ابصار العين في انصار الحسين عليه السلام

ابصار العين في انصار الحسين عليه السلام18%

ابصار العين في انصار الحسين عليه السلام مؤلف:
المحقق: محمد جعفر الطبسي
تصنيف: شخصيات إسلامية
الصفحات: 303

ابصار العين في انصار الحسين عليه السلام
  • البداية
  • السابق
  • 303 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 127650 / تحميل: 6756
الحجم الحجم الحجم
ابصار العين في انصار الحسين عليه السلام

ابصار العين في انصار الحسين عليه السلام

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

يحكى انه عمي بصره في ايام صباه من الجدري، وكان مكبا على تحصيل العلم، وكان ينظم الشعر، وصنف كتبا منها: كتاب التبيان في اعراب القرآن المعروف بتركيب ابي البقاء وشرح المفصل والمقامات وديوان المتنبي.

حكي عنه قال: جاء إلى جماعة من الشافعية وقالوا انتقل إلى مذهبنا ونعطيك تدريس النحو واللغة بالنظامية فقلت لو اقمتموني وصببتم الذهب على حتى واريتمونى ما رجعت عن مذهبي.

وكان ابوالفرج يفزع اليه ما يشكل عليه من الادب.

توفي ببغداد سنة ٦١٦ (خيو) والعكبري بضم العين وسكون الكاف وفتح الموحدة نسبة إلى عكبرا وهي بليدة على دجلة فوق بغداد بعشرة فراسخ.

وهو غير ابي البقاء قيم مشهد امير المؤمنينعليه‌السلام صاحب القصة الواقعة في سنة ٥٠١ (ثا) المذكورة في المجلد التاسع من بحار الانوار ص ٦٨٢.

(أبوبكر الباقلانى)

انظر الباقلانى.

(أبوبكر التايبادى)

الشيخ زين الدين علي الذى جمع فيه الكمالات الصورية والمعنوية. توفي سلخ المحرم سنة ٧٩١ بقصبة تايباد وهي بتقديم المثناة التحتانيه على الموحدة قرية من قرى بوشنج من اعمال هراة، قيل في تأريخ وفاته بالفارسية:

تأريخ وفاة قطب اوتاد

يك نقطه بنه بآخر صاد(٧٩١)

 (أبوبكر الجعابى)

انظر الجعابى.

(أبوبكر الحضرمى)

عبدالله بن محمد الكوفي، سمع ابا الطفيل تابعي روي عنهما عليهما السلام.

٢١

روى (كش) له مناظرة جيدة جرت له مع زيد.

وروي عنه حديثين ان جعفر ابن محمدعليه‌السلام قال: ان النار لا تمس من مات وهو يقول بهذا الامر انتهى.

وروي انه مرض رجل من اهل بيته فحضر ابوبكر عند موته ولقنه الشهادتين والامامة ثم رأته امرأته في المنام حيا سليما فقالت له اما كنت ميتا؟ قال بلى ولكن نجوت بكلمات لقنيهن ابوبكر ولو لا ذلك لكدت اهلك.

(أبوبكر الخوارزمى)

محمد بن العباس ويقال له الطبرخزي ايضا لان اباه من خوارزم وامه من طبرستان فركب له من اسمين نسبة وقد اشار إلى ذلك في شعره:

بآمل مولدي وبنحو جرير

فاخوالي ويحكى المرء خاله

فها انا رافضي عن تراث

وغيري رافضي عن كلاله

كان واحد عصره في حفظ اللغة والشعر وكان اصله من طبرستان وخرج من وطنه في حداثته وطوف البلاد واقام بالشام مدة وسكن بنواحي حلب، ولقي سيف الدولة بن حمدان وخدمه وقصد سجستان ومدح واليها طاهر بن محمد ثم انتقل إلى نيسابور فقصد حضرة الصاحب فربحت تجارته، واوفده الصاحب بكتاب إلى عضد الدولة فكان سبب انتعاشه وكان مشارا اليه في عصره.

يحكى انه لما قصد حضرة الصاحب بارجان قال لاحد حجابه قل له بالباب احد الادباء وهو يستأذن في الدخول فدخل الحاجب واعلمه بذلك فقال الصاحب قل له قد الزمت نفسي على ان لا يدخل علي من الادباء إلا من يحفظ عشرين الف بيت من شعر العرب فخرج اليه الحاجب واعلمه بذلك فقال له ابوبكر ارجع اليه وقل له هذا القدر من شعر الرجال ام شعر النساء فدخل الحاجب واعلمه فقال الصاحب هذا يكون ابوبكر الخوارزمي فاذن له بالدخول فدخل عليه فعرفه وانبسط له.

وله ديوان رسائل وديوان شعر، توفي بنيسابور سنة ٣٨٣ (شفج).

٢٢

ومن كلامه في صفة الشعراء:

ما ظنك بقوم الاقتصاد محمود إلا منهم والكذب مذموم إلا فيهم وإذا ذموا ثلبوا واذا مدحوا سلبوا واذا رضوا رفعوا الوضيع واذا غضبوا وضعوا الرفيع واذا افتروا على انفسهم بالكبائر لم يلزمهم حد ولم يمتد اليهم يد إلى آخر ما قال في وصفهم وفي الفقرة الاخيرة اشارة إلى ما حكي عن الفرزدق انه انشد سليمان بن عبدالملك قصيدته التي يقول فيها:

فبتن بجانبى مصرعات

وبت افض الاغلاق الختام

فقال له ويحك يا فرزدق اقررت عندي بالزنا ولا بد من حدك فقال له كتاب الله تعالى يدرأ عني الحد قال واين؟ قال قوله تعالى:( وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ) فضحك واجازه وعن هذه القصة اخذ صفي الدين الحلي قوله:

نحن الذين اتى الكتاب مخبرا

بعفاف انفسنا وفسق الالسن

والخوارزمي يأتى في اخطب خوارزم.

(أبوبكر الرازى)

محمد بن زكريا الطبيب المشهور، نقل عن كتاب تأريخ الحكماء للشهرزوري وغيره ان هذا الرجل كان في مبدأ امره صائغا ثم اشتغل بعلم الاكسير فرمدت عيناه بسبب ابخرة العقاقير فذهب إلى طبيب ليعالجه فقال لا اعالجك حتى آخذ منك خمسمائة دينار فدفع اليه ذلك فقال هذا الكيمياء لا ما اشتغلت به، فترك الاكسير واشتغل بالطب حتى نسخت تصانيفه تصانيف من قبله من الاطباء المتقدمين، وتولى رياسة اطباء مارستان بغداد.

حكي عنه انه كان يجلس في مجلسه ودونه التلاميذ، ودونهم تلاميذهم، ودونهم تلاميذ آخرون. فكان يجئ الرجل فيصف ما يجد الاول من يلقاه فان كان عندهم علم وإلا تعداهم إلى غيرهم فان اصابوا وإلا تكلم الرازى وكان رؤوفا بالمرضى ومولعا بالعلوم الحكمية وله فيها مصنفات توفي في حدود سنة ٣٢٠ أو ٣٢١.

٢٣

يحكي انه خلف اكثر من مائتي مصنف منها كتاب من لا يحضره الطبيب الذي اخذ منه الشيخ الصدوق (ره) اسم كتابه كتاب من لا يحضره الفقيه، وله ايضا كتاب برء الساعة وغير ذلك.

ومن امثالهم ان الطب كان معدوما فاحياه جالينوس وكان متفرقا فجمعه الرازى وكان ناقصا فكمله ابن سينا.

ومن كلامه: عالج في اول القوة بما لا يسقط به القوة. ومن كلامه ايضا مهما قدرت ان تعالج بالاغذية فلا تعالج بالادوية، ومهما قدرت ان تعالج بدواء مفرد فلا تعالج بدواء مركب.

(قلت) ويقرب منه ما حكي عن الحرث ابن كلدة طبيب العرب الذى اسلم حين رأى معجزة النبي صلى الله عليه وآله في طاعة الشجر له وشهادته له بالرسالة قال: دافع الدواء ما وجدت مدفعا ولا تشربه إلا من ضرورة فانه لا يصلح شيئا إلا افسد.

وروي عن عمرو بن عوف قال: لما احتضر الحرث كلدة اجتمع اليه الناس فقالوا مرنا بأمر ننتهي اليه بعدك قال: لا تتزوجوا من النساء إلا شابة، ولا تأكلوا الفاكهة إلا في أوان نضجها، ولا يعالجن احد منكم ما احتمل بدنه الداء، وعليكم بالنورة في كل شهر فانها مذيبة للبلغم مهلكة للمرة منبتة للحم، واذا تغذى احدكم فلينم على اثر غذائه، واذا تعشى فليخط اربعين خطوة.

(اقول) قد ورد في وصايا امير المؤمنين والائمة الطاهرين من اولادهعليه‌السلام ما يغنينا عن وصية كل حكيم، ولقد اشرت إلى نبذ منها في كتاب سفينة البحار ولنتبرك هنا بذكر رواية منها.

روي عن الاصبغ بن نباتة قال سمعت امير المؤمنين يقول لابنه الحسنعليه‌السلام يا بنى ألا اعلمك اربع كلمات تستغني بها عن الطب فقال بلى يا امير المؤمنين قال: لا تجلس على الطعام إلا وانت جائع ولا تقم عن الطعام إلا وانت تشتهيه وجود المضغ، واذا نمت فاعرض نفسك على الخلاء، فاذا استعملت هذا استغنيت عن الطب، وقال عليه السلام: إن في القرآن لآية تجمع الطب كله (كلوا واشربوا ولا تسرفوا).

٢٤

(أبوبكر بن شهاب)

السيد ابوبكر بن عبدالرحمن بن محمد بن علي ينتهي نسبه إلى المهاجر إلى الله إلى اليمن احمد بن عيسى بن محمد النقيب بن علي العريضي بن الامام الصادق جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابى طالبعليه‌السلام النريمي الحضرمي الشيعي الامامي، كان عالما جليلا حاويا لفنون العلم مؤلفا في كثير منها قوى الحجة ساطع البرهان اديبا شاعرا مخلص الولاء لاهل البيت.

حكي عن جامع ديوانه انه قال في حقه: حجة الاسلام ونبراس الانام وخاتمة الاعلام ويتيمة عقل الكرام قريع الفصحاء وامام البلغاء الحائز قصبات السبق في ميادين العلوم الموضح من مشكلاتها ما حير الفهوم محيى السنة وناشر لوائها ومميت البدعة ومقوض بنائها سليل العترة النبوية وناشر ولائها وناصر اوليائها وقاهر اعدائها السيد الشريف العلامة ابوبكر ابن عبدالرحمن... الخ.

