حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام الجزء ٢

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام11%

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام مؤلف:
الناشر: دار البلاغة
تصنيف: الإمام الحسن عليه السلام
الصفحات: 529

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 529 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 224884 / تحميل: 7209
الحجم الحجم الحجم
حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: دار البلاغة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

خلق النبي صلّى الله عليه وآله على بن أبى طالب (عليه السلام) من شجرة واحدة

٧٢ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن يحيى العطار، قال: حدثني أبوسعيد سهل بن زياد الآدمي، قال: حدثنا الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن علي بن حفص العبسي، عن الصلت بن العلاء، عن أبي الحزور، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: خلق الناس من شجر شتى، وخلقت أنا وابن أبي طالب من شجرة واحدة، أصلي علي وفرعي جعفر.

شكر كل نعمة خصلة

٧٣ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن - يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن الحسن بن عطية(١) ، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سمعته يقول: شكر كل نعمة وإن عظمت أن تحمد الله عزّوجلّ.

الدين هو الحب

٧٤ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن سعيد بن يسار قال: قال لي أبوعبدالله عليه السلام: هل الدين إلا الحب؟ إن الله عزّوجلّ يقول:( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ ) .(٢)

المؤمن إذا صافح المؤمن تفرقا عن غير ذنب

٧٥ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن الحسين بن المختار، عن أبي عبيدة الحذاء

______________

(١) في بعض النسخ « الحسين بن عطية ».

(٢) آل عمران: ٣١.

٢١

قال: قال أبوجعفر عليه السلام: إن المؤمن إذا صافح المؤمن تفرقا عن غير ذنب.(١)

خصلة تحيى القلوب

٧٦ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن خطاب بن - مسلمة، عن الفضيل بن يسار قال: قال لي أبوجعفر عليه السلام: يا فضل إن حديثنا يحيي القلوب.

خصلة فيها حياة لامر حجج الله عزّوجلّ

٧٧ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن - أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن خيثمة قال: قال لي أبوجعفر عليه السلام: تزاوروا في بيوتكم فإن ذلك حياة لامرنا، رحم الله عبدا أحيا أمرنا.

ما خلق الله عزّوجلّ شيئا أقر للعين من خصلة

٧٨ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أبي الصهبان عن محمد بن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن محمد بن مروان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال لي: يا محمد كان أبي عليه السلام يقول: يا بني ما خلق الله شيئا أقر لعين أبيك من التقية.

تسعة أعشار الدين في خصلة

٧٩ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس قال: حدثني أبوسعيد الآدمي قال: حدثنا الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن ابن أبي عمير، عن عبدالله بن جندب، عن أبي عمر العجمي قال: قال لي أبوعبدالله عليه السلام: يا أبا عمر إن تسعة أعشار الدين في التقية، ولا دين لمن لا تقية له، والتقية في كل شئ إلا في شرب -

______________

(١) في بعض النسخ « من غير ذنب » وقال في مجمع بحار الانوار: في حديث المصافحة « لم يبق بينهما ذنب » أي غل وشحناء.

٢٢

النبيذ والمسح على الخفين(١) .

من رضى القضاء ومن سخطه

٨٠ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثنا أيوب بن نوح، عن محمد بن أبي عمير، عن الفراء، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: من رضي القضاء أتى عليه القضاء وهو مأجور، ومن سخط القضاء أتى عليه القضاء وأحبط الله أجره.

خصلة لا يتحبب(٢) بها حمر النعم

٨١ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثني يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن خلاد، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن - الحسين عليهما السلام قال: ما أحب أن لي بذل نفسي حمر النعم(٣) وما تجرعت جرعة أحب إلي من جرعة غيظ لا اكافي بها صاحبها.

خصلة تزيد في الرزق

٨٢ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد - رحمه الله - قال: حدثني الحسن بن متيل الدقاق، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن ابن أبي عمير، عن أبي عوف العجلي قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: الوضوء قبل الطعام وبعده يزيد في الرزق.

______________

(١) ذلك لعدم مس الحاجة إلى التقية فيهما لانه يمكن الاحتزار عنهما بأن لا يشرب النبيذ لان الشافعي يحرمه. ولا يمسح الخفين لانه بدعة حدثت بعد ثبوت حكم المسح على الرجلين بنص القرآن إذ لاخفاء في أن الخف غير الرجل، على أنه يمكنه أن ينزعه ويمسحه ثم يغسله. كما يظهر من بعض الروايات. راجع الوسائل ج ١ ص ٦٥ باب وجوب المسح على الرجلين.

(٢) كذا في نسخة مصححة وفى أكثر النسخ « لا يستحب ».

(٣) حمر النعم كرائمها وهى مثل في كل نفيس من المال. والابل الحمر أنفس أموال العرب.

٢٣

خصلة من الذنوب التى لا تغفر

٨٣ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن - يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن أخي الفضيل، عن الفضيل، عن أبي جعفر عليه السلام قال: من الذنوب التي لا تغفر قول الرجل: يا ليتني لا اؤاخذ إلا بهذا(١) .

خصلة تورث النفاق وتعقب الفقر

٨٤ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن - يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن مهران بن محمد، عن الحسن بن هارون قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: الغناء يورث النفاق ويعقب الفقر.

أول ما يتحف به المؤمن خصلة

٨٥ - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن - الحسين السعد ابادي، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عثمان، وابن أبي حمزة: عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت له: ما أول ما يتحف به المؤمن؟ قال: يغفر لمن تبع جنازته.

يغفر لعبد يوم القيامة ليست له حسنة بخصلة

٨٦ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثني عمي محمد بن - أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن محمد بن عمران، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: يؤتى بعبد يوم القيامة ليست له حسنة، فيقال له: اذكر أو تذكر(٢) هل لك من حسنة، قال: فيتذكر فيقول: يا رب مالي

______________

(١) لان هذا الكلام يدل على استصغار الذنب وعدم الندامة عليه وهو جرأة على الله سبحانه قال أبوالحسن عليه السلام « لا تستقلوا قليل الذنوب ». وقال أبوعبدالله عليه السلام « اتقوا - المحقرات من الذنوب فانها لا تغفر ».

(٢) ياد كن، ياد بياور.

٢٤

من حسنة إلا أن فلانا عبدك المؤمن مر بي فطلبت منه ماء فأعطاني ماء فتوضأت به وصليت لك، قال: فيقول الرب تبارك وتعالى: قد غفرت لك أدخلوا عبدي الجنة.

رأس كل خطيئة خصلة

٨٧ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن - يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن درست بن أبي منصور، عن رجل، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: حب الدنيا رأس كل خطيئة.

ما أقبح بالرجل أن يدخل الجنة وهو مهتوك الستر

٨٨ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أيوب بن - نوح، عن محمد بن أبي عمير، عن سعد بن أبي خلف، عن نجم(١) ، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال لي: يا نجم كلكم في الجنة معنا إلا أنه ما أقبح بالرجل منكم أن يدخل الجنة قد هتك ستره وبدت عورته، قال: قلت له: جعلت فداك وإن ذلك لكائن؟ قال: نعم إن لم يحفظ فرجه وبطنه.

خصلة من فعلها استوجب رحمة الله عزّوجلّ

٨٩ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أيوب بن - نوح، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن مدرك بن الهزهاز قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: يا مدرك رحم الله عبدا اجتر مودة الناس إلى نفسه، فحدثهم بما يعرفون، وترك ما ينكرون.

خصلة من فعلها كثر خير بيته

٩٠ - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه، عن أبيه، عن أبي سعيد الآدمي، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن محمد بن سعيد بن غزوان، عن إسماعيل ابن أبي زياد، عن أبي عبدالله، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال أميرالمؤمنين عليه السلام:

______________

(١) نجم بن حطيم من أصحاب الباقر عليه السلام والظاهر هو الغنوى.

٢٥

من أراد أن يكثر خير بيته فليغسل يده قبل الاكل.

في من ظهرت صحته على سقمه فيعالج بشئ فمات

٩١ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن سهل بن - زياد، عن النوفلي، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: من ظهرت صحته على سقمه فيعالج بشئ فمات فأنا إلى الله منه برئ.

المؤمن مشغول عن خصلة

٩٢ - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه، عن أبيه، عن سهل ابن زياد قال: حدثنا أبونصر محمد بن جعفر بن عقبة، عن الحسن بن محمد ابن اخت أبي مالك، عن عبدالله بن سنان، عن عبد الواحد بن المختار قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن اللعب بالشطرنج فقال: إن المؤمن لمشغول عن اللعب.

ما محق الايمان محق خصلة شئ

٩٣ - حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال: حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري قال: حدثني هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ما محق الايمان محق الشح شئ(١) ، ثم قال: إن لهذا الشح دبيبا كدبيب النمل، وشعبا كشعب الشرك.

