الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي

الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي6%

الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسن عليه السلام
الصفحات: 611

الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي
  • البداية
  • السابق
  • 611 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 177716 / تحميل: 7841
الحجم الحجم الحجم
الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي

الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

عن رجل من الأنصار عن أنس ابن مالك قال قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم دعوا لي أصحابي وأصهاري.(١)

اما بنو فراس بن غَنْم :

فقد قال ابن أبي الحديد في شرح الفقرة : (وبنو فراس بن غنم بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر وهم بنو فراس بن غنم بن ثعلبة بن مالك بن كنانة(٢) حي مشهور بالشجاعة منهم علقمة بن فراس وهو جذل الطعان ، ومنهم ربيعة بن مكدم بن حدثنا بن جذيمة بن علقمة بنفراس الشجاع المشهور حامي الظعن حيا وميتا ولم يحم الحريم وهو ميت أحد غيره. عرض له فرسان من بني سليم ومعه ظعائن من أهله يحميهم وحده فطاعنهم فرماه نبيشة بن حبيب بسهم أصاب قلبه فنصب رمحه في الأرض واعتمد عليه وهو ثابت في سرجه لم يزل ولم يمل وأشار إلى الظعائن بالرواح ، فسرن حتى بلغن بيوت الحي وبنو سليم قيام إزاءه لا يقدمون عليه ويظنونه حيا حتى قال قائل منهم : إني لا أراه إلا ميتا ولو كان حيا لتحرك ، إنه والله لماثل راتب على هيئة واحدة لا يرفع يده ولا يحرك رأسه ، فلم يقدمأحد منهم على الدنو منه حتى رموا فرسه بسهم فشب من تحته [أي رفع يديه] فوقع وهو ميت وفاتتهم الظعائن.(٣)

قال ابن ابي الحديد : قال القطب الراوندي : بنو فراس بن غنم هم الروم ، وليس بجيد والصحيح ما ذكرناه.(٤)

ونظير هذا الطعن نجده في خطب أخرى كما في الخطبة الآتية.

__________________

(١) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ج ٥٩ ص ١٠٤.

(٢) قال عمر كحالة فيمعجم قبائل العرب ج ٣ ص ٩١١ : فراس بن غنم : بطن من كنانة ، من العدنانية ، وهم : بنو فراس ابن غنم بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. من ديارهم : برزة ، أقاموا بمصر. وأوقعت بنو فراس ببني سليم ببزرة. وكانوا على غاية من الشجاعة والفروسية.

(٣) ابن ابي الحديد ،شرح نهج البلاغة ج ١ ص ٣٤٢.

(٤) ابن ابي الحديد ،شرح نهج البلاغة ج ١ ص ٣٤٨.

٤٢١

النموذج الثاني : خطبة يرويها الشيخي المفيد تنسب

إلى علي عليه‌السلام فيها طعن على أهل الكوفة

روى الشيخ المفيد خطبة لأمير المؤمنين عليعليه‌السلام حذف السند وهي :

أيها الناس ، إني استنفرتكم لجهاد هؤلاء القوم فلم تنفروا ، وأسمعتكم فلم تجيبوا ، ونصحت لكم فلم تقبلوا ، شهود كالغُيَّب ، أتلو عليكم الحكمة فتعرضون عنها ، وأعظكم بالموعظة البالغة فتتفرقون عنها ، كأنكم حمر مستنفرة فرت من قسورة ، وأحثكم على جهاد أهل الجور فما أتي على آخر قولي حتى أراكم متفرقين أيادي سبأ ، ترجعون إلى مجالسكم تتربعون حلقا ، تضربون الأمثال ، وتناشدون الأشعار ، وتجسسون الأخبار ، حتى إذا تفرقتم تسألون عن الأسعار ، جهلة من غير علم ، وغفلة من غير ورع ، وتتبعا في غير خوف ، نسيتم الحرب والاستعداد لها ، فأصبحت قلوبكم فارغة من ذكرها ، شغلتموها بالأعاليل والأباطيل.

العجب كل العجب وما لي لا أعجب من اجتماع قوم على باطلهم ، وتخاذلكم عن حقكم!

يا أهل الكوفة ، أنتم كأم مجالد ، حملت فأملصت ، فمات قيمها ، وطال تأيمها ، وورثها أبعدها.

والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، إن من ورائكم للأعور الأدبر جهنم الدنيا لا يبقي ولا يذر ، ومن بعده النهاس الفراس الجموع المنوع ، ثم ليتوارثنكم من بني أمية عدة ، ما الآخر بأرأف بكم من الأول ، ما خلا رجلا واحدا ، (بلاء قضاه الله) على هذه الأمة لا محالة كائن ، يقتلون خياركم ، ويستعبدون أراذلكم ، ويستخرجون كنوزكم وذخائركم من جوف حجالكم ، نقمة بما ضيعتم من أموركم وصلاح أنفسكم ودينكم.

يا أهل الكوفة ، أخبركم بما يكون قبل أن يكون ، لتكونوا منه على حذر ، ولتنذروا به من اتعظ واعتبر.

كأني بكم تقولون : إن عليا يكذب ، كما قالت قريش لنبيها ـصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وسيدها نبي الرحمة محمد بن عبد الله حبيب الله ، فيا ويلكم ، أفعلى من أكذب؟!

٤٢٢

أعلى الله ، فأنا أول من عبده ووحده ، أم على رسوله ، فأنا أول من آمن به وصدقهونصره! كلا ، ولكنها لهجة خدعة كنتم عنها أغبياء. والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، لتعلمن نبأه بعد حين ، وذلك إذا صيركم إليها جهلكم ، ولا ينفعكم عندها علمكم.

فقبحا لكم يا أشباه الرجال ولا رجال ، حلوم الأطفال وعقول ربات الحجال(١) ، أم والله أيها الشاهدة أبدانهم ، الغائبة عنهم عقولهم ، المختلفة أهواؤهم ، ما أعز الله نصر من دعاكم ، ولا استراح قلب من قاساكم ، ولا قرت عين من آواكم ، كلامكم يوهي الصم ، الصلاب ، وفعلكم يطمع فيكم عدوكم المرتاب. يا ويحكم ، أي دار بعد داركم تمنعون! ومع أي إمام بعدي تقاتلون!

المغرور ـ والله ـ من غررتموه ـ من فاز بكم بالسهم الأخيب ، أصبحت لا أطمع في نصركم ، ولا أصدق قولكم ، فرق الله بيني وبينكم ، وأعقبني بكم من هو خير لي منكم ، وأعقبكم من هو شر لكم مني. إمامكم يطيع الله وأنتم تعصونه ، وإمام أهل الشام يعصي الله وهم يطيعونه ،

والله لوددت أن معاوية صارفني بكم صرف الدينار بالدرهم ، فأخذ مني عشرة منكم وأعطاني واحدا منهم.

والله لوددت أني لم أعرفكم ولم تعرفوني ، فإنها معرفة جرت ندما.

لقد وريتم صدري غيظا ، وأفسدتم علي أمري بالخذلان والعصيان ، حتى لقد قالت قريش : إن عليا رجل شجاع لكن لا علم له بالحروب ، لله درهم ، هل كان فيهم أحد أطول لها مراسا مني! وأشهد لها مقاساة! لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين ، ثم ها أنا ذا قد ذرفت على الستين ، لكن لا أمر لمن لا يطاع.

أم والله ، لوددت أن ربي قد أخرجني من بين أظهركم إلى رضوانه ، وإن المنية لترصدني فما يمنع أشقاها أن يخضبها ـ وترك يده على رأسه ولحيته ـ عهد عهده إلي النبي الأمي وقد خاب من افترى ، ونجا من اتقى وصدق بالحسنى.

يا أهل الكوفة ، دعوتكم إلى جهاد هؤلاء ليلا ونهارا وسرا وإعلانا ، وقلت لكم اغزوهم ، فإنه ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا ، فتواكلتم وتخاذلتم ، وثقل

__________________

(١) الحجال : جمع حجلة ، وهي بيت يزين بالثياب والأسرة والستور ، يهيا للعروس.

٤٢٣

عليكم قولي ، واستصعب عليكم أمري ، واتخذتموه وراءكم ظهريا ، حتى شنت عليكم الغارات ، وظهرت فيكم الفواحش والمنكرات تمسيكم وتصبحكم ، كما فعل بأهل المثلات من قبلكم ، حيث أخبر الله تعالى عن الجبابرة والعتاة الطغاة ، والمستضعفين الغواة ، في قوله تعالى (يذبحون أبناءكم ، ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم) " أم والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، لقد حل بكم الذي توعدون ، عاتبتكم ـ يا أهل الكوفة ـ بمواعظ القرآن فلم أنتفع بكم ، وأدبتكم بالدرة فلم تستقيموا ، وعاقبتكم بالسوط الذي يقام به الحدود فلم ترعووا(١) ، ولقد علمت أن الذي يصلحكم هو السيف ، وما كنت متحريا صلاحكم بفساد نفسي ، ولكن سيسلط عليكم من بعدي سلطان صعب ، لا يوقر كبيركم ، ولا يرحم صغيركم ، ولا يكرم عالمكم ، ولا يقسم الفيء بالسوية بينكم ، وليضربنكم ويذلنكم ويجمرنكم(٢) في المغازي ويقطعن سبيلكم ، وليحجبنكم على بابه ، حتى يأكل قويكم ضعيفكم ، ثم لا يبعد الله إلا من ظلم منكم ، ولقلما أدبر شيء ثم أقبل ، وإني لأظنكم في فترة ، وما في إلا النصح لكم.

يا أهل الكوفة ، منيت منكم بثلاث واثنتين صم ذووا أسماع ، ولكم ذوو ألسن ، وعمي ذوو أبصار ، لا إخوان صدق عند اللقاء ، ولا إخوان ثقة عند البلاء.

اللهم إني قد مللتهم وملوني ، وسئمتهم وسئموني. اللهم لا ترض عنهم أميرا ولا ترضهم عن أمير ، وأمث قلوبهم كما يماث الملح في الماء.

أم والله ، لو أجد بدا من كلامكم ومراسلتكم ما فعلت ، ولقد عاتبتكم في رشدكم حتى لقد سئمت الحياة ، كل ذلك تراجعون بالهزء من القول فرارا من الحق ، وإلحادا(٣) إلى الباطل الذي لا يعز الله بأهله الدين ، وإني لأعلم أنكم لا تزيدونني غير تخسير ، كلما أمرتكم بجهاد عدوكم اثاقلتم إلى الأرض ، وسألتموني التأخير دفاع ذي الدين المطول. إن قلت لكم في القيظ : سيروا ، قلتم : الحر شديد ، وإن قلت لكم في البرد : سيروا ، قلتم : القر شديد ، كل ذلك فرارا عن الجنة. إذا كنتم عن الحر والبرد

__________________

(١) الإرعواء : وهو الندم على الشيء والانصراف عنه والترك له.

(٢) التجمير : ترك العسكر في وجه العدو.

(٣) الحادا أي ميلا.

٤٢٤

تعجزون ، فأنتم عن حرارة السيف أعجز ، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

يا أهل الكوفة ، قد أتاني الصريخ يخبرني أن أخا غامد(١) قد نزل الأنبار على أهلها ليلا في أربعة آلاف ، فأغار عليهم كما يغار على الروم والخزر ، فقتل بها عاملي ابن حسان وقتل معه رجالا صالحين ذوي فضل وعبادة ونجدة ، بوأ الله لهم جنات النعيم ، وإنه أباحها ، ولقد بلغني أن العصبة من أهل الشام كانوا يدخلون على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة ، فيه تكون سترها ، ويأخذون القناع من رأسها ، والخرص(٢) من أذنها ، والأوضاح(٣) من يديها ورجليها وعضديها ، والخلخال والمئزر من سوقها ، فما تمتنع إلا بالاسترجاع والنداء : يا للمسلمين ، فلا يغيثها مغيث ، ولا ينصرها ناصر. فلو أن مؤمنا مات من دون هذا أسفا ما كان عندي ملوما ، بل كان عندي بارا محسنا.

واعجبا كل العجب ، من تضافر هؤلاء القوم على باطلهم وفشلكم عن حقكم! قد صرتم غرضا يرمى ولا ترمون ، وتغزون ولا تغزون ، ويعصى الله وترضون ، تربت أيديكم يا أشباه الإبل غاب عنها رعاتها ، كلما اجتمعت من جانب تفرقت من جانب "(٤) .

أقول : والتأمل في فقرات هذه الخطبة يكشف عن تجميعها من روايات مختلفة ، وقد ورد كثير من فقراتها مسندا في مصادر أخرى وفي اسانيدها رجال غير مؤتمنين على أهل الكوفة كما بينا.

أورد قسما منها الشريف الرضي في المختار من خطب الإمام علي ولم يكن همهرحمه‌الله حين اختار من الخطب والرسائل التحقيق ، ومن المؤسف انه لم يورد مصادر ولا أسانيد مختاراته ، ولكن الباحث لا يعسر عليه ان يجد اسانيدها في هذا المصدر أو ذاك(٥) ، ومن خلال مقارنتها بعضها مع بعض يستطيع الباحث ان يحكم على الاصيل

__________________

(١) أخا غامد ، هو سفيان بن عرف بن المغفل الغامدي ، أمره معاوية على جيش لغارة على أهل الأنبار والمدائن في أيام عليعليه‌السلام ، وقتل حسان بن حسان عامل عليعليه‌السلام على الأنبار.

