أدب الطف الجزء ٩

أدب الطف10%

أدب الطف مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 363

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 363 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 128750 / تحميل: 7963
الحجم الحجم الحجم
أدب الطف

أدب الطف الجزء ٩

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

الشيخ علي العوّامي

المتوفى ١٣٦٤

لا تخسر الحرة الحسناء ميزانا

فالشيب بان ومنك العمر قد بانا

يفتتح هذه القصيدة بالموعظة الحسنة ويتخلص لمدح الحسين بن علي شهيد الإباء بقوله:

أفدي نفوساً تسامت في العلى رخصت

فسامها الكفر يوم الروع نقصانا

تجلببت برداء الصبر واستبقت

لنصرة المصطفى شيباً وشبّانا

حتى تهاووا وكلٌ نفسه شربت

من نقطة الفيض بالتقديس قد حانا

وخلفوا واحد الهيجاء منفرداً

يذري الدموع حريق القلب لهفانا

يرى الصحاب على البوغاء جلببها

فيض المناحر أبراداً وقمصانا

ومنها:

أيقتل السبط عطشاناً بلا ترة

والماء طام فليت الماء لا كانا

أروح طاها بلا دفن ترضضه

الأعداء حتى غدا للخيل ميدانا

الشيخ علي ابن الشيخ جعفر آل أبي المكارم العوامي. ترجم له الباحث الأديب الشيخ سعيد الشيخ علي آل أبي المكارم في كتابه ( أعلام العوامية في القطيف ) وقال في حقه: عظيم من عظماء الانسانية وبحر من بحور السماحة والفضل وإمام من أئمة الجماعات والجمعات، أخلص للإسلام وأبنائه. وُلد في غرة شهر رمضان المبارك سنة ١٣١٣ ه‍. وارخ مولده أبوه الشيخ جعفر المترجم له سابقاً، فقال:

٣٠١

يا خليلي غنني

فلقد زال الألم

وأدر كأس الهنا

وأزح عنا السقم

فعليٌ قد أتى

وبه الشمل انتظم

شمس مجد أرخت

نورها يجلو الظلم

تلقى على أبيه ومربيه في العلوم الأولية كالنحو والصرف والمنطق والبيان وقرأ الفقه والاصول ثم قصد النجف الأشرف فحضر هناك عند ثلة من العلماء الاعلام وحجج الإسلام العظام كالعلامة السيد مهدي الغريفي النجفي والحجة الشيخ عبدالله المعتوق القطيفي المتوفى سنة ١٣٦٢ ه‍. والحجة الكبير والمرجع الديني الشهير الشيخ أحمد آل كاشف الغطاء، فأتم قراءة الفقه والاصول وقرأ الحكمة الإلهية والكلام وتملك زمام سائر العلوم الرياضية وغيرها كالهيئة والحساب والجغرافية والهندسة حتى نال درجة الاجتهاد بشهادة أساتذته الذين درس عليهم. وهكذا قضى عمره في درس وتدريس وجدّ واجتهاد حتى توفاه الله يوم الخميس ٦/٥/١٣٦٤ ه‍. ودفن في ( سيهات ) من مدن القطيف، واقيمت له الفواتح في القطيف والبحرين وغيرهما وأبّنه الكثير من الادباء والشعراء وخلف من الآثار العلمية تبلغ ١٣ مؤلفاً منها:

١ - اللؤلؤ المنظوم في تاريخ الحسين (ع) جزءان.

٢ - الجامع الكبير في الفقه الاستدلالي.

٣ - أوضح دليل فيما جاء في علي وآله من التنزيل.

٤ - الوجيزة في الصلاة اليومية.

٥ - المستدرك على الفوائد في شرح الصمدية.

٦ - علية الوعظ وهي مجموعة خطبة التي أنشأها في الجمع والأعياد التي تحث المسلمين على الالفة وتوحيد الكلمة.

٧ - ديوان شعره إلى غيرها من التعليقات والمراسلات وأجوبة السائلين عن مهمات امور الدين. أورد له صاحب ( الاعلام ) عدة قصائد وعظية ورثاء للإمام الحسينعليه‌السلام وفي أغراض أُخر.

٣٠٢

الشيخ محمد حرز الدين

المتوفى ١٣٦٥

رسوماً عفتها الذاهبات العوائد

بها اندرست فاستوطنتها الأوابد

فسل دمنة قد خفّ عنها قطينها

وأبيات عزٍّ بالحريق مواقد

ستنبيك عن تلك الديار طلولها

وأعلام صم في الديار خوالد

ولم يبق حول الدار إلا ثمامها

ونؤياً بها قد غيّرته الرواعد

وقفت بها والدمع أدمى محاجري

اناشد رسماً عزّ فيه المناشد

واسألها عن ساكنيها وإنها

وان جاوبت لم تشف ما أنت واجد

كأني بفتيان تداعب إلى الردى

ورحب الفلا بالخيل والجند حاشد

عوابس تعدو للحفاظ كأنها

لدى الروع في الهيجا ليوثٌ لوابد

أقامت بجنب النهر صرعى جسومهم

عليها من النقع المطل مجاسد

وأقبل كالليث العبوس بمرهف

همام على ظهر المطهم ماجد

به أحدقت من آل حرب كتائب

يضيق الفضا عنها وقلّ المساعد

فلهفي له يلقى الكتائب ظامياً

إلى ان قضى والماء جار وراكد

الشيخ محمد ابن الشيخ علي ابن الشيخ عبد الله ابن الشيخ حمد الله ابن الشيخ محمود حرز الدين النجفي من مشاهير علماء عصره، وآل حرز من البيوت العلمية في النجف، فان والد المترجم له وجده من العلماء المشهورين وكذلك

٣٠٣

أعمامه واخوته وأكثرهم مترجمون في مؤلفه الموسوم ب‍ ( معارف الرجال ) ولكنه هو واسطة عقد القلادة له شهرته العلمية والأدبية والتاريخية وكذلك اولاده وأحفاده. ولد في النجف الأشرف سنة ١٢٧٣ ه‍. ودرس مبادئ العلوم في سنّ مبكرة، وقد منحه الله موهبة الذكاء والفطنة فقرأ الكتب الأربعة المشهورة: الشرائع واللمعتين والمسالك والمدارك كما قال هو رحمه الله: قرأنا الكتب الأربعة على عدة من فضلاء العصر وجهابزة الفقه، وكان الفقه في عصرنا مديد الباع طويل الذراع، وكان أكثر تحصيله على المجتهد الكبير الشيخ محمد حسين الكاظمي، وعلى العالم الاصولي البارع الشيخ المامقانيقدس‌سره وغيرهم ممن ذكرهم هو أثناء ترجمته لهم، وعكف على الدرس والتدريس حتى جاوز التسعين عاماً ودوّن في مختلف العلوم أكثر من سبعين مؤلفاً، قام حفيده العلامة الشيخ محمد حسين بنشر بعضها منها ( معارف الرجال ) بثلاثة أجزاء ومنها مراقد المعارف في جزئين، وعدّد حفيده أسماء مؤلفاته وذكر منها ٤٤ مؤلفاً. كنت أُشاهده في مجالس سيد الشهداء وأين ما حلّ فله صدر النادي، وأبرز مميزاته تقشفه وزهده في الدنيا ورضي بالقليل من شظف العيش. ذكره السيد الحجة السيد حسن الصدر في ( التكملة ) فقال: عالم فاضل كامل أديب متبحر في جميع العلوم العقلية والنقلية والرياضية، حسن المحاظرة حلو المفاكهة والمناظرة، متضلع في السير والتواريخ وأيام العرب ووقائعها وحافظ لأخبار العلماء وقصصهم له اليد الطولى في العلوم الغريبة، وذكره المحقق الطهراني في نقباء البشر بنحو ذلك.

توفي بالنجف الأشرف عند الزوال من يوم الخميس غرة جمادى الاولى من سنة ١٣٦٥ ه‍. ودفن بمقبرته الخاصة المجاورة لداره ومسجده، وترجم له البحاثة المعاصر علي الخاقاني في شعراء الغري وذكر جملة من أشعاره. وهناك ملاحظات على كتاب ( معارف الرجال ) بالرغم من أني لم استقصه مطالعة ولكني أرجع إليه في بعض كتاباتي:

٣٠٤

١ - ذكر في الجزء الأول منه في صفحة ٣٢٧ ترجمة للشيخ زين العابدين العاملي المتوفى سنة ١١٧٥ ه‍. ونسب له القصيدة الشهيرة التي يرثي بها الحسين بقوله:

يا أيها الغادون مني لكم

شوق أذاب الجسم مني أرقا

والصحيح ان هذه القصيدة للسيد الشريف الميرزا جعفر القزويني المتوفى سنة ١٢٩٨ ه‍. كما في ( الجعفريات وغيرها ) وأولها:

سل عن اهيل الحي من وادي النقا

مغرّباً قد يمموا أم مشرقا

٢ - وفي صفحة ٣٥٨ من الجزء الأول ترجم للسيد شبر الموسوي الحويزيرحمه‌الله وعلّق حفيده سلمه الله فقال: وهو غير السيد شبر الذي ينتسب اليه السيد محمد رضا وابنه السيد عبدالله شبر القاطنين في الكاظمية.

