الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي

الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي6%

الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسن عليه السلام
الصفحات: 611

الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي
  • البداية
  • السابق
  • 611 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 177679 / تحميل: 7837
الحجم الحجم الحجم
الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي

الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

سفيان بن عيينه كان قد ولد سنة ١٠٧ هـ وكان عمره يوم توفي الباقرعليه‌السلام سنة ١١٤ سبع سنوات ، اما زرارة فقد كان عمره آنذاك اربعا وثلاثين سنة ، ولم ينقل لنا الرواة عن ابن عيينة انه نقل قوله فيه ذاك في زرارة عن آخرين. وبذلك يسقط قوله ويكون هو المتهم به محاولة منه في تطويق عَلَم من اعلام الرواية عن أهل البيتعليهم‌السلام .

قال بعض الباحثين المعاصرين وقع بعنوان (زرارة) في اسناد كثير من الروايات تبلغ ألفين وأربعة وتسعين مورداً وقد جمعها في كتاب سماه مسند زرارة بن اعين ورتبها على أبواب العقائد والفقه.

وبلغت رواته عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام ألف ومائتين وستة وثلاثين مورداً بل تزيد.(١)

قال ابن حزم فهذا يدل على انه (أي زرارة) رجع عن التشيع.

أقول : لقد اخطأ ابن حزم خطأين.

الأول : في عبد الله الافطح حسبه بن محمد الباقرعليه‌السلام بينما هو ابن جعفر الصادقعليه‌السلام .

والثاني : ان زرارة كان ممن قدم إلى المدينة ولقي الافطح فان الذي قدم المدينة هو عبيد بن زرارة وكان قدمها ليسأل من الامام الكاظم هل يجوز لزرارة ان يظهر أمر الكاظمعليه‌السلام أم يعمل بالتقية(٢) .

روى البسوي قال حدثنا سفيان قال : قال : ابن السماك : اردت الحج فقال لي زرارة بن اعين اخو عبد الملك بن اعين : إذا لقيت جعفر بن محمد فأقرئه مني السلام وقل له : اخبرني في الجنة أنا أم في النار؟ قال : فلقيت جعفر بن محمد فقلت له : يا ابن رسول الله اتعرف زرارة بن اعين؟ قال : نعم رافضي خبيث. قال : قلت : انه يقرئك السلام ويقول : اخبرني في الجنة أنا أم في النار؟ قال : فأخبره انه في النار. ثم قال : وتعلم من أين عملت انه رافضي انه يزعم اني اعلم الغيب ، ومن زعم ان احداً يعلم الغيب لا الله عز وجل فهو كافر ، والكافر في النار.

قال : فلما قدمت الكوفة جاءني مع الناس يسلمون عليَّ ، فقال ما فعلت في

__________________

(١) بشير المحمدي ،مسند زرارة ص ٣٠ ـ ٣١.

(٢) بحثنا ذلك مفصلا في كتابناشبهات وردود الحلقة الأولى الفصل الرابع.

٤٨١

حجتي؟ فأخبرته بما قال. فقال : فان ابن رسول الله اتقي(١) .

أقول :

وليس من شك ان هذه الرواية موضوعة على زرارة ، ومحمد بن السماك كوفي احد وعاظ السلاطين ترجم له الذهبي في سير اعلامه وان هارون الرشيد كان يحضر مجالس وعظه وكان الرشيد يبكي لوعظه!(٢) . ونقل ابن نعيم في حليته بعض احاديثه بحضور الرشيد.(٣)

توفي ابن السماك سنة ١٨٣ وقد اسن فهو من اقران ابن عينة ومن معاصريه. قال ابن نمير عنه : صدق :

قال الذهبي ما وقع له شيء في الكتب الستة.

أقول :

اما روايات لقائه بأبي جعفرعليه‌السلام فقد مرت رواية الكشي عن زرارة انه قدم المدينة وهو شاب امرد ودخل سرادق أبي جعفرعليه‌السلام بمنى ويبدو ان ذلك أول لقائه به ومعناه انه ارتبط بالباقرعليه‌السلام اكثر من خمس عشرة سنة.

ومنها ما رواه البرقي عن بكير عن زرارة قال تغديت مع أبي جعفرعليه‌السلام خمسة عشر يوما بلحم.(٤)

ومنها رواية الكليني عن زرارة قوله : قلت لابي جعفرعليه‌السلام اني ظاهرت من أم ولد لي ثم واقعت عليها ثم كفَّرت فقال : هكذا يصنع الرجل الفقيه إذا وقع كفَّر.(٥)

ومنها رواية الكليني أيضا عن زرارة ، قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن الحَدّ؟ فقال : ما احد؟ قال : فيه الا برأيه لا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قلت : اصلحك الله فما قال فيه أمير

__________________

(١) الفسوي ،كتاب المعرفة والتاريخ ج ٢ / ٦٧١ ـ ٦٧٢ ورواها الذهبي فيميزان الاعتدال ج ٢ ص ٦٩ عن يحيى بن أبي ميسرة عن سعيد بمن منصور عن ابن السماك مع تفاوت في بعض العبارات وكذا ابن حجر في لسان الميزان بترجمة زرارة وليس فيها كلام الصادقعليه‌السلام : ذاك رافضي خبيث يريد زرارة.

(٢) الذهبي ،سير اعلام النبلاء ج ٨ ص ٣٢٨ ـ ٣٣٠.

(٣) أبو نعيم ،حلية الأولياء ج ٨ ص ٢٠٨ ـ ٢٤٧.

(٤) البرقي ، أبي جعفر أحمد بن محمد بن خالد ،المحاسن ج ١ ص ٤١٨.

(٥) الكليني ،الكافي ج ١ ص ١٢٨.

٤٨٢

المؤمنينعليه‌السلام ؟ فقال إذا كان غداً فالقني حقتى اقرئكه في كتاب عليعليه‌السلام (١)

ومنها رواية الكليني عني زرارة قال رأيت قميص عليعليه‌السلام الذي قتل فيه عند ابي جعفرعليه‌السلام فإذا اسفله ثني عشر شبرهاً وبدنه ثلاثة اشبار ورأية فيه نضح دم.(٢)

وغير ذلك كثير جداً مما يزيد على ألف ومائتين وستة وثلاثين مورداً.

اما قول ابن عيينة : ولكنه كان يتتبع حديثه : فهي شهادة منه على ان زرارة كان احد اوعية علم أبي جعفر الباقرعليه‌السلام وممن عرفه حق معرفته ولم يكن قد استوطن المدينة ليسجل عن الباقرعليه‌السلام كل صغيرة وكبيرة من قوله وفعله وتقريره فلماذا لا يتتبع احاديثه وسيرته مما غاب عنه ووعاه الآخرون من الشيعة؟

ولهذه الصفة في زرارة قال الصادقعليه‌السلام لولا زرارة لظننت ان أحاديث أبي ستذهب(٣) وفي رواية أخرى قال الصادقعليه‌السلام : ان أصحاب ابي كانوا زينا احياءً وامواتا اعين زرارة ومحمد بن سلم ومنهم ليث المرادي وبريد العجلي ، هؤلاء القوامون بالقسط. هؤلاء القوامون بالصدق.

وفي رواية ثالثة : ما أحدا حين ذكرنا وأحاديث أبي الا زرارة وابو بصير ليث المرادي ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية العجلي ولولا هؤلاء ما كان احد يستنبط هذا ، هؤلاء حفاظ الجين وامناء ابيعليه‌السلام على حلال الله وحرامه وهم السابقون إلينا في الدنيا والسابقون إلينا في الآخرة.

وفي رواية رابعة : كان ابيعليه‌السلام ائتمنهم على حلال الله وحرامه وكانوا عيبة علمه وكذلك اليوم هم عندي مستودع سري هم نجوم شيعتي إحياء وامواتا يحيون ذكر أبيعليه‌السلام ، بهم يكشف الله كل بدعة ، ينفون عن هذا الدين انتحال المبطلين وتأول الغالين ثم بكى.(٤)

كلام ابن عيينة في أهل العراق :

واخيرا نذكر عنه موقفه من حديث أهل العراق : فقد روى ابن عساكر ، تاريخ

__________________

(١) الكليني ،الكافي ج ٢ ص ٢٦١ ، الطوسي ، التهذيب ج ٩ ص ٢٧١.

(٢) الكليني ، الكافي ج ٢ ص ٢٠٧.

(٣) التستري ،قاموس الرجال ج ٤ ترجمة زرارة.

(٤) المصدر السابق.

٤٨٣

مدينة دمشق ج ١ ص ٣٣٠ عن الأصمعي عن سفيان بن عيينة قال من أراد الإسناد والحديث الذي يسكن إليه فعليه بأهل المدينة ومن أراد المناسك والعلم بها والمواقيت فعليه بأهل مكة ومن أراد المقاسم وأمر الغزو فعليه بأهل الشام ومن أراد شيئا لا يعرف حقه من باطله فعليه بأهل العراق.

محمد بن إسماعيل البخاري (تـ ٢٥٦ هـ)

قال الذهبي : البخاري شيخ الإسلام وامام الحفاظ أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه الجعفي مولاهم البخاري صاحب الصحيح والتصانيف مولده في شوال سنة أربع وتسعين ومائة وأول سماعه للحديث سنة خمس ومائتين وحفظ تصانيف بن المبارك وهو صبي ، وتوفي سنة ٢٥٦ هـ وله من المصنفات : الجامع الصحيح وكتاب التاريخ في تراجم رواة الحديث وغيرها.

قال الذهبي : البخاري يتجنب الرافضة كثيرا ، كأنه يخاف من تدينهم بالتقية ولا نراه يتجنب القدرية ولا الخوارج ولا الجهمية ، فإنهم على بدعهم يلزمون الصدق.(١)

أقول :

ان البخاري قد تجنب الرواية عن الرافضة مسايرة للعباسيين في موقفهم من الامام الحسنعليه‌السلام وموقفهم من الامام الصادقعليه‌السلام . بل هو لا يحتج برواية الامام الصادق عظيم أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في وقته ، كما ترك الرواية عن ولده الامام موسى بن جعفرعليه‌السلام ، كما ترك الرواية عن الامام الرضا وولده الجواد وولده الهاديعليه‌السلام وقد كان معاصرا لهم.

قال الذهبي في ترجمة جعفر بن محمدعليه‌السلام : احد الأئمة الأعلام بر صادق كبير الشأن لم يحتج به البخاري.(٢)

أقول :

ولم يقف البخاري عند ذلك بل امتد إلى الصحابة الذين عرفوا بتشيعهم فقد ترك

__________________

(١) الذهبي ،ميزان الاعتدال ج ٣ ص ١٦٠ ترجمة علي بن هاشم بن البريد ، أبو الحسن الكوفي الخزاز ، مولى قريش. وثقه ابن معين ، وغيره. وقال أبو داود : ثبت يتشيع.

وقال البخاري : كان هو وأبوه غاليين في مذهبهما. قال الذهبي : ولغلوه ترك البخاري إخراج حديثه.

(٢) الذهبي ،ميزان الإعتدال في نقد الرجال ج ٢ ص ١٤٤.

٤٨٤

أحاديث أبي الطفيل عامر بن واثلة وهو من صغر الصحابة توفي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وله ثماني سنوات ، روى ابن عساكر قال سئل محمد بن يعقوب الاخرم : لم ترك البخاري حديث أبي الطفيل : قال كان يفرط في التشيع.(١)

خاتمةالفصل الثامن في وضع الاخبار على عهد

الأمويين والعباسيين

تبنى الاعلام الأموي منذ سنة ٥٠ هجرية وهي سنة وفاة الحسنعليه‌السلام وضع روايات في تشويه الحقائق عن تاريخ الإسلام ورموزه / النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليعليه‌السلام والحسنعليه‌السلام وبعد نهضة الحسينعليه‌السلام وشهادته اضيف الحسينعليه‌السلام / وكانت الدائرة الأولى التي اهتم بها الاعلام هي شخصية علي وموقعه من الإسلام لتسويع لعنه ، ثم سيرة النبي الذاتية لتسويغ سيرة خلفائه من بني أمية ، وتشويه صلح الحسن بالدرجة الثانية ، اما في العهد العباسي فصار تشويه صلح الحسنعليه‌السلام والسيرة الذاتية له ، وتاريخ الكوفيين زمن علي والحسن والحسين ، واصل التشيع في الدائرة الأولى. وصار تشويه علي الشخصية في الدائرة الثانية ، نعم تاريخ علاقة مع الخلفاء ووصفه بانه رابعهم ، وانه كان يعتقد بانه افضلهم كان جزءا من الدائرة الأولى.