سعد امرء لم يمت حتى يرى خلفه من بعده

٩٤ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال: حدثني أيوب بن نوح، عن محمد بن سنان، عن موسى بن بكر الواسطي قال: قلت لابي - الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: الرجل يقول لابنه أو لابنته بأبي أنت وامي أو بأبوي. أترى بذلك بأسا؟ فقال: إن كان أبواه حيين فأرى ذلك عقوقا، وإن كانا قد ماتا فلا

______________

(١) الشح - بضم المعجمة وشد الحاء -: الحرص مع البخل. ومحقه: أبطله ومحاه.

٢٦

بأس. قال: ثم قال: كان جعفر عليه السلام يقول: سعد امرء لم يمت حتى يرى خلفه من بعده(١) وقد والله أراني الله خلفي من بعدي.

المؤمن أعظم حرمة من الكعبة

٩٥ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن - يزيد، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: المؤمن أعظم حرمة من الكعبة.

حسب المؤمن(٢) من الله نصرة أن يرى عدوه يعمل بمعاصي الله عزّوجلّ

٩٦ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أيوب بن - نوح، عن محمد بن أبي عمير، عن قتيبة الاعشى، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: حسب المؤمن من الله نصرة أن يرى عدوه يعمل بمعاصي الله.

الهدية تذهب بالضغائن

٩٧ - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه، عن أبيه، عن سهل ابن زياد، قال: أخبرنا محمد بن سعيد، عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: نعم الشئ الهدية أمام الحاجة، وقال: تهادوا تحابوا فإن الهدية تذهب بالضغائن(٣) .

طوبى لعبد نومة

٩٨ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن - أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن صفوان الجمال، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: طوبى

______________

(١) الخلف - بالتحريك -: الولد الصالح، فإذا كان فاسدا سكنت اللام. وربما استعمل كلا منهما مكان الاخر.

(٢) حسبك درهم أي كفاك.

(٣) ضغن ضغنا من باب تعب: حقد، والاسم الضغن.

٢٧

لعبد نومة(١) ، عرف الناس فصاحبهم ببدنه ولم يصاحبهم في أعمالهم بقلبه فعرفهم في الظاهر ولم يعرفوه في الباطن

خصلة تدع الرجل فقيرا يوم القيامة

٩٩ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا أبوالحسن محمد بن أحمد بن علي ابن أسد الاسدي قال: حدثني محمد بن أبي أيوب النهروي قال: حدثني جعفر بن - سنسيد بن داود قال: حدثني أبي قال: حدثنا يوسف بن محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: قالت ام سليمان بن داود لسليمان عليه السلام: إياك وكثرة النوم بالليل فإن كثرة النوم بالليل تدع الرجل فقيرا(٢) يوم القيامة.

عرفاء أهل الجنة صنف

١٠٠ - حدثنا أبوالحسن محمد بن أحمد بن علي بن أسد الاسدي قال: حدثنا أبي، وعلي بن العباس البجلي، والحسن علي بن نصر الطوسي قالوا: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن غزوان قال: حدثنا أبوسنان العابدي قال: حدثنا صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: حملة القرآن عرفاء أهل الجنة(٣) .

توضأ رسول الله صلّى الله عليه وآله مرة مرة

١٠١ - حدثنا أبوأحمد محمد بن جعفر البندار الفرغاني بفرغانة قال: حدثنا أبوالعباس الحمادي قال: حدثنا أبومسلم الكجي قال: حدثنا عبدالله بن عبد الوهاب

______________

(١) رجل نومة - بالضم ساكنة الواو - أي لا يؤبه به، ويقال للخامل الذكر الذى لا يؤبه به: نومة. وروى المصنف في معاني الاخبار باسناده عن أميرالمؤمنين عليه السلام في معنى النومة قال عليه السلام: « الذى لا يدرى الناس ما في نفسه ».

(٢) أي يتركه فقيرا.

(٣) حملة القرآن حفظته العاملون به. وعرفاء أهل الجنة: المقدمون في الرتب العلية.

٢٨

قال: حدثنا عبد الرحيم بن زيد العمي، عن أبيه، عن معاوية بن قرة، عن ابن عمر أن رسول الله صلّى الله عليه وآله توضأ مرة مرة.

أحسن الحسن خصلة

١٠٢ - حدثنا أبوالحسن علي بن عبدالله بن أحمد الاسواري قال: حدثنا أبويوسف أحمد بن محمد بن قيس السجزي(١) المذكر قال: حدثني أبومحمد عبد العزيز ابن علي السرخسي بمرو الروذ قال: حدثني أبوبكر أحمد بن عمران البغدادي قال: حدثنا أبوالحسن قال: حدثنا أبوالحسن، قال: حدثنا أبوالحسن، قال: حدثنا الحسن، عن الحسن، عن الحسن: إن أحسن الحسن الخلق الحسن. فأما أبوالحسن الاول فمحمد بن عبد الرحيم التستري، وأما أبوالحسن الثاني فعلى بن أحمد البصري التمار، وأما أبوالحسن الثالث فعلي بن محمد الواقدي وأما الحسن الاول فالحسن بن عرفة العبدي، وأما الحسن الثاني فالحسن بن أبي - الحسن البصري وأما الحسن الثالث فالحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.

ترك النبي صلّى الله عليه وآله دعوته لخصلة

١٠٣ - أخبرني أبوالحسن طاهر بن محمد بن يونس قال: حدثنا محمد بن عثمان الهروي قال: حدثنا أحمد بن نجدة قال: حدثنا أبوبشر ختن المقرئ قال: حدثنا معمر بن سليمان قال: إني سمعت أنس بن مالك يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: لكل نبي دعوة قد دعا بها وقد سأل سؤلا، وقد خبأت دعوتي(٢) لشفاعتي لامتي يوم القيامة.

أفضل العبادة خصلة وأفضل الدين خصلة

١٠٤ - أخبرني الخليل بن أحمد قال: أخبرنا ابن منيع(٣) قال: حدثنا هارون

______________

(١) في بعض النسخ « السحري » وهو منسوب إلى السحر، واما السجزي فمنسوب إلى سجز اسم لسجستان. (٢) السؤل - بالضم -: ما يسأل. وخبأ الشئ: ستره وأخفاه.

(٣) في بعض النسخ « أبومنيع » وكذا فيما يأتي.

٢٩

ابن عبدالله قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي قال: حدثنا خالد بن - أبي خالد الازرق، عن محمد بن عبد الرحمن - وأظنه ابن أبي ليلى - عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنه قال: أفضل العبادة الفقه، وأفضل الدين الورع.

شئ هو كثير وفاعله قليل

١٠٥ - أخبرني الخليل بن أحمد قال: أخبرنا ابن منيع قال: حدثنا أحمد بن - عمران الاخنسي سنة ثمان وعشرين(١) وفيها مات، قال: سمعت أبا خالد الاحمري يحدث عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبدالله ابن عمرو(٢) قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: الخير كثير(٣) وفاعله قليل.

خصلة هي نصف الدين

١٠٦ - أخبرني الخليل بن أحمد قال: حدثنا ابن منيع قال: حدثنا علي بن - عيسى المخرمي سنة إحدى وثلاثين(٤) قال: حدثنا خلاد بن عيسى، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: حسن الخلق نصف الدين.

أفضل ما أعطى المسلم خصلة

١٠٧ - أخبرني الخليل بن أحمد قال: أخبرنا أبوالعباس السراج قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا وكيع، عن مسعر، وسفيان، عن زياد بن علاقة، عن اسامة بن شريك قال: قيل لرسول الله صلّى الله عليه وآله: ما أفضل ما أعطي المرء المسلم؟ قال: الخلق الحسن.

______________

(١) يعنى بعد المائتين بقرينة رواية ابن منيع عن المخرمى المتوفى سنة ٢٣٣ كما في التقريب في الخبر الاتى.

(٢) رواه الخطيب في التاريخ والطبراني في الاوسط عن عبدالله بن عمرو يعنى ابن العاص. وفى بعض النسخ « عن عبدالله بن عمر » وهو خطأ.

(٣) أي طرقه وأنواعه كثيرة وفاعله قليل لان اقبال الناس على دنياهم وأهملوا ما ينفعهم في اخراهم، والغالب عليهم حب الشهوات.

(٤) يعنى بعد المائتين كما هو ظاهر التقريب.

٣٠

خلق النبي وعلى بن أبى طالب عليهما السلام من نور واحد

١٠٨ - حدثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي قال: حدثني أبومحمد الحسن بن - عبدالله الرازي قال: حدثني أبي قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمد قال: حدثني أبي محمد ابن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين قال: حدثني أخي الحسن بن علي قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: خلقت أنا وعلى من نور واحد.

صلاح العبد في صلاح شئ من جسده

١٠٩ - أخبرني الخليل بن أحمد قال: حدثنا أبوجعفر محمد بن إبراهيم الديبلي(١) قال: حدثنا أبوعبدالله قال: حدثنا سفيان، عن مجاهد قال: سمعت الشعبي يقول: سمعت النعمان بن بشير يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: في الانسان مضغة إذا هي سلمت وصحت سلم بها سائر الجسد، فإذا سقمت سقم بها سائر الجسد وفسد، وهي القلب.