أقول وليس من أجدادنا من يسمى بالسيد شبر، إنما هو لقب من جدنا الأعلى السيد حسن الملقب بشُبّر وقد عاش في القرن الثامن الهجري.

٣ - جاء في الجزء الثاني من معارف الرجال صفحة ٣١٤ قصيدة السيد شريف بن فلاح الكاظمي المتوفى سنة ١٢٢٠ ه‍. والمؤلف نسبها للشيخ محمد علي كمونة المتوفى سنة ١٢٨٢ ه‍. والقصيدة أولها:

قف بالطفوف وجد بفيض الأدمع

ان كنت ذا حزن وقلب موجع

وأظن ان الذي أوقعه بهذا الاشتباه هو المرحوم السيد الأمين فقد ذكر القصيدة مرتين في ( الأعيان ) ففي جزء ٣٦ من أعيان الشيعة صفحة ٧٤ جعلها من نظم السيد شريف بن فلاح الكاظمي وهو الصحيح ثم في جزء ٤٦ صفحة ١١٠ نسبها لابن كمونة وهو غير صحيح.

٤ - ترجم للشاعر السيد مهدي الأعرجي المتوفى سنة ١٣٥٨ ه‍. فقال: انه دفن في الصحن العلوي والحقيقة انه دفن بوادي السلام.

٥ - رجائي من المحقق الحفيد أن لا تفوته بعض الأخطاء اللغوية ففي الجزء الثاني صفحة ٢٧٧ عند ترجمة الشيخ محمد رضا النحوي قال: فأوعده السيد بحر العلوم. والصحيح وعده لأن ( أوعد ) للتهديد.

٣٠٥

محمد امين شمس الدين

المتوفى ١٣٦٦

يمثل روح الحب مني محمد

وابنته وابناه والصهر حيدرُ

هم عدتي حتى نهاية مدتي

بهم لست أخشى هولها حين انشر

علي تعالى من كبير على الملا

وفي السبعة الافلاك أعلى وأكبر

فعن سيفه سل يوم أحد وخندقا

وبدراً وسل ما البئر عنه وخيبر

حقائق يكبو دونها طرف واصل

وفيها بأهل الغور طال التفكر

يقال على عثمان ضنّت صلاته

وسلمان منها حظه متوفر

فلا زلت في أمريهما فاقد الهدى

وليس لهذا اللبس كشف محرر

وسائلتي مالي أخالك مكثراً

فقلت وهل في حيدر قال مكثر

ألا فدعي عنكِ مقالة ملحد

لقد قالها من قبل قوم فكُفّروا

ألم تعلمي أن العلي قسيمها

ومنه لنا القدح المعلى الموفر

علي حباه الله أمر معاده

نقيباً على مثقال ذرة يحضر

فقالت يرى في القبر قلت لها أجل

على حكمه يأتي نكير ومنكر

فقالت ومن ذا يوم لا ذو شفاعة

فقلت لها ان الشفيعين حضّر

فقالت يرى يوم الظما قلت كفكفي

فعن كفه الحوض النمير والكوثر

فقالت إذا ما قيل غُلّوه ما ترى

فقلت يولى حلّ غليّ حيدر

٣٠٦

فقالت أبا لا كسير شبهت حبهم

فقلت نعم ذرية في النار تنفر

فقالت ( وآتوني ) فقلت فلم يكن

سوى قولهم ان النبي ليهجر

فقالت وهل من سبة سن مثلها

فقلت لها لا فهي للحشر تشهر

فقالت أعجزاً حينما قيد عنوة

فقلت لها لا ذاك شيء مقدر

فقالت وما شأن البتول وضلعها

فقلت غداً في موقف الله تظهر

فقالت وما السبط الزكي وقبره

فقلت دعي قلباً لها يتفطر

فقالت وما السبط الشهيد بكربلا

وما حاله وهو الصريع المعفّر

فقلت بكته الشمس والافق والسما

دماً فهو في خدّ السما يتحدر

فيا لدماء قد أُريق بها الهدى

وضلت لها في الدين عمياء تعثر

على رغم أنف الدين سارت حواسراً

سبايا على عجف المطايا تسير

على الهون لم تلغى لها من يجيرها

وحرب على أعوادها تتأمر

لها الله حسرى لم تجد من يصونها

وهند بأذيال الخلاعة تحظر

لها الله حسرى لم تجد من يصونها

سوى انها في صونها تتستر

فيا لمصاب هدد الذكر وقعه

لديه عظيمات المصائب تصغر

ويا حب أهل البيت بتّ معانقي

فدم فعليك الله يجزي ويشكر

كتاب الضمير البارد يبحث في العقائد واصولها تصنيف العلامة الجليل الشيخ محمد أمين شمس الدين العاملي طبع سنة ١٣٥٣ ه‍.

وقد نقلت عنه هذه القصيدة.

وجاء في الذريعة ج ١٥ صفحة ١١٨:

كتاب الضمير البارد نثر ونظم للشيخ محمد أمين آل شمس الدين الشهيد الأول العاملي المعاصر المتوفى بلا عقب سنة ١٣٦٦ ه‍. في بلدة عرب صاليم

٣٠٧

من قرى جبل عامل في ثلاثة أجزاء، طبع منه جزءان في سنة ١٣٥٣ ه‍. في بيروت، وفي أول الكتاب تصويره، وفي آخره نسبه هكذا:

محمد أمين بن مهدي بن الحسين بن علي بن أحمد بن حيدر الجوني ابن شمس الدين بن محمد بن ضياء الدين محمد المهاجر بن جزّين بن علي السبط بن الشهيد محمد بن مكي المنتهى إلى سعد بن معاذ أباً، وإلى الشريف المطلب أُماً.

٣٠٨

الشيخ محمد تقي المازندراني

المتوفى ١٣٦٦

بن الشيخ محمد حسن ابن الحاج علي الطبري المازندراني الحائري، أديب شاعر، ولد بكربلاء يوم ٢٤ شوال سنة ١٢٨٩ ه‍. ونشأ نشأة دينية ودرس الفقه والاصول على العالم الجليل الشيخ غلام حسين المرندي واتصل بادباء عصره وحضر مجالس الأدب كآل الوهاب والسيد الحجة الطباطبائي ونظم وساجل وشارك في حلبات أدبية حتى جمع ديوان شعر ضخم رأيت نسخة منه في مكتبة الأديب الشاعر السيد سلمان السيد هادي الطعمة يحتوي على ألوان من الشعر وفيه الكثير في أهل البيت وفي الإمام الحسين خاصة فمنها قصيدة أولها:

أحاميَ دين البشير النذير

ومحيي منهاجه المستنير

واخرى في أبي الفضل العباس بن أمير المؤمنينعليه‌السلام أولها:

أبى أبو الفضل إلا الفضل والكرما

وجاد بالنفس يوم الحرب مبتسما

توفي بكربلاء سنة ١٣٦٦ ه‍.

