أدب الطف الجزء ٩

أدب الطف10%

أدب الطف مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 363

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 363 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 128602 / تحميل: 7916
الحجم الحجم الحجم
أدب الطف

أدب الطف الجزء ٩

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

وأقول للساقي فديتك هاتها

فاذا سكرت من المدام إليّ غن

أيام نلتُ بها المسرة مثل ما

نلتُ المسرّة في ولاء ابي حسن

قل للذي نظم القريض لغيره

متمثلاً في الصيف ضيّعتَ اللبن

أجهلتَ حق محمد في حيدر

قل لي بحقك ( هل أتى ) نزلت لمن

واسرة آل باش تنحدر من صلب عمود الخلفاء العباسيين الذين تربعوا دست الحكم في بغداد، إذ ان الأمير هاشم بن أبي محمد الحسن المستضيئ بالله العباسي هو رأس هذه الاسرة ومنه اخذت ترتفع بحلقات متينة متصلة بدقة واحكام إلى يومنا هذا. وترجم له الخاقاني فقال:

عبدالله ابن الشيخ عبد الواحد ( باش أعيان ) العباسي الملقب بضياء الدين. ولد في البصرة ١٢٦٣ ه‍. ونشأ بها محباً للخير والعلم والأدب، كان مهيب الطلعة جليل القدر سمح النفس يتفقد الفقير. درس العلوم الدينية على جده لأمه الشيخ أحمد نور الأبصاري وعلى فريق من أعلام البصرة، ولازم الحجة السيد ناصر ابن السيد عبد الصمد والعلامة السيد محمد شبّر الكاظمي، وكانت مجالسه لا تخلو من الحوار العلمي والأدبي. اجتمع بالرحالة السيد محمد رشيد بن داود السعدي فكتب عنه في رحلته ( قرة العين في تاريخ الجزيرة والعراق والنهرين ). تقلّد عدة مناصب في الدولة العثمانية، فقد عُيّن في سنة ١٢٩٧ عضواً في المحاكم العدلية إلى سنة ١٣٢٠ ه‍. ووُلي خلالها عدة وظائف منها وكيلاً لرئاسة محكمة الجزاء والشرعية والحقوق ومدعي العموم في البصرة. وعضواً في مجلس المعارف والأوقاف، وعضواً في ادارة الألوية، وتلقى عدة فرامين من السلطان عبد الحميد خان توفي بمسقط رأسه - البصرة - سنة ١٣٤٠ ه‍. ودفن بمقبرة الاسرة الخاصة في جامع الكواز. له آثار منها رسالة في تراجم أعيان البصرة - توجد في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد، وكتاب ( الفتوحات

٤١

الكوازية في السياحة إلى الأراضي الحجازية ) مطبوع، ورسائل اخرى لم تكمل. وله تعليقات كثيرة على مئات الكتب المخطوطة بمكتبة الاسرة الخاصة. خلف أنجالاً ثلاثة: ١ - الشيخ عبد الواحد، ٢ - معالي الشيخ صالح المتوفى ١٣٦٥ ه‍. والد الشيخ عبد السلام، ٣ - معالي الشيخ محمد أمين المتوفى ١٣٤٠ ه‍.

وفي ديوان السيد حيدر قصيدة يهنئ بها الشيخ عبد الله بزواج ولده الشيخ عبد الواحد وأولها:

عجل الصب وقد هبّ طروبا

فتعدّى لتهانيك النسيبا(١)

__________________

١ - عن ديوان السيد حيدر تحقيق الباحث على الخاقاني.

٤٢

الملا على الخيري

المتوفى ١٣٤٠

قال من قصيدة في الامام الحسينعليه‌السلام :

وراءك عني حسبي اليوم ما بيا

وكُفّي ملامي لا عليّ ولا ليا

أمن بعد يوم ابن النبي بكربلا

يجيب فؤادي للصباية داعيا

غداة ابن هند شبّها نار فتنة

بها عاد جمر الوجد للحشر ذاكيا

وقاد لحرب ابن النبي جحافلا

وأوقدها حرباً تشيب النواصيا

فهبّ لها حامي حمى الدين مفردا

بأهلي وبي أفدي الفريد المحاميا

وما زال للأرواح يخطف سيفه

إلى أن هوى شلواً على الأرض ثاويا

تظلله سمر الرماح وتارة

تهيل عليه العاصفات السوافيا

تريب المحيا في الصعيد معفراً

ثلاثاً على وجه البسيطة عاريا

ومن حوله أشلاء أبناء مجده

دوام بنفسي أفتديها دواميا

وسارت بأطراف الأسنة والقنا

رؤوسهم يجلو سناها الدياجيا

علي بن الملا حمزة الملقب بالخيري، بغدادي الأصل حليّ النشأة والتربية، يقول الشيخ اليعقوبي أن مولده سنة ١٢٧٠ ه‍. توفي أبوه وهو لم يبلغ الحلم فهبط الحلة وأقام فيها مرتزقاً من كتابة الصكوك والوثائق الشرعية وما شاكل ذلك، قال وفيه ذكاء غريزي وميل فطري لتحصيل الأدب ومعاشرة الادباء

٤٣

فاتصل بآل السيد سليمان وطفق يختلف إلى ندوة شاعر الفيحاء السيد حيدر وتأثر بأدبه فكان من ملازمي داره ورواة أشعاره حتى نسخ الكثير من نظمه ثم صحب ولده السيد حسين وابن أخيه السيد عبد المطلب، ولهما معه مسامرات ومراسلات. وسكن في أواسط عمره قرية ( ذي الكفل )(١) واتصل بزعيمها يومذاك وهو الحاج ذرب بن عباس وهو السادن الرسمي لمرقد ذي الكفل فجعله كاتبه الخاص ونائبه على ادارة الأملاك والوقوف التي تحت تصرفه وتوليته.

وكان رحمه الله بطل الرواية في قصة ( منارة الكفل ) التي هي مضرب المثل، فيقال لكل شيء يغتصب علانية ( ما أشبهه بمنارة الكفل ) وخلاصة القصة كما نقلها اليعقوبي في ( البابليات ) عن المترجم له هي: تقدم الحاج ذرب بعريضة إلى السلطان عبد الحميد في سنة ١٣٠٥ ه‍. بأن جامع ذي الكفل يعود للمسلمين بدليل وجود منبر ومحراب اسلامي ومنارة للأذان، وأن اليهود تملكوه وبنوا فيه مخازن وبيوتاً وغرفاً يأوى اليها الزائرون منهم في عيد رأس السنة وعيد الكفارة وغيرهما من المواسم، فأنكر اليهود كل ذلك فندبت الحكومة ببغداد رجلاً من موظفيها للكشف عن ذلك فجاء إلى قرية ذل الكفل وجلس في ظل المنارة وكتب تقريراً خلاصته ( أن لا منارة هناك ) فكتب الحاج ذرب إلى الاستانة كراسة صغيرة بحث فيها عن المسجد وحدوده القديمة ومساحته وما فيه الآن من بنايات حديثة لليهود وتاريخ المنارة وموضع المحراب والمنبر وما إلى ذلك ( بخط المترجم له وإملائه ) ورفع ذلك إلى الباب العالي في عهد السلطان عبد الحميد فأوفدت من الاستانة لجنة لحل النزاع واستيضاح الحقيقة ولكنها

__________________

١ - بلدة قائمة على ضفة الفرات اليسرى تقع في منتصف الطريق بين الحلة والكوفة، فيها مدفن نبي الله حزقيال المسمى ب‍ ( ذي الكفل ) وتعرف القرية في المعاجم القديمة ( بئر ملاحة ) ونقل الدكتور مصطفى جواد في مجلة الاعتدال السنة الرابعة عن مزارات السائح الهروي: قبر ذي الكفل وهوحزقيل النبي في موضع يقال له ( برّ ملاحة ) شرقي قرية يقال لها ( قسونات ) وبهذه القرية قبر باروخ استاذ حزقيل ومعلمه، وبها قبر يوسف الربان، واليهود يزورونه، وبها قبر يوشع وليس هذا ابن نون، وبها قبر عزرا وليس هذا عزرا ناقل التوراة الكاتب.

٤٤

عند وصولها بغداد توصل اليها اليهود بالمال وذلك بتوسط صالح دانيال فأيدت التقرير الأول ونفت وجودالمنارة في الكفل من دون أن تصل اليها وبعثت في تأييد قرارها من أخذ صورة فوتوغرافية للقرية في احدى جهاتها التي لا يظهر فيها شكل المنارة التي لا تزال باقية إلى الآن.