(٢) الخرص : الحلقة من الذهب والفضة.

(٣) الاوضاح : حلي من الفضة.

(٤) الشيخ المفيد ،الإرشاد ج ١ ص ٢٧٨ ـ ٢٨٤.

(٥) وقد انبرى في عصرنا اكثر من باحث لتتبع اسانيد هذه الخطب منهم الباحث عبد الله نعمة ،مصادر

٤٢٥

من الدخيل من كلامهعليه‌السلام وبخاصة عندما يستريبه فقرة أو اكثر من الخطبة لمخالفتها المعروف والثابت من سيرتهعليه‌السلام .

وفيما يلي بعض روايات مسندة أخرى تضمنت الفقرات الآنفة الذكر :

منها ما رواه البلاذري عن حدثني يحيى بن معين ، حدثنا سليمان أبو داود الطيالسي أنبأنا شعبة ابن الحجاج ، أنبأنا محمد بن عبيد الله الثقفي ، قال : سمعت أبا صالح يقول : شهدت عليا ووضع المصحف على رأسه حتى سمعت تقعقع الورق! فقال : اللهم إني سألتهم ما فيه فمنعوني ذلك! اللهم إني قد مللتهم وملوني ، وأبغضتهم وأبغضوني وحملوني على غير خلقي وعلى أخلاق لم تكن تعرف لي! فأبدلني بهم خيرا لي منهم ، وأبدلهم بي شرا مني ، ومث قلوبهم ميث الملح في الماء.

وفي سند الرواية أبو داود الطيالسي البصري وشيخه شعبة وكلاهما بصريان متهمان في أهل الكوفة.

مضافا إلى انها تخالف المعروف عن أهل الكوفة ، فانهم لم يبغضوا عليا ، كيف وقد شهد معاوية بحبهم له ووفائهم له بقوله : هيهات يا أهل العراق والله لوفاؤكم له اعجب إلي من حبكم له في حياته ، فضلا عن دفعهم الثمن غاليا واثروا قطع الايدي والقتل والسجن على البراءة منه.

ومنها أيضا رواية أبي الفرج في كتابه الاغاني قال فحدثني العباس بن علي بن العباس النسائي ، قال : حدثنا محمد بن حسان الأزرق ، قال : حدثنا شبابة بن سوار(١) ، قال : حدثنا قيس بن الربيع ، عن عمرو بن قيس ، عن أبي صادق قال :

__________________

نهج البلاغة وأسانيده ، طبعة دار الهدى بيروت سنة ١٣٩٢ هـ ١٩٧٢ م والمرحوم السيد عبد الزهراء الخطيب في أربعة أجزاء طبعة الأعلمي بيروت ، سنة ١٣٩٥ هـ ..

(١) شبابة بن سوار المدائني : قال الفضل با شاذان ت ٢٦٠ هـ في كتابهالايضاح ص ٤٥٠ : هو من أعدى الناس لعليعليه‌السلام . وفيتاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج ٩ ص ٢٩٤ ـ ٢٩٩ قال : اصله من خراسان نزل في المدائن وحدث بها وببغداد ، قال ابن حجر فيتهذيب التهذيب ج ٤ ص ٢٦٤ ـ ٢٦٦ : قيل اسمه مروان حكاه ابن عدي اخرج له الستة. روى عن حريز بن عثمان الرحبي وشعبة وشيبان ويونس بن أبي إسحاق وابن أبي ذئب والليث وغيرهم وقال البخاري يقال مات سنة (٢٠٤) أو (٢٠٥) وقال أبو موسى وغيره مات سنة (٢٠٦) وقال العجلي فيمعرفة الثقاة ج ١ ص ٤١ : مولده في حدود عام ١٣٠ هـ ومات بمكة في ٢٠٦ هـ قال ابن حجر : وقال أبو بكر بن أحمد بن أبي

٤٢٦

أغارت خيل لمعاوية على الأنبار ، فقتلوا عاملا لعليعليه‌السلام يقال له حسن بن حسان ، وقتلوا رجالا كثيرا ونساءا ، فبلغ ذلك علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، فخرج حتى أتى المنبر ، فرقيه فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم قال :

إن الجهاد باب من أبواب الجنة ، فمن تركه ألبسه الله ثوب الذلة ، وشمله البلاء وديث بالصغار ، وسيم الخسف! وقد قلت لكم اغزوهم قبل أن يغزو بكم ، فإنه لم يغز قوم قط في عقر دارهم إلا ذلوا! فتواكلتم وتخاذلتم وتركتم قولي وراءكم ظهريا حتى شنت عليكم الغارات ، هذا أخو غامد قد جاء الأنبار فقتل عاملي عليها حسان بن حسان ، وقتل رجالا كثيرا ونساء ، والله لقد بلغني أنه كان يأتي المرأة المسلمة ، والأخرى المعاهدة فينزع حجلها ورعائها ثم ينصرفون موفورين لم يكلم أحد منهم كلما فلو أن امرأ مسلما مات من دون هذا أسفا لم يكن عليه ملوما ، بل كان به جديرا! يا عجبا ـ عجبا يميت القلب ويشعل الأحزان؟! ـ من اجتماع هؤلاء القوم على ضلالتهم وباطلهم وفشلكم عن حقكم! حتى صرتم غرضا ، ترمون ولا ترمون وتغزون ولا تغزون ، ويعصى الله وترضون! إذا قلت لكم اغزوهم في الحر قلتم : هذه حمارة القيظ فأمهلنا وإذا قلت لكم اغزوهم في البرد قلتم : هذا أوان قر وصر فأمهلنا فإذا كنتم من الحر والبرد تفرون فأنتم والله من السيف أشد فرارا! يا أشباه الرجال ـ ولا رجال ـ ويا طغام الأحلام وعقول ربات الحجال.

وددت والله أني لم أعرفكم ، بل وددت أني لم أركم! معرفة والله جرعت بلاء وندما؟! وملأتم جوفي غيظا بالعصيان والخذلان ، حتى لقد قالت قريش : إن ابن أبي طالب رجل شجاع ولكن لا علم له بالحرب! ويحهم! هل فيهم [أحد]) أشد مراسا لها

__________________

الثلج حدثني أبو علي بن سختي المدائني رجل معروف من أهل المدائن قال رأيت في المنام رجلا نظيف الثوب حسن الهيئة فقال لي من أين أنت قلت من أهل المدائن قال من أهل الجانب الذي فيه شبابة قلت نعم قال فاني ادعو الله فأمن على دعائهم اللهم إن كان شبابة يبغض أهل نبيك فاضربه الساعة بفالج قال فانتبهت وجئت إلى المدائن وقت الظهر وإذا الناس في هرج فقلت ما للناس فقالوا فلج شبابة في السحر ومات الساعة.

٤٢٧

مني ، والله لقد دخلت فيها وأنا ابن عشرين ، وأنا الآن قد نيفت على الستين ، ولكن لا رأي لمن لا يطاع.

فقام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين أنا كما قال الله تعالى (لا أملك إلا لنفسي وأخي) [٢٥ / المائدة] فمرنا بأمرك فوالله لنعطينك ولو حال بيننا وبينك جمر الغضى وشوك القتاد ، قال : وأين تبلغان مما أريد؟ ـ [قال لهما] : هذا أو نحوه ـ ثم نزل [عليه‌السلام ].

قال العلامة المحقق المحمودي بعد ان أورد الخطبة بالسند السابق يذكر المصادر :

ذكرها ابو الفرج تحت عنوان : (أخبار أم حكيم ومقتل ابني عبيد الله بن العباس) من كتاب الأغاني : ج ١٥ ، ص ٢٦٦ ط تراثنا.

وذكرها أيضا السيد الرضيرحمه‌الله في المختار : (٢٧) من خطب النهج ،

وذكرها قبله المبرد ، في كتاب الكامل : ج ١ ، ص ١٩.

وذكرها جماعة آخرون كقالضي النعمان في دعائم الإسلام : ج ١ ، ص ٣٩٠ وغيره.

وذكره البلاذري أيضا في الحديث : (٤٩٠) من ترجمة أمير المؤمنين من أنساب الأشراف : ج ١ ص ٤١٨. وفي الطبعة الأولى : ج ٢ ص ٤٤٢.

ورواه ابن عبد ربه أيضا في العقد الفريد : ج ٢ ص ٣٥٣ وفي ط : ج ٤ ص ١٣٦.

وذكره الدينوري أيضا قبيل مقتلهعليه‌السلام من كتاب الأخبار الطوال ص ٢١١.(١)

ولها مصادر أخر ...

والقاري الكريم يلاحظ في السند شبابة وقد أوردنا ترجمته في هذا الكتاب انظر هامش الصفحة رقم ٤٢٩ ، وهو معروف بعدائه لأهل البيت فضلا عن شيعتهم.

أقول :

نحن لا ننفي ان تكون هناك كلمات عتب وتوبيخ لقسم من الكوفيين وبخاصة

__________________

(١) الشيخ المحمودي ،نهج السعادة ج ٢ ص ٥٦٠ ـ ٥٦٦.

٤٢٨

في الفترة ما قبل معركة النهروان حيث استطاع الخوارج ان يوجدوا نوعا من الشلل العام في المجتمع ولم تكن سياسة عليعليه‌السلام استعمال القوة في قمع المناقشات التي كان يصيرها الخوارج ضده املا منه ان يثوب إلى رشده من يثوب منهم ، وهذه الأحاديث والتوبيخات تخلوا من الطعن الذي اشتملت عليه الخطب السابقة ونموذجه ما أورده صاحب كتاب الغارات بسنده : ورواه المحمودي في كتابه نهج السعادة(١) : عن إبراهيم بن محمد الثقفيرحمه‌الله عن إسماعيل بن أبان الأزدي ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن رفيع بن فرقد البجلي قال : سمعت علياعليه‌السلام يقول :

ألا ترون يا معاشر أهل الكوفة؟ والله لقد ضربتكم بالدرة التي أعظ بها السفهاء فما أراكم تنتهون ، ولقد ضربتكم بالسياط التي أقيم بها الحدود فما أراكم ترعوون فما بقي إلا [أن أضربكم] بسيفي وإني لأعلم الذي يقومكم بإذن الله ، ولكني لا أحب أن آتي ذلك منكم.

والعجب منكم ومن أهل الشام؟ إن أميرهم يعصي الله وهم يطيعونه ، وإن أميركم يطيع الله وأنتم تعصونه!

إن قلت لكم : انفروا إلى عدوكم [في أيام الصيف قلتم : هذه حمارة القيظ أمهلنا يسلخ عنا الحر ، وإذا قلت لكم : انفروا إليهم في الشتاء] قلتم : القر يمنعنا. أفترون [أن] عدوكم لا يجدون [الحر] والقر كما تجدونه؟! ولكنكم أشبهتم قوما قال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : انفروا في سبيل الله. فقال [لهم] كبراؤهم : لا تنفروا في الحر. فقال الله لنبيه : (قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون) [٨١ / التوبة].

والله لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني ، ولو صببت الدنيا بحذافيرها على الكافر ما أحبني! وذلك إنه قضى ما قضى على لسان النبي الأمي : أنه لا يبغضك مؤمن ولا يحبك كافر(٢) وقد خاب من حمل ظلما وافترى.

يا معاشر أهل الكوفة والله لتصبرن على قتال عدوكم أو ليسلطن الله عليكم قوما أنتم أولى بالحق منهم فليعذبنكم ، أفمن قتلة بالسيف تحيدون إلى موتة على الفراش؟

__________________

(١) ج ٢ ص ٥٨٧ ـ ٥٩١.

(٢) الرواية المشهورة في كتب الحديث تذكر لفظة (منافق) وهي الصحيحة.

٤٢٩

فأشهد أني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله [يقول : والله] لموتة على الفراش أشد من ضربة ألف سيف! ، أخبرني به جبرئيل. فهذا جبرئيل يخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بما تسمعون(١) .

أقول :

والقارئ الكريم يجد الخطبة خالية من كلمات الطعن الآنفة الذكر ، ونسق التوبيخ ينسجم مع حالة الشلل اوجدها الخوارج في المجتمع وقد تربوا على منهج الخلفاء ولم ينفتحوا على منهج عليعليه‌السلام على الرغم من معرفتهم ان منهجه هو منهج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وان منهج الخلفاء هو منهج انفسهم مخالفين فيه سنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والدولة التي منحتهم حرية التعبير عن آرائهم.(٢)

النموذج الثالث : ما رواه ابن عساكر في

تاريخ مدينة دمشق ج ١٢ ص ١٦٩

قال وأنبأنا محمد بن عبد الله الحافظ أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الصنعاني بمكة أنبأنا إسحاق بن إبراهيم نبأنا عبد الرزاق أخبرنا جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار عن الحسن قال : قال علي لأهل الكوفة اللهم كما ائتمنتهم فخانوني ونصحت لهم فغشوني فسلط عليهم فتى ثقيف الذيال الميال يأكل خضرتها ويلبس فروتها ويحكم فيها بحكم الجاهلية ، قال يقول الحسن وما خلق الله الحجاج يومئذ انتهى

أقول :

والرواية التي يرويها القاضي النعمان الذي اشار اليه المحموديرحمه‌الله تشير إلى ان هذه الكلمات في أهل البصرة وليس أهل الكوفة كما في الخبر الآتي :

روى القاضي النعمان عن رجل من أهل البصرة قال : قال عليعليه‌السلام ـ على المنبر ـ : يا أهل البصرة ، إن كنت قد أديت لكم الأمانة ونصحت لكم بالغيب ،

__________________

(١) المحمودي ، نهج السعادة ، ج ٢ ص ٥٦٠ ـ ٥٦٦.

