أدب الطف الجزء ٩

أدب الطف15%

أدب الطف مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 363

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 363 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 128712 / تحميل: 7946
الحجم الحجم الحجم
أدب الطف

أدب الطف الجزء ٩

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

أمست جسومهم لقى

ورؤوسهم فوق الرماح

لا تنشئي يا سحب غي‍

‍ثاً ترتوي منه النواحي

فلقد قضى سبط النبي

بكربلا صديان ضاحي

أدمع المدامع رزؤه

ورمى الأضالع بالبراح

فلتلطم الأقوام حزناً

حُرّ أوجهها براح

ولتدرع حلل الأسى

أبداً ولا تصغي للاحي

ساموه إما الموت تح‍

‍ت البيض أو خفض الجناح

عدمت أمية رشدها

وتنكبت نهج الفلاح

فمتى درت أن الحسي‍

‍ن تقوده سلس الجماح

وقال يرثي الحسينعليه‌السلام أيضاً:

أيدري الدهر أي دم أصابا

وأي فؤاد مولعةٍ أذابا

فهلا قطعت أيدي الأعادي

فكم أردت لفاطمة شبابا

وكم خدر لفاطمة مصون

أباحته وكم هتكت حجابا

وكم رزء تهون له الرزايا

ألمّ فالبس الدنيا مصابا

وهيج في الحشى مكنون وجدٍ

له العبرات تنسكب انسكابا

وأرسل من أكف البغي سهما

أصاب من الهداية ما أصابا

أصاب حشى البتول فلهف نفسي

لظام لم يذق يوماً شرابا

قضى فالشمس كاسفه عليه

وبدرالتم في مثواه غابا

وكم من موقف جمّ الرزايا

لو أن الطفل شاهده لشابا

به وقف الحسين ربيط جأش

وشوس الحرب تضطرب اضطرابا

يصول بأسمر لدن سناه

كومض البرق يلتهب التهابا

وبارقه يلوح الموت منها

إذا ما هزها مطرت عذابا

٦١

السيد جواد مرتضى، ينتهي نسبه الشريف إلى الشهيد زين بن علي بن الحسين (ع). ولد في قرية عيتا من أعمال صور - لبنان سنة ١٢٦٦ ه‍. ودرس مبادئ العلوم على علماء لبنان وارتحل إلى النجف الأشرف لطلب العلوم الدينية والمعارف الربانية فاقام بها ثمانية عشرة سنة كلها بين مفيد ومستفيد، درس الفقه والاصول على أساطين العلماء كالشيخ محمد حسين الكاظمي والشيخ محمد طه نجف، وكان يقضي جلّ أوقاته في الدرس والتدريس ثم سار إلى دمشق - الشام لما تكاملت فيه الكفاءة ولحاجة الناس إلى أمثاله ومنها توجه إلى مسقط رأسه ( عيتا ) فكانت عنده حوزة تدريس حتى تخرّج الكثير من علماء جبل عامل على يده، ولما رأى حاجة أهالي بعلبك إلى أمثاله سار بطلب منهم حتى أقام فيهم مدرساً ومصلحاً ومرشداً وألّف كتاب ( مفتاح الجنات ) وبمساعيه أسس الجامع الكبير المعروف ب‍ جامع النهر ومدرسة بالقرب منه ثم رجع إلى عيتا.

توفي ضحوة يوم الخميس ثاني جمادى الأول سنة ١٣٤١ ه‍. ودفن هناك إلى جنب أخيه المرحوم العلامة السيد حيدر مرتضى المتوفى سنة ١٣٣٦ ه‍. كان لوفاته رنة أسى وحزن عميق وقد اقيمت له مجالس التعزية وذكريات التأبين ورثاء جمع من شعراء عصره.

وقد جمع الاستاذ العلامة السيد عبد المطلب مرتضى جميع ما أُلقي من الشعر في تأبينه وما قاله المؤبنون في مجالس ذكراه وأسماه ب‍ ( شجى العباد في رثاء الجواد ) وطبع في مطبعة العرفان - صيدا سنة ١٣٤١ ه‍.

٦٢

قال يمدح السيدة زينب بنت أمير المؤمنين عليعليه‌السلام في دمشق سنة ١٣٣٠ ه‍.

حرم لزينب مشرق الاعلام

سام حباه الله بالإعظام

حرم عليه من الجلال مهابة

تدع الرؤوس مواضع الاقدام

في طيه سر الاله محجب

عن كل رائدة من الأوهام

بادي السنا كالبدر في افق السما

متجلياً يزهو بأرض الشام

فإذا حللت بذلك النادي فقم

لله مبتهلاً بخير مقام

في روضة ضربت عليها قبة

كبرت عن التشبيه بالاعلام

يحوي من الدر الثمين جمانة

لمّاعة تعزى لخير إمام

صنو النبي المصطفى ووصيه

وأبو الهداة القادة الأعلام

أسنى السلام عليه ما هبّت صبا

وشدا على الأغصان ورق حمام

وعلى بنيه الغر أعلام الهدى

ما أنهل قطر من متون غمام

٦٣

الحاج مجيد العطار

المتوفى ١٣٤٢

شهر المحرم فاتك العذر

أوجعت قلب الدين يا شهر

فكأن شيمتك الخلاف على

آل النبي وشانك الغدر

يا شهر هل لك عندهم ترة

أنى وعندك كم لهم وتر

لا ايبضّ يومك بعد نازلة

منها يكاد الدمع يحمرّ

غشيت هلالك منه غاشية

بالطف يكسف عندها البدر

سلب الأهلة بشرها فغدا

أيامها الأعياد والبشر

أيطيب عيش وابن فاطمة

نهبت حشاه البيض والسمر

تالله لا أنساه مضطهداً

حتى يضم عظامي القبر

ومشرداً ضاق الفضاء به

فكأن لا بلد ولا مصر

منع المناسك أن يوديها

بمنى فكان قضاءها النحر

أفديه مستلماً بجبهته

حجراً إذا هو فاته الحجر

أو فاته رمي الجمار فقد

أذكى لهيب فؤاده الجمر

يسعى لاخوان الصفا وهم

فوق الصعيد نسائك جزر

ويطوف حول جسومهم وبه

انتظم المصاب ودمعه نثر

حتى إذا فقد النصير وقد

نزل البلاء وأُبرم الأمر

سئم الدنية أن يقيم بها

لوث الإزار وعيشها نكر

٦٤

وعظ الكتائب بالكتاب وفي

آذانهم من وعظه وقر

فانصاع يسمعهم مهنده

آيات فصل دونها العذر

فأبوا سوى ما سنّه لهم

الأحزاب يوم تتابع الكفر

حتى جرى قلم القضاء بما

بلغ المرام بفتكه شمر

الله أكبر أي حادثة

عظمى تحير عندها الفكر

يا فهر حيّ على الردى فلقد

ذهب الردى بعلاك يا فهر

هذا حسين بالطفوف لقى

بلغت به آمالها صخر

حفّت به أجساد فتيته

كالبدر حين تحفها الزهر

أمن المروءة أن أُسرتَكم

دمهم لآل امية هدر

أمن المروءة أن أرؤسهم

مثل البدور تقلّها السمر

أين الأباء وذي حرائركم

بالطف لا سجف ولا خدر

أسرى على الأكوار حاسرة

بعد الحجال يروعها الأسر(١)

هو الحاج عبد المجيد بن محمد بن ملا أمين البغدادي الحلي الشهير بالعطار، ولد ببغداد في شهر ذي القعدة عام ١٢٨٢ ه‍. في محلة صبابيغ الآل، وهاجر به وبأبيه جده ملا أمين وهو طفل صغير، فنشأ في الحلة.

وبعد وفاة والده، وبلوغه سن الرشد فتح حانوتاً في سوق العطارين في الحلة، وصار يمتهن بيع العقاقير اليونانية حتى غلب عليه لقب ( العطار ) وقد اتصل بأهل العلم والأدب وأكثر من مطالعة دواوين الشعر وكتب الأدب، حتى استقامت سليقته وتقوّمت ملكته الأدبية، وكانت الحلة آنذاك سوق عكاظ كبير، ومجمع الادباء والشعراء في تلك الحقبة الزاهية من تاريخها، يختلف اليها النابهون والمتأدبون.

__________________

١ - سوانح الافكار ج ٣ / ١٩٦.

٦٥

قال اليعقوبي: « سألته يوماً وقلت له: عن أي شيخ أخذت، وعلى أي استاذ تخرجت. فقال: على الله »(١) .

ولكن ابنه المرحوم الحاج عبد الحسين أخبرني يوماً، قال: « ان أباه كان قد درس في المدارس الحكومية أيام الحكم العثماني، وانه تخرج فيها، كما أنه كان قد أتقن اللغة التركية والفارسية وتأدب بهما، كما أتقن الفرنسية والعبرية إضافة إلى اللغة العربية، وكان أن عُرضت عليه وظيفة حكومية بدرجة عالية، إبان الحكم العثماني بناءً على ثقافته ودراسته، إلا أنه امتنع عن اشغالها لاعتقاده بعدم جواز التعاون مع حكومة لا تقوم على أساس الإسلام الصحيح، وان ما سيتسلمه من مرتب هو غير حلال ».

