أدب الطف الجزء ١٠

أدب الطف18%

أدب الطف مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 320

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 320 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 127375 / تحميل: 10665
الحجم الحجم الحجم
أدب الطف

أدب الطف الجزء ١٠

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

حتى سقوط بغداد ومن النوادر الادبية أنه دخل على مدير المال وعنده كاتب يهودي يرتاح الى كماله وجماله فأنشد الشيخ السماوي مرتجلا - واسم اليهودي (يعقوب).

يا آل موسى ان يعقوبكم

جارت معانيه على العالمين

حكم لحظيه وأردافه

فأفسدت محكمة المسلمين

مال مدير المال من لحظه

واتخذ الارداف صندوق أمين

ومن غزله قوله:

أبدلي مم احورار المقل

أهو من كحل بها أم كحل

بت منها وهي سكرى ثملا

هل سمعتم ثملا من ثمل

تلفت نفسي أما يرأف بي

ساحر الاجفان أو يعطف لي

ثغره الاشنب لو عللني

لشفى لي عللي أو غللي

جائر الاعطاف كم قد هزها

فأسال النفس فوق الاسل

ترجم له الزركلي في (الاعلام) فقال:

الشيخ محمد بن طاهر السماوي بحاثة كبير وأديب لبيب وفقيه بارع شغل منصب القضاء الشرعي ردحا من الزمن، ولد ونشأ بالسماوة على الفرات شرقي الكوفة، وهي غير السماوة القديمة، وتعلم بالنجف، اكثر في شبابه من نظم الغزل والاخوانيات وانقطع في كهولته الى المدائح النبوية وما يتصل بها من مدح الحسين السبط والائمة الطاهرين وهو عضو من أعضاء المجمع العلمي العراقي، صنف كتبا منها (ابصار العين في انصار الحسين) انتهى، الكواكب السماوية، عنوان الشرف في تاريخ النجف وهو أرجوزة في ٥٠٠ بيتا، تأريخ الطف أرجوزة في ١٢٥٠ بيتا، صدى الفؤاد في تاريخ الكاظم والجواد ارجوزة في ١١٢٠ بيتا، وشائح السراء في تاريخ سامراء ارجوزة في ٧٠٠ بيتا وهذه الاربعة طبعت في كتاب واحد، ظرافة الاحلام فيمن نظم شعرا في المنام، بلوغ الامة في تأريخ النبي والائمة ارجوزة في ١٢٠ بيتا، رياض الازهار فيما نظمه في النبي وآله الاطهار، الترصيف في التصريف، مناهج الوصول الى علم الاصول، فرائد الاسلاك في الافلاك، الطليعة من شعراء الشيعة وغير هذه كثير

٢١

فقد كتب عشرات الكتب وكان شديد الشغف بالاستنساخ والتأليف كنت اسأله واستفيد منه ودخلت عليه مرة فرأيته يكتب تفسير القرآن استنساخا فقال لي اني كتبت وجمعت من الدواوين لشعراء لم يجمع شعرهم مما يربو على الخمسين شاعرا، أما من التفاسير فهذا التفسير السادس الذي اكتبه بخطي، واذكر ان التاجر السيد حسن زيني قال لي مرة: يوجد ديوان جدنا السيد محمد زيني في مكتبة الشيخ السماوي ولعلك تستطيع شراءه لي، ولما أبديت ذلك للشيخ قال لي هاك الديوان فاسرته أولى به ولما سألته عن الثمن، قال: خذ منه ما تجود به يده، وكانت مكتبة السماوي مضرب المثل وأمنية هواة الكتب واذكر أنه حاول ان تشترى منه وتوقف وقفا محبسا حتى ولو تنازل عن بعض ثمناها وقال: اتمنى ان تقدر هذه المكتبة وأتبرع بثلث قيمتها اذا حصل من يوقفها وقفا خيريا، واعتقد انه لو كان يملك القوت لاوقفها هو ولكنه كان مملقا، وبعد وفاته باعها الورثة وتفرقت في عشرات من المكتبات اخص المخطوطات التي تنيف على الالفي مخطوط، ومن ذكرياتي انه لما أصدر كتبه الثلاثة (عنوان الشرف) ظرافة الاحلام، الكواكب السماوية قرضتها بقطعة شعرية نشرتها جريدة (الهاتف) في سنتها الثامنة عدد ٣٠٦ ومنها:

الا هكذا فليك المنتجون

وفي مثل هذا يكون الشغف

وهذا الذي يستحق الثناء

وعنوانه يستحق الشرف

جدير اذا قيل بحاثة

له بالكمال الكمال اعترف

له طرف في أحاديثه

ظرافتها تزدري بالطرف

وان راح يعرب عن نطقه

ويروي نوادره والنتف

لقلت هو البحر لكنه

لئاليه فاقت لئالي الصدف

ومقتطفات له كالهلال

وقل ما الهلال وما المقتطف

يقول الكاتب المعاصر في شعراء الغري: كتب السماوي بخطه أكثر من مأتي كتاب مضافا إلى انه ينتقي الكتب القيمة وطبعاتها القديمة: الصحيحة حتى ارتفعت طبعات بولاق بسبب كثرة طلبه لها وكتب عن مكتبته جرجي زيدان في كتابه (تاريخ آداب اللغة العربية) أما مؤخذاتنا عليه رحمه الله فقد كان ينتحي القوافي

٢٢

الصعبة فتعوزه السلاسة كما انه لو اتحفنا بتاريخ النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء نثرا لكان أنفع من نظمه في أرجوزة واليكم قصيدة في مدح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد التزم فيها بالحروف المهملة دون المعجمة.

أهواه سمح الوعود أمرد

أعطى مرام الورود أم رد

هلال سعد ودعص رمل

حلاهما عوده المؤود

أطال صدا وحال عهدا

ومل ودا وواصل العد

سطا وعود الاراك رمح

عدله والسهام سدد

أما لاهل الهوى محام

وهل لصرعى الوداد عود

الى أن يقول:

وصائم الوصل لو رآه

راء لصلى على محمد

الاطهر المرسل الموطى

طاها عماد العلى الموطد

ملك سما للسماء لما

أوحى له الله عد واصعد

وهي طويلة نكتفي منها بهذا، وله من قصيدة في الامام الحسينعليه‌السلام .

كم طلعة لك يلا هلال محرم

قد غيبت وجه السرور بمأتم

ما انت الا القوس في كبد السما

ترمي قلوب المسلمين بأسهم

ذكرتهم يوم الطفوف وما نسوا

لكن تجدد ذكره المتصرم

يوم به زحف الضلال على الهدى

وبه تميز جاحد من مسلم

بعثت بنو حرب كتائب تقتفي

بكتائب وعرمرما بعرمرم

ونحت بها عزم ابن حيدر فاستوى

منها يلف مؤخرا بمقدم

سدت بها صدرالفضا فأزالها

منه بصاعقة الحسام المخذم

وأعاضت الماء الفرات بوردها

فأفاضها بندى يديه وبالدم

كم من خميس جال في أوساطه

فدعاه ملقى لليدين وللفم

قص الجناح له وأنشب قلبه

بمخالب البازي وظفر الضيغم

تتقصف الاصلاب في يوم الوغى

ما ان يقول انا الحسين وينتمي

وتهافت الارواح مثل فراشها

دفعا ببارق سيفه المتضرم

أترى أمية يوم قادت جيشها

ظنته يعطيها يد المستسلم

هيهات ما أنف الابي بضارع

للحادثات من الخطوب الهجم

٢٣

فقضى بحكم حسامه، أجسادها

لاوابد، ونفوسها لجهنم

في فتية يتلونه فكأنه

من بينهم قمر يحف بأنجم

ويستمر في نظمه الى رثاء الحسين ومصرعه.