يهمنا من هذا التقديم فهم تطور وضع الاخبار السيئة في تشويه صلح الامام الحسن ،

كان الزهري عالم البلاط الأموي قريبا من أربعين سنة / منذ عهد عبد الملك وولده إلى زمن هشام وفي عهده كان مربيا لأولاده إلى وفاته سنة ١٢٤ هـ / ، وقد كتب في سيرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله خالية من موقع عليعليه‌السلام وامتيازاته فيها ورواها عنه تلميذه معمر بن راشد وقد مرت علينا في الفصل الأول من هذا الباب ،

واشهر ما نجده في مصادر الحديث والرجال والتاريخ المهمة كالمصنف لعبد الرزاق الصنعاني ت ٢١١ هـ) والمعرفة والتاريخ للبسوي والتاريخ للطبري هو حديث الزهري في الصلح برواية من لا يتهم في روايته عنه :

__________________

(١) تهذيب ابن عساكر ج ١١ / ٢٩٤.

٤٨٥

ـ معمر بن راشد (ت ١٥٤ هـ) (في اليمن) ،

ـ ويونس الايلي (ت ١٦٠ هـ) (في مصر)

ـ وعبيد الله بن أبي زياد الرصافي (ت ١٥٨ هـ). (في الشام)

ورواية ضمرة بن ربيعة القرشي الحمصي الفلسطيني ٢٠٢ هـ (في فلسطين) ،

ثم حذا حذو رواية الزهري آخرون بالرزون ولم ينسبوها إلى الزهري بل نسبوها إلى آخرين :

ـ عوانة بن الحكم ت ١٥٨ هـ ولم ينسبها إلى الزهري رواها له الطبري عن زياد البكائي ت ١٨٣ هـ. في بغداد

ـ عثمان الطرائفي الجزري ت ٢٠٣ هـ (في الجزيرة) رواها له الطبري في تاريخه والطبراني في معجمه الكبير ،

ـ محمد بن عبيد ت ٢٠٢ هـ رواها له ابن سعد في طبقاته عن يونس بن أبي إسحاق ت ١٦١ هـ عن أبيه. وعن مجالد ت ١٤٤ هـ عن الشعبي ت ١٠٢ هـ) والشعبي. (في بغداد)؟

ـ سفيان بن عيينة ت ١٩٨ هـ (في بغداد ومكة) لم يروها عن الزهري مع تلمذته له وقد عرفه البعض ب (غُلَيم الزهري) تعبيرا عن قصر المدة معه ، بل تفرد بروايتها عن إسرائيل أبي موسى البصري عن الحسن البصري رواها له البخاري. روى البلاذري قريبا منها عن جرير بن حازم عن أبي الحسن البصري بتخمين ولده وهب.

ـ ثم جاء الشراح الكبار للبخاري أمثال ابن حجر والعيني وغيرهما وجعلوا رواية ابن عيينة المحور في بيان قصة صلح الحسنعليه‌السلام مع معاوية واضافوا إليها الروايات الآنفة الذكر مقطعة بحسب حاجة النص إلى الشاهد الاوصال من سنخها عن تلاميذ الزهري أيضا أمثال معمر بن راشد.

يبقى السؤال المهم عن مقدار الاضافات في العهد العباسي لأصل رواية الزهري ، والذي نطرحه كرأي أولي في هذه المسالة هو انابن عيينة كان له النصيب الاكبر في تطوير فكرة قضية اغراء معاوية للحسنعليه‌السلام بالمال تأييدا لكلام الخليفة الدوانيقي

٤٨٦

ان الحسنعليه‌السلام باع الخلافة بدراهم وقد لقبه الخليفة هارون حفيد المنصور بكونه سيد الناس ، واحسب ان هذه الروايات تحتاج إلى مقارنات تفصيلية مع استقصاء للاسانيد ورجالها ومهما يكن من أمر فان الثابت هو مسؤولية بني العباس في خلق جو يساعد على نمو الاعلام الأموي الكاذب في حق الحسن سواء كان قليلا أو كثيرا ليأخذ صيغته المستقرة في صحيح البخاري وتاريخ الطبري وطبقات ابن سعد وانساب الاشراف للبلاذري وكتاب المعرفة والتاريخ للبسوي وغيرها وهي مصادر أساسية في الرواية والتاريخ لكل من جاء بعدها كتاريخ ابن خلدون وتاريخ ابن الاثير وتاريخ المقريزي وتاريخ ابن عساكر ومن ثم اعتمدها المستشرقون وغيرهم في الكتابة عن الحسن ومما يؤسف هو اعتماد الباحثين الشيعة عليها في قليل أو كثير وقد عصمهم من الوقوع في الخطأ ازاء الامام الحسن هو ايمانهم بعصمته ، ومن ثم التساهل فيما عداه.

٤٨٧

الباب الثالث / الفصل التاسع

الروايات التي تطعن في أهل الكوفة

رواية عبيد الله بن أبي زياد الرصافي ت ١٥٨ هـ

روى يعقوب بن سفيان عن الحجاج بن أبي منيع (يوسف) عن جده (عبيد الله بن أبي زياد ت ١٥٨ هـ) عن الزهري قتل علي وبايع أهل العراق الحسن بن علي على الخلافة فطفق يشترط عليهم حين بايعوه إنكم لي سامعون مطيعون تسالمون من سالمت وتحاربون من حاربت فارتاب أهل العراق في أمره حين اشترط هذا الشرط قالوا ما هذا لكم بصاحب وما يريد هذا القتال فلم يلبث حسن بعدما بايعوه إلا قليلا حتى طعن طعنة أشوته فازداد لهم بغضا وازداد منهم ذعراً.(١)

وروى يعقوب بن سفيان عن حجاج أيضا قال حدثني جدي عن الزهري : قال فكاتب الحسن لما طعن معاوية وارسل يشترط شرطه فقال ان اعطتني هذا فاني سامع مطيع وعليك ان تفي به ، فوقعت صحيفة الحسن في يد معاوية وقد ارسل معاوية إلى الحسن بصحيفة بيضاء مختوم على اسفلها وكتب إليه ان اشترط في هذه ما شئتفما اشترطت فهو لك ، فلما اتت حسنا جعل يشترك اضعاف الشروط التي سأل معاوية قبل ذلك وأمسكها عنده وامسك معاوية صحيفة حسن التي كتب إليه يسأله ما فيها.

__________________

(١) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ج ١٣ ص ٢٦٣.

٤٨٨

فلما التقيا وبايعه الحسن سأل حسن معاوية أن يعطيه الشروط التي شرط في السجل الذي ختم معاوية في أسفله فأبى معاوية أن يعطيه ذلك ، وقال لك ما كنت كتبت إلي تسالني أن أعطيك ، فاني قد أعطيتك حين جاءني كتابك. فقال له الحسن وانا قد اشترطت عليك حين جاءني سجلك واعطيتني العهد على الوفاء ما فيه ، فاختلفا في ذلك فلم ينفذ معاوية للحسن من الشروط شيئا.(١)

رواية يونس الايلي (ت ١٥٢ ـ ١٥٩ ـ ١٦٠ هـ)

ورواية النعمان بن راشد (ت في حدود ١٥٠ هـ)

روى الطبري قال حدثني عبد الله بن أحمد المروذي قال أخبرني أبي قال حدثنا سليمان قال حدثني عبد الله عن يونس الأيلي(٢) قال :

بايع أهل العراق الحسن بن علي بالخلافة فطفق يشترط عليهم الحسن إنكم سامعون مطيعون تسالمون من سالمت وتحاربون من حاربت فارتاب أهل العراق في أمرهم حين اشترط عليهم هذا الشرط ، وقالوا ما هذا لكم بصاحب وما يريد هذا القتال ، فلم يلبث الحسنعليه‌السلام بعدما بايعوه إلا قليلا حتى طعن طعنة أشوته ، فازداد لهم بغضا وازداد منهم ذعرا.

فكاتب معاوية وأرسل إليه بشروط قال إن أعطيتني هذا فأنا سامع مطيع وعليك

__________________

(١) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ج ١٣ ص ٢٧٢.

(٢) ابن سعد ،الطبقات الكبرى ج ٧ ص ٥٢٠ : يونس بن يزيد الأيلي وكان حلو الحديث كثيره وليس بحجة وربما جاء بالشيء المنكر.

وقال المزي في تهذيب الكمال : ع يونس بن يزيد بن أبي النجاد ويقال يونس بن يزيد بن مشكان بن أبي النجاد الأيلي أبو يزيد القرشي مولى معاوية بن أبي سفيان ، وصحب الزهري ثنتي عشرة سنة وقيل أربع عشرة سنة ذكره خليفة بن خياط في الطبقة الثالث من أهل مصر وقال علي بن المديني سألت عبد الرحمن بن مهدي عن يونس بن يزيد فقال كان بن المبارك يقول كتابه صحيح قال بن مهدي وأنا أقول كتابه صحيح وقال عبدان عن بن المبارك اني إذا نظرت في حديث مهمر ويونس يعجبني كأنهما خرجا من مشكاة واحدة وقال عبد الرزاق عن بن المبارك ما رأيت أحدا أروى للزهري من معمر إلا أن يونس أحفظ للمسند وفي رواية إلا ما كان من يونس فإنه كتب الكتب على الوجه ، وقال أبو زرعة الدمشقي سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول في حديث يونس بن يزيد منكرات عن الزهري ، توفي بصعيد مصر سنة اثنتين وخمسين ومئة ...

٤٨٩

أن تفي لي به ووقعت صحيفة الحسن في يد معاوية وقد أرسل معاوية قبل هذا إلى الحسن بصحيفة بيضاء مختوم على أسفلها وكتب إليه أن اشترط في هذه الصحيفة التي ختمت أسفلها ما شئت فهو لك.

فلما أتت الحسن اشترط أضعاف الشروط التي سأل معاوية قبل ذلك وأمسكها عنده وأمسك معاوية صحيفة الحسنعليه‌السلام التي كتب إليه يسأله ما فيها.

فلما التقى معاوية والحسنعليه‌السلام ، سأله الحسن أن يعطيه الشروط التي شرط في السجل الذي ختم معاوية في أسفله فأبى معاوية أن يعطيه ذلك ، فقال لك ما كنت كتبت إلي أولا تسألني أن أعطيكه ، فاني قد أعطيتك حين جاءني كتابك.

قال الحسنعليه‌السلام وأنا قد اشترطت حين جاءني كتابك وأعطيتني العهد على الوفاء بما فيه فاختلفافي ذلك فلم ينفذ للحسنعليه‌السلام من الشروط شيئا.(١)

وروى البلاذري ٣ / ٦٧ هذا الخبر بسند آخر عن جرير بن حازم (ت ١٧٥ هـ) عن النعمان بن راشد(٢) (توفي في حدود سنة ١٥٠) عن الزهري.

وروى الطبري ٤ / ١٢١ أيضا بسنده عن يونس الايلي قال :

(وكان الحسن لا يرى القتال ولكنه يريد أن يأخذ لنفسه ما استطاع من معاوية ثم يدخل في الجماعة. وعرف الحسن أن قيس بن سعد لا يوافقه على رأيه فنزعه وأمر عبد الله بن عباس. فلما علم عبد الله بن عباس بالذي يريد الحسنعليه‌السلام أن يأخذه لنفسه كتب إلى معاوية يسأله الأمان ويشترط لنفسه على الاموال التي أصابها فشرط ذلك له معاوية. وبعث معاوية إليه عبد الله بن عامر وعبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس فقدما على الحسن بالمدائن فأعطياه ما أراد وصالحاه على أن يأخذ من بيت مال الكوفة خمسة آلاف ألف في أشياء اشترطها.

ثم قام الحسن في أهل العراق فقال يا أهل العراق إنه سخى بنفسى عنكم ثلاث قتلكم أبى وطعنكم إياي وانتهابكم متاعي ودخل الناس في طاعة معاوية ودخل معاوية الكوفة فبايعه الناس).

__________________

(١) الطبري ،تاريخ الطبري ، ج ٤ ص ١٢٣.

(٢) ابن عدي ، الكامل في ضعفاء الرجال ج ٧ ص ١٣ : النعمان بن راشد الجزري من أهل الرقة سمعت بن حماد يقول ثنا معاوية عن يحيى قال النعمان بن راشد ضعيف.

٤٩٠

رواية عوانة بن الحكم (١٥٨ هـ)

قال الطبري : قال زياد بن عبد الله عن عوانة ت ١٥٨ هـ : وذكر نحو حديث المسروقي عن عثمان بن عبد الحميد او ابن عبد الرحمن قال حدثنا إسماعيل بن راشد.