وقد كان المترجم له « فائق الذكاء، سريع الخاطر، متوقد الذهن، حاضر البديهة، أجاد في النظم، وأتقن الفارسية والتركية، وترجم عنهما كثيراً(٢) كما ترجم كثيراً من مفردات ومثنيات الشعر الفارسي والتركي، إلى العربية شعراً.

وقد امتاز ( رحمه الله ) بسمو أخلاقه وعفه نفسه، ووفائه لأصدقائه، لذا كان حانوته ندوة أدب، ومنتدى فكر، ومدرسة شعر، يختلف اليه الادباء والعلماء، كما يؤمّه الشعراء والمتأدبون ...

ولما ثار الحليون على السلطة التركية ١٣٣٤ ه‍. وسادت الفوضى فيها خشي المترجم له سوء العاقبة، وخشي هجوم الأتراك لارجاع سلطتهم ثانية، وفتكهم فيها ( كما وقع فعلاً بعد ذلك في واقعة عاكف ) انتقل بأهله الي الكوفة التي كان قد « بنى فيها داراً وعقاراً قبل هذه الحوادث »(٣) وأقام فيها حتى

__________________

١ و ٣ - البابليات ج ٣ / القسم الثاني / ص ٦٩.

٢ - طبقات اعلام الشيعة: اغا بزرك الطهراني. وهو « للكرام البررة في القرن الرابع بعد العشرة » ج ١ / ق ٣ / ١٢٢٦.

٦٦

توفي فيها في السادس عشر من ذي القعدة سنة ١٣٤٢ ه‍. ودفن في النجف الأشرف.

كان ( رحمه الله ) قد تضلع في فن التاريخ، وأتقن منه ألواناً، كان ينظمه ارتجالاً، مما كان يثير استغراب أهل الفن.

قال اليعقوبي: « ولم اشاهد أبرع من المترجم له ولا أبدع منه في هذا الفن، فقد كان ينظم التاريخ الذي يقترح عليه مع ما يناسبه من الأبيات قبله دون اشغال فكرة، أو إعمال روية، كأنه من كلامه المألوف وقوله المتعارف، وله فيه اختراعات لم يسبقه اليها أحد »(١) ، « وقد برع في نظم التواريخ الشعرية وتفوّق في هذا الفن على معاصريه »(٢) .

وأكثر شعره ( رحمه الله ) في رثاء آل البيت ومدحهمعليهم‌السلام مما كان يتناقله الخطباء والقراء والذاكرون، لجزالته وسلاسته، وقليل ما يتجاوز ذلك في مناسبات خاصة في تهنئة أو مديح بعض الفضلاء من العلماء، أو ممن تربطه بهم وشائج الاخوة والوفاء.

أما تواريخه الشعرية، فانها لو جمعت كلها لكانت ديواناً مستقلاً، وسجلاً تاريخياً تؤرخ تلك الحقبة من ذلك الزمن.

فمن ذلك البيتان اللذان ضمنهما (٢٨) تاريخاً في الحساب الأبجدي يؤرخ فيها عمارة تجديد مقام الإمام علي (ع) في الحلة سنة ١٣١٦ ه‍:

بباب مقام الصهر مرتقبا نحا

أخو طلب بالبر من علمٍ برا

مقام برب البيت في منبر الدعا

أبو قاسم جرّ الثنا عمها أجرا

وله مثلهما أيضاً في تاريخ زفاف المرحوم السيد أحمد إبن السيد ميرزا صالح القزويني وفيهما (٢٨) تاريخاً وذلك سنة ١٣١٨ ه‍:

__________________

١ - البابليات ج ٣ - ق ٢ - ص ٧٠.

٢ - طبقات اعلام الشيعة: « الكرام البررة في القرن الرابع بعد العشرة » ج ١ / ق ٣ / ١٢٢٦.

٦٧

أكرم بخزّان علم أمّ وارده

منكم لزاخر بحر مد آمله

زفت إلى القمر الأسنى بداركم

شمس لوار وزان البشر حامله(١)

« وعلى أثر هذه التواريخ سماه العلامه السيد محمد القزويني ب‍ ( ناسخ التواريخ ) » وقد سماه الآخرون ( شيخ المؤرخين ).

قال اليعقوبي في البابليات: وله مثلهما في السنة نفسها يؤرخ عمارة مقام المهدي في الحلة المعروف بالغيبة، وفيهما (٢٨) تاريخاً:

توقع جميل الأجر في حرم البنا

بفتحك بالنصر العزيز رواقا

بصاحب عصر ثاقب باسمه السنا

نجد اقترابا ما أجار وراقا

وقال يؤرخ الشباك الفضي الذي عمل بنفقة المرحوم الشيخ خزعل أمير المحمّرة على قبر القاسم ابن الإمام موسى الكاظمعليهما‌السلام :

للامام القاسم الطهر

الذي قدس روحا

خزعل خير أمير

أرخوا شاد ضريحا

وله مؤرخاً وفاة العالم الزاهد السيد ياسين ابن السيد طه سنة ١٣٤١ ه‍:

يا لسان الذكر ردد أسفا

وأبك عن دمع من القلب مذاب

وانع ياسين وارخ من له

فقدت ياسينها ام الكتاب

__________________

١ - البيتان على النمط التالي:

صدر الأول. عجزه. صدر الثاني. عجزه. مهمل البيت الاول. معجمه. مهمل صدر الأول مع معجم عجزه. معجم صدر الأول مع مهمل عجزه. مهمل البيت الثاني. معجمه. مهمل صدره مع معجم عجزه. معجم صدره. مع مهمل عجزه. مهمل الصدرين. معجم الصدرين. مهمل صدر الأول. مع معجم صدر الثاني. معجم صدر الأول مع مهمل صدر الثاني. مهمل العجزين.

مهمل عجز الأول مع معجم عجز الثاني. معجم عجز الأول مع مهمل عجز الثاني

معجم صدر الأول مع معجم عجز الثاني. مهمل صدر الأول مع معجم عجز الثاني

معجم صدر الأول مع مهمل عجز الثاني. مهمل عجز الأول مع مهمل صدر الثاني

معجم عجز الأول مع معجم صدر الثاني. مهمل عجز الأول مع معجم صدر الثاني

معجم عجز الأول مع مهمل صدر الثاني.

٦٨

وقال يؤرخ موت بعض المعاندين بقوله:

وناع تحمّل إثما كبيرا

غداة نعى آثما أو كفورا

وقد أحكم الله تاريخه

ليصلى سعيرا ويدعو ثبورا

وله في عصا من عوسج اهديت للسيد الجليل السيد محمد القزويني:

وإن عصا من عوسج تورق الندى

وتثمر معروفاً بيمنى محمد

لتلك التي يوم القيامة جده

يذود بها عن حوضه كل ملحد

ومن روائعه ما قاله في احدى زياراته للإمام الحسين (ع) عندما تعلق بضريحه الشريف:

يدي وجناحا فطرس قد تعلقا

بجاه ذبيح الله وابن ذبيحه

فلا عجب أن يكشف الله ما بنا

لأنا عتيقاً مهده وضريحه

وقال مخاطباً للإمامعليه‌السلام :

لمهدك آيات ظهرن لفطرس

وآية عيسى أن تكلّم في المهدِ

لئن ساد في أُمٍّ فأنت ابن فاطم

وان ساد في مهد فأنت أبو المهدي

وفطرس اسم ملك من ملائكة الله قيل قد جاء به جبرائيل إلى النبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عندما بعثه الله لتهنئة النبي بالحسين ليلة ولادته، فتبرك الملك بمهد الحسينعليه‌السلام ومضى يفتخر بأنه عتيق الحسين كما ورد في الدعاء يوم الولادة: وعاذ فطرس بمهده ونحن عائذون بقبره.

وقوله ( وإن ساد في مهدٍ فأنت أبو المهدي ) لئن كان عيسى قد تكلم في المهد صبياً فالحسين أبو أئمة تسع آخرهم المهدي حجة آل محمد والذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً.

وقد ضاع أكثر شعره، حيث أنه كان ممن لا يعنون بجمع أشعاره أو تدوينها، مما نُسيَ أكثره ولم يبق منه غير ما حفظته الصدور، ومما سُجّل

٦٩

له في بعض المجاميع الشعرية الخاصة ممن كانوا يعنون بجمع أدب تلك الفترة مما هو مبعثر الآن في النجف والحلة والهندية وبغداد وكربلاء.

وقد ترجم للحاج مجيدرحمه‌الله في الآثار المطبوعة كثيرون، أشهرهم: الشيخ محمد علي اليعقوبي في ( البابليات ) في ج ٣ / القسم الثاني / ص ٦٩ - ٨٢. والشيخ علي الخاقاني في ( شعراء الحلة ) في ج ٤ / ص ٢٨٣ - ٢٩٩، والشيخ اغا بزرك الطهراني في ( طبقات أعلام الشيعة ) في ج ١ / ق ٣ / ص ١٢٢٦، وقد دوّن هؤلاء نماذج لا بأس بها من شعره يمكن مراجعتها والاغتراف منها. توفي رحمه الله في ١٧ ذي القعدة سنة ١٣٤٢ في النجف الأشرف ودفن بها.

