ابصار العين في انصار الحسين عليه السلام

ابصار العين في انصار الحسين عليه السلام18%

ابصار العين في انصار الحسين عليه السلام مؤلف:
المحقق: محمد جعفر الطبسي
تصنيف: شخصيات إسلامية
الصفحات: 303

ابصار العين في انصار الحسين عليه السلام
  • البداية
  • السابق
  • 303 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 127792 / تحميل: 6765
الحجم الحجم الحجم
ابصار العين في انصار الحسين عليه السلام

ابصار العين في انصار الحسين عليه السلام

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

مولاه(١) .

ولمّا أصبح الحسينعليه‌السلام جعل الميمنة لزهير ، والميسرة لحبيب ، وأعطى الراية أخاه العبّاس(٢) .

وروى أبو مخنف عن الضحّاك بن قيس أنّ الحسينعليه‌السلام لمّا خطب خطبته على راحلته ونادى في أولها بأعلى صوته : « أيّها الناس ، اسمعوا قولي ولا تعجلوني ». سمع النساء كلامه هذا فصحن وبكين وارتفعت أصواتهن ، فأرسل إليهنّ أخاه العبّاس وولده عليّا وقال لهما : أسكتاهنّ فلعمري ليكثرنّ بكاؤهنّ ، فمضيا يسكتاهنّ حتّى إذا سكتن عاد إلى خطبته. فحمد الله وأثنى عليه وصلّى عليه نبيّه. قال : فو الله ما سمعت متكلما قط لا قبله ولا بعده أبلغ منه منطقا(٣) .

وقال أبو جعفر وابن الأثير : لما نشبت الحرب بين الفريقين تقدم عمر بن خالد ومولاه سعد ، ومجمّع بن عبد الله ، وجنادة بن الحرث فشدوا مقدمين بأسيافهم على الناس ، فلمّا وغلوا فيهم عطف عليهم الناس فأخذوا يحوزونهم ، وقطعوهم من أصحابهم ، فندب الحسينعليه‌السلام لهم أخاه العبّاس فحمل على القوم وحده ، فضرب فيهم بسيفه حتّى فرّقهم عن أصحابه وخلص إليهم فسلّموا عليه فأتى بهم ، ولكنّهم كانوا جرحى فأبوا عليه أن يستنقذهم سالمين ، فعاودوا القتال وهو يدفع عنهم حتّى قتلوا في مكان واحد(٤) . فعاد العبّاس إلى أخيه وأخبره بخبرهم.

قال أهل السير : وكان العبّاس ربما ركز لواءه أمام الحسين وحامى عن أصحابه

__________________

(١) في الأخبار الطوال : ٢٥٦ ، لزيد ، وفي بعض نسخ الإرشاد : دويدا وذويدا. وهو تصحيف ظاهر. راجع الإرشاد : ٢ / ٩٦ ، والكامل : ٤ / ٦٠.

(٢) راجع الأخبار الطوال : ٢٥٦ ، والإرشاد : ٢ / ٩٥.

(٣) تاريخ الطبري : ٣ / ٣١٩ بتفاوت.

(٤) تاريخ الطبري : ٣ / ٣٣٠ ، الكامل : ٤ / ٧٤.

٦١

أو استقى ماء فكان يلقّب بالسقّاء. ويكنّى أبا قربة بعد قتله.

قالوا : ولمّا رأى وحدة الحسينعليه‌السلام بعد قتل أصحابه وجملة من أهل بيته ، قال لاخوته من أمّه : تقدّموا لأحتسبكم عند الله تعالى ، فإنّه لا ولد لكم. فتقدّموا حتّى قتلوا ، فجاء إلى الحسينعليه‌السلام واستأذنه في المصال(١) ، فقال له : « أنت حامل لوائي » ، فقال : لقد ضاق صدري وسئمت الحياة. فقال له الحسين : « إن عزمت فاستسق لنا ماء » ، فأخذ قربته وحمل على القوم حتّى ملأ القربة. قالوا : واغترف من الماء غرفة ثمّ ذكر عطش الحسينعليه‌السلام فرمى بها وقال :

يا نفس من بعد الحسين هوني

وبعده لا كنت أن تكوني

هذا الحسين وارد المنون

وتشربين بارد المعين

ثمّ عاد فأخذ عليه الطريق ، فجعل يضربهم بسيفه وهو يقول :

لا أرهب الموت إذا الموت زقا

حتى أوارى في المصاليت لقى

إنّي أنا العبّاس أغدو بالسقا

ولا أهاب الموت يوم الملتقى

فضربه حكيم بن طفيل الطائي السنبسي على يمينه فبرأها ، فأخذ اللواء بشماله وهو يقول :

والله إن قطعتم يميني

إنّي أحامي أبدا عن ديني

فضربه زيد بن ورقاء الجهني على شماله فبرأها ، فضمّ اللواء إلى صدره كما فعل عمّه جعفر إذ قطعوا يمينه ويساره في مؤتة ، فضمّ اللواء إلى صدره وهو يقول :

ألا ترون معشر الفجّار

قد قطعوا ببغيهم يساري

فحمل عليه رجل تميمي من أبناء أبان بن دارم فضربه بعمود على رأسه فخرّ صريعا إلى الأرض ، ونادى بأعلى صوته : أدركني يا أخي. فانقض عليه أبو عبد الله

__________________

(١) هكذا في الأصل ، ولعلّه المصاع : أي القتال والجلاد. أو لعلّه المصاولة.

٦٢

كالصقر فرآه مقطوع اليمين واليسار مرضوخ(١) الجبين مشكوك العين بسهم مرتثا بالجراحة ، فوقف عليه منحنيا ، وجلس عند رأسه يبكي حتّى فاضت نفسه ، ثمّ حمل على القوم فجعل يضرب فيهم يمينا وشمالا فيفرّون من بين يديه كما تفرّ المعزى إذا شدّ فيها الذئب ، وهو يقول : أين تفرّون وقد قتلتم أخي؟! أين تفرّون وقد فتتم عضدي؟! ثمّ عاد إلى موقفه منفردا. وكان العبّاس آخر من قتل من المحاربين لأعداء الحسينعليه‌السلام ، ولم يقتل بعده إلاّ الغلمان الصغار من آل أبي طالب الذين لم يحملوا السلاح.

وفيه يقول الكميت بن زيد الأسدي :

وأبو الفضل إنّ ذكرهم الحلو

شفاء النفوس في الأسقام

قتل الأدعياء إذ قتلوه

أكرم الشاربين صوب الغمام

ويقول حفيده الفضل بن محمّد بن الفضل بن الحسن بن عبيد الله بن العبّاس :

إنّي لأذكر للعباس موقفه

بكربلاء وهام القوم تختطف

يحمي الحسين ويحميه على ظمأ

ولا يولّي ولا يثني فيختلف

ولا أرى مشهدا يوما كمشهده

مع الحسين عليه الفضل والشرف

أكرم به مشهدا بانت فضيلته

وما أضاع له أفعاله خلف

وأقول :

أمسند ذاك اللوا صدره

وقد قطعت منه يمنى ويسرى

لثنّيت جعفر في فعله

غداة استضمّ اللوا منه صدرا

وأبقيت ذكرك في العالمين

يتلونه في المحاريب ذكرا

وأوقفت فوقك شمس الهدى

يدير بعينيه يمنى ويسرى

__________________

(١) قال ابن منظور : والرّضخ : كسر الرأس. راجع لسان العرب : ٥ / ٢٢٩.

٦٣

لئن ظل منحنيا فالعدى

بقتلك قد كسروا منه ظهرا

وألقوا لواه فلفّ اللواء

ومن ذا ترى بعد يسطيع نشرا

نأى الشخص منك وأبقى ثناك

إلى الحشر يدلج فيه ويسرى

وأنا أسترق جدّا من رثاء أمّه فاطمة أمّ البنين الذي أنشده أبو الحسن الأخفش في شرح الكامل : وقد كانت تخرج إلى البقيع في كلّ يوم ترثيه وتحمل ولده عبيد الله فيجتمع لسماع رثائها أهل المدينة وفيهم مروان بن الحكم فيبكون لشجيّ الندبة ، قولها رضي الله عنها :

يا من رأى العبّاس كرّ

على جماهير النقد

ووراه من أبناء حيدر

كل ليث ذي لبد

أنبئت أنّ ابني أصيب

برأسه مقطوع يد

ويلي على شبلي أما

ل برأسه ضرب العمد

لو كان سيفك في يد

يك لما دنا منه أحد

وقولها :

لا تدعونّي ويك أمّ البنين

تذكّريني بليوث العرين

كانت بنون لي أدعى بهم

واليوم أصبحت ولا من بنين

أربعة مثل نسور الربى

قد واصلوا الموت بقطع الوتين

تنازع الخرصان أشلائهم

فكلهم أمسى صريعا طعين

يا ليت شعري أكما أخبروا

بأنّ عبّاسا قطيع اليمين

وروى جماعة عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة قال : رأيت رجلا من بني أبان بن دارم أسود الوجه وقد كنت أعرفه شديد البياض جميلا ، فسألته عن سبب تغيّره وقلت له : ما كدت أعرفك. فقال : إنّي قتلت رجلا بكربلاء وسيما جسيما ، بين عينيه أثر السجود ، فما بتّ ليلة منذ قتلته إلى الآن إلاّ وقد جاءني في النوم ، وأخذ بتلابيبي

٦٤

وقادني إلى جهنّم فيدفعني فيها فأظل أصيح ، فلا يبقى أحد في الحيّ إلاّ ويسمع صياحي ، قال : فانتشر الخبر ، فقالت جارة له : إنّه ما زلنا نسمع صياحه حتّى ما يدعنا ننام شيئا من الليل ، فقمت في شباب الحي إلى زوجته فسألناها ، فقالت : أما إذا أخبر هو عن نفسه فلا أبعد الله غيره ، قد صدقكم. قال : والمقتول هو العبّاس بن عليعليهما‌السلام (١) .

( ضبط الغريب )

ممّا وقع في هذه الترجمة :

( الأيّد ) : كسيّد : القوي. ( الوسيم ) : من الوسامة وهي الجمال.

( المطهّم ) : كمحمد : السمين الفاحش السمن العالي ، وهذه كناية عن طوله وجسامتهعليه‌السلام .

( ازدلف ) : أي سار إليه وقرب منه. ( يغبطه ) : أي يتمنّى أن يكون مثله بلا نقصان من حظّه. ( خلصوا ) : وصلوا.

( بنفسي أنت ) : أي فديتك بنفسي. ويمضى في بعض الكتب بنفسك وليس به.

( ركض ) : أي ضرب الفرس برجله ، قال الله تعالى( ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ) (٢) ، فأمّا بمعنى عدا فليس صحيحا.