أقول : اما حديث المسروقي الانف الذكر فهو رواية عثمان عن إسماعيل بن راشد وهي قوله :

قال بايع الناس الحسن بن عليعليه‌السلام بالخلافة ثم خرج بالناس حتى نزل المدائن وبعث قيس بن سعد على مقدمته في اثني عشر ألفا وأقبل معاوية في أهل الشام حتى نزل مسكن فبينا الحسن في المدائن إذ نادى مناد في العسكر ألا إن قيس بن سعد قد قتل فانفروا فنفروا ونهبوا سرادق الحسنعليه‌السلام حتى نازعوه بساطا كان تحته وخرج الحسن حتى نزل المقصورة البيضاء بالمدائن

وكان عم المختار بن أبي عبيد عاملا على المدائن وكان اسمه سعد بن مسعود فقال له المختار وهو غلام شاب هل لك في الغنى والشرف قال وما ذاك قال توثق الحسن وتستأمن به إلى معاوية فقال له سعد عليك لعنة الله أثب على ابنب بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فأوثقه بئس الرجل أنت

فلما رأى الحسنعليه‌السلام تفرق الأمر عنه بعث إلى معاوية يطلب الصلح وبعث معاوية إليه عبد الرحمن بن عامر وعبد الرحمن ابن سمرة بن حبيب بن عبد شمس فقدما على الحسن بالمدائن فأعطياه ما أراد وصالحاه على أن يأخذ من بيت مال الكوفة خمسة آلاف ألف في أشياء اشترطها

ثم قام الحسن في أهل العراق فقال يا أهل العراق إنه سخى بنفسى عنكم ثلاث قتلكم أبى وطعنكم إياي وانتهابكم متاعي ودخل الناس في طاعة معاوية ودخل معاوية الكوفة فبايعه الناس.

قال زياد بن عبد الله عن عوانة وذكر نحو حديث المسروقي عن عثمان بن عبد الرحمن هذا وزاد فيه (عوانه) : وكتب الحسن إلى معاوية في الصلح وطلب الأمان وقال الحسن للحسين ولعبد الله بن جعفر إني قد كتبت إلى معاوية في الصلح وطلب الأمان

٤٩١

فقال له الحسين نشدتك الله أن تصدق أحدوثة معاوية وتكذب أحدوثة علي فقال له الحسن اسكت فأنا أعلم بالأمر منك فلما انتهى كتاب الحسن بن عليعليه‌السلام إلى معاوية أرسل معاوية عبد الله بن عامر وعبد الرحمن بن سمرة فقدما المدائن وأعطيا الحسن ما أراد فكتب الحسن إلى قيس بن سعد وهو على مقدمته في اثني عشر ألفا يأمره بالدخول في طاعة معاوية فقام قيس بن سعد في الناس فقال يا أيها الناس اختاروا الدخول في طاعة إمام ضلالة أو القتال مع غير إمام قالوا لا بل نختار أن ندخل في طاعة إمام ضلاضة فبايعوا لمعاوية وانصرف عنهم قيس بن سعد وقد كان صالح الحسن معاوية على أن جعل له ما في بيت ماله وخراج دار ابجرد على أن لا يشتم علي وهو يسمع فأخذ ما في بيت ماله بالكوفة وكان فيه خمسة آلاف ألف.(١)

وعن زياد بن عبد الله (ت ١٨٢ هـ) عن عوانة بن الحكم (ت ١٥٨ هـ)(٢) : بايع أهل العراق الحسن بن علي فسار حتى نزل المدائن وبعث قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري على المقدمات وهم اثنا عشر ألفا وكانوا يسمون شرطة الخميس قال فبينا الحسن بالمدائن إذ نادى مناد في عسكر الحسن ألا إن قيس بن سعد بن عبادة قد قتل فانتهب الناس سرادق الحسن حتى نازعوه بساطا تحته ووثب على الحسن رجل من الخوارج من بني أسد فطعنه بالخنجر ووثب الناس على الأسدي فقتلوه ثم خرج الحسن حتى نزل القصر الأبيض بالمدائن وكتب إلى معاوية في الصلح قال ثم قام الحسن فيما بلغني الناس فقال : يا أهل العراق إنه سخى بنفسي عنكم ثلاث في قتلكم أبي وطعنكم إياي وانتهابكم متاعي.(٣)

__________________

(١) الطبري ،تاريخ الطبري ١٢٣ ، وقد رواها البلاذري بسنده عن وهب بن جرير عن أبيه جرير بن حازم قال سمعت النعمان بن راشد يحدث عن الزهري قال : بويع الحسن بعد أبيه فقال لأصحابه في بيعته : تسالمون من سالمت وتحاربون من حاربت ....

(٢) ابن حجر ،لسان الميزان ، عوانة بن الحكم بن عوانة بن عياض الأخباري المشهور الكوفي يقال كان أبوه عبدا خياطا وأمه أمة وهو كثير الرواية عن التابعين قال إن روى حديثا مسندا وأكثر المدايني عنه وقد روى عن عبد الله بن المعتز عن الحسن بن عليل العنزي عن عوانة بن الحكم أنه كان عثمانيا فكان يضع الأخبار لبني أمية مات سنة ثمان وخمسين ومائة.

(٣) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ، ترجمة الحسن.

٤٩٢

رواية عثمان بن عبد الرحمن الحراني (٢٠٣ هـ)

وقال الطبري وحدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي (ت ٢٥٨ هـ)(١) قال حدثنا عثمان بن عبد الحميد أو ابن عبد الرحمن المجازي الخزاعي أبو عبد الرحمن(٢) قال حدثنا إسماعيل بن راشد(٣) قال : بايع الناس الحسن بن عليعليه‌السلام بالخلافة ثم خرج بالناس حتى نزل المدائن وبعث قيس بن سعد على مقدمته في اثني عشر ألفا وأقبل معاوية في أهل الشام حتى نزل مسكن فبينا الحسن في المدائن إذ نادى مناد في العسكر ألا إن

__________________

(١) هو موسى بن عبد الرحمن بن سعيد بن مسروق بن معدان بن المرزبان الكندي المسروقي أبو عيسى الكوفي.

(٢)أقول : الرواية في المعجم الكبير للطبراني عن عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي ، وفي الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي ج ٥ ص ١٧٣ قال : عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي الحراني يكنى أبا عبد الرحمن. سمعت أبا عروبة ينسبه إلى الصدق وقال لا بأس به متعبد ويحدث عن قوم مجهولين بالمناكير. حدثنا أبو عروبة قال ثنا علي بن ميمون قال ثنا عثمان بن عبد الرحمن بن مسلم الطرائفي مولى بني أمية وسمعت أبا عروبة يقول عثمان بن عبد الرحمن بن مسلم مولى منصور بن محمد بن مروان كذلك ينتسب ولده. وكنيته أبو عبد الرحمن يعرف بالطرائفي سمعت محمد بن الحارث يقول كان أبيض الرأس واللحية ، وصورة عثمان بن عبد الرحمن انه لا بأس به كما قال أبو عروبة إلا أنه يحدث عن قوم مجهولين بعجائب وتلك العجائب من جهة المجهولين. وهو في أهل الجزيرة كبقية في أهل الشام وبقية أيضا يحدث عن مجهولين بعجائب وهو في نفسه ثقة لا بأس به صدوق ما يقع فيه حديثه من الإنكار فإنما يقع من جهة من يروي عنه. قال ابن حبان في المجروحين ج ٢ ص ٩٦ : عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي القرشي كنيته عبد الرحمن من أهل حران وكان معلما يروي عن أقوام ضعاف أششياء يدلسها عن الثقات حتى إذا سمعها المستمع لم يشك في وضها فلما كثر ذلك في أخباره ألزقت به تلك الموضوعات وحمل عليه الناس في الجرح فلا يجوز عندي الاحتجاج بروايته كلها على حالة من الأحوال لما غلب عليها من المناكير عن المشاهير والموضوعات عن الثقات مات سنة ثلاث ومائتين وهو أبيض الرأس واللحية. وفي تهذيب الكمال ج ١٩ ص ٤٢٨ : د س ق عثمان بن عبد الرحمن بن مسلم الحراني أبو عبد الرحمن ويقال أبو عبد الله ويقال أبو محمد ويقال أبو هاشم المكتب المعروف الطرائفي وإنما قيل له ذلك لأنه كان يتتبع طرائف الحديث مات سنة اثنتين ومائتين د س ق.

(٣) قال ابن سعد فيالطبقات الكبرى ج ٦ ص ٣٤٦ في ترجمة محمد بن أبي إسماعيل السلمي واسم أبي إسماعيل راشد وكانوا إخوة ثلاثة يروى عنهم. أسنهم وأقدمهم موتا إسماعيل بن راشد روى عنه حصين ، وأخوه محمد بن أبي إسماعيل أيضا ومات محمد سنة اثنتين وأربعين ومائة في خلافة أبي جعفر وقد روى الثوري أيضا عن محمد بن أبي إسماعيل والآخر عمر بن راشد روى عنه حفص بن غياث وعبد الله بن نمير ويحيى القطان والثوري.أقول : حصين هو حصين بن عمر الاحمسي ت ١٨٠ ـ ١٩٠ هجرية.

٤٩٣

قيس بن سعد قد قتل فانفروا فنفروا ونهبوا سرداق الحسنعليه‌السلام حتى نازعوه بساطا كان تحته.

وخرج الحسن حتى نزل المقصورة البيضاء بالمدائن وكان عم المختار بن أبي عبيد عاملا على المدائن وكان اسمه سعد بن مسعود ، فقال له المختار وهو غلام شاب هل لك في الغنى والشرف ، قال وما ذاك قال توثق الحسن وتستأمن به إلى معاوية ، فقال له سعد عليك لعنة الله أثب على ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فأوثقه بئس الرجل أنت.

فلما رأى الحسنعليه‌السلام تفرق الأمر عنه بعث إلى معاوية يطلب الصلح وبعث معاوية إليه عبد الله بن عامر وعبد الرحمن ابن سمرة بن حبيب بن عبد شمس فقدما على الحسن بالمدائن فأعطياه ما أراد وصالحاه على أن يأخذ من بيت مال الكوفة خمسة آلاف ألف في أشياء اشترطها ثم قام الحسن في أهل العراق فقال يا أهل العراق إنه سخى بنفسه عنكم ثلاث قتلكم أبي وطعنكم إياي وانتهابكم متاعي ودخل الناس في طاعة معاوية ودخل معاوية الكوفة فبايعه الناس.(١)

رواية ابن جُعدبة (توفي زمن المهدي ١٥٦ ـ ١٦٩ هـ)

عن وهب بن جرير(٢) (٢٠٦ هـ) عن يزيد بن عياض بن جعدبة(٣) عن صالح بن

__________________

(١) الطبري ،تاريخ الطبري ج ٤ ص ١٢٣.

(٢) قال الذهبي فيتذكرة الحفاظ : وهب بن جرير بن حازم المحدث الحافظ أبو العباس الأزدي مولاهم البصري أحد الأثبات. وقال أحمد العجلي بصري ثقة كان عفان يتكلم فيه مات منصرفا عن الحج قال بن سعد مات سنة ست ومائتين. وفي الكامل في ضعفاء الرجال : وهب بن جرير بن حازم بن زيد الجهضمي البصري يكنى أبا العباس ثنا بنحماد حدثني عبد الله بن أحمد سمعت أبي يقول قال عبد الرحمن بن مهدي ها هنا قوم يحدثون عن شعبة ما رايناهم عند شعبة قلت له من تعني بهذا قال وهب بن جرير قال أبي ما رأى وهب عند شعبة قط ولكن وهي كان صاحب سنة.