وله قصيدة في علي الاكبر شهيد الطف منها:

يا أشبه الناس بنفس المصطفى

خليقة وخلقا ومنطقا

بمن اذا اشتاقوا النبي أبصروا

وجها له يجلو سناه الغسقا

لله من ظام ولكن سيفه

من الدما راو يمج العلقا

يرشف من ثغر أبيه بضعة

لاتستطيع بالظما أن تنطقا

ثم يعود للقتال جاهدا

يقط كشحا ويقد مفرقا

يستقبل البيض بوجه ويرى

ان الفنا خير له من البقا

حتى هوى على الثرى موزعا

بين المواضي والقنا مفرقا

يستحمل الريح سلاما لاب

بر فينقض عليه صعقا

يا زهرة الدنيا على الدنيا العفا

وزهرة الافق وليت أطبقا

ونبعة ريانة من دوحة

بها النبي والوصي اعتنقا

فمن نحاك بالحسام ضاربا

جسما تغذى بالتقى وما اتقى

وأي سيف حز منك منحرا

جرى به دم الهدى مندفقا

وللشيخ السماوي شعر كثير في الامام الحسين يجده المطالع في كتاب ابصار العين وغيره وتحس بلوعته لفاجعة أهل البيت بأبياته التي صدر بها كتابه بقوله:

فاجعة ان أردت اكتبها

مجملة دكرة لمدكر

جرت دموعي فحال حائلها

ما بين لحظ الجفون والزبر

وقال قلبي بقيا علي فلا

والله ما قد طبعت من حجر

بكت لها الأرض والسماء وما

بينهما في مدامع حمر

وقوله مخمسا بيتا واحدا من قصيدة الشيخ كاظم الازري السالفة الذكر:

٢٤

ان يقتلوك على شاطي الفرات ظما

فقد تزلزل كرسي السما عظما

وقد بكتك دما حتى العدى ندما

أي المحاجر لا تبكي عليك دما

أبكيت والله حتى محجر الحجر

وله في رثاء الحسينعليه‌السلام قصيدة، مطلعها:

أدموع عين أم مخيله

هطلت على تلك الخميلة(١)

واخرى في أبي الفضل العباس بن أمير المؤمنين (ع) أولها:

بكرت تصب اللوم مزنه

لما رأت قلبي وحزنه

وثالثة في (عيد الغدير) أولها:

أضئ يا أيها البرق التماعا

لعلي ان أرى تلك الرباعا

وقال في رثاء الامام أمير المؤمنينعليه‌السلام :

تذكر بالرمل جلاسه

فهاج التذكر وسواسه

وأفرده الوجد حتى انثنى

يعاقر من حزن كاسه

فصار اذا رمقته العيون

يطأطئ من ذلة راسه

وليل دجوجي برد الصبا

تولت همومي الباسه

أقام فخيم في أعيني

وسد بقلبي أمراسه

تململت فيه أناجي الجوى

وأدرس يا ربع أدراسه

أيا وحشة ما وعاها امرئ

وآنس في الدهر ايناسه

تمثل ليلة غال الشقي

بها علم القسط قسطاسه

وأرصده في ظلام الدجى

بحيث العدى آمنت باسه

أتاه وقد اشغلته الصلاة

وأهدأت النفس أنفاسه

على حين قد عرجت روحه

ولم تودع الجسم حراسه

فلو أنه داس ذاك العرين

بحيث يرى الليث من داسه

لفر الى الموت من نظرة

وألقى الحسام وأتراسه

ولكنه جاءه ساجدا

وقد وهب الله احساسه

__________________

١ - المخيلة جمعها مخائل: السحب المنذرة بالمطر.

٢٥

فقوى عزيمته واجترى

فشق بصارمه راسه

وهد من الدين أركانه

وجذ من العدل أغراسه

وغيض للعلم تياره

وأطفأ للحق نبراسه

فيا طالب العلم خب فالكتاب

قد مزق الكفر قرطاسه

ويا وافد العرف عد بالسحاب

غب وغيب رجاسه

ويا رخم الطير سد فالعقاب

قد مهد الموت أرماسه

فمن للعلوم يرى فكره

ومن للحروب يرى باسه

ومن لليتيم ومن للعديم

يبدل عن ذاوذا ياسه

قضى المرتضى بعدما قد قضى

ذمام القضا بالذي ساسه

قضى حيدر العلم فالعالمون

أضاعوا الصواب بمن قاسه

أعني على النوح يا صاحبي

فقد جاوز الحزن مقياسه

ألسنا فقدنا امام المهدي

وبدر الفخار ومقياسه

أتبكي الاوزة في وجهه

واصبر ان فلقوا رأسه

وقال في مدح الحسين الشهيد:

أدهق ساقي الهوى له قدحه

فشب زند الجوى بما قدحه

بات يجن الهوى ويستره

لكن صوت البكاء قد فضحه

ترثي له الناس رقة وهم

لم ينظروا قلبه ولا قرحه

ثل الجوى عزمه بحب رشا

لو مر عذب الصبابه جرحه

جؤذر رمل ومهر سابقة

ألا ترى جيده ومتشحه

حاز من الزبرقان لمحته

وباع من مشتري السما ملحه

خطا قناة وما خطى كبدي

ومال صفحا سيفا وما صفحه

دعاه قلبي للحزن لازمه

فلم يزل همه ولا ترحه

ذاك لان الفؤاد هام به

ولم يطع فيه قول من نصحه

رق لمن لم يرق سواك له

وارث لمن لا تزال مقترحه

زايلت وصفيك ثم عدت الى

(الحسين) أجلو من وصفه مدحه

سبط النبي الهادي وبهجته

وثقله الاكبر الذي طرحه

شاد عماد الهدى وأطلعه

بدرا يوازي بدر السما وضحه

صرف في دين جده فكرا

له وأوحى الى الهدى لمحه

٢٦

ضاقت يد المسلمين عن رجل

يقيم للمسلمين منفسحه

طلاب حق ركاب مخطرة

حيي وجه بالسيف منه قحه

ظلوا حيارى به فلم يجدوا

سواه يعطي الاسلام ما اقترحه

عاذ به خائفا فآمنه

ومستميحا فبثه منحه

غدا يشيد الهدى ويرفع ما

كان أبوه النبي قد فتحه

فكم دريس أعاد رونقه

وكم مشوب قد رده صرحه

قاتل عنه بصاحب خذم

لو صادم الطود حده نفحه

كهم بيض الظبى بموقفه

الحرج وأنسى عن قوسه قزحه

لما انثنى في الكفاح مبتسما

كأن في حومة الوغا فرحه

ماز الهدى وانجلت حقائقه

و عدن سبل الاسلام متضحه

نال المنى في وقوفه ومضى

لله ذبحا فويح من ذبحه

ورد ضوء الكتاب منتشرا

يجلو على مسمع الهدى فصحه

هدى به الله من أضل هدى

ومن للإسلام صدره شرحه

يقصر وصفه الطويل ثنا

فقل بمثن يقيم منسرحه

٢٧

الشيخ ابراهيم حموزي

المتوفى ١٣٧٠

رجعي يا بلابل الاغصان

واستثيري بلابل الاشجان

رددي لي بكل لحن شجي

واستجيدي مهيج الاحزان

انت مثلي في عالم الشجو الا

أنني عالم بما قد شجاني

والشجي الجهول فيما شجاه

كالمعزي وجدا من الثكلان

كم كتمت الهوى لذات صدود

قد شجاني فراقها وبراني

لي بحبي لها الذ نعيم

وعذابي بها النعيم الثاني

قدحباني بها الاله ولكن

قد رماني بهجرها وابتلاني

ذكرتني بهجرها لي هجري

واجتوائي لمنهج الرضوان

اغفلتني بزهوها وكأني

ما احتسبت المعاد في حسباني

كنت أصبو الى السعادة لكن

فرط جهلي على الشقا أغواني

جرأتني على التمرد نفسي

في هواها وقادني شيطاني

بالرقيبين قد علمت ولكن

سوء حظي عن الهدى أعماني

لست أدري اذا استطار فؤادي

يوم بعثي بجسمي العريان

ما اعتذاري لدى الحساب اذا ما

نشرا ما اقترفت طول زماني

ما اعتذاري وقد جنيت ذنوبا

أثقلتني وسودت ديواني

ما اعتذاري اذا دعيت وخفت

حسناتي بكفة الميزان

مااعتذاري اذا سئلت بماذا

قد تقضى بك الزمان الفاني

ما اعتذاري اذا نشرت وعدت

ماجنته يداي والرجلان

وأقيمت علي مني شهود

باجترامي جوارحي ولساني

لهف نفسي اذا أخذت كتابي

بشمالي وأبت بالخسران

٢٨

واستتمت علي حجة حق

عن قضاء المهيمن المنان

من مجيري من العذاب اذا ما

قيدتني سلاسل الخذلان

من مجيري على الصراتط اذا ما

أرعشتني عواقب العصيان

عقبات وربما كنت ادري

ما الاقي بها وما يلقاني

ان عدتني بهاحسان فعال

وتخوفت ضيعتي وهواني

وأذيق العصاة حر عذاب

واستحقوا المصير للنيران

فنجاتي بسيدالرسل طه

وبكائي لسبطه الظمآن

أظمأته عصابة الشرك ظلما

وسقته الردى يد العدوان

منعوه من الورود لماء

وبكفيه يلتقي البحران

وأثاروا عليه حربا عوانا

واستثاروا كوامن الاضغان

فاستدارت عليه سبعون ألفاً

وتنادت عليه بالخذلان

ألبوها عليه من كل فج

من شآم تجري الى كوفان

واستخفوا لحربه بثلاث

بين سهم وصارم وسنان

حر قلبي له وروحي فداه

من وحيد يجول في الميدان

بفؤاد مؤجج يتلضى

بين حر الظما وحر الطعان

مستغيثا بجده وأبيه

مفردا بينهم بلا أعوان

وينادي مذكرا وهو نور الله

أجلى مذكرا في بيان

قائلا فيهم أنا ابن علي

المرتضى وابن خيرة النسوان

وابن طه محمد خير خلق

طرا وآية الرحمن

فلماذا دمي يحل ولحمي

من نبي الهدى نما بلبان

فأتاه من العدى سهم حتف

ليته شق مهجتي وجناني

وانتحى قلبه فرن صداه

في حشى الدين صرة الآذان

فهوى للصعيد خير امام

ساطع النور طيب الاردان

ضارعا للاله فيما ابتلاه

في سبيل التسليم والاذعان

ونحاه القضا بضربة سيف

من خولى وطعنة من سنان

ورقى الشمر صدره بحسام

هد ركن الهدى وصرح الأماني

ومضى يقطع الوريد بعضب

سله البغي في يدي شيطان

فاكتسى الكون بالظلام حدادا

لمصاب بكت له الثقلان

ونعاه الوجود والعرش أن قد

فل عضب الهدى مع الايمان

قتلوه وما رعوا فيه حق

المصطفى لا ولا علي الشان

تركوه مرملا بدماء

فوق حر الثرى بلا أكفان

٢٩

فابك شجوا له بحر فؤاد

وزفير بأنة الثكلان

واجر حزنا عليه دمعك لكن

من نجيع بمدمع هتان(١)

* * *

الشيخ ابراهيم ابن العالم الجليل الشيخ عبد الرسول حموزي فقيه فاضل ومن رجال الفضل والكمال لا زلت اتصوره جيدا وأذكر أحاديثه العذبة في ديوان الحاج عباس دوش، كان بعدما نفرغ من تلاوة قصة الحسينعليه‌السلام يسترسل فيتحدث عن مواقف الاسلام وبطولات اعلام الاسلام ساعات من الليل والكل يصغي اليه بشوق ولهفة لحسن بيانه وفصاحة لسانه.

ولد في النجف الاشرف سنة ١٣١٥ ه‍ ونشأ بها على أبيه الشيخ الوقور فعني بتربيته وكان فطنا ذكيا ثم درس على فريق من الاعلام ونمت ملكاته العلمية والادبية مضافا الى خلقه العالي وتمسكه بآداب الاسلام وكنت أتذكره والابتسامة لا تفارق شفتيه وقد حباه الله بوجه مقبول تقرأ عليه اللوذعية والوداعة معا. كانت وفاته فجأة بدون سابق مرض وذلك في الثامن من شهر الله المبارك شهر رمضان عام ١٣٧٠ ه‍ خارج مركز بلد الناصرية - محافظة ذي قار - وكان هناك من أجل التبليغ والارشاد في شهر الصيام. فحمل الى النجف ودفن واقيمت له الفاتحة ثلاث ليالي في اقرب جامع الى داره وهو جامع الشيخ الطريحيرحمه‌الله رحمة واسعة.

__________________

١ - سوانح الافكار ج ٣.

٣٠

الشيخ عبد الله الستري

الشيخ عبد الله الستري ترجم له صاحب انوار البدرين فوصفه بالعالم العامل والفقيه الكامل وهو الشيخ عبد الله ابن المرحوم الشيخ عباس الستري البحراني كان من بقايا علماء البحرين الاتقياء الورعين الزاهدين كثير النوافل والصيام يشتغل بالتدريس في قريته الخارجية من جزيرة (ستره) يحضر عنده جملة من الطلبة والعلماء، كثير المواظبة على البحث والتصنيف متواضع النفس. حدثني شيخنا الثقة الشيخ احمد ابن الشيخ صالح وكان أبوه من جملة تلامذته، وهو أيضا ادركه وقرأ عنده - انه كان قبل اشتغاله بالدرس يشتغل هو والحاضرون معه بفتل الحبال وتمييلها لاجل صنعة الفرش المسماة ب‍ (المداد) وكانت معايشتهم منها ولاولاده دكاكين لصنعتها بالاجرة.

ودرسه لتلامذته، شرح اللمعة وشرح الشرائع وتهذيب الاحكام وقطر الندى وألفية ابن الناظم وحتى درس (الاجرومية) فلا يأنف من تدريس كبير أو صغير، وصنف كتاب (معتمد السائل) في الفقه وله شرح (مختصر النافع) مجلدان وتفسير القرآن وله كتاب (الخلافيات) وهو المسائل الخلافية بين الاصحاب في الفقه، وله (منية الراغبين) في الطهارة والصلاة وله رسالة سماها

٣١

(الجوهرة العزيزة) وله شرح على شرح السيوطي للالفية في النحو، ورسالة في حكم الجهر والاخفات بالتسبيح في الاخيرتين وثالثة المغرب وحكم البسملة.

وله مراثي سيد الشهداء وامام السعداء ابي عبد الله الحسينعليه‌السلام ، توفي وعمره في الثمانين ودفن في جانب مسجده من الجنوب في قرية الخارجية وقد زرت قبره ودفن اولاده بعده معه، وقرأ عند جماعة منهم الشيخ حسين بن عصفور وبعده على ابنه العالم الشيخ حسن وله الاجازة عنه. وله تلامذة صلحاء منهم العالم الشيخ صالح بن طعان الستري البحراني والد العلامة الارشد الشيخ احمد.

٣٢

السيد محسن الأمين

المتوفى ١٣٧١

هذه كربلا فقف في ثراها

واخلع النعل عند وادي طواها

فهي وادي القدس التي ودت

الشهب الدراري بأنها حصباها

حل فيها النور الذي نار موسى

صاحب الطور من سناه سناها

فاخرت كعبة الحجيج فكانت

أشرف الكعبتين قدرا وجاها

يا اماما لولاه ما خلق الخلق

ولا كان أرضها وسماها

هو من أحمد وأحمد منه

طينة شرفت على ما سواها

خيرها بعد جده وأبيه

خير من قد داس الحصى ووطاها

قف بها واسكب الدموع دماء

وابك طول المدى على قتلاها

أي قتلى في الله ما من نبي

أو وصي من قبل الا بكاها

وبكت بالدم السموات والار

ض وقد قل بالدماء بكاها

أي عين في الناس تبخل بالدمـ‍

ـع وعين النبي باد قذاها

السيد محسن ابن السيد عبد الكريم الحسيني عالم شهير خدم بقلمه فأجاد الخدمة مما أوجب له الشكر من الامة ولد في قرية (شقرا) في جنوب لبنان وذلك في حدود ١٢٨٢ ه‍ ودرس المقدمات في مدارس جبل عامل على المشاهير من فضلائها وبرع بين اقرانه ثم هاجر الى النجف للتحصيل الفقهي وذلك عام ١٣٠٨ وأكب على التحصيل واستقى من الاعلام: الشيخ اغا رضا الهمداني والملا كاظم الخراساني وشيخ الشريعة وقد أجازه معظم هؤلاء، وهاجر من النجف الى الشام سنة ١٣١٩ ه‍ بطلب من أهلها وكانت آثارة الطيبة

