الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي

الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي9%

الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسن عليه السلام
الصفحات: 611

الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي
  • البداية
  • السابق
  • 611 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 178028 / تحميل: 7868
الحجم الحجم الحجم
الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي

الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

تقضي بنفي بنوة الحسنينعليهما‌السلام للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فراجع كلامهعليه‌السلام في ذلك(1) .

هذا ولهمعليهم‌السلام احتجاجات أخرى بآية المباهلة على خلافة أمير المؤمنين ، وعلى أفضليتهعليه‌السلام ، وغير ذلك ، لا مجال لذكرها هنا(2) .

مفارقة :

وبعد أن اتضح : أن السياسة الأموية كانت تقضي أن يستبعد اسم عليعليه‌السلام من جملة من باهل بهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم نفي بنوة الحسنينعليهما‌السلام لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فإننا نجدهم يصرون على خؤولة معاوية للمؤمنين ، ويجعلون ذلك ذريعة للإنكار على من ذكر معاوية بسوء ، ولكنهم إذا ذكر محمد بن أبي بكر بسوء رضوا أو أمسكوا ومالوا مع ذاكره ، وخؤولته ظاهرة بائنة وقد نفرت قلوبهم من علي بن أبي طالب لأنه حارب معاوية وقاتله ، وسكنت قلوبهم عند قتل عمار ومحمد بن أبي بكر ، وله حرمة الخؤولة ، وهو أفضل من معاوية ، وأبوه خير من أبي معاوية ، وما ذلك إلا خديعة أو جهالة ، وإلا فلماذا لا يستنكرون قتل محمد بن أبي بكر ولا يذكرون خؤولته للمؤمنين؟(3) .

من مواقف الإمام الحسنعليه‌السلام :

نعم ولم يقتصر الائمة في تصديهم للمغرضين والحاقدين ، والوقوف في وجه سياساتهم تلك بحزم وصلابة ـ على مواقف الحجاج هذه ، بل تعدَّوا ذلك

__________________

1 ـ راجع ـ تفسير القمي ج 1 ص 209.

2 ـ لا بأس بمراجعة البحار ج 49 ص 188 وتفسير الميزان ج 2 ص 230 و 329 وتفسير البرهان ج 1 ص 286 و 287 وغير ذلك.

3 ـ مقتبس من كتاب : المعيار والموازنة ص 21.

٤١

إلى المناسبات الأخرى ، واستمروا يعلنون بهذا الأمر على الملأ ، ويؤكدون عليه في كثير من المناسبات والمواقف الحساسة ، وكشفوا زيف تلك الدعاوى بشكل لا يدع مجالاً لأي شك أو ريب

وقد صدع الإمام الحسنعليه‌السلام بهذا الأمر في أكثر من مناسبة ، وأكثر من موقف

ولم يكن يكتفي بإظهار وإثبات بنوَّته لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وحسب وإنما كان يهتم في التأكيد على أن حق الإمامة والخلافة له وحده ، ولا تصل النوبة إلى معاوية وأضرابه ، لان معاوية ليس فقط يفقد المواصفات الضرورية لهذا الامر ، وإنما هو يتصف بالصفات التي تنافيها وتنقضها بصورة أساسية وكمثالٍ على كل ذلك نذكر :

1 ـ أنهعليه‌السلام يخطب فور وفاة أبيه أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فيقول : « أيها الناس ، من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني ، فأنا الحسن بن علي ، وأنا ابن النبي ، وأنا ابن الوصي »(1) .

لاحظ كلمة : « الوصي » في هذه العبارة الأخيرة.

وفي نصٍ آخر أنه قال : « فأنا الحسن بن محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(2) .

وقال حينئذٍ أيضاً : « أنا ابن البشير النذير ، أنا ابن الداعي إلى الله بإذنه ، انا ابن السراج المنير ، انا ابن من اذهب الله عنهم الرجس ، وطهرهم تطهيراً ، انا من اهل بيت افترض الله طاعتهم في كتابه »

__________________

1 ـ مستدرك الحاكم ج3 ص 172 وذخائر العقبى ص 138 عن الدولابي ، وكشف الغمة للأربلي ج 2 ص 173 عن الجنابذي على ما يظهر.

2 ـ مقاتل الطالبيين ص 52 وتفسير فرات ص 72 و70 وفي مقتل الحسين للخوارزمي ج 1 ص 126 : انا ابن نبي الله الخ وحياة الصحابة ج 3 ص 526 ومجمع الزوائد ج 9 146 وقال ك ورواه احمد باختصار كثير ، وإسناد احمد وبعض طرق البزار والطبراني في الكبير حسان. وتيسير المطالب ص 179. وعن أمالي الطوسي ص 169 وعن إرشاد المفيد وعن طبقات ابن سعد ج 2 ص 25 ، وعن جمهرة الخطب ج 2 ص 7.

٤٢

الخ(1) ثم قام ابن عباس ، فقال : « هذا ابن بنت نبيكم ، ووثي إمامكم فبايعوه »(2) .

2 ـ وفي مناسبة اخرى في الشام ، طلب منه معاوية ـ بمشورة عمرو بن العاص ـ ان يصعد المنبر ، ويخطب ـ رجاء أن يحصر ـ فصعد المنبر ، فحمد الله ، واثنى عليه ، ثم اورد خطبة هامة ، تضمنت ما تقدم ، وسواه الشيء الكثير ، قال الراوي : « ولم يزل به حتى أظلمت الدنيا على معاوية ، وعرف الحسن من لم يكن عرفه من أهل الشام وغيرهم ، ثم نزل. فقال له معاوية : أما إنك يا حسن قد كنت ترجو ان تكون خليفة ، ولست هناك!

فقال الحسنعليه‌السلام : اما الخليفة فمن سار بسيرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعمل بطاعة الله عز وجل. وليس الخليفة من سار بالجور، وعطل السنن ، واتخذ الدنيا أماً وأباً ، وعباد الله خولاً ، وماله دولاً ، ولكن ذلك أمر ملك أصاب ملكاً ، فتمتع منه قليلاً ، كَأَنْ قد انقطع عنه » إلى آخر كلامه عليه

__________________

1 ـ راجع : الفصول المهمة للمالكي ص 146 وتفسير فرات ص 70 و 72 وكشف الغمة للأربلي ج 2 ص 159 وينابيع المودة ص 225 و 302 و 270 و 479 و 482 عن أبي سعد في شرف النبوة ، والطبراني في الكبير ، والبزار ، والزرندي المدني ، وغيرهم ، وارشاد المفيد ص 207 وفرائد السمطين ج 2 ص 120 ومستدرك الحكام ج 3 ص 172 ومجمع الزوائد ج 9 ص 46 وحياة الصحابة ج 3 ص 526 وذخائر العقبى ص 138 و 140 وعن الدولابي في الذرية الطاهرة ، ونزهة المجالس ج 2 ص 186 ، والمحاسن والمساوي ج ا ص 132 / 133 والمناقب لابن شهر آشوب ج 4 ص 11 و 12 والاحتجاج ج 1 ص 419 والبحار ج 44 وامالي الشيخ الطوسي ج 1 ص 12 واعلام الورى ص 208 وشرح النهج للمعتزلي ج 16 ص 30.

2 ـ ستأتي المصادر لذلك إن شاء الله تعالى

3 ـ البحار ج 43 ص 363.

٤٣

السلام(1) .

ونفس هذه القضية تذكر له مع معاوية ، حينما جرى الصلح بينهما في الكوفة(2) .

وهذا يؤيد ما ذكره البعض : من أن معاوية قد دس السم الى الإمام الحسنعليه‌السلام ، لأنه كان يقدم عليه الى الشام(3) .

3 ـ وفي نص آخر : أن معاوية طلب من الإمام الحسنعليه‌السلام : ان يصعد على المنبر ، ويخطب فصعد المنبر وخطب ، وصار يقول : أنا ابن ، أنا ابن إلى أن قال : « لو طلبتم ابناً لنبيكم ما بين لابتيها لم تجدوا غيري وغير أخي »(4) . ومن أراد الرواية بطولها فليراجع المصادر.

4 ـ وفي نص آخر : أن معاوية طلب منه : ان يصعد المنبر وينتسب ، فصعد ، وصار يقول : بلدتي مكة ومنى ، وانا ابن المروة والصفا ، وانا ابن النبي المصطفى الى ان قال : فاذن المؤذن ، فقال : اشهد ان محمداً رسول الله ، فالتفت الى معاوية ، فقال : أمحمد أبي؟ أم أبوك؟! فإن قلت : ليس بأبي ، كفرت ، وإن قلت : نعم ، فقد أقررت ثم قال : أصبحت العجم تعرف حق العرب بأنَّ محمداً منها ، يطلبون حقنا ، ولا يردون إلينا حقنا »(5) .

__________________

1 ـ الاحتجاج ج 1 ص 419 والخرائج والجرائح ص 218 والكلام الاخير موجود أيضاً في مصادر أخرى فراجع الهامش التالي.

2 ـ ذخائر العقبى ص 140 عن أبي سعد ، وراجع : مقتل الحسين للخوارزمي ج 1ص 126 لكن فيه : أن ذلك كان بالمدينة ، والبحار ج 44 ص 122 والمحاسن والمساوي ج 1 ص 133 وليراجع شرح النهج للمعتزلي ج 16 ص 49 ومقاتل الطالبيين ص 73 والإمام الحسن لآل يس ص 110 ـ 114 وتحف العقول ص 164.

3 ـ الغدير ج 11 ص 8 عن طبقات ابن سعد.

4 ـ المناقب لابن شهر آشوب ج 4 ص 12 عن العقد الفريد والمدائني. وليراجع : مقتل الحسين للخوارزمي ج 1 ص 126 والبحار ج 43 ص 355 / 356 وعيون الاخبار لابن قتيبة ج 2 ص 172.

5 ـ المناقب لابن شهر آشوب ج 4 ص 12 والبحار ج 43 ص 356 وليراجع ج 44 ص 121 و122 وعن تحف العقول ص 232 والخرايج والجرايح ص 217 / 218.

٤٤

5 ـ وفي مناسبة أخرى ، طلب منه معاوية أن يخطب ويعظهم ، فخطب وصار يقول : أنا ابن رسول الله ، أنا ابن صاحب الفضايل ، أنا ابن صاحب المعجزات والدلايل ، أنا ابن أمير المؤمنين ، أنا المدفوع عن حقي إلى أن قال : أنا إمام خلق الله ، وابن محمد رسول الله ، فخشي معاوية أن يتكلم بما يفتن به الناس ، فقال : إنزل ، فقد كفى ما جرى ، فنزل »(1) .

6 ـ بل لقد رأينا معاوية يعترف له بهذا الأمر ، فيقول له مرة في كلام له : « ولا سيما أنت يا أبا محمد ، فإنك ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وسيد شباب أهل الجنة »(2) .

ويدخل في هذا المجال أيضاً قول الإمام الحسنعليه‌السلام لأبي بكر ، وقول الإمام الحسينعليه‌السلام لعمر : انزل عن منبر أبي ، حسبما سيأتي ، إن كان المقصود بأبي : هو النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما يظهر من اعترافهما لهما. وإن كان المقصود به أباهما أمير المؤمنين ـ كما احتمله بعض المحققين ـ(3) فيدخل في مجال احتجاجاتهماعليهما‌السلام على أحقيتهم بالأمر ، دون كل أحد سواهم ويكونان قد انتزعا منهما اعترافاً صريحاً وهاماً في هذا المجال.

مواقف أخرى للأئمة وذريتهم الطاهرة :

وبعد ذلك ، فإنا نجد الإمام الحسينعليه‌السلام يخطب الناس ، ويقول : « أقررتم بالطاعة ، وآمنتم بالرسول محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم إنكم زحفتم إلى ذريته وعترته ، تريدون قتلهم إلى أن قال : ألست أنا ابن بنت

__________________

1 ـ أمالي الصدوق ص 158.

