حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام الجزء ٢

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام11%

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام مؤلف:
الناشر: دار البلاغة
تصنيف: الإمام الحسن عليه السلام
الصفحات: 529

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 529 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 224964 / تحميل: 7221
الحجم الحجم الحجم
حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: دار البلاغة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

بالحجام » فجاء فقال: « جز شعر هذا الرجل » ثم نزع الرداء عنها، وألحفها إياه الحاف الرجل، فقال: « اخرج فلا سبيل لهذا عليك، وأنكح وتزوج من النساء ما يحل لك » فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، امرأتي وابنة عمي، ألحقتها بالرجال، من أين أخذت؟ قالعليه‌السلام : « من أبي آدمعليه‌السلام ، إن حواء خلقت من ضلعه، وأضلاع الرجال أقل من أضلاع النساء ».

[ ٢١١٩٥ ] ٢ - وقد روينا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنينعليهما‌السلام ، أنه قال في الخنثى: « إن بال منهما جميعا نظر إلى أيهما يسبق البول منه، فإن ( خرج منهما )(١) معا، ورث نصف ميراث الرجل ونصف ميراث المرأة ».

[ ٢١١٩٦ ] ٣ - الصدوق في المقنع: فإن ترك الرجل ولدا خنثى، فإنه ينظر إلى إحليله إذا بال فإن خرج البول مما يخرج من الرجال ورث ميراث الرجال، وإن خرج مما يخرج من النساء ورث ميراث النساء، وإن خرج البول من الموضعين معا ورث نصف ميراث الذكر ونصف ميراث الأنثى.

[ ٢١١٩٧ ] ٤ - وفي الهداية: روي أن شريح القاضي بينما هو في مجلس القضاء إذ أتته امرأة فقالت: أيها القاضي، اقض بيني وبين خصمي، فقال لها: ومن خصمك؟ قالت: أنت، قال: أفرجوا لها، فدخلت فقال لها: وما ظلامتك؟ فقالت: إن لي ما للرجال وما للنساء، قال شريح: فإن أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه ) يقضي على المبال، قالت: فإني أبول بهما جميعا ويسكنان معا، قال شريح: والله ما سمعت بأعجب من هذا، قالت: وأعجب من هذا، قال: وما هو؟ قالت: جامعني زوجي

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٨٨ ح ١٣٧٨.

(١) في المخطوط: خرجا جميعا، وما أثبتناه من المصدر.

٣ - المقنع ص ١٧٦.

٤ - الهداية ص ٨٥.

٢٢١

فولدت منه، وجامعت جاريتي فولدت مني، فضرب شريح إحدى يديه على الأخرى متعجبا، ثم جاء إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال: يا أمير المؤمنين، لقد ورد علي شئ ما سمعت بأعجب منه، ثم قص عليه [ قصة المرأة ](١) .

فسألها أمير المؤمنينعليه‌السلام ، عن ذلك، فقالت: هو كما ذكر، فقال لها: « من زوجك؟ » فقالت: فلان، فبعث إليه فدعاه قال: « أتعرف هذه؟ » قال: نعم هي زوجتي، قال: فسأله عما قالت، فقال: هو كذلك، فقال أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه ): « لانت أجرأ من راكب الأسد، حيث تقدم عليها بهذه الحال » ثم قال: « يا قنبر، ادخلها بيتا مع امرأة تعد أضلاعها » فقال زوجها: لا آمن عليها رجلا، ولا آمن عليها امرأة، فقال علي ( صلوات الله عليه ): « علي بدينار الخصي » وكان من صالحي أهل الكوفة، وكان يثق به، فقال له: « يا دينار، ادخلها بيتا وعرها من ثيابها، وأمرها أن تشد مئزرا، وعد أضلاعها » ففعل دينار ذلك، فكان أضلاعها سبعة عشر: تسعة في اليمين، وثمانية في اليسار، فألبسها ثياب الرجال القلنسوة والنعلين، وألقى عليها الرداء، وألحقها بالرجال.

فقال زوجها: يا أمير المؤمنين، ابنة عمي وقد ولدت مني، تلحقها بالرجال؟ فقال: « إني حكمت فيها بحكم الله تبارك وتعالى، خلق حواء من ضلع آدم الأيسر الأقصى، وأضلاع الرجال تنقص وأضلاع النساء تمام ».

[ ٢١١٩٨ ] ٥ - البحار، عن كتاب صفوة الاخبار: قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام في الخنثى إن بالت من الرحم فلها ميراث النساء، وإن بالت من الذكر فله ميراث الذكر، وإن بالت من كليهما عد أضلاعه، فإن زادت

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

٥ - بحار الأنوار ج ١٠٤ ص ٣٥٥ ح ٦.

٢٢٢

واحدة على ضلع الرجل فهي امرأة، وإن نقصت فهي رجل.

[ ٢١١٩٩ ] ٦ - ومن كتاب الأربعين للسيد عطاء الله بن فضل الله(١) : روي عن الحسن البصري قال: أتت امرأة إلى شريح القاضي فقالت: أخلني، فأخلاها فقالت: أنا امرأة ولي فرج وإحليل، فقال من أين يخرج البول سابقا؟ قالت: منهما جميعا، فقال لقد أخبرت بعجب، فقالت: وأعجب منه، أنه تزوجني ابن عمي واخدمني جارية وطئتها فأولدتها، فدهش شريح فقام ودخل على عليعليه‌السلام فأخبره، فاستدعى بزوجها فاعترف، فقالعليه‌السلام لامرأتين: « أدخلاها البيت وعدا أضلاعها » ففعلتا فوجدتا في الجانب الأيمن ثمانية عشر ضلعا، وفي الأيسر سبعة عشر، فأخذ شعرها، وأعطاها حذاء والحقها بالرجال، فقيل له في ذلك، فقالعليه‌السلام : « اخذت هذا من قصة حواء، فإن أضلاعها كانت سبعة عشر من كل جانب، وأضلاع الرجل تزيد عليها بضلع، فلهذا ألحقتها بالرجال ».

[ ٢١٢٠٠ ] ٧ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ان ترك الرجل ولدا خنثى، فإنه ينظر إلى إحليله إذا بال، فإن خرج بوله مما يخرج من الرجال ورث ميراث الرجال، وإن خرج مما يخرج من النساء ورث ميراث النساء، فإن خرج البول منهما جميعا فمن أيهما سبق البول ورث عليه، فإن خرج البول من الموضعين معا فله نصف ميراث الذكر ونصف ميراث الأنثى ».

[ ٢١٢٠١ ] ٨ - الشيخ الطوسي في رسالة الايجاز: وروي أنه تعد أضلاعه، فإن نقص أحد الجانبين ورث ميراث الذكور، وإن تساويا ورث ميراث النساء.

__________________

٦ - بحار الأنوار ج ١٠٤ ص ٣٥٦ ح ١٣.

(١) في المخطوط: عطاء الدين، وما أثبتناه من البحار هو الصواب ( راجع معجم رجال الحديث ج ١١ ص ١٤٦ ).

٧ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٩.

٨ - الرسائل العشر ص ٢٧٥.

