حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام الجزء ١

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام11%

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام مؤلف:
الناشر: دار البلاغة
تصنيف: الإمام الحسن عليه السلام
الصفحات: 530

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 530 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 216567 / تحميل: 8341
الحجم الحجم الحجم
حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دار البلاغة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

طلقها أنها في عدتها، وأقامت عند عثمان البينة بميراثها منه، فلم يدر ما يحكم به، وردهما إلى عليعليه‌السلام فقال: « تحلف أنها لم تحض بعد أن طلقها ثلاث حيض وترثه » فقال عثمان للهاشمية: هذا قضاء ابن عمك، قالت: قد رضيته فلتحلف وترث، فتحرجت الأنصارية من اليمين، وتركت الميراث.

[ ٢١١٤٦ ] ٢ - عوالي اللآلي: روى سماك بن حرب، عن عبيدة السلماني قال: كان عليعليه‌السلام على المنبر، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، رجل مات وترك بنتيه وأبويه وزوجة، فقال عليعليه‌السلام : « صار ثمن المرأة تسعا » وتسمى المسألة المنبرية، والجواب هنا على الاستفهام لأنه مقدر فيه.

[ ٢١١٤٧ ] ٣ - السيد المرتضى في الفصول: أخبرني الشيخ - أدام الله عزه - مرسلا قال: مر الفضال بن الحسن بن الفضال الكوفي بأبي حنيفة، وهو في جمع كثير يملي عليهم شيئا من فقهه وحديثه، فقال لصاحب كان معه: والله لا أبرح حتى(١) أخجل أبا حنيفة، قال صاحبه: إن أبا حنيفة ممن قد علمت حاله وظهرت حجته، قال: مه، هل رأيت حجة كافر علت على مؤمن!؟ ثم دنا منه فسلم عليه فرد ورد القوم السلام بأجمعهم، فقال يا أبا حنيفة - رحمك الله - إن لي أخا يقول: إن خير الناس بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وأنا أقول: إن أبا بكر خير الناس، وبعد )(٢) عمر، فما تقول أنت رحمك الله؟ فأطرق مليا ثم رفع رأسه، فقال: وكفى بمكانهما من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كرما وفخرا، أما علمت أنهما ضجيعاه في قبره؟ فأي حجة أوضح لك من هذه؟

__________________

٢ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٤٥٠ ح ١٨٢.

٣ - الفصول المختارة ص ٤٤.

(١) في المصدر: أو.

(٢) في المصدر: بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبعده.

٢٠١

فقال له فضال: إني قد قلت ذلك لأخي، فقال: والله لئن كان الموضع لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله دونها، فقد ظلما بدفنهما في موضع ليس لهما فيه حق، وإن كان الموضع لهما فوهباه لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقد أساءا وما أحسنا [ إليه ](٣) إذ رجعا في هبتهما ونكثا عهدهما، فأطرق أبو حنيفة ساعة ثم قال له: لم يكن له ولا لهما خاصة، ولكنهما نظرا في حق عائشة وحفصة فاستحقا الدفن في ذلك الموضع بحقوق ابنتيهما، فقال [ له ](٤) فضال: قد قلت له ذلك، فقال: أنت تعلم أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مات عن تسع حشايا، ونظرنا فإذا لكل واحدة منهن تسع الثمن، ثم نظرنا في تسع الثمن فإذا هو شبر في شبر، فكيف يستحق الرجلان أكثر من ذلك؟ الحكاية.

__________________

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) أثبتناه من المصدر.

٢٠٢

أبواب ميراث ولاء العتق

١ -( باب أن المعتق لا يرث مع أحد من ذوي الأرحام ويرث مع فقدهم، فإن مات انتقل الولاء إلى ولده الذكور والإناث إن كان المعتق رجلا)

[ ٢١١٤٨ ] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه كان يورث ذوي الأرحام دون الموالي.

[ ٢١١٤٩ ] ٢ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « يرث المولى من أعتقه، إن لم يدع وارثا غيره ».

[ ٢١١٥٠ ] ٣ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « يرث الولاء الأقعد فالأقعد، فإن استوى القعدد فبنو الأب والأم دون بني الأب ».

[ ٢١١٥١ ] ٤ - أصل زيد النرسي قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، يقول: « لا يرث(١) النساء من الولاء إلا مما أعتقن ».

__________________

أبواب ميراث ولاء العتق

الباب ١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٧٩ ح ١٣٥٦.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٩١ ح ١٣٨٥.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣١٧ ح ١١٩٦.

٤ - أصل زيد النرسي ص ٥٥.

(١) في المصدر: يرثن.

٢٠٣

٢ -( باب أن الولاء لمن أعتق والميراث له مع عدم الأنساب - رجلا كان المعتق أو امرأة - وجملة من أحكام الولاء)

[ ٢١١٥٢ ] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: الولاء لمن أعتق ».

[ ٢١١٥٣ ] ٢ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن عليعليهم‌السلام ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله - في حديث - أنه قال: « ما بال أقوام يبيع أحدهم رقيقه، ويشترط أن الولاء له!؟ ألا إن الولاء لمن أعتق ».

[ ٢١١٥٤ ] ٣ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « تحوز المرأة ميراث عتيقها ولقيطها وولدها ».

٣ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب ميراث ولاء العتق)

[ ٢١١٥٥ ] ١ - محمد بن علي بن شهرآشوب في المناقب: عن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن، ومعتب ومصادف - موليا الصادقعليه‌السلام - في خبر: أنه لما دخل هشام بن الوليد المدينة، أتاه بنو العباس وشكوا من الصادقعليه‌السلام ، أنه أخذ تركات ماهر الخصي دوننا، فخطب أبو عبد اللهعليه‌السلام فكان مما قال: « إن الله تعالى لما

__________________

الباب ٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣١٧ ح ١١٩٤.

٢ - الجعفريات ص ١١٠.

٣ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٢٥ ح ١١٦.

الباب ٣

١ - المناقب ج ١ ص ٢٦١، وعنه في البحار ج ١٠٤ ح ٣٦٢ ح ١٣.

٢٠٤

بعث رسوله محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان أبونا أبو طالب المواسي له بنفسه والناصر له، وأبوكم العباس وأبو لهب يكذبانه ويؤلبان عليه شياطين الكفر، وأبوكم يبغي له الغوائل، ويقود إليه القبائل في بدر، وكان في أول رعيلها، وصاحب خيلها، ورجلها المطعم يومئذ، والناصب الحرب له، ثم قال، فكان أبوكم طليقنا وعتيقنا، وأسلم كارها تحت سيوفنا، لم يهاجر إلى الله ورسوله هجرة قط، فقطع الله ولايته منا بقوله:( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُ‌وا مَا لَكُم مِّن وَلَايَتِهِم مِّن شَيْءٍ ) (١) في كلام له ثم قال: هذا مولى لنا مات فحزنا تراثه، إذ كان مولانا، ولأنا ولد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمنا فاطمةعليها‌السلام أحرزت ميراثه ».

[ ٢١١٥٦ ] ٢ - عوالي اللآلي: روى سفيان، عن عمرو بن دينار، عن عوسجة، عن ابن عباس: أن رجلا توفي على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم يدع وارثا إلا مولى هو أعتقه، فأعطاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ميراثه(١) .

__________________

(١) الأنفال ٨: ٧٢.

٢ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٦٦ ح ١١٠.

(١) جاء في هامش المخطوط ما نصه: « قال: إن صح الحديث فهو تفضل منهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لان ميراث من لا وارث له للامام، ولا ولاء للعتق عندنا لان ولاء العتق لا يدور » منه قده.

٢٠٥

٢٠٦

أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة

١ -( باب أن ضامن الجريرة يرث مع عدم الأنساب والمعتق، وأنه لا يضمن إلا من كان سائبة، ويشترط في الضامن والمضمون الحرية)

[ ٢١١٥٧ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا أعتق الرجل عبده سائبة، فللعبد أن يوالي من شاء، فإن رضي من والاه بولائه إياه، كان له تراثه، وعليه عقل خطئه ».

