أدب الطف الجزء ٩

أدب الطف21%

أدب الطف مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 363

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 363 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 128756 / تحميل: 7964
الحجم الحجم الحجم
أدب الطف

أدب الطف الجزء ٩

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

أمست جسومهم لقى

ورؤوسهم فوق الرماح

لا تنشئي يا سحب غي‍

‍ثاً ترتوي منه النواحي

فلقد قضى سبط النبي

بكربلا صديان ضاحي

أدمع المدامع رزؤه

ورمى الأضالع بالبراح

فلتلطم الأقوام حزناً

حُرّ أوجهها براح

ولتدرع حلل الأسى

أبداً ولا تصغي للاحي

ساموه إما الموت تح‍

‍ت البيض أو خفض الجناح

عدمت أمية رشدها

وتنكبت نهج الفلاح

فمتى درت أن الحسي‍

‍ن تقوده سلس الجماح

وقال يرثي الحسينعليه‌السلام أيضاً:

أيدري الدهر أي دم أصابا

وأي فؤاد مولعةٍ أذابا

فهلا قطعت أيدي الأعادي

فكم أردت لفاطمة شبابا

وكم خدر لفاطمة مصون

أباحته وكم هتكت حجابا

وكم رزء تهون له الرزايا

ألمّ فالبس الدنيا مصابا

وهيج في الحشى مكنون وجدٍ

له العبرات تنسكب انسكابا

وأرسل من أكف البغي سهما

أصاب من الهداية ما أصابا

أصاب حشى البتول فلهف نفسي

لظام لم يذق يوماً شرابا

قضى فالشمس كاسفه عليه

وبدرالتم في مثواه غابا

وكم من موقف جمّ الرزايا

لو أن الطفل شاهده لشابا

به وقف الحسين ربيط جأش

وشوس الحرب تضطرب اضطرابا

يصول بأسمر لدن سناه

كومض البرق يلتهب التهابا

وبارقه يلوح الموت منها

إذا ما هزها مطرت عذابا

٦١

السيد جواد مرتضى، ينتهي نسبه الشريف إلى الشهيد زين بن علي بن الحسين (ع). ولد في قرية عيتا من أعمال صور - لبنان سنة ١٢٦٦ ه‍. ودرس مبادئ العلوم على علماء لبنان وارتحل إلى النجف الأشرف لطلب العلوم الدينية والمعارف الربانية فاقام بها ثمانية عشرة سنة كلها بين مفيد ومستفيد، درس الفقه والاصول على أساطين العلماء كالشيخ محمد حسين الكاظمي والشيخ محمد طه نجف، وكان يقضي جلّ أوقاته في الدرس والتدريس ثم سار إلى دمشق - الشام لما تكاملت فيه الكفاءة ولحاجة الناس إلى أمثاله ومنها توجه إلى مسقط رأسه ( عيتا ) فكانت عنده حوزة تدريس حتى تخرّج الكثير من علماء جبل عامل على يده، ولما رأى حاجة أهالي بعلبك إلى أمثاله سار بطلب منهم حتى أقام فيهم مدرساً ومصلحاً ومرشداً وألّف كتاب ( مفتاح الجنات ) وبمساعيه أسس الجامع الكبير المعروف ب‍ جامع النهر ومدرسة بالقرب منه ثم رجع إلى عيتا.

توفي ضحوة يوم الخميس ثاني جمادى الأول سنة ١٣٤١ ه‍. ودفن هناك إلى جنب أخيه المرحوم العلامة السيد حيدر مرتضى المتوفى سنة ١٣٣٦ ه‍. كان لوفاته رنة أسى وحزن عميق وقد اقيمت له مجالس التعزية وذكريات التأبين ورثاء جمع من شعراء عصره.

وقد جمع الاستاذ العلامة السيد عبد المطلب مرتضى جميع ما أُلقي من الشعر في تأبينه وما قاله المؤبنون في مجالس ذكراه وأسماه ب‍ ( شجى العباد في رثاء الجواد ) وطبع في مطبعة العرفان - صيدا سنة ١٣٤١ ه‍.

٦٢

قال يمدح السيدة زينب بنت أمير المؤمنين عليعليه‌السلام في دمشق سنة ١٣٣٠ ه‍.

حرم لزينب مشرق الاعلام

سام حباه الله بالإعظام

حرم عليه من الجلال مهابة

تدع الرؤوس مواضع الاقدام

في طيه سر الاله محجب

عن كل رائدة من الأوهام

بادي السنا كالبدر في افق السما

متجلياً يزهو بأرض الشام

فإذا حللت بذلك النادي فقم

لله مبتهلاً بخير مقام

في روضة ضربت عليها قبة

كبرت عن التشبيه بالاعلام

يحوي من الدر الثمين جمانة

لمّاعة تعزى لخير إمام

صنو النبي المصطفى ووصيه

وأبو الهداة القادة الأعلام

أسنى السلام عليه ما هبّت صبا

وشدا على الأغصان ورق حمام

وعلى بنيه الغر أعلام الهدى

ما أنهل قطر من متون غمام

٦٣

الحاج مجيد العطار

المتوفى ١٣٤٢

شهر المحرم فاتك العذر

أوجعت قلب الدين يا شهر

فكأن شيمتك الخلاف على

آل النبي وشانك الغدر

يا شهر هل لك عندهم ترة

أنى وعندك كم لهم وتر

لا ايبضّ يومك بعد نازلة

منها يكاد الدمع يحمرّ

غشيت هلالك منه غاشية

بالطف يكسف عندها البدر

سلب الأهلة بشرها فغدا

أيامها الأعياد والبشر

أيطيب عيش وابن فاطمة

نهبت حشاه البيض والسمر

تالله لا أنساه مضطهداً

حتى يضم عظامي القبر

ومشرداً ضاق الفضاء به

فكأن لا بلد ولا مصر

منع المناسك أن يوديها

بمنى فكان قضاءها النحر

أفديه مستلماً بجبهته

حجراً إذا هو فاته الحجر

أو فاته رمي الجمار فقد

أذكى لهيب فؤاده الجمر

يسعى لاخوان الصفا وهم

فوق الصعيد نسائك جزر

ويطوف حول جسومهم وبه

انتظم المصاب ودمعه نثر

حتى إذا فقد النصير وقد

نزل البلاء وأُبرم الأمر

سئم الدنية أن يقيم بها

لوث الإزار وعيشها نكر

٦٤

وعظ الكتائب بالكتاب وفي

آذانهم من وعظه وقر

فانصاع يسمعهم مهنده

آيات فصل دونها العذر

فأبوا سوى ما سنّه لهم

الأحزاب يوم تتابع الكفر

حتى جرى قلم القضاء بما

بلغ المرام بفتكه شمر

الله أكبر أي حادثة

عظمى تحير عندها الفكر

يا فهر حيّ على الردى فلقد

ذهب الردى بعلاك يا فهر

هذا حسين بالطفوف لقى

بلغت به آمالها صخر

حفّت به أجساد فتيته

كالبدر حين تحفها الزهر

أمن المروءة أن أُسرتَكم

دمهم لآل امية هدر

أمن المروءة أن أرؤسهم

مثل البدور تقلّها السمر

أين الأباء وذي حرائركم

بالطف لا سجف ولا خدر

أسرى على الأكوار حاسرة

بعد الحجال يروعها الأسر(١)

هو الحاج عبد المجيد بن محمد بن ملا أمين البغدادي الحلي الشهير بالعطار، ولد ببغداد في شهر ذي القعدة عام ١٢٨٢ ه‍. في محلة صبابيغ الآل، وهاجر به وبأبيه جده ملا أمين وهو طفل صغير، فنشأ في الحلة.

وبعد وفاة والده، وبلوغه سن الرشد فتح حانوتاً في سوق العطارين في الحلة، وصار يمتهن بيع العقاقير اليونانية حتى غلب عليه لقب ( العطار ) وقد اتصل بأهل العلم والأدب وأكثر من مطالعة دواوين الشعر وكتب الأدب، حتى استقامت سليقته وتقوّمت ملكته الأدبية، وكانت الحلة آنذاك سوق عكاظ كبير، ومجمع الادباء والشعراء في تلك الحقبة الزاهية من تاريخها، يختلف اليها النابهون والمتأدبون.

__________________

١ - سوانح الافكار ج ٣ / ١٩٦.

٦٥

قال اليعقوبي: « سألته يوماً وقلت له: عن أي شيخ أخذت، وعلى أي استاذ تخرجت. فقال: على الله »(١) .

ولكن ابنه المرحوم الحاج عبد الحسين أخبرني يوماً، قال: « ان أباه كان قد درس في المدارس الحكومية أيام الحكم العثماني، وانه تخرج فيها، كما أنه كان قد أتقن اللغة التركية والفارسية وتأدب بهما، كما أتقن الفرنسية والعبرية إضافة إلى اللغة العربية، وكان أن عُرضت عليه وظيفة حكومية بدرجة عالية، إبان الحكم العثماني بناءً على ثقافته ودراسته، إلا أنه امتنع عن اشغالها لاعتقاده بعدم جواز التعاون مع حكومة لا تقوم على أساس الإسلام الصحيح، وان ما سيتسلمه من مرتب هو غير حلال ».

وقد كان المترجم له « فائق الذكاء، سريع الخاطر، متوقد الذهن، حاضر البديهة، أجاد في النظم، وأتقن الفارسية والتركية، وترجم عنهما كثيراً(٢) كما ترجم كثيراً من مفردات ومثنيات الشعر الفارسي والتركي، إلى العربية شعراً.

وقد امتاز ( رحمه الله ) بسمو أخلاقه وعفه نفسه، ووفائه لأصدقائه، لذا كان حانوته ندوة أدب، ومنتدى فكر، ومدرسة شعر، يختلف اليه الادباء والعلماء، كما يؤمّه الشعراء والمتأدبون ...

ولما ثار الحليون على السلطة التركية ١٣٣٤ ه‍. وسادت الفوضى فيها خشي المترجم له سوء العاقبة، وخشي هجوم الأتراك لارجاع سلطتهم ثانية، وفتكهم فيها ( كما وقع فعلاً بعد ذلك في واقعة عاكف ) انتقل بأهله الي الكوفة التي كان قد « بنى فيها داراً وعقاراً قبل هذه الحوادث »(٣) وأقام فيها حتى

__________________

١ و ٣ - البابليات ج ٣ / القسم الثاني / ص ٦٩.

٢ - طبقات اعلام الشيعة: اغا بزرك الطهراني. وهو « للكرام البررة في القرن الرابع بعد العشرة » ج ١ / ق ٣ / ١٢٢٦.

٦٦

توفي فيها في السادس عشر من ذي القعدة سنة ١٣٤٢ ه‍. ودفن في النجف الأشرف.

كان ( رحمه الله ) قد تضلع في فن التاريخ، وأتقن منه ألواناً، كان ينظمه ارتجالاً، مما كان يثير استغراب أهل الفن.

قال اليعقوبي: « ولم اشاهد أبرع من المترجم له ولا أبدع منه في هذا الفن، فقد كان ينظم التاريخ الذي يقترح عليه مع ما يناسبه من الأبيات قبله دون اشغال فكرة، أو إعمال روية، كأنه من كلامه المألوف وقوله المتعارف، وله فيه اختراعات لم يسبقه اليها أحد »(١) ، « وقد برع في نظم التواريخ الشعرية وتفوّق في هذا الفن على معاصريه »(٢) .

وأكثر شعره ( رحمه الله ) في رثاء آل البيت ومدحهمعليهم‌السلام مما كان يتناقله الخطباء والقراء والذاكرون، لجزالته وسلاسته، وقليل ما يتجاوز ذلك في مناسبات خاصة في تهنئة أو مديح بعض الفضلاء من العلماء، أو ممن تربطه بهم وشائج الاخوة والوفاء.