ويقول الخاقاني في ( شعراء الحلة ) كان رحمه الله معتدل القامة عريض المنكبين أبيض الوجه مستطيله، اختلط سواد لحيته بالبياض، شعار رأسه ( الكشيدة ) مهيب الطلعة وقوراً له شخصية محبوبة لدى الرأي العام يحب الخير ويبتعد عن الشر يتردد إلى مجالس العلماء ويألف أهل التقوى ويستعمل صدقة السر.

وروى له جملة من تواريخه البديعة وأشعاره الرقيقة منها قصيدته في الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام وأولها:

سل عن الحي ربعه المأنوسا

هل عليه أبقى الزمان أنيسا

واخرى يرثي بها الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ويصف مصرعه بسيف ابن ملجم ليلة ١٩ من شهر رمضان وأولها:

شهر الصيام به الإسلام قد فجعا

وفي رزيته قلب الهدى انصدعا

وثالثة في الإمام الحسينعليه‌السلام وأولها:

هلّ المحرم والشجا بهلاله

قد أرقّ الهادي بغصة آله

ومن نوادره قوله:

عليٌ من الهادي كشقي يراعة

هما واحد لا ينبغي عدّه اثنين

فما كان من غطش على الخط لايح

فمن شعرات قد توسطن في البين

٧٠

وقال مخمساً والأصل للخليعي - وقد مرت ترجمته:

اراك بحيرة ملأتك رينا

وشتتك الهوى بيناً فبينا

فلا تحزن وقر بالله عينا

إذا شئت النجاة فزر حسينا

لكي تلقى الاله قرير عين

إذا علم الملائك منك عزما

تروم مزاره كتبوك رسما

وحرمت الجحيم عليك حتما

لأن النار ليس تمسّ جسما

عليه غبار زوار الحسين

وله في استجارته بحامي الجار قسيم الجنة والنار حيدر الكرار:

من حمى المرتضى التجأت لحصنٍ

قد حمى منه جانب العز ليث

فحيانا أمناً وجاد بمنٍّ

فهو في الحالتين غوث وغيث

مما لم ينشر من شعر العطار:

ومن تواريخه التي لم تُنشر ما قاله مؤرخاً ولادة السيد محمد طه ابن العلامة السيد حسين السيد راضي القزويني:

يُهني الحسين فتىً زكى ميلادُه

مَن قد أنابَ لدى الثناء وأخلصا

عمّ الوجود ببشرهِ في ساعةٍ

ارختُ « بالتنزيل - طه - خُصّصا »

وقوله في الجوادينعليهما‌السلام ، ( وقد التزم الجناس في القافية ):

لي بالإمامين ( موسى ) و ( الجواد ) غنىً

إن أعوزَ الناس حاجاتٍ إلى الناس

الذاكرين جميل الصُنع إن وعدا

والناسُ للوعد ما فيهم سوى الناسي

وقد شطّرهما العلامة أبو المعز السيد محمد القزويني ارتجالاً بقوله:

( لي بالإمامين ( موسى ) و ( الجود ) غنىً )

إن لم يجد لي زماني عند افلاسي

وفيهما تكمل الحاجات من كثبٍ

( ان أعوزَ الناس حاجاتٍ إلى الناس )

( الذاكرين جميل الصنع إن وعدا )

والنافيين جميع الذل واليأسِ

والمنجزين مواعيداً لفضلهم

( والناس للوعد ما فيهم سوى الناسي )

٧١

ومن تواريخه أيضاً قوله مقرضاً ومؤرخاً « بغية المستفيد في علم التجويد » لأبي المعز السيد محمد القزويني وذلك سنة ١٣٢٧ ه‍. ( وقد أحسن وأجاد ):

فضّ نجلُ المُعزّ لا فضّ فوهُ

عن رحيق مِن لفظه المختومِ

( عاصمُ ) الذهن في مراعاته مِن

خطأ الفكر، ( نافعُ ) التعليمِ

( مدّ ) كفاً مِن لينها في الندى ( تش‍

‍بعُ ) ( بالوصل ) ( لازم ) ( التفخيمِ )

فصلت للتنزيل أبهى برودٍ

من معاني الترتيل لا من أديمِ

قُلتُ مُذ أرخوا « مقاصدَ كلمٍ

فُصّلت من لدن حكيمٍ عليمِ »(١)

وله مُؤرخاً ولادة المحروس ( هادي ) ابن السيد ( حمد ) آل كمال الدين الحلي سنة ( ١٣٢٦ ه‍ ):

( حمد ) بن ( فاضل ) أنتَ أعظم عالمٍ

فيه المكارم قد أنارَ سبيلُها

غذتك مِن درّ المعارف فطنةٌ

وعليك من غرر العُلى اكليلها

هي ليلة فيها أتتك بشارةٌ

بولادة ( الهادي ) فعزّ مثيلُها

قد عمّت البشرى بها كل الورى

فلذاك يُحسن أرخوا « تفضيلها »

__________________

١ - نقلاً عن كتاب « الرجال » - المجلد الرابع - مخطوط للسيد جودت القزويني.

٧٢

الشيخ كاظم سبتي

المتوفى ١٣٤٢

برغم المجد من مضر سراةُ

سرت تحدو بعيسهم الحداةُ

سرت تطوي الفلا بجبال حلم

تخفّ لها الجبال الراسيات

كرام قوضت فلها ربوع

خلت فغدت تنوح المكرمات

وبانت فالمنازل يوم بانت

طوامس والمدارس دارسات

تحنّ لها وفي الأحشاء نار

تأجج والمدامع واكفات

أطيبة بعدها لا طبت عيشاً

وكنت حمى الورى وهي الحماة

وكنت سما العلى وبنو علي

بدور هدى بافقك ساطعات

أُباة سامها الحدثان ضيماً

ولم تهدأ على الضيم الأباة

أتهجر دار هجرتها فتقوى

وتأنس بالطفوف لهم فلاة

بدت فتأججت حرباً لحرب

ضغائن في الضمائر كامنات

يخوض بها ابن فاطمة غماراً

تظل بها تعوم السابحات

أُصيب وما مضى للحتف حتى

تثلمت الصفاح الماضيات

وقد ألوى عن الدنيا فظلت

تنوح بها عليه النائحات

تعجّ الكائنات عليه حزناً

وحق بأن تعج الكائنات

٧٣

إلى جنب الفرات بنو علي

قضت عطشا ألا غاض الفرات

تسيل دماؤها هدراً وتمسي

تغسّلها الدماء السائلات

وتنبذ في هجير الصيف، عنها

سل الرمضاء وهي بها عراة

* * *

أهاشم طاولتك اميّ حتى

تسل عليك منها المرهفات

فأنتم للمخوف حمى ومنكم

تروع في الخدور مخدرات

أحقاً أن بين القوم جهراً

كريمات النبي مهتكات

بلوعة ذات خدر لو وعتها

لصدعت الجبال الشامخات

الشيخ كاظم سبتي هو أول شاعر ادركته ولا أقول عاصرته فاني لا أتصوره ولم أرَ شخصه لكني أتصور جيداً أني مضيت بصحبة أبي - وكنت في العقد الأول من عمري - إلى مأتم حسيني عقد في دار الخطيب السيد سعيد الفحام بمناسبة تجديد داره الواقعة في محلة المشراق في النجف الأشرف وكان الوقت عصراً، ولما دخلنا الدار وجدناها تغصّ بالوافدين فقال لي أبي: إصعد أنت إلى الطابق العلوي، فكنت في مكان لا يمكنني من الاطلالة على الطابق الأرضي المنعقد فيه المحفل فسمعت خطيباً ابتدأ يهدر بصوته الجهوري ونبراته المتزنة قائلاً: ومن خطبة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام : دار بالبلاء محفوفة وبالغدر معروفة، لا تدوم أحوالها ولا يسلم نُزّالها، أحوال مختلفة وثارات متصرفة، العيش فيها مذموم والأمان منها معدوم إلى آخر الخطبة. ثم حانت مني التفاتة وإذا بصاحب الدار الخطيب الفحام جالس معنا مذهولاً يضرب على فخذه ويردد: ما هذا الافتتاح يا شيخ كاظم، ما هذا الفأل يا شيخ كاظم، وإلى جنبه أحد أقاربه يُهدّء عليه. ولما أتمّ الشيخ خطابه لاموه على هذا الافتتاح والتشاؤم وفعلاً هو معيب، فاعتذر قائلاً: شيء جرى على لساني وكأن كل شيء غاب عني إلا هذه الخطبة فافتتحت بها. وكأن تفؤّله وتشؤمه