ولد سنة ١٢٦٢ وتوفى ليلة الجمعة عاشر جمادى الاولى سنة ١٣٤١ (غشما) بحيدر اباد دكن، له مشايخ كثيرة وقد اخذ بمكة عن السيد احمد بن زينى دحلان الذي يأتى ذكره وله تلاميذ كثيرون اجلهم واعلمهم واشهرهم السيد محمد بن عقيل صاحب النصائح الكافية لمن تولى معاوية وغيرها وله تأليفات كثيرة منها اقامة الحجة على التقي بن حجة والترياق النافع والشهاب الثاقب على السباب الكاذب وهو رد له على رد المولى فقير الله على النصايح الكافية والحمية من مضار الرقية وهو ايضا رد على رد السيد حسن بن علوي سماه الرقية الشافية من نفثات سموم النصايح الكافية ونوافج الورد الجوري بشرح عقيدة الباجوري ورشفة الصادي في فضائل اهل البيتعليه‌السلام ونزهة الالباب في رياض الانساب وارجوزة في آداب النساء وديوان شعر وغير ذلك وله قصائد كثيرة في مدح اهل البيتعليه‌السلام منها قوله في مدح امير المؤمنينعليه‌السلام :

علي اخو المختار ناصر دينه

وملته يعسوبها وامامها

٢٥

واعلم اهل الدين بعد ابن عمه

بأحكامه من حلها وحرامها

ومن قوله قصيدة له سماها الثناء العاطر على اهل البيت الطاهر عليه السلام:

نهنه فؤادك ما بقيت فانت في

شغل عن البيض الكواعب شاغل

واملا ضميرك من محبة سيد الكو

نين هادينا الشفيع الكافل

وبحب صهر المصطفى ووصيه

واخيه حيدرة الشجاع الباسل

والدرة الزهراء فاطمة التي

بعد الرسول قضت بحزن الثاكل

والسيدين اللابسي حلل الشها

دة من فريق في الشقاوة واغل

الآخذي علم الرسول شريعة

وحقيقة عن فاضل عن فاضل

نسب باجنحة الملائكة ارتقى

شأوا اليه الوهم ليس بواصل

شرف إلى العرش انتهى فامامه

تقف الثوابت وقفة المتضائل

من لم يصل عليهم فصلاته

بتراء في اسناد اوثق ناقل

سفن النجاة امام اهل الارض من

غرق مصابيح الظلام الحائل

القانتين الراكعين الساجدين

بخشية وغزير دمع سائل

إلى غير ذلك وقد ذكر ترجمته صاحب اعيان الشيعة واورد كثيرا من اشعاره ومما ذكر عنه قوله:

قضية تشبه بالمرزئة

هذا البخاري امام الفئة

بالصادق الصديق ما احتج في

صحيحه واحتج بالمرجئة

ومثل عمران بن حطان ومر

وان وابن المرأة المخطئة

مشكلة ذات عوار إلى

حيرة ارباب النهى ملجئة

وحق بيت يممته الورى

مغذة في السير أو مبطئة

إن الامام الصادق المجتبى

بفضله الآي اتت منبئة

أجل من في عصره رتبة

لم يقترف في عمره سيئة

قلامة من ظفر ابهامه

تعدل من مثل البخاري مائة

٢٦

(اقول) روى ابن شهر اشوب في المناقب وعامة رواياته عن العامة انه جاء ابوحنيفة إلى الصادقعليه‌السلام ليسمع منه وخرج ابوعبداللهعليه‌السلام يتوكأ على عصا فقال ابوحنيفة يا ابن رسول الله ما بلغت من السن ما تحتاج معه إلى العصا قال هو كذلك ولكنها عصا رسول الله صلى الله عليه وآله أردت التبرك بها فوثب ابوحنيفة اليها وقال له اقبلها يا بن رسول الله فحسر ابوعبداللهعليه‌السلام عن ذراعه وقال والله لقد علمت ان هذا بشرة رسول الله صلى الله عليه وآله وان هذا من شعره فما قبلته وتقبل عصا.

(أبوبكر الصنعانى)

انظر الصنعانى.

(أبوبكر الصولى)

انظر الصولى.

(أبوبكر بن عياش)

بالياء المثناة من تحت وآخره السين المعجمة الاسدي الكوفى احد الراوين عن عاصم احد القراء السبع المشهورين، قيل اسمه كنيته ويقال للتخفيف بكر وقيل اسمه شعبة وقيل سالم إلى غير ذلك، وكان من الزهاد الورعين والاخيار المتعبدين ومن ارباب الحديث والعلماء المشاهير، حكي انه ختم القرآن اثنى عشر الف ختمة وقيل اكثر من ذلك، وهو الذى رد على موسى بن عيسى فرعون الهاشميين ما صدر منه من امره بكرب قبر الحسينعليه‌السلام وزرعه فنهاه ابن عياش عن ذلك فشتمه موسى وامر بضربه وحبسه في خبر طويل، رواه العلامة المجلسي، في اواخر البحار العاشر عن امالي ابن الشيخ.

توفي بالكوفة في ج ١ سنة ١٩٣.

ومن كلامه مسكين محب الدنيا يسقط منه درهم فيظل نهاره يقول إنا لله وانا اليه راجعون، وينقص عمره ودينه ولا يحزن عليهما.

(قلت) لقد اخذ هذا من كلام علي بن الحسينعليه‌السلام من قوله: مسكين ابن آدم له في كل يوم ثلاث مصائب لا يعتبر بواحدة منهن ولو اعتبرها لهانت عليه المصائب وامر الدنيا، فاما المصيبة الاولى: فاليوم الذي ينقص من عمره قال وان

٢٧

ناله نقصان في ماله اغتم به والدرهم يخلف عنه والعمر لا يرده شئ، والثانية انه يستوفي رزقه فان كان حلالا حوسب عليه وان كان حراما عوقب عليه، قالعليه‌السلام والثالثة اعظم من ذلك قيل وما هي؟ قال ما من يوم يمسي إلا وقد دنا من الآخرة مرحلة لا يدري على الجنة ام على النار.

وقال ابوبكر بن عياش ايضا ادنى ضرر المنطق الشهرة وكفى بها بلية وحكي عنه قال: لما كنت شابا اصابتني مصيبة تجلدت لها ودفعت البكاء بالصبر فكان ذلك يؤذينى ويولمنى حتى رأيت اعرابيا بالكناسة وهو واقف على نجيب له ينشد:

خليلي عوجا من صدور الرواحل

بمهجور حزوى فابكيا في المنازل

لعل نحدار الدمع يعقب راحة

من الوجد أو يشفي شجي البلابل

فسألت عنه فقيل لي ذو الرمة فاصابتنى بعد ذلك مصائب فكنت ابكي فاجد لذلك راحة فقلت قاتل الله الاعرابى ما كان ابصره.

(أبوبكر القرطبى)

انظر القرطبى.

(أبوبكر بن قريعة)

انظر ابن قريعة.

(أبوبكر المؤدب)

محمد بن جعفر بن محمد بن عبدالله النحوي، حسن العلم بالعربية وبالحديث له كتاب الموازنة لمن استبصر في امامة الاثنى عشرعليه‌السلام (جش).

(أبوبكر المالقى)

انظر المالقى.

(أبوبكرة)

نفيع بن الحرث أو مسروح الصحابى تدلى يوم الطائف من الحصين ببكرة فكناه النبي صلى الله عليه وآله ابا بكرة كذا في (ق).

وعن اسد الغابة اعتقه النبي صلى الله عليه وآله وانه معدود في موالي رسول الله وكان من فضلاء اصحاب رسول الله وصالحيهم وكان كثير العبادة، توفي بالبصرة سنة ٥١ أو ٥٢ واوصى ان يصلي عليه ابوبرزة

٢٨

الاسلمي وكان اولاده اشرافا في البصرة بكثرة المال والعلم والولايات.

ونقل عن الطبري انه خطب بسر على منبر البصرة فسب علياعليه‌السلام ثم قال: ناشدت اليه رجلا علم اني صادق إلا صدقنى او كاذب إلا كذبنى، فقام ابوبكرة فقال: اللهم لا اعلمك إلا كاذبا فامر به فخنق فقام ابولؤلؤة الضبي فرمى بنفسه عليه فمنعه.

واخرج ابن عبدالبر عن عبدالرحمن بن ابى بكرة قال وفدت مع ابى على معاوية فقال: انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول الخلافة ثلاثون ثم يكون الملك فامر بنا فوجئنا في اقفائنا حتى اخرجنا.

(اقول) وينسب اليه القاضي ابوبكرة بكار بن قتيبة بن ابي برذعة بن عبيد الله بن شر بن عبيد الله بن ابي بكرة نفيع بن الحرث بن كلدة الثقفي الحنفي المصري كان قاضيا بمصر من قبل المتوكل، وله مع ابن طولون وقايع، توفي مسجونا بمصر سنة ٢٠٧.

(أبوالبلاد)

يحيى بن سليم مصغرا، كان ضريرا وكان راوية للشعر، وله يقول الفرزدق: (يا لهف نفسي على عينيك من رجل) وروى عن ابى جعفر وابى عبداللهعليه‌السلام وهو والد ابراهيم بن ابى البلاد الثقة الجليل القدر القاري الاديب روى عن ابي عبدالله وابي الحسن والرضاعليه‌السلام وعمر دهرا، وكان للرضاعليه‌السلام اليه رسالة واثنى عليه له كتاب يرويه عنه جماعة (كا) عنه قال اخذنى العباس ابن موسى فامر فوجأ فمي فتزعزعت اسنانى فلا اقدر ان امضغ الطعام فرأيت ابى في المنام ومعه شيخ لا اعرفه فقال ابى سلم عليه فقلت يا ابة من هذا؟ فقال هذا ابوشيبة الخراسانى(١) قال فسلمت عليه فقال مالى أراك هكذا؟ فقلت ان الفاسق

____________________

(١) ابوشيبة الخراسانى هو الذى روى عنه الشيخ الكلينى في باب البدع والرأي والمقايس من (كا) عن ابان بن عثمان عنه عن ابي عبدالله عليه السلام.

٢٩

عباس بن موسى امر بي فوجأ فمي فتزعزعت اسنانى فقال لي شدها بالسعد فاصبحت فتمضمت بالسعد فسكنت اسنانى.

(أبوتمام)

تمام كشداد هو حبيب بن اوس الطائى الشاعر الامامي المشتهر، الذي قدمه المعتصم على شعراء وقته، وكان موصوفا بالظرف وحسن الاخلاق وكرم النفس ذكره شيخنا الحر في امل الآمل وقال: كان شيعيا فاضلا اديبا منشيا له كتب منها ديوان الحماسة وديوان شعره وكتاب مختار شعر القبائل وكتاب فحول الشعراء والاختيارات من شعر الشعراء وغير ذلك.