٢ -( باب أن من مات ولا وارث له من قرابة ولا زوج ولا معتق ولا ضامن جريرة، فميراثه للامام)

[ ٢١١٥٨ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه )، أنه قال: « ما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ينزل من منبره إلا قال: من ترك مالا فلورثته، ومن ترك دينا أو ضياعا فعلي » قال أبو جعفرعليه‌السلام : « من مات ولم يدع وارثا فماله من الأنفال، يوضع في بيت المال، لان جنايته على بيت المال » وقال أبو جعفرعليه‌السلام ، في قول

__________________

أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة

الباب ١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣١٨ ح ١٢٠١.

الباب ٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٩١ ح ١٣٨٦.

٢٠٧

الله عز وجل:( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّـهِ وَالرَّ‌سُولِ ) (١) قال: « ومن مات وليس له قريب يرثه ولا موال، فماله من الأنفال ».

[ ٢١١٥٩ ] ٢ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، قال: « من مات ولا وارث له، فماله لإمام المسلمين ».

[ ٢١١٦٠ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : في ابن الملاعنة، قال: « فإن لم يكن له قرابة، فميراثه لإمام المسلمين ».

[ ٢١١٦١ ] ٤ - العياشي في تفسيره: وفي رواية ابن سنان ومحمد الحلبي، عنه - يعني أبا عبد اللهعليه‌السلام - قال: « من مات وليس له مولى، فماله من الأنفال ».

٣ -( باب حكم ما لو تعذر إيصال مال من لا وارث له إلى الامام، لغيبته، أو تقية، أو غير ذلك)

[ ٢١١٦٢ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنه قضى في رجل أسل ثم قتل خطأ، وليس له وارث، فقال: « اقسموا الدية في عدة ممن أسلم ».

[ ٢١١٦٣ ] ٢ - وروينا عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنه رفع إليه تراث رجل هلك من(١) خزاعة ليس له وارث، فأمر أن يدفع إلى رجل من خزاعة.

__________________

(١) الأنفال ٨: ١.

٢ - الهداية ص ٨٧.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٩.

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٤٨ ح ١٤.

الباب ٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٩٤ ح ١٣٩١.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٩٤ ح ١٣٩٢.

(١) في المخطوط: في، وما أثبتناه من المصدر.

٢٠٨

[ ٢١١٦٤ ] ٣ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده: « أن علياعليه‌السلام ، قضى في رجل أسلم ثم قتل خطأ، ليس له موال، فقال: اقسموا الدية على نحوه من الناس ممن أسلم ».

[ ٢١١٦٥ ] ٤ - كتاب خلاد السدي البزاز الكوفي: رفعه إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، في الرجل يموت ويترك مالا، وليس له أحد، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « اعط [ الميراث ](١) همشاريجه(٢) ».

٤ -( باب أن الزوجين يرثان مع ضامن الجريرة النصيب الأعلى، وحكم ميراثهما مع الامام)

[ ٢١١٦٦ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، أنه قال: « ان الله عز وجل أدخل الزوج والزوجة في الفريضة، فلا ينقصان من فريضتهما شيئا، ولا يزادان عليها(١) ، يأخذ الزوج أبدا النصف أو الربع، والمرأة الربع أو الثمن، لا ينقص الرجل عن الربع، ولا المرأة عن الثمن، كان معهما من كان، ولا يزادان شيئا بعد النصف والربع، إن لم يكن معهما أحد ».

__________________

٣ - الجعفريات ص ١٢١.

٤ - كتاب خلاد السدي البزاز الكوفي ص ١٠٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) همشاريجه: أبعد الأقرباء ( شرح مفصل الأسفراييني ج ٢٠ ص ١٨ ).

الباب ٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٧٣.

(١) في المخطوط: عليهما، وما أثبتناه من المصدر.

٢٠٩

٥ -( باب أن المسلم إذا لم يكن له إلا وارث كافر، فميراثه للامام، وكذا ديته)

[ ٢١١٦٧ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « ومن ترك ورثة من أهل الكفر لم يرثوه، وهو كمن لم يدع وارثا ».

٦ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب ولاء ضمان الجريرة والامام)

[ ٢١١٦٨ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « لما بعثني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى اليمن، قال: يا علي، لا تقاتلن أحدا حتى تدعوه إلى الاسلام، والله لئن يهدين الله على يديك رجلا، خير لك مما طلعت عليه الشمس، ولك ولاه يا علي ».

__________________

الباب ٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٩٢ ح ١٣٨٦ عن أبي عبد الله.

الباب ٦

١ - الجعفريات ص ٧٧.

٢١٠

أبواب ميراث ولد الملاعنة وما أشبهه

١ -( باب أن الأب لا يرثه، ولا من يتقرب به، بل ميراثه لامه ومن يتقرب بها من الأخوال والاخوة وغيرهم، ولأولاده ونحوهم)

[ ٢١١٦٩ ] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال - في حديث - في الملاعنة: « ومن قذف ولدها منه، فعليه الحد، ويرثه أخواله، ويرث أمه » الخبر.

[ ٢١١٧٠ ] ٢ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث - في اللعان: « ويرث الابن الأب، ولا يرث الأب الابن، ويكون ميراثه لامه ولأخواله، و(١) لمن يتسبب بأسبابهم » الخبر.

[ ٢١١٧١ ] ٣ - وعن أمير المؤمنين وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، أنهما قال: « إذا تلاعنا المتلاعنان عند الامام - إلى أن قالا - وينقطع نسبه من الرجل الذي لاعن أمه، فلا يكون بينهما ميراث بحال من الأحوال، وترثه أمه ومن

__________________

أبواب ميراث ولد الملاعنة وما أشبهه

الباب ١

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٦.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٨٢ ح ١٠٦٣.

(١) في المصدر: أو.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٨٢ ح ١٠٦١.

٢١١

نسب(١) إليه بها ».

[ ٢١١٧٢ ] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : في الملاعنة قال: « وإن مات الابن لم يرثه الأب، وقالعليه‌السلام أيضا: وإذا ترك الرجل ابن الملاعنة، فلا ميراث لولده منه، وكان ميراثه لأقربائه، فإن لم يكن له قرابة فميراثه لإمام المسلمين ».

[ ٢١١٧٣ ] ٥ - الصدوق في المقنع: وإذا ترك ابن الملاعنة أمه وأخواله فميراثه كله لامه، فإن لم يكن له أم فميراثه لأخواله، وإن ترك ابنته وأخته لامه فميراثه لابنته، فإن ترك خاله وخالته فالمال بينهما، فإن ترك جده أبو أمه وجدته فالمال بينهما، فإن ترك أخاه وجده أبو أمه فالمال بينهما سواء، لأنهما يتقربان إليه بقرابة واحدة.

٢ -( باب أن الأب إذا أقر بالولد بعد اللعان، ورثه الولد، ولم يرثه الأب)

[ ٢١١٧٤ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال في المتلاعنين: « وإن تلاعنا وكان قد نفى الولد - أو الحمل إن كانت حاملا - أن يكون منه، ثم ادعاه بعد اللعان، فإن الولد(١) يرثه، ولا يرث هو الولد(٢) ، بدعواه بعد أن لاعن عليه ونفاه ».

[ ٢١١٧٥ ] ٢ - الصدوق في المقنع: ( فإن أقر الرجل فيه )(١) بعد الملاعنة

__________________

(١) في نسخة: تسبب، ( منه قده ).

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٩.

٥ - المقنع ص ١٧٧.

الباب ٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٨٢ ح ١٠٦٢.

(١) في المصدر: الابن.

(٢) في المصدر: الابن.

٢ - المقنع ص ١٢٠.

(١) في نسخة: فإذا ادعى الرجل به، ( منه قده ).

٢١٢

نسب إليه، فإن مات الأب ورثه الابن، وإن مات الابن لم يرثه الأب، وميراثه لامه، فإن ماتت أمه فميراثه لأخواله.

[ ٢١١٧٦ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إلا أن يكون أكذب نفسه بعد اللعان فيرثه الابن، وإن مات الابن لم يرثه الأب ».

٣ -( باب أن ولد الملاعنة يرث أخواله ويرثونه)

[ ٢١١٧٧ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في المتلاعنة(١) يقذفها زوجها وينتفي من ولدها، ويتلاعنان(٢) ويفارقها، ثم يقول بعد ذلك: الولد ولدي ويكذب نفسه، قال: « أما المرأة فلا ترجع إليه أبدا، وأما الولد فإنه يرد عليه إذا ادعاه، ( ولا يدع )(٣) ولده، ليس له ميراث، ويرث الابن الأب، ولا يرث الأب الابن، ويكون ميراثه لامه ولأخواله ».