٣٠٩

السيد مهدي القزويني

المتوفى ١٣٦٦

هبّ الصبا وفؤاد المستهام صَبا

إلى الحمى فأزال الغمّ والوصبا

مرابع قد مضى شرخ الشباب بها

طلق العنان سوى الأفراح ما صحبا

أخنى الزمان عليها فهي موحشة

من بعدما أنست في أهلها حقبا

أمست خلاءً بها الأرواح خافقة

وفي ثراها غراب البين قد نعبا

ولّى الشباب وأيام الصبا درست

وشعلة الشيب منها مفرقي التهبا

والدهر شنّ عليّ اليوم غارته

كأنما ترة عندي له طلبا

وصيرتني يد الغمّى لها هدفاً

وريّشت لي سهماً في الحشى نشبا

ولا ملاذ ولا ملجا ألوذ به

من الزمان إذا طرف الزمان كبا

سوى إمام الهدى المهدي معتصمي

وجنّة أتقي عني بها النوبا

من يملأ الأرض عدلاً بعد ما ملئت

جوراً، ويوردنا تياره العذبا

متى نراه وقد حفت به زمر

من آل هاشم والأملاك والنقبا

من كل أشوس غطريف كذي لبد

يوم الطعان يعدّ الراحة التعبا

من فوق كل سبوح في بحار وغى

يوم الرهان يلاقي رأسها الذنبا

حتى مَ تصبر يا غوث الأنام وقد

أبصرت فيئك في أيدي العدى نهبا

يا ثائراً غضّ جفنيه على مضض

هلا أتاك بأخبار الطفوف نبا

غداة حلّ أبو السجاد ساحتها

وأسد هاشم للهيجا قد انتدبا

٣١٠

وشمّر ابن علي للوغى طرباً

يخال ضرب المواضي عنده الضَربا

تصيخ كل نفوس القوم مذعنةً

له إذا ما عليها سيفه خطبا

يميل بشراً غداة الروع مبتسما

لم يرهب الموت بل منه الردى ارتهبا

يأبى الدنية سبط المصطفى فلذا

عن ذلة العيش في عزّ الوغى رغبا

وبعدما لفّ أولاهم بآخرهم

وسامهم فسقاهم أكؤساً عطبا

أصابه حجر قد شج جبهته

وشيبه من محياه قد اختضبا

وكم رضيع فرى منه الظما كبداً

قضى وغير لبان النحر ما شربا

السيد مهدي ابن السيد هادي ابن الميرزا صالح ابن العلامة الكبير السيد مهدي الحسيني القزويني الحلي. علم من الاعلام وفذٌ من أفذاذ الاسرة القزوينية ويطلق عليه لقب الصغير تمييزاً له عن جده الأعلى. ولد في بلدة طويريج ( الهندية ) عام ١٣٠٧ ه‍. ونشأ فيها منشأ العز والفخار متفيأ ظل والده الهادي عليه الرحمة وبعد ذلك أخذ يتملى من دروس اخوته الاعلام فحضر عند أخويه: الباقر والجواد واستفاد منهما كثيراً وهاجر إلى بلد جده أمير المؤمنين فأتمّ علومه اللسانية والبيانية كما حضر على السيد كاظم اليزدي في الفقه والاصول كما حضر عند الحجة الشيخ هادي كاشف الغطاء وغيرهما من الأساطين ثم هاجر إلى مسقط رأسه ليسدّ الثغرة ويرشد الضال ويهدي المجتمع، وكان على جانب من دماثة الخلق والتواضع رحب الصدر يودّ جليسه أن يطيل معه الجلوس وان لا ينتهي المجلس مهما امتدت ساعاته الطوال حيث كان لطيف المعشر خصب المعلومات، والحديث عنه وعن أدبه من أرق الأحاديث. حضر الهندية عمّ والده وهو العلامة الكبير السيد محمد أبو المعز المتوفى سنة ١٣٣٥ ه‍. واستنشده فقرأ له من شعره ألواناً - وكانت في لسانه تمتمة حلوة تزيد منطقه حسناً وحلاوة فنظم أبو المعز بيتين خاطبه بهما ملمحاً بحبسة لسانه ومشيراً إلى طريقة سالفة للشيخ صالح الكوازرحمه‌الله وقوله:

٣١١

أخسرت أخرس بغداد وناطقها

وما تركت لباقي الشعر من باقي

أقول: ضمن شطر هذا البيت في بيتيه فقال:

قولوا لأخرس قزوين إذا تليت

فرائد فكره قد صاغ رائقها

لم تبق ناطق شعر في الورى ولقد

( أخرست أخرس بغداد وناطقها )

هذا وكانت وفاة المترجم له عشية الاربعاء ١٣ ربيع الأول من سنة ١٣٦٦ ه‍. وقد شيع إلى مرقده الأخير في مقبرة الاسرة بالنجف الأشرف، ولم يعقب من الذكور ذرية.

ومن فرائد شعره قوله راثياً جده أمير المؤمنين (ع) من قصيدة طويلة:

يا لائميّ تجنّبا التفنيدا

فلقد تجنبت الحسان الخودا

و صحوت من سكر الشباب ولهوه

لما رأيت صفاءه تنكيدا

ما شفّ قلبي حب هيفاء الدمى

شغفاً ولا رمت الملاح الغيدا

أبداً ولا أوقفت صحبي باكياً

من رسم ربع بالياً وجديدا

كلا ولا اصغيت سمعي مطرباً

لحنين قمريّ شدا تغريدا

لكنني أصبحت مشغوف الحشا

في حب آل محمد معمودا

المانعين لما وراء ظهورهم

والطيبين سلالة وجدودا

قوم أتى نص الكتاب بحبهم

فولاهم قد قارن التوحيدا

فلقد عقدت ولايَ فيهم معلناً

بولاء حيدرة فكنت سعيدا

صنو النبي وصهره ووصيه

نصاً بفرض ولائه مشهودا

هو علّة الإيجاد لولا شخصه

وعلاه ما كان الوجود وجودا

هو ذلك الشبح الذي في جبهة

العرش استبان لآدم مرصودا

هو جوهر النور الذي قد شاقه

موسى بسينا فانثنى رعديدا

يا جامع الأضداد في أوصافه

جلّت صفاتك مبدءاً ومعيدا

٣١٢

لم يفرض الله الحجيج لبيته

لو لم تكن في بيته مولودا

للأنبياء في السر كنت معاضداً

ومع النبي محمد مشهودا

ولكم نصرت محمداً بمواطن

فيها يعاف الوالد المولودا

مَن أبهر الأملاك في حملاته

ولمن تمدّح جبرئيل نشيدا

( لا سيف الا ذو الفقار ولا فتى

إلا علي ) حيث صاد الصيدا

ومن اغتدى في فتح خيبر مقدماً

وسواه كان الناكص الرعديدا

ولكم كفى الله القتال بسيفه

الإسلام يوم الخندق المشهودا

أردى بها عمرو بن ودّ بضربة

قد شيدت دين الهدى تشييدا

أسنى من القمرين كان وإنما

عميت عيون معانديه جحودا

والقصيدة طويلة يذكر فيها مصرع الإمام أمير المؤمنين. ذكرها الباحث السيد جودت القزويني في كتاب ( مقتل أمير المؤمنين ) للمرحوم السيد ميرزا صالح القزويني.

٣١٣

الشيخ حسن الدجيلي

المتوفى ١٣٦٦

هل الدار من بعد سكانها

تريك الخليطَ بعنوانها

فرحت تقبل منها الطلول

وتعتنق الغصن من بانها

وتذرف في ربعها مدمعاً

وتستاف ملعب غزلانها

هو الدهر أخنى على ربعها

فحطم شامخَ بنيانها

وقفت به ومذاب الفؤاد

من العين يهمي بهتانها

ذكرتُ به ربع آل الرسول

فسالت عيوني بأجفانها

لقد كان مهبط وحي الإله

ومصدر آيات قرآنها

ومنبع أحكام دين النبي (ص)

ومعدن حكمة ديّانها

ومطلع شمس هدى العالمين

بها أبصرت نهج إيمانها

* * *

أطاحت امية منه العماد

وباحت بمضمر كفرانها

وقادت جيوشاً لحرب الهدى

وجاءت تهادى بطغيانها

تحاول اطفاء نور الإله

ونشر عبادة أوثانها

٣١٤

وحامي الشريعة هاجت به

عليها حمية غضبانها

فهبت لينقذ دين النبي (ص)

من تحت أنياب ثعبانها

سرى بالبهاليل من هاشم

يؤمُ العراق بأضعانها

اسودُ وغىً فوق جردٍ عتاق

صوافن أمثال عقبانها

ضوامرُ ان حفزت للوثوب

بجمع تصرّ بآذانها

عليها ليوثُ بني غالب

يضوع الفخار بأردانها

وشيدت خيامهم في الطفوف

ونجم السما دون أشكانها

أحاطت بهم فرق الظالمين

احاطة عينٍ بإنسانها

* * *

تحاول اذعانها لابن هند

وقطعُ الطُلى دون اذعانها

تموتُ كراماً ولا تلتوي

لبّو الصغار برثمانها

هل الموت إلا إذا جردت

رقاف المواض بأيمانها

إذا غنت البيض فوق الرؤوس

تميل نشاوى بألحانها

وتحسب فوق الظبا في الجباه

لدى الروع معقد تيجانها

إذا الجحفل المجر ستر الفجاج

عليها وضاقت بشجعانها

أمالته نثراً ببيض الصفاح

ونظماً بأطراف خرصانها

أراقمُ مندلعات اللسان

تلوكُ المنايا بأسنانها

فوالهفتاه لها إذ غدت

معفرةً فوق كثبانها

ولم تلوها غير كف القضا

إذ القوم ليسوا بأقرانها

* * *

ولم يبقَ غير امام الهدى

وحيداً بحومة ميدانها

يعاني الظما وعجيج النساء

يذيب الصفا وقع أرنانها

يعاني على الأرض أنصاره

وعفرُ الثرى نسجُ أكفانها

يعاني العدى مثل سيل البطاح

وفقد النصير للقيانها

٣١٥

يعاني على يده طفله

ذبيحاً بأسهم وغدانها

فلله نفسك يا علة الوجود

ويا قطب أكوانها

وتلك الفطائم لم تثنها

عن الفكر في أمر رحمانها

تدرع بالصبر في موقف

يزلزل موقف تهلانها

وشدّ على جمعهم مفرداً

كما شدّ ليثٌ على ضانها

فأروى الظبا من دماء الكماة

ولفّ الرجال بفرسانها

وأطعمها مهج الدار عين

فخرّت سجوداً لأذقانها

فلم ترَ في الأرض غير الجسوم

وخيل تجرّ بأرسانها

يحي الضبا والقنا والسهام

طروباً بمهجة ظمآنها

* * *

أصابوا الشريعةً لمّا اصيبَ

وهُدّت قواعد أركانها

وطاح فأظلمت النيرات

والأرض مادت بسكانها

وكم طفلة بهجوم العدى

وطفل يراع بحرانها

فررن النساء كرب اهيج

مروعاً بعدوة ذؤبانها

حيارى تعجّ بأكبادها

اذيبت بالهب نيرانها

تقوم فتكبو لما نالها

وتعثر في ذيل أحزانها

وتهتف باسم أبيها النبي (ص)

وطوراً بأسمتاء فتيانها

وسيقت برغم الله حسراً

تلفُ النجودَ بغيطانها(١)

الشيخ حسن ابن الشيخ محسن ابن الشيخ أحمد ابن الشيخ عبد الله الدجيلي النجفي، عالم مرموق مشهور بالتحصيل ومن المعدودين من الفقهاء، ولد في النجف الأشرف عام ١٣٠٩ ه‍. نشأ على الدرس والتدريس وحلقات

__________________

١ - أنشدت في مأتم الحسين (ع) المقام من قبل الهيئة العلمية بالنجف الأشرف في ٢٣ محرم الحرام سنة ١٣٥٩ ه‍.

