أدب الطف الجزء ٩

أدب الطف15%

أدب الطف مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 363

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 363 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 128494 / تحميل: 7889
الحجم الحجم الحجم
أدب الطف

أدب الطف الجزء ٩

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

ورجل آخر من البلاط هو يزداد النصراني تلميذ بختيشوع طبيب البلاط، أسلم عند موته حينما شاهد احدى معاجز الامام عليه‌السلام ، روى ذلك الطبري بالاسناد عن أبي الحسين محمد بن إسماعيل بن أحمد الفهقلي الكاتب بسر من رأى، عن أبيه قال: لما اعتل يزداد بعث إلي فحضرت عنده، فقال: إن قلبي قد ابيض بعد سواده، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأن علي ابن محمد حجة الله على خلقه وناموسه الأعلم، ثم مات في مرضه ذلك (1) .

وأبو عبد الله الجنيدي الذي عهد إليه عمر بن الفرج الرخجي أن يعلم الامام عليه‌السلام بأمر المعتصم، وكان معروفاً بعداء أهل البيت عليهم‌السلام ، وقد ذهل من حدّة ذكاء الامام عليه‌السلام وغزارة علمه، الأمر الذي جعله ينزع نفسه عن النصب والعداء لأهل البيت عليهم‌السلام ، ويدين بالولاء لهم ويعتقد بالامامة ويهتدي إلى سواء السبيل (2) .

ورجل آخر من ديار ربيعة، وكان نصرانياً، من أهل كفرتوثا، يسمى يوسف بن يعقوب، أسلم ابنه ببركة الامام الهادي عليه‌السلام وحسن اسلامه بعد أن لاحظ بعض دلائل الامام عليه‌السلام (3) .

وكان الامام عليه‌السلام سبباً في هداية أحد القياصرة الذي أعجب بتفوقه

__________________

(1) دلائل الإمامة / الطبري: 419 / 382 - مؤسسة البعثة - قم - 1413 هـ، نوادر المعجزات / الطبري: 188 / 7 - مؤسسة الإمام المهدي عليه‌السلام - قم - 1410 هـ، فرج المهموم: 233.

(2) إثبات الوصية / المسعودي: 222.

(3) الخرائج والجرائح 1: 396 / 3.

١٢١

العلمي، كما جاء عن ابن أمير الحاج في شرح شافية أبي فراس، قال: ومما نقل أن قيصراً ملك الروم كتب إلى خليفة من خلفاء بني العباس كتاباً يذكر فيه: إنا وجدنا في الانجيل أنه من قرأ سورة خالية من سبعة أحرف حرم الله تعالى جسده على النار، وهي: الثاء والجيم والخاء والزاي والشين والظاء والفاء، فإنا طلبنا هذه السورة في التوراة فلم نجدها، وطلبناها في الزبور فلم نجدها، فهل تجدونها في كتبكم؟

فجمع العلماء وسألهم في ذلك، فلم يجب منهم أحد عن ذلك إلا النقي علي ابن محمد بن الرضا عليهم‌السلام ، فقال: « إنها سورة الحمد، فإنها خالية من هذه السبعة أحرف ».... فلما وصل الجواب إلى قيصر وقرأه فرح بذلك فرحاً شديداً وأسلم لوقته ومات على الاسلام (1) .

هذه هي بعض آثار الإمام الهادي عليه‌السلام في مخالفيه ومناوئيه، فعلينا أن ننفتح عليها لنزداد هديا من هديه، وعلما من علمه، ووعيا ممّا يعطينا من عناصر الوعي.

* * *

__________________

(1) شرح شافية أبي فراس / ابن أمير الحاج: 563 - مؤسسة الطباعة والنشرـ وزارة الثقافة والارشاد - ايران.

١٢٢

الفصل الثّالث

الهوية الشخصية للإمام الهادي عليه السلام

نسبه الشريف:

هو أبو الحسن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق بن محمد باقر العلم بن علي زين العابدين بن الحسين السبط الشهيد بن علي أمير المؤمنين وسيد الوصيين صلوات اللّه عليهم أجمعين.

ألقابه:

أشهر ألقاب الإمام أبي الحسن عليه‌السلام هو النقي والهادي، وقيل: بل أشهرها المتوكل، لكنه عليه‌السلام كان يخفي ذلك ويأمر أصحابه أن يعرضوا عن هذا اللقب، لكونه يومئذ لقباً لجعفر المتوكل بن المعتصم العباسي.

وعرف عليه‌السلام بالعسكري، وكذلك ابنه الحسن عليه‌السلام الامام بعده، نسبة إلى محلة العسكر التي كان يسكنها عليه‌السلام في سامراء، وهو عسكر المعتصم الذي بناه لجيشه (1) .

قال الشيخ الصدوق: سمعت مشايخنا رضي اللّه عنهم يقولون: إنّ المحلّة التي

__________________

(1) راجع: الانساب / للسمعاني 4: 194، معجم البلدان - المجلد الثالث: 328، الأئمّة الاثناعشر / لابن طولون: 113.

١٢٣

يسكنها الإمامان علي بن محمد والحسن بن علي عليهما‌السلام بسرّ من رأى كانت تسمّى عسكر، فلذلك قيل لكلّ واحدٍ منهما العسكري (1) .

وقيل: هو اسم سرّ من رأى، قال الفيروزآبادي: وعسكر اسم سر من رأى، وإليه نسب العسكريان أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر، وولده الحسن، وماتا بها (2) .

وكان هو وولده العسكري وجده الجواد عليهم‌السلام يعرف كلّ منهم في زمانه بابن الرضا (3) .

وهناك ألقاب اُخرى تطلق على الإمام الهادي عليه‌السلام وفي كلّ منها دلالة على كمال من كمالاته أو مظهر من مظاهر شخصيته، منها: المرتضى، والعالم، والدليل، والموضح، والرشيد، والشهيد، والوفي، والنجيب، والمتقي، والخالص، والناصح، والفتاح، والفقيه، والأمين، والطيب (4) .

قال الشاعر:

هو النقي لم يزل نقيا

وكان عند ربه مرضيا

وسره بكل معناه نقي

فإنه سر الوجود المطلق

__________________

(1) علل الشرائع / الشيخ الصدوق 1: 230 - باب 176، معاني الأخبار / الشيخ الصدوق: 65 / 17 باب معاني أسماء محمد وعلي وفاطمة والأئمّة عليهم‌السلام ، بحار الأنوار 50: 113 / 1 و 235 / 1.

(2) القاموس المحيط / الفيروزآبادي - عسكر - 2: 92 - دار الجيل - بيروت.

(3) المناقب لابن شهرآشوب 4: 455، الفصول المهمة 2: 1080، إعلام الورى 2: 131.

(4) الهداية الكبرى / الخصيبي: 313، المناقب / ابن شهرآشوب 4: 401، الفصول المهمة 2: 1080، دلائل الامامة: 411، إعلام الورى 2: 109 و 131.

١٢٤

فهو نقي السر والسريره

وسر جده بحكم السيره

وكيف لا وهو ابن من تدلى

في قربه من العلي الأعلى

ما كذب الفؤاد ما رآه

مذ بلغ الشهود منتهاه

مرآته نقية من الكدر

فما طغى قط وما زاغ البصر (1)

كنيته:

اشتهر الإمام الهادي عليه‌السلام بكنية واحدة عرف بها عند المؤرخين والمحدثين، هي أبو الحسن، وقد يخصص فيقال له عليه‌السلام أبو الحسن الثالث، اذ أن المشهور بين المحدثين في التعبير عنهم بأبي الحسن ثلاثة: موسى الكاظم، وعلي الرضا، وعلي الهادي عليهم‌السلام ، وإن شاركهم بعض باقي الأئمّة عليهم‌السلام في هذه الكنية، فإذا ورد حديث عن أبي الحسن وأطلق أو خصص بالماضي فهو موسى الكاظم عليه‌السلام ، وإذا قيد بالثاني فهو علي الرضا عليه‌السلام ، وإذا قيد بالثالث فهو علي الهادي عليه‌السلام (2) .

ولادته:

ولد الامام علي الهادي عليه‌السلام في بصريا (3) من أعمال المدينة، للنصف من ذي الحجة سنة 212 هـ (4)، وعن شيخ الطائفة الطوسيفي المصباح، قال: وروي أنه

__________________

(1) الأنوار القدسية / محمد حسين الأصفهاني: 96.

(2) التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام / السيد تاج الدين العاملي: 137.

(3) وهي قرية بناها الامام موسى بن جعفر عليه‌السلام على ثلاثة أميال من المدينة. مناقب ابن شهر آشوب 4: 328.

(4) الارشاد 2: 297، أصول الكافي1: 497، كشف الغمة 3: 166.

١٢٥

ولد عليه‌السلام يوم 27 من ذي الحجة (1)، وقيل: في رجب سنة 214 في ملك المأمون (2)، واختلف في اليوم من شهر رجب فقيل: انه ولد في الثاني منه (3)، وقيل: في الثالث منه (4)، وقيل: في الخامس منه (5) .