أما تواريخه الشعرية، فانها لو جمعت كلها لكانت ديواناً مستقلاً، وسجلاً تاريخياً تؤرخ تلك الحقبة من ذلك الزمن.

فمن ذلك البيتان اللذان ضمنهما (٢٨) تاريخاً في الحساب الأبجدي يؤرخ فيها عمارة تجديد مقام الإمام علي (ع) في الحلة سنة ١٣١٦ ه‍:

بباب مقام الصهر مرتقبا نحا

أخو طلب بالبر من علمٍ برا

مقام برب البيت في منبر الدعا

أبو قاسم جرّ الثنا عمها أجرا

وله مثلهما أيضاً في تاريخ زفاف المرحوم السيد أحمد إبن السيد ميرزا صالح القزويني وفيهما (٢٨) تاريخاً وذلك سنة ١٣١٨ ه‍:

__________________

١ - البابليات ج ٣ - ق ٢ - ص ٧٠.

٢ - طبقات اعلام الشيعة: « الكرام البررة في القرن الرابع بعد العشرة » ج ١ / ق ٣ / ١٢٢٦.

٦٧

أكرم بخزّان علم أمّ وارده

منكم لزاخر بحر مد آمله

زفت إلى القمر الأسنى بداركم

شمس لوار وزان البشر حامله(١)

« وعلى أثر هذه التواريخ سماه العلامه السيد محمد القزويني ب‍ ( ناسخ التواريخ ) » وقد سماه الآخرون ( شيخ المؤرخين ).

قال اليعقوبي في البابليات: وله مثلهما في السنة نفسها يؤرخ عمارة مقام المهدي في الحلة المعروف بالغيبة، وفيهما (٢٨) تاريخاً:

توقع جميل الأجر في حرم البنا

بفتحك بالنصر العزيز رواقا

بصاحب عصر ثاقب باسمه السنا

نجد اقترابا ما أجار وراقا

وقال يؤرخ الشباك الفضي الذي عمل بنفقة المرحوم الشيخ خزعل أمير المحمّرة على قبر القاسم ابن الإمام موسى الكاظمعليهما‌السلام :

للامام القاسم الطهر

الذي قدس روحا

خزعل خير أمير

أرخوا شاد ضريحا

وله مؤرخاً وفاة العالم الزاهد السيد ياسين ابن السيد طه سنة ١٣٤١ ه‍:

يا لسان الذكر ردد أسفا

وأبك عن دمع من القلب مذاب

وانع ياسين وارخ من له

فقدت ياسينها ام الكتاب

__________________

١ - البيتان على النمط التالي:

صدر الأول. عجزه. صدر الثاني. عجزه. مهمل البيت الاول. معجمه. مهمل صدر الأول مع معجم عجزه. معجم صدر الأول مع مهمل عجزه. مهمل البيت الثاني. معجمه. مهمل صدره مع معجم عجزه. معجم صدره. مع مهمل عجزه. مهمل الصدرين. معجم الصدرين. مهمل صدر الأول. مع معجم صدر الثاني. معجم صدر الأول مع مهمل صدر الثاني. مهمل العجزين.

مهمل عجز الأول مع معجم عجز الثاني. معجم عجز الأول مع مهمل عجز الثاني

معجم صدر الأول مع معجم عجز الثاني. مهمل صدر الأول مع معجم عجز الثاني

معجم صدر الأول مع مهمل عجز الثاني. مهمل عجز الأول مع مهمل صدر الثاني

معجم عجز الأول مع معجم صدر الثاني. مهمل عجز الأول مع معجم صدر الثاني

معجم عجز الأول مع مهمل صدر الثاني.

٦٨

وقال يؤرخ موت بعض المعاندين بقوله:

وناع تحمّل إثما كبيرا

غداة نعى آثما أو كفورا

وقد أحكم الله تاريخه

ليصلى سعيرا ويدعو ثبورا

وله في عصا من عوسج اهديت للسيد الجليل السيد محمد القزويني:

وإن عصا من عوسج تورق الندى

وتثمر معروفاً بيمنى محمد

لتلك التي يوم القيامة جده

يذود بها عن حوضه كل ملحد

ومن روائعه ما قاله في احدى زياراته للإمام الحسين (ع) عندما تعلق بضريحه الشريف:

يدي وجناحا فطرس قد تعلقا

بجاه ذبيح الله وابن ذبيحه

فلا عجب أن يكشف الله ما بنا

لأنا عتيقاً مهده وضريحه

وقال مخاطباً للإمامعليه‌السلام :

لمهدك آيات ظهرن لفطرس

وآية عيسى أن تكلّم في المهدِ

لئن ساد في أُمٍّ فأنت ابن فاطم

وان ساد في مهد فأنت أبو المهدي

وفطرس اسم ملك من ملائكة الله قيل قد جاء به جبرائيل إلى النبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عندما بعثه الله لتهنئة النبي بالحسين ليلة ولادته، فتبرك الملك بمهد الحسينعليه‌السلام ومضى يفتخر بأنه عتيق الحسين كما ورد في الدعاء يوم الولادة: وعاذ فطرس بمهده ونحن عائذون بقبره.

وقوله ( وإن ساد في مهدٍ فأنت أبو المهدي ) لئن كان عيسى قد تكلم في المهد صبياً فالحسين أبو أئمة تسع آخرهم المهدي حجة آل محمد والذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً.

وقد ضاع أكثر شعره، حيث أنه كان ممن لا يعنون بجمع أشعاره أو تدوينها، مما نُسيَ أكثره ولم يبق منه غير ما حفظته الصدور، ومما سُجّل

٦٩

له في بعض المجاميع الشعرية الخاصة ممن كانوا يعنون بجمع أدب تلك الفترة مما هو مبعثر الآن في النجف والحلة والهندية وبغداد وكربلاء.

وقد ترجم للحاج مجيدرحمه‌الله في الآثار المطبوعة كثيرون، أشهرهم: الشيخ محمد علي اليعقوبي في ( البابليات ) في ج ٣ / القسم الثاني / ص ٦٩ - ٨٢. والشيخ علي الخاقاني في ( شعراء الحلة ) في ج ٤ / ص ٢٨٣ - ٢٩٩، والشيخ اغا بزرك الطهراني في ( طبقات أعلام الشيعة ) في ج ١ / ق ٣ / ص ١٢٢٦، وقد دوّن هؤلاء نماذج لا بأس بها من شعره يمكن مراجعتها والاغتراف منها. توفي رحمه الله في ١٧ ذي القعدة سنة ١٣٤٢ في النجف الأشرف ودفن بها.

ويقول الخاقاني في ( شعراء الحلة ) كان رحمه الله معتدل القامة عريض المنكبين أبيض الوجه مستطيله، اختلط سواد لحيته بالبياض، شعار رأسه ( الكشيدة ) مهيب الطلعة وقوراً له شخصية محبوبة لدى الرأي العام يحب الخير ويبتعد عن الشر يتردد إلى مجالس العلماء ويألف أهل التقوى ويستعمل صدقة السر.

وروى له جملة من تواريخه البديعة وأشعاره الرقيقة منها قصيدته في الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام وأولها:

سل عن الحي ربعه المأنوسا

هل عليه أبقى الزمان أنيسا

واخرى يرثي بها الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ويصف مصرعه بسيف ابن ملجم ليلة ١٩ من شهر رمضان وأولها:

شهر الصيام به الإسلام قد فجعا

وفي رزيته قلب الهدى انصدعا

وثالثة في الإمام الحسينعليه‌السلام وأولها:

هلّ المحرم والشجا بهلاله

قد أرقّ الهادي بغصة آله

ومن نوادره قوله:

عليٌ من الهادي كشقي يراعة

هما واحد لا ينبغي عدّه اثنين

فما كان من غطش على الخط لايح

فمن شعرات قد توسطن في البين

٧٠

وقال مخمساً والأصل للخليعي - وقد مرت ترجمته:

اراك بحيرة ملأتك رينا

وشتتك الهوى بيناً فبينا

فلا تحزن وقر بالله عينا

إذا شئت النجاة فزر حسينا

لكي تلقى الاله قرير عين

إذا علم الملائك منك عزما

تروم مزاره كتبوك رسما

وحرمت الجحيم عليك حتما

لأن النار ليس تمسّ جسما

عليه غبار زوار الحسين

وله في استجارته بحامي الجار قسيم الجنة والنار حيدر الكرار:

من حمى المرتضى التجأت لحصنٍ

قد حمى منه جانب العز ليث

فحيانا أمناً وجاد بمنٍّ

فهو في الحالتين غوث وغيث

مما لم ينشر من شعر العطار:

ومن تواريخه التي لم تُنشر ما قاله مؤرخاً ولادة السيد محمد طه ابن العلامة السيد حسين السيد راضي القزويني:

يُهني الحسين فتىً زكى ميلادُه

مَن قد أنابَ لدى الثناء وأخلصا

عمّ الوجود ببشرهِ في ساعةٍ

ارختُ « بالتنزيل - طه - خُصّصا »

وقوله في الجوادينعليهما‌السلام ، ( وقد التزم الجناس في القافية ):

لي بالإمامين ( موسى ) و ( الجواد ) غنىً

إن أعوزَ الناس حاجاتٍ إلى الناس

الذاكرين جميل الصُنع إن وعدا

والناسُ للوعد ما فيهم سوى الناسي

وقد شطّرهما العلامة أبو المعز السيد محمد القزويني ارتجالاً بقوله:

( لي بالإمامين ( موسى ) و ( الجود ) غنىً )

إن لم يجد لي زماني عند افلاسي

وفيهما تكمل الحاجات من كثبٍ

( ان أعوزَ الناس حاجاتٍ إلى الناس )

( الذاكرين جميل الصنع إن وعدا )

والنافيين جميع الذل واليأسِ

والمنجزين مواعيداً لفضلهم

( والناس للوعد ما فيهم سوى الناسي )

٧١

ومن تواريخه أيضاً قوله مقرضاً ومؤرخاً « بغية المستفيد في علم التجويد » لأبي المعز السيد محمد القزويني وذلك سنة ١٣٢٧ ه‍. ( وقد أحسن وأجاد ):

فضّ نجلُ المُعزّ لا فضّ فوهُ

عن رحيق مِن لفظه المختومِ

( عاصمُ ) الذهن في مراعاته مِن

خطأ الفكر، ( نافعُ ) التعليمِ

( مدّ ) كفاً مِن لينها في الندى ( تش‍

‍بعُ ) ( بالوصل ) ( لازم ) ( التفخيمِ )

فصلت للتنزيل أبهى برودٍ

من معاني الترتيل لا من أديمِ

قُلتُ مُذ أرخوا « مقاصدَ كلمٍ

فُصّلت من لدن حكيمٍ عليمِ »(١)

وله مُؤرخاً ولادة المحروس ( هادي ) ابن السيد ( حمد ) آل كمال الدين الحلي سنة ( ١٣٢٦ ه‍ ):

( حمد ) بن ( فاضل ) أنتَ أعظم عالمٍ

فيه المكارم قد أنارَ سبيلُها

غذتك مِن درّ المعارف فطنةٌ

وعليك من غرر العُلى اكليلها

هي ليلة فيها أتتك بشارةٌ

بولادة ( الهادي ) فعزّ مثيلُها

قد عمّت البشرى بها كل الورى

فلذاك يُحسن أرخوا « تفضيلها »

__________________

١ - نقلاً عن كتاب « الرجال » - المجلد الرابع - مخطوط للسيد جودت القزويني.