[ ٢١١٧٨ ] ٢ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « وينسب الولد الذي تلاعنا عليه إلى أمه وأخواله، ويكون أمره وشأنه إليهم ».

__________________

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٩.

الباب ٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٨٢ ح ١٠٦٣.

(١) الملاعنة التي.

(٢) في المصدر: ويلاعنها.

(٣) في المخطوط والحجرية: ولا ادعى، وفي احدى نسخ المصدر: ولا يدعيه، وما أثبتناه من المصدر.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٨٢ ح ١٠٦١.

٢١٣

٤ -( باب أن من أقر بولد لزمه وورثه، ولا يقبل انكاره بعد ذلك، وحكم إقرار الوارث بدين أو وارث آخر)

[ ٢١١٧٩ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن عليعليهم‌السلام ، أنه قال: « إذا أقر الرجل بولده ثم نفاه، لم ينتف منه أبدا ».

[ ٢١١٨٠ ] ٢ - وبهذا الاسناد: عنهعليه‌السلام ، قال: « إذا أقر بولده ثم نفاه، جلد الحد، والزم الولد ».

[ ٢١١٨١ ] ٣ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا أقر بعض الورثة بوارث لا يعرف، جاز عليه في نصيبه، ولم يلحق نسبه، ولم يورث بشهادته، ويجعل كأنه وارث ثم ينظر ما نقص الذي أقر به بسببه، فيدفع ما صار له من الميراث مثل ذلك إليه ».

٥ -( باب أن ولد الزنى لا يرثه الزاني ولا الزانية ولا من تقرب بهما ولا يرثهم، بل ميراثه لولده ونحوهم، ومع عدمهم للامام، وإن من ادعى ابن جاريته ولم يعلم كذبه، قبل قوله ولزمه)

[ ٢١١٨٢ ] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « من وقع على وليدة قوم حراما، ثم اشتراها فإن ولدها لا يرث منه

__________________

الباب ٤

١ - الجعفريات ص ١٢٥.

٢ - الجعفريات ص ١٢٥.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٩٢ ح ١٣٨٧.

الباب ٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٣٠.

٢١٤

شيئا، لان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: الولد للفراش وللعاهر الحجر ».

[ ٢١١٨٣ ] ٢ - وعن أبي عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، جعل معقلة ولد الزنى على قوم أمه، وميراثه لها ولمن تسبب منهم بها ».

[ ٢١١٨٤ ] ٣ - الصدوق في المقنع: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قيل له: رجل نصراني فجر بامرأة مسلمة فأولدها غلاما، ثم مات النصراني وترك مالا، من يرثه؟ قال: « يكون ميراثه لابنه من المسلمة » قيل له: كان الرجل مسلما وفجر بامرأة يهودية، فولدت منه غلاما ثم مات المسلم، لمن يكون ميراثه؟ قال: « ميراثه لابنه من اليهودية ».

قلت: ظاهر الخبرين كون ولد الزنى كولد الملاعنة، يرث أمه وترثه، ويعضدهما بعض الأخبار، وعليه جمع من القدماء وبعض المتأخرين، والمشهور المسبوق بالاخبار الكثيرة المعتبرة، هو انقطاع نسبه منهما، والمسألة لا تخلو من الاشكال، ولكن المشهور هو الأقوى، والله العالم.

٦ -( باب حكم الحميل، وأنه إذا أقر اثنان بنسب بينهما، قبل قولهما وثبت التوارث إذا احتمل الصدق، ولا يكلفان البينة)

[ ٢١١٨٥ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : أنه كان يورث الحميل، والحميل: ما ولد في بلد الشرك فعرف بعضهم بعضا في دار الاسلام، وتقاروا بالأنساب، ولم يزالوا على ذلك حتى ماتوا أو بعضهم، فإنهم يتوارثون على ذلك.

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٨٤ ح ١٣٦٤.

٣ - المقنع ج ١ ص ١٧٩.

الباب ٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٨٤ ح ١٣٦٧.

٢١٥

٢١٦

أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه

١ -( باب أنه يرث على الفرج الذي يبول منه، فإن بال منهما فعلى الذي يسبق منه البول، فإن استويا فعلى الذي ينبعث، فإن استويا فعلى الذي ينقطع أخيرا، وأنه يعتبر فيه الاحتلام والحيض والثدي)

[ ٢١١٨٦ ] ١ - إبراهيم بن محمد الثقفي في كتاب الغارات: عن الأصبغ بن نباتة - في خبر طويل - قال: سئل أمير المؤمنينعليه‌السلام ، عن الخنثى، كيف يقسم لها الميراث؟ قال: « انه يبول، فإن خرج بوله من ذكره فسنته سنة الرجل، وإن خرج من غير ذلك فسنته سنة المرأة ».

[ ٢١١٨٧ ] ٢ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: حدثني محمد بن عبد الله، عن محمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن جده، عن عبد الرحمان بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « بينا أمير المؤمنينعليه‌السلام في الرحبة والناس عليه متراكمون، فمن بين مستفت ومن بين مستعد - وساق الحديث وفيه - أنه سألهعليه‌السلام شامي عن مسائل أجابه عنها الحسنعليه‌السلام - إلى أن قالعليه‌السلام -: وأما المؤنث الذي لا

__________________

أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه

الباب ١

١ - الغارات ج ١ ص ١٨٩.

٢ - الغايات ص ٩٤.

٢١٧

تدري اذكر هو أم أنثى، فإنه ينتظر به فإن كان ذكرا احتلم، وإن كانت أنثى حاضت وبدا ثديها، وإلا قيل له: بل، فإن أصاب بوله الحائط فهو ذكر، وإن انتكص بوله على رجليه كما ينتكص بول البعير فهو امرأة » الخبر.

ورواه الصدوق في الخصال: عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، مثله(١) .

[ ٢١١٨٨ ] ٣ - دعائم الاسلام: وعنهمعليهم‌السلام ، أنهم قالوا: « الخنثى يرث ويورث على مباله، وكذلك يكون أحكامه، فإن بال من ذكره كان رجلا له ما للرجال وعليه ما عليهم، فإن خرج البول من الفرج كانت امرأة لها ما للنساء وعليها ما عليهن، فإن بال منهما معا نظر إلى الذي يسبق منه البول أولا، فحكم بحكمه، فإن سبق منهما معا فقد روينا » إلى آخر ما يأتي.

[ ٢١١٨٩ ] ٤ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنه كان جالسا في الرحبة حتى وقف عليه خمسة رهط فسلموا عليه فرد عليهم ونكرهم، فقال: « أمن أهل الشام أنتم أم من أهل الجزيرة؟ » قالوا: من أهل الشام يا أمير المؤمنين، قال: « وما الذي جاء بكم؟ » فقالوا: أمر شجر بيننا، قال: « وما ذاك؟ قالوا: نحن اخوة مات والدنا وترك مالا كثيرا، وهذا منا، له فرج كفرج المرأة وذكر كذكر الرجل، فأعطيناه ميراث امرأة فأبى إلا ميراث رجل، قال: « فأين كنتم عن معاوية، ألا أتيتموه؟ » قالوا: أردنا قضاك يا أمير المؤمنين، قال: « ما كنت لأقضي بينكم حتى تخبروني » قالوا: أتيناه فلم يدر(١) ما يقضي بيننا، وقال: هذا مال كثير [ ولا أدري

__________________

(١) الخصال ص ٤٤٠.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٨٧ ح ١٣٧٧.

(٤) دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٨٩ ح ١٣٧٩.

(١) في المخطوط: يقدر، وما أثبتناه من المصدر.

٢١٨

كيف الحكم ](٢) ولكن امضوا إلى أمير المؤمنين فإنه سيجعل لكم منه مخرجا، وسوف يسألكم: هل أتيتموني؟ فقولوا: ما أتيناه، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « لعن الله قوما يرضون بقضائنا، ويطعنون علينا في ديننا، انطلقوا(٣) بصاحبكم فاسقوه، ثم انظروا إلى البول من أين يخرج، فإن خرج من الذكر فله ميراث الرجل، وإن خرج من الفرج فله ميراث امرأة » فبال من ذكره فورثه ميراث رجل منهم.

[ ٢١١٩٠ ] ٥ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال في الخنثى: « إذا بال منهما جميعا ورث بأيهما سبق ».