وقد دوّن المترجم له في مجموعة له كتبها بنفسه لنفسه طائفة من أشعار جماعة من أدباء الحلة كان قد عاصرهم كالكوازين والسيد حيدر وابن عوض وبعض منظوماته في صباه وقليلاً من شعر المتقدمين ويصدر كل قصيدة يثبتها لمعاصريه بقوله:

وقال سلمه الله تعالى، مما يؤكد لنا أنها كتبت في أواخر القرن الثالث عشر ولم يزل مقيماً بالكفل إلى أن توفي يوم الثلاثاء ٢٨ رجب من سنة ١٣٤٠ ه‍ وحمل إلى النجف الأشرف ودفن فيها وعمره قد أناف على السبعين، ذكر له الشيخ اليعقوبي في البابليات بعض منظوماته ومراسلاته وقصيدتين في الإمام الحسينعليه‌السلام ذكرنا في صدرالترجمة واحدة أما الثانية فمنها:

قذيت لآل محمد عين الهدى

والشرك قد أمسى قرير عيون

فمخضب بالسيف عند سجوده

في كف أشقى العالمين لعين

ومكابد سمّ العدو بمهجة

تفدى النفوس لسرّها المكنون

٤٥

الملا حبيب الكاشانى

المتوفى ١٣٤٠

قال في مطلع ملحمته التي يرثي بها سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين (ع):

أبسبق القضاء جفّ مدادي

أم بجمر الغضا أُذيب فؤادي

لا ولا للهوى يرفّ فؤادي

أو لليلى وزينب وسعاد

ما تعديت عن طريق السداد

ان قلبي على الحسين قريح

مدمعي بالبكا عليه جريح

وولائي له صحيح صريح

وضجيجي مع الأنين فصيح

رزؤه قد أذاب مني فؤادي

الملا حبيب الله الكاشاني، الفقيه الكبير حبيب الله بن علي مدد الشهير بالكاشاني المتوفى صبيحة يوم الثلاثاء ٢٣ جمادى الآخرة سنة ١٣٤٠ ه‍. دفن بكاشان وعمره ٨٧ سنة. قال السيد الأمين في الأعيان: له عدة مؤلفات.

توضيح البيان في تسهيل الأوزان، تفسير سورة الاخلاص، تفسير سورة الفاتحة، تفسير سورة الفتح مطبوع، تسهيل المسالك إلى المدارك في القواعد الفقهية وقد الحق هذه المنظومة المتقدمة بالكتاب المذكور.

٤٦

وترجم له البحاثة الطهراني في ( نقباء البشر في القرن الرابع عشر ) فقال: عالم فقيه ورئيس جليل ومؤلف مروج مكثر، اشتغل بالتصنيف والتأليف في أنواع العلوم وفنونها وكان مكثراً فقد بلغت عدة تصانيفه مائة وثلاثين كتاباً ورسالة وذلك إلى سنة ١٣١٩ ه‍. وقد عاش بعد هذا التاريخ ٢١ سنة والله العالم بما ألّفه خلال تلك المدة فمن مؤلفاته، لباب الألقاب، رجوم الشياطين في ردّ البابية و ( منتقد المنافع في شرح المختصر النافع اثنا عشر مجلداً فرغ منها في سنة ١٢٩٤ ه‍. ( توضيح البيان في تسهيل الأوزان، رياض الحكايات في الأمثال والقصص، عقايد الايمان في شرح العديلة، ومن منظوماته الفارسية ( نصيحة نامه، وشكاية نامه ) ومن منظوماته العربية منية الاصول في الدراية، ومنظومة في علم المناظرة واخرى في علم الصرف واخرى في النحو اسمها ( درة الجمان ) إلى غير ذلك من المنظوم والمنثور الفارسي والعربي.

٤٧

السيد أبو بكر بن شهاب

المتوفى ١٣٤١

براءة برٍّ في براء محرم

عن الله والسلوان من كل مسلم

فأيّ جنان بين جنبي موحد

بنار الأسى والحزن لم يتضرّم

وأي فؤاد دينه حب أحمد

وقرباه لم يغضب ولم يتألم

على دينه فليبكِ من لم يكن بكى

لرزء الحسين السيد الفارس الكمي

توجه ذو الوجه الأغر مؤدياً

لواجبه لم يلوه لحيُ لوّم

فوازره سبعون من أهل بيته

وشيعته من كل طلق مقسّم

فهاجت جماهير الضلال وأقبلت

بجيش لحرب ابن البتول عرمرم

وحين استوى في كربلاء مخيماً

بتربتها أكرم به من مخيّم

وساموه إعطاء الدنية عندما

رأوا منه سمت الخادر المتوسم

وهيهات أن يرضى ابن حيدرة الرضا

بخطة خسف أو بحال مذمّم

أبت نفسه الشماء إلا كريهة

يموت بها موت العزيز المكرّم

هو الموت مرّ المجتنى غير أنه

ألذّ وأحلى من حياة التهضم

وقارع حتى لم يدع سيف باسل

بمعترك الهيجاء غير مثلّم

وصبّحهم بالشوس من صيد قومه

نسور الفيافي من فرادي وتوأم

أتاح له نيل الشهادة راقياً

معارج مجدٍ صعبة المتسنم

هي الفتنة الصماء لم يلف بعدها

منار من الايمان غير مهدم

فيا أسرة العصيان والزيغ من بني

أمية من يستخصم الله يخصم

٤٨

هدمتم ذى أركان بيت نبيكم

لتشييد بيت بالمظالم مُظلم

ولم تمحَ حتى الآن آثار زوركم

وتصديقه ممن عن الحق قد عمي

ولا بدع أن حاربتم الله إنها

لشنشنه من بعض أخلاق أَخزم

ونازعتم الجبّار في جبروته

ولكنه من يرغم الله يرغم

نبيّ الورى بعد انتقالك كم جرى

ببيتك بيت المجد والمنصب السمي

دهتهم ولما تمضِ خمسون حجة

خطوب متى يلممن بالطفل يهرم

فكم كابد الكرار بعدك من قلىً

وخلف إلى فتك الشقي ابن ملجم

وصبّت على ريحانتيك مصائب

شهيد المواضي والشهيد المسمم

ضغائن ممن أعلن الدين مكرهاً

ولولا العوالي لم يوحد ويسلم

أضاعوا مواثيق الوصية فيهم

ولم يرقبوا إلا ولا شكر منعم

فسق غير مأمور إلى النار حزبهم

إذا قيل يوم الفصل ما شئت فاحكم

حبيبي رسول الله إنا عصابة

بمنصبك السامي نعز ونحتمي

لنا منك أعلى نسبة باتباعنا

لهديك في أقوى طريق وأقوم

ونسبة ميلاد فم الطعن دونها

على الرغم مغتصٌ بصاب وعلقم

نعظم من عظمت ملئى صدورنا

ونرفض رفض النعل من لم تعظم

لدى الحق خشن لا نداجي طوائفاً

لديهم دليل الوحي غير مسلم

سراعاً إلى التأويل وفق مرادهم

لرفع ظهور الحق بالمتوهم

هل الدين بالقرآن والسنة التي

بها جئت أم أحكامه بالتحكم

ولكن عن التمويه ينكشف الغطا

لدى الملك الديّان يوم التندم

السيد أبو بكر بن شهاب العلوي الحسيني الحضرمي ينتهي نسبه إلى الإمام أبي عبدالله الحسينعليه‌السلام .

ولد سنة ١٢٦٢ ه‍. بقرية حصن آل فلوقة أحد مصائف تريم من بلاد

٤٩

حضر موت وتوفي ليلة الجمعة ١٠ جمادى الأول سنة ١٣٤١ ه‍ ( بحيدر اباد دكن ) من بلاد الهند. كان عالماً جليلاً حاوياً لفنون العلوم مؤلفاً في كثير منها، قوي الحجة ساطع البرهان، أديباً شاعراً مخلصاً في ولائه لأهل البيتعليهم‌السلام ، ونظم منظومته المسماة ( ذريعة الناهض إلى علم الفرائص ) وعمره نحو ١٨ سنة وله مصنفات في العلوم تناهز الثلاثين. هو شاعر اليمن الأول في زمانه وترك بعده ديواناً ضخماً يضم مختلف أنواع الشعر، فمن مدائحه للرسول الأعظم قصيدته التي مطلعها.

لذي سلم والبان لولاك لم أهوى

ولا ازددت من سلع وجيرانه شجوى

وفيها يقول:

ألا يا رسول الله يا من بنوره

وطلعته يستدفع السوء والبلوى

ويا خير من شدّت اليه الرحال من

عميق فجاج الأرض تلتمس الجدوى

اليك اعتذاري عن تأخر رحلتي

إلى سوحك المملوء عمّن جنى عفوا

على أن خمر الشوق خامرني فلم

يدع فيّ عرقاً لا يحنّ ولا عضوا

وأني لتعروني لذكراك هزة

كما أخذت سلمان من ذكرك العروا

وما غير سوء الحظّ عنك يعوقني

ولكنني أحسنت في جودك الرجوا

وها أنا قد وافيت للروضة التي

بها نيّر الايمان ما انفك مجلّوا

وقفت بذلي زائراً ومسلماً

عليك سلام الخاضع الرافع الشكوى

صلاة وتسليم على روحك التي

اليها جميع الفخر أصبح معزوا

عليك سلام الله يا من بجاهه

ينال من الآمال ما كان مرجوا

عليك سلام الله يا من توجهت

إلى سوحه الركبان تطوي الفلا عدوا

سلام على القبر الذي قد حللته

فأضحى بأنوار الجلالة مكسوا

اليك ابن عبد الله وافيت مثقلاً

بأوزار عمرٍ مرّ معظمه لهوا

* * *

٥٠

وكقصيدته المهملة التي أولها:

ساد رسلَ الله طه أحمد

مصدر الكل له والمورد

كما يضم هذا التيار في أطوائه مراثيه ومدائحه لآل البيت الكرام، فمن جياد مراثيه لأمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام قصيدته التي أولها:

قفا وانثرا دمعا على الترب أحمراً

وشقّا لعظم الخطب أقبية الكرى

ومن جيد مديحه لأمير المؤمنين (ع) قصيدته التي أولها:

خذوا الحذر أن تطوّفوا بخيامها

وأن تجهروا يوماً برد سلامها

ومن جيد مراثيه للامام الحسينعليه‌السلام قصيدته التي أولها:

براءة برّ في براء محرم

عن اللهو والسلوان من كل مسلم

وكذلك مدائحه لآل البيت الطاهر المنبّه في ديوانه في الصفحات: ٤١ و ٤٦ و ٤٩ و ٥١ و ٥٢ وسواها. ومما يصنف في هذا التيار قصائده الطائفية ومحاججاته المذهبية. وهذه القصائد وأغلبها برهان عقلي يطفح بها الديوان.