٢٢٣

٣ -( باب من ينظر إلى الخنثى إذا بال ليعلم، ومن ينظر إلى فرجيه ليعلم وجودهما)

[ ٢١٢٠٢ ] ١ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن محمد بن عيسى بن عبيد البغدادي، عن موسى بن محمد بن علي بن موسىعليهما‌السلام ، قال: قال موسى: كتب إلي يحيى بن أكثم، يسألني عن عشر مسائل أو تسع، فدخلت على أخي - يعني علي الهاديعليه‌السلام - فقلت: جعلت فداك، إن ابن أكثم كتب إلي يسألني عن مسائل أفتيه فيها، فضحك ثم قال: « فهل افتيته؟ » قلت: لا، قال: « ولم؟ » قلت: لم أعرفها، قال:: « وما هي؟ » قلت: كتب إلي: أخبرني - إلى أن قال - وأخبرني عن الخنثى، قول عليعليه‌السلام فيها: « يورث الخنثى من المبال » من ينظر إذا بال؟ وشهادة الجار إلى نفسه لا تقبل، مع أنه عسى أن يكون رجلا وقد نظر إليه النساء، وهذا ما لا يحل، فكيف هذا؟ - إلى أن قال -: قال - يعني علي الهاديعليه‌السلام -: « وأما قول عليعليه‌السلام في الخنثى: أنه يورث من المبال، فهو كما قال، وينظر إليه قوم عدول، فيأخذ كل واحد منهم المرآة، فيقوم الخنثى خلفهم عريانا، وينظرون في المرآة فيرون الشبح، فيحكمون عليه » الخبر.

٤ -( باب أن المولود إذا لم يكن له ما للرجال ولا ما للنساء، حكم في ميراثه بالقرعة، وكيفيتها، وأنها لا تختص بالامام)

[ ٢١٢٠٣ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : أنه سئل عن مولود ليس له ما للرجال وليس له ما للنساء، فقال: « فتبارك الله أحسن الخالقين يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة من أمرهم هذا يقرع عليه

__________________

الباب ٣

١ - الاختصاص ص ٩١.

الباب ٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٩٠ ح ١٣٨١.

٢٢٤

الامام، فيكتب على سهم: عبد الله، وعلى سهم آخر: أمة الله، ثم يقول الامام المقرع: اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، خلقت هذا الخلق كما أردت، وصورته كيف شئت، اللهم وإنا لا ندري ما هو ولا يعلم ما هو إلا أنت، فبين لنا أمره وما يجب له فيما فرضت، ثم يطرح السهمين في سهام مبهمة، ثم تجال ثم يخرج فأيهما خرج ورثه عليه ».

[ ٢١٢٠٤ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإن لم يكن له ما للرجال ولا ما للنساء، فإنه يؤخذ سهمان، يكتب على سهم: عبد الله، وعلى سهم: أمة الله، ثم يجعل السهمان في سهام مبهمة، ثم يقوم الامام أو المقرع فيقول: اللهم أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، بين لنا أمر هذا المولود حتى نورثه ما فرضت له في كتابك، ثم تجال السهام فأيهما خرج ورث عليه ».

[ ٢١٢٠٥ ] ٣ - الصدوق في المقنع: فإن لم يكن له ما للرجال ولا ما للنساء، فإنه يؤخذ سهمان فيكتب على سهم: عبد الله، وعلى الآخر: أمة الله، ثم يجعل السهمان في سهام مبهمة، ثم يقول الامام أو المقرع: اللهم أنت الله لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة(١) أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، بين لنا أمر هذا المولود حتى يورث ما فرضت له في كتابك، ثم يجال السهمان فأيهما خرج ورث عليه.

__________________

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٩.

٣ - المقنع ص ١٧٧.

(١) في المصدر زيادة: الرحمن الرحيم.

٢٢٥

٥ -( باب ميراث من له رأسان أو بدنان على حقو( * ) واحد)

[ ٢١٢٠٦ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إذا ترك الرجل ولدا له رأسان، فإنه يترك حتى ينام، ثم ينبههما فإن انتبها جميعا ورث ميراثا واحدا، وإن انتبه أحدهما وبقي الآخر نائما ورث ميراث اثنين ».

[ ٢١٢٠٧ ] ٢ - الصدوق في الهداية: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنه قضى في مولود له رأسان، أنه يصير عليه حتى ينام، ثم ينبه فإن انتبها جميعا معا ورث واحدا، وإن انتبه واحد وبقي الآخر نائما ورث [ ميراث ](١) اثنين.

[ ٢١٢٠٨ ] ٣ - البحار، عن الأربعين للسيد عطاء الله: روي عن جعفر الصادقعليه‌السلام ، قال: « لما ولي عمر أتي بمولود له رأسان وبطنان وأربعة أيد ورجلان وقبل ودبر واحد، فنظر إلى شئ لم ير مثله قط، نظر إلى أسنانه أعلاه اثنان وأسفله واحد، وقد مات أبوه، فبعضهم يقول: هو اثنان ويرث ميراث اثنين، وبعضهم يقول: واحد يرث ميراث واحد، فلم يدر كيف الحكم فيه، فقال: اعرضوه على علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، واطلبوا الحكم منه، فعرضوا عليه فقال عليعليه‌السلام : « انظروا إذا رقد، ثم يصاح، فإن انتبه الرأسان جميعا فهو واحد، وإن انتبه الواحد وبقي الآخر نائما فاثنان » فقال عمر: لا أبقاني الله بعدك يا أبا الحسن.

__________________

الباب ٥

* الحقو بفتح الحاء: الخصر ومعقد الإزار من بدن الانسان ( لسان العرب ج ١٤ ص ١٩٠ ).

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٩.

٢ - الهداية ص ٨٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣ - بحار الأنوار ج ١٠٤ ص ٣٥٧ ح ١٤.

٢٢٦

[ ٢١٢٠٩ ] ٤ - ابن شهرآشوب في المناقب: وفيما أخبرنا به أبو علي الحداد، بإسناده إلى سلمة بن عبد الرحمن - في خبر - قال: أتي عمر بن الخطاب برجل له رأسان وفمان وأنفان وقبلان ودبران وأربعة أعين في بدن واحد، ومعه أخت، فجمع عمر الصحابة وسألهم عن ذلك فعجزوا، فأتوا علياعليه‌السلام وهو في حائط له، فقالعليه‌السلام : « قضيته أن ينوم، فإن غمض الأعين، أو غط(١) من الفمين جميعا فبدن واحد، وإن فتح بعض الأعين، أو غط أحد الفمين فبدنان ».

__________________

٤ - المناقب ج ٢ ص ٣٧٥، وعنه في البحار ج ١٠٤ ص ٣٥٥ ح ٥.

(١) غط، الغطيط: هو الصوت الذي يخرج مع نفس النائم ( لسان العرب ج ٧ ص ٣٦٢ ).

٢٢٧

٢٢٨

أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم

١ -( باب أنه يرث كل واحد منهم من الآخر مع الاشتباه والقرابة ونحوها، وعدم وارث أقرب، ثم ينتقل ميراث كل منهم إلى وارثه)

[ ٢١٢١٠ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنين وأبي جعفر وأبي عبد اللهعليهم‌السلام ، أنهم قالوا في الغرقى، وأصحاب الهدم، لا يدرى أيهم مات قبل صاحبه، قالوا: « يرث بعضهم بعضا ».

[ ٢١٢١١ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولو أن قوما غرقوا أو سقط عليهم حائط وهم أقرباء، فلم يدر(١) أيهم مات قبل صاحبه، لكان الحكم فيه أن يورث بعضهم من بعض ».

الصدوق في المقنع: مثله.

__________________

أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم

الباب ١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٩٠ ح ١٣٨٢.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٩.

(١) في المخطوط: يدروا، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) المقنع ص ١٧٨.

٢٢٩

٢ -( باب أنه إذا كان لاحد الغريقين أو المهدوم عليهما مال دون الآخر، فالمال للآخر، ثم لوارثه دون وارث صاحب المال)

[ ٢١٢١٢ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « لو أن رجلين أخوين ركبا في سفينة فغرقا، فلم يدر أيهما مات قبل صاحبه، ولكل واحد منهما ورثة، وللواحد منهما مائة ألف، وليس للآخر شئ، فإن الذي لا شئ له يورث المائة ألف فيرثها ورثته، ولا يرث ورثة الآخر شيئا ».