٧٤

حقاً فلقد أُصيب الخطيب الفحام بمرض عضّال عجز عنه الأطباء حتى قضى عليه وعمت النكبة جميع من في الدار وأصبحوا كأمس الدابر، ويظهر لي أن الخطيب سبتي كان مؤمناً تتمثل فيه صفات المؤمن الكامل الايمان إذ اني لا أكاد استشهد منبرياً بشيء من شعره إلا ويترحم عليه السامعون، هذا ما حدث أكثر من مرة ليس في محافل النجف خاصة بل في سائر البلدان، وهذا ما يجعلني أعتقد أن له مع الله سريرة صالحة ونية خالصة كما يظهر أن الرجل كان واسع الاطلاع فكثيراً ما كنت أجلس مع ولده الخطيب الأديب الشيخ حسن سبتي واسأله عن مصدر لبعض الأحاديث والروايات فكان أول ما يجبيني به قوله: كان أبي يروي هذا منبرياً. وحفظت له شعراً ورددته مراراً فمنه قوله في التمسك بأهل البيت والحسين خاصة:

يا غافلاً عما يراد به غداً

ويؤول مقترف الذنوب اليه

خذ بالبكاء على الحسين ففي غد

تلقى ثوابك بالبكاء عليه

ترجم له ولده الشيخ حسن في صدر الديوان الموسوم ب‍ ( منتقى الدرر في النبي وآله الغرر ) كما ترجم له الشيخ المصلح كاشف الغطاء وغيرهما وهذا ما جاء في سيرته على قلم مترجميه:

الخطيب الأديب الشيخ كاظم ابن الشيخ حسن ابن الشيخ علي ابن الشيخ سبتي السهلاني الحميري. توفي عنه والده وهو صغير فأودعته امه عند السيد حسن السلطاني الصائغ ليحترف الصياغة ولكنه رغب عن صياغة الذهب والفضة إلى صياغة الكلام ومجلوّ النظام وسرعان ما مالت به نفسه لطلب العلم فأخذ ينتهل منه برغبة وشوق فدرس المقدمات وساعدته لباقته وحسن نبراته على تعاهد الخطابة وارتقاء الأعواد، وكان المنبري ذلك اليوم لا يتعدى غير رواية قصة الحسينعليه‌السلام ومقتله يوم عاشوراء، وإذا بهذا المتكلم يروي خطب الإمام أمير المؤمنين (ع) عن ظهر غيب فعجب الناس واعتبروه فتحاً كبيراً في عالم الخطابة ثم قام يروي السيرة النبوية وسير أهل البيت وربما روى

٧٥

سيرة الأنبياء السابقين وقصصهم فكان بهذه الخطوة يراه الناس مجدداً حيث حفظ وقرأ وهكذا من يحفظ ويقرأ يرونه مجدداً لأنهم كانوا لا يحسنون اكثر من قراءة المقاتل في ذلك الحين سمّي كل من يقوم بقراءة كتاب ( روضة الشهداء ) للشيخ الكاشفي ( روضة خون ) ان يقرأ الروضة، ويمتاز الخطيب المترجم له انه لا يروي إلا الصحيح فلا يروي الأخبار غير المسندة او الضعيفة السند.

وكان المنبريون قبله لا يحسنون اكثر من أن يتناول الواحد منهم كتاب ( روضة الشهداء ) ويقرأه نصاً ثم تطوّرت إلى حفظ ذلك الكتاب ورواية ما فيه فقط كالسيد حسين آل طعمة المتوفى سنة ١٢٧٠ ه‍. وهو ممن ولد ونشأ ومات بكربلاء المقدسة، وسلسلة نسبه رحمه الله هكذا: حسين بن درويش ابن احمد بن يحيى بن خليفة نقيب الاشراف، ويتصل نسبه بالسيد ابراهيم المجاب بن محمد العابد بن الإمام موسى بن جعفر. وهكذا كان من معاصريه وهو السيد هاشم الفائزي المتوفي سنة ١٢٧٠ ه‍. ايضا ولد ونشأ وتوفي بكربلاء وهو ابن السيد سلمان ابن السيد درويش ابن السيد احمد ابن السيد يحيى آل طعمة، وكان في اسلوبه لا يخرج عن قصة الحسينعليه‌السلام ومصرعه ومصارع اهل بيته. فجاء خطيبنا الشيخ كاظم وقد تطور منبره إلى رواية سيرة النبي والأئمة وحفظ خطب الإمام فكان انفتاحاً جديداً في المنبر الحسيني.

ولهذه الشهرة التي حازها، طلبه جماعة من وجهاء بغداد وأكابرهم ليسكن هناك، فهاجر اليها سنة ١٣٠٨ ه‍. وبقي سبع سنين يرقى الأعواد في المحافل الحسينية ويومئذ كانت المحافل تغص بالسامعين فلا اذاعة تشغلهم ولا تلفزيون يلهيهم، وفي سنة ١٣١٥ ه‍. ألزمه جماعة من علماء النجف بالعودة للنجف فكان خطيب العلماء وعالم الخطباء يلتذ السامعون بحديثه ويقبلون عليه بلهفةوتشوق ولهم كلمات بحقه تدل على فضله ونبله. ترجم له معاصروه فقالوا: كان مولده في النجف عام ١٢٥٨ ه‍. والمصادف ١٨٤٢ م. وشبّ، وهوايته العلم فدرس على الشيخ محمد حسين الكاظمي والشيخ ملا لطف الله المازندراني وأمثالهما.

٧٦

قال صاحب الحصون: فاضل معاصر وأديب محاضر، وشاعر ذاكر، تزهو بوعظه المنابر، إن صعد المنبر خطيباً ضمخ منه طيباً(١) حسن المحاورة، وله ديوان كبير في مراثي الأئمة وفي غير ذلك كثير.

وقال السيد صالح الحلي خطيب الأعواد - وهو المعاصر للمترجم له: الشيخ كاظم هو الرجل الوحيد الذي يقول ويفهم ما يقول.

ترجم له الشيخ السماوي في الطليعة وذكر طائفة من أشعاره ومنها قوله:

أما والحمى يا ساكني حوزة الحمى

وحاميه إن أخنى الزمان وإن جارا

فان أمير المؤمنين مجيركم

وان كنتم حمّلتم النفس أوزارا

ومن يك أدنى الناس يحمي جواره

فكيف لحامي الجار أن يسلم الجارا

وقوله مشطراً البيتين المشهورين:

بزوار الحسين خلطت نفسي

ليشفع لي غداً يوم المعاد

وصرتُ بركبهم أطوى الفيافي

لتحسب منهم عند العداد

فان عدّت فقد سعدت وإلا

فقد أدّت حقوقاً للوداد

وإن ذا لم يعدّ لها ثوابا

فقد فازت بتكثير السواد

وقال مخمساً:

زكا بالمصطفى والآل غرسي

وحبّهم غدا دأبي وانسي

لحشري قد ذخرتهم ورمسي

بزوار الحسين خلطت نفسي

لتحسب منهم عند العداد

نظرت إلى القوافل حيث تتلى

حثثتُ مطيتي والقلب سلا

تبعتُ الركب شوقاً حيث حلا

فان عدت فقد سعدت والا

فقد فازت بتكثير السواد

__________________

١ - اشار الشيخ الى قول محمد بن نصر المعروف بابن القيسراني المتوفى ٥٤٨ ه‍. يمدح خطيباً:

فتح المنبر صدراً

لتلقيك رحيبا

أترى ضم خطيبا

منك ام ضمخ طيبا

٧٧

وقوله في كرامة للامام موسى الكاظم سنة ١٣٢٥ ه‍. وقد سقط عامل كان ينقش في أعلى الصحن بقبة الإمام الكاظمعليه‌السلام ، وقد شاهدها الشيخ بعينيه:

إلهي بحب الكاظمين حبوتني

فقويت نفسي وهي واهية القوى

بجودك فاحلل من لساني عقدة

لأنشر من مدح الإمامين ما انطوى

هوى إذ أضاء النور من طوره امرء

كما أن موسى من ذرى الطور قد هوى

ولكن هوى موسى فخرّ إلى الثرى

ولما هوى هذا تعلّق بالهوى

أقول: كنتُ في سنة ١٣٧٧ ه‍. قد دعيت للخطابة في بغداد بالكرادة الشرقية في حسينية الحاج عبد الرسول علي، وفي ليلة خصصتها للامام الكاظم فتحدثت منبرياً بهذه الكرامة وإذا بأحد المستمعين يبادرني فيقول: انها حدثت معي هذه الكرامة فقلت له: أرجو أن ترويها لي كما جرت، قال: كنت في سنّ العشرين وأنا شغيل واسمي داود النقاش فكنت مع استاذي في أعلى مكان من الصحن الكاظمي ننقش بقبة الامام الكاظم والبرد قارس وقد وقفت على خشبة شُدّ طرفاها بحبلين فمالت بي فهويت فتعلق طرف قبائي بمسمار فانقلع وفقدت احساسي فما أفقتُ إلا والصحن على سعته مملوء بالناس والتصفيق والهتاف يشق الفضاء وخَدَمَة الروضة يحامون عني ويدفعون الناس لئلا تمزق ثيابي وقمت فلم أجد أي ألم وضرر، أقول ونظمها الشيخ السماوي في أرجوزته ( صدى الفؤاد إلى حمى الكاظم والجواد ) وآخرها قوله:

قالوا وقد زيّنت البلادُ

من فرح وابتدأت بغدادُ

طبع ديوانه في النجف عام ١٣٧٢ ه‍. وعليه تقاريض لجماعة من الفضلاء، كما طبع له ديوان آخر باللغة الدارجة وكله في أهل البيتعليهم‌السلام ولا زال يحفظ ويردد على ألسنة ذاكري الحسين وتعرض نسخة في أسواق الكتب باسم ( الروضة الكاظمية ) أما ديوانه المتقدم ذكره فهو ( منتقى الدرر في النبي وآله الغرر ). أجاب داعي ربه يوم الخميس آخر ربيع الأول سنة ١٣٤٢ ه‍. ودفن في الصحن الحيدري قرب ايوان العلامة الشيخ الشريعة.