٧٢

الشيخ كاظم سبتي

المتوفى ١٣٤٢

برغم المجد من مضر سراةُ

سرت تحدو بعيسهم الحداةُ

سرت تطوي الفلا بجبال حلم

تخفّ لها الجبال الراسيات

كرام قوضت فلها ربوع

خلت فغدت تنوح المكرمات

وبانت فالمنازل يوم بانت

طوامس والمدارس دارسات

تحنّ لها وفي الأحشاء نار

تأجج والمدامع واكفات

أطيبة بعدها لا طبت عيشاً

وكنت حمى الورى وهي الحماة

وكنت سما العلى وبنو علي

بدور هدى بافقك ساطعات

أُباة سامها الحدثان ضيماً

ولم تهدأ على الضيم الأباة

أتهجر دار هجرتها فتقوى

وتأنس بالطفوف لهم فلاة

بدت فتأججت حرباً لحرب

ضغائن في الضمائر كامنات

يخوض بها ابن فاطمة غماراً

تظل بها تعوم السابحات

أُصيب وما مضى للحتف حتى

تثلمت الصفاح الماضيات

وقد ألوى عن الدنيا فظلت

تنوح بها عليه النائحات

تعجّ الكائنات عليه حزناً

وحق بأن تعج الكائنات

٧٣

إلى جنب الفرات بنو علي

قضت عطشا ألا غاض الفرات

تسيل دماؤها هدراً وتمسي

تغسّلها الدماء السائلات

وتنبذ في هجير الصيف، عنها

سل الرمضاء وهي بها عراة

* * *

أهاشم طاولتك اميّ حتى

تسل عليك منها المرهفات

فأنتم للمخوف حمى ومنكم

تروع في الخدور مخدرات

أحقاً أن بين القوم جهراً

كريمات النبي مهتكات

بلوعة ذات خدر لو وعتها

لصدعت الجبال الشامخات

الشيخ كاظم سبتي هو أول شاعر ادركته ولا أقول عاصرته فاني لا أتصوره ولم أرَ شخصه لكني أتصور جيداً أني مضيت بصحبة أبي - وكنت في العقد الأول من عمري - إلى مأتم حسيني عقد في دار الخطيب السيد سعيد الفحام بمناسبة تجديد داره الواقعة في محلة المشراق في النجف الأشرف وكان الوقت عصراً، ولما دخلنا الدار وجدناها تغصّ بالوافدين فقال لي أبي: إصعد أنت إلى الطابق العلوي، فكنت في مكان لا يمكنني من الاطلالة على الطابق الأرضي المنعقد فيه المحفل فسمعت خطيباً ابتدأ يهدر بصوته الجهوري ونبراته المتزنة قائلاً: ومن خطبة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام : دار بالبلاء محفوفة وبالغدر معروفة، لا تدوم أحوالها ولا يسلم نُزّالها، أحوال مختلفة وثارات متصرفة، العيش فيها مذموم والأمان منها معدوم إلى آخر الخطبة. ثم حانت مني التفاتة وإذا بصاحب الدار الخطيب الفحام جالس معنا مذهولاً يضرب على فخذه ويردد: ما هذا الافتتاح يا شيخ كاظم، ما هذا الفأل يا شيخ كاظم، وإلى جنبه أحد أقاربه يُهدّء عليه. ولما أتمّ الشيخ خطابه لاموه على هذا الافتتاح والتشاؤم وفعلاً هو معيب، فاعتذر قائلاً: شيء جرى على لساني وكأن كل شيء غاب عني إلا هذه الخطبة فافتتحت بها. وكأن تفؤّله وتشؤمه

٧٤

حقاً فلقد أُصيب الخطيب الفحام بمرض عضّال عجز عنه الأطباء حتى قضى عليه وعمت النكبة جميع من في الدار وأصبحوا كأمس الدابر، ويظهر لي أن الخطيب سبتي كان مؤمناً تتمثل فيه صفات المؤمن الكامل الايمان إذ اني لا أكاد استشهد منبرياً بشيء من شعره إلا ويترحم عليه السامعون، هذا ما حدث أكثر من مرة ليس في محافل النجف خاصة بل في سائر البلدان، وهذا ما يجعلني أعتقد أن له مع الله سريرة صالحة ونية خالصة كما يظهر أن الرجل كان واسع الاطلاع فكثيراً ما كنت أجلس مع ولده الخطيب الأديب الشيخ حسن سبتي واسأله عن مصدر لبعض الأحاديث والروايات فكان أول ما يجبيني به قوله: كان أبي يروي هذا منبرياً. وحفظت له شعراً ورددته مراراً فمنه قوله في التمسك بأهل البيت والحسين خاصة:

يا غافلاً عما يراد به غداً

ويؤول مقترف الذنوب اليه

خذ بالبكاء على الحسين ففي غد

تلقى ثوابك بالبكاء عليه

ترجم له ولده الشيخ حسن في صدر الديوان الموسوم ب‍ ( منتقى الدرر في النبي وآله الغرر ) كما ترجم له الشيخ المصلح كاشف الغطاء وغيرهما وهذا ما جاء في سيرته على قلم مترجميه:

الخطيب الأديب الشيخ كاظم ابن الشيخ حسن ابن الشيخ علي ابن الشيخ سبتي السهلاني الحميري. توفي عنه والده وهو صغير فأودعته امه عند السيد حسن السلطاني الصائغ ليحترف الصياغة ولكنه رغب عن صياغة الذهب والفضة إلى صياغة الكلام ومجلوّ النظام وسرعان ما مالت به نفسه لطلب العلم فأخذ ينتهل منه برغبة وشوق فدرس المقدمات وساعدته لباقته وحسن نبراته على تعاهد الخطابة وارتقاء الأعواد، وكان المنبري ذلك اليوم لا يتعدى غير رواية قصة الحسينعليه‌السلام ومقتله يوم عاشوراء، وإذا بهذا المتكلم يروي خطب الإمام أمير المؤمنين (ع) عن ظهر غيب فعجب الناس واعتبروه فتحاً كبيراً في عالم الخطابة ثم قام يروي السيرة النبوية وسير أهل البيت وربما روى

٧٥

سيرة الأنبياء السابقين وقصصهم فكان بهذه الخطوة يراه الناس مجدداً حيث حفظ وقرأ وهكذا من يحفظ ويقرأ يرونه مجدداً لأنهم كانوا لا يحسنون اكثر من قراءة المقاتل في ذلك الحين سمّي كل من يقوم بقراءة كتاب ( روضة الشهداء ) للشيخ الكاشفي ( روضة خون ) ان يقرأ الروضة، ويمتاز الخطيب المترجم له انه لا يروي إلا الصحيح فلا يروي الأخبار غير المسندة او الضعيفة السند.

وكان المنبريون قبله لا يحسنون اكثر من أن يتناول الواحد منهم كتاب ( روضة الشهداء ) ويقرأه نصاً ثم تطوّرت إلى حفظ ذلك الكتاب ورواية ما فيه فقط كالسيد حسين آل طعمة المتوفى سنة ١٢٧٠ ه‍. وهو ممن ولد ونشأ ومات بكربلاء المقدسة، وسلسلة نسبه رحمه الله هكذا: حسين بن درويش ابن احمد بن يحيى بن خليفة نقيب الاشراف، ويتصل نسبه بالسيد ابراهيم المجاب بن محمد العابد بن الإمام موسى بن جعفر. وهكذا كان من معاصريه وهو السيد هاشم الفائزي المتوفي سنة ١٢٧٠ ه‍. ايضا ولد ونشأ وتوفي بكربلاء وهو ابن السيد سلمان ابن السيد درويش ابن السيد احمد ابن السيد يحيى آل طعمة، وكان في اسلوبه لا يخرج عن قصة الحسينعليه‌السلام ومصرعه ومصارع اهل بيته. فجاء خطيبنا الشيخ كاظم وقد تطور منبره إلى رواية سيرة النبي والأئمة وحفظ خطب الإمام فكان انفتاحاً جديداً في المنبر الحسيني.

ولهذه الشهرة التي حازها، طلبه جماعة من وجهاء بغداد وأكابرهم ليسكن هناك، فهاجر اليها سنة ١٣٠٨ ه‍. وبقي سبع سنين يرقى الأعواد في المحافل الحسينية ويومئذ كانت المحافل تغص بالسامعين فلا اذاعة تشغلهم ولا تلفزيون يلهيهم، وفي سنة ١٣١٥ ه‍. ألزمه جماعة من علماء النجف بالعودة للنجف فكان خطيب العلماء وعالم الخطباء يلتذ السامعون بحديثه ويقبلون عليه بلهفةوتشوق ولهم كلمات بحقه تدل على فضله ونبله. ترجم له معاصروه فقالوا: كان مولده في النجف عام ١٢٥٨ ه‍. والمصادف ١٨٤٢ م. وشبّ، وهوايته العلم فدرس على الشيخ محمد حسين الكاظمي والشيخ ملا لطف الله المازندراني وأمثالهما.

٧٦

قال صاحب الحصون: فاضل معاصر وأديب محاضر، وشاعر ذاكر، تزهو بوعظه المنابر، إن صعد المنبر خطيباً ضمخ منه طيباً(١) حسن المحاورة، وله ديوان كبير في مراثي الأئمة وفي غير ذلك كثير.

وقال السيد صالح الحلي خطيب الأعواد - وهو المعاصر للمترجم له: الشيخ كاظم هو الرجل الوحيد الذي يقول ويفهم ما يقول.

ترجم له الشيخ السماوي في الطليعة وذكر طائفة من أشعاره ومنها قوله:

أما والحمى يا ساكني حوزة الحمى

وحاميه إن أخنى الزمان وإن جارا

فان أمير المؤمنين مجيركم

وان كنتم حمّلتم النفس أوزارا

ومن يك أدنى الناس يحمي جواره

فكيف لحامي الجار أن يسلم الجارا

وقوله مشطراً البيتين المشهورين:

بزوار الحسين خلطت نفسي

ليشفع لي غداً يوم المعاد

وصرتُ بركبهم أطوى الفيافي

لتحسب منهم عند العداد

فان عدّت فقد سعدت وإلا

فقد أدّت حقوقاً للوداد

وإن ذا لم يعدّ لها ثوابا

فقد فازت بتكثير السواد

وقال مخمساً:

زكا بالمصطفى والآل غرسي

وحبّهم غدا دأبي وانسي

لحشري قد ذخرتهم ورمسي

بزوار الحسين خلطت نفسي

لتحسب منهم عند العداد

نظرت إلى القوافل حيث تتلى

حثثتُ مطيتي والقلب سلا

تبعتُ الركب شوقاً حيث حلا

فان عدت فقد سعدت والا

فقد فازت بتكثير السواد

__________________

١ - اشار الشيخ الى قول محمد بن نصر المعروف بابن القيسراني المتوفى ٥٤٨ ه‍. يمدح خطيباً:

فتح المنبر صدراً

لتلقيك رحيبا

أترى ضم خطيبا

منك ام ضمخ طيبا

٧٧

وقوله في كرامة للامام موسى الكاظم سنة ١٣٢٥ ه‍. وقد سقط عامل كان ينقش في أعلى الصحن بقبة الإمام الكاظمعليه‌السلام ، وقد شاهدها الشيخ بعينيه:

إلهي بحب الكاظمين حبوتني

فقويت نفسي وهي واهية القوى

بجودك فاحلل من لساني عقدة

لأنشر من مدح الإمامين ما انطوى

هوى إذ أضاء النور من طوره امرء

كما أن موسى من ذرى الطور قد هوى

ولكن هوى موسى فخرّ إلى الثرى

ولما هوى هذا تعلّق بالهوى

أقول: كنتُ في سنة ١٣٧٧ ه‍. قد دعيت للخطابة في بغداد بالكرادة الشرقية في حسينية الحاج عبد الرسول علي، وفي ليلة خصصتها للامام الكاظم فتحدثت منبرياً بهذه الكرامة وإذا بأحد المستمعين يبادرني فيقول: انها حدثت معي هذه الكرامة فقلت له: أرجو أن ترويها لي كما جرت، قال: كنت في سنّ العشرين وأنا شغيل واسمي داود النقاش فكنت مع استاذي في أعلى مكان من الصحن الكاظمي ننقش بقبة الامام الكاظم والبرد قارس وقد وقفت على خشبة شُدّ طرفاها بحبلين فمالت بي فهويت فتعلق طرف قبائي بمسمار فانقلع وفقدت احساسي فما أفقتُ إلا والصحن على سعته مملوء بالناس والتصفيق والهتاف يشق الفضاء وخَدَمَة الروضة يحامون عني ويدفعون الناس لئلا تمزق ثيابي وقمت فلم أجد أي ألم وضرر، أقول ونظمها الشيخ السماوي في أرجوزته ( صدى الفؤاد إلى حمى الكاظم والجواد ) وآخرها قوله:

قالوا وقد زيّنت البلادُ

من فرح وابتدأت بغدادُ

طبع ديوانه في النجف عام ١٣٧٢ ه‍. وعليه تقاريض لجماعة من الفضلاء، كما طبع له ديوان آخر باللغة الدارجة وكله في أهل البيتعليهم‌السلام ولا زال يحفظ ويردد على ألسنة ذاكري الحسين وتعرض نسخة في أسواق الكتب باسم ( الروضة الكاظمية ) أما ديوانه المتقدم ذكره فهو ( منتقى الدرر في النبي وآله الغرر ). أجاب داعي ربه يوم الخميس آخر ربيع الأول سنة ١٣٤٢ ه‍. ودفن في الصحن الحيدري قرب ايوان العلامة الشيخ الشريعة.

٧٨

الشيخ حمزة قفطان

المتوفى ١٣٤٢

هواك أثار العيس تقتادها نجد

ويحدو بها من ثائر الشوق ما يحدو

تجافى عن الورد الذميم صدورها

لها السير مرعىً واللغام لها ورد

تمرّ على البطحاء وهي نطاقها

وتعلو على جيد الربى وهي العقد

عليها من الركب اليمانيّ فتية

ينكّر منها الليل ما عرف الودّ

أعدّوا إلى داعي المسير ركابهم

وأعجلهم داعي الغرام فما اعتدوا

تقرّب منهم كل بعد شملّة

عليها فتىً لم يثن من عزمه البعد

وما المرء بالانساب إلا ابن عزمه

إذا جدّ أنسى ذكر آبائه الجد

يردّ الخصوم اللد حتى زمانه

على أن هذا الدهر ليس له ردّ

ويغدو فاما ان يروح مع العلى

عزيز حياة أو إلى موته يغدو

ويغضى ولا يرضى القذى بل عن الكرى

جفوناً عن التهويم أشغلها السهد

الى قوله:

وهل قصرت كف تطول إلى العلى

لها ساعد من شيبة الحمد يمتدّ(١)

__________________

١ - عن شعراء الغري يرويها عن الخطيب الشيخ سلمان الانباري قال: وهي في الامام الحسين (ع).

٧٩

الشيخ حمزة ابن الشيخ مهدي الشهير بقفطان شاعر مطبوع وشخصية مرموقة، ولد بحي واسط سنة ١٣٠٧ ه‍. ونشأ بها ودرس المقدمات على أخيه الشيخ محمد صالح الذي كفله منذ الصغر ولما وجد في نفسه القابلية هاجر إلى النجف وأكبّ على دراسة العلوم الإسلامية ولازم العلامة الشيخ عبد الحسين الحياوي ينتهل من علومه حتى فرغ من دراسة كفاية الاصول وكتب الفقه الاستدلالي، وفي أثناء تلقي العلوم كان يتعاهد ملكته الشعرية كما درس علمي الحكمة والكلام على السيد عدنان الغريفي فبرع فيهما وساجل جماعة من العلماء الفضلاء أمثال الشيخ جعفر النقدي والشيخ عيسى البصري والسيد عدنان الغريفي فكان لديهم موضع التقدير والاجلال أما الذي استفاد منه فهو الخطيب الشيخ سلمان الأنباري وهو الذي يروي عنه المقطع الأول من القصيدة الحسينية التي هي في صدر الترجمة، وقد جمع له أخوه الشيخ محمد صالح ديواناً حافلاً بروائع الشعر الذي كان قد نشر قسماً منه في الصحف والمجلات التي كانت تصدر آنذاك ومنها مجلة اليقين البغدادية فقد نشرت له عدة قصائد في سنتها الاولى بتاريخ ١٣٤١ ه‍. ومنها قصيدة عنوانها: العلم والحجاب، وله اخرى عنوانها راية العز قال فيها:

راية العز شأنها الارتفاع

تتسامى منصورة إذ تُطاع

راية يقرأ المفكر فيها

ما روى مجدنا القديم المضاع

حيّ أعلامنا وحيّ قناها

يوم كانت تندك منها القلاع

يوم كانت بنو معدّ بن

عدنان مهيباً جهادها والدفاع

يوم كان العقاب يخفق في

الجوّ ومنه نسر الأعادي يراع

يوم أردى كسرى وقيصر منه

زجلٌ لا تطيقه الاسماع

ما اكتسى لون خضرة النصر إلا

بعدما احمرّ بالدماء اليفاع

ذاك عصرٌ بنوره ملأ الأرض

التي ضاء في دجاها الشعاع

ذاك عصر النبي والامناء الغرّ

إذ أمرهم مهيب مطاع

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

تتمة : [١٥]

ا لتنكير في قولهعليه‌السلام  : «وَجَعَلَكَ آيةً من آيات مُلكِهِ » ، يمكن أن يكون للنوعيّة ، كما قالوه في قوله تعالى :( وعلى أبصارهم غشاوة ) (١) (٢) ، والأظهر أن يُجعل للتعظيم.

فإن قلت : احتمال التحقير أيضاً قائم ، وهذا كما قالوه في قوله تعالى :( إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن ) (٣) : إنّ التنكير فيه يحتمل التعظيم والتحقير معاً ، أي عذاب شديد هائل ، أو عذاب حقير ضعيف ، فلمطويت عنه كشحاً!؟.

قلت : الاحتمالان في الآية الكريمة متكافئان بحسب ما يقتضيه الحال ، فلذلك جوزهما علماء المعاني من غيرترجيح ، بخلاف ما نحن فيه ، فان الحمل على التحقير وان كان لا يخلو من وجه ـ أيضاً ـ نظراً إلى ما هو أعظم منه من آيات ملكه جلَّ شأنه ، إلَّا أنَّ الحمل على التعظيم كأنَّه أوفق بالمقام ، وأنسب بمقتضى الحال ، فلذلك ضربت عن ذكره صفحاً.

وإن أبَيْت إلَّا أن تساوي الأمرين في ذلك فلا مشاحة معك ، وللناس فيما يعشقون مذاهب.

و قولهعليه‌السلام  : « وامتهنك » إلى آخره ، مبين ومفسّر للآية والعلامة ، وكون إحدى الجملتين مبيناً ومفسراً لبعض متعلقات الاُخرى لا يوجب كمال الاتصال بينهما المقتنر لفصلها عنها ، إنَّما الموجب له أن تكون الثانية مبينة وكاشفة عن نفس الأولى ، كما في قوله تعالى :( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ

________________________

(١) البقرة ، مدنية ، ٢ : ٧.

(٢) أنظر الكشاف للزمخشري ١ : ٥٣.

(٣) مريم ، مكية ، ١٩ : ٤٥.

١٠١

يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ ) (١) فان القول المذكور مبين للوسوسة وكاشف عنها.

وأما امتهان القمر بالأمور المذكورة فهو نفس علامة الملك والسلطنة ، لانفس جعله علامة لهما ، فلا مانع من وصل جملته بجملة الجعل فتدبر ، على أنّ أحوال القمر التي هي علاماتٌ لملكه وسلطانه جلَّ شأنه ليست منحصرة في الامتهان بالأمور المذكورة بل لها أفراد أُخر ، وكذلك الجعل المذكور ، فوصل جملة الامتهان بما قبلها يجري مجرى عطف الخاص على العام كما لا يخفى.

وتقديم الظرفين في قولهعليه‌السلام  : » أنت له مطيع وإلى إرادته سريع « للدلالة على الاختصاص ، كما في قوله تعالى :( لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ) (٢) .

ويمكن أن يكون رعاية السجع أيضاً ملحوظة ، والله أعلم [١٦ / أ].

إيضاح :

الباء في قولهعليه‌السلام  « نوّر بك الظُلَم » إما للسببية أو للالة.

ثم إنَّ جعلنا الضوء عرضاً قائماً بالجسم ـ كما هو مذهب أكثر الحكماء(٣) ، ومختار سلطان المحققين قدّس الله روحه في التجريد(٤) ـ فالتركيب من قبيل سوّدت الشيء وبيّضته ، أي صيرته متصفاً بالسواد والبياض.

و إن جعلناه جسما ـ كما هو مذهب القدماء من أنه أجسام صغار شفافة تنفصل عن المضيء وتتصل بالمستضيء ـ فالتركيب من قبيل لبّنته وتمرته ، أي صيّرته ذا لبن أو تمر(٥) .

________________________

(١) طه ، مكية ، ١٢٠ : ٢٠.

(٢) التغابن ، مدنية ، ٦٤ : ١.

(٣) منهم الفخر الرازي ، انظر التفسير الكبير ١٧ : ٣٥.

(٤) تجريد الاعتقاد : ١٦٧.

(٥) للتوسعة في بحث الضوء أُنظر مطالع الأنظار شرح طوالع الأنوار ١ : ٢٤٥ ، كشّاف اصطلاحات

١٠٢

وهذا القول وإن كان مستبعداً بحسب الظاهر إلّا أنَّ إبطاله لا يخلو من إشكال ، كما أنَّ إثباته كذلك.

و قد استدلوا عليه : بأنَّه متحرك منتقل ، فإنه ينحدر من الشمس إلى الأرض ، وينتقل من مكان إلى آخر ، والأعراض ليست كذلك.

وأجاب القائلون بعَرضيّته : بأنه ليس ثمة حركة وانتقال ، وإنَّما هو حدوث ؛ فإن مقابلة الجسم الكثيف للمضيء معدّ لحدوث الضوء فيه ، والحركة والانتقال محض توهّم.

وسببه : أنَّ حدوث الضوء في الجسم السافل لما كان بسبب مقابلته للجسم العالي تُخيِّل أنَّه انحدر من العالي إلى السافل.

وحدوثه في القابل لما كان تابعاً لوضعه ومحاذاته للمضيء ـ بحيث إذا زالت تلك المحاذاة إلى قابل آخر زال الضوء عن الأول وحدث في ذلك الآخر ـ ظُنّ أنّه انتقل من الأول إلى الثاني.

واستدلوا على بطلان القول بجسميته : بأنّه محسوس بحس البصر ، فلو كان جسماً [١٦١ / ب] لكان ساتراً لما يحيط به ، وكان الأشد ضوءاً أشد استتاراً.