في بعض قصائده الدينية يكشف عن عميق إيمانه بوحدة المسلمين على اختلاف طوائفهم:

ها كل طائفة من الإسلام مذعنة

بوحدة فاطر الأكوان

وبأن سيدنا الحبيب محمداً

عبد الاله رسوله العدناني

وامام كل منهم في دينه

أخذاً ورداً محكم القرآن

فإلهنا ونبينا وكتابنا

لم يتّصف بالخلف فيها اثنان

والكعبة البيت الحرام يؤمها

قاصي الحجيج لنسكه والداني

وصلاة كل شطرها وزكاته

حتم وصوم الفرض من رمضان

أفبعد هذا الاتفاق يصيبنا

نزغ ليفتننا من الشيطان

٥١

واستمع اليه في هجاء السلفية والذين سُمّوا بالوهابية يقول:

أرشد الله شيعة ابن سعود

لاعتقاد الصواب كي لا تعيثا

فرقة بالغرور والطيش ساروا

في فجاج الضلال سيراً حثيثا

جسّموا شبّهوا وبالأين قالوا

لوّثوا أصل دينهم تلويثا

من يعظم شعائر الله قالوا

إنه كان مشركاً وخبيثا

ولهم بعد ذاك خبط وتهو

يس تولى مجدهم والمريثا

أو يقل ضرني فلان ونجّا

ني فلان يرونه تثليثا

وإذا ما استغاث شخص بمحب‍

وبٍ إلى الله كفروا المستغيثا

لابن تيمية استجابوا قديماً

وابن عبد الوهاب جاء حديثا

اعرضوا عن سوا الحقيقة يبغ‍

‍ون بما يدعون مهداً أثيثا

وتعاموا عن التجوز في الأسن‍

‍اد عمداً فيبحثون البحوثا

أوليس المجاز في محكم الذكر

أتانا مكرراً مبثوثا

وتسموا أهل الحديث وها هم

لا يكادون يفقهون حديثا

ويقول في ( البخاري ):

قضيه أشبه بالمرزئه

هذا البخاريّ أمامُ الفئه

بالصادق الصدّيق ما احتج في

صحيحه واحتجّ بالمرجئه

ومثل عمران ابن حطان أو

مروان وابن المرأة المخطئه

مشكلة ذات عوار إلى

حيرة أرباب النُهي ملجئه

وحق بيت يممته الورى

مغذّه في السير أو مبطئه

إن الإمام الصادق المجتبى

بفضله الآيُ أتت منبئه

أجلّ مَن في عصره رتبةً

لم يقترف في عمره سيئه

قلامة من ظفر إبهامه

تعدل من مثل البخاري مئه

٥٢

وله من قصيدة أسماها ( النبأ اليقين في مدح أمير المؤمنين الإمام عليعليه‌السلام ):

علي أخي المختار ناصر دينه

وملّته يعسوبها وإمامها

وأعلم أهل الدين بعد ابن عمه

بأحكامه من حلّها وحرامها

وأوسعهم حلماً وأعظمهم تقى

وأزهدهم في جاهها وحطامها

وأولهم وهو الصبي اجابة

إلى دعوة الإسلام حال قيامها

فكل امرئ من سابقي امة الهدى

وان جلّ قدرا مقتد بغلامها

أبي الحسن الكرار في كل مأقطٍ

مبدد شوس الشرك نقّاف هامها

فتى سمته سمت النبي وما انتقى

مواخاته إلا لعظم مقامها

فدت نفسه نفس الرسول بليلة

سرى المصطفى مستخفياً في ظلامها

له فتكات يوم بدر بها انثنت

صناديد حرب أدبرت في انهزامها

سقى عتبة كاس الحتوف وجرّع

الوليد ابنه بالسيف مرّ زؤامها

وفي أحد أبلى تجاه ابن عمه

وفلّ صفوف الكفر بعد التئامها

بعزم سماويٍ ونفسٍ تعودت

مساورة الأبطال قبل احتلامها

أذاق الردى فيها ابن عثمان طلحة

أمير لواء الشرك غرب حسامها

وعمرو بن ود يوم أقحم طرفه

مدى هوّة لم يخش عقبى ارتطامها

دنا ثم نادى القوم هل من مبارزٍ

ومن لسبنتي عامر وهمامها

تحدّى كماة المسلمين فلم تجب

كأن الكماة استغرقت في منامها

فناجزه من لا يروع جنانه

إذا اشتبّت الهيجاء لفح ضرامها

وعاجله من ذي الفقار بضربةٍ

بها آذنت أنفاسه بانصرامها

وكم غيرها من غمة كان عضبه

مبدّد غماها وجالي قتامها

به في حنين أيّد الله حزبه

وقد روّعت أركانه بانهدامها

سل العرب طراً عن مواقف بأسه

تجبك عراقاها ونازح شامها

٥٣

وناشد قريشاً من أطلّ دماءَها

وهدّ ذرى ساداتها وكرامها

أجنّت له الحقد الدفين وأظهرت

له الودّ في اسلامها وسلامها

ولما قضى المختار نحباً تنفست

نفوس كثيرٍ رغبة في انتقامها

أقامت ملياً ثم قامت ببغيها

طوائف تلقى بعد شرّ أثامها

قد اجتهدت قالوا وهذا اجتهادها

لجمع قوى الإسلام أم لانقسامها

أليس لها في قتل عمّار عبرة

ومزدجر عن غيها واجترامها

أليس نجمٍ عزمه الله أمضيت

إلى الناس إنذاراً بمنع اختصامها

بها قام خير المرسلين مبلغاً

عن الله أمراً جازماً بالتزامها

هو العروة الوثقى التي كلُ مَن بها

تمسك لا يعروه خوف انفصامها

أما حبه حب النبي محمد

بلى وهما والله أزكى أنامها

شمائل مطبوع عليها كأنها

سجايا أخيه المصطفى بتمامها

حنانيك مولى المؤمنين وسيد الـ

ـمنيبين والساقي بدار سلامها

فلي قلب متبول ونفس تدلّهت

بحبك يا مولاي قبل فطامها

وداد تمشي في جميع جوارحي

وخامرها حتى سرى في عظامها

هو الحب صدقاً لا الغلوّ الذي به

يفوه - معاذ الله - بعض طغامها

ولا كاذب الحب ادعته طوائف

تشوب قلاها بانتحال وئامها

تخال الهدى والحق فيما تأوّلت

غروراً وترميني سفاهاً بذامها

وتنبزني بالرفض والزيغ إن صبا

إليك فؤادي في غضون كلامها

تلوم ويأبى الله والدين والحجى

وحرمة آبائي استماع ملامها

فاني على علمٍ وصدق بصيرةٍ

من الأمر لم أنقل بغير زمامها

ألا ليت شعري والتمني محببٌ

إلى النفس تبريداً لحرّ أوامها

متى تنقضي أيام سجني وغربتي

وتنحل روحي من عقال اغتمامها

وهل لي إلى ساح الغريين زورة

لأستاف رياً رندها وبشامها

٥٤

إذا جئتها حرمت ظهر مطيتي

وحرّرتها من رحلها وخطامها

واني على نأي الديار وبينها

وصدع الليالي شعبنا واحتكامها

منوط بها ملحوظ عين ولائها

قريب اليها مرتوٍ من مدامها

اليك أبا الريحانتين مديحة

بعلياك تعلو لا بحسن انسجامها

مقصرة عن عشر معشار واجب الث‍

‍ناء وإن أدّت مزيد اهتمامها

ونفثة مصدور تخفق بعض ما

تراكم في أحنائه من حمامها

وأزكى صلاة بالجلال تنزلت

من المنظر الأعلى وأزكى سلامها

على المصطفى والمرتضى ما ترنمت

على عذبات البان ورق حمامها

وقال من قصيدة في مدح أهل البيتعليهم‌السلام :