حليته:

وصف الامام الهادي عليه‌السلام بأنه شديد السمرة، أدعج العينين، شثن الكفين، عريض الصدر، أقنى الأنف، أفلج الأسنان، حسن الوجه، طيب الريح، جسيم البدن، ولم يكن بالقصير المتردد ولا بالطويل الممغط، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس (6)، معتدل القامة (7) .

قال الشاعر:

ووجهه في مصحف الامكان

فاتحة الكتاب في القرآن

__________________

(1) في رحاب أئمة أهل البيت عليهم‌السلام / السيد محسن الأمين 4: 173.

(2) تذكرة الخواص: 362، التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام : 135، تاريخ بغداد 12: 57 / 6440 عن سهل بن زياد، الأنساب / السمعاني 4: 194 دون ذكر الشهر.

(3) مصباح الكفعمي: 523.

(4) دلائل الامامة: 409 برواية عن الامام الحسن العسكري عليه‌السلام .

(5) إعلام الورى 2: 131.

(6) الدعج: شدة سواد العين مع سعتها. الشثن: الغليظ الخشن. القصير المتردد: المفرط في القصر. الطويل الممغط: المفرط في الطول.

(7) راجع: المناقب / ابن شهر آشوب 4: 402، حياة الامام الهادي عليه‌السلام / جعفر شريف القرشي: 21 عن مآثر الكبراء في تاريخ سامراء 3: 20 وجوهرة الكلام في مدح السادة الأعلام: 151.

١٢٦

بل وجهه عنوان حسن الذات

ديباجة الأسماء والصفات

طلعته مطلع نور النور

ومشرق الشموس والبدور

غرته في أفق الامامه

بارقة العزة والكرامه

نور الهدى والرشد في جبينه

بحر الندى والجود في يمينه

بل هي بيضاء سماء المعرفه

بها أضاء كل اسم وصفه

كلتا يديه مبدأ الأيادي

وفيهما آية المراد

ففي اليمين قلم العنايه

وفي الشمال علم الهدايه

واليمن والأمان في يمناه

واليسر واليسار في يسراه

وعينه باصرة البصائر

ونورها النافذ في الضمائر

بل عينه في النور والشعاع

إنسان عين عالم الابداع

بل هي في الضياء والبهاء

قرة عين عالم الأسماء (1)

نقش خاتمه:

كان له عليه‌السلام خاتم نقش فصه ثلاثة أسطر: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، أستغفر الله. وروي أن نقش خاتمه عليه‌السلام : هو الله ربي وهو عصمني من خلقه.

وفي مصباح الكفعمي: أن نقش خاتمه: حفظ العهود من أخلاق المعبود. وقيل في معناه: أن حفظ الامور التي عهد الله بها إلينا من فعل أو ترك من الأخلاق التي يحبها الله (2) .

__________________

(1) الأنوار القدسية / الشيخ محمد حسين الاصفهاني: 96.

(2) دلائل الامامة 4: 411، الفصول المهمة 2: 1080، نور الأبصار: 334، مصباح الكفعمي: 325، التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام : 136.

١٢٧

بوابه:

بوابه عليه‌السلام : عثمان بن سعيد العمري. وعن ابن شهرآشوب: بوابه محمد بن عثمان العمري (1) .

وكلاؤه:

أهم وكلاؤه عليه‌السلام المذكورين في مصادر الرجال: إبراهيم بن عبدة النيسابوري، أيوب بن نوح بن دراج النخعي، جعفر بن سهيل الصيقل، الحسن ابن راشد، زنكان أبو سليم، علي بن جعفر الهمداني، علي بن الريان بن الصلت الأشعري.

شاعره:

شعراؤه عليه‌السلام : العوفي والديلمي ومحمد بن إسماعيل بن صالح الصيمري (2) .

عمره ومدة إمامته:

عمره يوم وافاه الأجل احدى وأربعون سنة وستة أشهر أو أربعون سنة، بحسب الاختلاف الذي مضى في ولادته عليه‌السلام ، فقد ولد في ذى الحجة سنة 212 هـ، أو رجب سنة 214 هـ، واستشهد عليه‌السلام في رجب أو جمادى الآخرة سنة 254 هـ، وعاش نحو ثمانية أعوام في ظلّ أبيه الإمام الجواد عليه‌السلام الذي استشهد سنة 220 هـ، ومدّة إمامته بعد أبيه نحو أربع وثلاثين سنة (3) .

__________________

(1) تأريخ الأئمّة / ابن أبي الثلج: 33، الفصول المهمة 2: 1080، نور الأبصار: 334، المناقب / ابن شهر آشوب 4: 403، دلائل الامامة: 411.

(2) الفصول المهمة 2: 1080، في رحاب أئمة أهل البيت عليهم‌السلام 4: 174.

(3) راجع: أصول الكافي1: 497 - باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليه‌السلام من

١٢٨

أمه:

أمه عليه‌السلام أم ولد اسمها سُمانة، ويقال لها أيضاً: سُمانة المغربية، وقيل: متفرشة المغربية، ومن أسمائها الأخرى: سوسن، وجمانة. وكنيتها: أُم الفضل. ولقبها: السيدة (1) .

وقد ورد في حقها ما يستفاد منه أنها كانت على درجة كبيرة من الفضائل والصفات الحميدة، فضلاً عن معرفة حق الامام عليه‌السلام والتسليم بامامته وغير ذلك من المزايا التي بوأتها درجات أمهات الصديقين والصالحين.

روى أبو جعفر الطبري الامامي وغيره بالاسناد عن محمد بن الفرج بن إبراهيم بن عبد الله بن جعفر، قال: دعاني أبو جعفر محمد بن علي بن موسى عليهم‌السلام ، فأعلمني أن قافلة قد قدمت وفيها نخاس معه جوارٍ، ودفع إلي سبعين ديناراً، وأمرني بابتياع جارية وصفها لي، فمضيت وعملت بما أمرني به،

__________________

كتاب الحجة، الارشاد 2: 297 و 313، تاج المواليد / الطبرسي: 134، المناقب / ابن شهرآشوب 4: 401، دلائل الإمامة: 409، كشف الغمة 3: 174 و 195، إعلام الورى 2: 131، التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام : 142، بحار الأنوار 50: 236 و 238.

(1) أصول الكافي1: 498 - باب مولد أبي الحسن علي بن محمّد عليهما‌السلام من كتاب الحجّة، إكمال الدين 1: 307 - باب 27 - خبر اللوح، الإرشاد 2: 297، إثبات الوصية: 220، دلائل الإمامة: 411، المناقب / ابن شهرآشوب 4: 401، كشف الغمة 3: 164، الهداية الكبرى / الخصيبي: 313، روضة الواعظين: 246، إعلام الورى 2: 131 و 109، نور الأبصار: 181، الفصول المهمة: 2: 1080، بحار الأنوار 50: 114.

١٢٩

فكانت تلك الجارية أم أبي الحسن عليه‌السلام (1) .

وعن محمد بن الفرج وعلي بن مهزيار، عن الامام الهادي عليه‌السلام ، أنه قال: « أمي عارفة بحقي، وهي من أهل الجنة، لا يقربها شيطان مارد، ولا ينالها كيد جبار عنيد، وهي مكلوءة بعين الله التي لا تنام، ولا تتخلف عن أمهات الصديقين والصالحين » (2) .

زوجته:

نقل عن بعض التواريخ أنه عليه‌السلام كانت له سرية لا غير (3) . وجاء في أغلب التواريخ أن زوجته عليه‌السلام اُمّ ولد، يقال لها سوسن، وتكنى اُمّ الحسن، وأُم أبي محمّد، وتعرف بالجدّة، أي جدّة الإمام صاحب الزمان عليه‌السلام .

ولها أسماء اُخرى، فيقال لها: حُديث، وحُديثة، وسليل، وسمانة، وشكل النوبية، وعسفان، وقيل: ان سبب تعدد أسمائها لأنه قد جرت العادة على تغيير اسم الجواري عند شرائها. غير أن أشهر أسمائها: سوسن، وحديث (4) .

__________________

(1) دلائل الإمامة: 410 / 368.

(2) دلائل الامامة: 410 / 369، إثبات الوصية: 193.

(3) مصباح الكفعمي: 523، التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام : 138.

(4) راجع: أصول الكافي1: 503 - باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليه‌السلام من كتاب الحجة، التهذيب / الشيخ الطوسي 6: 92 - باب 42 من كتاب المزار، الإرشاد 2: 313، إكمال الدين: 307 آخر الباب 27 خبر اللوح، إثبات الوصية: 244، دلائل الإمامة: 424، المناقب / ابن شهرآشوب 4: 455، روضة الواعظين: 251، تاريخ مواليد الأئمة عليهم‌السلام / ابن الخشاب: 199 - مطبوع ضمن مجموعة نفيسة - مكتبة السيد المرعشي - قم، الفصول المهمة 2: 1080، تذكرة

١٣٠

ورجح صاحب عيون المعجزات أن اسمها سليل حيث قال: ان اسمها على ما رواه أصحاب الحديث سليل، وقيل: حديث، والصحيح سليل، وكانت من العارفات الصالحات (1) .