[ ٢١٢١٣ ] ٢ - الصدوق في المقنع: وإذا غرق اخوان لأحدهما مال وليس للآخر شئ، ولا يدرى أيهما مات قبل صاحبه، فإن الميراث لورثة الذي ليس له شئ، إذا لم يكن لهما ( أحد أقرب )(١) بعضهما من بعض.

٣ -( باب أنه لو مات اثنان بغير سبب الغرق والهدم، واقترنا أو اشتبه السابق، لم يرث أحدهما من الآخر شيئا إلا أن يعلم السبق بقرينة، وكراهة كتم موت الميت في السفر)

[ ٢١٢١٤ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إذا ماتا جميعا في ساعة واحدة، فخرجت أنفسهما في لحظة واحدة، لم يورث بعضهما من بعض ».

الصدوق في المقنع: مثله(١) .

__________________

الباب ٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٩٠ ح ١٣٨٢.

٢ - المقنع ص ١٧٨.

(١) في المصدر: قريب أقرب من.

الباب ٣

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٩.

(١) المقنع ص ١٧٨.

٢٣٠

٤ -( باب تقديم المرأة في الميراث على الرجل من المهدوم عليهم)

[ ٢١٢١٥ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإذا غرق رجل وامرأة، أو سقط عليهما سقف، ولم يدر(١) أيهما مات قبل صاحبه، كان الحكم أن يورث المرأة من الرجل، ويورث الرجل من المرأة، وكذا إذا كان الابن، ورث الأب من الابن، ثم يورث الابن من الأب ».

[ ٢١٢١٦ ] ٢ - الصدوق في المقنع: وإذا غرق رجل وامرأة، أو سقط عليهما حائط، ولم يدر أيهما مات قبل صاحبه، فإنه تورث المرأة من الرجل ثم يورث الرجل من المرأة، وكذلك إذا كان الأب والابن، ورث الأب من الابن ثم ورث الابن من الأب.

٥ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم)

[ ٢١٢١٧ ] ١ - الشيخ الطوسي في رسالة الايجاز: إذا غرق جماعة أو انهدم عليهم حائط في حالة واحدة، ولا يعرف أيهم مات قبل صاحبه، فإنه يورث بعضهم من بعض، من نفس تركته لا مما(١) يرثه من صاحبه، وأيهما قدمت كان جائزا لا يختلف الحال فيه، وروى أصحابنا أنه يقدم الأضعف في الاستحقاق، ويؤخر الأقوى.

__________________

الباب ٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٩.

(١) في المخطوط: يدروا، وما أثبتناه من المصدر.

٢ - المقنع ص ١٧٨.

الباب ٥

١ - الرسائل العشر: ٢٧٦.

(١) في المخطوط: « ما »وما أثبتناه من المصدر.

٢٣١

٢٣٢

أبواب ميراث المجوس

١ -( باب أنهم يرثون بالسبب والنسب الصحيحين والفاسدين في الاسلام)

[ ٢١٢١٨ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنه كان يورث المجوسي من وجهين، ومعنى ذلك أن يكون المجوسي قد تزوج ابنته فتلد منه ثم يسلمان، فتكون هذه المرأة أم الولد وأخته وابنة الزوج وامرأته.

[ ٢١٢١٩ ] ٢ - الشيخ الطوسي في رسالة الايجاز: يرث المجوسي جميع قراباته التي يدلي(١) بها، ما لم يسقط بعضها بعضا، ويرثون(٢) أيضا بالنكاح وإن لم يكن سائغا في شرع الاسلام - إلى أن قال - وأما بالأسباب فإنه يتقدر ذلك في البنت أو الأم أن تكون زوجة، وفي الابن أن يكون زوجا، فيأخذ الميراث من الوجهين معا، ويتقدر فيمن يأخذ بالقرابة، فان الجد من قبل الأب يمكن أن يكون جدا من قبل الأم، فإذا اجتمع الاخوة مع الأخوات أخذ نصيب جدين - إلى أن قال - وهذا الذي ذكرنا هو المشهور عن عليعليه‌السلام ، عند الخاص والعام.

__________________

أبواب ميراث المجوس

الباب ١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٨٦ ح ١٣٧١.

٢ - الرسائل العشر ص ٢٧٩.

(١) في المخطوط: بدني، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: يورتون.

٢٣٣

٢ -( باب تحريم قذف المجوس)

[ ٢١٢٢٠ ] ١ - عوالي اللآلي: روي أن رجلا سبا مجوسيا بحضرة الصادقعليه‌السلام ، فزبره ونهاه، فقال له: إنه تزوج بأمه، فقالعليه‌السلام : « أما علمت أن ذلك عندهم النكاح!؟ ».

[ ٢١٢٢١ ] ٢ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « لا ينبغي ولا يصلح للمسلم أن يقذف يهوديا ولا نصرانيا ولا مجوسيا، بما لم يطلع عليه منه، وقال: أيسر ما في هذا أن يكون كاذبا ».

[ ٢١٢٢٢ ] ٣ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال لبعض أصحابه: « ما فعل غريمك؟ » قال: ذاك ابن الفاعلة، فنظر إليه أبو عبد اللهعليه‌السلام نظرا شديدا، فقال: جعلت فداك، إنه مجوسي نكح أخته، قالعليه‌السلام : « أوليس ذلك من(١) دينهم نكاح!؟ ».

٣ -( باب أن من اعتقد شيئا لزمه حكمه، وجاز الحكم عليه به)

[ ٢١٢٢٣ ] ١ - عوالي اللآلي: روي عنه، - يعني الصادقعليه‌السلام - أنه قال: « كل قوم دانوا بشئ يلزمهم حكمه ».

__________________

الباب ٢

١ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٥١٣ ح ٧٤.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٦٠ ح ١٦٢٢.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٥٨ ح ١٦١٤.

(١) في المصدر: في.

الباب ٣

١ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٥١٤ ح ٧٥.

٢٣٤

كتاب القضاء

٢٣٥

٢٣٦

فهرست أنواع الأبواب اجمالا:

أبواب صفات القاضي، وما يجوز أن يقضي به.

أبواب آداب القاضي.

أبواب كيفية الحكم، وأحكام الدعوى.

٢٣٧

٢٣٨

أبواب صفات القاضي وما يجوز أن يقضي به

١ -( باب أنه يشترط فيه الايمان والعدالة، فلا يجوز الترافع إلى قضاة الجور وحكامهم إلا مع التقية والخوف، ولا يمضي حكمهم وإن وافق الحق)

[ ٢١٢٢٤ ] ١ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن يونس - مولى علي - عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « من كانت بينه وبين أخيه منازعة، فدعاه إلى رجل من أصحابه يحكم بينهما فأبى الا ان يرفعه إلى السلطان، فهو كمن حاكم إلى الجبت والطاغوت، وقد قال الله:( يُرِ‌يدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ - إلى قوله -بَعِيدًا ) (١) ».

[ ٢١٢٢٥ ] ٢ - وعن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : في قوله تعالى:( أَلَمْ تَرَ‌ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِ‌يدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ ) (١) فقال: « يا أبا محمد، إنه لو

__________________

أبواب صفات القاضي وما يجوز أن يقضي به

الباب ١

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٥٤ ح ١٧٩.

(١) النساء ٤: ٦٠.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٥٤ ح ١٨٠.

(١) النساء ٤: ٦٠.

٢٣٩

كان لك على رجل حق فدعوته إلى حكام أهل العدل، فأبى عليك إلا أن يرافعك إلى حكام أهل الجور ليقضوا له، كان ممن حاكم إلى الطاغوت ».