٣٣

وحسناته الخالدة تذكر وتشكر ولم تزل مدرسته المعروفة بالمدرسة المحسنية تشهد له بالفضل مضافا الى منتوجاته الفكرية ومؤلفاته الكثيرة في مختلف العلوم وهذه موسوعة (أعيان الشيعة) شاهد صدق على ما نقول، والجزء الاربعون من هذه الموسوعة يتضمن سيرته وهو بقلمه وأقلام آخرين وفي صدر الكتاب صورته وخطه وأبيات من منظومة في رحلته العراقية الايرانية عام ١٣٥٢ - ١٣٥٣ هجري وهي:

حيا الحيا بمحاني الشام أوطانا

وجاد أربعها سحا وتهتانا

مرابع كن للآرام مرتبعا

وكان غصن الصبا فيهن ريانا

يا ساكني الهضب من اكناف عاملة

والنازلين على ارجاء لبنانا

حيث النسيم سرى غضا يموج به

قطر الندا ويهز الرند والبانا

لم تنظر العين مذ فارقت أرضكم

في طيبها كبلاد الشام بلدانا

والكتاب يزيد على الثلثمائة صفحة يتدرج مراحل حياته رحمه الله ومشاهداته للحوادث التي رافقها طيلة هذا العمر المحفوف بالبركات واليكم تعداد مؤلفاته:

١ - الدر الثمين في اهم ما يجب معرفته على المسلمين.

٢ - ارشاد الجهال الى مسائل الحرام والحلال.

٣ - أساس الشريعة في الفقه.

٤ - الدر المنظم في حكم تقليد الاعلم.

٥ - البرهان على وجود صاحب الزمان.

٦ - حق اليقين في التأليف بين المسلمين.

٧ - لواعج الاشجان.

٨ - اصدق الاخبار في قصة الاخذ بالثأر.

٩ - الدر النضيد في مراثي السبط الشهيد ويتضمن الكثير من شعره في اهل البيت.

٣٤

١٠ - المجالس السنية في خمسة أجزاء.

١١ - السحر الحلال في المناظرة بين العلم والمال.

١٢ - الرحيق المختوم في المنثور والمنظوم - ديوان شعره.

١٣ - معادن الجواهر في أخبار الأوائل والاواخر، ثلاثة اجزاء.

١٤ - مفتاح الجنات في الادعية، ثلاثة أجزاء.

١٥ - نقض الوشيعة.

١٦ - ابو فراس الحمداني.

١٧ - ابو تمام الطائي.

١٨ - دعبل الخزاعي.

١٩ - المسائل الدمشقية في الفروع الفقهية.

٢٠ - منظومة في الرضاع وأخرى في المواريث الى غير ذلك.

توفي ببيروت وشيع تشييعا فخما مشى فيه رجال السلك الدبلوماسي من الجمهوريتين اللبنانية والسورية وذلك يوم الرابع من شهر رجب ١٣٧١ ه‍. ونعته دور الاذاعات الاسلامية والعربية.

٣٥

الشيخ محمد حسين المظفر

المتوفى ١٣٧١

أنجد حادي العيس أم أتهما

أم أمّ نجد الغور ام يمما

سار وأبقاني أسير الضنى

مرتهنا ارعى نجوم السما

لم يبق لي الف ولا مألف

الاحمامات به حوما

قد شفها وجدي فناحت لما

قاسيته من ألم ألما

وأشعث ثاو به لا يرى

الا الاثافي حوله جثما

حتى اذا ما الركب زمت به

كوم ترامت بالفلا أسهما

من نار احشائي جرت أدمعي

فاجتمع الضدان نار وما

لا النار تطفيها دموعي ولا

دمعي بنيران الحشى أضرما

من ناشد لي يوم ترحالهم

قلبا بنيران الاسى مضرما

أودى به فرط الجوى فاغتدى

في كل لحن يندب الارسما

أخنى عليها الدهر من بعدما

كانت لمن وافى حماها حمى

لما انجلى عنها حسين وبالطف

على رغم العدى خيما

حفته من فتيانه عصبة

كل له الموت الزؤام انتمى

تخاله بدر على طالعه

في أفق المجد وهم أنجما

ما بين عباس اذا قطبت

رعبا مصاليت الوغى بسما

والقاسم القاسم حق العلى

بالسيف لما بالمعالي سما

وذا هلال طالعا في سما

الهيجاء ان بدر السما أظلما

حتى يقول فيها:

٣٦

يا راكبا يطوي أديم الفلا

في جسرة للسير لن تسأما

شملالة حرف أمون اذا

مرت تخال الريح قد نسما

عرج على مثوى الامام الذي

في سيفه ركن الهدى قوما

والثم ثرى اعتابه قائلا

قم ياحمى اللاجي وحامي الحمى

هذي بنو حرب الى حربكم

قادت جموعا جمعت من عمى

ثارت لاخذ الثأر لما رأت

من يوم بدر يومها مظلما

ظنت أبي الضيم مذ أحدقت

فيه جنود الشرك مستسلما

ضاقت عليها الارض في رحبها

لما رأته مشهرا معلما

ان كر فر الجيش من بأسه

كالحمر لما أبصرت ضيغما

لم يبق في الكوفة بيت ولا

في غيرها الا ترى مأتما

ما هز في يوم الوغى رمحه

الا لارماح العدى حطما

أو سل فيه سيفه لا ترى

سيفا لهم الا وقد كهما

اما ومشحوذ الغرار الذي

في حده حتف العدى ترجما

لولا القضا ما كان ريحانة

المختار يوم الطف يقضي ظمى

وآله الغر وأصحابه الامجاد

صرعى حوله جثما

وحائرات لم تجد ملجأ

تأوي اليه بعد فقد الحمى

ترى خباها أحرقته العدى

وثقلها صار لهم مغنما

الشيخ محمد حسين ابن الشيخ يونس ابن الشيخ أحمد ولد في قرية الشرش - قرية تابعة لقضاء الغورنة تبعد عنها ما يقرب من ٣ كيلومترات، وكان ميلاده سنة ١٢٩٣ ه‍. نشأ ذواقة للعلم والأدب واخذ عن أبيه مقدمات العلوم وهاجر إلى النجف فدرس الفقه وحضر درس الملا كاظم الخراساني والسيد محمد كاظم اليزدي والشيخ ملا رضا الهمداني صاحب مصباح الفقيه ولما أتم دروسه رجع الى القورنة فكان فيها امام المحراب والخطيب المصقع والمدرس الخبير وأخذ يغذي الناس سيما المتفين حوله مباديء العلوم من نحو وصرف وأدب وفقه حتى نشأ جملة من المهذبين وهواة الكمال وكانت رسائله ترد النجف وفيها القطعة الشعرية والمقالة الادبية والتأريخ المعجب وقد امتاز بنظم التاريخ للحوادث التي يعاصرها ومنها تاريخه العشري يوم تأسست جمعية منتدى النشر بالنجف ومن نوادره قوله في قاض للمحكمة الشرعية السنية اسمه علي جاء الى قضاء القورنة، قال يؤرخ عام تعيينه فيها.

٣٧

قل للذي رام القضا

من آخر وأول

من حنفي وشافعي

ومالكي وحنبلي

كفوا فقد تواترت

اخبار خير مرسل

بالصدق تنبي ارخوا

يا قوم اقضاكم علي

وأهدى له كتاب الكامل للمبرد فأخذ يقرأ فيه ورأى أنه عند ذكر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصلي عليه الصلاة المبتورة، يذكره ولم يذكر آله فقال:

ان كتابا لم يكن يبتدى

فيه بذكر الآل بعد النبي

ولم يكن يختم في ذكرهم

فليس ب‍ (الكامل) في مذهبي

ومن شعره في أهل البيت سلام الله عليهم قوله:

آل النبي فما للناس شأوهم

ولا يضاههيم بالفضل كل نبي

وله في الامام الحسين عدة قصائد عامرة منها قوله في مطلع القصيدة

أماط الدجى عن صبح طلعته الغرا

فنادى منادي الحي حي على المسرى

نووا ظعنا والقلب بين رحالهم

يناديهم مهلا قفا نبك من ذكرى

والقصيدة ذكرها المعاصر الخاقاني في شعراء الغري.