من غرامي بقرطها والقلاده

ان أمت مغرماً فموتي شهاده

غادة حلّ حبها في السويدا

ورمى سهمها الفؤاد فصاده

وإذا عرّج النسيم عليها

هزّ تلك المعاطف الميّاده

زارني طيفها ومنّ بوعد

هل ترى الطيف منجزاً ميعاده

ليس إلا لها وللنفر البيض

بنظم القريض يجري جياده

يا غريباً بأي وادٍ أقاموا

من فسيح البلاد صاروا عهاده

آل بيت الرسول أشرف آل

في الورى أنتم وأشرف ساده

أنتم السابقون في كل فخرٍ

أسس الله مجدكم وأشاده

أنتم للورى شموس وأقما

ر إذا ما الضلال أرخى سواده

أنتم منبع العلوم بلا ريب

وللدين قد جعلتم عماده

أنتم نعمة الكريم علينا

إذ بكم قد هدى الإله عباده

لم يزل منكم رجال وأقطا

ب لمن اسلموا هداةً وقاده

أنتم العروة الوثيقة والحبل

الذي نال ماسكوه السعاده

سفن النجاة أن هاج طوفا

ن الملمات أو خشينا ازدياده

٥٥

وبكم أمن أمة اخير إذ أن‍

‍تم نجوم الهداية الوقاده

اذهب الله عنكم الرجس أهل

البيت في محكم الكتاب أفاده

وبتطهير ذاتكم شهد القر

آن حقاً فيا لها من شهاده

مَن يصلي ولم يصلّ عليكم

فهو مبدٍ لذي الجلال عناده

معشرٌ حبكم على الناس فرض

أوجب الله والرسول اعتماده

وبكم أيها الأئمة في يو

م التنادي على الكريم الوفاده

يوم تأتون واللواء عليكم

خافقٌ ما أجلها من سياده

والمحبون خلفكم في أمان

حين قول الجحيم هل من زياده

فاز والله في القيامة شخصٌ

لكم بالوداد أدى اجتهاده

كل من لم يحبكم فهو في الن‍

‍ار وان أوهنت قواه العباده

هكذا جاءنا الحديث عن الها

دي فمن ذا الذي يروم انتقاده

كل قالٍ لكم فأبعده الل‍

‍ه وعن حوضكم هنالك ذاده

خاب من كان مبغضاً أحداً من‍

‍كم ومن قد أساء فيه اعتقاده

ضلّ من يرتجي شفاعة طه

بعد أن كان مؤذياً أولاده

آل بيت الرسول كم ذا حويتم

من فخار وسؤددٍ وزهاده

أنتم زينة الوجود ولا زل‍

‍تم بجيدِ الزمان نعم القلاده

فيكم يعذب المريح ويحلو

وبه يسرع القريض انقياده

كيف يحصي فخاركم رقم أقلا

م ولو كانت البحار مداده

أُنتم أُنتم حلول فؤادي

فاز والله من حللتم فؤاده

وأنا العبد والرقيق الذي لم

يكن العتق ذات يوم مراده

أرتجي الفضل منكم وجدير

بكم المنّ بالرجا وزياده

فاستقيموا لحاجتي ففؤادي

مُخلص حبّه لكم ووداده

إنّ لي يا بني البتول اليكم

في انتسابي تسلسلاً وولاده

خلفتني الذنوب عنكم فريداً

فارحموا عجز عبدكم وانفراده

فلكم عند ربكم ما تشاؤو

ن وجاه لا تختشون نفاده

٥٦

السيد هاشم كمال الدين

المتوفى ١٣٤١

المرء يحسب أنه مأمون

والموت حق والفناء يقين

لا تأمن الدنيا فإن غرورها

خدع الأوائل والزمان خؤن

ما مرّ آن من زمانك لحظة

إلا وعمرك بالفنا مرهون

وإذا غمرت بنعمة وبلذة

لا تنسينك حوادثا ستكون

وإذا بكيت على فراق أحبة

فلتبك نفسك أيها المسكين

لا بدّ من يوم تفارق معشراً

كنت الوجيه لديهم وتهون

والناس منهم شامت لم يكترث

فيما دهاك ومنهم محزون

وترى من الهول الذي لاقلّه

تذرى الدموع محاجر وعيون

فكأنه اليوم الذي في كربلا

يوم به طاها النبي حزين

يوم به السبع الطباق لعظمه

قد دكها بعد الحراك سكون

وتجلببت شمس الضحى بملابس

سوداً تجلبب مثلهن الدين

يوم به فرد الزمان قد اغتدى

فرداً وليس له هناك معين

ما بين أعداء عليه تجمعت

منها الجوانح ملؤهن ضغون

طمع العدو بأن يسالم مذعنا

فأبى الوفاء وسيفه المسنون

وسطا يفرق جمعهم بمهند

فيه الرؤوس عن الجسوم تبين

٥٧

ظمآن يمنع جرعة من مائها

والماء للوحش السروب معين

حفت به اسد العرين وما سوى

سمرالعواسل والسيوف عرين

ضعفوا عديداً والعدا أضعافهم

وبدوا جسوما والقلوب حصون

تركوا الحياة بكربلاء وأرخصوا

تلك النفوس وسومهن ثمين

وحموا خدوراً بالسيوف وبالقنا

فيها ودائع أحمد والدين

لم أنسهن إذ العدا هتكت ضحى

منها الخبا وكفيلهن طعين

حسرى تجاذبها الطغاة مقانعاً

من تحتها سرّ العفاف مصون

وتعجّ تندب ندبها وحميّها

والجسم منه في الصعيد رهين

من للنساء الحائرات بمهمه

لم تدر موئلها وأين تكون

السيد هاشم هو الأخ الأكبر، للشاعر الشهير السيد جعفر، المترجم له في جزء سابق من هذه الموسوعة، جاء مع أخيه إلى النجف لاستكمال الفضيلة، فدرس على جماعة من علماء عصره علمي الفقه والاصول، ولما توفي أخوه السيد جعفر سنة ١٣١٥ ه‍. انتقل بعده بسنتين إلى الكوفة حوالي سنة ١٣١٨ ه‍. فكان أحد أفاضلها الذين يرجع اليهم في المسائل الشرعية وأحد أئمة الجماعة بها في مسجد قريب من داره يعرف بمسجد النجارين، وكان وقوراً حسن الطلعة بهي المنظر مهيباً في مجلسه وحديثه. ولد في قرية السادة - من أعمال الحلة الفيحاء - سنة ١٢٦٩ ه‍. فهو أكبر من شقيقه السيد جعفر بثمان سنين ولأخيه المذكور فيه مدائح وله معه مراسلات مثبتة بديوانه منها قوله وقد بعث بها اليه من النجف إلى الحلة كما في الديوان.

يا أيها المولى الذي أصفيته

ودي وإخلاصي وصفو سرائري

يا هاشماً ورث العلى من هاشم

فسما على بادي الورى والحاظر

أهوى لقاك وبيننا بيداء لا

بالخفّ نقطعها ولا بالحافر

وتهزني الذكرى اليك محبة

فكأن قلبي في جناحي طائر

٥٨

وكانت وفاته بالكوفة آخر شعبان سنة ١٣٤١ ه‍. وله أراجيز ومنظومات عديدة في الفقه كالطهارة وأحكام الأموات وغير ذلك ذكرها الشيخ آغا بزرك في ( الذريعة ) وقد جمع ديوان أخيه السيد جعفر المطبوع في صيدا - لبنان سنة ١٣٣١ ه‍. ورثاه بقصيدتين مطلع الاولى:

ببينك لا بالماضيات القواضب

أبنت فؤادي بل أقمت نوادبي

ومطلع الثانية:

مضيت وخلّفت القذا بمحاجري

وأججت نيران الأسى بضمائري

ترجم له الخاقاني في شعراء الغري وذكر ألواناً من شعره ونثره ومراسلاته وأدبياته.

٥٩

السيد جواد مرتضى

المتوفى ١٣٤١

حتى مَ مِن سكر الهوى

أبداً فؤادك غير صاحي

فنيَ الزمان ولا أرى

لقديم غيّك من براح

يمّم قلوصك للسرى

واشدد ركابك للرواح

ما الدهر إلا ليلة

ولسوف تسفر عن صباح

قم واغتنمها فرصة

كادت تطير بلا جناح

مت قبل موتك حسرة

فعساك تظفر بالنجاح

أو ما سمعت بحادث

ملأ العوالم بالنياح

حيث الحسين بكربلا

بين الأسنة والرماح

يغشى الوغى بفوارس

شوس تهيج لدى الكفاح

متقلدين عَزائماً

أمضى من البيض الصفاح

وصل المنية عندهم

أحلى من الخود الرداح

يتدافعون إلى الوغى

فكأنهم سيل البطاح

هتفت منيتهم بهم

فتقدموا نحو الصياح

وثووا على وجه الصعي‍

‍د كأنهم جزر الأضاحي

قد غسلوا بدم الطلا

بدلاً عن الماء القراح

٦٠

أمست جسومهم لقى

ورؤوسهم فوق الرماح

لا تنشئي يا سحب غي‍

‍ثاً ترتوي منه النواحي

فلقد قضى سبط النبي

بكربلا صديان ضاحي

أدمع المدامع رزؤه

ورمى الأضالع بالبراح

فلتلطم الأقوام حزناً

حُرّ أوجهها براح

ولتدرع حلل الأسى

أبداً ولا تصغي للاحي

ساموه إما الموت تح‍

‍ت البيض أو خفض الجناح

عدمت أمية رشدها

وتنكبت نهج الفلاح

فمتى درت أن الحسي‍

‍ن تقوده سلس الجماح

وقال يرثي الحسينعليه‌السلام أيضاً:

أيدري الدهر أي دم أصابا

وأي فؤاد مولعةٍ أذابا

فهلا قطعت أيدي الأعادي

فكم أردت لفاطمة شبابا

وكم خدر لفاطمة مصون

أباحته وكم هتكت حجابا

وكم رزء تهون له الرزايا

ألمّ فالبس الدنيا مصابا

وهيج في الحشى مكنون وجدٍ

له العبرات تنسكب انسكابا

وأرسل من أكف البغي سهما

أصاب من الهداية ما أصابا

أصاب حشى البتول فلهف نفسي

لظام لم يذق يوماً شرابا

قضى فالشمس كاسفه عليه

وبدرالتم في مثواه غابا

وكم من موقف جمّ الرزايا

لو أن الطفل شاهده لشابا

به وقف الحسين ربيط جأش

وشوس الحرب تضطرب اضطرابا

يصول بأسمر لدن سناه

كومض البرق يلتهب التهابا

وبارقه يلوح الموت منها

إذا ما هزها مطرت عذابا

٦١

السيد جواد مرتضى، ينتهي نسبه الشريف إلى الشهيد زين بن علي بن الحسين (ع). ولد في قرية عيتا من أعمال صور - لبنان سنة 1266 ه‍. ودرس مبادئ العلوم على علماء لبنان وارتحل إلى النجف الأشرف لطلب العلوم الدينية والمعارف الربانية فاقام بها ثمانية عشرة سنة كلها بين مفيد ومستفيد، درس الفقه والاصول على أساطين العلماء كالشيخ محمد حسين الكاظمي والشيخ محمد طه نجف، وكان يقضي جلّ أوقاته في الدرس والتدريس ثم سار إلى دمشق - الشام لما تكاملت فيه الكفاءة ولحاجة الناس إلى أمثاله ومنها توجه إلى مسقط رأسه ( عيتا ) فكانت عنده حوزة تدريس حتى تخرّج الكثير من علماء جبل عامل على يده، ولما رأى حاجة أهالي بعلبك إلى أمثاله سار بطلب منهم حتى أقام فيهم مدرساً ومصلحاً ومرشداً وألّف كتاب ( مفتاح الجنات ) وبمساعيه أسس الجامع الكبير المعروف ب‍ جامع النهر ومدرسة بالقرب منه ثم رجع إلى عيتا.