٧٨

الشيخ حمزة قفطان

المتوفى ١٣٤٢

هواك أثار العيس تقتادها نجد

ويحدو بها من ثائر الشوق ما يحدو

تجافى عن الورد الذميم صدورها

لها السير مرعىً واللغام لها ورد

تمرّ على البطحاء وهي نطاقها

وتعلو على جيد الربى وهي العقد

عليها من الركب اليمانيّ فتية

ينكّر منها الليل ما عرف الودّ

أعدّوا إلى داعي المسير ركابهم

وأعجلهم داعي الغرام فما اعتدوا

تقرّب منهم كل بعد شملّة

عليها فتىً لم يثن من عزمه البعد

وما المرء بالانساب إلا ابن عزمه

إذا جدّ أنسى ذكر آبائه الجد

يردّ الخصوم اللد حتى زمانه

على أن هذا الدهر ليس له ردّ

ويغدو فاما ان يروح مع العلى

عزيز حياة أو إلى موته يغدو

ويغضى ولا يرضى القذى بل عن الكرى

جفوناً عن التهويم أشغلها السهد

الى قوله:

وهل قصرت كف تطول إلى العلى

لها ساعد من شيبة الحمد يمتدّ(١)

__________________

١ - عن شعراء الغري يرويها عن الخطيب الشيخ سلمان الانباري قال: وهي في الامام الحسين (ع).

٧٩

الشيخ حمزة ابن الشيخ مهدي الشهير بقفطان شاعر مطبوع وشخصية مرموقة، ولد بحي واسط سنة ١٣٠٧ ه‍. ونشأ بها ودرس المقدمات على أخيه الشيخ محمد صالح الذي كفله منذ الصغر ولما وجد في نفسه القابلية هاجر إلى النجف وأكبّ على دراسة العلوم الإسلامية ولازم العلامة الشيخ عبد الحسين الحياوي ينتهل من علومه حتى فرغ من دراسة كفاية الاصول وكتب الفقه الاستدلالي، وفي أثناء تلقي العلوم كان يتعاهد ملكته الشعرية كما درس علمي الحكمة والكلام على السيد عدنان الغريفي فبرع فيهما وساجل جماعة من العلماء الفضلاء أمثال الشيخ جعفر النقدي والشيخ عيسى البصري والسيد عدنان الغريفي فكان لديهم موضع التقدير والاجلال أما الذي استفاد منه فهو الخطيب الشيخ سلمان الأنباري وهو الذي يروي عنه المقطع الأول من القصيدة الحسينية التي هي في صدر الترجمة، وقد جمع له أخوه الشيخ محمد صالح ديواناً حافلاً بروائع الشعر الذي كان قد نشر قسماً منه في الصحف والمجلات التي كانت تصدر آنذاك ومنها مجلة اليقين البغدادية فقد نشرت له عدة قصائد في سنتها الاولى بتاريخ ١٣٤١ ه‍. ومنها قصيدة عنوانها: العلم والحجاب، وله اخرى عنوانها راية العز قال فيها:

راية العز شأنها الارتفاع

تتسامى منصورة إذ تُطاع

راية يقرأ المفكر فيها

ما روى مجدنا القديم المضاع

حيّ أعلامنا وحيّ قناها

يوم كانت تندك منها القلاع

يوم كانت بنو معدّ بن

عدنان مهيباً جهادها والدفاع

يوم كان العقاب يخفق في

الجوّ ومنه نسر الأعادي يراع

يوم أردى كسرى وقيصر منه

زجلٌ لا تطيقه الاسماع

ما اكتسى لون خضرة النصر إلا

بعدما احمرّ بالدماء اليفاع

ذاك عصرٌ بنوره ملأ الأرض

التي ضاء في دجاها الشعاع

ذاك عصر النبي والامناء الغرّ

إذ أمرهم مهيب مطاع

٨٠

من المسلمين »(1) .

5 ـ وروى ابن عباس قال : اقبل النبيّ (ص) وقد حمل الحسن على رقبته فلقيه رجل ، فقال نعم المركب ركبت يا غلام ، فقال رسول الله (ص) ونعم الراكب هو.(2)

6 ـ وروى عبد الله بن عبد الرحمن بن الزبير قال : أشبه أهل النبي (ص) وأحبهم إليه الحسن رأيته يجيء وهو ساجد فيركب رقبته أو قال : ظهره فما ينزله حتى يكون هو الذي ينزل ، ولقد رأيته وهو راكع فيفرج له بين رجليه حتى يخرج من الجانب الآخر(3)

7 ـ وروى ان النبي6 صلى احدى صلاتي العشاء فسجد سجدة أطال فيها السجود ، فلما سلم قال له الناس : في ذلك فقال : ( إن ابنى هذا ـ يعنى الحسن ـ ارتحلنى فكرهت أن أعجله )(4)

__________________

(1) الاصابة 1 / 330 ، صحيح البخاري ذكره فى الصلح ، ورواه الامام احمد بن حنبل فى مسنده 5 / 44 باسناده عن المبارك عن الحسن عن ابي بكرة قال : كان رسول الله6 يصلي بالناس ، وكان الحسن بن علي يثب على ظهره إذا سجد ، ففعل ذلك غير مرة ، فقالوا له : والله إنك لتفعل بهذا شيئا ، ما رأيناك تفعله باحد ، قال المبارك : فذكر شيئا ثم قال : إن ابني هذا سيد وسيصلح الله تبارك وتعالى به بين فئتين من المسلمين ، وذكره ابن حجر في صواعقه وجاء في العقد الفريد 1 / 164 ان الرسول6 دخل على ابنته فاطمة فوجد الحسن طفلا يلعب بين يديها ، فقال لها : إن الله سيصلح على يدي ابنك هذا بين فئتين عظيمتين من المسلمين.

(2) الصواعق : ص 82 ، حلية الاولياء.

(3) الاصابة 2 / 11

(4) البداية والنهاية 8 / 33

٨١

8 ـ وصعد6 على المنبر ليخطب ، فجاء الحسن فصعد المنبر ، فوضعه على رقبته حتى كان يرى بريق خلخاليه من اقصى المسجد ، وهما يلمعان على صدر الرسول ، ولم يزل على هذه الحالة حتى فرغ6 من خطبته(1)

9 ـ وقال6 : « من سره أن ينظر إلى سيد شباب اهل الجنة فلينظر الى الحسن »(2)

10 ـ وقال6 : « الحسن ريحانتي من الدنيا »(3) 11 ـ وروى انس بن مالك قال دخل الحسن على النبي6 فأردت أن أميطه عنه ، فقال6 : « ويحك يا أنس دع ابنى ، وثمرة فؤادي ، فان من آذى هذا فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله »(4)

هذه طائفة من الاخبار التي وردت عن النبي6 في سبطه الاكبر ، ويلمس فيها أسمى الوان التكريم والحفاوة والحب العميق.

الطائفة الثانية :

أما ما أثر عن النبي6 في حق السبطين8 فكوكبة من الروايات الصحاح التي دونها الثقات والحفاظ ، وهي صريحة

__________________

(1) البحار 6 / 58

(2) فضائل الاصحاب : ص 165 ، البداية والنهاية 8 / 35

(3) الاستيعاب 2 / 369

(4) كنز العمال 6 / 222

٨٢

الدلالة في أنهما8 من أعز الناس عند رسول الله صلى عليه وآله ومن أحبهم له ، ونذكر منها ما يلي :

1 ـ روى سعيد بن راشد ، قال : جاء الحسن والحسين8 يسعيان الى رسول الله6 فأخذ أحدهما فضمه الى إبطه ، ثم جاء الآخر فضمه إلى إبطه الاخرى ، وقال : ( هذان ريحانتي من الدنيا من أحبنى فليحبهما )(1) وكان النبي6 دوما يضفى عليهما هذا اللقب ، وقد وردت بذلك روايات عديدة(2)

2 ـ وروى انس بن مالك قال : سئل رسول الله6 أي أهل بيتك أحب إليك؟ قال6 : « الحسن والحسين » وكان يقول : لفاطمة ادعي ابني فيشمهما ويضمهما إليه(3)

3 ـ وروى أسامة بن زيد قال : طرقت النبي6 ذات ليلد في بعض الحاجة فخرج النبيّ6 وهو مشتمل

__________________

(1) ذخائر العقبى : ص 124

(2) روى ابو نعيم في حلية الاولياء 3 / 201 عن جابر ان رسول الله6 قال : لعلي بن ابي طالب7 سلام عليك يا ابا الريحانتين اوصيك بريحانتي من الدنيا خيرا فعن قليل ينهد ركناك والله خليفتي عليك ، قال فلما قبض النبيّ6 : قال علي7 : هذا احد الركنين اللذين قال النبي6 فلما ماتت فاطمة3 قال علي (ع) : هذا الركن الآخر الذي قال النبيّ6 : وفي كنز العمال 7 / 110 عن سعد بن مالك قال دخلت على النبيّ6 والحسن والحسين يلعبان على ظهره ، فقلت يا رسول الله أتحبهما؟ فقال : ومالي لا احبهما ، وانهما ريحانتى من الدنيا

