حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام الجزء ٣

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام12%

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام مؤلف:
الناشر: دار البلاغة
تصنيف: الإمام الحسن عليه السلام
الصفحات: 470

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 470 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 317186 / تحميل: 7235
الحجم الحجم الحجم
حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام الجزء ٣

مؤلف:
الناشر: دار البلاغة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

ولمّا انقضى شهر محرّم مضى القوم على الحرب ، ولكنّها لم تكن عامة ، وإنّما كانت منقطعة تخرج الكتيبة للكتيبة ، والفرقة للفرقة.

وسئم الفريقان هذه الحرب المتقطّعة ، وتعجّلوا الحرب العامة ؛ فعبّأ الإمام (عليه السّلام) جيوشه تعبئة عامة ، وكذلك فعل معاوية ، والتحم الجيشان التحاماً رهيباً واقتتلوا أبرح قتال وأعنفه ، وانكشفت ميمنة جيش الإمام (عليه السّلام) انكشافاً بلغ الهزيمة ، فقاتل الإمام ومعه الحسن والحسين (عليهم السّلام)(١) ، وانحاز الإمام (عليه السّلام) إلى ميسرة جيشه من ربيعة فاستماتت ربيعة دونه (عليه السّلام) ، وكان قائلهم يقول : لا عذر لكم بعد اليوم عند العرب إنْ اُصيب أمير المؤمنين (عليه السّلام) وهو فيكم.

وتحالفت ربيعة على الموت وصمدت في الحرب ، ورجعت ميمنة الإمام (عليه السّلام) إلى حالها بفضل الزعيم مالك الأشتر ، واستمرت الحرب بأعنف ما يتصوّر ، وقد ظهر الضعف وبان الانكسار في جيش معاوية ، وهمّ معاوية بالفرار لولا أنّه تذكّر قول ابن الأطنابة :

أبت لي همّتي وأبى بلائي

وإقدمي على البطلِ المُشيحِ

وإعطائي على المكروهِ مالي

وأخذي الحمدَ بالثَّمنِ الربيحِ

وقولي كلّما جشأتْ وجاشتْ

مكانك تَحمَدي أو تستريحي

وقد ردّه هذا الشعر إلى الصبر والثبات ، كما كان يتحدّث بذلك أيّام المُلْك والسلطان.

منعُ الحسنين (عليهما السّلام) من الحرب :

ومنع الإمام (عليه السّلام) أمير المؤمنين سبطي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من الاشتراك في عمليات الحروب ، فقال (عليه السّلام) : «املكوا عنّي هذين الغلامين ـ يعني

__________________

(١) أنساب الأشراف ١ ق ١.

٦١

الحسن والحسين (عليهما السّلام) ـ لئلاّ ينقطع بهما نسل رسول الله (صلّى الله عليه وآله)»(١) .

لقد حرص الإمام (عليه السّلام) على ريحانتي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ؛ لأنّ بهما امتداداً لنسله ، وإبقاءً لذرّيّته.

مصرعُ عمّار :

وعمّار بن ياسر من ألمع أصحاب النّبي (صلّى الله عليه وآله) ، وأكثرهم جهاداً وبلاءً في الإسلام ، وقد شايع عليّاً ولازمه بعد وفاة النّبي (صلّى الله عليه وآله) ، فقد أيقن أنّه مع الحقّ والحقّ معه كما قال فيه النّبي (صلّى الله عليه وآله). وكان في أيّام صفّين شيخاً قد نيف على التسعين عاماً ، ولكنّ قلبه وبصيرته كانت بمأمن من الشيخوخة ؛ فقد كان في تلك المعركة كأنّه في ريعان الشباب ، وكان يحارب راية ابن العاص ، وهو يشير إليها قائلاً : والله ، إنّ هذه الراية قاتلتها ثلاث عركات وما هذه بأرشدهن. وكان يقول لأصحابه لمّا رأى انكشافهم في المعركة : والله ، لو ضربونا حتّى يبلغونا سعفان هجر لعلمنا أنّا على الحقّ ، وأنّهم على الباطل.

ويقول الرواة : إنّه جلس مبكراً في يوم مِنْ أيّام صفّين ، وقد ازداد قلبه شوقاً إلى ملاقاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وملاقاة أبويه ، فخفّ إلى الإمام مسرعاً يطلب منه الإذن في أنْ يلجَ الحرب لعلّه يُرزق الشهادة ، فلمْ يسمح له الإمام (عليه السّلام) بذلك ، وظلّ يعاود الإمام مستأذناً فلمْ تطب نفس الإمام بذلك ، وراح يلح عليه فأذن له ، وأجهش الإمام (عليه السّلام) بالبكاء حزناً وموجدة عليه.

وانطلق عمّار إلى ساحات الحرب وهو موفور القوى ، قد استردّ نشاطه ، وهو جذلان فرح بما يصير إليه من الشهادة ، وقد رفع صوته عالياً :

__________________

(١) نهج البلاغة

٦٢

«اليوم ألقى الأحبّهْ محمّداً وحزبَهْ ..».

وكان صاحب الراية في الكتيبة التي يقاتل فيها عمّار هو هاشم بن عتبة المرقال ، وكان من فرسان المسلمين وخيارهم ، وأحبّهم للإمام (عليه السّلام) وأخلصهم له ، وكان أعور ، فاتّجه نحوه عمّار فجعل تارة يدفعه بعنف إلى الحرب ، ويقول له : تقدّم يا أعور. واُخرى يرفق به أشدّ الرفق ويقول له : احمل فداك أبي واُمّي! وهاشم يقول له : رحمك الله يا أبا اليقظان ، إنّك رجل تستخفّ الحرب ، وإنّي إنّما أزحف لعلّي أبلغ ما اُريد.

وضجر هاشم فحمل وهو يرتجز :

قد أكثروا لومي وما أقلاّ

إنّي شريتُ النّفس لن اعتلاّ

أعور يبغي نفسهُ مَحلاّ

لا بدّ أن يفُلّ أو يُفلاّ

قد عالج الحياة حتّى ملاّ

أشلّهم بذي الكعوب شلاّ

وقد دلّ هذا الرجل على تصميمه على الموت وسئمه مِن الحياة ، وجال في ميدان القتال ، وعمّار معه يقاتل ويرتجز :

نحنُ ضربناكُم على تنزيلِهِ

واليوم نضربكُمْ على تأويلِهِ

ضرباً يُزيل الهامَ عن مقيلهِ

ويذهل الخليلُ عن خليلِهِ

أو يرجع الحقّ إلى سبيلِهِ

لقد قاتل عمّار بإيمان وإخلاص المشركين مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وناضل كأشدّ ما يكون النضال دفاعاً عن كلمة التوحيد ، وقاتل أعنف القتال مع أخي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) دفاعاً عن تأويل القرآن ، ودفاعاً عن إمام المسلمين ، فما أعظم عائدة عمّار وألطافه على الإسلام!

والتحم عمّار مع القوى الغادرة التحاماً رهيباً ، وحمل عليه رجس من أرجاس البشرية يسمّى أبو الغادية ، فطعنه برمحه طعنة قاتلة ، فهوى إلى الأرض ذلك الصرح الشامخ من العقيدة والإيمان يتخبّط بدمائه الزكية ،

٦٣

وقد أضرّ به العطش ، فبادرت إليه امرأة بلبن ، فلما رآه تبسّم وأيقن بدنو أجله ، وراح يقول بنبرات هادئة مطمئنة : قال لي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : «آخر شرابك مِن الدنيا ضياح مِنْ لبن ، وتقتلك الفئة الباغية». ولمْ يلبث قليلاً حتّى لفظ أنفاسه الأخيرة ، وانطوت بموته أروع صفحة مشرقة مِن الإيمان والجهاد ، وارتفع ذلك العملاق الذي أضاء الحياة الفكرية بإخلاصه واندفاعه نحو الحق.

وكان الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) برحاً لمْ يقرّ له قرار حينما برز عمّار إلى ساحة الجهاد ، فكان يقول : «فتّشوا لي عن ابن سمية». وانطلقت فصيلة من الجند تبحث عنه ، فوجدوه قتيلاً مضمّخاً بدم الشهادة ، فانبروا مسرعين إلى الإمام (عليه السّلام) فاخبروه بشهادته ، فانهدّ ركنه وانهارت قواه ، وسرت موجات من الألم القاسي في مُحيّاه ؛ فقد غاب عنه الناصر والأخ.

ومشى الإمام (عليه السّلام) لمصرعه كئيباً حزيناً وعيناه تفيضان دموعاً ، وسار معه قادة الجيش وقد أخذتهم المائقة ؛ حزناً على البطل العظيم ، ولمّا انتهى إليه ألقى بنفسه عليه وجعل يوسعه تقبيلاً ، وقد انفجر بالبكاء ، وجعل يؤبّنه بحرارة قائلاً : «إنّ امرأً مِن المسلمين لمْ يعظم عليه قتلُ ابن ياسر ، وتدخل عليه المصيبة الموجعة لَغير رشيد. رحم الله عمّاراً يوم أسلم. رحم الله عمّاراً يوم قُتل. رحم الله عمّاراً يوم يُبعث حيّاً. لقد رأيت عمّاراً وما يُذكر مِن أصحاب رسول الله أربعة إلاّ كان رابعاً ، ولا خمسة إلاّ كان خامساً ، وما كان أحد مِن قدماء أصحاب رسول الله يشكّ أنّ عمّاراً قد وجبت له الجنّة في غير موطن ولا اثنين ،

٦٤

فهنيئاً لعمار بالجنّة».