(٢) من المفيد للقارئ الكريم قراءة جواب العلامة السيد جعفر مرتضى العاملي في كتابه مختصر مفيد ج ٨ ص ١٠٦ ـ ١٢٨ في سائل سأله عن كلمات امير المؤمنينعليه‌السلام الموبخة لأصحابه.

٤٣٠

واتهمتموني ، وكذبتموني ، فسلط الله عليكم فتى ثقيف.

فقام رجل ، فقال له : يا أمير المؤمنين ، وما فتى ثقيف؟ قال : رجل لا يدع الله حرمة إلا انتهكها ، به داء يعتري الملوك ، لو لم تكن إلا النار لدخلها.(١)

وفي رواية أخرى عن الدغشي ، باسناده عن الأصبغ بن نباتة ، قال : لما انهزم أهل البصرة قام فتى إلى علي صلوات الله عليه ، فقال : ما بال ما في الأخبية لا تقسم؟ فقال عليعليه‌السلام : لا حاجة لي في فتوى المتعلمين. قال : ثم قام إليه فتى آخر. فقال مثل ذلك. فرد عليه مثل ما ردَّ أولا». فقال له الفتى : أما والله ما عدلت. فقال له عليعليه‌السلام : إن كنت كاذبا» فبلغ الله بك سلطان فتى ثقيف.

ثم قال عليعليه‌السلام : اللهم إني قد مللتهم وملوني ، فأبدلني بهم ما هو خير منهم ، وأبدلهم بي ما هو شر لهم. قال الأصبغ بن نباتة : فبلغ ذلك الفتى سلطان الحجاج ، فقتله.(٢)

أقول :

وليس من شك ان الفقرة ما قبل الأخيرة ان صدق الراوي في ايرادها ، فهي دعوة على كثير من أهل البصرة حين نكثوا بيعته واستجابوا لقريش الناكثة وقاتلوا عليا. ولا تصدق على أهل الكوفة لانه نصروه وقاتلوا معه أهل البصرة ولولا نصرتهم له لكانت الأمور تتجه اتجاها آخر.

وقد ذكرهم علي أيضا بقوله :

(كنتم جند المرأة ، وأتباع البهيمة ، رغا فأجبتم ، وعقر فهربتم ، أخلاقكم دقاق ، وعهدكم شقاق ، ودينكم نفاق ، وماؤكم زعاق ، والمقيم بين أظهركم مرتهن بذنبه ، والشاخص عنكم متدارك برحمة من ربه ، كأني بمسجدكم كجؤجؤ سفينة ، قد بعث الله عليها العذاب من فوقها ومن تحتها ، وغرق من في ضمنها. وفي رواية : وأيم الله ، لتغرقن بلدتكم ، حتى كأني أنظر إلى مسجدها كجؤجؤ سفينة ، أو نعامة جاثمة.(٣)

__________________

(١) القاضي النعمان المغربي ،شرح الأخبار ، ج ٢ ص ٢٩٠ ـ ٢٩١.

(٢) القاضي النعمان المغربي ،شرح الأخبار ، ج ٢ ص ٢٩٠.

(٣) ابن أبي الحديد ،شرح نهج البلاغة ، ج ١ ص ٢٥١.

٤٣١

النموذج الرابع : رواية أبي مخنف وغيره في تفرق الكوفيين

بعد النهروان بخلاف رواية أبي عوانة التي تؤكد

اجتماع كلمة الكوفيين على علي عليه‌السلام

قال البلاذري : وحدثني عباس بن هشام ، عن أبيه ، عن لوط بن يحيى أبي مخنف : أن عمارة بن عقبة بن أبي معيط كتب إلى معاوية من كوفة يعلمه أنه خرج على علي قراء أصحابه ونساكهم فسار إليهم فقتلهم فقد فسد عليه جنده وأهل مصره ، ووقعت بينهم العداوة ، وترقوا أشد الفرقة.

أقول :

وقد روى الثقفي في الغارات قال : قال : أبو مخنف عمن ذكره عن زيد بن وهب ان عليا قال للناس وهو أول كلام قال لهم بعد النهر :

أيها الناس استعدوا للمسير إلى عدو في جهاده القربة إلى الله ودرك الوسيلة عنده ، حيارى في الحق ، جفاة عن الكتاب نكب عن الدين ، يعمهون في الطغيان ويعكسون في غمرة الضلال ، فأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ، وتوكلوا على الله وكفى بالله وكيلا وكفى بالله نصيرا.

قال : فلا هم نفروا ولا تيسروا فتركهم أياما حتى إذا أيس من أن يفعلوا دعا رؤساءهم ووجوههم ، فسألهم عن رأيهم وما الذي ينظرهم فمنهم المعتل ومنهم المكره وأقلهم من نشط.

فقام فيهم خطيبا فقال : عبد الله مالكم إذا أمرتكم أن تنفروا اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة وبالذل والهوان من العز؟! أو كلما ندبتكم إلى الجهاد دارت أعينكم كأنكم من الموت في سكرة ، وكأن قلوبكم مألوسة فأنتم لا تعقلون ، وكأن أبصاركم كمه فأنتم لا تبصرون لله أنتم ما أنتم ..! الا أسود الشرى في الدعة وثعالب رواغة حين تدعون إلى البأس ، ما أنتم لي بثقة لي بثقة سجيس الليالي ، ما أنتم يركب يُصال بكم ولا ذوي عز يعتصم إليه ، لعمرو الله لبئس حشاش الحرب أنتم ، انكم تكادون ولا تكيدون ويتنقص أطرافكم ولا تتحاشون ، ولا ينام عنكم وأنتم

٤٣٢

في غفلة ساهون ، ان أخا ـ الحرب اليقظان ذو عقل ، وبات لذل من وادع ، وغلب المتجادلون والمغلوب مقهور ومسلوب.

ثم قال : أما بعد فان لي عليكم حقا ، وان لكم علي حقا ، فأما حقكم علي فالنصيحة لكم ما صحبتكم ، وتوفير فيئكم عليكم ، وتعليمكم كيما لا تجهلوا ، وتأديبكم كي تعلموا ، وأما حقي عليكم فالوفاء بالبيعة والنصح لي في المغيب والمشهد ، والاجابة حين أدعوكم ، والطاعة حين آمركم ، فان يرد الله بكم خيرا تنتزعوا عما أكره ، وتراجعوا إلى ما احب تنالوا ما تطلبون وتدركوا ما تأملون.(١)

قال البلاذري : وحدثني هشام بن عمار الدمشقي أبو الوليد [قال] : حدثني صدقة بن خالد ، عن زيد بن واقد ، عن أبيه ، عن أشياخهم أن معاوية لما بويع وبلغه قتال علي أهل النهروان ، كاتب وجوه من معه مثلالأشعث ابن قيس وغيره ووعدهم ومناهم وبذل لهم حتى مالوا إليه وتثاقلوا عن المسيرمع عليعليه‌السلام ، فكان يقول فلا يلتفت إلى قوله ، ويدعو فلا يسمع لدعوته!

فكان معاوية يقول : لقد حاربت عليا بعد صفين بغير جيش ولا عناء ـ أو قال : ولا عتاد.

أقول :

في سند الرواية الأولى أبو مخنف وهو متهم في أهل الكوفة من خلال كتابه مقتل الحسين ،

وفي سند الرواية الثانية هشام بن عمار الدمشقي وأهل دمشق متهمون في أهل الكوفة وقال ابن حجر حدث باربعمائة حديث ليس لها اصل.(٢)

مضافا إلى ذلك فهي معارضة بروايات أخرى رواها البلاذري في ترجمة عليعليه‌السلام في رسالته إلى قيس بن سعد واليه على آذربايجان : ان الناس قد اجتمعت كلمتهم وليس لنا شغل الا انتظارك.

قال البلاذري وحدثني أبو مسعود الكوفي ، عن عوانة : أن عليا [عليه‌السلام ]

__________________

(١) إبراهيم بن محمد الثقفي ، الغارات ، ج ٢ ص ٦٩١.

(٢) ابن حجر ، مقدمة فتح الباري ص ٤٤٨.

٤٣٣

كتب إلى قيس ابن سعد [بن عبادة] وهو عامله على آذربيجان : «أما بعد فاستعمل على عملك عبيد الله ابن شبيل الأحمسي وأقبل فإنه قد اجتمع ملأ المسلمين وحسنت طاعتهم ، وانقادت لي جماعتهم ولا يكن لك عرجة ولا لبث ، فإنا جادون معدون ، ونحن شاخصون إلى المحلين ، ولم أؤخر المسير إلا انتظارا لقدومك علينا إن شاء الله والسلام.

وروى أيضا عن أبي مسعود قال : قال عوانة : قال عمرو بن العاص ـ حين بلغه ما عليه على من الشخوص إلى الشام وأن أهل الكوفة قد انقادوا له :

لا تحسبني يا علي غافلا

لأوردن الكوفة القبائلا

ستين ألفا فارسا وراجلا

فقال : علي :

لأبلغن العاصي بن العاصي

ستين ألفا عاقدي النواصي

مستحقبين حلق الدلاص(١)

ويؤكد ذلك ما رواه سليم في كتابه من ان الناس قد ازدادت بصيرتهم بعلي واستبصر عامة من كان يشك في ضلالة من خالفه.(٢)

النموذج الخامس : رواياتموضوعة على لسان الحسن عليه‌السلام

ضد الكوفيين نذكر منها

ما رواه الطبري قال : حدثني عبد الله بن أحمد المروذي قال أخبرني أبي قال حدثنا سليمان قال حدثني عبد الله عن يونس (الايلي) عن الزهري قال بايع أهل العراق الحسن بن علي بالخلافة فطفق يشترط عليهم الحسن إنكم سامعون مطيعون تسالمون من سالمت وتحاربون من حاربت فارتاب أهل العراق في أمرهم حين اشترط عليهم هذا الشرط وقالوا ما هذا لكم بصاحب وما يريد هذا القتال فلم يلبث الحسنعليه‌السلام بعدما بايعوه إلا قليلا حتى طعن طعنة أشوته فازداد لهم بغضا وازداد منهم ذعرا فكاتب

__________________

(١) البلاذري ،انساب الاشراف ، ص ٤٨٠ ـ ٤٨١.

(٢) سليم بن قيس الهلالي ،كتاب سليم بن قيس ج ٢ ص ٦٧٠ ـ ٦٧١.

٤٣٤

معاوية وأرسل إليه بشروط قال إن أعطيتني هذا فأنا سامع مطيع وعليك أن تفي لي به ووقعت صحيفة الحسن في يد معاوية وقد أرسل معاوية قبل هذا إلى الحسن بصحيفة بيضاء مختوم على أسفلها وكتب إليه أن اشترط في هذه الصحيفة التي ختمت أسفلها ما شئت فهو لك فلما أتت الحسن اشترط أضعاف الشروط التي سأل معاوية قبل ذلك وأمسكها عنده وأمسك معاوية صحيفة الحسنعليه‌السلام التي كتب إليه يسأله ما فيها فلما التقى معاوية والحسنعليه‌السلام سأله الحسن أن يعطيه الشروط التي شرط في السجل الذي ختم معاوية في أسفله فأبى معاوية أن يعطيه ذلك فقال لك ما كنت كتبت إلى أولا تسألني أن أعطيكه فاني قد أعطيتك حين جاءني كتابك قال الحسنعليه‌السلام وأنا قد اشترطت حين جاءني كتابك وأعطيتني العهد على الوفاء بما فيه فاختلفا في ذلك فلم ينفذ للحسنعليه‌السلام من الشروط شيئا.(١)

وروى بالسند نفسه قال : جعل عليعليه‌السلام قيس ابن سعد على مقدمته من أهل العراق إلى قبل آذربيجان وعلى أرضها وشرطة الخميس التي ابتدعتها العرب وكانوا أربعين ألفا بايعوا علياعليه‌السلام على الموت ولم يزل قيس يدارئ ذلك البعث حتى قتل عليعليه‌السلام واستخلف أهل العراق الحسن بن عليعليه‌السلام على الخلافة وكان الحسن لا يرى القتال ولكنه يريد أن يأخذ لنفسه ما استطاع من معاوية ثم يدخل في الجماعة وعرف الحسن أن قيس بن سعد لا يوافقه على رأيه فنزعه وأمر عبد الله بن عباس فلما علم عبد الله بن عباس بالذي يريد الحسنعليه‌السلام أن يأخذه لنفسه كتب إلى معاوية يسأله الأمان ويشترط لنفسه على الأموال التي أصابها فشرط ذلك له معاوية.(٢)

أقول :

وفي سند الرواية الزهري وهو فقيه ورواية البلاط الأموي الرسمي ، ثم تلميذه الاثير يونس الايلي(٣) مولى معاوية بن أبي سفيان رافقه اثنتا عشرة سنة في أخريات عمره

__________________

(١) الطبري ،تاريخ الطبري ج ٤ ص ١٢٣ ـ ١٢٤.

(٢) المصدر السابق.