[ ٢١١٩١ ] ٦ - البحار، عن كتاب صفوة الاخبار: قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، في الخنثى، فقالعليه‌السلام : « يقال للخنثى الزق بطنك(١) بالحائط وبل، فإن أصاب بوله الحائط فهو ذكر، وإن انتكص كما ينتكص البعير فهو امرأة ».

[ ٢١١٩٢ ] ٧ - عوالي اللآلي: روي أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، اتي بخنثى، فقال: « ورثوه من أول ما يبول منه، فإن خرج منهما فبالانقطاع ».

[ ٢١١٩٣ ] ٨ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « الخنثى يورث على ما سبق منه البول من الفرجين، فإن بدر منهما، فممن انقطع أخيرا ».

__________________

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في المخطوط: فانطلقوا، وما أثبتناه من المصدر.

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٨٩ ح ١٣٨٠.

٦ - البحار ج ١٠٤ ص ٣٥٥ ح ٦.

(١) في المخطوط: ببطنك، وما أثبتناه من المصدر.

٧ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٥١٢ ح ٦٨.

٨ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٣٤١ ح ٢٨.

٢١٩

٢ -( باب حكم الخنثى المشكل، الذي لم يتبين أمره بالعلامات المذكورة)

[ ٢١١٩٤ ] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أن امرأة وقفت على شريح فقالت: أيها القاضي إني مخاصمة، قال: وأين خصمك؟ قالت: أنت خصمني، فأخل لي المجلس، فأخلاه وقال لها: تكلمي، قالت: إني امرأة لي إحليل ولي فرج، قال: قد كانت لأمير المؤمنينعليه‌السلام في مثلك قضية، ورث من حيث يجئ البول، قالت: إنه يجئ منهما جميعا، قال: وكذلك قضى أنه يحكم بحكم أيهما بدر منه البول، قالت: ليس منهما شئ يسبق صاحبه، يجيئان في وقت واحد وينقطعان في وقت واحد، قال شريح: إنك لتخبريني بعجب، قالت: وأخبرك بأعجب من هذا، تزوجني ابن عم لي واخدمني خادمة فوطئتها فأولدتها، وإنما جئتك لما ولد لي لتنظر في أمري، فإن كنت رجلا فرقت بيني وبين زوجي، فقام شريح من مجلس القضاء، فدخل على أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقص عليه القصة.

فأمر بالمرأة فأدخلت فسألها فقالت مثل ما قال، فأحضر زوجها فقال له: « هذه امرأتك وابنة عمك » قال: نعم، قال: « أخدمتها خادمة؟ » قال: نعم، قال: « فوطئتها فأولدتها؟ » قال: نعم، قال: « فوطئتها أنت بعد ذلك؟ » قال: نعم، قال: « لانت أجسر من خاصي الأسد، جيئوني بدينار الحجام وبامرأتين » فجئ بهم فقال: « ادخلا بهذه المرأة إلى بيت، وعدا أضلاع جنبيها » ففعلتا ثم خرجتا إليه فقالتا: قد عددنا، قال: « ما أصبتما؟ » قالتا: أصبنا الجانب الأيمن اثني عشر ضلعا، والجانب الأيسر أحد عشر ضلعا، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « الله أكبر جيئوني

__________________

الباب ٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٨٧ ح ١٣٧٧.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

عقد الهدنة :

وجرت بين الفريقين مصادمات عنيفة ادت الى قتل البعض وجرح الآخر منهما ، وكان ابن حنيف يروم السلم ولا يحب مناجزة القوم قبل أن يأتيه أمر بذلك من أمير المؤمنين ، فاوقف القتال وعقد هدنة موقتة حتى يستبين له رأى الامام وهذا نصها.

« هذا ما اصطلح عليه عثمان بن حنيف الانصاري ومن معه من المؤمنين من شيعة أمير المؤمنين على بن أبي طالب. وطلحة والزبير ومن معهما من المؤمنين والمسلمين من شيعتهما. إن لعثمان بن حنيف دار الامارة والرحبة والمسجد وبيت المال والمنبر ، وان لطلحة والزبير ومن معهما أن ينزلوا حيث شأوا من البصرة ولا يضار بعضهم بعضا فى طريق ولا فرضة(١) ولا سوق ولا شريعة ، ولا مرفق حتى يقدم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فان أحبوا دخلوا في ما دخلت فيه الامة ، وان أحبوا لحق كل قوم بهواهم ، وما أحبوا من قتال او سلم أو خروج أو إقامة وعلى الفريقين بما كتبوا عهد الله وميثاقه. واشد ما أخذه على نبي من أنبيائه من عهد وذمة. »

ووقعها الفريقان ، ومضى ابن حنيف إلى دار الامارة ، وأمر اصحابه بالقاء السلاح والالتحاق بمنازلهم.

غدر وخيانة :

وقام طلحة والزبير بمراسلة الوجوه والاشراف يدعونهم الى الطلب

__________________

(١) الفرضة : الثلمة من النهر التي يستقى منها.

٣٨١

بدم عثمان وخلع أمير المؤمنين واخراج ابن حنيف ، فاستجابت لهم قبائل الأزد وضبة وقيس عيلان ، وتابعهم كثير من البسطاء وذوى الاطماع ، ولما استوثق لهم الأمر غدروا وخانوا ونقضوا ما اتفقوا عليه من الهدنة ، فقد هجموا على ابن حنيف في غلس الليل وهو في دار الإمارة فاعتقلوه ونكلوا به فأمروا بنتف شعر رأسه ولحيته وحاجبيه(١) ونهبوا ما في بيت المال ، ولما حضر وقت الصلاة تنازع طلحة والزبير على الصلاة بالناس فجعل كل واحد منهما يمنع صاحبه من التقدم عليه حتى فات وقت الصلاة فصاح الناس بهما ، فقطعت عائشة النزاع فيما بينهما وقالت يصلي بالناس يوما محمد بن طلحة ، ويوما عبد الله بن الزبير(٢) فذهب ابن الزبير ليصلي بالناس فجذبه محمد بن طلحة وتقدم محمد ليصلي بالناس فمنعه ابن الزبير ، ورأى الجميع أن خير وسيلة لفصل الخصومة وقطع النزاع هي القرعة فاقترعا فخرج محمد بن طلحة فتقدم وصلى بالناس وقرأ سأل سائل بعذاب واقع »(٣) وفي ذلك يقول الشاعر :

تبارى الغلامان إذ صليا

وشح على الملك شيخاهما

ومالي وطلحة وابن الزبير

وهذا بذي الجذع مولاهما

فأمهما اليوم عزتهما

ويعلى بن منية دلاهما(٤)

__________________

(١) شرح النهج ٢ / ٥٠ وجاء فيه انهم طردوا عثمان فلحق بعلي فلما رآه بكى وقال له : فارقتك شيخا ، وجئتك امرد فقال علي : إنا لله وإنا إليه راجعون قال ذلك ثلاثا.

(٢) تأريخ اليعقوبي ٢ / ١٥٧.

(٣) طبقات ابن سعد ٥ / ٣٩

(٤) الاغاني ١١ / ١٢٠.

٣٨٢

ان القوم مدفوعون بدافع الملك والسلطان ، ولو تم الأمر لهما لأجهز كل واحد منهما على صاحبه ، فانهما بعد في بداية الطريق وقد ظهرت منهما بوادر الانشقاق والاختلاف.

إنهما لم يخرجا على حكم الامام الا من أجل المنافع المادية الضيقة وقد اعترف بذلك الزبير فقد جاء إليهما رجل وهما في جامع البصرة فقال لهما :

« نشدتكما بالله في مسيركما أعهد إليكما فيه رسول الله شيئا؟ »

فسكت طلحة ولم يجبه بشيء فاجابه الزبير :

« ـ لا ـ ولكن بلغنا أن عندكم دراهم فجئنا نشارككم فيها »(١)

لقد حدد الزبير خروجهم على وصي رسول الله فهو انما كان من أجل الاطماع والمنافع وليس فيه أى عهد من الرسول (ص).

وعلى أى حال فقد سقطت البصرة بايديهم واحتلت قواتهم جميع مواقعها وأمرت عائشة بقتل عثمان بن حنيف الا ان احدى السيدات استعظمت هذا الأمر وقالت لعائشة :

« نشدتك الله يا أم المؤمنين في عثمان وصحبته لرسول الله » فعدلت عن رأيها وأمرت بحبسه(٢) وأمرت بقتل الشرطة وحراس بيت المال وعددهم سبعون شخصا وهم من خيار المسلمين وصلحائهم فقتلوا صبرا(٣) ولم تتحرج أم المؤمنين فى إراقة دمائهم ، ولم تتأثم فى اشاعة الثكل والحزن والحداد بين أهليهم ، قد أعرضت عما أمر الله به من الحريجة في الدماء وحرمة سفكها بغير الحق.