توفي ضحوة يوم الخميس ثاني جمادى الأول سنة 1341 ه‍. ودفن هناك إلى جنب أخيه المرحوم العلامة السيد حيدر مرتضى المتوفى سنة 1336 ه‍. كان لوفاته رنة أسى وحزن عميق وقد اقيمت له مجالس التعزية وذكريات التأبين ورثاء جمع من شعراء عصره.

وقد جمع الاستاذ العلامة السيد عبد المطلب مرتضى جميع ما أُلقي من الشعر في تأبينه وما قاله المؤبنون في مجالس ذكراه وأسماه ب‍ ( شجى العباد في رثاء الجواد ) وطبع في مطبعة العرفان - صيدا سنة 1341 ه‍.

٦٢

قال يمدح السيدة زينب بنت أمير المؤمنين عليعليه‌السلام في دمشق سنة 1330 ه‍.

حرم لزينب مشرق الاعلام

سام حباه الله بالإعظام

حرم عليه من الجلال مهابة

تدع الرؤوس مواضع الاقدام

في طيه سر الاله محجب

عن كل رائدة من الأوهام

بادي السنا كالبدر في افق السما

متجلياً يزهو بأرض الشام

فإذا حللت بذلك النادي فقم

لله مبتهلاً بخير مقام

في روضة ضربت عليها قبة

كبرت عن التشبيه بالاعلام

يحوي من الدر الثمين جمانة

لمّاعة تعزى لخير إمام

صنو النبي المصطفى ووصيه

وأبو الهداة القادة الأعلام

أسنى السلام عليه ما هبّت صبا

وشدا على الأغصان ورق حمام

وعلى بنيه الغر أعلام الهدى

ما أنهل قطر من متون غمام

٦٣

الحاج مجيد العطار

المتوفى 1342

شهر المحرم فاتك العذر

أوجعت قلب الدين يا شهر

فكأن شيمتك الخلاف على

آل النبي وشانك الغدر

يا شهر هل لك عندهم ترة

أنى وعندك كم لهم وتر

لا ايبضّ يومك بعد نازلة

منها يكاد الدمع يحمرّ

غشيت هلالك منه غاشية

بالطف يكسف عندها البدر

سلب الأهلة بشرها فغدا

أيامها الأعياد والبشر

أيطيب عيش وابن فاطمة

نهبت حشاه البيض والسمر

تالله لا أنساه مضطهداً

حتى يضم عظامي القبر

ومشرداً ضاق الفضاء به

فكأن لا بلد ولا مصر

منع المناسك أن يوديها

بمنى فكان قضاءها النحر

أفديه مستلماً بجبهته

حجراً إذا هو فاته الحجر

أو فاته رمي الجمار فقد

أذكى لهيب فؤاده الجمر

يسعى لاخوان الصفا وهم

فوق الصعيد نسائك جزر

ويطوف حول جسومهم وبه

انتظم المصاب ودمعه نثر

حتى إذا فقد النصير وقد

نزل البلاء وأُبرم الأمر

سئم الدنية أن يقيم بها

لوث الإزار وعيشها نكر

٦٤

وعظ الكتائب بالكتاب وفي

آذانهم من وعظه وقر

فانصاع يسمعهم مهنده

آيات فصل دونها العذر

فأبوا سوى ما سنّه لهم

الأحزاب يوم تتابع الكفر

حتى جرى قلم القضاء بما

بلغ المرام بفتكه شمر

الله أكبر أي حادثة

عظمى تحير عندها الفكر

يا فهر حيّ على الردى فلقد

ذهب الردى بعلاك يا فهر

هذا حسين بالطفوف لقى

بلغت به آمالها صخر

حفّت به أجساد فتيته

كالبدر حين تحفها الزهر

أمن المروءة أن أُسرتَكم

دمهم لآل امية هدر

أمن المروءة أن أرؤسهم

مثل البدور تقلّها السمر

أين الأباء وذي حرائركم

بالطف لا سجف ولا خدر

أسرى على الأكوار حاسرة

بعد الحجال يروعها الأسر(1)

هو الحاج عبد المجيد بن محمد بن ملا أمين البغدادي الحلي الشهير بالعطار، ولد ببغداد في شهر ذي القعدة عام 1282 ه‍. في محلة صبابيغ الآل، وهاجر به وبأبيه جده ملا أمين وهو طفل صغير، فنشأ في الحلة.

وبعد وفاة والده، وبلوغه سن الرشد فتح حانوتاً في سوق العطارين في الحلة، وصار يمتهن بيع العقاقير اليونانية حتى غلب عليه لقب ( العطار ) وقد اتصل بأهل العلم والأدب وأكثر من مطالعة دواوين الشعر وكتب الأدب، حتى استقامت سليقته وتقوّمت ملكته الأدبية، وكانت الحلة آنذاك سوق عكاظ كبير، ومجمع الادباء والشعراء في تلك الحقبة الزاهية من تاريخها، يختلف اليها النابهون والمتأدبون.

__________________

1 - سوانح الافكار ج 3 / 196.

٦٥

قال اليعقوبي: « سألته يوماً وقلت له: عن أي شيخ أخذت، وعلى أي استاذ تخرجت. فقال: على الله »(1) .

ولكن ابنه المرحوم الحاج عبد الحسين أخبرني يوماً، قال: « ان أباه كان قد درس في المدارس الحكومية أيام الحكم العثماني، وانه تخرج فيها، كما أنه كان قد أتقن اللغة التركية والفارسية وتأدب بهما، كما أتقن الفرنسية والعبرية إضافة إلى اللغة العربية، وكان أن عُرضت عليه وظيفة حكومية بدرجة عالية، إبان الحكم العثماني بناءً على ثقافته ودراسته، إلا أنه امتنع عن اشغالها لاعتقاده بعدم جواز التعاون مع حكومة لا تقوم على أساس الإسلام الصحيح، وان ما سيتسلمه من مرتب هو غير حلال ».

وقد كان المترجم له « فائق الذكاء، سريع الخاطر، متوقد الذهن، حاضر البديهة، أجاد في النظم، وأتقن الفارسية والتركية، وترجم عنهما كثيراً(2) كما ترجم كثيراً من مفردات ومثنيات الشعر الفارسي والتركي، إلى العربية شعراً.

وقد امتاز ( رحمه الله ) بسمو أخلاقه وعفه نفسه، ووفائه لأصدقائه، لذا كان حانوته ندوة أدب، ومنتدى فكر، ومدرسة شعر، يختلف اليه الادباء والعلماء، كما يؤمّه الشعراء والمتأدبون ...

ولما ثار الحليون على السلطة التركية 1334 ه‍. وسادت الفوضى فيها خشي المترجم له سوء العاقبة، وخشي هجوم الأتراك لارجاع سلطتهم ثانية، وفتكهم فيها ( كما وقع فعلاً بعد ذلك في واقعة عاكف ) انتقل بأهله الي الكوفة التي كان قد « بنى فيها داراً وعقاراً قبل هذه الحوادث »(3) وأقام فيها حتى

__________________

1 و 3 - البابليات ج 3 / القسم الثاني / ص 69.

2 - طبقات اعلام الشيعة: اغا بزرك الطهراني. وهو « للكرام البررة في القرن الرابع بعد العشرة » ج 1 / ق 3 / 1226.

٦٦

توفي فيها في السادس عشر من ذي القعدة سنة 1342 ه‍. ودفن في النجف الأشرف.

كان ( رحمه الله ) قد تضلع في فن التاريخ، وأتقن منه ألواناً، كان ينظمه ارتجالاً، مما كان يثير استغراب أهل الفن.

قال اليعقوبي: « ولم اشاهد أبرع من المترجم له ولا أبدع منه في هذا الفن، فقد كان ينظم التاريخ الذي يقترح عليه مع ما يناسبه من الأبيات قبله دون اشغال فكرة، أو إعمال روية، كأنه من كلامه المألوف وقوله المتعارف، وله فيه اختراعات لم يسبقه اليها أحد »(1) ، « وقد برع في نظم التواريخ الشعرية وتفوّق في هذا الفن على معاصريه »(2) .

وأكثر شعره ( رحمه الله ) في رثاء آل البيت ومدحهمعليهم‌السلام مما كان يتناقله الخطباء والقراء والذاكرون، لجزالته وسلاسته، وقليل ما يتجاوز ذلك في مناسبات خاصة في تهنئة أو مديح بعض الفضلاء من العلماء، أو ممن تربطه بهم وشائج الاخوة والوفاء.

