أدب الطف الجزء ١٠

أدب الطف18%

أدب الطف مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 320

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 320 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 127173 / تحميل: 10608
الحجم الحجم الحجم
أدب الطف

أدب الطف الجزء ١٠

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

١

٢

٣

٤

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله على ما وهب، ما خط قلم وما كتب، والصلاة على محمد وآله زينة العجم والعرب.

بهذه الحلقة تكون موسوعة (أدب الطف) قد اجتازت العاشرة من خطواتها فـ (تلك عشرة كاملة).

وكنت أتمنى أن أصل بهذه الموسوعة إلى الاعلام الذين عاصرتهم وعاشرتهم حتى أكتب ما شاهدت منهم لا ما سمعت عنهم، وقد حقق الله أمنيتي وأعطاني رغبتي فله الشكر والفضل ما كر الجديدان انه ولي الاحسان.

المؤلف

٥

٦

الشيخ جعفر النقدي

المتوفى ١٣٧٠

قال يندب حجة آل محمد الامام المهديعليه‌السلام :

طالت بغيبتك الاعوام والحجج

فداك نفسي متى يأتي لنا الفرج

ماذا اعتذارك للدين الحنيف اذا

وافاك يشكو الرزايا وهو منزعج

الدهر جرد فينا من مصائبه

عضبا غدت فيه منا تسفك المهج

وقام يشمت منا كل ذي حنق

جمر العداوة في أحشاه معتلج

حتى متى الصبر والدنيا قد امتلأت

جورا وقد زاد في آفاقها الهرج

نهضا فركن الهدى من بعد رفعته

قد هدمته رعاع الناس والهمج

هذي امية ظلما دك بينهم

من طود مجدكم في كربلا ثبج

غداة طبقت الدنيا بمارقة

في ظلمة الغي بعد الرشد قد ولجوا

وقال في هلال شهر المحرم:

حسدت أمية هاشما بنبيها

خير البرية سيد الامجاد

ويزيدها قد رام يمحو ذكره

ويبدل التوحيد بالالحاد

وبنهضة السبط الشهيد وقتله

قام الهدى واسم النبي الهادي

فعلى جميع بني الهدى أن يلبسوا

في يوم مصرعه ثياب حداد

٧

الشيخ جعفر ابن الحاج محمد بن عبد الله بن محمد تقي بن الحسن بن الحسين بن علي التقي الربعي المعروف بالنقدي عالم خبير متبحر وأديب واسع الاطلاع ومؤلفاته تشهد بذلك لقد طالعت كتابه (منن الرحمن في شرح قصيدة الفوز والامان) بجزئيه فوجدته مشحونا بالادب والعلم وفيه ما لذ وطاب ولو لم يكن له الا هذا المؤلف لكان أقوى شاهد على سعة اطلاعه. ولد في مدينة العمارة - ميسان - ليلة ١٤ رجب ١٣٠٣ ه‍ نشأ على أبيه الذي كان من المثرين وذوي اليسار فعني بتربيته واحس منه الرغبة الكاملة بالعلم فبعثه الى النجف الأشرف للتحصيل العلمي فنال الحظوة الكافية ودرس دراسة جدية وحضر في الاصول على الشيخ محمد كاظم الخراساني وفي الفقه على السيد محمد كاظم اليزدي ولمع نجمه واشتهر بين أقرانه فوفد اهالي بلدته يطلبونه للاقامة عندهم وذلك عام وفاة أبيه سنة ١٣٣٢ وألزمه العلماء بذلك فأجاب طلبهم وسار إلى هناك مرشداً مصلحا وكانت حكومة الاحتلال تكلفه بملاحظة الدعاوى الشرعية التي كانت ترد عليها فكان الواجب يقضي عليه بالنظر فيها وفي خلال ذلك آثار حسنة منها بناء جامع لم يزل يعرف باسمه ورشحته حكومة الاحتلال للقضاء الشرعي فامتنع لكن الزام العلماء ووجهاء البلد اذ قرروا عدم قبول غيره فقبل وذلك سنة ١٣٣٧.

واستمر في القضاء الى سنة ١٣٤٣ ه‍ ونقل الى بغداد ثم الى عضوية التمييز الشرعي الجعفري وكان لا يفتر عن الكتابة والتأليف والتوفيق يحالفه بكل ما يكتب فمنها:

١ - مواهب الواهب في ايمان ابي طالب طبع في النجف.

٢ - الانوار العلوية والاسرار المرتضوية طبع في النجف.

٣ - وسيلة النجاة في شرح الباقيات الصالحات للعمري، طبع في ميسان.

٤ - الحجاب والسفور طبع أكثر من مرة ببغداد.

٨

٥ - الاسلام والمرأة طبع مرات ببغداد.

٦ - الدروس الاخلاقية طبع ببغداد.

٧ - خزائن الدرر شبه الكشكول في ثلاث مجلدات.

٨ - ذخائر العقبى.

٩ - تاريخ الكاظمين.

١٠ - اباة الضيم في الاسلام.

١١ - الروض النضير في شعراء وعلماء القرن المتأخر والاخير.

١٢ - ذخائر القيامة في النبوة والامامة.

١٣ - الحسام المصقول في نصرة ابن عم الرسول.

١٤ - غرة الغرر في الائمة الاثني عشر.

أما شعره فهو من الطبقة الممتازة وأكثره في مدح أهل البيتعليهم‌السلام ، وكتب في الصحف كثيرا ونشر في مجلات وجرائد العراق ومصر ولبنان وسوريا ففي مجلة (العرفان) والمرشد والهدى والاعتدال والاستقلال والنجف وغيرها. ترجم له الشيخ محمد السماوي في الطليعة فقال: فاضل مشارك في جملة من العلوم واديب حسن المنثور والمنظوم فمن قوله متغرلا:

لحاظك أم سيوف مرهفات

وقدك في الغلالة أم قناة

أتنكر فتك طرفك بي وهذي

خدودك من دماي مضرجات

جفونك قد رمت قلبي نبالا

فيا لله ما فعل الرماة

فديتك هل تصدق لي الاماني

وان قيل الاماني كاذبات

تسلسل في هواك حديث دمعي

فاسنده عن البحر الرواة

٩

اشبب في ربي نجد وقصدي

ربوعك لا الطلول الدارسات

اسكان الحمى رفقا بصب

تغنت في صبابته الحداة

فلا برق سوى نيران شوقي

وليس سوى جفوني معصرات

ومن عجب تخاف الاسد بأسي

وتسفك مهجتي الريم المهاة

وقوله:

أشمس الرصافة لا حجبت

غيوم الحيا من محياك نورا

مدحت الحجاب الى أن رأت

خدودك عيني مدحت السفورا

ومن نظمه وعنوانه - الحياة.

واني لاختار الحياة التي بها

فوائد منها يستفيد بنو جنسي

فان لم تبلغني الحياة ماربي

تخيرت موتا فيه يسترني رمسي

ولي همة شماء لم ترض منزلا

لها في العلى الا على هامة الشمس

يقلب بالآمال قلبي وتنثني

تنافسني في كل مكرمة نفسي

وقال أيضا:

مونسي العلم والكتاب الجليس

لم يرقني من الانام انيس

يا نفوس الورى دعيني ونفسي

انما آفة النفوس النفوس

حبذا وحدة بها لي تجلى

من زماني المعقول والمحسوس

علمتني ان الحياة كتاب

خطه الكون والليالي دروس

نلت فيها ما لم ينله رئيس

حل في دسته ولا مرؤوس

* * *

يا رئيسا ذلت لديه نفوس

رغبة وانحنت اليه رؤوس

كل نفس ما قدستها المزايا

لم يفدها من غيرها التقديس

يا عقولا بالجهل يعبث فيها

من بني الدهر سائس ومسوس

فيك قد أشرقت أشعة قدس

وأضاءت كما تضيء الشموس

ومن عرفانياته قوله وقد نشرتها مجلة الاعتدال النجفية:

١٠

يا من سكن القلب وما فيه سواه

رفقا بمحب بك قد طال عناه

شوقا لمحياك الى البدر صبوت

وجدا ودجى الليل بذكراك لهوت

في اثر محبيك للقياك عدوت

في بادية العشق وقد تهت وتاهوا

في مدرسة الحب تلقيت دروسا

أحييت من الدارس فيهن نفوسا

كم أبصرت العين بدورا وشموسا

لم تحك محياك ولا لمع سناه

ما أسرف في نعتك من قال وغالى

بل قصر اذ مثلك قد عز جمالا

من مظهر معناك تصورت خيالا

فاعتل به القلب وما الطرف رآه

اشتاق الى قربك والقرب منائي

لا صبر على البعد وقد عز عزائي

ما انظر في الكون أمامي وورائي

من يعقل الا وأرى أنت مناه

في المسجد والدير وفي البيعة أمسى

عشاقك يلقون على العالم درسا

من نافذة الكون بهم تهتف همسا

أوصافك كفوا فلقد جل علاه

ومن نوادره قوله:

شوقي اليك عظيم

لا شيء أعظم منه

ان كان عندك شك

فاسأل فؤادك عنه

وقال:

يا منية القلب رفقا

كفاك هذا التجني

هواك أضرم نارا

بين الجوانح مني

ان كان عندك شك

فاسأل فؤادك عني

وقال:

ما بال نشوان بماء الدلال

الا صبا قلبي اليه ومال

مهفهف القد له وجنة

تشرق كالبدر بأوج الكمال

ديباجة الحسن لعشاقه

قد أوضحت عنوان شرح الجمال

نقطة مسك فوق كافورة

يخالها الجاهل في الخد خال

قد خفقت اقراطه مثلما

يخفق قلبي ان مشى باختيال

تسبي لحاظ الظبي الحاظه

وجيده يفضح جيد الغزال

والشعر داج كليالي الجفا

والوجه زاه كصباح الوصال

١١

عهدي بفيه وهو ياقوتة

فمن به نظم هذي اللئال

من ذاق من ريقته شهدة

بشراه قد ذاق الرحيق الزلال

جالت وشاحاه على خصره

وكلما جالت بها القلب جال

لك العنايا واصفا خصره

اكفف فقد رمت بلوغ المحال

ومن روائعه في الاخلاق:

اذا رزق الانسان في الجسم صحة

وكان قنوعا بالذي حل في اليد

وعاشره في بيته من يحبه

فذاك الغنى لا كنز تبر وعسجد

وله شعر كثير لو جمع لكان ديوانا يجمع القصائد المطولة وبعضها في مدح الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والتشوق إلى النجف - موطن دراسته - ومن قوله في الإمام المهديعليه‌السلام :

أما وعينيك ان القلب مكمود

من ساءني رزؤكم ما سرني عيد

ما العيد الا بيوم فيه انت ترى

تلقى اليك من الدنيا مقاليد

وتملأ الأرض قسطا بعدما ملئت

جورا وقد حل في أعداك تنكيد

يا صاحب العصران العصر قد نقصت

أخياره وبن والأشرار قد زيدوا

وصارم الغدر في اعناق شيعتكم

قد جردته الاعادي وهو مغمود

الله أكبر يا ابن العسكري متى

تبدو فيفرح ايمان وتوحيد

فديت صبرك كم تغضي وأنت ترى

شمل الزمان به قد حل تبديد

وذي نواظرنا تجري مدامعها

وملؤهن من الارزاء تسهيد

تالله ما انعقدت يوما محافلنا

الا بها مأتم للسبط معقود

وروى له الشيخ السماوي في (الطليعة) قصيدة في الامام الحسينعليه‌السلام وأولها:

سرى يخبط البيدا بهم ذلك الركب

وسار من المشتاق في اثرهم قلب

ومنها:

هوى للثرى من سرجه فتزلزلت

له السبعة الافلاك وارتجت الحجب

١٢

قضى نحبه ظامي الحشا بعدما ارتوى

بفيض دماء القوم صارمه العضب

وما انكشفت من قبله الحرب عن فتى

بمصرعه منه العدى نابها الرعب

كنت مشغولا بالكتابة عن المترجم له في يوم ١٧ - ١٠ - ١٩٧٧ وهو يوم "تعداد العام لسكان العراق فدخل الشاب المحامي محسن الشيخ جواد الشيخ محمد حسن سميسم ليقوم بتسجيل افراد العائلة ولما رأى الترجمة قال: ان المترجم له أرخ ولادتي بقوله:

بشرى الجواد بمولد

فقدومه بالخير معلن

ولد بتاج العز وال‍

‍علياء توجه المهيمن

آل السميسم داركم

ارختها ضاءت بمحسن

وفي مخطوطاتي قصيدة من نظم المترجم له يرثي بها السيدة زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين علي وشريكة الحسين في النهضة وأولها:

ما جف دمع المستهام المغرم

بعد الوقوف ضحى بتلك الارسم

وفي أواخرها:

أشقيقة السبطين دونك مدحة

قس الفصاحة مثلها لم ينظم

تمتاز بالحق الصريح لو أنها

قيست بشعر البحتري ومسلم

بيمين اخلاصي اليك رفعتها

ارجو خلاصي من عذاب جهنم

وعليك صلى الله ما رفعت له

أيدي محل بالدعاء ومحرم

وهي ٥٣ بيتا ما زلت احتفظ بها وبخطه والتوقيع: نظم عبد ذوي الولاء جعفر نقدي:

توفي رحمه الله فجأة في اليوم التاسع من محرم الحرام ١٣٧٠هـ في حسينية آل الياسين بالكاظمية في المأتم الحسيني فارتجت الكاظمية لفقده وحمل الى النجف فدفن يوم تاسوعا في الصحن العلوي الشريف، وكان قد سبقه البحاثة الشيخ محمد السماوي الى دار البقاء بخمسة ايام كما ذكر الشيخ الطهراني في النقباء.

١٣

الشيخ حسين شهيب

المتوفى سنة ١٣٧٠

لقد هاج في قلب الشجي غرام

لركب بجرعاء الغميم أقاموا

سروا فأذلت الدمع اثر مسيرهم

دما والحشا منى عراه سقام

وقد قوض الصبر الجميل لبينهم

وشب عليهم في الفؤاد ضرام

ظللت أنادي في الربوع فلم يجب

ندائي وأنى للربوع كلام

أأحبابنا هل من سبيل لوصلكم

فيحيى فؤاد لج فيه هيام

وهل نلتقي بعد الفراق سويعة

فيطفى من القلب الشجي أوام

فيا سعد دع عنك الصبابة والهوى

وعرج على من بالطفوف أقاموا

وحي كراما من سلالة هاشم

نمتها الى المجد الاثيل كرام

بنفسي افدي اسرة هاشمية

لها قد سما فوق السماك مقام

رأت ان دين الله بين أمية

تلاعب فيه ما تشاء طغام

فقامت لنصر الدين فرسان غالب

عليها من البأس الشديد وسام

وقد جردت عضبا من الحزم لو رمت

شماما به لا نهد منه شمام

الى أن ثووا في الترب بين مبضع

ومنعفر منه تطاير هام

فجاءهم سبط الرسول مناديا

احباي هبوا فالمنام حرام

رضيتم بأن ابقى وحيدا وانتم

ضحايا على وجه الصعيد نيام

الى أن قضى حق العلى بمواقف

بها قام للدين الحنيف دعام

فأردوه بالبيض الصفاح وبالقنا

ولم يرع فيه للنبي ذمام

فخر على وجه الثرى عن جواده

وفيه احاطت بالسيوف لئام

فأقبلن ربات الخدور حواسرا

وليس لها الا العفاف لثام

١٤

أحطن به مستصرخات كأنها

حمام على أوكارهن حيام

واعظمها وجدا عقيلة حيدر

تنادي أخاها والدموع سجام

علي عزيز أن أراكم على الثرى

تداس لكم بالصافنات عظام

خطيب توارث الخطابة عن اب عن جد من أسرة عربية تعتز بخدمة المنبر الحسيني فهو الشيخ حسين ابن الشيخ محمد خطيب الحلة الفيحاء ابن الخطيب الشيخ عبد الحسين وكذلك جد والده الشيخ شهيب. ولد في الحلة حوالي سنة ١٣٢٢ ه‍ ونشأ في كنف والده فكان عونا له في أداء مهمته الخطابية كما مرنه اخوه الدكتور محمد مهدي البصير على تعاطي الادب ونظم الشعر. توفي فجأة بالحلة بالسكتة القلبية وحمل نعشه الى النجف ودفن بها سنة ١٣٧٠ وجزع ابوه لفقده جزعا شديدا حتى ذهب بصره، وأقام له الاستاذ السيد علي القزويني المحامي معتمد فرع حزب الاستقلال بالحلة حفلا اربعينيا في مقر فرع الحزب حيث كان من أعضائه وأبنه جماعة من شعراء اللغتين الفصحى والدارجة. ترجم له الشيخ اليعقوبي في البابليات والخاقاني في شعراء الحلة قال وله شعر كثير في السياسة والاجتماع وهو من النوع المقبول.

١٥

الشيخ محمد رضا ياسين

المتوفى ١٣٧٠

قال قدس الله نفسه الطاهرة عندما زار مرقد مسلم بن عقيل سلام الله عليه:

ان جئت كوفان يوما

وطفت تلك المغاني

زر مسلم بن عقيل

وحي مرقد هاني

تفز بما ترتجيه

من المنى والاماني

اسرة آل ياسين عريقة بالعلم والفضل وتعتبر الاسرة الموجهة للناس الى الخير والكمال وقد توارثت الزعامة الروحية وتولت القيادة الدينية فأحسنت القيادة، وشيخنا المترجم له كان بركة الارض بتقواه وورعه وقداسة ذاته وطيب أعراقه.