2 ـ المحاسن والمساوي ج 1 ص 122.

3 ـ هو المحقق البحاثة السيد مهدي الروحاني حفظه الله

٤٥

نبيكم ، وابن وصيه ، وابن عمه »(1) .

ويقول في موضع آخر ،حينما اشتد به الحال : « ونحن عترة نبيك ، وولد نبيك ، محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الذي اصطفيته بالرسالة الخ »(2) .

ويقول في وصف جيش يزيد ، في يوم عاشوراء : « فإنما أنتم طواغيت إلى أن قال : وقتلة أولاد الأنبياء ، ومبيري عترة الأوصياء »(3)

وقد اعترفوا له بذلك حينما ناشدهم ، فقال : انشدكم الله ، هل تعرفوني؟. : نعم ، أنت ابن رسول الله وسبطه »(4) .

وللإمام السجاد موقف هام في الشام ، حينما ألقى خطبته الرائعة ، فقال : « أيها الناس ، انا ابن مكة ومنى ، انا ابن زمزم والصفا ، أنا ابن من حمل الركن بأطراف الردا إلى أن قال : أنا ابن من حُمِلَ على البراق ، وبلغ به جبرائيل سدرة المنتهى » إلى آخر الخطبة التي كان من نتيجتها : أن « ضجَّ الناس بالبكاء ، وخشي يزيد الفتنة ، فأمر المؤذن أن يؤذن للصلاة » ولكنهعليه‌السلام قد تابع خطبته ، واحتجاجاته الدامغة على يزيد ، وتفرق الناس ، ولم ينتظم لهم صلاة في ذلك اليوم(5) .

وبعد ذلك فإننا نجد العقيلة زينب تقف في وجه يزيد لتقول له : « أمن العدل يا ابن الطلقاء ، تخديرك حرائرك وإماءك ، وسوقك بنات رسول الله سبايا؟ »

وفيها : « واستأصلت الشأفة ، بإراقتك دماء ذرية رسول الله صلى الله عليه

__________________

1 ـ مقتل الحسين للمقرم ص 274 عن مقتل محمد بن أبي طالب الحايري.

2 ـ المصدر السابق عن الإقبال ، ومصباح المتهجد ، وعنهما في مزار البحار ص 107 باب زيارته يوم ولادته.

3 ـ مقتل الحسين للخوارزمي ج 2 ص 7 وراجع : مقتل الحسين للمقرم ص 282 للاطلاع على مصادر أخرى.

4 ـ أمالي الصدوق ص 140.

5 ـ راجع مقتل الحسين للخوارزمي ج 2 ص 69 / 70 ومقتل الحسين للمقرم ص 442 /443 عنه ، وعن نفس المهموم ص 242.

٤٦

وآله وسلم » ، إلى أن قالت : « ولتردنَّ على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بما تحملت من سفك دماء ذريته ، وانتهكت من حرمته ولحمته »(1) .

وفي خطبة لها لأهل الكوفة : « الحمد لله ، والصلاة على أبي محمد وآله الطيبين الأخيار ». وفي نص آخر : « والصلاة عن أبي رسول الله »(2) .

وتقول فاطمة بنت الحسين في خطبة لها في الكوفة أيضاً : « وأنَّ محمداً عبده ورسوله ، وأنَّ اولاده ذبحوا بشط الفرات »(3) .

على خطى النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله :

وبعد بإنَّ ذلك لم يكن منهمعليهم‌السلام إلا أسوة منهم بالنبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الذيكان ينظر إلى الغيب من ستر رقيق ، وقد ورد عنه الثير مما يدل على إصراره صلى عليه وآله على تركيز فضية بنوة الحسنينعليهما‌السلام لهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ضمير الأمة ووجدانها ، بشكل لا يبقى معه أي مجال للشبهة ، أو الشك والترديد وكنموذج على ذلك نشير إلى :

1 ـ قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : هذان ابناي من أحبهما فقد أحبني(4) . وفي نص آخر : هذان ابناي ، وابنا ابنتي ، اللهم إني أحبهما ، وأحب

__________________

1 ـ بلاغات النساء ط دار النهضة ص 35 و 36 ومقتل الحسين للخوارزمي ج 2 ص 64 و 65 ومتل الحسين للمقرم ص 450 / 451.

2 ـ راجع : الأمالي للشيخ الطوسي ج 1 ص 90 ومقتل الحسين للمقرم ص 385 عنه وعن أمالي ابنه ، وعن اللهوف ، وابن نما ، وابن شهر آشوب ، والاحتجاج للطبرسي.

3 ـ مقتل الحسين للمقرم ص 390.

4 ـ ذخائر العقبى ص 124 ، وصفة الصفوة ج 1 ص 763 ، وتاريخ ابن عساكر ج 4 ص 206 وكنز العمال ط 2 ج 6 ص 221 والغدير ج 7 ص 124 عن مستدرك الحكام ج 3 ص 166 ونقل عن الترمذي ، رقم 3772.

٤٧

من يحبهما(1) .

وفي رواية أخرى عن عائشة : أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يأخذ حسناً ، فيضمه إليه ، ثم يقول : اللهم إن هذا ابني ، وأنا أحبه ، فأحببه ، وأحب من يحبه(2) .

2 ـ كما أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمجرد ولادة أحدهما يقول لأسماء : هلمي ابني ، كما تقدم.

3 ـ وقول : إن ابني هذا سيد(3) .

4 ـ كما أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجلس في المسجد ، ويقول : أدعوا لي ابني ، قال : فأتى الحسن يشتد إلى أن قال : وجعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يفتح فمه في فمه ، ويقول : اللهم إني أحبه ، فأحبَّه ، وأحبَّ من يحبه ، ثلاث مرات(4) .

5 ـ وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنه قال : كل ابن آدم ينتسبون إلى عصبة أبيهم ، إلا ولد فاطمة فإني أنا أبوهم ، وأنا عصبتهم(5) .

__________________

1 ـ ينابيع المودة ص 165 عن الترمذي ، وتاريخ الخلفاء ص 189 والمعجم الصغير للطبراني ج 1 ص 200 وخصائص الإمام علي للنسائي ص 124 ومجمع الزوائد ج 9 ص 180 وراجع : مستدرك الحاكم ج 3 ص 166 و 171 وذخائر العقبى ص 124 وفي هامش الخصائص للنسائي عن كفاية الطالب ص 200 وكنز العمال ج 6 ص 220 وعن الترمذي ج 2 ص 240 وغيرهم.

2 ـ كنز العمال ج 16 ص 262 ط 2 ومجمع الزوائد ج 9 ص 176 ، وترجمة الإمام الحسن بن علي عليهما لابن عساكر ، بتحقيق المحمودي ص 56 ، وفي هامشه عن المعجم الكبير للطبراني ج 1 ص 20 ط 1.

3 ـ مصادر ذلك كثيرة ، لايكاد يخلو منها كتاب ، ولذا فلا حاجة لتعدادها

4 ـ ذخائر العقبى ص 122 عن الحافظ السلفي

5 ـ الصواعق المحرقة ص 154 ومستدرك الحاكم ج 3 ص 164 ، وتاريخ بغداد ج 11 ص 285 ، وينابيع المودة ص 261 وفرائد السمطين ج 2 ص 69 ، ومقتل الحسين للخوارزمي ج 1 ص 68 وإحقاق الحق ج 9 ص 644 ـ 655 عن مصادر كثيرة حداً وذخائر العقبى ص 121 وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج 3 ص 149 ، وعن كنز

٤٨

وحسبنا ما ذكرناه في هذا المجال ، فإن استقصاء ذلك مع مصادرة متعسر ، بل متعذر في هذه العجالة ، لا سيما وأن علينا أن نوفر الفرصة لبحوث أخرى عن الحياة السياسية للإمام الحسن المجتبى عليه الصلاة والسلام. ومن أراد المزيد من النصوص الداله على بنوة الحسنينعليهما‌السلام فليراجع الغدير ج 7 ص 124 ـ 129(1) .

ج : شهادة الحسنين على كتابٍ لثقيف :

وبعد كل ما تقدم فإننا نجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يكتب كتاباً لثقيف ، ويثبت فيه شهادة علي والحسنين صلوات الله وسلامه عليهم.

قال أبو عبيد : « وفي هذا الحديث من الفقه إثباته شهادة الحسن والحسين. وقد كان يروى مثل هذا عن بعض التابعين أن شهادة الصبيان تكتب ويستنسبون : فيستحسن ذلك. فهو الأن في سنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(2) .

وقال الكتاني : « فيه من الفقه إثباتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شهادة الصبيان ، وكتابة أسماهم قبل البلوغ. وإنما تقبل شهادتهم إذا أدوها بعد البلوغ. وفيها أيضاً شهادة الإبن أيضاً مع شهادة أبيه في عقد واحد 1 هـ نقله في نور النبراس » انتهى(3) .

__________________

= العمال ج 6 ص 216 و 215 وعن مجمع الزوائد ج 9 / 172.

1 ـ وليراجع أيضاً ـ على ما ذكره المحقق العلامة الاحمدي ـ : ينابيع المودة ص 259 و138 و 146 و 214 و 183 و 182 و 255 و 136 و 221 و 258 و 222 و 331 و 250 وإسعاف الراغبين ص 132 و 133 وكفاية الطالب ص 235 و 237 والفصول المهمة لابن الصباغ ص 158 و 159 وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 126 وابن عساكر ج 4 ص 152 و 203 و 204.

2 ـ الاموال ص 289 /280 وراجع : التراتيب الإدارية ج 1 ص 274 ومكاتيب الرسول ج 1 ص 273 وراجع : طبقات ابن سعد ج 1 ص 33.

3 ـ التراتيب الإدارية ج 1 ص 274.

٤٩

وقال محمد خليل هراس في تعليقه له على الأموال : « ولا يجوز القول بأن تلك خصوصية لهما رضي الله عنهما : إذ لا دليل عليها ومادام الطفل مميزاً يجب أن تعتبر شهادته فإنه قد يحتاج إليها »(1) .

ونقول : ألم يجد النبي أحداً من الصحابة يستشهده على ذلك الكتاب الخطير الذي يرتبط بمصير جماعة كثيرة سوى هذين الصبيين؟! وهل كان وحيداً فريداً حينما جاءه وفد ثقيف ، وكتب لهم ذلك الكتاب حتى احتاج إلى استشهاد ولدين صغيرين لم يبلغا الخمس سنوات؟!

إن أدنى مراجعة للنصوص التاريخية لتبعد كل البعد هذا الاحتمال الأخير ، حيث إنها صريحة في أن رسول الله صلى عليه وآله وسلم قد ضرب لهم قبة في المسجد ليسمعوا القرآن ، ويروا الناس إذا صلوا وكان خالد بن سعيد بن العاص حاضراً وكان خالد بن الوليد هو الكاتب ، ومع ذلك لم يشهدا على الكتاب

أخيراً فقد نص ابن رشد على أن العدالة تشترط في الشاهد بإجماع المسلمين. ثم قال : « وأما البلوغ فإنهم اتفقوا على أنه يشترط حيث تشترط العدالة. واختلفوا في شهادة الصبيان بعضهم على بعض في الجراح وفي القتل : فردها جمهور فقهاء الأمصار لما قلناه من وقوع الإجماع على أن من شرط الشهادة العدالة ، ومن شرط العدالة البلوغ : ولذلك ليست في الحقيقة شهادة عند مالك ، وإنما هي قرينة حال »(2) .

وبعد كل ما تقدم فإننا نفهم أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أراد أن يظهر امتيازاً للحسنينعليهما‌السلام ، وأنهما كانا على درجة عالية من التمييز والتعقل التام في هذا الوقت المبكر جداً من سنهما ، وأنهما مؤهلان لأن يتحملا مسؤوليات جسام حتى في المعاهدات السياسية الخطيرة كهذه المعاهدة بالذات ، وبالأخص بالنسبة لقبيلة ثقيف المعروفة بعدائها القوي للإسلام وللمسلمين.