__________________

(١) الطبري ٥ / ١٨٣.

(٢) الطبري ٥ / ١٧٨.

(٣) شرح النهج ٢ / ٥٠.

٣٨٣

مقتل حكيم بن جبلة :

ولما بلغ حكيم بن جبلة ما ارتكبه القوم بعثمان بن حنيف من التنكيل وما قاموا به من قتل الشرطة وخزان بيت المال خرج في ثلاثمائة رجل من عبد القيس(١) فخرج القوم وحملوا عائشة على جمل ، فسمى ذلك اليوم يوم الجمل الأصغر ويومها مع امير المؤمنين يوم الجمل الأكبر ، وتجالد الفريقان بالسيوف ، وأبلى حكيم مع أصحابه المؤمنين بلاء حسنا ، وشد عليه رجل من الأزد من عسكر عائشة فضرب رجله فقطعها ، وجثا حكيم فأخذ رجله المقطوعة فضرب بها الأزدي الذي قطعها فقتله ولم يزل يقاتل ورجله مقطوعة وهو يقول :

يا ساق لن تراعى

ان معى ذراعي

أحمي بها كراعي

وما زال على مثل هذه الحالة التي ضرب بها الرقم القياسي في البطولة والشجاعة ونكران الذات والدفاع عن المبدأ والعقيدة حتى نزف دمه ، فانطلق إلى الرجل الذي قطع رجله فاتكأ عليه وهو قتيل فاجتاز عليه شخص فقال له : من فعل بك هذا؟ فقال : وسادتي ثم قتله سحيم الحداني(٢) وقتل معه اخوة له ثلاثة كما قتل جميع أصحابه(٣) ففى ذمة الله تلك الدماء الزكية التي أريقت ، والنفوس الكريمة التي أزهقت فى سبيل الذب عن دين الله ، والدفاع عن وصي رسول الله.

__________________

(١) وفى رواية خرج مع سبعمائة من اصحابه.

(٢) اسد الغابة ٢ / ٤٠.

(٣) شرح النهج ٢ / ٥١.

٣٨٤

استنجاد الامام بالكوفة :

كان الامام أمير المؤمنين متهيأ لغزو الشام حيث اعلن معاوية التمرد على حكومته ورفض بيعته وبينما هو جاد في تدبير الأمر إذ فاجأه الخبر عن هياج أهل مكة للطلب بدم عثمان بتحريض طلحة والزبير وعائشة واتباعهم من الامويين ، فاشفق من انشقاق العصا واختلاف شمل المسلمين ، ورأى أن خطرهم أقوى من خطر معاوية ، وشرهم أقوى من شره ، وإذا لم يبادر لاخماد هذه الفتنة فانها يوشك أن تتسع ، ويكثر التمرد والاختلاف فتجهز للشخوص إليهم ، وخفت لنصرته البقية الصالحة من المهاجرين والانصار وخرجوا مسرعين ليلحقوا بهم قبل أن يدخلوا مصرا من الامصار فيفسدوه فلما بلغوا الربذة علموا بسبقهم إلى البصرة وبالحوادث التي جرت فيها فاقام الامام بالربذة أياما يحكم أمره ، وارسل إلى جماهير أهل الكوفة يستنجد بهم ويدعوهم الى نصرته والقيام معه لاخماد نار الفتنة ، وأوفد للقياهم محمد بن أبي بكر ومحمد بن جعفر(١) وزودهما برسالة جاء فيها

« إني اخترتكم على الامصار ، وفزعت إليكم لما حدث فكونوا لدين

__________________

(١) محمد بن جعفر بن ابي طالب الهاشمي : هو اول من سمى محمدا في الاسلام من المهاجرين ، قيل انه ولد بأرض الحبشة ، وتزوج بام كلثوم بنت الامام امير المؤمنين ، قيل انه استشهد بتستر ، وقيل انه قتل بصفين اعترك هو وعبيد الله ابن عمر فقتل كل منهما الآخر ، الاصابة ٣ / ٣٧٢ وجاء في اسد الغابة ٤ / ٣١٣ لما جاء نعى جعفر إلى رسول الله جاء إلى بيت جعفر ، وقال : اخرجوا لي أولاد اخي جعفر ، فاخرج إليه عبد الله ومحمد وعون فوضعهم على فخذه ودعا لهم ، وقال : انا وليهم فى الدنيا والآخرة ، ثم قال : اما محمد فيشبه عمنا ابا طالب.

٣٨٥

الله أعوانا وانصارا ، وأيدونا وانهضوا إلينا ، فالاصلاح ما نريد لتعود الأمة إخوانا ، ومن أحب ذلك وآثره فقد أحب الحق ، ومن ابغض ذلك فقد أبغض الحق وأغمضه »(١) .

وطوى الرسولان البيداء حتى وصلا الكوفة فعرضا رسالة الامام على أبي موسى والي المصر إلا انهما لم يجدا منه أي اجابة أو انطلاق فى الامر وانما وجدا منه موقفا غير طبيعي فقد كان يثبط العزائم ، ويوهن القوى ويمنع الناس من الاستجابة لنداء الامام ، وتكلم معه الرسولان بشدة فاجابهما أبو موسى مبررا لعناده قائلا :

« والله إن بيعة عثمان لفى عنقي وعنق صاحبكما ، فان لم يكن بد من القتال ، لا نقاتل أحدا حتى يفرغ من قتلة عثمان »(٢) .

وبعث المحمدان الأنباء بالتفصيل إلى الامام ، وعرفاه بتمرد أبي موسى وتثبيطه عزائم الناس ، فأوفد الامام للقياه هاشم المرقال وزوده برسالة جاء فيها :

« إني وجهت هاشما لينهض بمن قبلك من المسلمين إلي ، فاشخص الناس ، فاني لم أولك إلا لتكون من أعواني على الحق ».

وسار هاشم حتى انتهى إلى الكوفة فرأى أبا موسى مصرا على تمرده وممعنا في غلوائه وعدائه ، وكلما حاول اقناعه وارجاعه إلى طريق الحق لم يتمكن ، واستدعى أبو موسى سائب بن مالك الأشقري ليستشيره فى الأمر فاشار عليه بالنصيحة وملازمة الامام ، وتنفيذ أوامره الا انه لم يسترشد وبقي مصمما على عصيانه وعناده ، فارسل هاشم إلى الامام رسالة يخبره فيها

__________________

(١) الطبري ٣ / ٣٩٣.

(٢) الطبري ٣ / ٣٩٤.

٣٨٦

بفشله في مهمته ، واخفاقه في سفارته.

ايفاد الحسن :

وبعث الامام ولده الحسن ومعه عمار بن ياسر وارسل معه رسالة فيها عزل أبي موسى عن منصبه وتعيين قرضة بن كعب(١) في وظيفته ، وهذا نص رسالته :

« أما بعد : فقد كنت أرى أن تعزب عن هذا الأمر الذي لم يجعل الله لك نصيبا منه ، بمنعك عن رد أمري ، وقد بعثت الحسن بن علي وعمار بن ياسر يستفزان الناس ، وبعثت قرضة بن كعب واليا على المصر فاعتزل عملنا مذموما مدحورا ، فان لم تفعل فاني قد أمرته أن ينابذك »

ووصل الامام الحسن إلى الكوفة فالتأم حوله الناس زمرا ، وهم يعربون له الانقياد والطاعة ، ويظهرون له الولاء والاخلاص ، واعلن الامام الحسن بالوقت عزل الوالي المتمرد عن منصبه ، وتعيين قرضة في محله ، ولكن أبا موسى بقي مصمما على مكره وغيه ، فقد اقبل على عمار ابن ياسر يحدثه فى أمر عثمان عله أن يجد في حديثه فرجة فيتهمه بدم عثمان ليتخذ من ذلك وسيلة إلى خذلان الناس عن الامام فقال له :

__________________

(١) قرضة بن كعب بن ثعلبة الانصارى الخزرجي شهد مع النبي (ص) احدا وما بعدها من المشاهد ، وفتح الله على يديه فى زمن عمر بن الخطاب ، وهو احد العشرة الذين ارسلهم عمر الى الكوفة لتعليم اهلها ، وولاه الامام على الكوفة ، ولما خرج إلى حرب صفين حمله معه ، وولاها ابا مسعود البدري ، وشهد مع الامام جميع مشاهده ، وتوفى فى خلافته في دار ابتناها بالكوفة ، وصلى عليه الامام الاستيعاب ٣ / ٢٦٦.