وأخذ الإمام (عليه السّلام) رأسه فجعله في حجره ودموعه تتبلور على خديه ، وانبرى الإمام الحسن (عليه السّلام) وغيره فأبّنوا الشهيد العظيم بقلوب مذابة مِن الحزن ، ثمّ قام الإمام (عليه السّلام) فواراه في مقرّه الأخير.

ويقول المؤرّخون : إنّ الفتنة وقعت في جيش معاوية حينما اُذيع مقتل عمّار ، فقد سمعوا أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال في فضل عمّار إنّ الفئة الباغية تقتله ، وقد اتضح لهم أنّهم الفئة الباغية التي عناها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، ولكن ابن العاص استطاع أن يزيل الخلاف ، فقال لهم : إنّ الذي أخرج عمّاراً هو الذي قتله ، وأذعن بسطاء أهل الشام لما قاله ابن العاص.

واشتد القتال بأعنفه بعد مقتل عمّار ، وقد تفلّلت جميع قوى معاوية ، وبان الضعف في جيشه.

مكيدةُ ابن العاص :

لعلّ أبشع مهازل التاريخ البشري في جميع فترات التاريخ هي مكيدة ابن العاص في رفع المصاحف ، وقد وصفها (راو حوست ميلر) بأنّها من أشنع المهازل وأسوئها في التاريخ البشري(١) . وأكاد أعتقد أنّ هذه المكيدة لم تكن وليدة المصادفة أو المفاجئة ، فقد حيكت اُصولها ووضعت مخططاتها قبل هذا الوقت ، فقد كان ابن العاص على اتصال دائم أحيط بكثير مِن الكتمان مع جماعة مِن قادة الجيش العراقي في طليعتهم الأشعث بن قيس ، فهما اللذان دبّرا هذا الأمر ، وقد ذهب إلى هذا الرأي الدكتور طه حسين ، قال : فما أستبعد أنْ يكون الأشعث بن قيس وهو ماكر أهل

__________________

(١) العقيدة والشريعة في الإسلام / ١٩٠.

٦٥

العراق وداهيتهم ، قد اتصل بعمرو بن العاص ماكر أهل الشام وداهيتهم ، ودبّرا هذا الأمر بينهم تدبيراً ، ودبّروا أنْ يقتتل القوم ؛ فإنْ ظهر أهل الشام فذاك ، وإنْ خافوا الهزيمة أو أشرفوا عليها رفعوا المصاحف فأوقعوا الفرقة بين أصحاب علي ، وجعلوا بأسهم بينهم شديداً(١) .

وعلى أيّ حالٍ ، فإنّ الهزيمة لمّا بدت بأهل الشام وتفلّلت جميع قواعدهم ، فزع معاوية إلى ابن العاص يطلب منه الرأي ، فأشار عليه برفع المصاحف ، فأمر بالوقت برفعها ، فرُفعت زهاء خمسمئة مصحف على أطراف الرماح ، فعلت الأصوات من أهل الشام بلهجة واحدة : هذا كتاب الله بيننا وبينكم من فاتحته إلى خاتمته. مَنْ لثغور أهل الشام بعد أهل الشام؟ ومَنْ لثغور أهل العراق بعد أهل العراق؟ ومَنْ لجهاد الروم؟ ومَنْ للترك؟ ومَنْ للكفار؟

وكانت هذه الدعوى كالصاعقة على رؤوس الجيش العراقي ، فقد انقلب رأساً على عقب ، فتدافعوا كالموج نحو الإمام (عليه السّلام) وهم ينادون : لقد أعطاك معاوية الحقّ ؛ دعاك إلى كتاب الله فاقبل منه. ودلّهم الإمام (عليه السّلام) على زيف هذه الحيلة ، وأنّها جاءت نتيجة فشلهم في العمليات العسكرية ، وأنّها لمْ يقصد بها إلاّ خداعهم ، وأنّهم رفعوا المصاحف لا إيماناً بها وإنّما هو من الخداع والمكر.

وممّا يؤسف له أنّهم لمْ يقرروا حقّ مصيرهم ومصير الأُمّة في تلك الفترات الحاسمة من تاريخهم التي أشرفوا فيها على الفتح والنصر ، ولمْ يبقَ من دكِّ حصون الظلم ونسف قواعد الجور إلاّ لحظات.

يا للمصيبة والأسف! لقد أصرّوا على التمرّد والعناد ، فانحاز منهم اثنا عشر ألفاً وهم أهل الجباه السود ، فخاطبوا الإمام (عليه السّلام) باسمه الصريح قائلين :

__________________

(١) الفتنة الكبرى ٢ / ٨٩.

٦٦

«يا علي ، أجب القوم إلى كتاب الله إذ دعيت له ، وإلاّ قتلناك كما قتلنا ابن عفان ، فوالله لنفعلنّها إنْ لمْ تجبهم ...».

فكلّمهم الإمام (عليه السّلام) برقّة ولطف ليقلع روح التمرّد منهم ، إلاّ أنّ كلام الإمام ذهب هباءً ، وراح القوم في غيّهم يعمهون وهم يصرّون على إرغام الإمام على إيقاف القتال ، وكان الأشعث بن قيس هو الذي يدفعهم إلى ذلك وينادي بأعلى صوته بالرضاء والقبول لدعوة أهل الشام.

ولمْ ير الإمام (عليه السّلام) بدّاً من إجابتهم ، فأصدر أوامره بإيقاف عمليات الحروب ، وقلبه الشريف يتقطّع ألماً وحزناً ، فقد أيقن أنّ الباطل قد انتصر على الحقّ ، وأنّ جميع متاعبه ودماء جيشه قد ذهبت سدى. وأصرّ المتمرّدون على الإمام بسحب مالك الأشتر من ساحة الحرب ، وكان قد أشرف على الانتصار ، ولم يبقَ بينه وبين الفتح إلاّ حلبة شاة ، فأرسل إليه الإمام (عليه السّلام) بالقدوم إليه ، فلم يعن بما أمر به ، وقال لرسول الإمام : قل لسيدي : ليست هذه بالساعة التي ينبغي لك أنْ تزيلني فيها عن موقفي ، إنّي قد رجوت الله أن يفتح لي فلا تعجلني.

ورجع الرسول فأخبر الإمام بمقالة القائد العظيم ، فارتفعت أصوات اُولئك الوحوش بالإنكار على الإمام (عليه السّلام) قائلين : والله ، ما نراك إلاّ أمرته أن يقاتل. وامتحن الإمام (عليه السّلام) في أمرهم كأشدّ ما تكون المحنة ، فقال لهم : «أرأيتموني ساررت رسولي (إليه)؟ أليس إنّما كلّمته على رؤوسكم علانية وأنتم تسمعون؟».

وأصرّوا على الغي قائلين : فابعث إليه فليأتيك ، وإلاّ فوالله اعتزلناك. وأجمعوا على الشرّ ، وأوشكوا أن يفتكوا بالإمام (عليه السّلام) ، فأصدر أوامره المشدّدة

٦٧

بانسحاب مالك من ساحة الحرب ، واستجاب الأشتر لأمر الإمام (عليه السّلام) ، فقفل راجعاً وقد تحطّمت قواه ، وقال ليزيد الذي كان رسول الإمام : ألرفع هذه المصاحف؟ ـ يعني حدثت هذه الفتنة ـ [فقال :] نعم.

وعرف الأشتر مكيدة ابن العاص فقال : أما والله لقد ظننت أنّها حين رفعت ستوقع اختلافاً وفرقة ، إنّها مشورة ابن العاهرة. ألا ترى إلى الفتح؟ ألا ترى إلى ما يلقون؟ ألا ترى إلى الذي يصنع الله لنا؟ أينبغي أن ندع هذا وننصرف عنه؟!

وأحاطه يزيد علماً بحراجة الموقف ، والأخطار الهائلة التي تحفّ بالإمام قائلاً : أتحبّ أنّك إنْ ظفرت هاهنا ، وأنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) بمكانه الذي هو به يفرج عنه ويسلّم إلى عدوه؟! فقال الأشتر مقالة المؤمن : سبحان الله! لا والله ما اُحبّ ذلك. [قال :] فإنّهم قالوا : لترسلنّ إلى الأشتر فليأتينّك ، أو لنقتلنك بأسيافنا كما قتلنا ابن عفان ، أو لنسلمنّك إلى عدوّك.

وقفل الأشتر راجعاً وقد استولى الحزن على إهابه ، فقد ذهبت آماله أدراج الرياح ، فتوجّه نحوهم يلومهم ويعنّفهم ، ويطلب منهم أن يخلّوا بينه وبين عدوهم ، فقد أشرف على النصر والفتح. ولمْ يذعن اُولئك الممسوخون لمقالة الأشتر ، فقد أصروا على الذلّ والوهن قائلين له :

«لا لا».

٦٨

ـ أمهلوني عدوة فرس فإنّي قد طمعت في النصر.

ـ إذن ندخل معك في خطيئتك.

وانبرى الأشتر يحاججهم وينقد ما ذهبوا إليه قائلاً : حدّثوني عنكم ـ وقد قُتل أماثلكم وبقي أرذالكم ـ متى كنتم محقّين؟ أحين كنتم تقتلون أهل الشام ، فأنتم الآن حين أمسكتم عن القتال مبطلون؟! أم أنتم الآن في إمساككم عن القتال محقّون؟ فقتلاكم إذن الذين لا تنكرون فضلهم ، وكانوا خيراً منكم في النار.

