلاما حاصله إن عليا ما استخلفه النبيعليه‌السلام في حياته ومنعها(٤) بعد الموت(٥) .

قال لأن هارون مات قبل موسى وعلى هذا فإما أن يكون الحديث باطلا أو له تأويل غير ما تأولتم(٦) .

والذي يقال على هذا أن الجاحظ جزم وأبرم بأنهعليه‌السلام لم يستخلف(٧) عليا في حال حياته وإذا عرفت هذا فنقول:

تعين أن يكون ذلك بعد موته إذ الرواية صحيحة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وننازع(٨) مضطرين في أن هارون مات قبل موسى إذ لم يقرر برهان ذلك يقينا.

__________________

(١) في المصدر: كهارون.

(٢) العثمانية: ١٥٣.

(٣) في المصدر: سنقول.

(٤) ن: منعه.

(٥) العثمانية: ١٥٣.

(٦) المصدر السابق.

(٧) ن: استخلف.

(٨) ق: ينازع ون: تنازع.

٣٢٤

سلمنا ثبوت ذلك لكن يكون ذلك مشروطا أعني قول موسى اخلفني في أهلي(١) أي إن بقيت(٢) بعدي وما بقي لكن(٣) أمير المؤمنين بقي فيكون الخليفة بعده.

قال ولو أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أراد أن يجعله خليفة بعده(٤) لكان يقول أنت مني بمنزلة يوشع بن نون لأن يوشع كان خليفة موسى في بني إسرائيل(٥) .

قال وإن ادعوا أن المراد بذلك الوزارة قلنا ما المراد من الوزارة هل هي ما تشاكل الوزارة للملوك أو المعاونة بحيث إن غاب أحدهما كان الآخر مؤازره(٦) .

وساق الكلام إلى أن النبيعليه‌السلام لا يجوز أن يستثني ما لا يملكه وهو النبوة مما يملكه وهو الخلافة(٧) .

والجواب بما أن هارون كان شريك موسى في النبوة وخليفته فهذا ينقض كلاما بسيطا ذكره ومثله في هذا الإسهاب معجبا به كمثل رجل أطال(٨) فأعجبته الإطالة فقال لعربي عنده(٩) ما العي(١٠) عندكم قال ما كنت فيه منذ اليوم.

__________________

(١) الآية:( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي ) الاعراف: ١٤٢.

(٢) ن: بقي.

(٣) ن: ( و) بدل ( لكن ).

(٤) في المصدر: يجعل عليا خليفة من بعده.

(٥) العثمانية: ١٥٥.

(٦) العثمانية: ١٥٦.

(٧) المصدر السابق: ١٥٧.

(٨) ن: تكلم فاطال.

(٩) لا يوجد في: ن.

(١٠) ن: بدلها ( ما تعدون العي ).

٣٢٥

فإن قال هذا عين الإشكال لا غيره فإن الجواب عنه بما أنه إذا كان المعنى من قولهعليه‌السلام أن جميع منازل هارون من موسى حاصلة لعلي مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاز أن يستثني النبوة وإن لم يكن ملكا له لئلا يتوهم متوهم أن الله تعالى قد جعل لعلي الشركة في النبوة كما كانت لهارون مع موسىعليهما‌السلام .

وقوله إن الخلافة يملكها رسول الله دون النبوة باطل إذ الإمامة عند الإمامية موقوفة على تنصيص الله تعالى كما أن النبوة موقوفة على تنصيص الله تعالى(١) ولو لم يكن هذا فإن إشكال الجاحظ زائل إذ قد بينا ما يظهر منه أنه جائز أن يستثني ما لا يملكه وهو النبوة من الخلافة ولو كانت مما يملكه.

قال وقد زعم قوم من العثمانية أن هذا الحديث باطل لتعذر(٢) تأويله(٣) (٤) .

أقول قد بينا صواب وجه تأويله.

قال ووجه آخر إن هذا الحديث لم يرو إلا عن عامر بن سعد فواحدة أن عامر بن سعد رواه عن أبيه ولو سمعنا من سعد نفسه لم يكن حجة على غيره كالحجة(٥) على علي في شهادته لأبي بكر وعمر بأنهما سيدا كهول أهل الجنة(٦) .

والذي يقال على هذا أنه كذب صريح ينبهك عليه ويدلك ما ذكرناه

__________________

(١) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٢) ن: لتعذرنا.

(٣) لا توجد في: ن.