وكان جميل الشكل حسن الهندام لطيف البزة سريع الجواب حاضر النكتة توفي في قضاء القورنة في شهر صفر سنة ١٣٧١ ونقل جثمانه الى النجف الاشرف. وله آثار علمية منها كتاب في الفقه، وآخر في فاطمة الزهراء وديوان شعر وقام بمقامه ولده فضيلة الشيخ يونس بعدما درس في النجف ونضجت مواهبه.

وترجم له الخاقاني في شعراء الغري فذكر له جملة من المراسلات الأدبية والنتف الشعرية.

قال: ومن شعره قوله يؤرخ عام ذهابه لحج بيت الله الحرام عام ١٣٣٧ ه‍.

٣٨

تسير بنا السلامة حيث سرنا

وأمن الله ممدود الرواق

فطورا في بواخر سابحات

وطورا فوق اكوار النياق

وجاوزنا تخب بنا المطايا

لطيبة باشتياق واحتراق

فزرنا المصطفى وبنيه حتى

سقينا الارض بالدمع المراق

وأقبلنا جميعا في سرور

نسير من الحجاز الى العراق

رجعنا بالمسرة قم فأرخ

لقد ذهب العنا والاجر باق

وارخ وفاة سيدة من الفضليات من آل القزويني وذلك عام ١٣٣٦.

يا ابن الاطائب لا تكن جزعا

لكريمة بضريحها استترت

البنت ان ماتت جرى مثلا

تاريخها هي عورة سترت

ولا يفوتنا ان نذكر أنه ابتلي في أواخر ايامه بمرض أقعده خمسة عشر عاما حتى وافاه الاجل. ترجم له الشيخ الطهراني في نقباء البشر وقال: رأيت له كتاب (حلية المرتلين) في التجويد ورسالة (التجويد) للسيد محمد جواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة فرغ من كتابتهما عام ١٣١٠ ومن حسن خطه في التأريخ يظهر أنه يومئذ من أبناء العشرين تقريبا.

٣٩

الشيخ مهدي اليعقوبي

المتوفى ١٣٧٢ ه‍

عج والتثم حرما ملا

ئكة السماء تطيل لثمه

وزر الامام ابن الامام

أخا الامام أبا الائمة

واشمم شذا الارج الذي

كان النبي يطيل شمه

خير البرية بالطفوف

عدت عليه شر أمه

أبكى أباه وجده

وأخاه والزهراء أمه

نور برغم الشرك يأ

بى الله الا أن يتمه

الشيخ مهدي اليعقوبي خطيب أديب وواعظ متعظ، عذب الكلام حلو العبارة لطيف الانسجام جمعتني معه بلدة الرميثة بمناسبة محرم الحرام فكنت أخطب شرقي البلد وهو يخطب في الجانب الغربي فكنت استعذب اقواله وأراه ورعا متثبتا حسن الاداء تنم على خطابته روح الاخلاص وبوادر الايمان. كتب عنه أخوه الشيخ محمد علي في البابليات، فقال: ولد بالنجف الاشرف سنة ١٣٠٢ ونشأ على المحافل بحكم مهنة والده وتدرج على الخطابة فكان لم يبارح أباه في حضر ولا سفر، وقلما يخطب ولم يذكر

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

ممّا تعطف عليّ إخواني، لا شئ لي غيره، فمرني بأمرك، فقال لي: « إنصرف إلى بلادك، وأنت من حجّك وتزويجك وكسبك في حلّ » فلمّا كانت سنة ثلاث عشرة ومائتين أتيتهعليه‌السلام ، وذكرته العبوديّة الّتي التزمتها، فقال: « أنت حرّ لوجه الله » قلت له: جعلت فداك أكتب لي (به عهدة)(١) ، فقال: « تخرج إليك غداً » فخرج إليّ مع كتبي كتاب فيه: « بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمّد بن علي الهاشمي العلوي، لعبدالله بن المبارك فتاه، إنّي أعتقك لوجه الله والدّار الآخرة، لا ربّ لك إلّا الله، وليس عليك سبيل، وأنت مولاي ومولى عقبي من بعدي، وكتب في المحرّم سنة ثلاث عشرة ومائتين ». ووقع فيه محمّد بن علي بخط يده، وختم بخاتمه صلوات الله عليهما.

٣ -( باب وجوب إيصال حصّة الإمامعليه‌السلام من الخمس إليه مع الإمكان، وإلى بقيّة الأصناف مع التّعذّر، وعدم جواز التّصرف فيها بغير إذنهعليه‌السلام )

[ ٨٢٦٨ ] ١ - الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، قال: كنت عند أبي جعفر الثّانيعليه‌السلام ، إذ أدخل إليه صالح بن محمّد بن سهل الهمداني، وكان يتولّى له، فقال له: جعلت فداك، اجعلني من عشرة آلاف درهم في حلّ فإنّي أنفقتها، فقال له أبو جعفرعليه‌السلام : « أنت في حلّ » فلمّا خرج صالح من عنده، قال أبو جعفرعليه‌السلام : « أحدهم يثب على مال(١) آل محمّد

____________________________

(١) في المصدر: عهدك.

الباب - ٣

١ - الغيبة ص ٢١٣.

(١) في المصدر: أموال حقّ.

٣٠١

عليهم‌السلام ، وفقرائهم ومساكينهم وأبناء سبيلهم، فيأخذه ثمّ يقول: اجعلني في حلّ، أتراه ظنّ بي أن(٢) أقول له: لا(٣) ، والله ليسألنّهم الله يوم القيامة عن ذلك سؤالاً حثيثاً ».

[ ٨٢٦٩ ] ٢ - محمّد بن مسعود العيّاشي: عن أبي بصير قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : اصلحك الله، ما أيسر ما يدخل به العبد النّار؟ قال: « من أكل من مال اليتيم درهماً، ونحن اليتيم ».

قلت: في اختصاص سهمهعليه‌السلام مع تعذّر إيصاله إليه، بشركائه مع احتياجهم كلام طويل، وهذه من المسائل العويصة الّتي اختلفت فيها الأقوال وتشتّت فيها الآراء، وهي مع ذلك محلّ للابتلاء، وتمام الكلام يطلب من محلّه، وما اختاره أحوط في بعض الموارد، والله العالم.

٤ -( باب إباحة حصّة الإمامعليه‌السلام من الخمس للشّيعة مع تعذّر إيصالها إليه، وعدم احتياج السّادات، وجواز تصرّف الشّيعة في الأنفال والفئ وسائر حقول الإمامعليه‌السلام ، مع الحاجة وتعذّر الإيصال)

[ ٨٢٧٠ ] ١ - فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره: عن جعفر بن محمّد الفزاري، عن محمّد بن مروان، عن محمّد بن علي، عن علي بن عبدالله، عن الثّمالي، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « قال الله

____________________________

(٢) وفيه: أنّي.

(٣) وفيه زيادة: أفعل.

٢ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٢٢٥ ح ٤٨.

الباب - ٤

١ - تفسير فرات الكوفي ص ١٥٨.

٣٠٢

تبارك وتعالى:( مَّا أَفَاءَ اللَّـهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّـهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ ) (١) فما كان للرّسول فهو لنا، وشيعتنا حللّناه لهم وطبنا(٢) لهم، يا أبا حمزة والله لا يضرب على شئ من (الأشياء فهو)(٣) في شرق الأرض ولا غربها إلّا كان حراماً سحتاً، على من نال منه شيئاً، ما خلانا وشيعتا، وأنّا (طيبناه لكم وجعلناه)(٤) لكم، [ والله ](٥) يا أبا حمزة، لقد (غصبونا ومنعونا)(٦) حقّنا ».