( الضحّاك بن قيس ) : المشرقي من همدان ، هذا جاء إلى الحسينعليه‌السلام هو ومالك ابن النضر الأرحبي أيّام الموادعة يسلّمان عليه ، فدعاهما لنصرته فاعتذر مالك بدينه وعياله وأجاب الضحّاك على شريطة أنّه إن رأى نصرته لا تفيد الحسينعليه‌السلام فهو في حلّ ، فرضي الحسينعليه‌السلام منه حتّى إذا لم يبق من أصحابه إلاّ نفران جاء إلى

__________________

(١) مناقب ابن شهرآشوب : ٤ / ٥٨.

(٢) سورة ص : ٤٢.

٦٥

الحسينعليه‌السلام وقال له : شريطتي ، قال : نعم ، ولكن أنّى لك النجاء؟! إن قدرت على ذلك فأنت في حلّ. فأقبل على فرسه ، وقد كان خبّأها بين البيوت حين رأى الخيل تعقر ، وقاتل راجلا ، فاستخرجها ثمّ استوى على متنها حتّى إذا قامت على السنابك رمى بها عرض القوم فأفرجوا له ، وتبعه خمسة عشر فارسا حتّى انتهى إلى شفية فلحقوه ، وعطف عليهم فعرفه كثير بن عبد الله الشعبي وأيّوب بن مشرح الخيواني ، وقيس بن عبد الله الصائدي ، فناشدوا الله أصحابهم الكفّ عنه ، فنجا ، فهو يخبر عن جملة ممّا وقع للحسينعليه‌السلام وأصحابه في المقاتلة.

( عبد الله بن زهير ) : بن سليم الأزدي كان من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام وله ذكر في الحروب والمغازي وولي الأعمال لآل أميّة.

( عبد الرحمن بن أبي سبرة ) : يزيد بن مالك بن عبد الله بن ذويب بن سلمة بن عمرو بن ذهل بن مران بن جعفى ، وفد هو وأخوه سبرة مع أبيه على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان اسمه عزيزا فسمّاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عبد الرحمن ، وله مع صحبته أفعال ذميمة(١) .

( فإنّه لا ولد لكم ) : يعني بذلك إنّكم إن تقدمتموني وقتلوكم لم تبق لكم ذرية فينقطع نسب أمير المؤمنينعليه‌السلام منكم فيشتدّ حزني ويعظم بذلك أجري.

وزعم بعض الناس أنّه يعني لأحوز ميراثكم فإذا قتلت خلص لولدي. وهذا طريف ، فإنّ العبّاس أجلّ قدرا من ذلك ، ولما ذكرته في مراده نظير ، وهو قول عابس لشوذب الذي يأتي ذكره ، وسأنبّه عليه هناك إن شاء الله.

( زقا ) : صاح ، تزعم العرب أنّ للموت طائرا يصيح ويسمّونه الهامة ، ويقولون إذا قتل الإنسان ولم يؤخذ بثأره زقت هامته حتّى يثأر.

__________________

(١) لاحظ ترجمته في أسد الغابة : ٥ / ٢٠٦ ، وجمهرة أنساب العرب للأندلسي : ٤٠٩.

٦٦

قال الشاعر :

فإن تك هامة بهراة تزقو

فقد أزقيت بالمروين هاما

( المصاليت ) : جمع مصلات وهو : الرجل السريع المتشمر.

قال عامر بن الطفيل :

وإنّا المصاليت يوم الوغا

إذا ما المغاوير لم تقدم

( السنبسي ) : بالسين المهملة وبعدها النون ثمّ الباء المفردة والسين والياء المثنّاة تحت منسوب إلى سنبس بطن من طي.

( ورقاء ) : بالواو والراء المهملة والقاف والمد ، ويمضى في بعض الكتب ( رقاد ) وهو تصحيف.

( النقد ) : جنس من الغنم قصار الأرجل قباح الوجوه فمعنى البيت ( يا من رأى العبّاس ) وهو اسم للأسد. كرّ على جماعات الغنم المعروفة بالنقد وهو بديع.

( تلابيبي ) : جمع تلبيب وهو : موضع اللبب من الثياب. واللبب موضع القلادة من الصدر.

عبد الله بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ( عليهم الصلاة والسلام )

ولد بعد أخيه بنحو ثمان سنين ، وأمّه فاطمة أمّ البنين وبقي مع أبيه ست سنين ، ومع أخيه الحسن ست عشرة سنة ، ومع أخيه الحسين خمسا وعشرين سنة ، وذلك مدّة عمره.

قال أهل السير : إنّه لمّا قتل أصحاب الحسينعليه‌السلام وجملة من أهل بيته دعا العبّاس إخوته الأكبر فالأكبر ، وقال لهم : تقدّموا ، فأوّل من دعاه عبد الله أخوه لأبيه وأمّه فقال : تقدّم يا أخي حتّى أراك قتيلا وأحتسبك فإنّه لا ولد لك ، فتقدم بين يديه وجعل يضرب بسيفه قدما ويجول فيهم وهو يقول :

٦٧

أنا ابن ذي النجدة والأفضال

ذاك عليّ الخير في الأفعال

سيف رسول الله ذو النكال

في كلّ يوم ظاهر الأهوال

فشدّ عليه هاني بن ثبيت الحضرمي فضربه على رأسه فقتله(١) .

عثمان بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب عليهم السلام

ولد بعد أخيه عبد الله بنحو سنتين ، وأمّه فاطمة أمّ البنين ، وبقي مع أبيه نحو أربع سنين ، ومع أخيه الحسن نحو أربع عشرة سنة ، ومع أخيه الحسينعليه‌السلام ثلاث وعشرين سنة وذلك مدّة عمره.

وروي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه قال : « إنّما سمّيته عثمان بعثمان بن مظعون أخي »(٢) .

قال أهل السير : لمّا قتل عبد الله بن علي دعا العبّاس عثمان وقال له : تقدّم يا أخي ، كما قال لعبد الله ، فتقدّم إلى الحرب يضرب بسيفه ويقول :

إنّي أنا عثمان ذو المفاخر

شيخي عليّ ذو الفعال الطاهر

فرماه خولي بن يزيد الأصبحي بسهم فأوهطه حتّى سقط لجنبه ، فجاءه رجل من بني أبان بن دارم فقتله واحتزّ رأسه(٣) .

( ضبط الغريب )

ممّا وقع في هذه الترجمة :

( عثمان بن مظعون ) : بن حبيب بن وهيب بن حذافة بن جمح القرشي

__________________

(١) راجع مقاتل الطالبيين : ٨٨.

(٢) راجع مقاتل الطالبيين : ٨٩.

(٣) راجع مقاتل الطالبيين : ٨٩.

٦٨

الجمحي(١) ، أسلم بعد ثلاثة عشر رجلا ، وهاجر الهجرتين وشهد بدرا ، وكان أوّل رجل مات بالمدينة سنة اثنتين من الهجرة ، وكان ممّن حرّم على نفسه الخمر في الجاهليّة ، وممّن أراد الاختصاء في الإسلام فنهاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : « عليك بالصيام فإنّه مجفرة ». أي قاطع للجماع.

ولمّا مات جاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى بيته وقال : « رحمك الله أبا السائب » ، ثمّ انحنى عليه فقبّله.

ورؤي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا رفع رأسه أثر البكاء ، ثمّ صلّى عليه ودفنه في بقيع الغرقد ، ووضع حجرا على قبره ، وجعل يزوره ، ثمّ لمّا مات إبراهيم ولده بعده قال :

« الحق يا بني بفرطنا عثمان بن مظعون » ولمّا ماتت زينب ابنتهعليها‌السلام قال : « الحقي بسلفنا الخير عثمان بن مظعون »(٢) .

( أوهطه ) : أضعفه وأثخنه بالجراح وصرعه صرعة لا يقوم منها.

جعفر بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب عليهم السلام

ولد بعد أخيه عثمان بنحو سنتين ، وأمّه فاطمة أمّ البنين ، وبقي مع أبيه نحو سنتين ، ومع أخيه الحسنعليه‌السلام نحو اثنتي عشرة سنة ، ومع أخيه الحسينعليه‌السلام نحو إحدى وعشرين سنة ، وذلك مدّة عمره(٣) .

__________________

(١) قال الذهبي : عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب الجمحي ، أبو السائب. راجع سير أعلام النبلاء ١ / ١٥٣ ، المعارف : ٤٢٢.

(٢) راجع تنقيح المقال : ٢ / ٢٤٩. وفيه : لمّا ماتت رقيّة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٣) راجع تنقيح المقال : ١ / ٢١٩ ، أعيان الشيعة : ٤ / ١٢٩.

٦٩

وروي : أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام سمّاه باسم أخيه جعفر لحبّه إيّاه(١) .

قال أهل السير : لمّا قتل أخوا العبّاس لأبيه وأمّه عبد الله وعثمان دعا جعفرا فقال له : « تقدّم إلى الحرب حتّى أراك قتيلا كأخويك فأحتسبك كما احتسبتهما ، فإنّه لا ولد لكم ». فتقدّم وشدّ على الأعداء يضرب فيهم بسيفه وهو يقول :

إنّي أنا جعفر ذو المعالي

ابن عليّ الخير ذي الأفضال(٢)

قال أبو الفرج : فشدّ عليه خولي بن يزيد الأصبحي فقتله(٣) .

وقال أبو مخنف : بل شدّ عليه هاني بن ثبيت الذي قتل أخاه فقتله(٤) .

أبو بكر بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب عليهم السلام

اسمه محمّد الأصغر أو عبد الله ، وأمّه ليلى بنت مسعود بن خالد بن مالك بن ربعي بن سلمى(٥) بن جندل بن نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم ، وأمّها عميرة بنت قيس بن عاصم بن سنان بن خالد بن منقر سيّد أهل الوبر ابن عبيد بن الحارث وهو مقاعس ، وأمّها عناق بنت عصام بن سنان بن خالد بن منقر ، وامّها بنت أعبد بن أسعد بن منقر ، وأمّها بنت سفيان بن خالد بن عبيد بن مقاعس بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم.

وفي سلمى جدّه قال الشاعر :

__________________

(١) راجع مقاتل الطالبيين : ٨٨.

(٢) راجع مناقب ابن شهرآشوب : ٤ / ١٠٧.

(٣) مقاتل الطالبيين : ٨٨.

(٤) تاريخ الطبري : ٣ / ٣٣٢.

(٥) في مقاتل الطالبيين : سلم.

٧٠

يسوّد أقوام وليسوا بسادة

بل السيّد الميمون سلمى بن جندل(١)

قيل : قتله زجر بن بدر النخعي ، وقيل : بل عقبة الغنوي ، وقيل : بل رجل من همدان ، وقيل : وجد في ساقية مقتولا لا يدرى من قتله(٢) .