٣١٦

الفقهاء مضافاً إلى شهرة والده العالم الشهير على تدريسه والاعتناء به، كنت كثيراً ما اشاهده مسرعاً قاصداً جامع الهندي - وهو أكبر مسجد في النجف وكان المرحوم الميرزا حسين النائيني يلقي دروسه على تلامذته هناك ومنهم المترجم له، وكان إذا حضر في المحافل تكون له صدارة المجلس وتطرح المسألة العلمية ويشتدّ النقاش حوله فكان من المجلّين في تحقيقه وخبرته وممن يؤخذ برأيه ويحترم قوله، طلب مني أن أسهر على ولده الشيخ صالح ليكون منبرياً مرموقاً بين الخطباء فلازمني هذا الولد حرسه الله ملازمة الظل مدة لا تقل عن عشر سنوات فكان كما أراد أبوه فهو اليوم من خطباء النجف اللامعين وبحكم هذه الصلة فقد كانت المودة أكيدة مع الوالد والثقة أصيلة فعرفت منه طيب القلب وسلامة الذات وحسن المعاشرة والنصح لكل أحد من قريب وبعيد ويحب الخير لكل مخلوق مع رجاحة عقل واتزان كامل وربما تذاكرنا ما بيننا بمسألة نحوية وهو يصغي فيفيض علينا من معارفه وكأنه قد راجعها وأتقنها في تلك الآونة، كان يخرج في السنة مرة واحدة إلى الريف حول النجف والمسماة بمنطقة ( المشخاب ) بطلب من أهالي تلك المنطقة لأجل التعليم الديني والارشاد والوعظ وصادف مرة ان كنتُ هناك فرأيت من تواضعه ولطف أخلاقه ما جذبني إليه وجعلني أثق به كل الوثوق سيما وقد دار البحث بيني وبينه حول معنى بيت من الشعر للسيد مير علي أبو طبيخ قاله في رثاء المرحوم الشيخ عبد الرضا آل الشيخ راضي من قصيدة وهو:

ولم لا تعذب الأخلاق منه

وكان ابن العراق هوىً وماءا

وهل ان الضمير يعود على الممدوح بنصب ( ابن ) أو أنها جملة مستأنفة فتكون ( ابن ) مرفوعة لأنها اسم لكان. وقد كرر الذهاب إلى تلك المنطقة حتى توفي بها فجأة سنة ١٣٦٦ ه‍. ونقل إلى النجف فدفن بها فرثاه جمع من الشعراء لا زلت أتذكر مطلع قصيدة أكبر أولاده وهو العلامة الشيخ أحمد سلمه الله قال:

٣١٧

أبي لست أدري كيف أرثيك في نظمي

وقد سامني من بعدك الدهر باليتم

وأعلم أن الموت لفّك بغتة

وغيّض ينبوع الفضيلة والعلم

آثاره: ١ - حاشية على ( كفاية الأصول ).

٢ - منظومة في المنطق.

٣ - ديوان شعره مضافاً إلى رسائله من منثور ومنظوم.

أصارحة الغصنِ الأخضر ..

أنشأها على ضفة دجلة في حديقة غناء ذات أشجار يانعة وأطيار صارحة في ( قلعة سكر ) على شط الفرات، وفيها يمدح الغري ( النجف ) ومرقد الإمام عليعليه‌السلام :

أصارحةَ الغصنِ الأخضر

هناك نعيمك فاستبشري

تسيرين سابحةً في الفضاء

ووكرك في الشجر المثمر

فإن شئت تقتطفين الورود

وان شئت سنبلة البيدر

ملكت الهواء ملكت الفضاء

ملكت الجنان مع الأنهر

وليس لذي سلطة امرة

عليك ولا نهيُ مستهتر

ولم تسمعي أنةً من ضعيف

يضام ولا صوت مستنصر

وقلبك من قبح هذا الزمان

وأهليه في مهمهٍ مقفر

فما للمحاسنِ من آمرٍ

ولا للقبائح من منكر

تبيتين رافلةً في النعيم

وقلبي يبيت على مجمر

أحاطت به حالكات الهموم

فكان لها نقطة المحور

بضفة دجلة جسمي مقيم

وقلبي يرفرف فوق الغري

محل سما ذروة الفرقدين

علاً وسما ذروة المشتري

تضمن مرقد سرّ الإله

ومطلع شمس الهدى حيدر

وباب مدينة علم النبي (ص)

وساقي العطاشا في الكوثر

وحامل رايته في غدٍ

إذا سيقت الناس للمحشر

٣١٨

وقد شيّد الدين في سيفه

فتمّ ولولاه لم يذكر

ومن حارب الجن يوم القليب

ومن قلع الباب في خيبر

ومن ناطح الشرك حتى انجلى

الضلال بنور الهدى المسفر

ومن لم ترد الشمس إلا اليه

ويوشع في سالف الأعصر

ومن طهّر البيت لما ارتقى

على كتف المصطفى الأطهر

* * *

امام يقول لنار الجحيم

خذي ذا اليك وهذا ذري

ولم أخشَ بعدَ ولائي له

سؤال نكيرٍ ولا منكر

به أكمل الدين ( يوم الغدير )

وأعلن طه على المنبر

وقال فمن كنت مولىً له

فمولاه بعدي أبو شبّر

وقدك كان ذلك في مسمعٍ

من الحاضرين وفي منظر

فتباً لهم خالفوا المصطفى

وجثمانه بعدُ لم يقبر

وقد عدلوا بعد عرفانهم

من مورد العلم والمصدر

لبيعة تيم ومن بعده

اديلت ضلالاً الى حبتر

* * *

وله أيضاً في رثاء سيد الشهداء وقد اشتملت على مدح العترة الهداةعليهم‌السلام ، وقد تليت في محفل الملائية الذي اقيم لعزاء الحسينعليه‌السلام في العشرة الثالثة من المحرم سنة ١٣٦٠ ه‍. وكان انشاد القصيدة يوم ٢٦ محرم من السنة المذكورة:

هي النفسُ رصنها بالقناعة والزهد

وقصّر خطاها بالوعيد وبالوعد

وجانب بها المرعى الوبيل ترفقاً

عن الذل واحملها على منهج الرشد

فما هي إلا آية فيك اودعت

لترقى بها أعلى ذرى الحمدِ والمجد

وما علمت إلا يدُ الله كنهها

وان وصفت بالقول بالجوهر الفرد

ففجّر ينابيع العلوم وغذّها

من المهدِ بالعلم الصحيح إلى اللحد

٣١٩

وحبّ الهداة الغرّ من آل أحمدٍ

هم الأمن في الاخرى من الفزع المردي

هم عصمة اللاجي وهم باب حطةٍ

وهم أبحر الجدوى لمستمطر الرفد

هم سفراء الله بين عباده

ولاؤهم فرضٌ على الحرّ والعبد

فأولهم شمسُ الحقيقةِ حيدر

وآخرهم بدر الهدى القائم المهدي

* * *

فلا تقبل الأعمال إلى بحبهم

وبغض معاديهم على القرب والبعد

وليس لهذا الخلق عن حبهم غنىً

كما لا غنىً في الفرض عن سورة الحمدِ

عمىً لعيون لا ترى شمس فضلهم

فضلت بليل الجهل عن سنن القصد

تعيب لهم فضلاً هو الشمس في الضحى

وكيف تعاب الشمس بالمشعل الرمد

ويكفي من التنزيل آية ( إنما )