ولم يجد معهم هذا الكلام المشرق فقالوا له : دعنا منك يا أشتر ، قاتلناهم في الله ، إنا لسنا نطيعك فاجتنبنا. وردّ عليهم الأشتر بعنف حينما يئس من إصلاحهم ، وأخذ يحذرهم من مغبّة هذه الفتنة ، وأنّهم لا يرون بعدها عزاً أبداً. وحقّاَ إنّهم لمْ يروا عزّاً ، فقد أفلت من اُفقهم دولة الحقّ ، وآل أمرهم إلى معاوية فأخذ يسومهم سوء العذاب.

وطلب مالك من الإمام (عليه السّلام) أن يناجزهم الحرب فأبى ؛ لأنّ العارضين كانوا يمثّلون الأكثرية الساحقة في جيشه ، وفتْح باب الحرب يؤدي إلى أفظع النتائج ؛ فإنّ الاُمّة تقع فريسة سائغة بأيدي الاُمويِّين. وأطرق الإمام (عليه السّلام) برأسه وقد طافت به موجات من الآلام ، وأخذ يطيل التفكير في العاقبة المرّة التي جرّها هؤلاء العصاة للأُمّة.

ويقول المؤرّخون : إنّهم قد اتخذوا سكوته رضىً منه بالتحكيم فهتفوا : إنّ علياً أمير المؤمنين قد رضي الحكومة ، ورضي بحكم القرآن. والإمام غارق في الهموم ، فقد أفلت منه الأمر ، وتمرّد عليه جيشه ، وليس باستطاعته أنْ يعمل شيئاً ، وقد أدلى (عليه السّلام) بما مُنِيَ به ، بقوله :

٦٩

«لقد كنتُ أمس أميراً فأصبحتُ اليوم مأموراً ، وكنتُ أمس ناهياً فأصبحتُ اليوم منهيّاً».

التحكيمُ :

ولمْ تقف محنة الإمام وبلاؤه في جيشه المتمرّد إلى هذا الحد من العصيان والخذلان ، وإنّما تجاوز الأمر إلى أكثر مِنْ هذا ، فقد أصرّ المتمردون بقيادة الأشعث بن قيس على انتخاب أبي موسى الأشعري الذي هو مِنْ ألدّ أعداء الإمام ، وأكثرهم حقداً عليه ، وألحّوا على انتخابه لعلمهم بأنّه سيعزل الإمام عن الحكم ، وينتخب غيره ممّن يحقق أطماعهم ، وقد احتف هؤلاء العصاة بالإمام (عليه السّلام) ، وهم يهتفون : إنّا رضينا بأبي موسى الأشعري.

وزجرهم الإمام (عليه السّلام) ، ونهاهم عن انتخابه قائلاً : «إنّكم قد عصيتموني في أوّل الأمر فلا تعصوني الآن ، إنّي لا أرى أنْ اُولّي أبا موسى». وأصرّوا على غيهم وعنادهم قائلين : لا نرضى إلاّ به ، فما كان يحذرنا وقعنا فيه.

وأخذ الإمام (عليه السّلام) يدلي عليهم واقع أبي موسى وانحرافه عنه ، قائلاً : «إنّه ليس لي بثقة ؛ قد فارقني وخذّل الناس عنّي ، ثمّ هرب عنّي حتّى آمنته بعد أشهر ، ولكنْ هذا ابن عباس نولّيه».

وامتنعوا من ترشيح ابن عباس ، فأرشدهم ثانياً إلى انتخاب مالك الأشتر فرفضوه ، وأصرّوا على انتخاب الأشعري ، ولم يجد الإمام (عليه السّلام) بعد هذا بدّاً من الرضا والإذعان.

٧٠

وثيقةُ التحكيم :

واتفق الفريقان على أنْ يحكموا ابن العاص من قبل أهل الشام ، وأبا موسى الأشعري من قبل العراقيين ، وقد كتبوا صحيفة سجلوا فيها ما اتفقوا عليه من الأخذ بما يتفق عليه الحكمان ، وهذا نصها ، كما رواها الطبري :

بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان ، قاضي علي على أهل الكوفة ومَنْ معهم من شيعتهم من المؤمنين والمسلمين ، وقاضي معاوية على أهل الشام ومَنْ كان معهم مِن المؤمنين والمسلمين ، إنا ننزل عند حكم الله عز وجل وكتابه ، ولا يجمع بيننا غيره ، وأنّ كتاب الله عز وجل من فاتحته إلى خاتمته نحيي ما أحيا ، ونميت ما أمات ، فما وجد الحكمان في كتاب الله عز وجل ، وهما أبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس ، وعمرو بن العاص القرشي عملنا به ، وما لم يجدا في كتاب الله عز وجل فالسُنّة العادلة الجامعة غير المفرّقة.

وأخذ الحكمان مِنْ علي ومعاوية ومِن الجُندين مِن العهود والميثاق ، والثقة من الناس أنّهما آمنان على أنفسهما وأهلهما ، والأُمّة لهما أنصار على الذي يتقاضيان عليه ، وعلى المؤمنين والمسلمين من الطائفتين كلتيهما عهد الله وميثاقه العمل على ما في هذه الصحيفة ، وأنْ قد وجبت قضيتهما على المؤمنين ؛ فإنّ الأمن والاستقامة ووضع السلاح بينهم أينما ساروا ، على أنفسهم وأهليهم وأموالهم وشاهدهم وغائبهم ، وعلى عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص عهد الله وميثاقه أنْ يحكما بين هذه الأُمّة ، ولا يردّاها في حرب ولا فرقة حتّى يعصيا ، وأجل القضاء إلى رمضان ، وإنْ أحبّا أنْ يؤخّرا ذلك أخّراه على

٧١

تراضٍ منهما. وإنْ توفي أحد الحكمين فإنّ أمير الشيعة يختار مكانه ، ولا يألوا مِنْ أهل المعدلة والقسط ، وإنّ مكان قضيتهما الذي يقضيان فيه مكان عدل بين أهل الكوفة وأهل الشام ، وإنْ رضيا وأحبّا فلا يحضرهما فيه إلاّ مَنْ أرادا ، ويأخذ الحكمان مَنْ أرادا مِن الشهود ثم يكتبان شهادتهما على ما في هذه الصحيفة ، وهم أنصار على مَنْ ترك ما في هذه الصحيفة وأراد فيها إلحاداً وظلماً. اللّهم إنّا نستنصرك على مَنْ ترك ما في هذه الصحيفة(١) .

ووقّع عليها طائفة مِن الفريقين ، وأصبحت نافذة المفعول ، وقد حقّقت آمال معاوية ، وأنقذته مِن الأخطار التي كادت أنْ تطوي حياته وتقضي على أتباعه.

والشيء المهم في هذه الوثيقة إنّها أهملت المطالبة بدم عثمان فلمْ تعرض لا بقليل ولا بكثير ، وإنّما كانت تنشد إيقاف الحرب ، ونشر السلم والعافية بين الفريقين ، وفيما أعتقد إنّها كُتِبَت ولم يكن للإمام (عليه السّلام) فيها أي رأي ، فقد خلّى بين جيشه وبين ما يريدون.

رجوعُ الإمام (عليه السّلام) للكوفة :

وغادر الإمام صفّين متّجهاً إلى الكوفة ، ولا أعتقد أنْ يلمّ كاتب بتصوير المحنة الكبرى التي ألمّت بالإمام ، فقد رجع مثقلاً بالهموم ، يرى باطل معاوية قد استحكم ، وأمره قد تمّ ، وينظر إلى جيشه أصبح متمرّداً يدعوه فلا يستجيب ، ويأمره فلا يطيع ، قد مزّقت الفتنة جميع كتائبه ، فقد كانوا فيما يقول المؤرّخون : يتشاتمون ويتضاربون بالسياط ، ويبغي بعضهم على بعض. وأخطر ما حدث فيه انبثاق الفكرة الحروريّة التي سنتحدث

__________________

(١) تاريخ الطبري ٦ / ٣٠.

٧٢

عنها ، فإنّها كانت سوسة تنخر في المعسكر العراقي ، وأهم من أي خطر داهم عليه ، فقد أخذت تعمل على تفلل وحدة جيش الإمام (عليه السّلام) ، وتذيع الفتنة والخوف بين صفوفه.

ودخل الإمام (عليه السّلام) الكوفة فرأى لوعة وبكاءً قد سادت في جميع أرجائها ، وحزناً على مَنْ قُتل منها في صفّين ؛ فإنّ قتلى صفّين بالقياس إلى قتلى الجمل كانوا أضعافاً أضعافاً.

مع المارقين :

ويقول الرواة : إنّ النّبي (صلّى الله عليه وآله) سمّى أهل النهروان بالمارقين ، وأنّه قد عهد إلى الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) بقتالهم كما عهد إليه بقتال الناكثين والقاسطين من بعده.

والظاهرة البارزة في اتجاهات الخوارج هي الالتواء في السلوك ، والإصرار على الجهل والعناد ، فقد بنوا واقعهم على التعصّب ، وعدم التدبر والإمعان في حقائق الأمور ، وقد كان شعارهم الذي تفانوا في سبيله وقدّموا له المزيد من الضحايا (لا حكم إلاّ لله) ، ولكنّهم لمْ يلبثوا أنْ جعلوا الحكم للسيف ، فنشروا الإرهاب والخوف والفساد في الأرض ، كما سنذكر ذلك.