__________________

1 ـ الأموال هامش ص 280.

2 ـ بداية المجتهد ج 2 ص 457.

٥٠

د : بيعة الرضوان :

1 ـ قال الشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه ، عن الحسنين عليهما الصلاة والسلام : « وكان من برهان كمالهماعليهما‌السلام ، وحجة اختصاص الله تعالى لهما ، بعد الذي ذكرناه من مباهلة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بهما ، بيعة رسول الله لهما ، ولم يبايع صبياً في ظاهر الحال غيرهما ، ونزول القرآن بإيجاب ثواب الجنة لهما على عملهما ، مع ظاهر الطفولية فيهما ، ولم ينزل بذلك في مثلهما ، قال الله تعالى :( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلَى حْبِّهِ مِسكيناً ، وَيَتِيماً وَأَسيراً ) (1) .

2 ـ وقال الخليفة المأمون العباسي ، في ضمن احتجاجاته على أهل بيته فيما يتعلق بالإمام الجوادعليه‌السلام :

« ويحكم ، إن أهل هذا البيت خصوا من الخلق بما ترون من الفضل. وإن صغر السن لا يمنعهم من الكمال. أما علمتم : أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم افتتح دعوته بدعاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وهو ابن عشر سنين ، وقبل منه الإسلام ، وحكم له به ، ولم يدعُ أحداً في سنه غيره؟ وبايع الحسن والحسينعليهما‌السلام وهما دون الست سنين ، ولم يبايع صبياً غيرهما؟ أو لا تعلمون الآن ما اختص الله به هؤلاء القوم ، وأنهم ذرية بعضهما من بعض ، يجري لآخرهم ما يجري لأولهم الخ »(2) .

وروي عن الصادق أيضاً : أنه « لم يبايع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من لم يحتلم إلا الحسن والحسين ، وعبد الله بن جعفر ، وعبد الله بن عباس رضي

__________________

1 ـ الإرشاد ص 219 وفدك للقزويني هامش ص 16عنه.

2 ـ الاحتجاج ج 2 ص 245 والبحار ج 50 ص 78 عنه ، والإرشاد للمفيد ص 363 ، وتفسير القمي ج 1 ص 184 / 185 وراجع : الحياة السياسية للإمام الجوادعليه‌السلام ، حين الكلام حول قضية تزويج المأمون ابنته للإمام ، فقد ذكرنا عنه مصادر كثيرة.

٥١

الله عنهم » قال : ولم يبايع صغيراً إلا منا(1) .

وذلك بكذِّب دعوى البعض : بايع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبد الله بن الزبير ، وهو ابن سبع سنين(2) وقد كان انتحال الفضائل أمراً معروفاً عن الزبيريين وبني أمية.

ولكن ما تقدم عن المأمون ، وعن الشيخ المفيد يوضح : أن إضافة ابن عباس ، وابن جعفر إنما هي من تزيُّد الرواة ، حيث ينفي المأمون بشكل قاطع ـ وكذلك ينفي المفيد ـ أن يكونصلى‌الله‌عليه‌وآله قد بايع صبياً غيرهما ، وذِكر ذلك في مقام الاحتجاج ، يدل على التسالم على ذلك الأمر آنئذٍ. وأن ما ورد في هذا النص الأخير ، قد أضيف إليه بعد ذلك الزمان

وواضح : أنه إذا كانت البيعة تتضمن إعطاء التزام وتعهد للطرف الآخر ، بتحمل مسؤوليات معينة ، ترتبط بمستقبل الدعوة والمجتمع ، وحمايتهما من كثير من الأخطار التي ربما يتعرضان لها ، فإن معنى ذلك هو أن النبي صلى عليه وآله وسلم قد رأى في الحسنينعليهما‌السلام ـ على صغر سنهما ـ أهلية وقابلية لتحمل تلك المسؤوليات الجسام ، والوفاء بالالتزامات التي أخذا على عاتقهما الوفاء بها

وقد يتخيل البعض هنا : أن التكليف قد كان حينئذٍ منوطاً بالتمييز ، فأخذ البيعة منهما لا يعبر عن امتياز ذي شأن لهما ، سوى أنهما قد امتلكا صفة التمييز في وقت مبكر ، فتبعها تعلق التكليف بهما ...

والجواب عن ذلك :

__________________

1 ـ ينابيع المودة ص 375 عن فصل الخطاب لمحمد پارسا البخاري ، عن النووي على ما يبدو وترجمة الإمام الحسين لابن عساكر بتحقيق المحمودي ص 150 وفي هامشه عن المعجم الكبير للطبراني ، ترجمة الإمام الحسين الحديث رقم 77 وحياة الصحابة ج 1 ص 250 ومجمع الزوائد ج 6 ص 40 عن الطبراني وقال : هو مرسل ورجاله ثقات والعقد الفريد ج 4 ص 384 من دون ذكر ابن عباس.

2 ـ التراتيب الإدارية ج 1 ص 222 عن القرطبي.

٥٢

أولاً : إن ما يقال من إناطة التكليف بالتمييز قد انتهى امده قبل ذلك بزمان وبالذات في عام الخندق ـ في السنة الخامسة أو الرابعة للهجرة النبوية(1) ـ في قضية قبول ابن عمر في الغزو ، حيث انيط التكليف بالسن منذئذ حسبما ذكروه

وثانياً : أننا لو سلمنا ذلك فيرد سؤال ، وهو : لماذا اختص ذلك بالحسنين صلوات الله عليهما ، دون غيرهما من سائر الناس؟. أم يعقل : أنه لم يكن ثمة مميز غيرهما؟ حتى ولو كان له من العمر إثنا عشر أو ثلاثة عشر سنة ، أونحو ذلك؟ إن ذلك يكشف ولا شك عن امتياز خاص لهما ، لم يشركهما فيه أحد من الخلق ، كما قرره المأمون ، والشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه

وثالثاً : إن التمييز ومجرد التكليف لا يكفي في أحيان كثيرة ، وذلك لأن طبيعة المسؤوليات التي يراد الاضطلاع بها في بعض المواضع تقتضي وجود قدرات وملكات وإمكانات إيمانية وفكرية معينة ، لا بد من توفرها في ذلك الشخص الذي يعدُّ لذلك ومورد بيعة الرضوان من هذا القبيل.

ومما يوضح ذلك : أننا نجد كثيرين ممن أظهروا قدرتهم على تحمل تلك المسؤوليات ، وقبلت منهم البيعة ـ كما كان الحال بالنسبة لبيعتهم لأمير المؤمنين يوم الغدير ، وحينما أصبح خليفة ، وغير ذلك ـ لم يفوا ببيعتهم ، واتضح أنهم لم يكونوا حائزين على تلك القدرات التي ينبغي توفرها في من يعطي التزاماً ، ويتحمل مسؤوليات كبيرة ذات طبيعة رسالية رائدة

الحسن والحسين إمامان :

وبعد كل ماتقدم ، فإننا نعرف المغزى العميق لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

__________________

1 ـ راجع : حديث الإفك ( تاريخ ودراسة ) ص 96 ـ 99.

٥٣

« الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا ». أو ما هو بمعنى ذلك ، حسبما تقدم في أوائل هذه الدراسة ، رغم أنهماعليهما‌السلام ربما لم يكن عمرهما حينئذٍ قد تجاوز عدد اصابع اليد الواحدة ونجد الإمام الحسنعليه‌السلام يستدل بهذا القول على من يعترض عليه في صلحه مع معاوية(1) .

وإذا كان البعض يريد أن يدعي : أن خلافة الإمام الحسنعليه‌السلام إنما كانت باختيار من المسلمين وبيعتهم ، ولم تكن بوصية حتى من أبيه(2)

فإن هذا القول ، وسائر ما تقدم ، يدفع كل ذلك ويدحضه

ولدينا من النصوص التي تؤكد على وصاية أمير المؤمنينعليه‌السلام بالخلافة له من بعده الشيء الكثير

ويمكن أن نذكر منها هنا :

1 ـ قول الإمام الحسنعليه‌السلام في كتابه لمعاوية : « وبعد فإن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لما نزل به الموت ولاّني هذا الأمر بعده »(3) .

2 ـ وقال ابن عباس ، بعد استشهاد أمير المؤمنينعليه‌السلام : هذا ابن بنت نبيكم ، ووصي إمامكم ، فبايعوه »(4) .

__________________

1 ـ راجع علل الشرايع ج 1 ص 211.

2 ـ جاء ذلك في مجلة المجتمع الكويتية ، في بعض أعدادها قبل سنوات ، وفي مروج الذهب ج 2 ص 414 : إن أمير المؤمنينعليه‌السلام لم يعهد..

3 ـ راجع : مقاتل الطالبيين ص 55 / 56 والفتوح لابن اعثم ج 4 ص 151 والمناقب لابن شهر آشوب ج 4 ص 31 وشرح النهج للمعتزلي ج 16 ص 36 ـ 40 والبحار ج 44 ص 64 هم كشف الغمة ، وحياة الحسن بن عليعليه‌السلام للقرشي ج 2 ص 29 ، وراجع : همش أنساب الأشراف ( بتحقيق المحمودي) ج 3 ص 31 وفي بعض المصادر « ولاَّني المسلمون الأمر ».

3 ـ الفصول المهمة للمالكي ص 46 وأعلام الورى ص 209 والإرشاد للمفيد ص 207 ، وشرح النهج لابن أبي الحديد ج 16 ص 30 وكشف الغمة للأربلي ج 2 ص 164 ومقاتل الطالبيين ص 34 و 52 ، وحياة الحسن للقرشي ج 2 ص 10 وعن إثبات الهداة ج 5 ص 139 و 134 و 136 والبحار عن أبي مخنف.

٥٤

3 ـ عن الهيثم بن عدي ، قال « حدثني غير واحد ممن أدركت من المشايخ : أن علي بن أبي طالبعليه‌السلام أصار الأمر إلى الحسن »(1) .

4 ـ وقال ابن أبي الحديد المعتزلي الحنفي عن أمر الخلافة : « وعهد بها إلى الحسنعليه‌السلام عند موته »(2) .

5 ـ « وذكروا : أن جندب بن عبد الله دخل على عليعليه‌السلام : فقال : ياأمير المؤمنين ، إن فقدناك فلا نفقدك ، فنبايع الحسن؟ قال : نعم »(3) .

6 ـ وقال ابن كثير : « الخلفاء الأربعة : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي. خلافتهم محققة ، بنص حديث سفينة : الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، ثم بعدهم الحسن بن علي ، كما وقع ، لأن علياً أوصى إليه ، وبايعه أهل العراق الخ...»(4) .

7 ـ وعند أبي الفرج ، وغيره : أنه لما أتى أبا الأسود نعي أمير المؤمنين ، والبيعة للإمام الحسنعليه‌السلام ، قام أبو الأسود خطيباً ، فكان مما قال :

« وقد أوصى بالإمامة بعده إلى ابن رسول الله ، وابنه ، وسليله ، وشبيهه في خلقه وهديه الخ »(5) .

8 ـ وعند المسعودي : أن أمير المؤمنينعليه‌السلام « وإني أوصي إلى الحسن والحسين ؛ فاسمعوا لهما ، وأطيعوا أمرهما »(6) . هذا ، وقد ذكر وصية الإمام عليعليه‌السلام إلى ولده الإمام الحسنعليه‌السلام غير واحد من

____________

1 ـ العقد الفريد ج 4 ص 474 / 475.

2 ـ شرح النهج للمعتزلي ج 1 ص 57.

3 ـ المناقب للخوارزمي ص 278.

4 ـ البداية والنهاية ج 6 ص 249.

5 ـ راجع : تيسير المطالب ص 179 وقاموس الرجال ج 5 ص 172 والأغاني ج 6 ص 121 وفي الخرائج والجرائح ما يدل على ذلك.