١١٠ - أخبرني الخليل بن أحمد قال: حدثنا أبوالعباس السراج قال: حدثنا قتيبة قال: حدثنا رشدين بن سعد المصري أبوالحجاج(٢) قال: حدثنا شراحيل ابن يزيد(٣) عن عبدالله بن عمر، وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إذا طاب قلب المرء طاب جسده، وإذا خبث القلب خبث الجسد.

______________

(١) ديبل - بفتح الدال وتقديم المثناة التحتية على الباء الموحدة المضمومة مدينة على ساحل البحر الهندي قريبة من السند ينسب إليها جماعة كثيرة من العلماء منهم أبوجعفر محمد بن ابراهيم بن عبدالله الديبلى الراوى عن أبى عبدالله الحسين بن الحسن المروزى. (اللباب)

(٢) رشدين - بكسر الراء وسكون المعجمة ابن سعد بن مفلح المهرى المصرى. وفى نسخ الكتاب « رشيد بن سعد البصري » وهو تصحيف.

(٣) يعنى المعافرى.

٣١

دخل الرجل الجنة بخصلة

١١١ - أخبرني الخليل بن أحمد السجزي قال: أخبرنا ابن معاذ قال: حدثنا الحسين المروزي قال: حدثنا عبدالله قال: أخبرنا يحيى بن عبيد الله(١) قال: سمعت أبي يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: دخل عبد الجنة بغصن من شوك كان على طريق المسلمين فأماطه عنه.(٢)

من سره خصلتان فليستعمل خصلة

١١٢ - حدثنا أبوأحمد محمد بن جعفر البندار الفرغاني، قال: حدثنا أبوالعباس محمد بن محمد بن جمهور الحمادي قال: حدثنا أبوعبدالله محمد بن علي بن - زيد الصايغ المكي بمكة قال: حدثنا أحمد بن شبيب قال: أخبرني أبي، عن يونس عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك قال: سمعت النبي صلّى الله عليه وآله يقول: من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أجله فليصل رحمه(٣) .

كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يسلم تسليمة واحدة

١١٣ - حدثنا أبوأحمد محمد بن جعفر البندار قال: حدثني أبوالقاسم سعيد بن - أحمد بن أبي سالم قال: حدثنا أبوزكريا يحيى بن الفضل الوراق قال: حدثنا إسحاق ابن إبراهيم الوراق السمرقندي قال: حدثنا سليمان بن سلمة قال: حدثنا بقية بن - الوليد، عن الزيادي(٤) ، عن الزهري، عن أنس أن رسول الله صلّى الله عليه وآله كان يسلم تسليمة واحدة.

______________

(١) هو يحيى بن عبيد الله بن موهب التيمى يروى عنه عبدالله بن المبارك. وقال الجوزجاني: هو كوفى وأبوه لا يعرف. يروى عن أبيه عن أبى هريرة.

(٢) أماطه أي أزاله ونحاه.

(٣) أخرجه مسلم في صحيحه ج ٨ ص ٨ وفيه « أو ينسأ في أثره ». والاثر الاجل.

(٤) الظاهر هو محمد بن زياد بن عبيد الزيادي أبوعبدالله البصري الملقب بيؤيؤ.

٣٢

باب الاثنين

معرفة التوحيد بخصلتين

١ - حدثنا أحمد بن هارون الفامي(١) وجعفر بن محمد بن مسرور رضي الله عنهما قالا: حدثنا محمد بن جعفر بن بطة قال: حدثنا أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سمعت أبي يحدث عن أبيه عليه السلام أن رجلا قام إلى أميرالمؤمنين عليه السلام فقال له: يا أميرالمؤمنين بما عرفت ربك؟ قال: بفسخ العزم ونقض الهم لما أن هممت فحال بيني وبين همي، وعزمت فخالف القضاء عزمي فعلمت أن المدبر غيري، قال: فبماذا شكرت نعماه؟ قال: نظرت إلى بلاء قد صرفه عني وأبلى به غيري، فعلمت أنه قد أنعم علي فشكرته، قال: فبماذا أحببت لقاءه؟ قال: لما رأيته قد اختار لي دين ملائكته ورسله وأنبيائه علمت أن الذي أكرمني بهذا ليس ينساني فأحببت لقاءه.

قال النبي صلّى الله عليه وآله خلتان(٢) لا احب أن يشاركني فيهما أحد

٢ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: خلتان لا احب أن يشاركني فيهما أحد: وضوئي فانه من صلاتي، وصدقتي فانها من يدي إلى يد السائل فانها تقع في يد الرحمن.

غريبتان فاحتملوهما

٣ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر

______________

(١) في بعض النسخ « القاضى » ولعله تصحيف.

(٢) الخلة: الخصلة.

٣٣

ابن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: غريبتان فاحتملوهما كلمة حكم من سفيه فاقبلوها، وكلمة سفه من حكيم فاغفروها.

لا ينقض الوضوء الا ما خرج من الطرفين

٤ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال: حدثني محمد بن سماعة، عن عبدالله بن مسكان، عن أبي بصير المرادي، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سألته عن الحجامة والقئ وكل دم سائل، فقال: ليس فيه وضوء إنما الوضوء مما خرج من طرفيك اللذين أنعم الله بهما عليك.

قال مصنف هذا الكتاب - أدام الله عزه -: يعني من بول أو غائط أو ريح أو مني.

نعمتان مكفورتان

٥ - حدثنا جعفر بن علي الكوفي رضي الله عنه قال: حدثني جدي الحسن ابن علي بن عبدالله بن المغيرة، عن جده عبدالله بن المغيرة، عن إسماعيل بن مسلم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: نعمتان مكفورتان: الامن والعافية.(١)

خصلتان كثير من الناس مفتون فيهما

٦ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: خصلتان كثير من الناس مفتون فيهما(٢) : الصحة والفراغ.

٧ - أخبرني الخليل بن أحمد قال: أخبرنا أبوجعفر محمد بن معاذ قال: حدثنا الحسين بن الحسن المروزي، عن عبدالله بن المبارك، والفضل بن موسى قالا: أخبرنا

______________

(١) المكفور: المستور أو غير المشكور.

(٢) أي مختبرون وممتحنون بهما.

٣٤

عبدالله بن سعيد بن أبي هند، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: نعمتان مفتون فيهما كثير من الناس الفراغ والصحة.

ما عبدالله عزّوجلّ بشئ أفضل من الصمت والمشي إلى بيته

٨ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، عن أيوب بن نوح، عن الربيع بن محمد المسلي، عن أبي الربيع الشامي، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ما عبدالله بشئ أفضل من الصمت والمشي إلى بيته.

يؤمر بالمعروف رجلان

٩ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن - يزيد، عن ابن أبي عمير، عن يحيى الطويل البصري(١) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إنما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن فيتعظ، أو جاهل فيتعلم، وأما صاحب سوط وسيف فلا.

للكفر جناحان

١٠ - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي العباس جرير البجلي(٢) عن محمد بن إسحاق، عن أبيه، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: للكفر جناحان: بنو امية وآل المهلب(٣) .

______________

(١) في التهذيب في باب النوادر من كتاب الجهاد يحيى الطويل صاحب المصرى، ولعل الصواب المقرى وهو غير يحيى بن ام الطويل الذى كان من حوارى على بن الحسين عليهما السلام وخواصه.

(٢) في بعص النسخ « حريز البجلى » ولم أجدهما.

(٣) المهلب - بضم الميم وفتح الهاء واللام المشددة أبوبطن. وآل المهلب جماعة = >

٣٥

قسم الله تبارك وتعالى اهل الارض قسمين

١١ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، عن محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ظريف بن ناصح، عن إبراهيم بن يحيى قال: حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: قسم الله تبارك وتعالى أهل الارض قسمين فجعلني في خيرهما ثم قسم النصف الآخر على ثلاثة فكنت خير الثلاثة، ثم اختار العرب من الناس، ثم اختار قريشا من العرب، ثم اختار بني هاشم من قريش، ثم اختار بني عبد المطلب من بني هاشم، ثم اختارني من بني عبد المطلب.