٣٨٧

« يا أبا اليقظان ، أعدوت فيمن عدا على أمير المؤمنين فأحللت نفسك مع الفجار.؟ »

فاجابه عمار :

« لم أفعل ولم تسؤني؟. »

وعرف الحسن غايته فقطع حبل الجدال وقال له :

« يا أبا موسى ، لم تثبط عنا الناس؟ »

وأقبل الامام الحسن يحدثه برفق ولين ليقلع روح الشر والعناد من نفسه قائلا :

« يا أبا موسى والله ما أردنا الا الاصلاح ، وليس مثل أمير المؤمنين يخاف على شيء »

فبهت أبو موسى ، وضاقت به مكابرته ، وطغيانه فقال للامام :

« صدقت بأبي أنت وأمي! ولكن المستشار مؤتمن »

ـ نعم

ـ سمعت رسول الله يقول : إنها ستكون فتنة ، القاعد فيها خير من القائم والقائم خير من الماشي ، والماشي خير من الراكب!. وقد جعلنا الله عز وجل اخوانا وحرم علينا أموالنا ودماءنا ، فقال :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً ) (١) وقال عز وجل :( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ ) (٢) »

فانبرى إليه عمار فرد عليه أباطيله وخداعه قائلا :

__________________

(١) سورة النساء : آية ٢٩

(٢) سورة النساء : آية ٩٣

٣٨٨

« أنت سمعت هذا من رسول الله؟ »

« نعم وهذه يدى بما قلت. »

فالتفت عمار الى الناس قائلا :

« إنما عنى رسول الله بذلك أبا موسى ، فهو قاعد خير منه قائم؟ »

ولم يجد كلام عمار ولا ترفق الحسن ، وطول صبره وعظيم حلمه مع هذا الجلف المتمرد الذي لا يخضع لغير الشدة والقسر ، فقد بقي شديد الاصرار على ما هو عليه من تثبيط عزائم الناس وخذلانهم من الخروج مع الامام.

واخذ سبط النبي يوقظ الهمم ، ويبعث النشاط في النفوس ويحفزها للجهاد ، وخطب فيهم قائلا :

« أيها الناس قد كان في مسير أمير المؤمنين علي بن أبى طالب ما قد بلغكم ، وقد أتيناكم مستنصرين لأنكم جبهة الانصار ، ورءوس العرب وقد كان من طلحة والزبير بعد بيعتهما وخروجهما بعائشة ما قد بلغكم. وتعلمون أن وهن النساء وضعف رأيهن الى التلاشي ، ومن أجل ذلك جعل الله الرجال قوامين على النساء ، وأيم الله لو لم ينصره منكم أحد لرجوت أن يكون فيمن أقبل معه من المهاجرين والانصار كفاية ، فانصروا الله ينصركم »

وقام عمار فاخذ يحفز الناس للجهاد ويبين لهم حقيقة الحال في شأن عثمان قائلا :

« يا أهل الكوفة إن غابت عنكم انباؤنا فقد انتهت إليكم امورنا إن قتلة عثمان لا يعتذرون من قتله الى الناس ولا ينكرون ذلك ، وقد جعلوا كتاب الله بينهم وبين محاججتهم فيه أحيا الله من أحيى ، وأمات

٣٨٩

من أمات ، وان طلحة والزبير كانا أول من طعن وآخر من أمر ، وكانا أول من بايع ، فلما اخطأهما ما أملا نكثا بيعتهما من غير حدث! وهذا ابن بنت رسول الله قد عرفتموه وقد جاء يستنصركم ، وقد دلكم علي في المهاجرين والبدريين والانصار الذين تبؤوا الدار والايمان »

وقام على أثرهما قيس بن سعد فجعل يدعوهم الى القيام بالواجب ونصرة أمير المؤمنين قائلا :

« إن الأمر لو استقبلنا به أهل الشورى لكان علي أحق الناس به ، وكان قتال من أبى حلالا فكيف والحجة على طلحة والزبير ، وقد بايعاه طوعا ، وخالفاه حسدا وقد جاءكم علي في المهاجرين والانصار. ثم أنشأ يقول :

رضينا بقسم الله إذ كان قسمنا

عليا وأبناء الرسول محمد

وقلنا لهم أهلا وسهلا ومرحبا

نمد يدينا من هوى وتودد

فما للزبير الناقض العهد حرمة

ولا لأخيه طلحة اليوم من يد

أتاكم سليل المصطفى ووصيه

وأنتم بحمد الله عار من الهد(١)

فمن قائم يرجى بخيل الى الوغا

وصم العوالي والصفيح المهند

يسود من أدناه غير مدافع

وإن كان ما نقضيه غير مسود

فان يأتى ما نهوى فذاك نريده

وإن نخط ما نهوى فغير تعمد(٢)

وقد بقى أبو موسى مصرا على طغيانه يثبط عزائم الناس ، ويدعوهم إلى التخاذل وعدم الاجابة لنصرة الامام ، وقد جعل كلما سمعه من الحسن ومن الخطباء دبر أذنيه حتى اعيى الامام الحسن حلمه فاندفع يصيح به في

__________________

(١) الهد الضعيف والجبان.

(٢) الغدير ٢ / ٧٧

٣٩٠

ثورة وعنف قائلا له :

« اعتزل عملنا أيها الرجل ، وتنح عن منبرنا لا أم لك!. »

وأخذ الحسن يجد في تحفيز الناس للجهاد ويحثهم على الخروج لنصرة أبيه ، وقد قام فيهم خطيبا فقال لهم :

« أيها الناس أجيبوا دعوة أميركم ، وسيروا إلى إخوانكم ، فانه سيوجد الى هذا الامر من ينفر إليه ، والله لئن يليه أولو النهي أمثل في العاجل والآجل وخير في العاقبة ، فاجيبوا دعوتنا واعينونا على ما ابتلينا به وابتليتم ، وان أمير المؤمنين يقول : قد خرجت مخرجي هذا ظالما او مظلوما واني اذكر الله رجلا رعى حق الله إلا نفر ، فان كنت مظلوما اعانني ، وان كنت ظالما أخذ. والله ان طلحة والزبير لاول من بايعني ، وأول من غدر فهل استأثرت بمال او بدلت حكما ، فانفروا وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر »

فاجابه الناس بالسمع والطاعة ، والامتثال والانقياد لأمره ، والاجابة لدعوته ، ولكن الزعيم مالك الاشتر رأى ان الامر لا يتم الا بإخراج أبي موسى مهان الجانب محطم الكيان ، فاقبل مع جماعة من قومه فاحاطوا بالقصر فلما نظر إليهم غلمانه اقبلوا يشتدون الى أبي موسى وقد خيم عليهم الخوف والذعر فقالوا له :

« يا أبا موسى. هذا الاشتر قد دخل القصر فضربنا واخرجنا. »

فنزل الوغد من القصر وقد استولى عليه الذهول فصاح به الاشتر :

« أخرج من قصرنا لا أم لك »

وتردد الاشعرى برهة فصاح به مالك ثانيا :

« اخرج اخرج الله نفسك!. فو الله إنك لمن المنافقين!. »

٣٩١

ونطق الاشعرى بصوت واهن ضعيف

ـ أجلني هذه العشية.

ـ هي لك ، ولا تبيتن فى القصر الليلة ..