[ ٨٢٧١ ] ٢ - علي بن إبراهيم في تفسيره: في قوله تعالى:( إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ ) (١) أي طاب مواليدكم، لأنّه لا يدخل الجنّة إلّا طيّب المولد( فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ) (٢) قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « إنّ فلاناً وفلاناً غصبونا حقّنا، واشتروا به الأماء وتزوّجوا به النّساء، ألا وانا قد جعلنا شيعتنا من ذلك في حلّ، لتطيب مواليدهم ».

[ ٨٢٧٢ ] ٣ - عوالي اللآلي: سئل الصّادقعليه‌السلام ، فقيل له: يا ابن رسول الله، ما حال شيعتكم فيما خصكم الله به، إذا غاب غائبكم واستتر قائمكم؟ فقالعليه‌السلام : « ما انصفناهم إن

____________________________

(١) الحشر ٥٩: ٧.

(٢) في المصدر: وطيبناه.

(٣) في المصدر: السهام.

(٤) في الطبعة الحجرية: « طبناه فاماه » وما أثبتناه من المصدر.

(٥) أثبتناه من المصدر.

(٦) في المصدر: عصينا وشيعتنا.

٢ - تفسير القمي ج ٢ ص ٢٥٤.

(١ و ٢) الزمر ٣٩: ٧٣.

٣ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٢٤٦ ح ١٤.

٣٠٣

واخذناهم(١) ، ولا أحببناهم إن عاقبناهم، بل نبيح لهم المساكن لتصح عبادتهم، ونبيح لهم المناكح لتطيب ولادتهم، ونبيح لهم المتاجر ليزكوا اموالهم ».

٥ -( باب نوادر ما يتعلّق بأبواب كتاب الخمس)

[ ٨٢٧٣ ] ١ - الشيخ شرف الدّين في تأويل الآيات الباهرة: عن تفسير الجليل محمّد بن العبّاس بن الماهيار، عن محمّد بن أبي بكر، عن محمّد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود، عن أبي الحسن موسى، عن أبيه: « أنّ رجلاً سأل أباه محمّد بن عليعليهم‌السلام ، عن قول الله عزّوجلّ:( وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ، لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) (١) فقال أبي: احفظ يا هذا وانظر كيف تروي عنّي، إنّ السائل والمحروم شأنهما عظيم، أمّا السّائل فهو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مسألته الله حقّه، والمحروم هو من حرم الخمس أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وذرّيته الأئمّةعليهم‌السلام ، هل سمعت وفهمت؟ ليس هو كما يقول النّاس ».

[ ٨٢٧٤ ] ٢ - ثقة الإسلام في الكافي: عن علي بن إبراهيم، عن السّندي(١) بن الرّبيع، قال: لم يكن ابن أبي عمير يعدل بهشام بن الحكم شيئاً، وكان

____________________________

(١) الموجود في المصدر هذه العبارة فقط وقال الصادقعليه‌السلام : ما انصفناهم إن واخذناهم.

الباب - ٥

١ - تأويل الآيات الباهرة: لم نجده في مظانه، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٨٨.

(١) المعارج ٧٠: ٢٤ و ٢٥.

٢ - الكافي ج ١ ص ٣٣٨.

(١) في المصدر: السري، والظاهر هو الصواب راجع معجم رجال الحديث ٨: ٤١ و ٣١٦.

٣٠٤

لا يغبّ إتيانه، ثمّ انقطع عنه وخالفه، وكان سبب ذلك أنّ أبا مالك الحضرمي، كان أحد رجال هشام، وقع بينه وبين ابن أبي عمير ملاحاة في شئ من الإمامة، قال ابن أبي عمير: الدّنيا كلها للإمام على جهة الملك، وأنّه أولى بها من الّذين هي في أيديهم، وقال أبو مالك: ليس كذلك أموال(٢) النّاس لهم، إلّا ما حكم الله به للإمام من الفئ والخمس والمغنم فذلك له، وذلك أيضاً قد بيّن الله للإمام أين يضعه؟ وكيف يصنع به؟ فتراضيا بهشام بن الحكم وصارا إليه، فحكم هشام لأبي مالك على ابن عمير، فغضب ابن أبي عمير وهجر هشاماً بعد ذلك.

[ ٨٢٧٥ ] ٣ - الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة في كتاب تحف العقول: رسالة الصادقعليه‌السلام في الغنائم ووجوب الخمس لأهله، قالعليه‌السلام : « فهمت ما ذكرت إنّك اهتممت به، من العلم بوجوه مواضع ما لله فيه رضى، وكيف أمسك سهم ذي القربى منه، وما سألتني من اعلامك ذلك كلّه، فاسمع بقلبك وانظر بعقلك، ثمّ اعط في جنبك النّصف من نفسك، فإنّه أسلم لك غداً عند ربّك، المتقدّم أمره ونهيه إليك، وفّقنا الله وإيّاك، اعلم أنّ الله ربّي وربّك، ما غاب عن شئ وما كان ربّك نسيّا، وما فرّط في الكتاب من شئ، وكلّ شئ فصّله تفصيلاً، وأنّه ليس ما وضح الله تبارك وتعالى من أخذ ماله، بأوضح ممـّا أوضح الله من قسمته إيّاه في سبله، لأنّه لم يفترض من ذلك شيئاً في شئ من القرآن، إلّا وقد اتبعه بسبله إيّاه غير مفرق بينه وبينه، يوجبه لمن فرض له ما لا يزول عنه من القسم، كما يزول ما بقي سواه عمّن سمّي له، لأنّه يزول عن الشّيخ بكبره، والمسكين

____________________________

(٢) في المصدر: أملاك.

٣ - تحف العقول ص ٢٥٣.

٣٠٥

بغناه، وابن السّبيل بلحوقه ببلده، ومع توكيد الحجّ مع ذلك بالأمر به تعليماً، وبالنّهي عمّا ركب ممّن منعه تحرّجاً، فقال الله عزّوجلّ في الصّدقات، وكانت أوّل ما افترض الله سبله:( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) (١) فالله اعلم نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله موضع الصّدقات، وأنّها ليست لغير هؤلاء، يضعها حيث يشاء منهم على ما يشاء، ويكفّ الله جلّ جلاله نبيّه وأقرباءه عن صدقات النّاس وأوساخهم، فهذا سبيل الصّدقات، وأمّا المغانم فإنّه لمـّا كان يوم بدر، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من قتل قتيلاً فله كذا وكذا، ومن أسر أسيراً فله من غنائم القوم كذا وكذا، فإنّ الله قد وعدني أن يفتح عليّ وأنعمني عسكرهم، فلمّا هزم الله المشركين وجمعت غنائمهم، قام رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله، إنّك أمرتنا بقتال المشركين وحثثتنا عليه، وقلت: من أسر أسيراً فله كذا وكذا من غنائم القوم، ومن قتل قتيلاً فله كذا وكذا، وإنّي قتلت قتيلين لي بذلك البيّنة، وأسرت أسيراً، فاعطنا ما أوجبت على نفسك يا رسول الله، ثمّ جلس فقام سعد بن عبادة فقال: يا رسول الله، ما منعنا أن نصيب مثل ما أصابوا جبن من العدوّ، ولا زهادة في الآخرة والمغنم، ولكنّا تخوفنا إن بعد مكاننا منك فيميل إليك من جند المشركين، أو يصيبوا منك ضيعة فيميلوا إليك فيصيبوك بمصيبة، وإنّك إن تعط هؤلاء القوم ما طلبوا، يرجع سائر المسلمين ليس لهم من الغنيمة شئ، ثمّ جلس فقام الأنصاري فقال مثل مقالته الأولى ثمّ جلس، يقول ذلك كلّ واحد منهما ثلاث مرّات، فصد النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بوجهه، فأنزل الله عزّ

____________________________

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٣٠٦

وجلّ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ ) (٢) والأنفال اسم جامع لمـّا أصابوا يومئذ، مثل قوله:( مَّا أَفَاءَ اللَّـهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ ) (٣) ومثل قوله:( أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ ) (٤) ثمّ قال:( قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّـهِ وَالرَّسُولِ ) (٥) فاختلجها الله من أيديهم فجعلها لله ولرسوله، ثمّ قال( فَاتَّقُوا اللَّـهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّـهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) (٦) فلمّا قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله للمدينة، أنزل الله عليه:( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّـهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّـهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ) (٧) فأما قوله:( لِلَّـهِ ) فكما يقول الإنسان: هو لله ولك، ولا يقسم لله منه شئ، فخمّس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الغنيمة الّتي قبض بخمسة أسهم، فقبض سهم الله لنفسه يحيي به ذكره ويورث بعده، وسهماً لقرابته من بني عبد المطلب، فأنفذ سهماً لأيتام المسلمين، وسهماً لمساكينهم، وسهماً لابن السّبيل من المسلمين في غير تجارة، فهذا يوم بدر، وهذا سبيل الغنائم التي اخذت بالسّيف، وأمّا ما لم يوجف عليه بخيل ولاركاب، فإنه كان المهاجرون حين قدموا المدينة، اعطتهم الأنصار نصف دورهم ونصف اموالهم، والمهاجرون يومئذ نحو مائة رجل، فلمّا ظهر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على بني قريظة والنّضير وقبض أموالهم، قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله للأنصار: إن شئتم أخرجتم المهاجرين من دوركم وأموالكم، وقسمت

____________________________

(٢) الأنفال ٨: ١.