صنفان من هذه الامة إذا صلحا صلحت الامة. وإذا فسدا فسدت الامة

١٢ - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه، عن أبيه، عن محمد ابن أحمد، عن العباس بن معروف، عن محمد بن سعيد بن غزوان، عن السكوني، عن

______________

< = من الامراء والولاة لدولة بنى امية وبنى العباس وهم منسوبون إلى المهلب بن أبى صفرة ظالم ابن سراق الازدي العتكى، يكنى أبا سعيد، أمير، بطاش، جواد، قال فيه عبدالله بن الزبير: هذا سيد أهل العراق ولد في دبا، ونشأ بالبصرة، وقدم المدينة مع أبيه في أيام عمر، وولى امارة البصرة لمصعب بن الزبير، وفقئت عينه بسمرقند كما في المحبر ص ٢٦١ وانتدب لقتال الازارقة، وكانوا قد غلبوا على البلاد، وشرط له أن كل بلد يجليهم عنه يكون له التصرف في خراجه تلك السنة، فأقام يحاربهم تسعة عشر عاما لقى فيها منهم الاهوال، وأخيرا تم له الظفر بهم، فقتل كثيرين، وشرد بقيتهم في البلاد، ثم ولاه عبد الملك بن مروان ولاية خراسان فقدمها سنة ٧٩ ه‍ ومات فيها. قال ابن الجوزى في المدهش من العجائب ثلاثة اخوة ولدوا في سنة واحدة وقتلوا في سنة واحدة وكانت أعمارهم ثمانيا وأربعين سنة: يزيد، وزياد، ومدرك بنو المهلب بن أبى صفرة. وأخبارهم كثيرة، راجع الوفيات ج ٢ ص ١٤٥ ورغبة الامل ج ٢ ص ٢٠١ و ٢٠٤. وج ٣ ص ٦٠ و ١١٦. وج ٥ ص ١٣٠. وج ٦ ص ١٠٥. والطبري ج ٨ ص: ١٩. وابن الاثير ج ٤ ص ١٨٣. (الزركلي)

٣٦

جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله صنفان من امتي إذا صلحا صلحت امتي، وإذا فسدا فسدت امتي، قيل: يا رسول الله ومن هما؟ قال: الفقهاء والامراء.

اتقو الله في الضعيفين

١٣ - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه قال: حدثني أبي، عن محمد بن أحمد، عن علي بن السندي، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: اتقوا الله في الضعيفين يعني بذلك اليتيم والنساء.

ثواب من عال ابنتين أو اختين أو عمتين أو خالتين

١٤ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد، عن زكريا المؤمن رفعه إلى أبي عبدالله عليه السلام قال: من عال ابنتين أو اختين أو عمتين أو خالتين حجبتاه من النار.

لا يجد ريح الجنة رجلان

١٥ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن السندي، عن علي بن الحكم، عن محمد بن الفضيل، عن شريس الوابشي(١) ، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إن الجنة ليوجد ريحها من مسيرة خمسمائة عام، ولا يجدها عاق ولا ديوث، قيل: يا رسول الله وما الديوث قال: الذي تزني امرأته وهو يعلم.

ما جاء في ذى وجهين

١٦ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن - أحمد، عن أبي جعفر أحمد بن أبي عبدالله، عن أبي الجوزاء المنبه بن عبدالله، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن

______________

(١) نسبة إلى بنى وابش بطن من قريش.

٣٧

علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: يجئ يوم القيامة ذو الوجهين دالعا لسانه(١) في قفاه وآخر من قدامه يلتهبان نارا حتى يلهبا جسده، ثم يقال له: هذا الذي كان في الدنيا ذا وجهين وذا لسانين يعرف بذلك يوم القيامة.

١٧ - أخبرني الخليل بن أحمد قال: حدثنا ابن منيع قال: حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبومعاوية، عن الاعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إن من شر الناس عند الله عزّوجلّ يوم القيامة ذا الوجهين.

١٨ - أخبرني الخليل بن أحمد قال: أخبرنا ابن منيع قال: حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة قال: حدثنا شريك، عن الركين(٢) عن نعيم بن حنظلة، عن عمار قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: من كان له وجهان في الدنيا كان له يوم القيامة لسانان من نار.

١٩ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد ابن يحيى بن عمران الاشعري، عن موسى بن عمر، عن ابن سنان، عن عون بن معين بياع القلانس، عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: من لقى المؤمنين بوجه، وغابهم بوجه أتى يوم القيامة وله لسانان من نار.

٢٠ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن النعمان، عن عبدالله بن مسكان، عن داود بن فرقد، عن أبي شيبة الزهري، عن أبي جعفر عليه السلام قال: بئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين، يطري أخاه في الله شاهدا، ويأكله غائبا، إن اعطي حسده، وإن ابتلي خذله.

الناس اثنان واحد أراح، وآخر استراح

٢١ - حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه، عن أبيه، عن محمد بن - سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال:

______________

(١) في بعض النسخ « دلعا لسانه ».

(٢) هو الركين بن الربيع الراوى عن نعيم بن حنظلة. ونعيم بن حنطب كما في بعض نسخ الكتاب تصحيف والخبر رواه أبوداود بهذا الاسناد في السنن ج ٢ ص ٥٦٧.

٣٨

قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: الناس اثنان واحد أراح وآخر استراح، فأما الذي استراح فالمؤمن إذا مات استراح من الدنيا وبلائها، وأما الذي أراح فالكافر إذا مات أراح الشجر والدواب وكثيرا من الناس.

الناس اثنان عالم ومتعلم

٢٢ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثني عمي محمد ابن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه محمد بن خالد، عن محمد ابن أبي عمير رفعه إلي أبي عبدالله عليه السلام قال: الناس اثنان عالم ومتعلم، وسائر الناس همج والهمج في النار.

خصلتان احداهما تنسى الذنوب والاخرى تقسى القلوب

٢٣ - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه قال: حدثني أبي، عن الحسين بن إسحاق التاجر، عن علي بن مهزيار، عن فضالة، عن إسماعيل بن أبي زياد عن أبي عبدالله، عن أبيه عليهما السلام قال: أوحى الله تبارك وتعالى إلى موسى عليه السلام: لا تفرح بكثرة المال، ولا تدع ذكري على كل حال، فان كثرة المال تنسي الذنوب، وترك ذكري يقسي القلوب.

خصلتان امان من الجذام

٢٤ - حدثنا أحمد بن علي بن إبراهيم رضي الله عنه قال: حدثني أبي، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: تقليم الاظفار وأخذ الشارب من جمعة إلى جمعة أمان من الجذام.

الشغل بالعظيمتين

٢٥ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن الحسين ابن إسحاق التاجر، عن علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب،

٣٩

عن إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبدالله، عن أبيه عليهما السلام قال: بكى أبوذر رحمه الله من خشية الله عزّوجلّ حتى اشتكى بصره، فقيل له: يا أبا ذر لو دعوت الله أن يشفي بصرك، فقال: إني عنه لمشغول وما هو من أكبر همي، قالوا: وما يشغلك عنه؟ قال: العظيمتان: الجنة والنار.

الدنيا كلمتان ودرهمان

٢٦ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: قام أبوذر رحمة الله عليه عند الكعبة فقال: أنا جندب بن سكن، فاكتنفه الناس، فقال: لو أن أحدكم أراد سفرا لاتخذ فيه من الزاد ما يصلحه، فسفر يوم القيامة أما تريدون فيه ما يصلحكم؟ فقام إليه رجل فقال: أرشدنا، فقال: صم يوما شديد الحر للنشور، وحج حجة لعظائم الامور وصل ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور، كلمة خير تقولها وكلمة شر تسكت عنها أو صدقة منك على مسكين لعلك تنجو بها يا مستكين من يوم عسير. اجعل الدنيا درهمين درهما أنفقته على عيالك، ودرهما قدمته لآخرتك، والثالث يضر ولا ينفع فلا ترده. اجعل الدنيا كلمتين كلمة في طلب الحلال وكلمة للاخرة، والثالثة تضر ولا ننفع لا تردها، ثم قال: قتلني هم يوم لا ادركه.

لا يكون الرجل فقيها حتى يكون فيه خصلتان

٢٧ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد ابن أحمد، عن علي بن السندي، عن محمد بن عمرو بن سعيد، عن موسى بن أكيل قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: لا يكون الرجل فقيها حتى لا يبالي أي ثوبيه ابتذل وبما سد فورة الجوع.

لا خير في العيش الا لرجلين

٢٨ - حدثنا جعفر بن علي بن الحسن الكوفي - رحمه الله - عن أبيه علي ابن الحسن، عن أبيه الحسن بن علي بن عبدالله بن المغيرة، عن عبدالله بن المغيرة، عن

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

وسفين بن الليل ، وعمرو بن قيس الكوفيون(١) وقد ازدهرت يثرب بهذه الكوكبة من العلماء والرواة فكانت من أخصب البلاد الإسلامية علما ، وأدبا ، وثقافة.

وكما كان يتولى نشر العلم في يثرب ، كان يدعو الناس الى مكارم الأخلاق ، ومحاسن الأعمال ، والتأدب بسنة النبي (ص) ، وقد رفع (ع) منار الأخلاق التي جاء بها جده الرسول لإصلاح المجتمع وتهذيبهم فمن سمو أخلاقه انه كان يصنع المعروف والاحسان حتى مع أعدائه ومناوئيه ، وقد بلغه أن الوليد بن عاقبة قد ألم به السقم فمضى لعيادته مع ما عرف به الوليد من البغض والعداء لآل البيت ، فلما استقر المجالس بالإمام انبرى إليه الوليد قائلا :

« إني أتوب الى الله تعالى مما كان بيني وبين جميع الناس إلا ما كان بيني وبين أبيك فاني لا أتوب منه. »(٢)

وأعرض الإمام عنه ولم يقابله بالمثل ولعله أوصله ببعض ألطافه وهداياه.