(٤) العثمانية: ١٥٨.

(٥) ق: فالحجة.

(٦) العثمانية: ١٥٨.

٣٢٦

عن قرب في ذكر طرقه.

وأما قوله كالحجة على علي في مدحه أبا بكر فإنا قد بينا كذب الجاحظ جدا وجهله للقرآن وجهله بالحديث وتهمته وبغضته أمير المؤمنين صلوات الله عليه ومن كان بهذه الصفة لا يعتمد على قوله.

ثم من الفظيع أن يأتي مخاصما شرف أمير المؤمنين برواية يرويها غير مسند لها إلى أشياخ ولا محيل بها(١) على كتاب فهو في هذا كالبقة في مصادمة العقاب والنملة في مصادمة أسود غاب ثم كيف يقول أمير المؤمنينعليه‌السلام هذا مع قوله المعروف المشتهر جدا فيا لله وللشورى(٢) وقوله عبدت الله قبلهما وبعدهما(٣) .

ولو لم يقل فمزاياه دالة عليه مانعة له من قوله ما سبقت الإشارة إليه. ثم كيف يقول علي ذلك رادا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتفضيله(٤) على البشر حسب(٥) ما نطق به الأثر.

ثم من عرف حال المحدثين المعتبرين وقدحهم في الأخبار كالدارقطني وشبهه والأعمش مطلقا اتهم صحيحها المنزه عن التهمات فكيف(٦) مرجوحها الملتحف بالتهمات الظاهرات.

__________________

(١) ق: فيها.

(٢) فيا لله وللشورى متى اعترض الريب فيّ مع الاول منهم حتى صرت اقرن الى هذه النظائر.

الخطبة الشقشقية، الخطبة الثالثة من نهج البلاغة: ١ / ٢٥ ( مطبعة الاستقامة ) شرح محمد عبده.

(٣) قال ذلك لعثمان وقد جرى بينه وبينه كلام فقال: ابو بكر وعمر خير منك فقالعليه‌السلام : انا خير منك ومنهما عبدت الله قبلهما وعبدته بعدهما. انظر: المعارف لابن قتيبه: ٧٣ وذخائر العقبى: ٥٨ الرياض النضرة: ٢ / ١٥٥ وشرح ابن ابي الحديد: ٣ / ٢٥١.

(٤) ن: تفضيله.

(٥) ق: حيث.

(٦) ج: وكيف.

٣٢٧

ثم روى الرواية عن عامر أن النبيعليه‌السلام قال إلا أنه ليس معي نبي هكذا رووه عن عامر بن سعد(١) .

وأقول إنه لو روي على هذا الوجه ما قدح في الغرض إذ كان الله تعالى حكى عن موسى( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي ) وقد قرر الجاحظ أن هذه الخلافة ما كانت والنبيعليه‌السلام حي فتعينت بعد وفاته تصديقا للرواية.

ثم إن قوله هكذا رووه من الذي رواه كذا بحوث سمريه(٢) في مقام البراهين اليقينية وهذا نقص(٣) محض وزلل بين ولغط(٤) ظاهر.

ثم بيان فساد الرواية كون الجنة ليس في سكانها كهول وما يبعد من خاطري أن الكهل في الجنة إبراهيم الخليل وحده فإذن يكون منصوره سيد إبراهيم الخليل والجميع يأبونه.

وإن كان المراد به سيدا من مات كهلا في الدنيا فإذن منصوره سيد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وغيره من الأنبياء الذين ماتوا كهولا وهو يأباه وإن لم يأب ذلك فهو كافر.

وقال إن النبيعليه‌السلام قال هذا خالي أباهي به فليأت كل امرئ بخاله تفضيلا(٥) له(٦) على كل خال في الأرض وقد كان علي خال جعدة بن هبيرة ولم يستثن أحدا(٧) .

__________________

(١) العثمانية: ١٦٠.

(٢) ن: شعرية.

(٣) ن: نقض.

(٤) ن: غلط.

(٥) ن: مفضلا.

(٦) ن: عليه.

(٧) العثمانية: ١٦٠.

٣٢٨

أقول إنه إذا كان القول لا يسند إلى برهان أمكن أن يقول قائل إن أخس الخلق الجاحظ فعلى هذا هو أخس من كذا وكذا من فنون الحيوانات وكما أن هذا لا يقوم منه عرض فكذا هذا.

ومع الإضراب عن هذا فما البرهان على أن جعدة كان موجودا حتى يتوجه الإيراد.

