حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام الجزء ٣

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام12%

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام مؤلف:
الناشر: دار البلاغة
تصنيف: الإمام الحسن عليه السلام
الصفحات: 470

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 470 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 317039 / تحميل: 7227
الحجم الحجم الحجم
حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام الجزء ٣

مؤلف:
الناشر: دار البلاغة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

٢٢ -( باب أن من تزوج امرأة على خادم أو بيت أو دار صح، وكان لها وسط منها)

[١٧٥٩٨] ١ - الجعفريات: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عثمان المعروف بابن السقاء قال: أخبرنا محمد بن محمد الأشعث قال: حدثني موسى بن إسماعيل قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن عليعليهم‌السلام ، في الرجل يتزوج المرأة على وصيف، قال: « لا وكس ولا شطط ».

[١٧٥٩٩] ٢ - دعائم الاسلام: عنهعليه‌السلام ، مثله، وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « من تزوج امرأة على بيت وخادم، فللمرأة بيت وخادم، لا وكس ولا شطط ».

[١٧٦٠٠] ٣ - الشيخ المفيد في رسالة المهر: روى السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، في الرجل يتزوج المرأة على وصيف، قال: « لا وكس ولا شطط ».

٢٣ -( باب استحباب تصدق الزوجة على زوجها بمهرها)

[١٧٦٠١] ١ - السيد فضل الله الراوندي في نوادره: بإسناده الصحيح عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما من امرأة تصدقت على زوجها قبل أن يدخل بها، إلا كتب الله تعالى لها مكان كل(١) دينار عتق رقبة، قيل: يا رسول

__________________

الباب ٢٢

١ - الجعفريات ص ١٠٢.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٢٤ ح ٨٣٩.

٣ - رسالة المهر: ص ٧.

الباب ٢٣

١ - نوادر الراوندي ص ٦.

(١) أثبتناه من المصدر.

٨١

الله، فكيف بالهبة بعد الدخول؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنما ذلك من مودة الألفة ».

ورواه في الجعفريات: بالسند المتقدم، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله(١) .

وتقدم في أبواب المقدمات، في حديث الحولاء، قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا حولاء، والذي بعثني بالحق نبيا ورسولا، ما من امرأة تؤخر المهر على زوجها إلى يوم القيامة، إلا أذاقها الله الخزي في الحياة الدنيا وعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون »(٢) .

[١٧٦٠٢] ٢ - دعائم الاسلام: عن علي ( صلوات الله عليه )، أنه قال: « أيعجز أحدكم إذا مرض أن يسأل امرأته، فتهب له من مهرها درهما، فيشتري به عسلا فيشربه بماء السماء، فإن الله عز وجل يقول في المهر:( فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِ‌يئًا ) (١) ويقول في العسل:( فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ ) (٢) ويقول في ماء السماء:( وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَ‌كًا ) (٣) .

[١٧٦٠٣] ٣ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال « من أصابته علة فليسأل امرأته ثلاث دراهم من صداقها، ويشتري بها عسلا، ثم يكتب سورة ياسين بماء المطر ويشربه، شفاه الله، لأنه اجتمع له الهنئ والمرئ والشفاء والمبارك ».

__________________

(١) الجعفريات ص ١٨٨.

(٢) تقدم في باب ٦٠ حديث ٢.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٤٨ ح ٥٢٧.

(١) النساء ٤: ٤.

(٢) النحل ١٦: ٦٩.

(٣) في ق ٥٠: ٩.

٣ - لب اللباب: مخطوط.

٨٢

٢٤ -( باب أن من ذهبت زوجته إلى الكفار فتزوج غيرها، أعطي مهرها من بيت المال)

[١٧٦٠٤] ١ - علي بن إبراهيم في تفسيره: في قوله تعالى:( وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ ) (١) يعني إذا لحقت امرأة من المسلمين بالكفار، فعلى الكفار أن يردوا على المسلم صداقها، فإن لم يفعل الكفار وغنم المسلمون غنيمة، أخذ منها قبل القسمة صداق المرأة اللاحقة بالكفار،

٢٥ -( باب أن من زوج ابنه الصغير وضمن المهر، أو لم يكن للابن مال، فالمهر على الأب، وإلا فعلى الابن)

[١٧٦٠٥] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن صفوان، عن عبد الله بن بكير، عن عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن رجل زوج ابنه وهو صغير، قال: « إن كان لابنه مال فعليه المهر، إلا أن يكون الأب ضمن المهر، وإن لم يكن للابن مال، فالأب ضامن للمهر ضمن أو لم يضمن ».

٢٦ -( باب أن من تزوج امرأة وشرط أن بيدها الجماع والطلاق وعليها الصداق، بطل الشرط)

[١٧٦٠٦] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال في رجل تزوج امرأة، وشرط لها أن الجماع بيدها والفرقة إليها، فقال له: « خالفت

__________________

الباب ٢٤

١ - تفسير القمي ج ٢ ص ٣٦٣.

(١) الممتحنة ٦٠: ١٠.

الباب ٢٥

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧١.

الباب ٢٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٢٧ ح ٧٥٣.

٨٣

السنة، ووليت الحق غير أهله » وقضى أن على الزوج الصداق، وبيده الجماع والطلاق، وأبطل الشرط.

٢٧ -( باب أن من طلق امرأته قبل الدخول، كان لها نصف المهر، ونصف غلته إن كانت له غلة، من حين الطلاق)

[١٧٦٠٧] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن عليعليهم‌السلام ، في الرجل يتزوج المرأة على وصيفة، فتكبر عندنا فتزيد أو تنقص، ثم يطلقها قبل أن يدخل بها، قال: « تغرم له نصف قيمة الوصيفة يوم دفعها، ولا ينظر في زيادة أو نقصان ».

٢٨ -( باب من تزوج على غنم ورقيق فولدت عند الزوجة، ثم طلقها قبل الدخول، وحكم ما لو كبر الرقيق فزادت قيمته أو نقص)

[١٧٦٠٨] ١ - الشيخ المفيد في رسالة المهر: عن رفاعة بن موسى قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « إذا تزوج الرجل المرأة على الجارية أو الغنم، فإن أعطاها الغنم وهي حوامل، أو الجارية وهي حبلى، فتوالدت عندها، فإن طلقها قبل أن يدخل بها فله نصف الغنم والأولاد، وله نصف قيمة الجارية ونصف قيمة ولدها، فإن كان دفع إليها الغنم وليس بحوامل فحملن عندها وتوالدت، فإنما له قيمة الغنم وليس له من الأولاد شئ، وإن كان دفع إليها الجارية وليس بها حبل وحبلت عندها فولدت، فإنما له

__________________

الباب ٢٧

١ - الجعفريات ص ١١٢.

الباب ٢٨

١ - رسالة المهر: ص ٨.

٨٤

نصف قيمة الجارية ولا شئ له من ولدها ».

[١٧٦٠٩] ٢ - وعن عبيد بن زرارة، عن الصادقعليه‌السلام ، في رجل تزوج امرأة على رقيق أو غنم وساقهن إليها، فولدت الرقيق والغنم عندها، ثم طلقها قبل أن يدخل بها، قال: فقال: « إن كان ساقهن إليها حين ساقهن وهن حوامل، فله نصف الحوامل ».

وتقدم عن الجعفريات: قول عليعليه‌السلام ، في الرجل يتزوج المرأة على وصيفة فتكبر عندها فتزيد أو تنقص، ثم يطلقها قبل أن يدخل بها، قال: « تغرم له نصف قيمة الوصيفة يوم دفعها إليها، ولا ينظر في زيادة أو نقصان »(١) .

٢٩ -( باب أن من شرط لزوجته إن تزوج عليها أو تسرى أو هجرها فهي طالق، بطل الشرط)

[١٧٦١٠] ١ - العياشي في تفسيره: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام : « قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام في امرأة تزوجها رجل، وشرط عليها وعلى أهلها، إن تزوج عليها امرأة أو هجرها أو أتى عليها سرية فإنه طالق، فقال: شرط الله قبل شرطكم، إن شاء وفي بشرطه، وإن شاء أمسك امرأته، ونكح عليها وتسرى عليها، وهجرها إن أتت سبيل ذلك، قال ( الله )(١) في كتابه:( فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُ‌بَاعَ ) (٢) وقال: أحل لكم( مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ) (٣) وقال:( وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُ‌وهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ

__________________

٢ - رسالة المهر: ص ٨.

(١) تقدم في الحديث ١ من الباب ٢٧.

الباب ٢٩

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٤٠ ح ١٢١.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) النساء ٤: ٣

(٣) النساء ٤: ٣

٨٥

وَاضْرِ‌بُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ) (٤) ».