ولد في الكاظمية ضحوة الاربعاء سابع ربيع الاول ١٢٩٧ ه‍ من ابوين كريمين فكان مثال الوداعة في طفولته واشتغل بالدراسة منذ نعومة اظفاره وتفرست الناس فيه النبوغ والعبقرية وعقدوا عليه الآمال وما كاد يتخطى العقد الثاني حتى شهد له اعلام

١٦

عصره بالاجتهاد، واستوطن النجف عام ١٣٣٦ ه‍ فكان فيها من شيوخ الفقه وملتقى رجال الفكر وابطال العلم وعرف بتحقيقه وغزارة فقهه، ما جلست اليه مرة الا وتملكتني الهيبة فقد كان أضوء من المصباح لصباحة وجهه وما أحلى تلك الشيبة البهية يجلله الوقار والعظمة وافضل مميزاته زهده في الدنيا وانصرافه عنها. رجع اليه الناس عن عقيدة صميمة واحبه الخاص والعام وتوافدت عليه وجهاء الاقطار.

وفي كل ذلك يحاول أن يزوي نفسه ويفسح لمن يرغب في الشهرة ومع كل ذلك فقد طبعت رسالته (بلغة الراغبين في فقه آل ياسين) مرارا كثيرة، ولقد دعيت مرة إلى مأتم يختص بالسيد الجليل السيد محمد بن الإمام علي الهادي سلام الله عليه وبعد الفراغ من الحديث انشدنا رحمه الله من نظمه:

يا أبا جعفر اليك لجأنا

ولمغناك دون غيرك جئنا

فعسى تنجلي لنا آي قدس

فنرى بالعيان ما قد سمعنا

وقل ما رأيت مرجعا من المراجع يخلو من ناقم عليه أو ناقد له ولحاشيته ولكن شيخنا المترجم له أكاد ان اقول اجمع الناس على حبه والثقة به.

توفي بالكوفة يوم السبت في الساعة السابعة والنصف عصرا ٢٨ من رجب سنة ١٣٧٠ وكان يوما مشهودا ونعته الاذاعة وعطلت الاسواق وحمل النعش للنجف بأعلام مجللة بالسواد والاناشيد المحزنة ترددها مختلف الطبقات رحمه الله رحمة واسعة وقد اصدر صاحب مجلة البيان النجفية عددا خاصا حافلا بالشعر والنثر.

١٧

الشيخ محمد السماوي

المتوفى ١٣٧٠

من قصيدة طويلة للشيخ محمد السماوي وقد تضمنت الابيات المعروفة لجعفر بن ورقاء(١) .

كم دمع عينك يهمع

أفما تكف الادمع

وتوثب الحقد الحسين

فسار فيه يجعجع

حتى رماه بكربلا

حيث الجيوش تجمع

والمشرفية شهر

والسمهرية شرع

والنبل قد ملأ الفضا

ء مخطف أو وقع

__________________

١ - جعفر بن ورقاء الشيباني هو ابو محمد كان فاضلا اديبا مصنفا وكان أمير بني شيبان وتقلد عدة ولايات للمقتدر، وكان شاعرا جيد البديهة يأخذ القلم ويكتب ما يريد من نثر ونظم كأنما هو محفوظ له، وله مع سيف الدولة مكاتبات، ذكره النجاشي والعلامة وغيرهما. ولد بسامراء سن مائتين واثنتين وسبعين وتوفي في رمضان سنة ثلثمائة واثنتين وخمسين كما في فوات الوفيات. انتهى عن الطليعة من شعراء الشيعة للشيخ السماوي كما نسب له الابيات المشهورة والتي أولها:

رأس ابن بنت محمد ووصيه

للناظرين على قناة يرفع

وقد تقدم في الجزء الأول من هذه الموسوعة ان هذه الابيات للشاعر دعبل بن علي الخزاعي كما يقول الحموي في معجم الادباء.

١٨

والنقع يدجو والبوا

رق في دجاه لمع

فثنى على القربوس رجلا

وانثنى يتطلع

وهداهم وعظا فلم

يصغوا اليه ولم يعوا

فاستل صارمه فهام

لا تعد وأذرع

مهما محا جمعا تكتب

آخر متجمع

ضاق الفضاء وسيفه

ان ضاق فيهم يوسع

غرثان لا يروى بغير

دمائهم أو يشبع

صافي الحديدة لا يزال

فرنده يتشعشع

مما يكونه الاله

له ومما يصنع

حتى دعاه الله واز

دهى المقام الارفع

فأجاب داعي ربه

لبيك ها أنا طيع

ورمى الحسام فعاد و

هو الى المواضي مرتع

صلت عليه المرهفات

فسجد أو ركع

وتشابكت فيه النبا

ل فخر وهو مدرع

وتناكصت عنه الحجا

رة ليس فيه موضع

فاقل رأس بالسنان

له وديست أضلع

يا للرجال لحادث

منه الجبال تصدع

(رأس ابن بنت محمد)

فوق الاسنة يرفع

(والجسم منه على الثرى)

ثاو هناك مبضع

(والمسلمون لهم هنا)

لك منظر أو مسمع

(لا منتكر فيهم ولا)

منهم له متوجع

(كحلت بمنظرك العيون)

عماية لا تقلع

(وأصم رزؤك في البر

ية) كل اذن تسمع

(أسهرت اجفانا)

وكنت لها كرى يتمتع

(وأنمت أخرى لم تكن)

من خوف بأسك تهجع

نم كيفما شاؤا فأنت

الضيغم المستجمع

يخشى وثوبك في الحيا

ة وفي الممات ويفزع

ما بقعة الا تمنت

أنها لك موضع

١٩

ولسر علمك مدفن

ولطيب جسمك مضجع

ءأبا علي لا يزل

يجري لرزئك مدمع

ويذوب قلب من مصا

بك ذا وتخفق أضلع

والهفتاه تقطع الا

حشا وليست تقطع

ما ان يبرد اصبع

تدمى وسن يقرع

كلا ولا اللبات تلد

م والجباه تبضع

ان الاسى ذاك الاسى

معها فماذا نصنع

الشيخ محمد ابن الشيخ طاهر بن حبيب بن الحسين بن محسن الفضلي السماوي كان أبوه عالما فاضلا والمترجم له ولد في السماوة بتاريخ ٢٧ ذي الحجة عام ١٢٩٢ ه‍ ونشأ بها وبعد عشر سنوات من ولادته توفي ابوه فهاجر الى النجف لطلب العلم فقرأ المبادئ على العلامة الشيخ شكر البغدادي والشيخ عبد الله بن معتوق القطيفي ودرس الرياضيات على الشيخ آغا رضا الاصفهاني وأصول الفقه على الشيخ علي ابن الشيخ باقر صاحب الجواهر كما درس على الشيخ آغا رضا الهمداني والسيد محمد الهندي والشيخ حسن المامقاني وشيخ الشريعة وممن زوده باجازة الاجتهاد الحجة السيد حسن الصدر والشيخ علي الشيخ باقر ثم عين قاضيا في المحكمة الشرعية الجعفرية في النجف الاشرف طيلة زمن الاحتلال وعامين من الحكم الوطني ثم نقل الى كربلاء فبقي سنتين ومنها الى بغداد فبقي عشر سنين بين القضاء والتمييز الشرعي وأخيرا طلب نقله الى النجف وبقي يشغل منصب القضاء سنة واحدة ثم استقال على أثر خلاف بينه وبين فخامة السيد محمد الصدر ونظم الخطيب محمد علي اليعقوبي:

قل للسماوي الذي

فلك القضاء به يدور

الناس تضربها الذيو

ل وأنت تضربك الصدور

يقول صاحب شعراء الغري: والسماوي مارس الصحافة واشتغل كمحرر في صحيفة (الزوراء) الرسمية والتي كانت ببغداد باللغتين: التركية والعربية مدة سنتين وذلك في أواخر العهد التركي