ولعلّ ذلك مبني على الحديث الوارد عن المعصوم، وهو يشيد بفضلها وعفتها وصلاحها، رواه المسعودي عن العالم عليه‌السلام أنه قال: « لمّا اُدخلت سليل اُمّ أبي محمد على أبي الحسن عليه‌السلام ، قال: سليل مسلولة من الآفات والعاهات والأرجاس والأنجاس » (2) .

وبعثها ولدها الإمام العسكري عليه‌السلام إلى الديار المقدسة سنة 259 هـ، وأخبرها عما يناله سنة 60، فأظهرت الجزع وبكت، فقال عليه‌السلام : « لابد من وقوع أمر اللّه فلا تجزعي » (3) .

وفي صفر سنة 260 هـ كانت في المدينة المنورة، فجعلت تخرج إلى خارجها تتجسّس الأخبار وقد أخذها الحزن والقلق (4)، وحينما اتصل بها خبر شهادة الإمام عليه‌السلام عادت إلى سامراء، فكانت لها أقاصيص يطول شرحها مع ولدها جعفر المعروف بالكذاب لمطالبته إياها بالميراث، وسعايته بها إلى السلطان، وكشف ما أمر اللّه ستره، فضلاً عن أن بني العباس هجموا على دار الامام

__________________

الخواص: 324، كشف الغمة 3: 271، إعلام الورى 2: 131، تاج المواليد: 133، بحار الأنوار 50: 235 و 236 و 238.

(1) بحار الأنوار 50: 238 / 11.

(2) إثبات الوصية: 244.

(3) إثبات الوصية: 217.

(4) إثبات الوصية: 253، مهج الدعوات: 343، بحار الأنوار 50: 313 و 330.

١٣١

وفتّشوها وعرّضوا أهل بيته ومنهم السيدة سوسن الى أشدّ المضايقات والتنكيل (1) .

وتوفيت السيدة سوسن في سامراء وكانت قد أوصت أن تدفن في الدار إلى جنب زوجها وولدها الإمامين العسكريين عليهما‌السلام ، فنازعهم جعفر وقال: الدار داري لا تدفن فيها (2) .

روى الشيخ الصدوق بالاسناد عن محمّد بن صالح قال: لمّا ماتت الجدَّة - أم الحسن العسكري - أمرت أن تُدفن في الدار؟ فنازعهم جعفر وقال: لي الدار لا تُدفن فيها. فخرج الحجّة المنتظر عليه‌السلام فقال: « يا جعفر أدارك هي؟ » ثمّ غاب عنه ولم يره بعد ذلك (3) . ودفنت بجنب ولدها العسكري عليه‌السلام (4) .

وجاء في رواية أحمد بن عبيد اللّه بن يحيى بن خاقان: أنّ أمّ العسكري عليه‌السلام ادّعت وصيته، فقسم ميراثه بينها وبين أخيه جعفر، وثبت ذلك عند القاضي (5) .

ولده:

ذكر المؤرخون أن له أربعة اولاد، وهم: الحسن عليه‌السلام ، وهو الامام بعده، ومحمد المتوفّى في حياة أبيه عليه‌السلام ، والحسين، وجعفر المعروف بالكذاب. وقيل: إن له من الأولاد ثلاثة وهم: الحسن عليه‌السلام ، وجعفر، وإبراهيم. وله بنت واحدة

__________________

(1) إكمال الدين: 474 / 25، بحار الأنوار 50: 331 / 3.

(2) إكمال الدين: 442 / 15.

(3) إكمال الدين وإتمام النعمة / الشيخ الصدوق 2: 442 / 15.

(4) إثبات الوصية: 217.

(5) إكمال الدين وإتمام النعمة / الشيخ الصدوق 1: 43 المقدّمة.

١٣٢

مختلف في اسمها، فقيل: حكيمة، أو عائشة، أو علية، أو عالية.

وعن الطبري: له بنتان وهما: عائشة، ودلالة (1) .

وفيما يلي نترجم لسيرة بعض أولاده عليه‌السلام .

1 - السيد محمد:

وهو أبوجعفر محمد بن الإمام أبي الحسن الهادي، المتوفى نحو سنة 252 هـ (2)، وكان من سادات أهل البيت عليهم‌السلام ، جليل القدر، عظيم المنزلة، قال السيد محسن الأمين: جليل القدر، عظيم الشأن، كانت الشيعة تظنّ أنه الإمام بعد أبيه عليه‌السلام ، فلمّا توفي نصّ أبوه على أخيه أبي محمد الحسن الزكي عليه‌السلام ، وكان أبوه خلّفه بالمدينة طفلاً لما اُتي به إلى العراق، ثم قدم عليه في سامراء، ثمّ أراد الرجوع إلى الحجاز، فلمّا بلغ القرية التي يقال لها (بلد) على تسعة فراسخ من سامراء، مرض وتوفّي ودفن قريبا منها، ومشهده هناك معروف مزور، ولمّا توفي شقّ أخوه أبو محمد عليه‌السلام ثوبه، وقال في جواب من لامه على ذلك: « قد شق موسى على أخيه هارون ». وسعى المحدث العلامة الشيخ ميرزا حسين النوري

__________________

(1) راجع: الارشاد 2: 312، المناقب لابن شهرآشوب 4: 433، دلائل الإمامة: 412، اعلام الورى 2: 127، الفصول المهمة 2: 1076، التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام : 138.

(2) ورد في حديث أن عمر الإمام العسكري عليه‌السلام يوم وفاة أخيه السيد محمد نحو عشرين سنة، وبما أن الامام العسكري عليه‌السلام ولد سنة 232، فتكون وفاة السيد محمد نحو سنة 252 هـ. راجع: اصول الكافي 1: 327 / 8 - باب الاشارة والنص على أبي محمد عليه‌السلام من كتاب الحجة.

١٣٣

في تشييد مشهده وتعميره، وكان له فيه اعتقاد عظيم (1) .

وجاء في الرواية: « أن أبا الحسن عليه‌السلام قد بسط له في صحن دار، يوم توفي محمد ابنه، والناس جلوس حوله يعزّونه، من آل أبي طالب وبني هاشم وقريش ومواليه ومن سائر الناس » (2) .

2 - الحسين:

نُقل عن كتاب شجرة الأولياء: أن الحسين كان زاهداً عابداً معترفاً بإمامة أخيه أبي محمد الحسن العسكري عليه‌السلام ، وكان صوت الامام المهدي عليه‌السلام يشبه صوت عمه الحسين. وكان الناس يعبرون عنه وعن أخيه الامام الحسن العسكري بالسبطين تشبيهاً لهما بالامامين الحسن والحسين عليهما‌السلام . وكان له من الأولاد أربعة، وقد رحلوا بعد وفاة أبيهم عن سامراء إلى مدينة لار من بلاد فارس في إيران، فقتلوا بعد وصولهم إليها (3) .

3 - جعفر الكذاب:

وكان صاحب فتنة وضلالة، وقد أخبر أئمة أهل البيت عليهم‌السلام عنه قبل ولادته، وحذّروا شيعتهم من فتنته، ففي حديث عن أبي خالد الكابلي: « أنه سأل الإمام علي بن الحسين صلوات اللّه عليه: من الحجة والإمام بعدك؟ فقال:

__________________

(1) أعيان الشيعة 14: 291 - دار التعارف للمطبوعات.

(2) أصول الكافي1: 326 / 8 باب الاشارة والنص على أبي محمد عليه‌السلام من كتاب الحجة.

(3) الامام الهادي من المهد إلى اللحد / محمد كاظم القزويني: 139 - مركز نشر آثار الشيعة - قم.

١٣٤

« ابني محمد، واسمه في التوراة الباقر يبقر العلم بقرا، وهو الحجة والإمام بعدي، ومن بعد محمد ابنه جعفر، واسمه عند أهل السماء الصادق.

فقلت له: يا سيدي، كيف صار اسمه الصادق وكلكم صادقون؟ فقال: حدّثني أبي عن أبيه عليه‌السلام أن رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبيطالب، فسمّوه الصادق، فإنّ للخامس من ولده ولدا اسمه جعفر يدّعي الامامة اجتراءً على اللّه وكذبا عليه، فهو عند اللّه جعفر الكذاب المفتري على اللّه والمدّعي لما ليس له بأهل، المخالف على أبيه، والحاسد لأخيه، ذلك الذي يروم كشف ستر اللّه عند غيبة ولي اللّه عز وجلّ...

ثمّ قال: كاني بجعفر الكذاب وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر ولي اللّه، والمغيب في حفظ اللّه، والتوكيل بحرم أبيه جهلاً منه بولادته، وحرصا على قتله إن ظفر به، طمعا في ميراث أبيه حتى يأخذه بغير حقّه... » (1) .