6 ـ إثبات الوصية ص 152.

٥٥

المؤلفين في كتبهم(1) فلتراجع.

9 ـ هذا كله عدا عما تقدم من قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنتما الإمامان ولأمكما الشفاعة.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا ، وعدا عن الأحاديث الكثيرة ، التي تنص على الأئمة بأسمائهم(2) .

وعدا عن نصوص كثيرة من طرق أهل البيت وشيعتهم ، لا مجال لذكرها هنا

10 ـ ولما مات أمير المؤمنينعليه‌السلام ، جاء الناس إلى الحسنعليه‌السلام ، فقالوا : أنت خليفة أبيك ، وصيُّه(3) .

11 ـ وقال المسعودي : « وقد ذكرت طائفة من الناس : أن علياً رضي الله عنه أوصى إلى ابنه الحسن والحسين ، لأنهما شريكاه في آية التطهير. وهذا قول كثير ممن ذهب إلى القول بالنص »(4) .

12 ـ وعن عليعليه‌السلام : أنت يا حسن وصيي ، والقائم بالأمر بعدي(5) .

وفي نص آخر : يا بُنيَّ ، أنت وليُّ الأمر ، وولي الدم(6) .

__________________

1 ـ راجع : البحار ج 10 ص 89 ، وإثبات الهداة ج 5 ص 140 وراجع ص 121 حتى ص 143 ، وأنساب الأشراف ج 2 ص 502 ـ 504 بتحقيق المحمودي ، وصلح الحسنعليه‌السلام لآل يس والكافي ج 1 ص 297 ـ 300 ،

2 ـ راجع منتخب الأثر وكحديث أهل بيتي كسفينة نوح ، وحديث الثقلين وغير ذلك

3 ـ إثبات الهداة ج 5 ص 135 والبحار ج 10 ط قديم ، باب مصالحة الحسن ، عن الخرائج والجرائح.

4 ـ مروج الذهب ج 2 ص 413.

5 ـ إثبات الهداة ج 5 ص 140.

6 ـ إثبات الهداة ج 5 ص 126 وكشف الغمة ، وأصول الكافي ج 1 ص 299 وصلح الحسن ج 1 ص 52.

٥٦

13 ـ وفي نصٍّ آخر : الحسن والحسين في عترتي ، وأوصيائي ، وخلفائي(1) .

14 ـ إن الشيعة أطبقت : على أن علياً نص على ابنه الحسن(2) .

15 ـ ويفهم من رواية ذكرها ابن سعد : أن أمر الوصاية قد اشتهر عن آل علي ، في عهد التابعين فراجع وكانوا يتَّقون الناس في إظهارها(3) .

إلى غير ذلك مما لا محال لتتبعه واستقصائه

وقد تقدم في أوائل هذا الكتاب بعض ما يدل على ذلك أيضاً.

وحسبنا ما ذكرنا هنا ، فيما يتعلق بالحياة السياسية للإمام الحسنعليه‌السلام ، في حياة الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإن استيفاء ذلك مما لا يمكن في هذه العجالة ولننتقل الآن إلى حياته السياسية في عهد الشيخين

فإلى الفصل التالي :

__________________

1 ـ إثبات الهداة ج 5 ص 139.

2 ـ إثبات الهداة ج 5 ص 133و 135 و 138 عن الشافي للسيد المرتضى ، وكشف الغمة وأعلام الورى

3 راجع : الطبقات الكبرى ج 5 ص 239 ط ليدن.

٥٧
٥٨

الفصل الثاني :

في عهد الشيخين

٥٩
٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

سفيان بن عيينه كان قد ولد سنة ١٠٧ هـ وكان عمره يوم توفي الباقرعليه‌السلام سنة ١١٤ سبع سنوات ، اما زرارة فقد كان عمره آنذاك اربعا وثلاثين سنة ، ولم ينقل لنا الرواة عن ابن عيينة انه نقل قوله فيه ذاك في زرارة عن آخرين. وبذلك يسقط قوله ويكون هو المتهم به محاولة منه في تطويق عَلَم من اعلام الرواية عن أهل البيتعليهم‌السلام .

قال بعض الباحثين المعاصرين وقع بعنوان (زرارة) في اسناد كثير من الروايات تبلغ ألفين وأربعة وتسعين مورداً وقد جمعها في كتاب سماه مسند زرارة بن اعين ورتبها على أبواب العقائد والفقه.

وبلغت رواته عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام ألف ومائتين وستة وثلاثين مورداً بل تزيد.(١)

قال ابن حزم فهذا يدل على انه (أي زرارة) رجع عن التشيع.

أقول : لقد اخطأ ابن حزم خطأين.

الأول : في عبد الله الافطح حسبه بن محمد الباقرعليه‌السلام بينما هو ابن جعفر الصادقعليه‌السلام .

والثاني : ان زرارة كان ممن قدم إلى المدينة ولقي الافطح فان الذي قدم المدينة هو عبيد بن زرارة وكان قدمها ليسأل من الامام الكاظم هل يجوز لزرارة ان يظهر أمر الكاظمعليه‌السلام أم يعمل بالتقية(٢) .

روى البسوي قال حدثنا سفيان قال : قال : ابن السماك : اردت الحج فقال لي زرارة بن اعين اخو عبد الملك بن اعين : إذا لقيت جعفر بن محمد فأقرئه مني السلام وقل له : اخبرني في الجنة أنا أم في النار؟ قال : فلقيت جعفر بن محمد فقلت له : يا ابن رسول الله اتعرف زرارة بن اعين؟ قال : نعم رافضي خبيث. قال : قلت : انه يقرئك السلام ويقول : اخبرني في الجنة أنا أم في النار؟ قال : فأخبره انه في النار. ثم قال : وتعلم من أين عملت انه رافضي انه يزعم اني اعلم الغيب ، ومن زعم ان احداً يعلم الغيب لا الله عز وجل فهو كافر ، والكافر في النار.

قال : فلما قدمت الكوفة جاءني مع الناس يسلمون عليَّ ، فقال ما فعلت في

__________________

(١) بشير المحمدي ،مسند زرارة ص ٣٠ ـ ٣١.

(٢) بحثنا ذلك مفصلا في كتابناشبهات وردود الحلقة الأولى الفصل الرابع.

٤٨١

حجتي؟ فأخبرته بما قال. فقال : فان ابن رسول الله اتقي(١) .

أقول :

وليس من شك ان هذه الرواية موضوعة على زرارة ، ومحمد بن السماك كوفي احد وعاظ السلاطين ترجم له الذهبي في سير اعلامه وان هارون الرشيد كان يحضر مجالس وعظه وكان الرشيد يبكي لوعظه!(٢) . ونقل ابن نعيم في حليته بعض احاديثه بحضور الرشيد.(٣)

توفي ابن السماك سنة ١٨٣ وقد اسن فهو من اقران ابن عينة ومن معاصريه. قال ابن نمير عنه : صدق :

قال الذهبي ما وقع له شيء في الكتب الستة.

أقول :

اما روايات لقائه بأبي جعفرعليه‌السلام فقد مرت رواية الكشي عن زرارة انه قدم المدينة وهو شاب امرد ودخل سرادق أبي جعفرعليه‌السلام بمنى ويبدو ان ذلك أول لقائه به ومعناه انه ارتبط بالباقرعليه‌السلام اكثر من خمس عشرة سنة.

ومنها ما رواه البرقي عن بكير عن زرارة قال تغديت مع أبي جعفرعليه‌السلام خمسة عشر يوما بلحم.(٤)

ومنها رواية الكليني عن زرارة قوله : قلت لابي جعفرعليه‌السلام اني ظاهرت من أم ولد لي ثم واقعت عليها ثم كفَّرت فقال : هكذا يصنع الرجل الفقيه إذا وقع كفَّر.(٥)

ومنها رواية الكليني أيضا عن زرارة ، قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن الحَدّ؟ فقال : ما احد؟ قال : فيه الا برأيه لا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قلت : اصلحك الله فما قال فيه أمير

__________________

(١) الفسوي ،كتاب المعرفة والتاريخ ج ٢ / ٦٧١ ـ ٦٧٢ ورواها الذهبي فيميزان الاعتدال ج ٢ ص ٦٩ عن يحيى بن أبي ميسرة عن سعيد بمن منصور عن ابن السماك مع تفاوت في بعض العبارات وكذا ابن حجر في لسان الميزان بترجمة زرارة وليس فيها كلام الصادقعليه‌السلام : ذاك رافضي خبيث يريد زرارة.

(٢) الذهبي ،سير اعلام النبلاء ج ٨ ص ٣٢٨ ـ ٣٣٠.

(٣) أبو نعيم ،حلية الأولياء ج ٨ ص ٢٠٨ ـ ٢٤٧.

(٤) البرقي ، أبي جعفر أحمد بن محمد بن خالد ،المحاسن ج ١ ص ٤١٨.

(٥) الكليني ،الكافي ج ١ ص ١٢٨.

٤٨٢

المؤمنينعليه‌السلام ؟ فقال إذا كان غداً فالقني حقتى اقرئكه في كتاب عليعليه‌السلام (١)

ومنها رواية الكليني عني زرارة قال رأيت قميص عليعليه‌السلام الذي قتل فيه عند ابي جعفرعليه‌السلام فإذا اسفله ثني عشر شبرهاً وبدنه ثلاثة اشبار ورأية فيه نضح دم.(٢)

وغير ذلك كثير جداً مما يزيد على ألف ومائتين وستة وثلاثين مورداً.

اما قول ابن عيينة : ولكنه كان يتتبع حديثه : فهي شهادة منه على ان زرارة كان احد اوعية علم أبي جعفر الباقرعليه‌السلام وممن عرفه حق معرفته ولم يكن قد استوطن المدينة ليسجل عن الباقرعليه‌السلام كل صغيرة وكبيرة من قوله وفعله وتقريره فلماذا لا يتتبع احاديثه وسيرته مما غاب عنه ووعاه الآخرون من الشيعة؟

ولهذه الصفة في زرارة قال الصادقعليه‌السلام لولا زرارة لظننت ان أحاديث أبي ستذهب(٣) وفي رواية أخرى قال الصادقعليه‌السلام : ان أصحاب ابي كانوا زينا احياءً وامواتا اعين زرارة ومحمد بن سلم ومنهم ليث المرادي وبريد العجلي ، هؤلاء القوامون بالقسط. هؤلاء القوامون بالصدق.

وفي رواية ثالثة : ما أحدا حين ذكرنا وأحاديث أبي الا زرارة وابو بصير ليث المرادي ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية العجلي ولولا هؤلاء ما كان احد يستنبط هذا ، هؤلاء حفاظ الجين وامناء ابيعليه‌السلام على حلال الله وحرامه وهم السابقون إلينا في الدنيا والسابقون إلينا في الآخرة.

وفي رواية رابعة : كان ابيعليه‌السلام ائتمنهم على حلال الله وحرامه وكانوا عيبة علمه وكذلك اليوم هم عندي مستودع سري هم نجوم شيعتي إحياء وامواتا يحيون ذكر أبيعليه‌السلام ، بهم يكشف الله كل بدعة ، ينفون عن هذا الدين انتحال المبطلين وتأول الغالين ثم بكى.(٤)

كلام ابن عيينة في أهل العراق :

واخيرا نذكر عنه موقفه من حديث أهل العراق : فقد روى ابن عساكر ، تاريخ

__________________

(١) الكليني ،الكافي ج ٢ ص ٢٦١ ، الطوسي ، التهذيب ج ٩ ص ٢٧١.

(٢) الكليني ، الكافي ج ٢ ص ٢٠٧.

(٣) التستري ،قاموس الرجال ج ٤ ترجمة زرارة.

(٤) المصدر السابق.