وذكر بعض الرواة أنّه تقدّم إلى الحرب وقاتل وهو يقول :

شيخي عليّ ذو الفخار الأطول

من هاشم وهاشم لم تعدل(٣)

ولم يزل يقاتل حتّى اشترك في قتله جماعة منهم عقبة الغنوي.

فهؤلاء الستة مع الحسينعليه‌السلام لصلب عليعليه‌السلام واختلف في غيرهم. ويصحح هذا قول سليمان بن قتة يرثيهم :

ستة كلّهم لصلب علي

قد أصيبوا وسبعة لعقيل

أبو بكر بن الحسن (٤) بن علي بن أبي طالب عليهم السلام

أمّه أم ولد. روى أبو الفرج : أنّ عبد الله بن عقبة الغنوي قتله. وروي أنّ عقبة الغنوي هو الذي قتله ، وإيّاه عنى سليمان بن قتّة بقوله :

وعند غنيّ قطرة من دمائنا

سنجزيهم يوما بها حيث حلّت

إذا افتقرت قيس جبرنا فقيرها

وتقتلنا قيس إذا النعل زلّت(٥)

__________________

(١) راجع مقاتل الطالبيين : ٩١.

(٢) راجع مقاتل الطالبيين : ٩١.

(٣) المناقب : ٤ / ١٠٧ ، وفيه : من هاشم الخير الكريم المفضل ، وفيه أيضا : قتله زجر بن بدر الجحفي.

(٤) في مقاتل الطالبيين : الحسين.

(٥) مقاتل الطالبيين : ٩٢ ، وفيه : وفي أسد أخرى تعد وتذكر.

٧١

القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام

أمّه أمّ أبي بكر ، يقال : إنّ اسمها رملة. روى أبو الفرج عن حميد بن مسلم قال :

خرج إلينا غلام كأنّ وجهه شقّة قمر ، وفي يده السيف وعليه قميص وإزار ، وفي رجليه نعلان فمشى يضرب بسيفه فانقطع شسع إحدى نعليه ولا أنسى أنّها كانت اليسرى ، فوقف ليشدّها ، فقال عمر بن سعد(١) بن نفيل الأزدي : والله لأشدّنّ عليه. فقلت له : سبحان الله وما تريد بذلك؟! يكفيك قتله هؤلاء الذين تراهم قد احتوشوه من كلّ جانب ، فقال : والله لأشدنّ عليه ، فما ولّى وجهه حتّى ضرب رأس الغلام بالسيف ، فوقع الغلام لوجهه وصاح : يا عمّاه.

قال : فو الله لجلّى الحسين عليه كما يجلى الصقر ، ثمّ شدّ شدّة الليث إذا أغضب فضرب عمرا بالسيف فاتقاه بساعده فأطنّها من لدن المرفق ، ثمّ تنحّى عنه ، فحملت خيل عمر بن سعد ليستنقذوه من الحسين ، فاستقبلته بصدورها وجالت فتوطّأته ، فلم يرم حتّى مات ، فلمّا تجلّت الغبرة إذا بالحسين على رأس الغلام وهو يفحص برجليه ، والحسين يقول : « بعدا لقوم قتلوك ، وخصمهم فيك يوم القيامة رسول الله. ثمّ قال : عزّ على عمّك أن تدعوه فلا يجيبك ، أو يجيبك فلا تنفعك إجابته ، يوم كثر واتره وقلّ ناصره ». ثمّ احتمله على صدره ، وكأنّي أنظر إلى رجلي الغلام تخطّان في الأرض ، حتّى ألقاه مع ابنه علي بن الحسين ، فسألت عن الغلام ، فقالوا : هذا القاسم ابن الحسن بن علي بن أبي طالب(٢) .

وقال غيره : إنّه لما رأى وحدة عمّه استأذنه في القتال فلم يأذن له لصغره ، فما زال به حتّى أذن له ، فبرز كأنّ وجهه شقّة قمر ، وساق الحديث إلى آخره كما تقدّم(٣) .

__________________

(١) في المصدر : عمرو بن سعيد.

(٢) مقاتل الطالبيين : ٩٢ ، بتفاوت في النقل وسقط في بعض الكلمات. راجع الإرشاد : ٢ / ١٠٨.

(٣) البحار : ٤٥ / ٣٤.

٧٢

أتراه حين أقام يصلح نعله

بين العدى كيلا يروه بمحتفي

غلبت عليه شآمة حسنية

أم كان بالأعداء ليس بمحتفى

( ضبط الغريب )

ممّا وقع في هذه الترجمة :

( أطنّها ) : أي قطعها حتّى سمع لها طنين وهو الصوت.

( لم يرم ) : أي : لم يبرح ، من رام يريم.

قال الشاعر :

أيا أبتا لا تزل عندنا

فإنّا بخير إذا لم ترم

( محتفى ) : الأوّل من الاحتفاء وهو المشي بلا نعال. والثاني من الاحتفاء وهو الاعتناء ، يقال : احتفى به ولم يحتف.

عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام

امّه بنت الشليل بن عبد الله البجلي ، والشليل أخو جرير بن عبد الله ، كانت لهما صحبة.

قال الشيخ المفيد : لمّا ضرب مالك بن النسر الكندي بسيفه الحسين على رأسه بعد أن شتمه ألقى الحسينعليه‌السلام قلنسوته ودعا بخرقة وقلنسوة ، فشدّ رأسه بالخرقة ولبس القلنسوة واعتمّ عليها ، رجع عنه شمر ومن معه إلى مواضعهم ، فمكث هنيئة ، ثمّ عاد وعادوا إليه وأحاطوا به ، فخرج عبد الله بن الحسن من عند النساء وهو غلام لم يراهق ، فشدّ حتّى وقف إلى جنب عمّه الحسينعليه‌السلام ، فلحقته زينب لتحبسه فأبى ، فقال لها الحسين : « احبسيه يا أخيّة » ، فامتنع امتناعا شديدا ، وقال : والله لا أفارق عمّي. وأهوى بحر بن كعب إلى الحسين بالسيف ، فقال له الغلام : ويلك يا ابن الخبيثة

٧٣

أتقتل عمّي؟ فضربه بحر بالسيف ، فاتّقاه الغلام بيده ، فأطنّها إلى الجلد فإذا هي معلقة ، فنادى الغلام : يا أمّاه ، فأخذه الحسينعليه‌السلام وضمّه إليه ، وقال : « يا ابن أخي اصبر على ما نزل بك ، واحتسب في ذلك الخير ، فإنّ الله يلحقك بآبائك الصالحين » ثمّ رفع الحسينعليه‌السلام يديه إلى السماء وقال : « اللهمّ أمسك عليهم قطر السماء وامنعهم بركات الأرض ، اللهمّ فإن متّعتهم إلى حين ففرّقهم بددا ، واجعلهم طرائق قددا ، ولا ترضي الولاة عنهم أبدا ، فإنّهم دعونا لينصرونا ، ثمّ عدوا علينا فقتلونا »(١) .

وروى أبو الفرج : إنّ الذي قتله حرملة بن الكاهن الأسدي(٢) .

( ضبط الغريب )

ممّا وقع في هذه الترجمة :

( القلنسوة ) : بفتح القاف وفتح اللام وتسكين النون وضم السين قبل الواو لباس في الرأس معروف.

( يراهق ) : أي لم يقارب. ( بددا ) : أي تفريقا ، وفي بعض النسخ فرقا. ( قددا ) : أي طرائق متفرقة.

( بحر ) : بالباء المفردة والحاء المهملة والراء مثلها. ( بن كعب بن عبيد الله من بني تيم بن ثعلبة بن عكابة ).

وروى أبو مخنف وغيره أنّ يدي بحر هذا كانتا تنضحان في الصيف الماء وتيبسان في الشتاء كأنّهما العود(٣) . ويمضى في بعض الكتب ويجري على بعض

__________________

(١) الإرشاد : ٢ / ١١١.

(٢) مقاتل الطالبيين : ٩٣.

(٣) تاريخ الطبري : ٣ / ٣٣٣ ، الكامل : ٤ / ٧٧.

٧٤

الألسن أبحر بن كعب(١) ، وهو غلط وتصحيف.

عون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عليهم السلام

أمّه زينب العقيلة الكبرى بنت أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وأمّها فاطمة الزهراء بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

قال أهل السير : إنّه لمّا خرج الحسينعليه‌السلام من مكّة كتب إليه عبد الله بن جعفر كتابا يسأله فيه الرجوع عن عزمه ، وأرسل إليه ابنيه عونا ومحمّدا فأتياه بوادي العقيق قبل أن يصل إلى مسامنة المدينة ، ثمّ ذهب عبد الله إلى عمرو بن سعيد بن العاص عامل المدينة فسأله أمانا للحسين ، فكتب وأرسله إليه مع أخيه يحيى ، وخرج معه عبد الله فلقيا الحسينعليه‌السلام بذات عرق(٢) ، فأقرأه الكتاب فأبى عليهما وقال : « إنّي رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في منامي فأمرني بالمسير وإنّي منته إلى ما أمرني به » ، وكتب جواب الكتاب إلى عمرو بن سعيد ففارقاه ورجعا ، وقد أوصى عبد الله ولديه بالحسين واعتذر منه(٣) .

قالوا : ولمّا ورد نعي الحسين ونعيهما إلى المدينة كان عبد الله جالسا في بيته فدخل الناس يعزّونه ، فقال غلامه أبو اللسلاس : هذا ما لقينا ودخل علينا من الحسين. فحذفه عبد الله بنعله وقال : يا ابن اللخناء ، أللحسين تقول هذا؟! والله لو شهدته لما فارقته حتى أقتل معه ، والله إنّهما لممّا يسخّي بالنفس عنهما ويهوّن عليّ المصاب بهما أنّهما أصيبا مع أخي وابن عمّي مواسين له صابرين معه ، ثمّ أقبل على

__________________

(١) في الإرشاد : ٢ / ١١٠ : أبجر بن كعب.

(٢) ذات عرق : مكان في طريق مكّة وهو الحد بين نجد وتهامة. راجع معجم البلدان : ٤ / ١٠٧.

(٣) الإرشاد : ٢ / ٦٨ ـ ٦٩ ، والكامل : ٤ / ٤٠.

٧٥

الجلساء فقال : الحمد لله أعزز عليّ(١) بمصرع الحسين أن لا أكن آسيت حسينا بيدي ، فقد آسيته بولدي(٢) .

قال السروي : برز عون بن عبد الله بن جعفر إلى القوم وهو يقول :

إن تنكروني فأنا ابن جعفر

شهيد صدق في الجنان أزهر

يطير فيها بجناح أخضر

كفى بهذا شرفا في المحشر

فضرب فيهم بسيفه حتّى قتل منهم ثلاثة فوارس وثمانية عشر راجلا ، ثمّ ضربه عبد الله بن قطنة الطائي النبهاني بسيفه فقتله(٣) .