(٣) هو يونس بن يزيد بن أبي النجاد الايلي أبو يزيد القرشي. ذكره خليفة في الطبقة الثالثة من أهل

٤٣٥

ولذلك اعتبروه الأثبت فيه من أصحابه.

وما رواه الطبري أيضا قائلا : وحدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال حدثنا عثمان بن عبد الحميد أو ابن عبد الرحمن الخزاعي أبو عبد الرحمن قال حدثنا إسماعيل بن راشد قال بايع الناس الحسن بن عليعليه‌السلام بالخلافة ثم خرج بالناس حتى نزل المدائن وبعث قيس بن سعد على مقدمته في اثنى عشر ألفا وأقبل معاوية في أهل الشام حتى نزل مسكن فبينا الحسن في المدائن إذ نادى مناد في العسكر ألا إن قيس بن سعد قد قتل فانفروا فنفروا ونهبوا سرادق الحسنعليه‌السلام حتى نازعوه بساطا كان تحته وخرج الحسن حتى نزل المقصورة البيضاء بالمدائن وكان عم المختار بن أبي عبيد عاملا على المدائن وكان اسمه سع دبن مسعود فقال له المختار وهو غلام شاب هل لك في الغنى والشرف قال وما ذاك قال توثق الحسن وتستأمن به إلى معاوية فقال له سعد عليك لعنة الله أثب على ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأوثقه بئس الرجل أنت فلما رأى الحسنعليه‌السلام تفرق الأمر عنه بعث إلى معاوية يطلب الصلح وبعث معاوية إليه عبد الله بن عامر وعبد الرحمن ابن سمرة بن حبيب بن عبد شمس فقدما على الحسن بالمدائن فأعطياه ما أراد وصالحاه على أن يأخذ من بيت مال الكوفة خمسة آلاف ألف في أشياء اشترطها ثم قام الحسن في أهل العراق فقال يا أهل العراق إنه سخى بنفسي عنكم ثلاث قتلكم أبى وطعنكم إياي وانتهابكم متاعي ودخل الناس في طاعة معاوية ودخل معاوية الكوفة فبايعه الناس.

وفي سند الرواية موسى المسروقي كوفي عامي سنة ٢٥٨ هـ.

ثم : عثمان بن عبد الحميد أو ابن عبد الرحمن الخزاعي أبو عبد الرحمن.

أقول :

هو عثمان بن عبد الرحمن بن مسلم الحراني الطرائفي ت سنة ٢٠٣ هـ والخزاعي

__________________

مصر صحب الزهري اثني عشر سنة. وكان الزهري إذا قدم ايلة نزل عند يونس وإذا سار إلى المدينة زامله يونس. قال محمد بن سعد حديثه حلو ربما جاء بالشيء المنكر ، توفي في صعيد مصر سنة ١٥٩ ه أو ١٦٠ هـ. كان تعداده في بني أمية. (ايلة مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلي الشام وقيل هي آخر الحجاز واول الشام. الحموي ،معجم البلدان ج ١ ص ٢٣٢.

٤٣٦

تصحيف الحراني(١) .

قال ابن حجر : عثمان بن عبد الرحمن بن مسلم الحراني أبو عبد الرحمن ويقال أبو عبد الله ويقال أبو محمد ويقال أبو هاشم المكتب المعروف بالطرائفي اخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة ، مولى منصور بن محمد بن مروان وقيل مولى بني تيم ..

قال البخارييروي عن قوم ضعاف ،

وقال ابن أبي حاتم عن أبيه إسحاق بن منصور عن ابن معين عثمان بن عبد الرحمن التيمي ثقة. قال وسألت أبي عنه فقال صدوق وأنكر على البخاري إدخاله في الضعفاء يشبه بقية في روايته عن الضعفاء.

وقال أبو أحمد الحاكم إنما لقب بالطرائفي لأنه كان يتبع طرائف الحديث يرويعن ثم ضعاف حديثه ليس بالقائم.

وقال ابن عدي سمعت أبا عروبة ينسبه إلى الصدق وقال لا بأس به متعبد ويحدث عن قوم مجهولين بالمناكير وعنده عجائب وهو في الجزريين كبقية في الشاميين.

قال أبو أحمد وصوبه عثمان انه لابأس به وتلك العجائب من جهة المجهولين وما يقع في حديثه من الانكار فإنما يقع من جهة من يروي عنه.

قال ابن حجر : وقال ابن أبي عاصم صدوق اللسان

وقال الساجي عنده مناكير.

وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه لا أجيزه

وقال الأزدي متروك ،

وقال ابن نمير كذاب ،

وقال ابن حبان يروي عن قوم ضعاف أشياء يدلسها لا يجوز الاحتجاج به.

ووثقه ابن شاهين

مات سنة (٢٠٣) وقيل سنة (٢٠٢).(٢)

__________________

(١) انظر ابن الدمشقي ،جواهر المطالب ت ٨٧١ تحقيق المحمودي ص ٨٩ ، حيث رواها عن الطبري بلفظ الحراني وليس الخزاعي.

(٢) ابن حجر ،تهذيب التهذيب ج ٧ ص ١٢٣ ـ ١٢٤.

٤٣٧

الباب الثالث / الفصل السابع

الروايات الطاعنة في الحسن عليه‌السلام

روايات الواقدي (٢٠٧ هـ)

روى ابن سعد عن محمد بن عمر الواقدي(١) عن حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه قال قال علي : يا أهل الكوفة لا تزوجوا الحسن بن علي فانه رجل مطلاق ، فقال رجل من همدان : والله لنزوجنَّه فما رضي امسك وما كره طلَّق.(٢)

وروى ابن سعد أيضا عن محمد بن عمر عن علي بن عمر عن أبيه(٣) عن علي بن حسين قال كان الحسن بن علي مطلاقا للنساء وكان لا يفارق امرأة الا وهي تحبه.(٤)

وروى أيضا قال اخبرنا محمد بن عمر قال حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن

__________________

(١) المزي ،تهذيب الكمال : قال محمد بن سعد أخبرني أنه اي الواقدي ولد في أول سنة ثلاثين ومئة وقال في موضع أخر محمد بن عمر بن واقد الأسلمي مولى عبد الله بن بريدة الأسلمي كنا من أهل المدينة فقدم بغداد في سنة ثمانين ومئة في دين لحقه فلم يزل بها وخرج إلى الشام والرقو ثم رجع إلى بغداد فلم يزل بها إلى أن قدم المأمون من خراسان فولاه القضاء بعسكر المهدي فلم يزل قاضيا حتى مات ببغداد ليلة الثلاثاء لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة سبع ومئتين ودفن يوم الثلاثاء في مقابر الخيزران وهو ابن ثمان وسبعين سنة وذكر أنه ولد سنة ثلاثين ومئة.

(٢)ترجمة الحسن من طبقات ابن سعد القسم غير المطبوع ص ٦٩.

(٣) مجهولان هو وولده.

(٤) المصدر السابق ص ٦٧.

٤٣٨

محمد عن أبيه قال قال علي : ما زال الحسن بن علي يتزوج ويطلق حتى خشيت ان يورثنا عدواة في القبائل.(١)

روايات جرير بن حازم (١٧٥ هـ)

روى ابن سعد عن وهب بن جرير بن حازم عن أبيه قال اخبرنا شعبة عن أبي إسحاق عن معدي كرب ان عليا مر على قوم مجتمعين ورجل يحدثهم فقال من هذا قالوا الحسن فقال طحن ابل لم تعوَّد طحنا. ان لكل قوم صداد وان صدادنا الحسن.(٢)

رواية سحيم بن حفص الأنصاري احد شيوخ

المدائني (٢٣٨ هـ) وابن سعد

روى ابن سعد عن علي بن محمد عن سحيم بن حفص الأنصاري. عن عيسى بن أبيه ارون المزني. قال : تزوج الحسن بن علي حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر. وكان المنذر بن الزبير هويها. فأبلغ الحسن عنها شيئافطلقها الحسن. فخطبها المنذر فأبت أن تزوجه وقالت : شهرني. فخطبها عاصم بن عمر بن الخطاب فتزوجها فرقي إليه المنذر أيضا شيئا ، فطلقها. ثم خطبها المنذر. فقيل لها : تزوجيه فيعلم الناس أنه كان يَعْضَهُكِ (أي يبهتك) فتزوجته فعلم الناس أنه كذب عليها. فقال الحسن لعاصم بن عمر : انطلق بنا حتى نستأذن المنذر فندخل على حفصة فاستأذناه. فشاور أخاه عبد الله بن الزبير فقال دعهما يدخلان عليها. فدخلا فكانت إلى عاصم أكثر نظرا منها إلى الحسن وكانت إليه أبسط في الحديث. فقال الحسن للمنذر خذ بيدها فأخذ بيدها. وقام الحسن وعاصم فخرجا وكان الحسن يهواها وإنما طلقها لما رقا إليه المنذر. فقال الحسن يوما لابن أبي عتيق وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن وحفصة عمته هل لك في العقيق؟ قال : نعم. فخرجا فمرا على منزل حفصة. فدخل إليها الحسن فتحدثا

__________________

(١) ابن سعد ،الطبقات الكبرى القسم الناقص ج ١ ص ٣٠١.

(٢) ابن سعد ،الطبقات الكبرى القسم الناقص ج ١ ص ٢٧٧ ـ ٢٧٨ ورواه أيضاً ابن معين عن ذر عن شعبة عن أبي اسحق عن معدي كرب (ابن معين ،تاريخ ابن معين ج ٢ ص ٤١٩).

٤٣٩

طويلا ثم خرج. ثم قال أيضا بعد ذلك بأيام لابن أبي عتيق : هل لك في العقيق؟ قال : نعم. فخرجا فمرا بمنزل حفصة. فدخل الحسن فتحدثا طويلا. ثم خرج ثم قال الحسن مرة أخرى لابن أبي عتيق : هل لك في العقيق؟ فقال : يا ابن أم ألا تقول هل لك في حفصة؟.(١)

روايات الوضاح اليشكري الواسطي البصري ابو عوانة (١٧٦ هـ)

روى ابن سعد عن يحيى بن حماد قال اخبرنا أبو عوانة(٢) عن سليمان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي إدريس عن المسيب بن نجبة قال سمعت عليا يقول الا احدثكم عني وعن أهل بيتي؟ اما عبد الله بن جعفر فصاحب لهو ، واما الحسن بن علي فصاحب جفنة وخوان فتى من فتيان قريش لوقد التقتا حلقتا البطان لم يغن في الحرب عنكم شيئا ، واما أنا وحسين فنحن منكم وانتم منا.(٣)

وروى أيضا موسى بن إسماعيل قال حدثنا ابو عوانة عن المغيرة عن ثابت بن هرمز قال لما أتى الحسن بن علي قصر المدائن قال المختار لعمه هل لك في أمر تسود به العرب؟ قال وما هو؟ قال تدعني ان اضرب عنق هذا واذهب برأسه إلى معاوية قال : ما ذاك بلاهم عندنا أهل البيت.(٤)

__________________

(١) ابن سعد ،الطبقات الكبرى ، ط ٥ ، ج ١ ، ص : ٣٠٧ ، سحين بن حفص الأنصاري كنيته أبو اليقظان واسمه عامر بن حفص وسحيم لقب له. ذكره ابن النديم في الفهرست ص ١٠٦. وقد ورد في إسناد عند الطبري تاريخ الطبري ، ج ٤ ص ٤٤٩ المدائني عن سحيم مولى وبرة التميمي عن عبيد بن عمرو القرشي وذكره ياقوت فيمعجم الأدباء : ج ١١ ص ١٨٠ ولم يزد على ما ذكره صاحب الفهرست وهو أخباري نسابة من شيوخ المدائني.

(٢) ابن سعد ،الطبقات الكبرى ، ج ٧ ص ٢٨٧ أبو عوانة واسمه الوضاح مولى يزيد بن عطاء وكان ثقة صدوقا أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا مهدي بن ميمون قال رأيت أبا عوانة وهو غلام زمان خالد بن عبد الله يقرأ بالأصوات ، يحيى بن حماد قال توفي أبو عوانة سنة ست وسبعين ومائة في خلافة هارون وعلينا جعفر بن سليمان وكان أصله من أهل واسط ثم انتقل إلى البصرة فنزلها حتى مات بها.

(٣) ابن سعد ،الطبقات الكبرى القمس الناقص ج ١ ص ٢٩٧ ، ابن أبي الحديدشرح نهج البلاغة ج ١٦ ص ١١.

(٤) المصدر السابق ص ٦٢.

٤٤٠

رويات إسرائيل بن يونس (160 هـ)

روى ابن سعد عن محمد بن عبد الله الأسدي (203 هـ) قال حدثنا إسرائيل(1) عن أبي إصحاق عن هبيرة بن يريم قال قيل لعلي هذا الحسن بن علي في المسجد يحدث الناس فقال طحن ابل لم تعوَّد طحنا ، وما طحن ابل يومئذ.(2)

روايات محمد بن المهلب الحراني الملقب ب

غندر (ت قبل المائتين)

روى ابن عساكر عن غندر(3) عن شعبة قال سمعت أبا إسحاق يحدث ان عليا مرَّ على قوم مجتمعين ورجل يحدثهم فقال من هذا قالوا الحسن فقال طحن ابل لم تعوَّد طحنا.(4)

روايات قيس بن الربيع (168 هـ)

روى ابو الفرج عن احمد عن عمر بن شبة عن المدائني عن قيس بن الربيع(5) عن

__________________

(1) ابن سعد ،الطبقات الكبرى ، ج 6 ص 374 إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ويكنى أبا يوسف توفي بالكوفة سنة اثنتين وستين ومائة وقال أبو نعيم سنة ستين ومائة وكان ثقة حدث عنه الناس حديثا كثيرا ومنهم من يستضعفه. تهذيب التهذيب : قال عثمان بن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن مهدي إسرائيل لص يسرق الحديث. وفي الكاشف للذهبي ج 1 ص 241 قال أبو حاتم هو من أتقنأصحاب أبي إسحاق وضعفه بن المديني توفي 162 ع.