واعترض عليه : بأنَّ الحائل بين الرائي والمرئي إنَّما يستر المرئي إذا كان كثيفاً لعدم نفوذ شعاع البصر فيه أما إذا كان شفافاً فلا ؛ فإن صفحة البلّور تزيد ما خلفها ظهوراً وانكشافاً ، ولذلك يستعين بها الطاعنون في السن على قراءة الخطوط الدقيقة.

واُجيب عنه : بانه لو كان جسماً لم تكن كثرته موجبة لشدة الإحساس بما تحته ، لأنّ الحس يشتغل به ، فكلَّما كان أكثركان الاشتغال به أكثرفيقل الاحساس بما وراءه ، ألا ترى أنَّ تلك الصفحة إذا غلظت جدا أوجبت لما تحتها ستراً ، وأنَّ الاستعانة بالرقيقة منها إنَّما هي للعيون الضعيفة لاحتياجها إلى جمع

__________________

الفنون ١ : ٨٧٠ وغيرها.

١٠٣

الروح الباصرة ـ على ما بُينّ في موضعه ـ دون القوية ، بل هي حجاب لها عن رؤية ما وراءها. هكذا أورده شارح المواقف(١) ، والشارح الجديد للتجريد(٢) .

و أقول : في هذا الجواب نظر ، فإنَّ لهم أن يقولوا أنَّ الملازمة ممنوعة ، فإن بعض الأجسام الشفافة يوجب كثرتها وغلظها زيادة ظهور ما خلفها لحس البصر ، ولهذا ترى الشمس والقمر وسائر الكواكب حال كونها قريبة من الأفق ، أعظم منها حال كونها على سمت الرأس ، مع أنّها وهي على الاُفق ، أبعد عنّا منها وهي على سمت الراس بأزيد من نصف قطر الأرض ، كما لا يخفى على من له أدنى تخيل ؛ وما ذلك إلّا لأن سمك البخار وغلظه بين البصر والكوكب حال قربه من الأفق أكثر مما بينهما حال كونه على سمت الرأس كما بُيّن باستبانة الثاني من ثالثة [١٧١ / أ] كتاب الأصول.

وكذلك حال الصفحة من البلور ، فإنّها إذا رقّت جداً لم تؤثر في الإعانة على قراءة الخطوط الرقيقة ، بل لا بدّ لها من غلظ يعتدّ به ، ومن ثم نرى الطاعنين في السن ربما يستعينون بمضاعفتها على قراءة تلك الخطوط ، على أنّه لا يلزم من كون ازدياد ثخن البلور مؤدياً إلى ستر ما وراءه أن يكون ازدياد ثخن كلّ شفاف مؤدياً إلى ذلك.

ألا ترى أنّ ثخن مجموع كرتي الهواء والنار والأفلاك التي تحت فلك الثوابت تزيد على خمسة وعشرين ألف ألف فرسخ كما بينوه ، ومع ذلك لا تحجب أبصارنا عن رؤية ما وراءها ، ولم لا يجوز أن لا تصل مراتب ثخن الضوء ـ على تقدير جسميته ـ إلى حدّ يصير به عائقاً عن الاحساس بما خلفه ؛ وأن يكون الضوء بالنسبة إلى كلّ العيون بمنزلة الصفحة الغير الغليظة جدا من البلور بالنسبة إلى عيون الطاعنين في السن.

________________________

(١) شرح المواقف ٢ : ١٤٩ ، وما بعدها ، القسم الثاني من المبصرات.

(٢) شرح التجريد : ٢٤١ ، عند قول الخواجه نصير : « ولو كان الثاني جسماً لحصل ضد المحسوس ».

وأنظر كشف المراد : ٢٣٢.

١٠٤

فكما أنَّ هذه لا تبصر الأشياء الصغيرة والخطوط الدقيقة إلّا بتوسط تلك الصفحة ، فكذلك تلك لا تبصر شيئاً من الأشياء إلّا بتوسط الضوء ، وكما أنَّ هذه لا تشغل البصر عن الإحساس بما وراءها فكذلك تلك والله أعلم بحقائق الاُمور.

تبصرة :

لعلّهعليه‌السلام  أراد بالظلم في قوله : « نوّر بك الظُلَم » الأهوية المظلمة ، لا الظلمات أنفسها ، فإنّها لا تتصف بالنور.

و تجويز كونهعليه‌السلام  أراد ذلك مبني على أن الهواء يتكيّف بالضوء ، وهو مختَلَف فيه ، فالذين جعلوا اللون شرطاً في التكيف بالضوء منعوا منه.

و أورد عليهم : أنّا نرى عند الصبح ما يقارب الاُفق مضيئاً ، وما هو إلّا الهواء المتكيف بالضوء.

و أجابوا : بأن ذلك للأجزاء البخارية المختلطة به ، والكلام في الهواء الصّرف الخالي من الشوائب البخارية والدّخانية القابلة للضوء بسبب كونها متلونة في الجملة.

و رده الفخر الرازي : بأنّه يلزم من ذلك أن الهواء كلما كان أصفى كان الضوء الحاصل فيه قبل الطلوع وبعد الغروب أضعف ، وكلّما كان البخار والغبار فيه أكثر كان الضوء أقوى ؛ لكن الأمر بالعكس [١٧١ / ب](١) ، هذا كلامه ، وللتأمل فيه مجال واسع.

واستدل في الملخص على استضاءة الهواء بأنّه لو لم يتكيف بالضوء لوجب أن نرى بالنهار الكواكب التي في خلاف جهة الشمس ؛ لأن الكواكب باقية على ضوئها ، والحس لم ينفعل على ذلك التقدير من ضوء أقوى من ضوئها يمنع

________________________

(١) حكاه عنه شارح المواقف ٢ : ١٥٤.

١٠٥

الإحساس بها(١) .

والحق أن تكيّف الهواء بالضوء في الجملة مما لا ينبغي أن يرتاب فيه فارادتهعليه‌السلام  بالظُلم الأهوية المظلمة لا مانع منه.

ويجوز أن يريدعليه‌السلام  بالظُلَم الأجسام المظلمة سوى الهواء ، وهذا أحسن ؛ لاستغنائه عن تجشم الاستدلال على قبول الهواء للضوء ، وسلامته عن ثبوت الخلاف ، والله أعلم.

إكمال :

يمكن أن يكون مرادهعليه‌السلام  بتنوير الظلم إعدامها ، بإحداث الضوء في محالّها ، وهذا يبتني على القول بأن الظُلمه كيفية وجودية ، كما ذهب إليه جماعة ، وهذا الرأي وان كان الأكثر على بطلانه إلا أنّ دلائلهم على بطلانه ليست بتلك القوة ، فهو باق على أصل الإمكان إلى أن يذود عنه قاطع البرهان ، فلو جوّز مجوّز احتمال كونه أحد محامل كلامهعليه‌السلام  لم يكن في ذلك حرج.

و أجود تلك الدلائل ما ذكروا من : أنّ الظلمة لو كانت كيفية وجودية لكانت مانعة للجالس في الغار المظلم من رؤية من هو في هواء مضيء خارج الغار ، كما هي مانعة له من إبصار من هو في الغار ، وذلك للقطع بعدم الفرق في الحائل المانع من الإبصار بين أن يكون محيطا بالرائي أو بالمرئي أو متوسطاً بينهما.

و ربما منع ذلك بأنها ليست بمانعة ، بل إحاطة الضوء بالمرئي شرط للرؤية ، وهو منتف في الغار ر [١٨ / أ] ، أو يقال : العائق عن الرؤية هو الظلمة(٢) المحيطة بالمرئي لا الظلمة المحيطة بالرائي ، أو الظلمة مطلقاً.

وليس ذلك بأبعد مما يقال : شرط الرؤية هو الضوء المحيط بالمرئي ، لا

________________________

(١) الملخص : مخطوط.

(٢) في المصدر الآتي : « هو الضوء المحيط ». ولعل الصحيح المثبت بمقارنة ما بعده. وانظر شرح المراقف ٢ : ١٤٩.

١٠٦

الضوء المحيط بالرائي ، ولا الضوء مطلقاً.

وقولهم : لا فرق في الحائل بين أن يكون محيطاً بالرائي أو المرئي مسلّم فيما إذا كانت ذات الشيء مانعة من الإبصار ، لا فيما تكون مانعة بشرطه ، هكذا أورده الشارح الجديد للتجريد(١) ، وهو كلام جيّد لا غبار عليه.

وقال الفخر الرازي في المباحث المشرقية : الظلمة أمر عدّمي ، لأنا إذا غمضنا العين كان حالنا كما إذا فتحناها في الظلمة ، فكما أنّا عند التغميض لا ندرك شيئاً ، فكذلك إذا فتحناها في الظلمة وجب أن لا ندرك كيفية في الجسم المظلم ، ولأنّا لو قدّرنا خلو الجسم عن النور من غير انضياف صفة اُخرى إليه لم يكن حاله إلّا هذه الظلمة ، ومتى كان كذلك لم تكن الظلمة أمراً وجودياً(٢) . إنتهى كلامه.

و أورد عليه : أنّه كلام ظاهري إقناعي ، يتطرق إليه الخدش والمنع من جوانبه ، ومثله في المقام البرهاني مما لا يصغى إليه.

توضيح حال :

أ رادعليه‌السلام  « بالزيادة والنقصان » زيادة نور القمر ونقصانه بحسب ما يظهر للحس ، لأن الزيادة والنقصان حاصلان له في الواقع وبحسب نفس الأمر ، لأن الأزيد من نصفه منير دائماً ، كما بيّن في محله ، وأمّا زيادته في الاجتماع ونقصانه في الاستقبال كما هو شأن الكرة الصغيرة المتنيرة من الكبيرة حالتي القرب والبعد فليس الكلام فيهما ، إنّما الكلام في الزيادة والنقصان المسببين عن البعد والقرب ، المدركين بالحس.

وربّما يتراءى لبعض الأفهام من ظاهر قولهعليه‌السلام  : « وامتهنك بالزيادة والنقصان » أنّ زيادة نور القمر ونقصانه المحسوسين واقعان بحسب الحقيقة ، وحاصلان في نفس الأمر ، كما هو معتقد كثير من الناس ، وهذا وإن كان ممكناً

________________________

(١) شرح التجريد لعلاء الدين القوشجي : ٢٤٢ ، عند شرح قول المحقق الطوسي : والظلمة عدم ملكة.

(٢) المباحث المشرقية ١ : ٣٠٤ ، ألفصل الثامن من الباب الثالث في الكيفيات المبصرة.

١٠٧

نظراً إلى قدرة الله تعالى ـ على أن يحدث في جرمه أول الشهر شيئاً يسيراً من النور ، ويزيده على التدريج إلى أن يصير بدراً ، ثم يسلبه عنه شيئاً فشيئاً إلى المحاق ـ إلّا أن حمل كلامهعليه‌السلام  على ما هو متفق عليه بين أساطين علماء الهيئة حتى عدّ من الحدسيات أليق وأولى ، وهم مع قطع النظر عما أوجب تحدّسهم بذلك إنّما اقتبسوا هذا العلم من أصحاب الوحي سلام الله عليهم ، كشيث [١٨ / ب ] على نبينا وعليه السلام ، المشتهر في زمانهم بفيثاغورس ، وقيل : إنّه أغاتا ريمون(١) ؛ وكإدريس على نبيّنا وعليه السلام ، المدعو على لسانهم بهرمس.

و قد نقل جماعة من المفسرين منهم الشيخ الجليل أبو علي الطبرسي طاب مثواه ـ عند تفسير قوله تعالى :( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا ) (٢) ـ أنّ علم الهيئة كان معجزة لهعليه‌السلام  (٣) .