أضربت(١) عن هذا فإن هذا مخصوص بكمال شرف أمير المؤمنينعليه‌السلام في الفنون من العلوم وغيرها من صنوف الخصائص المورقة الغصون.

أضربنا عن هذا فإن في الآثار النبوية من طريق الخصم ما يشهد بأن أمير المؤمنينعليه‌السلام وشيعته خير البرية(٢) وأنه سيد البشر(٣) وأنه سيد العرب(٤) وأنه وجماعة من أهله سادات أهل الجنة من طريق من لا يتهم.

وأيضا فإن الناس اختلفوا في أفضل الصحابة ولم يذكروا الخال المشار إليه فأراه على هذا لا رافضيا ولا سنيا ولا خارجيا ولا متعلقا بمذهب من مذاهب المسلمين فيكون منافقا.

ثم إن عدو السنة أراد أن يضع من عليعليه‌السلام فوضع من منصوره مبالغا بيانه.

إن أولاد الأشعث بن قيس حضروا عند معاوية بن أبي سفيان ففخر أولاد ابنة أبي قحافة على إخوتهم من النخعية وكثروا فقال أولاد النخعية والله لقد تزوج أبونا أمكم وهو مأسور على حكمه وتزوج أمنا وهو مطلق على حكمها.

__________________

(١) ق: اضربنا.

(٢) مرت الاشارة الى مصادره هامش ص: ٧٢.

(٣) مرت الاشارة الى مصادره هامش ص: ٧٢.

(٤) مرت الاشارة الى مصادره هامش ص: ١١٢.

٣٢٩

وإذا تقرر هذا فليكن خال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أشرف قدرا من منصوره وهو يأباه ولو لم يأبه فلا يرضى بذلك أحد من أهل السنة ويرون الجاحظ بذلك سابا لأبي بكر رضوان الله عليه وسب خلصاء الصحابة محذور فاعلم ذلك.

ويمكن الرد على هذا بأن أبا بكر لم يكن خالا في زمن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والإشكال إنما هو متوجه بهذا ثم إن الجاحظ مرمي بمذاهب المعتزلة فالمذاهب الأشعرية تتبرأ منه والمذاهب الحنبلية تتبرأ منه والمذاهب المالكية تتبرأ منه وكذا الشافعية والمذاهب الشيعية تتبرأ منه والمذاهب الكرامية تتبرأ منه(١) وإن كان على قواعد المثبتين الجواهر وما يبعد فقواعد القائلين بالصانع تتبرأ منه إذ مذهبهم آئل إلى ذلك وهو نفي الصانع ومن كان هذا أشرف حليته فغير بدع الانحراف منه على أمير المؤمنينعليه‌السلام وشيعته وأبو بكر وعمر يبرءان(٢) منه إذ لم ينقل عنهما إيغال(٣) في الطعن مع أن عمر مع الذي عنده من حزونة المزاج والخشونة كان المثني(٤) عليه على ما رواه القوم يعتمد على رأيه ويقول لو لا علي لهلك(٥) عمر ونحو هذا وقد أثبتناه فيما سلف(٦) ولا المعتزلة راضية عنه إذ لا أعرف أحدا منهم يقول الذي يقول بل فيهم من بلغنا أنه رد عليه وسخف رأيه وهذاه أحسن الله تعالى جزاء ذاك وهو أبو جعفر الإسكافي(٧) حسب ما

__________________

(١) ما بين القوسين لا يوجد في: ن.

(٢) ن: مبرءان.

(٣) ق ون: افعال.

(٤) ج وق: المبني.

(٥) ج ون: هلك.

(٦) تقدم ص (٨٥).

(٧) هو أبو جعفر محمد بن عبد الله بن محمد الاسكافي، المتوفى سنة ٢٤٠ ه‍، شيخ من شيوخ المعتزلة كان صاحب نظر ورأي فيهم. وقد نقض المشار اليه كتاب العثمانيّة وردّ عليه ولكن هذا

٣٣٠

رأيت في كلام ابن عباد وله مقامات ساميات في تفضيل أمير المؤمنين صلوات الله عليه وأحسن جزاء ابن عباد فيما قصد إليه.

وعند الخصوم أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال كونوا مع السواد الأعظم وهذا ملقح الفتن عدل عن فنون الطرق(١) وسلك في سبيل وعر جدا فحاق به غضب الله وغضب رسوله وغيرهما.