عطفه على الفقراء :

وأخذ (ع) يفيض الخير والبر على الفقراء والبائسين ، وينفق جميع ما عنده عليهم وقد ملأ قلوبهم سرورا باحسانه ومعروفه ، ومن كرمه انه جاءه رجل في حاجة فقال له : « اكتب حاجتك في رقعة وادفعها إلينا » فكتبها ذلك الشخص ورفعها إليه ، فأمر (ع) بضعفها له ، فقال بعض الحاضرين :

__________________

(١) تأريخ ابن عساكر ج ١٢ ، صورة فوتوغرافية في مكتبة الامام أمير المؤمنين.

(٢) شرح ابن أبي الحديد ١ / ٣٦٤.

٢٨١

« ما كان أعظم بركة هذه الرقعة عليه يا ابن رسول الله؟! »

فأجابه (ع) :

« بركتها علينا أعظم ، حين جعلنا للمعروف أهلا. أما علمت أن المعروف ما كان ابتداء من غير مسألة ، فأما من أعطيته بعد مسألة ، فإنما أعطيته بما بذل لك من وجهه. وعسى أن يكون بات ليلته متململا أرقا يميل بين اليأس والرجاء ، لا يعلم بما يرجع من حاجته ، أبكآبة أم بسرور النجح ، فيأتيك وفرائصه ترعد ، وقلبه خائف يخفق ، فان قضيت له حاجته فيما بذل من وجهه ، فان ذلك أعظم مما نال من معروفك. »

لقد كان موئلا للفقراء والمحرومين ، وملجأ للأرامل والأيتام ، وقد تقدم في الجزء الأول من هذا الكتاب بعض بوادر جوده ومعروفه ، التي كان بها مضرب المثل للكرم والسخاء.

الاستجارة به :

كان (ع) في عاصمة جده كهفا منيعا لمن يلجأ إليه ، وملاذا حصينا لمن يلوذ به ، قد كرّس أوقاته على قضاء حوائج الناس ، ودفع الضيم والظلم عنهم ، وقد استجار به سعيد بن سرح من زياد فأجاره ، فقد ذكر الرواة انه كان معروفا بالولاء لأهل البيت (ع) فطلبه زياد من أجل ذلك فهرب الى يثرب مستجيرا بالإمام ، ولما علم زياد ذلك عمد الى أخيه وولده وزوجه فحبسهم ، ونقض داره ، وصادر أمواله ، وحينما علم الامام الحسن ذلك شقّ عليه الأمر ، فكتب رسالة الى زياد يأمره فيها بأن يعطيه الأمان ، ويخلي سبيل عياله وأطفاله ، ويشيّد داره ، ويرد عليه أمواله ، وهذا نص كتابه :

٢٨٢

« أما بعد : فانك عمدت الى رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم ، فهدمت داره ، وأخذت ماله ، وحبست أهله وعياله ، فان أتاك كتابي هذا فابن له داره ، واردد عليه ماله ، وشفعني فيه ، فقد أجرته والسلام ».

وقد أمر الامام زيادا في هذه الرسالة بالمعروف ونهاه عن المنكر ، فقد أوصاه أن يردّ على سعيد ما أخذه منه ، وأن لا ينكّل به ، لأنه لم يحدث فسادا في الأرض حتى يستحق العذاب والتنكيل ، ولما قرأ زياد هذه الرسالة ورم أنفه من الغضب ، لأن الامام لم ينسبه الى أبي سفيان ، فأجاب الامام بجواب ينم عن مدى خبثه ، ولؤم عنصره ، وهذا نصه :

« من زياد بن أبي سفيان الى الحسن بن فاطمة.

أما بعد : فقد أتاني كتابك ، تبدأ فيه بنفسك قبلي وأنت طالب حاجة وأنا سلطان ، وأنت سوقة وتأمرني فيه بأمر المطاع المسلّط على رعيته كتبت إليّ في فاسق آويته إقامة منك على سوء الرأي ، ورضا منك بذلك وأيم الله لا تسبقني به ولو كان بين جلدك ولحمك ، وإن نلت بعضك غير رقيق بك ، ولا مرع عليك ، فإن أحب لحم عليّ أن آكله اللحم الذي أنت منه ، فسلمه بجريرته إلى من هو أولى به منك ، فان عفوت عنه لم أكن شفعتك فيه ، وإن قتلته لم أقتله إلا لحبه أباك الفاسق والسلام ».

وقد أعرب زياد بهذه الرسالة عن صفاقته ، وعدم حيائه ونكرانه المعروف فقد تناسى الأيادي البيضاء التي أسداها عليه أمير المؤمنين وولده الحسن (ع) في توليته فارس ، فقابل ذلك المعروف بالاساءة ، والنعمة بالكفران.

أف لك يا زمان ، وتعسا لك يا دهر ، أمثل ابن سمية يتطاول على

٢٨٣

سبط النبي وريحانته ، وينال من كرامته ، إن الذي دعاه لأن يشمخ بأنفه ليس إلا السلطة التي يتمتع بها ، وإلا فأي فضيلة أو مكرمة ماثلة فيه حتى يعتز بها ويفتخر ، ولما وصلت رسالته الى الامام (ع) قرأها وتبسم وعلم سر غضبه وثورته ، لأنه لم ينسبه الى أبي سفيان ، وانبرى (ع) فكتب الى معاوية كتابا عرّفه فيه بمهمته ، وأودع في جوفه رسالة زياد ، ورسم (ع) رسالة أخرى الى زياد حطم بها كيانه ، ورد غلواءه ، وأفسد التحاقه بأبي سفيان ، وقد تقدم ذكرها(١) .

ولما وصلت رسالة الامام الى معاوية واطّلع على جراءة زياد واستهتاره واستخفافه بمركز الامام رفع من فوره رسالة الى زياد ، وهذا نصها :

« أما بعد : فان الحسن بن علي بعث إليّ بكتابك إليه جوابا عن كتاب كتبه إليك في ابن سرح ، فأكثرت العجب منك!!! وعلمت أن لك رأيين أحدهما من أبي سفيان ، والآخر من سمية ، فأما الذي من أبي سفيان حلم وحزم ، وأما الذي من سمية فما يكون رأي مثلها ، من ذلك كتابك الى الحسن ، تشتم أباه ، وتعرض له بالفسق ، ولعمري انك أولى بالفسق من أبيه ، فأما ان الحسن بدأ بنفسه ارتفاعا عليك ، فان ذلك لا يضعك لو عقلت ، وأما تسلطه عليك بالأمر فحق لمثل الحسن أن يتسلط وأما تركك تشفيعه فيما شفع فيه إليك فحظ دفعته عن نفسك الى من هو أولى به منك ، فاذا ورد عليك كتابي فخل ما في يديك لسعيد بن أبي سرح وابن له داره ، واردد عليه ماله ، ولا تعرض له فقد كتبت الى الحسنعليه‌السلام أن يخيره إن شاء أقام عنده ، وإن شاء رجع الى بلده ، ولا سلطان لك عليه لا بيد ولا لسان ، وأما كتابك الى الحسن (ع) باسمه

__________________

(١) يراجع ص ١٧٥.

٢٨٤

واسم أمّه ولا تنسبه الى أبيه ، فان الحسن ويحك من لا يرمى به الرجوان والى أي أم وكلته لا أم لك ، أما علمت أنها فاطمة بنت رسول الله (ص) فذاك أفخر له لو كنت تعلمه وتعقله ».

ثم كتب في آخر الكتاب أبياتا في مدح الإمام من جملتها :

أما حسن فابن الذي كان قبله

إذا سار سار الموت حيث يسير

وهل يلد الرئبال إلا نظيره

وذا حسن شبه له ونظير

ولكنه لو يوزن الحلم والحجا

بأمر لقالوا يذبل وثبير(١)

وقد اعترف معاوية بهذه الرسالة بمواهب الإمام وملكاته وشرفه وعظيم شأنه ، وإنه لو وزن حلمه بثبير لرجح عليه ، فتعسا للزمن الهزيل الذي جرّأ زيادا أن ينال من كرامته ، ويعتدي عليه.

مع حبيب بن مسلمة :

وحبيب بن مسلمة الفهري(٢) من أوغاد قريش ومن عملاء معاوية الذين يحقدون على آل البيت ، التقى به الإمام في الطواف فقال له (ع) :

« يا حبيب رب مسير لك في غير طاعة الله ».

فانبرى إليه حبيب بسخرية قائلا :

« أما مسيري من أبيك فليس من ذلك ».

__________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ٤ / ٧٢.

(٢) حبيب بن مسلمة بن مالك القرشي الفهري ، كان يقال له حبيب الروم لكثرة دحوله إليهم ونيله منهم ، وكان من خلص أصحاب معاوية ولم يفارقه في حروبه بصفين وغيرها ، وجهه معاوية واليا الى أرمينية فمات بها سنة ٤٢ ه‍ جاء ذلك فى الإستيعاب ١ / ٣٢٧.