و نقل السيد الطاهر ذو المناقب والمفاخر رضي الدين علي بن طاوس ـ قدس الله روحه ـ في كتاب فرج المهموم في معرفة الحلال والحرام من علم النجوم قولاً بأن أبرخس وبطليموس كانا من الأنبياء ، وأنّ أكثر الحكماء كانوا كذلك ، وإنما التبس على الناس أمرهم لأجل أسمائهم اليونانية(٤) (٥) . هذا ما نقله طاب ثراه ، ولا استبعاد فيه(٦) .

________________________

(١) اختلف في ضبطه ، فورد تارة « اغاثاريمون » وأخرى « اغاثاذيمون » وغيرها.

(٢) مريم : مكية ، ١٩ : ٥٦.

(٣) مجمع البيان ٣ : ٥١٩ ، وأنظر أيضاً التفسير الكبير ٢١ : ٢٣٣ / الجامع لأحكام القرآن ١١ : ١١٧ / عرائس المجالس : ٤٩ / فرج المهموم : ٢١ ، ٥٠ ، ٧٨ ومواضع اخر.

(٤) فرج المهموم : ١٥١ حكاه عن كتاب ريحان المجالس وتحفة الموانس تاليف احمد بن الحسين بن علي الرحمي.

(٥) أي لما كانت اسماؤهم موافقة لأسماء بعض حكماء اليونان ، ألّذين ينسب إليهم فساد الإعتقاد ، أشتبه على الناس حالهم ، وظنوا أن أصحاب تلك الأسامي باجمعهم على نهج واحد من الاعتقاد ، منه ـ قدس سره ، هامش الأصل.

(٦) والذي يؤيد ما ذهبا إليه قدس الله ارواحهم رأي جمع من ألمؤرخين منهم المقدسي حيث يقول في كتابه : « ونبأه الله بعد وفاة آدم وأنزل عليه النجوم والطب واسمه عند اليونانيين هرمس »

١٠٨

وكلّ من له أدن خوض في هذا العلم الشريف لا يرتاب في أنّ اصول مطالبه متلّقاة من الأنبياء صلوات الله عليهم ، ويحكم حكماً قطعياً لا يشوبه شوب شبهة بأنّ القوة البشرية لم تستقل بادراك خبايا حقائقه ولم تستبدّ باستنباط خفايا دقائقه ، وأنّ ما وصل إليه أصحاب هذا الفن بأرصادهم الجسمانية مقتبس من مشكاة أصحاب الأرصاد الروحانية سلام الله عليهم أجمعين.

إشارة فيها إنارة :

لمّا كان نور القمر مستفاداً من الشمس ، وكانت أعظم منه كما بُيّن في محله(١) ، كان الأكثرمن نصفه متسنيراً بضوئها دائماً والأقل من نصفه مظلماً دائماً ؛ لما ثبت في الشكل الثاني من مقالة أرسطرخس(٢) فى جرمي النيرين ، من

________________________

وكذلك في مورد آخر : « وأما الحرانية فانهم يقولون : لن تحصى اسماء الرسل الذين دعوا إلى ألله ، وان مشهورهم أراني ، أغتاذيمون ، ـ أو أغاثاذيمون ـ وهرمس ، وسولن جدّ أفلاطون لأمه ، ومن القدماء من يقول ، بنبوة أفلاطون ، وسقراط وأرسطاطاليس ». وحكى ابن أبي أصيبعة في عيون أنبائه عن ، كتاب مختار الحكم ما لفظه « وأما هرمس هذا فهو الأول ولفظه أرمس وهو أسم عطارد ، ويسمى عند أليونانيين أطرسمين ، وعند ألعرب إدريس ، وعند العبرانيين أخنوخ مولده بمصر » ونسب إلى أبي معشر البلخي في كتابه الالوف قوله : « وتسميه الفُرس اللهجد ، وتفسيره ذو ألعدل ، وهو الذي تذكر الحرانية نبوته وهو أول من تكلم في ألأشياء العلوية من الحركات النجومية ، وأن جده كيومرت ـ وهو آدم ـ علّمه ساعات الليل والنهار » ولم يقتصر ذلك على المؤرخين بل ذكره المفسرون أيضاً.

انظرللجميع : مروج الذهب ١ : ٥٠ و ٢ : ١٥٢ / طبقات الحكماء : ٥ ـ ١٠ / عيون الأنباء في طبقات الأطباء : ١ ٣ ـ ٣٢ / البدء والتاريخ ٣ : ١٢ و ٣ : ٨ / تاريخ الحكماء : ١ و ٣٤٦ / تاريخ مختصر الدول ٧ ، ٨ / تاريخ علم الفلك : متفرقة / مجمع ألبيان ٣ : ٥١٩ / التفسير الكبير ٢١ : ٢٣٣ تفسير القرطبي ١١ / ١١٧ / العرائس : ٤٩ / الملل وألنحل ٢ : ٤٧ / فرج ألهموم : ٢٢ / مفاتيح العلوم : ١١٣ / البداية والنهاية ١ : ٩٩ / الكامل في التاريخ ١ : ٣٤ ـ ٣٥ / شرح حكمة الاشراق : ٢١.

(١) قد ثبت في الأجرام : أن ألشمس ستة آلاف وستمائة وأحد وأربعون مثلاً للقمر ، منه. قدّس سره ، هامش المخطوط.

(٢) ارسطرخس ، أو ارسطوخس ، يوناني اسكندراني ، خبير بعلم النجوم ـ الفلك ـ قيّم به ، من أوحدي الناس في زمانه ، له : حد الشمس والقمر. تلمذ عليه الملك بطليموس ، عاش في

١٠٩

 أ نّه إذا قبل الضوء كرة صغرى من كرة أعظم منها كان المضيء من الصغرى(١) أعظم من نصفها(٢) ، والفصل المشترك بين المنير والمظلم منه دائرة قريبة من

________________________

القرن الثالث قبل الميلاد ، وجاء في آخر كتابه : أنّ ارسطرخس أصله أرشطو ، ومعناه الصالح ، وارخش ومعناه الرأس ، فركبوا واسقطوا الواو والألف تخفيفاً.

له ترجمة في تاريخ الحكماء : ٧٠ / الفهرست للنديم : ٣٣٠ / لغة نامه دهخدا « حرف الألف » : ١٨٢٣.

(١) وعلى هذا المطلب دليل لطيف سوى هذا أوردته في حواشي تشريح الأفلاك « منه » قدس ، هامش المخطوط.

(٢) لصعوبة الحصول على المصدر إليك نص الشكل الثاني : ( ب ) اذا قبل الضوء كرة صغرى من كرة عظمى منها ، كان الجزء المضيء منها أعظم من نصفها ، فيقبل الضوء كرة مركزها( أ ) عن كرة أعظم مركزها( ب ). ، وليحط بهما مخروط رأسه ـ ح ـ ومحوره ( ح ب ) ، وليمر به سطح كيف أتفق ، ولتحدث عنه في الكرتين عظيمتا ( ج د ) و ( هـ ز ) وفي المخروط خط ( ح ج ، ح د ) ونصل ( ج د ، هـ ز ) فالقطعة من الكرة ألتي عليها( هـ ط ز ) وقاعدتها الدائرة التي قطرها( هـ ز ) هي التي تقبل الضوء لكونها محاذية لكرة ( د ج ـ ) لأن خير ( ج هـ ، د ز ) من خطوط الشعاعات الواصلة بينها ومركز الدائرة في قطعة ( هـ ط ز ) فهي أعظم من نصف الكرة وذلك ما أردناه.

إليك المخطط.

١١٠

العظيمة تسمى دائرة النور ، وتفصل أيضاً بين المرئي وغير المرئي منه دائرة اُخرى تسمى دائرة الرؤية ، وهي أيضا قريبة من العظيمة وليست عظيمة(١) ؛ لما ثبت في الشكل الرابع والعشرين من مناظر إقليدس(٢) أنّ ما يرى من الكرة يكون أصغر من نصفها(٣) ، ويحيط به دائرة وهاتان الدائرتان يمكن أن تتطابقا

________________________

انظر : كتاب جرمي انيرين وبعديها : ٤ ، ضمن رسائل الخواجة نصير الدين الطوسي.

(١) إعلم أن المحقق النيشابوري أستدل في شرح التذكرة على أن دائرة الرؤية غير عظيمة بأن اقليدس بيّن في الثامن والعشرين من كتاتبه في المناظر[١١] : أنّ ما بين العينين إذا كان اصغر من قطر الكرة رؤي أصغر من نصف. ونحن انما عدلنا عن هذا الاستلال لأنّ المحقق الطوسيقدس‌سره بيّن في تحرير مناظر اقليدس خلاف هذا الشكل ، وفي أخويه ، وهما إذا كان ما بين العين أعظم من قطر الكرة ، رؤي منها أعظم من نصفها ، وإلّا فإنّ المراد بالعين في هذا ألشكل واخويه هما عينا شخصين لا شخص واحد ، لا عينيه بمنزلة عين واحدة عند أصحاب المناظر ، كما صرح به المحقق البيرجندي في شرح التذكرة ، ويظهر من كلام القوم ، منه قدس سره ، هامش ألمخطوط.

(٢) اقليدس الأول ـ ومعناه المفتاح ـ أو اوقليدس بن نوقراطس الدمشقي بن برنيقس ، حكيم فيلسوف رياضي ، يوناني الجنس ، شامي الديار ، نجار الصنعة ، ولد في صور أو الاسكندرية ، أب الرياضيات الفعلية ، له مؤلفات في الهندسة والرياضيات غاية في النفع ، لا زالت هي الأساس في هذا العلم حتى بعد مرور ٢٣ قرناً عليها ، نقلت مؤلفاته إلى العربية بواسطة ألعالم العربي حنين بن إسحاق ، ونقحها ثابت بن قره حدود سنة ٢١١ هـ.

له حكم جليلة منها : قال له رجل : أني لا آلو جهداً في أن أفقدك حياتك ، فقال له : إنّي لا آلو جهداً في أن أفقدك غضبك.

قال له الملك بطليموس ـ وكان يحضر درسه في الرياضيات ـ يوماً ، بعد أن أعياه فهم الدرس : أما هناك طريقة أسهل لفهم الرياضيات؟ فقال له : ليس في ألرياضيات طريق ملكية!!.

وقال : العمل على الإنصاف ترك ألإقامة على المكروه. له مؤلفات منها : اصول اقليدس أو اقليدس تسمية للكتاب باسم المؤلف ، المناظر ، التحرير ، ألمرايا. وخير شروحها شرح الفيلسوف الأعظم الخواجة نصير الدين الطوسي.

له ترجمة في تاريخ اليعقوبي ١ : ١٢٠ / دائرة معارف القرن العشرين ١ : ٤٣٣ / دائرة معارف البستاني ٤ : ٩١ / تاريخ الحكماء : ٦٢ / فهرست النديم : ٣٢٥ / مختصر الدول : ٣٨ / طبقات الحكماء : ٣٩ رقم ١٤ / لغة نامة دهخدا : ٣١٦٩ من حرف الألف.

(٣) لما تقدم في الهامش الأسبق اليك نص المصدر :

ما يرى من الكرة يكون أصغر من نصفها ، وتحيط بها دائرة ، فلتكن الكرة مركزها « أ » ، والبصر « ب » ، ونصل « ب أ » ، ونخرج سطحاً طر ـ به ، ونقطع ألدائرة العظمى في الكرة التي عليها

١١١

[١٩ / ] ، وقد تتفارقان إما متوازيتين أو متقاطعتين ، أو لا ذا ولا ذاك. كما أوضحناه في تعليقاتنا على فارسية الهيئة(١) ولنأخذهما هنا عظيمتين كما فعل بعض

________________________

« ج ح ط د » ، ونرسم على قطر « ب أ » دائرة « أ ب ج » ، ونصل « ب ج » ، « ب د » ، « أج » ، « أ د ». فلأن « أج ب » نصف دائرة تكون زاوية « أج ب » قائمة ، وكذلك زاوية « أ د ب » ، « د ب ج ب د » تماسان دأئرة « ج ح ط » ونصل « ج د » ونخرج من « أ » ، خط « ح أ ط » موازياً له ، فزاوية « ك » قائمة.