[ ٢١٢٢٦ ] ٣ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في قول الله عز وجل:( وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِ‌يقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ ) (١) ثم قال: « ان الله عز وجل، علم أن في الأمة حكاما يجورون، أما أنه لم يعن حكام أهل العدل، ولكنه عنى حكام أهل الجور، أما انه لو كان لأحدكم على رجل حق فدعاه إلى حكام أهل العدل، فأبى عليه إلا أن يرافعه إلى حكام أهل الجور ليقضوا له، كان ممن تحاكم إلى الطاغوت، وهو قول الله عز وجل:( أَلَمْ تَرَ‌ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِ‌يدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُ‌وا أَن يَكْفُرُ‌وا بِهِ ) (٢) » الآية.

[ ٢١٢٢٧ ] ٤ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال يوما لأصحابه: « إياكم أن يخاصم بعضكم بعضا إلى أهل الجور، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم، فإني قد جعلته قاضيا، فتحاكموا إليه ».

[ ٢١٢٢٨ ] ٥ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « ولاية أهل العدل الذين أمر الله بولايتهم وتوليتهم وقبولها والعمل لهم فرض من الله، وطاعتهم واجبة، ولا يحل لمن أمروه بالعمل لهم أن يتخلف عن أمرهم، وولاة الجور واتباعهم والعاملون لهم في معصية الله، غير جائز لمن دعوه إلى خدمتهم والعمل لهم وعونهم، ولا القبول منهم ».

__________________

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٣٠ ح ١٨٨٤.

(١) البقرة ٢: ١٨٨.

(٢) النساء ٤: ٦٠.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٣٠ ح ١٨٨٥.

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٢٧ ح ١٨٧٦.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

٢ ـ خمسة عشر ، الذكور احدى عشر ، والاناث أربع(١) .

٣ ـ ستة عشر ، الذكور احدى عشر ، والاناث خمس(٢) .

٤ ـ تسعة عشر ، الذكور ثلاثة عشر ، والبنات ست(٣) .

٥ ـ عشرون ، ستة عشر ذكرا ، وأربع بنات(٤) .

٦ ـ اثنان وعشرون ، الذكور أربعة عشر ، والاناث ثمان(٥) .

وقيل غير ذلك ، وقد اتفق المؤرخون أنه لم يعقب أحد من أولاده سوى الحسن وزيد ، اما أعلام أولاده فهم :

__________________

(١) النفحة العنبرية.

(٢) زينب ، والزينبات للعبيدلي ، اتعاض الحنفا في أخبار الخلفاء للمقريزي المجدي ، وقد نص على أسمائهم فالذكور : زيد ، والحسن ، والحسين الأثرم ، وطلحة ، واسماعيل ، وعبد الله ، وحمزة ، ويعقوب ، وعبد الرحمن ، وأبو بكر ، وعمر.

وأما الاناث : أم الخير ، ورملة ، وأم الحسن ، وأم سلمة ، وأم عبد الله. وجاء فيه أن زيدا ، وأم الخير ، وأم الحسن أمهم خزرجية ، وأم الحسن خولة بنت منظور الفزارية ، وزوجه عمه الحسين بنته فاطمة ، وعمر أمه أم ولد ، والحسين أمه أم ولد ، وطلحة أمه من تيم قرشية ، وذكر ان عبد الرحمن بن الامام الحسن مات محرما بالأبواء فكفنه عمه الحسين ولم يحنطه ولا غطى وجهه.

(٣) سر السلسلة العلوية لأبي نصر البخاري.

(٤) تذكرة الخواص لابن الجوزي ،

(٥) الحدائق الوردية ص ١٠٧.

٤٦١

١ ـ القاسم :

وفي طليعة أولاد الامام الحسن القاسم ، وقد استشهد مع عمه سيد الشهداء في واقعة كربلا الخالدة في دنيا الأحزان ، وكان حينذاك فى ريعان الشباب وغضارة العمر ، وكالقمر فى جماله ، وبهائه ، ونضارته ، برز يوم الطف حينما رأى ريحانة النبي (ص) وحيدا ، قد أبيدت الصفوة من أهل بيته ، وعلا الصراخ والعويل من ثقل النبوة ، فلم يتمكن أن يرى ذلك ، فانبرى الى عمه يقبل يديه ورجليه يطلب منه الاذن للدفاع عنه ، فأذن له ، أما كيفية شهادته فتذوب لها النفس لهولها أسى وحسرات ، وقد ذكرها المؤرخون وأرباب المقاتل والسير بالتفصيل.

٢ ـ أبو بكر :

واسمه عبد الله ، أمه أم ولد(١) يقال لها رملة(٢) برز يوم الطف يحامى عن دين الله ، ويذب عن ريحانة رسول الله (ص) ، فاستشهد فى تلك الواقعة التي وتر فيها رسول الله (ص).

٣ ـ عبد الله :

استشهد مع عمه سيد الشهداء في كارثة كربلا ، وله من العمر احدى عشر سنة ، نظر الى عمه الحسين وقد أحاطت به جيوش الأمويين ، فأقبل يشتد للدفاع عنه ، وأهوى أبحر بن كعب بالسيف ليضرب الإمام الحسين فصاح به الغلام ، ويلك يا ابن الخبيثة أتضرب عمي؟ واتقى الغلام الضربة بيده فأطنها الى الجلد فاذا هي معلقة ، فاستنجد الغلام بعمه ، فانبرى إليه

__________________

(١) تاريخ الطبري ٦ / ٢٦٩.

(٢) الحدائق الوردية ص ١٠٧.

٤٦٢

الإمام فضمه إليه(١) ، وبينما هو في حجره إذ رماه حرملة بن كاهل بسهم فذبحه(٢) وليس في تأريخ الإنسانية قديما ولا حديثا مثل أولئك الفتية من آل النبي (ص) فى نخوتهم ونبلهم وبطولتهم.

٤ ـ زيد :

وزيد أمّه خزرجية كان جليل القدر ، كريم الطبع ، كثير البر والاحسان ، قصده الناس من جميع الآفاق لطلب بره ومعروفه ، وكان يلي صدقات رسول الله (ص) فلما ولي سليمان بن عبد الملك عزله عنها ، ولما هلك واستخلف عمر بن عبد العزيز أرجعها إليه ، وقد مدحه محمد بن بشير الخارجي بقوله :

إذا نزل ابن المصطفى بطن تلعة

نفى جدبها واخضرّ بالنبت عودها

وزيد ربيع الناس في كل شتوة

إذا اخلقت انواؤها ورعودها

حمول لأشتات الديات كأنه

سراج دجى قد فارقته سعودها(٣)

وكان يركب فيأتي سوق ( الظهر ) فيقف به فتزدحم الناس على النظر إليه ويعجبون من خلقه ، ويقولون يشبه جده رسول الله(٤) توفي سنة مائة وعشرين وله من العمر تسعون سنة وقيل مائة ، ورثاه جماعة من الشعراء منهم قدامة بن موسى الجحمي بقوله :

فان يك زيد غالت الأرض شخصه

فقد بان معروف هناك وجود

وإن يك أمسى رهن رمس فقد ثوى

به وهو محمود الفعال فقيد

__________________

(١) تاريخ الطبري ٦ / ٢٥٩.

(٢) اللهوف ص ٦٨.

(٣) البحار ١٠ / ١٨٠.

(٤) طبقات ابن سعد ٥ / ٣٤.