(٣) الحشر ٥٩: ٧.

(٤) الأنفال ٨: ٤١.

(٥ و ٦) الأنفال ٨: ١.

(٧) الأنفال ٨: ٤١.

٣٠٧

لهم هذه الأموال دونكم، وإن شئتم تركتم اموالكم ودوركم، وقسمت لكم معهم، قالت الأنصار: بل اقسم لهم دوننا واتركهم معنا في دورنا واموالنا، فأنزل الله تبارك وتعالى( وَمَا أَفَاءَ اللَّـهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ - يعني يهود قريظة -فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ ) (٨) لأنّهم كانوا معهم بالمدينة أقرب من أن يوجف عليه(٩) بخيل ولا ركاب ثمّ قال تعالى:( لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الّذين أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّـهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ أُولَـٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ) (١٠) فجعلها الله لمن هاجر من قريش مع النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، [ وصدق ](١١) وأخرج أيضاً عنهم المهاجرين مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من العرب، لقوله:( الّذين أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ) لأن قريشاً كانت تأخذ ديار من هاجر منها وأموالهم، ولم يكن العرب تفعل ذلك بمن هاجر منها، ثمّ أثنى على المهاجرين الّذين جعل لهم الخمس، وبرأهم من النّفاق بتصديقهم إيّاه، حين قال: أولئك هم الصّادقون لا الكاذبون، ثمّ أثنى على الأنصار وذكر ما صنعوا، وحبهم للمهاجرين وإيثارهم إيّاهم، وأنّهم لم يجدوا في أنفسهم حاجة، يقول: حزازة(١٢) ممـّا أُوتوا، يعني المهاجرين دونهم، فأحسن الثّناء عليهم فقال:( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ

____________________________

(٨) الحشر ٥٩: ٦.

(٩) في المصدر: عليهم.

(١٠) الحشر ٥٩: ٨.

(١١) أثبتناه من المصدر.

(١٢) الحزازة: وجع في القلب من غيظ ونحوه والجمع حزازات. (مجمع البحرين - حزز - ج ٤ ص ١٥).

٣٠٨

وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (١٣) وقد كان رجال اتبعوا النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قد وترهم المسلمون فيما أخذوا من أموالهم، فكانت قلوبهم قد امتلأت عليهم، فلمّا حسن إسلامهم استغفروا لأنفسهم ممـّا كانوا عليه من الشّرك، وسألوا الله أن يذهب بما في قلوبهم من الغلّ لمن سبقهم إلى الإيمان، واستغفروا لهم حتّى يحلل ما في قلوبهم، وصاروا إخواناً لهم، فأثنى الله على الّذين قالوا ذلك خاصّة، فقال:( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الّذين سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) (١٤) فأعطى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، المهاجرين عامة من قريش، على قدر حاجتهم فيما يرى، لأنّها لم يخمس فتقسم بالسّوية، ولم يعط أحداً منهم شيئاً، إلّا المهاجرين من قريش، غير رجلين من الأنصار يقال لأحدهما: سهل بن حنيف، وللآخر: سماك بن خرشة أبودجّانة، فإنّه أعطاهما لشدّة حاجة كانت بهما من حقّه، و أمسك النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من أموال بني قريظة والنّضير، ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، سبع حوائط لنفسه، لأنّه لم يوجف على فدك خيل أيضاً ولا ركاب، وأمّا خيبر فإنّها كانت مسيرة ثلاثة أيّام من المدينة، وهي أموال اليهود، ولكنّه أوجف عليه خيل وركاب وكانت فيها حرب، فقسّمها على قسمة بدر، فقال الله:( مَّا أَفَاءَ اللَّـهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّـهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) (١٥) فهذا سبيل ما أفاء

____________________________

(١٣) الحشر ٥٩: ٩.

(١٤) الحشر ٥٩: ١٠.

(١٥) الحشر ٥٩: ٧.

٣٠٩

الله على رسوله ممـّا أوجف عليه خيل وركاب، وقد قال علي بن أبي طالبعليه‌السلام : ما زلنا نقبض سهمنا بهذه الآية الّتي أوّلها تعليم وآخرها تحرّج، حتّى جاء خمس السّوس وجند يسابور(١٦) إلى عمر، وأنا والمسلمون والعباس عنده، فقال عمر لنا: إنّه قد تتابعت لكم من الخمس أموال فقبضتموها، حتّى لا حاجة بكم اليوم، وبالمسلمين حاجة وخلل، فأسلفونا حقّكم من هذا المال، حتّى يأتي الله بقضائه من أوّل شئ يأتي المسلمين، فكففت عنه لأنّي لم آمن حين جعله سلفاً، لو الححنا عليه فيه، أن يقول في خمسنا مثل قوله في أعظم منه، أعني ميراث نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله ، [ حين الححنا عليه فيه ](١٧) فقال له العبّاس: لا تغمز في الّذي لنا يا عمر، فإنّ الله قد أثبته لنا [ بأثبت ](١٨) ممـّا أثبت به المواريث، [ بيننا ](١٩) فقال عمر: وأنتم أحقّ من أرفق المسلمين وشفعني، فقبضه عمر، ثمّ قال: لا والله ما آتيهم ما يقبضنا حتّى لحق بالله، ثمّ ما قدرنا عليه بعده، ثمّ قال عليعليه‌السلام : إنّ الله حرّم على رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله الصّدقة، فعوّضه منها سهماً من الخمس، وحرّمها على أهل بيته خاصّة دون قومهم، وأسهم لصغيرهم وكبيرهم وذكرهم وأنثاهم وفقيرهم وشاهدهم وغائبهم، لأنهم إنّما أعطوا سهمهم لأنّهم قرابة نبيّهم والّتي لا تزول عنهم، الحمد الله الّذي جعله منّا وجعلنا منه، فلم يعط

____________________________

(١٦) السوس: بلدة بخوزستان فيها قبر دانيال النبيعليه‌السلام ، تعريب الشوش ومعناه: الحُسن والنزه والطيب (معجم البلدان ج ٣ ص ٢٨٠).

وجند يسابور: مدينة بخوزستان خصبة واسعة الخير بها النخل والزروع والمياه (معجم البلدان ج ٢ ص ١٧٠).

(١٧ - ١٩) أثبتناه من المصدر.

٣١٠

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أحداً من الخمس غيرنا وغير خلفائنا(٢٠) وموالينا، لأنّهم منّا، وأعطى من سهمه ناساً لحرم كانت بينه وبينهم، معونة في الّذي كان بينهم، فقد أعلمتك ما أوضح الله من سبيل هذه الأنفال الأربعة، وما وعد من أمره فيهم، ونوّره بشفاء من البيان وضياء من البرهان، جاء به الوحي المنزل، وعمل به النّبي المرسل، فمن حرّف كلام الله أو بدّله بعد ما سمعه وعقله، فإنّما إثمه عليه، والله حجيجه فيه، والسّلام عليك ورحمة الله وبركاته ».

____________________________

(٢٠) في المصدر: حلفائنا.