وعلى أي حال ، فإنّ الإمام (عليه السّلام) لمّا نزح من صفّين إلى الكوفة لمْ يدخلوا إليه ، وإنّما انحازوا إلى (حروراء) فنسبوا إليها ، وكان عددهم فيما يقول المؤرّخون : اثني عشر ألفاً ، وقد جعلوا أميرهم على القتال شبث بن ربعي ، وعلى الصلاة عبد الله بن الكوّاء اليشكري ، وخلعوا الإمام (عليه السّلام) عن الخلافة ، وجعلوا الأمر شورى بين المسلمين.

والتاع الإمام (عليه السّلام) من تمرّدهم فأوفد للقياهم عبد الله بن عباس ، وأمره

٧٣

أنْ لا يخوض معهم في ميدان الخصومة والنزاع حتّى يأتيه ، إلاّ أنّه لمْ يجد بداً من الحوار معهم ، وبينما هو يحاورهم إذ أطلّ عليهم الإمام (عليه السّلام) فنهى ابن عباس عن مناظرتهم ، وأقبل عليهم فقال لهم : «اللهمّ ، إنّ هذا مقام مَنْ أفلج فيه كان أولى بالفلج يوم القيامة ، ومَنْ نطق وأوعث فيه فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً». ثم قال لهم : «مَنْ زعيمكم؟».

ـ ابن الكواء.

ـ «ما أخرجكم علينا؟».

ـ حكومتكم يوم صفّين.

ـ «أنشدكم بالله ، أتعلمون أنّهم حيث رفعوا المصاحف فقلتم نجيبهم إلى كتاب الله ، قلتُ لكم : إنّي أعلم بالقوم منكم ؛ إنّهم ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن ، إنّي صحبتهم وعرفتهم أطفالاً ورجالاً ، فكانوا شرّ أطفال وشرّ رجال. امضوا على حقّكم وصدقكم ، فإنّما رفع القوم هذه المصاحف خديعة ودهناً ومكيدة ، فرددتم عليّ رأيي وقلتم : لا ، بل نقبل منهم. فقلت لكم : اذكروا قولي لكم ومعصيتكم إيّاي ، فلمّا أبيتم إلاّ الكتاب اشترطت على الحكمين أنْ يحييا ما أحيا القرآن ، وأنْ يميتا ما أمات القرآن ، فإنْ حكما بحكم القرآن فليس لنا أنْ نخالف حكماً يحكم بما في القرآن ، وإنْ أبيا فنحن من حكمها براء».

وأبطلت هذه الحجّة النيرة جميع أوهامهم ، فهم المسؤولون عن التحكيم ، كما هم مسؤولون عن كلّ ما حدث من الفتنة والفساد ، وليس للإمام (عليه السّلام) ظلع في ذلك ، وأيقنوا أنّ الذنب ذنبهم ، وليس على الإمام (عليه السّلام) أي تبعة في ذلك ، فقالوا له : أتراه عدلاً تحكيم الرجال في الدماء؟

٧٤

ـ «لسنا حكّمنا الرجال إنما حكّمنا القرآن ، وهذا القرآن إنّما هو خط مسطور بين دفّتين لا ينطق ، وإنّما يتكلّم به الرجال».

ـ خبّرنا عن الأجل لِمَ جعلته فيما بينك وبينهم؟

ـ «ليعلم الجاهل ، ويثبت العالم ، ولعلّ الله يصلح في هذه الهدنة هذه الأُمّة».

وسدّ عليهم الإمام (عليه السّلام) كلّ نافذة ينفذون منها ، ووجد منهم تقارباً وإذعاناً لمقالته ، فخاطبهم بناعم القول : «ادخلوا مصركم رحمكم الله». فأجابوه إلى ذلك ودخلوا عن آخرهم معه إلى الكوفة ، إلاّ أنّهم بقوا مصرّين على فكرتهم يذيعونها بين البسطاء ، حتّى شاع أمرهم وقويت شوكتهم ، وأخذوا ينشرون الخوف والإرهاب ، ويدعون إلى البغي ، وعزل الإمام (عليه السّلام) ، وجعل الأمر شورى بين المسلمين(١) .

اجتماعُ الحكمين :

وانتهت المدّة التي عيّنها الفريقان للتحكيم ، وقد استردّ معاوية قواه التي فقدها أيّام صفّين ، واستحكم أمره ، وقد أرسل إلى الإمام (عليه السّلام) يطلب منه الوفاء بالتحكيم ، وإنّما سارع إلى ذلك لعلمه بما مُنِيَ به جيش الإمام (عليه السّلام) من الفرقة والخلاف ، ثمّ هو على علم بأنّ النتيجة ستكون من صالحه ؛ لأنّ المنتخب للتحكيم هو أبو موسى الأشعري ، وهو على علم بانحرافه عن الإمام (عليه السّلام).

وأشخص الإمام (عليه السّلام) أبا موسى الأشعري إلى التحكيم ، وأرسل أربعمئة من أصحابه جعل عليهم شريح بن هاني ، وعبد الله بن عباس يصلّي بهم ، والتقى

__________________

(١) حياة الإمام الحسن (عليه السّلام) ١ / ٤٦٩ ـ ٤٧٢.

٧٥

الحكمان الضالاّن على حدّ تعبير النّبي (صلّى الله عليه وآله)(١) في دومة الجندل أو في أذرح. ويقول المؤرّخون : إنّ ابن العاص لمْ يفتح الحديث مع الأشعري ثلاثة أيّام ، فقد أفرد له مكاناً خاصاً ، وجعل يقدّم له أطائب الطعام والشراب حتّى استبطنه وأرشاه ، ولمّا أيقن أنّه صار ألعوبة بيده أخذ يضفي عليه النعوت الحسنة والألقاب الكريمة حتّى ملك مشاعره وعواطفه ، فقد قال له : يا أبا موسى ، إنّك شيخ أصحاب محمّد (صلّى الله عليه وآله) وذو فضله ، وذو سابقته ، وقد ترى ما وقعت فيه هذه الأُمّة من الفتنة العمياء التي لا بقاء معها ، فهل لك أنْ تكون ميمون هذه الأُمّة فيحقن الله بك دماءها ، فإنّه يقول في نفس واحدة : (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا). فكيف بمَنْ أحيا هذا الخلق كلّه؟!

ومتى كان الأشعري شيخ صحابة النّبي (صلّى الله عليه وآله) ، ومِن ذوي الفضائل والسوابق في الإسلام؟! وانخدع الأشعري بهذه الكلمات المعسولة ، فطفق يسأل ابن العاص عن سبل الإصلاح وحقن الدماء ، فأجابه ابن العاص : تخلع أنت علي بن أبي طالب ، وأخلع أنا معاوية بن أبي سفيان ، ونختار لهذه الأُمّة رجلاً لمْ يحضر في شيء مِن الفتنة ، ولمْ يغمس يده فيها.

فبادر أبو موسى يسأل عن الرجل الذي لمْ ينغمس في الفتنة قائلاً :

__________________

(١) روى سويد بن غفلة قال : كنت مع أبي موسى الأشعري على شاطئ الفرات في خلافة عثمان ، فروى لي خبراً عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال : سمعته يقول : «إنّ بني إسرائيل اختلفوا فلمْ يزل الاختلاف بينهم حتّى بعثوا حكمين ضالّين ضلاّ وأضلاّ مَنْ اتّبعهما ، ولا تنفك أمر اُمّتي حتّى يبعثوا حكمين يضلاّن ويضلاّن مَنْ اتّبعهما». فقلت له : احذر يا أبا موسي أن تكون أحدهما. قال : فخلع قميصه وقال : أبرأ إلى الله مِن ذلك كما برأ قميصي من هذا. جاء ذلك في شرح نهج البلاغة ١٣ / ٣١٥.

٧٦

مَنْ يكون ذلك؟

وكان ابن العاص قد عرف ميول الأشعري واتجاهاته نحو عبد الله بن عمر فقال : إنّه عبد الله بن عمر. وسرّ الأشعري بذلك واندفع يطلب منه العهود على الالتزام بما قاله : كيف لي بالوثيقة منك؟

ـ يا أبا موسى ، ألا بذكر الله تطمئن القلوب. خذ منّي العهود والمواثيق حتّى ترضى.

ولم يبقَ يميناً إلاّ أقسم على الالتزام بما قاله ، وأيقن الأشعري بمقالة ابن العاص ، فأجابه بالرضا والقبول ، وعيّنا وقتاً خاصاً يذيعان فيه ما اتفقا عليه.

وأقبلت الساعة الرهيبة التي كانت تنتظرها الجماهير بفارغ الصبر ، وأقبل الماكر ابن العاص مع زميله الأشعري إلى منصة الخطابة ليعلنا للناس ما اتّفقا عليه ، واتّجه ابن العاص نحو الأشعري فقال له : قم فاخطب الناس يا أبا موسى.

ـ قم أنت فاخطبهم.

وراح ابن العاص يخادع الأشعري قائلاً له : سبحان الله! أنا أتقدمك وأنت شيخ أصحاب رسول الله! والله ، لا فعلت ذلك أبداً.

داخل الأشعري العجب بنفسه مِن هذه الألقاب الفخمة التي أضفاها عليه ابن النابغة ، وطلب الخامل المخدوع مِن ابن العاص الأيمان أنْ يفي له بما قال ، فأقسم له على الوفاء بما اتّفقا عليه(١) ، ولمْ تخفَ هذه

__________________

(١) العقد الفريد ٣ / ٣١٥.