وفيه يقول سليمان بن قتّة التيمي(٤) من قصيدته التي يرثي بها الحسينعليه‌السلام :

عيني جودي بعبرة وعويل

وأندبي إن بكيت آل الرسول

ستة كلّهم لصلب علي

قد أصيبوا وسبعة لعقيل

واندبي إن ندبت عونا أخاهم

ليس فيما ينوبهم بخذول

فلعمري لقد أصيب ذوو القر

بى فبكّي على المصاب الطويل

( ضبط الغريب )

ممّا وقع في هذه الترجمة :

( أبو اللسلاس ) : باللام المفتوحة والسين المهملة ثمّ لام وسين بينهما ألف ،

__________________

(١) في الإرشاد : عزّ عليّ.

(٢) الإرشاد : ٢ / ١٢٤.

(٣) المناقب : ٤ / ١٠٦ بتفاوت.

(٤) قال القمّي : سليمان بن قتة التابعي الخزاعي الشيعي ، قيل إنّه أوّل من رثى الحسينعليه‌السلام ، مرّ بكربلاء فنظر إلى مصارع شهداء الطف فبكى حتّى كاد أن يموت راجع الكنى والألقاب : ١ / ٣٨٣.

٧٦

ويمضى في بعض الكتب أبو السلاسل وهو تصحيف(١) .

( قطنة ) : بالقاف المضمومة والنون بينهما طاء.

( النبهاني ) : بالنون والباء المفردة منسوب إلى نبهان بطن من بطون طيء.

محمّد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عليهم السلام

أمّه الخوصاء بنت حفصة بن ثقيف بن ربيعة بن عائذ بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل(٢) . وأمّها هند بنت سالم بن عبد العزيز(٣) بن مخزوم ابن سنان بن مولة بن عامر بن مالك بن تيم اللات بن ثعلبة ، وأمّها ميمونة بنت بشر ابن عمرو بن الحرث بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة بن الحصين بن عكابة بن صعب بن علي(٤) .

قال السروي : تقدّم محمّد قبل عون إلى الحرب ، فبرز إليهم وهو يقول :

أشكو إلى الله من العدوان

فعال قوم في الردى عميان

قد بدّلوا معالم القرآن

ومحكم التنزيل والتبيان(٥)

فقتل عشرة أنفس ، ثمّ تعاطفوا عليه ، فقتله عامر بن نهشل التميمي.

وفيه يقول سليمان بن قتّة من القصيدة المتقدّمة على الولاء :

وسميّ النبي غودر فيهم

قد علوه بصارم مصقول

__________________

(١) في الإرشاد ٢ / ١٢٤ : أبو السلاسل.

(٢) في مقاتل الطالبيين ٩٥ : وأمّه الخوصاء بنت حفصة بن ثقيف بن ربيعة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل.

(٣) في المقاتل : سالم بن عبد الله بن عبد الله بن مخزوم.

(٤) في المقاتل زيادة : بن بكر بن وائل.

(٥) المناقب : ٤ / ١٠٦.

٧٧

فإذا ما بكيت عيني فجودي

بدموع تسيل كلّ مسيل

مسلم بن عقيل بن أبي طالب عليهم السلام

أمّه أمّ ولد تسمّى عليّة(١) اشتراها عقيل من الشام.

روى المدائني قال : قال معاوية بن أبي سفيان لعقيل بن أبي طالب يوما : هل من حاجة فأقضيها لك؟ قال : نعم ، جارية عرضت عليّ وأبى أصحابها أن يبيعوها إلاّ بأربعين ألفا ، فأحبّ معاوية أن يمازحه فقال : وما تصنع بجارية قيمتها أربعون ألفا وأنت أعمى تجتزي بجارية قيمتها أربعون درهما! قال : أرجو أن أطأها فتلد لي غلاما إذا أغضبته ضرب عنقك بالسيف ، فضحك معاوية وقال : مازحناك يا أبا يزيد! وأمر فابتيعت له الجارية التي أولد منها مسلما ، فلمّا أتت على مسلم سنون(٢) وقد مات أبوه عقيل ، قال مسلم لمعاوية : إنّ لي أرضا بمكان كذا من المدينة وقد أعطيت بها مائة ألف وقد أحببت أن أبيعك إيّاها ، فادفع لي ثمنها ، فأمر معاوية بقبض الأرض ، ودفع الثمن إليه ، فبلغ ذلك الحسينعليه‌السلام فكتب إلى معاوية : « أمّا بعد فإنّك غررت غلاما من بني هاشم فابتعت منه أرضا لا يملكها ، فاقبض منه ما دفعته إليه ، وأردد إلينا أرضنا ».

فبعث معاوية إلى مسلم ، فأقرأه كتاب الحسينعليه‌السلام وقال له : اردد علينا مالنا وخذ أرضك ، فإنّك بعت ما لا تملك. فقال مسلم : أمّا دون أن أضرب رأسك بالسيف فلا. فاستلقى معاوية ضاحكا يضرب برجليه ، ويقول له : يا بنيّ هذا والله قاله لي أبوك

__________________

(١) في مقاتل الطالبيين ، ص ٨٦ : حلية. وفي تاريخ خليفة ، ١٤٥ : حلبة. راجع الطبقات الكبرى : ٤ / ٢٩.

(٢) في المصدر : ثماني عشرة سنة.

٧٨

حين ابتعت له أمّك.

ثمّ كتب إلى الحسين : إنّي قد رددت أرضكم وسوّغت مسلما ما أخذ(١) .

وروى أبو مخنف وغيره : أنّ أهل الكوفة لمّا كتبوا إلى الحسين دعا مسلما فسرّحه مع قيس بن مسهّر ، وعبد الرحمن بن عبد الله ، وجماعة من الرسل ، فأمره بتقوى الله وكتمان أمره واللطف ، فإن رأى الناس مجتمعين عجّل إليه بذلك ، وكتب إليهم : « أمّا بعد : فقد أرسلت إليكم أخي وابن عمّي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل وأمرته أن يكتب لي إن رآكم مجتمعين ، فلعمري ما الإمام إلاّ من قام بالحقّ »(٢) ، وما يشاكل هذا.

فخرج من مكّة في أواخر شهر رمضان وأتى المدينة ، فصلّى في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وودّع أهله وخرج فاستأجر دليلين من قيس فجارا عن الطريق واشتدّ عليهم العطش فلم يلبثا أن ماتا.

وأقبل مسلم ومن معه حتّى انتهوا إلى الماء وقد أشار الدليلان إليهما عليه ، فكتب مسلم مع قيس إلى الحسينعليه‌السلام من المضيق من بطن خبت(٣) أمّا بعد : فإنّي خرجت من المدينة ومعي دليلان فجارا عن الطريق وعطشنا ، فلم يلبثا أن مات وانتهينا إلى الماء فلم ننج إلاّ بحشاشة أنفسنا ، وقد تطيّرت من وجهي هذا ، فكتب إليه الحسينعليه‌السلام ، أمّا بعد : « فقد خشيت أن يكون(٤) حملك على هذا غير ما تذكر فامض لوجهك الذي وجّهتك له والسلام ». فسار مسلم حتّى مرّ بماء لطيّئ فنزل ، ثمّ ارتحل فإذا رجل قد رمى ظبيا حين أشرف له فصرعه فقال مسلم : يقتل عدوّنا إن

__________________

(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ١٢ / ٢٥١.

(٢) تاريخ الطبري : ٣ / ٢٧٨. راجع الإرشاد : ٢ / ٣٩.

(٣) الخبت : ماء لقبيلة كلب. راجع معجم البلدان : ٢ / ٣٤٣.

(٤) في الإرشاد ٢ / ٤٠ : أن لا يكون حملك.

٧٩

شاء الله. وأقبل مسلم حتّى دخل الكوفة فنزل دار المختار بن أبي عبيد فحضرته الشيعة واجتمعت له ، فقرأ عليهم كتاب الحسينعليه‌السلام الذي أجابهم به ، فأخذوا يبكون وخطبت بمحضره خطباؤهم كعابس الشاكري ، وحبيب الأسدي ، فبلغ ذلك النعمان ابن بشير الأنصاري ـ وكان عامل يزيد على الكوفة ـ فخرج وخطب الناس وتوعّدهم ولان في كلامه ، فقام إليه عبد الله بن مسلم بن سعيد الحضرمي حليف بني أميّة فأنّبه وخرج ، فكتب هو وعمارة بن عقبة إلى يزيد بأمر النعمان وأنّه ضعيف أو يتضاعف ، وأخذ الناس يبايعون مسلما حتّى انتهى ديوانه إلى ثمانية عشر ألف مبايع أو أكثر ، فكتب إلى الحسينعليه‌السلام بذلك مع عابس بن أبي شبيب الشاكري وسأله الإعجال بالقدوم عليه ، لاشتياق الناس إليه. ولمّا بلغ ذلك يزيد استشار ذويه فيمن يولّيه ، فأشار عليه سرجون مولى أبيه بعبيد الله بن زياد وأخرج إليه عهد أبيه فيه ، فولاّه وكتب إليه بولاية المصرين مع مسلم بن عمرو الباهلي. فسار مسلم حتّى ورد البصرة ، وقد كان الحسينعليه‌السلام كتب إلى أهل البصرة مع مولاه سليمان ، فصلبه عبيد الله وتهدّد الناس ، وخلّف مكانه أخاه عثمان وخرج إلى الكوفة ، وأخرج معه شريك بن الأعور ، ومسلم بن عمرو وجماعة من خاصّته ، فساروا فجعل شريك يتساقط في الطريق ليعرج إليه عبيد الله فيقيم عليه فيبادر الحسينعليه‌السلام الكوفة قبل دخولهم فيتمكن من الناس ، ولكنّ الحسين لم يكن خرج من مكة كما ظنّ شريك ، وعبيد الله لم يعرج على شريك كلّما سقط كما زعم ، فدخل الكوفة قبل أصحابه ، فظنّ الناس أنّه الحسينعليه‌السلام لتشبهه به لباسا وتلثمه ، فدخل القصر والنعمان يظنّه الحسين ، والناس تقول له مرحبا بابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وتتبعه ، فسدّ النعمان باب القصر ، فصاح به افتح لا فتحت ، فعرفه وفتح الباب وعرفها الناس كلمة عبيد الله فانكفئوا وانكفّوا ، وبات مسلم والناس حوله. فلمّا أصبح دخل شريك الكوفة فنزل على هاني بن عروة فزاره مسلم وعاده ، فقال لمسلم : أرأيت لو عادني عبيد الله أكنت

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

على البراغيث فيصلي فيه وأن يقيس على نحو هذا فيعمل به ؟ فوقّععليه‌السلام :يجوز الصلاة والطهر منه أفضل (١) .