ودخلت الجماهير تنهب امتعته وأمواله ، ولكن الاشتر لم يتنكر لعدوه المهزوم فقد وقف معه موقف الكريم النبيل فحال وبين الجماهير وبين ما ابتغوه من نهبه والتنكيل به ، فقال لهم :

« إني أجلته الليلة وقد أخرجته فكفوا عنه. »

فكف الناس عنه ، وفى الصباح خرج الباغي الأثيم وهو يجر سرابيل الخزي والخيانة ، وقد صفا الجو للامام الحسن ، واقبل يتحدث الى الناس بالخروج قائلا :

« أيها الناس. إني غاد ، فمن شاء منكم أن يخرج معي على الظهر(١) ومن شاء فليخرج في الماء »

واستجابت الجماهير لدعوة الامام فلما رأى ذلك قيس بن سعد غمرته الافراح والمسرات وأنشأ يقول :

جزى الله اهل الكوفة اليوم نصرة

أجابوا ولم يأبوا بخذلان من خذل

وقالوا! علي خير حاف وناعل

رضينا من ناقضي العهد من بدل

هما أبرزا زوج النبي تعمدا

يسوق بها الحادى المنيخ على جمل

فما هكذا كانت وصاة نبيكم

وما هكذا الإنصاف اعظم بذا المثل

فهل بعد هذا من مقال لقائل

ألا قبح الله الاماني والعلل(٢)

وعجت الكوفة بالنفار فقد نزحت منها آلاف كثيرة ، فريق منها

__________________

(١) اي على الدواب

(٢) الغدير ٢ / ٧٦

٣٩٢

ركب السفن ، وفريق آخر ركب المطي ، وقد بدا عليهم الرضا والقبول وقد ساروا وهم تحت قيادة الحسن فانتهوا الى ذي قار(١) وقد التقوا بالامام أمير المؤمنين حيث كان مقيما هناك فسر بنجاح ولده ، وشكر له جهوده ومساعيه النبيلة.

الافتراء على الحسن :

وروى الطبرى في تأريخه حديثا موضوعا فيه افتراء على الامام الحسن نسوقه الى القراء ثم نبين ما يثبت وضعه ، فقد ذكر أنه أقبل على أبيه بعد خروج طلحة والزبير فقال له :

ـ أمرتك فعصيتنى ، فانت اليوم تقتل بمضيعة لا ناصر لك! ..

ـ لا تزال تحن حنين الجارية ، ما الذي أمرتني فعصيتك؟؟

ـ أمرتك يوم أحيط بعثمان أن تخرج من المدينة ، فيقتل ولست بها ، ثم أمرتك يوم قتل ألا تبايع حتى تأتيك وفود أهل الامصار والعرب وبيعة كل مصر.

ثم أمرتك حين فعل هذان الرجلان ما فعلا أن تجلس في بيتك حتى يصطلحوا فان كان الفساد كان على يد غيرك ، فعصيتني في ذلك كله.

فرد أمير المؤمنين عليه قائلا :

« أي بني ، أما قولك : « لو خرجت من المدينة حين احيط بعثمان » لقد احيط بنا كما أحيط بعثمان ، وأما قولك : « لا تبايع حتى تأتي بيعة الامصار » فان الامر أمر أهل المدينة ، وكرهنا أن يضيع هذا الامر ،

__________________

(١) ذي قار : ماء لبكر بني وائل قريب من الكوفة يقع بينها وبين واسط ، معجم البلدان ٧ / ٨

٣٩٣

وأما قولك : « حين خرج طلحة والزبير » فان ذلك كان وهنا على أهل الاسلام ، وو الله ما زلت مقهورا منذ وليت ، منقوصا لا أصل الى شيء مما ينبغي.

وأما قولك : « اجلس في بيتك » فكيف لي بما قد لزمنى!! أو من تريدني؟ أتريدني أن اكون مثل الضبع التي يحاط بها ، ويقال : دباب دباب(١) ليست هاهنا حتى يحل عرقوباها(٢) ثم تخرج ، وإذا لم انظر فيما لزمني من هذا الامر ويعنيني فيمن ينظر فيه فكف عنك اي بنى »(٣)

وهذا الحديث رواه الطبرى عن سيف بن عمر الاسدى التميمي وهو من موضوعاته ومختلقاته ، وقد اجمع الثقات على ضعفه وعدم الاعتماد على احاديثه لانه عرف بالكذب والوضع ، واختلاق الحديث ، وقد اتهمه بعضهم في دينه وقد بين حاله وواقعه ، وعرض موضوعاته ومفترياته العلامة المحقق السيد مرتضى العسكري في كتابه « عبد الله بن سبأ »

ومما يزيد وضوحا في وضع الرواية وافتعالها أنه جاء فيها أن الامام الحسن قال لأبيه : « أمرتك فعصيتني » وهذا من اسمج الكلام وأمره فكيف يستقبل الحسن أباه بذلك وهو العارف بحقيقته والعالم بعظيم شأنه وقد قال فيه : إنه لم يسبقه الأولون بعمل ولم يدركه الآخرون بعمل » ومما لا ريب فيه ان ذلك يتنافى مع هدى الامام الحسن الذي تجنب الاساءة

__________________

(١) دباب اسم فعل امر مشتق من الدبيب ، وهو استدعاء للضبع لتخرج.

(٢) عرقوباها : تثنية عرقوب ـ بالضم ـ وهو العصب الغليظ فوق عقب الانسان ، ومن الدابة في رجلها بمنزلة الركبة فى يدها.

(٣) الطبري ٣ / ١٧٠

٣٩٤

وهجر الكلام ومره حتى مع أعدائه ومناوئيه فكيف يخاطب أباه بذلك؟!!

وعلق عبد الوهاب النجار على هذا الحديث الموضوع فقال : « وكأني به ـ يعنى أمير المؤمنين ـ في هذا الامر الاخير يقول بمقالة عثمان : « لا اخلع لباسا البسنيه الله عز وجل » وهو اعتذار لا يقبله من يريد له وللمسلمين السلامة ، أو هو مثل اعتذار دول الاستعمار بأنه لا مناص لهم من تحمل التبعة الملقاة على عاتقهم بإزاء الامم التي يحتلون بلادها ويهيمنون عليها وعلى مرافقها ومقومات حياتها »(١)

وعبد الوهاب النجار قد عرف بالتعصب لبني أميّة والتنكر لاهل البيت ، ولم يوفق في كثير من بحوثه فقد اعتمد على الموضوعات والمختلقات ولم يمعن النظر فيها ، وقد تجرأ بهذه الكلمات القاسية على الامام امير المؤمنين فقد شبهه بالدول الاستعمارية الظالمة التي نشرت الجور والظلم في الارض والامام أمير المؤمنين هو الذي بسط العدالة والمساواة ونشر جميع القيم الانسانية فى دور حكمه ، ولم يعهد في تأريخ الانسانية حاكم مثله في عدله وتحرجه وعدم انخداعه بمظاهر الملك والسلطان ، فقد دخل عليه ابن عباس وهو يخصف نعله بيده فقال له :

ـ يا ابن عباس ، ما قيمة هذا النعل؟

ـ لا قيمة له يا أمير المؤمنين

ـ والله لهى أحب إلي من أمرتكم ، إلا أن أقيم حقا أو ادفع باطلا هذا هو نظر الامام الى الحكم فهو عنده وسيلة لاقامة الحق ودحض الباطل ، ولو كان يروم الحكم لما فاز بالخلافة عثمان كما ذكرنا ذلك في

__________________

(١) الخلفاء الراشدون : ص ٤١٤ ، وقد بسط القول فى الرد عليه السيد سعيد الافغاني في كتابه عائشة والسياسة ص ٩٦.

٣٩٥

بحث الشورى ، فكيف يصح أن يشبه بالدول الاستعمارية الكافرة ، وهو نفس النبي ووصيه وباب مدينة علمه؟!!

التقاء الفريقين :

وتحركت كتائب الامام من ذي قار تجد السير حتى انتهت الى الزاوية(١) فنزل الامام فصلى فيها اربع ركعات ولما فرغ من صلاته جعل يعفر خده الشريف على التربة وهو يبكي ، ثم رفع يديه بالدعاء الى الله قائلا :

« اللهم ، رب السموات وما أظلت ، والارضين وما أقلت ، ورب العرش العظيم ، هذه البصرة أسألك من خيرها ، وأعوذ بك من شرها ، اللهم انزلنا فيها خير منزل ، اللهم هؤلاء القوم قد خلعوا طاعتي وبغوا علي ، ونكثوا بيعتي ، اللهم احقن دماء المسلمين »(٢)

ولما استقر الامام بعث بالوقت عبيد الله بن عباس ، وزيد بن صوحان الى عائشة يدعوها إلى حقن الدماء وجمع كلمة المسلمين ، وقال لهما :

قولا لها :

« إن الله أمرك ان تقري في بيتك وأن لا تحرجي منه ، وانك لتعلمين ذلك غير أن جماعة قد أغروك ، فخرجت من بيتك ، فوقع الناس لاتفاقك معهم في البلاء والعناء ، وخير لك أن تعودي الى بيتك ولا تحومي حول الخصام والقتال ، وإن لم تعودي ولم تطفئ هذه النائرة فانها سوف تعقب

__________________

(١) الزاوية : موضع قريب من البصرة ، وبه كانت الواقعة المشهورة بين الحجاج وعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث ، معجم البلدان ٤ / ٣٧

(٢) مروج الذهب ٢ / ٢٥٤

٣٩٦

القتال ، ويقتل فيها خلق كثير فاتقي الله يا عائشة وتوبي الى الله فان الله يقبل التوبة من عباده ويعفو. وإياك أن يدفعك حب عبد الله بن الزبير وقرابة طلحة الى أمر يعقبه النار ».