واذا أدرنا مثلث « ب ك ج » على محور « ب ك » ألثابت إلى أن يعود إلى موضعه رسمت نقطة « ج » دائرة على ألكرة ، وبكون « ب ج » في جميع المواضع مماسا للكرة ، فترى الكرة بمنزلة تلك الدائرة ، ويكون المرئي منها أقل من نصفها لأن نصف الكرة ما يحويه « ح ج » ، « د ط » و « ج د » المرئي من شعاعي « ب ج » ، « ك د » أقل منه وذلك ما أردناه. وإليك التخطيط :

أنظر كتاب المناظر : ١٠ ، منظر ( كد ) ضمن رسائل الخواجه نصير الدين الطوسي.

(١) إنّ التطابق قد يحصل في ألإجتماع المرئي ، ويقع في كسوف تام. والتواري يكون في الاستقبال إن اتصل سمتهما ، والمخروطي على الاستقامة. والتقاطع كما في التربيع. والتقارن بلا توار ولا تقاطع قد يتحقق في المحاق ، وفي الاستقبال أيضاً ، إذا لم يحصل الشرط المذكور ، منه. قدس سره ، هامش المخطوط.

١١٢

الأعلام ، اذ لا تفاوت في الحس بين كلّ منهما وبين العظيمة ، ونجعل ما يقارب التطابق تطابقاً ، ونقول :

ا ذا اجتمع الشمس والقمر(١) صار وجهه المضيء إليها ، والمظلم إلينا ، وتتطابق الدائرتان وهو المحاق ، فإذا بُعد عنها يسيراً تقاطعت الدائرتان على حوادّ ومنفرجات ، ويرى من وجهه المضيء ما وقع منه بين الدائرتين في جهة الحادتين اللتين إلى صوب الشمس وهو الهلال.

ولا تزإل هذه القطعة تتزايد بتزايد البعد عن الشمس والحوادّ تتعاظم ، وإلمنفرجات تتصاغر حتى يصير التقاطع بين الدائرتين على قوائم ، ويحصل التربيع ، فيرى من الوجه المضيء نصفه ، ولا يزال يتزايد المرئي من المضيء ويتعاظم انفراج الزاويتين الأوليين إلى وقت الاستقبال ، فتطابق الدائرتان مرة ثانية ويصير الوجه المضيء إلينا وإلى الشمس معاً ، وهو البدر.

ثم يقع التقارب فيعود تقاطع الدائرتين على المختلفات أولاً ، ثم على قوائم ثانياً ، وحصل التربيع الثاني(٢) ، ثم يؤول الحال إلى التطابق فيعود المحاق ، وهكذا إلى ما يشاء الله سبحانه.

________________________

(١) المراد باجتماعهما كون موضعهما نقطة من مركز التربيع والاجتماع ، إما مستتر إن مرّ بهما خط خارج من مركز العالم. أو مرئي إن مر بهما خط خارج من موضع الناظر ، ويقال له الإجتماع الكسوفي ، منه قدس سره. هامش المخطوط.

(٢) إنّما قلنا في التربيع الأول « يحصل » بصيغة المضارع وفي التربيع الثاني « حصل » بصيغة الماضي لملاحظة نكتة وهي : أن تقاطع تينك الدائرتين على قوائم إنّما يكون قبل ألتربيع الأول ، وبعد التربيع ألثاني بزمان قليل ، لا في آن التربيع ، والّا لزم وقوع قائمتين في المثلث الحاصل من الخطوط ، الواصل أحدها من مركزي الشمس ودائرة النور ، وألاخرى بين المركزين والبصر الذي هو بمنزلة مركز الأرض ، إحدى القائمتين عند مركز الأرض لأن وترها ربع الدور ، والاخرى عند مركز الشمس ومركزها عموداً على سطحها ، وكون ألواصل بين البصر ومركز هذه الدائرة في سطحها ، فيحيط هذان الخطان لا محالة بزاوية قائمة ، ولا يجوز أن يكون تقاطع تينك الدائرتين على زوايا قوائم بعد التربيع الأول ، وقبل الثاني ، وإلا لزم في المثلث عند البصر لكون وترها أكثر عند مركز الدائرة ، منه. قدس سره ، هامش المخطوط.

١١٣

 تبيان:

لا يخفي أن حكمهم بأن نور القمر مستفاداً من الشمس ليس مستنداً إلى مجرد ما يشاهد من اختلاف المتشكلات النورية بقربه وبعده عن الشمس ، فإنّ هذا وحده لا يوجب ذلك الحكم قطعاً ، بل لا بد مع ذلك من ضمّ أُمور اُخر ، كحصول الخسوف عند توسط الأرض بينه وبين الشمس ، إلى غيرذلك من الأمارات التي يوجب اجتماعها ذلك الحكم ، لجواز أن يكون نصفه مضيئاً من ذاته ونصفه مظلما ، ويدور على نفسه بحركة مساوية لحركة فلكه.

فإذا تحرك بعد المحاق يسيراً رأيناه هلالاً ، ويزداد فنراه بدراً ، ثم يميل نصفه المظلم شيئاً فشيئاً إلى أن يؤول إلى المحاق.

أ قول : وهذا هو مقصود ابن الهيثم(١) بلا شك ومرية ، لا ما ظنّه صاحب حكمة العين(٢) حيث قال : زعم ابن الهيثم : أن القمر كرة يصفها مضيء

________________________

(١) أبو علي ، الحسن بن ألحسن بن الهيثم ، وقيل : محمد بن الحسين ، علم من أعلام الرياضيات ، والطبيعيات ، وألطب ، والفلسفة ، فاضل النفس ، قوي ألذكاء ، لم يماثله أحد من أهل زمانه في الرياضيات ، لخص كثيراً من كتب ارسطو طاليس ، وشرحها ، وهكذا جالينوس ، كان حسن الخط جيده ، أصله من البصرة ، أقام في مصر اخريات عمره ، له المناظر الجامع في أصول الحساب ، الطب ، تحليل المسائل ألهندسية ، مقالة في الضوء ، اختلاف منظر القمر ، وغيرها كثير مات سنة ٤٣٠ هـ ١٠٣٨ م.

له ترجمة في : طبقات ألأطباء : ٥٥٠ / دائرة المعارف الاسلامية ١ : ٢٩٨ / تاريخ ألحكماء : ١٦٥ / تاريخ مختصر ألدول : ١٨٢ / كشف الظنون ١ : ١٣٨ / الأعلام ٦ : ٨٤ ، ٢ : ١٨٧ / معجم المؤلفين ٣ : ٢١٥.

(٢) هو : علي بن عمر بن علي ، المعروف بدبيران المنطقي ، أو الكاتبي القزويني ، الشافعي ، من أساتذة فنون الحكمة وألكلام ، والطب والنجوم ، و. و. و. ، دعاه الخواجه نصير الدين الطوسي للمشاركة في رصد مراغة سنة ٦٥٠ فأجاب ، وبدأ أعماله وتحقيقاته هناك مع زملائه ألأفاضل. تتلمذ على جمع منهم النصير الطوسي ، ومحمد بن أشرف الحكيم الحسيني ، والأثير ألاساغوجي ، وكان له تلامذة يشار إليهم بالبنان ، منهم : العماد القزويني ، والكازروني ، وألعلامة الحلي. له مؤلفات منها : رسالة إثبات الواجب ، الشمسية في المنطق ، عين القواعد ،

١١٤

 ونصفها مظلم ، وتتحرك على نفسها ، فاذا مال النصف المضيء إلينا نراه هلالاً ، وتتحرك بحيث يصيرنصفها المضيء كله إلينا عند المقابلة وعلى هذا دائماً.

ثم قال : وهوضعيف ، وإلّا لما انخسف [٢٠ / ] في شيء من الاستقبالات أصلاً(١) ، انتهى كلامه.

وقد وافقه صاحب المواقف في هذا الظن قائلاً : إنَّ الخسوف يبطل كلام ابن الهيثم(٢) .

و هذا منهما عجيب ، وابن الهيثم أرفع شانا في هذا العلم من أن يظن صدور مثل هذا عنه ، وكلامه ينادي بأنّ قصده ما ذكرناه ، حيث قال : إنّ التشكلات النورية للقمر لا يوجب الجزم بأن نوره مستفاد من الشمس ، لاحتمال أن يكون القمركرة نصفها مضيء ونصفها مظلم ، ويتحرك على نفسه ، فيرى هلالاً ، ثم بدراً ، ثم ينمحق ، وهكذا دائماً(٣) انتهى كلامه ، وهو كلام لا غبار عليه أصلاً.

والعجب أنّ هذا الكلام نقله شارح حكمة العين(٤) عنه ، ولم يتفطن لما هو مقصوده منه ، فإياك وقلة التأمل.

________________________

بحر الفوائد ، جامع الدقائق ، المفصل في شرح المحصل ، وحكمة العين أو عين القواعد وغيرها كثير.

مات سنة ٦٧٨ وقيل ٦٧٥ هـ = ١٢٧٩ ـ ١٢٧٦ م.

له ترجمة في فوات الوفيات ٣ : ٥٦ رقم ٣٤٦ / الاعلام ٤ : ٣١٥ / تاريخ مختصر الدول : ٢٨٧ / تاريخ الفلك : ٣٦ / معجم المؤلفين ٧ : ١٥٩ / مقدمة حكمة العين فارسية / كشف الظنون ١ : ٦٨٥ / هدية العارفين ١ : ٧١٣ ناسباً له إلى التشيع / هدية الأحباب : ٢٤٢.

(١) حكمة العين ، ذيل المبحث الخامس من المقالة الثالثة من القسم الثاني في العلم الطبيعي. وانظر شرح حكمة العين للبخاري : ٥٢٦ ـ ٥٢٧.

(٢) المواقف : ٢١٤ ، وانظر شرح الشريف الجرجاني ٢ / ٤٣٧ ، المقصد الثالث في كسوف الشمس ، من القسم الثاني في الكواكب ، من الموقف الرابع في الجواهر.

(٣) أنظر الهامش رقم (١).

(٤) انظر الهامش رقم (٢).

١١٥

إرشاد :

لعلك تقول ـ عند ملاحظة قولهعليه‌السلام  : « وامتهنك بالزيادة والنقصان » ـ : أنَّ حصول الإمتهان للقمر بنقصان نوره ظاهر ، فما معنى حصول الامتهان له بزيادة النور؟ فاقول فيه وجهان :

ا لأول : أنّه لمّا كان أحد وجهيه مستنيراً بالشمس دائماً ، وكانت زيادة نوره إنما هي بحسب إحساسنا فقط ، وقد سخره الأمر الالهي لأن يتحرك في النصف الأول من الشهر على نهج لا يزيد به المنير منه في كل ليلة إلّا شيئاً يسيراً ، لا يستطيع أن يتخطاه ، ولا يقدر على أن يتعدّاه ، أثبتعليه‌السلام  له الامتهان ، بسبب إذلاله وتسخيره للزيادة على هذا الوجه المقرر ، والنهج الخاص. وقد شبّه بعضهم حال القمر ، في ظهور القدر المرئيّ منه شيئاً فشيئاً في النصف الأول من الشهر إلى أن يصير بدراً ، ثم استتاره شيئاً فشيئاً في النصف الثاني إلى أن يختفي ؛ بما إذا أمر السيد عبده بان لا يكشف النقاب عن وجهه للناظرين إلّا على التدريج شيئاً فشيئاً في مدة معينة ، وأنّه متى انكشف وجهه بأجمعه فليبادر في الحال إلى ستره ، وارخاء النقاب عليه شيئاً فشيئاً إلى أن يختفي بأجمعه عن الأبصار.