٣١١

٣١٢

كتاب الصيام

٣١٣

فهرست أنواع الأبواب إجمالاً

أبواب وجوب الصوم ونيّته.

أبواب ما يمسك عنه الصّائم ووقت الإمساك.

أبواب آداب الصّائم.

أبواب من يصحّ منه الصّوم.

أبواب أحكام شهر رمضان.

أبواب بقيّة الصّوم الواجب.

أبواب الصّوم المندوب.

أبواب الصّوم المحرّم والمكروه.

٣١٤

أبواب وجوب الصوم ونيّته

١ -( باب وجوبه، وثبوت الكفر والارتداد باستحلال تركه)

[ ٨٢٧٦ ] ١ - علي بن عيسى الاربلي في كشف الغمّة: عن عبد العزيز الجنابذي، عن رجاله قال: قال القاضي أبو عبدالله الحسين بن علي بن هارون الضّبي، إملاء قال: وجدت في كتاب والدي، حدّثنا جعفر بن محمّد بن حمزة العلوي قال: كتبت إلى أبي محمّد الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن الرضاعليهم‌السلام ، اسأله: لمـّا فرض الله تعالى الصّوم؟ فكتب إليّ: « فرض الله تعالى الصوم، ليجد الغني مسّ الجوع، ليحنو على الفقير ».

[ ٨٢٧٧ ] ٢ - دعائم الإسلام: روينا عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « صوم شهر رمضان، فرض في كلّ عام ».

____________________________

أبواب وجوب الصوم ونيته

الباب - ١

١ - كشف الغمة ج ٢ ص ٤٠٣.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٨.

٣١٥

٢ -( باب وجوب النيّة للصّوم الواجب ليلاً، فمن تركها فله تجديدها في الفرض، ما بينه وبين الزّوال، ما لم يفطر)

[ ٨٢٧٨ ] ١ - ابن أبي جمهور في عوالي اللآلي: عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « لا صيام لمن لا يبيت الصّيام من اللّيل ».

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « من لم يبيت الصّيام من الليل، فلا صيام له »(١) .

[ ٨٢٧٩ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « لا تصام الفريضة، إلّا باعتقاد [ و ](١) نيّة ».

[ ٨٢٨٠ ] ٣ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام : « أنّ رجلاً من الأنصار، أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فصلّى معه صلاة العصر، ثمّ قام فقال: يا رسول الله، إنّي كنت اليوم في ضيعة لي، وإنّي لم أُطعم شيئاً، أفاصوم؟ قال: نعم، قال: إن عليّ يوماً من رمضان، فاجعله مكانه؟ قال: نعم ».

____________________________

الباب - ٢

١ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ١٣٢ ح ٥.

(١) نفس المصدر ج ٣ ص ١٣٣ ح ٦.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣ - الجعفريات ص ٦١.

٣١٦

[ ٨٢٨١ ] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وأدنى ما يتم به فرض الصوم العزيمة، وهي النيّة ».

٣ -( باب جواز تجديد النيّة، في الصّوم المندوب، إلى قرب الغروب)

[ ٨٢٨٢ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه: « أنّ عليّاًعليهم‌السلام ، كان يقول: إذا لم يفرض الرّجل على نفسه الصّيام - ثمّ ذكر الصّيام قبل أن يأكل أو يشرب - فهو بالخيار، إن شاء صام، وإن شاء أفطر ».

[ ٨٢٨٣ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « من أصبح لا ينوي الصوم، ثمّ بدا له أن يتطوّع، فله ذلك ما لم تزل الشّمس، وكذلك إن أصبح صائما متطوعاً، فله أن يفطر، ما لم تزل الشّمس ».

____________________________

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

الباب - ٣

١ - الجعفريات ص ٦١.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨٥.

٣١٧

٤ -( باب أنّ من نوى قضاء شهر رمضان، جاز له الإفطار قبل الزّوال مع سعة الوقت لا بعده، ومن نوى صوماً مندوباً، جاز له الإفطار متى شاء، ويكره بعد الزّوال، وحكم النّذر)

[ ٨٢٨٤ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إذا قضيت صوم شهراً، والنذر، كنت بالخيار في الإفطار إلى زوال الشمس، فإن أفطرت بعد الزّوال، فعليك كفّارة مثل من أفطر يوماً من شهر رمضان ».

[ ٨٢٨٥ ] ٢ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أفضل ما على الرّجل، إذا تكلّف [ له ](١) أخوه المسلم طعاما، فدعاه وهو صائم، فأمره أن يفطر، ما لم يكن صيامه ذلك اليوم فريضة، أو قضاء، أو نذراً سماه، وما لم يمل النّهار ».

٥ -( باب استحاب صوم يوم الشّك، بنيّة النّدب على أنّه من شعبان، إذا كان علّة أو شبهة، ولو بان من شهر رمضان أجزأه، وكذا لو صام الشّهر كلّه أو بعضه، وهو لا يعلم أنّه من شهر رمضان)

[ ٨٢٨٦ ] ١ - علي بن ابراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن القاسم بن محمّد،

____________________________

الباب - ٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

٢ - الجعفريات ص ٦٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب - ٥

١ - تفسير القمي ج ١ ص ١٨٦.

٣١٨

عن سليمان بن داود، عن سفيان بن عيينة، عن الزّهري، عن علي ابن الحسينعليهما‌السلام ، أنّه قال في حديث طويل في أنواع الصّوم: « وصوم يوم الشّك، أمرنا به ونهينا عنه، أمرنا به (أن نصوم مع شعبان)(١) ، نهينا عنه أن ينفرد(٢) الرّجل بصيامه، في اليوم الّذي يشك فيه النّاس » قلت: فإن لم يكن صام من شعبان(٣) ، فكيف يصنع؟ قال: « ينوي ليلة الشك أنّه صائم من شعبان، فإن كان من شهر رمضان أجزأ عنه، وإن كان من شعبان لم يضرّه » قلت: وكيف يجزئ صوم التطوّع عن(٤) فريضة؟ فقال: « لو أنّ رجلاً صام شهر رمضان تطوّعا [ وهو ](٥) لا يعلم أنّه شهر رمضان، ثمّ علم بعد ذلك أجزأه عنه، لأنّ الفرض إنّما وقع على الشّهر بعينه » الخبر.

فقه الرضاعليه‌السلام : مثله(٦) ، وفي آخره: « ولو أنّ رجلاً صام شهراً تطوّعا في بلد الكفر، فلمّا أن عرف، كان شهر رمضان، وهو لا يدري ولا يعلم أنّه من شهر رمضان » الخ.

وقالعليه‌السلام في موضع آخر(٧) : « إذا شككت في يوم، لا تعلم أنّه من شهر رمضان أو من شعبان، فصم من شعبان، فإن كان منه لم يضرّك، وإن كان من شهر رمضان، جاز لك في رمضان » الخ.

____________________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) في المصدر: يتفرّد.

(٣) في المصدر زيادة: شيئاً.

(٤) وفيه: من.

(٥) أثبتناه من المصدر.

(٦) فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

(٧) فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

٣١٩

٦ -( باب عدم جواز صوم يوم الشّك بنية الفرض، فإن فعل وبان من شهر رمضان، وجب قضاؤه)

[ ٨٢٨٧ ] ١ - درست بن أبي منصور في كتابه: قال: حدّثني بعض أصحابنا، عن محمّد بن مسلم قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : اليوم الّذي يشك فيه من رمضان أو من شعبان، يصومه الرّجل فيتبيّن له أنّه من رمضان، قال: « عليه قضاء ذلك اليوم، إنّ الفرائض لا تؤدّى على الشّك ».

[ ٨٢٨٨ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « ومن صام على شكّ فقد عصى ».

[ ٨٢٨٩ ] ٣ - وعن أبي جعفر محمّد بن عليعليهما‌السلام ، أنّه قال: « لأن أفطر يوماً من [ شهر ](١) رمضان، أحبّ اليّ من أن أصوم يوماً من شعبان، (أُريده من)(٢) رمضان ».

____________________________

الباب - ٦

١ - كتاب درست بن أبي منصور ص ١٦٩.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٢.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: أزيده في شهر.

٣٢٠