٣٠ -( باب أنه يجوز أن يشترط على المرأة أن يأتيها متى شاء، ويجوز أن يشترط لها نفقة معينة، ولا يجوز أن يشترط عليها الاتيان وقتا خاصا أو ترك القسم)

[١٧٦١١] ١ - العياشي في تفسيره: عن زرارة قال: سئل أبو جعفرعليه‌السلام ، عن الجارية يشترط عليها عند عقدة النكاح أن يأتيها ما ( شاء نهارا )(١) أو بين كل جمعة أو شهر يوما، ومن النفقة كذا وكذا، قال: « فليس ذلك الشرط بشئ، من تزوج امرأة فلها ما للمرأة من النفقة والقسمة ».

[١٧٦١٢] ٢ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « من تزوج امرأة على أن يأتيها متى شاءت(١) كل شهر أو جمعة، وعلى أن لا ينفق عليها إلا شيئا معلوما، واتفقا عليه، قال: الشرط باطل، ولها من النفقة والقسمة ما للنساء، والنكاح جائز، فإن شاء أمسكها على الواجب، وإن شاء طلقها، وإن رضيت هي بعد ذلك ما شرط عليها وكرهت الطلاق، فالامر إليها إذا صالحته، قال الله عز وجل:( وَإِنِ امْرَ‌أَةٌ خَافَتْ ) (٢) » الآية.

__________________

(٤) النساء ٤: ٣٤.

الباب ٣٠

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٧٨ ح ٢٨٣، وعنه في البحار ج ١٠٤ ص ٦٨.

(١) في الحجرية: « شاءته » وما أثبتناه من المصدر.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٢٨ ح ٨٥٥.

(١) في المصدر: شاء.

(٢) النساء ٤: ١٢٨.

٨٦

٣١ -( باب حكم ما لو شرط لامرأة أن لا يخرجها من بلدها، أو شرط عليها أن تخرج معه إلى بلاده، وكانت من بلاد المسلمين، فإن لم تخرج نقص مهرها)

[١٧٦١٣] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « ومن تزوج امرأة وشرط المقام بها في أهلها أو في بلد معلوم، فذلك جائز لهما، والشرط جائز بين المسلمين، ما لم يحل حراما أو يحرم حلالا ».

٣٢ -( باب أن من افتض بكرا ولو بإصبعه لزمه مهرها، وإن كانت أمة فعشر قيمتها)

[١٧٦١٤] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، في الرجل يغتصب البكر فيفتضها وهي أمة، قال: « عليه الحد، ويغرم العقر، فإن كانت حرة فلها مهر مثلها ».

[١٧٦١٥] ٢ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه )، أنه قضى في امرأة اقتضت(١) جارية بيدها، قال: « عليها مهرها، وتوجع عقوبة ».

[١٧٦١٦] ٣ - الصدوق في المقنع: وان اقتضت جارية جارية بيدها(١) ، فعليها المر وتضرب الحد.

__________________

الباب ٣١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٢٨ ح ٨٥٤.

الباب ٣٢

١ - الجعفريات ص ١٠٣.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٢٢ ح ١٤٦٨.

(١) في المصدر: افتضت.

٣ - المقنع ص ١٤٥.

(١) في نسخة والمصدر: بإصبعها.

٨٧

٣٣ -( باب أن من طلق امرأة قبل الدخول، ولم يتم لها مهرا، وجب أن يمتعها)

[١٧٦١٧] ١ - العياشي في تفسيره: عن حفص بن البختري، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في الرجل يطلق امرأته، أيمتعها؟ قال: « نعم، أما تحب أن تكون من المحسنين؟ أما تحب أن تكون من المتقين!؟ ».

[١٧٦١٨] ٢ - وعن أبي الصباح، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فلها نصف مهرها، وإن لم يكن سمى لها مهرا فمتاع بالمعروف، على الموسع قدره وعلى المقتر قدره، وليس لها عدة، وتزوج من شاءت في ساعتها ».

[١٧٦١٩] ٣ - وعن محمد بن مسلم قال: سألته عن الرجل يريد أن يطلق امرأته، قال: « يمتعها قبل أن يطلقها، قال الله في كتابه:( وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُ‌هُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ‌ قَدَرُ‌هُ ) (١) ».

[١٧٦٢٠] ٤ - دعائم الاسلام: روينا عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام ، أنه كان يقضي للمطلقة بالمتعة ويقول: « بيان ذلك من كتاب الله عز وجل:( عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُ‌هُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ‌ قَدَرُ‌هُ ) (١) .

وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « متعة النساء فريضة »(٢) .

__________________

الباب ٣٣

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٢٤ ح ٣٩٦.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٢٤ ح ٣٩٧.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٢٤ ح ٤٠١.

(١) البقرة ٢: ٢٣٦.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٩٢ ح ١١٠٠.

(١) البقرة ٢: ٢٣٦.

(٢) نفس المصدر ج ٢ ص ٢٩٣ ح ١١٠٢.

٨٨

[١٧٦٢١] ٥ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وكل من طلق امرأته من قبل أن يدخل بها فلا عدة عليها منه، فإن كان سمى لها صداقا فلها نصف الصداق، فإن لم يكن سمى لها صداقا يمتعها بشئ قل أو كثر » إلى آخره.

٣٤ -( باب مقدار المتعة للمطلقة)

[١٧٦٢٢] ١ - العياشي في تفسيره: عن الحلبي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « الموسع يمتع بالعبد والأمة، ويمتع المعسر بالحنطة والزبيب والثوب والدرهم » وقال: « إن الحسن بن عليعليهما‌السلام متع امرأة طلقها أمة، لم يكن يطلق امرأة إلا متعها بشئ ».

[١٧٦٢٣] ٢ - وعن ابن بكير قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن قوله:( وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُ‌هُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ‌ قَدَرُ‌هُ ) (١) على ما قدر الموسع والمقتر؟ قال: « كان علي بن الحسينعليهما‌السلام يمتع براحلة » يعني حملها الذي عليها.

[١٧٦٢٤] ٣ - وعن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « أما إن الرجل الموسع(١) يمتع المرأة العبد والأمة، ويمتع الفقير بالحنطة والزبيب والثوب والدرهم، وان الحسن بن عليعليهما‌السلام متع امرأة كانت له بأمة، ولم يطلق امرأة إلا متعها ».

[١٧٦٢٥] ٤ - وعن أبي بصير قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام :

__________________

٥ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٢.

الباب ٣٤

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٢٤ ح ٣٩٨، ٣٩٩.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٢٤ ح ٤٠٠.

(١) البقرة ٢: ٢٣٦.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٢٩ ح ٤٢٩.

(١) في المصدر: الموسر.

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ١٢٤ ح ٣٩٩.

٨٩

( وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُ‌وفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) (١) ما أدنى ذلك المتاع إذا كان الرجل معسرا لا يجد؟ قال: « الخمار وشبهه ».

[١٧٦٢٦] ٥ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإن لم يكن سمى لها صداقا يمتعها بشئ قل أو كثر على قدر يساره، فالموسع يمتع بخادم أو دابة، والوسط بثوب، والفقير بدرهم(١) قال الله تبارك وتعالى:( وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُ‌هُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ‌ قَدَرُ‌هُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُ‌وفِ ) (٢) ».

[١٧٦٢٧] ٦ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « كان الموسع يمتع بالعبد والأمة، والمعسر يمتع بالثوب والحنطة والزبيب والدرهم، وأدنى ما يمتع الرجل المرأة بالخمار وما أشبهه، وكان علي بن الحسينعليهما‌السلام يمتع بالراحلة ».

[١٧٦٢٨] ٧ - وعن الحسن(١) بن عليعليهما‌السلام ، أنه متع امرأة طلقها بعشرين ألف درهم وزقاق من عسل، فقالت المرأة: متاع قليل من حبيب مفارق.

٣٥ -( باب استحباب المتعة للمطلقة قبل الدخول)

[١٧٦٢٩] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده

__________________

(١) البقرة ٢: ٢٤١.

٥ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٢.

(١) في المصدر زيادة: أو خاتم كما.

(٢) البقرة ٢: ٢٣٦.

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٩٣ ح ١١٠٣.

٧ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٩٣ ح ١١٠٤.

(١) في المصدر: الحسين.

الباب ٣٥

١ - الجعفريات ص ١١٣.

٩٠

علي بن الحسين، عن أبيه: « أن علياعليهم‌السلام كان يقول: لكل مطلقة متعة، إلا المختلعة ».

[١٧٦٣٠] ٢ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنين وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، أنهما قالا: « لكل مطلقة متعة، إلا المختلعة فإنها ليس لها متعة ».

[١٧٦٣١] ٣ - وعن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « متعة النساء فريضة، دخل بها أو لم يدخل ».

[١٧٦٣٢] ٤ - وعن أبي عبد الله(١) عليه‌السلام ، أنه قال: « إذا أراد الرجل أن يطلق امرأة متعها قبل أن يطلقها إن شاء، قال أبو عبد اللهعليه‌السلام ، يمتعها بعد الطلاق بعد أن تنقضي العدة ».