(٣) الخطيب البغدادي ،تاريخ بغداد ، يزيد بن عياض بن الجعدية أبو الحكم الليثي من أنفسهم حجازي انتقل البصرة فسكنها وقدم بغداد وحدث بها عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج وسعيد بن أبي سعيد المقبري وأبي الزبيرالمكي ومحمد بن المنكدر وابن شهاب الزهري روى عنه يزيد بن هارون وشبابة بن سوار الهيثم بن جميل وعبد الصمد بن النعمان وعلي بن الجعد ، أنبأنا أحمد بن محمد بن عبد الله الكاتب أخبرنا محمد بن حميد المخرمي حدثنا علي بن الحسين بن حبان قال وجدت في كتاب أبي

٤٩٤

كيسان(١) قال : لما قتل علي بن أبي طالب وبايع أهل الشام معاوية بالخلافة سار معاوية بالناس إلى العراق وسار الحسن بن علي بمن معه من أهل الكوفة ووجه عبيد الله بن العباس وقيس بن سعد بن عبادة في جيش عظيم حتى نزلوا مسكن من ارض العراق وقد رق أمر الحسن وتواكل فيه أهل العراق فوثبوا عليه فانتزع رداؤه عن ظهره وأخذ بساطه من تحته ومزق سرادقه فارسل عبيد الله بن العباس إلى عبد الله بن عامر يأمره أن يأتيه إذا أمسى بأفراس حتى يصير معه إلى معاوية فيصالحه ففعل ابن عامر فلحق

__________________

بخط يده سئل أبو زكريا عن يزيد بن عياض فقال ليس حديثه بشيء قلت له يا أبا زكريا ما كان قصته قال أفسدوه ههنا ببغداد جعلوا يدخلون له الأحاديث فيقراها فأفسدوه بهذا كان لا يعقل ما سمع مما لم يسمع فكيف يكتب عن مثل هذا ، قال يزيد بن عياض بن جعدية وسمه مالك بالكذب ، عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا حدثنا محمد بن سعد قال يزيد بن عياض بن جعدية الليثي من أنفسهم ويكنى أبا الحكم إنتقل إلى البصرة مات بها في زمن المهدي. قال ابن حجر في تهذيب التهذيب ج ١١ ص ٣٠٨ قال أحمد بن صالح المصري : أظنُّه كان يضع للناس وقال النسائي : متروك الحديث وقال في موضوع آخر : كذّاب وقال مرَّة : ليس بثقة ولا يكتب حديثه. وقال ابن عدي : عامّة ما يرويه غيرمحفوظ.

(١) تهذيب الكمال : ع صالح بن كيسان المدني أبو محمد ويقال أبو الحارث مولى بني غفار ويقال مولى بني عامر ويقال مولى آل معيقيب الدوسي وهو مؤدب ولد عمر بن عبد العزيز ، عن مصعب بن عبد الله الزبيري كان مولى امرأة من دوس وكان عالما ضمه عمر بن عبد العزيز إلى نفسه وهو أمير فكان يأخذ عنه ثم بعث إليه الوليد بن عبد الملك فضمه إلى ابنه عبد العزيز بن الوليد وكان يأخذ عنه وكان صالح جامعا من الحديث والفقه والمروءة وقال حرب بن إسماعيل سئل أحمد بن حنبل عنه فقال بخ بخ ، قال يحيى بن معين ليس في أصحاب الزهري أثبت من مالك ثم صالح بن كيسان ثم معمر ثم يونس وقال يعقوب في موضع آخر صالح بن كيسان ثقة ثبت ، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم سئل أبي صالح بن كيسان أحب إليك أو عقيل قال صالح أحب إلي لأنه حجازي وهو أسن وقال عبد الرزاق عن معمر عن صالح بن كيسان اجتمعت أنا وابن شهاب ونحن نطلب العلم فاجتمعنا على أن نكتب السنن فكتبنا كل شيء سمعنا عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم قال نكتب ما جاء عن أصحابه فقلت ليس بسنة فقال بل هو سنة فكتب ولم أكتب فأنجح وضيعت ، وقال الحاكم أبو عبد الله مات زيد بن أبي أنيسة وهو بن ثلاثين سنة وصالح بن كيسان وهو بن مائة ونيف وستين سنة وكان قد بقي جماعة من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم بعد ذلك تلمذ للزهري وتلقن عنه العلم وهو بن تسعين سنة ابتدأ بالتعلم وهو ابن سبعين سنة قال الهيثم بن عدي مات في زمن مروان بن محمد وقال محمد بن سعد قال الواقدي أخبرني عبد الله بن جعفر قال دخلت على صالح بن كيسان وهو يوصي فقال أشهد أن ولائي لامرأة مولاة لآل معيقيب بن أبي فاطمة من دوس قال ومات بعد الأربعين والمئة وقبل مخرج محمد بن عبد الله بن حسن وخرج محمد بن عبد الله سنة خمس وأربعين ومئة وكان ثقة كثير الحديث روى له الجماعة.

٤٩٥

عبيد الله بمعاوية وترك جنده لا أمير لهم(١)

رواية جرير بن حازم (١٧٥ هـ)

روى البلاذري قال حدثنا خلف بن سالم ، حدثنا وهب (بن جرير) (ت ٢٠٦) قال : قال أبي (جرير بن حازم(٢) ـ وأحسبه رواه عن الحسن البصري ـ قال :

لما بلغ أهل الكوفة (بيعة) الحسن أطاعوه وأحبوه أشد من حبهم لأبيه ، واجتمع له خمسون ألفا ، فخرج بهم حتى أتى المدائن ، وسرح بين يديه قيس ابن سعد بن عبادة الأنصاري في عشرين ألفا ، فنزل بمسكن ، وأقبل معاوية من الشام في جيش.

ثم إن الحسن خلا بأخيه الحسين فقال (له : يا) هذا إني نظرت في أمري [٢] فوجدتني لا أصل إلى الأمر ، حتى تقتل من أهل العراق والشام من لا أحب أن أحتمل دمه ، وقد رأيت أن أسلم الأمر إلى معاوية فأشاركه في إحسانه [٣] ويكون عليه إساءته (ظ). فقال الحسين : إني لا أرى ما تقول ووالله لئن لم تتابعني لأسندتك في الحديد فلا تزال فيه حتى أفرغ من أمري. قال : فشأنك.

فقام الحسن خطيبا فذكر رأيه في الصلح والسلم لما كره من سفك الدماء وإقامة

__________________

(١) البلاذري ،انساب الاشراف ، ج ٣ ص ٥٠ ، وفي المصدر أبي جعدبة تحريف لابن جعدبة وهو يزيد بن عياض بن جعدبة.

(٢) جرير بن حازم الامام الحافظ أبو النضر الأزدي مولاهم البصري محدث البصرة أحد الاعلام روى عن أبي رجاء العطاردي والحسن وابن سيرين وطاووس وعطاء وابن أبي مليكة ونافع وحميد بن هلال وعنه ابنه وهب وشيخه أيوب السختياني والسفيانان وابن وهب وشيبان بن فروخ وأبو الربيع الزهراني وأبو نصر التمار وخلائق واحتج به أصحاب الكتب قال موسى بن إسماعيل ما رأيت حماد بن سلمة يعظم أحدا تعظيمه جرير بن حازم وقال وهب كان شعبة يأتي أبي يسأله وقال وهب عن أبيه جلست إلى الحسن سبع سنين لم أخرم منها يوما واحدا قال بن مهدي اختلط جرير قبل موته فأحس بذلك بنوه فحجبوه فلم يسمع منه شيء في اختلاطه قلت في بعض حديثه عن قتادة ما هو منكر وهو من أوعية العلم وغيره احفظ منه مات في سنة سبعين ومائة وهو في عشر التسعين ، وذكر انه حج فشهد جنازة أبي الطفيل بمكة قال بن داسة أنا المغيرة بن محمد المهلبي سمعت علي بن المديني سمعت وهب بن جرير عن أبيه قال رأيت أبا الطفيل بمكة قلت فلم لم تسمع منه قال كان طواف واحد يا بني أحب إلي من ذلك ، قال أحمد بن حنبل جرير بن حازم صاحب سنة.

٤٩٦

الحرب. فوثب عليه أهل الكوفة وانتهبوا ماله وخرقوا سرادقه وشتموه وعجّزوه ثم انصرفوا عنه ولحقوا بالكوفة!

فبلغ الخبر قيسا فخرج إلى أصحابه فقال : يا قوم إن هؤلاء القوم كذّبوا محمد وكفروا به ما وجدوا إلى ذلك سبيلا! فلمّا أخذتهم الملائكة من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم دخلوا في الإسلام كرها ، وفي أنفسهم ما فيها من النفاق! فلمّا وجدوا السبيل إلى خلافه ، أظهروا ما في أنفسهم! وإن الحسن عجز وضعف وركن إلى صلح معاوية ، فإن شئتم أن تقاتلوا بغير إمام فعلتم؟! وإن شئتم ان تدخلوا في الفتنة دخلتم؟ قالوا : فإنّا ندخل في الفتنة! فأعطى معاوية حسنا ما أراد ، في صحيفة بهث بها إليه مختومة ، اشترط الحسن فيها شروطا ، فلما بايع معاوية لم يعطه مما كتب شيئا (ظ)! فانصرف الحسن إلى المدينة ومعاوية إلى الشام.(١)

رواية زهير بن معاوية (١٦٤ ـ ١٧٣ هـ)

وقال أسود بن عامر حدثنا زهير بن معاوية قال حدثنا أبو روق الهمداني قال حدثنا أبو الغريف قال كنا مقدمة الحسن بن علي اثنا عشر ألفا بمسكن مستميتين تقطر أسيافنا من الحد على قتال أهل الشام وعلينا أبو العَمَرّطة(٢) فلما جاءنا صلح الحسن بن علي ، كأنما كسرت ظهورنا من الغيظ :

فلما قدم الحسن بن علي الكوفة ، قال له رجل منا يقال له أبو عامر سفيان بن الليل السلام عليك يا مذل المؤمنين ، فقال لا تقل ذلك يا أبا عامر لست بمذل المؤمنين ، ولكن كرهت أن اقتلهم على الملك.(٣)

رواية عون بن موسى الليثي : (توفي قبل المائتين)

وروى ابن سعد أيضا عن موسى بن اسماعيل (ت ٢٢٣ هـ) قال حدثنا (عون بن موسى الليثي البصري) قال سمعت هلال بن خباب يقول جمع الحسن بن علي رؤوس

__________________

(١) البلاذري ،انساب الاشراف ج ٣ ص ٥١ ـ ٥٢.

(٢) هو عمير بن يزيد الكندي. الطبري :تاريخ الطبري ج ٥ ص ٣٠ ، ٢٥٨.

(٣) الفسوي ،المعرفة والتاريخ ، ج ١ ص ٣١٧ ، الخطيب البغدادي ،تاريخ بغداد ج ١٠ ص ٣٥.

٤٩٧

أصحابه في قصر المدائن فقال : يا أهل العراق لو لم تذهل نفسي عنكم الا لثلاث خصال لذهلت ، مقتلكم أبي ومطعنكم بغلتي وانتهابكم ثقلي او قال ردائي عن عاتقي وانكم بايعتموني على تسالموا من سالمت وتحاربوا من حاربت واني قد بايعت معاوية فاسموا له واطيعوا ثم نزل فدخل القصر.(١)

سكين بن عبد العزيز القطان البصري (ت قبل المائتين)

وروى يعقوب البسوي الخبر الانف الذكر بسند آخر قال حدثنا عبيد الله بن موسى العبسي ت ٢١٣ عن سكين بن عبد العزيز(٢) عن هلال بن خباب قال قال الحسن يا أهل العراق ...

شريك بن عبد الله النخعي القاضي (ت ١٧٧ هـ)

وقد رواه احمد بن حنبل في الفضائل بسند آخر : قال حدثنا عبد الله حدثنيعثمان بن أبي شيبة ثنا شريك(٣) (بن عبد الله النخعي القاضي) عن أبي إسحاق عن عاصم بن

__________________

(١) رواه الخطيب البغدادي فيتاريخ بغداد ج ١ ص ١٣٩ بطرقه عن يعقوب بن سفيان وعنابن سعد ، ورواه ابن حجر في الاصابة عن يعقوب بن سفيان ، ورواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ للفسوي ج ٣ ص ٣١٧ عن سعيد بن منصور عن عون بن موسى.

(٢) ابن عدي ، الكامل في ضعفاء الرجال : سكين بن عبد العزيز بن قيس العبدي بصري سمعت بن حماد يقول سكين بن عبد العزيز ليس بالقوي قاله النسائي ، قال الشيخ ولسكين غيرما ذكرت وليس بالكثيروفيما يرويه بعض النكرة وأرجو أن بعضها يحمل بعضا وأنه لا بأس به لأنه يروي عن قوم ضعفاء وليس هم بمعروفين ولعل البلاء منهم ليس منه.