٧٧

الخديعة على حبر الأُمّة عبد الله بن عباس ، فالتفت إلى الأشعري يحذّره مِنْ مكيدة ابن العاص قائلاً له : ويحك! والله إنّي لأظنّه قد خدعك. إنْ اتفقتما على أمر فقدّمه فليتكلّم بذلك الأمر قبلك ، ثم تكلّم أنت بعده ؛ فإنّ عمراً رجل غادر لا آمن مِنْ أنْ يكون قد أعطاك الرضا فيما بينك وبينه ، فإذا قمت في الناس خالفك.

ولمْ يعنَ الغبي بابن عباس ، وإنّما راح يشتدّ نحو منصّة الخطابة ، فلمّا استوى عليها حمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على النّبي (صلّى الله عليه وآله) ، ثم قال : أيّها الناس ، إنّا قد نظرنا في أمرنا فرأينا أقرب ما يحضرنا مِن الأمن والصلاح ، ولَمِّ الشعث ، وحقن الدماء ، وجمع الأُلفة خلعنا عليّاً ومعاوية ، وقد خلعت عليّاً كما خلعت عمامتي هذه ـ وأهوى إلى عمامته فخلعها ـ واستخلفنا رجلاً قد صحب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بنفسه ، وصحب أبوه النّبي (صلّى الله عليه وآله) ، فبرز في سابقته وهو عبد الله بن عمر(١) .

أُفٍّ للزمان! وتعساً للدهر أنْ يتحكّم في المسلمين أمثال هؤلاء الصعاليك الذين ران الجهل على قلوبهم!

لقد عزل الأشعري الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) حكيم هذه الأُمّة ، ورائد العدالة الكبرى في الأرض ، الذي طوّق الدين بعبقرياته ومواهبه. لقد جعل الأشعري قيادة الأُمّة بيد عبد الله بن عمر وهو لا يحسن طلاق زوجته على حدّ تعبير أبيه. إنّها مِن مهازل الزمن التي تمثّلت على مسرح الحياة العامّة في ذلك العصر الذي أُخمدت فيه أضواء العقل ، وراح الإنسان يسير خلف رغباته وميوله.

وعلى أيّ حالٍ ، فقد انبرى الخاتل الماكر ابن العاص إلى منصّة الخطابة

__________________

(١) تاريخ الطبري ٦ / ٣٩.

٧٨

فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :

أيّها الناس ، إنّ أبا موسى عبد الله بن قيس خلع عليّاً ، وأخرجه مِن هذا الأمر الذي يطلب وهو أعلم به ، ألا وإنّي خلعت عليّاً معه وأثبتّ معاوية عليَّ وعليكم. وإنّ أبا موسى قد كتب في الصحيفة(١) أنّ عثمان قد قُتِلَ مظلوماً شهيداً ، وأنّ لوليه أنْ يطلب بدمه حيث كان ، وقد صحب معاوية رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بنفسه ، وصحب أبوه النّبي (صلّى الله عليه وآله). ثم أخذ يثني على معاوية ويصفه بما هو ليس أهلاً له ، ثم قال : هو الخليفة علينا ، وله طاعتنا وبيعتنا على الطلب بدم عثمان(٢) .

واشتدّ الأشعري نحو ابن العاص بعد ما غرّر به ونكث عهده ، فصاح به : ما لك عليك لعنة الله! ما أنت إلاّ كمثل الكلب إنْ تحمل عليه يلهث ، وإنْ تنركه يلهث. فزجره ابن العاص : لكنّك مثل الحمار يحمل أسفاراً.

وصدق كلّ منهما في وصف صاحبه ، لقد جرّ هذا التحكيم إلى الأُمّة كثيراً مِن المصاعب والفتن ، وأخلد لها الخطوب والويلات.

وماج العراقيون في الفتنة ، وأيقنوا بضلال ما أقدموا عليه ، وانهزم الأشعري نحو مكّة يصحب معه العار والخزي له ولذرّيّته(٣) ، فقد غدر في

__________________

(١) وهي غير الصحيفة التي تمّ عليها إيقاف القتال.

(٢) أنساب الأشراف ١ / ق ١ ، الإمامة والسياسة ١ / ١٤٣.

(٣) لقد كان الناس يحقّرون ذرّية أبي موسى ويسخرون منهم ، فقد سمع الفرزدق أبا بردة بن أبي موسى يقول : كيف لا أتبختر وأنا ابن أحد الحكمين! فردّ عليه الفرزدق قائلاً : أمّا أحدهما فمائق ؛ وأمّا الآخر

٧٩

المسلمين غدرة منكرة ، وأكثر شعراء ذلك العصر في هجاء الكوفيين وهجاء الأشعري.

يقول أيمن بن خريم الأسدي :

لو كان للقومِِ رأيٌ يُعصمون به

مِن الضلال رموكُم بابنِ عبّاسِ

لله درّ أبيه أيُّما رجلٍ

ما مثلُهُ لفصالِ الخطب في الناسِ

لكنْ رموكُمْ بشيخٍ مِن ذوي يمنٍ

لمْ يدرِ ما ضربُ أخماسٍ لأسداسِ

إنْ يخلُ عمرو به يقذفْهُ في لُججٍ

يهوي به النّجمُ تيساً بين أتياسِ

أبلغ لديك علياً غير عاتبهِ

قول امرئٍ لا يرى بالحقِّ من باسِ

ما الأشعريّ بمأمونٍ أبا حسنٍ

فاعلمْ هُديتَ وليس العَجزُ كالراسِ

فاصدم بصاحبكَ الأدنى زعيمَهُمُ

إنّ ابن عمّك عباسٍ هو الآسي(١)

وظفر معاوية بالنصر ، فقد عاد إليه أهل الشام يسلّمون عليه بإمرة المؤمنين ، وأمّا الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقد أغرق جيشه في الفتنة والفرقة والخلاف ، فجعل بعضهم يتبرأ مِنْ بعض ، وقد شاع فيهم الخلاف ، وعرفوا وبال ما جنت أيديهم ، فخطب الإمام الحسن (عليه السّلام) خطاباً مسهباً دعاهم فيه إلى الأُلفة والمودّة ، وكذلك خطب فيهم عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن جعفر ، وقد شجبا في خطابهما التحكيم ، ودعا الناس إلى الطاعة ونبذ الخلاف(٢) ، وقد استجاب لهم بعض الناس ، وأصرّ آخرون على التمرّد والعصيان.

ولمّا انتهى خبر التحكيم إلى الإمام (عليه السّلام) بلغ به الحزن أقصاه ، فجمع الناس وخطبهم خطاباً مؤثّراً ، صعّد فيه آلامه وأحزانه على مخالفة أوامره في إيقاف

__________________

ففاسق فكن ابن أيّهما شئت. جاء ذلك في شرح نهج البلاغة ١٩ / ٣٥٣.ونظر رجل إلى بعض ولد أبي موسى يختال في مشيته ، فقال : ألا ترون مشيته؟! كأن أباه خدع عمرو بن العاص!

(١) حياة الإمام الحسن (عليه السّلام) ١ / ٥٢٩.

(٢) أنساب الأشراف ١ / ق ١.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

كتاب الصيد والذبائح

١٠١

١٠٢

أبواب الصيد

١ -( باب إباحة ما يصيده الكلب المعلم إذا قتله)

[١٩٢٧٢] ١ - العياشي في تفسيره: عن أبي عبيدة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : عن الرجل يسرح الكلب ويسمي إذا سرحه، قال: يأكل مما أمسك عليه، وإن أدركه وقتله، وإن وجد معه كلبا غير معلم فلا يأكل منه الخبر.

[١٩٢٧٣] ٢ - وعن أبي بكر الحضرمي قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن صيد البزاة والصقور والفهود والكلاب، فقال: « لا تأكل من صيد شئ منها ( الا ما ذكيت )(١) ، الا الكلاب » قلت: فإنه قتله، قال: كل، فان الله يقول:( وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِ‌حِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّـهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُ‌وا اسْمَ اللَّـهِ ) (٢)

[١٩٢٧٤] ٣ - وعن سماعة بن مهران، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه

__________________

أبواب الصيد

الباب ١

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٤ ح ٢٦، وعنه في البرهان ج ١ ص ٤٤٨، والبحار ج ٦٥ ص ٢٩٠ ح ٤٥.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٤ ح ٢٥، وعنه في البرهان ج ١ ص ٤٤٨ والبحار ج ٦٥ ص ٢٩٨ ح ٤٤.

(١) ليس في البحار.

(٢) المائدة ٥: ٤.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٤ ح ٢٨، وعنه في البرهان ج ١ ص ٤٤٨ والبحار ج ٦٥ ص ٢٩٠.

١٠٣

قال في حديث: « وانه لفي كتاب عليعليه‌السلام : أن الله قال:( وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِ‌حِ مُكَلِّبِينَ ) (١) فهي الكلاب ».

[١٩٢٧٥] ٤ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، أنه سئل عن قول الله عزو جل:( وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِ‌حِ مُكَلِّبِينَ ) (١) قال: « هي الكلاب ».

وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « ما أمسكت الكلاب المعلمة أكل وإن قتلته » الخبر(٢) .

٢ -( باب أنه يجوز أكل صيد الكلب، وإن أكل منه من غير اعتياد أقل من النصف، أو أكثر منه، أو أكثره)

[١٩٢٧٦] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، أنهما رخصا في أكل ما أمسكه الكلب المعلم، وإن قتله وأكل منه.

[١٩٢٧٧] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : وإذا أردت أن ترسل الكلب إلى(١) الصيد، فسم الله عليه، فإن أدركته حيا فاذبحه، وإن أدركته وقد قتله كلبك فكل منه وإن أكل بعضه، لقوله:( فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ) (٢)

[١٩٢٧٨] ٣ - الصدوق في المقنع: وإذا أردت أن ترسل كلبا على صيد،

__________________

(١) المائدة ٥: ٤.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٦٩ ح ٦٠٥.