وحينما ولد جعفر فرح أهل الدار بولادته، ولم يروا أثرا للسرور على أبي الحسن عليه‌السلام ، روى الشيخ الصدوق بالاسناد عن صالح بن محمد بن عبد الله، عن أمه فاطمة بنت محمد بن الهيثم، قالت: كنت في دار أبي الحسن علي بن محمد العسكري عليه‌السلام في الوقت الذي ولد فيه جعفر، فرأيت أهل الدار قد سروا به، فصرت إلى أبي الحسن عليه‌السلام ، فلم أره مسروراً بذلك. فقلت له: يا سيدي، ما لي

__________________

(1) علل الشرائع / الشيخ الصدوق 1: 234 / 1 - المطبعة الحيدرية - النجف - 1385 هـ، إكمال الدين: 319 / 2 باب 31.

١٣٥

أراك غير مسرور بهذا المولود؟ فقال عليه‌السلام : « هون عليك أمره، فإنّه سيضلّ خلقا كثيرا » (1) .

وقد تحقق ما قاله أهل البيت عليهم‌السلام عن فتنته وضلالته، حيث كانت له بعد شهادة أخيه الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام ثلاثة أدوار سيئة:

1 - الايعاز إلى الدولة باحتمال وجود الإمام المهدي عليه‌السلام ، فبدأت سلسلة من المطاردات والاعتقالات لعيال الإمام عليه‌السلام ، ولم يتمكنوا من العثور على الإمام المهدي عليه‌السلام ، وبذلك يكون جعفر قد كشف ما أوجب اللّه تعالى ستره وكتمانه.

وقد أجمل الشيخ المفيد رحمه‌الله جملة هذه الأدوار المشينة وغيرها التي قام بها جعفر الكذاب بعد شهادة أخيه الحسن عليه‌السلام بقوله: « تولّى جعفر بن علي أخو أبي محمد عليه‌السلام أخذ تركته، وسعى في حبس جواري أبي محمد عليه‌السلام واعتقال حلائله، وشنّع على أصحابه بانتظارهم ولده وقطعهم بوجوده والقول بامامته، وأغرى بالقوم حتى أخافهم وشرّدهم، وجرى على مخلّفي أبي محمد عليه‌السلام بسبب ذلك كلّ عظيمة، من اعتقال وحبس وتهديد وتصغير واستخفاف وذلّ، ولم يظفر السلطان منهم بطائل.

وحاز جعفر ظاهر تركة أخيه أبي محمد عليه‌السلام ، واجتهد في القيام عند الشيعة مقامه، فلم يقبل أحد منهم ذلك، ولا اعتقده فيه، فصار إلى سلطان الوقت يلتمس مرتبة أخيه، وبذل مالاً جليلاً، وتقرّب بكلّ ما ظنّ أنه يتقرّب به، فلم

__________________

(1) إكمال الدين: 321 / آخر الحديث 2 باب 31، الغيبة / الشيخ الطوسي: 226 / 193.

١٣٦

ينتفع بشيءٍ من ذلك » (1) .

2 - ادعاء الإمامة بعد أخيه الحسن عليه‌السلام كذبا وزورا، فأضلّ خلقا كثيرا، فخرجت عن الإمام المهدي عليه‌السلام عدّة تواقيع تنبّه الشيعة على بطلان ادعائه وكذبه وعصيانه وظلمه، وجهله بالأحكام وتركه الواجبات، منها على يد أحمد ابن إسحاق الأشعري، وعلى يد محمد بن عثمان العمري (2)، فجفته الشيعة بعد أن بان كذبه وافتراؤه، ممّا اضطره إلى التوسل برجال الدولة ومنهم الوزير عبيداللّه ابن يحيى بن خاقان في أن يجعلوا له مرتبة أخيه فزبره بالقول: يا أحمق، السلطان جرّد سيفه في الذين زعموا أن أباك وأخاك أئمة ليردّهم عن ذلك فلم يتهيأ له ذلك، فإن كنت عند شيعة أبيك وأخيك إماما فلا حاجة لك إلى السلطان ليرتّبك مراتبهم ولا غير السلطان، وإن لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بنا... (3) .

وحمل جعفر عشرين ألف دينار إلى المعتمد، طالبا منه أن يجعل له مرتبة أخيه ومنزلته. فأجابه بنحو جواب ابن خاقان (4) .

3 - ادعاؤه استحاق التركة وبالتالي حيازته إياها مناصفة مع اُم

__________________

(1) الارشاد 2: 336 - 337، ونحوه في المناقب لابن شهرآشوب 4: 455، إعلام الورى 2: 151 - 152، الفصول المهمة 2: 1093.

(2) راجع: إكمال الدين: 483 / 4 - باب 45، الغيبة / للشيخ الطوسي: 290 / 247.

(3) اُصول الكافي 1: 505 / 1 باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليه‌السلام من كتاب الحجة، الإرشاد 2: 324.

(4) إكمال الدين: 479، الخرائج والجرائح 3: 1109.

١٣٧

العسكري عليه‌السلام بإذن من السلطات الحاكمة.

اخوته:

للامام الهادي عليه‌السلام أخ واحد هو موسى المبرقع، وقيل اثنان: موسى والحسن. وله من الأخوات ست: زينب، وأم محمد، وميمونة، وخديجة، وحكيمة، وأم كلثوم.

وقيل خمس: فاطمة، وأمامة، وحكيمة، وخديجة، وأم كلثوم.

وقيل أربع: حكيمة، وبريهة، وأُمامة، وفاطمة.

وقيل ثلاث: زينب، وأم محمد، وميمونة. وقيل: خديجة، وحكيمة، وأم كلثوم.

وقيل اثنان: فاطمة، وأُمامة (1) .

موسى المبرقع:

ولد موسى المبرقع ونشأ في المدينة مع أبيه الجواد عليه‌السلام ، وبعد شهادة أبيه انتقل إلى الكوفة فتوطن فيها مدة، ثم هاجر إلى قم، فوردها سنة 256 هـ فتوطن فيها، وكان من أهل الحديث والدراية، وإليه ينتهي نسب السادة الرضويين، توفي في ربيع الآخر سنة 296 هـ ودفن في بيته.

قال أبو علي الحسين بن محمد بن نصر بن سالم: إن أول من ورد قماً من السادات الرضوية هو موسى بن الامام محمد الجواد عليه‌السلام ، جاء إليها من الكوفة،

__________________

(1) الإرشاد 2: 295، دلائل الامامة: 397، مناقب ابن شهر آشوب 4: 380، إعلام الورى 2: 106، تاج المواليد: 130، تذكرة الخواص: 359، الفصول المهمة 2: 1080، عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب: 199.

١٣٨

ثم أخرجه أهلها لأمور صدرت منه، فذهب إلى كاشان، فأكرمه أحمد ابن عبد العزيز بن أبي دلف العجلي، وخلع عليه، وقرر له في كل سنة ألف دينار، فلما ورد الحسين بن علي بن آدم وشخص آخر من الكوفة إلى قم وبّخا أهلها على إخراجه، فأرسلوا وراءه وأرجعوه إلى قم مكرماً، ثم قصد عبد العزيز ابن أبي دلف فأكرمه، وعين له وظيفة سنوية، ثم طلب أخواته: زينب وأم محمد وميمونة بنات الامام محمد بن علي الجواد عليه‌السلام من الكوفة إلى قم، فأقمن عنده حتى توفين في قم، ودفن بقرب قبر السيدة فاطمة بنت موسى بن جعفر عليهم‌السلام ، وأقام موسى المبرقع في قم حتى توفى بها، فصلى عليه أميرها عباس بن عمرو الغنوي.

وكان موسى يلقي على وجهه برقعاً، ولذلك قيل له المبرقع لجمال وجهه الباهر، ولعل ذلك هو السبب في إخراجه من قم، لأنّ أهلها لم يعرفوه، فكانوا في شك وريبة من أمره، لكن عندما عرفوه أكرموه، وقبره اليوم معروف يزوره الكثيرون، ولموسى المبرقع ولدان: محمد وأحمد، واختلف النسابون في بقاء عقب لمحمد، فاختار الدينوري أن بني الخشاب من أولاد محمد، وأكثر النسابين على خلافه، أي إنه لا عقب له، وأما بقية ذرية الامام محمد الجواد عليه‌السلام فهم جميعاً بإجماع النسابين من أحمد بن موسى المبرقع (1) .

السيدة حكيمة:

وكانت جليلة القدر، عالية الشأن، أوكل إليها أخوها الإمام الهادي عليه‌السلام جاريته نرجس كي تعلمها معالم الدين وأحكام الشريعة وتؤدّبها بالآداب

__________________

(1) أعيان الشيعة 10: 194.