و ( قل لا ) لاثبات الولاية والودّ

وذا خبر الثقلين يكفيك شاهداً

وبرهان حق قامعاً شبهة الجحد

رمتهم يد الدهر الخؤون بحادثٍ

جسيم ألا شلت يد الزمن النكد

وقامت عليهم بعدما غاب أحمد

عصائب غي أظهرت كامن الحقد

وقد نقضت عهد النبي (ص) بآله

الهداة وقلّ التائبون على العهد

* * *

وأعظم خطب زلزل العرشَ وقعه

وأذهل لبّ المرضعات عن الوُلد

غداة ابن هندٍ أظهر الكفر طالباً

بثارات قتلاه ببدرٍ وفي أُحد

ورام بأن يقضي على دين أحمدٍ

ويرجع دين الجاهلية والوأد

فقام الهدى يستنجد السبط فاغتدى

يلبّيه في عزم له ماضي الحدّ

وهبّ رحيب الصدر في خير فتيةٍ

لها النسب الوضاح من شيبة الحمدِ

يشب على حبّ الكفاح وليدهم

ولم يبد ريحانُ العذار على الخد

ولو يرتقي المجدُ السماكين لارتقوا

اليه بأطراف المثقفة الخُلدِ

* * *

إذا شبّت الحرب العوان تباشروا

وصالوا على أعدائهم صولة الأسد

اسودُ وغىً فيض النجيع خضابهم

وطيبهم نقع الوغى لا شذا النَدّ

رجال يرون الموتَ تحت شبا الظبا

ودون ابن بنت الوحي أحلى من الشهد

٣٢٠

فراحوا يحيونَ المواضي بأنفسٍ

صفت فسمت مجداً على كل ذي مجد

وقد أفرغوا فوق الجسوم قلوبهم

دروعاً بيومٍ للقيامة محتدّ

ولما قضوا حق المكارم والعلى

ببيض المواضي والمطهمة الجردِ

وخطّوا لهم في جبهة الدهر غُرةً

من الفخر في يوم من النفع مسودِ

تهاووا على وجه الصعيد كواكباً

وقد أكلتهم في الوغى قضب الهُندِ

ضحىً قبّلتهم في النحور وقبّلوا

عشياً نحور الحور في جنة الخلد

* * *

ولم يبق إلا قطب دائره العُلى

يدير رحى الهيجاء كالأسد الورد

وحيداً أحاطت فيه من كل جانب

جحافل لا تحصى بحصرٍ ولا عدّ

فدىً لك فرداً لم يكن لك ناصرٌ

سوى العزم والبتار والسلهب النهد

وقفت لنصر الدين في الطف موقفاً

يشيب له الطفل الذي هو في المهدِ

وأرخصت نفساً لا توازن قيمة

بجملة هذا الكون للواحدِ الفردِ

ترد سيول الجحفل المجر والحشى

لقرط الظما والحرّ والحرب في وقد

بعضب الشبا ماضٍ كأنّ فرنده

سَنا البرق في قط الكتائب والغدِ

وتحسب في الهامات وقع صليله

بكل كميّ دارعٍ زجل الرعد

فيكسو جسومَ الدارعين مطارفاً

من الضرب حمزاً ان تعرّى من الغمد

ولما دنا منه القضا شام سيفَه

وليس لما قد خطه الله من ردّ

هوى للثرى نهبَ الأسنة والظبا

بغلة قلب لم تذق بارد الورد

هوى فهوى ركن الهداية للثرى

وأمسى عماد المجد منفطم العقد

وقام عليه الدين يندب صارخاً

ويلطم في كلتا يديه على الخدّ

* * *

تحامته ان تدنو عليه عداته

صريعاً فعادوا عنه مرتعش الأيدي

فيا غيرة الإسلام أين حماته

وذي خفراتُ الوحي مسلوبة البرد

تجول بوادي الطف لم تلف مفزعاً

تلوذ به من شدة الضرب والطرد

وتستعطف الأنذال في عبراتها

فتجبهُ يا لله بالسبّ والردّ

برغم العُلى والدين تُهدى أذلةً

فمن ظالمٍ وغدٍ إلى ظالمٍ وغدِ

٣٢١

السيد حسن البغدادي

المتوفى 1367

يا قلب زينب ما لاقيت من محن

فيك الرزايا وكل الصبر قد جُمعا

لو أنّ ما فيك من حزن ومن كمد

في قلب أقوى جبال الأرض لأنصدعا

يكفيك فخراً قلوب الناس كلهم

تقطعت للذي لاقيته جزعا

وكل رضيع يغتذي درّ أمه

ويرضع من ألبانها ثم يُفطَم

سوى أن عبد الله كان رضاعه

دماه وغذّته عن الدرّ أسهم

تبسّم لما جاءه سهم حتفه

وكل رضيع للحلوبة يبسم

تخيّله ماء ليروي غليله

ففاض عليه الغمر لكنه دم

السيد حسن ابن السيد عباس ابن السيد علي بن حسين بن درويش بن أحمد ابن قاسم بن محمد بن كاسب بن قاسم بن فاتك بن أحمد بن نصر الله بن محمود بن علي بن يحيى بن فضل بن محمد بن ناصر بن يوسف بن علي بن يوسف بن علي ابن محمد بن جعفر ( الذي يقال له الطويل وبه عرف بنوه ببني الطويل ) ابن علي بن الحسين شيتي ويُكنى بأبي عبد بن محمد الحائري ( وقبره في واسط وهو المعروف بالعكار ابن الإمام محمد الباقر إبن الإمام زين العابدين بن الحسين الشهيد ابن علي بن أبي طالب (ع).

٣٢٢

نظم والده السيد عباس المتوفى سنة 1331 ه‍. هذا النسب في ارجوزة له وهي مذكورة في ترجمته. ولد المترجم له سنة 1298 ه‍. ونشأ في ظل والده حيث وجهه للخطابة والخدمة الروحية من طريق المنبر الحسيني، وكان كريم الطلعة بهي المنظر تنمّ عليه السيادة وتزدهيه الشمائل العلوية قد أوتي بسطة في العلم والجسم واسع الاطلاع ملماً بالتاريخ العربي والإسلامي بل والتاريخ الاممي وعقيدتي انه بزّ اقرانه فكان منبره من أغزر المنابر مادةً، استمعتُ اليه اكثر من مرة فرأيته متثبتاً كل التثبّت فيما يقول وكلامه كاللؤلؤ المنظوم فإنه يذكر الآية الشريفة ثم يأتي بما يناسبها من الأحاديث النبوية والأقوال الحكمية والشواهد الشعرية، وكان يحفظ الكثير من شعر العرب اما ديوان المهيار الديلمي فيكاد ان يستظهره حفظاً وقال لي مرة ان هذا الديوان الذي طبعته دار الكتب بمصر وزعمت انها شرحته وحققته ودققته فإني سجّلت أغلاطها والمؤاخذات عليها ولعله في كل صفحة من الصفحات عشر مؤاخذات، واستمعتُ اليه يتكلم منبرياً في موضوع الإمامة وإذا ممن اشبع الموضوع بحثاً، وصادف مرة أن قصد زيارة الإمامين العسكريين بسامراء وكان هناك المرجع الديني الكبير السيد أبو الحسن الأصفهاني وأكثر الحوزة العلمية بخدمته، فجاء خطيبنا للسلام عليه فطلب منه التحدث منبرياً فاستجاب وتحدث أكثر من ساعة بما لذّ وطاب عن الآل الأطياب وسلالة داحي الباب وشنف الأسماع والألباب وهكذا استمر كل يوم صباحاً يحضر ويرقى المنبر حتى أكمل شهراً كاملاً كله حول أهل بيت الرحمة السادة الأئمة وفي كل يوم يزداد السيد ابو الحسن اعجاباً به أكثر من سابقه.

مؤلفاته:

1 - الدر المنظوم في الحسين المظلوم وهو مقتل الحسين وما يدور حول فاجعة الطف والشعر الذي قيل فيها ب‍ 1500 صفحة رويتُ عنه في الجزء السابق من هذه الموسوعة، فرغ من تأليفه 15 جمادى الأولى سنة 1339 ه‍.

٣٢٣

2 - المطالب النفيسة. اخبرني هو عنها وقال تجمع تراجم عظماء الإسلام.

3 - سفينة النجاة في الأئمة الهداة، ابتدأ بجمعه في 15 شهر رمضان 1325 ه‍. وانتهى منه في 5 ذي القعدة سنة 1334 ه‍.

4 - الدر النضيد في رثاء الشهيد يشتمل على مجموعة كبيرة من القصائد في الإمام الحسين (ع).

5 - كنانة العلم اشبه بالكشكول يضم النوادر الأدبية والتاريخية بدأ به بتاريخ 11 صفر 1346 ه‍. وانتهى منه 26 رمضان سنة 1351 ه‍.

6 - مجموع كبير يجمع الشعر والنثر وفيه ( انجيل برنابا ) المطبوع والممنوع قد كتبه بخطه بالرغم من ان ايطاليا قد جمعت هذا الانجيل ومنعت نشره.

وله مخطوطات تقارب 12 مخطوط كلها علم وادب وشعر ونثر محفوظة عند ولده السيد شمس الدين الخطيب.