(١) المائدة ٥: ٤.

(٢) دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٦٩ ح ٦٠٦.

الباب ٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٦٩ ح ٦٠٧.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

(١) في المصدر: على.

(٢) المائدة ٥: ٤.

٣ - المقنع ص ١٣٨.

١٠٤

فسم الله، فإن أدركته حيا فاذبحه أنت، وإن أدركته وقد قتله كلبك فكل منه، وإن أكل بعضه، فإن الله تعالى يقول:( فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ) (١)

وروي: كل ما اكل الكلب وإن اكل ثلثيه، كل ما اكل(٢) الكلب وإن لم يبق منه الا بضعة واحدة.

[١٩٢٧٩] ٤ - العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في قول الله عز وجل:( وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِ‌حِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّـهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُ‌وا اسْمَ اللَّـهِ ) (١) قال: « لا بأس بأكل ما أمسك الكلب مما لم يأكل الكلب منه، فإذا اكل الكلب منه قبل أن تدركه فلا تأكله ».

[١٩٢٨٠] ٥ - الشيخ الطوسي في الخلاف: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ما علمت من كلب ثم أرسلته، وذكرت اسم الله عليه، فكل مما أمسك عليك » قلت: فإن قتل، قال: « إذا قتله ولم يأكل منه شيئا، فإنما أمسك عليك » الخبر.

قلت: وحمل الخبر وسابقه على التقية، أو إذا اعتاد ذلك الكاشف عن كونه غير معلم، وعن عدم إمساكه الصيد لصاحبه.

٣ -( باب أنه لا يجوز أكل ما يصيد حيوان آخر غير الكلب المعلم إذا قتله، إلا أن يدرك ذكاته ويذكيه)

[١٩٢٨١] ١ - العياشي في تفسيره: عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « لا تأكل من صيد شئ منها الا ما

__________________

(١) المائدة ٥: ٤.

٤ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٥ ح ٣٣.

(١) المائدة ٥: ٤.

(٢) في الحجرية: « أكلت » وما أثبتناه من المصدر.

٥ - الخلاف ج ٣ ص ١٨٨، وعنه في البحار ج ٦٥ ص ٢٨٠ ح ٢٨.

الباب ٣

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٤ ح ٢٥، وعنه في البرهان ج ١ ص ٤٤٨ ح ٧ والبحار ج ٦٥ ص ٩ ٢٨ ح ٤٤.

١٠٥

ذكيت، الا الكلاب » الخبر.

[١٩٢٨٢] ٢ - وعن أبي عبيدة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « ليس شئ مكلب الا الكلب ».

[١٩٢٨٣] ٣ - وعن زرارة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « ما خلا الكلاب مما يصيد الفهود والصقور وأشباه ذلك، فلا تأكلن من صيده الا ما أدركت ذكاته، لان الله قال:( مُكَلِّبِينَ ) (١) فما خلا الكلاب فليس صيده بالذي يؤكل، إلا أن يدرك ذكاته ».

٤ -( باب أن صيد الكلب المعلم، إذا أدرك قبل أن يقتل، لم يحل بغير ذكاة)

[١٩٢٨٤] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في الصيد يأخذه الكلب فيدركه الرجل حيا ثم يموت - يعني في المكان من فعل الكلب، قال: « كل، يقول(١) الله تعالى:( فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ) (٢) فأما إن أخذه الصائد حيا فتوانى في ذبحه، أو ذهب به إلى منزله فمات، أو لم يكن الذي قتله معلما، لم يجز أكله ».

٥ -( باب أن الصيد إذا اشترك في قتله كلب معلم وغير معلم، واشتبه قاتله منهما، لم يحل إلا أن يدرك ذكاته)

[١٩٢٨٥] ١ - العياشي في تفسيره: عن أبي عبيدة، عن أبي عبد الله

__________________

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٤ ح ٢٦، وعنه في البرهان ج ١ ص ٤٤٨ ح ٨ والبحار ج ٦٥ ص ٢٩٠ ح ٤٥.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٥ ح ٢٩، وعنه في البرهان ج ١ ص ٤٤٨ ح ١١ والبحار ج ٦٥ ص ٢٩٠ ح ٤٧.

(١) المائدة ٥: ٤.

الباب ٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٠ ح ٦١٣.

(١) في المصدر: لقول.

(٢) المائدة ٥: ٤.

الباب ٥

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٤ ح ٢٦، وعنه في البرهان ج ١ ص ٤٤٨ ح ٨ والبحار

١٠٦

عليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « وإن وجد معه كلب غير معلم فلا يأكل منه » الخبر.

[١٩٢٨٦] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وان أرسلت على الصيد كلبك وشاركه كلب آخر، فلا تأكله إلا أن تدرك ذكاته ».

الصدوق في المقنع: مثله(١)

[١٩٢٨٧] ٣ - الشيخ الطوسي في الخلاف: عن عدي بن حاتم، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله - في حديث - قال: قلت: فإني أرسل كلبي وأجد عليه كلبا، فقال: « لا تأكل، انك إنما سميت على كلبك » الخبر.

٦ -( باب أنه لا يحل ما يصيده الفهد والغراب والأسد ونحوها، الا إذا أدرك ذكاته)

[١٩٢٨٨] ١ - العياشي في تفسيره: عن أبي عبيدة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث - قلت: فالفهد ليس بمنزلة الكلب؟ قال: فقال: « لا، ليس شئ مكلب إلا الكلب ».

[١٩٢٨٩] ٢ - وعن زرارة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « ما خلا الكلب(١) مما(٢) يصيد - الفهود والصقور وأشباه ذلك - فلا تأكلن من صيده، الا ما أدركت ذكاته ».

[١٩٢٩٠] ٣ - وعن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن جعفر بن محمد،

__________________

ج ٦٥ ص ٢٩٠ ح ٤٥.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

(١) المقنع ص ١٣٨.

٣ - الخلاف ج ٣ ص ١٨٨ مسألة ٦.

الباب ٦

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٤ ح ٢٦. وعنه في البرهان ج ١ ص ٤٤٨ ح ٨، والبحار ج ٦٥ ص ٢٨٠ ح ٢٨.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٥ ح ٢٩، وعنه في البحار ج ٦٥ ص ٢٩٠ ح ٤٧.

(١) في المصدر والبحار: الكلاب.

(٢) في المصدر: عما.

٣ - المصدر السابق ج ١ ص ٢٩٤ ح ٢٧.

١٠٧

عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « الفهد من الجوارح » الخبر.

[١٩٢٩١] ٤ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « الفهد المعلم كالكلب، يؤكل ما أمسك ».

٧ -( باب أنه لا يحل أكل صيد الكلب الذي ليس بمعلم، إلا أن يعلمه عند إرساله)

[١٩٢٩٢] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « وما قتلت الكلاب الغير المعلمة، فلا يؤكل منه ».

[١٩٢٩٣] ٢ - عوالي اللآلي: عن أبي ثعلبة(١) قال: قلت: يا رسول الله، اني أصيد بكلبي المعلم، وبكلبي الذي ليس بمعلم، فقال: « ما أخذت بكلبك المعلم، فاذكر اسم الله عليه وكله، وما أخذت بكلبك الذي ليس بمعلم، فأدركت ذكاته فكله ».

ورواه الشيخ أبو الفتوح في تفسيره: عنه، باختلاف يسير(٢)

٨ -( باب أن من صاده الكلب فأدر كه حيا وليس معه ما يذكيه به، جاز أن يترك الكلب ليقتله)

[١٩٢٩٤] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن لم يكن معك حديد تذبحه، فدع الكلب على الصيد وسميت عليه حتى يقتل ثم تأكل منه ».

[١٩٢٩٥] ٢ - الصدوق في المقنع: وإذا لم يكن معك حديدة تذبحه بها،

__________________

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٠ ح ٦٠٩.

الباب ٧

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٦٩ ح ٦٠٦.

٢ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٤٥٢ ح ٣.

(١) في الطبعة الحجرية: « تغلبة » وما أثبتناه من المصدر هو الصواب ( راجع تهذيب التهذيب ج ١٢ ص ٤٩، وأسيد الغابة ج ٥ ص ١٥٤ ).

(٢) تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٢ ص ١٠٣.

الباب ٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

٢ - المقنع ص ٢٣٨.

١٠٨

فدع الكلب يقتله ثم كل منه.

٩ -( باب أنه لا يحل أكل ما صاده غير الكلب، من البازي والصقر والعقاب والطير والسبع وغير ذلك، إلا أن تدرك ذكاته)

[١٩٢٩٦] ١ - العياشي في تفسيره: عن أبي بكر الحضرمي قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن صيد البزاة والصقور والفهود والكلاب، فقال: لا « تأكل من صيد شئ منها الا ما ذكيت، الا الكلب(١) » الخبر.

[١٩٢٩٦] ٢ - وعن أبي عبيدة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث - قلت: والصقر والعقاب والبازي قال: « إن أدركت ذكاته فكل منه، وإن لم تدرك ذكاته فلا تأكل منه » الخبر.

[١٩٢٩٨] ٣ - وعن سماعة بن مهران، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « كان أبي يفتي وكنا نفتي ونحن نخاف في صيد البازي والصقور، فأما الآن فإنا لا نخاف ولا نحل(١) صيدهما، [ إلا أن تدرك ذكاته ](٢) وانه لفي كتاب عليعليه‌السلام : إن الله قال:( مَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِ‌حِ مُكَلِّبِينَ ) (٣) فهي الكلاب ».