(3) صحيح الترمذي 2 / 306 فيض القدير 1 / 148

٨٣

على شيء لا ادري ما هو؟ فلما فرغت من حاجتي ، قلت : ما هذا الذي أنت مشتمل عليه؟ قال فكشفه فاذا هو حسن وحسين على وركيه ، فقال : ( هذان ابناي ، وابنا ابنتي ، اللهم ، إني احبهما فأحبهما وأحب من يحبهما )(1)

4 ـ وروى سلمان الفارسي قال سمعت رسول الله6 يقول : ( الحسن والحسين ابناي من احبهما احبني ، ومن احبني أحبه الله ، ومن أحبه الله ادخله الجنة ، ومن أبغضهما ابغضني ومن ابغضني ابغضه الله ، ومن ابغضه الله ادخله النار »(2)

5 ـ وروى ابن عمر قال : قال رسول الله6 : « الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما »(3)

6 ـ واعتلى6 أعواد المنبر يخطب ، فجاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران ، وهما يمشيان ويعثران ، فنزل6 عن المنبر فحملهما ، ووضعهما بين يديه ، وقال : صدق الله

__________________

(1) صحيح الترمذي 2 / 240 ، كنز العمال 7 / 110 ، وذكر آخر الحديث ابن حجر فى صواعقه ص 114

(2) مستدرك الحاكم 3 / 166 ، وبتغيير يسير رواه الهيثمي في مجمعه 9 / 811 وكذلك فى كنز العمال 6 / 221

(3) مستدرك الحاكم 3 / 167 ، صحيح ابن ماجة ، وتظافرت الاخبار الواردة عن النبيّ6 ان سبطيه سيدا شباب اهل الجنة ، روى الترمذي في صحيحه 2 / 306 عن ابي سعيد الخدري قال : قال رسول الله6 « الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة » ورواه احمد بن حنبل فى مسنده 3 / 3 ، وروى الخطيب البغدادي في تاريخه 1 / 140 بسنده عن علي7 قال قال : رسول الله : ( الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة )

٨٤

إذ يقول :( أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ) ( لقد نظرت إلى هذين الصبيين وهما يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما )(1)

7 ـ وروى ابن عباس قال : بينا نحن ذات يوم مع النبي6 إذ أقبلت فاطمة سلام الله عليها تبكى ، فقال لها رسول الله6 : فداك أبوك ، ما يبكيك؟ قالت إن الحسن والحسين خرجا ، ولا أدرى أين باتا ، فقال لها رسول الله6 : لا تبكين فان خالقهما ألطف بهما مني ومنك ، ثم رفع يديه ، فقال : اللهم احفظهما وسلمهما ، فهبط جبرئيل ، وقال يا محمد ، لا تحزن فانهما في حظيرة بني النجار ، نائمان ، وقد وكل الله بهما ملكا يحفظهما ، فقام النبي6 ومعه أصحابه حتى أتى الحظيرة فاذا الحسن والحسين8 معتنقان نائمان ، وإذا الملك الموكل بهما قد جعل أحد جناحيه تحتهما والآخر فوقهما ، يظلهما ، فأكب النبي6 عليهما يقبلهما ، حتى انتبها من نومهما ، ثم جعل الحسن على عاتقه الايمن ، والحسين على عاتقه الايسر ، فتلقاه أبو بكر ، وقال يا رسول الله : ناولني أحد الصبيين أحمله عنك ، فقال6 نعم المطي مطيهما ، ونعم الراكبان هما ، وأبوهما خير منهما ، حتى أتى المسجد فقام رسول الله6 على قدميه وهما على عاتقيه ثم قال :

« معاشر المسلمين ، ألا أدلكم على خير الناس جدا وجدة؟

« بلى يا رسول الله »

« الحسن والحسين ، جدهما رسول الله6 خاتم المرسلين ، وجدتهما خديجة بنت خويلد ، سيدة نساء أهل الجنة »

__________________

(1) صحيح الترمذي 2 / 306 ، صحيح النسائي 1 / 209

٨٥

ثم قال6 : « ألا أدلكم على خير الناس عما وعمة؟ » قالوا : بلى يا رسول الله

« الحسن والحسين عمهما جعفر بن أبي طالب ، وعمتهما أم هاني بنت أبي طالب. »

ثم قال : « أيها الناس ، ألا أدلكم على خير الناس خالا وخالة؟ » قالوا : بلى يا رسول الله

« الحسن والحسين ، خالهما القاسم بن رسول الله ، وخالتهما زينب بنت رسول الله ».

ثم قال : اللهم ، انك تعلم أن الحسن والحسين في الجنة ، وعمهما ، في الجنة ، وعمتهما في الجنة ، ومن أحبهما في الجنة ، ومن أبغضهما في النار.(1)

ودل الحديث على مدى حبه6 لسبطيه ، وانهما أحب أهل بيته إليه ، وآثرهما عليه ، ومن المعلوم أن شأن النبوة بعيد عن الاندفاع بعواطف الحب ، فانه6 لم يمنحهما هذا الحب الا لانهما مصدرا كل فضيلة ، ومنبعا كل خير.

8 ـ وروى جابر ، قال دخلت على النبي6 والحسن والحسين على ظهره ، وهو يقول : « نعم الجمل جملكما ، ونعم العدلان أنتما »(2) وبهذا المضمون روى عمر قال رأيت الحسن والحسين8 على عاتقي النبي6 فقلت نعم الفرس تحتكما فقال النبي6 ونعم الفارسان هما(3) وقد نظم ذلك

__________________

(1) ذخائر العقبى : ص 130

(2) كنز العمال 7 / 108 ، مجمع الهيثمي 9 / 182

(3) مجمع الهيثمي 9 / 181 ، كنز العمال 7 / 106

٨٦

شاعر العقيدة السيد الحميرى فى قوله :

اتى حسنا والحسين الرسول

وقد برزا ضحوة يلعبان

فضمهما وتفداهما

وكانا لديه بذاك المكان

ومرا وتحتهما عاتقاه

فنعم المطية والراكبان

9 ـ وروى يعلى بن مرة الثقفي(1) قال : جاء الحسن والحسين يستبقان الى رسول الله6 فضمهما إليه ، وقال : إن الولد مبخلة مجبنة(2)

10 ـ وقال6 : ( الحسن والحسين سبطان من الاسباط )(3)

11 ـ وبلغ من مزيد حبه واشفاقه على سبطيه أنه كان يعوذهما خوفا عليهما من الحسد ، فقد روى أبو نعيم بسنده عن عبد الله ، قال : كنا جلوسا مع رسول الله6 إذ مرّ الحسن والحسين وهما صبيان ، فقال : هات ابنى أعوذهما بما عوذ به إبراهيم ابنيه اسماعيل ، واسحاق ، فقال : « اعيذكما بكلمات الله التامة من كل عين لامة ، ومن

__________________

(1) روي في المستدرك الحديث عن يعلى بن منبه الثقفي ، وراجعنا كتب التراجم فلم نجد يعلى بن منبه وانما الموجود يعلى بن مرة ، ولعل ما وقع ما فى المستدرك كان سهوا ، وجاء فى كل من الاصابة ، واسد الغابة ان يعلى بن مرة من افاضل الصحابة ، روى عن رسول الله6 وعن امير المؤمنين7 وشهد مع النبيّ6 الحديبية ، وبايع بيعة الرضوان وشهد خيبر ، والفتح وهوازن والطائف.

(2) مستدرك الحاكم 3 / 168 ، مسند الامام احمد بن حنبل 4 / 172

(3) الصواعق المحرقة : ص 114 ، كنز العمال 6 / 221

٨٧

كل شيطان وهامة »(1) وليس في سجل المودة الانسانية أجمل من هذا الحنان ، ولا أكرم من هذا العطف.

12 ـ ومما اشتهر بين المسلمين قوله6 : « الحسن والحسين إمامان إن قاما وان قعدا »(2) واضفى6 على حفيديه حلة الامامة ، وهي من أهم الصفات الماثلة فيهما وذلك لما تستدعيه من المثل العليا التي لا تتوفر إلا عند من اختاره الله واصطفاه من بين عباده ، فقد خص الله بها خليله إبراهيم قال تعالى :( قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) (3) وسنتحدث عن الامامة ، وما يعتبر في الامام من المؤهلات ، والصفات عند عرض مثله7 .

الطائفة الثالثة :

وتواترت النصوص الصحيحة عن النبي6 في لزوم مودة أهل بيته ، وانه حرب لمن حاربهم ، وسلم لمن سالمهم ، وقرنهم بمحكم الكتاب ، وجعلهم سفن النجاة ، وأمان الأمة ، وإلى القراء بعض تلك السنن.