[١٧٦٣٣] ٥ - العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في قول الله عز وجل:( وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُ‌وفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) (١) قال: « متاعها بعد ما تنقضي عدتها، على الموسع قدره، وعلى المقتر قدره، فأما في عدتها، فكيف يمتعها؟ وهي ترجوه وهو يرجوها، ويجري الله بينهما ما شاء » الخبر.

[١٧٦٣٤] ٦ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن الحسن بن سعيد، عن أبيه، قال: كان تحت الحسن بن عليعليهما‌السلام امرأتان تميمية

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٩٤ ح ١١٠٦.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٩٣ ح ١١٠١.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٩٣ ح ١١٠٥.

(١) في المصدر: أبي جعفر.

٥ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٢٩ ح ٤٢٩.

(١) البقرة ٢: ٢٤١.

٦ - المناقب ج ٤ ص ١٧.

٩١

وجعفية، فطلقهما جميعا وبعثني إليهما، وقال: « أخبرهما فلتعتدا، وأخبرني بما تقولان، ومتعهما العشرة الآلاف، وكل واحدة منهما بكذا وكذا من العسل والسمن » فأتيت الجعفية فقلت: اعتدي، فتنفست الصعداء، ثم قالت: متاع قليل من حبيب مفارق، وأما التميمة فلم تدر ما اعتدي حتى قال لها النساء فسكتت، فأخبرته بقول الجعفية، فنكت في الأرض ثم قال: « لو كنت مراجعا لامرأة لراجعتها ».

٣٦ -( باب أن المهر ينصف بالطلاق قبل الدخول، يسقط نصفه ويرجع إلى الزوج، ويثبت للزوجة النصف)

[١٧٦٣٥] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في رجل تزوج امرأة - إلى أن قال - « وإن كان قد فرض لها صداقا ثم طلقها قبل أن يدخل بها، فلها نصف الصداق ».

[١٧٦٣٦] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « كل من طلق امرأته من قبل أن يدخل بها فلا عدة عليها منه، فإن كان سمى لها صداقا فلها نصف الصداق » إلى آخره.

[١٧٦٣٧] ٣ - العياشي في تفسيره: عن أبي الصباح، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها، فلها نصف مهرها » الخبر.

[١٧٦٣٨] ٤ - الصدوق في المقنع: وإذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل

__________________

الباب ٣٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٢٤ ح ٨٣٧.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٢.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٢٤ ح ٣٩٧.

٤ - المقنع ص ١١٦.

٩٢

بها، فليس عليها عدة ولها نصف المهر إن كان فرض لها مهر، وتزوج من ساعتها.

٣٧ -( باب أنه يجوز للذي بيده عقدة النكاح، أن يعفو عن بعض المهر عند الطلاق)

[١٧٦٣٩] ١ - العياشي في تفسيره: عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في قول الله عز وجل:( أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ) (١) قال: « هو الأب والأخ يوصى(٢) إليه، والذي يجوز أمره في مال امرأة فيبتاع لها ويشتري، فأي هؤلاء عفا فقد جاز ».

[١٧٦٤٠] ٢ - وعن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « الذي بيده عقدة النكاح، هو ولي أمره ».

[١٧٦٤١] ٣ - وعن رفاعة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « الذي بيده عقدة النكاح، هو الولي الذي أنكح، يأخذ بعضا ويدع بعضا، وليس له أن يدع كله ».

[١٧٦٤٢] ٤ - عن رفاعة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سأله عن الذي بيده عقدة النكاح، فقال: « هو الذي يزوج، يأخذ بعضا ويترك بعضا، وليس له أن يترك كله ».

__________________

الباب ٣٧

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٢٥ ح ٤٠٦.

(١) البقرة ٢: ٢٣٧.

(٢) في المصدر: الموصى.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٢٥ ح ٤٠٤.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٢٥ ح ٤٠٧.

٤ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٢٦ ح ٤٠٩.

٩٣

٣٨ -( باب أن المهر يجب ويستقر بالدخول، وهو الوطئ في الفرج وإن لم ينزل، لا بما دونه من الاستمتاع)

[١٧٦٤٣] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه: « أن علياعليهم‌السلام ، سئل: هل يوجب الماء إلا الماء؟ فقال: يوجب الصداق، ويهدم الطلاق، ويوجب الحد، ويهدم العدة، ولا يوجب صاعا من الماء! » الخبر.

[١٧٦٤٤] ٢ - وبهذا الاسناد: عن جعفر بن محمد، عن أبيهعليهما‌السلام ، قال: « اجتمعت قريش والأنصار، فقالت الأنصار: الماء من الماء، وقالت قريش: إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل، فترافعوا إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فقال عليعليه‌السلام : يا معشر الأنصار، أيوجب الحد؟ قالوا: نعم، قال: أيوجب المهر؟ قالوا: نعم، فقال علي بن أبي طالبعليه‌السلام : ما بال ما أوجب المهر والحد، لا يوجب الماء! » الخبر.

[١٧٦٤٥] ٣ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام - في حديث في المهر العاجل والأجل - قال: « وإن لم يجعل له حد، فالدخول يوجبه » الخبر.

__________________

الباب ٣٨

١ - الجعفريات ص ٢٠.

٢ - الجعفريات ص ٢٠.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٢٥ ح ٨٤٦.

٩٤

٣٩ -( باب أنه مع الخلوة بالزوجة من غير وطئ لا يجب المهر كله، بل يجب نصفه إذا طلقها إن علم ذلك بوجه، وحكم الاشتباه والاختلاف)

[١٧٦٤٦] ١ - الجعفريات: بالسند المتقدم، عن عليعليه‌السلام ، قال: « إذا أرخى الستر فقد وجب المهر، جامع أو لم يجامع ».

[١٧٦٤٧] ٢ - وبهذا الاسناد: عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، قال: « إذا أرخى الستر فقد أوجب المهر كله، جامع أو لم يجامع ».

السيد فضل الله الراوندي في نوادره: بإسناده الصحيح عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام ، مثله(١) .

دعائم الاسلام: عنهعليه‌السلام ، مثله(٢) .

[١٧٦٤٨] ٣ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « تزوجت امرأة في حياة أبي - علي بن الحسينعليهما‌السلام - فتاقت نفسي إليها نصف النهار، فقال أبي: يا بني لا تدخل بها في هذه الساعة، ففعلت فلما دخلت إليها كرهتها وقمت لأخرج، فقامت مولاة لها فأغلقت الباب وأرخت الستر، فقلت: دعيه فقد وجب لك الذي تريدين ».

قلت: هذه الأخبار معارضة بأصح منها، محمولة على وجوه مذكورة في الأصل.

__________________

الباب ٣٩

١ - الجعفريات ص ١٠٢.

٢ - الجعفريات ص ١٠٢.

(١) نوادر الراوندي ص ٣٧.

(٢) دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٢٦ ح ٨٤٨.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٢٦ ح ٨٤٨.

٩٥

٤٠ -( باب حكم ما لو خلا الرجل بالمرأة فادعت الوطئ، أو تصادقا على عدمه وكانا مأمونين أو متهمين)

[١٧٦٤٩] ١ - الصدوق في المقنع: وإذا تزوج الرجل فأرخى الستر وأغلق الباب، ثم أنكرا جمعيا المجامعة، فلا يصدقان لأنها تدفع عن نفسها العدة، ويدفع عن نفسه المهر.

قلت: حمل الخبر على ما لو كانا متهمين.

٤١ -( باب حكم ما لو مات الزوج أو الزوجة قبل الدخول، هل يثبت نصف المهر المسمى أم كله؟)

[١٧٦٥٠] ١ - العياشي في تفسيره: عن منصور بن حازم، قال: قلت له: رجل تزوج امرأة وسمى لها صداقا، ثم مات عنها ولم يدخل بها، قال: « لها المهر كملا ولها الميراث » فقلت: فإنهم رووا عنك أن لها نصف المهر، قال: « لا يحفظون عني، إنما ذاك المطلقة ».

[١٧٦٥١] ٢ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في حديث: « وإن كان قد فرض لها صداقا ثم طلقها قبل أن يدخل بها، فلها نصف الصداق، وإن مات عنها فلها الصداق كاملا ».

٤٢ -( باب أنه إذا مات أحد الزوجين قبل الدخول، من غير تقدير المهر، فلا مهر لها، ولها الميراث)

[١٧٦٥٢] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه

__________________

الباب ٤٠

١ - المقنع ص ١٠٩.

الباب ٤١

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٢٥ ح ٤٠٣.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٢٤ ح ٨٣٧.

الباب ٤٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٢٤ ح ٨٣٧.

٩٦

قال في رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقا، فمات عنها أو طلقها قبل أن يدخل بها، قال: « إن كان طلقها فليس لها صداق، ولها المتعة ولا عدة عليها، وإن مات قبل أن يدخل بها، فلا مهر لها، وهي ترثه ويرثها، وعليها العدة » الخبر.