٤٦٣

سميع الى المضطر يعلم أنه

سيطلبه المعروف ثم يعود

وليس بقوال وقد حط رحله

لملتمس المعروف اين تريد

إذا قصر الوعد الذي قد نمى به

الى المجد آباء له وجدود

مناديل للمولى محاشيد للقرى

وفي الروع عند النائبات أسود

إذا مات منهم سيد قام سيد

كريم فيا بني مجدهم ويشيد(١)

٥ ـ الحسن :

كان الحسن سيدا جليلا عظيم القدر ، وهو وصي أبيه ، ووالي صدقته(٢) ، حضر مع عمه الحسين (ع) في واقعة كربلا ، فقاتل معه حتى سقط الى الأرض جريحا ، ولما أقبل أجلاف أهل الكوفة على حزّ رءوس الشهداء وجدوا في الحسن رمقا فجاء اسماء بن خارجة الفزاري ، وكان من أخواله فاستشفع به فشفعوه فيه فحمله معه الى الكوفة وعالجه حتى بريء ثم لحق بالمدينة ، وكان يلي صدقات جده أمير المؤمنين (ع) وقد تزوج بابنة عمه فاطمة بنت الحسين ، ولما مات جزعت عليه جزعا شديدا فضربت على قبره فسطاطا سنة كاملة فكانت تصلي في الليل وتصوم في النهار(٣) توفي وعمره خمس وثلاثون سنة مسموما قد سقاه السم الوليد بن عبد الملك(٤) .

الى هنا ينتهي بنا الحديث عن أولاده وقد بحثنا عنهم بحثا موجزا وعسى أن يساعدني التوفيق فأتشرف بالبحث عن سيرتهم وثورات احفادهم الإصلاحية ضد الظالمين والمستبدين من خلفاء الأمويين والعباسيين.

__________________

(١) البحار ١٠ / ٢٣٤.

(٢) الحدائق الوردية ص ١٠٧.

(٣) البحار ١٠ / ١٣٨ ، تنقيح المقال ١ / ٢٧٢.

(٤) عمدة الطالب ص ٧٨.

٤٦٤

نهاية المطاف

٤٦٥
٤٦٦

وحقق معاوية جميع ما يصبو إليه فى هذه الحياة ونال من دنياه كل ما اشتهى وأراد ولكن بقيت عنده فكرة واحدة تراوده في جميع أوقاته قد أقضت مضجعه ، لو تمت لتم له كل شيء بحسابه وهي جعل الخلافة والملك العضوض وراثة في أبنائه وذريته ، وقد بذل جميع جهوده ومساعيه في تحقيق ذلك ، فأدنى الأباعد ، وأنفق الأموال الطائلة ، وسافر الى يثرب مع ما هو فيه من الشيخوخة والضعف ، فلم يظفر بذلك ما دام الإمام الحسن حيا ، فعلم أنه لا يتمكن من انجاز مهمته إلا باغتيال شخصية الإمام التي ينتظر دورها العادل جميع المسلمين لينتشر العدل ويعم الخير والرفاهية في جميع أنحاء البلاد.

وأخذ معاوية يفكر في ذلك فيطيل التفكير ، ويقلب الرأي على وجوهه باي وسيلة يتوصل الى تحقيق أمنيته ، فمثل أمامه قوله الذي ضربه مثلا للفتك والغدر : « إن لله جنودا من عسل » ، وقد طبق ذلك فنجح به مع سعد بن أبي وقاص ، والزعيم مالك الأشتر ، فانحصرت وسيلته بتطبيق ذلك فأرسل الى الإمام غير مرة سما مميتا حين ما كان فى دمشق فلم ينجح به ، فراسل عاهل الروم يطلب منه أن يبعث إليه سما فاتكا سريع التأثير فامتنع من إجابته قائلا له : « انه لا يصلح لنا في ديننا أن نعين على قتال من لا يقاتلنا » ان ملك الروم لم يسمح له دينه أن يغتال بريئا ، ولكن معاوية قد استباح ذلك واعرب عن كفره ، فراسله مرة ثانية يخبره بمشروعية هذا الأمر قائلا : « إن هذا الرجل ابن الذي خرج بأرض تهامة ـ يعني رسول الله ـ قد خرج يطلب ملك أبيه ، وأنا أريد إليه السم ، فاريح منه العباد والبلاد » لقد استحل اغتيال الإمام لأنه ابن رسول الله (ص) الذي حطم أوثان الجاهلية ، وقضى على الشرك ، وقد وجد ملك الروم عند ذلك

٤٦٧

مجالا فبعث إليه سما مميتا(١) ، ولما وصل السم الى معاوية جعل يفكر فى إيصاله الى الإمام فاستعرض أقرباء الإمام ومن يمت إليه فلم يجد أحدا يعينه على ارتكاب هذه الجريمة ، فاستعرض ثانيا أزواج الإمام فوجد في جعدة بنت الأشعث طلبته فأبوها الذي أرغم أمير المؤمنين على قبول التحكيم وأفسد جيشه ولعله يجد فى ابنته تحقيق اربه وبلوغ أمنيته فأرسل إليها السم بتوسط الأثيم مروان بن الحكم وأمره أن يمينيها بزواج يزيد وأن يقدم لها مائة ألف درهم(٢) وحري بهذه الأثيمة أن تجيب نداء ابن هند فهي من اسرة انتهازية لها تأريخها الأسود فقد جبلت على الطمع وعلى الاستجابة لجميع الدوافع المادية ، وقد قال الإمام الصادق (ع) فيها : « ان الأشعث شرك فى دم أمير المؤمنين ، وابنته جعدة سمت الحسن ، وابنه شرك فى دم الحسين »(٣) . ويضاف لذلك أن جعدة كانت مصابة بالعقد النفسية لأنها لم ترزق من الامام ولدا ، وكانت تعامل في بيتها معاملة عادية.

ولما وصل السم الى مروان حمله إليها فقدم لها الأموال ومناها بزواج يزيد ان أجابت طلبته ، فأخذ الشيطان يوسوس لها فانخدعت وفرحت بالأموال وباقترانها بيزيد ، فوافقت على ارتكاب الجريمة فأخذت منه السم وكان الامام صائما في وقت شديد الحر فأخرجت له افطاره والقت السم في لبن فتناول منه الامام جرعة فلما وصل الى جوفه تقطعت أمعاؤه ،

__________________

(١) البحار ١٠ / ١٧٣.

(٢) مروج الذهب ٢ / ٣٥٣ ، وقيل إن معاوية بعث لها عشرة آلاف دينار وأقطعها ضياعا من سواد الكوفة جاء ذلك فى تحف العقول ص ٣٩١.

(٣) اعيان الشيعة ٤ / ٧٨.

٤٦٨

فقال (ع) لما أحس بألمه الشديد :

« إنا لله وإنا إليه راجعون ، الحمد لله على لقاء محمد سيد المرسلين وأبي سيد الوصيين ، وأمى سيدة نساء العالمين ، وعمي جعفر الطيار ، وحمزة سيد الشهداء. »

ثم التفت الى جعدة فقال لها :

« يا عدوة الله ، قتلتيني قتلك الله ، والله لا تصيبين منى خلفا ، ولقد غرك ـ يعني معاوية ـ وسخر منك يخزيك الله ويخزيه »(١) .

لقد أخزاها الله فلقد أصبحت مضرب المثل للسوء والخزي والاثم والخيانة فقد أصبحت عارا لذريتها وأبنائها من غير الامام فقد وصموا بابناء مسممة الأزواج(٢) ولقد سخر منها معاوية فلم يف لها بزواج يزيد حيث طلبت منه ذلك فقد ردها بسخرية واستهزاء قائلا :

« أنا نحب حياة يزيد ، ولو لا ذلك لوفينا لك بتزويجه!! »(٣) .

واتفق أكثر المؤرخين ان الامام مات مسموما وان معاوية هو الذي دسّ إليه السم فقتله(٤) ، وذهب فريق آخر أن يزيد هو الذي سم

__________________

(١) تحف العقول ص ٣٩١.