١٣٩

الإلهية. ثم ان الإمام الهادي عليه‌السلام زوج نرجس من ولده الإمام العسكري عليه‌السلام فكانت أم الإمام المهدي المنتظر لاقامة دولة الحق عليه‌السلام ، وقامت حكيمة بمهمّة القابلة لاُمّه ليلة ولادته، واضطلعت بدور مهم بعد شهادة أخيها الحسن العسكري عليه‌السلام حيث كانت تستلم الكتب والرسائل وتوصلها إلى الإمام عليه‌السلام ، ثم تستلم منه الأجوبة والتوقيعات وتوصلها إلى شيعته.

توفيت السيدة حكيمة في مدينة سامراء، ودفنت عند رجلي الإمامين العسكريين عليهما‌السلام ، وقبرها مشهور مزور (1) .

* * *

__________________

(1) أصول الكافي1: 330 / 3، اكمال الدين 2: 424 و 433، الإرشاد 2: 351، الغيبة / الشيخ الطوسي: 234 / 204، بحار الأنوار 102: 79.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

فراحوا يحيونَ المواضي بأنفسٍ

صفت فسمت مجداً على كل ذي مجد

وقد أفرغوا فوق الجسوم قلوبهم

دروعاً بيومٍ للقيامة محتدّ

ولما قضوا حق المكارم والعلى

ببيض المواضي والمطهمة الجردِ

وخطّوا لهم في جبهة الدهر غُرةً

من الفخر في يوم من النفع مسودِ

تهاووا على وجه الصعيد كواكباً

وقد أكلتهم في الوغى قضب الهُندِ

ضحىً قبّلتهم في النحور وقبّلوا

عشياً نحور الحور في جنة الخلد

* * *

ولم يبق إلا قطب دائره العُلى

يدير رحى الهيجاء كالأسد الورد

وحيداً أحاطت فيه من كل جانب

جحافل لا تحصى بحصرٍ ولا عدّ

فدىً لك فرداً لم يكن لك ناصرٌ

سوى العزم والبتار والسلهب النهد

وقفت لنصر الدين في الطف موقفاً

يشيب له الطفل الذي هو في المهدِ

وأرخصت نفساً لا توازن قيمة

بجملة هذا الكون للواحدِ الفردِ

ترد سيول الجحفل المجر والحشى

لقرط الظما والحرّ والحرب في وقد

بعضب الشبا ماضٍ كأنّ فرنده

سَنا البرق في قط الكتائب والغدِ

وتحسب في الهامات وقع صليله

بكل كميّ دارعٍ زجل الرعد

فيكسو جسومَ الدارعين مطارفاً

من الضرب حمزاً ان تعرّى من الغمد

ولما دنا منه القضا شام سيفَه

وليس لما قد خطه الله من ردّ

هوى للثرى نهبَ الأسنة والظبا

بغلة قلب لم تذق بارد الورد

هوى فهوى ركن الهداية للثرى

وأمسى عماد المجد منفطم العقد

وقام عليه الدين يندب صارخاً

ويلطم في كلتا يديه على الخدّ

* * *

تحامته ان تدنو عليه عداته

صريعاً فعادوا عنه مرتعش الأيدي

فيا غيرة الإسلام أين حماته

وذي خفراتُ الوحي مسلوبة البرد

تجول بوادي الطف لم تلف مفزعاً

تلوذ به من شدة الضرب والطرد

وتستعطف الأنذال في عبراتها

فتجبهُ يا لله بالسبّ والردّ

برغم العُلى والدين تُهدى أذلةً

فمن ظالمٍ وغدٍ إلى ظالمٍ وغدِ

٣٢١

السيد حسن البغدادي

المتوفى ١٣٦٧

يا قلب زينب ما لاقيت من محن

فيك الرزايا وكل الصبر قد جُمعا

لو أنّ ما فيك من حزن ومن كمد

في قلب أقوى جبال الأرض لأنصدعا

يكفيك فخراً قلوب الناس كلهم

تقطعت للذي لاقيته جزعا

وكل رضيع يغتذي درّ أمه

ويرضع من ألبانها ثم يُفطَم

سوى أن عبد الله كان رضاعه

دماه وغذّته عن الدرّ أسهم

تبسّم لما جاءه سهم حتفه

وكل رضيع للحلوبة يبسم

تخيّله ماء ليروي غليله

ففاض عليه الغمر لكنه دم

السيد حسن ابن السيد عباس ابن السيد علي بن حسين بن درويش بن أحمد ابن قاسم بن محمد بن كاسب بن قاسم بن فاتك بن أحمد بن نصر الله بن محمود بن علي بن يحيى بن فضل بن محمد بن ناصر بن يوسف بن علي بن يوسف بن علي ابن محمد بن جعفر ( الذي يقال له الطويل وبه عرف بنوه ببني الطويل ) ابن علي بن الحسين شيتي ويُكنى بأبي عبد بن محمد الحائري ( وقبره في واسط وهو المعروف بالعكار ابن الإمام محمد الباقر إبن الإمام زين العابدين بن الحسين الشهيد ابن علي بن أبي طالب (ع).

٣٢٢

نظم والده السيد عباس المتوفى سنة ١٣٣١ ه‍. هذا النسب في ارجوزة له وهي مذكورة في ترجمته. ولد المترجم له سنة ١٢٩٨ ه‍. ونشأ في ظل والده حيث وجهه للخطابة والخدمة الروحية من طريق المنبر الحسيني، وكان كريم الطلعة بهي المنظر تنمّ عليه السيادة وتزدهيه الشمائل العلوية قد أوتي بسطة في العلم والجسم واسع الاطلاع ملماً بالتاريخ العربي والإسلامي بل والتاريخ الاممي وعقيدتي انه بزّ اقرانه فكان منبره من أغزر المنابر مادةً، استمعتُ اليه اكثر من مرة فرأيته متثبتاً كل التثبّت فيما يقول وكلامه كاللؤلؤ المنظوم فإنه يذكر الآية الشريفة ثم يأتي بما يناسبها من الأحاديث النبوية والأقوال الحكمية والشواهد الشعرية، وكان يحفظ الكثير من شعر العرب اما ديوان المهيار الديلمي فيكاد ان يستظهره حفظاً وقال لي مرة ان هذا الديوان الذي طبعته دار الكتب بمصر وزعمت انها شرحته وحققته ودققته فإني سجّلت أغلاطها والمؤاخذات عليها ولعله في كل صفحة من الصفحات عشر مؤاخذات، واستمعتُ اليه يتكلم منبرياً في موضوع الإمامة وإذا ممن اشبع الموضوع بحثاً، وصادف مرة أن قصد زيارة الإمامين العسكريين بسامراء وكان هناك المرجع الديني الكبير السيد أبو الحسن الأصفهاني وأكثر الحوزة العلمية بخدمته، فجاء خطيبنا للسلام عليه فطلب منه التحدث منبرياً فاستجاب وتحدث أكثر من ساعة بما لذّ وطاب عن الآل الأطياب وسلالة داحي الباب وشنف الأسماع والألباب وهكذا استمر كل يوم صباحاً يحضر ويرقى المنبر حتى أكمل شهراً كاملاً كله حول أهل بيت الرحمة السادة الأئمة وفي كل يوم يزداد السيد ابو الحسن اعجاباً به أكثر من سابقه.

مؤلفاته:

١ - الدر المنظوم في الحسين المظلوم وهو مقتل الحسين وما يدور حول فاجعة الطف والشعر الذي قيل فيها ب‍ ١٥٠٠ صفحة رويتُ عنه في الجزء السابق من هذه الموسوعة، فرغ من تأليفه ١٥ جمادى الأولى سنة ١٣٣٩ ه‍.

٣٢٣

٢ - المطالب النفيسة. اخبرني هو عنها وقال تجمع تراجم عظماء الإسلام.

٣ - سفينة النجاة في الأئمة الهداة، ابتدأ بجمعه في ١٥ شهر رمضان ١٣٢٥ ه‍. وانتهى منه في ٥ ذي القعدة سنة ١٣٣٤ ه‍.

٤ - الدر النضيد في رثاء الشهيد يشتمل على مجموعة كبيرة من القصائد في الإمام الحسين (ع).

٥ - كنانة العلم اشبه بالكشكول يضم النوادر الأدبية والتاريخية بدأ به بتاريخ ١١ صفر ١٣٤٦ ه‍. وانتهى منه ٢٦ رمضان سنة ١٣٥١ ه‍.

٦ - مجموع كبير يجمع الشعر والنثر وفيه ( انجيل برنابا ) المطبوع والممنوع قد كتبه بخطه بالرغم من ان ايطاليا قد جمعت هذا الانجيل ومنعت نشره.

وله مخطوطات تقارب ١٢ مخطوط كلها علم وادب وشعر ونثر محفوظة عند ولده السيد شمس الدين الخطيب.