٤٣ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب المهور)

[١٧٦٥٣] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، في الرجل يتزوج المرأة على جهاز البيت، قال: « لا وكس ولا شطط ».

[١٧٦٥٤] ٢ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « من تزوج امرأة على مهر مجهول، لم يفسد النكاح، ولها مهر مثلها ما لم يجاوز مهر السنة(١) ، خمسمائة درهم ».

[١٧٦٥٥] ٣ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا تزوج الرجل على صداق منه عاجل ومنه آجل، ( وتشاجرا )(١) وتشاحا في الدخول، لم تجبر المرأة على الدخول حتى يدفع إليها العاجل، وليس لها قبض الاجل إلا بعد أن يدخل بها، وإن كان إلى أجل معلوم فهو إلى ذلك الاجل، وإن لم يجعل له حد فالدخول يوجبه، وإن أنكرت المرأة قبض العاجل، وقد دخل بها، وادعاه الرجل فالقول قوله مع يمينه، وان ادعى دفع الاجل وأنكرته، المرأة فالقول قولها مع يمينها، وعلى الرجل البينة فيما يدعي من الدفع ».

__________________

الباب ٤٣

١ - الجعفريات ص ١٠١.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٢٤ ح ٨٤٠.

(١) في المصدر زيادة: وهو.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٢٥ ح ٨٤٦.

(١) ليس في الصدر.

٩٧

[١٧٦٥٦] ٤ - السيوطي في الدر المنثور: عن ابن عساكر، بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله لما خلق الدنيا لم يخلق فيها ذهبا ولا فضة، فلما أن هبط آدم وحواء أنزل معهما ذهبا وفضة، فسلكهما ينابيع في الأرض منفعة لأولادهما من بعدهما(١) ، فلا ينبغي لاحد أن يتزوج إلا بصداق ».

[١٧٦٥٧] ٥ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن عبد الملك بن عمير، والحاكم والعباس قالوا: خطب الحسنعليه‌السلام عائشة بنت عثمان، فقال مروان: أزوجها عبد الله بن الزبير، ثم إن معاوية كتب إلى مروان وهو عامله على الحجاز، يأمره أن يخطب أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر لابنه يزيد، فأتى عبد الله بن جعفر فأخبره بذلك، فقال عبد الله: إن أمرها ليس إلي، إنما هو إلى سيدنا الحسينعليه‌السلام وهو خالها، فأخبر الحسينعليه‌السلام بذلك، فقال: « أستخير الله تعالى، اللهم وفق لهذه الجارية رضاك من آل محمدعليهم‌السلام » فلما اجتمع الناس في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أقبل مروان حتى جلس إلى الحسينعليه‌السلام ، وعنده من الجلة(١) ، وقال: إن أمير المؤمنين أمرني بذلك وان أجعل مهرها حكم أبيها بالغا ما بلغ - وساق الحديث إلى أن قال - قال الحسينعليه‌السلام : « يا مروان، قد قلت فسمعنا، أما قولك مهرها حكم أبيها بالغا ما بلغ، فلعمري لو أردنا ذلك ما عدونا سنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في بناته ونسائه وأهل بيته، وهو ثنتا عشرة أوقية

__________________

٤ - الدر المنثور ج ١ ص ٥٦.

(١) في المصدر زيادة: وجعل ذلك صداق آدم لحواء.

٥ - المناقب ج ٤ ص ٣٨.

(١) قوم جلة بكسر الجيم: ذوو اخطار وأقدار أو مسنون، الواحد منهم جليل ( لسان العرب ج ١١ ص ١١٧ ).

٩٨

يكون أربعمائة وثمانين درهما - إلى أن قال: ثم قال بعد كلام - فاشهدوا جمعيا أني قد زوجت أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر، من ابن عمها القاسم بن محمد بن جعفر، على أربعمائة وثمانين درهما، وقد نحلتها ضيعتي بالمدينة - أو قال أرضي بالعقيق - وان غلتها في السنة ثمانية آلاف دينار، ففيها لهما غنى إن شاء الله » الخبر.

[١٧٦٥٨] ٦ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: في حديث خلقة آدم: أنه لما استيقظ من نومه ورأي حواء، أراد أن يمد يده إليها فنهاه عنه الملائكة، فقال: أما خلقها الله تعالى لي؟ فقالوا: بلى، حتى تؤدي مهرها، فقال: فما مهرها؟ فقالوا: أن تصلي على محمد وآل محمد ثلاث مرات الخبر.

[١٧٦٥٩] ٧ - تحفة الاخوان لبعض علمائنا الاعلام: مرفوعا عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام - في حديث طويل في خلقة آدم وحواء، إلى أن قال -: « فانتبه آدم من نومه وقال: يا رب من هذه؟ فقال الله تعالى: هذه أمتي حواء، قال: يا رب لمن خلقتها » قال: لمن أخذ بها الأمانة وأصدقها الشكر، قال: يا رب أقبلها على هذا فزوجنيها، قال: فزوجه إياها قبل دخول الجنة ».

[١٧٦٦٠] ٨ - الشيخ المفيد في رسالة المهر: عن عبيد بن زرارة، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سألته عن رجل تزوج امرأة على بيت في دار، وله في تلك الدار شركاء، قال: « جائز له ولها، ولا شفعة لاحد من الشركاء عليها ».

__________________

٦ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٩٠.

٧ - تحفة الاخوان ص ٦٧.

٨ - رسالة المهر: ص ٨.

٩٩

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

وانتهت الوفود إلى دمشق لعرض آرائها على عاهل الشام ، وقد قام معاوية بضيافتهم والإحسان إليهم.

مؤتمرُ الوفود الإسلاميّة :

وعقدت وفود الأقطار الإسلاميّة مؤتمراً في البلاط الاُموي في دمشق لعرض آرائها في البيعة ليزيد ، وقد افتتح المؤتمر معاوية بالثناء على الإسلام ، ولزوم طاعة ولاة الاُمور ، ثمّ ذكر يزيد وفضله وعمله بالسّياسة ، ودعاهم لبيعته.

المؤيّدون للبيعة :

وانبرت كوكبة مِنْ أقطاب الحزب الاُموي فأيّدوا معاوية ، وحثّوه على الإسراع للبيعة ، وهم :

١ ـ الضحّاك بن قيس

٢ ـ عبد الرحمن بن عثمان

٣ ـ ثور بن معن السلمي

٤ ـ عبد الله بن عصام

٥ ـ عبد الله بن مسعدة

وكان معاوية قد عهد إليهم بالقيام بتأييده ، والردّ على المعارضين له.

٢٠١

خطابُ الأحنف بن قيس :

وانبرى إلى الخطابة زعيم العراق وسيّد تميم الأحنف بن قيس ، الذي تقول فيه ميسون اُمّ يزيد : لو لمْ يكن في العراق إلاّ هذا لكفاهم(١) . وتقدّم فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ التفت إلى معاوية قائلاً :

أصلح الله أمير المؤمنين ، إنّ الناس في منكر زمان قد سلف ، ومعروف زمان مؤتنف ، ويزيد ابن أمير المؤمنين نعم الخلف ، وقد حلبت الدهر أشطره.

يا أمير المؤمنين ، فاعرف مَنْ تسند إليه الأمر مِنْ بعدك ثمّ اعصِ أمر مَنْ يأمرك ، ولا يغررك مَنْ يُشير عليك ولا ينظر لك ، وأنت أنظر للجماعة ، وأعلم باستقامة الطاعة ، مع أنّ أهل الحجاز وأهل العراق لا يرضون بهذا ، ولا يبايعون ليزيد ما كان الحسن حيّاً.

وأثار خطاب الأحنف موجةً مِن الغضب والاستياء عند الحزب الاُموي ، فاندفع الضحّاك بن قيس مندِّداً به ، وشتم أهلَ العراق ، وقدح بالإمام الحسن (عليه السّلام) ، ودعا الوفد العراقي إلى الإخلاص لمعاوية والامتثال لما دعا إليه. ولمْ يعن به الأحنف ، فقام ثانياً فنصح معاوية ودعاه إلى الوفاء بالعهد الذي قطعه على نفسه مِنْ تسليم الأمر إلى الحسن (عليه السّلام) مِنْ بعده ؛ حسب اتفاقية الصلح التي كان من أبرز بنودها إرجاع الخلافة مِنْ بعده إلى الإمام الحسن (عليه السّلام) ، كما أنّه هدّد معاوية بإعلان الحرب إذا لمْ يفِ بذلك.

__________________

(١) تذكرة ابن حمدون / ٨١.

٢٠٢

فشلُ المؤتمر :

وفشلَ المؤتمر فشلاً ذريعاً بعد خطاب الزعيم الكبير الأحنف بن قيس ، ووقع نزاع حاد بين أعضاء الوفود وأعضاء الحزب الاُموي ، وانبرى يزيد بن المقفّع فهدّد المعارضين باستعمال القوّة قائلاً : أمير المؤمنين هذا ـ وأشار إلى معاوية ـ ، فإنْ هلك فهذا ـ وأشار إلى يزيد ـ ، ومَنْ أبى فهذا ـ وأشار إلى السيف ـ.