أقول إن المشار إليه ذكر حديث المؤاخاة وادعى أن المؤاخاة كانت بين(٢) علي وسهل بن حنيف(٣) وادعى أن هذا لا دافع له وأورد على نفسه أن تكون المؤاخاة بين علي وسهل وبين النبي وعلي وذلك لا يتنافى(٤) وأورد على ذلك أنه لم يجد(٥) بذلك إسنادا يثق به أصحاب الحديث وأنه كان ينبغي أن يؤاخي بينه وبين أفضل الأنصار حيث رضيه لنفسه(٦) .

والذي يقال على الجاهل بالكتاب والسنة عدو أمير المؤمنينعليه‌السلام إنا قد روينا فيما سلف الحديث من طريق ربع المنتسبين إلى

__________________

الرّد قد ضاع في جملة الكتب الّتي ضاعت وفقدت ولعلّ الأيدي الاثيمة هي الّتي اتلفته عمدا.

ولكن ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه على نهج البلاغة أورد قسما منه ضمن كتابه. وقد جمع هذه النصوص المتفرّقة الاستاذ حسن السندوبي في كتابه ( رسائل الجاحظ ) وجاء بها حسب ترتيب ذكرها في شرح نهج البلاغة. ثمّ انّه لما طبع كتاب العثمانيّة في القاهرة سنة ١٣٧٤ بتحقيق عبد السلام هارون قام المحقّق بطبع تلك النصوص على شكل كتّيب والحقه مع العثمانيّة وطبعه معه في آخره.

(١) ن: الطريق.

(٢) ق: من.

(٣) العثمانيّة: ١٦٠.

(٤) العثمانيّة: ١٦٠.

(٥) ن: نجد.

(٦) العثمانية: ١٦١.

٣٣١

السنة أحمد بن حنبل ومن الصحيح لرزين العبدري ومن طريق ابن المغازلي ومن طريق الحافظ ابن مردويه(١) وليس أحد من هؤلاء رافضيا خاصة مع تصحيح رزين للطريق فإذن الحديث في الصحيح برزين وبمن روى عنه فظهر زلل الجاحظ عدو الدين.

أما أنه كان على قود ما ادعيناه أن يؤاخي بينه وبين أفضل الصحابة حيث رضيه لنفسه فهذيان(٢) إذ وجه المصالح يعرفها الحاضر ويجهلها الغائب وما يدرينا ما الوجه الذي يراه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذلك وما يدرينا أن غير سهل خير منه والبواطن إلى الله إلا أن ينص رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن فلانا أفضل من فلان كما نص في عليعليه‌السلام .

ثم من وافق الجاحظ أن أمير المؤمنين كان أخا لسهل بن حنيف وأما مؤاخاة النبي لعليعليه‌السلام فإنها بالقرائن دالة على تخصيصه له بالمنزلة وبقوله تركتك لنفسي.

[ و ](٣) أقول إن الجاحظ رد التعلق في نفي إمامة أبي بكر رضوان الله عليه بكونه كان في جيش أسامة في حال مرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان يحث على إنفاذ الجيش ويكرره إلى أن قبضه الله تعالى(٤) وأورد على ذلك أن أحدا ما أنكر عليه الرجوع ولو كان خطأ أنكر(٥) .

وللجارودية أن يجيبوا عن ذلك بأن الوقت كان أشغل من الإنكار لمرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المخوف وقد يعرف قوم بقدومه وقد(٦)

__________________

(١) تقدم ص: ١٥٢.

(٢) ق: فهو بان ( كذا ).

(٣) لا توجد في: ق.

(٤) العثمانية: ١٦٤.

(٥) العثمانية: ١٦٦ نقله بالمعنى.

(٦) لا توجد في: ن.

٣٣٢

لا يعرف وقد يتوهم(١) قوم أنه ورد لضرورة فلا ينكرون أو أن أسامة أنفذه فلا ينكرون أو أنه ليس بالمهم كونه في الجيش ولا هو المقصود فلا ينكرون أو أن بعضا عرف الخطأ وعياذا بالله وكان له غرض في قدومه فما أنكره.

أضربنا عن هذا فإن غرض الجارودية يحصل بمجرد كون النبي حث على تبعيده عن المدينة عند مرضه المخوف وهو دون(٢) تدبير الرئاسة.

قال وما يقرب من قولنا كون النبيعليه‌السلام قال انفذوا ولا يليق بهذا الخطاب إلا أبو بكر(٣) .