توفي ببغداد يوم الجمعة ١٩ صفر سنة ١٣٦٧ ه‍. على أثر انفجار في الدماغ وكان موته في مستشفى المجيدية ونقل إلى كربلاء وذلك ليلة زيارة الأربعين وكانت هناك مواكب الزائرين من جميع العراق فاشتركت جميع المواكب بتشييعه وشيّعه ما لا يقل عن ربع مليون نسمة، وقد أظهر البصريون في تلك الليلة حبهم وولاءهم له فكانوا في طليعة المشيعين لانه كان خطيبهم في محرم الحرام لمدة ٣٦ عاماً ثم نقل جثمانه إلى النجف الأشرف ودفن عند رأس الإمام أمير المؤمنين (ع) تحت الساباط من جهة يمين الداخل إلى المسجد هناك بقرب قبر الشاعر السيد حيدر الحلي رحمهما الله. كتب عنه البحاثة السيد الشريف المعاصر السيد جودت القزويني وجمع أكثر شعره ونثره قال: وله في وصف ( نهج البلاغة ) لأمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام :

نهجٌ له كل الأنام قد غدت

خرساً وأهدى للطريق الأعدل

فلم نجد أفصح منه منطقاً

سوى لئالى المصحف الغض الجلي

فذا كلام قاله المولى العلي

وذا كلام قاله المولى علي

٣٢٤

ومن رثائه للإمام الحسينعليه‌السلام :

تبسم باللوى ثغر الأقاح

ومنه الأرض ضاحكة النواحي

وقد نسج الربيع له رداءً

تفوّق وشيه أيدي الرياح

قد اعتنق البشام به الخزامى

معانقة المتيم للملاح

إلى أن يقول:

لعمرو أبيك ما جزعي لركب

أغذّ على ذرى النيب الطلاح

ولكن للاولى جزروا عطاشا

بعرصة كربلا جزر الاضاحي

بيوم ليس استأ منه يوم

علا فيه الفساد على الصلاح

لقد صبروا بذاك اليوم صبراً

به ظفروا بجامحة النجاح

تأسوا في أبيّ الضيم مَن قد

أقام الدين حيّ على الفلاح

ولما أن دنا المقدار منهم

هووا ما بين مشتبك الرماح

وعاد ابن النبي هناك فرداً

يعالجها ابن معتلج البطاح

جلا ليل القتام بحرّ وجه

كأن جبينه فلق الصباح

ومذ نور الإله له تجلّى

وناداه فلبّى بالرواح

بوادي الطف آنس نار قدس

فخرّ مكلّماً دامي الجراح

وبات معانقاً سمر العوالي

وبيض الهند في ليل الكفاح

وقال مذيلاً أبيات ابنة حجر بن عدي الكندي في رثاء أبيها والتي رواها المسعودي:

تُرفّع ايها القمر المنير

لعلك أن ترى حجراً يسير

يسير إلى معاوية بن حرب

ليقتله كما زعم الأمير

ترفّعت الجبابر بعد حجر

وطاب لها الخورنق والسدير

وأصبحت البلاد له محلاً

كأن لم يغنها مزنٌ مطير

ألا يا حجر حجر بني عديٍّ

تلقتك السلامة والسرور

فان تهلك فكل زعيم قوم

عن الدنيا إلى هلك يصير

ألا يا ليت حجراً مات موتاً

ولم يُنحر كما نحر البعير

٣٢٥

فقال:

وذبح السبط شابه ذبح حجر

وكلٌ ذبحه إثمٌ كبير

ولكن اين حجرٌ من حسين

وهل رضت لمن معه صدور

وهل سلبوا إلى حجر نساءً

وهل هتكت لنسوته خدور

وهل ذبحوا له طفلاً صغيراً

ألا بأبي وبي الطفل الصغير

وهل تركوه في الرمضا ثلاثاً

تريب الجسم يصهره الهجير

وهل حملوا له رأساً قطيعاً

كأن جبينه القمر المنير

وهل قادوا له مضنى عليلاً

على الأقتاب في غلٍّ يسير

وهل نكثوا له بالعود ثغراً

وهل سكبت بجانبه الخمور

حجر بن عدي الكندي رحمة الله عليه من فضلاء الصحابة ويُعدّ من الأبدال وكان صاحب راية رسول الله (ص) وهو رئيس زاهد محب وإخلاصه لأمير المؤمنين أكثر مما يذكر، وله مواقف مشرفة في مغازي المسلمين وقائد مظفر في الفتح الإسلامي ومن أكبر قواد المسلمين يوم حرب المسلمين مع الروم وهو الذي فتح مرج عذراء(١) جعله أمير المؤمنين علي (ع) يوم صفين على كندة وفي يوم النهروان على ميسرة الأجمع. وقد قُتل حجر وأصحابه بمرج عذراء صبراً بأمر من معاوية بن أبي سفيان حيث لم يتبرأوا من علي بن أبي طالبعليه‌السلام ودفنوا هناك. وقد أوثر عنه في ساعة شهادته قوله: أما والله لئن قتلتموني بها إني لأول فارس من المسلمين سلك في واديها، وأول رجل من المسلمين نبحته كلابها.

__________________

١ - عذراء بفتح المهملة وسكون المعجة. قرية بغوطة الشام.

٣٢٦

الشيخ محمد حسن دِكسن

المتوفى ١٣٦٨

حتامَ يا دنيا التصبر للكرب

وانت على البغضا أقمت على حربي

كأنك من أعدى العدى لابن حرة

فكيف تواخيني وما أنت من صحبي

طبعت على البلوى إلى أن ألفتها

وقلت لصحبي لا يهولنكم كربي

تجرعتُ للدنيا مرارة كأسها

إلى أن حلى عندي ولذّ به شربي

فقابلتُ في صبري جهات ثلاثة

رغبن باتلافي تشاركن في سلبي

ففرقة أوطان وفقد أحبة

وجور زمان حار منه ذوو اللب

فطرتُ على الضراء ما ريع لي حشى

ولكن يوم الطف روّع لي قلبي

فلله يوم طبق الدهر شجوه

وأجرى دماً فيه له أعين السحب

فذلك يوم قام فيه ابن أحمد

خطيباً بدرع الصبر واللدن القضب

أبوه علي لا يقاس بغيره

بحرب وهذا الندب من ذلك الندب

فلولاه قضاء الله يمسكه قضى

بحرب على كوفانها وبني حرب

فلم تره إلا على ظهر سابح

يشق غبار الحرب في صدره الرحب

إلى أن اتاه السهم من كف كافر

فخرّ به من صهوة المهر للترب

فكوّر نور الشمس حزناً لفقده

وأعولت الأملاك ندباً على ندب

٣٢٧

وقل ليتامى المسلمين ألا اعولي

عطوفاً عليك حلؤه عن الشرب

ويا زعماء الدين لا تتفيئوا

ظِلالاً وفي الشمس الحسين بلا ثوب

الخطيب الأديب الورع التقي الشيخ محمد حسن بن عيسى بن مال الله بن طاهر بن أحمد بن محسن بن حبيب بن ياسين الأسدي البصري نال شهرة واسعة في الخطابة. ولد في النجف سنة ١٢٩٦ ه‍. ونشأ بها على أبيه ودرس المقدمات وأخذ الخطابة عن الشيخ علي المعروف ب‍ ( ابن عياش ) فكان من ألمع أقرانه وتوالى عليه الطلب من البصرة والمحمرة للخطابة هناك وإحياء مآتم سيد الشهداء وعلى منبره مسحة من قبول فلا يكاد يخطب ويتخلص للمصيبة حتى تجري دمعته، وألّف مجالس العلماء هناك كالسيد ناصر ابن السيد عبد الصمد البحراني ومن بعده السيد عدنان الغريفي ولمع نجم الشيخ دكسن وطلبه أمير المحمرة وحاكمها المرحوم الشيخ خزعل الكعبي فكانت له المنزلة السامية عنده وفي أيام التحصيل يكون النجف الأشرف مقره مهاجراً اليها بعياله وينكب على الدراسة إلى جنب الخطابة وكنت استمع اليه يقرأ القصائد الطوال في رثاء الحسينعليه‌السلام واكثر ما يقرأ من المراثي للحاج هاشم الكعبي فكان يحتفظ بديوانه المخطوط الذي يحتوي على المراثي والغزل والمديح والتهاني، أما أساتذته في الدراسة فهم كما يلي:

١ - العلامة السيد مهدي البحراني في النحو والمنطق.

٢ - العلامة السيد محمد علي الصائغ في الفقه.

٣ - العلامة الشيخ محمد رضا كاشف الغطاء معالم الاصول.

٤ - العلامة الشيخ نعمة الله الدامغاني الأسفار والحكمة.