فاستحسن معاوية قوله ، وراح يقول له : اجلس فأنت سيّد الخطباء وأكرمهم.

ولمْ يعن به الأحنف بن قيس ، فانبرى إلى معاوية فدعاه إلى الإمساك عن بيعة يزيد ، وأنْ لا يُقدّمَ أحداً على الحسن والحسين (عليهما السّلام). وأعرض عنه معاوية ، وبقي مصرّاً على فكرته التي هي أبعد ما تكون عن الإسلام.

وعلى أي حالٍ ، فإنّ المؤتمر لمْ يصل إلى النتيجة التي أرادها معاوية ؛ فقد استبان له أنّ بعض الوفود الإسلاميّة لا تُقِرّه على هذه البيعة ولا ترضى به.

سفرُ معاوية ليثرب :

وقرّر معاوية السفر إلى يثرب التي هي محطّ أنظار المسلمين ، وفيها أبناء الصحابة الذين يُمثّلون الجبهة المعارضة للبيعة ؛ فقد كانوا لا يرون يزيداً نِدّاً لهم ، وإنّ أخذ البيعة له خروجٌ على إرادة الأُمّة ، وانحراف عن الشريعة الإسلاميّة التي لا تُبيح ليزيد أنْ يتولّى شؤون المسلمين ؛ لما عُرِفَ به مِن الاستهتار وتفسّخ الأخلاق.

٢٠٣

وسافر معاوية إلى يثرب في زيارة رسمية ، وتحمّل أعباء السفر لتحويل الخلافة الإسلاميّة إلى مُلْكٍ عضوض ، لا ظل فيه للحقّ والعدل.

اجتماعٌ مغلق :

وفور وصول معاوية إلى يثرب أمر بإحضار عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن جعفر ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن عمر ، وعقد معهم اجتماعاً مغلقاً ، ولمْ يُحضر معهم الحسن والحسين (عليهما السّلام) ؛ لأنّه قد عاهد الحسن (عليه السّلام) أنْ تكون الخلافة له مِنْ بعده ، فكيف يجتمع به؟ وماذا يقول له؟ وقد أمر حاجبه أنْ لا يسمح لأي أحدٍ بالدخول عليه حتّى ينتهي حديثه معهم.

كلمةُ معاوية :

وابتدأ معاوية الحديث بحمد الله والثناء عليه ، وصلّى على نبيّه ، ثمّ قال : أمّا بعد ، فقد كبر سنّي ، ووهن عظمي ، وقرب أجلي ، وأوشكت أنْ اُدعى فأُجيب ، وقد رأيت أنْ استخلف بعدي يزيد ، ورأيته لكم رضا. وأنتم عبادلة قريش وخيارهم وأبناء خيارهم ، ولمْ يمنعني أنْ أُحضِرَ حسناً وحُسيناً إلاّ أنّهما أولاد أبيهما علي ، على حُسنِ رأي فيهما ، وشدّة محبّتي لهما ، فردّوا على أمير المؤمنين خيراً رحمكم الله.

ولم يستعمل معهم الشدّة والإرهاب ؛ استجلاباً لعواطفهم ، ولمْ يخفَ عليهم ذلك ، فانبروا جميعاً إلى الإنكار عليه.

٢٠٤

كلمةُ عبد الله بن عباس :

وأوّل مَنْ كلّمه عبد الله بن عباس ، فقال بعد حمد الله ، والثناء عليه : أمّا بعد ، فإنّك قد تكلّمت فأنصتنا ، وقلت فسمعنا ، وإنّ الله جلّ ثناؤه وتقدّست أسماؤه اختار محمّداً (صلّى الله عليه وآله) لرسالته ، واختاره لوحيه ، وشرّفه على خلقه ، فأشرف الناس مَنْ تشرّف به ، وأولاهم بالأمر أخصّهم به ، وإنّما على الأُمّة التسليم لنبيّها إذا اختاره الله له ؛ فإنّه إنّما اختار محمّداً (صلّى الله عليه وآله) بعلمه ، وهو العليم الخبير ، واستغفر الله لي ولكم.

وكانت دعوة ابن عباس صريحةً في إرجاع الخلافة لأهل البيت (عليهم السّلام) ، الذين هم ألصق الناس برسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وأمسّهم به رحماً ؛ فإنّ الخلافة إنّما هي امتداد لمركز رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، فأهل بيته أحقّ بمقامه وأولى بمكانته.

كلمةُ عبد الله بن جعفر :

وانبرى عبد الله بن جعفر ، فقال بعد حمد الله والثناء عليه : أمّا بعد ، فإنّ هذه الخلافة إنْ أُخذ فيها بالقرآن فاُولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ، وإنْ أُخذ فيها بسنّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فاُولوا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وإنْ أُخذ فيها بسنّة الشيخين أبي بكر وعمر فأي الناس أفضل وأكمل وأحق بهذا الأمر مِنْ آل الرسول (صلّى الله عليه وآله)؟ وأيمُ الله ، لو ولّوها بعد نبيّهم لوضعوا الأمر موضعه ؛ لحقّه وصدقه ، ولأُطيع الرحمن وعُصي الشيطان ، وما اختلف في الأُمّة سيفان ، فاتقِ الله يا معاوية ، فإنّك قد صرت راعياً ونحن رعيّة ، فانظر لرعيتك فإنّك مسؤول عنها غداً ،

٢٠٥

وأمّا ما ذكرت مِن ابنَي عمّي وتركك أنْ تحضرهم ، فوالله ما أصبت الحقّ ، ولا يجوز ذلك إلاّ بهما ، وإنّك لتعلم أنّهما معدن العلم والكرم ، فقل أو دع ، واستغفر الله لي ولكم.

وحفل هذا الخطاب بالدعوة إلى الحقّ ، والإخلاص للأُمّة ، فقد رشّح أهل البيت (عليهم السّلام) للخلافة وقيادة الأُمّة ، وحذّره مِنْ صرفها عنهم كما فعل غيره مِن الخلفاء ، فكان مِنْ جرّاء ذلك أنْ مُنِيَتِ الأُمّة بالأزمات والنّكسات ، وعانت أعنف المشاكل وأقسى الحوادث.

كلمةُ عبد الله بن الزبير :

وانطلق عبد الله بن الزبير للخطابة ، فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : أمّا بعد ، فإنّ هذه الخلافة لقريش خاصة ، نتناولها بمآثرها السنيّة وأفعالها المرضيّة ، مع شرف الآباء وكرم الأبناء ، فاتّقِ الله يا معاوية وأنصف نفسك ؛ فإنّ هذا عبد الله بن عباس ابن عمّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وهذا عبد الله بن جعفر ذي الجناحين ابن عمّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وأنا عبد الله بن الزبير ابن عمّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وعلي خلّف حسناً وحُسيناً ، وأنت تعلم مَنْ هما وما هما؟ فاتّقِ الله يا معاوية ، وأنت الحاكم بيننا وبين نفسك.

وقد رشح ابن الزبير هؤلاء النفر للخلافة ، وقد حفّزهم بذلك لمعارضة معاوية وإفساد مهمّته.

٢٠٦

كلمةُ عبد الله بن عمر :

واندفع عبد الله بن عمر ، فقال بعد حمد الله والصلاة على نبيّه : أمّا بعد ، فإنّ هذه الخلافة ليست بهرقليّة ، ولا قيصريّة ، ولا كسرويّة يتوارثها الأبناء عن الآباء ، ولو كان كذلك كنت القائم بها بعد أبي ، فوالله ما أدخلني مع الستّة مِنْ أصحاب الشورى إلاّ على أنّ الخلافة ليست شرطاً مشروطاً ، وإنّما هي في قريش خاصة لمَنْ كان لها أهلاً ؛ ممّن ارتضاه المسلمون لأنفسهم ، ممّن كان أتقى وأرضى ، فإنْ كنت تريد الفتيان مِنْ قريش فلعمري أنّ يزيد مِنْ فتيانها ، واعلم أنّه لا يُغني عنك مِن الله شيئاً.

ولمْ تعبّر كلمات العبادلة عن شعورهم الفردي ، وإنّما عبّرت تعبيراً صادقاً عن رأي الأغلبية السّاحقة مِن المسلمين الذين كرهوا خلافة يزيد ، ولمْ يرضوا به.