٢ ـ عن الحسن بن راشد قال: قال الفقيه العسكريعليه‌السلام :ليس في الغسل ولا في الوضوء مضمضة ولا استنشاق (٢) .

باب الصلاة:

١ ـ عن محمد بن عبد الجبار قال: كتبت إلى أبي محمدعليه‌السلام أسأله: هل يصلى في قلنسوة حرير محض أو قلنسوة ديباج ؟ فكتبعليه‌السلام :لا تحلّ الصلاة في حرير محض (٣) .

٢ ـ عن اسماعيل بن سعد الأشعري قال: سألته عن الثوب الابريسم هل يصلي فيه الرجل ؟ قال:لا (٤) .

٣ ـ عن محمد بن عبد الجبار قال: كتبت إلى أبي محمدعليه‌السلام أسأله: هل يصلّى في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه أو تكّة حرير محض أو تكّة من وبر الأرانب ؟ فكتب:لا تحلّ الصلاة في الحرير المحض فإن كان الوبر ذكياً حلّت الصلاة فيه إنْ شاء الله (٥) .

٤ ـ عن سليمان بن حفص المروزي، عن الرجل العسكريعليه‌السلام قال:إذا انتصف الليل ظهر بياض في وسط السماء شبه عمود من حديد تضيء له الدنيا فيكون ساعة ويذهب، ثم تظلم، فاذا بقي ثلث الليل الأخير ظهر بياض من قِبل المشرق فأضاءت

ــــــــــــ

(١) الكافي: ٣ / ٦٠.

(٢) الاستبصار: ١ / ١١٨، ب٧١، ح٤.

(٣) الكافي: ٣ / ٣٩٩ / ح١٠، الاستبصار: ١ / ٣٨٥ / ب٢٥٥ / ح١.

(٤) الاستبصار: ١ / ٣٨٥، ب٢٥٥، ح٢.

(٥) الاستبصار: ١ / ٣٨٣، ب٢٢٣، ح١١.

٢٠١

له الدنيا فيكون ساعة ثم يذهب ; وهو وقت صلاة الليل، ثم تظلم قبل الفجر، ثم يطلع الفجر الصادق من قبل المشرق ، قال:ومن أراد أن يصلّي في نصف الليل فيطول ; فذلك له (١) .

٥ ـ عن عبد الله بن جعفر قال: كتبت إليه ـ يعني أبا محمدعليه‌السلام ـ يجوز للرجل أن يصلي ومعه فأرة مسك ؟ فكتب:لا بأس به إذا كان ذكياً (٢) .

٦ ـ علي بن محمد، عن محمد بن أحمد بن مطهر أنه كتب إلى أبي محمدعليه‌السلام يخبره بما جاءت به الرواية:أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يصلي في شهر رمضان وغيره من الليل ثلاث عشرة ركعة، منها الوتر وركعة الفجر . فكتب عليه‌السلام : فضّ الله فاه ; صلّى من شهر رمضان في عشرين ليلة، كل ليلة عشرين ركعة، ثماني بعد المغرب، واثنتي عشرة بعد العشاء الآخرة، واغتسل ليلة تسع عشرة وليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين، وصلّى فيهما ثلاثين ركعة: اثنتي عشرة بعد المغرب، ثماني عشرة بعد عشاء الآخرة، وصلّى فيها مائة ركعة، يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب، وقل هو الله أحد عشر مرات وصلّى إلى آخر الشهر كلّ ليلة ثلاثين ركعة، كما فسرت لك (٣) .

باب الصوم:

١ ـ محمد بن يحيى عن محمد قال: كتبت إلى الأخيرعليه‌السلام : رجل مات وعليه قضاء من شهر رمضان عشرة أيام وله وليان، هل يجوز لهما أن يقضيا عنه جميعاً ; خمسة أيام أحد الوليين، وخمسة أيام الآخر ؟ فوقععليه‌السلام :يقضي عنه أكبر وليّه عشرة أيام ولاءاً، إن شاء الله (٤) .

ــــــــــــ

(١) التهذيب: ٢ / ١١٨، ح٤٤٥.

(٢) التهذيب: ٢ / ٣٦٢، ب١٧، ح٣٣.

(٣) الكافي: ٤ / ١٥٥، ح٦، الاستبصار: ١ / ٤٦٣، ب٢٨٧، ح١٢.

(٤) الكافي: ٤ / ١٢٤، ح٥، الإستبصار: ٢ / ١٠٨، ب٥٧، ح٤.

٢٠٢

٢ ـ وكتب حمزة بن محمد إلى أبي محمدعليه‌السلام : لم فرض الله الصوم ؟ فورد في الجواب:ليجد الغني مسّ الجوع ; فيحنّ على الفقير (١) .

٣ ـ روى الصدوق عن أبي الحسن علي بن الحسن بن الفرج المؤذن، قال: حدثني محمد بن الحسن الكرخي، قال: سمعت الحسن بن عليعليه‌السلام يقول لرجل في داره:ياأبا هارون من صام عشرة أشهر رمضان متواليات دخل الجنة (٢) .

٤ ـ وروى محمد بن عيسى، عن علي بن بلال، قال: كتبت الى الطيّب العسكريعليه‌السلام : هل يجوز أن يعطى الفطرة عن عيال الرجل، وهم عشرة، أقل أو أكثر، رجلاً محتاجاً موافقاً ؟ فكتبعليه‌السلام :نعم، افعل ذلك (٣) .

باب الخمس والزكاة:

١ ـ روى الكليني عن علي بن محمد عن سهل بن زياد عن محمد بن عيسى عن محمد بن الريان، قال: كتبت إلى العسكريعليه‌السلام : جعلت فداك روي لنا أن ليس لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الدنيا إلاّ الخمس، فجاء الجواب:إن الدنيا وما عليها لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤) .

٢ ـ وقال الشيخ الطوسي: وروى الريان بن الصلت، قال: كتبت إلى أبي محمّدعليه‌السلام : ما الذي يجب عليّ يامولاي في غلة رحى في أرض قطيعة لي وفي ثمن سمك وبردي وقصب أبيعه من أجمة هذه القطيعة ؟

ــــــــــــ

(١) رواه الكليني في الكافي: ٤ / ١٨١، ح٦ بتفاوت، من لا يحضره الفقيه: ٣ / ٤٣، ب٢١، ح٣.

(٢) الخصال: ٥٩، أبواب العشرة.

(٣) من لا يحضره الفقيه: ٢ / ١١٧.

(٤) الكافي: ١ / ٤٠٩، ص٦.

٢٠٣

فكتبعليه‌السلام :يجب عليك فيه الخمس، إن شاء الله تعالى (١) .

باب الحجّ:

١ ـ وكتب إليه علي بن محمد الحضيني: أنّ ابن عمّي أوصى أن يحجّ عنه بخمسة عشر ديناراً في كلّ سنة، فليس يكفي: فما تأمرني في ذلك ؟

فكتبعليه‌السلام :تجعل حجتين في حجة، إن الله عالم بذلك (٢) .

باب النكاح والطلاق:

١ ـ روى الكليني عن محمد بن يحيى عن عبد الله بن جعفر قال: كتبت إلى أبي محمدعليه‌السلام : امرأة أرضعت ولد الرجل هل يحلّ لذلك الرجل أن يتزوج إبنة هذه المرضعة، أم لا ؟ فوقّععليه‌السلام :لا، لا تحل له (٣) .

٢ ـ وكتب محمد بن الحسن الصفار إلى أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام في امرأة مات عنها زوجها وهي في عدة منه. وهي محتاجة لا تجد من ينفق عليها، وهي تعمل للناس، هل يجوز لها أن تخرج وتعمل وتبيت عن منزلها للعمل والحاجة في عدتها.قال: فوقّععليه‌السلام :لا بأس بذلك، إن شاء الله (٤) .

باب القضاء والشهادات:

١ ـ وكتب إليه في رجل قال لرجلين: إشهدا أن جميع الدار التي له في موضع كذا وكذا بحدودها كلها لفلان ابن فلان، وجميع ماله في الدار من المتاع والبنية لا تعرف المتاع ; أي شيء هو ؟.

ــــــــــــ

(١) التهذيب: ٤ / ١٣٩، ح١٦.

(٢) الكافي: ٤ / ٣١٠، ح٢، من لا يحضره الفقيه: ٢ / ٢٧٢، ب١٦٦، ح٣.

(٣) الكافي: ٥، ص٤٤٧، ح١٨، من لا يحضره الفقيه: ٣ / ٣٠٦، ب١٤٦، ح٩.

(٤) من لا يحضره الفقيه: ٣ / ٣٢٨، ب١٥٩، ح١٢.

٢٠٤

فوقععليه‌السلام :يصلح إذا أحاط الشراء بجميع ذلك إن شاء الله (١) .

٢ ـ وكتب محمد بن الحسن الصفاررضي‌الله‌عنه إلى أبي محمد الحسن بن عليعليهما‌السلام في رجل أراد أن يشهد على إمرأة ليس لها بمحرم، هل يجوز له أن يشهد عليها من وراء الستر ويسمع كلامها إذا شهد عدلان أنها فلانة بنت فلان، التي تشهدك وهذا كلامها، أو لا تجوز الشهادة عليها حتى تبرزن وتثبتها بعينها ؟

فوقّععليه‌السلام :تتنقب وتظهر للشهود، إن شاء الله (٢) .

٣ ـ كتب محمد بن الحسن الصفاررضي‌الله‌عنه إلى أبي محمد الحسن بن عليعليهما‌السلام : هل تقبل شهادة الوصي للميت بدين له على رجل مع شاهد آخر عدل ؟

فوقّععليه‌السلام :إذا شهد معه آخر عدل فعلى المدّعي يمين .

٤ ـ وكتب إليه أيجوز للوصي أن يشهد لوارث الميت صغيراً أو كبيراً بحق له على الميت أو على غيره، وهو القابض للوارث الصغير وليس للكبير بقابض ؟

فوقّععليه‌السلام :نعم، وينبغي للوصي أن يشهد بالحق ولا يكتم شهادته .

٥ ـ وكتب إليه: أو تقبل شهادة الوصي على الميت بدين مع شاهد آخر عدل ؟

فوقّععليه‌السلام :نعم، من بعد يمين (٣) .

باب الوصية:

١ ـ وكتب محمد بن الحسن الصفاررضي‌الله‌عنه إلى أبي محمد الحسن بن عليعليهما‌السلام : رجل أوصى بثلث ماله في مواليه، الذكر والاُنثى فيه سواء ؟ أو للذكر مثل حظّ الاُنثيين من الوصية ؟

ــــــــــــ

(١) الكافي: ٧ / ٤٠٢، ذيل حديث ٤ بتفاوت، من لا يحضره الفقيه: ٣ / ١٥٣، ب٧٣، ح١٠.