٢٨٥

فردّ عليه الإمام مقالته قائلا :

« بلى والله ، ولكنك أطعت معاوية على دنيا قليلة زائلة ، فلئن قام بك في دنياك ، لقد قعد بك في آخرتك ، ولو كنت إذ فعلت قلت خيرا كان ذلك كما قال الله تعالى : « وآخرون اعترفوا بذنبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا »(١) . ولكنك كما قال الله سبحانه : « كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون »(٢) ، ثم تركه وانصرف(٣) .

رفضه لمصاهرة الامويين :

ورام معاوية أن يصاهر بني هاشم ليحوز بذلك الشرف والمجد ، فكتب الى عامله على المدينة مروان بن الحكم أن يخطب ليزيد زينب بنت عبد الله بن جعفر على حكم أبيها في الصداق ، وقضاء دينه بالغا ما بلغ ، وعلى صلح الحيين بني هاشم وبني أميّة ، فبعث مروان خلف عبد الله ، فلما حضر عنده فاوضه في أمر كريمته ، فأجابه عبد الله :

« إن أمر نسائنا بيد الحسن بن علي فاخطب منه ».

فأقبل مروان الى الإمام فخطب منه ابنة عبد الله ، فقال (ع) :

اجمع من أردت ، فانطلق مروان فجمع الهاشميين والأمويين في صعيد واحد وقام فيهم خطيبا قائلا :

« أما بعد : فان أمير المؤمنين معاوية أمرني أن أخطب زينب بنت عبد الله بن جعفر ليزيد بن معاوية على حكم أبيها في الصداق ، وقضاء دينه

__________________

(١) سورة التوبة : آية ١٠٢.

(٢) سورة المطففين : آية ١٣.

(٣) أحكام القرآن للرازي ٣ / ١٨١ ، وزهر الآداب لأبي اسحاق ١ / ٥٥.

٢٨٦

بالغا ما بلغ ، وعلى صلح الحيين بني هاشم وبني أميّة ، ويزيد بن معاوية كفؤ من لا كفؤ له ، ولعمري لمن يغبطكم بيزيد أكثر ممن يغبط يزيد بكم فيزيد ممن يستسقى بوجهه الغمام ».

ومروان يرى أن قيم الرجال إنما هي بالإمرة والسلطان ، وقد أعرب بذلك عن حماقته وجهله ، فردّ الإمام عليه أباطيله ، وعلّق على كل جملة من كلامه ، فقال بعد حمد الله والثناء عليه :

« أما ما ذكرت من حكم أبيها في الصداق ، فانا لم نكن لنرغب عن سنّة رسول الله (ص) فى أهله وبناته »(١) .

« وأما قضاء دين أبيها فمتى قضت نساؤنا بمهورهن ديون آبائهن ».

« وأما صلح الحيين ، فنحن عادينا كم لله وفي الله ، فلا نصالحكم للدنيا ».

« وأما قولك يزيد كفؤ من لا كفؤ له ، فأكفاؤه اليوم أكفاؤه بالأمس لم يزده سلطانه ».

« وأما قولك : من يغبطنا بيزيد أكثر ممن يغبطه بنا ، فان كانت الخلافة قادت النبوة(٢) ، فنحن المغبطون ، وإن كانت النبوة قادت الخلافة فهو المغبوط بنا ».

« وأما قولك : إن الغمام يستسقى بوجه يزيد ، فان ذلك لم يكن إلا لآل رسول الله (ص) ».

وقد فنّد (ع) بكلامه مزاعم مروان ، ورد عليه بهتاته ، ثم أخذعليه‌السلام في إحباط مساعيه ، وتحطيم آماله قائلا :

« وقد رأينا أن نزوجها ( يعني زينب ) من ابن عمها القاسم محمد بن

__________________

(١) كانت سنّة رسول الله (ص) في مهر أزواجه وبناته اربعمائة درهم.

(٢) كذا فى الأصل ، ولعل المراد ان الخلافة تابعة للنبوة والنبوة قائدة لها.

٢٨٧

جعفر ، وقد زوجتها منه ، وجعلت مهرها ضيعتي التي لي بالمدينة ، وقد أعطاني بها معاوية عشرة آلاف دينار ».

ولما سمع ذلك مروان فقد شعوره وصاح بلا اختيار :

« أغدرا يا بني هاشم ».

إن مروان أولى بالغدر والخبث ، وقد صنع الإمام خيرا حيث لم يزوج العلوية من يزيد الفاسق الفاجر.

ورفع مروان في الوقت رسالة الى معاوية أخبره بالحادث ، فلما وصلت إليه قال متأثرا :

« خطبنا إليهم فلم يفعلوا ، ولو خطبوا إلينا لما رددناهم »(١) .

لقد كان (ع) يعلم بدوافع معاوية وبما يبغيه من تشييد أسرته فكان يسعى لإحباط الوسائل التي يتخذها ويفسد عليه أمره وقد بلغه أنه قال :

« لا ينبغي أن يكون الهاشمي غير جواد ، ولا الأموي غير حليم ، ولا الزبيري غير شجاع ، ولا المخزومى غير تياه ».

وعرف (ع) أن غرض معاوية بذلك إنما هو تحطيم هذه الأسر ،

__________________

(١) مقتل الحسين للخوارزمى ١ / ١٢٤ ، وجاء في مجمع الزوائد ٤ / ٢٧٨ عن معاوية بن خديج قال : أرسلني معاوية بن أبي سفيان الى الحسن بن على أخطب على يزيد بنتا له ـ أو أختا له ـ فأتيته فذكرت له يزيد فقال : إنا قوم لا نزوج نساءنا حتى نستأمرهن ، فأتيتها فذكرت لها يزيد فقالت : والله لا يكون ذلك حتى يسير فينا صاحبك كما سار فرعون فى بني اسرائيل يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم ، فرجعت الى الحسن فقلت له : أرسلتني الى قلقة تسمي أمير المؤمنين فرعون ، قال (ع) : يا معاوية إياك وبغضنا ، فان رسول الله (ص) قال : لا يبغضنا ولا يحسدنا أحد إلا زيد يوم القيامة عن الحوض بسياط من نار.

٢٨٨

وتشييد أسرته ، فردّ عليه مقالته وقال.

« قاتله الله ، أراد أن يجود بنو هاشم فينفذ ما بأيديهم ، ويحلم بنو أميّة فيتحببوا إلى الناس ، ويتشجع آل الزبير فيفنوا ، ويتيه بنو مخزوم فيبغضهم الناس »(١) .

وهكذا كانعليه‌السلام يندد بأعمال معاوية ويكشف الستار عن خبثه وسوء سريرته ، غير مكترث بسلطته ، ولا هياب لسلطانه.

مع معاوية في يثرب :

وروى الخوارزمى أن معاوية سافر الى يثرب فرأى تكريم الناس وحفاوتهم بالإمام وإكبارهم له ، فساءه ذلك فاستدعا أبا الأسود الدؤلي ، والضحاك بن قيس الفهري ، فاستشارهم في أمر الحسن وأنه بما ذا يوصمه ليتخذ من ذلك وسيلة الى الحط من شأنه ، والتقليل من أهميته أمام الجماهير فأشار عليه أبو الأسود بالترك قائلا :

« رأي أمير المؤمنين أفضل ، وأرى ألا يفعل فان أمير المؤمنين لن يقول فيه قولا إلا أنزله سامعوه منه به حسدا ، ورفعوا به صعدا ، والحسن يا أمير المؤمنين معتدل شبابه ، أحضر ما هو كائن جوابه ، فأخاف أن يرد عليك كلامك بنوافذ تردع سهامك ، فيقرع بذلك ظنوبك(٢) ، ويبدي به عيوبك ، فاذن كلامك فيه صار له فضلا ، وعليك كلاّ ، إلا أن تكون تعرف له عيبا في أدب ، أو وقيعة في حسب ، وإنه لهو المهذب ، قد أصبح من صريح العرب فى عز لبابها ، وكريم محتدها ، وطيب عنصرها ، فلا تفعل يا أمير المؤمنين ».

__________________

(١) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ / ١٩٦.

(٢) الظنوب : العظم اليابس من الساق.

٢٨٩

وقد أشار عليه أبو الأسود بالصواب ، ومنحه النصيحة ، فأي نقص أو عيب في الإمام حتى يوصمه به ، وهو المطهّر من كل رجس ونقص كما نطق بذلك الذكر الحكيم ، ولكن الضحاك بن قيس قد أشار على معاوية بعكس ذلك فحبذ له أن ينال من الإمام ويتطاول عليه قائلا :

« امض يا أمير المؤمنين فيه برأيك ولا تنصرف عنه بدائك ، فانك لو رميته بقوارص كلامك ، ومحكم جوابك ، لذل لك كما يذل البعير الشارف(١) من الإبل ».