٢٠

الجنابة وكان لوط وآله يتنظفون من الغائط ويتطهرون من الجنابة، وكان لوط ابن خالة إبراهيم وإبراهيم ابن خالة لوط وكانت امرأة إبراهيم سارة أخت لوط، وكان إبراهيم ولوط نبيين مرسلين منذرين، وكان لوط رجلا سخيا كريما يقري الضيف(١) إذا نزل به ويحذره قومه، قال: فلما راى قوم لوط ذلك قالوا: انا ننهاك عن العالمين لا تقرى ضيفا ينزل بك، فانك ان فعلت فضحنا ضيفك وأخزيناك فيه، وكان لوط إذا نزل به الضيف كتم أمره مخافة أن يفضحه قومه، وذلك ان لوطا كان فيهم لا عشيرة له. قال: وان لوطا وإبراهيم لا يتوقعان نزول العذاب على قوم لوط، وكانت لإبراهيم ولوط منزلة من الله شريفة، وان الله تبارك وتعالى كان إذا هم بعذاب قوم لوط أدركته فيهم مودة إبراهيم وخلته ومحبة لوط فيراقبهم فيه فيؤخر عذابهم، قال أبو جعفر: فلما اشتد أسف الله على قوم لوط وقدر عذابهم وقضاه أحب أن يعوض إبراهيم من عذاب قوم لوط بغلام عليم فيسلى به مصابه بهلاك قوم لوط، فبعث الله رسلا إلى إبراهيم يبشرونه بإسماعيل، فدخلوا عليه ليلا ففزع منهم وخاف أن يكونوا سراقا، قال: فلما ان رأته الرسل فزعا وجلا قالوا: سلاما قال سلام( قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ قالَ ) أبو جعفرعليه‌السلام : والغلام العليم هو إسمعيل من هاجر فقال إبراهيم للرسل:( أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ ) فقال إبراهيم للرسل: فما خطبكم بعد البشارة؟( قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ ) انهم كانوا قوما فاسقين لننذرهم عذاب رب العالمين، قال أبو جعفرعليه‌السلام : فقال إبراهيم للرسل:( إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ ) ( فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ ) يقول: من عذاب الله لننذر قومك العذاب( فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ ) يا لوط إذا مضى من يومك هذا سبعة أيام ولياليها( بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ ) قال أبو جعفرعليه‌السلام فقضوا إلى لوط ذلك الأمر

__________________

(١) قرى الضيف: أضافه وأجاره وأكرمه.

٢١

( أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ ) قال أبو جعفرعليه‌السلام : فلما كان يوم الثامن مع طلوع الفجر قدم الله رسلا إلى إبراهيم يبشرونه بإسحاق ويعزونه بهلاك قوم لوط «الحديث» وقد كتبناه بتمامه في هود.

٧٥ ـ في كتاب الخصال عن الصباح مولى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كنت مع أبي عبد الله فلما مررنا بأحد قال: ترى الثقب الذي فيه؟ قلت: نعم، قال اما انا فلست أراه. وعلامة الكبر ثلث: كلال البصر(١) وانحناء الظهر ورقة القدم.

٧٦ ـ في تفسير العيّاشي عن صفوان الجمال قال: صليت خلف أبي عبد اللهعليه‌السلام فأطرق ثم قال: أللهمّ لا تقنطني من رحمتك، ثم جهر فقال:( وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ) .

٧٧ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى معاذ بن جبل حديث طويل عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول فيه: قال الله يا ابن آدم بإحساني إليك قويت على طاعتي وبسوء ظنك بي قنطت من رحمتي.

٧٨ ـ في بصائر الدرجات حدثني السندي بن الربيع عن الحسن بن عليّ بن فضال عن علي بن رئاب عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: ليس مخلوق إلّا وبين عينيه مكتوب: مؤمن أو كافر، وذلك محجوب عنكم وليس محجوبا عن الائمة من آل محمد صلوات الله عليهم، ثم ليس يدخل عليهم أحد إلّا عرفوه مؤمن أو كافر، ثم تلا هذه الآية: إنّ في ذلك لآيات للمتوسمين.

٧٩ ـ أحمد بن الحسن بن أحمد بن إبراهيم عن الحسن بن البرة عن علي بن حسان عن عبد الكريم بن كثير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ويحك يا أبا سليمان! إنّه ليس من عبد يولد إلّا كتب بين عينيه مؤمن أو كافر، قال اللهعزوجل :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) نعرف عدونا من ولينا، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٠ ـ في أصول الكافي أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى عن ابن ابى عمير قال: أخبرنى أسباط بياع الزطي قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام فسئله

__________________

(١) كل بصره: أعيا ونبأ ولم يحقق المنظور.

٢٢

رجل عن قول اللهعزوجل :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ ) قال: نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم.

٨١ ـ محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن يحيى بن إبراهيم، قال حدثني أسباط بن سالم قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام فدخل عليه رجل من أهل هيت(١) فقال له: أصلحك الله ما تقول في قول اللهعزوجل :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) قال: نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم.

٨٢ ـ محمد بن إسمعيل عن الفضل بن شاذان عن حماد بن عيسى عن ربعي بن عبد الله عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) قال: هم الامة، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور اللهعزوجل في قول الله(٢) عزوجل ( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) .

٨٣ ـ محمد بن يحيى عن الحسن بن عليّ الكوفي عن عبيس بن هشام عن عبد الله بن سليمان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) فقال: هم الائمة( وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ ) قال: لا يخرج منا أبدا.

٨٤ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن أسلم عن إبراهيم بن أيوب عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في قوله:( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المتوسم وأنا من بعده، والائمة من ذريتي المتوسمون وفي نسخة اخرى: أحمد بن مهران عن محمد بن عليّ عن محمد بن أسلم عن إبراهيم بن أيوب باسناده مثله.

٨٥ ـ أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى عن الحسن بن عليّ الكوفي عن عبيس بن هشام عن عبد الله بن سليمان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن الامام فوض الله إليه كما فوض إلى سليمان بن داود؟ فقال: نعم وذلك ان رجلا سأله عن مسألة فأجابه فيها، وسأله

__________________

(١) هيت: بلدة على الفرات من نواحي بغداد فوق الأنبار ذات نخل كثير وخيرات واسعة واسم قرية في نواحي دمشق أيضا.

(٢) متعلق بقوله: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢٣

آخر عن تلك المسألة فأجابه بغير جواب الاول، ثم سأله آخر فأجابه بغير جواب الأولين ثم قال:( هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ ) أعط بغير حساب» وهكذا هي في قراءة علىعليه‌السلام ، قال: فقلت: أصلحك الله فحين أجابهم بهذا الجواب يعرفهم الامام؟ قال: سبحان الله أما تسمع الله يقول:( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) وهم الائمة( وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ ) لا تخرج منها أبدا، ثم قال لي: نعم ان الامام إذا أبصر إلى الرجل عرفه وعرف لونه، وان سمع كلامه من خلف حائط عرفه وعرف ما هو، ان الله يقول:( وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ ) وهم العلماء، فليس يسمع شيئا من الأمر ينطق به إلّا عرفه ناج أو هالك، فلذلك يجيبهم بالذي يجيبهم.

٨٦ ـ في روضة الواعظين للمفيد (ره) بعد أن ذكر الصادقعليه‌السلام وروى عنه حديثا وقالعليه‌السلام : إذا قام قائم آل محمدعليه‌السلام حكم بين الناس بحكم داود لا يحتاج إلى بينة، يلهمه الله تعالى فيحكم بعلمه. ويخبر كل قوم بما استنبطوه، ويعرف وليه من عدوه بالتوسم قال اللهعزوجل :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ ) .

٨٧ ـ في مجمع البيان وقد صح عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله، قال: إنّ لله عبادا يعرفون الناس بالتوسم، ثم قرء هذه الآية.

٨٨ ـ وروي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال: نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم، والسبيل طريق الجنة، ذكره عليّ بن إبراهيم في تفسيره(١) .

٨٩ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام في وجه دلائل الائمة والرد على الغلاة والمفوضة لعنهم الله، حدّثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضى الله عنه قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا أحمد بن عليّ الأنصاري عن الحسن بن الجهم قال: حضرت مجلس المأمون يوما وعنده علي بن موسى الرضاعليه‌السلام وقد اجتمع الفقهاء

__________________

(١) «الذي في تفسير عليّ بن إبراهيم الرواية الاخيرة»، وانما لم نأخذها منه لأنها فيه بلفظ «قال» كما هي عادته، فأخذناها من مجمع البيان للتصريح باسمه فيهعليه‌السلام . «منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

٢٤

وأهل الكلام من الفرق المختلفة فسأله بعضهم فقال له: يا بن رسول الله بأي شيء تصح الامامة لمدعيها؟ قال: بالنص والدليل، قال له: فدلالة الامام فيما هي؟ قال: في العلم واستجابة الدعوة قال فما وجه أخباركم مما يكون؟ قال ذلك بعهد معهود إلينا من رسول الله، قال: فما وجه أخباركم مما في قلوب الناس؟ قال له: أما بلغك قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله على قدر ايمانه ومبلغ استبصاره وعلمه، وقد جمع الله للائمة منا ما فرقه في جميع المؤمنين، وقالعزوجل في كتابه العزيز:( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) فأول المتوسمين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم أمير المؤمنينعليه‌السلام من بعده، ثم الحسن والحسين والائمة من ولد الحسين إلى يوم القيمة، قال: فنظر إليه المأمون فقال له: يا أبا الحسن زدنا مما جعل الله لكم أهل البيت، فقال الرضاعليه‌السلام : إنّ الله تعالى قد أيدنا بروح منه مقدسة مطهرة، ليست بملك، لم تكن مع أحد ممن مضى إلّا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهي مع الائمة منا تسددهم وتوفقهم، وهو عمود من نور بيننا وبين الله تعالى.