(٢) أعيان الشيعة ٤ / ٧٦.

(٣) مروج الذهب ٢ / ٣٠٣.

(٤) شرح ابن أبي الحديد ٤ / ١٧ ، تأريخ الدول الاسلامية ١ / ٥٣ ، تذكرة الخواص ص ٢٢٢ ، الاستيعاب ١ / ٣٧٤ ، النصائح الكافية ص ٦٢ تأريخ أبي الفداء ١ / ١٩٤ ، وهذه المصادر كلها لأبناء السنة والجماعة وقد عزت قتل الامام الى معاوية ، وبهذا يتضح فساد ما ذهب إليه بعض المؤرخين من أن الشيعة هي التي روت أن معاوية قد سم الامام كما انه يتضح فساد ما ذكره ـ

٤٦٩

الإمام(١) ولو سلمنا ذلك فانه إنما كان بأمر من أبيه إذ لا يعقل أن يرتكب مثل هذا الحادث الخطير من دون مراجعته واحراز موافقته ، ومن الغريب جدا ما ذهب إليه ابن خالدون حيث حاول تبرير ساحة معاوية ونفي الجريمة عنه ، قال :

« وما ينقل من أن معاوية قد دس السم الى الامام الحسن على يد زوجته جعدة بنت الأشعث فهو من أحاديث الشيعة ، وحاشا لمعاوية ذلك »(٢) .

وابن خالدون مدفوع بدافع العصبية وهي داء خبيث قد القت الناس في شر عظيم وقد منى بها هذا المؤرخ ، فهو لم يكتب فى أمثال هذه

__________________

ـ الدكتور فيليب حتى في كتابه ( العرب ) ص ٧٩ ما نصه : « وأما الشيعة فتعزوا مقتله ـ يعني الحسن ـ الى معاوية وتجعل الحسن شهيدا لا بل سيد الشهداء أجمعين » وقد استقى الدكتور قوله من ابن خالدون ولم يتتبع بقية المصادر ليطلع على جلية الحال وهذا دليل على فقدان المستشرقين للتحقيق العلمي وعدم تركيز بحوثهم على المنطق والدليل.

(١) تاريخ أبي الفداء ١ / ١٩٣ ، نور الأبصار ص ١١٢ ، تأريخ ابن الوردي ٨ / ٤٣ ، وعند اين كثير ان هذا ليس بصحيح من يزيد فضلا عن معاوية ولم يبين مدرك عدم الصحة وما سبب ذلك إلا العصبية الهوجاء وإلا فما يمنع يزيد من ذلك وهو الذي قتل سيد شباب أهل الجنة الحسين وأباح عاصمة الرسول لجنده ثلاثة أيام ، وزنى بعمته أم الحكم.

(٢) تأريخ ابن خالدون ٢ / ١٨٧ ، واستند عبد المنعم فى كتابه التأريخ السياسي ٢ / ٢٠ ، الى قول ابن خالدون فقال فى معرض حديثه عن وفاة الامام : « ولكنا نستبعد قيام معاوية بذلك ».

٤٧٠

البحوث إلا ليرضي عصبيته وعاطفته وميوله وإنا لنسأله ما الذي يمنع معاوية من ارتكاب هذه الجريمة في سبيل توطيد ملكه وسلطانه وقد ارتكب من أجل ذلك افحش الموبقات واعظم الجرائم ، فحارب الخليفة الشرعي أمير المؤمنين وولده الحسن وقتل الصحابي حجر بن عدي واصحابه المؤمنين ، وسم مالك الأشتر ، وسعد بن أبي وقاص واستلحق به زياد بن ابيه إلى غير ذلك من جرائمه التي لا تحصى وبعد هذا فما الذي يمنعه من اغتيال الامام وسمه وقد علم أن الأمر لا يتم لولده إلا بذلك ،

أقوال غريبة :

ولا بأس بالاشارة الى بعض الاقوال الغريبة التي تضارع قول ابن خالدون في عدم الصحة وفى البعد عن الواقع وهي :

١ ـ موته بالسل :

ذكر المستشرق ( روايت م. رونلدس ) ان الإمام الحسن (ع) مات بالسل عند ما بلغ من العمر خمسا واربعين سنة(١) ، وهذا القول من الغرابة بمكان ولم يذهب إليه أحد من المؤرخين فقد أجمعوا أنه مات مسموما ولم يصب بداء السل ، وقد كتب هذا المستشرق جميع بحوثه على هذا الطراز في الخلو عن التحقيق وفي الاعتماد على الافتراء والكذب.

٢ ـ سمه في العصا :

ذكر الاستاذ حسين واعظ : « أن الإمام الحسن قد ترك المدينة الى الموصل في العراق بقصد الاستشفاء لأنه شعر بتأخر في صحته من بعد حوادث

__________________

(١) عقيدة الشيعة ص ٩٠ ، وذكر عين هذا المعنى لامنس في دائرة المعارف الإسلامية ٧ / ٤٠٠

٤٧١

التسميم ، إلا أن شخصا فقيرا أعمى قد جاء يطلب منه أن يتصدق عليه وكان (ع) جالسا على الأرض فرمى الأعمى عصاه على رجل الحسن ثم ضغطها على رجله ، وكانت عصاه متسممة إلا أنه عولج على أيدي الأطباء هناك فبريء من ذلك »(١) .

وهذا القول بعيد عن الصحة كل البعد إذ لم يصرح مؤرخ بما ذكره وهو افتراء محض لا نصيب له من الصحة.

٣ ـ سمه في الطواف :

ذكر المؤرخ الشهير أحمد بن سهل البلخي الشهير بالمقدسي : « أن الإمام كان يطوف فى البيت الحرام فطعنه شخص بظهر قدمه بزج(٢) مسموم فتوفى على أثر ذلك »(٣) .

وهذا القول من الغرابة بمكان قد انفرد به هذا المؤرخ ولعله أراد تنزيه معاوية ورفع المسئولية عنه بارتكابه هذه الجريمة ، ولم نحسب أن مؤرخا قد ذهب الى ذلك.

٤ ـ موته حتف أنفه :

ذكر الدكتور حسن ابراهيم أن بعض المؤرخين ذهب الى أن الإمام مات حتف أنفه بعد رجوعه من العراق الى يثرب بأربعين يوما(٤) وهذا

__________________

(١) روضة الشهداء ص ١٠٧.

(٢) الزج : الحديدة في أسفل الرمح.

(٣) البدء والتاريخ ٦ / ٥ ط باريس.

(٤) تاريخ الإسلام السياسي ١ / ٣٩٨ ، وذكر قريب من ذلك محمد أسعد طلس في كتابه تاريخ الأمة العربية ص ٩ وص ١٦ ، فقال : « وغادر الحسن ـ بعد الصلح ـ الى المدينة ، ولم يلبث أكثر من شهرين حتى مات ».

٤٧٢

القول ظاهر الفساد فان الإمام ( أولا ) لم يمت حتف أنفه ، و ( ثانيا ) انه قد مكث فى يثرب حفنة من السنين بعد وصوله إليها حتى وافاه الأجل المحتوم كما أجمع على ذلك المؤرخون.

ونعود بعد هذا الى تفصيل حالة الإمام فانه لما وصل السم الى جوفه أخذ يعاني آلام الموت فبقي في فراش المرض أربعين يوما(١) ، وقيل : شهرين(٢) وفي كل يوم تزداد فعالية السم في جسمه حتى ذاب قلبه الشريف من الألم ذلك القلب الذي يضم الحب والعطف للناس جميعا ، ودخل عليه عائدا شقيقه الحسين فلما رآه وهو خابئ اللون ، معصوب الرأس ، قد ذابت حشاه من السم التفت إليه وقد أذهله المصاب ، وأفزعه الخطب قائلا :

« أخي من سقاك السم؟ »

ـ وما تريد منه؟

ـ أريد أن أقتله.