(2) ابن سعد ، الطبقات الكبرى ، القمس المفقود ، من ذخائر تراثنا ترجمة الحسن من ابن سعد غير المطبوع ص 58.

(3) لعله محمد بن جعفر مات بالبصرة سنة 194 هـ ، ابن عدي ، الكامل في ضعفاء الرجال ، ج 6 ص 295 ، محمد بن المهلب غندر الحراني سمعت بن أبي معشر يقول كان يضع الحديث وهو أموي يحدث عن النفيلي ونظرائه ويكنى أبا الحسن. ابن العجمي ،الكشف الحثيث ص 251 : محمد بن المهلب الحراني لقبه غندر يروي عن أبي جعفر النفيلي وغيره قال أبو عروبة فيما رواه عنه بن عدي يضع الحديث.

(4) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ، ترجمة الحسن 169.

(5) العقيلي ،الضعفاء الكبير (ضعفاء العقيلي ) ، ج 3 ص 469 قيس بن الربيع أبو محمد الكوفي الأسدي قال محمد بن إسماعيل البخاري حدثنا علي بن المديني قال كان وكيع يضعف قيس بن الربيع ، وقال عمرو بن علي سمعت أبا داود يقول سمعت شعبة يقول من يعذرني من يحيى هذا الأحول لا يرضى قيس بن الربيع. حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال سمعت أبي يقول سمعت الربيع بن الجراح غير

٤٤١

الاجلح عن الشعبي عن جندب : ان الحسن قال لابيه حين طلب ان يجلد الوليد بن عقبة : مالك ولهذا؟(1)

روايات إسماعيل بن إبراهيم بن عُليَّة

البصري (193 هـ)

وروى أبو الفرج أيضا : عن عمر بن شبة وسعيد بن محمد المخزومي كلاهما عن محمد بن حاتم عن إسماعيل بن إبراهيم بن علية البصرة عن سعيد بن عروبة البصرة عن عبد الله بن الداناج عن حضين بن المنذر أبي ساسان قال : لما جيء بالوليد بن عقبة

__________________

مرة يقول حدثنا قيس بن الربيع والله المستعان حدثنا محمد بن زكريا حدثنا محمد بن المثنى قال ما سمعت يحيى ولا عبد الرحمن يحدثنا عن قيس بن الربيع شيئا قط. وقال عمرو بن علي يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عن قيس وكان عبد الرحمن حدثنا عنه قبل ذلك قم تركه ، عن عباس قال سمعت يحيى يقول قيس بن الربيع ليس بشيء وفي موقع آخر قيس بن الربيع لا يساوي شيئا. حدثنا محمد قال حدثني عباس قال سمعت يحيى وسئل عن قيس فقال قال عثمان أتيناه فكان يحدث فربما أدخل حديث مغيرة في حديث منصور. وفي معرفة الثقات قال ابن حبان : قيس بن الربيع الأسدي الناس يضعفونه وكان شعبة يروى عنه وكان معروفا بالحديث صدوقا ويقال إن ابنه أفسد عليه كتبه بأخرة فترك الناس حديثه. وفي تذكرة الحفاظ 1 / 226 د ت ق قيس بن الربيع الربيع الحافظ أبو محمد الأسدي الكوفي أحد الاعلام على ضعف فيه حدث عن عمرو بن مرة وحبيب بن أبي ثابت وعلقمة بن مرئد وزياد بن علاقة ومحارب بن دثار وطبقتهم من الكوفيين ولم يرتحل حدث عنه سفيان وشعبة وهما من طبقته وإسحاق السلولي وعاصمبن علي ومحمد بن بكار بن الريان وعلي بن الجعد ويحيى الحماني وخلق كان شعبة يثني عليه وقال عفان كان ثقة وقال يعقوب بن شبة هو عند جميع أصحابنا صدوق وكتابه صالح وهو رديء الحفظ جدا ولينه أحمد بن حنبل وقال بن معين ليس بشيء وقال النسائي متروك واما بن عدي فقواه وقال لا بأس به عامة رواياته مستقيمة القول فيه ما قال شعبة وقال أبو الوليد شهد جنازة قيس بن الربيع شريك فقال ما ترك بعده مثله وقال محمد بن عبيد الطنافسي لم يكن قيس عندنا بدون الثوري وإنما ولي شيئا فأقام على رجل حدا فمات قال فطفئ أمره قال وكان يعلق النساء بثديهن ويرسل عليهن الزنابير وقال أبو الوليد كتبت عن قيس ستة آلاف حديث قلت وقد كان قيس من أوعية العلم وارى الأئمة تكلموا فيه لظلمه مات سنة سبع أوثمان وستين ومائة رحمه الله تعالى. وفي الضعفاء والمتروكين للنسائي قال : قيس بن الربيع متروك الحديث كوفي. وفي تقريب التهذيب قال ابن حجر : قيس بن الربيع الأسدي أبو محمد الكوفي صدوق تغير لما كبر وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به من السابعة مات سنة بضع وستين د ت ق. وفي تاريخ بغداد : قال بن عمار وكان قيس بن الربيع عالما بالحديث ولكنه ولي المدائن فقتل رجلا فيما بلغني فنفر الناس عنه.

(1) أبو الفرج الاصفهاني ، الاغاني ج 5 ص 144.

٤٤٢

إلى عثمان بن عفان وقد شهدوا عليه بشرب الخمر قال لعلي دونك ابن عمك فاقم عليه الحد فأوعز علي إلى ابنه الحسن أنْ يقوم بجلد الوليد ، فرفض الحسن وقال له : مالك ولهذا؟ فقال له علي : بل ضعفت ووهنت وعجزت ، ثم أمر عبد الله بن جعفر فقام فجلده وعلي يعد حتى بلغ أربعين فقال علي امسك جلد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أربعين وجلد ابو بكر أربعين واتمها عمر ثمانين وكل سنة.(1)

روايات محمد بن أبي أيوب ت قبل

المائتين هجرية

البلاذري عن احمد بن إبراهيم الدورقي عن أبي نعيم عن محمد بن أبي أيوب عن قيس بن مسلم (ت 120 هـ) عن طارق بن شهاب ان الحسن بن علي قال لعلي يا أمير المؤمنين اني لا استطيع ان اكلمك وبكى فقال علي : تكلم ولا تحن حنين الجارية. فقال ان الناس حصروا عثمان فأمرتك ان تعتزلهم وتلحق بمكة حتى تؤوب إلى العرب عوازب احلامها فأبيت ثم قتله الناس فأمرتك ان تعتزل الناس فلو كنت في جحر ضب لضربت إليك العرب آباط الإبل حتى يستخرجوك فغلبتني وانا امرك اليوم ان لا تقدم العراق فاني اخاف عليك ان تقتل بمضيعة 2 / 217.

روايات عبد الأعلى بن عبد الاعلى الشامي

البصري (189 هـ)

روى ابن عساكر بسنده عن عبيد بن عمر بن ميسرة أبو سعيد القواريري (235 هـ) البصري(2) نا عبد الأعلى(3) عن هشام بن حسان (ت 148 هـ) عن محمد بن سيرين قال

__________________

(1) أبو الفرج الاصفهاني ،الاغاني ج 5 ص 145.

(2) عبيد الله بن عمر بن ميسرة أبو سعيد القواريري الجشمي مولاهم البصري سكن بغداد أخرج البخاري في الجمعة عنه عن خالد بن الحارث قال ابخاري مات يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلتمن ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ومائتين قال أبو حاتم هو صدوق وروى عنه هو وأبو زرعة قال أبو بكر بن أبي خيثمة مات ببغداد وسمعت بن معين يقول هو ثقة.

(3) معرفة الثقات لابن حبان : عبد الأعلى بن عبد الأعلى بن عبد الله بن شراحيل الشامي أبو محمد من

٤٤٣

تزوج الحسن بن علي امرأة فبعث إليها بمائة جارية مع كل جارية ألف درهم.(1)

روايات عبد الله بن عون (151 هـ)

روى ابن عساكر عن شيران الرامهرمزينا محمد بن عثمان بن أبي صفوان الثقفي ت 252 هـ نا قريش بن انس(2) (ت 208 هـ) نا عبد الله بن عون (ت 151 هـ) عن محمد قال خطب الحسن بن علي إلى منظور بن سيار بن (1) زبان الفزاري ابنته فقال والله أني لأنكحك واني لا علم انك على طلق ملق غير انك اكرم العرب بيتا واكرمه نسبا.(3)

روايات محمد بن عبيد (204 هـ)

وقال محمد بن سعد أخبرنا محمد بن عبيد (204 هـ)(4) :

__________________

أهل البصرة وقيل أبو همام كان يكره أن يقال له أبو همام يروى عن حميد الطويل روى عنه مسدد وأهل البصرة مات يومالأحد في شهر شعبان سنة أربع أو سبع وثمانين ومائة وكان قدريا متقنا في الحديث غير داعية إليه.

(1) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ج 31 ص 249.

(2) [890] قريش بن أنس الأنصاري مولى بني والية كنيته أبو أنس من أهل البصرة يروي عن بن عون والبصريين روى عنه العراقيون مات سنة تسع ومائتين وكان سخيا صدوقا إلا أنه اختلط في آخر عمره حتى كان لا يدري ما يحدث به بقي ست سنين في اختلاطه فظهر في روايته أشياء مناكير لا تشبه حديثه القديم فلما ظهر ذلك من غير أن يتميز مستقيم حدثه من غيره لم يجز الاحتجاج به فيما انفرد فأما فيما وافق الثقات فهو المعتبر بأخباره تلك روى عن أشعث عن الحسن عن سمرة أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم نهى أن يقد السير بين إصبعين أي لا يقطع بين إصبعين مخافة أن يقطع الأصابع أخبرناه بن قحطبة قال حدثنا بندار بن بشار قال حدثنا قريش بن أنس عن أشعث. وفي تهذيب التهذيب : هشيم عن العوام عن جميع بنعمير على الصواب انتهى وله عند الأربعة ثلاثة أحاديث وقد حسن الترمذي بعضها وقال بن نمير كان من أكذب الناس كان يقول أن الكراكي تفرخ في السماء ولا يقع فراخها رواه بن حبان في كتاب الضعفاء بإسناده وقال كان رافضيا يضع الحديث وقال الساجي له أحاديث مناكير وفيه نظر وهو صدوق وقال العجلي تابعي ثقة. ابن حجر ،تهذيب التهذيب ج 22 ص 95 قال أبو نعيم الفضل بن دكين كان فاسقا وذكره بن حبان في الثقات قلت وقال الآجري عن أبي داود جميع بن عمر راوي حديث هند بن أبي هالة أخشى أن يكون كذابا وقال العجلي جميع لا بأس به يكتب حديثه وليس بالقوي.

(3) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ج 31 ص 251.

(4) قال الذهبي فيتذكره الحفاظ ج 1 ص 333 ع محمد بن عبيد بن أبي أمية الحافظ الثقة أبو عبد الله الأيادي الكوفي الكنافسي الأحدب مولى بني حنيفة ولد سنة سبع وعشرين ومائة وسمع هشام بن عروة والأعمش وإسماعيل وعبيد الله وابن إسحاق ومسعرا حدث عنه اخوه يعلى وأحمد وابن معين

٤٤٤

عن مجالد (ت 144 هـ) عن الشعبي ،

وعن يونس بن أبي إسحاق (ت 159 هـ) عن أبيه

وعن أبي السفر (سعيد بن عمرو الهمداني) (مات زمن بني أمية في امارة خالد) وغيرهم.

قالوا : بايع أهل العراق الحسن بن علي بعدقتل علي بن أبي طالب ثم قالوا له سر إلى هؤلاء القوم الذين عصوا الله ورسوله وارتكبوا العظيم وابتزوا الناس أمورهم فإنا نرجو أن يمكن الله منهم فسار الحسن إلى أهل الشام وجعل على مقدمته قيس بن سعد بن عبادة في اثني عشر ألفا وكانوا يسمون شرطة الخميس.

قال : وقال غيره وجه إلى الشام عبيد الله بن العباس ومعه قيس بن سعد فسار فيهم قيسحتى نزل مسكن والأنبار وناحيتها.

وسار الحسن حتى نزل المدائن وأقبل معاوية في أهل الشام يريد الحسن حتى نزل جسر منبج.