ا لوجه الثاني : أن يكون مرادهعليه‌السلام  الامتهان [٢١ / ] بمجموع الزيادة والنقصان ، أعني التغير من حال إلى حال ، وعدم البقاء على شكل واحد ، ولعل هذا الوجه أقرب ، وهو جار فيما نسبهعليه‌السلام  إليه من الامتهان بالطلوع والافول ، والإنارة والكسوف.

و يمكن أن يوجه امتهانه بالإنارة بوجه آخر ، وهو : أن يراد بها إعطاؤه النور للغير ـ كوجه الأرض مثلاً ـ لا اتصافه هو بالنور ، فان الإنارة والإضاءة كما جاءا في اللغة لازمين فقد جاءا متعديين أيضاً(١) ، وحينئذ ينبغي أن يراد بالكسوف

________________________

(١) انظر لسان العرب ١ : ١١٢ / الصحاح ١ : ٦٠ ، مادة « ضوء » فيهما.

ولسان العرب ٥ : ٢٤٠ / الصحاح ٢ / ٨٣٩ ، مادة « نور » فيهما.

١١٦

كسفه للشمس ، ليتم المقابلة ، ويصير المعنى امتهنك بأن تفيض النور على الغير تارة وتسلبه عنه أُخرى ، ولو أريد المعنى الشامل للخسوف أو نفس الخسوف أيضا لم يكن فيه بعد ، والله أعلم.

تمهيد :

لمّا كانت الشمس ملازمة لمنطقة البروج ، وكانت أعظم من الأرض(١) كان المستنير بأشعتها أعظم من نصفها ، والمظلم أقل كما عرفت سابقاً ، وحصل مخروط مؤلف من قطعتين ، ترتسم احداهما من الخطوط الشعاعية الواصلة بين الشمس وسطح الأرض ، ويسمى مخروط النور والمخروط العظيم ، والاخرى من ظل الأرض وتسمى مخروط الظلّ ، والمخروط الصغير ، ويحيط به طبقة يشوبها ضوء مع بياض يسير ، ثم طبقة اُخرى يشوبها مع ضوء يسيرصفرة ، ثم طبقة أخرى يشوبها يسير حمرة ، وهذه الطبقات الثلاث تظهر للبصر في المشرق من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس بهذا الترتيب ، وبعكسه بعد غروبها في المغرب ، وقاعدة المخروط العظيم [٢٢ / ] على كرة الشمس منصّفة بمنطقة البروج ، وسهمه في سطحها ، وينتهي رأسه في أفلاك الزهرة عند كون الشمس في الأوج ، وفيما دونه فيما دونها ، وقاعدة المخروط الصغير صغيرة على وجه الأرض ، وهي الفصل المشترك بين المنير منها والمظلم ، وهذان المخروطان يتحركان(٢) على سطح الأرض كأنهما جبلان شامخان ، يدوران حولها على التبادل ، أحدهما أبيض ساطع ، والاخر أسود حالك ، عليه ملابس متلونة ، ويتحرك الأبيض من المشرق إلى المغرب ، وهو النهار لمن هو تحته ، والأسود بالعكس وهو الليل لمن هو تحته ، فتبارك الله أحسن الخالقين.

________________________

(١) لما ثبت في الأجرام : أن الشمس مائة وستة وستون مثلاً وربع وثلثي مثل الأرض. منه ، قدس سره ، هامش الأصل.

(٢) وحركتها بقدر الفاضل بين حركة الفلك الأعلى ـ أعني الحركة اليومية ـ والحركة الحاصلة للشمس. وفي التحفة : إن هذه الحركة بحسب الحركة الأولى ، وفيه ما فيه ، ولعل مراده ما ذكرناه ، وإن كانت عبارته قاصرة عن مراده منه ، قدس سره. هامش المخطوط.

١١٧

وإذا توهّمنا سطحاً كرّياً مركزه مركز العالم ، يمر بمركز القمر وبالمخروط الصغير فالدائرة الحادثة منه على جرم القمر تسمى صفحة القمر ، والحادثة على سطح المخروط دائرة الظّل ، ومركزها على منطقة البروج.

تلويح فيه توضيح :

إذا لاقى القمر مخروط الظّل في الاستقبال ، ووقعت صفحته كلّها أو بعضها في دائرة الظل ، انقطعت الأشعة الشمسيّة عنه كلاً أو بعضا ، وهو الخسوف الكلّي أو الجزئي ، ولكون غاية عرض القمر ـ وهي خمسة أجزاء ـ أعظم من مجموع نصفي قطري صفحته ودائرة الظلّ ، لم ينخسف في كلّ استقبال(١) [٢٣ / أ] ، بل إذا كان عديم العرض ، أو كان عرضه ـ وهو بُعد مركزه عن مركز دائرة الظل ـ أقل من نصفها(٢) إذ لو كان مساويا لها ماسّ القمر محيط دائرة الظلّ من خارج على نقطة في جهة عرضه ، ولم ينخسف ، وان كان أكثر فبطريق أولى ، أما إن كان العرض أقل من النصفين انخسف أقل من نصف قطره إن كان العرض الأقل أكبر من نصف قطر دائرة الظلّ ، ونصف قطره إن كان مساويا له ، لمرور دائرة الظلّ بمركز الصفحة حينئذ ، وأكثر منه(٣) إن كان أقل منه ، وأكثرمن فضل نصف قطر دائرة الظلّ على نصف قطر القمر ، وكله(٤) غير(٥) ماكث إن كان مساوياً لفضل نصف قطر دائرة الظلّ على نصف قطر القمر ، لمماسّة القمر محيط الظلّ من داخل على نقطة في جهة عرضه ، وماكثاً بحسب ما

________________________

(١) لو كان مدار القمر في سطح منطقة البروج ، لا نخسف في كل استقبال ، لكون مركز دائرة الظلّ أبداً منها ، لكنه لما كان القمر في منطقة الحامل لم يدخل شيء منه في دائرة الظل إلآ إذا قارب وهذا ظاهرجلي. منه. قدس سره ، هامش المخطوط.

(٢) أي : من مجموع نصفي الشطرين. منه. قدس سره ، هامش المخطوط.

(٣) أي : وانخسف أكثر من نصفي قطره لا كلّه إن كان العرض أقل من نصف قطر دائرة الظل وأكثر من عليه. منه. قدس سره ، هامش المخطوط.

(٤) أي : والخسف كلّه حال كون الخسوف غير ماكث. منه. قدس سره ، هامش المخطوط.

(٥) بالنصب حال من « كلّه » منه. قدس سره ، هامش المخطوط.

١١٨

يقع في دائرة الظل إن كان أقل من هذا الفصل ، وغاية المكث إذا كان عديم العرض ، وأول الخسوف يشبه أثراً دخانياً ، ثم يزداد تراكماً بازدياد توغل القمر في الظلّ ، بان كان عرضه أقل من عشر دقائق كان لونه أسود حالكاً ، وإلى عشرين فأسود ضارباً إلى خضرة ، وإلى ثلاثين فإلى حمرة ، وإلى أربعين فإلى صفرة ، وإلى خمسين فأغبر ، وإلى ستين فأشهب.

و ابتداء الانجلاء من شرقي القمر [٢٣ / ب] ، كما أن ابتداء الخسوف كذلك.

تنبيه وتبيين :

الأحوال المشهورة الحاصلة للقمر كثيرة ، فبعضها يشاركه فيها سائر الكواكب ، كالإنارة والطلوع والأُفول ونحوها ، وهي كثيرة ولا حاجة داعية إلى ضبطها ، وبعضها امور تختص به لا توجد في غيره من الكواكب ، وقد اعتنى أهل الهيئة بالبحث عنها ، وأشهرها ستة :

سرعة الحركة ، واختلاف تشكلاته النورية ، واكتسابه النور من الشمس ، وخسوفه لحيلولة الأرض بينهما ، وحجبه لنورها بالكسف لها ، وتفاوت أجزاء صفحته في النور وهو المسمى بالمحو.

وهذه الأحوال الستة يمكن فهمها من كلامهعليه‌السلام  بعضها بالتصريح وبعضها بالتلويح.

أمّا سرعة حركته واختلاف تشكّلاته فظاهر ؛ وأمّا كسفه للشمس وخسوفه فلما مرّ من حمل الكسوف في كلامهعليه‌السلام  على ما يشمل الأمرين معاً ؛ وأمّا اكتسابه النور من الشمس فلدلالة اختلاف التشكّلات مع الخسوف عليه.

فهذه الأمور الخمسة تفهم من كلامهعليه‌السلام  على هذا النهج ، وبقي الأمر السادس ـ أعني تفاوت أجزائه في النور ـ فإنّ في إشعار كلامهعليه‌السلام  به نوع خفاء ؛ ويمكن أن يومىء إليه قولهعليه‌السلام  : « وامتهنك بالزيادة

١١٩

و النقصان ». فإن المراد زيادة النور ونقصانه ، ولا معنى لتفاوت أجزائه في النور إلّا زيادته في بعض ونقصانه في بعض آخركما لا يخفى [٢٤ / أ].

فقد تضمن كلامهعليه‌السلام  مجموع تلك الأحوال الستة المختصة بالقمر ، وقد مر الكلام في الأربعة الاُول منها ، وبقي الكلام في الأخيرين فنقول :

أ مّا الكسوف : فهو ذهاب الضوء عن جرم الشمس في الحسّ كلّا أو بعضاً ، لستر القمر وجهها المواجه لنا كلاً أو بعضاً ، وذلك عند كونهما بحيث يمرخط خارج من البصر بهما ، إمّا مع اتحاد موضعيهما المرئيين ، أو كون البعد بينهما أقل من مجموع نصفي قطريهما ، فلو تساويا ماسّها ولا كسف ، وإن زاد الأول فبالأولى ، فإن وقع مركزاهما على الخط المذكور كسفها كلّها بلا مكث ، إن كان قطراهما متساويين حساً ، ومع مكثه إن كان قطراها أصغر ، وبقي منها حلقة نورانية إن كان قطرها أعظم ، وإن لم يقعا على ذلك الخط كسف منها بعضاً أبداً إلّا إذا كان قطره أعظم حسا فقد يكسفها حينئذ كلا ، وربما يبقي منها حلقةً نورانية مختلفة الثخن أو قطعة نعلية إن كان قطره أصغر.

و لمّا كان الكسوف غير عارض للشمس لذاتها ، بل بالقياس إلى رؤيتها بحسب كيفية توسط القمر بينها وبين الأبصار ، أمكن وقوعه في بقعة دون أُخرى ، مع كون الشمس فوق أفقيهما ، وكونه في احداهما كلّياً أو أكثر ، وفي أُخرى جزئياً أو أقل ، وابتداء الكسوف من غربيّ الشمس ، كما أنّ ابتداء الانجلاء كذلك.

تتمة :

وأمّا محو القمر : ـ وهي الظلمة المحسوسة في صفحته ـ فأمره ملتبس ، والآراء فيه متشعبة والأقوال متخالفة ، وابن سينا في الشفاء(١) أطنب في بيان

________________________

(١) الشفاء ، الطبيعيات ٢ : ٣٧ ، الفصل الخامس أحوال الكواكب ومحو القمر.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363