كلمةُ معاوية :

وثقلَ على معاوية كلامهم ، ولمْ يجد ثغرة ينفذ منها للحصول على رضاهم ، فراح يشيد بابنه فقال : قد قلت وقلتم ، وإنّه قد ذهبت الآباء وبقيت الأبناء ، فابني أحبّ إليّ مِن أبنائهم ، مع أنّ ابني إنْ قاولتموه وجد مقالاً ، وإنّما كان هذا الأمر لبني عبد مناف ؛ لأنّهم أهل رسول الله ، فلمّا مضى رسول الله ولّى الناس أبا بكر وعمر مِنْ غير معدن المُلْك والخلافة ، غير أنّهما سارا بسيرةٍ جميلةٍ ، ثمّ رجع المُلْك إلى بني عبد مناف ، فلا يزال فيهم إلى يوم القيامة ، وقد

٢٠٧

أخرجك الله يابن الزبير ، وأنت يابن عمر منه ، فأمّا ابنا عمّي هذان فليسا بخارجين مِن الرأي إنْ شاء الله(١) .

وانتهى اجتماع معاوية بالعبادلة ، وقد أخفق فيه إخفاقاً ذريعاً ؛ فقد استبان له أنّ القوم مصمّمون على رفض بيعة يزيد. وعلى إثر ذلك غادر يثرب ، ولمْ تذكر المصادر التي بأيدينا اجتماعه بسبطي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، فقد أهملت ذلك ، وأكبر الظن أنّه لمْ يجتمع بهما.

فزعُ المسلمين :

وذُعِرَ المسلمون حينما وافتهم الأنباء بتصميم معاوية على فرض ابنه خليفة عليهم ، وكان مِنْ أشدّ المسلمين خوفاً المدنيون والكوفيون ، فقد عرفوا واقع يزيد ، ووقفوا على اتجاهاته المعادية للإسلام.

يقول توماس آرنولد : كان تقرير معاوية للمبدأ الوراثي نقلة خطيرة في حياة المسلمين الذين ألِفوا البيعة والشورى ، والنُّظم الاُولى في الإسلام ، وهم بعدُ قريبون منها ؛ ولهذا أحسّوا ـ وخاصة في مكّة والمدينة ، حيث كانوا يتمسّكون بالأحاديث والسّنن النّبوية الاُولى ـ أنّ الاُمويِّين نقلوا الخلافة إلى حكم زمني متأثر بأسباب دنيوية ، مطبوع بالعظمة وحبّ الذات بدلاً مِنْ أنْ يحتفظوا بتقوى النّبي وبساطته(٢) .

لقد كان إقدام معاوية على فرض ابنه يزيد حاكماً على المسلمين تحوّلاً خطيراً في حياة المسلمين الذين لمْ يألفوا مثل هذا النظام الثقيل الذي فُرِضَ عليهم بقوّة السّلاح.

__________________

(١) الإمامة والسياسة ١ / ١٨٠ ـ ١٨٣ ، جمهرة الخطب ٢ / ٢٣٣ ـ ٢٣٦.

(٢) الخلافة ـ لتوماس / ١٠.

٢٠٨

الجبهةُ المعارضة :

وأعلن الأحرار والمصلحون في العالم الإسلامي رفضهم القاطع لبيعة يزيد ، ولمْ يرضوا به حاكماً على المسلمين ، وفيما يلي بعضهم :

١ ـ الإمام الحسين (عليه السّلام) :

وفي طليعة المعارضين لبيعة يزيد الإمام الحُسين (عليه السّلام) ، فقد كان يحتقر يزيد ويكره طباعه الذميمة ، ووصفه بأنّه صاحب شراب وقنص ، وأنّه قد لزم طاعة الشيطان وترك طاعة الرحمن ، وأظهر الفساد ، وعطّل الحدود ، واستأثر بالفيء ، وأحلّ حرام الله وحرّم حلاله(١) . وإذا كان بهذه الضِعة ، فكيف يبايعه ويقرّه حاكماً على المسلمين؟!

ولمّا دعاه الوليد إلى بيعة يزيد قال له الإمام (عليه السّلام) : «أيّها الأمير ، إنّا أهل بيت النّبوة ، ومعدن الرسالة ، ومختلف الملائكة ، بنا فتح الله وبنا يختم ، ويزيد رجل فاسق ، شارب الخمر ، وقاتل النّفس المحترمة ، معلن بالفسق ، ومثلي لا يبايع مثله».

ورفض بيعة يزيد جميع أفراد الأُسرة النّبوية تبعاً لزعيمهم العظيم ، ولمْ يشذّوا عنه.

الحرمان الاقتصادي :

وقابل معاوية الأسرة النّبوية بحرمان اقتصادي ؛ عقوبةً لهم لامتناعهم عن بيعة يزيد ، فقد حبس عنهم العطاء سنةً كاملة(٢) ، ولكنّ ذلك لمْ يثنهم عن عزمهم في شجب البيعة ورفضها.

__________________

(١) تاريخ ابن الأثير.

(٢) تاريخ ابن الأثير ٣ / ٢٥٢ ، الإمامة والسياسة ١ / ٢٠٠.

٢٠٩

٢ ـ عبد الرحمن بن أبي بكر :

ومِن الذين نقموا على بيعة يزيد عبد الرحمن بن أبي بكر ، فقد وسمها بأنّها هرقلية ، كلّما مات هرقل قام مكانه هرقل آخر(١) . وأرسل إليه معاوية مئة ألف درهم ليشتري بها ضميره فأبى ، وقال : لا أبيع ديني(٢) .

٣ ـ عبد الله بن الزبير :

ورفض عبد الله بن الزبير بيعة يزيد ، ووصفه بقوله : يزيد الفجور ، ويزيد القرود ، ويزيد الكلاب ، ويزيد النشوات ، ويزيد الفلوات(٣) . ولمّا أجبرته السّلطة المحلّية في يثرب على البيعة فرّ منها إلى مكّة.

٤ ـ المنذر بن الزبير :

وكره المنذر بن الزبير بيعة يزيد وشجبها ، وأدلى بحديث له عن فجور يزيد أمام أهل المدينة ، فقال : إنّه قد أجازني بمئة ألف ، ولا يمنعني ما صنع بي أنْ أخبركم خبره. والله ، إنّه ليشرب الخمر. والله ، إنّه ليسكر حتّى يدع الصلاة(٤) .

٥ ـ عبد الرحمن بن سعيد :

وامتنع عبد الرحمن بن سعيد مِن البيعة ليزيد ، وقال في هجائه :

__________________

(١) الاستيعاب.

(٢) الاستيعاب ، البداية والنهاية ٨ / ٨٩.

(٣) أنساب الأشراف ٤ / ٣٠.

(٤) الطبري ٤ / ٣٦٨.

٢١٠

لستَ منّا وليس خالُك منّا

يا مضيعَ الصلاةِ للشهواتِ(١)

٦ ـ عابس بن سعيد :

ورفض عابس بن سعيد بيعة يزيد حينما دعاه إليها عبد الله بن عمرو بن العاص ، فقال له : أنا أعرَفُ به منك ، وقد بعتَ دينك بدنياك(٢) .

٧ ـ عبد الله بن حنظلة :

وكان عبد الله بن حنظلة مِن أشدّ الناقمين على البيعة ليزيد ، وكان مِن الخارجين عليه في وقعة الحرّة ، وقد خاطب أهل المدينة ، فقال لهم : فو الله ، ما خرجنا على يزيد حتّى خفنا أنْ نُرمى بالحِجارة مِن السّماء.

حياة الإمام الحُسين

إنّ رجلاً ينكح الأُمّهات والبنات ، ويشرب الخمر ، ويدع الصلاة ، والله لو لمْ يكن معي أحدٌ مِن الناس لأبليت لله فيه بلاءً حسناً(٣) .

وكان يرتجز في تلك الواقعة :

بعداً لمَنْ رام الفساد وطغى

وجانب الحقّ وآيات الهدى

لا يبعد الرحمنُ إلاّ مَنْ عصى(٤)

__________________

(١) الحُسين بن علي (عليه السّلام) ٢ / ٦.

(٢) القضاة ـ للكندي / ٣١٠.

(٣) طبقات ابن سعد.

(٤) تاريخ الطبري ٧ / ١٢.

٢١١

موقفُ الأُسرة الاُمويّة :

ونقمت الأُسرة الاُمويّة على معاوية في عقده البيعة ليزيد ، ولكن لمْ تكن نقمتهم عليه مشفوعة بدافع ديني أو اجتماعي ، وإنّما كانت مِنْ أجل مصالحهم الشخصية الخاصة ؛ لأنّ معاوية قلّد ابنه الخلافة وحرمهم منها ، وفيما يلي بعض الناقمين :

١ ـ سعيد بن عثمان :

وحينما عقد معاوية البيعة ليزيد أقبل سعيد بن عثمان إلى معاوية ، وقد رفع عقيرته قائلاً : علامَ جعلت ولدك يزيد وليّ عهدك؟! فوالله لأبي خير مِنْ أبيه ، وأُمّي خير مِنْ أُمّه ، وأنا خيرٌ مِنه ، وقد ولّيناك فما عزلناك ، وبنا نلت ما نلت!