__________________

(1) حلية الاولياء 5 / 44 الفضائل الخمسة من الصحاح الستة 3 / 177

(2) البحار 10 / 78 ، وجاء في نزهة المجالس 2 / 184 ، وفى الاتحاف بحب الاشراف : ص 129 ان رسول الله6 قال للحسن والحسين :« انتما الامامان ولامكما الشفاعة » وجاء فى منهاج السنة 4 / 210 ان رسول الله6 قال : للحسين 7 « هذا امام ابن امام اخو امام ابو أئمة تسعة ».

(3) سورة البقرة : آية 124

٨٨

1 ـ روى زيد بن أرقم أن رسول الله6 قال : لعلي وفاطمة والحسن والحسين: : ( أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم »(1)

2 ـ وعن أبي بكر قال : رأيت رسول الله6 خيم خيمة ، وهو متّكئ على قوس عربية ، وفي الخيمة علي وفاطمة والحسن والحسين: فقال : « معشر المسلمين أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة ، وحرب لمن حاربهم ، وولي لمن والاهم ، لا يحبهم إلا سعيد الجد ، طيب المولد ، ولا يبغضهم إلا شقي الجد ردىء الولادة »(2)

3 ـ وروى احمد بن حنبل أن النبي6 أخذ بيد الحسن والحسين ، وقال : « من احبني ، وأحب هذين وأباهما ، وامهما كان معي فى درجتي يوم القيامة »(3)

4 ـ وروى جابر ، قال رسول الله6 : ذات يوم بعرفات ، وعلى تجاهه « ادن منى يا علي خلقت أنا وأنت من شجرة أنا أصلها وأنت فرعها ، والحسن والحسين أغصانها فمن تعلق بغصن منها ادخله الله الجنة »(4)

5 ـ وروى ابن عباس قال : قال رسول الله6 ( النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتى أمان لأمتي من الاختلاف

__________________

(1) كنز العمال 7 / 102 ، سنن ابن ماجة ص 14 ورواه ابن كثير فى البداية والنهاية عن ابي هريرة.

(2) الرياض النضرة 2 / 252

(3) مسند احمد 1 / 77 ينابيع المودة ص 164 صحيح الترمذي 2 / 2 / 301

(4) مسند احمد 1 / 77

٨٩

فاذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب ابليس )(1)

6 ـ روى زيد بن أرقم قال : قال رسول الله6 « إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى ، احدهما اعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتى ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما »(2)

إن حديث الثقلين من أوثق الأحاديث النبوية ، واكثرها ذيوعا ، وقد اهتم العلماء به اهتماما بالغا لانه يحمل جانبا مهما من جوانب العقيدة الاسلامية ، كما انه من اظهر الأدلة التي تستند إليها الشيعة في حصر الامامة في اهل البيت ، وفي عصمتهم من الاخطاء والاهواء لان النبيّ6 قرنهم بكتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فلا يفترق أحدهما عن الآخر ومن الطبيعي أن صدور آية مخالفة لاحكام الدين تعتبر افتراقا عن الكتاب العزيز ، وقد صرح النبيّ6 بعدم افتراقهما حتى يردا عليه الحوض ، فدلالته على العصمة ظاهرة جلية ، وقد كرر النبي6 هذا الحديث في غير موقف من المواقف لأنه يهدف الى صيانة الأمة والمحافظة على استقامتها وعدم انحرافها في المجالات العقائدية ، وغيرها أن تمسكت باهل البيت ولم تتقدم عليهم ، ولم تتأخر عنهم.

واستيفاء البحث في جوانب الحديث يستدعى وضع كتاب خاص ، وقد كفانا مئونة البحث عنه ما ذكره العلماء من التحقيق الرائع في جميع مناحى الحديث سواء أكان من ناحية السند أم الدلالة وغيرها(3)

__________________

(1) مستدرك الحاكم 3 / 149

(2) صحيح الترمذي 2 / 308 ، اسد الغابة 2 / 12

(3) المراجعات : ص 49 ـ 52 ، الاصول العامة للفقه المقارن ص 164 ـ 187

٩٠

7 ـ روى أبو سعيد الخدرى قال : سمعت النبي6 يقول : « إنما مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق ، وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له »(1)

يقول الامام شرف الدين في مرجعاته القيمة في بيان الحديث ما نصه « وأنت تعلم أن المراد من تشبيههم: بسفينة نوح أن من لجأ إليهم في الدين فأخذ فروعه وأصوله عن أئمتهم الميامين نجا من عذاب النار ، ومن تخلف عنهم كان كمن آوى « يوم الطوفان » إلى جبل ليعصمه من أمر الله ، غير أن ذاك غرق فى الماء وهذا في الحميم والعياذ بالله. والوجه في تشبيههم: بباب حطة هو أن الله تعالى جعل ذلك الباب مظهرا من مظاهر التواضع لجلاله والبخوع لحكمه ، وبهذا كان سببا للمغفرة.

هذا وجه الشبه ، وقد حاوله ابن حجر إذ قال : ـ بعد أن أورد هذه الاحاديث وغيرها من أمثالها ـ

« ووجه تشبيههم بالسفينة أن من أحبهم وعظمهم شكرا لنعمة مشرفهم وأخذ بهدي علمائهم نجا ، من ظلمة المخالفات ، ومن تخلف عن ذلك غرق في بحر كفر النعم ، وهلك في مفاوز الطغيان » إلى أن قال : ( وبباب حطة ـ يعني ووجه تشبيههم بباب حطة ـ ان الله جعل دخول

__________________

(1) مجمع الزوائد 9 / 168 ، وجاء في مستدرك الحاكم عن حنش الكناني قال : سمعت أبا ذر يقول : وهو آخذ بباب الكعبة : أيها الناس من عرفنى فأنا من عرفتم ، ومن انكرني فأنا أبو ذر سمعت رسول الله يقول : « مثل اهل بيتى مثل سفينة نوح من ركبها نجا. ومن تخلف عنها غرق » وقد تظافرت الأخبار بهذا النص.

٩١

ذلك الباب الذي هو باب أريحا أو بيت المقدس مع التواضع والاستغفار سببا للمغفرة ، وجعل لهذه الأمة مودة أهل البيت سببا لها »(1)

8 ـ قال6 : « معرفة آل محمد براءة من النار وحب آل محمد جواز على الصراط ، والولاية لآل محمد أمان من العذاب. »(2)

9 ـ قال6 : « من مات على حب آل محمد مات شهيدا ، ألا ومن مات على حب آل محمد مات مغفورا له ، ألا ومن مات على حب آل محمد مات تائبا ، ألا ومن مات على حب آل محمد مات مؤمنا مستكمل الايمان ، ألا ومن مات على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة ، ثم منكر ونكير ، ألا ومن مات على حب آل محمد يزف إلى الجنة كما تزف العروس الى بيت زوجها ألا ومن مات على حب آل محمد فتح له في قبره بابان إلى الجنة ، ألا ومن مات على حب آل محمد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة ، ألا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة ، ألا ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه : آيس من رحمة الله »(3)

10 ـ قال6 : « واجعلوا أهل بيتى منكم مكان الرأس من الجسد ، ومكان العينين من الرأس ، ولا يهتدي الرأس إلا بالعينين »(4)

__________________

(1) المراجعات : ص 54

(2) المراجعات : ص 58 نقلا عن كتاب الشفاء ص 40

(3) المراجعات : ص 59 نقلا عن الامام الثعلبي في تفسير آية المودة من تفسيره الكبير

(4) المراجعات نقلا عن الشرف المؤبد ص 58.

٩٢

ان الواجب على المسلمين أن يجعلوا أهل بيت نبيهم مكان الرأس من الجسد ، ومكان العينين من الرأس ، فيتمسكوا بأهدافهم ، ويأخذوا بأفعالهم وأقوالهم ، ولو انهم حققوا ذلك لكانوا سادات الامم وهداة الشعوب ولكنهم ناصبوهم العداء ، واخروهم عن مراتبهم ، وأزالوهم عن مكانتهم ، فاصيبت الامة بالنكسات ، وحفت بها الخطوب والاخطار فانا لله وإنا إليه راجعون.

11 ـ قال (ص) : لا تزول قدما عبد ـ يوم القيامة ـ حتى يسأل عن أربع ، عن عمره فيما أفناه ، وعن جسده فيما أبلاه ، وعن ماله فيما أنفقه ، ومن أين اكتسبه ، وعن محبتنا أهل البيت »(1)

إن المسلمين مسئولون أمام الله عن مودة أهل البيت وعن حبهم ، ومن اظهر ألوان الحب الأخذ بأقوالهم والاقتداء بهم في جميع المجالات.

12 ـ قال (ص) : من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي ، ويسكن جنة عدن غرسها ربي ، فليوال عليا من بعدي ، وليوال وليه وليقتد بأهل بيتى من بعدي فانهم عترتي ، خلقوا من طينتى ورزقوا فهمي وعلمي فويل للمكذبين بفضلهم من امتي ، القاطعين فيهم صلتى ، لا أنالهم الله شفاعتي »(2)

ونقتصر على هذه السنن التي أثرت عن الرسول6 في أهل بيته ، وهناك عشرات أمثالها ذكرت في كتب الحديث وهي تهتف بفضلهم ، وتلزم المسلمين بالرجوع إليهم في جميع المجالات.