(٣) الذهبي تذكرة الحفاظ : م ٤ شريك بن عبد الله القاضي أبو عبد الله النخعي الكوفي أحد الأئمة الاعلام مات في ذي القعدة سنة سبع وسبعين ومائة وله اثنتان وثمانونسنةرحمه‌الله . قال يحيى أتيته بالكوفة فأملى علي فإذا هو لا يدرى يعني شريك ، حدثنا محمد بن أحمد قال حدثنا معاوية بن صالح قال سألت أحمد بن حنبل عن شريك فقال كان عاقلا صدوقا محدثا عندي وكان شديدا على أهل الريب والبدع ، قلت له كيف كان مذهبه في علي وعثمان قال لا أدري. وعن علي بن قادح قال جاء عتاب وآخر إلى شريك فقال له عتاب الناس يقولون إنك شاك قال يا أحمق كيف أكون شاكا لوددت أني كنت مع على فخضبت يدي بسيفي من دمائهم ، حدثنا عبد الله بن حمدويه البغلاني قال حدثنا علي بن خشرم قال حدثنيحفص بن غياث قال سمعت شريكا يقول قبض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فاستخلف المسلمون أبا بكر فلو علموا أن فيهم أحدا أفضل منه قالوا قد غشونا ثم استخلف أبو بكر عمر فقام بما قام به من الحق والعدل فلما حضرته الوفاة جعل الأمر شورى بين ستة نفر من أصحاب

٤٩٨

ضمرة قال قلت للحسن بن علي ان الشيعة يزعمون ان عليا رضي الله تعالى عنه يرجع قال كذب أولئك الكذابون لو علمنا ذاك ما تزوج نساؤه ولا قسمنا ميراثه.

الاحتجاج مرسلا عن زيد بن وهب الجهني قال : «لما طُعِن الحسنعليه‌السلام بالمدائن أتيته وهو متوجع وقلت ما ترى يا ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فان الناس متحيرون ، فقال الامام الحسنعليه‌السلام أرى والله معاوية خيرا لي من هؤلاء. يزعمون أنهم لي شيعة ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي وأخذوا مالي ، والله لان آخذ من معاوية عهدا أحقن به دمي وآمن به في أهلي خيرا من أن يقتلوني فيضيع أهل بيتي وأنهم والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوني إليه سلما في الله ، لان أسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسير أويمن علي فتكون سبة على بني هاشم إلى آخر الدهر ، ومعاوية لا يزال يمن بها وعقبه على الحي منا والميت.».(١)

أقول :

مر علينا في الفصل الرابع نموذج من الروايات الموضوعة في الطعن بالعقيدة بالوصية لعليعليه‌السلام .

وفي الفصل الخامس روايات أبي مخنف في القاء تبعة قتل الحسين على أهل الكوفة بخلاف أحاديث الأئمة من ذرية الحسين إذ يلقون التبعة على جيش أهل الشام.

وفي الفصل السادس نموذج من الروايات الموضوعة الطاعنة في الكوفيين على لسان عليعليه‌السلام والحسن وفي الفصل السابع نموذج من الروايات الموضوعة الطاعنة في الحسنعليه‌السلام .

__________________

النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فاجتمعوا على عثمان فلو علموا أن فيهم أفضل منه كانوا قد غشونا قال علي وأخبرني بعض أصحابنا من أهل الحديث أنه عرض هذا الحديث على عبد الله بن إدريس فقال عبد الله بن إدريس أنت سمعت هذا من حفص بن غياث قال قلت نعم قال الحمد لله الذي أنطق بهذا لسانه فوالله إنه لشيعي وإن شريكا لشيعي ، حدثنا محمد بن عثمان قال حدثنا عبد الله بن محمد بن سالم قال حدثنا محمد بن سعيد قال ذكر قوم معاوية عند شريك فقال بعضهم كان حليما فقال ليس بحليم من سفه الحق وقاتل علي بن أبي طالب ، قال محمد بن يحيى بن سعيد القطان قال قال أبي نظرت في أصول شريك فإذا الخطأ في أصوله.

أحمد بن حنبل ،مسند أحمد ، ج ١ ص ١٤٨ ، وفي فضائل الصحابة أيضا باسناد آخر.

(١) المجلسي ،بحار الانوار ، ج ٤٤ ص ٢١. عن الاحتجاج للطبرسي.

٤٩٩

وفي الفصل الثامن ايضا.

فلِمَ لا تكون الروايات الطاعنة في الكوفيين التي اوردناها انفا موضوعة أيضا وبخاصة وان رواتها قد ظهروا في النصف الثاني من القرن الثاني الهجري وما بعده وهي فترة قمة مواجهة الاعلام العباسي لخصومهم الحسنيين والشيعة والتشيع الذي كان يتزعمه الامام الصادق والأئمة من ولده والكوفة كما مر علينا كانت قلعتهم الحصينة وقد استهدفها الخليفة الدوانيقي وابناؤه إلى ابن المعتز الذي نظم سياسة آبائه في ارجوزته المعروفة؟.

أقول :

ان الحلكم بالوضع على هذه الروايات لا يحتاج إلى دراسة تفصيلية للاسانيد ما دامت تلتقي هذه الروايات مع سياسة الاعلام العباسي في مواجهة المدينة التي تشكل قلعة خصومهم ، وتشويه شخصية الحسنعليه‌السلام وصلحه وانه كان من اجل المال لتجريد الحسنيين من تاريخ ابيهم المشرق وغيره ذلك مما لا يخفى على القارئ سقمه وكذبه.

ولكني تناولت ترجمة بعض رواتها ليكون القارئ في الصورة من كون بعث رواية الزهري التي شوهت صورة الصلح ثم وضع روايات إلى جنبها تؤيدها شاهد لايُردّ على صحة النظرية التي قدمتها في قراءتي الجديدة من ان هذا الكم الهائل من الروايات قد جاء تلبية لرغبة العباسيين في تطويق خصومهم الحسنيين ، ولعل الله تعالى يهيء باحثين يجدوا في البحث متعة واهمية ان يكملوا المشروع بدراسة أسانيد كل الروايات فان في ذلك نتائج أخرى جديدة لا تقل أهمية عن النتائج التي عرضناها في الكتاب.

٥٠٠
٥٠١

الباب الرابع

خلاصة وخاتمة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفصل الأول 507 شخصية الحسنعليه‌السلام بين الافتراء والواقع

الفصل الثاني 517 القراءة السائدة للصلح والمشكلات التي امامها

الفصل الثالث 520 صلح الامام الحسنعليه‌السلام قراءة جديدة

الفصل الرابع 571 مسار ثقافة الامة المسلمة

الفصل الخامس 579 خلاصة في المقارنة بين مراحل سير مشروعين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

٥٠٢
٥٠٣

الباب الرابع / الفصل الاول

شخصية الحسن عليه‌السلام بين الافتراء والواقع

اجمع الباحثون المستشرقون على وصف الحسنعليه‌السلام بانه كان شخصية متخاذلة ليس جديرا ان يكون ابنا لعليعليه‌السلام ، ولا رجل الساعة المطلوب سلم الحكم لقاء منحة سنوية يقدمها له معاوية ثم انصرف الى ملذاته وشهواته ثم مات بسبب اسرافه فيها ، وكانت مصادرهم في ذلك روايات مبثوثة هنا وهناك في مصادر التاريخ الاسلامي الاولى ، وضعها العباسيون لمواجهة خصومهم الحسنيين الثائرين لتجريدهم منسلاح الشعبية التي كانوا يتمتعون بها في الكوفة لمكانة ابائهم الحسن المثنى(1) والحسن السبط وامير المؤمنين عليعليه‌السلام وقد اقاما تجربتي حكم رائدتين اتسمتا بتقديم مصلحة الرسالة والامة على المصالح الشخصية.

وفيما يلي خلاصة كلماتهم فيه ، وبعض الروايات التاريخية الطاعنة في الحسن التي

__________________

(1) ذكر المؤرخون وأصحاب السير والحديث والانساب وغيرهم أن الحسن المثنى بن الحسن السبط حضر مع عمه الحسينعليه‌السلام يوم الطف وشهد المعركة ، وواسى عمه في الصبر على السيوف والرماح حتى أثخن بالجراح ووقع على الارض بين القتلى ، وكان به رمق. فأخذه اخواله من فزارة واستوهبوه من ابن زياد وعولج فبرئ (عمدة الطالب ص 100) واتفقوا على أنه برئ ولحق بالمدينة وتوفي سنة 97 هـ الذهبي ، تاريخ الاسلام ج 6 ص 330.

أقول : وقد تبنى ابو مخنف رواية خالف فيها الثابت من سيرة الحسن المثنى فقال (واستصغر الحسن بن الحسن بن علي وأمه خولة ابنة منظور بن زيان بن يسار الفزاري فترك فلم يقتل) (تاريخ الطبري 4 / 359). وهو شاهد على ان ابا مخنف كان قد الف كتابه مقتل الحسين رعاية للإعلام العباسي في بني الحسن والكوفة.

٥٠٤

وضعها الاعلام العباسي مع بعض كلمات الخليفة العباسي في الحسن وابيه عليعليه‌السلام ، ثم شواهد تاريخيه على عظمة شخصية الامام الحسنعليه‌السلام في العبادة والسلوك والمكانة الدينية والاجتماعية.

شخصية الامام الحسن عليه‌السلام عند المستشرقين

قال الدكتور فيليب حتي : «ولكن الحسن الذي كان يميل الى الترف والبذخ لا الى الحكم والارادة لم يكن رجل الموقف فانزوى عن الخلافة مكتفيا بهبة سنوية منحه اياها معاوية».(1)

وقال الراهب اليسوعي لامنس (البلجيكي) المتخصص بالتاريخ الاسلامي(2) : «الحسن اكبر ابناء علي من فاطمة بنت رسول الله ويلوح ان الصفات الجوهرية التي كان يتصف بها الحسن هي الميل الى الشهوات والافتقار الى النشاط والذكاء. ولم يكن الحسن على وفاق مع ابيه واخوته عندما ماتت فاطمة ولما تجاوز الشباب. وتوفي الحسن في المدينة بذات الرئة ولعل افراطه في الملذات هو الذي عجل بمنيته.(3)

وقال جرهارد كونسلمان : لقد باع (الحسن) المنصب الذي تركه محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله لنسله من اجل المال ويقال انه مات بالسل والهزال.(4)

وقال سايكس : في كتابه () ان الحسن غير جدير بان يكون ابنا لعلي لانه شغل بملذاته بين نسائه واكتفى بارسال اثني عشر الف جندي كطليعة لجيشه بينما احتفظ بقلب الجيش في المدائن حيث ظل يتنزه في الحدائق وخاف ان يجرب حظه في ميدان القتال.(5)

__________________

(1) حتى ، فليب ، العرب تاريخ موجز ، ص 78.

(2) قال عبد الرحمن بدوي في موسوعته عن المستشرقين ، لامنس : مستشرق بلجيكي ، وراهب يسوعي شديد التعصب ضد لا إسلام ، يفتقر إفتقاراً إلى النزاهة في البحث والأمانة في نقل النصوص وفهمها. ويعد نموذجاً سيئاً جداً للباحثين في الإسلام من بين المستشرقين.

(3)الموسوعة الاسلامية (Encyclopedia Of Islam) ج 7 / 401 4002. أشرف على تأليفها فنسنك وآخرون وكتبت باللغة الانكليزية وترجمت الى الفرنسية والالمانية ثم ترجمت الى اللغة العربية ونحن ننقل من النسخة العربية.

(4) جرهارد كونسلمان ،سطوع نجم الشيعة .

(5) الدكتور الخربوطلي ،العراق في ظل الحكم الاموي ، ص 74.

٥٠٥

وقال الكاتب العراقي هادي العلوي (1) : «ان هذا الرجل (يقصد الحسنعليه‌السلام ) يتعذر عليه ان يخوض صراعا سياسيا او عسكريا وكان من المنتظر والطبيعي ان ينسحب بمجرد ان يؤول اليه الامر ، وانه لم يمارس بعد الصلح أي نشاط معارض وقد تفرغ الحسن لحياته الشخصية وعاش كما قال عنه ابوه بين جَفنة وخِوان كأي فتى من فتيان قريش المنعمين.

ثم يستطرد العلوي قائلا : ان الدفاع عن صلح الحسن من نتائج الايديولوجيا(2)

ثم يقول : ومعاوية الذي تراجع الحسن امامه كان زعيما عظيما وقد دخل التاريخ كواحد من الاباطرة العظام بجميع لمقاييس وفي شتى العصور(3)

مصادر المستشرقين روايات الإعلام العباسي

استند الباحثون المستشرقون في تكوين الرؤية السلبية الانفة الذكر عن الحسنعليه‌السلام الى رويات اوردتها مصادر تاريخية اسلامية امثال الطبقات الكبرى لابن سعد ت 230 هـ واغاني ابي الفرج الاصبهاني ، وتاريخ محمد بن طاهر المقدسي ت 507 هـ.

روى ابن سعد عن وهب بن جرير بن حازم ت 175 هـ عن ابيه قال اخبرنا شعبة عن ابي اسحاق عن معدي كرب ان عليا مر على قوم مجتمعين ورجل يحدثهم فقال من هذا قالوا الحسن فقال طحن ابل لم تعوَّد طحنا. ان لكل قوم صداد وان صدادنا الحسن.(4)

وروى عن علي بن محمد عن سحيم بن حفص الأنصاري (ت 170 هـ). عن عيسى

__________________

(1) ادرجناه ضمن المستشرقين على الرغم من كونه ينتسب الى الاسلام والتشيع ولكنه تبنى الفكر الماركسي في الايديلولوجيا ومنهج المستشرقين في البحث.