٤٨٣

مدينة دمشق ج ١ ص ٣٣٠ عن الأصمعي عن سفيان بن عيينة قال من أراد الإسناد والحديث الذي يسكن إليه فعليه بأهل المدينة ومن أراد المناسك والعلم بها والمواقيت فعليه بأهل مكة ومن أراد المقاسم وأمر الغزو فعليه بأهل الشام ومن أراد شيئا لا يعرف حقه من باطله فعليه بأهل العراق.

محمد بن إسماعيل البخاري (تـ ٢٥٦ هـ)

قال الذهبي : البخاري شيخ الإسلام وامام الحفاظ أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه الجعفي مولاهم البخاري صاحب الصحيح والتصانيف مولده في شوال سنة أربع وتسعين ومائة وأول سماعه للحديث سنة خمس ومائتين وحفظ تصانيف بن المبارك وهو صبي ، وتوفي سنة ٢٥٦ هـ وله من المصنفات : الجامع الصحيح وكتاب التاريخ في تراجم رواة الحديث وغيرها.

قال الذهبي : البخاري يتجنب الرافضة كثيرا ، كأنه يخاف من تدينهم بالتقية ولا نراه يتجنب القدرية ولا الخوارج ولا الجهمية ، فإنهم على بدعهم يلزمون الصدق.(١)

أقول :

ان البخاري قد تجنب الرواية عن الرافضة مسايرة للعباسيين في موقفهم من الامام الحسنعليه‌السلام وموقفهم من الامام الصادقعليه‌السلام . بل هو لا يحتج برواية الامام الصادق عظيم أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في وقته ، كما ترك الرواية عن ولده الامام موسى بن جعفرعليه‌السلام ، كما ترك الرواية عن الامام الرضا وولده الجواد وولده الهاديعليه‌السلام وقد كان معاصرا لهم.

قال الذهبي في ترجمة جعفر بن محمدعليه‌السلام : احد الأئمة الأعلام بر صادق كبير الشأن لم يحتج به البخاري.(٢)

أقول :

ولم يقف البخاري عند ذلك بل امتد إلى الصحابة الذين عرفوا بتشيعهم فقد ترك

__________________

(١) الذهبي ،ميزان الاعتدال ج ٣ ص ١٦٠ ترجمة علي بن هاشم بن البريد ، أبو الحسن الكوفي الخزاز ، مولى قريش. وثقه ابن معين ، وغيره. وقال أبو داود : ثبت يتشيع.

وقال البخاري : كان هو وأبوه غاليين في مذهبهما. قال الذهبي : ولغلوه ترك البخاري إخراج حديثه.

(٢) الذهبي ،ميزان الإعتدال في نقد الرجال ج ٢ ص ١٤٤.

٤٨٤

أحاديث أبي الطفيل عامر بن واثلة وهو من صغر الصحابة توفي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وله ثماني سنوات ، روى ابن عساكر قال سئل محمد بن يعقوب الاخرم : لم ترك البخاري حديث أبي الطفيل : قال كان يفرط في التشيع.(١)

خاتمةالفصل الثامن في وضع الاخبار على عهد

الأمويين والعباسيين

تبنى الاعلام الأموي منذ سنة ٥٠ هجرية وهي سنة وفاة الحسنعليه‌السلام وضع روايات في تشويه الحقائق عن تاريخ الإسلام ورموزه / النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليعليه‌السلام والحسنعليه‌السلام وبعد نهضة الحسينعليه‌السلام وشهادته اضيف الحسينعليه‌السلام / وكانت الدائرة الأولى التي اهتم بها الاعلام هي شخصية علي وموقعه من الإسلام لتسويع لعنه ، ثم سيرة النبي الذاتية لتسويغ سيرة خلفائه من بني أمية ، وتشويه صلح الحسن بالدرجة الثانية ، اما في العهد العباسي فصار تشويه صلح الحسنعليه‌السلام والسيرة الذاتية له ، وتاريخ الكوفيين زمن علي والحسن والحسين ، واصل التشيع في الدائرة الأولى. وصار تشويه علي الشخصية في الدائرة الثانية ، نعم تاريخ علاقة مع الخلفاء ووصفه بانه رابعهم ، وانه كان يعتقد بانه افضلهم كان جزءا من الدائرة الأولى.

يهمنا من هذا التقديم فهم تطور وضع الاخبار السيئة في تشويه صلح الامام الحسن ،

كان الزهري عالم البلاط الأموي قريبا من أربعين سنة / منذ عهد عبد الملك وولده إلى زمن هشام وفي عهده كان مربيا لأولاده إلى وفاته سنة ١٢٤ هـ / ، وقد كتب في سيرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله خالية من موقع عليعليه‌السلام وامتيازاته فيها ورواها عنه تلميذه معمر بن راشد وقد مرت علينا في الفصل الأول من هذا الباب ،

واشهر ما نجده في مصادر الحديث والرجال والتاريخ المهمة كالمصنف لعبد الرزاق الصنعاني ت ٢١١ هـ) والمعرفة والتاريخ للبسوي والتاريخ للطبري هو حديث الزهري في الصلح برواية من لا يتهم في روايته عنه :

__________________

(١) تهذيب ابن عساكر ج ١١ / ٢٩٤.

٤٨٥

ـ معمر بن راشد (ت ١٥٤ هـ) (في اليمن) ،

ـ ويونس الايلي (ت ١٦٠ هـ) (في مصر)

ـ وعبيد الله بن أبي زياد الرصافي (ت ١٥٨ هـ). (في الشام)

ورواية ضمرة بن ربيعة القرشي الحمصي الفلسطيني ٢٠٢ هـ (في فلسطين) ،

ثم حذا حذو رواية الزهري آخرون بالرزون ولم ينسبوها إلى الزهري بل نسبوها إلى آخرين :

ـ عوانة بن الحكم ت ١٥٨ هـ ولم ينسبها إلى الزهري رواها له الطبري عن زياد البكائي ت ١٨٣ هـ. في بغداد

ـ عثمان الطرائفي الجزري ت ٢٠٣ هـ (في الجزيرة) رواها له الطبري في تاريخه والطبراني في معجمه الكبير ،

ـ محمد بن عبيد ت ٢٠٢ هـ رواها له ابن سعد في طبقاته عن يونس بن أبي إسحاق ت ١٦١ هـ عن أبيه. وعن مجالد ت ١٤٤ هـ عن الشعبي ت ١٠٢ هـ) والشعبي. (في بغداد)؟

ـ سفيان بن عيينة ت ١٩٨ هـ (في بغداد ومكة) لم يروها عن الزهري مع تلمذته له وقد عرفه البعض ب (غُلَيم الزهري) تعبيرا عن قصر المدة معه ، بل تفرد بروايتها عن إسرائيل أبي موسى البصري عن الحسن البصري رواها له البخاري. روى البلاذري قريبا منها عن جرير بن حازم عن أبي الحسن البصري بتخمين ولده وهب.

ـ ثم جاء الشراح الكبار للبخاري أمثال ابن حجر والعيني وغيرهما وجعلوا رواية ابن عيينة المحور في بيان قصة صلح الحسنعليه‌السلام مع معاوية واضافوا إليها الروايات الآنفة الذكر مقطعة بحسب حاجة النص إلى الشاهد الاوصال من سنخها عن تلاميذ الزهري أيضا أمثال معمر بن راشد.

يبقى السؤال المهم عن مقدار الاضافات في العهد العباسي لأصل رواية الزهري ، والذي نطرحه كرأي أولي في هذه المسالة هو انابن عيينة كان له النصيب الاكبر في تطوير فكرة قضية اغراء معاوية للحسنعليه‌السلام بالمال تأييدا لكلام الخليفة الدوانيقي

٤٨٦

ان الحسنعليه‌السلام باع الخلافة بدراهم وقد لقبه الخليفة هارون حفيد المنصور بكونه سيد الناس ، واحسب ان هذه الروايات تحتاج إلى مقارنات تفصيلية مع استقصاء للاسانيد ورجالها ومهما يكن من أمر فان الثابت هو مسؤولية بني العباس في خلق جو يساعد على نمو الاعلام الأموي الكاذب في حق الحسن سواء كان قليلا أو كثيرا ليأخذ صيغته المستقرة في صحيح البخاري وتاريخ الطبري وطبقات ابن سعد وانساب الاشراف للبلاذري وكتاب المعرفة والتاريخ للبسوي وغيرها وهي مصادر أساسية في الرواية والتاريخ لكل من جاء بعدها كتاريخ ابن خلدون وتاريخ ابن الاثير وتاريخ المقريزي وتاريخ ابن عساكر ومن ثم اعتمدها المستشرقون وغيرهم في الكتابة عن الحسن ومما يؤسف هو اعتماد الباحثين الشيعة عليها في قليل أو كثير وقد عصمهم من الوقوع في الخطأ ازاء الامام الحسن هو ايمانهم بعصمته ، ومن ثم التساهل فيما عداه.

٤٨٧

الباب الثالث / الفصل التاسع

الروايات التي تطعن في أهل الكوفة

رواية عبيد الله بن أبي زياد الرصافي ت ١٥٨ هـ

روى يعقوب بن سفيان عن الحجاج بن أبي منيع (يوسف) عن جده (عبيد الله بن أبي زياد ت ١٥٨ هـ) عن الزهري قتل علي وبايع أهل العراق الحسن بن علي على الخلافة فطفق يشترط عليهم حين بايعوه إنكم لي سامعون مطيعون تسالمون من سالمت وتحاربون من حاربت فارتاب أهل العراق في أمره حين اشترط هذا الشرط قالوا ما هذا لكم بصاحب وما يريد هذا القتال فلم يلبث حسن بعدما بايعوه إلا قليلا حتى طعن طعنة أشوته فازداد لهم بغضا وازداد منهم ذعراً.(١)

وروى يعقوب بن سفيان عن حجاج أيضا قال حدثني جدي عن الزهري : قال فكاتب الحسن لما طعن معاوية وارسل يشترط شرطه فقال ان اعطتني هذا فاني سامع مطيع وعليك ان تفي به ، فوقعت صحيفة الحسن في يد معاوية وقد ارسل معاوية إلى الحسن بصحيفة بيضاء مختوم على اسفلها وكتب إليه ان اشترط في هذه ما شئتفما اشترطت فهو لك ، فلما اتت حسنا جعل يشترك اضعاف الشروط التي سأل معاوية قبل ذلك وأمسكها عنده وامسك معاوية صحيفة حسن التي كتب إليه يسأله ما فيها.

__________________

(١) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ج ١٣ ص ٢٦٣.

٤٨٨

فلما التقيا وبايعه الحسن سأل حسن معاوية أن يعطيه الشروط التي شرط في السجل الذي ختم معاوية في أسفله فأبى معاوية أن يعطيه ذلك ، وقال لك ما كنت كتبت إلي تسالني أن أعطيك ، فاني قد أعطيتك حين جاءني كتابك. فقال له الحسن وانا قد اشترطت عليك حين جاءني سجلك واعطيتني العهد على الوفاء ما فيه ، فاختلفا في ذلك فلم ينفذ معاوية للحسن من الشروط شيئا.(١)

رواية يونس الايلي (ت ١٥٢ ـ ١٥٩ ـ ١٦٠ هـ)

ورواية النعمان بن راشد (ت في حدود ١٥٠ هـ)

روى الطبري قال حدثني عبد الله بن أحمد المروذي قال أخبرني أبي قال حدثنا سليمان قال حدثني عبد الله عن يونس الأيلي(٢) قال :

بايع أهل العراق الحسن بن علي بالخلافة فطفق يشترط عليهم الحسن إنكم سامعون مطيعون تسالمون من سالمت وتحاربون من حاربت فارتاب أهل العراق في أمرهم حين اشترط عليهم هذا الشرط ، وقالوا ما هذا لكم بصاحب وما يريد هذا القتال ، فلم يلبث الحسنعليه‌السلام بعدما بايعوه إلا قليلا حتى طعن طعنة أشوته ، فازداد لهم بغضا وازداد منهم ذعرا.