وذكره العلامة في الخلاصة فقال: كان اماميا وله شعر في اهل البيت عليه السلام ذكر احمد بن الحسين انه رأى نسخة عتيقة قال لعلها كتبت في ايامه او قريبا منها فيها قصيدة يذكر فيها الائمة الاطهارعليه‌السلام حتى انتهى إلى ابى جعفر الثانيعليه‌السلام لانه توفي في ايامه.

وقال الجاحظ في كتاب الحيوان: وحدثني ابوتمام وكان من رؤساء الرافضة، انتهى كلام العلامة.

ثم ذكر شيخنا الحر جملة من ابياته وما قال ابن خلكان في ترجمته منها قوله: وكان له من المحفوظ مالا يلحقه فيه غيره قيل انه كان يحفظ اربعة عشر الف ارجوزة للعرب غير القصائد والمقاطيع، إلى ان قال ولد بجاسم وهي قرية من بلد الجيدور من اعمال دمشق، توفي سنة ٢٣١ انتهى.

وكانت وفاته بالموصل وبنى على قبره ابو نهشل بن حميد الطوسي قبة ورثاه جمع منهم ابن الزيات وزير المعتصم بقوله:

نبأ اتى من اعظم الانباء

لما ألم مقلقل الاحشاء

قالوا حبيب قد ثوى فاجبتهم

ناشدتكم لا تجعلوه الطائي

قال ابن خلكان: في احوال دعبل الشاعر المتوفى سنة ٢٤٦ بالطيب - بلدة بين واسط العراق وكور الاهواز - ولما مات دعبل وكان صديق البحتري

٣٠

وكان ابوتمام الطائي قد مات قبله رثاهما البحتري بابيات منها قوله:

قد زاد في كلفي وأوقد لوعتي

مثوى حبيب يوم مات ودعبل

أخوي لا تزل السماء مخيلة

تغشا كما بسماء مزم مسبل

جدت على الاهواز يبعد دونه

مسرى النعي ورمة بالموصل

وفي بعض التأليف ان ابا تمام بلغ في الشعر درجة لم يبلغها شاعر قبله ولا بعده رأي الكثيرين، وقد نظم في كل ضرب من ضروب الشعر ولكنه نبغ في الرثاء نبوغا وترك جميع الشعراء خلفه، فقد روي انه لما انشد ابا دلف العجلي قصيدته البائية حسنها واعطاه خمسين الف درهم وقال له والله انها لدون شعرك ثم قال والله ما مثل هذا القول في الحسن إلا المرثية التي رثيت بها محمد بن حميد الطوسي فقال ابوتمام وأي مرثية اراد الامير قال قصيدتك الرائية التي اولها:

كذا فليجل الخطب وليفدح الامر

فليس لعين لم يفض ماؤها عذر

وقد وددت والله انها لك في فقال بل افدي الامير نفسي واهلي وارجو ان اكون المقدم عليه فقال ابودلف انه لم يمت من رثى بهذا الشعر فلنذكر بعض اشعاره القصيدة قال:

توفيت الآمال بعد محمد

واصبح في شغل عن السفر السفر

وما كان إلا مال من قل ماله

وذخرا لمن امسى وليس له ذخر

ألا في سبيل الله من عطلت له

فجاج سبيل الله وانثغر الثغر

فتى كلما فاضت عيون قبيلة

دما ضحكت عنه الاحاديث والذكر

فتى دهره شطران فيما ينوبه

ففي بأسه شطر وفي جوده شطر

فتى مات بين الطعن والضرب ميتة

يقوم مقام النصر إن فاته النصر

وما مات حتى مات مضرب سيفه

من الضرب واعتلت على القنا السمر

غدا غدوة والحمد نسج ردائه

فلم ينصرف إلا واكفانه الاجر

تردى ثياب الموت حمرا فما دجا

له الليل إلا وهي من سندس خضر

٣١

مضى طاهر الاثواب لم يبق روضة

غداة ثوى إلا اشتهت انها قبر

عليك سلام الله وقفا فاننى

رأيت الكريم الحر ليس له عمر

قال ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة في ذكر اباة الضيم ما هذا لفظه: سيد اهل الاباء الذي علم الناس الحمية والموت تحت ظلال السيوف اختيارا له على الدنية ابوعبدالله الحسين بن علي بن ابى طالبعليه‌السلام عرض عليه الامان واصحابه فانف من الذل فاختار الموت على ذلك، قال وسمعت النقيب ابا زيد يحيى بن زيد العلوي البصري يقول كانت ابيات ابي تمام في محمد بن حميد الطوسي ما قيلت إلا في الحسين عليه السلام:

وقد كان فوت الموت سهلا فرده

اليه الحفاظ المر والخلق الوعر

ونفس تعاف الضيم حتى كأنه

هو الكفر يوم الروع أو دونه الكفر

فاثبت في مستنقع الموت رجله

وقال لها من تحت اخمصك الحشر

تردى ثياب الموت حمرا فما اتى

لها الليل إلا وهى من سندس خضر

انتهى.

ولابي تمام ايضا كما نقل عن ديوانه من عبقريته الرائية:

ويوم الغدير استوضح الحق اهله

بفيحاء ما فيها حجاب ولا ستر

اقام رسول الله يدعوهم بها

ليقربهم عرف وينهاهم نكر

يمد بضبعيه ويعلم انه

ولي ومولاكم فهل لكم خبر

يروح ويغدو بالبيان لمعشر

يروح بهم عمر ويغدو بهم عمر

فكان له جهر باثبات حقه

وكان لهم في بزهم حقه جهر

أثم جعلتم حظه حد مرهف

من البيض يوما حظ صاحبه القبر

وله رحمه الله في الزهد:

ألم بان تركى لا علي ولا ليا

وعزمي على ما فيه اصلاح حاليا

فقد انست بالموت نفسي لانني

رأيت المنايا يختر من حياتيا

فياليتني من بعد موتي ومبعثي

اكون رفاتا لا علي ولا ليا

٣٢

اخاف الهي ثم ارجو نواله

ولكن خوفي قاهر لرجائيا

ولولا رجائي واتكالي على الذي

توحد لي بالصنع كهلا وناشيا

لما ساغ لي عذب من الماء بارد

ولا طاب لي عيش ولا زلت باكيا

وادخر التقوى بمجهود طاقتي

واركب في رشدي خلاف هوائيا

على إثر ما قد كان مني صبابة

ليالي فيها كنت لله عاصيا

وإني جدير ان اخاف واتقي

وإن كنت لم اشرك بذي العرش ثانيا

قال المسعودي: ولابي تمام اشعار حسان، ومعان لطاف، واستخراجات بديعة، وحكي عن بعض العلماء بالشعر انه سئل عن ابي تمام فقال كأنه جمع شعر العالم فانتخب جوهره انتهى.

وقال ابن خلكان وذكر الصولي: ان ابا تمام لما مدح محمد ابن عبدالملك الزيات الوزير بقصيدته التي منها قوله:

ديمة سمحة القياد سكوب

مستغيث بها الثرى المكروب

لوسعت بقعة لاعظام اخرى

لسعى نحوها المكان الجديب

قال له ابن الزيات يا ابا تمام انك لتحلي شعرك من جواهر لفظك وبديع معانيك ما يزيد حسنا على بهي الجواهر في اجياد الكواعب وما يدخر لك شئ من جزيل المكافاة إلا ويقصر عن شعرك في الموازاة.

(أبوثمامة)

ثمامة بالمثلثة المضمومة وتخفيف الميم من اصحاب ابى جعفر الثانيعليه‌السلام روى الشيخ عنه قال قلت لابى جعفر الثانيعليه‌السلام انى اريد ان الزم مكة والمدينة وعلي دين فما تقول؟ قال ارجع إلى مؤدي دينك فانظر ان تلقى الله عزوجل وليس عليك دين، ان المؤمن لا يخون.

(أبوثمامة الصائدى)

عمرو بن عبدالله بن كعب الصائدي من شهداء الطف رضوان الله عليه،

٣٣

كان من فرسان العرب ووجوه الشيعة، وكان بصيرا بالاسلحة ولهذا لما جاء مسلم ابن عقيل إلى الكوفة قام معه وصار يقبض الاموال ويشتري بها الاسلحة بأمر مسلم بن عقيل رضوان الله عليه.

وذكرت في نفس المهموم في واقعة يوم عاشوراء ونصرة اصحاب الحسسين لهعليه‌السلام انه تعطف الناس عليهم فكثروهم فلا يزال الرجل من اصحاب الحسينعليه‌السلام قد قتل فاذا قتل منهم الرجل والرجلان يتبين فيهم واولئك لا يتبين فيهم ما يقتل منهم فلما رأى ذلك ابوثمامة (ره) قال للحسينعليه‌السلام ابا عبدالله نفسي لك الفداء انى ارى هؤلاء قد اقتربوا منك ولا والله لا تقتل حتى اقتل دونك ان شاء الله واحب ان القى ربى وقد صليت هذه الصلاة التي قد دنا وقتها قال فرفع الحسين رأسه ثم قال ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين الذاكرين نعم هذا اول وقتها.

(أبوالجارود)

زياد بن المنذر، قال شيخنا صاحب المستدرك في ترجمته في الخاتمة: واما ابوالجارود فالكلام فيه طويل والذي يقتضيه النظر بعد التأمل فيما ورد وفيما قالوا فيه انه كان ثقة في النقل مقبول الرواية معتمدا في الحديث اماميا في اوله وزيديا في أخره، ثم اطال الكلام في حاله إلى ان قال وفي تقريب ابن حجر: زياد بن المنذر ابوالجارود الاعمى الكوفي رافضي.

كذبه يحيى بن معين من السابعة مات بعد الخمسين أي بعد المائة انتهى.

وعن دعوات الراوندي عن ابى الجارود قال: قلت لابى جعفرعليه‌السلام انى امرؤ ضرير البصر كبير السن، والشقة فيما بيني وبينكم بعيدة وانا اريد امرا ادين الله به واحتج واتمسك به وابلغه من خلفت قال فاعجب بقولي فاستوى جالسا فقال كيف قلت يا ابا الجارود رد علي قال فرددت عليه فقال نعم يا ابا الجارود شهادة ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وصوم شهر رمضان وحج البيت وولاية ولينا وعداوة عدونا والتسليم لامرنا وانتظار قائمنا والورع والاجتهاد.