وهذه دعوى لا يرضاها أصحاب(٤) النظر يرد عليها موارد كثيرة يفهمها العيي(٥) فضلا عن الناقد والمقصر فضلا عن المبرز.

قال ووجه آخر وهو أنك لو جهدت أن تجد بحديث(٦) من زعم أن أبا بكر كان في جيش أسامة أصلا لم تجد(٧) . والذي يقال على هذا أن من لا يتهم في شرفه(٨) وسداده(٩) حكاه عن البلاذري(١٠) وهو بموضع الضبط

__________________

(١) ق: موهم، ن: توهّم.

(٢) ن: وقت.

(٣) العثمانية: ١٦٩ نقله بالمعنى.

(٤) ق: اهل.

(٥) ن: الغبى.

(٦) في المصدر: لحديث.

(٧) العثمانية: ١٦٩.

(٨) يعني الشريف المرتضى ( كما ياتى التصريح بذلك عند نقله حديث ان ولوها الاجيلح سلك بهم الطريق ) فقد ذكر في كتابه الشافي: ٢٤٦ ذلك عن تاريخ البلاذري.

(٩) ن بزياده: و.

(١٠) هو احمد بن يحيى بن جابر بن داود البلاذري البغدادي خاتمة مؤرخي الفتح.

ولد في اواخر القرن الثاني ونشأ في بغداد وكان من ندماء المتوكل وادرك المستعين والمعتز وعهد اليه الاخير بتثقيف ابنه عبد الله الشاعر المشهور.

وكان البلاذري بالاضافة الى كونه مؤرخا وشاعرا وكاتبا ومترجما.

٣٣٣

عندهم ورواه أبو بكر الجوهري في كتاب السقيفة ولا أراه بموضع تهمة أصلا عن أبي زيد قال حدثنا حماد بن سلمة(١) عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله جهز جيشا واستعمل عليهم أسامة بن زيد وفيهم أبو بكر وعمر(٢) .

وروى محمد بن جرير(٣) وهو إمامي من طريق الواقدي أن أبا بكر وعمر كانا في جيش أسامة(٤) .

__________________

وسوس في اخر ايامه فاخذ الى البيمارستان لانه شرب تمر البلاذر على غير معرفة ومنه اسمه ومات سنة ٢٧٩ في اول خلافة المعتضد.

وكتابه الذي ينقل عنه الشريف المرتضى هو ( تاريخ انساب الاشراف ) وهو كتاب كبير كثير الفائدة على ما ينقل، كتب منه عشرين مجلدا ولم يتم ( كما في كشف الظنون ) طبع من هذا الكتاب جزء واحد بباريس وهو الخامس فقط ويبدا بخلافة عثمان وامر الشورى الى ايام عبد الملك بن مروان. انظر: تاريخ ابن الاثير: ٢ / ٣١٧ معجم الادباء: ٥ / ٨٩. تاريخ اداب اللغة العربية: ٢ / ١٩١.

(١) ق: مسلمة.

(٢) المذكور في السقيفة: ٧٤.

وحدثنا احمد بن اسحاق بن صالح عن احمد بن سيار عن سعيد بن كثير الانصاري، عن رجاله عن عبد الله بن عبد الرحمن، ونقله ايضا ابن ابي الحديد في شرحه على النهج: ١ / ١٥٩ وابن الاثير في تاريخه: ٢ / ٣١٧.

(٣) هو محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي أبو جعفر.

وهو امامي صاحب كتاب غريب القرآن والمسترشد في الامامة، الذي يروي عنه الشريف الحسن بن حمزة الطبري المرعشي المتوفى سنة ٣٥٨. ووصفه بالكبير في قبال أبي جعفر محمد بن جرير الطبري الصغير الذي هو عامي صاحب التاريخ المتوفى سنة ٣١٠. وللطبري الامامي مؤلفات منها « دلائل الامامة » و « غريب القرآن » و « المسترشد في الامامة » و « نوادر المعجزات في مناقب الائمة الهداة ». انظر: فهرست ابن النديم: ٣٧ عند ذكر الكتب المؤلفة في غريب القرآن وفهرست الشيخ الطوسي: ١٥٨ ترجمة ٦٩٧ ورجال النجاشي: ٣٧٦ ترجمة ١٠٢٤ والذريعة: ٨ / ٢٤١.

(٤) المغازي: ٢ / ١١١٧.