__________________

(1) المراجعات نقلا عن السيوطي في احياء الميت ، والنبهانى فى اربعينه.

(2) كنز العمال 6 / 217.

٩٣

احتفاء المسلمين به :

واحتفى المسلمون بالامام الحسن احتفاء بالغا فكان كبار الصحابة يقابلونه بالتجلة والتكريم ، ويتسابقون الى القيام بخدمته ، فهذا عبد الله بن عباس حبر الأمة كان إذا ركب الحسن والحسين8 بادر فأمسك لهما الركاب وسوى عليهما الثياب ، وقد لامه مدارك بن زياد على ذلك فنهره وقال له :

« يا لكع أو تدري من هذان؟! هذان ابنا رسول الله6 أو ليس مما أنعم الله به علي أن أمسك لهما الركاب ، وأسوي عليهما الثياب »(1)

وبلغ من تعظيم المسلمين وتكريمهم لهما انهما كانا يفدان الى بيت الله الحرام ماشيين فما اجتازا على ركب الا ترجل ذلك الركب اجلالا واكبارا لهما ، وإذا طافا بالبيت الحرام بلغ زحام الناس عليهما مبلغا هائلا لم يشاهد نظيره لاجل السلام عليهما والتبرك بزيارتهما(2) وكان أبو هريرة إذا رأى الامام الحسن (ع) مقبلا قام إليه فقبله بسرته لأنه رأى رسول الله6 يفعل ذلك(3) وحقا للمسلمين أن يكرموا حفيد نبيهم ويقدسوه بعد ما كرمه النبيّ6 ورفع من شأنه.

__________________

(1) تاريخ ابن عساكر 4 / 212 ، مناقب ابن شهرآشوب 2 / 143

(2) البداية والنهاية 8 / 37

(3) مسند الامام احمد بن حنبل 2 / 255 ، انساب الاشراف للبلاذري

٩٤

الفاجعة الكبرى

٩٥
٩٦

وقطع الحسن7 شوطا من طفولته مع جده الرسول6 حتى توسعت مداركه ونمت ملكاته ، وهو ناعم البال قرير العين ، يستقبل الحياة كل يوم بثغر باسم وبهناء وسعادة ، يرى من جده6 الحنان والعطف ، ومن مشيخة الصحابة التعظيم والتكريم ، وقد رأى7 ما منح به الاسلام من التوسع وكثرة الغزوات حتى دخل الناس في دين الله افواجا افواجا ، فقد تحطمت عروش الشرك واندحرت قوى الالحاد ، وغزت الجيوش الاسلامية مكة التي هي اعز بلد وامنعه في الجزيرة العربية ، وقام الاسلام وهو عبل الذراع مفتول الساعد شامخ الكيان وسرت موجات فتحه الى أغلب شعوب الأرض ، وقد غمرت قلوب المسلمين المسرات على هذا النصر الذي أعزهم الله وأيدهم به وكان أشد المسلمين فرحا واعظمهم سرورا بهذه الانتصارات التي حققها الاسلام أهل البيت.

ولكن لم تدم لهم الحالة الهانئة فقد عبس الزمن فى وجوههم ، واكفهر ، وغزا قلوبهم بخوف غامض وحزن بهيم فقد آن للرسول6 أن يفد على الله ، وينتقل الى حظيرة القدس ، وقد بدت له طلائع الرحيل وامارات الانتقال وهي :

1 ـ وكانت أول النذر بمغادرته لهذه الحياة نزول الوحي عليه بهذه الآية( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ) وقد اثارت كوامن التوجس في نفسه فقد سمعه المسلمون ينعى نفسه ويقول :

« ليتنى اعلم متى يكون ذلك؟ »

ونزلت عليه بعد هذه الآية سورة « النصر » فكان يسكت بين التكبير والقراءة ويقول :

« سبحان الله وبحمده ، استغفر الله واتوب إليه »

٩٧

وقد ساور قلوب المسلمين الخوف والجزع فانطلقت قلوبهم قبل السنتهم تستفهم عن هذه الحالة الرهيبة فاجابهم6 :

« إن نفسي قد نعيت لي »(1)

وحينما سمع المسلمون ذلك قدّت قلوبهم وانهارت قواهم ، وغامت أبصارهم بفيض من الدموع ، وأصابتهم رجفة هزت كيانهم واشاعت في نفوسهم الجزع والخوف.

2 ـ ونزل عليه القرآن الكريم في تلك السنة مرتين فاستشعر بذلك حضور الاجل المحتوم(2) واخذ ينعى نفسه ، ويعلن مفارقته لهذه الحياة وقد تصدعت القلوب لهذا النبأ وطافت بالمسلمين أمر الوان المحن والخطوب

حجة الوداع :

ولما علم الرسول6 بانتقاله الى دار الخلود ، وهو قد تحمل في سبيل ارشاد المسلمين وهدايتهم من العنت والعناء ما تنوء بحمله النفوس رأى أن يتم النهاية لرسالته المقدسة ويضع الخطة السليمة التي تضمن لامته من بعده السعادة والنجاح فحج6 من اجل ذلك حجته الأخيرة الشهيرة بحجة الوداع ، في السنة العاشرة من الهجرة واشاع بين الوافدين لبيت الله الحرام ان هذا الالتقاء هو آخر العهد بهم قائلا :

« انى لا ادري لعلي لا القاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف ابدا »

وجعل يطوف على الجماهير ويعرفهم بما يضمن لهم السعادة والنجاح « يا أيها الناس ، اني تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل

__________________

(1) مناقب ابن شهر اشوب 1 / 127.

(2) الخصائص الكبرى 2 / 368

٩٨

بيتى »(1)

لقد قرن بين الكتاب والعترة الطاهرة وجعل التمسك بهما منجاة من الفتن والزيغ ، ولو أن الامة تابعته في قوله ، وتمسكت بهما لما حلت بها الاهواء والخطوب وما عراها الذل والهوان ، وما اختلفت كلمتها ، ولا تشعبت الى فرق واحزاب( كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ )

غدير خم :

ولما فرغ النبي6 من أداء مناسك الحج اتجه الى يثرب فلما وصل موكبه الى غدير خم هبط عليه أمين الوحي فأمره أن يحط رحله في رمضاء الهجير ، وينصب الامام أمير المؤمنين خليفة من بعده ومرجعا لأمته ، وكان أمر السماء يحمل طابعا مهما بالغ الخطورة ، فقد نزل عليه الوحي بهذه الآية :

( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (2) واضطرب النبي من هذا الانذار وهذا التهديد ، إنه إن لم ينفذ ما أراد الله في تقليد أمير المؤمنين بهذا المنصب الخطير فما بلغ رسالة الله وضاعت جميع اتعابه وجهوده ، فانبرى6 بعزم ثابت الى تنفيذ ذلك وإن اغضب الطامعين بالخلافة والمنحرفين عن الامام7 ، فوضع6 اعباء المسير وحط رحله في ذلك المكان القاحل وكان الوقت قائضا حتى كان الرجل يضع طرف ردائه تحت قدميه ليتقى من الحر وامر صلى الله

__________________

(1) صحيح الترمذي 2 / 308

(2) سورة المائدة نزلت هذه الآية فى يوم الغدير ذكر ذلك الواحدى فى اسباب النزول ص 150 والفخر الرازي فى تفسيره الكبير وغيرهما.

٩٩

عليه وآله باجتماع الجماهير فلما اجتمعوا صلى بهم فلما انفلت من صلاته أمر أن توضع حدائج الابل لتكون له منبرا فصنعوا له ما اراد فاعتلى عليها وكان عدد الحاضرين مائة الف أو يزيدون ، وقد اتجهوا بقلوبهم قبل اسماعهم الى الرسول ليسمعوا ما يلقى عليهم ، وانبرى6 فبين لهم ـ اولا ـ جهاده المقدس واتعابه الشاقة فى سبيل ارشادهم وانقاذهم من حضيض الشرك والعبودية ، وذكر لهم ـ ثانيا ـ جملة من الاحكام الاسلامية والآداب الدينية فأمرهم بتطبيقها على واقع حياتهم ، وبعد ذلك قال لهم :

« فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين »

فناداه مناد من القوم

« وما الثقلان يا رسول الله؟ »

فاجابه6 : « الثقل الاكبر كتاب الله طرف بيد الله عز وجل وطرف بأيديكم فتمسكوا به لا تضلوا ، والآخر الاصغر عترتي وان اللطيف الخبير نبأني انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فسألت ذلك لهما ربي فلا تقدموهما فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا »

ثم أخذ بيد علي حتى بان بياض إبطيهما وعرفه القوم اجمعون وقال :

« أيها الناس ، من أولى الناس بالمؤمنين من انفسهم؟

فاجابوه « الله ورسوله اعلم »

فقال6 : إن الله مولاي ، وأنا مولى المؤمنين ، وأنا أولى بهم من انفسهم ، فمن كنت مولاه فعلي مولاه قال ذلك ثلاث مرات او أربع مرات ، ثم قال :

« اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، واحب من أحبه ، وابغض

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363