٩٠ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إذا قام القائمعليه‌السلام لم يقم بين يديه أحد من خلق الرحمان إلّا عرفه صالح هو أم طالح، ألا وفيه آية للمتوسمين وهو سبيل المقيم.

٩١ ـ في كتاب معاني الأخبار الهلالي أمير المدينة يقول: سألت جعفر بن محمد فقلت له: يا بن رسول الله في نفسي مسألة أريد أن أسئلك عنها، قال: إنْ شئت أخبرتك بمسألتك قبل أن تسألنى، وان شئت فاسئل، قال: فقلت له: يا بن رسول الله وبأي شيء تعرف ما في نفسي قبل سؤالى عنه؟ قال: بالتوسم والتفرس، أما سمعت قول اللهعزوجل :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) وقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله.

٩٢ ـ في تفسير العيّاشي عن عبد الرحمن بن سالم الأشل رفعه في قوله:( لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) قال: هم آل محمد الأوصياءعليهم‌السلام .

٢٥

٩٣ ـ عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام [ان] في الامام آية للمتوسمين، وهو السبيل المقيم، ينظر بنور الله وينطق عن الله، لا يعزب عنه شيء مما أراد.

٩٤ ـ عن جابر بن يزيد الجعفي قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : بينما أمير المؤمنينعليه‌السلام جالس بمسجد الكوفة قد احتبى بسيفه والقى برنسه وراء ظهره(١) إذ أتته امرأة مستعدية على زوجها، فقضى للزوج على المرأة، فغضبت فقالت: لا والله ما هو كما قضيت، لا والله ما تقضى ولا تعدل بالرعية، ولا قضيتك عند الله بالمرضية، قال: فنظر إليها أمير المؤمنينعليه‌السلام فتأملها ثم قال لها: كذبت يا جرية يا بذية أيا سلسع أيا سلفع(٢) أيا التي تحيض من حيث لا تحيض النساء، قال: فولت هاربة وهي تولول وتقول: يا ويلي ويلي ويلي ثلثا، قال فلحقها عمرو بن حريث(٣) فقال لها: يا امة الله أسئلك، فقالت: ما للرجال والنساء في الطرقات؟ فقال: انك استقبلت أمير المؤمنين عليّا بكلام سررتينى به ثمّ قرعك أمير المؤمنين بكلمة فوليت مولولة؟ فقالت: إنّ ابن أبى طالب والله استقبلني فأخبرنى بما هو كتمته من بعلى منذ ولى عصمتي، لا والله ما رأيت طمثا من حيث يرينه النساء، قال: فرجع عمرو بن حريث إلى أمير المؤمنين فقال: له يا أمير المؤمنين ما نعرفك بالكهانة فقال له: وما ذلك يا ابن حريث؟ فقال له يا أمير المؤمنين ان هذه المرأة ذكرت انك أخبرتها بما هو فيها وانها لم تر طمثا قط من حيث تراه النساء، فقال له: ويلك يا بن حريث ان الله تبارك وتعالى خلق الأرواح قبل الأبدان بألفى عام، وركب الأرواح في الأبدان، فكتب بين أعينها

__________________

(١) احتبى احتباء: جمع بين ظهره وساقيه بعمامة ونحوها ليستند إذ لم يكن للعرب في البوادي جدران تستند إليها في مجالسها، والبرنس، قلنسوة طويلة كانت تلبس في صدر ـ الإسلام. كل ثوب رأسه ملتزق به.

(٢) البذية: الفحاشة. والسلفع: السليط. وامرأة سلفع يستوي فيه المذكر والمؤنث. يقال: سليطة جريئة. ولم أجد للسلسع معنى في كتب اللغة.

(٣) عمرو بن حريث القرشي المخزومي من أعداء أمير المؤمنينعليه‌السلام وأولياء بني أميّة ويظهر من هذا الحديث خبثه وزندقته وعداوتهعليه‌السلام ، وقد ورد في ذمه روايات كثيرة فراجع تنقيح المقال وغيره.

٢٦

كافر ومؤمن، وما هي مبتلاة به إلى يوم القيمة، ثم أنزل بذلك قرآنا على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال:( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المتوسم ثم انا من بعده، ثم الأوصياء من ذريتي من بعدي، إنّي لما رأيتها تأملتها فأخبرتها بما هو فيها ولم أكذب.

٩٥ ـ في عيون الاخبار عن الرضاعليه‌السلام حديث طويل وفيه قالعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) قال: العفو من غير عتاب.

٩٦ ـ في أمالي الصدوق (ره) باسناده عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيهعليهما‌السلام قال قال علي بن الحسين زين العابدينعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) قال: العفو من غير عتاب.

٩٧ ـ في تهذيب الأحكام محمد بن علي بن محبوب عن العباس عن محمد بن أبى عمير عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن السبع( الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) هي الفاتحة؟ قال: نعم، قلت: بسم الله الرحمن الرحيم من السبع المثاني؟ قال: نعم هي أفضلهن.

٩٨ ـ في تفسير العيّاشي ابن عبد الرحمن عمن رفعه قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال: هي سورة الحمد، وهو سبع آيات: منها( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) وانما سميت المثاني لأنها تثنى في الركعتين.

٩٩ ـ عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال: إذا كانت لك حاجة فاقرأ المثاني وسورة اخرى وصل ركعتين وادع الله. قلت: أصلحك الله وما المثاني؟ فقال: فاتحة الكتاب:( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) .

١٠٠ ـ عن سورة بن كليب عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته يقول: نحن المثاني التي أعطى نبينا.

١٠١ ـ عن يونس بن عبد الرحمن عمن رفعه قال: سألت أبا عبد الله عن قول الله:( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال: إنّ ظاهرها الحمد، وباطنها

٢٧

ولد الولد، والسابع منها القائمعليه‌السلام (١) .

١٠٢ ـ قال حسان: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله:( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال: ليس هكذا تنزيلها، إنّما هي:( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي ) [نحن هم] والقرآن العظيم» ولد الولد.

١٠٣ ـ عن القاسم بن عروة عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول الله:( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال: سبعة أئمة والقائم.

١٠٤ ـ عن السدي عمن سمع عليّاعليه‌السلام يقول:( سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي ) فاتحة الكتاب.

١٠٥ ـ عن سماعة قال: قال أبو الحسنعليه‌السلام :( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال: لم يعط الأنبياء إلّا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهم السبعة الائمة الذين يدور عليهم الفلك، «والقرآن العظيم» محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٠٦ ـ عن محمد بن مسلم عن أحدهماعليه‌السلام قال: سٌّألته عن قوله:( آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال: فاتحة الكتاب يثنى فيها القول.

١٠٧ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليّعليهم‌السلام قال: قال عليٌّعليه‌السلام لبعض أحبار اليهود في أثناء كلام طويل يذكر فيه مناقب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : وزاد الله عز ذكره محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله السبع الطوال، وفاتحة الكتاب، وهي السبع( الْمَثانِي، وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) .

__________________

(١) قال المحدث الكاشاني (ره): ولعلهم إنّما عدوا سبعا باعتبار اسمائهم فانها سبعة، وعلى هذا فيجوز أن يجعل المثاني من الثناء، وأن يجعل من التثنية باعتبار تثنيتهم مع القرآن، وأن يجعل كناية عن عددهم الاربعة عشر بأن يجعل نفسه واحدا منهم بالتغاير الاعتباري بين المعطى والمعطى له «انتهى».

وقال بعض: إنّ المراد بالسبع المثاني النبي والائمة وفاطمة عليهم‌السلام فهم أربعة عشر سبعة وسبعة، لقوله: المثاني، فكل واحد من السبعة مثنى وللعلامة المجلسي (ره) وكذا المحدث الحر العاملي قدس‌سرهما أيضا بيان في هذا الحديث وما يتلوه في التعبير فراجع البحار ج ٧: ١١٤ وإثبات الهداة ج ٧: ١٠٢.

٢٨

١٠٨ ـ في عيون الاخبار عن الرضاعليه‌السلام حديث طويل وفي آخره: وقيل لأمير المؤمنينعليه‌السلام : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) هي من فاتحة الكتاب؟ فقال: نعم، كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقرأها ويعدها آية منها، ويقول: فاتحة الكتاب هي السبع المثاني.