٣٣٤

وإن (١) قيل إن ابن جرير موضع تهمة قلت قد أحال على شيخ معروف لا يتهم فلينظر كلامه.

وتعلق بكون منصوره صلى بالناس(٢) والجارودية تمانع عن(٣) ثبوت ذلك.

أقول إني قد رأيت الوفاء بما وعدت به من ذكر الأحاديث المتعلقة بفضل أبي بكر رضوان الله عليه وأقول عندها ما يجيء على مذهب الجارودية وأنا بريء من الزيغ.

ذكر الجاحظ أنهم يروون عن النبيعليه‌السلام ليس أحد أمن علينا بصحبته وذات يده من أبي بكر(٤) !

وأنه قال لو كنت متخذا من هذه الأمة خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن ود(٥) وإخاء!(٦)

قال وأعجب من هذا ما(٧) يروون أن النبيعليه‌السلام قال في شكاته(٨) وقبل(٩) وفاته إن خليلي منكم أبو بكر!(١٠) .

والذي يقال عند هذا إنا قد بينا(١١) أن رواية الخصوم لا تقبل في معارضة

__________________

(١) ن: فان.

(٢) العثمانية: ١٧٠.

(٣) لا توجد في: ق.

(٤) العثمانية: ١٣٥.

(٥) ن والمصدر: ودا.

(٦) العثمانية: ١٣٥.

(٧) لا يوجد في المصدر.

(٨) ق: مكانه.

(٩) المصدر: قبيل.

(١٠) العثمانية: ١٣٥.

(١١) ق: قدمنا.

٣٣٥

الخصم وهو الجاحظ فقد تضمن كتابه هذا أن أمثال هذه الأحاديث لا عبرة بها وعول على الغار ونحو ذلك ولا أستبعد أني حكيته بفصه(١) .

ثم إن قوله أمن يمكن أن يقال أنه أراد بمن علينا بذلك والجارودية يقول لسانها لا ينبغي أن يمن(٢) بالصدقة على غير رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكيف هو وهو صاحب الحقوق الجمة قال الله تعالى( لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى ) (٣) .

وأما حديث الخلة والإخوة فيحتاج إلى أن يعرف من الراوي له من الخصوم فإن كان ضعيفا عندهم بطل التعلق به رأسا عندنا وعندهم وإن كان عندهم موثقا وبنوا(٤) على روايته فإن الجارودية لا تتقبل(٥) رواية خصم لتهمته وتهمة من وثقه وكذا يقولون أعني الجارودية عند قوله اقتدوا بالذين من بعدي!(٦) مع أن راويه عبد الملك بن عمير(٧) يقال أنه قتل

__________________

(١) ق: بقصته.

(٢) ج: تمن.

(٣) البقرة: ٢٦٤.

والآية كاملة: ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ ) .

(٤) ن: بنوه.

(٥) ق: تقبل.

(٦) قال الجاحظ: ويروون ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: اقتدوا بالذين من بعدي ابي بكر وعمر. انظر العثمانية: ١٣٥.

(٧) عبد الملك بن عمير بن سويد بن حارثة القرشي، ابو عمرو الكوفي المعروف بالقبطي.

رأى عليا وابا موسى، وروى عن جماعة منهم الاشعث بن قيس، وجابر بن سمرة وجندب بن عبد الله البجلي وغيرهم. وقال عنه العسقلاني في تهذيب التهذيب: ٦ / ٤١١: وقال علي بن الحسين الهسنجاني عن احمد: عبد الملك مضطرب الحديث جدا، مع قلة روايته، ما ارى له خمسمائة حديث، وقد غلط في كثير منها. وقال اسحاق ابن منصور: ضعفه احمد جدا. الى

٣٣٦

رسول الحسين بن عليعليهما‌السلام ولا نعلم(١) إلى من أشار بالاقتداء وأين المصحح لهذه الرواية.

وكذا يقال شيء من هذا على قوله سيدا كهول أهل الجنة! مسندا الرواية عن علي.

أقول إن الجارودية يقول لسانها لو كان عند الجاحظ حياء ما أورد علينا مثل هذا إذ هو حديث من لا يدري ما يقول كيف يكذب أمير المؤمنين نفسه ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكيف يرد على معانيه وسؤدده ما شهدت به من الفضيلة على غيره والفخر له على من(٢) سواه إذ كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شهد له بالفضيلة(٣) العالية والمذاهب السرية والأخلاق العلية مشرفا له بها على غيره ظاهرا بها على من عداه وقد سلف بيان ذلك.