٣٤

(أبوجحيفة)

جحيفة كجهينة وهب بن عبدالله الصحابى، عده الشيخ من اصحاب علي عليه السلام والبرقى من اصحابه من مضر.

وعن اسد الغابة: انه من صغار الصحابة ذكروا ان رسول الله مات وابوجحيفة لم يبلغ الحلم ولكنه سمع من رسول الله وروى عنه وجعله علي بن ابى طالب على بيت المال بالكوفة وشهد معه مشاهده كلها وكان يحبه ويثق اليه ويسميه وهب الخير ووهب الله ايضا إلى ان قال: وروى عنه عون انه اكل ثريدة بلحم واتى رسول الله وهو يتجشأ فقال اكفف عليك جشاء‌ك ابا جحيفة فان اكثرهم شبعا في الدنيا اكثرهم جوعا يوم القيامة قال فما اكل ابوجحيفة مل‌ء بطنه حتى فارق الدنيا، كان اذا تعشى لا تغدى واذا تغدى لا يتعشى وتوفي في امارة بشر بن مروان بالبصرة سنة ٧٢ (عب) وقال ايضا انه كان على شرطة علي بن ابي طالب وكان يقوم تحت منبره وكان يسميه وهب الخير انتهى.

(أبوجرادة)

عامر بن ربيعة بن خويلد بن عوف بن عامر بن عقيل بن كعب بن عامر بن صعصعة صاحب امير المؤمنينعليه‌السلام وهو جد بنى جرادة. وآل ابى جرادة طائفة كبيرة مشهورة بحلب وهم شعية وفيهم العلماء والفضلاء والشعراء والكتاب والقضاة (واهل حلب كان الغالب عليهم التشيع إلى القرن الثامن).

فعن ياقوت في معجم الادباء قال في ترجمة كمال الدين عمر بن ابي جرداة المعروف بابن العديم: بيت ابي جرادة بيت مشهور من اهل بيت حلب ادباء شعراء فقهاء عباد زهاد قضاة يتوارثون الفضل كابرا عن كابر وتاليا عن غابر وانا اذكر شيئا من مآثر هذا البيت وجماعة من مشاهيرهم ناقلا ذلك كله من كتاب الفه كمال الدين اطال الله بقاء‌ه وسماه الاخبار المستفادة في ذكر بني ابى جرادة وقرأته عليه فاقر به الخ.

٣٥

(اقول) ويأتى في مجير الجراد ما يتعلق بالجراد.

(أبوجرير)

جرير بضم الجيم زكريا بن ادريس بن عبدالله بن سعد الاشعري القمي، كان وجها روى عن ابى عبدالله وابى الحسن والرضاعليه‌السلام له كتاب.

وعن تأريخ قم: انه وزكريا بن آدم وعيسى بن عبدالله بن سعد الاشعري القمي ممن اكرمهم الائمة بالهدايا والتحف والاكفان.

وروي عن ابن عمه زكريا بن آدم بن عبدالله قال: دخلت على الرضاعليه‌السلام من اول الليل في حدثان موت ابي جرير فسألني عنه وترحم عليه ولم يزل يحدثني واحدثه حتى طلع الفجر.

(اقول) وقبر ابي جرير في مقابر قم في موضع يقال له الشيخان الكبير مزار معروف وحوله قبور كثيرة من العلماء والفقهاء ومنهم المحقق القمي. ومن اصحاب الائمة زكريا بن آدم وآدم بن اسحاق وغيرهم رضوان الله عليهم اجمعين.

(أبوجعفر)

هذه الكنية لجماعة كثيرة من علمائنا منهم المحمدون الثلاثة مؤلفوا الاصول الاربعة ويقال لهم الجعفريون رضوان الله عليهم اجمعين.

(أبوجعفر السكاك)

محمد بن خليل البغدادي، كان متكلما من اصحاب هشام بن الحكم وتلميذه اخذ عنه، له كتب (كش) عن سهل بن بحر الفارسي قال: سمعت الفضل بن شاذان آخر عهدي به يقول انا خلف لمن مضى ادركت محمد بن ابي عمير وصفوان ابن يحيى وغيرهما وحملت عنهم منذ خمسين سنة ومضى هشام بن الحكم رحمه الله وكان يونس بن عبدالرحمن رحمه الله خلفه كان يرد على المخالفين ثم مضى يونس ابن عبدالرحمن ولم يخلف غير السكاك فرد على المخالفين حتى مضى رحمه الله وانا خلف لهم من بعدهم رحمهم الله انتهى السكاك كشداد صانع سكك الحديد.

٣٦

(اقول) لما كان ابوجعفر السكاك خلف لهذه الجماعة ينبغى ان نشير إلى مختصر من تراجم هؤلاء ليعلم مقامه اما محمد بن ابى عمير فيأتي في ابن ابي عمير، واما صفوان بن يحيى: وهو ابومحمد البجلي الكوفي من اصحاب الكاظم والرضا والجوادعليه‌السلام وكانت له عند الرضاعليه‌السلام منزلة شريفة وتوكل للرضا وابى جعفر عليه السلام وكان اوثق اهل زمانه واعبدهم وكان يصلي في كل يوم خمسين ومائة ركعة وكان شريكا لعبد الله بن جندب وعلي بن النعمان.

وروي انهم تعاقدوا في بيت الله الحرام انه من مات منهم صلى من بقي صلاته وصام عنه صيامه وزكى عنه زكاته فماتا وبقي صفوان وكان يصلي في كل يوم مائة وخمسين ركعة ويصوم في السنة ثلاثة اشهر ويزكى زكاته ثلاث دفعات وكل ما يتبرع به عن نفسه مما عدا ما ذكرناه تبرع عنهما مثله.

روى (كش) عن ابي الحسنعليه‌السلام قال: ما ذئبان ضاريان في غنم قد غاب عنها رعاؤها بأضر في دين المسلم من حب الرياسة ثم قال صفوان لا يحب الرياسة.

توفي سنة ٢١٠ (ري) بالمدينة وبعث اليه ابوجعفرعليه‌السلام بحنوطه وكفنه، وامر اسماعيل بن موسى بالصلاة عليه وكان من اصحاب الاجماع وكان من الورع والعبادة على ما لم يكن على احد من طبقته.

واما هشام بن الحكم ابومحمد كان عين الطائفة ووجهها ومتكلمها وناصرها كان مولده بالكوفة ومنشؤه واسط وتجارته بغداد ثم انتقل اليها في آخر عمره ونزل قصر وضاح وروى عن ابي عبدالله وابى الحسنعليه‌السلام ورويت له مدائح جليلة عنهما وكان ممن فتق الكلام وهذب المذهب بالنظر وكان حاذقا بصناعة الكلام حاضر الجواب ما قهره احد في التوحيد، مات سنة ١٧٩ (قطع) بالكوفة في ايام الرشيد وترحم عليه الرضاعليه‌السلام قال الشيخ المفيد: وهشام بن الحكم من اكبر اصحاب ابي عبدالله جعفر بن محمد عليه السلام وكان فقيها وروى حديثا كثيرا وصحب ابا عبدالله وبعده ابا الحسن موسى عليهما السلام، وكان يكنى ابا محمد وابا الحكم وكان مولى بني شيبان وكان

٣٧

مقيما بالكوفة وبلغ من مرتبته وعلوه عند ابى عبدالله جعفر بن محمد انه دخل عليه بمنى وهو غلام اول ما اختط عارضاه وفي مجلسه شيوخ الشيعة كحمران بن اعين، وقيس الماصر، ويونس بن يعقوب، وابوجعفر الاحول وغيرهم، فرفعه على جماعتهم وليس فيهم إلا من هو اكبر سنا منه، فلما رأى ابوعبداللهعليه‌السلام ان ذلك الفعل كبر على اصحابه قال هذا ناصرنا بقلبه ولسانه ويده وقال له ابوعبدالله عليه السلام وقد سأله عن اسماء الله عزوجل واشتقاقها فاجابه ثم قال له افهمت يا هشام فهما تدفع به اعداء‌نا الملحدين مع الله عزوجل قال هشام نعم قال ابو عبداللهعليه‌السلام نفعك الله عزوجل به وثبتك قال هشام فو الله ما قهرنى احد في التوحيد حتى قمت مقامي هذا انتهى واما يونس بن عبدالرحمن: فهو ابومحمد مولى علي بن يقطين، كان ثقة ووجها في اصحابنا متقدما عظيم المنزلة، روى عن ابى الحسن موسى والرضا، وكان الرضا يشير اليه في العلم والفتيا وقال يونس في زمانه كسلمان الفارسي في زمانه روي عن الفضل بن شاذان عن عبدالعزيز بن المهتدى قال الفضل كان خير قمي رأيته، وكان وكيل الرضا وخاصته قال سألت الرضاعليه‌السلام فقلت اني لا القاك كل وقت فعمن آخذ معالم دينى؟ قال خذ عن يونس ابن عبدالرحمن.

وفي رواية قال له أفيونس بن عبدالرحمن ثقة آخذ عنه ما احتاج اليه من معالم ديني فقال نعم، وكان يونس بن عبدالرحمن هو الذي دعا الناس إلى امامة الرضا ردا على الواقفة فبذلت له الواقفة مالا كثيرا ليسكت فلم يقبل وقال انا روينا عن الصادقين عليهما السلام انهم قالوا اذا ظهرت البدع فعلى العالم ان يظهر علمه فان لم يفعل سلب نور الايمان وهو الذي عرض ابوهاشم الجعفري كتابه في اليوم والليلة على ابى محمد العسكريعليه‌السلام فقال اعطاه الله تعالى بكل حرف نورا يوم القيامة، وروي انه قيل له ان كثيرا من هذه العصابة يقعون فيك ويذكرونك بغير الجميل فقال اشهدكم ان كل من له في امير المؤمنينعليه‌السلام نصيب فهو في حل مما قال، وروي ان الرضاعليه‌السلام ضمن له الجنة ثلاث مرات،

٣٨

وكان له اربعون اخا يدور عليهم في كل يوم مسلما ثم يرجع إلى منزله فيأكل فيتهيأ للصلاة ثم يجلس للتصنيف والتأليف وعنه قال صمت عشرين سنة اي سكت عن جواب السؤال حتى كمل علمي ثم سئلت فاجبت وسئلت عشرين سنة ثم اجبت ولقد حج ازيد من خمسين حجة قال الفضل حج يونس احدى وخمسين حجة آخرها عن الرضاعليه‌السلام وذكره ابن النديم في الفهرست عند تعداد فقهاء الشيعة وقال في وصفه: علامة زمانه كثير التصنيف والتأليف على مذاهب الشيعة، ثم عد كتبه وبالجملة مدائح يونس كثيرة ليس هذا موضعها.