توفي ببغداد يوم الجمعة 19 صفر سنة 1367 ه‍. على أثر انفجار في الدماغ وكان موته في مستشفى المجيدية ونقل إلى كربلاء وذلك ليلة زيارة الأربعين وكانت هناك مواكب الزائرين من جميع العراق فاشتركت جميع المواكب بتشييعه وشيّعه ما لا يقل عن ربع مليون نسمة، وقد أظهر البصريون في تلك الليلة حبهم وولاءهم له فكانوا في طليعة المشيعين لانه كان خطيبهم في محرم الحرام لمدة 36 عاماً ثم نقل جثمانه إلى النجف الأشرف ودفن عند رأس الإمام أمير المؤمنين (ع) تحت الساباط من جهة يمين الداخل إلى المسجد هناك بقرب قبر الشاعر السيد حيدر الحلي رحمهما الله. كتب عنه البحاثة السيد الشريف المعاصر السيد جودت القزويني وجمع أكثر شعره ونثره قال: وله في وصف ( نهج البلاغة ) لأمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام :

نهجٌ له كل الأنام قد غدت

خرساً وأهدى للطريق الأعدل

فلم نجد أفصح منه منطقاً

سوى لئالى المصحف الغض الجلي

فذا كلام قاله المولى العلي

وذا كلام قاله المولى علي

٣٢٤

ومن رثائه للإمام الحسينعليه‌السلام :

تبسم باللوى ثغر الأقاح

ومنه الأرض ضاحكة النواحي

وقد نسج الربيع له رداءً

تفوّق وشيه أيدي الرياح

قد اعتنق البشام به الخزامى

معانقة المتيم للملاح

إلى أن يقول:

لعمرو أبيك ما جزعي لركب

أغذّ على ذرى النيب الطلاح

ولكن للاولى جزروا عطاشا

بعرصة كربلا جزر الاضاحي

بيوم ليس استأ منه يوم

علا فيه الفساد على الصلاح

لقد صبروا بذاك اليوم صبراً

به ظفروا بجامحة النجاح

تأسوا في أبيّ الضيم مَن قد

أقام الدين حيّ على الفلاح

ولما أن دنا المقدار منهم

هووا ما بين مشتبك الرماح

وعاد ابن النبي هناك فرداً

يعالجها ابن معتلج البطاح

جلا ليل القتام بحرّ وجه

كأن جبينه فلق الصباح

ومذ نور الإله له تجلّى

وناداه فلبّى بالرواح

بوادي الطف آنس نار قدس

فخرّ مكلّماً دامي الجراح

وبات معانقاً سمر العوالي

وبيض الهند في ليل الكفاح

وقال مذيلاً أبيات ابنة حجر بن عدي الكندي في رثاء أبيها والتي رواها المسعودي:

تُرفّع ايها القمر المنير

لعلك أن ترى حجراً يسير

يسير إلى معاوية بن حرب

ليقتله كما زعم الأمير

ترفّعت الجبابر بعد حجر

وطاب لها الخورنق والسدير

وأصبحت البلاد له محلاً

كأن لم يغنها مزنٌ مطير

ألا يا حجر حجر بني عديٍّ

تلقتك السلامة والسرور

فان تهلك فكل زعيم قوم

عن الدنيا إلى هلك يصير

ألا يا ليت حجراً مات موتاً

ولم يُنحر كما نحر البعير

٣٢٥

فقال:

وذبح السبط شابه ذبح حجر

وكلٌ ذبحه إثمٌ كبير

ولكن اين حجرٌ من حسين

وهل رضت لمن معه صدور

وهل سلبوا إلى حجر نساءً

وهل هتكت لنسوته خدور

وهل ذبحوا له طفلاً صغيراً

ألا بأبي وبي الطفل الصغير

وهل تركوه في الرمضا ثلاثاً

تريب الجسم يصهره الهجير

وهل حملوا له رأساً قطيعاً

كأن جبينه القمر المنير

وهل قادوا له مضنى عليلاً

على الأقتاب في غلٍّ يسير

وهل نكثوا له بالعود ثغراً

وهل سكبت بجانبه الخمور

حجر بن عدي الكندي رحمة الله عليه من فضلاء الصحابة ويُعدّ من الأبدال وكان صاحب راية رسول الله (ص) وهو رئيس زاهد محب وإخلاصه لأمير المؤمنين أكثر مما يذكر، وله مواقف مشرفة في مغازي المسلمين وقائد مظفر في الفتح الإسلامي ومن أكبر قواد المسلمين يوم حرب المسلمين مع الروم وهو الذي فتح مرج عذراء(1) جعله أمير المؤمنين علي (ع) يوم صفين على كندة وفي يوم النهروان على ميسرة الأجمع. وقد قُتل حجر وأصحابه بمرج عذراء صبراً بأمر من معاوية بن أبي سفيان حيث لم يتبرأوا من علي بن أبي طالبعليه‌السلام ودفنوا هناك. وقد أوثر عنه في ساعة شهادته قوله: أما والله لئن قتلتموني بها إني لأول فارس من المسلمين سلك في واديها، وأول رجل من المسلمين نبحته كلابها.

__________________

1 - عذراء بفتح المهملة وسكون المعجة. قرية بغوطة الشام.

٣٢٦

الشيخ محمد حسن دِكسن

المتوفى 1368

حتامَ يا دنيا التصبر للكرب

وانت على البغضا أقمت على حربي

كأنك من أعدى العدى لابن حرة

فكيف تواخيني وما أنت من صحبي

طبعت على البلوى إلى أن ألفتها

وقلت لصحبي لا يهولنكم كربي

تجرعتُ للدنيا مرارة كأسها

إلى أن حلى عندي ولذّ به شربي

فقابلتُ في صبري جهات ثلاثة

رغبن باتلافي تشاركن في سلبي

ففرقة أوطان وفقد أحبة

وجور زمان حار منه ذوو اللب

فطرتُ على الضراء ما ريع لي حشى

ولكن يوم الطف روّع لي قلبي

فلله يوم طبق الدهر شجوه

وأجرى دماً فيه له أعين السحب

فذلك يوم قام فيه ابن أحمد

خطيباً بدرع الصبر واللدن القضب

أبوه علي لا يقاس بغيره

بحرب وهذا الندب من ذلك الندب

فلولاه قضاء الله يمسكه قضى

بحرب على كوفانها وبني حرب

فلم تره إلا على ظهر سابح

يشق غبار الحرب في صدره الرحب

إلى أن اتاه السهم من كف كافر

فخرّ به من صهوة المهر للترب

فكوّر نور الشمس حزناً لفقده

وأعولت الأملاك ندباً على ندب

٣٢٧

وقل ليتامى المسلمين ألا اعولي

عطوفاً عليك حلؤه عن الشرب

ويا زعماء الدين لا تتفيئوا

ظِلالاً وفي الشمس الحسين بلا ثوب

الخطيب الأديب الورع التقي الشيخ محمد حسن بن عيسى بن مال الله بن طاهر بن أحمد بن محسن بن حبيب بن ياسين الأسدي البصري نال شهرة واسعة في الخطابة. ولد في النجف سنة 1296 ه‍. ونشأ بها على أبيه ودرس المقدمات وأخذ الخطابة عن الشيخ علي المعروف ب‍ ( ابن عياش ) فكان من ألمع أقرانه وتوالى عليه الطلب من البصرة والمحمرة للخطابة هناك وإحياء مآتم سيد الشهداء وعلى منبره مسحة من قبول فلا يكاد يخطب ويتخلص للمصيبة حتى تجري دمعته، وألّف مجالس العلماء هناك كالسيد ناصر ابن السيد عبد الصمد البحراني ومن بعده السيد عدنان الغريفي ولمع نجم الشيخ دكسن وطلبه أمير المحمرة وحاكمها المرحوم الشيخ خزعل الكعبي فكانت له المنزلة السامية عنده وفي أيام التحصيل يكون النجف الأشرف مقره مهاجراً اليها بعياله وينكب على الدراسة إلى جنب الخطابة وكنت استمع اليه يقرأ القصائد الطوال في رثاء الحسينعليه‌السلام واكثر ما يقرأ من المراثي للحاج هاشم الكعبي فكان يحتفظ بديوانه المخطوط الذي يحتوي على المراثي والغزل والمديح والتهاني، أما أساتذته في الدراسة فهم كما يلي:

1 - العلامة السيد مهدي البحراني في النحو والمنطق.

2 - العلامة السيد محمد علي الصائغ في الفقه.

3 - العلامة الشيخ محمد رضا كاشف الغطاء معالم الاصول.

4 - العلامة الشيخ نعمة الله الدامغاني الأسفار والحكمة.