« إن يكن الذي أظنه فالله أشد بأسا وأشد تنكيلا ، وإن لم يكن هو فما أحب أن يقتل بي بريء »(٣) .

وهكذا كان (ع) محتاطا في الدماء حريصا عليها ، لا يحب أن يهراق في أمره ملأ محجمة دما ، وجيء له بطبيب ففحصه فحصا دقيقا وبعد الامعان في التشخيص يئس منه فالتفت الى أهله قائلا لهم :

__________________

(١) دائرة المعارف للبستاني ٧ / ٣٨ ، شرح ابن أبي الحديد ٤ / ٤.

(٢) حياة الحيوان للدميري ١ / ٥٣ ، وقيل انه مكث يومين بعد التسمم لا غير ، جاء ذلك فى تحف العقول ص ٣٩١.

(٣) الاستيعاب ١ / ٣٧٤.

٤٧٣

« ان السم قد قطع أمعاءه »(١) .

فعند ذلك يئس الإمام من حياته ودخل عليه عائدا الصحابي العظيم جنادة بن أبي أميّة فالتفت الى الإمام قائلا :

« عظني يا ابن رسول الله ».

فاجاب (ع) طلبته وهو في أشد الأحوال حراجة ، وأقساها ألما ومحنة فاتحفه بهذه الكلمات الذهبية التي هي أغلى وأثمن من الجوهر وقد كشفت عن أسرار إمامته ، قائلا :

« يا جنادة ، استعد لسفرك ، وحصل زادك قبل حلول أجلك ، واعلم أنك تطلب الدنيا والموت يطلبك ، ولا تحمل هم يومك الذي لم يأت على يومك الذي أنت فيه ، واعلم أنك لا تكسب من المال شيئا فوق قوتك إلا كنت فيه خازنا لغيرك ، واعلم أن الدنيا في حلالها حساب ، وفى حرامها عقاب ، وفي الشبهات عتاب ، فأنزل الدنيا بمنزلة الميتة خذ منها ما يكفيك فان كان حلالا كنت قد زهدت فيه ، وإن كان حراما لم يكن فيه وزر فأخذت منه كما أخذت من الميتة ، وإن كان العقاب فالعقاب يسير ، واعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا ، وإذا أردت عزا بلا عشيرة ، وهيبة بلا سلطان ، فاخرج من ذل معصية الله الى عز طاعة الله عز وجل ، وإذا نازعتك الى صحبة الرجال حاجة فاصحب من إذا صحبته زانك ، وإذا أخذت منه صانك ، وإذا أردت منه معونة أعانك وان قلت صدق قولك ، وان صلت شدّ صولتك ، وإن مددت يدك بفضل مدها ، وإن بدت منك ثلمة سدها ، وإن رأى منك حسنة عدها وإن سألته أعطاك ، وإن سكت عنه ابتدأك ، وإن نزلت بك إحدى

__________________

(١) البداية والنهاية ٨ / ٤٣.

٤٧٤

الملمات واساك ، من لا تأتيك منه البوائق ، ولا تختلف عليك منه الطرائق ولا يخذلك عند الحقائق ، وان تنازعتما منقسما آثرك »(١) .

لقد اعطى (ع) لجنادة بهذه الوصية الخالدة الدروس النافعة ، والحكم القيامة ، والآراء الصائبة التي استقاها من جده الرسول (ص) ومن أبيه أمير المؤمنين ، فقد أرشده الى أفضل المناهج التي تضمن له النجاح في آخرته ودنياه.

ودخل على الإمام عائدا عمير بن اسحاق فالتفت (ع) له قائلا.

« يا عمير سلني قبل أن لا تسلني! »

وثقل على عمير أن يسأله وهو بهذه الحالة فقال له :

« لا والله لا أسألك حتى يعافيك الله ثم أسألك »(٢) .

والتفتعليه‌السلام إلى أهل بيته معربا لهم عما يعانيه من ألم السم ، « لقد القيت طائفة من كبدي ، واني سقيت السم مرارا ، فلم اسقه مثل هذه المرة ، لقد لفظت قطعة من كبدي(٣) ، فجعلت أقلبها بعود

__________________

(١) أعيان الشيعة ٤ / ٨٥.

(٢) صفة الصفوة ١ / ٣٢٠ ، البداية والنهاية ٨ / ٤٢.

(٣) لقد نصت الرواية ـ على تقدير ثبوتها ـ ان السم أثر في كبد الإمامعليه‌السلام حتى قاء بعضا منه ، وقد تحقق في الطب الحديث ان السم لا يوجب قيء الكبد ، وإنما يحدث التهابا بالمعدة ، وتهيجا في الأمعاء إذا كان التسمم حادا وإذا كان غير حاد فإنه يؤدي الى هبوط فى ضغط الدم ، والى التهاب في الأعصاب وقد يؤدي فى أحوال نادرة الى التهاب كبدي وغير ذلك من العوارض التي نص عليها الأطباء المختصون في الطب العدلي ، وقد يتوهم ان هذا يتصادم مع ما جاء في الرواية وهو مدفوع فان الكبد فى الاستعمالات العربية يطلق على الجهاز الخاص ـ

٤٧٥

معي »(١) .

ودخل عليه عائدا أخوه سيد الشهداء فلما نظر الى ما يعانيه من ألم السم غامت عيناه بالدموع ، فنظر إليه الحسن فقال له :

ـ ما يبكيك يا أبا عبد الله؟

ـ أبكي لما صنع بك.

واستشف الإمام الحسن بما سيجري على أخيه من بعده فهان عليه ما هو فيه ، وأرخى عينيه بالدموع وقال له بنبرات مرتعشة حزينة :

« إن الذي أوتي إلي سم اقتل به ، ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله وقد ازدلف إليك ثلاثون ألفا ، يدعون أنهم من أمّة جدنا محمد (ص) وينتحلون دين الإسلام ، فيجتمعون على قتلك ، وسفك دمك ، وانتهاك

__________________

ـ في الجانب الأيمن الذي يفرز الصفراء ، كذلك يطلق على ما فى الجوف بكامله كما جاء في القاموس ١ / ٣٣٢ ، وفى تاج العروس ٢ / ٤٨١ ما نصه : وربما سمي الجوف بكامله كبدا حكاه ابن سيده عن كراع انه ذكره فى المنجّد وأنشد :

إذا شاء منهم ناشئ مد كفه

الى كبد ملساء أو كلفل نهد

قال : ومن المجاز الكبد الجنب ، وفي الحديث : فوضع يده على كبده وإنما وضعها على جنبه من الظاهر ، وفى حديث مرفوع : « وتلقي الأرض أفلاذ كبدها » أي تلقي ما خبئ في بطنها من الكنوز والمعادن فاستعار لها الكبد ، وجاء ذلك أيضا في لسان العرب ٤ / ٣٧٨ ، وعلى ذلك فيكون المراد من الرواية انه القى من جوفه قطعا من الدم المتخثر تشبه الكبد وبهذا ظهر عدم التنافي بين الرواية وبين ما ذكره الأطباء فيما نحسب والله العالم.

(١) شرح ابن أبي الحديد ٤ / ١٧.