ولو وعت عائشة هذه النصيحة وارتدعت عما هي عليه لعادت بخير عميم على الأمة ، ولكنها جعلت ذلك دبر أذنيها ، وقالت للرسولين :

إني لا ارد على ابن ابي طالب بالكلام لأني لا أبلغه فى الحجاج »(١)

إنها لا ترده بالكلام لأنها ليست لها حجة تدلى بها في الدفاع عن نفسها ، وبعث الامام برسالة الى طلحة والزبير يدعوهما فيها الى الوئام ونبذ الشقاق وهذا نصها :

« أما بعد فقد علمتما وإن كتمتما أني لم أرد الناس حتى أرادوني ، ولم أبايعهم حتى بايعوني وإنكما ممن أرادنى وبايعني ، وإن العامة لم تبايعني لسلطان غالب ولا لعرض حاضر ، وان كنتما بايعتماني طائعين فارجعا وتوبا الى الله من قريب ، وإن كنتما بايعتماني كارهين فقد جعلتما لي عليكما السبيل بإظهاركما الطاعة ، وإسراركما المعصية ، ولعمري ما كنتما بأحق المهاجرين بالتقية والكتمان ، وان دفعكما هذا الامر من قبل أن تدخلا فيه كان اوسع عليكما من خروجكما منه بعد اقراركما به ، وقد زعمتما اني قتلت عثمان فبيني وبينكما من تخلف عني وعنكما من أهل المدينة ، ثم يلزم كل امرئ بقدر ما احتمل ، فارجعا أيها الشيخان عن رأيكما ، فان الآن اعظم امركما العار من قبل أن يجتمع العار والنار »(٢)

ولم يستجيبا لنداء الحق واصرا على الفساد والتمرد والبغي ، واعلنا مقاومة الامام ومناجزته.

__________________

(١) تأريخ ابن اعثم ص ١٧٥

(٢) نهج البلاغة ٣ / ١٢٢

٣٩٧

خطاب ابن الزبير :

وكان عبد الله بن الزبير من اشد المحرضين الى اثارة الفتنة ، واراقة الدماء ، وقد افسد جميع الوسائل التي صنعها امير المؤمنين لتحقيق السلم ، وقد خطب في جموع البصريين ودعاهم الى الحرب ومناجزة الامام وهذا نص خطابه :

« أيها الناس ، ان علي بن أبي طالب قتل الخليفة بالحق عثمان ، ثم جهز الجيوش إليكم ليستولي عليكم ، ويأخذ مدينتكم ، فكونوا رجالا تطلبون بثأر خليفتكم ، واحفظوا حريمكم ، وقاتلوا عن نسائكم وذراريكم وأحسابكم وانسابكم ، أترضون لأهل الكوفة ان يردوا بلادكم ، اغضبوا فقد غوضبتم ، وقاتلوا فقد قوتلتم ، ألا وإن عليا لا يرى معه في هذا الأمر أحدا سواه والله لئن ظفر بكم ليهلكن دينكم ودنياكم »

وحفل خطابه بالمغالطات والاكاذيب ، واثارة النعرات والعصبيات ضد امير المؤمنين ، وهو يعلم ـ من دون شك ـ كذب ما قاله ولكن نفسه سولت له ذلك طمعا بالامرة والسلطان.

خطاب الحسن :

وبلغ الامام أمير المؤمنين خطاب ابن الزبير فاوعز الى ولده الحسن بالرد عليه فقام الحسن خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :

« قد بلغتنا مقالة ابن الزبير في أبي وقوله فيه : إنه قتل ، عثمان ، وانتم يا معشر المهاجرين والانصار وغيرهم من المسلمين علمتم بقول الزبير في عثمان ، وما كان اسمه عنده ، وما كان يتجنى عليه ، وان طلحة

٣٩٨

يومذاك ركز رايته على بيت ماله وهو حي ، فانى لهم أن يرموا أبى بقتله وينطقون بذمه ، ولو شئنا القول فيهم لقلنا.

وأما قوله : إن عليا ابتز الناس أمرهم ، فان أعظم حجة لأبيه زعم أنه بايعه بيده ولم يبايعه بقلبه ، فقد أقر بالبيعة وادعى الوليجة فليأت على ما ادعاه ببرهان وانى له ذلك؟

وأما تعجبه من تورد أهل الكوفة على أهل البصرة ، فما عجبه من أهل حق توردوا على أهل باطل.

أما انصار عثمان فليس لنا معهم حرب ولا قتال ، ولكننا نحارب راكبة الجمل واتباعها »(١)

واندفع عمرو بن أحيحة فابدى اعجابه البالغ بخطاب الامام فقال :

حسن الخير يا شبيه أبيه

قمت فينا مقام خير خطيب

قمت بالخطبة التي صدع الل

ه بها عن أبيك أهل العيوب

وكشفت القناع فاتضح الامر

وأصلحت فاسدات القلوب

لست كابن الزبير لجلج في القو

ل وطأطأ عنان فسل مريب

وأبى الله أن يقوم بما قا

م به ابن الوصي وابن النجيب

ان شخصا بين النبي ـ لك الخير ـ وبين الوصي غير مشوب(٢)

لقد فند الامام ابو محمد مزاعم ابن الزبير ، ورد عليه اكاذيبه فان الذي اشعل نار الفتنة على عثمان انما هو الزبير وطلحة وعائشة ، وليس للامام امير المؤمنين ضلع في ذلك ، كما اوضحناه في البحوث المتقدمة

__________________

(١) الجمل ص ١٥٨ ـ ١٥٩

(٢) شرح النهج ١ / ١٤٦ ، ط دار احياء الكتب العربية

٣٩٩

الدعوة الى كتاب الله

وبذل الامام قصارى جهوده فى تدعيم السلم وعدم ايقاع الحرب والدعوة الى العمل بما في كتاب الله فقد رفع المصحف بيمينه وجعل يطوف به بين أصحابه وفي نفسه بقية امل في الصلح قائلا :

« أيكم يعرض عليهم هذا المصحف وما فيه؟ فان قطعت يده أخذه بيده الأخرى ، وإن قطعت أخذه باسنانه ، وهو مقتول »

فنهض إليه فتى كوفي ونفسه تفيض حماسا ونبلا فقال له :

« أنا له يا أمير المؤمنين »

فأشاح الامام بوجهه عنه برهة ، وطاف في أصحابه ينتدبهم لمهمته فلم يجبه أحد سوى ذلك الفتى النبيل فدفع له المصحف وقال له :

« اعرض عليهم هذا ، وقل هو بيننا وبينكم والله في دمائنا ودمائكم. »

وانطلق الفتى مزهوا لم يختلج في قلبه خوف ولا رعب وهو يلوح بالمصحف أمام عسكر عائشة يدعوهم الى العمل بما فيه ، ويدعوهم الى الأخوة والوئام ، فتنكروا له ، فقد دفعتهم الانانية وكراهية الحق الى الفتك به فقطعوا يمناه ، فأخذ المصحف بيساره وهو يدعوهم الى العمل بكتاب الله فعدوا عليه ثانيا فقطعوا يساره فأخذ المصحف باسنانه وقد اغرق في الدماء ، وهو يدعوهم فى آخر مراحل حياته الى السلم والصلح وحقن الدماء قائلا :

« الله في دمائنا ودمائكم »

فانثالوا عليه وهم مصرون على الغي والعناد فرشقوه بنبالهم فوقع على الارض جثة هامدة وانطلقت أمه ترثيه.

يا رب إن مسلما أتاهم

يتلو كتاب الله لا يخشاهم

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530