فكاتب معاوية وأرسل إليه بشروط قال إن أعطيتني هذا فأنا سامع مطيع وعليك

__________________

(١) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ج ١٣ ص ٢٧٢.

(٢) ابن سعد ،الطبقات الكبرى ج ٧ ص ٥٢٠ : يونس بن يزيد الأيلي وكان حلو الحديث كثيره وليس بحجة وربما جاء بالشيء المنكر.

وقال المزي في تهذيب الكمال : ع يونس بن يزيد بن أبي النجاد ويقال يونس بن يزيد بن مشكان بن أبي النجاد الأيلي أبو يزيد القرشي مولى معاوية بن أبي سفيان ، وصحب الزهري ثنتي عشرة سنة وقيل أربع عشرة سنة ذكره خليفة بن خياط في الطبقة الثالث من أهل مصر وقال علي بن المديني سألت عبد الرحمن بن مهدي عن يونس بن يزيد فقال كان بن المبارك يقول كتابه صحيح قال بن مهدي وأنا أقول كتابه صحيح وقال عبدان عن بن المبارك اني إذا نظرت في حديث مهمر ويونس يعجبني كأنهما خرجا من مشكاة واحدة وقال عبد الرزاق عن بن المبارك ما رأيت أحدا أروى للزهري من معمر إلا أن يونس أحفظ للمسند وفي رواية إلا ما كان من يونس فإنه كتب الكتب على الوجه ، وقال أبو زرعة الدمشقي سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول في حديث يونس بن يزيد منكرات عن الزهري ، توفي بصعيد مصر سنة اثنتين وخمسين ومئة ...

٤٨٩

أن تفي لي به ووقعت صحيفة الحسن في يد معاوية وقد أرسل معاوية قبل هذا إلى الحسن بصحيفة بيضاء مختوم على أسفلها وكتب إليه أن اشترط في هذه الصحيفة التي ختمت أسفلها ما شئت فهو لك.

فلما أتت الحسن اشترط أضعاف الشروط التي سأل معاوية قبل ذلك وأمسكها عنده وأمسك معاوية صحيفة الحسنعليه‌السلام التي كتب إليه يسأله ما فيها.

فلما التقى معاوية والحسنعليه‌السلام ، سأله الحسن أن يعطيه الشروط التي شرط في السجل الذي ختم معاوية في أسفله فأبى معاوية أن يعطيه ذلك ، فقال لك ما كنت كتبت إلي أولا تسألني أن أعطيكه ، فاني قد أعطيتك حين جاءني كتابك.

قال الحسنعليه‌السلام وأنا قد اشترطت حين جاءني كتابك وأعطيتني العهد على الوفاء بما فيه فاختلفافي ذلك فلم ينفذ للحسنعليه‌السلام من الشروط شيئا.(١)

وروى البلاذري ٣ / ٦٧ هذا الخبر بسند آخر عن جرير بن حازم (ت ١٧٥ هـ) عن النعمان بن راشد(٢) (توفي في حدود سنة ١٥٠) عن الزهري.

وروى الطبري ٤ / ١٢١ أيضا بسنده عن يونس الايلي قال :

(وكان الحسن لا يرى القتال ولكنه يريد أن يأخذ لنفسه ما استطاع من معاوية ثم يدخل في الجماعة. وعرف الحسن أن قيس بن سعد لا يوافقه على رأيه فنزعه وأمر عبد الله بن عباس. فلما علم عبد الله بن عباس بالذي يريد الحسنعليه‌السلام أن يأخذه لنفسه كتب إلى معاوية يسأله الأمان ويشترط لنفسه على الاموال التي أصابها فشرط ذلك له معاوية. وبعث معاوية إليه عبد الله بن عامر وعبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس فقدما على الحسن بالمدائن فأعطياه ما أراد وصالحاه على أن يأخذ من بيت مال الكوفة خمسة آلاف ألف في أشياء اشترطها.

ثم قام الحسن في أهل العراق فقال يا أهل العراق إنه سخى بنفسى عنكم ثلاث قتلكم أبى وطعنكم إياي وانتهابكم متاعي ودخل الناس في طاعة معاوية ودخل معاوية الكوفة فبايعه الناس).

__________________

(١) الطبري ،تاريخ الطبري ، ج ٤ ص ١٢٣.

(٢) ابن عدي ، الكامل في ضعفاء الرجال ج ٧ ص ١٣ : النعمان بن راشد الجزري من أهل الرقة سمعت بن حماد يقول ثنا معاوية عن يحيى قال النعمان بن راشد ضعيف.

٤٩٠

رواية عوانة بن الحكم (١٥٨ هـ)

قال الطبري : قال زياد بن عبد الله عن عوانة ت ١٥٨ هـ : وذكر نحو حديث المسروقي عن عثمان بن عبد الحميد او ابن عبد الرحمن قال حدثنا إسماعيل بن راشد.

أقول : اما حديث المسروقي الانف الذكر فهو رواية عثمان عن إسماعيل بن راشد وهي قوله :

قال بايع الناس الحسن بن عليعليه‌السلام بالخلافة ثم خرج بالناس حتى نزل المدائن وبعث قيس بن سعد على مقدمته في اثني عشر ألفا وأقبل معاوية في أهل الشام حتى نزل مسكن فبينا الحسن في المدائن إذ نادى مناد في العسكر ألا إن قيس بن سعد قد قتل فانفروا فنفروا ونهبوا سرادق الحسنعليه‌السلام حتى نازعوه بساطا كان تحته وخرج الحسن حتى نزل المقصورة البيضاء بالمدائن

وكان عم المختار بن أبي عبيد عاملا على المدائن وكان اسمه سعد بن مسعود فقال له المختار وهو غلام شاب هل لك في الغنى والشرف قال وما ذاك قال توثق الحسن وتستأمن به إلى معاوية فقال له سعد عليك لعنة الله أثب على ابنب بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فأوثقه بئس الرجل أنت

فلما رأى الحسنعليه‌السلام تفرق الأمر عنه بعث إلى معاوية يطلب الصلح وبعث معاوية إليه عبد الرحمن بن عامر وعبد الرحمن ابن سمرة بن حبيب بن عبد شمس فقدما على الحسن بالمدائن فأعطياه ما أراد وصالحاه على أن يأخذ من بيت مال الكوفة خمسة آلاف ألف في أشياء اشترطها

ثم قام الحسن في أهل العراق فقال يا أهل العراق إنه سخى بنفسى عنكم ثلاث قتلكم أبى وطعنكم إياي وانتهابكم متاعي ودخل الناس في طاعة معاوية ودخل معاوية الكوفة فبايعه الناس.

قال زياد بن عبد الله عن عوانة وذكر نحو حديث المسروقي عن عثمان بن عبد الرحمن هذا وزاد فيه (عوانه) : وكتب الحسن إلى معاوية في الصلح وطلب الأمان وقال الحسن للحسين ولعبد الله بن جعفر إني قد كتبت إلى معاوية في الصلح وطلب الأمان

٤٩١

فقال له الحسين نشدتك الله أن تصدق أحدوثة معاوية وتكذب أحدوثة علي فقال له الحسن اسكت فأنا أعلم بالأمر منك فلما انتهى كتاب الحسن بن عليعليه‌السلام إلى معاوية أرسل معاوية عبد الله بن عامر وعبد الرحمن بن سمرة فقدما المدائن وأعطيا الحسن ما أراد فكتب الحسن إلى قيس بن سعد وهو على مقدمته في اثني عشر ألفا يأمره بالدخول في طاعة معاوية فقام قيس بن سعد في الناس فقال يا أيها الناس اختاروا الدخول في طاعة إمام ضلالة أو القتال مع غير إمام قالوا لا بل نختار أن ندخل في طاعة إمام ضلاضة فبايعوا لمعاوية وانصرف عنهم قيس بن سعد وقد كان صالح الحسن معاوية على أن جعل له ما في بيت ماله وخراج دار ابجرد على أن لا يشتم علي وهو يسمع فأخذ ما في بيت ماله بالكوفة وكان فيه خمسة آلاف ألف.(١)

وعن زياد بن عبد الله (ت ١٨٢ هـ) عن عوانة بن الحكم (ت ١٥٨ هـ)(٢) : بايع أهل العراق الحسن بن علي فسار حتى نزل المدائن وبعث قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري على المقدمات وهم اثنا عشر ألفا وكانوا يسمون شرطة الخميس قال فبينا الحسن بالمدائن إذ نادى مناد في عسكر الحسن ألا إن قيس بن سعد بن عبادة قد قتل فانتهب الناس سرادق الحسن حتى نازعوه بساطا تحته ووثب على الحسن رجل من الخوارج من بني أسد فطعنه بالخنجر ووثب الناس على الأسدي فقتلوه ثم خرج الحسن حتى نزل القصر الأبيض بالمدائن وكتب إلى معاوية في الصلح قال ثم قام الحسن فيما بلغني الناس فقال : يا أهل العراق إنه سخى بنفسي عنكم ثلاث في قتلكم أبي وطعنكم إياي وانتهابكم متاعي.(٣)

__________________

(١) الطبري ،تاريخ الطبري ١٢٣ ، وقد رواها البلاذري بسنده عن وهب بن جرير عن أبيه جرير بن حازم قال سمعت النعمان بن راشد يحدث عن الزهري قال : بويع الحسن بعد أبيه فقال لأصحابه في بيعته : تسالمون من سالمت وتحاربون من حاربت ....

(٢) ابن حجر ،لسان الميزان ، عوانة بن الحكم بن عوانة بن عياض الأخباري المشهور الكوفي يقال كان أبوه عبدا خياطا وأمه أمة وهو كثير الرواية عن التابعين قال إن روى حديثا مسندا وأكثر المدايني عنه وقد روى عن عبد الله بن المعتز عن الحسن بن عليل العنزي عن عوانة بن الحكم أنه كان عثمانيا فكان يضع الأخبار لبني أمية مات سنة ثمان وخمسين ومائة.

(٣) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ، ترجمة الحسن.

٤٩٢

رواية عثمان بن عبد الرحمن الحراني (٢٠٣ هـ)

وقال الطبري وحدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي (ت ٢٥٨ هـ)(١) قال حدثنا عثمان بن عبد الحميد أو ابن عبد الرحمن المجازي الخزاعي أبو عبد الرحمن(٢) قال حدثنا إسماعيل بن راشد(٣) قال : بايع الناس الحسن بن عليعليه‌السلام بالخلافة ثم خرج بالناس حتى نزل المدائن وبعث قيس بن سعد على مقدمته في اثني عشر ألفا وأقبل معاوية في أهل الشام حتى نزل مسكن فبينا الحسن في المدائن إذ نادى مناد في العسكر ألا إن

__________________

(١) هو موسى بن عبد الرحمن بن سعيد بن مسروق بن معدان بن المرزبان الكندي المسروقي أبو عيسى الكوفي.