أما تواريخه الشعرية، فانها لو جمعت كلها لكانت ديواناً مستقلاً، وسجلاً تاريخياً تؤرخ تلك الحقبة من ذلك الزمن.

فمن ذلك البيتان اللذان ضمنهما (28) تاريخاً في الحساب الأبجدي يؤرخ فيها عمارة تجديد مقام الإمام علي (ع) في الحلة سنة 1316 ه‍:

بباب مقام الصهر مرتقبا نحا

أخو طلب بالبر من علمٍ برا

مقام برب البيت في منبر الدعا

أبو قاسم جرّ الثنا عمها أجرا

وله مثلهما أيضاً في تاريخ زفاف المرحوم السيد أحمد إبن السيد ميرزا صالح القزويني وفيهما (28) تاريخاً وذلك سنة 1318 ه‍:

__________________

1 - البابليات ج 3 - ق 2 - ص 70.

2 - طبقات اعلام الشيعة: « الكرام البررة في القرن الرابع بعد العشرة » ج 1 / ق 3 / 1226.

٦٧

أكرم بخزّان علم أمّ وارده

منكم لزاخر بحر مد آمله

زفت إلى القمر الأسنى بداركم

شمس لوار وزان البشر حامله(1)

« وعلى أثر هذه التواريخ سماه العلامه السيد محمد القزويني ب‍ ( ناسخ التواريخ ) » وقد سماه الآخرون ( شيخ المؤرخين ).

قال اليعقوبي في البابليات: وله مثلهما في السنة نفسها يؤرخ عمارة مقام المهدي في الحلة المعروف بالغيبة، وفيهما (28) تاريخاً:

توقع جميل الأجر في حرم البنا

بفتحك بالنصر العزيز رواقا

بصاحب عصر ثاقب باسمه السنا

نجد اقترابا ما أجار وراقا

وقال يؤرخ الشباك الفضي الذي عمل بنفقة المرحوم الشيخ خزعل أمير المحمّرة على قبر القاسم ابن الإمام موسى الكاظمعليهما‌السلام :

للامام القاسم الطهر

الذي قدس روحا

خزعل خير أمير

أرخوا شاد ضريحا

وله مؤرخاً وفاة العالم الزاهد السيد ياسين ابن السيد طه سنة 1341 ه‍:

يا لسان الذكر ردد أسفا

وأبك عن دمع من القلب مذاب

وانع ياسين وارخ من له

فقدت ياسينها ام الكتاب

__________________

1 - البيتان على النمط التالي:

صدر الأول. عجزه. صدر الثاني. عجزه. مهمل البيت الاول. معجمه. مهمل صدر الأول مع معجم عجزه. معجم صدر الأول مع مهمل عجزه. مهمل البيت الثاني. معجمه. مهمل صدره مع معجم عجزه. معجم صدره. مع مهمل عجزه. مهمل الصدرين. معجم الصدرين. مهمل صدر الأول. مع معجم صدر الثاني. معجم صدر الأول مع مهمل صدر الثاني. مهمل العجزين.

مهمل عجز الأول مع معجم عجز الثاني. معجم عجز الأول مع مهمل عجز الثاني

معجم صدر الأول مع معجم عجز الثاني. مهمل صدر الأول مع معجم عجز الثاني

معجم صدر الأول مع مهمل عجز الثاني. مهمل عجز الأول مع مهمل صدر الثاني

معجم عجز الأول مع معجم صدر الثاني. مهمل عجز الأول مع معجم صدر الثاني

معجم عجز الأول مع مهمل صدر الثاني.

٦٨

وقال يؤرخ موت بعض المعاندين بقوله:

وناع تحمّل إثما كبيرا

غداة نعى آثما أو كفورا

وقد أحكم الله تاريخه

ليصلى سعيرا ويدعو ثبورا

وله في عصا من عوسج اهديت للسيد الجليل السيد محمد القزويني:

وإن عصا من عوسج تورق الندى

وتثمر معروفاً بيمنى محمد

لتلك التي يوم القيامة جده

يذود بها عن حوضه كل ملحد

ومن روائعه ما قاله في احدى زياراته للإمام الحسين (ع) عندما تعلق بضريحه الشريف:

يدي وجناحا فطرس قد تعلقا

بجاه ذبيح الله وابن ذبيحه

فلا عجب أن يكشف الله ما بنا

لأنا عتيقاً مهده وضريحه

وقال مخاطباً للإمامعليه‌السلام :

لمهدك آيات ظهرن لفطرس

وآية عيسى أن تكلّم في المهدِ

لئن ساد في أُمٍّ فأنت ابن فاطم

وان ساد في مهد فأنت أبو المهدي

وفطرس اسم ملك من ملائكة الله قيل قد جاء به جبرائيل إلى النبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عندما بعثه الله لتهنئة النبي بالحسين ليلة ولادته، فتبرك الملك بمهد الحسينعليه‌السلام ومضى يفتخر بأنه عتيق الحسين كما ورد في الدعاء يوم الولادة: وعاذ فطرس بمهده ونحن عائذون بقبره.

وقوله ( وإن ساد في مهدٍ فأنت أبو المهدي ) لئن كان عيسى قد تكلم في المهد صبياً فالحسين أبو أئمة تسع آخرهم المهدي حجة آل محمد والذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً.

وقد ضاع أكثر شعره، حيث أنه كان ممن لا يعنون بجمع أشعاره أو تدوينها، مما نُسيَ أكثره ولم يبق منه غير ما حفظته الصدور، ومما سُجّل

٦٩

له في بعض المجاميع الشعرية الخاصة ممن كانوا يعنون بجمع أدب تلك الفترة مما هو مبعثر الآن في النجف والحلة والهندية وبغداد وكربلاء.

وقد ترجم للحاج مجيدرحمه‌الله في الآثار المطبوعة كثيرون، أشهرهم: الشيخ محمد علي اليعقوبي في ( البابليات ) في ج 3 / القسم الثاني / ص 69 - 82. والشيخ علي الخاقاني في ( شعراء الحلة ) في ج 4 / ص 283 - 299، والشيخ اغا بزرك الطهراني في ( طبقات أعلام الشيعة ) في ج 1 / ق 3 / ص 1226، وقد دوّن هؤلاء نماذج لا بأس بها من شعره يمكن مراجعتها والاغتراف منها. توفي رحمه الله في 17 ذي القعدة سنة 1342 في النجف الأشرف ودفن بها.

ويقول الخاقاني في ( شعراء الحلة ) كان رحمه الله معتدل القامة عريض المنكبين أبيض الوجه مستطيله، اختلط سواد لحيته بالبياض، شعار رأسه ( الكشيدة ) مهيب الطلعة وقوراً له شخصية محبوبة لدى الرأي العام يحب الخير ويبتعد عن الشر يتردد إلى مجالس العلماء ويألف أهل التقوى ويستعمل صدقة السر.

وروى له جملة من تواريخه البديعة وأشعاره الرقيقة منها قصيدته في الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام وأولها:

سل عن الحي ربعه المأنوسا

هل عليه أبقى الزمان أنيسا

واخرى يرثي بها الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ويصف مصرعه بسيف ابن ملجم ليلة 19 من شهر رمضان وأولها:

شهر الصيام به الإسلام قد فجعا

وفي رزيته قلب الهدى انصدعا

وثالثة في الإمام الحسينعليه‌السلام وأولها:

هلّ المحرم والشجا بهلاله

قد أرقّ الهادي بغصة آله

ومن نوادره قوله:

عليٌ من الهادي كشقي يراعة

هما واحد لا ينبغي عدّه اثنين

فما كان من غطش على الخط لايح

فمن شعرات قد توسطن في البين

٧٠

وقال مخمساً والأصل للخليعي - وقد مرت ترجمته:

اراك بحيرة ملأتك رينا

وشتتك الهوى بيناً فبينا

فلا تحزن وقر بالله عينا

إذا شئت النجاة فزر حسينا

لكي تلقى الاله قرير عين

إذا علم الملائك منك عزما

تروم مزاره كتبوك رسما

وحرمت الجحيم عليك حتما

لأن النار ليس تمسّ جسما

عليه غبار زوار الحسين

وله في استجارته بحامي الجار قسيم الجنة والنار حيدر الكرار:

من حمى المرتضى التجأت لحصنٍ

قد حمى منه جانب العز ليث

فحيانا أمناً وجاد بمنٍّ

فهو في الحالتين غوث وغيث

مما لم ينشر من شعر العطار:

ومن تواريخه التي لم تُنشر ما قاله مؤرخاً ولادة السيد محمد طه ابن العلامة السيد حسين السيد راضي القزويني:

يُهني الحسين فتىً زكى ميلادُه

مَن قد أنابَ لدى الثناء وأخلصا

عمّ الوجود ببشرهِ في ساعةٍ

ارختُ « بالتنزيل - طه - خُصّصا »

وقوله في الجوادينعليهما‌السلام ، ( وقد التزم الجناس في القافية ):

لي بالإمامين ( موسى ) و ( الجواد ) غنىً

إن أعوزَ الناس حاجاتٍ إلى الناس

الذاكرين جميل الصُنع إن وعدا

والناسُ للوعد ما فيهم سوى الناسي

وقد شطّرهما العلامة أبو المعز السيد محمد القزويني ارتجالاً بقوله:

( لي بالإمامين ( موسى ) و ( الجود ) غنىً )

إن لم يجد لي زماني عند افلاسي

وفيهما تكمل الحاجات من كثبٍ

( ان أعوزَ الناس حاجاتٍ إلى الناس )

( الذاكرين جميل الصنع إن وعدا )