مع أن الجاحظ كفانا المئونة بضعف أمثال هذا وقد سلفت زيادة إيضاح في معنى قوله سيدا كهول أهل الجنة.

وكذا يقول لسان الجارودية على مثله من شهادة علي للجماعة بالجنة وكذا يقولون على ما يروون من خبر الأحجار وقعود الثلاثة عليها وأنهم

__________________

ان قال: ذكره ابن حبان في الثقات وقال: ولد لثلاث بقين من خلافة عثمان ومات سنة ست وثلاثين ومائة وله يومئذ مائة وثلاث سنين وكان مدلسا.

انظر ايضا: ميزان الاعتدال: ٢ / ٦٦٠ وسير اعلام النبلاء: ٥ / ٤٣٨ والجرح والتعديل: ٥ / ٣٦٠. وذكر الشبلنجي في نور الابصار: ٥٢ في ترجمة عبد الله بن يقطر قال:

وهو قاتل عبد الله بن يقطر رسول الحسين بن علي الى مسلم بن عقيل حيث رمى به ابن زياد من فوق القصر - وبه رمق - فاجهز عليه، فلما عوتب على ذلك قال: انما اردت ان اريحه.

(١) ن: يعلم.

(٢) ن: ما.

(٣) ج: بالفضلية.

٣٣٧

الخلفاء من بعدي.

وراوي الحديث يعقوب بن أبي شيبة قال حدثني يحيى بن عبد الحميد قال حدثنا حشرج(١) بن نباته عن سعيد بن جمهان(٢) عن سفينة مولى رسول الله عن النبيعليه‌السلام قال ابن الوليد المحدث ببغداد إن يحيى بن عبد الحميد(٣) تكلم فيه أحمد بن حنبل واختلف الناس في جرحه وثقته وأما حشرج(٤) بن نباته فإن محمد بن حبان صاحب كتاب المجروحين وهو لنا عدو قال ما صورته:

حشرج بن نباته يروي عن سعيد بن جمهان(٥) روى عنه حماد بن سلمة ومروان بن معاوية كان قليل الحديث منكر الرواية(٦) لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد روى عن سعيد بن جمهان عن سفينة أن النبيعليه‌السلام وضع حجرا ثم قال ليضع أبو بكر حجرا(٧) إلى جنب حجري ثم(٨) ليضع

__________________

(١) ق وج: حشرح.

(٢) ق: جمهار.

(٣) يحيى بن عبد الحميد بن عبد الله بن ميمون بن عبد الرحمن الحماني. الحافظ ابو زكريا الكوفي، روى عن جماعة منهم شريك.

قال الذهبي في ميزان الاعتدال: ٤ / ٣٩٢: واما احمد فقال: كان يكذب جهارا. وقال النسائي: ضعيف. وقال البخاري: كان احمد وعلي يتكلمان فيه.

وقال محمد بن عبد الله بن نمير: ابن الحماني كذاب. وقال مرة: ثقة. توفي سنة ثمان وعشرين ومائتين.

انظر أيضا: تهذيب التهذيب: ١١ / ٢٤٣ وسير أعلام النبلاء: ١٠ / ٥٢٦ والجرح والتعديل: ٩ / ١٦٨.

(٤) ج وق: حشرح.

(٥) ن بزيادة: و.

(٦) المصدر بزيادة: فيما يرويه.

(٧) في المصدر: حجره.

(٨) في المصدر بزيادة: قال.

٣٣٨

عمر حجرا(١) إلى جنب حجر أبي بكر ثم(٢) ليضع عثمان حجره إلى جنب حجر عمر ثم قال هؤلاء الخلفاء من بعدي!

أخبرناه أبو يعلى قال حدثنا يحيى الحماني(٣) قال حدثنا حشرج بن نباته عن سعيد بن جمهان عن سفينة(٤) .

وكذا روى غير هذا مما لا يعتمد عليه هو فكيف الخصم وروى(٥) حديث الميزان الذي وضع فيه أبو بكر وعمر وعثمان في منام يرويه أبو بكرة(٦) لمعاوية وقد ورد وافدا عليه

طريق الرواية:

رواه أبو بكر الجوهري عن أبي يوسف قال حدثنا سودة(٧) بن خليفة وموسى بن إسماعيل والأسود بن عامر بن شاذان ومعنى حديثهم واحد قالوا حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد(٨) وهو مقدوح فيه عندهم وكذا علي

__________________

(١) في المصدر: حجره.