(٢) من لا يحضره الفقيه: ٣ / ٤٠، ب٢٩، ح٢، الاستبصار: ٣ / ١٩، ب١٣، ح٢.

(٣) الكافي: ٧ / ٣٩٤، ح٣، من لا يحضره الفقيه: ٣ / ٤٣، ب٣٣، ح١.

٢٠٥

فوقّععليه‌السلام :جايز للميّت ما أوصى به على ما أوصى به، إن شاء الله (١) .

٢ ـ ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن عبد الجبار قال: كتبت إلى العسكريعليه‌السلام : امرأة أوصت إلى رجل، وأقرّت له بدين ثمانية آلاف درهم، وكذلك ما كان لها من متاع البيت من صوف وشعر وشبه وصفر ونحاس وكلّ مالها ; أقرّت به للموصى إليه، وأشهدت على وصيتها، وأوصت أن تحجّ عنها من هذه التركة حجتان ويعطى مولاة لها أربعمائة درهم، وماتت المرأة وتركت زوجاً فلم ندر كيف الخروج من هذا ; واشتبه الأمر علينا، وذكر كاتب: أنّ المرأة استشارته أن يكتب لها ما يصحّ لهذا الوصيّ، فقال: لا يصح تركتك إلاّ بإقرارك له بدين بشهادة الشهود وتأمرينه بعدها أن ينفذ ما توصينه به، فكتب له بالوصية على هذا وأقرّت للوصيّ بهذا الدين فرأيك أدام الله عزّك في مسألة الفقهاء قبلك عن هذا وتعريفنا بذلك لنعمل به، إن شاء الله ؟

فكتب بخطهعليه‌السلام :إن كان الدين صحيحاً معروفاً مفهوماً، فيخرج الدين من رأس المال، إن شاء الله، وإن لم يكن الدين حقّاً، أنفذ لهما ما أوصت به من ثلثها ; كفى أو لم يكف (٢) .

٣ ـ كتب محمد بن الحسن الصفاررضي‌الله‌عنه إلى أبي محمد الحسن بن عليعليهما‌السلام : رجل أوصى إلى رجلين أيجوز لأحدهما أن ينفرد بنصف التركة والآخر بالنصف.

فوقّععليه‌السلام :لا ينبغي لهما أن يخالفا الميت ويعملان على حسب ما أمرهما، إن شاء الله (٣) .

ــــــــــــ

(١) الكافي: ٧ / ٤٥، ح٢، من لا يحضره الفقيه: ٤ / ١٥٥، ب١٠٣، ح٣.

(٢) الاستبصار: ٤ / ١١٣، ب٦٨، ح٩.

(٣) الكافي: ٧ / ٤٦، ح١، بتفاوت وفيه: رجل مات وأوصى، من لا يحضره الفقيه: ٤ / ١٥١، ب٩٩، ح١، الاستبصار: ٤ / ١١٨، ب٧٣، ح١.

٢٠٦

باب الوقف:

قال محمد بن الحسن الصفار: كتبت إلى أبي محمدعليه‌السلام أسأله عن الوقف الذي يصحّ كيف هو ؟ فقد روي أن الوقف إذا كان غير موقت فهو باطل مردود على الورثة، وإذا كان موقتاً فهو صحيح مُمْضى، وقال قوم: إن الموقت هو الذي يذكر فيه: أنّه وقف على فلان وعقبه، فإذا انقرضوا فهو للفقراء والمساكين إلى أن يرث الله عزّوجلّ الأرض ومن عليها وقال آخرون: هذا موقت اذا ذكر انه لفلان وعقبه ما بقوا، ولم يذكر في آخره للفقراء والمساكين الى أن يرث الله الأرض ومن عليها، والذي هو غير موقّت أن يقول: هذا وقف، ولم يذكر أحداً، فما الذي يصحّ من ذلك وما الذي يبطل ؟

فوقّععليه‌السلام :الوقوف بحسب ما يوقفها [أهلها]، إن شاء الله (١) .

باب الارث:

سأل الفهفكي أبا محمدعليه‌السلام : المسكينة الضعيفة تأخذ سهماً واحداً ويأخذ الرجل سهمين ؟ قال أبو محمدعليه‌السلام : إن المرأة ليس عليها جهاد ولا نفقة ولا عليها معلقة، إنّما ذلك على الرجال.

فقلت في نفسي قد كان قيل لي إنّ ابن أبي العوجاء سأل أبا عبد الله عن هذه المسألة فأجابه بهذا الجواب، فأقبل أبو محمدعليه‌السلام عليّ فقال:نعم، هذه المسألة مسألة ابن أبي العوجاء، والجواب منّا واحد، إذا كان معنى المسألة واحداً، جرى لآخرنا ما جرى لأولنا، وأولنا وآخرنا في العلم سواء، ولرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمير المؤمنين عليه‌السلام فضلهما (٢) .

ــــــــــــ

(١) الكليني في الكافي: ٧ / ٣٧، ح٣٤ رواه الصدوق في الفقيه: ٤/١٧٦، ب١٢٨، ح١ باختصار. وفيه «.. فوقع عليه‌السلام: الوقوف تكون على حسب مايوقفها أهلها، إن شاء الله»، الاستبصار: ٤ / ١٠٠، ب٦٢، ح٢.

(٢) الكافي: ٧ / ٨٥، ح٢، كشف الغمة: ٣ / ٢١٠.

٢٠٧

باب المعيشة:

١ ـ وروي عن محمد بن علي بن محبوب قال: كتب رجل إلى الفقيهعليه‌السلام في رجل كانت له رحى على نهر قرية، والقرية لرجل أو لرجلين، فأراد صاحب القرية أن يسوق الماء إلى قرية في غير هذا النهر الذي عليه هذه الرحى ويعطل هذه الرحى، أله ذلك أم لا ؟ فوقععليه‌السلام : يتقي الله، ويعمل في ذلك بالمعروف، ولا يضارّ أخاه المؤمن.

٢ ـ وفي رجل كانت له قناة في قرية فأراد رجل آخر أن يحفر قناة أخرى فوقه، ما يكون بينهما في البعد حتى لا يضرّ بالأخرى في أرض إذا كانت صعبة أو رخوة. فوقععليه‌السلام : عليه على حسب أن لا يضرّ أحدهما بالآخر، إن شاء الله(١) .

٣ ـ وكتب محمد بن الحسن الصفاررضي‌الله‌عنه إلى أبي محمد الحسن بن عليعليهما‌السلام يقول: رجل يبذرق القوافل من غير أمر السلطان في موضع مخيف ويشارطونه على شيء مسمّى، أله أن يأخذه منهم أم لا ؟ فوقّععليه‌السلام : إذا واجر نفسه بشيء معروف أخذ حقّه، إن شاء الله(٢) .

٤ ـ محمد بن يحيى عن عبد الله بن جعفر قال: كتبت إلى الرجل أسأله عن رجل اشترى جزوراً أو بقرة للأضاحي فلمّا ذبحها وجد في جوفها صرّة فيها دراهم أو دنانير أو جوهرة، لمن يكون ذلك ؟ فوقّععليه‌السلام :عرّفها البايع فإن لم يكن يعرفها ; فالشيء لك، رزقك الله إيّاه (٣) .

٥ ـ محمد بن الحسن، قال: كتبت إليهعليه‌السلام في رجل باع بستاناً فيه شجر

ــــــــــــ

(١) رواه الكليني في الفروع: ٥ / ٢٩٣، ح٥ عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين قال: كتبت إلى أبي محمد... بتفاوت، من لا يحضره الفقيه: ٣ / ١٥٠، ب٧١، ح١٠

(٢) من لا يحضره الفقيه: ٣ / ١٠٦، ب٥٨، ح٨٨.

(٣) الكافي(الفروع): ٥ / ١٣٩، ح٩.

٢٠٨

وكرم، فاستثنى شجرة منها: هل له ممرّ إلى البستان إلى موضع شجرته التي استثناها ؟ وكم لهذه الشجرة التي استثناها من الأرض التي حولها، بقدر أغصانها ؟ أو بقدر موضعها التي هي نابتة فيه ؟ فوقععليه‌السلام : له من ذلك على حسب ما باع وأمسك، فلا يتعدى الحق في ذلك، إن شاء الله(١) .

٦ ـ وكتب محمد بن الحسن الصفار إلى أبي محمدعليه‌السلام في رجل اشترى من رجل أرضاً بحدودها الأربعة، وفيها زرع ونخل وغيرها من الشجر، ولم يذكر النخل ولا الزرع ولا الشجر في كتابه وذكر فيه: أنّه قد اشتراها بجميع حقوقها الداخلة فيها والخارجة منها، أيدخل الزرع والنخل والأشجار في حقوق الأرض، أم لا ؟ فوقععليه‌السلام : إذا ابتاع الأرض بحدودها وما أغلق عليه بابها ; فله جميع ما فيها، إن شاء الله(٢) .

٧ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين قال: كتبت إلى أبي محمدعليه‌السلام : رجل دفع إلى رجل وديعة فوضعها في منزل جاره فضاعت، فهل يجب عليه إذا خالف أمره وأخرجها من ملكه ؟ فوقّععليه‌السلام : هو ضامن لها، إن شاء الله(٣) .

٨ ـ وروي عن محمد بن علي بن محبوب، قال: كتب رجل إلى الفقيهعليه‌السلام : في رجل دفع ثوباً إلى القصّار ليقصره، فدفعه القصار إلى قصار غيره ليقصره، فضاع الثوب، هل يجب على القصار أن يرد ما دفعه إلى غيره إن كان القصار مأموناً ؟ فوقّععليه‌السلام :هو ضامن له إلاّ أن يكون ثقة مأموناً، إن شاء الله (٤) .

ــــــــــــ

(١) التهذيب: ٧ / ٩٠، ح٢٤.

(٢) التهذيب: ٧ / ١٣٨، ح٨٤.

(٣) الكافي: ٥ / ٢٣٩، ح٩، الفقيه: ٣ / ١٩٤، ب٩٤، ح٣، بتفاوت.

(٤) من لا يحضره الفقيه: ٣ / ١٦٣، ب٧٦، ح١٤.

٢٠٩

باب الأولاد:

وكتب عبد الله بن جعفر الحميري إلى أبي محمد الحسن بن عليعليهما‌السلام أنّه روي عن الصالحينعليهم‌السلام أن:اختنوا أولادكم يوم السابع يطهروا، فإنّ الأرض تضجّ إلى الله عزَّ وجلَّ من بول الأغلف . وليس ـ جعلني الله فداك ـ لحجّامي بلدنا حذق بذلك، ولا يختنونه يوم السابع، عندنا حجّام من اليهود، فهل يجوز لليهود أن يختنوا أولاد المسلمين، أم لا ؟ فوقّععليه‌السلام :يوم السابع فلا تخالفوا السنن إن شاء الله (١) .