مضافاً إلى انضمامه في حوزة المجتهد الكبير الشيخ علي الشيخ باقر الجواهري. وله آثار مخطوطة منه: شرح الصحيفة السجادية، مخطوط جمع فيه النوادر والأدب والعلم والذي طبع له ( الروضة الدكسنية ) وهو ديوانه

٣٢٨

باللغة الدارجة وكله في مراثي أهل البيت من أرقّ الشعر وأعذبه نستشهد به في مجالسنا الحسينية فيهزّ العواطف ويثير الدمعة، وله ديوان باللغة للفصحى ومنه قوله في النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله :

عج بالنياق ليثرب يا حادي

نبك الاولى من أهل ذاك النادي

وأذرى الدموع وخلّني ولواعج

وحشاشتي وزفيرها الوقاد

ما لي أرى الدار التي قد أشرقت

بالبشر دهراً جلببت بسواد

فأجاب بالدمع الهطول لحادث

أهل الحمى وبنفثة الأكباد

فاليك عني لا تسل عما جرى

فالأمر صعب والخطوب عوادي

وأمضّ ما لاقى الحمى يومٌ به

طرقته طارقة النوى بالهادي

ما مرّ يوم مثل يوم محمد

أشجى الأنام اسى إلى الميعاد

يوم به جبريل أعلن قائلاً

الله أكبر أكبر والدموع بوادي

ويح الزمان ويا له من غادر

أبكى الأمين وفتّ بالأعضاد

وأمض شيء في الحشي صدع الحشا

صوت البتولة من حشي وقاد

ابتاه من لي بعد فقدك سلوة

فلأبكينك يقظتي ورقادي

كيف اصطباري أن أراك مفارقي

فالعين عبرى والأسى بفؤادي

لله صبر المرتضى مما رأى

فقد النبي وفرحة الحساد

لم أدري أي رزية أبكي لها

ألغصب حقي أم لفقد الهادي

الله أكبر يا لها من فجعة

قامت نوادبها بسبع شداد

وبقبره قد أُلحدت أكبادنا

وتراجعت ثكلى بلا أكباد

توفاه الله يوم الأحد في قرية الدعيجي من لواء البصرة سنة ١٣٦٨ ه‍. ونقل جثمانه إلى النجف وارخ وفاته الخطيب الشيخ علي البازي بقوله:

ومنبر السبط بكى تاريخه

لما توفي الخطيب الحسن

وسبب تلقيبه با ( الدكسن ) يقول هو رحمه الله عندما سئل عن ذلك قال: لما كنتُ قصير القامة جهوري الصوت شبهني الناس بالبندقية المعروفة ب‍ ( الدكسن ) لامتيازها بالقصر وقوة الصوت.

٣٢٩

السيد حسن قشاقش

المتوفى ١٣٦٨

قال يصف شهداء الطف:

وردوا على الهيجا ورود الهيم

ورأوا عظيم الخطب غير عظيم

وتنازعوا كأس المنية بينهم

في غير ما لغوٍ ولا تأثيم

يتسابقون إلى الهجوم وكأنهم

خلقوا ليوم تسابق وهجوم

وكأنهم والحرب تزفر نارها

من انسهم في جنة ونعيم

و كأنما بيض الظبا بيض الدمى

لاقتهم برحيقها المختوم

تروي حديث الموت عن عزماتهم

بيض الصفاح على القضا المحتوم

من كل أصيد قد نماه أصيد

وكريم قوم ينتمي لكريم

يستعجلون البذل قبل أوانه

ويسارعون لدعوة المظلوم

نثروا كما نظموا الجماجم والطلى

فتشابه المنثور بالمنظوم

وجدوا الحياة مع الهوان ذميمة

والموت في العلياء غير ذميم

وتقدموا للموت قبل إمامهم

ولقد يجوز تقدّم المأموم

السيد حسن بن محمود بن علي بن محمد الأمين بن أبي الحسن موسى بن حيدر بن إبراهيم بن أحمد الحسيني الشقرائي العاملي المعروف ب‍ ( قشاقش ) والشهير بالأمين وينتهي نسبه إلى الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد بن علي بن

٣٣٠

الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام عالم جليل وشاعر مطبوع. ولد عام ١٢٩٩ ه‍. في قرية عثرون التي انتقل اليها أبوه من شقراء، قرأ على أخيه السيد علي وفي مدرسته ست سنوات، قال السيد الأمين في الأعيان: هاجر إلى العراق عام ١٣١٦ ه‍. فقرأ فيها عليّ علمي الأصول والفقه إلى أن خرجت من النجف عام ١٣١٩ ه‍. وكان يسكن معي في دار واحدة نحواً من ثلاث سنوات كان فيها مكباً على التحصيل والدرس والتدريس، وقرأ على الشيخ أحمد كاشف الغطاء، وعلى الشيخ علي ابن الشيخ باقر آل الجواهر ثم سافرت إلى الشام وبقي هو في النجف نحواً من عشر سنين يحظر دروس الخارج ويقرأ عليه الطلاب، وعاد إلى جبل عامل عام ١٣٣٠ ه‍. وأراد السكنى في مسقط رأسه عثرون فذهب اليها فلم تستقر به الدار فخرج منها إلى شقراء وبقي فيها عدة سنين استفاد منه جماعة وانتهلوا من علومه منهم الشيخ محمد جواد الشري قبل ذهابه للعراق ثم انتقل إلى خربة سلم بطلب من أهلها فاكرموا وفادته وقاموا بما يجب حياً وميتاً. وكان عالماً فاضلاً فقيهاً بارعاً محققاً مدققاً حاد الفهم وأديباً شاعراً متميزاً في حسن نظمه ورصانة شعره، وترجم له صاحب الحصون المنيعة، وخلّف من الآثار العلمية رسالة في الرد على الوهابية، مجلد في الطهارة، منظومة في الرضاع أسماها ( فصيلة اليراع في مسائل الرضاع )، منظومة في الاجتهاد والتقليد، فمن شعره وهو يتشوق إلى الوطن عندما توجه العراق سنة ١٣١٦ ه‍.

لئن كنت مأسور الفؤاد بنأيكم

فطرفي في قاني المدامع مطلق

ومن عجب قلبي وجسمي تباعدا

فهذا شئاميٌ وذلك معرق

أنام إذا ما هزني الشوق حيلة

لعلّ خيالاً منكم اليوم يطرق

وكنا جميعاً فرّق الدهر بيننا

وما خلتُ يوماً أننا نتفرق

فيا دارنا بالشام هل لك رجعة

لصبٍ يصب الدمع طوراً ويغدق

سقاك الحيا اما تذكرت جيرة

بك استوطنوا أو شكت بالريق أشرق

٣٣١

وبين ضلوعي نار وجد تسعّرت

ولولا دموعي كدت بالوجد أحرق

لحقت بقومي في المكارم والعلى

وما كل من رام المكارم يلحق

وأصبحت لا أبغي سوى العز متجراً

وكل امرء لا يبتغي العزّ أحمق

أراب وقلبي قد تعلّق في ولا

أبي حسن الكرار والقلب يعلق

وصرت له جاراً ومن كان جاره

عليٌ أبو السبطين ذاك الموفق

ترجم له علي الخاقاني فذكر مراسلاته ومجموعة من أشعاره وقال: توفي بمدينة بيروت جمادى الآخرة عام ١٣٦٨ ه‍. ودفن في ( خربة سلّم ) بموكب مهيب مشى فيه أكثر من مائة سيارة اشترك فيه جميع الأعيان والوجوه ورثاه جمع من الشعراء في اليوم السابع وهو يوم اسبوعه، وعدّدوا مزاياه ومميزاته وعدد الشعراء والخطباء ٢٦.

وترجم له السيد الأمين في الأعيان وذكر طائفة من أشعاره فمنها قوله:

لي جسم أضناه ذكر المغاني

وفؤاد أصماه حب الغواني

وضلوع من الغرام تثقّفن

فها هنّ كالقسي حواني

٣٣٢

الشيخ محسن ابو الحب

المتوفى ١٣٦٩

سبط النبي أبو الأئمة

من للخلائق جاء رحمه

هذا الحسين ومن بساق

العرش خطّ الله إسمه

وبقلب كل موحد

قد صوّر الرحمن رسمه

هذا سليل محمد

لبني الولا كهفٌ وعصمه

هذا ابن بنت المصطفى

مولى له شأن وحرمه

من أهل بيت زانهم

كرم ومعروف وحشمه

في شهر شعبان علينا

الخيرَ خالقنا أتمّه

ولد الحسين ونوره

مذ شعّ أذهب كل ظلمه

جبريل هنّأ جدّه

وأباه والزهراء أمه

كان النبي إذا رآه

اليه أدناه وضمّه

غذّاه من إبهامه

لبناً وقبّله وشمّه

فيه تبرّك فطرس

وبه محى الرحمن جرمه

وكذاك دردائيل اعتقه

وأذهب عنه إثمه

وله أجلّ مناقب

وفضائل في الدهر جمّه

كم قد أفاض على الورى

من جوده فضلاً ونعمه

وإذا أتاه لاجيء

يوماً كفاه ما أهمّه

٣٣٣

وله ضريح طالما

تتعاهد الزوار لثمه

قد شعّ نوره جبينه

فجلى الليالي المدلهمه

رام العدى إطفاءه

والله شاء بأن يُتمّه

بشراكم بولادة السبط

الحسين أبي الأئمه

لهفي عليه لقد غدى

جثمانه للبيض طعمه

ما راقبوا لمحمد

في آله إلا وذمه

الخطيب الشهير الشيخ محسن ابن الشيخ محمد حسن ابن الشاعر الشهير الشيخ محسن أبو الحب صاحب القصائد الحسينية المعروفة والذي سبق وأن ترجمنا له. واسرة آل أبي الحب من الاسر العربية التي تنتسب إلى خثعم وكان مبدأ هجرتها من الحويزة إلى كربلاء بقصد طلب العلم الديني. ولد المترجم له في سنة ١٣٠٥ ه‍. وهي السنة التي مات فيها جده ونشأ بتوجيه والده ودرس المقدمات وتخصص بالخطابة حتى نال شهرة واسعة واحتضنته كربلاء واعتبرته خطيبها الأول وشارك في الحفل الحسيني الكبير الذي عقدته الشبيبة الكربلائية يوم ١٣ من محرم الحرام سنة ١٣٦٧ ه‍. أي ١٩٤٧ م. لذكرى استشهاد الإمام الحسينعليه‌السلام في الروضة الحسينية المقدسة وقد ألقى قصيدته ويوم أنشد شاعر العرب محمد مهدي الجواهري رائعته الخالدة، وللمترجم له مواقف أدبية وسياسية وطبع له ديوان بعد وفاته والديوان يضم طائفة كبيرة من النتف والقصائد في أغراض شتى قد قالها بمناسبات مختلفة. وكان نشر الديوان بسعي وتحقيق الأديب الاستاذ السيد سليمان هادي الطعمة وبالمناسبة أقول ان هذا السيد الطاهر خدم بلاده بكل ما يقدر وسخّر قلمه ومواهبه لخدمتها كثّر الله من أمثاله الغيارى وكان طبع الديوان بمطبعة الآداب بالنجف الأشرف سنة ١٣٨٥ ه‍. ١٩٦٦ م.

وتوفي المترجم له في كربلاء فجأة صباح اليوم الخامس من ربيع الأول سنة ١٣٦٩ ه‍. ودفن في مقبرة خاصة له في روضة أبي الفضل العباسعليه‌السلام واقيم له حفل تأبيني رائع في الصحن الشريف يوم اربعينيه ساهم فيه ثُلّة من الادباء، ورجال الفكر.

٣٣٤

المستدركات

٣٣٥

٣٣٦

عبد المحسن الصوري

المتوفى ٤١٩

حيّ ولا تسأم التحيات

وناج ما اسطعت من مناجاتِ

حيّ دياراً أصخت معالمها

بالطف معلومة العلامات

وقل لها يا ديار آل رسول

الله يا معدن الرسالات

وقل عليك السلام ما انبرتِ

الشمس أو البدر للبريات

نِعم مناخ الهدى ومنتجع

الوحي ومستوطن الهدايات

نِعم مصلى الأرض المضمّن مَن

صلى عليهم رب السماوات

إن يتل تالِ الكتاب فضلهم

يتل صنوفاً من التلاوات

خصوا بتلك الآيات تكرمة

أكرم بتلك الآيات آيات

هم خير ماش مشى على قدم

وخير من يمتطي المطيات

قد علّموا العالمين أن عبدوا

الله وألغوا عبادة اللات

عجتُ بأبياتهم اسائلها

فعجتُ منهم بخير أبيات

على قبور زكيةٍ ضمنت

لحودُها أعظما زكيات

أزكى نسيماً لمن تنسمّها

من زاهرات الربى الذكيات

وآصلها الغيث بالغدوّ ولا

صارمها الغيث بالعشيات

الشافعون المشفعون إذا

ما لم يُشفع ذوو الشفاعات

٣٣٧

من حين ماتوا أُحبوا وليس كمن

أحباؤهم في عداد أموات

جلّت رزاياهم فلست أرى

بعد رزياتهم رزيات

نوحاً على سيدي الحسين نعم

نوحا على سيدي ابن سادات

نوحا تنوحا منه على شرف

مجدّل بين مشرفيات

ذيدَ حسين على الفرات فيا

بليّة أحدثت بليات

ما لك ما غرت يا فرات ولم

تسق الخبيثين والخبيثات

كم فاطميين منك قد فطموا

من غير جرم وفاطميات

ويل يزيد غداة يقرع با

لقضيب من سيدي الثنيات

الجن والانس والملائكة

الكرام تبكى بلا محاشاة

على خضيب الأطراف من دمه

يا هول أطرافه الخضيبات

في لمّة من بني أبيه حوت

طيب الأبوات والبنوات

من يسلُ وقتاً فان ذكرهم

مجدد لي في كل أوقاتي

بهم أُجازي يوم الحساب إذا

ما حوسب الخلق للمجازات

تجارتي حبهم وحبّهم

ما زال من أربح التجارات(١)

عبد المحسن بن محمد بن أحمد بن غالب بن غلبون أبو محمد الصوري شاعر بديع الألفاظ حسن المعاني رائق الكلام مليح النظام مشهور بالاجادة بين شعراء أهل الشام، من حسنات القرن الرابع الهجري جمع شعره بين جزالة اللفظ وفخامة المعنى، وله ديوان شعر يحتوي على خمسة آلاف بيت تقريباً وهو خير شاهد على ما نقول رأيته بمكتبة دار الآثار - بغداد قسم المخطوطات(٢) برقم ١٤٦٢٢ وهو من أقوى النصوص على تشيعه وعدّه ابن شهر آشوب من شعراء أهل البيت المجاهدين، ذكره في اليتيمة وذكر من محاسنه قوله:

__________________

١ - الطليعة من شعراء الشيعة للشيخ محمد السماوي.

٢ - وتوجد نسخة من الديوان بخط الشيخ جواد الشبيبي استنسخها عن نسخة كتبت في القرن السادس كانت بمكتبة السيد عيسى العطار ببغداد.

٣٣٨

عندي حدائق شكر غرس جودكم

قد مسّها عطش فليسق من غرسا

تداركوها وفي أغصانها رمق

فلن يعود اخضرار العود إن يبسا

ومن شعره قوله:

يا غزالاً صاد قلبي

بلحاظ فاصابا

بالذي ألهمَ تعذيبي

ثناياك العِذابا

والذي صيّر حظي

منك هجراً واجتنابا

والذي ألبس خديك

من الورد نقابا

ما الذي قالته عيناك

لقلبي فأجابا

ومن تلويحاته اللطيفة قوله في صبي اسمه عمر.

نادمني مَن وجهه روضة

مشرقة يمرح فيه النظر

فانظر معي تنظر إلى معجز

سيف علي بين جفني عمر

وعقد ابن خلكان له ترجمة ضافية أطراه ووصف شعره كما ترجم له ابن كثير في تاريخه، ومن شعره:

سفرن بدوراً وانتقبن أهلّةً

ومسن غصوناً والتفتن جآذرا

وأبدين أطراف الشعور تستراً

فاغدرت الدنيا علينا غدائرا

وربّتما أطلعن والليل مقبلٌ

شموس وجوه توقف الليل حائرا

فهنّ إذا ما شئن أمسين أو إذا

تعرضن أن يسبحن كنّ قوادرا

وقال يرثي الشيخ المفيد محمد بن محمد بن نعمان المتوفى ٤١٣:

تبارك مَن عمّ الأنام بفضله

وبالموت بين الخلق ساوى بعدله

مضى مستقلاً بالعلوم محمد

وهيهات يأتينا الزمان بمثله

وقال في صبي اسمه مقاتل وله فيه شعر كثير:

احفظ فؤادي فأنت تملكه

واستر ضميري فأنت تهتكه

هجرك سهل عليك أصعبه

وهو شديد عليّ مسلكه

٣٣٩

بسيف عينيك يا مقاتل كم

قتلت قبلي ممن كنت تملكه

أمّا عزائي فلستُ آمله

فيك وصبري ما لست أدركه

وقال تمدح بها علي بن الحسين المغربي والد أبي القاسم الوزير:

أترى بثار أم بدينِ

علقت محاسنها بعيني

في لحظها وقوامها

ما في المهند والرديني

وبوجهها ماء الشبا

ب خليط نار الوجنتين

بكرت عليّ وقالت اختر

خصلة من خصلتين

إما الصدود أو الفراق

فليس عندي غير ذين

فأجبتها ومدامعي

تنهلّ مثل المازمين

لا تفعلي إن حان صدك

أو فراقك حان حيني

فكأنما قلت انهضي

فمضت مسارعة لبيني

ثم استقلّت أين حلّت

عيسها ورمت بأين

ونوائب أظهرن أيامي

إلي بصورتين

سوّدنها وأطلنها

فرأيت يوماً ليلتين

ومنها:

هل بعد ذلك مَن يعرّفني

النضار من اللجين

فلقد جهلتهما لبعد

العهد بينهما وبيني

متكسّباً بالشعر يا

بئس الصناعة في اليدين

كانت كذلك قبل أن

يأتي علي بن الحسين

فاليوم حال الشعر

حالية كحال الشعرتين

ومن شعره الذي رأيته في ديوانه المخطوط قوله:

وأخ مسّه نزولي بقرح

مثلما مسني من الجوع قرح

بتّ ضيفاً له كما حكم الدهر

وفي حكمه على الحرّ قبح

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363