واما الفضل بن شاذان بن الخليل: فهو ابومحمد الازدي النيسابوري كان تقة جليل القدر فقيها متكلما له عظم شأن في هذه الطائفة قيل انه صنف مائة وثمانين كتابا منها كتاب يوم وليلة الذي عرض على الامام العسكريعليه‌السلام فقال: هذا صحيح ينبغي ان يعمل به.

روى عن ابي جعفر الثانى وقيل عن الرضا وكان ابوه من اصحاب يونس ويعد من اصحاب الجواد.

توفي الفضل في ايام ابى محمد العسكريعليه‌السلام وقبره بنيشابور قرب فرسخ خارج البلد مشهور، وقد زرته.

قال العلامة وترحم عليه ابومحمدعليه‌السلام مرتين وروي ثلاثا ولاء، وقال ونقل الكشي عن الائمة عليهم السلام مدحه ثم ذكر ما ينافيه وقد اجبنا عنه في كتابنا الكبير وهذا الشيخ اجل من ان يغمز عليه فانه رئيس طائفتنا انتهى.

كتاب الفصول للسيد المرتضى عن الشيخ المفيد انه قال سئل ابومحمد الفضل بن شاذان النيشابوري فقيل له ما الدليل على امامة امير المؤمنين علي بن ابي طالب؟ فقال الدليل على ذلك من كتاب الله عزوجل ومن سنة نبيه ومن اجماع المسلمين فاما كتاب الله فقوله عزوجل (يا ايها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واوليالامر منكم) فدعانا سبحانه إلى طاعة اولي الامر كما دعانا إلى طاعة نفسه وطاعة رسوله فاحتجنا إلى معرفة اولي الامر كما وجبت علينا معرفة الله تعالى ومعرفة الرسول عليه وعلى آله السلام فنظرنا إلى اقاويل الامة فوجدناهم قد اختلفوا في اولي الامر واجمعوا في الآية على ما يوجب كونها في علي بن ابى

٣٩

طالبعليه‌السلام فقال بعضهم اولي الامر هم امراء السرايا وقال بعضهم هم العلماء وقال بعضهم هم القوام على الناس والآمرون بالمعروف الناهون عن المنكر. وقال بعضهم هم امير المؤمنين علي بن ابى طالب والائمة من ذريته عليهم السلام فسألنا الفرقة الاولى فقلنا لهم أليس علي بن أبى طالبعليه‌السلام من امراء السرايا؟ فقالوا بلى إلى آخر ما افاد.

(أبوجعفر الطوسى)

انظر الشيخ.

(أبوالجوزاء)

الربعي هو أوس بن خالد قال جاورت ابن عباس في داره اثنتي عشرة. ما في القرآن آية إلا وقد سألته عنها وخرج مع ابن الاشعث فقتل بدير الجماجم سنة ٨٣ كذا في المعارف لابن قتيبة.

(أبوجهل)

عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي، كان من اشد الناس عداوة للنبي قتل يوم بدر كافرا واخباره مع النبي وكثرة اذاه إياه مشهور وروي ان النبي صلى الله عليه وآله قال فيه ان هذا اعتى على الله عزوجل من فرعون، ان فرعون لما ايقن بالهلاك وحد الله وان هذا لما ايقن بالهلاك دعا باللات والعزى.

وعمه الوليد بن المغيرة: كان شيخا كبيرا مجربا من دهاة العرب يتحاكمون اليه في الامور وينشدونه الاشعار فما اختاره من الشعر كان مختارا، وهو احد المستهزئين الخمس الذى كفى الله شرهم، وكان له عبيد عشرة عند كل عبد الف دينار يتجر بها وملك القنطار، وهو الذي قالت له قريش يا ابا عبد شمس ما هذا الذي يقول محمد صلى الله عليه وآله اسحر ام كهانة ام خطب؟ فقال دعوني اسمع كلامه فدنا من رسول الله وهو جالس في الحجر فقال يا محمد انشدنى شعرك فقال ما هو بشعر ولكنه كلام الله الذي به بعث انبياء‌ه ورسله فقال اتل فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم فلما سمع الرحمن استهزأ منه وقال تدعو إلى رجل باليمامة يسمى الرحمن قال لا ولكنى ادعو إلى الله وهو

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

قال : ثمّ إنّ أبا ثمامة قال للحسين ، وقد صلّى : يا أبا عبد الله إنّي قد هممت أن ألحق بأصحابي ، وكرهت أن أتخلّف وأراك وحيدا من أهلك قتيلا ، فقال له الحسينعليه‌السلام : « تقدّم فإنّا لاحقون بك عن ساعة » ، فتقدّم فقاتل حتّى أثخن بالجراحات ، فقتله قيس بن عبد الله الصائدي ابن عمّ له ، كان له عدوّا. وكان ذلك بعد قتل الحر.

برير بن خضير الهمداني المشرقي ( وبنو مشرق بطن من همدان )

كان برير شيخا تابعيّا ناسكا ، قارئا للقرآن ، من شيوخ القرّاء ، ومن أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وكان من أشراف أهل الكوفة من الهمدانيين ، وهو خال أبي إسحاق الهمداني السبعي(١) .

قال أهل السير : أنّه لمّا بلغ خبر الحسينعليه‌السلام سار من الكوفة إلى مكّة ليجتمع بالحسينعليه‌السلام فجاء معه حتّى استشهد.

وقال السروي : لمّا ضيّق الحرّ على الحسينعليه‌السلام جمع أصحابه فخطبهم بخطبته التي يقول فيها : « أمّا بعد ، فإنّ الدنيا قد تغيّرت إلخ »(٢) . فقام إليه مسلم ونافع فقالا ما قالا في ترجمتيهما ، ثمّ قام برير فقال : والله يا ابن رسول الله لقد منّ الله بك علينا أن نقاتل بين يديك ، تقطع فيك أعضاؤنا ، حتّى يكون جدّك يوم القيامة بين أيدينا شفيعا لنا ، فلا أفلح قوم ضيّعوا ابن بنت نبيّهم ، وويل لهم ما ذا يلقون به الله ، وأفّ لهم يوم ينادون بالويل والثبور في نار جهنّم.

وقال أبو مخنف : أمر الحسينعليه‌السلام في اليوم التاسع من المحرّم بفسطاط فضرب ، ثمّ أمر بمسك فميث في جفنة عظيمة فأطلى بالنورة ، وعبد الرحمن بن عبد ربّه ،

__________________

(١) راجع ترجمته في تهذيب الكمال : ٢٢ / ١٠٢ ، الرقم : ٤٤٠٠.

(٢) لم أعثر عليه في المناقب ، راجع تاريخ الطبري : ٣ / ٣٠٧.

١٢١

وبرير على باب الفسطاط تختلف مناكبهما(١) ، فازدحما أيّهما يطلي على أثر الحسينعليه‌السلام ، فجعل برير يهازل عبد الرحمن ويضاحكه ، فقال عبد الرحمن : دعنا ، فو الله ما هذه بساعة باطل! فقال برير : والله لقد علم قومي أنّي ما أحببت الباطل شابّا ولا كهلا ، ولكنّي والله لمستبشر بما نحن لاقون ، والله إنّ بيننا وبين الحور العين إلاّ أن نحمل على هؤلاء فيميلون علينا بأسيافهم ، ولوددت أن مالوا بها الساعة(٢) !

وقال أيضا : روى الضحّاك بن قيس المشرقي ـ وكان بايع الحسين على أن يحامي عنه ما ظنّ أنّ المحاماة تدفع عن الحسينعليه‌السلام فإن لم يجد بدّا فهو في حلّ ـ قال : بتنا الليلة العاشرة ، فقام الحسين وأصحابه الليل كلّه يصلّون ويستغفرون ويدعون ويتضرّعون ، فمرّت بنا خيل تحرسنا ، وإنّ الحسين ليقرأ( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ * ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ) (٣) ، فسمعها رجل(٤) من تلك الخيل فقال : نحن وربّ الكعبة الطيّبون ، ميّزنا منكم. قال : فعرفته ، فقلت لبرير : أتعرف من هذا؟ قال : لا. قلت : أبو حريث(٥) عبد الله بن شهر السبيعي ـ وكان مضحاكا بطّالا ، وكان ربّما حبسه سعيد بن قيس الهمداني في جناية ـ فعرفه برير ، فقال له : أما أنت فلن يجعلك الله في الطيبين! فقال له : من أنت؟ قال : برير. فقال : إنّا لله عزّ عليّ! هلكت والله ، هلكت والله يا برير! فقال له برير : هل لك أن تتوب إلى الله من ذنوبك العظام! فو الله إنّا لنحن الطيّبون وأنتم

__________________

(١) في المصدر : تحتك مناكبهما.

(٢) تاريخ الطبري : ٣ / ٣١٨ بتفاوت ، راجع الكامل : ٤ / ٦٠.

(٣) سورة آل عمران : ١٧٨ ـ ١٧٩.

(٤) في الإرشاد ٢ / ٩٥ : فسمعها من تلك الخيل رجل يقال له عبد الله بن سمير.

(٥) في المصدر : أبو حرب.

١٢٢

الخبيثون ، قال : وأنا والله على ذلك من الشاهدين ، فقال : ويحك أفلا تنفعك معرفتك! قال : جعلت فداك! فمن ينادم يزيد بن عذرة العنزيّ؟ ها هو ذا معي. قال : قبّح الله رأيك أنت سفيه على كلّ حال(١) . قال : ثمّ انصرف عنّا.

وروى بعض المؤرّخين أنّه لمّا بلغ من الحسينعليه‌السلام العطش ما شاء الله أن يبلغ استأذن برير الحسينعليه‌السلام في أن يكلّم القوم فأذن له ، فوقف قريبا منهم ، ونادى : يا معشر الناس ، إنّ الله بعث بالحقّ محمّدا بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ، وهذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد وكلابها ، وقد حيل بينه وبين ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أفجزاء محمّد هذا؟ فقالوا : يا برير ، قد أكثرت الكلام فاكفف ، فو الله ليعطشنّ الحسينعليه‌السلام كما عطش من كان قبله ، فقال الحسينعليه‌السلام اكفف يا برير ، ثمّ وثب متوكئا على سيفه ، فخطبهم هوعليه‌السلام بخطبته التي يقول فيها : « أنشدكم الله هل تعرفوني إلخ ».