واستجاب معاوية لرأي الضحاك ، فلما كان يوم الجمعة صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، وصلى على نبيه ، ثم ذكر أمير المؤمنين وسيد المسلمين علي بن أبي طالب (ع) فانتقصه ، ثم قال :

« أيها الناس ، إن صبية من قريش ذوي سفه وطيش ، وتكدر من عيش ، أتعبتهم المقادير ، فاتخذ الشيطان رءوسهم مقاعد ، وألسنتهم مبارد فباض وفرخ فى صدورهم ، ودرج في نحورهم ، فركب بهم الزلل ، وزين لهم الخطل ، وأعمى عليهم السبل ، وأرشدهم الى البغي والعدوان ، والزور والبهتان ، فهم له شركاء وهو لهم قرين ( ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا ) ، وكفى لهم مؤدبا ، والمستعان الله ».

فوثب إليه الإمام الحسن مندفعا كالسيل رادا عليه افتراءه وأباطيله قائلا :

« أيها الناس ، من عرفني فقد عرفنى ، ومن لم يعرفني فأنا الحسن ابن علي بن أبي طالب ، أنا ابن نبي الله ، أنا ابن من جعلت له الأرض مسجدا وطهورا ، أنا ابن السراج المنير ، أنا ابن البشير النذير ، أنا ابن خاتم النبيين ، وسيد المرسلين ، وامام المتقين ، ورسول رب العالمين ، أنا ابن من بعث الى الجن والأنس ، أنا ابن من بعث رحمة للعالمين ».

__________________

(١) البعير الشارف : المسن الهرم.

٢٩٠

وشق على معاوية كلام الإمام فبادر الى قطعه قائلا :

« يا حسن عليك بصفة الرطب ». فقالعليه‌السلام : الريح تلقحه ، والحر ينضجه ، والليل يبرده ويطيبه ، على رغم أنفك يا معاوية ، ثم استرسلعليه‌السلام فى تعريف نفسه قائلا :

« أنا ابن مستجاب الدعوة ، أنا ابن الشفيع المطاع ، أنا ابن أول من ينفض رأسه من التراب ، ويقرع باب الجنة ، أنا ابن من قاتلت الملائكة معه ولم تقاتل مع نبي قبله ، أنا ابن من نصر على الأحزاب ، أنا ابن من ذلت له قريش رغما ».

وغضب معاوية واندفع يصيح :

« أما انك تحدث نفسك بالخلافة ».

فأجابه الإمامعليه‌السلام عمن هو أهل للخلافة قائلا :

« أما الخلافة فلمن عمل بكتاب الله وسنّة نبيه ، وليست الخلافة لمن خالف كتاب الله ، وعطّل السنّة ، إنما مثل ذلك مثل رجل أصاب ملكا فتمتع به ، وكأنه انقطع عنه وبقيت تبعاته عليه ».

وراوغ معاوية ، وانحط كبرياؤه فقال :

« ما في قريش رجل إلا ولنا عنده نعم جزيلة ويد جميلة ».

فردّ عليه الإمام قائلا :

« بلى ، من تعززت به بعد الذلة ، وتكثرت به بعد القلة ».

« من أولئك يا حسن؟ ».

« من يلهيك عن معرفتهم ».

ثم استمر (ع) في تعريف نفسه الى المجتمع فقال :

« أنا ابن من ساد قريشا شابا وكهلا ، أنا ابن من ساد الورى كرما

٢٩١

ونبلا ، أنا ابن من ساد أهل الدنيا بالجود الصادق ، والفرع الباسق ، والفضل السابق ، أنا ابن من رضاه رضى الله ، وسخطه سخطه ، فهل لك أن تساميه يا معاوية؟ ». فقال معاوية : أقول لا ، تصديقا لقولك. فقال الحسن : « الحق أبلج ، والباطل لجلج ، ولم يندم من ركب الحق ، وقد خاب من من ركب الباطل ، ( والحق يعرفه ذوو الألباب ) ».

فقال معاوية على عادته من المراوغة : لا مرحبا بمن ساءك.

الحزب السياسي :

واعتقد الدكتور طه حسين ان الإمام أيام مكثه في المدينة قد شكل حزبا سياسيا وتولى هو رئاسة الحزب ، ومن الخير سوق كلامه قال :

« واعتقد أنا ان اليوم الذي لقي الحسن فيه هؤلاء الوفد من أهل الكوفة فسمع منهم ما سمع ، وقال لهم ما قال ، ورسم لهم خطتهم ، هو اليوم الذي أنشئ فيه الحزب السياسي المنظم لشيعة علي وبنيه. نظم الحزب في ذلك المجالس ، وأصبح الحسن له رئيسا ، وعاد أشراف أهل الكوفة الى من وراءهم ينبئونهم بالنظام الجديد والخطة المرسومة ، ويهيئونهم لهذا السلم الموقوت ولحرب يمكن أن تثار حين يأتي الأمر باثارتها من الإمام المقيم في يثرب.

وكان برنامج الحزب في أول إنشائه كما ترى واضحا يسيرا ، لا عسر فيه ولا تعقيد ، طاعة الإمام من بني علي والانتظار في سلم ودعة حتى يؤمروا بالحرب فيثيروها. ورأى الدكتور رأي وثيق ويدل عليه سفر الإمام (ع) الى دمشق لنقد معاوية واذاعة مساوئه ومخازيه في عاصمته وبلاطه ، فان من جملة أهداف ذلك السفر التبشير بالحزب الذي عقده لقلب الحكم الأموي وارجاع الدولة الإسلامية الى نظامها العادل.

٢٩٢

الى دمشق

٢٩٣
٢٩٤

واتفق جمهور المؤرخين ان الإمام الحسن (ع) قد وفد على معاوية في دمشق ، واختلفوا فى أن وفادته كانت مرة واحدة أو أكثر ، واطالة الكلام في تحقيق هذه الجهة لا تغنينا شيئا ، وإنما المهم البحث عن سر سفره ، فالذي نذهب إليه ان المقصود منه ليس إلا الدعاية لمبدإ أهل البيت وابراز الواقع الأموي أمام ذلك المجتمع الذي ظلله معاوية وحرفه عن الطريق القويم ، أما الاستدلال عليه فانه يظهر من مواقفه ومناظراته مع معاوية ـ التي سنذكرها ـ فانه قد هتك بها حجابه. وأبدا عاره وعياره ، وفلّ بها عروش دولته ، ثم انه على تقدير أن يكون سفره لأخذ العطاء من معاوية ـ كما يقول به البعض ـ فقد قيل إنه كيف جاز له أن يأخذ صلاته مع أن جلها أموال مغصوبة ، وقد كفانا مئونة البحث عن هذه المسألة علماء الفقه الإسلامى فقد ذكروا أن صلاة السلطان الجائر وهداياه جائزة ما لم تشتمل على أموال مغصوبة يعلم غصبها على نحو التعيين ، فحينئذ لا يجوز أخذها ، وإن أخذت وجب ردها الى أهلها(١) ، وأكثر الأموال التي كانت بيد معاوية إنما هي من أموال الخراج والزكاة وما شاكل ذلك من الأموال التي تجبيها الدولة فان استيلاء معاوية عليها وإن كان غير مشروع لأنه من حكام الظلم والجور إلا ان لخيار المسلمين الحق في استنقاذها وردها الى أهلها ، فضلا عن الإمام الذي له الولاية العامة على جميع المسلمين.

أما الذاهبون الى أن سفره كان لأخذ العطاء فقد استندوا الى إحدى الروايات الموضوعة ـ فيما نحسب ـ فقد روي أنه كان يفد فى كل سنة الى معاوية فيوصله بمائة ألف ، فلم يمض في بعض السنين فنساه معاوية ولم يبعث له بصلة فهمّ الإمام أن يكتب له فرأى رسول الله (ص) فى منامه

__________________

(١) المكاسب للشيخ الأنصاري وقد بسط الكلام في هذه الجهة.

٢٩٥

وهو يقول له :

« يا حسن أتكتب الى مخلوق تسأله حاجتك وتدع أن تسأل ربك؟ »

فقال له : « ما أصنع يا رسول الله؟ »

فعلمه رسول الله (ص) بهذا الدعاء : « اللهم إني أسألك من كل أمر ضعفت عنه حيلتي ، ولم تنته إليه رغبتي ، ولم يخطر ببالي ، ولم يجر على لساني من الشيء الذي أعطيته أحدا من المخلوقين الأولين المهاجرين ، والآخرين الأنصار. »

وانتبه الحسن من منامه وهو حافظ للدعاء ، فدعا به ، فلم يلبث معاوية أن بعث إليه بصلته بعد ما نبهه بعض خواصه ان الإمام لم يفد عليه في تلك السنة(١) . وهذه الرواية لا يمكن الاعتماد عليها لأن الإمام قد عرف بالعزة والإباء والشمم ، فكيف يتنازل لابن هند فيهمّ أن يكتب له ويسأله العطاء ، فينهاه رسول الله (ص) عن ذلك ، على انه كان فى غنى عن صلاة معاوية لأن له ضياعا كبيرة في يثرب كانت تدر عليه بالأموال الطائلة مضافا الى ما كان يصله من الحقوق التي يدفعها خيار المسلمين وصالحاؤهم له ، على أن الأموال التي كان يصله بها معاوية على القول بذلك لم يكن ينفقها على نفسه وعياله. فقد ورد أنه لم يكن يأخذ منها مقدار ما تحمله الدابة بفيها(٢) ، ومع هذا فكيف يكون سفره لمعاوية لأخذ العطاء منه؟!!