__________________

وإسحاق وابنا أبي شيبة وعباس الدوري وأحمد بن الفرات وخلق كثير سكن بغداد مدة وكان أحد المتقنين وكان يعلى أكبر منه بتسع سنين رواه أبو أمية الطرسوسي عن يعلى قال أثرم سألت أبا عبد الله عن يعلى ومحمد وعمر فوثقهم وقال أبو جعفر بن أبي شيبة سألت بن معين عن بني عبيد الثلاثة فوثقهم وقال اثبتهم يعلى وقال محمد بن عبد الله بن عمار كلهم ثبت قال واحفظهم يعلى وأبصرهم بالحديث محمد الأحدب وعمر شيخهم وقال يعقوب السدوسي محمد بن عبيد مولى لأياد مكث ببغداد دهرا ثم رجع إلى الكوفة فمات بها سنة أربع ومائتين وكان ممن يقدم عثمان وقل من يذهب إلى هذا من الكوفيين عامتهم يقدم عليا أو يقف عند عثمان وعلي سمعت على بن المديني وذكر محمد بن عبيد فقال كان كيسا وقال العجلي كوفي ثقة كان حديثه أربعة آلاف يحفظها قال بن سعد ثقة كثير الحديث صاحب سنة مات سنة أربع وقال خليفة ومطين سنة خمس ومائتين رحمه الله تعالى. معرفة الثقات لابن حبان : محمد بن عبيد الطنافسي يكنى أبا عبد الله أحدب كوفي ثقة وكنا عثمانيا وكان حديثه أربعة آلاف يحفظها. وفي الجرح والتعديل للرازي قال : وكان يظهر السنة. وقال في تهذيب الكمال : انتقل من الكوفة فنزل بغداد فمكث بها دهرا ثم رجع إلى الكوفة فمات بها قبل أخيه يعلى في سنة أربع ومئتين في خلافة المأمون وكان من الكوفيين ممن يقدم عثمان على علي وقل من يذهب إلى هذا من الكوفيين عامتهم يقدم عليا على عثمان أو يقف عند عثمان وعلي سمعت علي بن المديني وذكر محمد بن عبيد فقال كان كيسا وقال محمد بن سعد نزل بغداد دهرا ثم رجع إلى الكوفة فمات قبل يعلى في سنة أربع ومئتين في خلافة المأمون وكان ثقة كثير الحديث وكان صاحب سنة وجماعة. وكذلك في الطبقات الكبرى لابن سعد.

٤٤٥

فبينا الحسن بالمدائن إذ نادى مناد في عسكره ألا إن قيس بن سعد قد قتل قال فشدالناس على حجرة الحسن فانتهبوها حتى انتهبت بسطه وجواريه وأخذوا رداءه من ظهره وطعنه رجل من بني أسد يقال له بن اقيصر بخنجر مسموم في أليته فتحول من مكانه الذي انتهبت فيه متاعه ونزل الأبيض قصر كسرى.

وقال عليكم لعنة من أهل قرية فقد علمت أن لا خير فيكم قتلتم أبي بالأمس واليوم تفعلون بي هذا.

ثم دعا عمرو بن سلمة الارحبي فأرسله وكتب معه إلى معاوية بن أبي سفيان يسأله الصلح ويسلم له الأمر على أن يسلم له ثلاث خصال يسلم له بيت المال فيقضي منه دينه ومواعيده التي عليه ويتحمل منه هو ومن معه من عيال أبيه وولده وأهل بيته ولا يسب علي وهو يسمع وأن يحمل إليه خراج فسا ودرابجرد من أرض فارس كل عام إلى المدينة ما بقي فأجابه معاوية إلى ذلك وأعطاه ما سأل.

قال (ابن سعد) : ووفي معاوية للحسن ببيت المال وكان فيه يومئذ سبعة آلاف ألف درهم فاحتملها الحسن وتجهز بها هو وأهل بيته إلى المدينة. وكف معاوية عن سب علي والحسن يسمع ودس معاوية إلى أهل البصرة فطردوا وكيل الحسن وقالوا لا نحمل فيئنا إلى غيرنا يعنون خراج فسا ودرابجرد.

فأجرى معاوية على الحسن كل سنة ألف ألف درهم.

وعاش الحسن بعد ذلك عشر سنين.(1)

روايات عبد الله بن بكر السهمي البصري (208 هـ)

قال محمد بن سعد وأخبرنا عبد الله بن بكر السهمي(2) قال حدثنا حاتم بن أبي

__________________

(1) المزي ،تهذيب الكمال ج 6 ص 245 ، وفي تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ترجمة الحسن قال محمد بن سعد قال ابو عبيد عن مجالد عن الشعبي ولعله تصحيف.

(2) الذهبي ،تذكرة الحفاظ : ع عبد الله بن بكر الحافظ الصادق أبو وهب السهمي البصري نزيل بغداد سمع أباه بكر بن حبيب وحميد الطويل وابن عون وهشام بن حسان وحاتم بن أبي صغيرة وعنه أحمد بن حنبل وابن أبي شيبة وابن المديني وعبد الله بن منير المروزي والحارث بن أبي أسامة ومحمد بن الفرج الأزرق وخلق وثقه أحمد وجماعة وكان رأسا في الحديث والفقه وكان أبوهمن كبار أئمة

٤٤٦

صغيرة (البصري) عن عمرو بن دينار أن معاوية كان يعلم أن الحسن كان أكره الناس للفتنة فلما توفي علي بعث إلى الحسن فأصلح الذي بينه وبينه سرا وأعطاه معاوية عهدا إن حدث به حدث والحسن حي ليسمينه وليجعلن هذا الأمر إليه فلما توقف منه الحسن ، قال عبد الله بن جعفر والله إني لجالس عند الحسن إذ أخذت لأقوم فجذب ثوبي وقال يا هناه اجلس فجلست قال إني قد رأيت رأيا وإني أحب أن تتابعني عليه قال قلت ما هو قال قد رأيت أن أعمد إلى المدينة فأنزلها وأخلي بين معاوية وبين هذا الحديث فقد طالت الفتنة وسفككت فيها الدماء وقطعت فيها الأرحام وقطعت السبل وعطلت الفروج يعني الثغور فقال بن جعفر جزاك الله عن أمة محمد خيرا فأنا معك وعلى هذا الحديث فقال الحسن ادع لي الحسين فبعث إلى حسين فأتاه فقال أي أخي إني قد رأيت رأيا وإني أحب أن تتابعني عليه قال : ما هو؟ فقص عليه الذي قال لابن جعفر :

قال الحسين أعيذك بالله أن تكذب عليا في قبره وتصدق معاوية فقال الحسن والله ما أردت أمرا قط إلا خالفتني إلى غيره والله لقد هممت أن أقذفك في بيت فاطينه عليك حتى أقضي أمري فلما رأى الحسين غضبه قال أنت أكبر ولد علي وأنت خليفته وأمرنا لأمرك تبع فافعل ما بدا لك.(1)

وتلحق بهذه الروايات الموضوعة :

روايات جميع بن عمر توفي بحدود المائتين

قال المزي قال جميع بن عمر عن مجالد بن سعيد(2) عن طحرب العجلي عن الحسن

__________________

العربية عاش عبد الله بضعا وثمانين سنة ومات في أول سنة ثمان ومائتين أخبرنا بن أبي عمر وابن علان والفخر علي والقطب أحمد بن عبد السلام كتابة قالوا أنا عمر بن طبرزد أنا بن الحصين أنا بن غيلان أنا أبو بكر الشافعي نا علي بن الحسن بن عبدويه الخزاز سنة سبع وسبعين ومائتين نا عبد الله بن بكر نا حميد عن أنس قال كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في طريق ومعه أناس من أصحابه فعرضت له امرأة فقالت يا رسول الله لي إليك حاجة فقال يا أم فلان اجلسي في أدنى نواحي السكك حتى اجلس إليك ففعلت فجلس إليها حتى قضت حاجتها.

(1) تاريخ مدينة دمشق ترجمة الحسن.

(2) قال ابن سعد في الطبقات ج 6 : مجالد بن سعيد الهمداني ويكنى ابا عمير توفي سنة 144 هـ في خلافة

٤٤٧

قال : لا أقاتل بعد رؤيا رأتها رأيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله واضعا يده على العرض ورأيت أبا بكر واضعا يده على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ورأيت عمر واضعا يده على أبي بكر ورأيت عثمان واضعا يده على عمر ورأيت دماء دونهم فقيل ذا دم عثمان يطلب الله به.(1)

رواية المقدسي في البدء والتاريخ ت 507 هـ

وقال المقدسي في البدء والتاريخ : «أنَّهعليه‌السلام كان أرخى ستره على مائتي حرة».(2)

روايات ابن كثير في البداية والنهاية

روى ابن كثير عن أبي بكر الخرائطي الشامي ت 325 هـ في كتابه مكارم الأخلاق عن القواريري (325 هـ) نا عبد الأعلى عن هشام بن حسان (ت 148 هـ) عن محمد بن سيرين قال تزوج الحسن بن علي امرأة فبعث إليها بمائة جارية مع كل جارية ألف درهم.(3)

وروى أيضا عن أبي علي الحداد أنا أبو نعيم ، نا سليمان بن احمد نا إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرازق عن سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه عن الحسن بن سعد عن أبيه قال متع الحسن بن علي امرأتين بعشرين ألف درهم وزقاق من عسل فقالت إحداهما / واراها الحنفية / متاع قليل من حبيب مفارق فأخبر الرسول الحسن بن علي فبكى وقال لولا أني سمعت أبي يحدث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم جدي انه قال من طلق امرأته ثلاثا لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره لراجعتها.(4)

__________________

ابي جعفر وكان ضعيفا في الحديث ، وقال العقيلي في الضعفاء ج 4 ص 234 عن ابي سعيد الاشج قال ذكر رجل عثمان عند مجالد بن سعيد فقال مجالد لغلامه جره واطرحه في البئر. قال ابن حبان في المجروحين ج 3 ص 10 كان مجالد رديء الحفظ يقلب الاسانيد ويرفع المراسيل لا يجوز الاحتجاج به.

(1) المزي ،تهذيب الكمال ، ج 6 ص 249 وج 39 ص 484.

(2) المقدسي ،البدء والتاريخ ج 2 ص 145.

(3) ابن كثير ،البداية والنهاية ج 8 ص 38 ، ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ج 14 ص 78. المزي ،تهذيب الكمال ج 2 ص 592.

(4) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ج 13 ص 250. وابن كثير ،البداية والنهاية ج 2 ص 38.

٤٤٨

وروى أيضا عن غندر نا شعبة قال سمعت أبا إسحاق يحدث انه سمع معد كرب يحدث ان عليا مرَّ على قوم مجتمعين ورجل يحدثهم فقال من هذا قالوا الحسن فقال طحن ابل لم تعوَّد طحنا.(1)

وروى ابن عساكر عن عمرو بن أبي قيس عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة قال كانت عائشة الخثعمية عند الحسن بن علي فلما قتل علي قالت لتهنئك الخلافة قال لقتل علي تظهرين الشماتة اذهبي فأنت طالق ثلاثا قال فتلفعت بثيابها فلما جاءها الرسول قالت متاع قليل من حبيب مفارق فلما بلغه قولها بكى ثم قال لولا أني سمعت جدي أو حدثني أبي أنه سمع جدي يقول : ايما رجل طلق امرأته ثلاثا عند الاقراء أو ثلاثا مبهمة لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره لراجعتها.(2)

وروى أيضا عن محمد بن عمر نا عبد الرحمن بن أبي الموال (ت 173 هـ) قال سمعت عبد الله بن حسن يقول كان حسن بن علي قل ما يفارقه اربه حرائر وكان صاحب ضرائر وكانت عنده ابنة منظور بن سيارالفزاري وعنده امرأة من بني أسد من آل حزيمفطلقهما وبعث إلى كل واحدة منهما بعشرة آلاف درهم وزقاق من عسل متعة وقال لرسوله يسار بن سعيد بن يسار وهو مولاه احفظ ما يقولان لك فقالت الفزارية : بارك الله فيه وجزاه خيرا وقالت الاسدية متاع قليل من حبيب مفارق فرجع فأخبره فراجع الاسدية وترك الفزارية.(3)

أقول : ليس من شك ان الشيعة انطلاقا من ايمانهم بعصمة الامام الحسن لا يسلمون بصحة هذه الروايات ، وهي بميزان الرؤية الجديدة نموذج للاعلام العباسي ضد الحسن نكاية بذريته الثائرة ضد الحكم العباسي.

__________________

(1) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ، ترجمة الحسن ج 4 ص 86.

(2) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ج 14 ص 79.

(3) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ج 14 ص 77. والمزي ،تهذيب الكمال ج 2 ص 592. وابن كثير ،البداية والنهاية ، ج 8 ص 38.

٤٤٩

الباب الثالث / الفصل الثامن

ملاحظات نقدية حول رواية البخاري في الصلح وشرح ابن حجر لها

رواية البخاري في قصة صلح الحسن عليه‌السلام

حدثنا عبد الله بن محمّد (المسندي) حدثنا سفيان (بن عيينة) عن أبي موسى (إسرائيل بن موسى البصري) قال سمعت الحسن (البصري) يقول : استقبل والله الحسن بن عليّ معاوية بكتائب أمثال الجبال فقال عمرو بن العاص إني لأرى كتائب لا تولّي حتى تقتل أقرانها فقال له معاوية وكان والله خير الرّجلين أي عمرو إن قتل هؤلاء هؤلاء وهؤلاء وهؤلاء من لي بأمور الناس من لي بنسائهم من لي بضيعتهم (في نسخة أخرى بصبيتهم) فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس عبد الرحمن بن سمرة (بن حبيب بن عبد شمس) وعبد الله بن عامر بن كريز (بن عبد شمس) فقال اذهبا إلى هذا الرّجل فاعرضا عليه وقولا له واطلبا إليه فأتياه فدخلا عليه فتكلّما وقالا له فطلبا إليه فقال لهما الحسن بن عليّ إنّا بنو عبد المطّلب قد أصبنا من هذا المال وإنّ هذه الأمّة قد عاثت في دمائها قالا فإنه يعرض عليك كذا وكذا ويطلب إليك ويسألك قال فمن لي بهذا قالا نحن لك به فما سألهما شيئا إلا قالا نحن لك به فصالحه.