[١٩٢٩٩] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا تأكل ما اصطدت بباز أو صقر أو فهد أو عقاب أو غير ذلك، الا ما أدركت ذكاته، الا الكلب المعلم » إلى آخره.

__________________

الباب ٩

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٤ ح ٢٥.

(١) في المصدر: الكلاب.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٤ ح ٢٦.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٤ ح ٢٨، وعنه في البحار ج ٦٥ ص ٢٩٠ ح ٤٦.

(١) في المصدر: ولا يحل.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) المائدة ٥: ٤.

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

١٠٩

[١٩٣٠٠] ٥ - الصدوق في المقنع: ولا تأكل ما(١) صيد بباز أو صقر أو فهد أو عقاب أو غير ذلك، الا ما أدركت ذكاته، الا الكلب المعلم.

[١٩٣٠١] ٦ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، أنهما رخصا في أكل ما أمسكه الكلب المعلم، وإن قتله وأكل منه، ولم يرخصا فيما أكل منه الطير، وكان المهدي بالله يقول فيما أمسك الطير: يؤكل [ منه ](١) ، ويقول: الكلب ربما كلب: ( أي أصابه الداء، وهو جنونه الذي إذا أصابه يعض إنسانا أو بهيمة علق ذلك به، ولم يشرب الماء حتى أو يعالج فتبرأ )(٢) .

وليس في قوله هذا خلاف لما ذكرناه عن آبائهعليهم‌السلام ، لأنهم لم يرخصوا إلا فيما أمسك الكلب المعلم السالم، وأما ما ذكره مما أمسك الطائر فهو من الجوارح التي أباح الله عز وجل أكل ما أمسكت.

وروينا عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « الصقور والبزاة من الجوارح »(٣) .

[١٩٣٠٢] ٧ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « الفهد المعلم كالكلب يؤكل ما أمسك » وهذا على الأصل الذي ذكرناه في الجوارح.

__________________

٥ - المقنع ص ١٣٨.

(١) في المصدر: مما.

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٦٩ ح ٦٠٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٣) نفس المصدر ج ٢ ص ١٧٠ ح ٦٠٨.

٧ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٠ ح ٦٠٩.

١١٠

قلت: وما رواه محمول على التقية، وفي الاخبار شواهد عليه، بل في كلام القاضي إشارة إليها.

١٠ -( باب جواز الأكل من صيد الكلاب الكردية المعلمة، وكراهة صيد الكلب الأسود البهيم)

[١٩٣٠٣] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « الكلاب كلها بمنزلة واحدة، إذا علم الكردي فهو كالسلوقي(١) ».

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه نهى عن صيد الكلب الأسود، وأمر بقتله(٢)

[١٩٣٠٤] ٢ - العياشي في تفسيره: عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، عن أبيه، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « والكلاب الكردية إذا علمت فهي بمنزلة السلوقية ».

١١ -( باب أنه لا بد من التسمية عند إرسال الكلب، والألم يحل صيده، إلا أن ينسى التسمية فيحل)

[١٩٣٠٥] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « من أرسل كلبا ولم يسم، فلا يأكل ».

[١٩٣٠٦] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إذا أردت أن ترسل الكلب إلى الصيد، فسم الله عليه ».

__________________

الباب ١٠

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٠ ح ٦١١.

(١) السلوقي من الكلاب: أجودها، منسوب إلى سلوق من بلاد اليمين ( لسان العرب ج ١٠ ص ١٦٣ ).

(٢) نفس المصدر ج ٢ ص ١٧٠ ح ٦١٠.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٤ ح ٢٧، وعنه في البرهان ج ١ ص ٤٤٨ ح ٩.

الباب ١١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٠ ح ٦١٢.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

١١١

وقالعليه‌السلام في موضع آخر: « الا الكلب المعلم، فلا بأس بأكل ما قتله إذا كنت سميت عليه ».

الصدوق في المقنع: مثله(١) .

[١٩٣٠٧] ٣ - الشيخ الطوسي في الخلاف: عن عدي بن حاتم، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: قلت: يا رسول(١) الله، إني أرسلت كلبي، فقال: « إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله [ عليه ](٢) فكل، وإلا فلا تأكل » الخبر.

١٢ -( باب إباحة صيد كلب المجوس والذمي إذا علمه المسلم ولو عند الارسال، والا لم يحل)

[١٩٣٠٨] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال في كلب المجوسي: « لا يؤكل صيده إلا أن يأخذه مسلم فيقلده(١) ويرسله، قالعليه‌السلام : فإن أرسله المسلم جاز اكل ما أمسك وإن يكن علمه ».

١٣ -( باب جواز الصيد بالسلاح، كالسيف والرمح والسهم، فيحل الصيد إذا قتل به بعد التسمية، وإن قطعه نصفين)

[١٩٣٠٩] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمدعليها‌السلام ، أنه قال: « إذا ضرب الرجل الصيد بالسيف أو طعنه بالرمح أو رماه بالسهم

__________________

(١) المقنع ص ١٣٨.

٣ - الخلاف ج ٣ ص ١٨٨ مسألة ٦ كتاب الصيد والذبائح.

(١) في المصدر: لرسول.

(٢) أثبتناه من المصدر.

الباب ١٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧١ ح ٦١٤.

(١) في المصدر زيادة: ويعلمه.

الباب ١٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧١ ح ٦١٥.

١١٢

فقلته، وقد سمى الله حين فعل ذلك، فلا بأس بأكله ».

[١٩٣١٠] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن رميت [ سهمك ](١) وسميت وأدركته وقد مات، فكله إذا كان في السهم زج(٢) حديد ».

الصدوق في المقنع: مثله(٣) .

[١٩٣١١] ٣ - علي بن جعفر في كتابه: عن أخيه موسىعليهما‌السلام ، قال: سألته عن رجل يلحق حمارا أو ظبيا فيضربه بالسيف فيصرعه، أيؤكل؟ قال: « إذا أدرك ذكاته ذكاه [ وأكل ](١) وإن مات قبل أن يغيب عنه أكله ».

١٤ -( باب أن ما صيد بالسلاح، إذا تقاطعه الناس قبل أن يموت، لم يحرم أكله، ولا يحل نهبه بغير إذن من صاده)

[١٩٣١٢] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في الرجل يرمي الصيد فيقصر عنه، فيبتدر القوم فيقطعونه بينهم، يعني بضربهم إياه بسيوفهم من قبل أخذه، قال: « حلال أكله ».

[١٩٣١٣] ٢ - وسئلعليه‌السلام ، عن ثور(١) وحشي ابتدره قوم بأسيافهم، وقد سموا فقطعوه بينهم، قال: « ذكاة وحية(٢) ولحم حلال ».

__________________

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) الزج: الحديدة التي في أسفل الرمح ( مجمع البحرين ج ٢ ص ٣٠٤ ).

(٣) المقنع ص ١٣٩.

٣ - كتاب علي بن جعفر المطبوع في البحار ج ١٠ ص ٢٨١، وقرب الإسناد ص ١١٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ١٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧١ ح ٦١٥.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧١ ح ٦١٥.

(١) في المصدر: حمار.

(٢) الوحية: السريعة ( لسان العرب ج ١٥ ص ٣٨٢ ).

١١٣

١٥ -( باب أن من ضرب صيدا ثم غاب عنه ووجده ميتا لم يحل أكله، إلا أن يعلم أن رميته هي التي قتلته)

[١٩٣١٤] ١ - الشيخ الطوسي في الخلاف: عن عدي بن حاتم، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - في حديث - قال: قلت: يا رسول الله، انا نصيد وإن أحدنا يرمي الصيد فيغيب عنه الليلتين والثلاث، فيجده ميتا وفيه سهمه، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا وجدت فيه أثر سهمك ولم يكن فيه أثر، سبع وعلمت أن سهمك قتله فكله(١) ».

[١٩٣١٥] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن وجدته من الغد وكان سهمك فيه، فلا بأس بأكله، إذا علمت أن سهمك قتله ».

الصدوق في المقنع: مثله(١) .

[١٩٣١٦] ٣ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في الرجل يرمي الصيد فيتحامل والسهم فيه أو الرمح، أو يتحامل بشدة الضربة فيغيب عنه، فيجده من الغد ميتا وفيه سهمه، أو يكون ضربه أو أصابه سهم في مقتل، علم أنه مات من فعله لا من فعل غيره، فحلال أكله.

وقد روينا عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ما أصميت فكل، وما أنميت فلا تأكل » فالاصماء: أن يصيب الرمية فتموت مكانها، والانماء: أن يصيبها ثم يتوارى عنه ثم يموت.

__________________

الباب ١٥

١ - الخلاف ج ٣ ص ١٨٩.

(١) في المصدر: فكل.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

(١) المقنع ص ١٣٩.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٢ ح ٦١٦.

١١٤

١٦ -( باب إباحة صيد المعراض إذا خرق، وكذا السهم إذا اعترض، وقتل، وكراهة الصيد به إذا كان له نبل غيره)

[١٩٣١٧] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه كره ما قتل من الصيد بالمعراض، إلا أن يكون له سهم غيره « والمعراض: سهم لا ريش له(١) يرمى فيمضي بالعرض.

١٧ -( باب عدم إباحة ما يصاد بالحجر والبندق(*) والجلاهق(*) ، إذا لم تدرك ذكاته)

[١٩٣١٨] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « ما قتل بالحجر والبندق وأشباه ذلك، لم يؤكل إلا أن تدرك ذكاته ».