فراوغ معاوية وقال له : أمّا قولك إنّ أباك خير مِنْ أبيه فقد صدقت ، لعمر الله إنّ عثمان لخير مِنّي ؛ وأمّا قولك إنّ أُمّك خير مِنْ أُمّه فحسب المرأة أنْ تكون في بيت قومِها ، وأنْ يرضاها بعلها ، ويُنجب ولدها ؛ وأمّا قولك إنّك خير مِنْ يزيد ، فوالله ما يسرّني أنّ لي بيزيد ملء الغوطة ذهباً مثلك ؛ وأمّا قولك إنّكم ولّيتموني فما عزلتموني ، فما ولّيتموني إنّما ولاّني مَنْ هو خير مِنكم عمر بن الخطاب فأقررتموني.

وما كنت بئس الوالي لكم ؛ لقد قمت بثأركم ، وقتلتُ قتلة أبيكم ، وجعلت الأمر فيكم ، وأغنيت فقيركم ، ورفعت الوضيع منكم ...

٢١٢

وكلّمه يزيد فأرضاه ، وجعله والياً على خراسان(١) .

٢ ـ مروان بن الحكم :

وشجب مروان بن الحكم البيعة ليزيد وتقديمه عليه ، فقد كان شيخ الاُمويِّين وزعيمهم ، فقال له : أقم يابن أبي سفيان ، واهدأ مِنْ تأميرك الصبيان ، واعلم أنّ لك في قومك نُظراء ، وأنّ لهم على مناوئتك وزراً.

فخادعه معاوية ، وقال له : أنت نظير أمير المؤمنين بعده ، وفي كلّ شدّة عضده ، فقد ولّيتك قومك ، وأعظمنا في الخراج سهمك ، وإنّا مجيرو وفدك ، ومحسنو وفدك(٢) .

وقال مروان لمعاوية : جئتم بها هرقلية ، تُبايعون لأبنائكم!(٣) .

٣ ـ زياد بن أبيه :

وكره زياد بن أبيه بيعة معاوية لولده ؛ وذلك لما عرف به مِن الاستهتار والخلاعة والمجون.

ويقول المؤرّخون : إنّ معاوية كتب إليه يدعوه إلى أخذ البيعة بولايته العهد ليزيد ، وإنّه ليس أولى مِن المغيرة بن شعبة. فلمّا قرأ كتابه دعا برجل مِنْ أصحابه كان يأتمنه حيث لا يأتمن أحداً غيره ، فقال له : إنّي اُريد أنْ ائتمنك على ما لم ائتمن على بطون الصحائف ؛ ائت معاوية وقل له : يا أمير المؤمنين ، إنّ كتابك ورد عليّ بكذا ، فماذا يقول

__________________

(١) وفيات الأعيان ٥ / ٣٨٩ ـ ٣٩٠.

(٢) الإمامة والسّياسة ١ / ١٢٨.

(٣) الإسلام والحضارة العربية ٢ / ٣٩٥.

٢١٣

الناس إنْ دعوناهم إلى بيعة يزيد ، وهو يلعب بالكلاب والقرود ، ويلبس المصبغ ، ويدمن الشراب ، ويمسي على الدفوف ، ويحضرهم ـ أي الناس ـ الحُسين بن علي ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن عمر؟! ولكن تأمره أنْ يتخلّق بأخلاق هؤلاء حولاً أو حولين ، فعسانا أنْ نموه على الناس. وسار الرسول إلى معاوية فأدّى إليه رسالة زياد ، فاستشاط غضباً ، وراح يتهدّده ويقول :

ويلي على ابن عُبيد! لقد بلغني أنّ الحادي حدا له أنّ الأمير بعدي زياد. والله ، لأردّنه إلى أُمّه سُميّة وإلى أبيه عُبيد(١) .

هؤلاء بعض الناقدين لمعاوية مِن الأُسرة الاُمويّة وغيرهم في توليته لخليعه يزيد خليفة على المسلمين.

إيقاعُ الخلاف بين الاُمويِّين :

واتّبع معاوية سياسة التفريق بين الاُمويِّين حتّى يصفو الأمر لولده يزيد ؛ فقد عزل عامله على يثرب سعيد بن العاص واستعمل مكانه مروان بن الحكم ، ثمّ عزل مروان واستعمل سعيداً مكانه ، وأمره بهدم داره ومصادرة أمواله ، فأبى سعيد مِنْ تنفيذ ما أمره به معاوية فعزله وولّى مكانه مروان ، وأمره بمصادرة أموال سعيد وهدم داره ، فلمّا همّ مروان بتنفيذ ما عهد إليه أقبل إليه سعيد وأطلعه على كتاب معاوية في شأنه ، فامتنع مروان مِن القيام بما أمره معاوية.

وكتب سعيد إلى معاوية رسالة يندّد فيها بعمله ، وقد جاء فيها : العجب ممّا صنع أمير المؤمنين بنا في قرابتنا له ، أنْ يضغن بعضنا

__________________

(١) تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٩٦.

٢١٤

على بعض! فأمير المؤمنين في حلمه وصبره على ما يكره مِن الأخبثين ، وعفوه وإدخاله القطيعة بنا والشحناء ، وتوارث الأولاد ذلك!(١) .

وعلّق عمر أبو النّصر على سياسة التفريق التي تبعها معاوية مع أُسرته بقوله : إنّ سبب هذه السّياسة هو رغبة معاوية في إيقاع الخلاف بين أقاربه الذين يخشى نفوذهم على يزيد مِنْ بعده ، فكان يضرب بعضهم ببعضٍ حتّى يظلّوا بحاجة إلى عطفه وعنايته(٢) .

تجميدُ البيعة :

وجمّد معاوية رسمياً البيعة ليزيد إلى أجل آخر حتّى يتمّ له إزالة الحواجز والسدود التي تعترض طريقه. ويقول المؤرّخون : إنّه بعد ما التقى بعبادلة قريش في يثرب ، واطّلع على آرائهم المعادية لما ذهب إليه ، أوقف كلّ نشاط سياسي في ذلك ، وأرجأ العمل إلى وقت آخر(٣) .

اغتيالُ الشخصيات الإسلاميّة :

ورأى معاوية أنّه لا يمكن بأي حالٍ تحقيق ما يصبوا إليه مِنْ تقليد ولده الخلافة مع وجود الشخصيات الرفيعة التي تتمتّع باحترام بالغ في نفوس المسلمين ، فعزم على القيام باغتيالهم ؛ ليصفو له الجو ، فلا يبقى أمامه أي مزاحم ،

__________________

(١) تاريخ الطبري ٤ / ١٨.

(٢) السياسة عند العرب ـ عمر أبو النّصر / ٩٨.

(٣) الإمامة والسياسة ١ / ١٨٢.

٢١٥

وقد قام باغتيال الذوات التالية :

١ ـ سعد بن أبي وقاص :

ولسعد المكانة العليا في نفوس الكثيرين مِن المسلمين ، فهو أحد أعضاء الشورى ، وفاتح العراق ، وقد ثقل مركزه على معاوية فدسّ إليه سُمّاً فمات منه(١) .

٢ ـ عبد الرحمن بن خالد :

وأخلص أهل الشام لعبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، وأحبّوه كثيراً ، وقد شاورهم معاوية فيمَنْ يعقد له البيعة بعد وفاته ، فقالوا له : رضينا بعبد الرحمن بن خالد ، فشقّ ذلك عليه ، وأسرّها في نفسه.

ومرض عبد الرحمن ، فأمر معاوية طبيباً يهودياً كان مكيناً عنده أنْ يأتيه للعلاج فيسقيه سقية تقتله ، فسقاه الطبيب فمات على أثر ذلك(٢) .

٣ ـ عبد الرحمن بن أبي بكر :

وكان عبد الرحمن بن أبي بكر مِنْ أقوى العناصر المعادية لبيعة معاوية لولده ، وقد أنكر عليه ذلك ، وبعث إليه معاوية بمئة ألف درهم فردّها عليه ، وقال : لا أبيع ديني بدنياي. ولمْ يلبث أنْ مات فجأة بمكة(٣) .

وتعزو المصادر سبب وفاته إلى أنّ معاوية دسّ إليه سُمّاً فقتله.

__________________

(١) مقاتل الطالبيِّين / ٢٩.

(٢) الاستيعاب.

(٣) المصدر نفسه.

٢١٦

٤ ـ الإمام الحسن (عليه السّلام) :

وقام معاوية باقتراف أعظم جريمة وإثم في الإسلام ، فقد عمد إلى اغتيال سبط النّبي (صلّى الله عليه وآله) وريحانته الإمام الحسن (عليه السّلام) ، الذي عاهده بأنْ يكون الخليفة مِنْ بعده.