والنافيين جميع الذل واليأسِ

والمنجزين مواعيداً لفضلهم

( والناس للوعد ما فيهم سوى الناسي )

٧١

ومن تواريخه أيضاً قوله مقرضاً ومؤرخاً « بغية المستفيد في علم التجويد » لأبي المعز السيد محمد القزويني وذلك سنة 1327 ه‍. ( وقد أحسن وأجاد ):

فضّ نجلُ المُعزّ لا فضّ فوهُ

عن رحيق مِن لفظه المختومِ

( عاصمُ ) الذهن في مراعاته مِن

خطأ الفكر، ( نافعُ ) التعليمِ

( مدّ ) كفاً مِن لينها في الندى ( تش‍

‍بعُ ) ( بالوصل ) ( لازم ) ( التفخيمِ )

فصلت للتنزيل أبهى برودٍ

من معاني الترتيل لا من أديمِ

قُلتُ مُذ أرخوا « مقاصدَ كلمٍ

فُصّلت من لدن حكيمٍ عليمِ »(1)

وله مُؤرخاً ولادة المحروس ( هادي ) ابن السيد ( حمد ) آل كمال الدين الحلي سنة ( 1326 ه‍ ):

( حمد ) بن ( فاضل ) أنتَ أعظم عالمٍ

فيه المكارم قد أنارَ سبيلُها

غذتك مِن درّ المعارف فطنةٌ

وعليك من غرر العُلى اكليلها

هي ليلة فيها أتتك بشارةٌ

بولادة ( الهادي ) فعزّ مثيلُها

قد عمّت البشرى بها كل الورى

فلذاك يُحسن أرخوا « تفضيلها »

__________________

1 - نقلاً عن كتاب « الرجال » - المجلد الرابع - مخطوط للسيد جودت القزويني.

٧٢

الشيخ كاظم سبتي

المتوفى 1342

برغم المجد من مضر سراةُ

سرت تحدو بعيسهم الحداةُ

سرت تطوي الفلا بجبال حلم

تخفّ لها الجبال الراسيات

كرام قوضت فلها ربوع

خلت فغدت تنوح المكرمات

وبانت فالمنازل يوم بانت

طوامس والمدارس دارسات

تحنّ لها وفي الأحشاء نار

تأجج والمدامع واكفات

أطيبة بعدها لا طبت عيشاً

وكنت حمى الورى وهي الحماة

وكنت سما العلى وبنو علي

بدور هدى بافقك ساطعات

أُباة سامها الحدثان ضيماً

ولم تهدأ على الضيم الأباة

أتهجر دار هجرتها فتقوى

وتأنس بالطفوف لهم فلاة

بدت فتأججت حرباً لحرب

ضغائن في الضمائر كامنات

يخوض بها ابن فاطمة غماراً

تظل بها تعوم السابحات

أُصيب وما مضى للحتف حتى

تثلمت الصفاح الماضيات

وقد ألوى عن الدنيا فظلت

تنوح بها عليه النائحات

تعجّ الكائنات عليه حزناً

وحق بأن تعج الكائنات

٧٣

إلى جنب الفرات بنو علي

قضت عطشا ألا غاض الفرات

تسيل دماؤها هدراً وتمسي

تغسّلها الدماء السائلات

وتنبذ في هجير الصيف، عنها

سل الرمضاء وهي بها عراة

* * *

أهاشم طاولتك اميّ حتى

تسل عليك منها المرهفات

فأنتم للمخوف حمى ومنكم

تروع في الخدور مخدرات

أحقاً أن بين القوم جهراً

كريمات النبي مهتكات

بلوعة ذات خدر لو وعتها

لصدعت الجبال الشامخات

الشيخ كاظم سبتي هو أول شاعر ادركته ولا أقول عاصرته فاني لا أتصوره ولم أرَ شخصه لكني أتصور جيداً أني مضيت بصحبة أبي - وكنت في العقد الأول من عمري - إلى مأتم حسيني عقد في دار الخطيب السيد سعيد الفحام بمناسبة تجديد داره الواقعة في محلة المشراق في النجف الأشرف وكان الوقت عصراً، ولما دخلنا الدار وجدناها تغصّ بالوافدين فقال لي أبي: إصعد أنت إلى الطابق العلوي، فكنت في مكان لا يمكنني من الاطلالة على الطابق الأرضي المنعقد فيه المحفل فسمعت خطيباً ابتدأ يهدر بصوته الجهوري ونبراته المتزنة قائلاً: ومن خطبة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام : دار بالبلاء محفوفة وبالغدر معروفة، لا تدوم أحوالها ولا يسلم نُزّالها، أحوال مختلفة وثارات متصرفة، العيش فيها مذموم والأمان منها معدوم إلى آخر الخطبة. ثم حانت مني التفاتة وإذا بصاحب الدار الخطيب الفحام جالس معنا مذهولاً يضرب على فخذه ويردد: ما هذا الافتتاح يا شيخ كاظم، ما هذا الفأل يا شيخ كاظم، وإلى جنبه أحد أقاربه يُهدّء عليه. ولما أتمّ الشيخ خطابه لاموه على هذا الافتتاح والتشاؤم وفعلاً هو معيب، فاعتذر قائلاً: شيء جرى على لساني وكأن كل شيء غاب عني إلا هذه الخطبة فافتتحت بها. وكأن تفؤّله وتشؤمه

٧٤

حقاً فلقد أُصيب الخطيب الفحام بمرض عضّال عجز عنه الأطباء حتى قضى عليه وعمت النكبة جميع من في الدار وأصبحوا كأمس الدابر، ويظهر لي أن الخطيب سبتي كان مؤمناً تتمثل فيه صفات المؤمن الكامل الايمان إذ اني لا أكاد استشهد منبرياً بشيء من شعره إلا ويترحم عليه السامعون، هذا ما حدث أكثر من مرة ليس في محافل النجف خاصة بل في سائر البلدان، وهذا ما يجعلني أعتقد أن له مع الله سريرة صالحة ونية خالصة كما يظهر أن الرجل كان واسع الاطلاع فكثيراً ما كنت أجلس مع ولده الخطيب الأديب الشيخ حسن سبتي واسأله عن مصدر لبعض الأحاديث والروايات فكان أول ما يجبيني به قوله: كان أبي يروي هذا منبرياً. وحفظت له شعراً ورددته مراراً فمنه قوله في التمسك بأهل البيت والحسين خاصة:

يا غافلاً عما يراد به غداً

ويؤول مقترف الذنوب اليه

خذ بالبكاء على الحسين ففي غد

تلقى ثوابك بالبكاء عليه

ترجم له ولده الشيخ حسن في صدر الديوان الموسوم ب‍ ( منتقى الدرر في النبي وآله الغرر ) كما ترجم له الشيخ المصلح كاشف الغطاء وغيرهما وهذا ما جاء في سيرته على قلم مترجميه:

الخطيب الأديب الشيخ كاظم ابن الشيخ حسن ابن الشيخ علي ابن الشيخ سبتي السهلاني الحميري. توفي عنه والده وهو صغير فأودعته امه عند السيد حسن السلطاني الصائغ ليحترف الصياغة ولكنه رغب عن صياغة الذهب والفضة إلى صياغة الكلام ومجلوّ النظام وسرعان ما مالت به نفسه لطلب العلم فأخذ ينتهل منه برغبة وشوق فدرس المقدمات وساعدته لباقته وحسن نبراته على تعاهد الخطابة وارتقاء الأعواد، وكان المنبري ذلك اليوم لا يتعدى غير رواية قصة الحسينعليه‌السلام ومقتله يوم عاشوراء، وإذا بهذا المتكلم يروي خطب الإمام أمير المؤمنين (ع) عن ظهر غيب فعجب الناس واعتبروه فتحاً كبيراً في عالم الخطابة ثم قام يروي السيرة النبوية وسير أهل البيت وربما روى

٧٥

سيرة الأنبياء السابقين وقصصهم فكان بهذه الخطوة يراه الناس مجدداً حيث حفظ وقرأ وهكذا من يحفظ ويقرأ يرونه مجدداً لأنهم كانوا لا يحسنون اكثر من قراءة المقاتل في ذلك الحين سمّي كل من يقوم بقراءة كتاب ( روضة الشهداء ) للشيخ الكاشفي ( روضة خون ) ان يقرأ الروضة، ويمتاز الخطيب المترجم له انه لا يروي إلا الصحيح فلا يروي الأخبار غير المسندة او الضعيفة السند.

وكان المنبريون قبله لا يحسنون اكثر من أن يتناول الواحد منهم كتاب ( روضة الشهداء ) ويقرأه نصاً ثم تطوّرت إلى حفظ ذلك الكتاب ورواية ما فيه فقط كالسيد حسين آل طعمة المتوفى سنة 1270 ه‍. وهو ممن ولد ونشأ ومات بكربلاء المقدسة، وسلسلة نسبه رحمه الله هكذا: حسين بن درويش ابن احمد بن يحيى بن خليفة نقيب الاشراف، ويتصل نسبه بالسيد ابراهيم المجاب بن محمد العابد بن الإمام موسى بن جعفر. وهكذا كان من معاصريه وهو السيد هاشم الفائزي المتوفي سنة 1270 ه‍. ايضا ولد ونشأ وتوفي بكربلاء وهو ابن السيد سلمان ابن السيد درويش ابن السيد احمد ابن السيد يحيى آل طعمة، وكان في اسلوبه لا يخرج عن قصة الحسينعليه‌السلام ومصرعه ومصارع اهل بيته. فجاء خطيبنا الشيخ كاظم وقد تطور منبره إلى رواية سيرة النبي والأئمة وحفظ خطب الإمام فكان انفتاحاً جديداً في المنبر الحسيني.