وروى أبو مخنف عن عفيف بن زهير بن أبي الأخنس قال : خرج يزيد بن معقل من بني عميرة بن ربيعة فقال : يا برير بن خضير ، كيف ترى صنع الله بك؟ قال : صنع الله بي والله خيرا ، وصنع بك شرا ، فقال : كذبت ، وقبل اليوم ما كنت كذّابا ، أتذكر وأنا اماشيك في سكّة بني دودان(٢) وأنت تقول : إنّ عثمان كان كذا ، وإنّ معاوية ضالّ مضلّ ، وإنّ علي بن أبي طالب إمام الحق والهدى؟ قال برير : أشهد أنّ هذا رأيي وقولي ، فقال يزيد : فإنّي أشهد أنّك من الضالّين ، قال برير : فهل لك أن أباهلك ، ولندع الله أن يلعن الكاذب ، وأن يقتل المحقّ المبطل ، ثمّ أخرج لأبارزك. قال : فخرجا فرفعا أيديهما بالمباهلة إلى الله ، يدعوانه أن يلعن الكاذب وأن يقتل المحقّ المبطل ،

__________________

(١) تاريخ الطبري : ٣ / ٣١٧ ، راجع الإرشاد : ٢ / ٩٥.

(٢) في المصدر : لوذان.

١٢٣

ثمّ برز كلّ واحد منهما لصاحبه فاختلفا ضربتين ، فضرب يزيد بريرا ضربة خفيفة لم تضرّه شيئا ، وضرب برير يزيد ضربة قدّت المغفر وبلغت الدماغ ، فخرّ كأنّما هوى من حالق ، وإنّ سيف برير لثابت في رأسه ، فكأنّي أنظر إليه ينضنضه من رأسه ، حتّى أخرجه وهو يقول :

أنا برير وأبي خضير

وكلّ خير فله برير

ثمّ بارز القوم فحمل عليه رضي بن منقد العبدي ، فاعتنق بريرا ، فاعتركا ساعة ، ثمّ إنّ بريرا صرعه وقعد على صدره ، فجعل رضي يصيح بأصحابه : أين أهل المصاع والدفاع؟ فذهب كعب بن جابر بن عمرو الأزدي يحمل عليه ، فقلت له : إنّ هذا برير ابن خضير القارئ الذي كان يقرئنا القرآن في المسجد! وحمل عليه بالرمح حتّى وضعه في ظهره ، فلمّا وجد برير مسّ الرمح برك على رضي فعضّ أنفه حتّى قطعه ، وأنفذ الطعنة كعب حتّى ألقاه عنه ، وقد غيب السنان في ظهره ، ثمّ أقبل يضربه بسيفه حتّى برد ، فكأنّي أنظر إلى رضي قام ينفض التراب عنه ، ويده على أنفه وهو يقول :

أنعمت عليّ يا أخا الأزد نعمة لا أنساها أبدا. فلمّا رجع كعب ، قالت له أخته(١) النوار بنت جابر : أعنت على ابن فاطمة ، وقتلت سيّد القراء ، لقد أتيت عظيما من الأمر ، والله لا أكلّمك من رأسي كلمة أبدا.

فقال كعب في ذلك :

سلي تخبري عنّي وأنت ذميمة

غداة حسين والرماح شوارع

ألم أت أقصى ما كرهت ولم يخل

عليّ غداة الروع ما أنا صانع

معي يزنّي لم تخنه كعوبه

وأبيض مخشوب الغرارين قاطع

فجرّدته في عصبة ليس دينهم

بديني وإنّي بابن حرب لقانع

__________________

(١) في الكامل ٤ / ٦٧ : قالت له امرأته.

١٢٤

ولم تر عيني مثلهم في زمانهم

ولا قبلهم في الناس إذ أنا يافع

أشدّ قراعا بالسيوف لدى الوغى

ألا كلّ من يحمي الذمار مقارع

وقد صبروا للطعن والضرب حسّرا

وقد نازلوا لو أنّ ذلك نافع

فابلغ عبيد الله إمّا لقيته

بأنّي مطيع للخليفة سامع

قتلت بريرا ثمّ حمّلت نعمة

أبا منقذ لمّا دعا : من يماصع؟

قال : فبلغت أبياته رضي بن منقذ ، فقال مجيبا له يرد عليه :

فلو شاء ربّي ما شهدت قتالهم

ولا جعل النعماء عند ابن جابر

لقد كان ذاك اليوم عارا وسبّة

تعيّره الأبناء بعد المعاشر

فيا ليت أنّي كنت من قبل قتله

ويوم حسين كنت في رمس قابر(١)

وفي برير أقول :

جزى الله رب العالمين مباهلا

عن الدين كيما ينهج الحق طالبه

وأزهر من همدان يلقي بنفسه

على الجمع حيث الجمع تخشى مواكبه

أبّر على الصيد الكماة بموقف

مناهجه مسدودة ومذاهبه

إلى أن قضى في الله يعلم رمحه

بصدق توخّيه ويشهد قاضبه

فقل لصريع قام من غير مارن

عذرتك إنّ الليث تدمى مخالبه

( ضبط الغريب )

ممّا وقع في هذه الترجمة :

( برير ) : في ضبط هذا الاسم وضبط اسم أبيه خلاف. فقد كتب في الرجال : يزيد

__________________

(١) تاريخ الطبري : ٣ / ٣٧٣ بتفاوت في النقل. وقال في معجم الشعراء ، ٣٤٥ : كعب بن جابر العبدي شهد مقتل الحسين بن عليعليهما‌السلام مع عبيد الله بن زياد وقال : سلي تخبري عنّي ...

١٢٥

ابن حصين ، وضبطه ابن الأثير(١) برير بالباء الموحدة والرائين المهملتين وبينهما ياء مثنّاة تحت والتصغير. وضبط خضير بالخاء المعجمة والضاد كذلك والتصغير أيضا ، وهو الذي يقوى نظرا إلى ما روي من شعره.

( بمسك ) : يحتمل أن يقرأ بالفتح وهو الجلد فمعناه أمر بجلد فيه نورة فميث.

ويحتمل أن يقرأ بالكسر وهو الطيب المعروف ، فمعناه أمر بنورة فميث فيها بطيب.

( ميث ) : مجهول من ماث يميث ويموث بالياء والواو يقال : ماث الملح بالماء أذابه وماث المسك دافه ومرسه وخلطه ، فمعنى الكلمة أذيب وديف.

( سعيد ) : بن قيس سيّد همدان ، وكان من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام ومن الشيعة وشعرائهم. واختلف في زمن موته ، فقيل : في زمن عليعليه‌السلام في أخريات أيّامه بعد حرب صفّين وهو المعروف ، وقيل بعده.

( دودان ) : بطن من أسد ولهم سكّة في الكوفة. وصحفت الكلمة في بعض النسخ بلوذان وهو غلط. ( ينضنضه ) : يحرّكه ويعالجه ليخرجه. ( المصاع ) : القتال والجلاد.

( مخشوب ) : مصقول يقال خشب السيف أي صقله. ( المارن ) : بالراء المهملة والنون الأنف أو طرفه.

عابس بن أبي شبيب الشاكري (٢)

هو عابس بن أبي شبيب بن شاكر بن ربيعة بن مالك بن صعب بن معاوية بن كثير بن مالك بن جشم بن حاشد الهمداني الشاكري ، وبنو شاكر بطن من همدان. كان عابس من رجال الشيعة رئيسا شجاعا خطيبا ناسكا متهجدا ، وكانت بنو شاكر

__________________

(١) الكامل : ٤ / ٦٠.

(٢) عدّه الشيخ الطوسي في أصحاب الحسينعليه‌السلام ، راجع رجال الشيخ : ١٠٣ ، الرقم ١٠١٩.

١٢٦

من المخلصين بولاء أمير المؤمنينعليه‌السلام وفيهم يقولعليه‌السلام يوم صفين : « لو تمّت عدّتهم ألفا لعبد الله حقّ عبادته » وكانوا من شجعان العرب وحماتهم ، وكانوا يلقّبون فتيان الصباح ، فنزلوا في بني وادعة من همدان ، فقيل لها فتيان الصباح ، وقيل لعابس الشاكري والوادعي.

قال أبو جعفر الطبري : قدم مسلم بن عقيل الكوفة فاجتمع عليه الشيعة في دار المختار ، فقرأ عليهم كتاب الحسينعليه‌السلام فجعلوا يبكون ، فقام عابس بن أبي شبيب ، فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : أمّا بعد ، فإنّي لا أخبرك عن الناس ، ولا أعلم ما في أنفسهم ، وما أغرّك منهم ، ولكن والله أخبرك بما أنا موطّن نفسي عليه ، والله لأجيبنّكم إذا دعوتم ، ولأقاتلنّ معكم عدوّكم ولأضربنّ بسيفي دونكم حتّى ألقى الله ، لا أريد بذلك إلاّ ما عند الله(١) .

فقام حبيب وقال لعابس ما قدّمته في ترجمة حبيب.

وقال الطبري أيضا : إنّ مسلما لمّا بايعه الناس ثمّ تحوّل من دار المختار إلى دار هاني بن عروة ، كتب إلى الحسينعليه‌السلام كتابا يقول فيه : أمّا بعد فإنّ الرائد لا يكذب أهله ، وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفا ، فحيّهلا بالإقبال حين يأتيك كتابي ، فإنّ الناس كلّهم معك ، ليس لهم في آل معاوية رأي ولا هوى(٢) .

وأرسل الكتاب مع عابس فصحبه شوذب مولاه.

وروى أبو مخنف : أنّه لمّا التحم القتال في يوم عاشوراء وقتل بعض أصحاب الحسينعليه‌السلام جاء عابس الشاكري ومعه شوذب ، فقال لشوذب : يا شوذب ما في نفسك أن تصنع؟ قال : ما أصنع؟! أقاتل معك دون ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى

__________________

(١) تاريخ الطبري : ٣ / ٢٧٩.

(٢) راجع تاريخ الطبري : ٣ / ٢٩٠.

١٢٧

أقتل. فقال : ذلك الظن بك ، أمّا الآن فتقدّم بين يدي أبي عبد الله حتّى يحتسبك كما احتسب غيرك من أصحابه ، وحتّى أحتسبك أنا ، فإنّه لو كان معي الساعة أحد أنا أولى به مني بك لسرّني أن يتقدّم بين يدي حتّى أحتسبه ، فإنّ هذا يوم ينبغي لنا أن نطلب الأجر فيه بكلّ ما نقدر عليه ، فإنّه لا عمل بعد اليوم ، وإنّما هو الحساب(١) .

أقول : هذا مثل مقال العبّاس بن عليعليه‌السلام لإخوته في ذلك اليوم ، تقدّموا لأحتسبكم فإنّه لا ولد لكم. يعني فينقطع نسلكم فيشتدّ بلائي ويعظم أجري.