(2) الدكتور الخربوطلي ،العراق في ظل الحكم الاموي ، ص 74.

(3) الثقافة الجديدة تسلسل 223 سنة 1990 تموز السنة 37 العدد 9. من الغريب ان العلوي هذا عرفه اصدقاؤه بالتقشف والزهد والبساطة في العيش يعتقد بمعاوية هذا المعتقد ، ولا بد انه قد قرأ عنه سفكه لدم حجر بن عدي واصحابه وتشريده العراقيين وسجنهم وقطع ايديهم لا لشيء الا لتوليهم عليا ، فهل ان زعامة تقوم على مبدأ كهذا جديرة بالاحترام!.

(4) ابن سعد ، الطبقات الكبرى القسم الناقص ج 1 ص 277 ـ 278 ورواه أيضا ابن معين عن ذر عن شعبة عن أبي اسحق عن معدي كرب (ابن معين تاريخ ابن معين ج 2 / 419).

٥٠٦

بن أبي هارون المزني. قال : تزوج الحسن بن علي حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر. وكان المنذر بن الزبير هويها. فأبلغ الحسن عنها شيئا فطلقها الحسن. فخطبها المنذر فأبت أن تزوجه وقالت : شهرني. فخطبها عاصم بن عمر بن الخطاب فتزوجها فرقي إليه المنذر أيضا شيئا ، فطلقها. ثم خطبها المنذر. فقيل لها : تزوجيه فيعلم الناس أنه كان يَعْضَهُكِ (أي بيهتك) فتزوجته فعلم الناس أنه كذب عليها. فقال الحسن لعاصم بن عمر : انطلق بنا حتى نستأذن المنذر فندخل على حفصة فستأذناه. فشاور أخاه عبد الله بن الزبير فقال دعهما يدخلان عليها. فدخلا فكانت إلى عاصم أكثر نظرا منها إلى الحسن وكانت إليه أبسط في الحديث. فقال الحسن للمنذر خذ بيدها فأخذ بيدها. وقام الحسن وعاصم فخرجا وكان الحسن يهواها وإنما طلقها لما رقا إليه المنذر. فقال الحسن يوما لابن أبي عتيق وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن وحفصة عمته هل لك في العقيق؟ قال : نعم. فخرجا فمرا على منزل حفصة. فدخل إليها الحسن فتحدثا طويلا ثم خرج. ثم قال أيضا بعد ذلك بأيام لابن أبي عتيق : هل لك في العقيق؟ قال : نعم. فخرجا فمرا بمنزل حفصة. فدخل الحسن فتحدثا طويلا. ثم خرج ثم قال الحسن مرة أخرى لابن أبي عتيق : هل لك في العقيق؟ فقال : يا ابن أم ألا تقول هل لك في حفصة؟.(1)

وروى عن يحيى بن حماد قال اخبرنا أبو عوانة (176 هـ)(2) عن سليمان عن حبيب بن ابي ثابت عن ابي ادريس عن المسيب بن نجبة قال سمعت عليا يقول الا احدثكم عني وعن أهل بيتي؟ اما عبد الله بن جعفر فصاحب لهو ، واما الحسن بن علي فصاحب جفنة وخوان فتى من فتيان قريش لوقد التقتا حلقتا البطان لم يغن في الحرب عنكم شيئا ، واما انا وحسين فنحن منكم وانتم منا.(3)

__________________

(1) ابن سعد ، الطبقات الكبرى ، ج 1 ص 307 ، سحيم بن حفص الأنصاري كنيته أبو اليقظان واسمه عامر بن حفص وسحيم لقب له. ذكره ابن النديم في الفهرست ص 106.أقول : هو من شيوخ علي بن محمد المدائني.

(2) ابن سعد ،الطبقات الكبرى ، ج 7 ص 287 أبو عوانة واسمه الوضاح مولى يزيد بن عطاء كان أصله من أهل واسط ثم انتقل إلى البصرة فنزلها حتى مات بها.

(3) ابن سعد ،الطبقات الكبرى ، القسم الناقص ج 1 ص 297 ، وابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ج 16 ص 11.

٥٠٧

وروى عن محمد بن عبد الله الاسدي (203 هـ) قال حدثنا اسرائيل (160 هـ)(1) عن ابي اسحاق عن هبيرة بن يريم قال قيل لعلي هذا الحسن بن علي في المسجد يحدث الناس فقال طحن ابل لم تعوَّد طحنا ، وما طحن ابل يومئذ.(2)

وروى ابو الفرج الاسفهاني عن احمد عن عمر بن شبة عن المدائني عن قيس بن الربيع (168 هـ)(3) عن الاجلح عن الشعبي عن جندب : ان الحسن قال لابيه حين طلب ان يجلد الوليد بن عقبة : مالك ولهذا؟(4)

وروى عن عمر بن شبة وسعيد بن محمد المخزومي كلاهما عن محمد بن حاتم عن اسماعيل بن ابراهيم علية البصري (193 هـ) عن سعيد بن عروبة البصري عن عبد الله بن الداناج عن حضين بن المنذر ابي سلسان قال : لما جيء بالوليد بن عقبة الى عثمان بن عفان وقد شهدوا عليه بشرب الخمرقال لعلي دونك ابن عمك فاقم عليهالحد فأوعز علي إلى ابنه الحسن أنْ يقوم بجلد الوليد ، فرفض الحسن وقال له : مالك ولهذا؟ فقال له علي : بل ضعفت ووهنت وعجزت.(5)

وقال المقدسي في البدء والتاريخ : «أنَّهعليه‌السلام كان أرخى ستره على مأتي حرة».(6)

__________________

(1) ابن سعد ،الطبقات الكبرى ، ج 6 ص 374 قال ابن حجر في تهذيب التهذيب : قال عثمان بن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن مهدي إسرائيل لص يسرق الحديث.

(2) ابن سعد ،الطبقات الكبرى ، القسم المفقود ، من ذخائر تراثنا ترجمة الحسن من ابن سعد غير المطبوع ص 58.

(3) العقيلي ،الضعفاء الكبير (ضعفاء العقيلي) ، ج 3 ص 469 قيس بن الربيع عن محمد بن عبيد قال كان قيس بن الربيع استعمله أبو جعفر على المدائن فكان يعلق النساء بثديهن ويرسل عليهن الزنابير قال ابن حبان : كان شعبة يروى عنه وكان معروفا بالحديث صدوقا ويقال إن ابنه أفسد عليه كتبه بأخرة فترك الناس حديثه. وفي تذكرة الحفاظ للذهبي ج 1 ص 226 قيس بن الربيع الحافظ أبو محمد الأسدي الكوفي كان من أوعية العلم وارى الأئمة تكلموا فيه لظلمه.

(4) ابو الفرج الاصفهاني ،الاغاني ، ج 5 ص 144.

(5) ابو الفرج الاصفهاني ،الاغاني ، ج 5 ص 145.

(6) المقدسي ، البدء والتاريخ / ج 5 ص 4.

٥٠٨

الروايات الطاعنة في شخصية الحسن عليه‌السلام

من وضع الامويين والعباسيين

الروايات الانفة الذكر مما وضعه الاعلام العباسي بأمر الخليفة العباسي ابي جعفر الدوانيقي لمواجهة الحسنيين الثائرين ضد العباسيين لتجريدهم من سلاح قوي بيدهم وهو التاريخ المشرق لأبيهم الحسنعليه‌السلام وجدِّهم عليعليه‌السلام انهم يقاتلون ليس لأجل السلطة بل لأجل المحرومين ، قال محمد بن عبد الله بن الحسن في رسالته الى ابي جعفر الوانيقي (وإنما ادعيتم هذا الامر بنا وخرجتم له بشيعتنا وحظيتم بفضلنا وإن أبانا عليا كان الوصي وكان الامام فكيف ورثتم ولايته وولده أحياء ثم قد علمت أنه لم يطلب هذا الامر أحد له مثل نسبنا وشرفنا وحالنا وشرف آبائنا).(1)

قال عليعليه‌السلام «اللّهم إِنّك تعلم أنّه لم يكن الذي كان منّا منافسة في سلطان ، ولا التماس شيء من فضول الحطام ، ولكن لنردّ المعالم من دينك ونظهر الإصلاح في بلادك فيأمن المظلومون من عبادك وتقام المعطّلة من حدودك.».(2)

وقد سلم الحسينعليه‌السلام ملك العراق بهدف الاصلاح وامان الناس لما عرض عليه معاوية ان يبقى عليه ويبقى هو على الشام. ولما اطلع معاوية على الشروط وقف عند شرط امان الناس وذكر قيس بن سعد انه لا بد ان يقتله وموقف الحسن كان واضحا ان الشروط ومنها الامان صفقة كاملة اما ان يقبلها معاوية كلها او يرفضها معاوية كلها.

ومن اهم الشواهد على انها تبينت من قبل العباسيين قول المنصور بعد ان سجن عبد الله بن الحسن واخوته :

(فقام فيها علي بن أبي طالبعليه‌السلام فما أفلح ، وحكَّم الحكمين ، فاختلفت عليه الأمّة وافترقت الكلمة ، ثمَّ وثب عليه شيعته وأنصاره وثقاته فقتلوه.

ثمَّ قام بعدَهُ الحسن بن عليعليه‌السلام ، فوالله ما كان برجل ، عرضت عليه الأموال فقبلها ، ودسَّ إليه معايوة إنِّي أجعلك ولي عهدي ، فخلع نفسه وانسلخ له ممَّا كان

__________________

(1) الطبري ،تاريخ الطبري ، ج 6 ص 196.

(2) نهج البلاغة ، فيض / 406 ؛ عبده 2 / 19.

٥٠٩

فيه ، وسلَّمه إليه وأقبل على النساء يتزوج اليوم واحدة ويطلق غداً أخرى ، فلم يزل كذلك حتّى مات على فراشه).(1)

وكذلك شعر مروان بن ابي حفصة ت 182 هـ : كان يتقرب الى الخليفة هارون بهجاء العلويين. انشد قصيدة يمدح بها الرشيد ويذكر فيها ولد فاطمةعليها‌السلام وينحى عليهم ويذمهم وقد بالغ حين ذم علياًعليه‌السلام ونال منه وأولها :

عليٌّ أبوكم كان أفضلَ منكم اباه(2)

ذوو الشورى كانوا ذوي الفضل

ساء رسولَ الله إذْ ساء بنتَه

بخطبته بنتَ اللعين أبي جهل

فذمَّ رسول الله صهرَ أبيكمُ

على منبر بالمنطق الصادق الفضل

وحكَّمَ فيها حاكمين أبوكمُ

هما خلعاه خلع ذي النعل للنعل

وخلَّيتموها وهي في غير أهلها

فقد أُبطلت دعواكمُ الرثة الحبلِ

وقد باعها من بعده الحسن ابنه

وطالبتموها حين صارت إلى أهل(3)

شخصية الامام الحسن عليه‌السلام في

الروايات الصحيحة

روى الشيخ الصدوق عن المفضل بن عمر قال قال الامام الصادقعليه‌السلام (ت 148 هـ) حدثني أبي عن أبيهعليهما‌السلام أن الحسن بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام :

كان أعبد الناس في زمانه ، وأزهدهم وأفضلهم ،

وكان إذا حج حج ماشيا ، وربما مشى حافيا ،

وكان إذا ذكر الموت بكى ، وإذا ذكر القبر بكى ، وإذا ذكر البعث والنشور بكى ، وإذا ذكر الممر على الصراط بكى ، وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره شهق شهقة يغشى عليه منها.

__________________

(1) المسعودي ،مروج الذهبي ج 3 ص 301.

(2) أي رفضه أهل الشورى في قصة بيعة عثمان.

(3) ابن ابي الحديد ،شرح نهج البلاغة ج 4 ص 63 ـ 64. وانظرالاغاني لابي الفرج الاصفهاني ج 23 ص 214 ـ 215. وابن خلكان ، وفيات الاعيان ج 5 ص 189 ـ 193. والدينوري ، ابن قتيبة ، الشعروالشعراء ، ج 2 ص 649.