(٢)أقول : الرواية في المعجم الكبير للطبراني عن عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي ، وفي الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي ج ٥ ص ١٧٣ قال : عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي الحراني يكنى أبا عبد الرحمن. سمعت أبا عروبة ينسبه إلى الصدق وقال لا بأس به متعبد ويحدث عن قوم مجهولين بالمناكير. حدثنا أبو عروبة قال ثنا علي بن ميمون قال ثنا عثمان بن عبد الرحمن بن مسلم الطرائفي مولى بني أمية وسمعت أبا عروبة يقول عثمان بن عبد الرحمن بن مسلم مولى منصور بن محمد بن مروان كذلك ينتسب ولده. وكنيته أبو عبد الرحمن يعرف بالطرائفي سمعت محمد بن الحارث يقول كان أبيض الرأس واللحية ، وصورة عثمان بن عبد الرحمن انه لا بأس به كما قال أبو عروبة إلا أنه يحدث عن قوم مجهولين بعجائب وتلك العجائب من جهة المجهولين. وهو في أهل الجزيرة كبقية في أهل الشام وبقية أيضا يحدث عن مجهولين بعجائب وهو في نفسه ثقة لا بأس به صدوق ما يقع فيه حديثه من الإنكار فإنما يقع من جهة من يروي عنه. قال ابن حبان في المجروحين ج ٢ ص ٩٦ : عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي القرشي كنيته عبد الرحمن من أهل حران وكان معلما يروي عن أقوام ضعاف أششياء يدلسها عن الثقات حتى إذا سمعها المستمع لم يشك في وضها فلما كثر ذلك في أخباره ألزقت به تلك الموضوعات وحمل عليه الناس في الجرح فلا يجوز عندي الاحتجاج بروايته كلها على حالة من الأحوال لما غلب عليها من المناكير عن المشاهير والموضوعات عن الثقات مات سنة ثلاث ومائتين وهو أبيض الرأس واللحية. وفي تهذيب الكمال ج ١٩ ص ٤٢٨ : د س ق عثمان بن عبد الرحمن بن مسلم الحراني أبو عبد الرحمن ويقال أبو عبد الله ويقال أبو محمد ويقال أبو هاشم المكتب المعروف الطرائفي وإنما قيل له ذلك لأنه كان يتتبع طرائف الحديث مات سنة اثنتين ومائتين د س ق.

(٣) قال ابن سعد فيالطبقات الكبرى ج ٦ ص ٣٤٦ في ترجمة محمد بن أبي إسماعيل السلمي واسم أبي إسماعيل راشد وكانوا إخوة ثلاثة يروى عنهم. أسنهم وأقدمهم موتا إسماعيل بن راشد روى عنه حصين ، وأخوه محمد بن أبي إسماعيل أيضا ومات محمد سنة اثنتين وأربعين ومائة في خلافة أبي جعفر وقد روى الثوري أيضا عن محمد بن أبي إسماعيل والآخر عمر بن راشد روى عنه حفص بن غياث وعبد الله بن نمير ويحيى القطان والثوري.أقول : حصين هو حصين بن عمر الاحمسي ت ١٨٠ ـ ١٩٠ هجرية.

٤٩٣

قيس بن سعد قد قتل فانفروا فنفروا ونهبوا سرداق الحسنعليه‌السلام حتى نازعوه بساطا كان تحته.

وخرج الحسن حتى نزل المقصورة البيضاء بالمدائن وكان عم المختار بن أبي عبيد عاملا على المدائن وكان اسمه سعد بن مسعود ، فقال له المختار وهو غلام شاب هل لك في الغنى والشرف ، قال وما ذاك قال توثق الحسن وتستأمن به إلى معاوية ، فقال له سعد عليك لعنة الله أثب على ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فأوثقه بئس الرجل أنت.

فلما رأى الحسنعليه‌السلام تفرق الأمر عنه بعث إلى معاوية يطلب الصلح وبعث معاوية إليه عبد الله بن عامر وعبد الرحمن ابن سمرة بن حبيب بن عبد شمس فقدما على الحسن بالمدائن فأعطياه ما أراد وصالحاه على أن يأخذ من بيت مال الكوفة خمسة آلاف ألف في أشياء اشترطها ثم قام الحسن في أهل العراق فقال يا أهل العراق إنه سخى بنفسه عنكم ثلاث قتلكم أبي وطعنكم إياي وانتهابكم متاعي ودخل الناس في طاعة معاوية ودخل معاوية الكوفة فبايعه الناس.(١)

رواية ابن جُعدبة (توفي زمن المهدي ١٥٦ ـ ١٦٩ هـ)

عن وهب بن جرير(٢) (٢٠٦ هـ) عن يزيد بن عياض بن جعدبة(٣) عن صالح بن

__________________

(١) الطبري ،تاريخ الطبري ج ٤ ص ١٢٣.

(٢) قال الذهبي فيتذكرة الحفاظ : وهب بن جرير بن حازم المحدث الحافظ أبو العباس الأزدي مولاهم البصري أحد الأثبات. وقال أحمد العجلي بصري ثقة كان عفان يتكلم فيه مات منصرفا عن الحج قال بن سعد مات سنة ست ومائتين. وفي الكامل في ضعفاء الرجال : وهب بن جرير بن حازم بن زيد الجهضمي البصري يكنى أبا العباس ثنا بنحماد حدثني عبد الله بن أحمد سمعت أبي يقول قال عبد الرحمن بن مهدي ها هنا قوم يحدثون عن شعبة ما رايناهم عند شعبة قلت له من تعني بهذا قال وهب بن جرير قال أبي ما رأى وهب عند شعبة قط ولكن وهي كان صاحب سنة.

(٣) الخطيب البغدادي ،تاريخ بغداد ، يزيد بن عياض بن الجعدية أبو الحكم الليثي من أنفسهم حجازي انتقل البصرة فسكنها وقدم بغداد وحدث بها عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج وسعيد بن أبي سعيد المقبري وأبي الزبيرالمكي ومحمد بن المنكدر وابن شهاب الزهري روى عنه يزيد بن هارون وشبابة بن سوار الهيثم بن جميل وعبد الصمد بن النعمان وعلي بن الجعد ، أنبأنا أحمد بن محمد بن عبد الله الكاتب أخبرنا محمد بن حميد المخرمي حدثنا علي بن الحسين بن حبان قال وجدت في كتاب أبي

٤٩٤

كيسان(١) قال : لما قتل علي بن أبي طالب وبايع أهل الشام معاوية بالخلافة سار معاوية بالناس إلى العراق وسار الحسن بن علي بمن معه من أهل الكوفة ووجه عبيد الله بن العباس وقيس بن سعد بن عبادة في جيش عظيم حتى نزلوا مسكن من ارض العراق وقد رق أمر الحسن وتواكل فيه أهل العراق فوثبوا عليه فانتزع رداؤه عن ظهره وأخذ بساطه من تحته ومزق سرادقه فارسل عبيد الله بن العباس إلى عبد الله بن عامر يأمره أن يأتيه إذا أمسى بأفراس حتى يصير معه إلى معاوية فيصالحه ففعل ابن عامر فلحق

__________________

بخط يده سئل أبو زكريا عن يزيد بن عياض فقال ليس حديثه بشيء قلت له يا أبا زكريا ما كان قصته قال أفسدوه ههنا ببغداد جعلوا يدخلون له الأحاديث فيقراها فأفسدوه بهذا كان لا يعقل ما سمع مما لم يسمع فكيف يكتب عن مثل هذا ، قال يزيد بن عياض بن جعدية وسمه مالك بالكذب ، عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا حدثنا محمد بن سعد قال يزيد بن عياض بن جعدية الليثي من أنفسهم ويكنى أبا الحكم إنتقل إلى البصرة مات بها في زمن المهدي. قال ابن حجر في تهذيب التهذيب ج ١١ ص ٣٠٨ قال أحمد بن صالح المصري : أظنُّه كان يضع للناس وقال النسائي : متروك الحديث وقال في موضوع آخر : كذّاب وقال مرَّة : ليس بثقة ولا يكتب حديثه. وقال ابن عدي : عامّة ما يرويه غيرمحفوظ.

(١) تهذيب الكمال : ع صالح بن كيسان المدني أبو محمد ويقال أبو الحارث مولى بني غفار ويقال مولى بني عامر ويقال مولى آل معيقيب الدوسي وهو مؤدب ولد عمر بن عبد العزيز ، عن مصعب بن عبد الله الزبيري كان مولى امرأة من دوس وكان عالما ضمه عمر بن عبد العزيز إلى نفسه وهو أمير فكان يأخذ عنه ثم بعث إليه الوليد بن عبد الملك فضمه إلى ابنه عبد العزيز بن الوليد وكان يأخذ عنه وكان صالح جامعا من الحديث والفقه والمروءة وقال حرب بن إسماعيل سئل أحمد بن حنبل عنه فقال بخ بخ ، قال يحيى بن معين ليس في أصحاب الزهري أثبت من مالك ثم صالح بن كيسان ثم معمر ثم يونس وقال يعقوب في موضع آخر صالح بن كيسان ثقة ثبت ، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم سئل أبي صالح بن كيسان أحب إليك أو عقيل قال صالح أحب إلي لأنه حجازي وهو أسن وقال عبد الرزاق عن معمر عن صالح بن كيسان اجتمعت أنا وابن شهاب ونحن نطلب العلم فاجتمعنا على أن نكتب السنن فكتبنا كل شيء سمعنا عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم قال نكتب ما جاء عن أصحابه فقلت ليس بسنة فقال بل هو سنة فكتب ولم أكتب فأنجح وضيعت ، وقال الحاكم أبو عبد الله مات زيد بن أبي أنيسة وهو بن ثلاثين سنة وصالح بن كيسان وهو بن مائة ونيف وستين سنة وكان قد بقي جماعة من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم بعد ذلك تلمذ للزهري وتلقن عنه العلم وهو بن تسعين سنة ابتدأ بالتعلم وهو ابن سبعين سنة قال الهيثم بن عدي مات في زمن مروان بن محمد وقال محمد بن سعد قال الواقدي أخبرني عبد الله بن جعفر قال دخلت على صالح بن كيسان وهو يوصي فقال أشهد أن ولائي لامرأة مولاة لآل معيقيب بن أبي فاطمة من دوس قال ومات بعد الأربعين والمئة وقبل مخرج محمد بن عبد الله بن حسن وخرج محمد بن عبد الله سنة خمس وأربعين ومئة وكان ثقة كثير الحديث روى له الجماعة.

٤٩٥

عبيد الله بمعاوية وترك جنده لا أمير لهم(١)

رواية جرير بن حازم (١٧٥ هـ)

روى البلاذري قال حدثنا خلف بن سالم ، حدثنا وهب (بن جرير) (ت ٢٠٦) قال : قال أبي (جرير بن حازم(٢) ـ وأحسبه رواه عن الحسن البصري ـ قال :

لما بلغ أهل الكوفة (بيعة) الحسن أطاعوه وأحبوه أشد من حبهم لأبيه ، واجتمع له خمسون ألفا ، فخرج بهم حتى أتى المدائن ، وسرح بين يديه قيس ابن سعد بن عبادة الأنصاري في عشرين ألفا ، فنزل بمسكن ، وأقبل معاوية من الشام في جيش.

ثم إن الحسن خلا بأخيه الحسين فقال (له : يا) هذا إني نظرت في أمري [٢] فوجدتني لا أصل إلى الأمر ، حتى تقتل من أهل العراق والشام من لا أحب أن أحتمل دمه ، وقد رأيت أن أسلم الأمر إلى معاوية فأشاركه في إحسانه [٣] ويكون عليه إساءته (ظ). فقال الحسين : إني لا أرى ما تقول ووالله لئن لم تتابعني لأسندتك في الحديد فلا تزال فيه حتى أفرغ من أمري. قال : فشأنك.

فقام الحسن خطيبا فذكر رأيه في الصلح والسلم لما كره من سفك الدماء وإقامة

__________________

(١) البلاذري ،انساب الاشراف ، ج ٣ ص ٥٠ ، وفي المصدر أبي جعدبة تحريف لابن جعدبة وهو يزيد بن عياض بن جعدبة.