ولهذه الشهرة التي حازها، طلبه جماعة من وجهاء بغداد وأكابرهم ليسكن هناك، فهاجر اليها سنة 1308 ه‍. وبقي سبع سنين يرقى الأعواد في المحافل الحسينية ويومئذ كانت المحافل تغص بالسامعين فلا اذاعة تشغلهم ولا تلفزيون يلهيهم، وفي سنة 1315 ه‍. ألزمه جماعة من علماء النجف بالعودة للنجف فكان خطيب العلماء وعالم الخطباء يلتذ السامعون بحديثه ويقبلون عليه بلهفةوتشوق ولهم كلمات بحقه تدل على فضله ونبله. ترجم له معاصروه فقالوا: كان مولده في النجف عام 1258 ه‍. والمصادف 1842 م. وشبّ، وهوايته العلم فدرس على الشيخ محمد حسين الكاظمي والشيخ ملا لطف الله المازندراني وأمثالهما.

٧٦

قال صاحب الحصون: فاضل معاصر وأديب محاضر، وشاعر ذاكر، تزهو بوعظه المنابر، إن صعد المنبر خطيباً ضمخ منه طيباً(1) حسن المحاورة، وله ديوان كبير في مراثي الأئمة وفي غير ذلك كثير.

وقال السيد صالح الحلي خطيب الأعواد - وهو المعاصر للمترجم له: الشيخ كاظم هو الرجل الوحيد الذي يقول ويفهم ما يقول.

ترجم له الشيخ السماوي في الطليعة وذكر طائفة من أشعاره ومنها قوله:

أما والحمى يا ساكني حوزة الحمى

وحاميه إن أخنى الزمان وإن جارا

فان أمير المؤمنين مجيركم

وان كنتم حمّلتم النفس أوزارا

ومن يك أدنى الناس يحمي جواره

فكيف لحامي الجار أن يسلم الجارا

وقوله مشطراً البيتين المشهورين:

بزوار الحسين خلطت نفسي

ليشفع لي غداً يوم المعاد

وصرتُ بركبهم أطوى الفيافي

لتحسب منهم عند العداد

فان عدّت فقد سعدت وإلا

فقد أدّت حقوقاً للوداد

وإن ذا لم يعدّ لها ثوابا

فقد فازت بتكثير السواد

وقال مخمساً:

زكا بالمصطفى والآل غرسي

وحبّهم غدا دأبي وانسي

لحشري قد ذخرتهم ورمسي

بزوار الحسين خلطت نفسي

لتحسب منهم عند العداد

نظرت إلى القوافل حيث تتلى

حثثتُ مطيتي والقلب سلا

تبعتُ الركب شوقاً حيث حلا

فان عدت فقد سعدت والا

فقد فازت بتكثير السواد

__________________

1 - اشار الشيخ الى قول محمد بن نصر المعروف بابن القيسراني المتوفى 548 ه‍. يمدح خطيباً:

فتح المنبر صدراً

لتلقيك رحيبا

أترى ضم خطيبا

منك ام ضمخ طيبا

٧٧

وقوله في كرامة للامام موسى الكاظم سنة 1325 ه‍. وقد سقط عامل كان ينقش في أعلى الصحن بقبة الإمام الكاظمعليه‌السلام ، وقد شاهدها الشيخ بعينيه:

إلهي بحب الكاظمين حبوتني

فقويت نفسي وهي واهية القوى

بجودك فاحلل من لساني عقدة

لأنشر من مدح الإمامين ما انطوى

هوى إذ أضاء النور من طوره امرء

كما أن موسى من ذرى الطور قد هوى

ولكن هوى موسى فخرّ إلى الثرى

ولما هوى هذا تعلّق بالهوى

أقول: كنتُ في سنة 1377 ه‍. قد دعيت للخطابة في بغداد بالكرادة الشرقية في حسينية الحاج عبد الرسول علي، وفي ليلة خصصتها للامام الكاظم فتحدثت منبرياً بهذه الكرامة وإذا بأحد المستمعين يبادرني فيقول: انها حدثت معي هذه الكرامة فقلت له: أرجو أن ترويها لي كما جرت، قال: كنت في سنّ العشرين وأنا شغيل واسمي داود النقاش فكنت مع استاذي في أعلى مكان من الصحن الكاظمي ننقش بقبة الامام الكاظم والبرد قارس وقد وقفت على خشبة شُدّ طرفاها بحبلين فمالت بي فهويت فتعلق طرف قبائي بمسمار فانقلع وفقدت احساسي فما أفقتُ إلا والصحن على سعته مملوء بالناس والتصفيق والهتاف يشق الفضاء وخَدَمَة الروضة يحامون عني ويدفعون الناس لئلا تمزق ثيابي وقمت فلم أجد أي ألم وضرر، أقول ونظمها الشيخ السماوي في أرجوزته ( صدى الفؤاد إلى حمى الكاظم والجواد ) وآخرها قوله:

قالوا وقد زيّنت البلادُ

من فرح وابتدأت بغدادُ

طبع ديوانه في النجف عام 1372 ه‍. وعليه تقاريض لجماعة من الفضلاء، كما طبع له ديوان آخر باللغة الدارجة وكله في أهل البيتعليهم‌السلام ولا زال يحفظ ويردد على ألسنة ذاكري الحسين وتعرض نسخة في أسواق الكتب باسم ( الروضة الكاظمية ) أما ديوانه المتقدم ذكره فهو ( منتقى الدرر في النبي وآله الغرر ). أجاب داعي ربه يوم الخميس آخر ربيع الأول سنة 1342 ه‍. ودفن في الصحن الحيدري قرب ايوان العلامة الشيخ الشريعة.

٧٨

الشيخ حمزة قفطان

المتوفى 1342

هواك أثار العيس تقتادها نجد

ويحدو بها من ثائر الشوق ما يحدو

تجافى عن الورد الذميم صدورها

لها السير مرعىً واللغام لها ورد

تمرّ على البطحاء وهي نطاقها

وتعلو على جيد الربى وهي العقد

عليها من الركب اليمانيّ فتية

ينكّر منها الليل ما عرف الودّ

أعدّوا إلى داعي المسير ركابهم

وأعجلهم داعي الغرام فما اعتدوا

تقرّب منهم كل بعد شملّة

عليها فتىً لم يثن من عزمه البعد

وما المرء بالانساب إلا ابن عزمه

إذا جدّ أنسى ذكر آبائه الجد

يردّ الخصوم اللد حتى زمانه

على أن هذا الدهر ليس له ردّ

ويغدو فاما ان يروح مع العلى

عزيز حياة أو إلى موته يغدو

ويغضى ولا يرضى القذى بل عن الكرى

جفوناً عن التهويم أشغلها السهد

الى قوله:

وهل قصرت كف تطول إلى العلى

لها ساعد من شيبة الحمد يمتدّ(1)

__________________

1 - عن شعراء الغري يرويها عن الخطيب الشيخ سلمان الانباري قال: وهي في الامام الحسين (ع).

٧٩

الشيخ حمزة ابن الشيخ مهدي الشهير بقفطان شاعر مطبوع وشخصية مرموقة، ولد بحي واسط سنة 1307 ه‍. ونشأ بها ودرس المقدمات على أخيه الشيخ محمد صالح الذي كفله منذ الصغر ولما وجد في نفسه القابلية هاجر إلى النجف وأكبّ على دراسة العلوم الإسلامية ولازم العلامة الشيخ عبد الحسين الحياوي ينتهل من علومه حتى فرغ من دراسة كفاية الاصول وكتب الفقه الاستدلالي، وفي أثناء تلقي العلوم كان يتعاهد ملكته الشعرية كما درس علمي الحكمة والكلام على السيد عدنان الغريفي فبرع فيهما وساجل جماعة من العلماء الفضلاء أمثال الشيخ جعفر النقدي والشيخ عيسى البصري والسيد عدنان الغريفي فكان لديهم موضع التقدير والاجلال أما الذي استفاد منه فهو الخطيب الشيخ سلمان الأنباري وهو الذي يروي عنه المقطع الأول من القصيدة الحسينية التي هي في صدر الترجمة، وقد جمع له أخوه الشيخ محمد صالح ديواناً حافلاً بروائع الشعر الذي كان قد نشر قسماً منه في الصحف والمجلات التي كانت تصدر آنذاك ومنها مجلة اليقين البغدادية فقد نشرت له عدة قصائد في سنتها الاولى بتاريخ 1341 ه‍. ومنها قصيدة عنوانها: العلم والحجاب، وله اخرى عنوانها راية العز قال فيها:

راية العز شأنها الارتفاع

تتسامى منصورة إذ تُطاع

راية يقرأ المفكر فيها

ما روى مجدنا القديم المضاع

حيّ أعلامنا وحيّ قناها

يوم كانت تندك منها القلاع

يوم كانت بنو معدّ بن

عدنان مهيباً جهادها والدفاع

يوم كان العقاب يخفق في

الجوّ ومنه نسر الأعادي يراع

يوم أردى كسرى وقيصر منه

زجلٌ لا تطيقه الاسماع

ما اكتسى لون خضرة النصر إلا

بعدما احمرّ بالدماء اليفاع

ذاك عصرٌ بنوره ملأ الأرض

التي ضاء في دجاها الشعاع

ذاك عصر النبي والامناء الغرّ

إذ أمرهم مهيب مطاع

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363