١٠٩ ـ وباسناده إلى الحسن بن عليّ عن أبيه علي بن محمد عن أبيه محمد بن عليّ عن أبيه الرضا عن آبائه عن عليٍّعليه‌السلام أنّه قال: إنّ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) آية من فاتحة الكتاب، وهي سبع آيات تمامها( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) ، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إنّ الله تعالى قال لي: يا محمّد( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) فأفرد الامتنان على بفاتحة الكتاب وجعلها بإزاء القرآن العظيم.

١١٠ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى أبى سلام عن بعض أصحابنا عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: نحن المثاني التي أعطاها الله نبينا،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونحن وجه الله، نتقلب في الأرض بين أظهر كم عرفنا من عرفنا، ومن جهلنا فامامه اليقين(١) .

وفى أصول الكافي مثله.

١١١ ـ في مجمع البيان السبع المثاني هي فاتحة الكتاب وهو قول عليٍّعليه‌السلام وروى ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام .

١١٢ ـ في أصول الكافي عليّ بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير عن سعد الإسكاف قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أعطيت السور الطوال مكان التوراة، وأعطيت المئين مكان الإنجيل(٢) وأعطيت المثاني مكان الزبور.

١١٣ ـ أبو على الأشعري عن الحسن بن علي بن عبد الله وحميد بن زياد عن الخشاب جميعا

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في تفسير العيّاشي وتفسير عليّ بن إبراهيم والمنقول عنهما في البحار وغيره «فامامه السعير» وهو الظاهر ويحتمل التصحيف أيضا، ولم أظفر على الحديث في مظانه في أصول الكافي.

(٢) قد مر في المجلد الاول صفحة ٢٥٨ لهذا الحديث بيان عن الطبرسي (ره) في الذيل فراجع.

٢٩

عمرو بن جميع عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ومن أوتى القرآن فظن ان أحدا من الناس أوتى أفضل مما أوتى، فقد عظم ما حقر الله، وحقر ما عظم الله.

١١٤ ـ عليّ بن إبراهيم عن أبيه وعلى بن محمد القاساني جميعا عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن علي بن الحسينعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أعطاه الله القرآن فرأى ان رجلا اعطى أفضل مما أعطى فقد صغر عظيما، وعظم صغيرا، والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.

١١٥ ـ في تفسير العيّاشي عن حماد عن بعض أصحابه عن أحدهماعليهما‌السلام قول الله:( لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ ) قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في نزل به ضيقة، [فاستسلف من يهودي](١) فقال اليهودي: والله ما لمحمد ثاغية ولا راغية(٢) فعلى ما أسلفه؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّي لامين الله في سمائه وأرضه ولو ائتمنتني على شيء لأديته إليك، قال: فبعث بدرقة(٣) فرهنها عنده، وأنزلت عليه:( وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا ) .

١١٦ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدّثنا أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لما نزلت هذه الآية( لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات، ومن رمى ببصره إلى ما في يدي غيره كثر همه ولم يشف غيظه، ومن لم يعلم ان لله عليه نعمة إلّا في مطعم أو ملبس فقد قصر علمه ودنا عذابه، ومن أصبح على الدنيا حزينا أصبح على الله ساخطا، ومن شكى مصيبة نزلت به فانما يشكو ربه، ومن دخل النار من هذه الامة ممن قرأ القرآن فهو ممن يتخذ آيات الله هزوا، ومن أتى ذا ميسرة فتخشع له طلب ما في يديه ذهب ثلثا دينه.

__________________

(١) استسلف: اقترض.

(٢) الثاغية: الشاة، والراغية: الناقة.

(٣) الدرقة ـ محركة ـ: الترس من الجلود. ليس فيه خشب ولا عقب.

٣٠

١١٧ ـ في مجمع البيان وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا ينظر إلى ما يستحسن من الدنيا.

١١٨ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قال عليّ بن إبراهيم في قوله:( الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) قال: قسموا القرآن ولم يؤلفوه على ما أنزله الله، فقال:( لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ ) .

١١٩ ـ في تفسير العيّاشي عن محمد بن مسلم عن أحدهما قال: قال في الذين أبرزوا القرآن عضين، قال: هم قريش.

١٢٠ ـ في أصول الكافي محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن الحسن بن عباس بن الحريش عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : سئل رجل أبى فقال: يا ابن رسول الله سآتيك بمسئلة صعبة، أخبرنى عن هذا العلم ما له لا يظهر كما كان يظهر مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال: فضحك أبىعليه‌السلام وقال: أبى الله أن يطلع على علمه إلّا ممتحنا للايمان، كما قضى على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يصبر على أذى قومه ولا يجاهدهم إلّا بامره، فكم من اكتتام قد اكتتم به، حتّى قيل له:( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) وايم الله إنّه لو صدع قبل ذلك لكان آمنا، ولكنه إنّما نظر في الطاعة وخاف الخلاف، فلذلك كف فوددت أن عينك تكون مع مهدي هذه الامة، والملائكة بسيوف آل داود بين السماء والأرض، تعذب أرواح الكفرة من الأموات، وتلحق بهم أرواح أشباههم من الأحياء، ثم اخرج سيفا ثم قال: ها ان هذا منها قال: فقال أبى: أي والذي اصطفى محمدا على البشر، قال: فرد الرجل اعتجاره(١) وقال: انا إلياس، ما سألتك عن أمرك وبى منه جهالة، غير أنّي أحببت أن يكون هذا الحديث قوة لأصحابك، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٢١ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن عليّ الحلبي

__________________

(١) الاعتجار: لف العمامة على رأسه. والرد هنا في مقابل الفتح المذكور في صدر الحديث في قوله: «ففتح الرجل عجيرته واستوى جالسا وتهلل وجهه اه» وان شئت الوقوف على تمام الحديث راجع الأصول: باب شأن( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) الحديث الاول.

٣١

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: اكتتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مختفيا خائفا خمس سنين، ليس يظهر أمره وعلىعليه‌السلام معه وخديجة، ثم أمره اللهعزوجل أن يصدع بما أمر، فظهر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأظهر أمره.

١٢٢ ـ وفي خبر آخر أنّهعليه‌السلام كان مختفيا بمكة ثلث سنين.

١٢٣ ـ وباسناده إلى عبد الله بن عليّ الحلبي قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: مكث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بمكة بعد ما جاء الوحي عن الله تبارك وتعالى ثلثة عشر سنة، منها ثلث سنين مختفيا خائفا لا يظهر، حتّى أمره اللهعزوجل ان يصدع بما أمر، فأظهر حينئذ الدعوة.

١٢٤ ـ في تفسير العيّاشي عن محمد بن عليّ الحلبي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: اكتتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بمكة سنين ليس يظهر وعلى معه وخديجة، ثم أمره الله أن يصدع بما يؤمر وظهر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فجعل يعرض نفسه على قبائل العرب، فاذا أتاهم قالوا: كذاب امض عنا.

١٢٥ ـ عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها ) قال: نسختها:( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) .

١٢٦ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله:( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ) فانها نزلت بمكة بعد أن نبئ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بثلث سنين، وذلك ان النبوة نزلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الاثنين وأسلم على يوم الثلثاء ثم أسلمت خديجة بنت خويلد زوجة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم دخل أبو طالب إلى النبي وهو يصلى وعلى بجنبه، وكان مع أبي طالب جعفر فقال له أبو طالب: صل جناح ابن عمك، فوقف جعفر على يسار رسول الله فبدر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من بينهما، فكان يصلى رسول الله وعلىعليه‌السلام وجعفر وزيد بن حارثة وخديجة، فلما أتى لذلك ثلث سنين، أنزل الله عليه:( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ) وكان المستهزؤن برسول الله خمسة الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، والأسود بن المطلب، والأسود بن عبد يغوث، و