(٢) جرير بن حازم الامام الحافظ أبو النضر الأزدي مولاهم البصري محدث البصرة أحد الاعلام روى عن أبي رجاء العطاردي والحسن وابن سيرين وطاووس وعطاء وابن أبي مليكة ونافع وحميد بن هلال وعنه ابنه وهب وشيخه أيوب السختياني والسفيانان وابن وهب وشيبان بن فروخ وأبو الربيع الزهراني وأبو نصر التمار وخلائق واحتج به أصحاب الكتب قال موسى بن إسماعيل ما رأيت حماد بن سلمة يعظم أحدا تعظيمه جرير بن حازم وقال وهب كان شعبة يأتي أبي يسأله وقال وهب عن أبيه جلست إلى الحسن سبع سنين لم أخرم منها يوما واحدا قال بن مهدي اختلط جرير قبل موته فأحس بذلك بنوه فحجبوه فلم يسمع منه شيء في اختلاطه قلت في بعض حديثه عن قتادة ما هو منكر وهو من أوعية العلم وغيره احفظ منه مات في سنة سبعين ومائة وهو في عشر التسعين ، وذكر انه حج فشهد جنازة أبي الطفيل بمكة قال بن داسة أنا المغيرة بن محمد المهلبي سمعت علي بن المديني سمعت وهب بن جرير عن أبيه قال رأيت أبا الطفيل بمكة قلت فلم لم تسمع منه قال كان طواف واحد يا بني أحب إلي من ذلك ، قال أحمد بن حنبل جرير بن حازم صاحب سنة.

٤٩٦

الحرب. فوثب عليه أهل الكوفة وانتهبوا ماله وخرقوا سرادقه وشتموه وعجّزوه ثم انصرفوا عنه ولحقوا بالكوفة!

فبلغ الخبر قيسا فخرج إلى أصحابه فقال : يا قوم إن هؤلاء القوم كذّبوا محمد وكفروا به ما وجدوا إلى ذلك سبيلا! فلمّا أخذتهم الملائكة من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم دخلوا في الإسلام كرها ، وفي أنفسهم ما فيها من النفاق! فلمّا وجدوا السبيل إلى خلافه ، أظهروا ما في أنفسهم! وإن الحسن عجز وضعف وركن إلى صلح معاوية ، فإن شئتم أن تقاتلوا بغير إمام فعلتم؟! وإن شئتم ان تدخلوا في الفتنة دخلتم؟ قالوا : فإنّا ندخل في الفتنة! فأعطى معاوية حسنا ما أراد ، في صحيفة بهث بها إليه مختومة ، اشترط الحسن فيها شروطا ، فلما بايع معاوية لم يعطه مما كتب شيئا (ظ)! فانصرف الحسن إلى المدينة ومعاوية إلى الشام.(١)

رواية زهير بن معاوية (١٦٤ ـ ١٧٣ هـ)

وقال أسود بن عامر حدثنا زهير بن معاوية قال حدثنا أبو روق الهمداني قال حدثنا أبو الغريف قال كنا مقدمة الحسن بن علي اثنا عشر ألفا بمسكن مستميتين تقطر أسيافنا من الحد على قتال أهل الشام وعلينا أبو العَمَرّطة(٢) فلما جاءنا صلح الحسن بن علي ، كأنما كسرت ظهورنا من الغيظ :

فلما قدم الحسن بن علي الكوفة ، قال له رجل منا يقال له أبو عامر سفيان بن الليل السلام عليك يا مذل المؤمنين ، فقال لا تقل ذلك يا أبا عامر لست بمذل المؤمنين ، ولكن كرهت أن اقتلهم على الملك.(٣)

رواية عون بن موسى الليثي : (توفي قبل المائتين)

وروى ابن سعد أيضا عن موسى بن اسماعيل (ت ٢٢٣ هـ) قال حدثنا (عون بن موسى الليثي البصري) قال سمعت هلال بن خباب يقول جمع الحسن بن علي رؤوس

__________________

(١) البلاذري ،انساب الاشراف ج ٣ ص ٥١ ـ ٥٢.

(٢) هو عمير بن يزيد الكندي. الطبري :تاريخ الطبري ج ٥ ص ٣٠ ، ٢٥٨.

(٣) الفسوي ،المعرفة والتاريخ ، ج ١ ص ٣١٧ ، الخطيب البغدادي ،تاريخ بغداد ج ١٠ ص ٣٥.

٤٩٧

أصحابه في قصر المدائن فقال : يا أهل العراق لو لم تذهل نفسي عنكم الا لثلاث خصال لذهلت ، مقتلكم أبي ومطعنكم بغلتي وانتهابكم ثقلي او قال ردائي عن عاتقي وانكم بايعتموني على تسالموا من سالمت وتحاربوا من حاربت واني قد بايعت معاوية فاسموا له واطيعوا ثم نزل فدخل القصر.(١)

سكين بن عبد العزيز القطان البصري (ت قبل المائتين)

وروى يعقوب البسوي الخبر الانف الذكر بسند آخر قال حدثنا عبيد الله بن موسى العبسي ت ٢١٣ عن سكين بن عبد العزيز(٢) عن هلال بن خباب قال قال الحسن يا أهل العراق ...

شريك بن عبد الله النخعي القاضي (ت ١٧٧ هـ)

وقد رواه احمد بن حنبل في الفضائل بسند آخر : قال حدثنا عبد الله حدثنيعثمان بن أبي شيبة ثنا شريك(٣) (بن عبد الله النخعي القاضي) عن أبي إسحاق عن عاصم بن

__________________

(١) رواه الخطيب البغدادي فيتاريخ بغداد ج ١ ص ١٣٩ بطرقه عن يعقوب بن سفيان وعنابن سعد ، ورواه ابن حجر في الاصابة عن يعقوب بن سفيان ، ورواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ للفسوي ج ٣ ص ٣١٧ عن سعيد بن منصور عن عون بن موسى.

(٢) ابن عدي ، الكامل في ضعفاء الرجال : سكين بن عبد العزيز بن قيس العبدي بصري سمعت بن حماد يقول سكين بن عبد العزيز ليس بالقوي قاله النسائي ، قال الشيخ ولسكين غيرما ذكرت وليس بالكثيروفيما يرويه بعض النكرة وأرجو أن بعضها يحمل بعضا وأنه لا بأس به لأنه يروي عن قوم ضعفاء وليس هم بمعروفين ولعل البلاء منهم ليس منه.

(٣) الذهبي تذكرة الحفاظ : م ٤ شريك بن عبد الله القاضي أبو عبد الله النخعي الكوفي أحد الأئمة الاعلام مات في ذي القعدة سنة سبع وسبعين ومائة وله اثنتان وثمانونسنةرحمه‌الله . قال يحيى أتيته بالكوفة فأملى علي فإذا هو لا يدرى يعني شريك ، حدثنا محمد بن أحمد قال حدثنا معاوية بن صالح قال سألت أحمد بن حنبل عن شريك فقال كان عاقلا صدوقا محدثا عندي وكان شديدا على أهل الريب والبدع ، قلت له كيف كان مذهبه في علي وعثمان قال لا أدري. وعن علي بن قادح قال جاء عتاب وآخر إلى شريك فقال له عتاب الناس يقولون إنك شاك قال يا أحمق كيف أكون شاكا لوددت أني كنت مع على فخضبت يدي بسيفي من دمائهم ، حدثنا عبد الله بن حمدويه البغلاني قال حدثنا علي بن خشرم قال حدثنيحفص بن غياث قال سمعت شريكا يقول قبض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فاستخلف المسلمون أبا بكر فلو علموا أن فيهم أحدا أفضل منه قالوا قد غشونا ثم استخلف أبو بكر عمر فقام بما قام به من الحق والعدل فلما حضرته الوفاة جعل الأمر شورى بين ستة نفر من أصحاب

٤٩٨

ضمرة قال قلت للحسن بن علي ان الشيعة يزعمون ان عليا رضي الله تعالى عنه يرجع قال كذب أولئك الكذابون لو علمنا ذاك ما تزوج نساؤه ولا قسمنا ميراثه.

الاحتجاج مرسلا عن زيد بن وهب الجهني قال : «لما طُعِن الحسنعليه‌السلام بالمدائن أتيته وهو متوجع وقلت ما ترى يا ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فان الناس متحيرون ، فقال الامام الحسنعليه‌السلام أرى والله معاوية خيرا لي من هؤلاء. يزعمون أنهم لي شيعة ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي وأخذوا مالي ، والله لان آخذ من معاوية عهدا أحقن به دمي وآمن به في أهلي خيرا من أن يقتلوني فيضيع أهل بيتي وأنهم والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوني إليه سلما في الله ، لان أسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسير أويمن علي فتكون سبة على بني هاشم إلى آخر الدهر ، ومعاوية لا يزال يمن بها وعقبه على الحي منا والميت.».(١)

أقول :

مر علينا في الفصل الرابع نموذج من الروايات الموضوعة في الطعن بالعقيدة بالوصية لعليعليه‌السلام .

وفي الفصل الخامس روايات أبي مخنف في القاء تبعة قتل الحسين على أهل الكوفة بخلاف أحاديث الأئمة من ذرية الحسين إذ يلقون التبعة على جيش أهل الشام.

وفي الفصل السادس نموذج من الروايات الموضوعة الطاعنة في الكوفيين على لسان عليعليه‌السلام والحسن وفي الفصل السابع نموذج من الروايات الموضوعة الطاعنة في الحسنعليه‌السلام .

__________________

النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فاجتمعوا على عثمان فلو علموا أن فيهم أفضل منه كانوا قد غشونا قال علي وأخبرني بعض أصحابنا من أهل الحديث أنه عرض هذا الحديث على عبد الله بن إدريس فقال عبد الله بن إدريس أنت سمعت هذا من حفص بن غياث قال قلت نعم قال الحمد لله الذي أنطق بهذا لسانه فوالله إنه لشيعي وإن شريكا لشيعي ، حدثنا محمد بن عثمان قال حدثنا عبد الله بن محمد بن سالم قال حدثنا محمد بن سعيد قال ذكر قوم معاوية عند شريك فقال بعضهم كان حليما فقال ليس بحليم من سفه الحق وقاتل علي بن أبي طالب ، قال محمد بن يحيى بن سعيد القطان قال قال أبي نظرت في أصول شريك فإذا الخطأ في أصوله.

أحمد بن حنبل ،مسند أحمد ، ج ١ ص ١٤٨ ، وفي فضائل الصحابة أيضا باسناد آخر.

(١) المجلسي ،بحار الانوار ، ج ٤٤ ص ٢١. عن الاحتجاج للطبرسي.

٤٩٩

وفي الفصل الثامن ايضا.

فلِمَ لا تكون الروايات الطاعنة في الكوفيين التي اوردناها انفا موضوعة أيضا وبخاصة وان رواتها قد ظهروا في النصف الثاني من القرن الثاني الهجري وما بعده وهي فترة قمة مواجهة الاعلام العباسي لخصومهم الحسنيين والشيعة والتشيع الذي كان يتزعمه الامام الصادق والأئمة من ولده والكوفة كما مر علينا كانت قلعتهم الحصينة وقد استهدفها الخليفة الدوانيقي وابناؤه إلى ابن المعتز الذي نظم سياسة آبائه في ارجوزته المعروفة؟.

أقول :

ان الحلكم بالوضع على هذه الروايات لا يحتاج إلى دراسة تفصيلية للاسانيد ما دامت تلتقي هذه الروايات مع سياسة الاعلام العباسي في مواجهة المدينة التي تشكل قلعة خصومهم ، وتشويه شخصية الحسنعليه‌السلام وصلحه وانه كان من اجل المال لتجريد الحسنيين من تاريخ ابيهم المشرق وغيره ذلك مما لا يخفى على القارئ سقمه وكذبه.

ولكني تناولت ترجمة بعض رواتها ليكون القارئ في الصورة من كون بعث رواية الزهري التي شوهت صورة الصلح ثم وضع روايات إلى جنبها تؤيدها شاهد لايُردّ على صحة النظرية التي قدمتها في قراءتي الجديدة من ان هذا الكم الهائل من الروايات قد جاء تلبية لرغبة العباسيين في تطويق خصومهم الحسنيين ، ولعل الله تعالى يهيء باحثين يجدوا في البحث متعة واهمية ان يكملوا المشروع بدراسة أسانيد كل الروايات فان في ذلك نتائج أخرى جديدة لا تقل أهمية عن النتائج التي عرضناها في الكتاب.

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611