فقال الحسن (البصري) ولقد سمعت أبا بكرة يقول رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على المنبر والحسن بن عليّ إلى جنبه وهو يقبل على الناس مرّة وعليه أخرى ويقول إنّ ابني هذا

٤٥٠

سيّد ولعلّ الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين قال لي عليّ بن عبد الله إنما ثبت لنا سماع الحسن من أبي بكرة بهذا الحديث(1) .

البخاري حدثنا عليّ بن عبد الله حدثنا سفيان حدثنا إسرائيل أبو موسى ولقيته بالكوفة جاء إليّ بن شبرمة فقال أدخلني على عيسى فأعظه فكأنّ بن شبرمة خاف عليه فلم يفعل.

قال حدثنا الحسن قال لمّا سار الحسن بن عليّرضي‌الله‌عنهما إلى معاوية بالكتائب قال عمرو بن العاص لمعاوية أرى كتيبة لا تولّي حتى تدبر أخراها قال معاوية من لذراريّ المسلمين فقال أنا فقال عبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن سمرة نلقاه فنقول له الصّلح.

قال الحسن : ولقد سمعت أبا بكرة قال بينا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يخطب جاء الحسن فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ابني هذا سيّد ولعلّ الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين(2) .

شرح ابن حجر لرواية البخاري مع

ملاحظاتنا عليه

قال ابن حجر :

قوله (باب قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم للحسن بن علي ان ابني هذا لسيد)

في رواية المروزي والكشميهني سيد بغيرلام وكذا لهم في مثل هذه الجمة في كتاب الصلح وبحذف (ان) وساق المتن هناك بلفظ ان ابني هذا سيد وساقه هنا بحذفها وقد أخرجه الإسماعيلي من رواية سبعة أنفس عن سفيان بن عيينة وبيَّن اختلاف ألفاظهم.

قوله (حدثنا إسرائيل أبو موسى) هي كنية إسرائيل واسم أبيه موسى فهو ممن وافقت كنيته اسأبيه فيؤمَن فيه من التصحيف وهو بصري كان يسافر في التجارة إلى الهند وأقام بها مدة.

قوله (ولقيته بالكوفة) قائل ذلك هو سفيان بن عيينة والجملة حالية.

__________________

(1) البخاريالجامع الصحيح ج 3 ص 170.

(2) البخاريالجامع الصحيح ج 8 ص 99.

٤٥١

قوله (وجاء إلى ابن شبرمة) هو عبد الله قاضي الكوفة في خلافة أبي جعفر المنصور ومات في خلافته سنة أربع وأربعين ومائة وكان صارما عفيفا ثقة فقيها.

قوله (فقال أدخلني علعيسى فأعظه) بفتح الهمزة وكسر العين المهملة وفتح الظاء المشالة من الوعظ ، وعيسىهو ابن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن أخي المنصور وكان أميرا على الكوفة إذ ذاك.

(قوله فكأنَّ) بالتشديد (ابن شبرمة خاف عليه) أي على إسرائيل (فلم يفعل) أي فلم يدخله على عيسى بن موسى ولعل سبب خوفه عليه انه كان صادعا بالحق فخشى انه لا يتلطف بعيسى فيبطش به لما عنده من غِرة الشباب وغرة الملك. وكانت وفاة عيسى المذكور في خلافة المهدي سنة ثمان وستين ومائة.

قوله (لما سار الحسن بن علي إلى معاوية بالكتائب) ، في رواية عبد الله ابن محمد عن سفيان في كتاب الصلح استقبل والله الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال ، والكتائب بمثناة وآخره موحدة جمع كتيبة بوزن عظيمة وهي طائفة من الجيش تجتمع وهي فعلية بمعنى مفعولة لان أمير الجيش إذا رتبهم وجعل كل طائفة على حدة كتبهم في ديوانه كذلك ذكر ذلك ابن التين عن الداودي ومنه قيل مكتب بني فلان ، قال وقوله (أمثال الجبال) أي لا يُرى لها طرف لكثرتها كما لا يرى من قابل الجبل طرفه ، ويحتمل ان يريد شدة البأس.

وأشار الحسن البصري بهذه القصة إلى : ما اتفق بعد قتل عليرضي‌الله‌عنه ، وكان علي لما انقضى أمر التحكيم ورجع إلى الكوفة تجهز لقتال أهل الشام مرة بعد أخرى فشغله أمر الخوارج بالنهروان ، وذلك في سنة ثمان وثلاثين ثم تجهز في سنة تسع وثلاثين فلم يتهيأ ذلك ، لافتراق آراء أهل العراق عليه ، ثم وقع الجِدّ منه في ذلك في سنة أربعين فأخرج إسحاق من طريق عبد العزيز بن سياه (بكسر المهملة وتخفيف الياء آخر الحروف) قال لما خرج الخوارج قام علي فقال أتسيرون إلى الشام أو ترجعون إلى هؤلاء الذين خلفوكم في دياركم قالوا بل نرجع إليهم فذكر قصة الخوارج قال فرجع علي إلى الكوفة فلما قتل واستخلف الحسن وصالح معاوية كتب إلى قيس بن سعد بذلك فرجع عن قتال معاوية.

٤٥٢

قال البدري :

قوله (افتراق آراء أهل العراق عليه) يريد انقسام جيش علي بعد رجوعهم من صفين إلى فرقتين فرقة تخطئ عليا وهم الذين انتهوا إلى تكفير علي وطلبهم ان يعترف بكفره ويتوب منه وأخرى تصوبه ، وقد تحملهم علي في بادئ الأمر لان مجرد تخطئة الحاكم ونقده لا يوجب قتالهم ولا عقوبتهم حتى رفعوا السلاح وافسدوا وقتلوا عبد الله بن خبابرضي‌الله‌عنه ، اقدم على قتالهم بعد ان وعظهم ورجع منهم ألفان أو اكثر.

قال ابن حجر :

وأخرج الطبري بسند صحيح عن يونس بن يزيد عن الزهري قال جعل علي على مقدمة أهل العراق قيس بن سعد بن عبادة وكانوا أربعين ألفا بايعوه على الموت ، فقتل علي فبايعوا الحسن بن علي بالخلافة وكان لا يحب القتال ولكن كان يريد أن يشترط على معاوية لنفسه فعرف ان قيس بن سعد لا يطاوعه على الصلح فنزعه وأمر عبد الله بن عباس فاشترط لنفسه كما اشترط الحسن.

قال البدري :

الجزء الأول من الرواية صحيح على انه توجد رواية أخرى انه بايعه ستون الفا وان معه مائة ألف سيف ، اما الجزء الآخر فيما يرتبط بالحسنعليه‌السلام فهو كذب ولم يعزل قيسا ، والخلل في الرواية منحصر بالزهري وتلميذيه الاول يونس بن يزيد الايلي ت 159 ـ 160 هـ ، قال محمد بن سعد حديثه حلو ربما جاء بالشيء المنكر. الثاني معمر الصنعاني وسيأتي الحديث عنه.

قال ابن حجر :

وأخرج الطبري والطبراني من طريق إسماعيل بن راشد قال بعث الحسن قيس بن سعد على مقدمته في اثني عشر ألفا يعني من الأربعين فسار قيس إلى جهة الشام وكان معاوية لما بلغه قتل علي خرج في عساكر من الشام وخرج الحسن بن علي حتى نزل المدائن فوصل معاوية إلى مسكن.

وقال ابن بطال ذكر أهل العلم بالاخبار ان عليا لما قتل سار معاوية يريد العراق

٤٥٣

وسار الحسن يريد الشام فالتقيا بمنزل من ارض الكوفة فنظر الحسن إلى كثرة من معه فنادى يا معاوية اني اخترت ما عند الله فان يكن هذا الأمر لك فلا ينبغي لي ان أنازعك فيه وان يكن لي فقد تركته لك فكبر أصحاب معاوية وقال المغيرة عند ذلك أشهد اني سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول إن ابني هذا سيد الحديث وقال في آخره فجزاك الله عن المسلمين خيرا انتهى.

قال ابن حجر وفي صحة هذا نظر من أوجه :

الأول ان المحفوظ ان معاوية هو الذي بدأ بطلب الصلح كما في حديث الباب.

الثاني ان الحسن ومعاوية لم يتلاقيا بالعسكرين حتى يمكن ان يتخاطبا وإنما تراسلا ، فيحمل قوله فنادى يا معاوية على المراسلة ويجمع بأن الحسن راسل معاوية بذلك سرا فراسله معاوية جهرا.

والمحفوظ ان كلام الحسن الأخير انما وقع بعد الصلح والاجتماع كما أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي في الدلائل من طريقه ومن طريق غيره بسندهما إلى الشعبي قال لما صالح الحسن بن علي معاوية قال له معاوية قم فتكلم فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال اما بعد فان أكيس الكيس التقى وان أعجز العجز الفجور الا وان هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية حق لامرئ كان أحق به مني أو حق لي تركته لإرادة إصلاح المسلمين وحقن دمائهم وان أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ثم استغفر ونزل.

وأخرج يعقوب بن سفيان ومن طريقه أيضا البيهقي في الدلائل من طريق الزهري فذكر القصة وفيها فخطب معاوية ثم قال قم يا حسن فكلم الناس فتشهد ثم قال أيها الناس ان الله هداكم بأولنا وحقن دمائكم بآخرنا وان لهذا الأمر مدة والدنيا دول وذكر بقية الحديث

الثالث ان الحديث لأبي بكرة لا للمغيرة لكن الجمع ممكن بأن يكون المغيرة حدث به عندما سمع مراسلة الحسن بالصلح وحدث به أبو بكرة بعد ذلك وقد روى أصل الحديث جابر أورده الطبراني والبيهقي في الدلائل من فوائد يحيى بن معين بسند صحيح إلى جابر وأورده الضياء في الأحاديث المختارة مما ليس في الصحيحين وعجبت للحاكم في عدم استدراكه مع شدة حرصه على مثله.

٤٥٤

قال البدري :

مناقشة ابن حجر لما ذكره ابن بطال صحيحة ، الا فيما يتعلق بطلب معاوية من الحسنعليه‌السلام ان يخطب وما ذكره من كلام الحسنعليه‌السلام ، فان جزءا منه وهو قوله (ان الله هداكم بأولنا) ويريد به محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، هداهم من ضلاله الكفر ، اما قوله حقن دماءكم باخرنا ، فان الحسن ليس آخر أهل البيت ، مضافا إلى ما نسب إليه من قولهعليه‌السلام : (وان هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية حق لامرئ كان أحق به مني أو حق لي) فان هذا الترديد من الحسن إذا حملنا على قوله تعالى سبأ / 24 ، فهو صحيح ، والا فهو ليس صادقا في حق الحسن لأنه على يقين من أمره ومن مشروعية حكمه في قبال بطلان بيعة أهل الشام لمعاوية ، ومهما يكن من أمر فان الذيتذكره الروايات من طلب معاوية ان يخطب في أهل الكوفة بعد ما ابرم الصلح أمر غير وارد تماما ، لان قضية الصلح والشروط قد وضحها الحسن لشعبه قبل ان يوضحها لمعاوية وهو من طبيعة الأشياء لان الحسن ليس ديكتاتورا مع شعبه والقضية تتعلق بمصيرهم كشعب وبمشروععلي الإحيائي لسنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي تحملوا نصرته.

قال ابن حجر :

قال ابن بطال : سلم الحسن لمعاوية الأمر وبايعه على إقامة كتاب الله وسنة نبيه. ودخل معاوية الكوفة وبايعه الناس فسميت سنة الجماعة لاجتماع الناس وانقطاع الحرب وبايع معاوية كل من كان معتزلا للقتال كابن عمر وسعد بن أبي وقاص ومحمد بن مسلمة وأجاز معاوية الحسن بثلاثمائة ألف وألف ثوب وثلاثين عبدا ومائة جمل وانصرف إلى المدينة وولى معاوية الكوفة المغيرة بن شعبة والبصرة عبد الله بن عامر ورجع إلى دشق.

قال البدري :

قوله (واجاز معاوية الحسن بثلاثمائة ألف الخ) هي صيغة أخرى من رواية سفيان بن عيينة موضع البحث ، قال الحاكم النيسابوري حدثنا أبو بكرمحمد بن

٤٥٥

إسحاق وعلي بن حمشاد قالا ثنا بشر بن موسى ثنا الحميدي ثنا سفيان ثنا أبو موسى قال سمعت الحسن يقول استقبل الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال فقال عمرو بن العاص والله إني لأرى كتائب لا تولى أو تقتل أقرانها فقال معاوية وكان خير الرجلين أرأيت إن قتل هؤلاء هؤلاء من لي بدمائهم من لي بأمورهم من لي بنسائهم قال فبعث معاوية عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس قال سفيان وكانت له صحبة فصالح الحسن معاوية وسلم الأمر له وبايعه بالخلافة على شروط ووثائق وحمل معاوية إلى الحسن مالا عظيما يقال خمس مائة ألف ألف درهم وذلك في جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين وإنما كان ولي قبل أن يسلم الأمر لمعاوية سبعة أشهر وأحد عشر يوما(1) .