٣٢

الحارث بن طلاطلة الخزاعي، فمر الوليد بن المغيرة وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله دعا عليه لما كان بلغه من أذائه واستهزائه، فقال: أللهمّ أعم بصره، واثكله بولده، فعمي بصره وقتل ولده ببدر(١) فمر الوليد بن المغيرة برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومعه جبرئيلعليه‌السلام ، فقال جبرئيل: يا محمّد هذا الوليد بن المغيرة وهو من المستهزئين بك. قال: نعم، وقد كان مر برجل من خزاعة وهو يريش نبالا له، فوطئ على بعضها فأصاب أسفل عقبه قطعة من ذلك، فدميت فلما مر بجبرئيلعليه‌السلام أشار إلى ذلك، فرجع الوليد إلى منزله ونام على سريره، وكانت ابنته نائمة أسفل منه فانفجر الموضع الذي أشار إليه جبرئيلعليه‌السلام أسفل عقبه فسال منه الدم حتّى صار إلى فراش ابنته، فانتبهت ابنته فقالت: يا جارية أتحل وكاء القربة(٢) ؟ قال الوليد: ما هذا وكاء القربة ولكنه دم أبيك، فاجمعى لي ولدي وولد أخى فانى ميت فجمعتهم فقال لعبد الله بن أبي ربيعة: إنّ عمارة بن الوليد بأرض الحبشة بدار مضيعة، فخذ كتابا من محمد إلى النجاشي ان يرده، ثم قال لابنه هاشم وهو أصغر ولده: يا بنى أوصيك بخمس خصال فاحفظها: أوصيك بقتل أبي دهم الدوسي فانه غلبني على امرأتى وهي بنته، ولو تركها وبعلها كانت تلد لي ابنا مثلك، ودمي في خزاعة وما تعمدوا قتلى، وأخاف ان تفتنوا بعدي، ودمي في بنى خزيمة بن عامر ودياتي(٣) في ثقيف فخذه ولا سقف نجران على مائتا دينار فاقضها، ثم فاضت نفسه، ومر ربيعة بن الأسود برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأشار جبرئيل إلى بصره فعمي ومات، ومر به الأسود بن عبد يغوث، فأشار جبرئيل إلى بطنه فلم يزل يستسقى حتّى شق بطنه، ومر العاص بن وائل فأشار جبرئيل إلى رجله فدخل يداه(٤) في أخمص قدميه وخرجت من ظاهره

__________________

(١) وفي المصدر بعد قوله «ببدر» هكذا: «وكذلك دعا على الأسود بن عبد يغوث والحارث بن طلاطلة الخزاعي، فمر الوليد اه».

(٢) الوكاء ـ ككتاب ـ: رباط القربة.

(٣) وفي السيرة لابن هشام «ربائى». وفي المصدر «دياني».

(٤) كذا في النسخ والظاهر أنّه مصحف وفي المصدر والمنقول عنه في البحار وغيره «فدخل عود في أخمص قدمه اه».

٣٣

ومات، ومر ابن الطلاطلة فأشار جبرئيل إلى وجهه فخرج إلى جبال تهامة فأصابته السمائم(١) واستسقى حتّى انشق بطنه، وهو قول الله:( إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ) فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقام على الحجر فقال: يا معشر قريش، يا معاشر العرب ادعو كم إلى شهادة ان لا إله إلّا الله، وانى رسول الله، وأمر كم بخلع الأنداد والأصنام فأجيبوني تملكون بها العرب، وتدين لكم العجم، وتكونون ملوكا في الجنة، فاستهزؤا منه وقالوا: جن محمد بن عبد الله، ولم يجسروا عليه لموضع أبي طالب، فاجتمعت قريش إلى أبي طالب فقالوا: يا أبا طالب ان ابن أخيك قد سفه أحلامنا وسب آلهتنا، وأفسد شباننا، وفرق جماعتنا، فان كان يحمله على ذلك الغرم جمعنا له مالا فيكون أكثر قريش مالا، ونزوجه أي امرأة شاء من قريش، فقال له أبو طالب: ما هذا يا ابن أخى؟ فقال: يا عم هذا دين الله الذي ارتضاه لأنبيائه ورسله، بعثني الله رسولا إلى الناس، فقال: يا بن أخى ان قومك قد أتونى يسألوني ان أسئلك أن تكف عنهم، فقال: يا عم إنّي لا أستطيع انْ أخالف أمر ربّي، فكفّ عنه أبو طالب، ثمّ اجتمعوا إلى أبي طالب فقالوا: أنت سيد من ساداتنا فادفع إلينا محمدا لنقتله وتملك علينا، فقال أبو طالب قصيدته الطويلة، ويقول فيها: ولما رأيت القول لاود بينهم(٢) وقد قطعوا كل العرى والوسائل كذبتم وبيت الله يبزى محمد ولما نطاعن دونه ونناضل(٣) وننصره حتّى نصرع حوله ونذهل عن أبنائنا والحلائل(٤)

__________________

(١) السمائم جمع السموم: الريح الحارة.

(٢) قوله: «بينهم» في المصدر «عندهم». والعرى جمع العروة: كلما يوثق به ويعول عليه.

(٣) قوله «يبزى» أي يقهر ويغلب، قال في البحار أراد «لا يبزى» فحذف لا من جواب القسم وهي مرادة أي لا يقهر ولم نقاتل وندافع «انتهى» والصحيح كما في الغدير ج ٧: ٣٣٨ «نبزى» أي نقهر، وناضل عنه: حامي وجادل ودافع وتكلم عنه بعذره.

(٤) صرعة: طرحه على الأرض شديدا. وذهل عنه: نسيه. والحلائل جمع الحليلة: الزوجة.

٣٤

قال: فلما اجتمعت [قريش] على قتل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكتبوا الصحيفة القاطعة، جمع أبو طالب بنى هاشم وحلف لهم بالبيت والركن والمقام والمشاعر في الكعبة، لئن شاكت محمدا شوكة لاتين عليكم يا بنى هاشم فأدخله الشعب، وكان يحرسه بالليل والنهار قائما بالسيف على رأسه أربع سنين، فلما خرجوا من الشعب حضرت أبا طالب الوفاة، فدخل عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يجود بنفسه، فقال: يا عم ربيت صغيرا وكفلت يتيما، فجزاك الله عنى خيرا أعطني كلمة اشفع لك بها عند ربي، فروى أنّه لم يخرج من الدنيا حتّى أعطى رسول الله الرضا، وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لو قمت المقام المحمود لشفعت لابي وأمي وعمى وأخ كان لي مواخيا في الجاهلية(١) .

١٢٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) روى موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليّعليهم‌السلام قال: إنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : فان هذا موسى بن عمران قد أرسله الله إلى فرعون وأراه الآية الكبرى؟ قال له علىعليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله أرسله الله إلى فراعنة شتى مثل أبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة وشيبة وأبي البختري والنضر بن الحرث، وأبي بن خلف، ومنبه ونبيه إبني الحجاج، والى المستهزئين: الوليد بن المغيرة المخزومي، والعاص بن وائل السهمي، والأسود بن عبد يغوث الزهري، والأسود بن المطلب، والحارث بن الطلاطلة فأراهم الآيات في الآفاق وفي أنفسهم حتّى تبين لهم أنّه الحق، قال اليهودي: لقد انتقم الله لموسى من فرعون؟ قال له عليعليه‌السلام : لقد كان كذلك ولقد انتقم الله جل اسمه لمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله من الفراعنة، فاما المستهزؤن فقد قال اللهعزوجل :( إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ) فقتل

__________________

(١) غير خفي على المحقق الخبير والمطالع البصير لأخبار أهل بيت العصمة صلوات الله عليه ان أبا طالب كان مؤمنا ينقى قومه ويستر دينه، وعليه الشيعة الامامية، ويعرف ذلك من سيرته وكلماته وأشعاره أيضا، وقد أفرد العلامة الأستاذ الأميني دام ظله في كتابه الغدير لذلك بابا يذكر فيه اشعاره وأحواله، ويدفع الشبهات الواهية المنقولة عن بعض العامة في ايمانه وإسلامه رضى الله عنه فراجع ج ٧ ـ: ٣٣٠ ـ ٤٠٩. فما في هذا الخبر اما هو مأخوذ عن العامة وأورده القمى (ره) على عقيدتهم، أو كان منهصلى‌الله‌عليه‌وآله على ظاهر حال ابى طالب والله العالم.

٣٥

الله خمستهم كل واحد منهم بغير قتلة صاحبه في يوم واحد، فاما الوليد بن المغيرة فمر بنبل لرجل من خزاعة قد راشه ووضعه في الطريق، فأصابه شظية منه(١) فانقطع أكحله حتّى أدماه فمات، وهو يقول قتلني رب محمد، واما العاص بن وائل السهمي فانه خرج في حاجة له إلى موضع فتدهده(٢) تحته حجر فسقط فتقطع قطعة قطعة فمات وهو يقول: قتلني رب محمد، واما الأسود بن عبد يغوث فانه خرج يستقبل ابنة زمعة فاستظل بشجرة فأتاه جبرئيلعليه‌السلام فأخذ رأسه فنطح به الشجرة فقال لغلامه: إمنع عنّى هذا فقال: ما أرى أحدا يصنع بك شيئا إلّا نفسك فقتله، وهو يقول: قتلني ربّ محمّد، وأمّا الأسود بن الحارث فان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله دعا عليه أن يعمى بصره وان يثكله ولده، فلمّا كان في ذلك اليوم خرج حتّى صار إلى موضع، فأتاه جبرئيلعليه‌السلام بورقة خضراء فضرب بها وجهه فعمي، وبقي حتّى أثكله اللهعزوجل ولده، وأمّا الحارث بن الطلاطلة فانه خرج من بيته في السموم فتحول حبشيا فرجع إلى أهله فقال: أنا الحارث فغضبوا عليه فقتلوه وهو يقول: قتلني ربّ محمّد، وروى ان الأسود بن الحارث أكل حوتا مالحا فأصابه عليه العطش فلم يزل يشرب الماء حتّى انشق بطنه فمات، وهو يقول: قتلني ربّ محمّد كل ذلك في ساعة واحدة، وذلك انهم كانوا بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا له: يا محمّد ننتظر بك إلى الظهر فان رجعت عن قولك وإلّا قتلناك، فدخل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله منزله فأغلق عليه بابه مغتما لقولهم، فأتاه جبرئيلعليه‌السلام عن الله من ساعته فقال: يا محمّد السّلام يقرء عليك السّلام وهو يقول:( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) يعنى أظهر أمرك لأهل مكّة وادعهم إلى الايمان قال: يا جبرئيل كيف أصنع بالمستهزئين وما أوعدونى؟ قال له:( إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ) قال: يا جبرئيل كانوا الساعة بين يدي! قال: قد كفيتهم فاظهر أمره عند ذلك، واما بقيتهم من الفراعنة فقتلوا يوم بدر بالسيف، وهزم الله الجمع وولّوا الأدبار، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٢٧ ـ في كتاب الخصال عن أبان الأحمر رفعه قال: المستهزؤن بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) الشظية: كل فلقة من شيء كفلقة العود أو القضبة.