وفهم بعض المؤرخين من هذا المقال أنّه أراد : لأحوز ميراثكم لولدي ، وهو اشتباه ، والعبّاس أجلّ قدرا من ذلك.

وروى أبو مخنف أيضا قال : فتقدّم عابس إلى الحسين بعد مقالته لشوذب فسلّم عليه وقال : يا أبا عبد الله أما والله ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعزّ عليّ ولا أحبّ إليّ منك ، ولو قدرت على أن أدفع عنك الضيم والقتل بشيء أعزّ عليّ من نفسي ودمي لفعلته ، السلام عليك يا أبا عبد الله ، أشهد أنّي على هداك وهدى أبيك ، ثمّ مشى بالسيف مصلتا نحو القوم ، وبه ضربة على جبينه ، فطلب البراز(٢) .

وروى أبو مخنف عن الربيع بن تميم الهمداني أنّه قال : لمّا رأيت عابسا مقبلا عرفته وكنت قد شاهدته في المغازي والحروب ، وكان أشجع الناس ، فصحت : أيّها الناس : هذا أسد الأسود ، هذا ابن أبي شبيب ، لا يخرجن إليه أحد منكم. فأخذ عابس ينادي : ألا رجل ألا رجل!؟ فلم يتقدّم إليه أحد ، فنادى عمر بن سعد : ويلكم ارضخوه بالحجارة. فرمي بالحجارة من كلّ جانب ، فلمّا رأى ذلك ألقى درعه ومغفره خلفه ، ثمّ شدّ على الناس ، فو الله لقد رأيته يكرد أكثر من مائتي من الناس ،

__________________

(١) تاريخ الطبري : ٣ / ٣٢٩.

(٢) تاريخ الطبري : ٣ / ٣٢٩.

١٢٨

ثمّ إنّهم تعطّفوا عليه من حواليه ، فقتلوه واحتزّوا رأسه ، فرأيت رأسه في أيدي رجال ذوي عدّة ، هذا يقول : أنا قتلته ، وهذا يقول : أنا قتلته ، فأتوا عمر بن سعد فقال : لا تختصموا ، هذا لم يقتله إنسان(١) واحد ، كلّكم قتله ، ففرّقهم بهذا القول(٢) .

( ضبط الغريب )

ممّا وقع في هذه الترجمة :

( إنّ الرائد لا يكذب أهله ) : هذا مثل مشهور ومعناه أن من يرسل أمام أهله ليخبرهم عن مربع يليق بهم لا يكذب عليهم بخبره ويغرّهم فإنّ المربع لهم وله وإنّ أهله آتون فناظرون إليه.

( حيّهلاّ ) : بتشديد الياء ، أي : أسرع حثيثا. ( يكرد ) : ويطرد سواء في المعنى.

شوذب بن عبد الله الهمداني الشاكري ( مولى لهم )

كان شوذب من رجال الشيعة ووجوهها ، ومن الفرسان المعدودين ، وكان حافظا للحديث حاملا له عن أمير المؤمنينعليه‌السلام (٣) .

قال صاحب الحدائق الورديّة : وكان شوذب يجلس للشيعة فيأتونه للحديث وكان وجها فيهم(٤) .

وقال أبو مخنف : صحب شوذب عابسا مولاه من الكوفة إلى مكّة بعد قدوم

__________________

(١) في المصدر : سنان.

(٢) تاريخ الطبري : ٣ / ٣٢٩.

(٣) عدّه الشيخ الطوسي في رجاله في أصحاب الإمام الحسينعليه‌السلام . راجع رجال الشيخ : ١٠١ ، الرقم ٩٩٣.

(٤) الحدائق الورديّة : ١٢٢ ، وفيه : وكان متقدما في الشيعة.

١٢٩

مسلم الكوفة بكتاب لمسلم ووفادة على الحسينعليه‌السلام عن أهل الكوفة وبقي معه حتّى جاء إلى كربلا. ولمّا التحم القتال حارب أولا ، ثمّ دعاه عابس ، فاستخبره عمّا في نفسه ، فأجاب بحقيقتها كما تقدّم. فتقدم إلى القتال وقاتل قتال الأبطال ، ثمّ قتل رضوان الله عليه(١) .

حنظلة بن أسعد الشبامي (٢)

هو حنظلة بن أسعد بن شبام بن عبد الله بن أسعد بن حاشد بن همدان الهمداني الشبامي ، وبنو شبام بطن من همدان.

كان حنظلة بن أسعد الشبامي وجها من وجوه الشيعة ذا لسان وفصاحة ، شجاعا قارئا ، وكان له ولد يدعى عليّا ، له ذكر في التاريخ.

قال أبو مخنف : جاء حنظلة إلى الحسينعليه‌السلام عند ما ورد الطف ، وكان الحسينعليه‌السلام يرسله إلى عمر بن سعد بالمكاتبة أيّام الهدنة ، فلمّا كان اليوم العاشر جاء إلى الحسينعليه‌السلام يطلب منه الإذن ، فتقدّم بين يديه وأخذ ينادي :( يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ ) (٣) يا قوم لا تقتلوا(٤) حسينا

__________________

(١) تاريخ الطبري : ٣ / ٣٢٩. وقال الشيخ المفيد : فتقدّم بعده شوذب مولى شاكر فقال : السلام عليك يا أبا عبد الله ورحمة الله وبركاته ، أستودعك الله وأسترعيك ، ثمّ قاتل حتّى قتلرحمه‌الله . الإرشاد : ٢ / ١٠٥.

(٢) عدّه الشيخ الطوسي في أصحاب الإمام الحسينعليه‌السلام . راجع رجال الشيخ : ١٠٠ ، الرقم ٩٧٧.

(٣) سورة غافر : ٣٠ و ٣٣.

(٤) في المصدر : يا قوم تقتلوا.

١٣٠

( فَيُسْحِتَكُمْ الله بِعَذابٍ وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى ) (١) ، فقال الحسينعليه‌السلام : « يا ابن أسعد ، إنّهم قد استوجبوا العذاب حين ردّوا عليك ما دعوتهم إليه من الحق ، ونهضوا إليك ليستبيحوك وأصحابك فكيف بهم الآن وقد قتلوا إخوانك الصالحين »! قال : صدقت ، جعلت فداك! أفلا نروح إلى ربّنا ونلحق بإخواننا؟ قال : « رح إلى خير من الدنيا وما فيها ، وإلى ملك لا يبلى » ، فقال حنظلة : السلام عليك يا أبا عبد الله ، صلّى الله عليك وعلى أهل بيتك ، وعرّف بينك وبيننا في جنّته ، فقال الحسين : « آمين آمين ». ثمّ تقدّم إلى القوم مصلتا سيفه يضرب فيهم قدما حتّى تعطفوا عليه فقتلوه في حومة الحرب رضوان الله عليه(٢) .

( ضبط الغريب )

ممّا وقع في هذه الترجمة :

( الشبامي ) : بالشين المعجمة والباء المفردة والألف والميم والياء منسوب إلى شبام على زنة كتاب ، ويمضى في بعض الكتب الشامي نسبة إلى الشام وهو غلط فاضح.

عبد الرحمن الأرحبي

هو عبد الرحمن بن عبد الله بن الكدن بن أرحب بن دعام بن مالك بن معاوية بن صعب بن رومان بن بكير الهمداني الأرحبي ، وبنو أرحب بطن من همدان كان عبد الرحمن وجها تابعيّا شجاعا مقداما.

قال أهل السير : أوفده أهل الكوفة إلى الحسينعليه‌السلام في مكّة مع قيس بن مسهّر

__________________

(١) سورة طه : ٦١.

(٢) تاريخ الطبري : ٣ / ٣٢٩ ، الكامل : ٤ / ٧٢ ، الإرشاد : ٢ / ١٠٥ ، اللهوف : ١٦٤.

١٣١

ومعهما كتب نحو من ثلاث وخمسين صحيفة(١) يدعونه فيها كلّ صحيفة من جماعة. وكانت وفادته ثانية الوفادات ، فإنّ وفادة عبد الله بن سبع وعبد الله بن وال الأولى ، ووفادة قيس وعبد الرحمن الثانية ، ووفادة سعيد بن عبد الله الحنفي وهاني ابن هاني السبعي الثالثة.

قال : فدخل مكّة عبد الرحمن لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رمضان وتلاقت الرسل ثمة.

وقال أبو مخنف : ولمّا دعا الحسين مسلما وسرّحه قبله إلى الكوفة سرّح معه قيسا وعبد الرحمن وعمارة بن عبيد السلولي(٢) . وكان من جملة الوفود ، ثمّ عاد عبد الرحمن إليه فكان من جملة أصحابه ، حتّى إذا كان اليوم العاشر ورأى الحال استأذن في القتال ، فأذن له الحسينعليه‌السلام فتقدّم يضرب بسيفه في القوم وهو يقول :

صبرا على الأسياف والأسنّة

صبرا عليها لدخول الجنّة

ولم يزل يقاتل حتّى قتل ، رضوان الله عليه.

سيف بن الحرث بن سريع بن جابر الهمداني الجابري

ومالك بن عبد الله بن سريع بن جابر الهمداني الجابري

وبنو جابر بطن من همدان. كان سيف ومالك الجابريّان ابني عم وأخوين لأم جاءا إلى الحسينعليه‌السلام ومعهما شبيب مولاهما فدخلا في عسكره وانضمّا إليه.

قالوا : فلمّا رأيا الحسينعليه‌السلام في اليوم العاشر بتلك الحال ، جاءا إليه وهما يبكيان ، فقال لهما الحسينعليه‌السلام : « أي ابني أخويّ ما يبكيكما؟ فو الله إنّي لأرجو أن تكونا بعد

__________________

(١) راجع الأخبار الطوال : ٢٢٩.

(٢) تاريخ الطبري : ٣ / ٢٧٧.

١٣٢

ساعة قريري العين » ، فقالا : جعلنا الله فداك ، لا والله ما على أنفسنا نبكي ، ولكن نبكي عليك نراك قد أحيط بك ولا نقدر على أن نمنعك بأكثر من أنفسنا ، فقال الحسينعليه‌السلام : « جزاكما الله يا ابني أخوي عن وجدكما من ذلك ومواساتكما إيّاي أحسن جزاء المتّقين »(١) .

قال أبو مخنف : فهما في ذلك إذ تقدّم حنظلة بن أسعد يعظ القوم فوعظ وقاتل فقتل كما تقدّم. فاستقدما يتسابقان إلى القوم ويلتفتان إلى الحسينعليه‌السلام فيقولان :

السلام عليك يا ابن رسول الله ، ويقول الحسينعليه‌السلام : « وعليكما السلام ورحمة الله وبركاته ». ثمّ جعلا يقاتلان جميعا وأنّ أحدهما ليحمي ظهر صاحبه حتّى قتلا(٢) .