__________________

(١) تأريخ ابن عساكر ، مشارق الأنوار ، نور الأبصار.

(٢) جامع أسرار العلماء مخطوط بمكتبة كاشف الغطاء العامة.

٢٩٦

مناظراته :

وضاق معاوية ذرعا بالإمام حينما كان في دمشق ، فقد رأى من اقبال الناس واحتفائهم به ما ساءه فعقد عدة مجالس حشدها بالقوى المنحرفة عن أهل البيت والمعادية لهم كابن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، ومروان بن الحكم والوليد بن عاقبة ، وزياد بن أبيه ، وعبد الله بن الزبير ، وأوعز لهم بالتطاول على ريحانة الرسول ، والنيل منه ، ليزهد الناس فيه ، ويشفي نفسه من ابن فاتح مكة ، ومحطم أوثان قريش ، وقد قابله هؤلاء الأوغاد بمرارة القول وبذاءة الكلام ، وبالغوا في الاستهتار والاعتداء عليه ، وكان (ع) يسدد لهم سهاما من منطقه الفياض فيرديهم صرعى ، يلاحقهم العار والخزي ، ويلمسهم مساوئهم وما عرفوا به من الزيغ والانحطاط ، كان يجيبهم ـ وهو مكره ـ ، ويرد على بذاءتهم وهو يقول : « أما والله لو لا أن بني أميّة تنسبني الى العجز عن المقال لكففت تهاونا » ، ولروعة كلامه ، وقوة حجته كان عبد الله بن عباس يقبل ما بين عينيه ويقول له : « أفديك يا ابن العم والله ما زال بحرك يزخر وأنت تصول حتى شفيتني من أولاد »

لقد كان الإمام في جميع تلك المناظرات هو الظافر المنتصر وخصومه الضعفاء قد عرتهم الاستكانة والهزيمة والذهول ، وقد أوصاهم كبيرهم بعد ما شاهد أشلاءهم مضرجة بطعناته ، أن يجتنبوا محاوراته(١) .

وعلى أي حال فان « نصوص هذه المشاجرات بصيغها البلاغية ، وقيمها الأدبية جديرة بالعرض ، كتراث عربي أصيل يدل بنفسه على صحة نسبه ، وتعطينا بأسلوبه وصياغته صورة عن ( أدب المشاجرات ) في عصره »

__________________

(١) أعلام الزركلى ٢ / ٢١٥.

٢٩٧

وقد تركت نوادي دمشق ومحافلها مشغولة بها ترددها مقرونة بالإكبار والتقدير للإمام ، وبالاستهانة والاحتقار لخصومه ، وفيما يلي نصوصها :

١ ـ وأقبل معاوية على الإمام (ع) فقال له :

« يا حسن ، أنا خير منك!! »

ـ وكيف ذاك يا ابن هند؟!!

ـ لأن الناس قد أجمعوا عليّ ، ولم يجمعوا عليك.

وحيث أن الامرة لم تكن في الإسلام موجبة للتمايز ، وإنما توجبه التقوى وعمل الخير ، وقد انبرى (ع) مبطلا دعوى معاوية :

« هيهات!! لشر ما علوت به يا ابن آكلة الأكباد ، المجتمعون عليك رجلان ، بين مطيع ومكره ، فالطائع لك عاص لله ، والمكره معذور بكتاب الله ، وحاشا لله أن أقول أنا خير منك لأنك لا خير فيك ، فان الله قد برّ أني من الرذائل كما برّأك من الفضائل »(١) .

ان هذا هو منطق الثورة ، ومنطق الأحرار الذين يشجبون الظلم ، ويقاومون المنكر ، وليس هذا هو منطق من يريد العطاء والأموال.

٢ ـ ودخل الإمام على معاوية ، فلما رأى ابن العاص ما في الإمام من عظيم الهيبة والوقار ساءه ذلك ، وتميز من الغيظ والحسد فاندفع قائلا :

« قد جاءكم الفهه العي ، الذي كأن بين لحييه عقله. »

وكان عبد الله بن جعفر حاضرا فلذعه قوله فصاح به :

« مه ، والله لقد رمت صخرة ململمة ، تنحط عنها السيول ، وتقصر دونها الوعول ، ولا تبلغها السهام ، فإياك والحسن إياك ، فانك لا تزل راتعا في لحم رجل من قريش ، ولقد رميت فما برح سهمك ، وقدحت

__________________

(١) روضة الواعظين لأبي علي النيسابوري.

٢٩٨

فما أورى زندك ».

وسمع الإمام الحديث ، فلما اكتظ مجلس معاوية بالناس انبرى (ع) فوجّه خطابه الى معاوية ، فألقى عليه ذنب وزيره ابن العاص ، وتهدده باعلان الحرب عليه إن لم ينته عن مكره وغيه ، وذكر له الصفات الرفيعة الماثلة في شخصيته الكريمة قائلا :

« يا معاوية لا يزال عندك عبد راتعا في لحوم الناس ، أما والله لو شئت ليكونن بيننا ما تتفاقم فيه الامور ، وتحرّج منه الصدور ».

ثم أنشأ يقول :

أتأمر يا معاوي عبد سهم

بشتمي والملا منّا شهود

إذا أخذت مجالسها قريش

فقد علمت قريش ما تريد

أأنت تظل تشتمني سفاها(١)

لضغن ما يزول وما يبيد

فهل لك من أب كأبي تسامى(٢)

به من قد تسامى أو تكيد

ولاجد كجدي يا ابن حرب(٣)

رسول الله إن ذكر الجدود

ولا أم كأمي من قريش

إذا ما حصل الحسب التليد

فما مثلي تهكم يا ابن حرب

ولا مثلي ينهنهه الوعيد(٤)

فمهلا لا تهج منا أمورا

يشيب لهولها الطفل الوليد(٥)

__________________

(١) وروي قصدت إلي تشتمنى.

(٢) وروي فما لك من أب.

(٣) وروي ابن هند.

(٤) وروي ولا مثلي تجاريه العبيد.

(٥) المحاسن والأضداد للجاحظ ص ٩٥ ، والمحاسن والمساوى للبيهقي ١ / ٦٢ ، شرح ابن أبي الحديد ٢ / ١٠٢ ، جمهرة الخطب ١ / ٤٢٨.

٢٩٩

لقد عرض (ع) بعض فضائله ومآثره ، ونشر مساوئ معاوية ومخازيه بهذا الكلام الرائع الذي تمثلت فيه بلاغة الإعجاز ، وروعة الإيجاز ، وسرعة البديهة ، وقوة الحجة ، فحط به من غلواء معاوية ، وأصاب أبرز مقوماته من حسبه المعروف ، ونسبه الموصوف ، فأين الفهاهة والعي يا ابن العاص؟.

٣ ـ وعظم أمر الإمام فى الشام ، فقد أقبلت الناس تترى لزيارته والى الاستماع لحديثه ، فملك (ع) القلوب والمشاعر والعواطف ، وتحدثت الأندية والمجالس بعظيم فضله ومواهبه ، ولما رأى ذلك أذناب معاوية وعملاؤه وهم : عمرو بن العاص ، والوليد بن عاقبة ، وعتبة بن أبي سفيان ، والمغيرة ابن شعبة ، فخافوا أن يحدث ما لا تحمد عقباه ، وينفلت الأمر من أيديهم ، وتندك عروش الدولة الأموية ، فعقدوا في البلاط الأموي اجتماعا ، وذكروا لمعاوية حفاوة الجماهير بالإمام ، وتكريمهم له ، وازدحامهم على زيارته ، وان وجوده فى دمشق خطر على الدولة الأموية ، وقد رأوا أن خير وسيلة للحط من كرامته ، ولإعراض الناس عنه ، أن يستدعوه فيتهمون أباه بقتل عثمان ، ويسبّونه على ذلك ، وهذا نص حديثهم :

« إن الحسن قد أحيا أباه وذكره ، وقال فصدّق ، وأمر فأطيع ، وخفقت له النعال ، وان ذلك لرافعه الى ما هو أعظم منه ، ولا يزال يبلغنا عنه ما يسوؤنا ».

فقال لهم معاوية : ما تريدون؟

قالوا : « ابعث عليه فليحضر لنسبه ونسب أباه ، ونعيّره ونوبخه ، ونخبره أن أباه قتل عثمان ، ونقرره بذلك ، ولا يستطيع أن يغير علينا شيئا من ذلك. »

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529