٥١٠

وكان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربه عز وجل ،

وكان إذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم ، ويسأل الله تعالى الجنة ، ويعوذ به من النار ،

وكان لا يقرأ من كتاب الله عز وجل : (يا أيها الذين آمنوا) إلا قال : لبيك اللهم لبيك ، ولم ير في شيء من أحواله إذا ذاكرا لله سبحانه ،

وكان أصدق الناس لهجة ، وأفصحهم منطقا.(1)

وقال ابن عساكر عن عبد الله بن العباس قال : ما ندمت على شيء فاتني في شبابي إلا أني لم أحج ماشيا ، ولقد حج الحسن بن علي خمسة وعشرين حجة ماشيا وإن النجائب لتقاد معه.(2)

قال واصل بن عطاء : كان الحسن بن علي عليه سيماء الانبياء وبهاء الملوك.(3)

عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال ما تكلم عندي أحد كان احب الي إذا تكلم أن لا يسكت من الحسن بن علي وما سمعت منه كلمة فحش قط إلا مرة فإنه تكلم بين حسين بن علي وعمرو بن عثمان بن عفان خصومة في ارض فعرض حسين امرا لهم لم يرضه عمرو فقال الحسن فليس له عندنا إلا ما رغم انفه قال فهذا اشد كلمة فحش سمعتها منه قط.(4)

قال الواقدي : عن ثعلبة بن ابي مالك : شهدت الحسن يوم مات ودفن بالبقيع فلقد رأيت البقيع ولو طرحت فيه ابرة ما وقعت الال على راس انسان.(5)

وروى ابن عساكر ايضا قال : بكى على الحسن بن علي بمكة والمدينة سبعا النساء والصبيان والرجال.(6)

__________________

(1) الشيخ الصدوق ،الأمالي ، ص 140.

(2) ابنعساكر ،تاريخ مدينة دمشق ، ج 14 ص 72. والذهبي ،سير اعلام النبلاء ، ج 4 ص 387.

(3) المجلسي ،بحار الانوار ج 43 ص 251.

(4) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ، ج 14 ص 80. وابن سعد ، الطبقات الكبرى القسم الناقص ج 1 ص 279. والمزي ،تهذيب الكمال ج 2 ص 591.

(5) ابن حجر ،الاصابة ج 1 ص 495. والحاكم ،المستدرك ، ج 3 ص 190. وابن سعد ، الطبقات الكبرى القسم المتمم ج 1 ص 351.

(6) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ج 14 ص 118. وابن كثير ،البداية والنهاية ، ج 8 ص 43.

٥١١

وفي الطبقات الكبرى : عن أبي جعفر قال : مكث الناس يبكون على حسن بن علي سبعا ما تقوم الاسواق.(1)

وعن عبد الله بن عروة بن الزبير قال : رأيت عبد الله بن الزبير قعد إلى الحسن بن علي في غداة من الشتاء باردة ، قال : فوالله ما قام حتى تفسخ جبينه عرقا!. قال : فغاظني ذلك فقمت إليه فقلت : يا عم. قال : ما تشاء؟ قلت : رأيتك قعدت إلى الحسن بن علي فما قمت من عنده حتى تفسخ جبينك عرقا! قال : يا ابن أخي انه ابن فاطمة لا والله ما قامت النساء عن مثله.(2)

وفيه يقول النجاشي الشاعر وكان من شيعة علي ، يرثيه عند وفاته :

لم يُسْبِلِ السترُ على مثله

في الأرض من حافٍ ومن ناعل(3)

وقيل للحسن : فيك عظمة ، فقالعليه‌السلام : بل فيَّ عزة قال الله : «ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين».(4)

قال محمد بن اسحاق : ما بلغ احد من الشرف بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما بلغ الحسن بن علي. كان يبسط له على باب داره فاذا خرج وجلس انقطع الطريق فما يمر احد من خلق الله الا جلس اجلالا له فاذ اعلم قام ودخل بيته فيمر الناس. ونزل عن راحلته في طريق مكة فمشى فما من خلق الله احد الا نزل ومشى حتى سعد بن ابي وقاص فقد نزل ومشى الى جنبه.(5)

وقال معاوية لعبد الله بن الزبير سنة 44 حين زار المدينة الا ترى الحسن زارني مرة واحدة قال ان مع الحسن ماة الف سيف لو شاء ضربك بها.

قال محمد بن سعد : أخبرنا علي بن محمد ، عن محمد بن عمر العبدي ، عن أبي سعيد : إن معاوية قال لرجل من أهل المدينة من قريش : أخبرني عن الحسن بن علي. قال : يا أمير المؤمنين ، إذا صلى الغداة جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس ، ثم يساند

__________________

(1) ابن سعد ،الطبقات الكبرى ، القسم الناقص 1 ص 352. والحاكم ،المستدرك ، ج 3 ص 189.

(2) المزي ،تهذيب الكمال : ج 6 ص 233. وابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ج 14 ص 69 70.

(3) المسعودي ،مروج الذهب ، ج 2 ص 428.

(4) المجلسي ،بحار الانوار ، ج 43 ص 251.

(5) المجلسي ،بحار الانوار ، ج 43 ص 254 نقل عن المناقب.

٥١٢

ظهره فلا يبقى في مسجد رسول الله ـصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ رجل له شرف إلا أتاه فيتحدثون. حتى إذا ارتفع النهرا صلى ركعتين ، ثم نهض فيأتي أمهات المؤمنين فيسلم عليهن فربما أتحفنه. ثم ينصرف إلى منزله ثم يروح فيصنع مثل ذلك. فقال : ما نحن معه في شيء.(1)

أقول :

يتضح من هذه الروايات أي جناية جناها فنسنك وزملائه مؤلفو (ECYCLOPEDIA OF ISLAM) (الموسوعة الاسلامية) التي صدرت باللغة الانكليزية والفرنسية والالمانية حين قدموا الامام الحسنعليه‌السلام الى العالم انه رجل شهوات وملذات في قبال ما تعرضه الروايات الصحيحة انه شخصية رائدة عبادةً وسلوكاً ومكانةً في الدين وانه بلغ في الشرف ما لم يبلغه احد بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

__________________

(1) ترجمة الامام الحسنعليه‌السلام منطبقات ابن سعد ج 1 ص 297. وابن عساكر ، تاريخ مدينة دمشق ج 14 ص 71. والبلاذري ،انساب الاشراف ، ج 3 ص 274.

٥١٣

الباب الرابع / الفصل الثاني

القراءة السائدة للصلح والمشكلات امامها

يكاد يجمع الباحثون الشيعة في تعليلهم لصلح الامام الحسن وتسليمه الامر لمعاوية انه انطلق من واقع منهار للكوفيين وعدم قدرتهم على الاحتفاظ بالدولة التي انشاها في قبال معاوية بل عدم القدرة على توفير الامان للحسن نفسه اذ تعرض لمحاولة اغتيال جرح فيها جرحا بليغا ونهبمتاعه. ومن ثم كاتب معاوية في الصلح ليحقق الامان له ولشيعته وليفضح معاوية.

الروايات التي استندوا إليها

وقد اعتمدوا في هذا التحليل على روايات في مصادر التاريخ منها رواية ابن سعد عن يونس بن ابي اسحاق ت 159 هـ فشد الناس على حجرة الحسن فانتهبوها حتى انتهبت بسطه وجواريه وأخذوا رداءه من ظهره وطعنه رجل من بني أسد يقال له بن اقيصر بخنجر مسموم في أليته فتحول من مكانه الذي انتهب فيه متاعه ونزل الأبيض قصر كسرى. وقال عليكم لعنة من أهل قرية فقد علمت أن لا خير فيكم قتلتم أبي بالأمس واليوم تفعلون بي هذا. ثم دعا عمرو بن سلمة الارحبي فأرسله وكتب معه إلى معاوية بن أبي سفيان يسأله الصلح ويسلم له الأمر ...).(1)

__________________

(1) المزي ،تهذيب الكمال ، ج 6 ص 245 ، وفي تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ترجمة الحسن قال محمد بن سعد قال ابو عبيد عن مجالد ، عن الشعبي.

٥١٤

ومنها رواية زياد بن عبد الله ، عن عوانة بن الحكم : بايع أهل العراق الحسن بن علي فسار حتى نزل المدائن ، وبعث قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري على المقدمات ، وهم اثنا عشر ألفا ، وكانوا يسمون شرطة الخميس ، قال : فبينا الحسن بالمدائن ، إذ نادى مناد في عسكر الحسن : ألا إن قيس بن سعد بن عبادة قد قتل ، فانتهب الناس سرادق الحسن حتى نازعوه بساطا تحته ، ووثب على الحسن رجل من الخوارج من بني أسد ، فطعنه بالخنجر ، ووثب الناس على الأسدي فقتلوه ، ثم خرج الحسن حتى نزل القصر الأبيض بالمدائن ، وكتب إلى معاوية في الصلح. قال : ثم قام الحسن ـ فيما بلغني ـ الناس ، فقال : يا أهل العراق إنه سخى بنفسي عنكم ثلاث : في قتلكم أبي ، وطعنكم إياي ، وانتهابكم متاعي.(1)

ومنها رواية ابن الاثير قال : قيل للحسنعليه‌السلام ما حملك على ما فعلت؟ فقال : كرهتُ الدنيا ، ورأيت اهل الكوفة قوما لا يثق بهم احد ابدا الا غُلِب ، ليس احد منهم يوافق اخر في رأي ولا هوى ، مختلفين لا نية لهم في خير ولا شر.(2) (3)

ومنها رواية احمد بن علي الطبرسي نسبت الى الحسن قوله : أرى والله ان معاوية خير لي من هؤلاء. يزعمون أنهم لي شيعة ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي وأخذوا مالي ، والله لان آخذ من معاوية عهدا أحقن به دمي وآمن به في أهلي خيرا من أن يقتلوني فيضيع أهل بيتي واهلي والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوني اليه سلما والله لأن أسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسير أو يمن علي فتكون سبة على بني هاشم الى آخر الدهر ، ولمعاوية لا يزال يمن بها وعقبه على الحي منا والميت.(4)

__________________

(1) المزي ،تهذيب الكمال ، ج 6 ص 245.

(2) ابن الأثير ،الكامل في التاريخ ، ج 3 ص 407.

(3) قال صاحبارشاد الساري في شرح صحيح البخاري ج 4 ص 411 قال الكرماني : وقد كان الحسن يومئذ احق الناس بهذا الامر فدعاه ورعه الى ترك الملك رغبة فيما عند الله ولم يكن ذلك لعلة ولا لذلة ولا لقلة فقه بايعه على الموت اربعين الفا. انظر ايضاعمدة القاري في شرح صحيح البخاري المعيني ج 16 ص 239.

(4) المجلسي ، بحار الانوار ، ج 44 ص 21 عن الاحتجاج للطبرسي. والفضل بن الحسن الطبرسي ،إعلام الورى بأعلام الهدى ، ترجمة الحسنعليه‌السلام ص 213

٥١٥

رواية ابي الفرج في مقاتل الطالبيين :

كما اجمعوا على ان معاوية اعلن عن نقضه للشروط لما دخل الكوفة سنة 41 هـ واخذ البيعة من اهلها والحسن بينهم. قال العلامة المصلح السيد عبد الحسين شرف الدين اعلى الله مقامه : فلما تمت البيعة لمعاوية في الكوفة خطب فذكر عليا قنال منه ، ونال من الحسن ، فقام الحسين ليرد عليه ، فقال له الحسن : على رسلك يا أخي. ثم قامعليه‌السلام فقال : أيها الذاكر عليا! أنا الحسن وأبي علي ، وأنت معاوية وأبوك صخر ، وأمي فاطمة وأمك هند ، وجدي رسول الله وجدك عتبة ، وجدتي خديجة وجدتك فتيلة ، فلعن الله أخملنا ذكرا ، وألأمنا حسبا ، وشرنا قديما ، وأقدمنا كفرا ونفاقا! فقالت طوائف من أهل المسجد : آمين. ثم تتابعت سياسة معاوية ، تتفجر بكل ما يخالف الكتاب والسنة من كل منكر في الاسلام ، قتلا للأبرار ، وهتكا للإعراض ، وسلبا للأموال ، وسجنا للأحرار ، وتشريدا للمصلحين).

رواية المدايني :

ورواية أبي الحسن علي بن محمد بن أبي سيف المدايني في كتابه (الاحداث) : قال : كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله بعد عام الجماعة أن برئت الذمة ممن روى شيئا من فضل أبي تراب وأهل بيته فقامت الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر يلعنون عليا ويبرؤون منه ويقعون فيه وفي أهل بيته وكان أشد الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة لكثرة من بها من شيعة عليعليه‌السلام فاستعمل عليهم زياد بن سمية وضم إليه البصرة فكان يتتبع الشيعة وهو بهم عارف لأنه كان منهم أيام عليعليه‌السلام فقتلهم تحت كل حجر ومدر وأخافهم وقطع الأيدي والأرجل وسمل العيون وصلبهم على جذوع النخل وطرفهم وشردهم عن العراق فلم يبق بها معروف منهم فلم يزل الامر كذلك حتى مات الحسن بن عليعليه‌السلام فازداد البلاء والفتنة فلم يبق أحد من هذا القبيل الا وهو خائف على دمه أو طريق في الأرض. ثم تفاقم الامر بعد قتل الحسينعليه‌السلام وولى عبد الملك بن مروان فاشتد على الشيعة وولى عليهم الحجاج بن يوسف).(1)

__________________

(1) ابن ابي الحديد ،شرح نهج البلاغة ، ج 11 ص 46.