[١٩٣١٩] ٢ - الصدوق في المقنع: ولا تأكل ما صيد بالحجر والبندق.

١٨ -( باب أنه لا يحل اكل ما يصاد بالحبالة إلا أن تدرك ذكاته، وأن ما قطعت الحبالة منه فهو ميتة حرام، ويذكى ما بقي حيا)

[١٩٣٢٠] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: ما

__________________

الباب ١٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٣ ح ٦٢٠.

(١) في نسخة: فيه.

الباب ١٧

* البندق: جمع بندقة، وهي طينة مدورة مجففة يرمى بها الصيد ( مجمع البحرين ج ٥ ص ١٤١ ).

* الجلاهق: البندق المعمول من الطين، ويضاف إليه القوس للتخصيص، فيقال: قوس الجلاهق، كما يقال: قوس النشاب ( مجمع البحرين ج ٥ ص ١٤٣ ).

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٢ ح ١٦٩.

٢ - المقنع ص ١٣٩.

الباب ١٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٣ ح ٦٢٣.

١١٥

اخذت الحبالة(١) فمات فيها فهو ميتة، وما أدركت حيا ذكي وأكل ».

١٩ -( باب أن الصيد إذا رماه ووقع من الجبل أو حائط أو ماء فمات، لم يحل أكله إلا أن يكون رأسه خارجا من الماء)

[١٩٣٢١] ١ - الشيخ في الخلاف: عن عدي بن حاتم قال: سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، عن الصيد، فقال: « إذا رميت الصيد وذكرت اسم الله فقتل فكل، وإن وقع في الماء فلا تأكله، فإنك لا تدري الماء قتله أم سهمك ».

[١٩٣٢٢] ٢ - دعائم الاسلام: عن علي وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، أنهما قالا في الصيد يضربه الصائد فيتحامل فيقع في ماء أو نار أو يتردى من موضع عال فيموت قالا: « لا يؤكل إلا أن تدرك ذكاته ».

[١٩٣٢٣] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن رميت وهو على جبل فأصابه سهمك ووقع في الماء فمات، فكله إذا كان رأسه خارجا من الماء، وإن كان رأسه في الماء فلا تأكله ».

الصدوق في المقنع: مثله(١) .

٢٠ -( باب كراهة صيد الطير بالليل، وصيد الفرخ قبل أن يريش)

[١٩٣٢٤] ١ - عوالي اللآلي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال:

__________________

(١) الحبالة: المصيدة من أي شئ كانت، من حبال أو غيرها ( لسان العرب ج ١١ ص ١٣٦ ).

الباب ١٩

١ - الخلاف ج ٣ ص ١٩١، وعنه في البحار ج ٦٥ ص ٢٨٠ ح ٢٨.

٢ - دائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٢ ح ٦١٨.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

(١) المقنع ص ١٣٩.

الباب ٢٠

١ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١١٨ ح ٤١.

١١٦

« أمكنوا الطيور من أوكارها ».

[١٩٣٢٥] ٢ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: الطائر في وكره آمن بأمان الله، فإذا طار فتصيدوه إن شئتم ».

[١٩٣٢٦] ٣ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله تعالى، أخذ ميثاق الآدميين، أن لا يأخذوا فراخ الطير الطورانية(١) من وكورها حتى تنهض ».

الصدوق في المقنع والهداية: ولا يجوز أخذ الفراخ من أوكارها، في جبل أو بئر أو أجمة حتى تنهض(٢) .

٢١ -( باب جواز صيد المسك من الماء، ويحل إذا خرج من الماء حيا، وإن لم يسم)

[١٩٣٢٧] ١ - الطبرسي في الاحتجاج: عن ابن عباس، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله - في خبر طويل - أنه قال لجماعة من اليهود: « إن موسى جاء بتحريم صيد الحيتان يوم السبت، حتى أن الله تعالى قال لمن اعتدى منهم:( كُونُوا قِرَ‌دَةً خَاسِئِينَ ) (١) فكانوا، ولقد جئت بتحليل صيدها حتى صار صيدها حلالا، قال الله عز وجل:( أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ‌ وَطَعَامُهُ

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ١٦٨ ح ٦٠١.

٣ - الجعفريات ص ٧٥.

(١) حمام طوراني: هو الذي جاء من بلد بعيد والطوري: الوحشي من الطير والناس (لسان العرب ج٤ ص٥٠٨).

(٢) المقنع ١٤٢ والهداية ص ٧٩.

الباب ٢١

١ - الاحتجاج ج ١ ص ٥٠.

(١) البقرة ٢: ٦٥.

١١٧

مَتَاعًا لَّكُمْ ) (٢) الخبر.

٢٢ -( باب جواز اكل السمك إذا صاده المجوس ونحوهم بحضور المسلم، وأخرجوه من الماء حيا، وتحريم صيدهم لغير السمك إذا قتلوه)

[١٩٣٢٨] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه نهى عن أكل ما صاده المجوس من الحوت والجراد، لأنه يؤكل منه الا ما أخذ حيا.

٢٣ -( باب حكم من ضرب صيدا فقده نصفين، أو قطع منه عضوا فأبانه)

[١٩٣٢٩] ١ - علي بن جعفر في كتابه: عن أخيه موسىعليهما‌السلام ، قال: سألته عن الرجل يلحق الظبي أو الحمار فيضربه بالسيف فيقطعه نصفين، هل يحل اكله؟ قال: « [ نعم ](١) إذا سمى ».

٢٤ -( باب أن من صاد طيرا فعرف صاحبه، أو ادعاه من لا يتهمه، وجب عليه رده إليه سواء كانت قيمته أقل من درهم أو أكثر)

[١٩٣٣٠] ١ - الصدوق في المقنع: والطير إذا ملك جناحيه فهو لمن أخذه، إلا أن يعرف صاحبه فيرده عليه.

__________________

(٢) المائدة: ٩٦.

الباب ٢٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٣ ح ٦٢٢.

الباب ٢٣

١ - كتاب علي بن جعفر المطبوع في البحار ج ١٠ ص ٢٨١، وقرب الإسناد ص ١١٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ٢٤

١ - المقنع ص ١٤٢.

١١٨

فقه الرضاعليه‌السلام : مثله(١) .

٢٥ -( باب أن من صاد طيرا مستوي الجناحين، لا يعرف له مالكا، فهو له)

[١٩٣٣١] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « الطير إذا ملك ثم طار، فأخذ فهو حلال لمن أخذه ».

وبإسناده أن موسىعليه‌السلام قال: « عنى الطيور البرية ونحوها، لان أصلها مباح ».

[١٩٣٣٢] ٢ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « الطير إذا ملك ثم طار ثم أخذ، فهو حلال لمن أخذه » قال جعفر بن محمدعليهما‌السلام : « يعني البزاة ونحوها، لان أصلها(١) مباح، ونهى عن صيد الحمام في الأمصار، ورخص في صيدها في القرى ».

٢٦ -( باب أن من أبصر طيرا فتبعه، ثم أخذه آخر فهو لمن أخذه)

[١٩٣٣٣] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، أنه سئل عن رجل رأى طيرا فتبعه حتى وقع على شجرة، فجاء رجل آخر فأخذه، قال: « الطير لمن أخذه ».

__________________

(١) فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

الباب ٢٥

١ - الجعفريات ص ١٧٠.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٦٨ ح ٦٠٢، ٦٠٣.

(١) في المصدر: أكلها.

الباب ٢٦

١ - الجعفريات ص ١٧٠.

١١٩

[١٩٣٣٤] ٢ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « الصيد لمن سبق إلى أخذه ».

٢٧ -( باب كراهة قتل الخطاف واذاه وهو الصنون، وكذا كل طائر يجئ مستجيرا، وعدم تحريم أكلها)

[١٩٣٣٥] ١ - الصدوق في العلل والعيون: عن محمد بن عمرو(١) البصري، عن محمد بن عبد الله بن جبلة، عن عبد الله بن أحمد بن عامر، عن أبيه، عن الرضا، عن آبائه، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام ، في حديث أسئلة الشامي: « وقد نهى عن اكل الصرد والخطاف ».

[١٩٣٣٦] ٢ - وسأله: ما باله - يعني الخطاف - لا يمشي على الأرض؟ قال: « لأنه ناح على بيت المقدس، فطاف حوله أربعين عاما يبكي عليه، ولم يزل يبكي مع آدمعليه‌السلام ، فمن هناك سكن البيوت، ومعه تسع آيات من كتاب الله عز وجل مما كان آدم يقرؤها في الجنة، وهي معه إلى يوم القيامة، ثلاث آيات من أول الكهف، وثلاث آيات من سبحان وهي:( وَإِذَا قَرَ‌أْتَ الْقُرْ‌آنَ ) (١) وثلاث من يس و( وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا ) (٢) ».

[١٩٣٣٧] ٣ - القطب الراوندي في لب اللباب: وروي أن الخطاطيف تقرأ عشر آيات من كتاب الله، ولما أمر الله بالزراعة قال الخطاف: إني لا آكل مما

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٦٨ ح ٦٠٤.

الباب ٢٧

١ - علل الشرائع ص ٥٩٤ وعيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ١ ص ٢٤٣ ح ١.

(١) في الحجرية والعلل: عمر، وما أثبتناه من العيون ( راجع معجم رجال الحديث ج ١٧ ص ٨٠ ).

٢ - علله الشرائع ص ٥٩٤.

(١) الاسراء ١٧: ٤٥.

(٢) يس ٣٦: ٩.

٣ - لب اللباب: مخطوط.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470