المختار من تراثهعليه‌السلام في الدعاء

١ ـ روى ابن فهد عن الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام أنّه قال: من أنس بالله استوحش من الناس وعلامة الأنس بالله الوحشة من الناس.(٢)

٢ ـ وروى عنه قولهعليه‌السلام :ارفع المسألة ما وجدت التحمل يمكنك فإن لكل يوم رزقاً جديداً. واعلم أن الإلحاح في المطالب يسلب البهاء، ويورث التعب والعناء، فاصبر حتى يفتح الله لك باباً يسهل الدخول فيه، فما أقرب الصنع من الملهوف والأمن من الهارب المخوف، فربما كانت الغير نوعاً من أدب الله ; والحظوظ مراتب، فلا تعجل على ثمرة لم تدرك فإنما تنالها في أوانها. واعلم أن المدبر لك اعلم بالوقت الذي يصلح حالك فيه، فثق بخيرته في جميع أمورك يصلح حالك. ولا تعجل بحوائجك قبل وقتها فيضيق قلبك وصدرك ويغشاك القنوط. واعلم أن للحياء مقداراً فإن زاد عليه فهو سرف، وان للحزم مقداراً فإن زاد عليه

ــــــــــــ

(١) الكافي: ٦ / ٣٥، ح٣، بتفاوت، من لا يحضره الفقيه: ٣ / ٣١٤، ب١٤٩، ح١٧.

(٢) عدة الداعي: ١٩٤.

٢١٠

فهو تهور. واحذر كل زكي ساكن الطرف، ولو عقل أهل الدنيا خربت (١) .

٣ ـ سأل أبو محمّد عبد الله بن محمّد العابد بالدالية أبا محمد الحسن بن عليعليهما‌السلام في منزله بسرّ من رأى سنة خمس وخمسين ومأتين أن يملي عليه من الصّلاة على النّبي وأوصيائه عليه وعليهم السّلام وأحضر معه قرطاساً كبيراً فأملى عليه من غير كتاب:

اللّهمّ صلّ على محمّد كما حمل وحيك وبلّغ رسالاتك.

وصلّ على محمّد كما أحلّ حلالك وحرّم حرامك وعلّم كتابك.

وصلّ على محمّد كما أقام الصّلاة وآتى الزّكاة ودعَا إلى دينك.

وصلّ على محمّد كما صدّق بوعدك وأشفق من وعيدك.

وصلّ على محمد كما غفرت به الذُّنوب وسترت به العيوب وفرّجت به الكروب وصلّ على محمد كما دفعت به الشقاء وكشفت به الغماء وأجبت به الدُّعاء ونجّيت به من البلاء.

وصلّ على محمّد كما رحمت به العباد وأحييت به البلاد وقصمت به الجبابرة وأهلكت به الفراعنة.

وصلّ على محمّد كما أضعفت به الأموال وأحرزت به من الأهوال وكسرت به الأصنام ورحمت به الأنام.

وصلّ على محمّد كما بعثته بخير الأديان وأعززت به الإيمان وتبّرْت به الأوثان وعظّمت به البيت الحرام.

وصلّ على محمّد وأهل بيته الطّاهرين الأخيار وسلّم تسليماً.

اللّهمّ صلّ على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب أخي نبيّك ووصيّه ووليّه وصفيّه ووزيره ومستودع علمه وموضع سرّه وباب حكمته والنّاطق بحجّته والدّاعي إلى شريعته وخليفته في أمته ومفرّج الكرب عن وجهه قاصم الكفرة ومرغم الفجرة الّذي جعلته من

ــــــــــــ

(١) عدة الداعي: ١٢٤.

٢١١

نبيّك بمنزلة هرون من موسى.

اللّهمّ وال من ولاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله والعن من نصب له من الأولين والآخرين وصلّ عليه أفضل ما صلّيت على أحد من أوصياء أنبيائك ياربّ العالمين.

اللّهمّ صلّ على الصّدّيقة فاطمة الزّكيّة حبيبة حبيبك ونبيّك وأم أحبّائك وأصفيائك الّتي انتجبتها وفضّلتها واخترتها على نساء العالمين اللّهمّ كن الطّالب لها ممّن ظلمها واستخفّ بحقّها وكن الثّائر اللّهمّ بدم أولادها اللّهمّ وكما جعلتها أم أئمّة الهدى وحليلة صاحب اللّواء والكريمة عند الملأ الأعلى فصلّ عليها وعلى أمها خديجة الكبرى صلاةً تكرم بها وجه أبيها محمّد صلّى اللّه عليه وآله وتقرُّ بها أعين ذرّيّتها وأبلغهم عنّي في هذه السّاعة أفضل التّحيّة والسّلام.

اللّهمّ صلّ على الحسن والحسين عبديك ووليّيك وابني رسولك وسبطي الرّحمة وسيّدي شباب أهل الجنّة أفضل ما صلّيت على احد من أولاد النّبيّين والمرسلين.

اللّهمّ صلّ على الحسن بن سيّد الوصيّين ووصيّـ أمير المؤمنين عليه‌السلام السّلام عليك يابن رسول اللّه السّلام عليك يابن سيّد الوصيّين أشهد انّك يابن أمير المؤمنين أمين اللّه وابن أمينه عشت مظلوماً ومضيت شهيداً وأشهد أنّك الأمام الزّكيُّ الهادي المهديُّ اللّهمّ صلّ عليه وبلّغ روحه وجسده عنّي في هذه السّاعة أفضل التّحيّة والسّلام.

اللّهمّ صلّ على الحسين بن عليّ المظلوم الشّهيد قتيل الكفرة وطريح الفجرة السّلام عليك ياأبا عبد اللّه السّلام عليك يابن رسول اللّه السلام عليك يابن أمير المؤمنين أشهد موقناً أنّك أمين اللّه وابن أمينه قتلت مظلوماً ومضيت شهيداً وأشهد أن اللّه تعالى الطّالب بثارك ومنجزٌ ما وعدك من النّصر والتّأييد في هلاك عدوّك وإظهار دعوتك وأشهد أنّك وفيت بعهد اللّه وجاهدت في سبيل اللّه وعبدت اللّه مخلصاً حتّى أتاك اليقين لعن اللّه اُمّة قتلتك ولعن اللّه اُمّة خذلتك ولعن اللّه اُمّة ألّبت عليك وأبرء إلى اللّه تعالى ممن أكذبك واستخف بحقّك واستحلّ دمك بأبي أنت وأمي ياأبا عبد الله لعن الله قاتلك ولعن الله خاذلك ولعن اللّه من سمع واعيتك فلم يجبك ولم ينصرك ولعن اللّه من سبا نساءك أنا إلى اللّه منهم بريء وممّن ولاّهم ومالاهم وأعانهم عليه، أشهد أنّك والأئمّة من ولدك كلمة التقوى وباب الهدى والعروة الوثقى والحجّة على أهل الدُّنيا وأشهد أنّي بكم مؤمن وبمنزلتكم موقن ولكم تابع بذات نفسي وشرايع ديني وخواتيم عملي ومنقلبي في دنياي وآخرتي.

٢١٢

اللّهمّ صلّ على عليّ بن الحسين سيّد العابدين الّذي استخلصته لنفسك وجعلت منه أئمّة الهدى الّذين يهدون بالحقّ وبه يعدلون اخترته لنفسك وطهّرته من الرّجس واصطفيته وجعلته هادياً مهديّاً اللّهمّ فصلّ عليه أفضل ما صلّيت على أحد من ذرّيّة أنبيائك حتّى يبلغ به ما تقرُّ به عينه في الدُّنيا والآخرة إنّك عزيز كريم.

اللّهمّ صلّ على محمّد بن عليّ باقر العلم وإمام الهدى وقائد أهل التّقوى والمنتجب من عبادك اللّهمّ وكما جعلته علماً لعبادك ومناراً لبلادك ومستودعاً لحكمتك ومترجماً لوحيك وأمرت بطاعته وحذّرت من معصيته فصلّ عليه ياربّ أفضل ما صلّيت على أحد من ذرّيّة أنبيائك وأصفيائك ورسلك وأمنائك ياربّ العالمين.

اللّهمّ صلّ على جعفر بن محمّد الصّادق خازن العلم الداعي إليك بالحقّ النُّور المبين اللّهمّ وكما جعلته معدن كلامك ووحيك وخازن علمك ولسان توحيدك ووليّ أمرك ومستحفظ دينك فصلّ عليه أفضل ما صلّيت على احد من أصفيائك وحججك انّك حميد مجيد.

اللّهمّ صلّ على الأمين المؤتمن موسى بن جعفر البرّ الوفيّ الطّاهر الزّكيّ النُّور المبين المجتهد المحتسب الصّابر على الأذى فيك اللّهمّ وكما بلّغ عن آبائه ما استودع من أمرك ونهيك وحمل على المحجّة وكابد أهل العزّة والشّدّة فيما كان يلقى من جهّال قومه ربّ فصلّ عليه أفضل وأكمل ما صلّيت على احد ممّن أطاعك ونصح لعبادك إنّك غفور رحيم.

اللّهمّ صلّ على عليّ بن موسى الّذي ارتضيته ورضيت به من شئت من خلقك اللّهمّ وكما جعلته حجّة على خلقك وقائماً بأمرك وناصراً لدينك وشاهداً على عبادك وكما نصح لهم في السّرّ والعلانية ودعا إلى سبيلك بالحكمة والموعظة الحسنة فصلّ عليه أفضل ما صلّيت على أحد من أوليائك وخيرتك من خلقك انّك جواد كريم.

اللّهمّ صلّ على محمّد بن عليّ بن موسى التقي ونور التقى ومعدن الهدى وفرع

٢١٣

الأزكياء وخليفة الأوصياء وأمينك على وحيك اللّهمّ فكما هديت به من الضّلالة واستنقذت به من الحيرة وأرشدت به من اهتدى وزكّيت به من تزكّى فصلّ عليه أفضل ما صلّيت على أحد من أوليائك وبقيّة أوليائك إنّك عزيز حكيم.

اللّهمّ صلّ على عليّ بن محمّد وصيّ الأوصياء وإمام الأتقياء وخلف أئمة الدّين والحجّة على الخلائق أجمعين اللّهمّ كما جعلته نوراً يستضيء به المؤمنون فبشّر بالجزيل من ثوابك وأنذر بالأليم من عقابك وحذّر بأسك وذكّر بأيّامك وأحلّ حلالك وحرّم حرامك وبيّن شرائعك وفرائضك وحضّ على عبادتك وأمر بطاعتك ونهى عن معصيتك فصلّ عليه أفضل ما صلّيت على أحد من أوليائك وذرّيّة أنبيائك ياإله العالمين.