رجع الكلام إلى ابن حجر في شرح الرواية :

قوله (قال عمرو بن العاص لمعاوية أرى كتيبة لا تولى) بالتشديد أي لا تدبر (قوله حتى تدبر أخراها) وفي رواية عبد الله بن محمد في الصلح اني لأرى كتائب لا تولي حتى تقتل أقرانها.

قوله (قال معاوية من لذراري المسلمين) أي من يكفلهم إذا قتل آباؤهم. زاد في (كتاب) الصلح (فقال له معاوية وكان والله خير الرجلين يعني معاوية أي عمروان قتل هؤلاء هؤلاء وهؤلاء هؤلاء من لي بأمور الناس من لي بنسائهم من لي بضيعتهم) يشير إلى أن رجال العسكرين معظم من في الإقليمين فإذا قتلوا ضاع أمر الناس وفسد حال أهلهم بعدهم وذراريهم والمراد بقوله ضيعتهم الأطفال والضعفاء سموا باسم ما يؤول إليه أمرهم لأنهم إذا تركوا ضاعوا لعدم استقلالهم بأمر المعاش ، وفي رواية الحميدي عن سفيان في هذه القصة من لي بأمورهم من لي بدمائهم من لي بنسائهم واما قوله هنا في جواب قول معاوية من لذراري المسلمين فقال أنا فظاهره يومهم ان المجيب بذلك هو عمرو بن العاص ولم أر في طرق الخبر ما يدل على ذلك فإن كانت محفوظة فلعلها كانت فقال اني بتشديد النون المفتوحة قالها عمرو على سبيل الاستبعاد.

__________________

(1) الحاكم النيسابوري ، المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 191.

٤٥٦

قال ابن حجر :

وأخرج عبد الرزاق في مصنفه عن معمرعن الزهري قال : وكان قيس بن سعد بن عبادة على مقدمة الحسن بن علي فأرسل إليه معاوية سجلا قد ختم في أسفله فقال أكتب فيه ما تريد فهو لك فقال له عمرو بن العاص بل نقاتله فقال معاوية وكان خير الرجلين على رسلك يا أبا عبد الله لا تخلص إلى قتل هؤلاء حتى يقتل عددهم من أهل الشام فما خير الحياة بعد ذلك واني والله لا أقاتل حتى لا أجد من القتال بدا).

قال البدري :

قوله (فأرسل إليه معاوية سجلا قد ختم في أسفله فقال أكتب فيه ما تريد فهو لك) هذا القول من معاوية إلى قيس بن سعد ،

ونحن نورد المقطع كاملا من رواية معمر عن الزهري فيما يخص الصلح هو قوله : (واستخلف أهل العراق الحسن بن علي على الخلافة وكان الحسن لا يريد القتال ولكنه كان يريد أن يأخذ لنفسه ما استطاع من معاوية ثم يدخل في الجماعة ويبايع ، فعرف الحسن أن قيس بن سعد لا يوافقه على ذلك فنزعه وأمر مكانه عبيد الله بن العباس فلما عرف عبيد الله بن العباس الذي يريد الحسن أن يأخذ لنفسه كتب عبيد الله إلى معاوية يسأله الآمان ويشترط لنفسه على الاموال التي أصاب فشرط ذلك معاوية له وبعث إليه ابن عامر في خيل عظيمة فخرج إليهم عبيد الله ليلا حتى لحق بهم وترك جنده الذين هو عليهم لا أمير لهم ومعهم قيس بن سعد فأمرت شرطة الخمسين قيس بن سعد وتعاهدوا وتعاقدوا على قتال معاوية وعمرو بن العاص حتى يشترط لشيعة علي ولمن كان اتبعه على أموالهم ودمائهم وما أصابوا من الفتنة فخلص معاوية حين فرغ من عبيد الله والحسن إلى مكايدة رجل هو أهم الناس عنده مكيدة وعنده أربعون ألفا فنزل بهم معاوية وعمرو وأهل الشام أربعين ليلة يرسل معاوية إلى قيس ويذكره الله ويقول على طاعة من تقاتلني ويقول قد بايعني الذي تقاتل على طاعته فأبى قيس أن يقر له حتى أرسل معاوية بسجل قد ختم له في اسفله فقال أكتب في هذا السجل فما كتبت فهو لك فقال عمرو لمعاوية لا تعطه هذا وقاتله فقال معاوية وكان خير الرجلين على رسلك يا أبا عبد الله فإنا لن نخلص إلى قتل هؤلاء حتى يقتل عددهم من

٤٥٧

أهل الشام فما خير الحياة بعد ذلك وأني والله لا أقاتله حتى لا أجد من ذلك بدا فلما بعث إليه معاوية بذلك السجل اشترط قيسبن سعد لنفسه ولشيعة علي الأمان على ما أصابوا من الدماء والأموال ولم يسأل معاوية في ذلك مالا فأعطاه معاوية ما اشترط عليه ودخل قيس ومن معه في الجماعة)(1) .

أقول : هذه الرواية رواها أيضا الطبري(2) عن يونس الايلي عن الزهري. والزهري غير مأمون في الحديث أساسا عن تاريخ مع بني أمية والذي انفردت به رواية الزهري برواية من لا يتهم في روايته عنه ، هو : ان الذي طلب الأمان للشيعة قيس بن سعد وليس الحسنعليه‌السلام الذي طلب الاموال لنفسه!!! وبالتالي فان بلاءها منحصر بالزهري عالم البلاط الأموي وتبنى تلميذاه معمر بن راشد(3) ويونس الايلي روايتها تلبية لرغبة

__________________

(1) عبدالرزاق الصنعاني ، لمصنف ج 5 ص 461 ـ 463.

(2) الطبري تاريخ الامم والملوك 4 / 125.

(3) معمر بن راشد مولى الأزد يقال كان مملوكا لقوم ينزلون طاحية توفي سنة ثلاث وخمسين ومائة في رمضان وكان يكنى أبا عروة (ابن عساكر ، تاريخ مدينة دمشق ج 59 ص 395) ويروي أبو بكر محمد بن محمد بن رجاء قال معمر بن راشد كان بالبصرة وكان تاجرا يختلف إلى الشام فوافى آل مروان ولهم وليمة وعرس فاستعاروا منه متاعا لعرسهم فأعارهم فلما انقضى عرسهم برّوه قال إنما أنا عبد ، وكلما بررتموني به فهو لمولاي ، ولكن كلموا هذا الرجل يحدثني يعني الزهري فكلموه فحدثه. وعن ابن عائشة نا عبد الواحد بن زياد قال قلت لمعمر كيف سمعت من ابن شهاب قال كنت مملوكا لقوم من طاحية فأرسلوني ببز أبيعه فقدمت المدينة فنزلت دارا فرأيت شيخا والناس يعرضون عليه العلم فعرضت عليه معهم (ابن عساكر ، تاريخ مدينة دمشق ج 59 ص 393) ،أقول : والرواية الأولى هي الصحيحة لان معمر التقى الزهري في الرصافة. فقد روى ابن عساكر عن عثمان ابن أحمد نا حنبل بن إسحاق حدثني أبو عبد الله نا عبد الرزاق قال قال معمر كنت جئت الزهري بالرصافة فجعل يلقي عليَّ. (ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ج 59 ص 393) قال السمعاني ج 3 ص 71 (الرصافة وهي بلدة بالشام كان ينزلها هشام بن عبد الملك فنسب البلد إليه فيقال : رصافة هشام ، والمشهور بهذه النسبة أبو محمد حجاج بن يوسف بن أبي منيع ـ واسمه عبد الله بن أبي زياد الرصافي قام أبو حاتم بن حبان : هو من أهل الشام ، سكن حلب ، يروي عن جده عبيد الله بن أبي زياد عن الزهري ، روى عنه الحسين بن الحسن المروزي وأيوب بن محمد الوزان. وأبو أحمد عبيد الله بن أبي زياد الرصافي ، يروى عن ابن شهاب الزهري) ، ومنذ اتصاله بالزهري وهو آنذاك دون الخامسة والعشرين من العمر على اكثر تقدير ، اختص بالزهري وهو في أخريات عمره وبرز اسمه قال عن حماد بن سلمة قال لما رحل معمر إلى الزهري نبل وكنا نسميه معمر الزهري ، (ابن عساكر / تاريخ مدينة دمشق ج 59 /). روى عبد الرزاق عن ابن عيينة قال كنت جالسا عند سعيد بن أبي عروبة (ت هـ) فحدث بحديث عن معمر قال لقد رفعنا معمر كم هذا أخذنا عنه) ، وفي رواية

٤٥٨

خلفاء بني العباس في تشويه الحسنعليه‌السلام .

رجع الحديث إلى شرح ابن حجر :

قوله (فقال عبد الله بن عامر) هو بن كريز بن عبد شمس).

(وعبد الرحمن بن سمرة) هو ابن حبيب بن عبد شمس).

قوله (نلقاه فنقول له الصلح) أي نشير عليه بالصلح وهذا ظاهره انهما بدآ بذلك والذي تقدم في كتاب الصلح ان معاوية هو الذي بعثهما فيمكن الجمع بأنهما عرضا أنفسهما فوافقهما ولفطه هناك. (فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس) أي ابن عبد مناف بن قصي (عبد الرحمن بن سمرة) زاد الحميدي في مسنده عن سفيان (بن حبيب بن عبد شمس) قال سفيان وكانت له صحبة.

(وبنو حبيب بن عبد شمس بنو عم بني أمية بن عبد شمس ومعاوية هو ابن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية)

(فقال معاوية اذهبا إلى هذا الرجل فأعرضا عليه) أي ما شاء من المال.

(وقولا له) أي في حقن دماء المسلمين بالصلح.

(واطلبا إليه) أي اطلبا منه خلعه نفسه من الخلافة وتسليم الأمر لمعاوية وابذلا له في مقابله ذلك ما شاء.

(قال فقال لهما الحسن بن علي إنّا بنو عبد المطلب قد أصبنا من هذا المال وان هذه الأمة قد عاثت في دمائها ، قالا فإنه يعرض عليك كذا وكذا ويطلب إليك ويسألك قال فمن لي بهذا قالا نحن لك به فما سألهما شيئا الا قالا نحن لك به فصالحه).

قال ابن بطال : هذا يدل على أن معاوية كان هو الراغب في الصلح وأنه عرض على الحسن المال ورغَّبه فيه وحثَّه على رفع السيف وذكره ما وعده به جدهصلى‌الله‌عليه‌وسلم من سيادته في الإصلاح به ، فقال له الحسن إنّا بنو عبد المطلب (أصبنا من هذا المال) أي أنا جُبِلنا على الكرم والتوسعة على اتباعنا من الأهل والموالي وكنا

__________________

قال معمرا روينا عنه وهو حدث قال سفيان قلت أنت شرفته الله شرفه) (ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ج 59 ص 403)أقول : اقل ما تفيده الرواية ان معمر بن راشد وسفيان بن عيينة كانا يدا واحدة في المنهج فضلا عن تلمذتهما الخاصة على الزهري.

٤٥٩

نتمكن من ذلك بالخلافة حتى صار ذلك لنا عادة.

وقوله (أن هذه الأمة) أي العسكرين الشامي والعراقي.

قوله (قد عاثت) بالمثلثة أي قتل بعضها بعضا فلا يكفون عن ذلك الال بالصفح عما مضى منهم والتألف بالمال وأراد الحسن بذلك كله تسكين الفتنة وتفرقة المال على من لا يرضيه الا المال فوافقاه على ما شرط من جميع ذلك والتزما له من المال في كل عام والثياب والأقوات ما يحتاج إليه لكل من ذكر.

قال البدري :

كلام ابن بطال في تفرقة المال على من لا يرضيه الا المال كلام باطل ، لأنه الذين قتلوا زمن أبيه علي كانوا شهداء وكانت اسرهم قد اجرى لها راتبا ، وقد اكد الحسن هذا الراتب في شروطه على معاوية بقوله ان يجرى في اسر قتلى صفين والجمل ،

وقوله (من لي بهذا) أي من يضمن لي الوفاء من معاوية فقالا نحن نضمن لان معاوية كان فوض لهما ذلك ويحتمل ان يكون قوله (أصبنا من هذا المال) أي فرقنا منه في حياة علي وبعده ما رأينا في ذلك صلاحا فنبه على ذلك خشية ان يرجع عليه بما تصرف فيه.

قال البدري : وهذا الكلام من ابن حجر اسوأ من كلام ابن بطال.

قال ابن حجر :

وفي رواية إسماعيل بن راشد عند الطبري فبعث إليه معاوية عبد الله بن عامر وعبد الله بن سمرة بن حبيب كذا قال عبد الله وكذا وقع عند الطبراني والذي في الصحيح (البخاري) أصح ولعل عبد الله كان مع أخيه عبد الرحمن قال فقدما على الحسن بالمدائن فأعطياه ما أراد وصالحاه على أن يأخذ من بيت مال الكوفة خمسة آلاف ألف في أشياء أشترطها.

ومن طريق عوانة بن الحكم نحوه وزاد وكان الحسن صالح معاوية على أن يجعل له ما في بيت مال الكوفة وأن يكون له خراج دار أبجرد.

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611