مضافاً إلى انضمامه في حوزة المجتهد الكبير الشيخ علي الشيخ باقر الجواهري. وله آثار مخطوطة منه: شرح الصحيفة السجادية، مخطوط جمع فيه النوادر والأدب والعلم والذي طبع له ( الروضة الدكسنية ) وهو ديوانه

٣٢٨

باللغة الدارجة وكله في مراثي أهل البيت من أرقّ الشعر وأعذبه نستشهد به في مجالسنا الحسينية فيهزّ العواطف ويثير الدمعة، وله ديوان باللغة للفصحى ومنه قوله في النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله :

عج بالنياق ليثرب يا حادي

نبك الاولى من أهل ذاك النادي

وأذرى الدموع وخلّني ولواعج

وحشاشتي وزفيرها الوقاد

ما لي أرى الدار التي قد أشرقت

بالبشر دهراً جلببت بسواد

فأجاب بالدمع الهطول لحادث

أهل الحمى وبنفثة الأكباد

فاليك عني لا تسل عما جرى

فالأمر صعب والخطوب عوادي

وأمضّ ما لاقى الحمى يومٌ به

طرقته طارقة النوى بالهادي

ما مرّ يوم مثل يوم محمد

أشجى الأنام اسى إلى الميعاد

يوم به جبريل أعلن قائلاً

الله أكبر أكبر والدموع بوادي

ويح الزمان ويا له من غادر

أبكى الأمين وفتّ بالأعضاد

وأمض شيء في الحشي صدع الحشا

صوت البتولة من حشي وقاد

ابتاه من لي بعد فقدك سلوة

فلأبكينك يقظتي ورقادي

كيف اصطباري أن أراك مفارقي

فالعين عبرى والأسى بفؤادي

لله صبر المرتضى مما رأى

فقد النبي وفرحة الحساد

لم أدري أي رزية أبكي لها

ألغصب حقي أم لفقد الهادي

الله أكبر يا لها من فجعة

قامت نوادبها بسبع شداد

وبقبره قد أُلحدت أكبادنا

وتراجعت ثكلى بلا أكباد

توفاه الله يوم الأحد في قرية الدعيجي من لواء البصرة سنة 1368 ه‍. ونقل جثمانه إلى النجف وارخ وفاته الخطيب الشيخ علي البازي بقوله:

ومنبر السبط بكى تاريخه

لما توفي الخطيب الحسن

وسبب تلقيبه با ( الدكسن ) يقول هو رحمه الله عندما سئل عن ذلك قال: لما كنتُ قصير القامة جهوري الصوت شبهني الناس بالبندقية المعروفة ب‍ ( الدكسن ) لامتيازها بالقصر وقوة الصوت.

٣٢٩

السيد حسن قشاقش

المتوفى 1368

قال يصف شهداء الطف:

وردوا على الهيجا ورود الهيم

ورأوا عظيم الخطب غير عظيم

وتنازعوا كأس المنية بينهم

في غير ما لغوٍ ولا تأثيم

يتسابقون إلى الهجوم وكأنهم

خلقوا ليوم تسابق وهجوم

وكأنهم والحرب تزفر نارها

من انسهم في جنة ونعيم

و كأنما بيض الظبا بيض الدمى

لاقتهم برحيقها المختوم

تروي حديث الموت عن عزماتهم

بيض الصفاح على القضا المحتوم

من كل أصيد قد نماه أصيد

وكريم قوم ينتمي لكريم

يستعجلون البذل قبل أوانه

ويسارعون لدعوة المظلوم

نثروا كما نظموا الجماجم والطلى

فتشابه المنثور بالمنظوم

وجدوا الحياة مع الهوان ذميمة

والموت في العلياء غير ذميم

وتقدموا للموت قبل إمامهم

ولقد يجوز تقدّم المأموم

السيد حسن بن محمود بن علي بن محمد الأمين بن أبي الحسن موسى بن حيدر بن إبراهيم بن أحمد الحسيني الشقرائي العاملي المعروف ب‍ ( قشاقش ) والشهير بالأمين وينتهي نسبه إلى الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد بن علي بن

٣٣٠

الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام عالم جليل وشاعر مطبوع. ولد عام 1299 ه‍. في قرية عثرون التي انتقل اليها أبوه من شقراء، قرأ على أخيه السيد علي وفي مدرسته ست سنوات، قال السيد الأمين في الأعيان: هاجر إلى العراق عام 1316 ه‍. فقرأ فيها عليّ علمي الأصول والفقه إلى أن خرجت من النجف عام 1319 ه‍. وكان يسكن معي في دار واحدة نحواً من ثلاث سنوات كان فيها مكباً على التحصيل والدرس والتدريس، وقرأ على الشيخ أحمد كاشف الغطاء، وعلى الشيخ علي ابن الشيخ باقر آل الجواهر ثم سافرت إلى الشام وبقي هو في النجف نحواً من عشر سنين يحظر دروس الخارج ويقرأ عليه الطلاب، وعاد إلى جبل عامل عام 1330 ه‍. وأراد السكنى في مسقط رأسه عثرون فذهب اليها فلم تستقر به الدار فخرج منها إلى شقراء وبقي فيها عدة سنين استفاد منه جماعة وانتهلوا من علومه منهم الشيخ محمد جواد الشري قبل ذهابه للعراق ثم انتقل إلى خربة سلم بطلب من أهلها فاكرموا وفادته وقاموا بما يجب حياً وميتاً. وكان عالماً فاضلاً فقيهاً بارعاً محققاً مدققاً حاد الفهم وأديباً شاعراً متميزاً في حسن نظمه ورصانة شعره، وترجم له صاحب الحصون المنيعة، وخلّف من الآثار العلمية رسالة في الرد على الوهابية، مجلد في الطهارة، منظومة في الرضاع أسماها ( فصيلة اليراع في مسائل الرضاع )، منظومة في الاجتهاد والتقليد، فمن شعره وهو يتشوق إلى الوطن عندما توجه العراق سنة 1316 ه‍.

لئن كنت مأسور الفؤاد بنأيكم

فطرفي في قاني المدامع مطلق

ومن عجب قلبي وجسمي تباعدا

فهذا شئاميٌ وذلك معرق

أنام إذا ما هزني الشوق حيلة

لعلّ خيالاً منكم اليوم يطرق

وكنا جميعاً فرّق الدهر بيننا

وما خلتُ يوماً أننا نتفرق

فيا دارنا بالشام هل لك رجعة

لصبٍ يصب الدمع طوراً ويغدق

سقاك الحيا اما تذكرت جيرة

بك استوطنوا أو شكت بالريق أشرق

٣٣١

وبين ضلوعي نار وجد تسعّرت

ولولا دموعي كدت بالوجد أحرق

لحقت بقومي في المكارم والعلى

وما كل من رام المكارم يلحق

وأصبحت لا أبغي سوى العز متجراً

وكل امرء لا يبتغي العزّ أحمق

أراب وقلبي قد تعلّق في ولا

أبي حسن الكرار والقلب يعلق

وصرت له جاراً ومن كان جاره

عليٌ أبو السبطين ذاك الموفق

ترجم له علي الخاقاني فذكر مراسلاته ومجموعة من أشعاره وقال: توفي بمدينة بيروت جمادى الآخرة عام 1368 ه‍. ودفن في ( خربة سلّم ) بموكب مهيب مشى فيه أكثر من مائة سيارة اشترك فيه جميع الأعيان والوجوه ورثاه جمع من الشعراء في اليوم السابع وهو يوم اسبوعه، وعدّدوا مزاياه ومميزاته وعدد الشعراء والخطباء 26.

وترجم له السيد الأمين في الأعيان وذكر طائفة من أشعاره فمنها قوله:

لي جسم أضناه ذكر المغاني

وفؤاد أصماه حب الغواني

وضلوع من الغرام تثقّفن

فها هنّ كالقسي حواني

٣٣٢

الشيخ محسن ابو الحب

المتوفى 1369

سبط النبي أبو الأئمة

من للخلائق جاء رحمه

هذا الحسين ومن بساق

العرش خطّ الله إسمه

وبقلب كل موحد

قد صوّر الرحمن رسمه

هذا سليل محمد

لبني الولا كهفٌ وعصمه

هذا ابن بنت المصطفى

مولى له شأن وحرمه

من أهل بيت زانهم

كرم ومعروف وحشمه

في شهر شعبان علينا

الخيرَ خالقنا أتمّه

ولد الحسين ونوره

مذ شعّ أذهب كل ظلمه

جبريل هنّأ جدّه

وأباه والزهراء أمه

كان النبي إذا رآه

اليه أدناه وضمّه

غذّاه من إبهامه

لبناً وقبّله وشمّه

فيه تبرّك فطرس

وبه محى الرحمن جرمه

وكذاك دردائيل اعتقه

وأذهب عنه إثمه

وله أجلّ مناقب

وفضائل في الدهر جمّه

كم قد أفاض على الورى

من جوده فضلاً ونعمه

وإذا أتاه لاجيء

يوماً كفاه ما أهمّه

٣٣٣

وله ضريح طالما

تتعاهد الزوار لثمه

قد شعّ نوره جبينه

فجلى الليالي المدلهمه

رام العدى إطفاءه

والله شاء بأن يُتمّه

بشراكم بولادة السبط

الحسين أبي الأئمه

لهفي عليه لقد غدى

جثمانه للبيض طعمه

ما راقبوا لمحمد

في آله إلا وذمه

الخطيب الشهير الشيخ محسن ابن الشيخ محمد حسن ابن الشاعر الشهير الشيخ محسن أبو الحب صاحب القصائد الحسينية المعروفة والذي سبق وأن ترجمنا له. واسرة آل أبي الحب من الاسر العربية التي تنتسب إلى خثعم وكان مبدأ هجرتها من الحويزة إلى كربلاء بقصد طلب العلم الديني. ولد المترجم له في سنة 1305 ه‍. وهي السنة التي مات فيها جده ونشأ بتوجيه والده ودرس المقدمات وتخصص بالخطابة حتى نال شهرة واسعة واحتضنته كربلاء واعتبرته خطيبها الأول وشارك في الحفل الحسيني الكبير الذي عقدته الشبيبة الكربلائية يوم 13 من محرم الحرام سنة 1367 ه‍. أي 1947 م. لذكرى استشهاد الإمام الحسينعليه‌السلام في الروضة الحسينية المقدسة وقد ألقى قصيدته ويوم أنشد شاعر العرب محمد مهدي الجواهري رائعته الخالدة، وللمترجم له مواقف أدبية وسياسية وطبع له ديوان بعد وفاته والديوان يضم طائفة كبيرة من النتف والقصائد في أغراض شتى قد قالها بمناسبات مختلفة. وكان نشر الديوان بسعي وتحقيق الأديب الاستاذ السيد سليمان هادي الطعمة وبالمناسبة أقول ان هذا السيد الطاهر خدم بلاده بكل ما يقدر وسخّر قلمه ومواهبه لخدمتها كثّر الله من أمثاله الغيارى وكان طبع الديوان بمطبعة الآداب بالنجف الأشرف سنة 1385 ه‍. 1966 م.

وتوفي المترجم له في كربلاء فجأة صباح اليوم الخامس من ربيع الأول سنة 1369 ه‍. ودفن في مقبرة خاصة له في روضة أبي الفضل العباسعليه‌السلام واقيم له حفل تأبيني رائع في الصحن الشريف يوم اربعينيه ساهم فيه ثُلّة من الادباء، ورجال الفكر.

٣٣٤

المستدركات

٣٣٥

٣٣٦

عبد المحسن الصوري

المتوفى 419

حيّ ولا تسأم التحيات

وناج ما اسطعت من مناجاتِ

حيّ دياراً أصخت معالمها

بالطف معلومة العلامات

وقل لها يا ديار آل رسول

الله يا معدن الرسالات

وقل عليك السلام ما انبرتِ

الشمس أو البدر للبريات

نِعم مناخ الهدى ومنتجع

الوحي ومستوطن الهدايات

نِعم مصلى الأرض المضمّن مَن

صلى عليهم رب السماوات

إن يتل تالِ الكتاب فضلهم

يتل صنوفاً من التلاوات

خصوا بتلك الآيات تكرمة

أكرم بتلك الآيات آيات

هم خير ماش مشى على قدم

وخير من يمتطي المطيات

قد علّموا العالمين أن عبدوا

الله وألغوا عبادة اللات

عجتُ بأبياتهم اسائلها

فعجتُ منهم بخير أبيات

على قبور زكيةٍ ضمنت

لحودُها أعظما زكيات

أزكى نسيماً لمن تنسمّها

من زاهرات الربى الذكيات

وآصلها الغيث بالغدوّ ولا

صارمها الغيث بالعشيات

الشافعون المشفعون إذا

ما لم يُشفع ذوو الشفاعات

٣٣٧

من حين ماتوا أُحبوا وليس كمن

أحباؤهم في عداد أموات

جلّت رزاياهم فلست أرى

بعد رزياتهم رزيات

نوحاً على سيدي الحسين نعم

نوحا على سيدي ابن سادات

نوحا تنوحا منه على شرف

مجدّل بين مشرفيات

ذيدَ حسين على الفرات فيا

بليّة أحدثت بليات

ما لك ما غرت يا فرات ولم

تسق الخبيثين والخبيثات

كم فاطميين منك قد فطموا

من غير جرم وفاطميات

ويل يزيد غداة يقرع با

لقضيب من سيدي الثنيات

الجن والانس والملائكة

الكرام تبكى بلا محاشاة

على خضيب الأطراف من دمه

يا هول أطرافه الخضيبات

في لمّة من بني أبيه حوت

طيب الأبوات والبنوات

من يسلُ وقتاً فان ذكرهم

مجدد لي في كل أوقاتي

بهم أُجازي يوم الحساب إذا

ما حوسب الخلق للمجازات

تجارتي حبهم وحبّهم

ما زال من أربح التجارات(1)

عبد المحسن بن محمد بن أحمد بن غالب بن غلبون أبو محمد الصوري شاعر بديع الألفاظ حسن المعاني رائق الكلام مليح النظام مشهور بالاجادة بين شعراء أهل الشام، من حسنات القرن الرابع الهجري جمع شعره بين جزالة اللفظ وفخامة المعنى، وله ديوان شعر يحتوي على خمسة آلاف بيت تقريباً وهو خير شاهد على ما نقول رأيته بمكتبة دار الآثار - بغداد قسم المخطوطات(2) برقم 14622 وهو من أقوى النصوص على تشيعه وعدّه ابن شهر آشوب من شعراء أهل البيت المجاهدين، ذكره في اليتيمة وذكر من محاسنه قوله:

__________________

1 - الطليعة من شعراء الشيعة للشيخ محمد السماوي.

2 - وتوجد نسخة من الديوان بخط الشيخ جواد الشبيبي استنسخها عن نسخة كتبت في القرن السادس كانت بمكتبة السيد عيسى العطار ببغداد.

٣٣٨

عندي حدائق شكر غرس جودكم

قد مسّها عطش فليسق من غرسا

تداركوها وفي أغصانها رمق

فلن يعود اخضرار العود إن يبسا

ومن شعره قوله:

يا غزالاً صاد قلبي

بلحاظ فاصابا

بالذي ألهمَ تعذيبي

ثناياك العِذابا

والذي صيّر حظي

منك هجراً واجتنابا

والذي ألبس خديك

من الورد نقابا

ما الذي قالته عيناك

لقلبي فأجابا

ومن تلويحاته اللطيفة قوله في صبي اسمه عمر.

نادمني مَن وجهه روضة

مشرقة يمرح فيه النظر

فانظر معي تنظر إلى معجز

سيف علي بين جفني عمر

وعقد ابن خلكان له ترجمة ضافية أطراه ووصف شعره كما ترجم له ابن كثير في تاريخه، ومن شعره:

سفرن بدوراً وانتقبن أهلّةً

ومسن غصوناً والتفتن جآذرا

وأبدين أطراف الشعور تستراً

فاغدرت الدنيا علينا غدائرا

وربّتما أطلعن والليل مقبلٌ

شموس وجوه توقف الليل حائرا

فهنّ إذا ما شئن أمسين أو إذا

تعرضن أن يسبحن كنّ قوادرا

وقال يرثي الشيخ المفيد محمد بن محمد بن نعمان المتوفى 413:

تبارك مَن عمّ الأنام بفضله

وبالموت بين الخلق ساوى بعدله

مضى مستقلاً بالعلوم محمد

وهيهات يأتينا الزمان بمثله

وقال في صبي اسمه مقاتل وله فيه شعر كثير:

احفظ فؤادي فأنت تملكه

واستر ضميري فأنت تهتكه

هجرك سهل عليك أصعبه

وهو شديد عليّ مسلكه

٣٣٩

بسيف عينيك يا مقاتل كم

قتلت قبلي ممن كنت تملكه

أمّا عزائي فلستُ آمله

فيك وصبري ما لست أدركه

وقال تمدح بها علي بن الحسين المغربي والد أبي القاسم الوزير:

أترى بثار أم بدينِ

علقت محاسنها بعيني

في لحظها وقوامها

ما في المهند والرديني

وبوجهها ماء الشبا

ب خليط نار الوجنتين

بكرت عليّ وقالت اختر

خصلة من خصلتين

إما الصدود أو الفراق

فليس عندي غير ذين

فأجبتها ومدامعي

تنهلّ مثل المازمين

لا تفعلي إن حان صدك

أو فراقك حان حيني

فكأنما قلت انهضي

فمضت مسارعة لبيني

ثم استقلّت أين حلّت

عيسها ورمت بأين

ونوائب أظهرن أيامي

إلي بصورتين

سوّدنها وأطلنها

فرأيت يوماً ليلتين

ومنها:

هل بعد ذلك مَن يعرّفني

النضار من اللجين

فلقد جهلتهما لبعد

العهد بينهما وبيني

متكسّباً بالشعر يا

بئس الصناعة في اليدين

كانت كذلك قبل أن

يأتي علي بن الحسين

فاليوم حال الشعر

حالية كحال الشعرتين

ومن شعره الذي رأيته في ديوانه المخطوط قوله:

وأخ مسّه نزولي بقرح

مثلما مسني من الجوع قرح

بتّ ضيفاً له كما حكم الدهر

وفي حكمه على الحرّ قبح

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363