اللّهمّ صلّ على الحسن بن عليّ بن محمّد البرّ التّقيّ الصّادق الوفيّ النُّور المضيء خازن علمك والمذكر بتوحيدك ووليّ أمرك وخلف أئمة الدّين الهداة الرّاشدين والحجّة على أهل الدُّنيا فصلّ عليه ياربّ أفضل ما صلّيت على احد من أصفيائك وحججك وأولاد رسلك ياإله العالمين.

اللّهمّ صلّ على وليّك وابن أوليائك الّذين فرضت طاعتهم وأوجبت حقّهم وأذهبت عنهم الرّجس وطهّرتهم تطهيراً اللّهمّ انصره وانتصر به لدينك وأنصر به أولياءك وأولياءه وشيعته وأنصاره واجعلنا منهم، اللّهمّ أعذه من شرّ كلّ باغ وطاغ ومن شرّ جميع خلقك وأحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله واحرسه وامنعه أن يوصل إليه بسوء واحفظ فيه رسولك وآل رسولك واظهر به العدل وأيده بالنّصر وانصر ناصريه واخذل خاذليه واقصم به جبابرة الكفر واقتل به الكفّار والمنافقين وجميع الملحدين حيث كانوا من مشارق الأرض ومغاربها وبرّها وبحرها واملأ به الأرض عدلاً واظهر به دين نبيّك عليه وآله السّلام واجعلني اللّهمّ من انصاره وأعوانه وأتباعه وشيعته وأرني في آل محمّد ما يأملون وفي عدوّهم ما يحذرون إله الحقّ آمين.(١)

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

ــــــــــــ

(١) مصباح المتهجد: ٢٨٠.

٢١٤

الفهرست

المقدمة ٤

الباب الأول. ١٠

فيه فصول: ١٠

الفصل الأول: الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام في سطور. ١٠

الفصل الثاني: انطباعات عن شخصية الإمام عليه‌السلام. ١٠

الفصل الثالث: مظاهر من شخصية الإمام عليه‌السلام. ١٠

الفصل الأول: الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام في سطور ١٠

الفصل الثاني: انطباعات عن شخصية الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام.... ١٣

١ ـ شهادة المعتمد العباسي: ١٤

٢ ـ شهادة طبيب البلاط العباسي: ١٤

٣ ـ أحمد بن عبيد الله بن خاقان: ١٥

٤ ـ كاتب الخليفة المعتمد: ١٦

٥ ـ راهب دير العاقول: ١٨

٦ ـ محمد بن طلحة الشافعي: ١٨

٧ ـ ابن الصباغ المالكي: ١٨

٨ ـ العلامة سبط بن الجوزي: ١٩

٩ ـ العلامة محمد أبو الهدى أفندي: ١٩

١٠ ـ العلاّمة الشبراوي الشافعي: ٢٠

الفصل الثالث: مظاهر من شخصية الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام.... ٢١

سماحته وكرمه ٢٢

زهده وعبادته ٢٤

علمه ودلائل إمامته ٢٥

الباب الثاني. ٢٩

فيه فصول: ٢٩

الفصل الأول: نشأة الإمام الحسن بن علي العسكري عليه‌السلام. ٢٩

٢١٥

الفصل الثاني: مراحل حياة الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام. ٢٩

الفصل الثالث: الإمام الحسن العسكري في ظلّ أبيه عليهما‌السلام. ٢٩

الفصل الأول: نشأة الإمام الحسن بن علي العسكري عليه‌السلام.... ٢٩

نسبه الشريف.. ٢٩

محل الولادة وتأريخها ٢٩

ألقابه عليه‌السلام وكناه ٣٠

ملامحه ٣١

النشأة وظروفها ٣١

الفصل الثاني: مراحل حياة الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام.... ٣٦

الفصل الثالث: الإمام الحسن العسكري في ظلّ أبيه عليهما‌السلام..... ٣٧

١ ـ طفولة متميّزة ٣٧

٢ ـ عصر الإمام الهادي عليه‌السلام.... ٣٨

٣ ـ مواقف الإمام الهادي عليه‌السلام تجاه الأحداث.. ٤٠

الإمام الهادي عليه‌السلام والمتوكل العباسي. ٤٢

الإمام الهادي عليه‌السلام ووزير المنتصر ٤٤

الإمام الهادي عليه‌السلام والتحدّي العلمي. ٤٤

الإمام الهادي عليه‌السلام وفتنة خلق القرآن. ٤٤

الإمام الهادي عليه‌السلام مع أصحابه وشيعته ٤٤

رعاية الإمام الهادي عليه‌السلام لشيعته وقضاء حوائجهم. ٤٤

الإمام الهادي عليه‌السلام والغلاة ٤٤

الإمام الهادي عليه‌السلام والثورات في عصره ٤٤

الإمام الهادي عليه‌السلام وأساليب مواجهة السلطة ٤٤

٤ ـ زواج الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

٥ ـ علاقة الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام بأخيه محمد. ٤٤

٦ ـ علاقته بأخيه الحسين: ٤٤

٧ ـ علاقته بأخيه جعفر: ٤٤

٢١٦

٨ ـ النصوص على إمامة الحسن العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

أ ـ نصوص الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم..... ٤٤

ب ـ نصوص الأئمة المعصومين عليهم‌السلام.... ٤٤

ج ـ نصوص الإمام الهادي على إمامة الحسن العسكري عليهما‌السلام..... ٤٤

٩ ـ اغتيال الإمام الهادي عليه‌السلام واستشهاده ٤٤

١٠ ـ من دلائل إمامته بعد استشهاد أبيه عليهما‌السلام..... ٤٤

الباب الثالث.. ٤٤

فيه فصول: ٤٤

الفصل الأول: ملامح عصر الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام. ٤٤

الفصل الثاني: عصر الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام. ٤٤

الفصل الثالث: متطلّبات عصر الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام. ٤٤

الفصل الأول: ملامح عصر الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

الحالة السياسية ٤٤

الحالة الاجتماعية ٤٤

الحالة الثقافية ٤٤

الحالة الاقتصادية ٤٤

الفصل الثاني: عصر الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

١ ـ المعتز العباسي(٢٥٢ ـ ٢٥٥ هـ ) ٤٤

٢ ـ المهتدي العباسي(٢٥٥ـ ٢٥٦ هـ ) ٤٤

سياسة المهتدي تجاه معارضيه ٤٤

أ ـ الخليفة وأمراء الجند: ٤٤

ب ـ المهتدي وأصحاب الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام: ٤٤

ج ـ سجن الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام: ٤٤

٣ ـ المعتمد ابن المتوكل العبّاسي(٢٥٦ ـ ٢٧٩ هـ ) ٤٤

وأهم هذه الأحداث في عصر المعتمد: ٤٤

أ ـ ثورة الزنج: ٤٤

٢١٧

ب ـ حركة ابن الصوفي العلوي: ٤٤

ج ـ ثورة علي بن زيد في الكوفة: ٤٤

د ـ المعتمد والإمام العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

هـ ـ المعتمد وموقفه من الشيعة ٤٤

استشهاد الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

الصلاة على الإمام العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

أولاد الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

الفصل الثالث: متطلّبات عصر الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

الباب الرابع. ٤٤

وفيه فصول: ٤٤

الفصل الأول: الإمام العسكري عليه‌السلام ومتطلّبات الساحة الإسلامية. ٤٤

الفصل الثاني: الإمام العسكري عليه‌السلام ومتطلّبات الجماعة الصالحة. ٤٤

الفصل الثالث: من تراث الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام. ٤٤

الفصل الأول: الإمام العسكري عليه‌السلام ومتطلّبات الساحة الإسلامية ٤٤

١ ـ الحكمة والدقّة في التعامل مع الحكّام ٤٤

٢ ـ الردّ على الشبهات والدفاع عن حريم الرسالة ٤٤

٣ ـ مواجهة الفرق المنحرفة ٤٤

١ ـ الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام والثنوية ٤٤

٢ ـ الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام والصوفية ٤٤

٣ ـ الدعوة إلى دين الحق. ٤٤

الفصل الثاني: الإمام العسكري عليه‌السلام ومتطلّبات الجماعة الصالحة ٤٤

البحث الأول: الإمام الحسن العسكري والتمهيد لقضية الإمام المهدي عليهما‌السلام..... ٤٤

الخطوة الأولى: ٤٤

الخطوة الثانية: ٤٤

الخطوة الثالثة: ٤٤

الخطوة الرابعة: ٤٤

٢١٨

الخطوة الخامسة: ٤٤

الخطوة السادسة: ٤٤

الخطوة السابعة: ٤٤

البحث الثاني: الإعداد لعصر الغيبة ٤٤

البحث الثالث: نظام الوكلاء في عصر الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

البحث الرابع: مدرسة الفقهاء والتمهيد لعصر الغيبة: ٤٤

البحث الخامس: قيادة العلماء الأمناء على حلاله وحرامه ٤٤

البحث السادس: الإمام العسكري عليه‌السلام والفرق الضالّة ٤٤

١ ـ الإمام العسكري عليه‌السلام والواقفة ٤٤

٢ ـ الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام والمفوّضة ٤٤

البحث السابع: من وصايا الإمام العسكري عليه‌السلام وإرشاداته لشيعته ٤٤

البحث الثامن: الإمام العسكري عليه‌السلام والتحصين الأمني. ٤٤

الفصل الثالث: من تراث الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

أوّلاً: التفسير. ٤٤

نماذج من تراثه التفسيري. ٤٤

ثانياً: رسالة المنقبة ٤٤

ثالثاً: مكاتبات الرجال عن العسكريين. ٤٤

رابعاً: مجموعة وصايا الإمام العسكري وكتبه وتوقيعاته ٤٤

خامساً: اهتمامات الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام الفكرية والعلمية ٤٤

من تراثه المعرفيّ. ٤٤

١ ـ التوحيد في نصوص الإمام العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

٢ ـ أهل البيت عليهم‌السلام والإمامة عند الإمام العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

الإمام المهدي عليه‌السلام في تراث الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

السيرة النبوية في تراث الإمام العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

المختار من تراثه الفقهي عليه‌السلام.... ٤٤

باب الطهارة: ٤٤

٢١٩

باب الصلاة: ٤٤

باب الصوم: ٤٤

باب الخمس والزكاة: ٤٤

باب الحجّ: ٤٤

باب النكاح والطلاق: ٤٤

باب القضاء والشهادات: ٤٤

باب الوصية: ٤٤

باب الوقف: ٤٤

باب الارث: ٤٤

باب المعيشة: ٤٤

باب الأولاد: ٤٤

المختار من تراثه عليه‌السلام في الدعاء ٤٤

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303