شبيب مولى الحرث بن سريع الهمداني الجابري

كان شبيب بطلا شجاعا جاء مع سيف ومالك ابني سريع ، قال ابن شهرآشوب :

قتل في الحملة الأولى التي قتل فيها جملة من أصحاب الحسين ، وذلك قبل الظهر في اليوم العاشر(٣) .

عمّار الدالاني

هو عمّار بن أبي سلامة بن عبد الله بن عمران بن راس بن دالان ، أبو سلامة الهمداني الدالاني. وبنو دالان بطن من همدان.

كان أبو سلامة ، عمّار صحابيّا له رؤية كما ذكره الكلبي(٤) وابن حجر.

__________________

(١) الكامل : ٤ / ٧٢.

(٢) تاريخ الطبري : ٣ / ٣٢٨ ، راجع مثير الأحزان : ٦٦.

(٣) لم أعثر عليه في المناقب. راجع مستدركات علم رجال الحديث : ٤ / ١٩٩.

(٤) لم أعثر عليه في مضانّه.

١٣٣

وقال أبو جعفر الطبري : وكان من أصحاب عليعليه‌السلام ومن المجاهدين بين يديه في حروبه الثلاث ، وهو الذي سأل أمير المؤمنينعليه‌السلام عند ما سار من ذي قار إلى البصرة ، فقال : يا أمير المؤمنين إذا قدمت عليهم فما ذا تصنع؟ فقال : أدعوهم إلى الله وطاعته ، فإن أبوا قاتلتهم ، فقال أبو سلامة : إذن لن يغلبوا داعي الله(١) . في كلام له.

وقال ابن حجر في الإصابة : إنّه أتى إلى الحسينعليه‌السلام في الطف وقتل معه(٢) .

وذكر صاحب الحدائق(٣) والسروي(٤) : أنّه قتل في الحملة الأولى حيث قتل جملة من أصحاب الحسينعليه‌السلام .

حبشي بن قيس النهمي

هو حبشي بن قيس بن سلمة بن طريف بن أبان بن سلمة بن حارثة الهمداني النهمي. وبنو نهم بطن من همدان.

كان سلمة صحابيّا ذكره جماعة من أهل الطبقات. وابنه قيس له إدراك ورؤية ، وابن قيس حبشي ممّن حضر الطف وجاء الحسينعليه‌السلام فيمن جاء أيّام الهدنة.

قال ابن حجر : وقتل مع الحسينعليه‌السلام (٥) .

زياد أبو عمرة الهمداني الصائدي

هو زياد بن عريب بن حنظلة بن دارم بن عبد الله بن كعب الصائد بن شرحبيل بن

__________________

(١) لم أعثر عليه.

(٢) الإصابة : ٥ / ١١٣.

(٣) الحدائق الورديّة : ١٢٢ ، وفيه : عمّار بن أبي سلامة الغالاني.

(٤) المناقب : ٤ / ١١٣.

(٥) لم أعثر عليه.

١٣٤

شراحيل بن عمرو بن جشم بن حاشد بن جشم بن حيزون بن عوف بن همدان ، أبو عمرة الهمداني الصائدي. وبنو الصائد بطن من همدان.

كان عريب صحابيّا ذكره جملة من أهل الطبقات. وأبو عمرة ولده هذا له إدراك وكان شجاعا ناسكا معروفا بالعبادة ، قال صاحب الإصابة : إنّه حضر وقتل مع الحسينعليه‌السلام (١) .

وروى الشيخ ابن نما عن مهران الكاهلي مولى لهم ، قال : شهدت كربلا مع الحسينعليه‌السلام فرأيت رجلا يقاتل قتالا شديدا لا يحمل على قوم إلاّ كشفهم ، ثمّ يرجع إلى الحسينعليه‌السلام فيقول له :

أبشر هديت الرشد يا ابن أحمدا

في جنّة الفردوس تعلو صعّدا

فقلت : من هذا؟ قالوا : أبو عمرة الحنظلي(٢) . فاعترضه عامر بن نهشل أحد بني تيم اللات بن(٣) ثعلبة فقتله واحتزّ رأسه ، قال : وكان متهجدا(٤) .

سوار بن منعم بن حابس بن أبي عمير بن نهم الهمداني النهدي (٥)

كان سوار ممّا أتى إلى الحسينعليه‌السلام أيّام الهدنة وقاتل في الحملة الأولى فجرح وصرع.

قال في الحدائق الورديّة : قاتل سوار حتّى إذا صرع ، أتي به أسيرا إلى عمر بن

__________________

(١) لم أعثر عليه في مضانّه. وقال المامقاني : حضر الطف وقاتل قتالا شديدا حتّى استشهد بين يدي الحسينعليه‌السلام . راجع تنقيح المقال : ١ / ٤٥٦.

(٢) في المصدر : النهشلي.

(٣) في المصدر : ( من ) بدل ( بن ).

(٤) مثير الأحزان : ٥٧.

(٥) عدّه الشيخ في أصحاب الحسينعليه‌السلام . راجع رجال الشيخ : ١٠١ ، الرقم ٩٨٩.

١٣٥

سعد ، فأراد قتله ، فشفع فيه قومه ، وبقي عندهم جريحا حتّى توفي على رأس ستّة أشهر(١) .

وقال بعض المؤرّخين : إنّه بقي أسيرا حتّى توفي ، وإنّما كانت شفاعة قومه الدفع عن قتله ، ويشهد له ما ذكر في القائميّات من قولهعليه‌السلام : « السلام على الجريح المأسور سوار بن أبي عمير النهمي » على أنّه يمكن حمل العبارة على أسره في أوّل الأمر.

( ضبط الغريب )

ممّا وقع في هذه الترجمة :

( النهمي ) : بالنون المفتوحة والهاء الساكنة والميم والياء المثنّاة تحت. ويمضى في بعض الكتب الفهمي بالفاء وهو تصحيف واضح وغلط فاضح.

عمرو بن عبد الله الهمداني الجندعي

وبنو جندع بطن من همدان. كان عمرو الجندعي ممّن أتى إلى الحسينعليه‌السلام أيّام المهادنة في الطف ، وبقي معه.

قال في الحدائق : إنّه قاتل مع الحسينعليه‌السلام فوقع صريعا مرتثا بالجراحات قد وقعت ضربة على رأسه بلغت منه ، فاحتمله قومه وبقي مريضا من الضربة صريع فراش سنة كاملة ، ثمّ توفي على رأس السنة ،رضي‌الله‌عنه (٢) . ويشهد له ما ذكر في القائميّات من قولهعليه‌السلام : « السلام على الجريح المرتث عمرو الجندعي ».

__________________

(١) الحدائق الورديّة : ١٢٢ ، وفيه : وارتث من همدان سوار بن حمير الجابري فمات لستة أشهر من جراحته.

(٢) الحدائق الورديّة : ١٢٢ ، وفيه : عمرو بن عبد الله الجندعي ، مات من جراحة كانت به على رأس سنة.

١٣٦

( ضبط الغريب )

ممّا وقع في هذه الترجمة :

( الجندعي ) : بالجيم والنون والدال والعين المهملتين والياء للنسبة إلى جندع زنة قنفذ.

١٣٧
١٣٨

المقصد الرابع

في المذحجيين

من أنصار الحسينعليه‌السلام

هاني بن عروة المرادي

هو هاني بن عروة بن نمران بن عمرو بن قعاس بن عبد يغوث بن مخدش بن حصر بن غنم بن مالك بن عوف بن منبه بن غطيف بن مراد بن مذحج ، أبو يحيى المذحجي المرادي الغطيفي. كان هاني صحابيّا كأبيه عروة ، وكان معمّرا ، وكان هو وأبوه من وجوه الشيعة. وحضر مع أمير المؤمنينعليه‌السلام حروبه الثلاث ، وهو القائل يوم الجمل :

يا لك حربا حثّها جمالها

يقودها لنقصها ضلالها

هذا علي حوله أقيالها

قال ابن سعد في الطبقات : إنّ عمره كان يوم قتل بضعا وتسعين(١) . وذكر بعضهم أنّ عمره كان ثلاثا وثمانين(٢) . وكان يتوكّأ على عصا بها زجّ ، وهي التي ضربه بها

__________________

(١) لم أعثر عليه في مضانّه.

(٢) وفي تنقيح المقال ٣ / ٢٨٨ نقلا عن حبيب السير : وكان يوم قتل ابن تسع وثمانين سنة.

١٣٩

ابن زياد.

وروى المسعودي في مروج الذهب : أنّه كان شيخ مراد وزعيمها ، يركب في أربعة آلاف دارع ، وثمانية آلاف راجل ، فإذا تلاها أحلافها من كندة ركب في ثلاثين ألف دارع(١) .

وذكر المبرّد في الكامل وغيره في غيره أنّ عروة خرج مع حجر بن عدي ، وأراد قتله معاوية فشفع فيه زياد ابن أبيه ، وأنّ هانيا أجار كثير بن شهاب المذحجي حين اختان مال خراسان وهرب منها ، وطلبه معاوية فاستتر عند هاني ، فنذر معاوية دم هاني فحضر مجلسه ومعاوية لا يعرفه ، فلمّا نهض الناس ثبت مكانه فسأله معاوية عن أمره؟ فقال : أنا هاني بن عروة صرت في جوارك. فقال له معاوية : إنّ هذا اليوم ليس بيوم يقول فيه أبوك :

أرجّل جمّتي واجر ذيلي

وتحمي شكّتي أفق كميت

أمشي(٢) في سراة بني غطيف

إذا ما سامني ضيم أبيت

فقال له هاني : أنا اليوم أعزّ منّي ذلك اليوم ، فقال : بم ذاك؟ قال : بالإسلام ، فقال : أين كثير؟ قال : عندي في عسكرك ، فقال : انظر إلى ما اختانه فخذ منه بعضا وسوّغه بعضا(٣) .

وقال الطبري : لمّا أخبر معقل عين ابن زياد بخبر شريك ومسلم وأنّه عند هاني طلب ابن زياد هانيا فأتى به وما يظنّه أنّه يقتله ، فدخل عليه فقال له :

أتتك بحائن رجلاه تسعى

فقال : وما ذاك أيّها الأمير؟ فجعل يسأله عن الأحداث التي وقعت في داره وهو

__________________

(١) مروج الذهب : ٣ / ٥٩.

(٢) هكذا في الأصل ، والصحيح : وأمشي.

(٣) لم أعثر عليه في مضانّه.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303