(٢) في المصدر بزيادة: قال.

(٣) ن: يحيى بن حمّان.

(٤) المجروحين: ١ / ٢٧٧.

(٥) قال الجاحظ: ويروى ان النبي صلى الله عليه [ وآله ] وضع في كفة الميزان والامة في الكفة الاخرى فرجح بهم ثم اخرج النبي صلى الله عليه [ وآله ] ووضع ابو بكر مكانه فرجح بالامة ثم اخرج ابو بكر ووضع عمر مكانه فرجح بالامة ثم اخرج فرفع الميزان. انتهى ولم يرد فيه ذكر عثمان. انظر العثمانية: ١٣٧.

(٦) ق ون: ابو بكر.

(٧) ن: سؤدد.

(٨) علي بن زيد بن جدعان ابو الحسن القرشي التيمي البصري الاعمى.

حدث عن انس بن مالك وسعيد بن المسيب وغيرهما كما حدث عنه شعبة وسفيان وحماد بن سلمة وسفيان بن عيينة. وعلي بن زيد المذكور ولد اعمى. قال ابو زرعة وابو حاتم: ليس بقوي، وقال البخاري وغيره: لا يحتج به. وقال ابن خزيمة: لا احتج به لسوء حفظه وقال حماد بن زيد: انبأنا علي بن زيد وكان يقلب الاحاديث. وقال احمد بن حنبل: ضعيف.

٣٣٩

بن زيد(١) وعبد الرحمن(٢) عمه(٣) زياد ساب أمير المؤمنينعليه‌السلام وأبو بكرة(٤) أخو زياد ابن أبيه ساب أمير المؤمنينعليه‌السلام (٥) والوفادة إلى الشام والجلساء شاميون.

إذا عرفت هذا فإن الجارودية تخرف شيخا(٦) يورد مثل هذا على خصومه قال وقالوا قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٧) إن الله بعثني إليكم جميعا فقلتم(٨) كذبت(٩) وقال لي صاحبي صدقت فهل أنتم

__________________

وروى عباس عن يحيى: ليس بشيء. مات علي بن زيد سنة ١٣١ ه‍. انظر: سير اعلام النبلاء: ٥ / ٢٠٦ والتاريخ الكبير: ٦ / ٢٧٥ والجرح والتعديل: ٦ / ١٨٦ وميزان الاعتدال:٣ / ١٢٧ وتهذيب التهذيب: ٧ / ٣٢٢.

(١) ق: علي بن زياد.

(٢) عبد الرحمن بن ابي بكرة الثقفي، يكنى ابا بحر وقيل ابا حاتم سمع علياعليه‌السلام واباه وعبد الله بن عمرو كما حدث عنه ابن سيرين وابو بشر وخالد الحذاء واخرون ولد زمن عمر وقيل انه سنة اربع عشرة. وقيل انه كان يقول: انا انعم الناس، انا ابو اربعين، وعم اربعين، وخال اربعين، وعمي زياد الأمير وكنت اول مولود بالبصرة. قيل انه توفي سنة ٩٦ وقيل غير ذلك.

انظر: سير اعلام النبلاء: ٤ / ٣١٩ و ٤١١ وتهذيب التهذيب: ٦ / ١٤٨، تهذيب الكمال: ٧٧٩.

(٣) ن: ابن عمه.

(٤) ابو بكرة الثقفي الطائفي واسمه نفيع بن الحارث وقيل نفيع بن مسروح، تدلى في حصار الطائف ببكرة فكني يومئذ بابي بكرة. اسلم على يد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله واعلمه انه عبد فاعتقه.

سكن البصرة ووفد على معاوية. وامه سمية فهو اخو زياد بن ابيه لامه وجلده عمر هو ونافع وشبل ابن معبد لشهادتهم على المغيرة بالزنا. انظر: الكامل لابن الاثير: ٣ / ٤٤٣ والجرح والتعديل: ٨ / ٤٨٩، أسد الغابة: ٥ / ٣٨ و ١٥١ وسير اعلام النبلاء: ٣ / ٥.

(٥) ن بزيادة: قال.

(٦) ن: شيئا.

(٧) في المصدر: وقالوا: ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ايها الناس.

(٨) ن: فقلت.

(٩) ن: كذبتم.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363