(٢) تدهده الحجر: تدحرج.

٣٦

خمسة الوليد بن المغيرة المخزومي، والعاص بن وائل السهمي والأسود بن عبد يغوث الزهري والأسود بن المطلب، والحارث بن عطية الثقفي.

١٢٨ ـ في أصول الكافي محمد بن الحسين وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى ومحمد بن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن إسمعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه حاكيا عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذكر من فضل وصيه ذكرا، فوقع النفاق في قلوبهم فعلم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك وما يقولون، فقال الله جل ذكره: يا محمّد و( لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ ) ( فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ ) لكنهم يجحدون بغير حجة لهم وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يتألفهم ويستعين ببعضهم على بعض، ولا يزال يخرج لهم شيئا في فضل وصيه حتّى نزلت هذه السورة، فاحتج عليهم حين أعلم بموته ونعيت إليه نفسه.

١٢٩ ـ عليّ بن إبراهيم عن أبيه وعلى بن محمد القاساني جميعا عن القاسم بن محمد الاصبهانى عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : يا حفص ان من صبر صبر قليلا، وان من جزع جزع قليلا، ثم قال: عليك بالصبر في جميع أمورك، فان اللهعزوجل بعث محمدا فأمره بالصبر والرفق فصبرصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى نالوه بالعظايم ورموه بها فضاق صدره فأنزل اللهعزوجل :( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٣٠ ـ في مجمع البيان: و( كُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ) أي المصلين عن الضحاك وابن عباس قال: وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا حزنه أمر فرغ إلى الصلوة(١) .

__________________

(١) فرغ إلى الشيء: قصد.

٣٧

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي جعفرعليه‌السلام قال: من قرأ سورة النحل في كل شهر كفى المغرم في الدنيا، وسبعين نوعا من أنواع البلاء أهونه الجنون والجذام والبرص، وكان مسكنه في جنة عدن وهي وسط الجنان.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من قرءها لم يحاسبه الله تعالى بالنعم التي أنعمها عليه في دار الدنيا، وان مات في يوم تلاها أو ليلته أعطى من الأجر كالذي مات وأحسن الوصية.

٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : أول من يبايع القائمعليه‌السلام جبرئيل، ينزل في صورة طير أبيض فيبايعه ثم يضع رجلا على بيت الله الحرام ورجلا على بيت المقدس، ثم ينادى بصوت ذلق(١) تسمعه الخلايق:( أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ) .

٤ ـ عن ابن مهزيار عن القائمعليه‌السلام حديث طويل وفيه أنّهعليه‌السلام تلى:( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ) فقلت: يا سيدي يا ابن رسول الله فما الأمر؟ قال: نحن أمر اللهعزوجل وجنوده.

٥ ـ في تفسير العيّاشي عن هشام بن سالم عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سئلته عن قول الله:( أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ) قال: إذا أخبر الله النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بشيء إلى وقت فهو قوله:( أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ) حتّى يأتى ذلك الوقت، وقال: إنّ الله إذا أخبر ان شيئا كائن فكأنه قد كان. وفيه بعد أن نقل أبان بن تغلب عن أبي عبد اللهعليه‌السلام كما نقلنا عنه سابقا، وفي

__________________

(١) الذلق: الفصيح.

٣٨

رواية أخرى عن أبان عن أبي جعفرعليه‌السلام نحوه.

٦ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم ( أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) قال: نزلت لما سألت قريش رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ان ينزل عليهم(١) فأنزل الله تبارك وتعالى( أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ) .

٧ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن علي بن أسباط عن الحسين بن أبي العلا عن سعد الإسكاف قال: أتى رجل أمير المؤمنينعليه‌السلام يسئله عن الروح أليس هو جبرئيل؟ فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : جبرئيل من الملائكة والروح غير جبرئيل، فكرر ذلك على الرجل، فقال له: لقد قلت عظيما من القول، ما أحد يزعم ان الروح غير جبرئيل، فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : انك ضال تروى عن أهل الضلال يقول اللهعزوجل لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ ) والروح غير الملائكةعليهم‌السلام .

٨ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إله إلّا أَنَا فَاتَّقُونِ ) يقول: بالكتاب.

وقال عليّ بن إبراهيم في قوله:( خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ ) قال: خلقه من قطرة من ماء منتن(٢) فيكون خصيما متكلما بليغا، وقال أبو الجارود في قوله: و( الْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ ) والدفء: حواشي الإبل، ويقال بل هي الادفاء(٣) من البيوت والثياب.

٩ ـ في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن عليٍّعليه‌السلام قال: سئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أي المال خير؟ قال: زرع زرعه صاحبه وأدى( حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ ) ، قيل: وأى مال بعد الزرع خير؟ قال: رجل في غنمه قد تبع بها مواقع القطر، يقيم الصلوة ويؤتى الزكاة، قيل: فأى المال بعد الغنم خير؟ قال: البقر تغدو بخير وتروح بخير

__________________

(١) وفي المصدر «أن ينزل عليهم العذاب».

(٢) وفي المصدر «من قطرة من ماء مهين».

(٣) ادفأه من الحائط وغيره كنه أي ستره.

٣٩

قيل: فأى المال بعد البقر خير؟ قال: الراسيات(١) في الوحل المطعمات في المحل(٢) نعم المال النخل، من باعه فانما ثمنه بمنزلة رماد على شاهقة( اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ ) ، إلّا أن يخلف مكانها، قيل: يا رسول الله فأى المال بعد النخل خير؟ فسكت فقال له رجل: فأين الإبل؟ قال: فيه الشقاء والجفاء والعناء وبعد الدار، تغدو مدبرة وتروح مدبرة لا يأتى خيرها إلّا من جانبها الأشأم.

١٠ ـ عن أبي عبد الله عن أبيه عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الغنم إذا أقبلت أقبلت، وإذا أدبرت أقبلت، والبقر إذا أقبلت أقبلت، وإذا أدبرت أدبرت، والإبل أعناق الشياطين إذا أقبلت أدبرت، وإذا أدبرت أدبرت، ولا يجيء خيرها إلّا من الجانب الأشأم، قيل: يا رسول الله فمن يتخذها بعد ذا؟ قال: فأين الأشقياء الفجرة؟.

١١ ـ عن الحارث قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : عليكم بالغنم والحرث فإنهما يروحان بخير ويغدوان بخير، قال: فقيل له: يا رسول الله فأين الإبل؟

قال: تلك أعناق الشياطين ويأتى خيرها من الجانب الأشأم، قيل: يا رسول الله ان سمع الناس بذلك تركوها فقال: إذا لا يعدمها الأشقياء الفجرة.

١٢ ـ عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أفضل ما يتخذه الرجل في منزله لعياله الشاة، فمن كان في منزلة شاة قدست عليه الملائكة مرتين في كل يوم، وكذلك في الثلاث يقول: بورك فيكم.

١٣ ـ عن الحسن بن مصعب قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إنّ لله تعالى في كل يوم وليلة ملكا ينادى مهلا مهلا عباد الله عن المعاصي فلو لا بهائم رتع وصبية رضع وشيوخ ركع لصب عليكم العذاب صبا ترضون به رضا.

١٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله: و( لَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ) قال: حين ترجع من المرعى، قوله: و( تَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ ) قال: إلى مكة والمدينة وجميع البلدان.

١٥ ـ في الكافي أبو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى

__________________

(١) أي الثابتات في أماكنها لا تزول لعظمها.

(٢) المحل: الشدة والجدب وانقطاع المطر ويبس الأرض من الكلاء.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320