٤٧٦

حرمتك ، وسبي ذراريك ونسائك ، وانتهاب ثقلك »(١)

إن جميع ما واجهته العترة الطاهرة بعد وفاة النبي (ص) من الشجون والخطوب لا يضارع كارثة أبي عبد الله (ع) فلا يوم كيومه فقد ذل فيه الإسلام ، وانتهكت فيه كرامة المسلمين وحرمة النبي (ص) التي هي أولى بالرعاية والعطف من كل شيء ، ويشتد الوجع به ويسعر عليه الألم فيجزع ، فيلتفت إليه بعض عواده قائلا له :

« يا ابن رسول الله ، لم هذا الجزع؟ أليس الجد رسول الله (ص) والأب علي والأم فاطمة ، وأنت سيد شباب أهل الجنة؟!! »

فاجابه بصوت خافت :

« أبكي لخصلتين : هول المطلع ، وفراق الأحبة »(٢) .

وصيته للحسين :

ولما ازداد ألمه وثقل حاله علم أنه قد قرب دنوه من دار الآخرة ، وبعده عن هذه الدنيا ، فاستدعا أخاه سيد الشهداء فأوصاه بوصيته وعهد إليه بعهده ، وقد روت الشيعة وصيته بلون لا يتفق مع ما روته أبناء السنة والجماعة.

أما ما روته الشيعة فهذا نصه :

« هذا ما أوصى به الحسن بن علي الى أخيه الحسين ، أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأنه يعبده حق عبادته ، لا شريك له فى الملك ، ولا ولي له من الذل ، وأنه خلق كل شيء فقدره

__________________

(١) البحار ١٠ / ١٢٣.

(٢) أمالي الصدوق ص ١٣٣ ،

٤٧٧

تقديرا ، وأنه أولى من عبد ، وأحق من حمد ، من أطاعه رشد ، ومن عصاه غوى ، ومن تاب إليه اهتدى ، فاني أوصيك يا حسين بمن خلفت من أهلي وولدي وأهل بيتك ، أن تصفح عن مسيئهم ، وتقبل من محسنهم وتكون لهم خلفا ووالدا ، وأن تدفنني مع رسول الله (ص) فاني أحق به وببيته ، فان أبوا عليك فأنشدك الله وبالقرابة التي قرب الله منك ، والرحم الماسة من رسول الله (ص) أن لا يهراق من أمري محجمة من دم حتى تلقى رسول الله فتخصمهم وتخبره بما كان من أمر الناس إلينا »(١) .

وقد اشتملت فقرات هذه الوصية على توحيد الله تعالى وتنزيهه عن المماثل ، ونفي الشريك عنه ، وقد أمر فيها أخاه بالصفح عمن أذنب من أهل بيته ، والإحسان لمن أساء منهم ، ومواراة جثمانه بجوار جده ، فهو أولى الناس به فان عارضه المناوئون لهم بذلك فلا يهريق من أجل ذلك محجمة دم ، وقد عرف (ع) بالمحافظة على هذه الجهات ، فقد أنفق جميع ما عنده في سبيل الله ، وقابل جميع من أساء إليه بالصفح والإحسان ، وترك الخلافة محافظة على دماء المسلمين.

وأما ما روته أبناء السنة والجماعة فهذا نصه :

« يا أخي إن أباك لما قبض رسول الله (ص) استشرف لهذا الأمر ورجا أن يكون صاحبه فصرفه الله عنه ووليها أبو بكر ، فلما حضرت أبا بكر الوفاة تشوف لها أيضا ، فصرفت عنه الى عمر ، فلما احتضر عمر جعلها شورى بين ستة هو أحدهم ، فلم يشك أنها لا تعدوه ، فصرفت عنه الى عثمان ، فلما هلك عثمان بويع ثم نوزع حتى جرد السيف وطلبها فما

__________________

(١) أعيان الشيعة ٤ / ٧٩ ، أمالي الصدوق ، عيون المعجزات للسيد المرتضى مرآة العقول ١ / ٢٢٦.

٤٧٨

صفا له شيء منها ، وإني والله ما أرى أن يجمع الله فينا أهل البيت النبوة والخلافة فلا أعرفن ما استخفك سفهاء أهل الكوفة فأخرجوك ، إني وقد كنت طلبت الى عائشة إذا مت أن تأذن لي فأدفن في بيتها مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالت نعم. وإني لا أدري لعلها كان ذلك منها حياء فاذا أنا مت فأطلب ذلك منها فان طابت نفسها فادفني في بيتها ، وما أظن القوم إلا سيمنعونك إذا أردت ذلك ، فان فعلوا فلا تراجعهم فى ذلك ، وادفني في بقيع الغرقد فان لي فيمن فيه أسوة »(١) .

وقد اشتملت هذه الوصية على الحط من كرامة أمير المؤمنين (ع) وانتقاصه ، وهذا لا يتفق مع سيرة الإمام الحسن بحال من الأحوال ولكن فى التأريخ صورا هزيلة أثبتت لأغراض غير خفية على النبيه.

وصيته لمحمد :

ومشى الموت الى الإمامعليه‌السلام فعلم انه على أبواب الآخرة ، فأمر قنبرا أن يحضر أخاه محمد بن الحنفية ، فمضى إليه مسرعا فلما رآه محمد ذعر فقال :

« هل حدث إلا خير؟ »

فأجابه بصوت خافت : « أجب أبا محمد ».

فذهل محمد واندهش وخرج يعدو حتى انه لم يسو شسع نعله من كثرة ذهوله ، فدخل على أخيه وهو مصفر الوجه قد مشت الرعدة بأوصاله فالتفتعليه‌السلام له :

« اجلس يا محمد ، فليس يغيب مثلك عن سماع كلام تحيى به الأموات

__________________

(١) الاستيعاب ١ / ٣٧٥ ، تاريخ الخميس ٢ / ٢٢٧.

٤٧٩

وتموت به الأحياء ، كونوا أوعية العلم ، ومصابيح الدجى ، فان ضوء النهار بعضه أضوأ من بعض ، أما علمت أن الله عز وجل جعل ولد ابراهيم أئمة ، وفضل بعضهم على بعض ، وآتى داود زبورا ، وقد علمت بما استأثر الله به محمدا (ص) يا محمد بن علي إني لا أخاف عليك الحسد ، وإنما وصف الله به الكافرين ، فقال تعالى : « كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق »(١) ، ولم يجعل الله للشيطان عليك سلطانا ، يا محمد بن علي ألا اخبرك بما سمعت من أبيك فيك؟ »

ـ بلى.

ـ سمعت أباك يقول يوم البصرة : من أحب أن يبرني في الدنيا والآخرة فليبر محمدا ، يا محمد بن علي لو شئت أن أخبرك وأنت نطفة في ظهر أبيك لأخبرتك ، يا محمد بن علي أما علمت أن الحسين بن علي بعد وفاة نفسي ، ومفارقة روحي جسدي إمام بعدي ، وعند الله فى الكتاب الماضي وراثة النبي (ص) أصابها في وراثة أبيه وأمه ، علم الله أنكم خير خلقه فاصطفى منكم محمدا ، واختار محمد عليا ، واختارني علي للإمامة واخترت أنا الحسين.

فانبرى إليه محمد مظهرا له الطاعة والانقياد قائلا :

« أنت إمامي ، وأنت وسيلتي إلى محمد (ص) ، والله لوددت إن نفسي ذهبت قبل أن أسمع منك هذا الكلام ، ألا وإن فى رأسي كلاما لا تنزفه الدلاء ، ولا تغيره بعد الرياح ، كالكتاب المعجم في الرق المنمنم ، أهم بابدائه فأجدني سبقت إليه سبق الكتاب المنزل ، وما جاءت به الرسل وإنه لكلام يكل به لسان الناطق ، ويد الكاتب ، ولا يبلغ فضلك ، وكذلك

__________________

(١) سورة البقرة آية ١٠٩.

٤٨٠

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529