ولم يتحرّج الطاغية مِنْ هذه الجريمة في سبيل إنشاء دولة اُمويّة تنتقل بالوارثة إلى أبنائه وأعقابه ، وقد وصفه (الميجر اُوزبورن) بأنّه مخادع ، وذو قلب خال مِنْ كلّ شفقة ، وأنّه كان لا يتهيّب مِنْ الإقدام على أيّة جريمة مِنْ أجل أنْ يضمن مركزه ؛ فالقتل إحدى وسائله لإزالة خصومه ، وهو الذي دبّر تسميم حفيد الرسول (صلّى الله عليه وآله) ، كما تخلّص مِنْ مالك الأشتر قائد علي بنفس الطريقة(١) .

وقد استعرض الطاغية السفّاكين ليعهد إليهم القيام باغتيال ريحانة النّبي (صلّى الله عليه وآله) ، فلمْ يرَ أحداً خليقاً بارتكاب الجريمة سوى جُعيدة بنت الأشعث ؛ فإنّها مِنْ بيت قد جُبِلَ على المكر ، وطُبِعَ على الغدر والخيانة ، فأرسل إلى مروان بن الحكم سُمّاً فاتكاً كان قد جلبه مِنْ مَلكِ الروم ، وأمره بأنْ يُغري جُعيدة بالأموال وزواج ولده يزيد إذا استجابت له ، وفاوضها مروان سرّاً ففرحت ، فأخذت مِنه السُّمّ ودسّته للإمام (عليه السّلام) ، وكان صائماً في وقت ملتهب مِن شدّة الحرّ ، ولمّا وصل إلى جوفه تقطّعت أمعاؤه ، والتفت إلى الخبيثة فقال لها : «قتلتيني قتلك الله. والله لا تصيبنَّ مِنّي خَلفاً ، لقد غرّك ـ يعني معاوية ـ وسخر مِنك ، يخزيك الله ويخزيه».

وأخذ حفيد الرسول (صلّى الله عليه وآله) يعاني الآلام الموجعة مِنْ شدّة السُّمّ ،

__________________

(١) روح الإسلام / ٢٩٥.

٢١٧

وقد ذبلت نضارته ، واصفرّ لونه حتّى وافاه الأجل المحتوم. وقد ذكرنا تفصيل وفاته مع ما رافقها مِن الأحداث في كتابنا (حياة الإمام الحسن (عليه السّلام».

إعلانُ البيعة رسميّاً :

وصفا الجو لمعاوية بعد اغتياله لسبط الرسول (صلّى الله عليه وآله) وريحانته ، فقد قضى على مَنْ كان يحذر منه ، وقد استتبت له الاُمور ، وخلت السّاحة مِنْ أقوى المعارضين له ، وكتب إلى جميع عمّاله أنْ يبادروا دونما أي تأخير إلى أخذ البيعة ليزيد ، ويُرغموا المسلمين على قبولها. وأسرع الولاة في أخذ البيعة مِن الناس ، ومَنْ تخلّف عنها نال أقصى العقوبات الصارمة.

مع المعارضين في يثرب :

وامتنعت يثرب مِنْ البيعة ليزيد ، وأعلن زعماؤهم وعلى رأسهم الإمام الحُسين (عليه السّلام) رفضهم القاطع للبيعة ، ورفعت السّلطة المحلّية ذلك إلى معاوية ، فرأى أنْ يسافر إلى يثرب ليتولّى بنفسه إقناع المعارضين ، فإنْ أبوا أجبرهم على ذلك. واتّجه معاوية إلى يثرب في موكب رسميّ تحوطه قوّة هائلة مِن الجيش ، ولمّا انتهى إليها استقبله أعضاء المعارضة فجفاهم وهدّدهم.

وفي اليوم الثاني أرسل إلى الإمام الحُسين (عليه السّلام) ، وإلى عبد الله بن عباس ، فلمّا مَثُلا عنده قابلهما بالتكريم والحفاوة ، وأخذ يسأل الحُسين (عليه السّلام) عن أبناء أخيه والإمامُ (عليه السّلام) يُجيبه ، ثمّ خطب معاوية فأشاد بالنّبي (صلّى الله عليه وآله) وأثنى عليه ، وعرض إلى بيعة يزيد ، ومنح ابنه الألقاب الفخمة ، والنعوت الكريمة ، ودعاهما إلى بيعته.

٢١٨

خطابُ الإمام الحُسين (عليه السّلام) :

وانبرى أبيّ الضيم فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : «أمّا بعد يا معاوية ، فلن يؤدّي المادح وإنْ أطنب في صفة الرسول (صلّى الله عليه وآله) مِنْ جميع جزءاً ، وقد فهمتُ ما لبست به الخلف بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مِنْ إيجاز الصفة ، والتنكّب عن استبلاغ النّعت ، وهيهات هيهات يا معاوية! فضح الصبح فحمة الدجى ، وبهرت الشمس أنوار السُّرج ، ولقد فضلّتَ حتّى أفرطت ، واستأثرتَ حتّى أجحفت ، ومنعتَ حتّى بخلت ، وجُرْتَ حتّى جاوزت ، ما بذلت لذي حقٍّ مِنْ اسمٍ حقّه مِنْ نصيب حتّى أخذ الشيطان حظّه الأوفر ، ونصيبه الأكمل.

وفهمتُ ما ذكرته عن يزيد مِن اكتماله ، وسياسته لأُمّة محمّد (صلّى الله عليه وآله) ؛ تريد أنْ توهم الناس في يزيد ، كأنّك تصف محجوباً ، أو تنعت غائباً ، أو تُخبر عمّا كان ممّا احتويته بعلم خاص ، وقد دلّ يزيد مِنْ نفسه على موقع رأيه ، فخذ ليزيد فيما أخذ به مِن استقرائه الكلاب المهارشة عند التحارش ، والحَمام السبق لأترابهنَّ ، والقيان ذوات المعازف ، وضروب الملاهي تجده ناصراً ، ودع عنك ما تحاول ؛ فما أغناك أنْ تلقى الله بوزر هذا الخلق بأكثر ممّا أنت لاقيه ، فوالله ما برحتَ تقدح باطلاً في جور ، وحنقاً في ظلم حتّى ملأت الأسقية ، وما بينك وبين الموت إلاّ غمضة ، فتُقدم على عمل محفوظ ، في يوم مشهود ، ولات حين مناص.

ورأيتك عرضت بنا بعد هذا الأمر ، ومنعتنا عن آبائنا تُراثاً ، ولعمر الله أورثنا الرسول (صلّى الله عليه وآله) ولادة ، وجئت لنا بها ما حججتم به القائمَ عند موت الرسول ، فأذعن للحجّة بذلك ، وردّه الإيمان إلى النّصف ، فركبتم الأعاليل ، وفعلتم الأفاعيل ، وقلتم : كان

٢١٩

ويكون ، حتّى أتاك الأمر يا معاوية مِنْ طريق كان قصدها لغيرك ، فهناك فاعتبروا يا اُولي الأبصار.

وذكرتَ قيادة الرجل القوم بعهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وتأميره له ، وقد كان ذلك ولعمرو بن العاص يومئذ فضيلة بصحبة الرسول وبيعته له ، وما صار ـ لعمر الله ـ يومئذ مبعثهم حتّى أنِفَ القوم إمرته ، وكرهوا تقديمه ، وعدّوا عليه أفعاله ، فقال (صلّى الله عليه وآله) : لا جرم يا معشر المهاجرين ، لا يعمل عليكم بعد اليوم غيري. فكيف تحتجّ بالمنسوخ مِنْ فعل الرسول في أوكد الأحكام وأولاها بالمجتمع عليه مِن الصواب؟ أم كيف صاحبت بصاحب تابعاً وحولك مَنْ لا يُؤمن في صحبته ، ولا يعتمد في دينه وقرابته ، وتتخطّاهم إلى مسرف مفتون ، تريد أنْ تُلبس الناس شبهةً يسعد بها الباقي في دنياه ، وتشقى بها في آخرتك؟! إنّ هذا لهو الخسران المبين! واستغفر الله لي ولكم».

وفنّد الإمام (عليه السّلام) في خطابه جميع شبهات معاوية ، وسدّ عليه جميع الطرق والنوافذ ، وحمّله المسؤولية الكبرى فيما أقدم عليه مِنْ إرغام المسلمين على البيعة لولده. كما عرض للخلافة وما منيت به مِن الانحراف عمّا أرادها الله مِنْ أنْ تكون في العترة الطاهرة (عليهم السّلام) ، إلاّ أنّ القوم زووها عنهم ، وحرفوها عن معدنها الأصيل.

وذُهل معاوية مِنْ خطاب الإمام (عليه السّلام) ، وضاقت عليه جميع السّبل ، فقال لابن عباس : ما هذا يابن عباس؟!

ـ لعمر الله إنّها لذرّيّة الرسول (صلّى الله عليه وآله) ، وأحد أصحاب الكساء ، ومِن البيت المطهّر ، فاله عمّا تريد ؛ فإنّ لك في الناس مقنعاً حتّى يحكم الله

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470