٥١٦

تحليل المرجع الراحل الشهيد محمد باقر الصدر

ومنذ عهد العلامة المحقق الشيخ راضي ال ياسين في كتابه صلح الامام الحسن ، والعلامة المصلح السيد عبد الحسين شرف الدين في تقديمه له سادت فكرة تحليلية حول الصلح مفادها : ان الامام الحسنعليه‌السلام بصلحه وشروطه / مع علمه ان معاوية سوف لا يفي بواحدة منها / استهدف فضحه امام المسلمين والحفاظ على الثلة الطيبة من شيعة علي ، وقد اخذت صيغتها التامة على يد المرجع الراحل الشهيد محمد باقر الصدررحمه‌الله قال (أصيب المجتمع الإسلامي إبان إمامة الحسنعليه‌السلام بمرض (الشك في القيادة) وهذا الداء ظهر في أواخر حياة أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام . حيث واجه أيام خلافته عدة حروب ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من أبناء الأمة ، فأخذ الناس يشكون هل أن المعارك التي تخاض معارك رسالية أم أنها معارك قبلية أو شخصية؟ وقد عبر أمير المؤمنينعليه‌السلام عن ظهور هذا الداء الاجتماعي في عدة مرات منها في خطبته المعروفة بخطبة الجهاد التي ألقاها على جنوده المنهزمين في مدينة الأنبار حيث قال لهم والألم يعصر قلبه : (ألا وأني قد دعوتكم إلى قتال هؤلاء القوم ليلا ونهارا ، وسرا وعلانا ، وقلت لكم أغزوهم قبل أن يغزوكم ، فوالله ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا ، فتواكلتم وتخاذلتم حتى شنت الغارات عليكم ، وملكت عليكم الأوطان). واستفحل (الداء) واشتد في حياة الإمام الحسنعليه‌السلام ، فلم يكن باستطاعته في مثل هذه الظروف والمجتمع المصاب بهذا الداء أن يخوض معركة مصيرية تنتهي بالنصر على خصمه المتربص به ، فإذا أضفنا إلى هذا شخصية الخصم معاوية الذيكان بإمكانه أن يبدو أمام الناس بمظهر الحاكم الملتزم بالدين وكذلك تعدد انتماءات المقاتلين مع الإمام الحسنعليه‌السلام حتى أبدى بعضهم استعداده لمعاوية أن يسلم له لا إمامعليه‌السلام حيا ، وطعنه بعضهم طعنة غادرة ، إذا جمعنا هذا وغيره من الظروف عرفنا لماذا صالح الإمام الحسنعليه‌السلام معاوية).(1)

__________________

(1) العاملي ،الانتصار ج 8 ص 137 ـ 139.

٥١٧

المشكلات امام القراءة السائدة

يرد على القراءة السائدة للصلح ان الروايات اليت اعتمدت عليها معارضة بروايات اخرى ولكن الباحثين اغفلوها عند التحليل ،

ففي قبال ما رواه ابن الاثير واعتمده الباحثون في التحليل ان الحسن قال : رأيت اهل الكوفة قوما لا يثق بهم احد ابدا الا غُلِب ، مختلفين لا نية لهم في خير ولا شر) ونظيراتها. توجد روايات تعطي رؤية اخرى عن اهل الكوفة

منها : ما رواه هشام بن محمد بن السائب الكلبي قال : أخبرني أبي وعوانة بن الحكم والشرقي بن القطامي قالوا : لما قدم معاوية المدينة أتاه وجوه الناس ، ودخل عليه عبد الله بن الزبير ، فقال له معاوية : ألا تعجب للحسن بن علي ، أنه لم يدخل علي (وفي رواية : ألا تعجب من الحسن وتثاقله عنّي :) منذ قدمت المدينة ، وأنا بها منذ ثلاث ، قال : يا أمير المؤمنين! دع عنك حسنا فإن مثلك ومثله كما قال «الشماخ» :

أجامل أقواما حياء وقد أرى

صدورهم تغلي علي مراضها

والله لو شاء الحسن أن يضربك بمئة ألف سيف لفعل ، ولأهل العراق أبر (وفي رواية ارأف وفي اخرى ارأم) به من أم الحُوار بحُوارها. قال معاوية : أردت أن تغريني به ، والله لأصلنّ رحمه ولأقبلنّ عليه.(1)

وفي رواية المدائني قال ، قال معاوية لابن الزبير : ألا تعجب من الحسن وتثاقله عنّي؟ فقال ابن الزبير : مثلك ومثل الحسن كما قال الشاعر :

أجامل أقواما حياء وقد أرى

قلوبهم تأرى عليّ مِراضها(2)

__________________

(1) ابو الفرج الاصفهاني ،الأغاني ج 9 ص 173 (قال ابو الفرج نسخت من كتاب يحيى بن حازم حدّثنا عليّ بن صالح صاحب المصلَّى قال حدّثنا ابن دأب) ، أيضا ابن حمدون ت 562 هـالتذكرة الحمدونية ج 5 ص 192. والحُوار : ولد الناقة من وقت ولادته الى ان يفطم ويفصل. وقول معاوية والله لأصلن رحمه ولأقبلن عليه : هي المجاملة حياء التي استشهد ببيت الشهر لأجلها ، هي مجاملة لأجل ان يعبر مرحلة فرضها عليه الحسن لمعالجة الانشقاق وفتح الشام لأخبار عليعليه‌السلام وقد انتقم معاوية بعد ذلك من الحسن بدس السم له. ومن شيعته بتشريدهم وقتلهم.

(2) : وفي رواية تغلي. و (مِراض) جمع مريض ، ومرض القلب او الصدرهو الشك والعداوة ، وهو هنا العداوة ، والمعنى أجامل اقواما حياء ولكني ارى قلوبهم او صدورهم تغلي عليَّ حقدا وعداواة. وفي

٥١٨

فقال معاوية : والله ما جامل ولقد أعلن ، قال : بلى والله لقد جامل ، ولو شاء أن يطلق عليك عقال حرب زبون لفعل ،(1)

فقال : أراك يا ابن الزبير تجول في ضلالتك.(2)

أقول : وقول ابن الزبير (ولأهل العراق أبر (وفي رواية ارأف وفي اخرى ارأم) بهمن أم الحوار بحوارها).

يشهد له قول الحسن حين خرج من الكوفة الى المدينة إذ تمثل بقول الشاعر :

وما عن قِلى فارقتُ دارَ معاشري

هم المانعون حوزتي وذماري

__________________

لسان العرب أَتأَر إِليه النَّظَرَ : أَحَدَّه. وأَتأَره بصره : أَتْبَعَه إِياه ، وقد اراد معاوية باستشهاده بالبيت ان يُفهم ابن الزبيران الحسنعليه‌السلام يجامله مجاملة قد اضطر اليها لحل ازمة الانشقاقفي امة جده ، والا فان قلب الحسن يغلي علي لانه لا ينسى قتلى شيعة ابيه في صفين واعلامه الكاذب فيه. وقد روى المجلسي في بحار الانوار ج 44 ص 57 ان الحسنعليه‌السلام أنشأ.

أجامل أقواما حياء وقد أرى

قلوبهم تغلي علي مراضها

قال البهبودي في / خامش 57 : أظن الصحيح هكذا :

أجامل أقواما حياء ، وقد أرى

قدورهم تغلى على مراضها

يقال : غلت القدر تغلى غليانا : جاشت وثارت بقوة الحرارة ، ومراض القدر أسفلها إذا غطى من الماء ، يقول : انهم يثورون ثورة ظاهرية كالقدر التي ثارتأعلاه ولم تغلِ

أسفلها ، فهم منافقون يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم.

أقول : لم اجد في لسان العرب ولا في تاج العروس ، ان مِراض القدر اسفلها ، ومهما يكن فان استشهاد الامام الحسن بالبيت ان صحت القصة فهوعليه‌السلام يريد انه جامل معاوية وهش في وجهه بما تقتضيه مصلحة الرسالة والامة وهو يعلم ان قلب معاوية يغلي عليه عداوة لقتلاه في بدر. اما المعنى الذي ذهب اليه البهبودي فهو بعيد.

والبيت سواء استشهد به معاوية او الامام الحسنعليه‌السلام فمعناه واحد ، مع ملاحظة ان معاوية حين استشهد به اراد بن ان الحسنعليه‌السلام حين جامله فان قلبه يغلي عليه بما قتل من شيعة ابيه في صفين وبما عرضه من اعلامه الكاذب فيه ، وان الحسن حين استشهد به لو صحت الرواية اراد انه اجبر معاوية على مجاملته مع ان قلبه يغلي عليه حقدا لقتلاه في بدر ، ولم يأخذ بثأرهم لان ثأرهم في تصوره لا يكون الا حين يقتل من بني هاشم علياءهم الامر الذي حققه ولده يزيد بعده بوصية منه. ومن هنا فان حلم معاوية ليس حلما وايضا بل هو تكتيك بلغة العصر كما كشف ذلك لعائشة بنت عثمان حين قال لها : فأظهرنا لهم حلما تحته غضب).

(1) أي حرب صعبة [زبن] : الزَّبْنُ ، كالضَّرْبِ : الدَّفْعُ ، كما في الصِّحاح. وفي المُحْكَم : دَفْعُ الشيء عن الشيء ، كالناقَةِ تَزْبِنُ ولَدَها عن ضرْعِها برِجْلِها وتَزْبِنُ الحالِبَ. زَبَنَ الشيء يَزْبِنُه زَبْناً وزَبَنَ به : دَفَعَه (تاج العروس).

(2) البلاذري ،انساب الاشراف ، ج 5 ص 38.

٥١٩

ويشهد لهايضا قول معاوية للزرقاء بنت عدي وقد استضافها وحاورها (والله لوفاؤكم له بعد موته أعجب من حبكم له في حياته!).(1)

وفي قبال الجزءالاخرمن رواية ابن الاثير وهو قوله (مختلفين لا نية لهم في خير ولا شر) :

ما رواه البلاذري عن عوانة : أن علياعليه‌السلام كتب إلى قيس ابن سعد بن عبادة وهو عامله على آذربيجان : «أما بعد فاستعمل على عملك عبيد الله بن شبيل الأحمسي وأقبل فإنه قد اجتمع ملأ المسلمين وحسنت طاعتهم ، وانقادت لي جماعتهم ولا يكن لك عرجة ولا لبث ، فإنا جادّون معدّون ، ونحن شاخصون إلى المحلين ، ولم أؤخر المسير إلا انتظارا لقدومك علينا إن شاء الله والسلام.

وعن قال عوانة : قال عمرو بن العاص ـ حين بلغه ما عليه عليّ من الشخوص إلى الشام وأن أهل الكوفة قد انقادوا له :

لا تحسبني يا عليّ غافلا

لأوردن الكوفة القبائلا

ستين ألفا فارسا وراجلا

فقال : عليّ :

لأبلغن العاصي بن العاصي

ستين ألفا عاقدي النواصي

مستحقبين حلق الدلاص.(2)

ويشهد له ايضا : ما رواه سليم قال : (ولم يبق أحد من القراء ممن كان يشك في الماضين ويكف عنهم ويدع البراءة منهم ورعا وتأثما إلا استيقن واستبصر وحسن رأيه وترك الشك يومئذ والوقوف وكثرت الشيعة(3) بعد ذلك المجلس من ذلكاليوم وتكلموا ، وقد كانوا أقل أهل عسكره وسائر الناس يقاتلون معه على غير علم بمكانه

__________________

(1) ان بكار الضبي ،اخبار الوافدات من النساء ، ص 63 ، ابن عبد ربه ،العقد الفريد ج 1 ص 220. ابن طيفور ،بلاغات النساء ص 49 ، التستري ،قاموس الرجال ج 12 ص 259 ـ 260.

(2) البلاذري ، انساب الاشراف ج 2 ص 481. والدلاص الدروع اللينة. والاحْتِقابُ شَدُّ الحَقِيبةِ من خَلْفٍ ، وكذلك ما حُمِلَ مِن شيء من خَلْف.

(3) أي الموالين له المعادين لعدوه المتبرئين منهم ..

٥٢٠

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611